ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 31/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

لقد اتخذ الشعب المصري قراره.. ارحل يا حسني مبارك

محمد فاروق الإمام

جاء خطاب الرئيس المصري حسني مبارك، بعد انتظار طويل من قبل الشعب المصري الغاضب، وقد سالت منه الدماء على يد طغمته الأمنية الباغية، وبعد إعلان التلفزيون المصري عن كلمة هامة سيلقيها رئيس مجلس الشعب المصري فتحي سرور، جاء خطاب مبارك مخيباً للآمال، لا يحمل في طياته إلا العناد والإصرار على إحراق مصر كلها وليس كما فعل نيرون عندما اكتفى بحرق روما، وليس كما فعل فاروق عندما اكتفى بحرق القاهرة.. وبالفعل امتد لهيب الغضب إلى مدن مصر كلها من شمالها حتى جنوبها، وارتفعت السنة اللهب تلتهم مراكز الأمن البغيضة، ومراكز الحزب الشمولي الحاكم الكريهة في كل مدينة ومحافظة وقرية ونجع.

جاء خطاب مبارك يحمل للشعب المصري أقصى درجات الكره والحقد واللامبالاة بأرواح الناس ولقمة عيشهم وطبيعة حياتهم التي قد لا تتساوى مع حياة الحيوانات المدللة في قصوره وقصور حاشيته.

ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال مخاطباً رياض باشا رئيس وزراء مصر حين ألقى خطاباً يثني به على الإنكليز مشيداً بفضلهم على مصر:

غمرت القوم إطراءً وحمدًا    وهم غمروك بالنعم الجسام

خطبت فكنت خطبًا لا خطيبًا    أضيف إلى مصائبنا العظام

نعم هكذا كان حال مبارك في خطابه، فقد زاد مصر وأهلها خطباً ومصائب، فلم يكتف بما اقترفت يداه بحق مصر وأهلها، بل أقدم على خطوات لا تلامس الحد الأدنى من تمنيات الشعب الغاضب وأمانيه وأحلامه، فأعلن عن حل الحكومة (وكأن في مصر حكومة) وعين رئيس المخابرات عمر سليمان نائباً لرئيس الجمهورية، وكلف وزير الطيران المدني في الحكومة المقالة الفريق أحمد شفيق بتشكيل الحكومة الجديدة.

وسبق خطاب مبارك إصداره أوامر (بصفته الحاكم العسكري والقائد الأعلى للقوات المسلحة)  بفرض حظر التجول في البلاد، وطلب من قوات الأمن والجيش المصري النزول إلى الشوارع للسيطرة على الأمن، فيما تحدت جموع المتظاهرين وسط العاصمة قرار حظر التجوال في المدينة، وتصدت قوات الأمن للجموع الغاضبة التي رفضت قرار منع التجول، وراحت تمطر هذه الجموع التي كانت تهتف (سلمية.. سلمية) بوابل من قنابل الغاز المسيلة للدموع، التي لم ترهب الجماهير الغاضبة وصمدت صموداً فريداً في وجه رجال الأمن البغاة، الذين طوروا تصديهم لهذه الجماهير وراحوا يطلقوا الرصاص المطاطي والرصاص الحي إلى صدور الشباب والفتيان العزل، ليسقط العشرات بين قتيل وجريح لتصبغ شوارع القاهرة وميادينها بقاني دمائهم الطاهرة، ولم يكتف رجال الأمن بالرصاص الحي بل راحوا يلاحقون المتظاهرين بالسيارات ويقومون بدهسهم بدم بارد.

ورغم كل ما اقترفه رجال الأمن من جرائم بحق هؤلاء الشباب والفتيان العزل، صمد هؤلاء الشباب والفتيان صمود الجبال الراسيات، متحدين الموت الذي يريده هؤلاء البغاة لأبناء مصر وشبابها وفتيانها، فما كان من عصابات الأمن إلا الفرار والانكسار والخذلان، ليشكلوا فيما بعد فرقاً تثير القلاقل وترتكب الفواحش وتنهب وتسلب وتروع السكان الآمنين، ساعين إلى تشويه وجه الانتفاضة الشعبية الناصع، التي طورت بدورها سقف مطالبها بإسقاط النظام ورحيل رأسه حسني مبارك.

ثم أمر مبارك بقطع الاتصالات وخدمة الإنترنت حتى لا يكون هناك تواصل بين الجماهير الغاضبة، ظناً منه أن في قطعها سوف يشل حركة هذه الجماهير، التي سبق واتخذت كل الاحتياطات لإفشال مخططات النظام العبثية، وراحت تتدفق بمئات الألوف إلى الميادين الكبرى والساحات العامة، حتى ليظن المتابع والمشاهد لشاشات التلفاز أن شعب مصر كله قد هجر البيوت إلى هذه الميادين والساحات.

ثم أمر مبارك بإنزال القوات المسلحة إلى الشوارع بعد تحطم خط دفاعه الأول (البلطجية والمخابرات ورجال الأمن)، فما كان من هذه الجماهير إلا أن استقبلت دبابات الجيش ومدرعاته وضباطه وجنوده بعبارات الحب والاحترام والتقدير والتي قابلها الجيش بالمثل، فكان العناق وتبادل القبلات وتقديم المساعدة والماء والطعام، وزين شباب الانتفاضة مدرعات الجيش بعبارات تقول: (يسقط مبارك).

لقد كانت انتفاضة الشعب المصري هي الفيصل وهي القرار (ليرحل مبارك.. ليرحل النظام)، وفي هذا السياق ننقل بعض ما قالته نخب مصر.. فهذا الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي  رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يدعو مبارك إلى الرحيل على رجليه مختارا قبل أن يرحل اضطرارا، وليكن له في الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عبرة. واصفا النظام المصري بأنه لا يعي ولا يعقل فهو أعمى لا يبصر وأصم لا يسمع وغبي لا يفهم.

 وخاطب القرضاوي مبارك عبر الجزيرة قائلا "ارحل يا مبارك إن كان في قلبك مثقال ذرة من رحمة أو في رأسك ذرة من تفكير"، طالبا منه أن يرحم نفسه وأهله، فالحكم إن كان غنما فتكفيه ثلاثون سنة وإن كان غرما فتكفيه الثلاثون كذلك.

ونصح القرضاوي مبارك بالتخلي عن الرئاسة والرحيل عن مصر فالبلد خسر المليارات "ولا تخربها وتقعد على تلتها، ارحل يا مبارك" وأضاف أن العشرات من الشبان قتلوا في يوم واحد وهم يطالبون بحقهم "ولكنك وجنودك قابلتهم بالرصاص الحي".

وأردف القرضاوي "لم يعد لك مكان يا مبارك، أريد لك أن تخرج على رجليك" لتحاكم وتحاسب بعد ذلك أمام محكمة مدنية وليس أمام محاكم عسكرية "تنشئها لمحاكمة خصومك فتحكم عليهم بأحكام ظالمة" في ظل قانون الطوارئ، وإن "للظالم نهاية ولن يستطيع أحد أن يحارب التاريخ".

واعتبر القرضاوي أن مبارك لم يفهم رسالة الشعب وخرج بخطاب يشي بأنه لا يحس بما يجري فهو "في عالم غير عالمنا ولا يحس بالجوعى أو الجرحى"، وتساءل عن فائدة حل الحكومة، في حين أنه لم يقل ما كان ينبغي أن يقال من حل لمجلسي الشورى والشعب وإلغاء لقانون الطوارئ.

في حين دعا العالم المصري أحمد زويل الرئيس المصري حسني مبارك إلى ضمان الانتقال السلمي للسلطة للحيلولة دون وقوع البلاد في حالة من الفوضى والانفلات الأمني.

وطالب زويل بتشكيل لجنة من الحكماء بهدف تعديل الدستور وإدارة أمور البلاد، وأكد زويل في رسالة توجه بها للشعب المصري أن الوضع بات غير محتمل بسبب انشغال النظام طيلة فترة توليه لمقاليد الحكم بالصراع مع أعدائه ومنتقديه وسط غياب للشفافية وتزوير للانتخابات مما أفقد المصريين ثقتهم بالنظام الحالي.

كما عزا زويل ما وصلت إليه البلاد من حالة احتقان شعبي إلى انتشار الفساد وتفاقم الفقر وتراجع الطبقات الوسطى التي أخذت مكانها البورجوازية الفاحشة، وناشد قوات الجيش للتدخل الفوري لإعادة هيبة مصر وإغاثة المصريين من حالة النهب والسلب التي طالت مدنا وأحياء مصرية.

وأكد د. محمد البرادعى المدير العام السابق للهيئة الدولية للطاقة الذرية في تصريح أدلى به لمجلة (دير شبيجيل) الألمانية أن "التغيير عن طريق صناديق الاقتراع ولى أوانه في مصر، وأصبح الشارع هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق التطلعات الشعبية، بعد إغلاق نظام الرئيس حسني مبارك كافة الأبواب أمام إحداث إصلاحات وتداول سلمي للسلطة".

وأضاف  إن تظاهر المصريين بأعداد ضخمة في الشوارع لأول مرة "عكس انهيار ثقافة الخوف التي غذّاها نظام الرئيس حسني مبارك طوال وجوده في السلطة"، معتبرا الاحتجاجات المتصاعدة في مصر مؤشرا على تحول تاريخي، "بعد إدراك المصريين أن تحديد مصيرهم بيدهم وحدهم وليس بيد جهة آخري".

وأضاف البرادعى أن النظام رفض في الماضي، ويرفض الآن كافة دعوات الإصلاح، وبات منفصلاً كليا عن واقع شعبه، وأصبح مصراً على ألا يرى أو يسمع، وقد حذرت مبارك من عواقب تفاقم الأوضاع، وقد حان الوقت عليه كي يدفع الثمن".

وشبه البرادعي فعاليات الاحتجاجات التي قام بها الشعب المصري الحالية بكرة جليد تتدحرج وتكبر ولن تستطيع قوة إيقافها، وقال إن "نظام الرئيس حسني مبارك يرتعش ووصل إلى أعلى درجات الخوف والتوتر مما جري في تونس، ويحاول في الوقت نفسه التظاهر بعدم المبالاة من إحراق بعض المصريين أنفسهم احتجاجا على ما آلت أوضاعهم المعيشية في كافة المجالات".

واعتبر البرادعي أن الثورة في تونس تمثل إرهاصا على احتمال حدوث ربيع تغيير في العالم العربي تلعب فيه مصر دوراً ريادياً، ورأى أن مطالبة المصريين بالخبز والزبد إلى جانب حقهم في الحرية يعد أمرا طبيعيا في بلد أكثر من 40% من سكانه يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد.

وأوضح البرادعي أن الإخوان ابتعدوا عن العنف منذ نصف قرن ويركزون على الإصلاح ـ والتغيير وليس على الوصول للسلطة، وأضاف "إذا أردنا إقامة نظام ديمقراطي حر في مصر فعلينا دمج الإخوان في العملية السياسية وليس استبعادهم منها".

لقد قال شعب مصر كلمته عبر انتفاضة عفوية لكل جماهيره دون توجيه من أي حزب سياسي أو طيف عقائدي، واتخذ قراره بوجوب رحيل حسني مبارك ونظامه عن مصر، ليتسنى لشعب مصر اختيار الرئيس الذي يريد ولون الحكم الذي يريد والحكومة التي يريد بكل حرية وديمقراطية، بعيداً عن كل الضغوط الخارجية والداخلية.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ