ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 13/02/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ثورة مصر.. مفصل تاريخي بين عهدين

جميع القوى أمام قرار مصيري يحدد مستقبلها

نبيل شبيب

في بحث سابق تحت عنوان: الثورة ومشروعية الثورات.. هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟.. نشر في مداد القلم يوم 28/06/1430ه و21/06/2009م كما نشر في موقع مدارك في موقع "إسلام أون لاين" آنذاك، "أون إسلام" حاليا يوم 01/08/1430ه و23/07/2009م، سبق تثبيت المنطلقات التالية لمشروعية الثورة:

1- التعبير عن إرادة شعبية.. (المنطلق)

2- الاقتناع بحتمية إزالة مظالم مرفوضة.. (الهدف)

3- ضرورة تغيير الوضع تغييرا جذريا.. (التعليل)

4- غياب قابلية تغيير الوضع القائم من داخل بنيته الهيكلية.. (التسويغ)

5- الوصول إلى وضع جديد يجد القبول على وجه التعميم.. (النتيجة)

وورد فيه أيضا:

ليس "التأييد الشعبي" في مرحلة زمنية مصدرا لمشروعية "دائمة" لصالح من يحقق التغيير، بل يبقى هو وتبقى المشروعية المنبثقة عنه رهنا بتحقيق هدف التغيير، الكامن في إيجاد أوضاع قويمة دائمة. وليس التأييد الشعبي لمن ينفذ حدث الثورة بالتالي تأييدا غير مشروط، بل هو مشروط جملة وتفصيلا، ومحور الشرطية السببية فيه "إزالة المظالم.. وإقرار وضع جديد خالٍ منها".

المنطلقات الأربعة المذكورة آنفا توافرت لانطلاق ثورة شعب تونس ثم ثورة شعب مصر، ويُفترض أن يكون العنصر الخامس موضع التطبيق في تونس رغم ما يبدو للعيان حتى الآن بصدد وجود محاولات ألا تبلغ الثورة غايتها الحاسمة، بحيث يعبر وضع جديد عن إرادة الشعب الذي صنعها بصورة كافية، وهو قابل للتطبيق في مصر أيضا، رغم محاولات أكبر لا تزال تُبذل من جانب بقايا النظام الاستبدادي داخليا، وتجد الدعم خارجيا من القوى التي ارتبط بها، تطرح ما تطرحه تحت عنوان "نقلة دستورية.. سلسة.. منظمة" إلى آخره من عبارات تستهدف أن تقتصر حصيلة الثورة على إصلاحات جزئية بدلا من تغيير جذري شامل.

وتحاول الفقرات التالية في لحظة مبكرة نسبيا (6/3/1432ه و9/2/2011م) أن تلقي الضوء على عدد من النقاط التي تميّز ثورة شعب مصر تحديدا عن سائر ما سبقها وحمل عنوان "ثورة" بحق أو دون حق، وعلى بعض ما تشير إليه المعطيات الآنية من مخاطر محتملة على حصيلة الثورة ومدى قابلية الانحراف بها أو اختزالها دون مستوى التغيير الجذري الشامل.. والإيجابي القابل للاستمرار.

 

الثورة الشعبية الشاملة.. الأولى تاريخيا

المنطلق الأول المذكور آنفا (التعبير عن إرادة شعبية) لكل عملية تغيير تكتسب صفة الثورة –إذا توافرت لها المنطلقات الأخرى- لم يجد صورة تطبيقية في تاريخ الثورات في العالم بالقدر الذي أظهره للعيان مجرى الثورة في مصر. ولا نستعرض تلك الثورات بل نأخذ أبرز مثالين عليها، الفرنسية والإيرانية، فنجد الأولى أقرب إلى ثورة طبقية، وكانت الطبقة الثائرة تمثل قطاع الغالبية العظمى من الشعب، ولكن بقي الفاصل القائم بينها من حيث تنفيذها ومن حيث انحرافها في السنوات التالية مرتبطا ارتباطا وثيقا بأنها استهدفت "تقويض" طبقة مسيطرة من الأقلية، ممّا جعل الثورة ثورة "دموية"، مقابل تميّز تميزت ثورة الشعب في مصر (عن تلك الثورة الفرنسية مثلا):

1- بأنها القوة الكبرى التي تمثلها جماهير الثائرين من مختلف القطاعات الشعبية، دون وجود فوارق طبقية أو فئوية من أي نوع، وهو ما يفسّر امتداد انتشارها في المدن الكبرى، وامتدادها يوما بعد يوم إلى مدن أصغر ومواقع جغرافية أبعد وفئات شعبية أوسع..

2- كما تميّزت تبعا لذلك بعدم توظيف هذه القوة الكبرى في "تدمير" ما سبق، أي تدمير أجهزة النظام الاستبدادي ورموزه وشخوصه، وهذا ما ترمز إليه كلمات "الرحيل.. ارحل" بقوة واستمرارية منقطعة النظير.

3- وكانت هذه القوة الشعبية المنضبطة انضباطا مذهلا السبب الحاسم في اضطرار النظام الاستبدادي إلى أن يدمّر نفسه بنفسه، من خلال محاولات همجية لمواجهة القوة الشعبية الأعظم منه بما لا يقاس، فكانت الهجمة التي ترمز إليها كلمتا "البلطجة.. وغزوة الجمال" هجمة انتحارية لأجهزته القمعية/ الأمنية بغض النظر عن التضحيات الشعبية الغالية، وكانت مناوراته السياسية التي ترمز إليها كلمة "امتصاص الغضب" عبر إجراءات التراجع عن الاستبداد بالتقسيط، مناورات انتحارية أودت بركن الحزب المهيمن الذي اعتمد عليه، بغض النظر عن استمالته بعض قطاعات المعارضة الحزبية التقليدية لدعم مناوراته تلك.

4- وأصبح من المؤكد –ساعة كتابة هذه السطور- أنّ نجاح الثورة حتى الآن في الحيلولة دون اصطدام مباشر مع الجيش، باعتباره جزءا من الشعب، مع نموّ قوّة الثورة شعبيا، سيحول دون هذا الاصطدام في الفترة التالية أيضا على الأرجح، لا سيّما وأنّ المخاطرة به –في حال غلبة صناعة القرار بذلك من جانب قطاعات قيادية عسكرية مرتبطة بالاستبداد المنهار- لمواجهة القوة الشعبية الهائلة في الشوارع والميادين وربما أمام "قلاع النظام" المسمّاة "الأبنية السيادية" يمكن أن تؤدّي إلى مذابح دموية، لا توقف المدّ الثوري في نهاية المطاف، إنّما تلطّخ سمعة الجيش النقية في حقبة مقبلة، حتى وإن عرقل بلوغ الثورة مداها لفترة من الزمن.

 

الثورة الشعبية الشاملة.. الأولى قيادة وتنفيذا

كما تميّزت ثورة الشعب في مصر (عن ثورة إيران مثلا) بأنها:

1- انطلقت من مهدها الأول من أعماق الشعب وليس عن اتجاه ما، ولم يحملها تنظيم تقليدي بل تجمعات شعبية محضة (لم تكن مجرّد تجمعات شبكية كما يقال.. فالتقنية الشبكية والهواتف الخلوية كانت وسيلة هامة للتواصل فقط، بينما كان ميلاد التجمعات على أرض إضرابات على أرض الواقع عام 2008م ومواجهات في الاسكندرية خاصة عام 2009م).

2- وساهم انضباط القيادات الشبابية للثورة والانضباط الشعبي الشامل معها ثقة بها وبنهجها المتيمز، في غياب أيّ شعار، أو هتاف، أو تصريح، أو بيان، يسمح باستغلاله لإطلاق وصف "تصنيفي" لها من حيث الانتماءات أو التصوّرات والتوجّهات، وهذا ما كان عنصرا حاسما في اتساع نطاقها شعبيا خلال فترة زمنية قياسية قصيرة، بالمقارنة مع جميع ما عرفه تاريخ البشرية من ثورات.

3- كما ساهم ذلك إسهاما حاسما في عجز النظام الاستبدادي عن إلصاق وصمة ما بالثورة، أو إطلاق اتهامات عشوائية لربطها بقوة معينة من القوى الداخلية أو الأجنبية، فبقي واقع مجرى الثورة هو الردّ الحاسم والمقنع شعبيا وعالميا، لتتساقط تلك المحاولات فور صدورها.

4- الأهم من ذلك أن الثورة التي قيل إنّه لا توجد قيادة لها، ثبتت مرجعية قياداتها الشعبية (الشبابية) بصورة لم تعرفها ثورات سابقة إلا في إطار "تنظيمات" صنعت الثورة ولم تكن شاملة شعبيا، وهذا ما جعل المعارضة الحزبية التقليدية ترجع –راضية أو كارهة- إلى تلك المرجعية القيادية في مختلف المراحل التالية لاندلاع الثورة، مرة بعد مرة، كما جعل انضمام مزيد من الفئات الشعبية وشبه المنظمة (نقابات المحامين.. والأطباء.. والصحفيين وغيرهم) لها مقترنا بدعم موقع تلك القيادات الشعبية (الشبابية) للثورة.

5- هذا ما يؤكد أن وصف الثورة بأنها لا قيادة لها، وصف خاطئ جملة وتفصيلا، فالواقع أنّ قيادتها شعبية بمعنى الكلمة، وليست "قيادة تقليدية" وفق ما عرفته التنظيمات الحزبية التقليدية، أي ما يمكن الدخول معه في "مفاوضات ومساومات" قبل بلوغ الثورة الهدف الأول الحاسم لها: إسقاط النظام.

6- شعبية الثورة بمجراها وقياداتها هو العنصر الأهمّ من سواه في انضباط مسيرتها وانتقالها من إنجاز إلى آخر، وهو ما ينبغي أن تكون المحافظة عليه في مقدمة الشروط الضرورية لاستمرارية الثورة بعد بلوغ هدف إسقاط النظام، لتكون مرحلة بناء نظام جديد للدولة جزءا من مسار الثورة وليس جزءا من عملية تجاوزها إلى وضع آخر، قد يكون أفضل من وضع استبدادي سابق، ولكن لا يمثل الوضع القائم على إرادة الشعب بصورة متكاملة، هو ما يمثل العنصر الخامس المذكور آنفا من عناصر الثورة أي: الوصول إلى وضع جديد يجد القبول على وجه التعميم.. (النتيجة).

 

الثورة.. ومستقبل القوات المسلحة

 ليست ثورة الشعب في مصر موجّهة ضد القوات المسلحة في مصر، ولكنها تنطوي على جزء بالغ الأهمية هو تصحيح نوعية العلاقة بين الجيش والشعب، من وضع قائم منذ عام 1952م (اعتماد السلطة السياسية على قوة الجيش العسكرية قاعدة لوجودها وأبرز وجوهها) إلى الوضع الطبيعي المشرّف للقوات المسلحة في أيّ دولة قويمة وأيّ مجتمع قويم (جزءا من الشعب .. يحمي الشعب والدولة من أخطار خارجية).

لم يكن بلوغ هذا الهدف سهلا في الأيام الأولى للثورة، التي شهدت محاولة النظام الاستبدادي أن يواجهها بالأجهزة القمعية (الأمنية) التي اعتمد عليها طوال السنين الماضية، دون تدخل عسكري، إلا نادرا، وهنا يمكن إبراز ثلاثة عناصر هامة:

1- الثقة المفرطة لدى رؤوس النظام الاستبدادي بقابلية إخماد الثورة عن طريق الأجهزة القمعية (الأمنية) وحدها أدّت بالضرورة إلى وقوع جرائم مروّعة أدّت إلى نقيض المقصود من ارتكابها (ازدياد الغضب الشعبي العام وقودا للثورة، وازدياد اضطرار القوى المساندة دوليا إلى اتخاذ مواقف سلبية نسبيا من النظام مراعاةً للرأي العام لديها) وفي الوقت نفسه ساهم ذلك على الأرجح في التأثير على قطاعات قيادية عسكرية كبيرة لاتخاذ القرار بما يوصف بالحياد (بغض النظر عن غلبة وصفه بالحياد السلبي).

2- القدرة الفائقة لدى قيادات الثورة الشعبية (الشبابية) ولدى القطاعات الشعبية الكبرى التي انضمّت إلى الثورة، على الاحتفاظ بالصفة البارزة لها تحت شعار (سلمية.. سلمية) على أرض الواقع وليس في نطاق "الشعارات" فقط، أجهض محاولات النظام الاستبدادي لتوظيف ما صنعه هو من "مظاهر فوضى دموية" من أجل دفع قيادات عسكرية، بصورة فورية أو في مرحلة لاحقة، للدخول في معركة خاسرة وإن كانت دموية، مع تلك الجماهير الشعبية المليونية الثائرة.

3- ترنّح النظام الاستبدادي أمام الثورة الشعبية منذ أيامها الأولى، ساهم دون ريب في غلبة الرؤية الموضوعية لدى قيادات عسكرية أيقنت أن التغيير الشامل حاصل على كل حال، ولا يمكن تبعا لذلك أن تخاطر بمكانتها ومكانة القوات العسكرية، فتدخل في أتّون مواجهات دموية، تفسد العلاقات المستقبلية بينها وبين القيادات السياسية والشعبية للدولة الوليدة نتيجة الثورة.

رغم ذلك لم تنقطع بعد محاولات تحويل القوات المسلحة (ساعة كتابة هذه السطور) عن دور "الحياد"، إيجابيا كان أم سلبيا، إلى دور "التدخل"، كما تشير بعض الممارسات التي يشكو منها العاملون في وسائل الإعلام المحلية والدولية.

إنّما لا يبدو أن العامل الحاسم على هذا الصعيد كامنا في نقاط التماس بين القوات المسلحة (لا سيما الجنود الذين لم ينقطع الاتصال المباشر، السلمي والودي، بينهم وبين الثائرين في الساحات والميادين) وبين قيادات الثورة وجماهيرها، قدر ما يكمن في تطوّر نقاط التماس غير المرئية، داخل نطاق القيادات العسكرية نفسها، بين فريق لا يزال متأثرا من ارتباطاته بنظام استبدادي راحل حتما، وفريق يرى موضوعيا أن مستقبله مرتبط بحقبة ما بعد الثورة، وليس بما كان قبلها وكان يستحق –نتيجة جرائمه- الثورة عليه.

 

الثورة.. ومستقبل الأحزاب التقليدية

لا تزال النسبة الأعظم ممّا يوصف بالقوى السياسية المعارضة التقليدية، من أحزاب وجماعات وبعض الشخصيات ذات المكانة المعتبرة، تحت تأثير ثلاثة عوامل:

1- معارضة النظام الاستبدادي وآثار المعاناة منه.. وهو ما يجعل تلك القوى إلى جانب الثورة.

2- الاعتياد على طرق تقليدية في المعارضة (غير مجدية) على مرّ عدة عقود سابقة.. وهو الاعتياد الذي يجعل تلك القوى تعطي الأولوية لبقائها والبحث عن دور مستقبلي لها بأساليب (غير مجدية أيضا) تجعلها عرضة للانسياق وراء مناورات نظام استبدادي راحل من جهة، ومضطرة من جهة أخرى، مرة بعد مرة، إلى التراجع عن ذلك أمام ثبات الثورة وقياداتها الشعبية (الشبابية)..

3- عدم استيعاب الثورة حتى الآن.. بمعنى عدم استيعاب أنّها تمثل مفصلا تاريخيا بين عهدين، استبدادي سقط من اليوم الأول بكل ما يقوم عليه متناقضا مع الإرادة الشعبية وبالتالي دون أي مشروعية، وعهد تضع الثورة أسسا جديدة كلية له، فلم توظف القوى التقليدية "خبراتها.. وقدراتها" من أجل تحويل تلك الأسس (مطالب الثورة) إلى صيغة سياسية جديدة لمستقبل جديد ودولة جديدة، بدل الانشغال بمحاولة (غير مجدية قطعا) لاستخلاص صيغة سياسية لا تقطع جميع ما يربطها بما سبق.. رغم عدم مشروعيته واستحالة استمرارية فعاليته.

من العناصر الحاسمة الخمسة المذكورة آنفا حول ما يجعل الثورة ثورة، عنصر "ضرورة تغيير الوضع تغييرا جذريا".. (التعليل) وعنصر "غياب قابلية تغيير الوضع القائم من داخل بنيته الهيكلية".. (التسويغ)، وهذا ما ستصنعه ثورة الشعب في مصر على كل حال، فليست المشكلة الآنية لممارسات القوى السياسية التقليدية للمعارضة كامنة في "التأثير" على مجرى الثورة، بل كامنة في التأثير على نفسها" بحيث لا تصبح –نتيجة ممارساتها- جزءا ممّا فرضت الثورة "رحيله" منذ اليوم الأول لعبورها جسور النيل إلى ميدان التحرير.

لا بد للقوى السياسية التقليدية من الخروج من نموذج التفكير المهيمن عليها في حقبة معارضة الاستبداد لتصبح جزءا من عملية تحقيق العنصر الخامس الحاسم في الثورة "الوصول إلى وضع جديد يجد القبول على وجه التعميم".. (النتيجة).

 

الثورة.. وعامل الزمن

أثبتت ثورة الشعب في مصر وأثبت الوعي السياسي الرفيع لقياداتها الشعبية (الشبابية) قدرة فائقة على تحويل ما أراد النظام الاستبدادي تحت عنوان "عنصر الزمن" توظيفه لإجهاض الثورة، إلى عنصر إجهاض لمحاولات النظام نفسه.

لم يمر يوم حاسم واحد من أيام الثورة.. من يوم انطلاقتها الشبابية الأولى إلى يوم جمعة الغضب الشعبي، إلى يوم جمعة الرحيل المليونية، إلى يوم أحد الشهداء، إلى يوم ثلاثاء الانتشار جغرافيا ونوعيا.. إلاّ وشهد على أن عنصر الزمن يساهم في مضي الثورة نحو تحقيق غاياتها، مقابل اهتراء النظام وتساقط أركانه، بدءا بالأجهزة القمعية (الأمنية)، مرورا بالقيادات الفاسدة (الحزبية)، وصولا إلى انهيار جملة من مواقع ذات صلة سابقا بترسيخ الاستبداد نوعيا (انضمام المحامين.. والصحفيين.. والعمال المضربين.. وقطاعات كبيرة من الفلاحين.. للثورة) كما شهد يوم الثلاثاء، وهذا ممّا يرجّح أن يكون "جمعة الحسم" في آخر أيام أسبوع الصمود، حاسما في مسار الثورة نحو تقويض المزيد من بقايا النظام الاستبدادي.

على أنّ عنصر الزمن يتطلّب من القيادات الشعبية (الشبابية) الواعية وعلى من انضمّ إليها من الشخصيات المعتبرة شعبيا، سواء في ذلك ذات الانتماءات الحزبية التقليدية أو من خارج نطاقها، الشروع الآن في اتخاذ خطوات مبدئية، تحول دون وقوع أي نكسات محتملة فور سقوط آخر بقايا النظام الاستبادي.

إن أهمية عنصر الزمن تكمن في الاستعداد المسبق لكل مرحلة تالية، وليس في مجرد الاستفادة المباشرة من اللحظة الآنية، التي أثبتت الثورة وقياداتها قدرة فائقة عليها.

لا يوجد ما يمنع الثورة وقياداتها استنادا إلى مشروعية الثورة من صياغة "دستور مؤقت" الآن، اعتمادا على كفاءات الخبراء المتخصصين الماضين معها، خارج نطاق أي نظرة ترقيعية لدستور سابق، وهو ما لا يعني عدم الاستفادة من بعض المواد المقبولة الموجودة فيه، إلى جانب الاستفادة من نصوص دساتير أخرى.

ولا يوجد ما يمنع الثورة من وضع مخطط زمني للمرحلة الانتقالية المؤقتة ما بين وصولها إلى الهدف الأول: إسقاط النظام، ونشأة نظام مستقر جديد، ينطوي على الخطوات الضرورية لتشكيل أحزاب جديدة، أو امتدادا لأحزاب سابقة، ولإجراء انتخابات جديدة بناء على نص قانوني مؤقت ينبثق عن صياغة الدستور المؤقت، وكذلك تشكيل حكومة انتقالية تجمع بين متخصصين قادرين على تسيير أعمال المجالات الأساسية في دولة جديدة، وآخرين لضمان استمرارية المسار دون انحراف على النحو الذي صنعته أهداف الثورة المعلنة منذ اللحظة الأولى لاندلاعها.

إذا كان يوجد مانع دون ذلك حتى الآن، فهو المانع الذي يصنعه استمرار تردّد القوى السياسية الحزبية المعارضة، وبعض الشخصيات المرموقة المعتبرة، عن التحوّل من عقلية تقليدية إلى عقلية ثورة تغييرية.. وهذا بالذات المحور الأهم في "خطر عنصر الزمن" على الثورة، وهو مصدر خطر أكبر على تلك القوى والشخصيات نفسها.

إن من المصادر الحاسمة في قوة الثورة وقياداتها الشعبية (الشبابية) عدم التطلّع المباشر للسلطة، وعدم التطلع إلى تحقيق "مكاسب ذاتية"، إلى جانب الثبات على الغايات المشتركة التي تحقق المصلحة العليا لمصر وشعبها.. ولا يبدو أنّها ستفقد أسباب قوتها هذه، وواضح من مجرى أحداث الثورة أنّها حتى الآن تركّز على "صناعة الحدث" إنّما قد يلعب عنصر الزمن دوره –ولا يبدو أنها غافلة عنه- فتأتي لحظة زمنية فاصلة تجد نفسها فيه مضطرة –بحقّ- إلى تجاوز القوى والشخصيات التقليدية، والاعتماد على سواها في الإعداد للمرحلة التالية للثورة، وفي مصر ما يكفي من الطاقات والقدرات التخصصية، القادرة على تحقيق المطلوب في المرحلة الحاسمة الحالية في الوقت المناسب، إنّما لا ينبغي للقوى السياسية الحزبية والفردية ممّا يوصف بالمعارضة حاليا، أن تفوّت الفرصة على نفسها هي الآن، لترتفع بنفسها إلى مستوى الثورة وما صنعته من تحوّل تاريخي بعيد المدى بمضمونه، وبنتائجه المحتمة، محليا وإقليميا وعالميا.

===========================

لأنكم بقيّة الحكاية

سوسن البرغوتي

يقال عندما ترى أسيراً مؤمناً بقضيته يحلم، لا توقظه، لأنه يحلم بالحرية، فلها سحر يفك قيود العقل قبل أصفاد الأغلال.. نظام لا جهل فيه ولا تجاهل لتفاصيل لا تُرى، مهما خيمت الظلمة بحور القنوط، فهي القانون الأبدي الذي يحكم علاقة الضمائر الحية مع الآخرين، وعلاقة المرء بالكون في رحلة خواتمها الإيمان المطلق بالله فهو العدل المطلق والحرية المطلقة.

وعندما تقترن النظرية والأفكار بالواقع الملموس والمحسوس، لا يمل صاحبها من الاستزادة بالإرادة والهمة للإبحار إلى شطآنها، فتكون زاده وسلاحه الذي ينطق بالحق، مصدره دواخلنا، وثماره أعمالنا.

الحرية فطرة مزروعة تقاوم عتمة المكان، وظلم الزمن، ومهما اتسعت وأبعدتنا المسافات عن ذاك الأفق الرحيب، يُولد منهل الحياة، ويرتدي أزهى الألوان، ليمنح قيمة ديمومة الحياة على كوكب لا تخبو جذوة الحياة فيه إلا بفناء الروح، لأنها الروح التي ترقى بمسؤولية كفاح لا يركن للرتابة والخمول، ولا إلى الترف والتواكل، وتصون المرء من متاهات وضياع، يقذف به إلى أماكن يجهل توصيفها، ومعان متلونة خادعة، فيتناقض الفكر مع السلوك، والجوهر مع المظهر، وما بينهما، يقف الإنسان عارٍ على حافة الهلاك والرحيل.. إنها مسألة وقت.

 

حوّمت فراشات نحو النور وما احترقت، فصارت شعاعاً قزحيّاً، يلقي بظلاله على بساتين تفتحت أزهارها، وحشود زحفت تنشد فداء ذلك الحب الخالد لثرى ما بخل عن العطاء، وسواعد ما تخلت عن القبض على قيمة الحياة.

 

نحن نعيش صحوة الحلم، وقد تجلى واقعاً، فالحرية لم تعد مجرد حلم، إنما خطّتها سواعد الأحرار، بإرادة وهمة، فقد صحت الجماهير من الحلم ونزلت إلى ميدان العمل.. ساحة الشرف.. قاهرة الظلاّم، تصرُّ أن لا شيء مستحيل، وأن طريق الخلاص يبدأ بخطوة تتبعها خطوات.

لم يعد النوم ملجأ أمانينا، بل نقاومه بانطلاقة الصحوة، حتى لا نغفو ونحن نرى بأعيننا ما حلمنا به بالأمس.

لقد تجسدت لوحة الحياة.. الحب والحرية، بسموّ وإشراق كينونة إنسان خلع روتين بلادة الحياة، فولدت نبراساً ينير الدروب وتقطف ثماراً رويت بذورها بالدماء، وعرق المخلصين العاشقين لتلك الأيقونة الساحرة، فتتعانق مع المعنى ويلتحم مع العمل.

شبابنا، ربيعنا العربي المورق في مصر الحرة الأبيّة، أزاح الغشاوة والتمني، وفاجأنا بمذهب العمل وأدبيات العشق للانتماء والهوية..

هكذا ببساطة صحا الأسير في دواخلنا، وصارت الكلمة فعلاً هدّاراً وصوتاً جباراً، وها هو العالم الحر الأبيّ يهتز طرباً وافتخاراً بكم يا أحبتنا وفلذات أكبادنا فأنتم المستقبل، الذي راهنا عليه، ولا رهان إلا على تدفق الدم في مجرى الشرايين الحيّة. فأنتم بقية حكاية بدأت منذ الأزل، وستبقى حتى الفناء..

أنتم الحلم، وقد تحقق بكم.. وبكم أشهرت ساحاتنا سيوفاً تنشد النصر، وتنتصر، ولن تعود لأغمادها أبداً.

====================

صرخة في الآذان الصمّاء

محمد الزعبي

يبدو أن الباقين من الزعماء العرب ، الأطباء منهم وغير الأطباء ، كانوا حريصين طيلة الشهرين الماضيين على تنفيذ قسم أبقراط " لاأسمع ، لاأرى ، لاأتكلم " الذي أقسموه بينهم وبين كراسيهم ، من جهة ، وبينهم وبين من أجلسهم على هذه الكراسي ، وعلمهم كل فنون الكذب والتدليس والتعذيب والتزوير والمراوغة والغدر من أجل الحفاظ على هذه الكراسي ، واعتبارها ملكاً شخصياً لهم ولأسرهم ، قابلاً للتوريث والانتقال " السلس" ( ! ) من الآباء إلى الأبناء ، من جهة أخرى .

دعوني أهمس في آذانكم اليوم ( الجمعة 11.1.11 ) يافلان وياعلاّن من الملوك والرؤساء والأمراء والسلاطين العرب ( ! ) أن زميليكم العزيزين على قلوبكم في تونس ومصر قد رحلا مكرهين ، تحت عزم وعزيمة الشعبين العظيمين في تونس ومصر ، وتحت ضربات شبابهما السلمية ولكن الموجعة

لركائز الاستبداد والظلم في هذين القطرين العربيين . لقد بات باب الحرية والديموقراطية اليوم مشرعا أمام الجماهير في البلدان التي تحكمون وتتحكمون بها ، الجماهير بمختلف أطيافها وفئاتها ومكوناتها ، وباتت ملياراتكم ، ومليارات أسركم ، ومليارات أزلامكم التي تكنزونها في البنوك الأمريكية والأوربية في متناول علم " الشباب " ، زملاء ونصراء محمد بوعزيزي وبقية الشهداء في تونس ومصر .

لقد اعتبر واحد منكم ، ــ أيها الزعماء ــ ، وهو زميلكم في لعبة " تكلم يساراً وسر يميناً " أن سقوط حسني مبارك في مصر يعتبر سقوطا لاتفاقية كامبديفد بين أنور السادات والكيان الصهيوني . إن كاتب هذه المقالة المكره على العيش خارج وطنه ، يرغب أن يقول لصاحب هذه العبارة المعروف لديكم :

نعم إن سقوط حسني مبارك يمكن ان يكون سقوطا لكامبديفد السادات ، ولكن ماذا عن " الجولان " الذي مايزال يرزح تحت الاحتلال الاسرائلي منذ سبعة وأربعين عاما كا ملة غير منقوصة ، دون أن نسمع من سيادتكم وسيادة من ورّثكم الحكم في سورية طيلة هذه المدة التي كنتم وما زلتم تجلسون منعمين مترفين على كرسي الرئاسة فيها ، حتى نوعا من " الجعجعة " المعقولة ناهيك عن " الطحن والطحين " .

لم تكن مشكة الشعبين المصري والتونسي مع حاكميهما " المخلوعين " هي مشكلة ارتباطاتهما الخارجية فقط ، وإنما كانت ــ وبسبب هذه الارتباطات الخارجية ــ مشكلة داخلية تتمثل ، بتغييب دور الشعب ، واضطهاده ، وتجويعه ، وهدر كرامته ، وذلك عبر نظام أمني استبدادي شمولي ، لحمته الانتخابات المزورة ،ومجالس المنتفعين والأتباع التي يطلقون عليها مجالس الشعب ( والشعب منها براء ) وسداه السجون والمعتقلات و قانون الطوارئ .

لقد تجسدت الشعارات التي رفعتها ثورة 25 يناير 2011 في ميدان التحرير والتي أعلن هؤلاء الثوار أنهم إنما يرفعونها ليس باسم الشعب المصري وحسب وإنما أيضاً باسم الشعب العربي كله ، نقول تجسدت بـ " الشعب يريد تغيير النظام ".

 وقد كانت العناصر الأساسية التي تضمنها هذا الشعار هي :

ــ إسقاط رأس هذا النظام ،

ــ حل مجلسي الشعب والشورى اللذين جاءا بانتخابات مزورة ، وبالتالي فهما لايمثلان إرادة الشعب ،

ــ تغيير الدستور عبر جمعية تاسيسية منتخبة بصورة ديموقراطية حرة ونزيهة يشرف عليها القضاء ،

ــ إلغاء قانون الطوارئ الذي كان الأداة القمعية الأساسية بيد النظام .

إن تنفيذ هذه الخطوات من قبل سلطة مابعد مبارك ، إنما سيعني عملياً وواقعياً عودة الشعب العربي في مصر العربية إلى مركز الأحداث ، بعد أن غيبه نظامي كامبديفد لمدة أربعة عقود .

لقد تساءل البعض عن سبب عدم تحرك الشعب السوري تاييداً لثورة مصر ، كما حصل ويحصل في بعض الأقطار العربية ، وجوابنا على مثل هذا التساؤل هو أن الأمر يتعلق بدرجة القمع التي يمارسها نظام الصمت على احتلال الجولان في سوريا على الشعب منذ هزيمة حزيران 1967 ، والتي يمكن أن يواجه بها أي تحرك شعبي لتأييد شباب ثورتي تونس ومصر ، ذلك أن تأييدالجماهير لهتين الثورتين اللتين أطاحتا برئيسي البلدين إنما يعني تأييد شعاراتهما ومطالبهما التي أوردناها أعلاه ، وهو مايعتبر

في " سورية الأسد " من المحرمات .

إنني أسمح لنفسي هنا أن أهمس بصوت مسموع وعالٍ في أذن الرئيس بشار الأسد ،رئيس البلد الذي أنتمي إليه ، والذي وصل إلى السلطة عن طريق الوراثة العائلية ، لاعن طريق الإنتخاب الشعبي لأقول له ، ولمن يسنده ويسانده :

 اتقوا الله في هذا الشعب ، أعيدوا للشعب حريته التي اغتصبتموها منذ أربعة عقود ، اعلموا أن الكفن ليس له جيوب ، وأن الضغط يولد الإنفجار ، وأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ، وأن الظلم مرتعه وخيم ، وأن حبل الكذب قصير ، وأن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابانفسهم .

إنني لاأريد هناأن أنصح الرئيس ومن وراءه ومن أمامه بالرحيل ، ولكنني أنصحهم بان يتغيروا ويغيروا ، ويعيدوا النظر في مسيرتهم الخاطئة والمحفوفة بالمخاطر الخارجية والداخلية قبل فوات الأوان .

==========================

"وقال ادخلوا مصر إن شاء الله أمنين"

د.امديرس القادري

صدق الله العظيم ، هذا ما قاله يوسف عليه السلام لأبويه ، وهذا ما تقوله اليوم مصر وشعبها لكل العرب والمسلمين الأحرار ، هذا هو وعد الثورة التي أشعلها شباب مصر ، بعد أن تنحى ورحل وهرب الفرعون الطاغية ، ها هي مصر تقول لشقيقاتها العربيا ت ، ولكل شعوب الأمة العربية ، أهلا وسهلا بكم في مصر التي ولدت من جديد ، ادخلوها وأنتم منتصبين القامات ، ومرفوعين الهامات ، فلا خوف بعد اليوم ، تعالوا يا شرفاء العرب واغترفوا شربة ماء من نيلها الخالد الذي تطهرت مياهه وعادت إليها كرامتها وعزتها بعد طول إنتظار .

كم هو جميل أن يكتب الإنسان عن النصر ، وعن شعور الفرح الغامر الذي يملأ كل خلايا الجسد ، كم هو جميل أن ترى حروف الكلمات تتراقص و تتمايل طربا على الأوراق ،سنوات طويلة انقضت ونحن نكتب عن الحزن الدفين ، وعن أشكال القمع والإستبداد والإضطهاد ، سنوات ونحن نكتب بلا حرية أو كرامة لأن الأجهزة الظالمة كانت لنا و لأقلامنا و افكارنا دائما بالمرصاد ، ولكن في هذا اليوم ، وفي هذه الجمعة المباركة قرر التاريخ أن يولد من جديد ، فهذه مصر ، وهذا هو قرار ثورتها الشبابية البيضاء التي لم يعرف لها مثيل وعلى مدى كل الأزمنة الماضية .

إنه الشعب المصري العظيم الذي صنع الزلزال ، الزلزال الذي إرتجت ورجفت لشدته كل العواصم العربية وهي تحاول إستيعاب وتحمل موجاته المتلاحقة ، إنه الحدث الذي تحاول الآن واشنطن وباقي عواصم العالم تقدير ومحاولة فهم ما يمكن أن يطرأ عنه من تطورات ومستجدات وعلى كل الأصعدة والمستويات المختلفة .

سقط الديكتاتور ، وإنهارت معه قلعة العنجهية ، والكبرياء الفارغ التي حاول أن يحتمي داخل أسوارها وحصونها الكرتونية ، إنقشع الظلام ، وأشرقت الشمس في ثوبها الجديد لتنير أرض الكنانة بالمصابيح التي تحملها مع خيوط أشعتها الساطعة، إنها هزيمة الباطل التي ما زاد عمرها عن ساعة ،أمام قوة ساعة الحق التي قد يمتد وقتها إلى قيام الساعة .

سقط الصنم الكبير ، وها هو الآن يبحث عن مكب النفايات الذي يمكن أن يقبل به و بالقاذورات التي سيحملها معه على ظهره ، وعلى جبينه المغطى بالذل والعار ، سقط الصديق الوفي للمجرم الصهيوني نتنياهو الذي لا بد وأنه يرتجف الآن ويتصبب عرقا هو وباقي أفراد العصابة التي أصبح لزاما عليها أن تعيد حساباتها في كل الأوهام التي كانت تراهن عليها دائما ، فشهر العسل انتهى ، والطلاق مع السلام الكاذب سيقع ، وسيأتي قريبا ذلك اليوم الذي ستدوس فيه أقدام وأحذية الجيش المصري العربي على كل الإتفاقيات و مقدمتها كامب ديفيد التي وقعها المقبور السادات و تلك التي وقعها نظام العميل مبارك الذي تحطم وانهار .

إننا ونحن نبارك لأهل مصر الآن ، وكما باركنا لأهل تونس من قبل ، نتطلع وبكل شوق وتوق لمعرفة أين ستكون الفرحة القادمة ، ولمن سيكون السبق في الفوز بالإنتصار الثالث ؟ هذا هو التنافس الجديد الذي إنفتحت أمامه كل الطرق والميادين ومن الخليج إلى المحيط ، هذا هو التحدي أمام كل الشعوب العربية ، والتي لن يساورنا الشك أبدا في طاقاتها ، ومخزونها الوطني ، إن الفرصة ماثلة وترحب بمن سيأخذ بزمام المبادرة !.

الشباب المصري الذي فجر وصنع الثورة وانتصر على أكبر مؤسسة قمع عربية انطلق من معادلة بسيطة وسهلة ، وعلى يديها تحققت المعجزة ، الشباب وبصريح العبارة قرر تنظيف مصر من الزبالة ، فهذه البلد تستحق أن تكون نظيفة ، فكان النزول إلى شوارعها لإزالة القمامة التي تكدست فيها ، وما هي إلا ساعات حتى كانت كل مصر تلتحق بأبنائها في أنبل ثورة سيكتبها التاريخ على صفحاته بأحرف من نور .

في كل الدول العربية يوجد شباب ، كما توجد مزابل وأوساخ تراكمت عبر سنوات القهر والظلم والإستبداد ، فهنيئا لكل النازلين على الشوارع من أجل تنظيفها وإعادة الحرية والكرامة لها ولكل القاطنين على جنباتها ... شكرا تونس ، ومبروك لمصر ، والحبل سيبقى على الجرار !

==========================

في ذكرى استشهادك ... حسن البنا

بقلم ثامر سباعنه / فلسطين

sbana3@yahoo.com

في مساء يوم السبت 12 من فبراير 1949م عندما كان الإمام حسن البَنَّا يغادر جمعية الشبان المسلمين بشارع رمسيس بالقاهرة اغتالته يد الغدر والخيانة، ولكنها لم تستطع أن تغتال أفكاره أو تنال من دعوته التي انتشرت لتملأ ربوع الأرض بنورها، وتهدي قلوب الحائرين بهديها، وتضيء ظلام النفوس بأفكارها وضيائها.

اغتالوه وهم يظنون انهم باغتياله وتغيبه عن الارض ستموت افكاره ومنهجه ، لكن الفكرة الصافيه والمنهج الحق لايموت لانه استمد بقاءه من الدين الاسلامي الحي والباقي الى قيام الساعه .

رحل الامام الشهيد حسن البنا عن الدنيا ولكن سيرته بقيت في نفوس الملايين من المسلمين الذين خطوا طريقه وتبعوه يحملون نفس الرايه معلنين بأعلى اصواتهم : في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء فليعود للدين مجده ولترق منا الدماء .

"حسن البَنَّا" نموذجًا فريدًا للزعيم الروحي والمفكر الديني، والمصلح الاجتماعي، والقائد الجماهيري الذي يمكن أن تلتف حوله مختلف الطوائف والمستويات التي يجمعها اتجاه فكري واحد، وتربط بينها أيدلوجية مشتركة، فقد استطاع "حسن البَنَّا" في سنوات قليلة أن يؤسس أكبر جماعة دينية في القرن العشرين بلغ أتباعها الملايين. ويمكن اعتبار "حسن البَنَّا" مزيجًا متميزًا من الفكر السلفي والروحانية الصوفية، فقد كان تجسيدًا فريدًا للروحاني الصوفي، والعالم المسلم، والقائد الحركي الذي امتلك قدرة نادرة على تحريك الجماهير، من خلال ترجمة المبادئ العقدية والفكر السلفي إلى عمل اجتماعي.

لقد أولى البَنّا اهتمامًا خاصًّا بقضية فلسطين، واعتبرها قضية العالم الإسلامي بأسره، وكان يؤكِّد دومًا على أن الإنجليز واليهود لن يفهموا إلا لغة واحدة، هي لغة الثورة والقوة والدم، وأدرك حقيقة التحالف الغربي الصهيوني ضد الأمة الإسلامية، ودعا إلى رفض قرار تقسيم فلسطين الذي صدر عن الأمم المتحدة سنة 1947م، ووجه نداءً إلى المسلمين كافة -وإلى الإخوان خاصة- لأداء فريضة الجهاد على أرض فلسطين حتى يمكن الاحتفاظ بها عربية مسلمة، وقال: "إن الإخوان المسلمين سيبذلون أرواحهم وأموالهم في سبيل بقاء كل شبر من فلسطين إسلاميًّا عربيًّا حتى يرث الله الأرض ومن عليها"

امامنا الشهيد قد أحسنت البناء ومازال هذا البناء شامخا قويا صامدا رغم كل الكيد والتآمر .

اليوم وبعد اثنان وستون عاما على قيام النظام المصري باغتيالك ، تعود ذكراك مع الساعات الاولى لرحيل النظام المصري ، بعد ان عاث بالارض فسادا وبعد ان استعمل كل الوسائل من ظلم واغتيال واعتقال وتعذيب ومصادة ممتلكات وملاحقات لينهي فكرتك ومنهجك ، ها انت تعود يا امامنا وهم بظلمهم يرحلون

حسن البنا جزاك الله عنا كل خير.

=======================

نصر مبين من لدن رب عظيم

د. عيدة المطلق قناة - الأردن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مبارك على أمتنا انتصاراتنا في تونس البيضاء ومصر المحروسة .. أحييكم وكل المناضلين بالكلمة الحرة النظيفة .. والأقلام غير القابلة للتأجير .. والحناجر التي ما هتفت إلا بالحق والحرية.. والأكف التي ما صفقت إلا للعزة والكرامة .. !!

لقد أعادت الشوارع والميادين التونسية والمصرية تعريف الشارع العربي من جديد .. وأكدت للعالمين بأنها أوسع .. وأنظف .. وأغنى .. وأكثر دفئاً وحميمية من كل شوارع الدنيا..

فهذا هو زمان أمتنا وشوراعنا .. فهل فهمت أنظمة القمع والاستبداد والفساد هذا المفهوم الجديد الذي صاغته الدماء قبل الحناجر .. أم أن البلادة بلغت حد الاستعصاء على الفهم !!

لا يسعنا ونحن أمام إرهاصات بشائر أخرى تتوالى إلا أن ندعو الله جلت قدرته أن " يرحم شهدائنا" .. ويعلي راياتنا .. ويعز أمتنا .. ويحفظ أوطاننا ..

والحمد لله حمداً كثيراً!!

======================

لا زال هناك الكثير يا شعب مصر

أحمد عدوان / غزة

بادئ ذي بدأ أتوجه إلي ثوار مصر بالتهنئة والمباركة لسقوط اخر فراعنة الاسرة الفرعونية الحاكمة،بعد ثلاثون سنه من التخريب والفساد الاداري والاخلاقي والعربدة البوليسية والسياسية في البلاد وجرها نحو الديون ورهنها بيد المشروع الصهيوني والامريكي وأبعاد مصر من حضن الوطن العربي الدافئ وجر الشعب نحو البطالة والتغييب عن الدور المنوط بها كدولة ريادية ولها سيادة علي أرضها بعد ان كبلوها باتفاقيات النظام المشئوم وعلي راسها كامب ديفيد

 

بالفعل اليوم يتذوق الشعب المصري طعم الحرية ويرسم لوحة مصر العزيزة المنتصرة التي عافت الاستبداد والظلم اليوم يعزف الشعب سمفونية النصر بعد أن اعلن اللواء عمر سليمان قرار الرئيس المصري 'السابق' حسني مبارك بالتنحي، وتكليف المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية بتولي القيادة في الدولة المصرية،ليعلن لنا ان الشعب المصري حقق معجزة لم يكن يتخيلها اي انسان بعد عصور الاستبداد والترويج للتوريث والحكم بالحديد والنار وأقتطاع ثروات البلاد لصالح الاسرة الحاكمة وزبانيتها بعد ان كان المواطن المصري مهانا في بلده وخارجها وكان اسم المصري مرتبطاً في السكوت والخنوع

 

لكن اليوم الثورة المليونية الشعبية اثبت ان المصري رجل عزيز أبن رجال ، وأثبت لكل من كان يراهن علي ضعف المصري في بلده قبل ان يكون خارجها أن الارادة والعزيمة لدي الشعب المصري تفوق الجبال وان يوم الظلم ساعه ودولة الحق إلي قيام الساعة اليوم سيبقي شاهداً في تاريخ سياسيات القمع والاذلال وحكومات التنسيق الامني من المحتل الصهيوني والامريكي والتطبيع المستمر ان ذلك ما هو الا زيف وما هو الا لحظات معدودة وان طال عليه الزمان

 

أن نجاح الثورة المصرية لهي رمز فخر لكل أنسان مظلوم وتجربة بأن الصمت لا يجدي ومن هنا فأن وقفة الشباب المصري الجادة تضرب رأس هؤلاء الاعلاميين الذين راهنوا علي بقاء الرئيس سته أشهر اخريات فتجرأو علي وصف الثورة المليونية علي انها عبثية ولا ترقي إلا انها ثورة (عيال) ، فنحازوا لوحدوية الرئيس وخطاباته المتكبرة وضربوا عرض الحائط صوت الثائرين المتالمين فنقلوا لنا الصورة مغلوطة وسخروا من أقلامهم لتجريح أنات هؤلاء المعذبين بسياط الديكتاتورية ولهيب الظلم والضنك الذي عايشوه مغموساً في لقمة عيشهم،لمجرد مناصرة الرئيس الذي لم يراعي من الوهلة الأولي لخطورة الموقف ولم يركن لمطالب شعبه العادلة

 

ولولا قنوات كانت تمثل محورا فارقاً في تاريخ الثورة المصرية وعلي رأسها دور الجزيرة الرائد في مسانده الثوار في مصر والتغطية الأعلامية المستمرة التي كانت تكشف زيف القنوات الاخري وكانت تسير في صالح تلك الثورة لتنقل لهم الأخبار الدقيقة ،فما كان دور الجزيرة إلا حماية لارواح الملايين من المتظاهرين من خلال نشرها للوقائع الحقيقية ومن هنا فأن الجزيرة تعتبر قناة إعلامية رائدة كشفت زيف تلك القنوات الاعلامية الكاذبة التي كانت تبث صور مزيفة وتصور ساحة التحرير خالية فتنشر لنا صورة النيل في أبهي صورته وبث الاخبار المثبطة لتفريق الناس واحباطهم

 

لم يكن انتصار شباب مصر علي الظلم والطغيان مفاجئاً لي لأنني أبن مصر الذي اؤمن بعدالة مطالب شعبها من اليوم الأول و بالرغم من المؤمرات التي حيكت ضدهم إلا ان كلمة الشعب كانت هي الأقوي والاكثر حضوراً وهي التي انتصرت اخيراً لتعلن عن سقوط مبارك ومنظومته الفاسدة بل وسقوط اتفاقات كامب ديفيد وما يترتب عليها وتعلن عن تأسيس مرحلة جديدة وخلق مشروع عربي يعيد للامه كرامتها ومكانتها امام الامم

 

نعم ايها الاحرار لا زال هناك الكثير لاستكمال طريق العزة والانتصار ولاقامة دولة يسودها القانون وحرية المواطن فانتقال مصر من الجور والظلم إلي النور والحرية هو بمثابة تحول العالم بأسره إلي قواعد الحكم الرشيد وحينها ستكون الكلمة الفصل لتلك الشعوب الحرة القادرة علي كنس كل الطغيان والاستبداد إلي مزابل التاريخ إن الامة برمتها تنظر إلي مصر وهي تنهض وتنفض عنها غبار الذل وتلمل نفسها بعد استئصال الورم الخبيث فكلنا ننتظركم يا خير اجناد الأرض فتجهزوا وعين الله ترعاكم

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ