ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 24/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الفلسطينيون والمفاوضات والوهم السياسى

دكتور ناجى صادق شراب*

المفاوضات ليست وهما ، بل هى وسيلة لأدارة المنازعات والخلافات بين الدول بالحوار السياسى بعيدا عن لغة القوة العسكرية ، ومع ذلك المفاوضات تتضمن كل عناصر القوة بما فيها القوة العسكرية ، ولذلك وبلغة مبسطة المفاوضات هى توظيف لكل الخيارات المتاحة للدولة ، ولا تنفصل عنها ، ولذلك من صور الوهم السياسى أن نذهب للتفاوض دون توظيف لكل الخيارات وعناصر القوة المتاحة ، وإلا فقدت المفاوضات هدفها ، وتحولت إلى وهم آخر بان تتحول فرض أرادة من يملك القوة ويفرضها على طاولة التفاوض. والصورة ألأخرى للوهم السياسى للمفاوضات إن تتفاوض مع طرف وأنت تدرك أنه لا يريد أن يتفاوض ، لأنه في هذه الحالة تتحول المفاوضات من أداة تسوية وتحقيق سلام ن إلى أداة فرض واقع . وهذا كله ما ينطبق على المفاوضات الفلسطينية ألأسرائيلية .فعلى الرغم من الذهاب إلى خيار المفاوضات ، وأدراك الطرفين المتفاوضين فشل ألأداة العسكرية في حسم الصراع الفلسطينى ألأسرائيلى ، بحكم انه من الصراعات التى لن تحسم بالقوة العسكرية ، لأنه صراع مركب ، ووجودى ، ومرتبط بمفهوم الحقوق ، وايضا مرتبط بموازين القوى ألأقليمية والدولية السائده ، ولذلك استحالة حل هذا الصراع بالقوة العسكرية ، وهو ما قد يحتاج منا إلى توضيح اكثر في مقالة أخرى . أعود إلى موضوع مقالة اليوم وهو موضوع الوهم السياسى .والوهم السياسى يعنى أن نمنى النفس بإمكانية الوصول إلى أهداف سياسية محدده كقيام الدولة الفلسطينة ، على الرغم من أن ما يحدث على ألأرض ينسف هذه الأمنية ويحولها إلى مجرد خيال سياسيى ، اومجرد حلم من أحلام اليقظة السياسية للكبار ، وهنا يقترن هذا الحلم بالوهم . وحتى أدلل على ما أقول توضيح العلاقة بين ألأستيطان ألأسرائيلى ومسألة الوهم السياسى ، وهنا تبرز العلاقة المتناقضه ، فمن ناحية ألألستيطان حقيقة ملموسة على ألأرض ، هى واقع بنائى وسكانى ، وهى شكل من اشكال الأحلال غير قابل للأزالة ، ومن ناحية أخرى وهم الدولة الفلسطينية التى مازالت صورة ترسم على الورق ، وعلى الخرائط ، ومجرد قرارات تأخذها دول معينه بإعترافها بهذه الدولة إن قامت ، والدولة حتى تصبح حقيقة تحتاج إلى ثلاث مكونات حقيقية أرض وهى التى تقوم عليها المستوطنات ، وسكان أو شعب ، وحكومة أو سلطة حقيقية ، والتكامل والتفاعل بين هذه العناصر هو الذى يوجد الدولة ، وليس ألأعتراف الذى هو أداة وتعبير صريح من الدول بهذه الدولة القائمة على ألأرض فعليا . ألأستيطان ينفى هذه الحقيقة ويحولها ألى مجرد وهم سياسى . وللتدليل على ذلك ورفض أسرائيل للدولة الفلسطينية والقبول بها ، هو رفضها لمجرد تجميد أو تأجيل للبناء ألأستيطانى لمدة ثلاث شهور فقط . والحديث هنا ليس وقف أو أقتلاع لهذه المستوطنات التى قد تحولت إلى مدن سكانية كبيرة ترقى إلى مستوى الدولة . وهذا يحتاج إلى تفسير وتحليل واقعى لهذا السلوك ، ومن منظور المنهج العقلى والعقلانى كان يفترض أن تقبل أسرائيل بهذا التجميد المؤت مقابل رزمة كبيرة من الحوافز ألأمريكية ، وبعض التنازلات الفلسطينية ، وفى النهاية أسرائيل هى الفائزة الوحيده من هذه الصفقة ، والفلسطينيون هم الخاسرون ، ولذلك الكل راهن على قبول أسرائيل بهذا العرض ، وكاتب المقال كان واحدا منهم ،ومع ذلك أسرائيل رفضت هذه الحوافز التى قدمت لها ، ورفضت مجرد التاجيل .وهو ما يحتاج منا جميعا إلى مراجعة لتحليل هذه العقلية ، وهذا السلوك السياسى ، لنعرف في النهاية نه من منظور أسرائيلى ، أسرائيل ترى أولا أنها في النهاية ستحصل على الحوافز ألأمريكية ، وثانيا ستجبر الفلسطينيين على تقديم مزيد من التنازلات ، وثالثا وهذا هو ألأهم أن ألأستيطان هو الفكرة الجوهرية والمادية التى  قامت عليها أسرائيل والقبول بالتجميد يعنى التشكيك في قيام أسرائيل كدولة . ويبقى أن نربط هذا التفسير بالمفاوضات والوهم السياسى . والعلاقة واضحه وهذا ما وقع فيه المفاوض الفلسطينى ، وهو كيف لهذه العقلية الحاكمة في أسرائيل التى ترفض مجرد تجميد مؤقت للأستيطان أن تقبل بما هو اكبر من ذلك ، والأكبر من ذلك مسألة قيام الدولة الفلسطينية على مساحة يفترض أن لا تتجاوز حوالى عشرين في المائة من مساحة فلسطين بتنازل 24 في المائة من المساحة التى أقرها القرار رقم 181 والذى بموجبه قامت أسرائيل كدولة ، وكيف لهذه الدولة أن تقوم في أرض تعتبرها أسرائيل أرض الميعاد ، وأرض يهودا والسامرة ، وأرض أسرائيل الكبرى . إذا كانت هذه العقلية ترفض تجميدا زمنيا لمدة ثلاثة أشهر ،ولن يكلفها تنازلا أو تراجعا أو انسحابا حقيقا . لا شك هذه صورة من صور الوهم السياسى الذى وقع فيه المفاوض الفلسطينى الذى يمنى نفسه بهذه الدولة وأرض هذه الدولة تبتلعها المستوطنات ألأسرائيلية كل يوم امام عينيه .

وما ينطبق على الدولة الفلسطينية من وهم ، ينسحب أيضا على قضايا بالنسبة لأسرائيل يقوم عليها وجودها وشرعيتها ، فالقدس مثلا التى تعتبرها أسرائيل العاصمة الموحده وألأبدية والغير قابلة للتجزأة، كيف يمكن أن تسلم بما هو عكس هذا التفكير . وكيف أيضا لأسرائيل التى تقوم على العنصر اليهودى والتى تصر على يهودية دولتها أن تقبل بعودة اللاجئيين الفلسطينيين إلى داخلها ، أليس ذلك مناقضا ونافيا لوجودها . وهذا شكل آخر من اشكال الوهم السياسى .وهكذا دواليك من الوهم السياسى الذى يفسر عدم نجاح المفاوضات حتى ألأن في التقدم خطوة في ألأتجاه الصحيح نحو قيام الدولة الفلسطينية ، والتى أكتفى من المفاوضات في هذه المرحلة أن تأتى بها . هذه العقلية توضح بدون مواربة ودون وهم ، انها ما زالت أسيرة الأيدولوجية الصهيونية التى تقوم على فكرة أسرائيل الكبرى وأرض الميعاد ، ويهودية الدولة ، وهى ألأيدولوجية التى تحكم التفكير السياسى لكل الحكومات ألأسرائيلية بإختلاف مواقعها السياسية ، فكل الأحزاب في أسرائيل صهيونية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، وقيام الدولة الفلسطينة .

والحقيقة لأسرائيل هى هذه ألأفكار والمبادئ ، والتى تعتبر وهما من قبل الفلسطينيين ، فما تعتبره أسرائيل حقيقة ، يعتبره الفلسطينيون وهما . وهذا هو المأزق ألذى وقعت فيه المفاوضات . وهذا لا يعنى التسليم بالأمر الواقع ، ولا يعنى فقدان ألأمل حتى في خيار المفاوضات ، ولكنه يعنى مراجعة لكل ألأستراتيجيات ونمط التفكير الفلسطينى ،والعمل أولا على التخلص من هذا الوهم السياسى ، وثانيا بخلق القوة القادرة أن تعيد اسرائيل إلى الواقع السياسى ، وان تجعلها تدرك أن ما تقول عنه حقيقة هو مجرد وهم سياسى ، وان تختار اسرائيل بين البقاء في أمن وأستقراروقبول من قبل كل الدول العربية ، وبين قبولها بحقائق التسوية السياسية وفى مقدمتها الدولة الفلسطينية الحقيقة قبل إن تسقط كل الخيارات . وتظل جميع ألأطراف تعيش في دائرة الوهم السياسى اللولبية.

ـــــــــ

*أكاديمى وكاتب عربى

drnagish@gmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ