ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تضخم
التنازلات بقلم:
جودت مناع إن ثبت
صدق المعلومات الواردة في أكبر
تسريبات لوثائق سرية في تاريخ
الاحتلال الصهيوني لفلسطين فإن
ما يسمى بمفاوضات السلام قد
بلغت تضخما إلى درجة المحاسبة
القانونية حول سوء استخدام
المسؤولية الوطنية. فالمعلومات
التي كشفت عنها قناة الجزيرة
الفضائية وصحيفة الجارديان
البريطانية مفادها أن مفاوضين
فلسطينيين وافقوا سرا على قبول
ضم كيان الفصل العنصري لجميع
مستوطنات الاحتلال التي بنيت في
القدس الشرقية المحتلة ما عدا
واحدة فقط وهي مستوطنة جبل أبو
غنيم التي بنيت على أراضي مدينة
بيت لحم وضمت القدس. فضلا عن ضم
جميع مستوطنات القدس الشرقية
وتظهر الوثائق ان قادة منظمة
التحرير الفلسطينية اقترحوا
سرا مبادلة جزء من حي الشيخ جراح
بأراضي في مكان آخر، وهي
معلومات خطيرة. والوثائق
سرية تكشف عن دفن عملية السلام
في الشرق الأوسط وهو ما من شأنه
أن يشكل صعودا غير مسبوق
لانتفاضة شعبية بسبب المستوى
الذي وصل إليه أداء من ينسبون
لنفسهم حق تمثيل الشعب
الفلسطيني أن يثير علامة
استفهام كبيرة حول قدرتهم
السياسية والوطنية على التفاوض. وتنشر
الجزيرة والجارديان مضمون بعض
من هذه الوثائق وتكشف فيها حجم
التنازلات السرية التي قدمها
المفاوضون الفلسطينيون، بما في
ذلك مسألة حساسة للغاية وهي حق
العودة للاجئين الفلسطينيين،
وكيف أن قادة كيان الفصل
العنصري طلبوا سرا من بعض
المواطنين العرب الانتقال
للعيش في دولة فلسطينية جديدة. وتكشف
الوثائق مستوى التعاون السري
الأمني الحميم بين الكيان
الصهيوني والسلطة الفلسطينية
المزعومة كما دلت على الدور
المركزي للمخابرات البريطانية
في وضع خطة سرية لسحق حركة حماس
في الأراضي الفلسطينية. ومن
أخطر ما تضمنته الوثائق كيف
تلقى قادة السلطة الفلسطينية
معلومات سرية حول عدوان كيان
الفصل العنصري ضد قطاع غزة. وتقول
الوثائق إن الاقتراح الأكثر
إثارة للجدل هو تشكيل لجنة
مشتركة للسيطرة على المواقع
المقدسة مثل الحرم القدسي
الشريف في مدينة القدس القديمة
المحتلة وهي مسألة حساسة ساعدت
في انهيار محادثات كامب ديفيد
عام 2000 بعد أن رفض الرئيس الراحل
ياسر عرفات التنازل عن السيادة
على قبة الصخرة و مسجد الأقصى. وتكشف
الصحيفة ان هذه العروض قدمت بين
عامي 2008 و2009، في أعقاب مؤتمر
"أنابوليس" في عهد الرئيس
الأميركي السابق، جورج بوش. ومع كل
هذه التنازلات نقل عن هذه
الوثائق أن قادة الاحتلال
بمساندة من الحكومة الأمريكية
حينها رفضوا العرض قائلين إنها
غير كافية. كما وأن
تزامن الكشف عن هذه الفضيحة مع
ثورة تونس واحتجاجات الجزائر
سيسبب صدمة في أوساط
الفلسطينيين وفي العالم العربي
ككل وبالتالي نيل كل من تسول له
نفسه تجاوز المعايير الوطنية
الفلسطينية عقابا قاسيا يليق
بقيمة الكفاح الوطني الفلسطيني
وتضحياته المقدسة. ومما
يثر الغرابة ليس نفي صحة هذه
المعلومات من قبل ياسر عبد ربة
من يدعي نفسه "أمين سر"
منظمة التحرير الفلسطينية ولا
من قبل كيان الاحتلال أو
الولايات المتحدة وإنما إعلان
المخابرات المصرية عن اكتشافها
ما أسمته بمجموعة فلسطينية
تابعة لتنظيم جيش الإسلام
بتدبير الانفجار الذي وقع أمام
كنيسة قبطية وهو ما أدانه
الفلسطينيون بما فيهم الحركات
الإسلامية باعتباره عملا
إرهابيا. فهل نحن أمام قصة
استخبارية مصغرة عن 11 سبتمبر
لاعتقاد البعض أن هذه هي الجولة
الأخيرة في
صراع الوطنيين الفلسطينيين مع
كيان الاحتلال الفاشي؟ لا وألف
لا..هي البداية ولن يكون فلسطيني
وطني واحد ضد أمن المواطن
المصري العظيم مسيحيا كان أم
مسلما أو غير ذلك، وإن حدث فعلا
فإن منفذيها هم ضحايا لجهات
خارجية مثلما أعلن مؤخرا عن
توريط الـ "أف بي آي" في
الولايات المتحدة لشبان مسلمين
بتنفيذ عمليات إرهابية والقبض
عليهم وإيداعهم في السجون
الأمريكية، وإن صحت المعلومات
المصرية حول هؤلاء فإنني أقول
بجرأة إن وطنية منفذي الجريمة
المزعومة بانتسابهم إلى هذا
الشعب العظيم هي خيانة. وكما
قال المثل:"ليس هناك دخان
بدون نار" وإن صحت المعلومات
التي أوردتها الجزيرة
والجارديان ألا يجيز
ذلك للوطنيين الفلسطينيين
الحق في عزل هؤلاء وملاحقتهم
بتهمة التآمر واعتبار السلطة
الحالية رمزا لتخريب أخطر مما
قامت به روابط القرى المتعاونة
مع الاحتلال في السبعينيات من
القرن الماضي. ـــــــ *كاتب
صحفي ومستشار إعلامي ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |