ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
صرخة
في الأرض العربية... الظلم مرتعه
وخيم بقلم
فيصل محمود منذ
بداية تاريخ البشرية على وجه
هذه البسيطة لم يسجل التاريخ
جريمة أبشع وأفدح وأقبح بعد
جريمة الشرك بالله من جريمة ظلم
الإنسان لأخيه الإنسان ... جريمة
قتله وإزهاق روحه وإهدار كرامته
ومصادرة حريته والعبث بحياته ...
كان ذلك منذ قصة ابني آدم عليه
السلام هابيل وقابيل يوم أن
طوعت لأحدهما نفسه قتل أخيه..
فترك لشيطان نفسه وهواها الحبل
على الغارب واستحوذت على كل
تفكيرة تلك الفكرة الغريبة
العجيبة فقتل أخاه فأصبح من
النادمين وفي الاخرة من
الخاسرين.... ومن بشاعة وفداحة
هذه الجريمة ومردودها الأليم
على الحياة البشرية أن الله عز
وجل حرم الظلم على نفسه وجعله
بين الناس محرما كما ورد في
الحديث القدسي "" يا عبادي
إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته
بينكم محرما فلا تظالموا".ولا
يمكن أن تستقيم الحياة البشرية
ولا أن يعمر الإنسان هذه
الأرض كما أراد الله اذا تفشى
الظلم بين الناس حتى يغدو من
عاداتهم وطبائعهم لأن الظلم ضد
نواميس الحياة وضد سنن الله
التي أودعها في كونه ... ولذلك ما
من أمة من الأمم السابقة على مدى
التاريخ بغت وطغت وظلمت واستفحل
فيها هذا المرض العضال دون أن
ترتدع وتعود إلى رشدها وفطرتها
إلا عجل الله بهلاكها
وزوالها وقطع دابرها وجعلها
عبرة لمن جاء بعدها من الأمم. والنفوس
بطبعها تميل إلى الهوى والسوء
ولذلك جاءت رسالات السماء لتكبح
جماحها وتلجمها وتردعها حتى
تستقيم موازين الحياة وتستمر
الحياة ويعمرها المجدون
المخلصون ... ورغم كل النهايات
الأليمة للأفراد والأمم
السابقة واللاحقة عقابا لها على
غرورها وظلمها وغدرها وبطشها
إلا انك لتعجب كل العجب كيف يأبى
كثير من الناس إلا أن يحملوا هذا
الوزر الثقيل والعبء الضخم غير
عابئين بالوعيد والتهديد وكأني
بهم كما قال نوح عليه السلام في
قومه " وإني كلما دعوتهم
جعلوا أصابعهم في آذانهم
واستغشوا ثيابهم واصروا
واستكبروا استكبارا".عجبا
لهذه الطبيعة الشاذة للنفس
البشرية التي خلقها الله في
أحسن تقويم فأبت إلا أن تكون
معوجة كذيل ...تأبى إلا أن تكون
منحرفة في طباعها وأهوائها وفي
مسيرتها في هذه الحياة لأنها من
ذوات الطبع اللئيم ... وهذه
النفوس الشاذة تتناسى أن ظلمها
لن يدوم ولو امتد بضع سنين ...
يتناسون أن زمنهم قصير أقصر مما
يتصورون وسيدركون بعد حين أنهم
خائبون وعلى أفعالهم الشنيعة
محاسبون وعلى ظلمهم للعباد
معاقبون وكما
قال رب العالمين " وقد خاب من
حمل ظلما" وللظلم
اشكال والوان ويأتي بألف لبوس
ولبوس كما هو الحال بالنسبة
للإستعمار الظالم الذي جثم وما
يزال يجثم على صدر هذه الأرض
العربية هذا الإستعمار الذي جاس
خلال الديار وطمس الهوية
واستباح الدين والعرض ونهب
الثروات وأفسد النفوس وترك
الأرض العربية قاحلة يباب مثقلة
بالهموم والتخلف والفقر والجهل
يفوح من أديمها الحرمان والبؤس
والشقاء... أغتصبها وأهدر
كرامتها وسلخها عن ماضيها
وتركها حيرى وعطشى وثكلى ... ومن
خساسته ولؤمه لم يرتضي أن
يتركها وشأنها بل ترك للأمه
ميراثه القبيح وأدواته الفاسدة
التي تخدم مصالحه وتسير في ركبه
فجاءت هذه الأدوات لتكمل ما عجز
عنه ذلك الظلم الغريب تارة باسم
الإستقلال وتارة باسم التحرير
وتارة بدعوى أن لا صوت يعلو فوق
صوت المعركة... حتى وجدت الأرض
العربية نفسها تغتصب مرة تلو
الأخرى ويزداد أنينها وألمها
وتتغول فيها يد البطش والقهر
والإستبداد .. وإذا الأرض
العربية تتحول من أوطان أريقت
من أجلها أزكى الدماء ليعيش
أبناؤها على أديمها وفي رحابها
بكرامة وحرية ويحققوا فيها
أحلامهم إلى مزارع خاصة يجبى
إليها ريع كل شيء في الوطن. أما آن
لهذه الأرض العربية البكر
المعطاء أن تنعم بالخصوبة
والعطاء والإزدهار وتنبت في
ربوعها ووهادها وتلالها
وجبالها الرياحين والنرجس
وشقائق النعمان والأقحوان..
لماذا عليك يا أرضنا العربية
إما أن تكوني قاحلة عقيمة تنبعث
منك رائحة الموت أو أن تكوني فقط
مزارع لنباتات الحنظل والأشواك
.. لمذا عليك أن تتجرعي مرارة
العلقم في كل يوم ألف مرة ألا
يكفيك أما
آن لهذه الأرض العربية أن تلقي
بمن سامها سوء العذاب واثقلها
بأوزاره ومظالمه وفساده حتى
باتت تئن من عظم هذا الطغيان
وأوزاره وناءت بكلكله في جوفها
وتبتلعه من رأسه إلى اخمص قدمه
يتجلجل في باطنها حتى يرث الله
الأرض ومن عليها.كما فعلت
بقارون من قبل ... أما آن لهذه
الأرض العربية أن تتنسم الهواء
العليل هواء الحرية والكرامة أم
أن عليها أن تكون ثكلى على
الدوام يفجعونها بزهرات شبابها
وورودها...هذه الأرض العربية
ألفت البؤس والشقاء والجوع
والحرمان منذ سنين طويلة على
ايدي ثلة من أبنائها الذين
تنكروا لها وتنكروا لأديم وجهها
المشرق ... تنكروا لثراها الطيب
الوضاء فأفسدوا فيها هواءها
وماءها وربيعها ... وما دروا أنه
ما من بقعة فيك يا ارضنا العربية
إلا وفيها قصة وحكاية مجيدة
لأبنائها المخلصين الذين أبوا
على أنفسهم أن تدنس أرضهم أقدام
الفاسدين والمفسدين وقدموا
أرواحهم فداء لهذه الأرض التي
احتضنت رسالات السماء ومهبط
الوحي . يا أرض
الرسالات يا أرض الأنبياء يا
بوابة الأرض إلى السماء ..لماذا
حرموك من زهرات شبابك وفلذات
أكبادك وجاسوا فيك وخلالك
بظلمهم وفسادهم وقهروك بعنادهم
وأفسدوا فيك وعليك كل شيء ... فلم
يسلم من فسادهم البشر والشجر
والحجر..كانت وهادك وسهولك
وتلالك وجبالك واشجارك
وبساتينك تعج بالبلابل وطيور
السنونو وكل الطيور تصدح بين
جنباتك بأغانيها المعبرة عن
أحلامها في مستقبل مشرق ولكنهم
أرغموها على الرحيل إلى أرض
سواك تبحث عن لقمة عيشها وعن ظل
وارف تستظل بها وهي الحزينة على
فراقك... لماذا يا ارضنا العربية
كثرت فيك أسراب الغربان فحل فيك
الخراب واليباب والستنسر فيك
بغاث الطير بعدما كنت ماوى
للنسور وللصقور لماذا
بربك أيتها الأرض العربية على
ابنائك وشبابك الذين شمروا عن
سواعدهم ليعمروا فيك مستقبلهم
وأحلامهم كباقي الأمم ... لماذا
عليهم أن ينتحروا .. لماذا عليهم
أن يزهقوا أرواحهم ويحرقوا
اجسادهم.. لماذا عليهم أن يموتوا
حتى يستجدوا منك رغيف خبزهم
وحليب أطفالهم وأنت ما أنت عليه
من الثراء والغنى وفي باطنك
كنوز أودعها رب السماء والأرض
تكفي البشرية جمعاء.. لماذا يا
أرض الكرامات خيراتك وثرواتك
محرمة على أبنائك لا يستطيعون
الوصول إلى إلا الفتات منه
بينما هي حلال للطير من كل جنس ...
لمذا على هذا الشاب التونسي
النحيل أن يموت حرقا وقبل ذلك
كمدا وقهرا من أجل لقمة عيش
مغموسة بالذل وغيره من اثريائك
يا ارضنا العربية يتسابقون
ليشتروا هدية بمئات الملايين من
عملة بلادهم الغنية ليهدوها إلى
ابن ولي عهد الإمبراطورية التي
قيل ذات يوم أنها لا تغيب عنه
الشمس وذلك بمناسبة عيد زواجه...
لمذا عليك يا ارضنا العربية أن
تكوني شاهدة على هذه التناقضات
وهذه التفاهات ... وانت كنت ذات
يوم أرض العدل والإنسانية
والرحمة والرخاء لماذا يا أرضنا
العربية أرادوك أن تكوني شاهدة
زور على ظلمهم وفسادهم وطغيانهم
وأنت من أنت لم تقبلي يوما
بالضيم والذل والعار وكنت مضرب
المثل بالقيم وسمو الأخلاق...
أإلى هذا الحد هان عليك
أبناؤك ومن رضعوا من ثراك حبهم
لك لأنك انت أرض الأنبياء وأرض
الرسالات لماذا ايتها الأرض
العربية ةعلى أبنائك أن يصلوا
إلى حافة الجنون والهذيان
يكلمون أنفسهم ويسيرون على غير
هدى بحثا عن مأوى آمن ولقمة عيش
هنيئة ومستقبل واعد ... وأنت فيك
كل الخير والخيرات... وملياراتك
أتخمت بنوك الدنيا وارصدتها...
لماذا يا ارضنا العزيزة ...
إمتلات جنباتك بالسجون
والزنازين والسراديب المظلمة
وأقبية الموت اكثر مما فيك من
المستشفيات والمكتبات العامة
ودور البحث العلمي ... وأنت الأرض
البكر التي تحتاجين إلى عقول
العلماء والمفكرين والمبدعين
ليستثمروا جهودهم وعقولهم في
إعمارك واستكشاف كنوز الخير
والبركة في بواطنك ليعم السلام
على أديم وجهك... ايتها الأرض
العربية يا أرض الكرامات .. أما
يضيرك أن تري أبناءك يرحلون عنك
يطاردون لقمة عيشهم وقليل من
حريتهم وكرامتهم ومنهم من يقتل
عند الحدود ومنهم من يباع في سوق
الرقيق الأبيض ومنهم من يكون
طعاما لأسماك القرش في عرض
البحار والمحيطات هربا من جحيم
من ارتكبوا بحق أبناءك كل ظلم
ظاهر ومستتر ... يا
أرضنا العربية... أما تسمعين
آهات الحزن المنبعثة من قلوب
الفقراء المظلومين ... أما
تشاهدين سحب الدخان المنبعثة من
القلوب المحترقة المكسورة
المظلومة... اما تشمين رائحة
شواء اجساد شبابك الذين هم
كالورود وهم يشعلون النار فيها
احتجاجا على الظلم والقهر
والإستبداد... يا أرضنا العربية
... ألا تدركين بأن الظالمين قد
جاوزوا كل المدى وكل الحدود... يا
ارضنا العربية... في مكان ما فيك
بل وللحقيقة في أماكن كثيرة منك
شباب وشابات بعمر الورود كانوا
يناطحون السحاب بأمالهم
وطموحاتهم شطبتهم أيدي الظلم
والإستبداد من قيود الولادة
وكأنهم لم يطأوا أديم وجهك ذات
يوم ... وكانهم ما اسمعوك ضحكاتهم
ولهوهم ذات ليل وكانهم ما غبروا
أقدامهم الصغيرة بثراك الطاهر..
هكذا شطبوا من الحياة ومن سجلات
الأحوال المدنية لا لشيء إلا
لأنهم احبوك وأحبوا أن تكوني
أرضا عربية حرة أبية فيها الخصب
والنماء وفيها وعليها تطبق
عدالة مالك الأرض والسماء.. يا
ارضنا العربية أنت أرض مميزة
انت من أنت يا من كنت ملاذ
الخائفين ومأوى المذعورين
وقبلة العشاق والشعراء
والمفكرين... كنت ذات يوم منارة
يهتدي بنورك الحيارى التائهين
ذات يوم بزغ منك ومن أعماقك نور
غير الحياة على اديم وجهك .. إنه
نور الإسلام الذي اعاد لوجهك
نضارته وجدد في أعماقك روح
الشباب والعطاء يا
أرضنا العربية ألا يكفيك شرفا
وفخرا وتيها أن وطأتك اقدام كل
الأنبياء ألا يكفيك شرفا أن هبط
عليك وسار على ترابك أمين وحي
السماء ... يا أرضنا العربية
المباركة أكل بعد هذا الشرف
والكرم الإلهي والتكريم
الرباني ترضين بالذل والهوان ...
وتدوسك اقدام الظالمين
والفاسدين والمفسدين ... لماذا
يا أرضنا العربية ترضين أن
يغتصبك شذاذ الآفاق وأعوانهم
ويستبيحون عرضك من أدناه غلى
أقصاه وأنت خانعة ذليلة لا حول
لك ولا قوة .....يا ارضنا العربية
هناك من أبنائك من طغى وبغى واحل
كل محرم وحرم كل حلال وتولى في
الأرض ليهلك الحرث والنسل
والضرع واذا قيل له اتق الله
أخذته العزة بالإثم .... كثر فيك
المظلومون وأرتفعت في لياليك
دعواتهم انطلقت بها قلوبهم قبل
حناجرهم إلى الحي القيوم إلى من
لا يغفل ولا ينام يشكون إلى الله
من ظلمهم يشكون إلى الله
تجاوزات الظالمين..
يا ارضنا العربية لماذا
يتشابه فيك كل المفسدون
الظالمون ... لماذا لا يعتبرون
ولا يخافون من نقمة الملك
الجبار الذي يملي لهم ثم
يستدرجهم من حيث لا يعلمون...
لماذا لا يتقون دعوة المظلوم
التي يحملها الله فوق الغمام ثم
يقول لصاحبها " وعزتي وجلالي
لأنصرنك ولو بعد حين" .... أم
حسبوا ان رب العباد لا يغار على
دينه وعباده وأوليائه... أم
حسبوا أنهم ملكوا الأرض دون
حسيب ولا رقيب فأتاهم الله من
حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم
الرعب...هؤلاء يا أرضنا العربية
ملؤوك جورا وظلما وحسبوا أنهم
مخلدون وأنهم سيظلوا على
كراسيهم مدى الحياة كما كانوا
يخططون ولكنهم يا حسرة عليهم
نسوا أن جبار الأرض والسماء
ليملي للظالم حتى ذا أخذه لم
يفلته ... " وكذلك أخذ ربك إذا
أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه
أليم شديد"...إن الله الرحيم
العادل الجبار المنتقم لم يرضى
أن يصل الظلم إلى ذلك الحد الذي
يجعل أحد الشباب الخريجين من
شدة الإذلال وقتل الكرامة
الانسانية أن يحرق نفسه أمام
الناس والظالم يصفعه وهو في
شرفة قصره يقول لمن أبلغه
بالحادث فليمت ... وما درى ذلك
الطاغية أن صرخات ذلك الشاب
سيرفعها الله فوق الغمام وستنال
استجابة عاجلة من القوي المتين
.. فما هي إلا ايام وقد زلزل الله
الأرض من تحت أقدام الظالمين
وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ثم
ولوا على أدبارهم خائفين خائبين
مذعورين لا يجدون ملاذا أمنا.
وسقطت عروشهم وأسقط في أيديهم
وحاصرتهم الأرض والسماء
وانصرفوا دون أن تبكي عليهم لا
أرض ولا سماء يا
أرضنا العربية... أليس من العار
والعيب .... أن ينتحر الشباب
وتذوق الأمة الويلات وتحارب في
دينها وعقيدتها ويفرض عليها
نظام كله ظلم فوق ظلم حتى يفهم
الظالمون .. اليس من العار أن
تحترق أجساد الشباب حتى يدرك
الظالمون فداحة ظلمهم... يا
أرضنا العربية نرجو أن يغفر
الله لمن أحرق نفسه ظلما وقهرا
ونقول له وحق
الله إن الظلم لؤم ...... وأن الظلم
مرتعه وخيم إلى
الديان يوم الحشر نمضي ....... وعند
الله تجتمع الخصوم ونذكر
كل الظالمين في أرضنا العربية...ونقول
لهم إذا جار
الأمير وحاجباه ..... وقاضي الأرض
أسرف في القضاء فويل ثم
ويل ثم ويل .......لقاضي الأرض من
قاضي السماء "
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب
ينقلبون" ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |