ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
د.أحمد سواس كنت في دورة تدريبية لمدة ستة أسابيع في
إحدى مستشفيات مدينة ليفربول في
بريطانيا ،وصلتني برقية مرسلة
من لبنان أرسلها والدي رحمه
الله لأنه كان يخاف أن يرسلها من
سوريا، برقية من عدة كلمات "لا
تعد لسوريا ...ابقى حيث أنت". تموز 1979. ومنذ ذلك الوقت وأنا أتجول في بقاع الأرض
وأدور حول الوطن وبعد أكثر من
ثلاثين عاماً من الغربة القسرية
قررت أن أنسى الوطن لأني شعرت
بأن الحنين قد جف وكتبت مقالة
نشرتها "هل جف الحنين؟"
ومقالة أخرى "بقايا وطن"،
وشعرت بالارتياح الجسدي
والنفسي لأني لم أعد أفكر في
الوطن واعتدل السكر، والضغط،
واختفت آلام القرحة . ولكن وبعد أحداث تونس ومصر وعودة
المنفيين التونسيين إلى بلادهم.
عاد القلب لتسارعه والضغط
لارتفاعه والسكر لاضطرابه ... يا وطن أوجعني حبك كثيراً واتعب القلب
والجسد ... يا بلدي ... لا أريد أن يستقبلني أحد أريد
فقط أن أصلي ركعتين في مسجد
الحارة ... في جامع الصديق ... لم
يعد أحد يعرفني ليستقبلني، لا
يهم، أنا أستقبل الوطن في قلبي
... هل لي الحق بهذا الحلم...؟! * أليس من حق الشعب السوري أن يحلم
بالحرية؟ * أليس من حقه أن يطالب بلقمة عيشٍ كريمة؟ * أليس من حق الشعب السوري أن يطالب بإغلاق
السجون؟ * أليس من حق الشعب السوري أن يطالب بوطن
قوي منيع؟ * أليس من حق الشعب السوري أن يطالب
بمحاكمة اللصوص والفاسدين؟ * أليس من حق الشعب السوري أن يعيش كما
تعيش باقي شعوب الأرض؟ ===================== تحية إلي شباب وشهداء
وجرحي ومعتقلي الثورة
المصرية. أ.د. ناصر أحمد سنه* تحية إلي كل شباب وشابات الثورة المصرية
الذين أعادوا وسيعيدون لهذه
الأمة كرامتها وحريتها وتحررها
وسيادتها. تحية إلي كل من وطئت قدمه ميدان التحرير/
ميدان الشهداء، وكل ميادين
وشوارع وحارات وأزقة مصر,, من
الإسكندرية إلي أسوان، ومن
السويس والإسماعيلية وبورسعيد
إلي السلوم. تحية إلي كل شباب الثورة المصرية الذين ظن
كثيرون غيابهم عن ساحة الشأن
العام، وأشاعوا انصرافهم
لشأنهم الخاص. مضي وولي زمن
القهر، والخوف والإذلال،
والظلم، وخاب وخسر من راهن علي
موت الشعوب. الشعوب لا تموت
ومتحكميها هم إلي زوال.. مهما
أدعو كما أدعي فرعون من قبل عن
"موسي" ومن معه: إِنَّ
هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ
قَلِيلُونَ، وَإِنَّهُمْ لَنَا
لَغَائِظُونَ" (الشعراء: 54-55). تحية إلي كل من سقط شهيداً من الشباب
والأطفال والرجال والنساء
الذين خرجوا من أجل رفعة وكرامة
وحرية وتحرر الشعب المصري الأبي
العريق، فدفعوا من دمائهم
الذكية الثمن المُستحق للحرية.
مؤسف، ومحزن، ومؤلم، وممنوع،
ومدان إطلاق الرصاص الحي علي
تجمعات جماهيرية تطالب بحق
الحياة/ العمل/ الحرية/ والحدّ
من غلاء الأسعار. تحية إلي كل من أخترق صدره ورأسه وعنقه
وجسده الرصاص الحي والمطاطي
المنهمر من آلة القمع الآثمة. تحية إلي كل من جرح وأصيب إصابات قد تقعده
بقيه عمره معاقا. تحية إلي كل أعتقل وغُيّب في مراكز
الاعتقال، وهو مرفوع الرأس يضحي
من جهده ووقته وجسده من اجل
الآخرين من أهله وشعبه. تحية إلي كل من سُحل وركل علي الطرق
والأرصفة، فارتفعت كرامته فوق
ومكانته بين الأشهاد. تحية إلي كل من لوح بيديه، رافعا صوته، من
كل أطياف الشعب المصري،
وحساسياته المتنوعة، تعبيراً
مستحقاً عما يجول في نفسه، وما
يريده ويستحقه هذا الشعب المصري
من حياة كريمة، ومناخ سياسي
واقتصادي واجتماعي أفضل. تحية إلي كل من ذرف دمعة واحدة من تلكم
السيول الهادرة من الدموع
والاختناقات والهلع جراء
القنابل التي قذفت بها آلة
القمع البغيضة، المحتجون
المسالمون، والذين ما فتئوا
يرددون"سلمية، سلمية".
لكنهم عادوا شهداء مرفوعين علي
الأعناق، أو مختنقين أو مجروحين
أو معتقلين. تحية إلي هذا الشعب الأصيل الذي صبر وتحمل
كثيرا، حتي بلغ السيل الزبي،
فخرج معبراً عن غضبه، وشعوره
بالظلم والقهر والعوز، وأعلنها
مدوية:"الشعب يريد إسقاط
النظام"، "تغيير، حرية،
عدالة اجتماعية"، "يا حرية
فينك فينك، الطوارئ بينا وبينك"
الخ. لقد فقدت الحياة في نظر
شباب ذوي مؤهلات عليا، متعطل
متبطل، قيمتها فضلاً عن بهجتها،
يصرخ الناس:"باطن الأرض خير
من ظاهرها"، وزمن الاحتلال
خير من زمن ما سمي "بالاستقلال"،
في حين أنهم يستحقون حياة كريمة:
ليس من مات فاستراح بميت = إنما الميت ميت
الأحياء. إنهم يصرخون: لماذا يكون لأبنائهم
المُلك، وقصوره، ومنتجعاته
وطائراته ويخوته، ولأبنائنا
شركاء الوطن الصالحين
المُصلحين الفقر والحرق والمرض
والشتات واللجوء والموت
وقواربه؟؟. لقد باتت أغلي
أمانينا أنْ تغرق بنا مرة بعد
مرة، ومرة "قوارب الموت"
بحثاُ عن "فرصة حياة/ عمل"،
لدي أنظمة أوربا، التي تدعم
الاستبداد والتخلف والفقر
والجهل والمرض، وتكرسه في
مستعمراتها القديمة / الجديدة /
المتجددة. لقد فعلنا كل ما
بوسعنا تعلماً وتعليماً، قدرة
ومُقدرة، كفاءة ومهارة يلقون
حتفهم يأساً في "قوارب الموت".
والعار كل العار علي هؤلاء القتلة لأناس
عزل، فقدوا أثمن وأهم، بل كل ما
لديهم.. حياتهم. بالأمس القريب
قتل نحو مائتين وعشرين من
الشهداء في تونس الحرة، واليوم
في الثورة المصرية، ولما ينجلي
الإحصاء بعد، عن ضعف هذا العدد
أو يزيد. "لماذا يقتلوننا؟". العار كل العار علي الذين يرهبون ويروعون
الناس بكل الوسائل، ضربا
وتعذيبا وسحلاً وقتلاً، وإذكاء
للفتنة بين الناس، ولا نشاهدهم
في قفص العدالة.. يغض الطرف علي
ما يفعلون، ليس من أجل الحفاظ
علي أمن الناس وهذه مهمتهم، بل
من أجل حفظ أمن أفراد النظم
الاستبدادية السلطوية القائمة.
يقول الله تعالي:" مِنْ
أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ
مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ
نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ
النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ
أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا
أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا
وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ
رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ
ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ
بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ
لَمُسْرِفُونَ" (المائدة: 32). العار كل العار علي الذين يدعون حرية
التعبير والتواصل والانفتاح
وهم قد عزلوا مصر عن العالم
وجعلوا منها سجنا كبيرا.. قطعوا
شبكة الانترنت والهاتف الجوال
وحظروا التجوال والمواصلات
الداخلية، فسار الناس علي
إقدامهم للوصول لمنازلهم. لقد
ظلت هذه التحية المُستحقة، وهذه
السطور لا تري النور، حبيسة/
مقهورة لأيام. يجب القصاص من هؤلاء الذين يكرسون "حياة"
لا تُحق الحقوق لأصحابها، ولا
ينعم الناس فيها بما وهبهم الله
تعالي من حيوات ونِعم وثروات. إن
الحياة والحرية والكرامة حق
أصيل"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا
بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ
فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ
الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى
كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلًا" (الإسراء: 70). نظم
مستبدة تدعي تحمل مسئوليات
جسام، وتراهم وأسرهم وأولادهم
وذويهم يموهون ويتحايلون
ويقاتلون من أجل البقاء.. حيث لا
بقاء فقد سالت الدماء، وانعدمت
"الثقة المتبادلة"، ومن
قبلها غابت الشرعية والمشروعية
والعقد الاجتماعي بين المتحكم
وبين المقهورين. يقول تعالي: "وَالسَّارِقُ
وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا
أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا
كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ،
فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ
ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ
اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(المائدة:38-39). لا غرو أن نظماً
قائمة كانت ومازالت أنظمة
غنائم، لا مغارم، أنظمة مُلك
عضود وتمّلك ومتعة واستمتاع لا
عبئا ثقيلا ومهاما ثقالا يتخوف
منها من يعرف قيمة المسئولية
أمام الشعوب ثم أمام الله
تعالي، من قبل ومن بعد. الذين
يسرقون الناس ويعذبونهم،
ويقتلونهم دون محاكمات مجرمون
آثمون ينتهجون "شرعة الغاب"
بحاجة لقصاص عادل. لكن الجرم
أكبر، والقصاص آكد وأشد للذين
يقتلون كل الشعب ويصفعونه،
ويذلونه، ويهينونه، ويركلونه
بالأحذية .. ليل نهار. " صنع في أمريكا Made
in U.S.A".. وسائل القمع والقهر من رصاص وقنابل
وعتاد أمدت به أنظمة الغرب
المنافقة الطامعة الناهبة
الداعمة لنظم الطغيان، ليس من
أجل ما يدعون من "استقرار"،
بل من أجل استمرار"الاستبداد"
الذي يحقق إغراضهم وأطماعهم،
"...وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ
ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ
يَنْقَلِبُونَ" (227). العار كل العار..علي أنظمة الغرب المنافقة
العارية من كل أوراق التوت التي
تداري عوراتهم المكشوفة. إنهم
سبب أساس في كل هذه المشاكل
والمشكلات. ليتهم يخرسون
ويصمتون.. لسنا بحاجة إلي
تصريحاتهم وشعاراتهم ومواقفهم
التي تكيل بكل مكيال: "حقوق
الإنسان، وحرية التعبير..
والمطالبة بعودة اتصالات
الهواتف والإنترنت". جملة القول : لم تكتمل التحية والرضي
لهؤلاء الذين ضحوا من أجل الوطن
بالقصاص من كل من تورط في قتل
وسرقة وتزوير وإهانة وإذلال
وإفقار الشعوب. القائمة طويلة،
وقائمة الجرائم التي تحتاج
للقصاص أطول.. المطالبات كثيرة
بقصاص عادل، وبمحاكمات قانونية
لهؤلاء وأولئك، ففي هذا الحياة
كل الحياة: "وَلَكُمْ فِي
الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي
الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ" (البقرة: 179). شكرا للثورة التونسية، الذي فتحت الباب
علي مصراعيه لمصر ولباقي الشعوب
العربية، شكرا لشاعر تونس
الكبير "أبو القاسم الشابي": إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليـل أن
ينجلـي
ولابد للقيد أن ينكســر ــــــــــــ *كاتب وأكاديمي. ======================== استحالة اختزال ثورة
الشعب في تونس بين مقدمات الثورة وشرارتها
ومسارها نبيل شبيب ليس انتحار البوعزيزي ما صنع ثورة شعب
تونس، ومن يروّج لهذه المقولة
يوهم كثيرا ممّن تُعقد عليهم
الآمال من جيل المستقبل بأنّ
هذا طريق صناعة الثورات ويلفت
الأنظار عن سبل التغيير.. وليست بطالة الشبيبة وحدها سبب ثورة شعب
تونس، ومن يروّج لهذه المقولة
يروّج لمحاولات "شراء"
مذلّة الركون إلى الظالمين
بتسابقهم على تقديم بعض الفتات
من الثروات المرهونة في أسواق
الفساد.. ولم تستهدف ثورة شعب تونس حاكمها "الفرد
المستبدّ" فحسب، ومن يروّج
لهذه المقولة يعمل للالتفاف على
الثورة باستنبات رأس آخر لنظام
مستبد لم تكتمل بعدُ الإجراءات
الضرورية من أجل أن يصبح "بائدا"
فعلا.. ولم تكن ثورة شعب تونس سريعة مفاجئة،
استغرقت أربعة أسابيع فقط، ومن
يروّج لهذه المقولة يوهم بأن
كلّ ما كان قبل حادثة الانتحار
لا علاقة له بالثورة، وكل ما يجب
صنعه بعد فرار بن علي، لا ضرورة
له. إنّ هذه الصور لاختزال ثورة شعب تونس وكل
صورة أخرى على غرارها، تلحق
الضرر المقصود غالبا، أو بحسن
نية أحيانا، بالثورة وشعبها،
ويعرقل وصولها إلى غايتها،
ويساعد على تفعيل الأخطار
الناجمة عن محاولات وأدها
داخليا، وحصارها خارجيا، ويمكن
أن يوصل إلى التيئيس من التعامل
الشعبي معها خارج حدود تونس،
وعلى وجه الدقة: التعامل مع
دروسها الأساسية ونهجها،
كنموذج لسواها ما بين المحيطات
الثلاث، من حيث الجوهر وإن
تعدّدت الأشكال التطبيقية. الانتحار.. شرارة الثورة؟.. لكلّ ثورة من الثورات شرارة تلفت النظر
إليها أكثر من سواها، وكان
انتحار الشاب التونسي
البوعزيزي هو الشرارة التي فرضت
تركيز الأنظار عليها، ولكن لم
تكن الشرارة الوحيدة، بل سبقها
كثير سواها، فخُنق مفعوله في
مهده، وأمكن إخماد نتائجه،
بالقمع الاستبدادي، فهي لا
تتميّز عمّا سبقها من حيث
نوعيتها، بل تتميز بأن جميع ما
تلاها -وهو الأهمّ والأكبر
مفعولا- أخفقت محاولة قمعه
وإخماده. ثم ما الذي صنع الثورة بوقوع هذه الشرارة
وسواها أو حتى دون وقوعها؟.. عندما يركّز شعب تونس على أنّ زوال الحزب
الحاكم طوال سنوات الاستبداد
على امتداد عقود مضت منذ
الاستقلال، فإنّه يعبّر عن وعيه
العميق بما صنع ثورته بأضعاف
درجة وعي بعض مَن يختزلون
أحداثها بحدود واقعة الانتحار
فقط، ويغفلون بذلك عمّا قدمه
شعب تونس من تضحيات متتالية،
نتيجة ما صنعه استبدادٌ همجي،
قتلا وسجنا وتعذيبا وتشريدا
ومصادرة للكرامة والحقوق
والحريات، ونشرا للقهر والفقر
والبطالة، ووأدا للآمال
والأحلام، وتنكّرا لعقيدة
الشعب وعروبته وأصالته، وربطا
لسياسات حكوماته المتعاقبة
بمشيئة أعدائه من استعمار قديم
واستعمار حديث. كل فتاة في تونس انتُزع حجابها في الشوارع
صنعت شرارة في موقد الثورة، وكل
مهجّر في أنحاء المعمورة صنع
شرارة في موقد الثورة، وكل أمّ
أهينت كلّما سألت عن ابنها في
المعتقل صنعت شرارة في موقد
الثورة، وكلّ فقير تألّم لعجزه
عن تأمين قوت أطفاله صنع شرارة
في موقد الثورة. لا يُستهان بما صنع البوعزيزي عندما
صودرت عربة خضاره ومُنع حتى من
الاحتجاج، إنّما هو تعبير فردي
عن حالة فردية، تُضاف إلى ما لا
يحصى من حالات مشابهة، فكشفت
الأحداث عن واقع الشعب وليس عن
واقع فرد، وساهمت في تتابع ما
تلاها من تضحيات، فلا تلغي
واقعة "الانتحار" ما سبقها
بصور أخرى من التضحيات لا جدال
حول مفعولها في صناعة الثورة. ليس اليأس الذي يصنع الثورات وإنما الأمل
الراسخ في التغيير، وليس ترك
الحياة الدنيا بما فيها ما يقود
إلى التغيير، وإنما الإصرار على
مواصلة أداء الواجب الكبير
المفروض من أجل التغيير. ولا ينبغي عبر اختزال "شرارات الثورة"
في حادثة الانتحار، أن يُروَّج
في أوساط جيل المستقبل في
البلدان العربية والإسلامية،
للوهم القاتل بأنّه لا مجال لهم
إلا "قتل" أنفسهم تخلّصاً
ممّا يعانون، أو توهّماً بأن
هذا يمكن أن يرفع المعاناة عن
شعوبهم من بعدهم. البطالة.. سبب الثورة؟.. لا يختلف الترويج لاختزال بداية اندلاع
الثورة في انتحار البوعزيزي عن
الترويج لحصر أسباب الثورة في
البطالة والفقر، وهو ما وصل إلى
مداه فيما "يبدو" من خلال
تعبير بعض المسؤولين في بلدان
عربية عديدة عن توهّمهم بأنّ
بعض الإجراءات العاجلة تكفي
للحيلولة دون انتقال الثورة
بالعدوى، وهو –إذا صحّ أنّهم
واهمون فعلا- وهمٌ مزدوج،
فالمسألة ليست "عدوى"
فحسب، وثورة شعب تونس لم تنتقل
إليه بالعدوى أصلا، بل تقع
الثورة نتيجة أسباب تلاقت
وتراكمت، حتى أصبح التغيير
الجذري الشامل نتيجة محتمة
لشمول الأسباب وتراكمها،
استبدادا وليس استغلالا فحسب،
وإجراما بحق كرامة الإنسان وليس
فسادا فحسب، وانحرافا في
السياسات الخارجية والداخلية
وليس في تأمين الكساء والغذاء
فحسب. جميع ذلك وسواه هو الذي
يصنع مقدمات الثورة والتغيير
ويراكمها في معظم البلدان
العربية والإسلامية الأخرى،
الفقيرة منها والثرية، وقد سبقت
تونس سواها لأسبابٍ لا يمكن
استقراؤها جميعا، ولا يمكن
حصرها قطعاً في سبب واحد هو
الفقر. لا يعني ذلك الاستهانة بحق كل إنسان في
معيشة كريمة، وعمل كريم، ودخل
كريم، ولا الاستهانة بأن هذا –وحده
أيضا- من المسوّغات الكافية
للثورة على المستبدّين
الفاسدين، ولكنّ حقّ الإنسان في
الأمن على نفسه وحرية كلمته
وحقه في اختيار السلطات في بلده
واطمئنانه إلى قضاء ينصفه
وقانون لا عسف فيه ولا محاباة،
جميع ذلك من مسوّغات الثورة
أيضا، وجميع ذلك اجتمع في تونس
مع البطالة والفقر والقهر
والاستغلال والفساد، واجتمع في
بلدان أخرى بأشكال متعددة، بما
في ذلك تجاور الترف الفاحش مع
الفقر المدقع والانحرافات
السياسية الفاضحة وطعن القضايا
المصيرية في الظهور والنحور. لقد سبق لتونس أن صنعت مرحلة من مراحل
ثورتها في ثمانينات القرن
الميلادي العشرين، وكانت تلك
محطةً على الطريق إلى ثورتها
عام 2011م، إنّما كان من وسائل
الالتفاف على ما حققته الثورة
آنذاك تسميتها "ثورة الخبز"
في الأرض الخضراء، وتصويرها
مقتصرة على أهداف مادية، ممّا
جعل في مقدّمة ما زعم الحكم
الاستبدادي لنفسه من بعد أنّه
يحقق "تقدما اقتصاديا" و"رفاه
معيشيا" و"تعليما جامعيا"..
وينشر الأرقام الحقيقية
والمزوّرة حول ذلك، حتى صدّق من
صدّق أن استقراره أمر محتم،
مهما ارتكب من جرائم بحق
الكرامة والحقوق والحريات
الأخرى. ومن يختزل أسباب ثورة تونس في "البطالة"
وما يرتبط بها، يعجز عن استيعاب
ذلك المستوى الرفيع من وعي
شعبها الذي لا يطالب بلقمة
الطعام فحسب.. بل يطالب بحريته
وكرامته وتحكيم إرادته في جميع
ميادين السلطة التي يريدها في
بلده. ومن يمارس هذا الاختزال يساهم في استمرار
الغفلة عن الأوضاع البائسة في
مختلف الميادين وليس في ميدان
البطالة فقط، في معظم البلدان
العربية والإسلامية الأخرى،
وليس في تونس فحسب، وبالتالي في
محاولة الترويج لمقولة إنّ بعض
البلدان في منجاة من الثورة..
فهي ثرية، أو الترويج لبعض
الإجراءات "المتأخرة" على
صعيد مكافحة البطالة والفقر في
هذا البلد أو ذاك، أنه كافية من
دون إحداث تغيير جذري تتطلع
إليه الشعوب، ويمكن أن تصنعه
الشعوب.. وستصنعه. تونس لم تكن رمزا للبطالة في عهد الحكم
الاستبدادي فقط بل كانت رمزا
للقهر على كل صعيد، حتى أصبحت
"عاصمة" معظم ما ينعقد من
لقاءات على مستوى وزراء
الداخلية العرب، لابتكار مزيد
من أسباب الهيمنة الاستبدادية
على البلاد عبر وسائل الرقابة
الإعلامية والأجهزة القمعية
والتبعية للهيمنة الأجنبية..
ولعلّ هذا في مقدّمة أسباب
الثورة في تونس قبل سواها، وهو
في الوقت ذاته ما يؤكّد أن
الثورة لا تنتقل بالعدوى.. بل
يمكن أن تنتقل من بلد إلى بلد
لتوافر أسباب الثورة في معظم
تلك البلدان. رأس الاستبداد.. هدف الثورة؟.. كلّ نظام استبدادي كالنظام الذي عرفته
تونس منذ الاستقلال نظام
أخطبوطي، له رؤوسه وأذرعه
وتشعّباته، ولا تحقق أي ثورة
أهدافها إلاّ بالقضاء على
أخطبوط الاستبداد كله، وليس على
رأسه فحسب، ولقد سبق أن سقط "رؤوس"
الاستبداد في بعض البلدان ونبتت
رؤوس أخرى، وبقي الاستبداد. بل إنّ تعامل بقايا الأخطبوط الاستبدادي
في تونس مع رأس الاستبداد ممثلا
في شخص بن علي وعائلته وأشدّ
الموالين المنتفعين من فساده،
يكشف عن رغبة هؤلاء في "النجاة"
من السقوط بالتخلّي عن رأسه،
ويرفع درجة خطر استبدال وجوه
بأخرى دون القضاء على الاستبداد
قضاء مبرما. إنّ الذين مارسوا القمع، والفساد،
والإجرام، لم يكونوا أفرادا، بل
هم نظام متشعب الأجهزة، وهذا
بالذات ما يجعل وعي الشعب في
تونس بأوضاع بلده، وبالمشاركين
في الاستبداد فيه، هو الضمان
لاكتمال الثورة من خلال القضاء
على النظام وأجهزته، ورفض ما
يُطرح عليه عبر التخلّي عن رأس
الاستبداد والفساد، مع انسحاب
شكلي من الانتساب إلى النظام
والأجهزة التي مارست الاستبداد
والفساد. هيكل الاستبداد هو الدساتير التي
اصطنعها، والقوانين التي
اصطنعها، والتشكيلات الحزبية
وغير الحزبية التنفيذية التي
ابتدعها، والارتباطات بأمثاله
خارجيا التي مارسها، وإن بقي
هذا الهيكل ظهرت له رؤوس جديدة،
وكل نقلة يمكن أن تُنسب إلى
الثورة وشعبها، إنّما هي النقلة
التي تُلغي وجود هيكل الاستبداد
من حيث الأساس، دستورا.. بتشكيل
هيئة وطنية جامعة جديدة تضع
دستورا جديدا، وحكومة "وحدة
وطنية" لا تضمّ أحدا ممّن كان
جزءا من هيكل استبداد دمّر
الوطن وأهله، وسياساته
وثرواته، وحوّل وزاراته
ومؤسساته ودوائر بلدياته إلى
"خلايا استبدادية فاسدة"،
لا يمكن أن ينبثق عنها وضع قويم،
مهما تبرّأ الفاسدون من فسادهم،
فتبرؤهم لا يتحقق إلاّ بتنحّيهم
ومحاسبتهم، ومهما تحجّجوا
بمشروعية دستورية، فليس
لدستورهم ولا لهم بشخوصهم
وأجهزتهم مشروعية، إنّما
المشروعية لإرادة الشعب الثائر
عليهم، وللشخصيات المنبثقة عن
الشعب وثورته، ولأولئك الذين
نالوا ثقة الشعب من خلال نضالهم
عبر السنوات الماضية، فنالهم ما
نال عموم الشعب من اضطهاد وقمع
وتشريد. هذا ما يجعل المشروعية الأكبر لتلك
المجالس الإدارية المحلية التي
يكوّنها أهل الحي الواحد
والبلدية الواحدة من أهل الوطن
الواحد، ويجعل المشروعية
الوحيدة الممكنة لبداية "دولة
وليدة جديدة" من صنع الثورة
هي تلك التي تجمع في "هيئة
وحدة وطنية" رموز الحركة
الوطنية بأطيافها المختلفة
التي كان أفرادها وزعماؤها
شركاء في التعرّض للاضطهاد ولم
يكونوا شركاء في ممارسة
الاستبداد. إن اختزال هدف ثورة الشعب في تونس في
إسقاط رأس الاستبداد ورحيله، أو
حتى في ملاحقة الدائرة الضيقة
الأقرب إليه من عائلته وأعوانه،
ينشر الوهم بأن الثورة "انتهت"،
فيمكن تسليم المسيرة للأيدي "الخبيرة"
في ممارسة السلطة من قبل، وإنما
كانت خبرتها في صناعة الاستبداد
والفساد وممارستهما، كما ينشر
الوهم من حيث يريد أو لا يريد،
بأن "بعض التغيير" في هذا
البلد أو ذاك من البلدان
العربية والإسلامية هو ما تتطلع
إليه الشعوب، وإنّما تتطلّع إلى
التغيير الجذري الذي لا يبقي
للاستبداد مرتكزا ولا للفساد
أثرا، بأيّ صيغة من الصيغ، وأيّ
هيكل من الهياكل وأيّ جهاز من
الأجهزة، فليس في أنظمة الحكم
"استبداد جزئي" يزول
بإصلاح جزئي، إنّما عمّ واستشرى
في كل ميدان من الميادين، فإمّا
أن ينقلب على نفسه في جميع
الميادين، أو تنقلب عليه الشعوب..
ولا أحد يستطيع أن يحدّد مسبقا،
متى وكيف، فمن أراد "النجاة"
من عدوى الثورات فعلا، ولا
يعتبر العدو "كلاما فارغا"،
عليه أن يستبقها.. الآن، ولا
يستبقها بإجراءات استبدادية
احتياطية أكبر، بل بالتخلّي عن
الاستبداد والفساد المتجسّدين
في وجوده هو في السلطة. ديمومة الثورة.. شرط النجاح إنّ كل ثورة من الثورات على اختلافها هي
في الأصل حدث ممتد زمنيا، وإن
اقتصرت أحداث التحوّل المحوري
الذي تصنعه على أيام أو أعوام،
كما كان مع الثورات الفرنسية
والشيوعية والإيرانية وسواها،
فللأحداث مقدماتها من قبل،
وللنتائج تطوّراتها من بعد.
ولئن تميّزت ثورة شعب تونس
بأنها ثورة شعبية بمعنى الكلمة،
فلأنّ أحداث التحوّل المحوري في
مسارها عام 2011م لم يكن من صنع
"طبقة" كما في فرنسا، أو
"حزب" كما في روسيا، أو "جماعة
منظمة" كما في إيران، ولكنها
–كسواها- ثورة صنعتها مقدماتها
التي ساهمت فيها فئاتٌ شعبية،
وأحزابٌ وجماعاتٌ تمثل مع بعضها
بعضا الشعب، صنعها أفراد
متميزون بما طرحوه من قبل فساهم
في وصول الوعي الشعبي في تونس
إلى مداه.. فبدا التحرّك "الشعبي
دون قيادات" –كما يقال- لحظة
التحوّل المحوري، وذاك ما يمكن
اعتباره "قمّة" في إنجاز
هؤلاء، أن يصبح الشعب قادرا على
التحرّك التلقائي فلا يفيد عزل
قياداته عنه، سجنا وتشريدا،
فليس هذا التحرّك في صنع لحظة
التحوّل المحوري في الثورة إلاّ
لحظة من مجرى تاريخها، ولا ينفي
دور القيادات المخلصة من قبل. لا يمكن فصل الثورة الفرنسية التي اندلعت
عام 1789م (نشأة الملكية
الدستورية بعد الملكية المطلقة)
وانحرف مسارها سنة 1799م (ترسيخ
امبراطورية نابليون بونابرت
الاستبدادية).. عن المفكرين
الفرنسيين مونتسكيو وفولتيير
وروسّو، كما لا يمكن فصل ما صُنع
في فرنسا من بعد مع "الجمهوريات"
الأولى والثانية عن مسار الثورة..
بغض النظر عن تقويمها أهدافا
وأحداثا وتاريخا ومصيرا. ولا يمكن فصل الثورة الشيوعية الروسية
سنة 1917م وما صنعه لينين آنذاك،
عن المفكرين الشيوعيين الأشهر
من سواهم ماركس وإنجلز من قبل،
ولا عن مسارها في الاتحاد
السوفييتي وحيثما امتدت
هيمنته، بغض النظر عن تقويمها
أهدافا وأحداثا وتاريخا ومصيرا.
ولا يمكن فصل الثورة الإيرانية عام 1979م
وما صنعه الخميني آنذاك عن
المفكرين الإيرانيين السابقين،
مثل علي شريعتي، ولا فصل ما آلت
إليه عبر الحكومات التالية حتى
الآن عن مسارها، بغض النظر عن
تقويمها أهدافا وأحداثا
وتاريخا ومصيرا. ومن يتحدّث عن ثورة شعب تونس الآن، لا
يمكن أن يفصلها عمّا صنع
الزعماء المخلصون والمفكرون
المخلصون والساسة المخلصون،
وعامّة المخلصين من أبناء
الشعب، رجالا ونساء، شيوخا
وشبابا، عبر عدة عقود مضت رغم
الاستبداد والفساد. لم تبدأ ثورة شعب تونس يوم انتحار
البوعزيزي ولم تنته يوم فرار بن
علي، بل بدأت منذ أوّل مواجهة
لفرد من أفراد تونس لاضطهاد
استبداد السلطة، ولا يمكن أن
تنتهي إلا مع نهاية جميع ألوان
الاستبداد والاضطهاد على صعيد
جميع أفراد شعب تونس دون
استثناء. كما لا يمكن اعتبار
ثورة شعب تونس "انتهت" الآن
لتبدأ مرحلة ما بعد الثورة،
ولهذا لا ينقطع شعب تونس عن
التعبير عما يريد، فما يريده لم
يتحقق بعد، ولن يتحقق إلاّ رغم
الجهود المضادة، الداخلية
والإقليمية والدولية، بل إن
مراحل الثورة التالية هي
الحاسمة أكثر من الأسابيع
الماضية على اندلاع شرارة
التحوّل المحوري في مجرى
أحداثها وحلقاتها، وهي التي
ستحكم –عند تقويمها- بشأن
نجاحها أو إخفاقها، واستقامتها
أو انحرافها، وتحقيق غاياتها أو
بعض غاياتها.. هي التي ستمكّن في
يوم قادم من تقويمها أهدافا
وأحداثا وتاريخا ومصيرا. إن اختزال "عمر" الثورة في بضعة
أسابيع أو حتى بضعة شهور، لا
يتناقض مع استيعاب مفهوم كلمة
"الثورة" فقط، بل ينشر في
الوقت نفسه تصوّرات خاطئة على
مستوى الشعوب والنخب، كما لو أن
الإعداد للثورات هو –فقط- إعداد
لمسلسل مظاهرات واعتصامات
واحتجاجات أو حتى عصيان مدني
شامل، وليس صناعة الفكر
والإنسان، ليصبح جميع ذلك من
الوسائل الفعالة، سواء استخدمت
عبر التخطيط حيثما أمكن أو
تلقائيا حيثما وجب ذلك. جوهر الثورة.. هو النموذج الثورة فكرة حية لا تموت حيثما ظهر
الاستبداد واستفحل، وجودها
مقترن بوجوده، ونماؤها نتيجة
لاستفحال همجيته، وطريقها هو ما
يرفدها به الرافدون من المخلصين
بعطاءاتهم دون انقطاع، وحياتها
مستمرة ما دامت قائمة على معنى
"الإنسان" وكرامته وحقوقه
وحرياته، وتلك مسيرة لا تنقطع،
وجميع ما يتفرع عنها وسائل،
يمكن أن تختلف من وقت إلى وقت
ومن مكان إلى مكان، ولكنها
تلتقي عند قاسم مشترك هو جوهر
التلاؤم بين الوسيلة ومن
يمارسها والغرض المستهدف من
خلالها، وجوهر تكاملها مع بعضها
وتتابعها إلى أن تتحقق الغاية
الأشمل والأبعد: تحرير الإنسان
وحفظ كرامته وحقوقه وحرياته. وكما يخشى كثير من المستبدين في بلدان
عربية ما أصبح في نظرهم "شبح
الثورة" يخشى من يرتبطون بهم
في منظومة الاستبداد الدولي
ممّا يعتبرونه "عدوى الثورة"،
وإذا لجأ بعض المستبدين إلى
محاولة تخفيف بعض الضغوط حيثما
اعتقدوا بأن ذلك لا يؤثر على
استمرار الاستبداد، ففي الغرب
أساليب وأقاويل كثيرة للغرض
ذاته، سواء في التبرؤ المتأخر
من ارتباط الاستبداد في تونس
بهم.. كارتباط سواه في بلدان
أخرى بهم أيضا، ومن ذلك محاولة
اختزال "مواصفات" من صنع
ثورة تونس وفق الرغبة في عدم
انتشارها، عبر الزعم أنّها من
صنع شباب عاطل عن العمل ولكنّه
ناشئ على "الثقافة الغربية"!...
ولا يسري شبيه ذلك على جيل
الشباب في بلدان عربية أخرى!!.. كأنّما لم يلتقِ أهل تونس رجالا ونساء،
شبابا وكهولا، عاطلين ومحامين
وصحفيين ونقابيين وأطباء وحتى
الجنود على طريق صناعة الثورة!.. كأنّهم جاهلون بأن احتضان الغرب الأوروبي
لاستبداد النظام في بلدهم اتخذ
صورا فاضحة أثارت الاشمئزاز
والغضب حتى داخل البلدان
الأوروبية الغربية نفسها!.. كأنّ نشر التغريب في تونس من اليوم الأول
للاستقلال لم يكن عن طريق
الاستبداد الذي خلّفه
الاستعمار الفرنسي في تونس!.. كأنّ أصحاب هذه المقولة يريدون إقناع
الشبيبة في بلادنا العربية
والإسلامية بأنّ الاستبداد
الدولي لم يضع هدف التغريب على
رأس أهدافه عبر الأنظمة
الاستبدادية المحلية، وإقناع
من يعاني منها وممّن يدعمها
بأنّ التوغّل في التغريب هو
طريق التخلّص من الاستبداد
المحلي ومن يرتبط به!.. إن قضية الاستبداد هي ذاتها، محليا
ودوليا، وإن قضية الثورة على
الاستبداد هي ذاتها، محليا
ودوليا، ومن ينكر قابلية أن
تكون ثورة الشعب في تونس نموذجا
لسواها يغفل –أو يتغافل عمدا-
عن حقيقة أن قضية الإنسان في
تونس، هي قضية الإنسان في كل
مكان، وأن أوضاع الإنسان في
تونس تشابه إلى درجة التطابق
أوضاع الإنسان في البلدان
العربية والإسلامية الأخرى،
وأن تكوين إنسان تونس عقيدة
وحضارة وتاريخا وثقافة لا يختلف
عن تكوين إنسان سورية.. ومصر..
والأردن.. واليمن.. وباكستان..
ونيجيريا.. والخليج والشمال
الإفريقي ووسط آسيا والبلقان. لم يكن أحد يقدّر مسبقا أنّ ثورة شعب تونس
التي كتبت ما سمّي "ثورة
الخبز" فأُخمدت بالالتفاف
عليها في أواخر ثمانينات القرن
الميلادي العشرين، ستكتب حلقة
تالية بعد بضعة وعشرين عاما،.
رغم "الاحتياطات الإضافية"
التي أضافها عهد استبدادي لاحق
على ما سبق أن صنعه عهد استبدادي
سابق، ولن يمكن لأحد من
المستبدين أن يقدّر أن "احتياطاته"
الإضافية لن تنهار بين ليلة
وضحاها في حلقة تالية في مسار
الثورة التي "يصنعها"
وجودُ استبداده وممارساته
بمختلف أشكالها، فيصنع نهايته
بنفسه. من أراد من السلطات تجنّب التغيير عبر
الثورات عليه أن يدرك أيضا أنّ
أحدا لم يكن يرى مسبقا أنّ
انتحار البوعزيزي سيكون بداية
أحداث التحوّل المحوري في مسار
أحداث الثورة في تونس، ولا يمكن
لأحد أن يرى مسبقا ما هي "الواقعة"
التي ستشكّل الشرارة لبداية
أحداث التحوّل المحوري للتغيير
في أي بلد آخر يحكمه الاستبداد
المحلي ويدعمه الاستبداد
الدولي. من أراد من السلطات تجنّب التغيير عبر
الثورات عليه أن يصنع التغيير
الجذري بنفسه قبل فوات الأوان. ======================== حسام مقلد* تحية عاطرة لكم يا شباب مصر الشرفاء، تحية
طيبة مباركة من جماهير مصر
العربية، تحية طيبة مباركة من
كل الشعوب العربية والإسلامية،
تحية طيبة مباركة من كل أحرار
العالم، واعلموا أيها الأحباب
أن هذا هو قدر مصر، نعم هذا هو
قدر الشعب المصري العظيم أن
يحمي دينه ووطنه وأمته
ومقدساته، هذا ما حدث في حطين
وعين جالوت، وفي كل مرة تتعرض
فيه الأمة العربية الإسلامية
لخطر داهم ويوشك أعداؤها أن
يجهزوا عليها يأتي موعد
المصريين مع القدر، فيهبوا
لنصرة دينهم وحماية أمتهم وحفظ
وطنهم من عبث العابثين وحقد
الحاقدين. واليوم قد استحكمت المؤامرة على الأمة
العربية الإسلامية من جديد،
ولكن في صور مختلفة تناسب زمن
العولمة والسموات المفتوحة؛
ومن هنا كان موعدكم مجددا مع
قدركم المحتوم، فهبوا للدفاع عن
كرامتكم وكرامة أمتكم، هبوا
للدفاع عن حاضركم ومستقبلكم،
هبوا لحماية ثورتكم الشعبية
المجيدة؛ لأنها ستكون بإذن الله
تعالى بداية للتغيير الحقيقي في
موازين القوى الاستراتيجية
والحضارية في المنطقة والعالم. هيا أيها الشرفاء أسقطوا رموز الظلم
والطغيان، والخنوع والاستكانة
والانبطاح للغرب، واعلموا أن
مسيرتكم طويلة، وجهادكم شاق،
فلن يستسلم مبارك وزبانيته
بسهولة، واعلموا أن هناك بعض
الفئات التي كانت تستفيد من
مبارك ومن نظامه الفاسد الظالم،
وهؤلاء لن يسلموا بسهولة، نعم
لن يترك هؤلاء السلطة والثروة
والنفوذ والقوة بمثل هذه
السرعة، ولا بمثل هذه السهولة
التي يظنها البعض؛ فوطنوا
أنفسكم على معركة طويلة، وأعدوا
عدتكم لمواجهات دامية، واعلموا
أن الحرية ثمنها غالٍ، وأنتم
أجدر من يدفعه، أيها الشباب
المؤمن القوي أنتم وقود المعركة
الحقيقي فلا تهنوا ولا تحزنوا،
وإن شاء الله النصر لكم ولأمتكم
التي تساندكم بكل قوتها، وأتمنى
أن تنتبهوا جيدا للآتي: 1. الاستعانة بالله
تعالى، وتقوية الصلة به سبحانه،
واللجوء الصادق إليه عز وجل في
هذه المحنة، والتضرع إليه في
هذه الظروف العصيبة. 2. عدم قبول أية حلول
وسط، والمطلب الرئيسي هو رحيل
مبارك ونظامه بالكامل، وانتهاء
حقبته العقيمة من تاريخ مصر. 3. التصدي بكل حزم
وشدة لمحاولات السلب والنهب
والانحراف بالثورة عن وجهتها
وأهدافها. 4. عدم الخوف من أي
شيء مطلقا فللحرية ثمن غال ونحن
بفضل الله تعالى قادرون على أن
ندفعه من دمائنا وأموالنا
وجهودنا، وسندفعه لوجه الله
تعالى أولا، ثم من أجل مصلحتنا
ومصلحة أبنائنا وشعبنا الطيب
الكريم، ومصلحة أمتنا العظيمة. 5. رفض أي شيء يًعْرَض
عليكم من مساومات وابتزاز،
واعلموا أنها ستكون لو تمت مجرد
خدعة وحيلة للإيقاع بكم فيما
بعد!! 6. العمل على توحيد
الجهود، وتوحيد الصفوف، وجمع
الكلمة، والحذر من المندسين
الخائبين الخائنين. 7. تنظيم الجهود،
وشحذ الهمم، ورفع الروح
المعنوية للجماهير، وطمأنة
الأهل وجموع المواطنين على
مصلحة البلد ومستقبلها. 8. عدم الانخداع بهذه
المؤامرات الخسيسة التي يتواطؤ
عليها الداخل والخارج. 9. التأكيد للعالم
أجمع على نبل وعراقة وأصالة
وحضارة هذا الشعب الأبي العملاق
من خلال السلوكيات المتحضرة
والإرادة الصلبة، والعزيمة
الجبارة. "كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا
وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ
قَوِيٌّ عَزِيزٌ" [المجادلة :
21]. "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
لَا يَعْلَمُونَ" [يوسف : 21]. * كاتب إسلامي مصري. ======================== بقلم /
عائد الطيب أرض الكنانة مصر , العمق الاستراتيجي
للأمة العربية , مصر التاريخ
الذي خرج منها صلاح الدين
الأيوبي منطلقا لتحرير بيت
المقدس و ليسطر معركة حطين على
تراب فلسطين , لتتواصل المسيرة و
يتكامل دور مصر في التصدي
للهجمات المهددة للعالم
الإسلامي لينهض بطل آخر سيف
الدين قطز و التي شاءت الأقدار
أن تكون أرض فلسطين مرة أخرى
ساحة عز و شرف و ليتصدى على
أرضها للتتار في موقعة عين
جالوت الشهيرة و يدحرهم و يوقف
زحفهم القاتل و المدمر , مصر
التي تحمل في ثقافتها الأصيلة
معاني النخوة و التصدي و لا ننكر
حجم الدماء المصرية الطاهرة
التي تشربتها أرض فلسطين منذ
العام 1948 م إلى العام 1967م , ليكون
الارتباط بين فلسطين ومصر ,
ارتباط تجسده الدماء و المصير
الحتمي و المشترك . ثلاثة عقود كان لها الأثر في غياب الوعي و
فقدان الجزء الأكبر من الذاكرة
الأصيلة للشعب المصري , لتسود
حالة من الذهول و الغياب عن
الواقع المرير تحت وقع الاضطهاد
و قوانين الطوارئ و منظومات
قمعية بهدف تغييب كامل الشعب
المصري عن حقيقته و محيطه ودوره
الريادي و الذي قام به على مدار
مراحل متعددة من التاريخ , و لكن
غاب عن الجميع أن الوعي و إن غاب
فهو باق في الأعماق و الذاكرة
تظل تجتر شخصيتها حتى يحين
الأوان لتنتفض و تعيد تشكيل
المرحلة . مصر تفهم جيدا و عند الشدائد أين تضع
قدمها و متى تنتفض , و المثير أن
الشعب المصري صاحب النفس الطويل
و الصبر الجميل إذا انتفض فإنه
انتفاضته تبشر بالأمل في عودة
مصر إلى موقعها كدرع واق لكل
الأمة لما تملكه من إمكانيات
بشرية هائلة وعقليات لا تحتاج
سوى للمناخ المناسب لتبدع و
تبتكر و تتطور , إن انتفاضة
الشعب المصري بعد صبر دام لعقود
ثلاث و تحمله هيمنة الحزب
الحاكم و تفرده بالقرار و
الاستئثار بكل الخيرات , هذه
الانتفاضة لابد لها أن تحقق
أحلام الشعب المصري بالتغيير
الجذري و الشامل و الإصلاحات , و
لكن حذار من أياد مشبوهة
انتهازية مسيسة إقليميا و دوليا
بدأت تطفو على السطح و تريد أن
تمارس الانتهازية بأبشع صورها و
استغلال الوضع القائم لتحقيق
مكاسب شخصية و مكانة هم أبعد ما
يكونوا عنها , حذار من وقوع
انتفاضة الشعب المصري في أيدي
أحزاب سياسية و شخصيات يتم
تلميعها لمصالح خارجية بهدف
تمرير مؤامرة تضمن احتواء هذه
الانتفاضة بما يضمن استمرار
الأوضاع السابقة و لكن بشكل و
ملامح أجمل . إن عفوية و نقاء انتفاضة الشعب المصري يجب
الحفاظ عليها بقدر الإصرار على
المطالبة بالتغيير و الإصلاح
الجذري و الشامل , فهذه
الانتفاضة المذهلة جعلت جميع
الأطراف يتخبط في قراءاته و
رؤيته , فلم يكن أحد من المحللين
يتوقع ثورة الشعب المصري و
خروجه إلى الشارع بهذا الشكل
الذي يدل على أصالة و شجاعة في
مواجهة نظام حاكم كان الشعب
المصري في آخر حساباته و
رهاناته , ليفرض هذا الشعب على
النظام تغيير الحكومة و القيام
بإجراءات ما كانت تتحقق لولا
استيقاظ هذا النظام على كابوس
الإرادة الشعبية التي تستطيع
فرض رؤيتها بما يضمن بقاء مصر في
دائرة دورها الريادي عربيا و
إقليميا و دوليا . عندما تنتفض مصر فهذا يعني أن زمن جميل و
رائع في طريقه للعودة , زمن قد
يعيد شيئا من الكرامة العربية
المسلوبة بقرار دولي و تواطؤ
معظم الأنظمة العربية الجاثمة
على صدور شعوبها , هذه الكرامة
آن لها أن تكون الوجه الحقيقي
لأمة عظيمة بشعوبها و لكن للأسف
يعمل حكامها جهارا على قتل أي
روح متوثبة للأفضل في الصدور
بالقمع و التنكيل و القتل و
الاعتقال و بكافة الممارسات
الممكنة الضامنة لاستمرارية
هذه الأنظمة . عندما تنتفض مصر فهذا يعني أن شيئا من
اختلال القوى في معادلة الصراع
مع العدو الصهيوني قد يستقيم
لتكون مصر بالفعل لاعبا محوريا
و داعما حقيقيا لمسيرة المقاومة
الفلسطينية في صراعها مع الكيان
الصهيوني و الذي بات يبدي خشيته
و رعبه من هذه الانتفاضة الحلم
الذي طال انتظاره , هذا الرعب
الصهيوني أولى البشائر
لانتفاضة الشرفاء و المخلصين من
الشعب المصري , و البقية تأتي في
حال تحقيق كافة المطالب
بالإصلاح و القضاء على كافة
رموز الفساد على أرض مصر . ======================= لا لتحويل الجاليات
الفلسطينية واللاجئين إلى
مغتربين خالد أبو خالد منذ زمن ليس قصيرا وتحديدا ومنذ مابعد
اتفاقات أوسلو ونحن نسمع الكثير
من الشائعات التي تتناول موضوع
اللاجئين الفلسطينيين في أماكن
تواجدهم .. في الوطن العربي أو في
المهاجر الأجنبية حيث يزيد
تعدادهم حسب إحصائيات تقديرية
من ستة إلى سبعة ملايين فلسطيني
يصنفون جميعا كلاجئين
فلسطينيين إذا ما أخذ بعين
الاعتبار لجوء الأجداد والآباء
عام 1948 وقاعدة هرمهم التي
ازادادت بالتوالد منذ العام 1948
الذي هو عام النكبة العربية في
فلسطين .. أما آخر
الشائعات التي انتشرت في
السنوات العشر الأخيرة .. أو
ربما قبل ذلك .. ولم تصلنا إلا
متأخرة فهي الشائعات المتعلقة
بالتعويض ودفع بعض الأسر إلى
تقديم بيانات محدثّة عن وضع
الأسر العربية الفلسطينية
وملكياتها في فلسطين بهدف
الحصول على تعويضات مالية
بالدولار في الوقت الذي تحدده
الجهات المعنية في الأمم
المتحدة .. كذلك استمعنا
إلى إغراءات لتهجير اسر
فلسطينية لاجئة بأكملها إلى
المهاجر الأجنبية مقابل منحها
مبالغ كبيرة من الأموال لا
كتعويضات وإنما كمقابل لقبولها
التهجير كما يحدث الآن لبعض أسر
القرى الفلسطينية التي هاجرت
إلى المنافي الأجنبية من قرى
قرى فلسطينية في الضفة الغربية
من مثل ( قرية بيت ساحور) على
سبيل المثال لا الحصر .. كما أن
الشائعات لم تتوقف إذ سمعنا
ونسمع ومنذ سنوات شائعات كثيرة
عن التوطين والتجنيس في البلاد
العربية - وكندا على وجه التحديد
والتي سمعنا أنها أعلنت قدرتها
على استيعاب عشرة ملايين لاجىء
فلسطيني نظرا لمساحتها كذلك عن
بعض بلدان وممالك شرق آسيا .. وقد
نسمع غدا عن تهجير اللاجئين
الفلسطينيين إلى بعض كواكب
الفضاء التي اكتُشِفت أن الحياة
ممكنة فيها أو غير ممكنة ..
فالخلاص من عبء اللاجئين
الفلسطينيين هو هدف هذه
الشائعات . خصوصا وان من
يزعمون أنهم يمثلون الشعب
العربي الفلسطيني هم الأكثر
إحساسا بهذا العبء وثقله وهم
بالتالي الأكثر نشاطا في محاولة
البحث عن حلول ( خلاقة ) على حد
تعبير سيء الصيت صائب عريقات ..
لتحلهم من هذا العبء .. لكن شائعة تحويل
اللاجئين العرب الفلسطينيين
إلى مغتربين هي الشائعة التي
وضعت الآن في التداول - وكان أحد
وزراء جماعة أوسلو قد زار مخيم
عين الحلوة في لبنان قبل سنوات
ووقف يلوح / بجواز السفر
الفلسطيني/ قائلا / نحن نناضل من
أجل هذا .. ومن هنا جرى منح عدد من
هذه الجوازات لعدد من الذين
دُفعوا للحصول عليه على اعتبار
أنه يوفر لهم الحصول على عمل في
بلد .. كما يسهل لهم السفر إليه
دون معوقات .. وهذه شائعة لم تصمد
في الممارسة .. فالمواطن العربي
الفلسطيني يعاني في الانتقال من
قطر عربي إلى آخر .. مهما كانت
الوثيقة التي يحملها .. إذ أن
إحدى الدول قد نصحت أحد
المتقدمين للحصول فيها على
إقامة دائمة اقترحت عليه السفر
إلى أحدى بلدان أميركا
اللاتينية الصغيرة لشراء جنسية
وجواز سفر بحيث يستطيع على اساس
ذلك الحصول على عمل وإقامة
دائمة بحسب اقتراح المسؤول
العربي .. على كل حال كانت
هذه المقدمة ضرورية للوصول إلى
هدف مانريد قوله حول موضوعية
المغترب والإغتراب .. وقرار م . ت
. ف لتحويل كل الفلسطينيين خارج
فلسطين في البلاد العربية أو
المهاجر الأجنبية إلى مغتربين . وهنا لابد من
تعريف صحيح للمغترب كما اصطلحت
عليه كل الدول .. فالمغترب هو
الذي يغادر أرض الدولة التي
يحمل جنسيتها مختارا أو بسبب من
ظروف اجتماعية واقتصادية
وسياسية ثم يستقر حيث يكون
فيغدو مغتربا في نظر دولته وهو
بالتأكيد مالاينطبق على
اللاجىء العربي الفلسطيني الذي
استولى العدو الصهيوني على أرضه
وطرده منها بعد أن هدم بيته .. أو
قريته .. أو مدينته وقتل أهله أو
بعض أهله وابناء شعبه .. وتم طرده
نهائيا من وطنه وأصبح تحت رعاية
/وكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين/ وهي غير الوكالة
الدولية للاجئين في العالم
والتي تقع على عاتقها مهمة
إعادة اللاجئين إلى أوطانهم . ولأن م ت ف
والمتنفذين فيها من جماعة /
أوسلو/ غير مقتنعين بذلك ويعدون
على تحويل الفلسطيني العربي
المشرد من بيته ووطنه إلى مغترب
فقد اخترعوا /حلا / إبداعيا /
ودائما حسب تعبير سيء الصيت /صائب
عريقات/ هو إحداثها / دائرة
المغتربين/ كإحدى دوائر م.ت. ف
ووجهت هذه الدائرة بتاريخ
الخامس عشر من كانون ثاني 2011
رسالة لاتحمل توقيعا وإنما
اكتفي بأن تكون الرسالة مروّسة
بشعار م.ت.ف وموقعة باسم /دائرة
المغتربين فيها / وتدعو هذه
الرسالة الجاليات العربية
الفلسطينية إلى قبول دعوة هذه
الدائرة /المخترعة / إلى مؤتمر
أو اجتماع موسع في رام الله أو
بيت لحم في حدود منتصف أيار 2011
وذلك للتباحث في جملة قضايا
يمكن تلخيصها على النحو التالي :
* التباحث في
أوضاع الجاليات في بلدان
إقامتها وفي علاقتها بالوطن
والوطن هو تحديدا مشروع أوسلو وتقول الرسالة الموضوعة على الانترنت إن
هذه الفكرة سبق وأن نوقشت مع أبو
مازن الذي رحب بها ووافق عليها
وأنه في حال وافقت عليها
الجاليات سوف يتم إعطاء
التوجيهات إلى الجهات المعنية
لتسهيل دخول ممثلي هذه الجاليات
إلى رام الله أو بيت لحم وترتيب
إقامتهم خلال انعقاد المؤتمر * أما جدول
الأعمال الذي لم يتبلور بعد فهو
يتضمن عددا من الأفكار المتعلقة
باستحداث إطار موحد للجاليات
والجمعيات والاتحادات على
مستوى كل بلد أوروبي وعلى مستوى
القارة الأوروبية ككل . * توحيد الجهود
في إحياء المناسبات الفلسطينية
بالتعاون مع "السفارات "
الفلسطينية في تلك البلدان
الأوروبية / عن طريق الخدمات
القنصلية / في تلك السفارات * ومواجهة /سياسات
" إسرائيل العنصرية "
وتنظيم فعاليات التضامن مع
الشعب الفلسطيني حتى فيما يتعلق
بزيارات المتضامنين الأجانب
إلى رام الله أو بيت لحم للتضامن
ضد الجدار أو لصالح القرى التي
استولى العدو على أراضيها بسبب
من هذا الجدار .. وثمة مقترحات
أخرى بما يعني أن / دائرة
المغتربين قد وضعت بالفعل جدول
أعمال للقادمين إلى هذا
الاجتماع الموسع .. المهم في موضوع /المغتربين/ هذه هو
الخطورة التي تنطوي عليها والتي
لاتلفت الانتباه لأنها مغلفة
بموضوعات من مثل التوحيد
والنشاط والتضامن وهي موضوعات
لايختلف عليها اثنان من أبناء
شعبنا ولذا فمن الأهمية الذهاب
إلى تحليل الهدف من وراء هذا كله
.. خصوصا وأننا تعودنا ومنذ
البرنامج المرحلي برنامح
النقاط العشر الذي مثل في
المحصلة بوابة من بوابات الوصول
إلى / أوسلو/ تعودنا على لغة
ملتبسة وعلى كلام حق يراد به
الباطل دائما مما يدفع إلى
التأكيد على أن النوايا التي
تقف وراء هذه الدعوة ليست صافية
وليست وطنية بالتأكيد .. ذلك لأن تحويل
اللاجىء الفلسطيني إلى مغترب هو
الهدف الأول من استحداث ماسمي /
دائرة المغتربين / في منظمة
التحرير الفلسطينية التي لم تعد
هي ذات المنظمة منذ البرنامج
المرحلي .. ومنذ إجراء التغييرات
على ميثاقها الوطني الفلسطيني
لصالح برنامج أوسلو وبالتالي إن
محاكمة مايريد واضعو المشروع
يجب أن تحتكم إلى مسألتين الأولى : أن العربي الفلسطيني ليس مغتربا
ولا يمكن أن ينطبق عليه هذا
المصطلح .. الثانية : هي كشف نوايا واضع المصطلح/
المغتربون / الذي يعني فيما يعني
أن ينظر إلى الأجيال الفلسطينية
الجديدة المولودة بعد العام 1948
على أنهم ليسو لاجئين .. فهم لم
يطردوا من فلسطين وإنما الذي
طردوا هم أباءهم وأجدادهم
وهؤلاء انقرضوا أو سبيلهم إلى
الانقراض وهذا يذكر بما كانت
تقوم به وكالة الغوث من قطع
إعاشة من يستقلون عن العائلة
اللاجئة في عمل أو مهجر خلال
الإحصاءات التي كانت تقوم بها
الهيئة من وقت لآخر في مناطق
اللجوء وخاصة في الضفة الغربية
وهي إجراءات عايشناها ووقعت
علينا وعلى كثير من أقاربنا
ومعارفنا بحيث يتحول الناس بجرة
قلم خارج دائرة اللاجين
الفلسطينيين وهو بالضبط
ماتستهدفه / دائرة المغتربين /
في م.ت.ف حيث تقوم جماعة أوسلو
بتوزيع جوازات سفر على أفراد
الجاليات تجعلهم منتمين إلى
كيان أوسلو الهزيل ومن ثم تلتفت
إلى المخيمات وإلى تجمعات
اللاجئين الفلسطينيين في
البلاد العربية لكي يتحول
مايزيد على ستة ملايين لاجىء
إلى مجرد مغتربين .. والسؤال الآن
مالذي يمكن أن يفعله الكيان
الصهيوني أو الحركة الصهيونية
أكثر من ذلك وهل لوحاول أن يقوم
بهذا .. هل يستطيع أن يفعل ذلك
بدون وجود جماعة أوسلو وكيانهم
المسخ . إن الاعتبار
الوطني يشترط أن نعي هذه
الأساليب وأن نحرض على كشفها
أولا بأول لأن تحويل اللاجئين
العرب الفلسطينيين إلى مغتربين
سوف ينجح كما نجح مشروع
الاستيطان الصهيوني الذي جرى
السكوت عنه حتى تضخم وتوسع
واصبح موضوعا للتداول في تبادل
الأراضي تحت شعار أنه لايمكن
إزالة الإستيطان والقضاء عليه
وبالتالي يجب أن يحل عن طريق
تبادل الاراضي أو المناطق
وبالطريقة التي يريدها العدو
الصهيوني الآن ويريد لكل فلسطين
أن تتهود بالمحصلة ... من هنا يجب
التأكيد على أن وأد المشاريع
المشبوهة / كمشروع المغتربين /
يبدو ممكنا في مهده قبل أن
يتسفحل ويحول إلى أمر واقع . ======================== آمال عوّاد رضوان السّياسةُ وما يدورُ في دواليبِها مِن
تناقضاتٍ ترعبُنا، تُلاحقنا
بأحداثِها ويوميّاتها الّتي لا
مناصَ منها، فهل للسّياسةِ دينٌ
وقِيمٌ وعقائدُ، أم هي فنٌّ
يَستخدمُ الطّرقَ الملتويةَ،
لاستباحةِ المُحرّماتِ بفتاوى
مدنيّةٍ ودينيّة، تُبيحُ
المحظوراتِ وتتجاوزُ الخطوطَ
الحمراء؟ يأتي القولُ العربيُّ بسَماحتِه: "السّياسةُ هي استجلابُ مَحبّةٍ خاصّة
بإكرامِها، واستعبادُ العامّةِ
بإنصافِها". ويؤكّدُ د. حسن مصعب هذا بقولِهِ: "إبراهيمُ وموسى وعيسى ومحمّدُ
سياسيّونَ بقدْرِ ما هُم رُسُل
وأنبياء، وقد مارَسَ كلٌّ منهم
السّياسةَ وهو يُبشّرُ
بالرّسالة"! بينما؛ يردُّ فولتير مستغربًا: "إنّ السّياسةَ
يجبُ أن تُبنى على وقائع"! وهل الوقائعُ كما يقول سان سيمون: "السّياسةُ فنُّ الظّفرِ بالمالِ مِنَ
الأغنياءِ، والتّأييدِ مِنَ
الفقراءِ، بحُجّةِ حمايةِ
أحدِهما مِنَ الآخَر"؟ يردُّ
فاليري: "السّياسةُ فنٌّ يَمنَعُ النّاسَ عنِ
التّدخّلِ بما يَعنيهم"! ويتهكّمُ القولُ الأمريكيّ: بل؛ "السّياسةُ فنُّ الخداع، تجدُ لها
ميدانًا واسعًا في العقول
الضّعيفة"! ومِنَ القطبِ الآخرِ يُهرولُ غورباتشوف
معترضًا: "السّياسةُ حربٌ دونَ سفْكِ دماء،
والحربُ سياسةٌ دامِية"،
والمثلُ الرّوسيُّ يقول، "تاجُ
القيصرِ لا يمكنُ أن يَحميَهُ
مِنَ الصّداع"! قيصر وإمبراطور؟ هذا كان وولّى، واليوم معظمُ دولِ
العالمِ تعيشُ في ظلالِ أنظمةٍ
ديمقراطيّةٍ نيابيّة، بعدَ
أوّلِ نموذجٍ لحكومةٍ
ديمقراطيّةٍ في القرن السّادس
عشر، بتأسيسِ الزّعيم الهنديّ
الأحمر ديكاناويدا عصبةَ أمم
آيروكولس، والّذي أثّرَ على
الفلاسفةِ البريطانيّينَ
والأمريكان والفرنسيّين، فهل
هذهِ الأنظمةُ مجرّدُ أنظمةٍ
شكليّة؟ ثمّ؛ ما الفرقُ بينَ
رجلِ الدّولةِ وبين السّياسيّ؟ يردّ القولُ الأميريكيّ: "يَعتقدُ رجلُ
الدّولةِ أنّهُ مُلْكٌ للأمّة،
ويَعتقدُ رجلُ السّياسةِ أنّ
الأمّةَ مُلكٌ له"، ويُعقّبُ
تشرتشل: "وأنا أسيرُ في إحدى المقابرِ رأيتُ
ضريحًا كُتبَ على خامتِهِ: (هنا يرقدُ الزّعيمُ السّياسيّ والرّجلُ
الصّادق .......)، فعجبتُ كيفَ
يُدفنُ الاثنانِ في قبرٍ واحد"! لكن؛ لا يمكنُنا أن نغفلَ أو نتغافلَ؛
فللشّعوبِ حقٌّ في اختيارِ
رؤساءِ جمهوريّاتِها وممثّليها
وسياسيّيها، فأينَ الخللُ في
التّغييرِ السّلميّ؟ ولماذا هو
معضلةٌ؟ يهتفُ الممثّلُ شارلي تشابلن بصمْتِهِ
الإيمائيّ السّاخر: "الجوعُ
لا ضميرَ له"! ويعلو صوتُ ميرابو: "إنّ جميعَ مشاكلِ
السّياسةِ تخرُجُ مِن حبّةِ
القمح"! فتصحّحُ قولَهُ الأمُّ تيريزا: "هناكَ
كثيرٌ مِنَ الجوعِ في العالم،
ليسَ للخبزِ، بل للحُبِّ
والتّقدير"! ويصلُنا صوتُ
عليّ بن أبي طالب كرّم الله
وجهّه: "ما جاعَ فقيرٌ إلاّ بما منع به غنيّ،
فالعاملُ بالظّلمِ والمُعينُ
عليهِ والرّاضي بهِ شركاءُ
ثلاثة"! يردّ الفيلسوفُ الهنديُّ طاغور: "لا تستطيعُ أن تقلعَ عبيرَ زهرةٍ،
حتّى ولو سحَقتَها بقدَميْك"!
ولكن؛ ألا يُمكنُ نزْعُ سلطةِ القانون مِن يدِ
نوّابِ البرلمان بحسبِ
الدّساتيرِ الدّيمقراطيّةِ
إلاّ بثورة؟ فتقولُ "معجزةُ الإنسانيّةُ" هيلين
كيلر: "مَن يشعرُ برغبةٍ لا تُقاوَمُ فى
الانطلاق، لا يَستطيعُ أبدًا أن
يرضى بالزّحف"! ويصرخُ أبو القاسم الشّابيّ: إذا الشّعبُ
يومًا أرادَ الحياة/ فلا بدَّ أن
يستجيبَ القدَر! ويردُّ المجاهدُ اللّيبيُّ عمر المختار
مِن خلفِ المدى: إنَّ الظّلمَ يجعلُ مِنَ المظلومِ بطلاً،
وأمّا الجريمةُ فلا بدَّ مِن أن
يرتجفَ قلبُ صاحبِها، مهما
حاولَ التّظاهرَ بالكبرياء،
ومَن كافأ النّاسَ بالمكرِ
كافؤوهُ بالغدرِ، والضّرباتُ
الّتي لا تقصمُ ظهرَكَ تُقوّيك،
فلن نستسلمَ.. ننتصرُ أو نموت"! على رُسْلكَ.... ألا تخشى أن يكونَ أوّلَ الغضبِ جنونٌ
وَآخِرَهُ ندمٌ؟ يردّ لتزاروس: "حينَ يتحرّجُ الموقفُ،
لا تطلبُ النّاسُ أمهَرَ
السّياسيّينَ بل أقواهُم،
والسّياسيُّ المُحتقَرُ اليوم،
قد يكونُ رجُلَ السّاعةِ غدًا".
ولكن؛ لماذا ترضى الشّعوبُ بالظّلم، ولديها
الحقُّ الدّيمقراطيُّ
والمفتاحُ الشّرعيُّ بتغييرِ
قفلِ البرلمانِ والسّلطاتِ
التّمثيليّةِ مِن خلالِ
الاقتراع؟ يوجزُ توفيق الحكيم الوجعَ: "لا شيءَ
يَجعلُنا عظماءَ غيرَ ألَمٍ
عظيمٍ، والمصلحةُ الشّخصيّةُ
هي دائمًا الصّخرةُ الّتي
تتحطّمُ عليها أقوى المبادئ"! وكأنّي بفنّانِ الشّعبِ سيّد درويش
تبلُغُهُ الأصواتُ ثائرةً
تقضُّ مضجَعَهُ، فيعلو صوتُهُ
الثّوريُّ مِن خلفِ عقودٍ ولّتْ
منذ 1919 ليُغنّي إيمانَهُ: قوم يا مصري/ مصر دايمًا بتناديك/ خد
بنصري، نصري دين واجب عليك/ يوم
ما سعدي راح هدر قدّام عينيك/ عد
لي مجدي اللّي ضيّعتُه بإيديك/
إيه نصارى ومسلمين قال إيه
ويهود/ دي العبارة نسل واحد م
الجدود/ ليه يا مصري كلّ أحوالك
عجب/ تشكي فقرَك وانت ماشي فوق
دهب/ مصر جنّة طول ما فيها انت يا
نيل/ عمر إبنك لم يعيش أبدًا
ذليل! وتنتقلُ عدوى الأصواتِ متناديةً
تتصايحُ، فيهتزُّ صوتُ
العندليبِ مُهلّلاً: الشّعب بيزحف زي النّور/ الشّعب جبال/
الشّعب بحور/ بركان غضب/ بركان
بيفور/ زلزال بيشقّ لهم في قبور/
اُنطق وقول/ أنا صاحي/ يا حرب
والله زمان/ والله زمان يا سلاحي/
أنا اشتقتلك في كفاحي! فيقهقهُ الشّاعرُ السّوريُّ محمّد
الماغوط مِن وراءِ بلاطةِ
قبرِهِ: "الطّغاةُ كالأرقام القياسيّة، لا بدّ
مِن أن تتحطّمَ في يومٍ مِنَ
الأيّام"! وتختلطُ الأصواتُ القديمةُ الحديثةُ
مجتمعةً في جلبةِ الظّلمِ ولغطِ
الذّلِّ، تستحثُّ الإنسانَ
المظلومَ أن يُواصلَ نضالَهُ
مِن أجلِ كرامتِهِ وكينونتِهِ:
"ما طارَ طيرٌ وارتفعَ، إلاّ
كما طارَ وقعَ"! ومِنَ البعيدِ يكتبُ أحدُ الوُلاةِ إلى
عمر بن عبد العزيز يَطلبُ مالاً
لتحصينِ المدينةِ، فيجيبُهُ
عمرُ قائلاً: "حَصِّنْها
بالعدل، وَنَقِّ طريقَها مِنَ
الظّلم". ويُدوّي صوتُ الزّعيم الأمريكيّ مارتن
لوثر كنج: "لا يستطيعُ أحدٌ ركوبَ ظهرِك، إلاّ
إذا كنتَ مُنحنيًا، فالمصيبةُ
ليسَت في ظلمِ الأشرار، بل في
صمتِ الأخيار، والظّلمُ في أيّ
مكانٍ يُهدّدُ العدالةَ في كلِّ
مكان.. الحياةُ مليئةٌ
بالحجارةِ فلا تتعثرْ بها، بل
اجمَعْها وابْنِ بها سلّمًا
تصعدُ بهِ نحوَ النّجاح"! فيزمجرُ عمر بن الخطّاب هادرًا: "متى
استعبدتُم النّاسَ وقد
ولَدَتْهُم أمَّهاتُهم أحرارًا"؟
وعلى عجلٍ يُجلجلُ صوتُ عبّاس محمود
العقّاد: "كنْ نارًا ولا تكنْ حريقًا". ========================= علي أدهيني هو حق علينا نصر كل أبيّ.. ليس الزمن الآن زمن النقاش إنه زمن تحديد
المواقف.. إن المشهد المصري اليوم يتضمن أكثر من
قراءة سياسية، بل أكثر من ولادة
موقف سياسي على مستوى الأمة
العربية كلها من محيطها إلى
خليجها.. إنه موقف الشباب وصوتهم
وتحركهم وانطلاقهم. هي الجمهورية الثانية في وجه الملكية
الثانية المقنّعة بثوب
الجمهورية.. لقد قاد الشباب المصري الثورة الأولى
انطلاقاً من الثكنات العسكرية
مع مجموعة من الضباط الأحرار.. والشباب المصري اليوم يقود الثورة
الجديدة من مقاعد الجامعات
ليؤكد أن الضمير الوطني العربي
الكامل الذي أرست قواعده ثورة
يوليو لم يذهب سدى.. وانه يحمل
الموازين التي على أساسها يحاسب
ويطالب ويتحرك .. إن الشباب المصري أمهل ولم يُهمل.. أنذر
ولم يتسلط. هو حق علينا نصر كل أبيّ.. وقد جاء يوم الوفاء لهذا الشباب، بل لهذا
الشعب بشيبه وشبابه، نسائه
وأطفاله، عماله وفلاحيه، وكل
قطاعاته التي أسلفت كل محيطها
العربي مواقف الإباء بمقاومة
التطبيع مع العدو لأكثر من
ثلاثين سنة.. لم تعطه صك الأمان ليتربع ويستريح في
شوارع القاهرة إلاّ من زمرة
ظنّت أنها قادرة على محو آثار 23
يوليو من الذاكرة.. يتحرك اليوم شباب مصر بعقل قدر على أن
يقرأ كل ما حوله ويتحرك بحكمة
وحنكة ليصنع النصر الأكيد فيضيء
مشعل المسير نحو التغيير وتصويب
المسار نحو نهضة الأمة كلها.. قد يكون في باقي الأقطار العربية حركات
ثورية تمكنت من صنع الانتصار
على أنظمة البغي والاستبداد،
كما في تونس وكما سيكون في غيرها
من عواصم الأمة، لكن يبقى
انتصار القاهرة هو رأس الحربة
في صنع الحرية لكل العواصم،
بعدما أراد المتآمرون على الأمة
أن يجعلوا من القاهرة رأس حربة
في استعمار هذه العواصم عبر
توظيفهم حكام لها ينفذون إرادة
هذا المستعمر بثوبه البراق
المزيف. هو حق علينا نصر كل أبيّ.. لقد أزفّت ساعة الوفاء والالتزام بمساندة
وتأييد ثورة الشباب المصري
والانطلاق من كل العواصم
العربية ومن أحرارها ليرفعوا
الصوت تأييداً ودعماً.. وعلى
وسائل الأعلام وبخاصة التي
التزمت عنوان المقاومة، ان
تسخّر كل ساعات بثها لمتابعة
تحركات الشباب.. ليس الوقت وقت
تأنٍ وتمهّل وحسابات.. إن ثورة
الشباب بحاجة لكل منبر يعتبر
نفسه مدافعاً عن حقوق الأمة
ومنتصر لها في وجه الأطماع
الصهيونية والأميركية.. وللإعلام والإعلامين الأحرار وغير
المرتهنين، جاء وقت الوفاء وجاء
زمن التأكيد على مصداقيتكم
وبراءة أقلامكم من الارتهان
والخوف.. افتحوا شاشات
فضائياتكم وهواء إذاعاتكم
وصفحات جرائدكم.. إنه موعدكم مع
الموقف الصحيح والسليم.. في
أوساطكم من أخذتهم الوظائف
والمراكز والمصالح والغايات،
فأوهموا أنفسهم أنهم إنما
يتعاملون بحرية الرأي وأمانة
المهنة هروباً من مواجهة
الالتزام بقضايا الأمة، لكن لا
أمانة ولا حرية على حساب مصلحة
الأمة.. إنها صرخة مصر التي دوى صداها منذ ستين
سنة، وعادت لتنطلق من الحناجر:
لبيك ثورة الأمة.. وقضية الأمة..
وقيادة الأمة... ====================== د. فايز أبو شمالة إسقاط نظام مبارك، وجرفه من جذوره،
وتأسيس نظام ديمقراطي على أسس
صحيحة، هو أفضل سيناريو لثورة
الشعب المصري، وأسوأ سيناريو قد
تسفر عنه الثورة هو حكومة
انتقالية لعدة أشهر ترتب
لانتخابات ديمقراطية يقول فيها
الشعب المصري كلمته، وما عدا
ذلك، فإن مصر لن تعود خانعة لحكم
مبارك، والوضع السابق الذي ساد،
وسود حياة العرب لن يعود، لأن
المصري الذي دفع دمه لن يعود إلى
الحظيرة دون تحطيم الأقفاص. مصر العربية الديمقراطية الجديدة لن تمشى
على خطى مصر المقيدة بكامب
ديفيد، وستنظر إلى غزة من عين
تشرق بالأمل، ومن زاوية عربية
إسلامية، وسيتعاملون مع سكان
غزة على أنهم جزء من الأمة
العربية التي تنتمي إليها مصر
العربية الناهضة، بالتالي
فالحدود المغلقة سوف تفتح
بانتظام، والمعابر المخنوقة
سوف تتنفس هواء الحرية، وسيصير
انتقال الفلسطيني من غزة إلى
مصر أسهل، وستصير الأشياء التي
تُهرّب عبر الأنفاق تمر من فوق
الأرض أمام عين أعداء غزة من
إسرائيليين وغيرهم. وعلى عكس ما يقوله البعض عن هجوم إسرائيلي
على غزة، أو احتلال للشريط
الحدودي الفاصل بين غزة ومصر،
انتصار الثورة المصرية ستدفع
إسرائيل إلى اتجاهين: أولاً: ستقدم إسرائيل كل التسهيلات
الممكنة لسكان غزة مقابل الحفاظ
على التهدئة، وستراجع إسرائيل
كل حساباتها، وتتراجع عن كل
خطواتها السابقة ضد غزة، وهذا
ما ستظهر نتائجه على وجه
السرعة، من خلال سماح إسرائيل
في الأيام القادمة بدخول
السيارات بلا حسيب، وستلجأ
إسرائيل إلى فتح المعابر لمواد
البناء، وتسهيل تصدير كل ما
يمكن تصديره إلى الضفة الغربية
وإسرائيل، بل وستعمل إسرائيل
على تحسين الوضع الاقتصادي لأهل
غزة. ثانياً: تحولات مصر الاجتماعية والسياسية
سترتد على المجتمع الإسرائيلي
رعباً، فبعد أن تحول مزاج
اليهود إلى التطرف الديني
واليميني، كنتيجة للاطمئنان
الأمني، فإن الخوف سيجبر يهود
إسرائيل ليبتعدوا عن اليمين،
والتوجه إلى الأحزاب التي تمد
يدها للسلام مع العرب، وهذا
سيدفع إسرائيل ذاتها لحث دول
الغرب على تقديم المساعدات
لغزة، التي ستصير مؤشر التهدئة
والاشتعال على مستوى أوسع. بقى أن أشير إلى السلطة الفلسطينية التي
كانت تقرن المصالحة بتوقيع حماس
ورقة المصالحة المصرية، ستدرك
اليوم أن الورقة المصرية بدأت
تخط حروفها الجديدة على وقع
صرخات المتظاهرين في ميدان
التحرير في القاهرة، وهي تنادي
بتغيير نظام مبارك من جذوره،
وهذه فرصه لكل فلسطيني شريف كي
يتقدم خطوة إلى برنامج سياسي
يلتقي عليه الجميع، برنامج
سياسي يأخذ بعين الاعتبار مصر
العربية التي نهضت من كبوتها،
برنامج سياسي يتمسك بالثوابت
الفلسطينية، ويرفض خيار
المفاوضات. الأيام القادمة هي أيام عزّ لغزة العزيزة
المعززة، غزة التي ستلبس عباءة
الفرح، وتمشط شعرها بأصابع
الشعب المصري، وتركب سيارة
الثقة بكل ما هو عربي، وتذهب
لتهنئة القاهرة، تعانقها،
وتقبل جبينها، وتذرف دمعتين على
صدرها. ====================== د. أكرم حجازي تلك هي الصفقة التي عقدت بين النظام
المصري والولايات المتحدة.
الإعلان عن بقاء الرجل في
السلطة ولو لأسابيع وليس أشهرا
فقط. وبعد أن يعود الناس إلى
بيوتهم سيكون لكل حادث حديث.
خطاب هو الأشد استفزازا للناس
منذ يوم الغضب الأول. فالغرب
المذعور من قادم الأيام على
مصالحه في المنطقة ومصير الكيان
الصهيوني الذي بات على المحك
يبدو أنه لم يجد مخرجا للرئيس
المذعور إلا بقائه في السلطة. كلهم مذعورون.
وكلهم فقدوا صوابهم وحيلتهم إلا
من الاستفزاز عسى أن تقع معجزة
تعيد إليهم بعض الشجاعة. ودون
ذلك فما من تفسير لخطاب مبارك
إلا أن يكون مخطط انتقال السلطة
لم يكتمل بعد، مما يستدعي خطابا
استفزازيا يوفر المزيد من كسب
الوقت لإنجاز المخطط بالطريقة
التي يحفظ فيها الغرب مصالحه
ويطمئن بها على مصير إسرائيل. أو
أن يكون النظام المصري ذاته
يسعى إلى كسب الوقت أيضا، ويمنع
مبارك من الرحيل إلى أن يأمن
أركانه ورموزه على مصيرهم
المهدد بالملاحقة والقصاص
عاجلا أم آجلا. إذا كانوا يسعون
بهذا الخطاب السقيم أن يصبوا
الزيت على نار الغضب الملتهبة؛
فلأنهم أدركوا يقينا أن معادلة
الحكم القائمة على الأمن مقابل
الخبز انتهت إلى غير رجعة،
وانتهوا معها. ولعمري أن هذا آخر
خطاب مذعور لمبارك وهو في حالة
الاحتضار أو في حالة الفهفكة
والشهشكة والزهزكة كما يردد
والدي. فليطمئن أهل ميدان
التحرير، ولا يستفزنهم الوزغ
ببعض أفراخه من البلطجية
والمجرمين. فلن يستطيع مبارك
الذي لم يعد يملك في البلاد سوى
حثالاتها، ولا عصابته الحاكمة،
ولا الولايات المتحدة ولا
إسرائيل فعل شيء يذكر إلا إبداء
المزيد من الذعر إلى أن يذعنوا
صاغرين لإرادة الله قبل إرادة
الناس. أما القول بأن
الرئيس يبحث عن مخرج مشرف،
بالنظر إلى خدمته السياسية
والعسكرية المديدة، فهذه
مغالطة بحق رئيس مسؤول عن نظام
لم يحظ بلحظة شرف طوال ثلاثين
عاما. بل أن جعبته وجعبة النظام
السياسية والأمنية والاقتصادية
والمالية والأيديولوجية
والدينية والأخلاقية لا تشرف
حتى عواهر تايلندا. فالمشكلة
ليست بالديكتاتورية فحسب بل في
مدرسة النهب المنظم للأمة،
ومدرسة بيع الدولة والتاريخ
والحضارة والدين بأبخس
الأثمان، ومدرسة اغتصاب الحقوق
والكرامة، ومدرسة الإرهاب
المسلط على رقاب العباد. ثم عن أي شرف
يتحدث المتحدثون؟ وأي شرف
يستحقه هؤلاء وقد خانوه وطعنوه
وتجردوا منه طواعية وباختيارهم
منذ زمن بعيد؟ سبحان الله!!! منطق
الرئيس المصري في التشبث
بالسلطة يطابق منطق فرعون الذي
لم يؤمن بالذي آمنت به بنو
إسرائيل إلا بعد أن انشق البحر
وغرق جنوده. فهل هذا ما يبحث عنه
الريس؟!! على كل حال
فالوقت ليس وقت الثرثرة
والتحليل بل هو وقت التضامن
والمساندة مع الصابرين
والمرابطين، ضد من يسومون الأمة
ألوان العذاب والقهر، وضد من
أثبتوا بالدليل القاطع
والملموس، لكل أعمى وبصير، أنهم
رؤوس الطغاة والطغيان، ورؤس
الشر والفتنة، ورؤوس الظلم
والحقد، وسادة التخريب والفوضى.
====================== للشاعر : هلال الفارع
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |