ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 22/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الليبراليون الجدد :

جيش التطبيع و مارينز الثقافة العربية

نزهة المكي

في يومي 29 ـ 30 من يناير 1997 و تحت رعاية الحكومة الدنماركية و الاتحاد الاوربي ، عقد مؤتمر دولي في مدينة كوبنهاجن الدنماركية " للعمل من اجل السلام في الشرق الاوسط " ، لكنه في حقيقة الامر كان اول تجمع شعبي في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي الغرض منه الدفع بعملية التطبيع الاقتصادي و الثقافي لاجل ارساء ما اصطلح على تسميته فيما بعد بالشرق الاوسط الجديد .

و قد وصف بالشعبي  لانه ضم الكثير من الفعاليات الشعبية الفكرية و الاقتصادية من رجال اعمال و مثقفين و ممثلي الشعب في البرلمانات العربية و الاوربية و الاسرائيلية و الذين ستوكل اليهم مهمة فتح قنوات التطبيع الشعبي اقتصاديا و ثقافيا .

وقد تفرع عن هذا المؤتمر مؤتمرات و منتديات متعددة     اخذت على عاتقها تنفيذ و رعاية ما تمخض عنه المؤتمر الام من توصيات ، فاذا كان التطبيع الاقتصادي يحتاج لارضية تعتمد الاستقرار و الاستقرار يحتاج لدعامات امنية و استراتيجيات عسكرية مهمة ، فان التطبيع الثقافي لا يحتاج لكل ذلك بل يعتبر الدعامة الاساسية التي توفر الامن للمدى البعيد و هو خير من يفتح السبل امام التطبيع الاقتصادي مع العدو باقل التكاليف .

" التطبيع يعني الانتقال في العلاقات بين طرفين من مرحلة العداء إلى مرحلة طبيعية تقوم على أساس المصالح المتبادلة وحُسن الجوار والتعاون في الميادين والمجالات كافّة.‏"

كانت تلك رغبة اسرائيل لكن لغاية قذرة لا تمت للمصالح المتبادلة و لا لحسن الجوار في شيء و انما لغرض الهيمنة و تركيع و تصفية شعوبنا او ما يهدد وجودها في الارض التي اغتصبتها في مقدمتهم الشعب الفلسطيني

وقد علقت امالا كبيرة على التطبيع الثقافي لما لهذا الجانب من اهمية في حياة الشعوب و لادراك العدو   أنّ هذا الميدان هو المؤهل الاساسي  لتلويث الفكر العربي والثقافة الشعبية " الوطنية " ، و تفكيك انساقها و انسب قناه لضخ المفاهيم والتصوّرات المّشوّهة لقيمه ومبادئه وشخصيته القومية اما الهدف من التطبيع الثقافي فهو إعادة كتابة التاريخ الحضاري لمنطقتنا العربية، عبر تزييف العديد من الحقائق والبدهيات التاريخية المتعلقة بالطريقة الاستعمارية الاستيطانية، التي أقحمت الكيان الصهيوني في وطننا العربي .

فكان اهم بنود هذا التطبيع الثقافي :

 -التوقّف عن تدريس الأدبيّات والوثائق والنصوص المعادية لليهود والصهيونية ودولة "إسرائيل" بما في ذلك الوارد منها في بعض الكتب المقدّسة كالقرآن الكريم ، تطبيقاً "للمادة الخامسة" من مواد اتفاقيات كامب ديفيد (البند الثالث). كما و الكف عن رفع الشعارات التي تحث على المقاومة مثل " ما اخذ بالقوة لا يسترجع الا بالقوة "

وبموازاة ذلك عقدت عدة لقاءات و تظاهرات ثقافية بين القاهرة و تل ابيب ،  تحت شعار " دعم علاقة السلام بين مصر و إسرائيل " . و كان الصهاينة يعربون في محاضراتهم عن "خيبة أمل كبيرة" لعدم انتشار الكتب و المؤلّفات التي تتحدث عن "تاريخ اليهود وحضارتهم وثقافتهم" !!! كما صرّح بمرارة الدكتور حاييم بن شاهار في ندوة جامعة‏ تل أبيب - (19 كانون الأول، ديسمبر 1980).‏

و لما كان التطبيع الثقافي اشد الحاحا لما له من تاثير ايجابي في عملية تخريب المقومات الحضارية للشعب العربي و الدفع به للانتحار الجماعي و فرض الهيمنة الصهيونية ، فقد هيأت له استراتيجية محكمة بذلت لها وسائل كثيرة التنوع تلمس كل مفردات و مقومات حضارتنا و ثقافتنا العربية ، كثيرة التشعب و التداخل و دائمة التجدد .

فالى جانب مراكز الأبحاث والمؤسّسات والهيئات الإسرائيلية والأمريكية في منطقتنا العربية التي تنشط تحت ستار البحث العلمي والتعاون الأكاديمي والتواصل الثقافي، وغير ذلك من الأقنعة والتمويهات.‏ فقد تم تشكيل و تاهيل مجموعة من المثقفين العرب دورهم الاساسي بث ما يسمى " بثقافة الفتنة " و زرع الغام مفاهيمية مفبركة صهيونيا في عمق و صميم تراثنا و ثقافتنا العربية و ذلك عبر التركيز الشديد على تقويض حقائق ظلّت لعقود متتالية قاعدة للثقافة القومية العربية مثل الطائفية التي كانت نتاج حراك ثقافي ايجابي اثمر اتجاهات متعددة في الفكر العربي و اثرى الثقافة العربية و حقائق اخرى استمدها العرب من العقيدة الاسلامية و استرشدوا بها في ثقافتهم . و التي صارت الان بسبب ذلك الاختراق الثقافي لتلك الدوائر المشبوهة ظاهرة خطيرة تسببت في ذلك الانهيار و التردي الذي اصاب اوصال امتنا العربية و خير مثال له ما يحدث بالعراق و الذي وصفه بعض الدارسين " طائفية بلا دين " إذ ما هي الا طائفية تتحرك بايادي سياسية استعمارية ليس لها أي اسس دينية او عقائدية اللهم تلك الاحقاد و الضغائن التي تقوم في نفسية الجهلة و التي تتولد عادة عن الاختلاف في وجهات النظر و التي تعمد هذه الثلة من المثقفين المرتزقة ، الليبراليون الجدد أو ما يمكن ان نسميهم بمارينز الثقافة العربية ، الى نبشها و تعميقها كي تتفجر على ساحتنا العربية بمزيد من التضاد و التناحر و التقاتل بين الجماعات المختلفة داخل الامة .

وهذه الظاهرة يعتبرها اكثر من مثقف عربي "  أبرز العناصر الميُسّرة أو الخادمة للتطبيع الثقافي، وركناً رئيساً من أركان ثقافة التطبيع، لأنّ التطبيع مع أعداء الأمّة لا يستقيم إلا بالفتنة داخل صفوف الأمّة ذاتها "

و داخل نفس الاستراتيجية يعمل الكيان الصهيوني على تعزيز مواقعه داخل المجتمع العربي ثقافيا و حضاريا بواسطة بعض المقامات والاضرحة المزعومة التي ينظم لها مواسم و زيارات يستقطب لها كل يهود العالم و المتواجدة بعدد من دولنا العربية كتونس و المغرب و اهمها " ضريح ابو حصيرة " بمصر

و الذي حرص الصهانة على تنظيم رحلات سنوية اليه ضخمة العدد تحت حراسة مشددة يساهم فيها الامن المصري ببسالة ، و تشكل هذه المبادرة خطرا جسيما على تاريخ مصر الذي يصر الصهاينة على تهويده ، كما ايهام العالم بالدور الحضاري و الثقافي للكيان الصهيوني في المنطقة العربية ، و ليس بعيدا ان تطالب اسرائيل فيما بعد باعتماد هذه الاضرحة كمواقع اثرية تخصها ، و المطالبة بالسيادة عليها قصد حمايتها .

عولمة الثقـــــــافة

العولمة عموما هي ظاهرة الانتماء العالمي بمعناه العام ، و تشمل الخروج من الأطر المحدودة - الإقليمية والعنصرية والطائفية ، وغيرها - إلى الانتماء العالمي الأعم.  ففي جانبها الاقتصادي تشمل الانفتاح التجاري وإلغاء القيود التجارية ، وتوفير فرص التبادل التجاري الواسع محكوماً بقواعد السوق فقط ، بدون وجود إجراءات حمائية من طرف  الحكومات الوطنية  . وفي جانبها الفكري والثقافي هي الانفتاح الفكري على الآخر وعدم الانغلاق على الذات ، ورفض التعصب الفكري الذي يدعو لإلغاء (الآخر) بسبب جنسه او عقيدته او انتمائه السياسي . وفي جانبها السياسي هي شيوع تطبيق القانون على الجميع ومراعاة الحقوق السياسية للإنسان ..فهي باختصار الشعور بالانتماء الكبير العالمي بدلاً من الاقتصار على الانتماء المحلي الإقليمي ( الديني ، العرقي ، الطائفي).

الا ان هذا الوجه الناعم و الجذاب الذي تقدم به العولمة ما هو الا قناع يخفي و جهها الحقيقي البشع و الذي هو باختصار تذويب و الغاء جميع الخصوصيات الثقافية و الحضارية للشعوب لصالح ثقافة و حضارة الغالب ، الذي هو بالطبع  امريكا وربيبتها اسرائيل ، نفس الامر ينطبق على العولمة السياسية و الاقتصادية أي فسح الطريق نحو سيادة النظام الراسمالي الاستنزافي لخيرات و طاقات الشعوب و فتح المجال كذلك للتدخل المباشر في سياسات الشعوب و تقرير مصيرها .

لقد جند الصهاينة لهذا الغرض امكانيات و تقنيات هائلة من اعلام بكل فروعه خاصة منه المرئي الذي يشد انتباه المستهدف للصورة  و بداخلها عملية الاشهار الذي يلعب دورا اساسيا في تمرير الكثير من الافكار الهدامة والتخريبية أخلاقيا و حضاريا و ثقافيا ، بعد ان عززوا ثقافة الصورة التي انتجت " ثقافة السطحية " وهي خير وصفة لجعل المستهدفين كالبالونات الفارغة التي يسهل توجيهها لاي اتجاه ...

قال فيكتور هيجو احد زعماء الثورة الثقافية الفرنسية و المقاومة الشعبية : " نستطيع ان نواجه الجيوش ، و لا نستطيع ان نواجه الافكار " لقد سجلت المقاومة المسلحة العربية بطولات عديدة في ساحات القتال ، خاصة منها الفلسطينية على مدى تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ، لكن المكاسب كانت ضئيلة بل معدومة في بعض المواقع و لم تزد الجسد الفلسطيني الا جروجا و انتكاسات رغم ما ابداه من بسالة هي ليست غريبة عن ابنائه ، لكنه اغفل جوانب اخرى من المقاومة هي الأشد ضررا بالصهيوني المتعجرف ، وهي المقاومة الشعبية و في مقدمتها الثقافية و الفكرية ، لان هذه الاخيرة هي التي تحدد الاولويات و الاهداف و ترسم الخطط و تستكشف مواطن الخلل في كيان الشعب لتعالجها ، و مواطن الضعف في كيان العدو لتستغلها

هنا لا يجب الخلط بين نخبة الشعب المثقفة و نخبته السياسية ، فالاولى هي الاكثر تغلغلا في كيان الشعب و تلامس ادق مفردات حياته و يمكن ان تدفعه للتاثير بكل قوة على القرار السياسي ، اما النخبة السياسية فهي تلك الفئة التي تهتم بتنظيم علاقات الشعب الداخلية و الخارجية اعتمادا على مؤسسات تشمل الوزارات و البرلمان و الجهاز القضائي و الامني و غيرها من اجهزة الدولة ..

إذن فنخبة المثقفين هم عمود الشعب الفقري الذي اذا ما استقام ، كان الشعب في اتم صحة و عافية و اذا اصابه الخلل و المرض فان الشعب يصيبه الشلل فلا يقوى على التقدم للامام حتى لو سلمت اطرافه الباقية ، و تجدر الاشارة كذلك أن الثقافة التي لا تجد سبيلا لترجمتها على الواقع ستظل بلا قيمة ، كما النظريات العلمية فالذي يعيش منها و يستفيد منه المجتمع هو ما يمر عبر المختبر و يخرج لعالم الوجود ، كذلك هي ثقافة العدو و استراتيجيته ، فجميع نظرياته و افكاره و استراتيجياته لا يتلفظ بها قبل ان يهيئ لها اسباب الظهور على الارض و يجيش لها من يدخل بها ساحة المعركة  .

لقد ادرك العدو خطورة هذه الفئة ــــ فئة المثقفين ـــ لذلك سلط عليها اهتمامه و جند لاجل تدميرها امكانيات عالية تقنية و فكرية و مادية ، دائمة التجدد و التطور و التنوع ، فمن عالم الجمال و الاناقة الى عالم الفن و الابداع الفكري ، لكن بما يخدم استراتيجيته القائمة على تدمير و تفكيك انساقنا الفكرية و تشويه تراثنا ، و تزويره .

و من اهم و اخطر ما ابتدعه في مجال التدمير الفكري ما يطلق عليه اليوم " بتقنيات القراءة السريعة "  التي لم يعرف لها مخترع لحد الان مما يعني انها ثمرة جهد جماعي ينتمي لمؤسسة مخابراتية لما لهذه التقنيات من آثار مدمرة للثقافة العربية على الخصوص و ما تتيحه من فرص التضليل و التلاعب بالمفاهيم و الالفاظ تزخرت بها جل الاتفاقيات و المعاهدات العربية الاسرائيلية و التي تفسر دائما لصالح العدو ، و تؤسس لمشاريع استعمارية كما عبارة الشرق الاوسط ، التي جاءت بديلا عن العالم العربي و التي فرضت على الساحة الصحافية و السياسية ، و هدفها محو الهوية العربية للمنطقة لتأهيل الدولة العبرية لاستقرارها و هيمنتها على المنطقة بصفتها الاقوى  ، هذا مع الاجتهاد في تدمير اكبر قويتين عربيتين في المنطقة : مصر و العراق و مسخ هويتهما العربية

ظهرت تقنية القراءة السريعة مطلع القرن العشرين لتلبي حاجة القارئ في مواكبة الثورة المعلوماتية و تدفق المعلومات سواء المكتوبة منها او المتداولة عبر الوسائل السمعية البصرية و لتوفير المزيد من الوقت بقراءة الكثير في وقت قليل حسب ادعاءات مروجي هذه التقنية رغم ان ازمة العصر هي قلة القراءة خاصة ما تعلق بالكتب و الكتابات العلمية و الجادة لدرجة ان معظم الصحف و المجلات و المطابع الكبرى و التاريخية باتت مهددة بالافلاس لقلة الاهتمام بمطبوعاتها و اصداراتها .

جاء في الفصل الرابع من كتاب " مهارات القراءة السريعة لمؤلفه جوبيس تيرلي و الصادر عن دار المعرفة للتنمية البشرية في اطار سلسلة التطوير الاداري ، ما ملخصه :

الفصل الرابع :

القراءة لأجل الفهم والحفظ  :

تفيد الدراسات بأن المتفوقين في ميادين العمل المختلفة هم الذين لديهم حصيلة متميزة من مفردات اللغة، ومن الطرق التي تساعدك على بناء المفردات:

(1) اشتر كمبيوتر جيب صغير لاستيعاب الكلمات ومفرداتها.

(2) طور اهتماماتك وتدرب على الاستخدام الأمثل لقواعد اللغة.

*تنمية المجال البصري

عندما تنمي الجانب البصري ستكون قادراً على فهم الرسالة التي يريدها كاتب المقال دون الحاجة لقراءة النص المكتوب.

*قوة الصورة

تتجه الصور إلى العقل تاركة فيه انطباعات ذهنية.

*الإعادة الفورية

هي ما يُعرف بالخريطة الذهنية، والتي من خلالها يسجل الإنسان في ذهنه الكلمات الدالة على المعنى حتى يكوّن لها صوراً ذهنية، وتذكُّر كلمة واحدة سيُطلق الفكرة أو القصة أو المعلومة بكاملها.

*استخدام الإعادة الفورية (الخرائط الذهنية) في الحالات الآتية:

1-تقدّم متحدثاً.

2-تلقي خطاباً.

3-عندما تجري اتصالاً هاتفياً.

4-عدما تذهب للتسوق.

من خلال ما سبق نلاحظ ان هناك تركيز على " الصورة "، فهي سيدة الموقف و من خلالها تتم عملية الاستيعاب و تحميل المعلومات وهذا يعطي الهيمنة للتقنيات المعلوماتية البصرية كاجهزة الكومبيوتر و القنوات التلفزية الفضائية كما المجلات التي تغلب على صفحاتها لغة الصورة , هذا الامر يؤدي الى تعزيز ثقافة الصورة و التي هي باختصار الثقافة السطحية و التي تسهل على الجهات التي تحتكر و تتفوق في تقنيات الصورة تمرير مفاهيمها و ثقافتها و الترويج لمشاريعها اقتصادية كانت ام سياسية ، أو ثقافية .

ثقافة " الصورة "هذه ليست بالحديثة و انما هي قديمة لكنها ازدهرت بعد الحرب الكونية الثانية ثم زادت انتشارا بعد اختراع السينما و وسائل الاعلام المرئية ، وقد  عبثت الصورة اولا بمفاهيم الجمال اذ دفعت  شعوب العالم الى تبني مفاهيمه حسب ما وضعتها الدول الامبريالية و الاستعمارية فكانت الصورة هي المقياس للحكم عن تطور البشر من تخلفهم خاصة لدى المرأة مما جعل همها الاول العناية بجمالها الخارجي و تطويع جسدها لمقاييس الجمال الموضوعة فترسخ في وعيها أن جمال الشكل ، ليس أي شكل طبعا ، و انما الشكل الذي يتناغم مع شكل المرأة الغربية في زيها و سلوكها ، هذا الشكل هو  معيار النجاح في العمل ، و دليل التحرر و التحضر وليس الكد و الاجتهاد و الابداع  ، أما من تتشبث بزيها الشعبي او الوطني فهي تضرب في اتون التخلف ، مما اصاب المراة بكثير من القلق و الازمات النفسية و ادخلها في صراع مرضي مع تراثها  و موروثها الثقافي والطبيعة أيضا . و بذلك انتشر مفهوم ان التشبث بكل ما هو وطني او شعبي هو من سمات التخلف بلغة اخرى او حسب استراتيجية مارينز الثقافة العربية " إما الاندماج في الآخر أو التحلل الذاتي والذوبان " تماما كما استراتيجية بوش الصغير في حملته العسكرية على الوطن العربي التي غلفها باكذوبة مكافحة الاهاب و نشر الحرية و الديمقراطية  : " من ليس معنا فهو ضدنا "

بالعودة لقضية القراءة السريعة ، فهي تكملة لسياسة التثقيف السطحي و تعزيز ثقافة الصورة ، إذ لا تترك مجالا للتحليل و لا للتدقيق في معاني المصطلحات و التعابير التي يمكن ان تتحول لنقيضها خاصة في لغتنا العربية التي تزخر بكثير من الاساليب البلاغية و الفنون اللغوية ، هذه التقنية  تهيئ المستهدف الى الاستعانة دائما بالصورة الى ان يتقيد بها كليا  ليصبح في الاخير في قبضة الاعلام بكل اشكاله خاصة المرئي منه ، و الذي اصبح اليوم السلطة الاولى و ليس الرابعة لما له من تاثير في توجيه الراي العام و ترسيخ الكثير من المفاهيم المضللة في وعي المشاهد في مختلف الاغراض و المواضيع ، فهذا الاعلام لم يترك لا دين و لا سياسة و لا اجتماع الا و افتى فيها ، لكن بما يتناغم مع توجهات الحكومة او الجماعة التي يدين لها بالولاء ، عندما نجد ان عدد الفضائيات العربية لم يعد يحصر  وهو في تزايد مستمر فانه يجب علينا الفزع بل الذعر من هول هذا التزايد لان ذلك مؤشر على اتساع الهوة بين كل الفئات المختلفة في ساحاتنا سواء دينيا او سياسيا او فكريا اوعرقيا و بالتالي تزايد اسباب الصراع و التقاتل مما يزيد من سرعة التدحرج نحو الهاوية . خاصة و ان كل قناة اصبح لها جيشها الجرار من الاعلاميين و المثقفين و الفقهاء ، الذين يتفننون في بث ثقافة الفتنة و ليس ثقافة التنوير لكن اخطرهم هم تلك الثلة من المرتزقة المثقفين الذين ارتبطت مصالحهم بامريكا والكيان الصهيوني و يعملون بكل قوة على تاجيج الصراعات الفئوية الضيقة و يستجدوا لها عناوين من التاريخ و يشوهوا مفاهيمها ثم يلقوا بها في الساحة كي يستعر الصراع و التقاتل ، كما يجري بالعراق و قضية الطائفية التي مزقت جسده شر تمزيق . إنهم الليبراليون الجدد او مارينز الثقافة العربية ، اللذين اوهموا بعض المغفلين انهم رعاة الحداثة والتحرر كما ادعى مارينز العراق انهم جنود الديمقراطية و الحرية ، فسلطوا قذائفهم و صواريخهم على التراث و الثقافة العربية قصد تدميرها و بناء صرح جديد من الحضارة  ، حضارة لا علاقة لها بتاريخنا على اراضينا و لا تراثنا و لا ثقافتنا و لا ديننا و لا اعراقنا . باختصار شديد لا تكون لنا فيها علاقة لا بالارض و لا بالسماء !!

لقد شهدنا ما فعله مارينز الامريكان بالعراق ، باسم نشر الحرية و الديمقراطية و كيف احالوه كومة من تراب اختلطت فيها معالمه التاريخية و ذاكرته باشلاء اهله ، كذلك يمشي مارينز الثقافة العربية من هؤلاء الليبراليون الجدد على درب اشقائهم من الامريكيين و الصهاينة ، يرغبون في دك تاريخنا و خصوصياتنا و تراثنا من اجل بناء حضارة بديلة كلها حداثة و تحرر و عقلانية حسب زعمهم ، و إذا سلمنا بهذه الاكذوبة ، فهل يجب علينا ان ننتحر كي نخلق من جديد في الصورة التي نرغب فيها أو ترضي الجميع ؟ إن من ينتحر لا يمكن ان يعود للحياة ابدا ، و هذه حقيقة احب ان اذكر بها بعض العقلانيين و العلمانيين الجدد !!

إن افكار هؤلاء المخربين آتية من البانتاغون الفكري الامريكي ، الذي اجتهد منذ ان استقام بنيان دولته التي تاسست على اشلاء حضارات شعوب الانكا و الازبك ، و جماجم الهنود الحمر ، في تقديم الوصفات الفكرية لتخريب حضارات الشعوب الاخرى ، فهذا امر بديهي بالنسبة لاي شعب او أمة تفتقر لتاريخ و حضارة فإنه يعادي حضارات الشعوب و لا يتردد في تدميرما اعترض منها مصالحه . بل لا يطيق شيئ اسمه حضارة او تاريخ او تراث ، وقد انعكس هذا المنطق لا اراديا على الشعب الامريكي و سلوكياته  فرغم ان سرعة ايقاع حياتهم ليست غريبة عن شعوب الدول الغربية الاخرى خاصة منها الاوروبية ، إلا أن بعض الدارسين و المختصين بدراسة سلوكيات المجتمعات لا حظوا ان الواحد منهم تراه يمشي في الطريق وهو  حائر و قلق و كانه ملاحق من ماضي مظلم يريد التخلص من شبحه ، يسرع نحو فرصة خائف من ان تضيع منه .

هم يدركون ان ليس لهم سوى حاضرهم الذي يعيشونه في قلق و المستقبل الذي يريدون ان يكون لهم بأي ثمن ، و هم يتعهدون ربيبتهم اسرائيل بالرعاية على نفس النهج و المنطق ، منطق القوة و التدمير و بناء دولتها المأمولة على جماجم الفلسطينيين و العرب ، يمدونها بكل اسباب القوة ، و يجندوا لها ما استطاعوا من المرتزقة ، في جميع الميادين .

اذا كانت اصوات و طلقات هذه الفئة من المثقفين العرب أو مرتزقة الفكر الغربي قد علت و تضخمت بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 و تحديدا عندما دخلت بكل قوة للساحة العراقية فوق الدبابة الامريكية ، فانها اليوم تعرف زمن تحللها و اندحارها ، تماما كما تتحلل اليوم و تندحر تلك الميليشيات ، و مجالس الصحوات الدموية التي اسستها في العراق و التي تركتها الان وجها لوجه مع الشعب الذي يسقط منها رؤوسا كل يوم ، لان الاستراتيجية الامريكية الاستعمارية قد نالت منها ما ارادته ، اذ ساعدتها على ايجاد ذلك الوضع الفوضوي في الساحة العراقية  ، تماما كما تفعل الان بهؤلاء المرتزقة من المثقفين العرب ، ففي الوقت الذي مازالوا ينادون بدفن الماضي و التنكر للتراث العربي و الذوبان في الحضارة الغربية و فصل الدين عن الدولة و التخلص من كل الاساطير الظلامية وغيرها من الشعارات ، يخرج لهم رئيس اركانهم ، الذي خرج اول كتيبة مسلحة منهم ليقذف بها في ساحة وطننا العربي ، ليصرح باعلى صوته على لسان مساعده ديفيد بارتون اثناء فترة الانتخابات الرئاسية ليردد في الكنائس التي يزورها " إن فصل الدين عن الدولة هو مجرد خرافة " الشيئ الذي اضاف لشعبيته ليتمكن من الصعود لسدة الرئاسة ، و يعزز التيار الديني المسيحي المتشدد في العالم ، و الى جانبه الصهيونية العالمية العنصرية التي توجت بصعود حزبها الليكودي في اسرائيل ، ليطلق العنان لكل متشدد و متعصب ديني ظلامي عنصري ، ليقذف بجام حقده على الفلسطينيين و العرب ، فاين اداعائات هؤلاء الليبراليون الجدد من سياسات الحكومة الاسرائيلية المتطرفة ، اين منهم من فتاوى حاخاماتها التي تدعو لقتل الاطفال الفلسطينيين ، و تحريم بيع الاراضي و الممتلكات للعرب ، و الافتاء بقتل الفلسطينيين و الاعتداء عليهم في المستوطنات و منعهم من قطف الزيتون و مباشرة اراضيهم و حرق ماشيتهم بلا رحمة ؟

اين عقلانية و علمانية و انسانسة هؤلاء الثلة الحاقدة ممن يسمون بالليبراليين الجدد من كل هذه الظلامية و العنصرية و الحقد الاسود الصهيو امريكي ؟؟؟

إن فترة استئساد هؤلاء المرتزقة ، مارينز الثقافة العربية ، تعرف الان فترة اندحارها باندحار مارينز الامريكان عن الساحة العراقية ، و قد عاد الكثير من مجنديهم الصغار الى جحورهم خائبين ، كما يتلمس كبار جنيرالاتهم فرصة للتسلل من ساحة معركتهم الخاسرة وقد عجزت ميزانية الحرب الامريكية عن دفع مستحقات نهاية خدمتهم ، وسيكونوا محظوظين جدا اذا لم تعمل فيهم قانون المغتصب و الغازي في عملاءه الذي لخصه الشعب المصري في مثله المأثور " نهاية خدمة الغز علقة "

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ