ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عصام
العطار أكتب
هذه السطور العفوية السريعة
مساء الجمعة 11/02/2011م عَقِبَ
إعلان تخلّي محمد حسني مبارك عن
رئاسة الجمهورية وتكليفِه
المجلس الأعلى للقوات المسلّحة
بإدارة شؤون البلاد لقد
انتصرت ثورةُ مصر الشعبية
العظيمة انتصارَها الأولَ
العظيم هذه
أعظمُ ثورة مصرية شعبية في
تاريخ مصر القديم والحديث هذه
الثورة من أعظمِ الثورات التي
عرفها العالَمُ كلُّ العالم -وأنا
أدري تماماً ما أقول- وأكثرِها
عدالةً ونظافةً وسلامةً ورقيّا عشرات
أو مئات أو ألوف من شباب مثقفين
أطهار القلوب والنوايا يخاطرون
بحياتهم في عمل جريء بصير من
أجلِ رفع الظلم والضَّيْم عن
ضحايا الظلم والحرمان والإرهاب
والتعذيب من أبناء بلادهم،
وفتحِ أبواب التغيير السلميّ
البصير من أجل الحريّة والكرامة
والعدالة والإصلاح الشامل
والتقدم وحقوق الإنسان..
ويستجيب الشعبُ لهم، ويتحرّك
بأكثريّته الكبرى معهم ذلكَ
التحرّكَ السلميَّ الأخلاقيَّ
الوطنيَّ الجامع لمختلف
شرائحهم الدينية والسياسية
والاجتماعية والثقافية
والمهنية شعبٌ
أعزلُ من كلّ سلاح إلاّ سلاحَ
الحقّ والإيمان والإرادة
والاستعداد للاستشهاد من أجل
الحريّة والكرامة والعدالة
وحقوقه الأوَّلية الأساسية
المستباحة على توالي السنين..
شعبٌ أعزلُ أعزل يواجه جهازاً
أمنيّاً كبيراً واسعاً من أعتى
أجهزة القمع والبطش في العالم،
وألوفاً من «البلطجيّة»
المجرمين المحترفين المسخّرين
الذين لا يستنكفون عن أيّ
جريمةٍ من الجرائم الماديّة
والمعنويّة، وحكماً
دكتاتوريّاً مستكبراً مستبدّاً
فاسداً لا يبالي بارتكاب أيّ
جريمة من جرائم القمع والإرهاب
في سبيل الحفاظ على سلطانه
ومكاسبهِ الحلالِ والحرام والعجيبُ
العجيب أن هذه الأمواجَ
البشريةَ الساخطة، والجموعَ
الغفيرةَ الغاضبةَ الثائرة،
التي خرجت في مختلف أنحاء القطر
المصريّ بالألوف وعشرات الألوف
ومئات الألوف والملايين.. قد
حافظت على سلميّةِ تحرّكها،
وضبطِ تصرفها في وجه كلِّ عدوان
واستفزاز.. لم تقتل، ولم تهدم،
ولم تسمح بسلب أو نهب أو عدوان؛
بل لقد حمت بأجساد أبنائها بعض
المؤسسات الحيوية، والمواقع
الثقافية والأثرية كالمتحف
المصريّ في ميدان التحرير.. مما
أثار دهشةَ العالم وإعجابه،
وتقدير العدوّ والصديق لقد
انتصرتْ ثورة مصر الشعبية
العظيمة انتصارها المبدئيّ
العظيم انتصرت
بأصالتها وصدقها ووعيها وعدالة
قضيتها والحاجة الماسة إليها في
مصر والعالم العربيّ
والإسلاميّ وانتصرت
بصبرها واستمرارها وثقة الشعب
بها واستمساكها بهدفها الجذريّ
الجوهريّ الحاسم: إزاحة الرئيس،
وإسقاط النظام، ووضع أسس جديدة
لنظام صالح جديد أكتب
هذه الكلمات السريعة، تحيةً
سريعة لثورة مصر العظيمة،
ولآثارها الإيجابية الكبيرة
المنتظرة -إن شاء الله- في
العالم العربيّ والإسلاميّ،
وفي بعض سياسات العالم ولا
بدّ من الإشارة إلى أمر: لقد
تمّت مرحلة الثورة الأولى بسقوط
دكتاتورية الظلم والفساد
والاستغلال والتبعية الخارجية
وانحسار الدور المصريّ
التاريخيّ على الصعيد
الإقليميّ والعالميّ، وهو
انتصار عظيم وإنجاز عظيم، وأمام
مصر الآن مراحلُ البناء
المستقبلي الإيجابي الجديد
المتين على كلّ صعيد، وأمامها
أيضاً واجب اليقظةِ والحذر،
وحمايةِ الثورة ومكتسباتها
وأهدافها من كلّ خطر أو انحراف
أو انتكاس ================= بقلم:
محمد عادل فارس وعد
الله تعالى عباده ألا يضيع
عليهم عملاً من أعمال القلوب أو
أعمال الأبدان، طالما قصدوا به
وجهه، وكان موافقاً لشرعه، ولو
كان هذا العمل مثقال ذرّة! بل
وعد الله سبحانه بمضاعفة الحسنة
بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف. ولا
نعلم عملاً من أعمال الخير
والبر يعطى صاحبُه الأجر غير
المحدود إلا الصبر، فقد تواردت
النصوص في كتاب الله تعالى وفي
سنة النبي صلى الله عليه وسلم
على أن جزاء الصبر لا حدود له.
ورأس ذلك قول الله تعالى: ((إنما
يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب))
سورة الزمر: 10. وهذه
بعض أقوال علماء الأمة في هذه
الآية الكريمة: قال
الأوزاعي: ليس يوزن لهم ولا
يُكال، إنما يُغرَف لهم غَرْفاً. وقال
ابن جريج: بلغني أنه لا يُحسب
عليهم ثواب عملهم قط، ولكن
يُزادون على ذلك. وقال
عطاء بن أبي رباح: بما لا يهتدي
إليه عقل ولا وصف. وقال
مقاتل بن حيان: أجرهم الجنة،
وأرزاقهم فيها بغير حساب. وقال
الشوكاني: أي بما لا يَقدر على
حصره حاصر، ولا يستطيع. وفي
تفسير "فتح البيان" يربط
المفسر بين هذه الجملة من الآية
وبين الجملة التي سبقتها: ((...
وأرض الله واسعة. إنما يوفى
الصابرون أجرهم بغير حساب))
فيقول: الصابرون على مفارقة
أوطانهم وعشائرهم، وعلى غيرها
من تجرُّع الغصص واحتمال
البلايا في طاعة الله، وهذه
فضيلة عظيمة، ومثوبة جليلة،
تقتضي من كل راغب في ثواب الله،
وطامع فيما عنده من الخير، أن
يتوفر على الصبر ويزمَّ نفسه
بزمامه، ويقيدها بقيده، فإن
الجزع لا يرد قضاء قد نزل، ولا
يجلب خيراً قد سُلب، ولا يدفع
مكروهاً قد وقع، وإذا تصور
العاقل هذا حق تصوره،
وتَعَقَّله حق تعقُّله، علم أن
الصابر على ما نزل به قد فاز
بهذا الأجر العظيم، وظفر بهذا
الخير الخطير، وغير الصابر قد
نزل به القضاء شاء أم أبى. ومع
ذلك فاته من الأجر ما لا يُقادَر
قدرُه، ولا يُبلَغ مداه، فضم
إلى مصيبته مصيبة أخرى ولم يظفر
بغير الجزع. قال
علي بن أبي طالب: كل مطيع يكال له
كيلاً ويوزن له وزناً إلا
الصابرين، فإنه يحثى لهم حثياً،
وروي أنه يؤتى عليهم الأجر حتى
يتمنى أهل العافية في الدنيا لو
أن أجسادهم تقرض بالمقاريض، لما
يذهب به أهل البلاء من الفضل. ولنبدأ
بالحديث عن معنى الصبر وأنواعه. فالصبر
لغةً هو الحبس والكفّ، ومنه
قولهم: قُتل فلانٌ صبراً، إذا
أُمسك وحُبس ثم قُتل. وبهذا
المعنى جاء قوله: ((واصبر نفسك مع
الذين يدعون ربهم بالغداة
والعشيّ يريدون وجهه)). ويقابل
الصبرَ الجَزَعُ، وقد قابل
القرآن الكريم بين الكلمتين: ((سواءٌ
علينا أجزِعْنا أمْ صبرنا. ما
لنا من محيص)) سورة إبراهيم: 21. والصبر
في الشرع قريب المعنى من هذا،
فهو حبس النفس على ما تكره،
ابتغاء مرضاة الله. ومن هذا قوله
سبحانه: ((والذين صبروا ابتغاء
وجه ربهم)) سورة الرعد: 22. وأما
أنواع الصبر فكثيرة جداً، ويمكن
تصنيفها في ثلاثة أصناف: أولها:
الصبر على المصائب في النفس
والأهل والمال وفي الهجرة عن
الأوطان وتسلّط الأعداء... وهو
أكثر ما يسمى صبراً. وثانيهما:
الصبر على القيام بالطاعات التي
تستثقلها النفس، وهذا ما يختلف
كثيراً بين
نفس وأخرى. فنفس تستثقل هجران
الفراش إلى الوضوء والصلاة،
ونفس تستثقل الصيام والتعرّض
للجوع والعطش، وأخرى تستثقل
الجهاد وبذل المال والنفس... والثالث:
الصبر عن المعاصي التي تشتهيها
النفوس. وقد قال النبي صلى الله
عليه وسلم: "حُفّت الجنة
بالمكاره، وحُفّت النار
بالشهوات" رواه أحمد ومسلم
وأبو داود والترمذي والنسائي. ويتفرع
عن هذه الأصناف صور شتى. فالصبر
على احتمال الغنى يسمى ضبطاً
للنفس، ويقابله البطر. والصبر
في جهاد العدو يسمى شجاعة
وثباتاً، ويقابله الجبن. والصبر
في كظم الغيظ يسمى حِلْماً
ويقابله التذمر. والصبر
في تحمّل الفقر يسمى قناعة،
ويقابله الضجر والتشكي إلى
الخلق. واقرأ
قوله تعالى: ((ولنبلونكم بشيء من
الخوف والجوع ونقص من الأموال
والأنفس والثمرات. وبشّرِ
الصابرين الذين إذا أصابتهم
مصيبة قالوا: إنّا لله وإنّا
إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات
من ربهم ورحمة. وأولئك هم
المهتدون)) سورة البقرة: 155 - 157. فإذا
علم المؤمن جزاء صبره سهُل عليه
الصبر: ارتقت نفسه وتهذّبتْ
فترفعت عن المعاصي، وتذوقت لذة
الطاعة فأقبلت عليها بلذة،
وعلمت أن وراء المصائب التي
تنزل حكمةً لله. فرضيتْ بقضاء
الله وقدره. وما
أجمل ما يعبِّر به أصحاب
الأذواق حين يقولون: إن الذين
يفهمون عن الله يرضَوْن بما
يقدِّره الله لهم، ويعلمون أن
وراء أقداره حِكماً ورحمة. وهذا
المعنى هو الذي يترجم عنه
الحديث الذي رواه مسلم عن صهيب
بن سنان رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"عجباً لأمر المؤمن! إن أمره
كلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا
للمؤمن: إن أصابته سرّاءُ شكر
فكان خيراً له، وإن أصابته
ضرّاء صبر فكان خيراً له". نعم.
ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
فالمؤمن هو الذي يحتسب المصيبة
عند الله، وهو الذي يرجو
المثوبة منه، وهو، قبل ذلك،
يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه،
وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن
وراء ذلك كله حكمة لله. ومن
تأمل في معاني الصبر ومواطنه
علم أنه يتخلّل كل أحوال
المؤمن، كالنُّسُغ الذي يسري في
كل خلية من خلايا البدن، وهو ما
نجده في كتاب الله تعالى
المعجِز الذي صوّر الصبر
ممازجاً لكل موقف وتصرّف للمؤمن.
ونقف أمام ثلاثة نماذج من ذلك في
القرآن الكريم: في
سورة الرعد (الآيات 19 – 24) يصف
الله تعالى أولي الألباب بعدد
من الصفات العليا: ((الذين يوفون
بعهد الله ولا ينقضون الميثاق،
والذين يصِلون ما أمر الله به أن
يوصَل ويخشَون ربّهم ويخافون
سوء الحساب، والذين صبروا
ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة
وأنفقوا مما رزقناهم سراً
وعلانية، ويدرؤون بالحسنةِ
السيئةَ أولئك لهم عقبى الدار))
وقد كان من بين هذه الصفات أنهم
((صبروا ابتغاء وجه ربهم)) ولكن
الآية الأخيرة تبين أن ما نالوه
من عقبى الدار إنما كان نتيجة
الصبر: ((سلامٌ عليكم بما صبرتم)).
وذلك أن وفاءهم بعهدهم
والتزامهم بالميثاق وصلة ما أمر
الله به أن يوصل... كله صبر، أو إن
روحه هو الصبر. وفي
سورة الفرقان (الآيات 63 – 77)
تأتي صفات عباد الرحمن فإذا هم ((يمشون
على الأرض هوناً وإذا خاطبهم
الجاهلون قالوا سلاماً. والذين
يبيتون لربهم سجّداً وقياماً...))
إلى غير ذلك من الصفات المثلى،
وليس من بينها الصبر، ولكن
الآيات تُختَم بقوله سبحانه: ((أولئك
يُجزَون الغرفة بما صبروا
ويُلقَّون فيها تحية وسلاماً))
فكيف استحقوا هذا الجزاء على
الصبر ولم يُذكر الصبر في
صفاتهم؟! إن الصبر هو الخلق
الملازم لكل صفة من صفاتهم، فهم
أبداً صابرون: صابرون على قيام
الليل وعلى ضبط إنفاقهم بين
الإسراف والتقتير، وعلى كل ما
امتدحهم الله تعالى عليه. وفي
سورة الإنسان كذلك ترد صفات
الأبرار: ((يوفون بالنذر ويخافون
يوماً كان شرّه مستطيراً.
ويطعمون الطعام على حبّه
مسكيناً ويتيماً وأسيراً...))
وهنا أيضاً لم يرد ذكر الصبر في
صفاتهم لكنه كان المقارِن
والممازِج لكل هذه الصفات، أو
كان الحافزَ
لها والحافظ، بل الروح
فيها، ولذلك كان الصبر سبب
جزائهم العظيم: ((وجزاهم بما
صبروا جنة وحريراً)). ولأن
للصبر هذه المكانة العالية كان
الأجر عليه بغير حساب، وكان
خُلقَ الأنبياء، وكان البلاء لا
يكاد ينفكّ عن الأنبياء والأمثل
فالأمثل. ونحن نورد هنا بعض
النصوص الشريفة التي تزيدنا
نوراً وهدى: قال
تعالى: ((الم. أحسِب الناسُ أن
يُترَكوا أن يقولوا: آمنّا، وهم
لا يُفتَنون؟! ولقد فتنّا الذين
من قبلهم فلَيعلمنّ الله الذين
صدقوا وليعلمنّ الكاذبين))
العنكبوت: 1 - 3. وقال
سبحانه: ((ومن الناس من يقول:
آمنّا بالله. فإذا أوذي في الله
جعل فتنة الناس كعذاب الله. ولئن
جاء نصرٌ من ربّك ليقولُنّ: إنّا
كنّا معكم. أَوَليس الله بأعلمَ
بما في صدور العالمين)) العنكبوت:
10. وقال:
((ما كان الله لِيذَرَ المؤمنين
على ما أنتم عليه حتى يَميز
الخبيث من الطيب. وما كان الله
ليُطلعكم على الغيب...)) آل عمران:
179. وقال:
((إن يمسسكم قرحٌ فقد مسّ القوم
قرحٌ مثله. وتلك الأيام نداولها
بين الناس، ولِيعلمَ الله الذين
آمنوا ويتخذَ منكم شهداء. والله
لا يحب الظالمين. وليمحص الله
الذين آمنوا ويمحق الكافرين. أم
حسِبتم أن تدخلوا الجنة
ولمّا يعلمِ الله الذين
جاهدوا منكم ويعلمَ الصابرين))
آل عمران: 140 – 142. وقال:
((فاصبر إن وعد الله حقٌّ ولا
يستخفّنّك الذين لا يوقنون))
سورة الروم: 60. ومن
أحاديث النبي صلى الله عليه
وسلم نقتطف هذه الدرر: "لا
تتمنوا لقاء العدو، وإذا
لقيتموهم فاصبروا. واعلموا أن
الجنة تحت ظلال السيوف". رواه
أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود. "ومن
يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْه الله.
وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيراً
وأوسعَ من الصبر". رواه
البخاري ومسلم. "...
والصلاة نورٌ، والصدقة برهان،
والصبر ضياء..." رواه مسلم. "ما
يصيب المسلمَ من نَصَبٍ
ولا وَصَبٍ [أي مرض] ولا همٍّ
ولا حَزَنٍ ولا أذى ولا غمٍّ،
حتى الشوكةُ يُشاكُها إلا كفّرَ
الله بها من خطاياه". رواه
البخاري ومسلم. ومما
يُنسَب إلى أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب رضي الله عنه: اصبرْ
على مَضَضِ الإدلاج في
السَّحَرِ
وفي الرّواح إلى الطاعات في
البكر إنّي
رأيتُ، وفـي الأيـام تجربــةٌ:
للصبـر عاقبـةً محمـودةَ
الأثَـرِ وقلَّ
من جـدَّ فـي أمــرٍ يؤمّلــه
واسـتصحب الصبرَ إلا فاز
بالظفرِ ومما
قاله الحكماء: -
الإنسان من غير صبر سراجٌ من غير
زيت. -
حلاوة الظفر تمحو مرارة الصبر. - لولا
ثمرات الصبر ما نجح معلم في
تبليغ رسالته، وما أكبَّ عالم
على كتاب، ولا سهرتْ أمّ على
راحة وليدها، ولا تكبّد أب مشقة
البحث عن لقمة العيش، وما أمر
آمر بمعروف وهو يعلم ما يصيبه من
أذى الناس. ومما
تجدر الإشارة إليه أن الصبر
المطلوب من المؤمن ليس هو
القعود والخنوع والذل
والاستسلام، بل هو العمل الجاد
الدؤوب، مع ربط القلب بالله
وانتظار الفرج والنصر منه
سبحانه، وترك التشكّي إلى الخلق. فالصبر
على المرض مثلاً لا يمنع
التداوي، بل قد أمر الإسلام
بالتداوي على لسان رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "تداووا
عباد الله، فإن الله لم يضع داء
إلا وضع له شفاء" رواه الإمام
أحمد. والصبر
على الفقر لا يمنع بذل الجهد في
كسب الرزق الحلال. قال تعالى: ((فامشوا
في مناكبها وكلوا من رزقه)) سورة
الملك: 15. والصبر
على أذى أعداء الإسلام لا يمنع
مجاهدتهم. قال تعالى: ((وقاتلوهم
حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين
لله. فإن انتهَوا فلا عدوان إلا
على الظالمين)) سورة البقرة: 193. بل إن
سيد الصابرين رسول الله صلى
الله عليه وسلم علمنا بهديه
الشريف أن يصبر الصبر الجميل
الذي لا ضجر معه ولا يأس، وأن
يستمر داعياً ومبشراً ونذيراً
ومجاهداً بلسانه وسيفه حتى فتح
الله له البلاد كما فتح له
القلوب. بل نجد
في كتاب الله تعالى ربطاً
عظيماً بين الصبر والعزيمة،
ولنقرأ قول الله تعالى: ((فاصبر
كما صبر أولو العزم من الرسل ولا
تستعجل لهم)) سورة الأحقاف: 35. اللهم
اجعلنا ممن يصبر لك وقد قلتَ
لنبيك ((ولربّك فاصبر))
المدثر:7. وكن معنا وقد قلت: ((إن
الله مع الصابرين)) الأنفال: 46. ============================ قام
بها الشباب ..لكنها ثورة أمة نوال
السباعي- مدريد بارك
الله في شباب الأمة ، هذا الجيل
الأبيّ ، الذي أبى الرضى
باستمرارالذل والمهانة ،
ومعاملة الإنسان على أنه دابة
أو جرثومة في أرض الحضارات
والرسالات السماوية ، وأبى أن
تستمر الأحوال في هذه الأمة على
ماكانت عليه ، من التعامل مع
المواطن وكأنه مخلوق في قطيع
يتوارثه الطغاة أباً عن جد ،
لارأي ولامشورة ولا مشاركة
ولاحرية ولاكرامة ، وأبى أن
يسكت على الظلم والفساد ، وسرقة
مقدرات وأموال منطقة تعتبر من
أغنى مناطق الأرض ،بينما تعيش
الغالبية العظمى من مواطنيها
تحت خط الفقرفي ذل وتخلف وإقصاء
وعبودبة ، ويستمر نزيفها البشري
هجرة ونزوحا طلبا للخلاص ، كما
استفاد من الثقافة العالية التي
توفرت لمن أراد ، في عصر العولمة
والمعلوماتية ، وجمهوريات
الأمن المقامة في العوالم
الانترنيتية. لاينبغي
ونحن نحيي هذا الشباب المتألق
الشجاع المجاهد ، الذي أدرك
أدوات العصر ومفاهيم العصر
وملابسات العصر، أن ننسى الفضل
الكبير ,والضخم لمن سبقوه
وعلموه وثقفوه ، وأمضوا زهرة
حياتهم ، في الثبات على الحق ،
وتسليمه أمانة للأجيال اللاحقة
، بعضهم قضى شطرا من عمره في
سجون الطغاة ، آخرون قضوا نحبهم
تحت آلات التعذيب الرهيبة التي
لاتعرف إنسانية ولاأخلاق ، وفئة
ثالثة أخرجت من أرضها راغمة أو
مرغمة ، فروا بما يحملون من
أمانة ، ماهانوا ولااثاقلوا وهم
ينوؤون بحملها يوما إثر يوم ،
وساعة بعد ساعة ، على الرغم من
الأعاصير والدياجير والأهوال
التي انتابتهم في الطريق . أجيال
كاملة من القيادات البديلة ،
عملت السلطات الطاغية في مشارق
المنطقة ومغاربها على
استئصالها وإبادتها ، كيما تبقى
ملتصقة في كراسي الحكم ، هي
وأبناؤها وأبناء أبنائها إلى
أبد الآبدين، أجيال كاملة من
القيادات السياسية والفكرية
والدينية ، من الكتاب والمفكرين
وأساتذة الجامعات والصحفيين
وصناع الرأ ي ، اجتُثت بكاملها
من المجتمعات في المنطقة
العربية ، قتِّلت وذبُِّحت،
عُذبت وسُجنت ، نفيت أو
خرجت هائمة على وجهها بما
تحمله من أمانة في أعناقها ،
وماإن استقر بهؤلاء المقام في
أنحاء الأرض حتى بادروا
باستئناف الدور الحضاري الثقيل
الذي كان ملقيا على أعتاقهم
جماعات أو أفراداً في تبليغ
الأمانة للجيل اللاحق ، وقد
فعلوا . لقد
عاشت المنطقة العربية مرحلة
انتفاضة الشعب الفلسطيني مابين
القرنين ، والتي جاءت نتيجة
مباشرة للصحوة الإسلامية
الشاملة التي شهدتها الأمة ،
والتحديات الكبيرة جدا التي
واجهتها بعد هجمات الحادي عشر
من سبتمبر في أرضها ، ولدى
الجاليات المهاجرة في الغرب ،
والتي تعد بعشرات الملايين ،
ولقد بدا واضحا للمراقب والباحث
أن الشعوب في المنطقة العربية
بدأت بتجاوز الحركات الإصلاحية
بكل حساسياتها ، الدينية منها
والقومية والعلمانية ، وشبّت عن
الطوق ، وذلك لما عانته هذه
الحركات من عجز عن تطوير نفسها ،
وتجاوز أمراض الاستبداد التي
أصيب بها الإنسان حاكما ومحكوما
في المنطقة العربية ، ولكن هذا
الواقع لاينبغي أن يجعلنا ننكر
الدور الأساسي والكبير جدا الذي
لعبته ، وخاصة الحركة الإسلامية
في ميدان التربية الفردية
والتنظيم الاجتماعي ، والحركات
العلمانية والقومية في ميادين
الفكر والتنظير، في طول المنطقة
وعرضها وفي المهاجر ، في إيقاظ
الضمير العام ، والحض على تنمية
إرادة التغيير ، وتربية كثير
جدا من العناصر التي أصبحت نهضة
الأمة همها وهاجسها ، مع الأخذ
بعين الاعتبار ماأخطأت به كل
منها وماأصابت. كما
لاينبغي أن ننسى الدور الهائل
لصحوة الإعلام الناطق بالعربية
، وخاصة في قطر التي تسلمت
اللواء بعد القاهرة وبيروت ،
وكانت ولادة مؤسسة الجزيرة بكل
قنواتها وخاصة الناطقة
بالانجليزية ، بدء عصر جديد
للأمة ، لأمة لاتقرأ ، وفّرت لها
القناة توعية كاملة بكل مايحدث
في أرجائها ، كما وفرت للغرب
ولأول مرة في تاريخنا المعاصر
صوتا عربيا ناطقا بلغته ، قادرا
على محاورته بما يفهم ، وقد
تماشى ذلك مع ولادة قناة اقرأ
الاسلامية ، التي لعبت في حينه
دورا لايقل أهمية عن دور
الجزيرة الإخبارية ، في نقل
الثقافة والفكر الاسلاميين لمن
لايقرأ من أمة اقرأ ، ثم ولدت
الكثير من القنوات الشبيهة ،
منها من استطاع أن يقوم بأدوار
مشابهة كقناة الحوار والعربية
والرسالة ، ومنها الكثير من
الغث الذي كان له أدوار تدميرية
في مجال الفكر والدين والسياسة
والمجتمع. وإذا
ماتحدثنا عن الإعلام ، فلابد من
الحديث عن الصحافة المقروءة ،
والتي شهدت حركة بعث وتصحيح
هائلين ، في أنحاء واسعة من
المنطقة ، وخاصة في قطر ، حيث
استضافت الصحافة القطرية
مجموعة هائلة من مختلف شرائح
الكتاب الصحفيين العرب ، وفتحت
لهم أبواب صحفها الرئيسية
ليقوموا بالتحليل والتركيب
والنقد ، في حرية لم تشهد مثلها
المنطقة من عقود ، وكان دور
الصحافة المغربية على الرغم من
التضييق والحرب وإرهاب الدولة ،
دورا استثنائيا في الصمود
والتحدي ، ومثل ذلك يقال عن
الصحافة المصرية الالكترونية ،
التي لعبت إلى جانب المدونات
والمواقع الاجتماعية ، دورا
مصيريا في ولادة ثورة الشعب
المصري ، وقبله ثورة الشعب
التونسي الرائدة. إنها
إذن ثورة أمة ،هذه الثورة بدأت
من تونس ومصر، وإن قام بها
وقادها الشباب ، ولاينبغي أن
يلغى دور أجيال من القيادات
السابقة ، والأجيال السابقة ،
والمؤثرات الكثيرة التي كانت
تصب في هذا الاتجاه من تحريك
مستنقع حياتنا الراكد ، وقد وجب
استذكار كل هذه المؤثرات في هذه
الأيام المباركة ، التي قام
فيها شباب الأمة باسترداد
كرامتها ، وتركوا الطريق معبدا
أمام الجماهير لاسترداد حريتهم
وأمنهم وحاضرهم ومستقبلهم. لقد
استعملت السلطات في مصر هذه "الصياغة"-
من امتداح الشباب والهجوم على
القيادات البارزة-
لتثبيت القطيعة بين الشباب
قي ميدان التحرير ، وبين نخبة
المجتمع المصري من كبار رجالاته
في مصر وفي المهجر ، ولتبقى
الثورة دون رأس ، ودون قيادة
نخبوية حقيقية ذات وزن واحترام
في الداخل والخارج ،تستطيع أن
تأخذ بيد المجتمع المصري في
مرحلة التغيير بالغة الخطورة
هذه ، وسط أوضاع سياسية عالمية
رهيبة الضغط ، لكننا نرجو أن
لايكون الشباب قد وقع في هذا
الفخ ، وان يتنبهوا الى ان
المعركة الحقيقية قد بدأت الان
، معركة التعاون ، معركة
التكامل ، معركة تحديد الأهداف
بوضوح ، ورسم الطريق لتحقيقها
في مرحلية ووضوح ، مصر هي ثلث
المنطقة من حيث التعداد السكاني
، وهي بوابة الأمة نحو المستقبل
، وفيها مفتاح نهضة الامة ،
وتحديد معالم العلاقة مع الغرب
وربيبته إسرائيل ، التي زرعها
في أرضنا ، والتي ملات الدنيا
صراخاً بأنها الديمقراطية
الوحيدة في المنطقة ، المنطقة
التي خنقت إرادات شعوبها ،
ودمرت كرامتهم وحرياتهم ،
واقتصادهم وبلادهم ، من أجل أن
تبقى إسرائيل حارسة لمصالح
الغرب فيها . المعركة
الآن هي معركة البناء ، هي معركة
تنظيف حدائق مصر الداخلية
والخلفية ، هي معركة إعادة بناء
المجتمع وهياكله وبناه التحتية
ومؤسساته المدنية ، هي معركة
الإنسان ، مع الفقر ، مع التخلف
، مع الوهن ، مع الارتكاس ، إنها
المعركة الحقيقية والتحدي
الحقيقي الذي ينتظرنا جميعا. لايمكن
لأمة ان تحدد معالم المستقبل
مالم ترسم خارطة الواقع ،
ولايمكن لأمة ان تنظم علاقاتها
مع الآخرين ، مالم تنظم
العلاقات بين مكوناتها
الإنسانية ، ولايمكن لأمة ان
تنتصر على عدوها ، مالم تحقق
انتصاراتها على نفسها في معارك
التربية والأخلاق والنمو
والبناء. مصر
اليوم بحاجة إلى شبابها وشيبها
، نسائها ورجالها، كبارها
وصغارها ، عسكرها ومدنييها ،
مسلميها وأقباطها ، أحزابها
اليمينية واليسارية ، الدينية
والعلمانية ، مثقفيها
وجماهيرها ، مصربحاجة إلى
رجالها في المهجر ، وكبار
عقولها المهاجرة ، كما الذين
صبروا ورابطوا ثلاثين عاما
بانتظار الفجر ، مصر بحاجة إلى
القرضاوي والعوا وعمرو خالد ،
كما هي بحاجة إلى هيكل والهويدي
، والسعداوي والنقاش ، ورضوى
عاشور ، ورجالات الأزهر ،
ورجالات الفكر الإسلامي
واليساري والليبرالي ، ممن نعرف
ولانعرف ، من آلاف الجنود
المجندة ، الذين انهمكوا ربع
فرن في شق الطريق . مصر
بحاجة إلى الطليعة الشبابية
المكافحة بالعلم والمستقبل
والأمل وأدوات العصرالسلمية
الشريفة ، كما "البلطجية" ،
الذين جاهدت هذه الطليعة وصمدت
وصبرت وقدمت الضحايا من أجل
خلاصهم من نير العبودية ، وهم
الحريصون على استئصالها
واجتثاثها من فوق الأرض، لقد
كان شباب مصر وتونس يسقطون قتلى
وجرحى في ميادين الشرف ، على يد
العبيد الذين تربصوا بهم
واغتالوا شبابهم وثورتهم
وكفاحهم في سبيل تحريرالعبيد من
أدرانهم. مصر
اليوم بحاجة إلى الأمة ، والأمة
اليوم بحاجة لمصر ، إنها
المعركة ، إنها المعركة التي
قادها وقام بها الشباب ، ولكنها
معركة أمة مافتئت مرابطة في
شرفات الصبر تنتظر الغد ، وقد
هلت تباشيره من سيدي بوزيد ،
احترق البوعزيزي لينير دياجير
القهر ، ومزق جسد خالد سعيد ظلما
وعدوانا ، وسالت دماؤه وكسرت
أسنانه ، واقتلعت أظافره ،
كالمئات من مظلومي هذه الأمة ،
كل ذلك بانتظار هذا الفجر ، وقد
جاء ، ماظننا أنه يأت ، ولكنه
جاء ، حثيثا تقدم يمتطي عربات
السلام ، والنور ، والصبر ،
ليكتب التاريخ صفحة بيضاء ناصعة
نقية ، من تاريخ أمة قدمت للعالم
درسا في القيامة ، قيامة الشعب ،
عندما يعرف أبناؤه كيف يقفون
بشجاعة المقاتل في وجه الطغيان
الأعمى ، وليس لديهم من أسلحة ،
إلا إيمانهم بالله ، وإيمانهم
بأن الصبح مازال يتنفس ، وإن كنا
جميعا قد أعلنا موته ، وظننا أنه
بعيد. _________ ** كتبت
نصف هذا الموضوع يوم الاربعاء 9.2
وأتممته يوم السبت 12.2.2011 ========================== ميدان
التحرير...ميدان كرامة الشعوب بقلم
: ثامر سباعنه فلسـطين ميدان
التحرير أكبر
ميادين مدينة القاهرة في مصر،
سمي في بداية إنشائه باسم ميدان
الإسماعيلية، نسبة
للخديوي
اسماعيل ، ثم تغير الاسم الى
"ميدان التحرير"؛ نسبة إلى
التحرر من الاستعمار في
الثورة التي حصلت عام 1919م،
ثم ترسخ الاسم رسميا في
الثوره عام 1952م، رمز ميدان
الحرير الى حرية الشعوب وصمودها
حين شهد عدة مواجهات بين
المحتجين والقوات الأمنية منها
أحداث ثورة الخبز في 18 و 19 من
يناير عام 1977. ميدان
التحرير الذي هو الان محط انظار
العالم اجمع أصبح ميدانا لكرامة
الشعوب وعزتها ، بل فتح صفحة
جديدة من صفحات التاريخ للشعوب
العربية ، صفحة من الكرامة
والعزة والاراده بعد سنوات من
الذل والخضوع والاستسلام للظلم
والاستبداد السياسي والاجتماعي
. تحرك
الشباب بمصر وقبلها في تونس
يرفعون راية التغيير وإنهاء
الظلم ... كثرت الشعارات
المرفوعة والمُعلنه لكنها
أجمعت على ان : لا للظلم ... لا
لظلم الحاكم .. لا لظلم النظام ...
وبأن للشعوب الحره حقوق ومن
حقها الحصول على هذه الحقوق ،
فبعد سنوات من تحكم الاجهزة
الامنيه بمصير الشعوب وتحكمها
بالشارع العربي من خلال الإرهاب
والفساد آن لهذه الشعوب
المقهورة والمظلومة ان تتحرك
وان تنفض غبار اليأس والذل وان
ترسم لنفسها الطريق نحو التحرر
من الاستعباد . سنوات
من الظلم والذل عاشها أجدادنا
وآباؤنا والآن جاء جيل يرفض ان
يقبل بالاستعباد من قبل الانظمه
الحاكمة، جيل استغل تقنيات
العصر من انترنت وفيس بك
وتصوير عبر أجهزة الاتصال
والفضائيات وسخرها للتواصل مع
أفراد الشعب تمهيدا لإعلان
الغضب على الظلم والقهر وكسر
حاجز الخوف ، كما واستطاع عبر
وسائل الاتصال الحديثه ايصال
صوته للعالم اجمع ونقل صورة
الاحداث لباقي الشعوب ، الامر
الذي خلق تضامنا شعبيا عالميا
مع شعبي تونس ومصر . ميدان
التحرير ... ميدان لكرامة الشعوب
وخاصة الشعوب العربيه التي ظن
البعض منا انها انتهت ورفعت
راية الاستسلام وان لافائده
منها ..لكنها الان تعيد الامل في
عروق الجسد من جديد فتتحرك
اوصاله ويحاول النهوض من جديد
معلنا ان الامة لازالت بخير
وانها قادرة على صنع المستحيل. الى
المعتصمين في ميدان التحرير ...
الى ثوار مصر ... الى مجددي
الكرامة للشعوب العربية : شكرا
لكم ... شكرا لأنكم أعدتم لنا
مجدا قد ظننا انه لن يعود ... شكرا
لكم لأنكم اعدتم الى قاموس
امتنا معنى العزة والتضحيه ..شكرا
لكم ======================== زمن
فشل أنظمة الحكم العلمانية
العربية محسن
الندوي باحث
في العلوم السياسية والعلاقات
الدولية أولا -
تعريف العلمانية بإيجاز إن
لفظة "علمانية" ،في
الاصطلاح اللغوي ، تعني
الزمانية أو الدنيوية وهي
اصطلاحا تعني تقديس حب الدنيا
وتهميش الدين ونسيان أو تناسي
الدار الآخرة ويوم الحساب،
والعلمانية
نوعان علمانية جزئية التي تهدف
إلى فصل الدين عن الدولة وهي
العلمانية التي فشلت فيها
الأنظمة العربية،وعلمانية
شاملة أو مطلقة وهي منبوذة بشكل
مطلق وهي علمانية الماركسيين
والشيوعيين وتهدف حسبما ذهب
إليه د عبد الوهاب المسيري إلى
فصل القيم الإنسانية
والأخلاقية والدينية عن مجمل
حياة الإنسان. ثانيا
- كيف انتقلت العلمانية إلى
العالم العربي؟ ومن هم روادها؟ 1- عن
طريق الإرساليات الأجنبية
بمختلف أنشطتها التبشيرية إلى
عالمنا العربي , التي كانت تهدف
إلى استطلاع المنطقة، وترسيخ
دعائم السيطرة الأوروبية في
أذهان الأهالي، ومحاولة احتواء
الثوابت الإسلامية للعرب
والمسلمين. 2-
الاستشراق وأيديولوجية الهيمنة
؛ إذ لم يكن القصد من الدراسات
الاستشراقية تجريد الشرق من كل
مزاياه الفكرية فحسب, وإنما
تأسيس خطاب فكري للآخرين؛ يبرّر
من خلاله للمركزية العرقية
الأوروبية وزعزعةَ ثقة الأمة
العربية بعقيدتها الإسلامية
،وتدمير مجتمعاتها وعوامل
الاستمرارية والثبات عندها. وهو
ما أكدته كتابات الحاقدين
للإسلام أمثال
(غولد زيهر)، و(مونتغمري وات)، و(نويل
ج. كولسون)، و(رينان) الخ. 3-
المسألة الاستعمارية القائمة
على النّرجسية العرقية الغربية,
تكريس فكرة أحقية الغرب في
استتباع العالم ببَلْوَرَة
المفاهيم المركزية الغربية,
وتظافرها مع التبشير باسم (العقل)
و(العقلانية) و(الموضوعية
العلمية) !!. 4-
عقلية التقليد لبعض الخاضعين
لثقافة الغرب المولعين
والمنبهرين بها
الذين كرسوا مفهوم القابلية
للاستعمار بتعبير مالك بن نبي
ومن قَبْلِه عالم الاجتماع عبد
الرحمن بن خلدون القائل: "إنّ
المغلوب مُولعٌ بتقليد الغالب".
هؤلاء الخاضعين المتنكرين
للقيم الإسلامية الذين صاروا
معاولَ هدمٍ في صرح الثقافة
العربية الإسلامية أمثال (طه
حسين)، و(أحمد أمين)، و(علي عبد
الرازق) و(رفاهة الطهطاوي)، فهذا
(طه حسين) يقول : "لقد التزمنا
أمام أوروبا أن نذهب مذهبها في
الحكم, ونسير سيرتها في الإدارة,
ونسلك طريقها في التشريع، " !! ومن
المسيحيين العلمانيين العرب
أمثال (شبلي شميل) و(فرح أنطون) و(سلامة
موسى) و(جورج زيدان) الخ ثالثا
– زمن فشل الأنظمة العلمانية في
العالم العربي – نموذج تونس
ومصر-: عرفت
تونس نظاما للحكم علماني وظالم
بامتياز ، حاقد على
الإسلام، لا يطبق الشريعة
الإسلامية، سواء في زمن بورقيبة
العلماني بامتياز أو في زمن بن
علي تلميذه في تكريس العلمانية
في تونس ومحاربة الإسلام وعدم
تطبيق شريعته ، فتونس في عهد
بورقيبة وبن علي اشتهرتا
بمحاربة الإسلام بامتياز
وتشجيع تبرج النساء التونسيات
ومنع الحجاب، والحكم بغير ما
انزل الله ، ومنع تأسيس ابناك
إسلامية غير ربوية، وعدم فرض
الزكاة على الميسورين، وعدم
تحقيق العدالة الاجتماعية بين
الناس في تونس، وسيادة الظلم
واستغلال الموارد والثروات
بغير وجه حق، بل والتصدي
للمصلين في المساجد ومراقبتهم. في مصر
أيضا عرفت نظام حكم علماني في
عهد مبارك بامتياز ، ولم يكن
المفتي في مصر ولا رئيس جامع
الأزهر سوى بوق يهلل للرئيس
وللنظام العلماني ، الذي لم
يطبق الإسلام ولا شريعته ، بل
بالعكس النظام العلماني المصري
كان بمثابة التلميذ المجتهد
الموالي لعلمانية أسياده من
الغرب وخاصة أمريكا ، بل أكثر من
ذلك كان حليفا لإسرائيل عدوة
العرب والمسلمين موقعا معهم
معاهدة كامب ديفيد المشؤومة ،
نظام مصري ظلم شعبه وفرضه عليهم
العلمانية فلا زكاة تفرض ولا
ابناك إسلامية ولا حجاب في
الفضائيات ولا توقيف مسخرة شارع
الهرم ، نظام علماني لم يكن يظلم
شعبه فقط باستغلال ونهب ثروات
البلاد والعباد وتفقيرهم فقط
وإنما ظلم الفلسطينيين أيضا عبر
مراقبة دقيقة لمعبر رفح وتعذيب
الفلسطينيين لمنعهم من تمرير
الغداء والحاجيات الضرورية من
مصر لفلسطين ومساهمة النظام
المصري المخلوع لإسرائيل في
حصار غزة. خلاصة
القول الأمة
العربية والعالم العربي لن يجد
العدل إلا في الإسلام الحق، و إن
زمن العلمانية وكذا زمن
الماركسية قد ولى وإننا نعيش
زمن بزوغ الإسلام الحق ،
الإسلام العادل الذي ينطلق من
الكتاب والسنة، وليس الإسلام
الحداثي التي ترضى عنه أمريكا
وأوربا. إننا
نعيش زمن عودة الإسلام العادل
الذي يحقق للناس العدل والعدالة
الاجتماعية ويسمح لهم بالتعبير
عن آرائهم ، وبالانتخابات
النزيهة والشفافة ، ويحاسب
الحكام على أخطائهم وظلمهم
للناس وخلعهم عند عدم تطبيق
لحكم الله ، متعظين بسيرة
الخلفاء الراشدين فقد قال أبو
بكر الصديق رضي الله عنه - أيها
الناس فإني قد وليت عليكم ولست
بخيركم فان أحسنت فأعينوني وإن
أسأت فقوموني، أطيعوني ما أطعت
الله ورسوله فإذا عصيت الله
ورسوله فلا طاعة لي عليكم. والله
سبحانه شاء في هذا الزمن، للأمة
العربية في تغيير الأنظمة
العلمانية الظالمة ، حيث انه قد
بدأ التغيير الإلهي لخلع نماذج
الحكام العلمانيين الرافضين
لتطبيق الشريعة الإسلامية
الفارضين على الناس الظلم
والاستبداد وهما بن علي ومبارك
والبقية تأتي. وختاما
لا يصلح هذا الزمن إلا بما صلح
به أوله، فقد صلح أوله بالقرآن
الكريم ولا يصلح هذا الزمن إلا
بالقرآن الكريم،
سنة الله في كونه ولن تجد
لسنة الله تحويلا ولن تجد لسنة
الله تبديلا. ======================== التنحنح
والتنحي والتناحة ومابينهما بدرالدين
حسن قربي إذا
كان ما قيل من الأسباب
الموضوعية للانتفاضتين
الأخلاقيتين للشعب التونسي
والمصري أنه كان الرعب من
التوريث ابتداءً والخوف من
التمديد ثانياً، وضد الاستئثار
بالثروة وفواحش ثراءٍ تميّز به
ولاة الأمر وعائلاتهم
وقراباتهم أولاً وأخيراً، فإن
الاستبداد ممثلاً بالقمع
والقهر وقوانين الطوارئ
الدائمة وعدم تداول السلطة هو
السبب الرئيس الحامل والحاضن
لكل هذه الأسباب التي جعلت من
الأوطان مزارع يُعمل على
توريثها والاستئثار بها. وإذا
كانت تداعيات هاتين
الانتفاضتين اللتين خرجتا عن
المألوف في الخضوع والخنوع
للحاكم المستبد والفاسد هي
الشغل الشاغل حالياً لمعظم
الأنظمة ممن يعملون بلا حسيب
ولا رقيب خوف انتقال العدوى،
وأن يصيبهم ماأصاب الآخرين مما
أوقفهم وجهاً لوجه عراةً أمام
شعبهم مُبَهدَلين بوضع بئيس
وعاقبة وخيمة. وإن ما يلفت النظر
في عموم الغاضبين أنهم ليسوا
الأحزاب المعارضة وليسوا
المناوئين التقليديين، بل هم
جيل من الشباب يُفترض أن
الأنظمة الحاكمة ربتّه على
عينها وصاغته وفق إرادتها
وطوّعته بثقافتها خلال 25 عاماً
في تونس، وثلاثين عاماً في مصر
واليمن وأربعين عاماً في الشام،
ووضعته خلف سد هيمنة الحزب
الواحد وتقديس الحاكم الفرد،
وجو الفساد المعدوم الحياء
والتهميش لكل القوى الحية في
المجتمع والتجويع والإفقار،
جيل ربته الأنظمة ولكنه ضاق
ذرعاً بعقود من القمع والجمود
والخوف، ففاض كيله وهو يرى على
أرض الحقيقة ضلال الكلام وكذب
الشعارات، وفساد العمل ونهب
الثروات. إن
رؤية الأنظمة العربية لهذا
السيل الجارف من الغضب من أعماق
شباب يرون سواد أيامهم وتعتير
حياتهم وضياع مستقبلهم في ظلّ
أنظمة نخرِة تآكلت بنيتها دفع
بها سراعاً للقيام بعمليات
استباقية تبدّت بإجراء بعض
الإصلاحات وإطلاق الوعود
تعبيراً عن التفهم وحسن النية
لهذه الثورة إلا النظام السوري
فقد كان لها رؤيته الخاصة
والمتميّزه عن الجميع. ففي
الجزائر سعي لإيقاف حالة طوارئ
مضى عليها قرابة عشرين عاماً
والنظر في مطالب شعبية. وفي تونس
تنحى الرئيس بن علي تاركاً
الناس من بعده يتدبرون أمورهم
بأنفسهم، حتى القذافي اعتراه
الحال فبادر بالوعود وإطلاق
الإنذارات. أما مصر فما حدث فيها
لأكبر من أن يوصف وقد زلزلت
زلزالها، وترنح نظامها، وبدا في
حال من التنحنح لأكثر من
أسبوعين انتهت به إلى التنحي. في
السودان أعلن رئيسها البشير في
مواجهة مظاهرات طلابية مطالبة
بتحسين الأوضاع أن أبوابنا
وقلوبنا وأيدينا مفتوحة دون خوف.
وفي الأردن تم تشكيل وزارة
جديدة استبعد منها رجال الأعمال
وأعطيت إليها توجيهات تراعي
فيها مطالب الناس واحتجاجاتهم
على غلاء الأسعار وارتفاع
البطالة، أما أجرأهم مبادرة
فكان الرئيس اليمني مفاجئاً
وحاسماً لأمورٍ كثر العكّ فيها
أن لا تمديد ولا توريث ولا تصفير
للعداد. أما رؤية النظام السوري
لمستجدات الأحداث تونسياً
ومصرياً وعربياً كانت مختلفة عن
الجميع، فقد نفى الرئيس الأسد
بنفسه احتمال امتداد الاضطراب
السياسي إلى سوريا أو حتى تكرار
سيناريو الاحتجاجات المصرية
لتميّز الوضع السوري بعدم إقامة
علاقات مع إسرائيل. كما وعد
بالشروع في إصلاحات سياسية
واقتصادية، وإنما – والكلام
إليه - لكي نكون واقعيين علينا
ان ننتظر الجيل القادم لتحقيق
هذا الإصلاح، رغم أنه قد استوفى
في الحكم مع فترة والده الراحل
حتى اليوم أكثر من أربعين عاماً
وكأنها لم تكن كافية للإصلاح. لا
خلاف بأن يكون لكل نظام رؤيته
البراغماتية لما هو واقع من
الأحداث، ولكن على أية حال لن
يكون الفساد والإفقار
والتجويع، ونهب الثروة وإلغاء
الآخر مستساغاً أو مقبولاً حتى
مع عدم إقامة علاقات مع إسرائيل..!!؟ من كان
يظنّ أن نظامين من أعتى الأنظمة
العربية سيسقطان بهذه الطريقة
الكرتونية التي كان أولها
بالتنحي، وثانيها بالتنحي من
بعد نحنحنةٍ وتنحنح..!؟ فما حدث
يكفي للاتعاظ والعبرة، ولكن ما
أقل المعتبرين..!! فالبقاء للذين
يشيعون بين مواطنيهم قيم
المواطنة ومناخات الحرية
والحوار، وتكون لازمة
استمرارهم الحرية والديمقراطية
والعدالة، ولغيرهم من رافضي
الإصلاح والاتعاظ بمزيد من
التناحة بهدلة الرحيل أو
الترحيل، وعاقبة السوء والأخذ
الوبيل. من الخطأ – كما قالت
السيدة كلنتون - اعتقاد بعض
القادة العرب أن دولهم مختلفة
عن تونس ومصر، وأن بلادهم
وشعوبهم غير. لأنه اعتقاد مورد
للتهلكة، وفيه قدر كبير من
التعنت أو التتنيح، والمشهود من
أمر تونس البارحة شاهد، والمذهل
اليومَ من أمر أم الدنيا واعظ
وخطيب، فهل من مدّكر..!؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |