ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عصام
العطار أنا
معجب بهذا الرجلِ الجليلِ
الشيخِ في سِنِّهِ الشابِّ في
روحِه وعزمِه وإرادتِه
وشجاعتِه وصبرِه وعملِه ودأبِه..
غسان النجار ما
يزال منذ عرفتُه قبلَ عشرات
السنين يحملُ معه قضيةَ الحريةِ
والعدالةِ وحقوقِ الإنسان في
سورية والوطنِ العربيِّ أَنَّى
وُجِدَ وأَنَّى سار. لا ينفكُّ
عنها في سرَّاءَ أو ضرَّاء. في
شدّةٍ أو رخاء. عاش معها وعاش
لها ولِمُثُلِه ومبادئِه
الساميّة الأخرى. دخل من أجلها
السجن. قاسى من أجلها ألوانَ
البلاء. ضحّى من أجلها بالمكاسب
والرغائب. أعطاها الكثيرَ
الكثير من قلبه وفكره وصحته
حتّى أَوْهَنَ جسمه المرض،
وتظاهرتْ عليه العلل. لم
يَضْعُفْ له مع ذلك يقين. لم
يَهِنْ له مع ذلك عزم. لم يصدَّه
عن غايته ترهيبٌ ولا ترغيب. بقيَ
رغم كلّ ما أصابه سبّاقاً إلى
الواجب. سبّاقاً إلى أهدافِه
وأهدافِ أمته وبلاده المثلَى.
وها هو ذا يُساقُ في شيخوخته
المتقدّمة إلى السجن من جديد
بعد دَعْوَتِهِ المخلصةِ
الجريئة كلَّ أبناءِ الشعب إلى
تجمُّعٍ وطنيٍّ احتجاجيٍّ
سلميّ.. ثم يُطْلَقُ سَراحُه
بعدَ إضرابِه الصارِم عن الطعام
الذي أشفَى به على الموت (حتى لا
يموتَ في السجن) على أن يحاكم
وهو طليق في محكمة الجنايات أنا
معجبٌ بهذا الرجل الجليل:
بنقائه، بشمائله، بإنسانيته،
بتجرُّده. لم ينطلقْ قطُّ في
جهاده المتواصل مِنْ كُره وحِقد.
لم ينطلق من مصلحةٍ شخصيةٍ أو
مطمع. لم يسلك طريق العنف
والصدام. لقد انطلق هذا الرجل
الجليل من الحبّ: حُبِّهِ
للحرية والكرامة. حُبِّهِ
للمساواة والعدالة، حُبِّهِ
للحكم الشوريِّ الرشيد. حبّهِ
لتقدم بلاده وازدهارها على كلّ
صعيد. كان حريصاً على بلاده
كلّها دون تمييز. على شعبه كلّه
دون تمييز. وعلى أن يتجاوز
ببلاده كلِّها: بحكامِها
وشعبِها. بموالاتِها
ومعارضتِها. بمختلفِ أديانِها
وأعراقِها وشرائحِها المخاطرَ
المحدقة، والعواصفَ المنذرة،
والصراعات المدمّرة.. إلى وحدةٍ
حقيقية راسخة، على الأسس
السليمة الوطيدة من الحريةِ
والكرامة، والمساواةِ
والعدالة، وسائر الحقوقِ
المقرَّرةِ للأمم والشعوب
وللإنسان، لنكون بذلك -حقاً
وصدقاً- كالبنيان يشدُّ بعضُه
بعضاً، ولنكون على الصعيد
الداخليّ والخارجيّ أقدرَ على
الوفاء بحاجاتِنا وأهدافِنا،
ومواجهةِ سائرِ تحدّياتِ
العالم والعصر تمنّيتُ
لو أنّ الرئيس بشار الأسد لم
يَدْفَعِ المهندس غسان النجار
إلى السجن، ولا إلى محكمة
الجنايات؛ وإنّما دعاه للقائه
في القصر لِيسمعَ منه صوتَ
الشعب الصادق الذي لا يسمعه من
المرائين والمنتفعين، وليسمعَ
منه مباشرةً ما يراه أصحابُ
المعرفة والخبرة والرأي الحرّ
من سُبُل التغيير والإصلاح
الضروريّ الواجب الذي تحتاجه
الأمة والبلاد؛ ولكنّ الرئيس
الأسد دفع بغسان النجّار إلى
السجن، وأحاله إلى محكمة
الجنايات ولم يَدْعُهُ إلى
القصر، وقَبِلَ فيه وفي سواه -ربما-
نصيحةَ من لا يدركونَ الحقائق،
أو لا يُخْلِصون له النصح!! أخي
الحبيب غسان أنتَ
في شيخوختك ومرضك وشدّتك أنتَ
في روعةِ شجاعتِك وتضحيتك
ونُصحك لدينك وأمتك وبلدك أنتَ
في قلبي وفكري وإن بَعُدَ
المزار وأنتَ
معي معي في دعائي وضراعتي عندما
أسجدُ للهِ عزَّ وجلّ فتحيةُ
القلبِ الذاكرِ الشاكر لكَ
ولسائرِ أحرار بلادنا الشجعان
الذين يرتفعُ بهم صوتُ الحقّ،
وترتفعُ بهم جبهةُ الحقّ،
وتنفتحُ لنا بإخلاصهم ووعيهم
وشجاعتهم أبوابُ المستقبلِ
الحرِّ الكريمِ إن شاء الله ============================= هل
يستبق بشار الأسد التغيير الذي
حذّر من فوات أوان استباقه؟.. نبيل
شبيب بين
الإنكار والإقرار - انتظروا.. 42
سنة في السلطة! - سورية ليست تونس..
ولا مصر.. ولا.. - الشبكة.. وسيلة
لا تصنع الثورة - تهافت الاحتياط
من "مجهول" قادم - من أجل
سورية - المخرج في سوريا.. بين
أيديكم (انظر
أيضا:قضية سورية في مداد القلم) لم تجد
ثورة شعب تونس اهتماما كبيرا في
سورية ولم تسبب قلقا رسميا
علنيا، وعندما اندلعت ثورة شعب
مصر أيضا ظهرت في البداية
محاولة حصر أسبابها كما لو كانت
ثورة على مسيرة "كامب ديفيد"
فحسب، أمّا اندلاع الثورة في
ليبيا التي لا يختلف جوهر
أوضاعها بالمنظور "الأمني"
اختلافا كبيرا عن سورية، وكذلك
انتشار بذور مزيد من الثورات
العربية في عدّة بلدان، مع
التقائها جميعا على قاسم مشترك
واحد، أنّها ثورات شعبية يحركها
جيل جديد، وتستهدف إسقاط أنظمة
مستبدة، واستعادة الكرامة
والحرية والسيادة والاستقرار
والحياة الآمنة الكريمة، فلا
ريب أنّ هذه الأحداث التي تترك
آثارها على مستوى عالمي، وأصبحت
تمثل بمجموعها تحوّلا مفصليا
تاريخيا بأبعاد إقليمية تتجاوز
الحدود القطرية، لا يمكن أن
يمرّ عليها المسؤولون في سورية،
ولا الداعون إلى تغيير جذري
فيها، دون أن يُطرح على
الجانبين معا سؤال جوهري: ألا
يمكن أن تنشب الثورة في سورية
أيضا، وأن يكون هدفها الأول
الواضح للعيان هو إسقاط النظام
ليقوم نظام حكم شعبي أصيل؟.. بين
الإنكار والإقرار فارق
كبير بين إظهار الاطمئنان
رسميا، وبين واقع القلق الذي
تعبّر عنه تصريحات تعميمية وبعض
إجراءات عملية. من صيغ
الاطمئنان ما عبّر عنه الرئيس
السوري بشار الأسد وجاء في
مقابلة صحفية له (وول ستريت
جورنال 31/1/2011م) بعد ستة أيام من
اندلاع ثورة شعب مصر وقبل أن
تقطع المرحلةَ الحاسمة الأولى
من مسارها، إذ قال: "إن
سوريا لن تشهد سخطا جماهيريا
لأن سياسات الدولة تحظى بتأييد
الشعب.. الوضع أفضل من ست سنوات
مضت ولكنه ليس بالأمثل، لا يزال
أمامنا طريق طويل لنقطعه.. لكي
نكون واقعيين يتعين انتظار
الجيل القادم لتحقيق الإصلاحات".
ويُلاحظ
على هذا التصريح: 1- جميع
الأنظمة التي واجهت ثورات
الشعوب عليها كانت تردّد
باستمرار أن سياساتها تحظى
بتأييد تلك الشعوب. إنّ
السخط الجماهيري لا ينشأ ويؤدّي
إلى نشوب ثورة بسبب واقع
السياسات بمنظور من يمارسها
وتصوّراته حول موقف الشعب منها،
وإنّما بسبب النظرة الشعبية
الحقيقية إليها، ولا يُستهان
برفض تلك السياسات شعبيا، حتى
ولو كانت سياسات جيدة.. على سبيل
الافتراض. 2- نوّه
الرئيس السوري بالسياسات التي
تحظى بتأييد الشعب وفق قوله،
ولا خلاف حول تأييد ما يوصف
بالممانعة على صعيد قضية فلسطين
بغض النظر عن تقويم حجمها
وميادينها، ولا حول تأييد دعم
المقاومة بغض النظر عن الأغراض
من ورائه. إن
السؤال المفروض أن يُطرح في
سورية من جانب السلطات هو: هل
يمكن لِما يُعتبر إيجابيا ولو
جزئيا من السياسات الخارجية،
لاستمرار "الامتناع" عن
تحوّل السخط الشعبي في الميادين
الأخرى، من حالة الكمون
والتراكم إلى حالة الانفجار.. لا
سيما وأن الميادين الأخرى ترتبط
مباشرة بالمعاناة الفردية
الإنسانية اليومية.. على صعيد
لقمة الطعام، وعلى صعيد حرية
الكلام، ناهيك عن مصادرة
السيادة الشعبية على صنع القرار. 3- سبق
أن تحدّث الرئيس السوري مرارا،
في مناسبات قديمة وجديدة، عن
ضرورة الإصلاح الإداري،
والإصلاح الاقتصادي، ومكافحة
الفساد، وكذلك عن تأجيل الإصلاح
السياسي بحجة أولويةِ الجانب
الأمني بذريعة الأخطار
الخارجية القائمة فعلا.. كما
أقرّ في المقابلة الأخيرة
المذكورة نفسها بأّن "ما تحقق
من إصلاح كان محدودا".. جميع
ذلك يعني أنّ النظام القائم
يؤكّد من أعلى مستوياته
السياسية بوجود ما يستوجب
الإصلاح في جميع هذه المجالات،
أي جميع ما ترتبط به المعيشة
الفردية والحقوق الفردية
وبالتالي ما يثير السخط الشعبي
الجماهيري تلقائيا. انتظروا..
42 سنة في السلطة! 4- يقول
الرئيس السوري إنّ الواقعية
تقتضي انتظار "جيل كامل"
لتحقيق الإصلاح المطلوب.. الرئيس
السوري يقرّ بذلك بصورة مباشرة
أنّ حجم الفساد والانحراف
القائم ضخم إلى درجة تتطلّب –حسب
قوله- زمنا طويلا، فهل يتفق ذلك
مع استبعاد وجود "سخط شعبي"
يمكن أن ينفجر فجأة؟.. 5-
الرئيس السوري يجدّد تأجيل
عمليات الإصلاح بعد الوعد به
منذ 11 سنة (ناهيك عن الفترة
السابقة في عهد الأسد الأب) أو
يؤكّد مجدّدا بطء تنفيذ الوعود
بالإصلاح. ألا
ينبغي أن يوجّه الرئيس السوري
لنفسه الكلمات التي وجّهها
للحكام العرب في المقابلة
الصحفية نفسها: "إن لم ترَ
الحاجة إلى التغيير قبل ما حصل
في مصر وتونس، فقد أصبح متأخرا
أن تقوم بأي تغيير"؟. 6- يلفت
النظر في كلمات الرئيس السوري
قوله: ".. ولكن يتعين انتظار
الجيل القادم لتحقيق الإصلاحات".
هذه
عبارة خطيرة مضمونا ومن حيث ما
يمكن أن تسبّبه من ردود فعل
شعبية ساخطة، فكأنّه يقول للشعب
في سورية: لن يتمّ تنفيذ
الإصلاحات الموعودة منذ 11 سنة
إلا بعد أن يقضي الجيل الحاضر
نحبه، ويظهر جيل جديد، وليس
مجهولا أنّ اجتهادات علماء
التأريخ تحدّد "حقبة جيل بشري"
بما بين 30 و40 سنة.. فهل يمكن
انتظار الإصلاحات في عهد الرئيس
السوري الحالي ووفق وعوده، إلى
أن تصل فترة وجوده في السلطة إلى
أكثر من 42 سنة.. وهي فترة وجود
القذافي في حكمه التسلّطي على
ليبيا؟.. 7-
الواقع أنّ الرئيس السوري غير
مطمئن حاليا، وإن اختار من
الكلمات ما يريد التعبير به عن
ذلك، ويشهد على عدم الاطمئنان
تسارعُ اتخاذ جملة من الإجراءات
الفورية التي توصف "بإجراءات
امتصاص الغضب الشعبي"، مثل
رفع الأجور، وتخفيض تكاليف
المعيشة، وما شابه ذلك.. شأنه
شأن أنظمة الحكم في دول عربية
أخرى. عندما
يتحدّث الرئيس السوري عن آجال
بعيدة، يعبّر بصورة غير مباشرة
عمّا يعرفه هو ويعرفه سواه: جميع
تلك الإجراءات، ترقيعي، وفي
أفضل الحالات: هي إصلاحات
جزئية، لا ترقى إطلاقا إلى
مستوى ما ينبغي صنعه بشأن
مكافحة الفساد، ومكافحة
البطالة، ومكافحة الفقر،
وتحريك عجلة التقدّم، ناهيك عن
إصلاح جذري حقيقي وشامل، بدءا
بالدستور واستقلال القضاء
مرورا بمؤسسات الدولة جميعا،
انتهاء بالحريات والحقوق
الإنسانية، الفردية والجماعية،
المعنوية والمادية. سورية
ليست تونس.. ولا مصر.. ولا.. مثل
هذه العبارة التي تتردّد في
وسائل الإعلام، وعلى ألسنة بعض
المسؤولين، باتت قاسما مشتركا
بين جميع الأنظمة العربية التي
لم تصل إليها رياح الثورة بعد،
أو وصلت ولا تزال تتشبّث بأنّ
هذه الرياح لن تقتلعها من
الجذور، أو لن تستهدف –كما في
تونس ومصر وليبيا- اقتلاعها من
الجذور. مضمون
العبارة صحيح في الأصل، ولكنّه
خاطئ جملة وتفصيلا فيما يُبنى
عليه رسميا من استنتاجات. لم تكن
مصر مثل تونس، كما عبّرت عن ذلك
كلمة وزير الخارجية المصري أبو
الغيط: "كلام فارغ"، بصدد
احتمال اندلاع الثورة في مصر
بعد تونس.. ولكنها اندلعت بعد
ثلاثة أيام فقط من مقولته تلك!.. وليست
اليمن مثل مصر ولا تونس كما قال
الرئيس اليمني –واليمنُ يغلي
والضحايا يتساقطون- محذّرا من
"تقليد" الثورتين فيهما،
ومتوعّدا بتحريك الجيش ضدّ
الثوّار.. وهذا
ما ذكره أيضا القذافي نفسه في
إحدى خطبه التي باتت تثير "الرعب
الساخط عليه" بشأن ما قد
يرافق الجولة الأخيرة على مصيره
المحتوم في ثكنته وسط طرابلس،
ولكن لا تحقق شيئا من المقصود
بها، أي: التضليل عن القاسم
المشترك في حتمية سقوط النظام،
وهو الاستبداد، ناهيك عن إخفاق
محاولة إرهاب "الجماهير"
من متابعة الثورة كما كان في
تونس ومصر. ألا
يلفت النظر –بشأن ثورة شعب
ليبيا من بين الأمثلة المذكورة-
أنّ الحاكم المستبد في ليبيا
بدأ يتحدّث عن اختلاف ليبيا عن
تونس ومصر، بعد أن وقع في ليبيا
فعلا شبيهُ ما وقع في تونس ومصر،
بل بلغ خلال بضعة أيام ما لم يكن
أحد يتوقع أن يتحقق في بلدٍ
يحكمه نظام "القمع المطلق"..
ألا يلفت النظر أنّه "لا يريد
تصديق احتمال تكرار الثورة في
بلده".. رغم اندلاعها، ومدى
تشابه ذلك "الإنكار المسترسل
العجيب" مع مَن "لا يريد
تصديق احتمال تكرار الثورة في
بلده".. قبل اندلاعها؟.. إنّ
مضمون العبارة المذكورة أعلاه
صحيح من حيث اختلاف جميع
الأقطار العربية عن بعضها بعضا،
ولكنّ النتيجة المستخلصة من ذلك
والتي لا تريد الأنظمة
الاستبدادية استيعابها –قبل
فوات الأوان ولا بعد فوات
الأوان- هي أنّ الثورات تختلف عن
بعضها بعضا من حيث شرارتها
الأولى، ولحظة انطلاقها،
والطريق الذي تسلكه إلى أن تبلغ
غايتها، ولكن يجمعها قاسم مشترك
واحد يضع مثل تلك العبارة في
موضعها، وهو: إذا
اندلعت ثورة الشعب سقط النظام..
مهما كان مختلفا عن أنظمة
استبدادية أخرى، سواء ما سقط
منها أو ما زال قائما. إن
النماذج التونسية والمصرية
والليبية المختلفة عن بعضها
بعضا تؤكّد: -
للشعوب ومن بينها شعب سورية،
أنّها قادرة على صنع الثورة،
وإن اختلفت المعطيات
والمنطلقات والسبل والتفاصيل.. -
وللأنظمة، ومن بينها نظام الحكم
في سورية، أنّها غير قادرة على
الصمود وإن اختلفت البنية
الهيكلية لكل منها عن الآخر. هذا
بالذات ما تشهد عليه أيضا
الأيام الأولى من ثوراتٍ عربية
اتخذت منحى آخر، ولا يمكن
التنبؤ مسبقا بخطواتها
التالية، في الأردن والعراق، أي
في شرق سورية وجنوبها، وكذلك في
البحرين واليمن وعمان، أي –بالمجموع-
في معظم أنحاء الجزء الآسيوي من
"الوطن العربي الكبير"، ثم
في الجزائر والمغرب علاوة على
تونس ومصر وليبيا.. أي في معظم
أنحاء الجزء الإفريقي من ذلك
"الوطن العربي الكبير". المطلب
واحد: الشعب يريد إسقاط النظام،
حتى وإن تعدّدت اللهجات، أو
اختلفت تفاصيل صياغة جوهر هذا
التغيير الجذري المطلوب. الشبكة..
وسيلة لا تصنع الثورة لم يكن
يعلم سوى قلّةٍ نسبيا من
المتابعين للعالم الافتراضي
بأنّ بعض المواقع الشبكية
للتواصل، التي تردّد الحديث عن
استخدامها من بين وسائل الثورة
في مصر تخصيصا، كانت محجوبة في
سورية منذ عام 2007م، ذلك لأنّ
ممّا كان معلوما في الداخل
السوري وفي الخارج، أنّها -رغم
الحجب- متداولة على نطاق واسع
على أرض الواقع، بين الشبيبة
داخل سورية وخارجها على السواء،
فالحجب مستحيل عمليا. بل تقول
التقديرات إن موقعا واحدا من
هذه المواقع، هو "فيس بوك"
كان يتردّد عليه ما لا يقلّ عن 400
ألف شخص داخل سورية، أثناء حجبه
الرسمي. هذا
بعض ما أثار شيئا من الاستغراب
أن تعلن السلطات السورية فجأةً
عن إلغاء الحجب الرسمي.. وثورةُ
مصر في أوجها، إذ بدا ذلك أشبه
بإعلانٍ استعراضي –لا يغيّر
شيئا من الواقع الفعلي- لتأكيد
درجة الاطمئنان إلى أن هذه
الوسائل لا تصنع ثورةً في سورية.
الأرجح أن هذا "الاطمئنان
الموهوم" يعود لأسباب أخرى،
تتركّز على الاعتقاد بوجود درجة
رقابة مكثفة بعيدة المدى على ما
يجري تداوله عبر تلك المواقع
ومن خلال المدوّنات الشخصية،
ووجود درجة أعلى من التعسّف
السريع في ملاحقة مَن
يستخدمونها عندما يطرحون ما لا
يروق للسلطات انتشاره، مهما كان
"خطره" على النظام محدودا..
والأمثلة على ذلك معروفة وصارخة. بتعبير
آخر: ترى السلطات في سورية أنّ
ثغرة التواصل الشبكي لا تفيد في
إطلاق ثورة شعبية جماهيرية من
عقالها في سورية بالذات، لا
سيّما وأنّ السيطرة على الشبكة
وعلى رقابتها سيطرة احتكارية
شبه مطلقة، كما أنّ بعض الدعوات
التي انطلقت تلقائيا في سورية،
تفاعلاً مع ثورة شعب مصر، لم
تؤدّ لأسباب عديدة مفعولا
كبيرا، وإن أدّت إلى اعتقالات
سريعة. قد
يصحّ هذا الاعتقاد المطمئن
للسلطات السورية أو لا يصحّ،
سيّان.. ففي الحالتين لا يستوعب
المسؤولون حقيقة بسيطة ينبغي أن
تؤخذ بعين الاعتبار للمقارنة،
ولها جوانب عديدة يكفي التنويه
بإيجاز إلى ثلاثة منها على سبيل
المثال: 1- ظهور
عنصر التواصل الشبابي الشبكي في
ثورة شعب مصر لم يكشف عن وجود
"ثغرة" مجهولة لدى
المسؤولين في مصر، معروفة لدى
سواهم كالمسؤولين في سورية، فقد
كانت معروفة تماما في مصر أيضا..
فلا علاقة لذلك بأصل الحدث:
اندلاع الثورة أو عدم اندلاعها. 2- لم
يكن التعامل بالأساليب
الاستبدادية والاستباقية غائبا
في مصر، ليسوّغ الاعتقاد بجدوى
حضوره في سورية.. فلا أساس
للاعتماد على تلك الأساليب
للوصول إلى استنتاجات يمكن
الاطمئنان إليها في أي بلد آخر
بعد تونس ومصر.. 3-
الوسائل الشبكية وسائل.. لا تصنع
بحد ذاتها الثورة، وإن دعمتها
كوسائل، ويوجد سواها، فليس
العنصر الحاسم هو الوسيلة بحد
ذاتها، بل هو ما يتجلّى في
الكفاءة النوعية لصانعي
الثورة، من عامّة الشعب،
لاستخدام ما يتوافر من وسائل،
وابتكار ما ينبغي ابتكاره.. وهنا
أثبت الشعب الثائر كفاءة عالية،
في كل بلد على حدة، ولم تُثبت
الأنظمة في بلدان أخرى، أصبحت
الثورة على أبوابها، "كفاءة"
حقيقية في استيعاب ما تراه
جاريا حولها. تهافت
الاحتياط من "مجهول" قادم إنّ
العنصر الأهمّ في الثورات
العربية المتتابعة هو أنّ
اندلاع الثورة أتى دوما، في كل
بلد على حدة، من حيث لا يحسب
المسؤولون حسابه في هذا البلد
بالذات، وأن حجم الثورة منذ
اللحظة الأولى لاندلاعها قد
فاجأ أجهزة ذلك البلد تحديدا،
الاستخباراتية والقمعية
والإعلامية والسياسية جميعا..
وكان هذا العنصر الجوهري
المشترك بين جميع الثورات من
حيث الجوهر، مختلفا من حيث
نوعيته وموقعه وتوقيته
وتفاصيله ومجرى ما يفجّره من
الأحداث بين بلد وآخر. عنصر
المفاجأة في ليبيا يختلف عن
عنصر المفاجأة في تونس أو مصر..
وعنصر المفاجأة في أي بلد
استبدادي آخر سيكون مختلفا
أيضا، ولن يستطيع نظام استبدادي
التنبؤ به قبل فوات الوان. لهذا
بالذات لا يفيد أيَّ سلطة
استبدادية أن تتخذ احتياطات
وقائية من الثورة على
استبدادها، فهي تتعامل مع عنصر
"المجهول"، واحتياطاتها
عقيمة في نهاية المطاف. ولهذا
أيضا يتحوّل ارتفاع درجة
الاطمئنان إلى تلك الاحتياطات،
إلى نقيض المطلوب منه، إذ يعزّز
مفعول عنصر المفاجأة، ولا يفيد
آنذاك التراجع المبدئي لساعات
ثم البطش الدموي.. كما كان في
مصر، ولا البطش الدموي المتبجّح
على الفور.. كما كان في ليبيا. وما
يسري على مواقع التواصل الشبكية
–وهي وسيلة للثورة.. وليست
العمود الفقري لها- يسري على
مختلف العناصر الأخرى لحتمية
اندلاع الثورات الشعبية
وانتصاراتها على الاستبداد
بمختلف أشكاله ودرجاته. إن
لحظة انتصار الثورة على
الاستبداد هي لحظة اندلاعها
الأولى، فلا تفيد مواجهتها، وإن
سرّ انتصارها هو أنّها تندلع
دوما من حيث لا يحسب المستبدون
حسابه، فلا تفيد محاولات
الوقاية منها. من أجل
سورية لا
يمكن استثناء سورية من بين سائر
الأقطار العربية.. لا
يمكن استثناء سورية من مجرى
الحقبة التاريخية المعاصرة.. لا
يمكن استثناء سورية من احتمالات
التعرّض لأحداث ثورة بصورة من
الصور المشابهة لسواها أو
المغايرة.. ولكن
يمكن استثناء سورية عبر أمر
واحد: أن
يتصرّف الحكم القائم في سورية
بصورة فورية وشاملة قبل فوات
الأوان، بموجب ما يدركه حق
الإدراك دون ريب، انطلاقا ممّا
يراه بنفسه رأي العين، بغض
النظر عن تجلّيات إنكاره رسميا،
وذلك ما يظهر ما بين الكلمات
والسطور بوضوح، ويتطابق مع ما
كشفت عنه الأحداث الجارية حتى
الآن تحت عنوان "الثورات
العربية": 1- إن
وقوع الثورة في أي قطر عربي
وسقوط أيّ نظام استبدادي، لا
يرتبط بنوعيته، بل يرتبط
باستبداده.. 2- ولا
تجري الثورة بأسلوب "التقليد"
بل بأسلوب الابتكار.. 3- وإنّ
جوهر المغزى التاريخي العميق من
الثورات المتتابعة عربيا، هو أن
الشعوب قادرة على الابتكار،
والأنظمة غير قادرة على الصمود..
4- لهذا
تنتصر ثورة الشعب دوما، ويسقط
الاستبداد حتما، فلا تختلف
النتيجة وإن اختلفت المعطيات
وتعدّدت السبل.. 5- إنّ
ضعف الأنظمة لا يكمن في "قصور
محاولة حماية نفسها من السقوط"..
بل يكمن في استبدادها من حيث
الأساس، فلا جدوى من تفوّق نظام
على آخر من حيث ما يتخذه من
احتياطات، أو ما يقيمه من بنية
أمنية (قمعية) ولا في أساليب
إخراج ما يحققه فعلا أو يصوّره
تزييفا من إنجازات، في أي ميدان
من الميادين السياسية وغير
السياسية، الخارجية والداخلية. قد
يُضاف إلى ذلك مما يرصده
المسؤولون في سورية أيضا مثلما
ترصده الشعوب، أنّ سرعة سقوط
الاستبداد تتناسب –على ما يبدو-
طرديا مع "شدّة" الاستبداد..
وليس مع ضعفه، ومع شدّة "القمع"..
وليس التمويه عليه، وكذلك مع
شدّة "الاحتياطات" التي
تبعث على الاطمئنان –أي تسبّب
الوهم- لدى كل نظام على حدة. ألا
يلفت النظر أن رأس النظام في
تونس سقط بعد 21 يوما، وفي مصر
بعد 18 يوما، وأنه ترنّح على
الفور –خلال بضعة أيام فقط- في
ليبيا، وأصبح سقوطه حتميا ساعة
كتابة هذه السطور (عمر الثورة في
ليبيا 11 يوما لا أكثر حتى الآن..
ورأس النظام في ثكنة محاصرة) وقد
لا تستمر مقاومته للثورة
الشعبية أكثر من 15 يوما
باالمجموع؟.. ينبغي
أن يعلم كل نظام حكم استبدادي،
في الأرض العربية وسواها، بما
في ذلك في سورية: من
العسير القول مسبقا كم ستستغرق
المرحلة الأولى من الثورة في
هذا البلد أو ذاك، إلى أن يسقط
رأس الاستبداد، ثم النظام
القائم المرتبط به، ولكن يمكن
القول مسبقا: إنّ السقوط محتم..
وفق سنن التاريخ عبر القرون
الماضية، والتي تتجدّد الأدلة
على سريان مفعولها في الواقع
الحاضر المعاصر.. المشهود الآن. قد
يصلح الاستشهاد هنا بقول الباحث
السوري د. عماد فوزي الشعيبي –وإن
أورد ما يقول في قالب تحليل
مغاير- "إنّ أيّ تحليل لن
يستطيع أن يلمّ بِغَدِ الثورات،
لأنّها بالأصل خروجٌ عن
المألوف، لكنّ عقل الاستقرار،
النمطيّ في التحليل، يوحي بأنّ
الغد لم يعد مستقرا". المخرج
في سوريا.. بين أيديكم الشعب
في سورية –كسواها- لا يريد
الثورة لمحض الثورة.. بل يريد
التغيير الجذري. الثورة
وسيلة لهذا الهدف يمكن اللجوء
إليها ولا بدّ من اللجوء إليها..
لأن الاستبداد سدّ السبل الأخرى.
ولئن
كان تأخّر اندلاع الثورة في أي
بلد -رغم طول فترة الاستبداد
وشدّة بطشه- مرتبطا بعدم انتشار
الاقتناع بالقدرة الشعبية على
الأخذ بهذه الوسيلة من أجل
تحقيق هدف التغيير الجذري، فهذا
بالذات ما تؤكّد الثورات
العربية أنّه أصبح يسري على
سورية كسواها. ليست
الفترة الفاصلة ما بين انتشار
الاقتناع وتنفيذ ما يقتضيه هي
فترة "جيل" كامل، بل هي
فترة قصيرة، وهي الآن: الفرصة
الزمنية القائمة مؤقتا بين أيدي
المسؤولين في سورية، لتحقيق هدف
الشعب: التغيير الجذري الشامل،
قبل اندلاع الثورة.. فجأة. المطلوب
من الحكم القائم في سورية، وعلى
وجه التخصيص من الرئيس السوري
بشار الأسد الذي وعد بالإصلاح
على كل صعيد.. بما في ذلك
السياسي، ولكن لم يَعِدْ بتحقيق
ذلك فورا، بل أجّل تحقيقه كما
ينبغي -بكل بساطة- لمدة جيل كامل:
أولا:
الإعلان الرسمي الفوري الملزم،
بصيغة واضحة بينة، أنّ الإصلاح
المطلوب هو التغيير الجذري
الشامل، في كافة الميادين،
الدستورية والقضائية
والتشريعية والسياسية
والاقتصادية والمالية، على
الأصعدة النظرية صياغةً
وتخطيطاً والتطبيقية إجراءاتٍ
متتاليةً ومؤسساتٍ قويمة، مع
بيان واضح لمخطط زمني، يحدّد
لكل ميدان فترة زمنية ثابتة،
ولا يزيد بمجموعه على عام واحد،
ينتهي بالشروع الفوري في إقامة
نظام جديد على أساس المواطنة
الشاملة لجميع الفئات والأطياف
الشعبية دون استثناء، وإيجاد
آليات التعبير عن إرادة الشعب،
في اختيار منهج الحكم وسلطات
الحكم، مع ضمان تلك الآليات
تقنينا وتشكيلا ومراقبة
وتنفيذا للنتائج. ثانيا:
استعادة الثقة المفقودة الآن
بين الحاكم والمحكوم، من خلال
إجراءات فورية لا تحتمل انتظار
الإصلاح التغييري المرحلي: 1-
الإفراج الفوري دون قيد أوشرط،
عن جميع المعتقلين والمعتقلات،
لأسباب سياسية، أو بسبب حظر
الحريات، وفتح الحدود السورية
أمام المنفيين والمنفيات من أهل
سورية، دون تمييز. 2-
إلغاء حالة الطوارئ، وجميع ما
انبثق عنها من محاكم استثنائية،
وتشريعات قانونية، ووقف جميع
الممارسات المرتبطة بها. ثالثا:
الدعوة العاجلة إلى حوار وطني
شامل ومفتوح، يجري فيه تمثيل
النظام الحاكم وحزبه، على قدم
المساواة، مع أطياف المعارضة
السورية، في الداخل والخارج، من
خلال أحزابها وجماعاتها
المعترف وغير المعترف بها،
بمشاركة عدد من مجموعات المجتمع
المدني/ الأهلي المحظورة وغير
المحظورة، والشخصيات من ذوي
المكانة المعتبرة على المستوى
الشعبي، لا سيّما من أصحاب
المواقف المشرّفة خلال الحقبة
الماضية، على أن يشمل الحوار
جدول أعمال يتضمّن نقاط التغيير
الجذري الشامل، والخطوات
التنفيذية المتتالية الموصلة
إليه خلال عام واحد. لقد
انطلقت دعوات المخلصين إلى سلوك
السبيل السلمي للتغيير الجذري
الشامل، فإن وجدت التلبية قبل
فوات الأوان، يمكن أن تتجنّب
سورية ما تشهده بلدان عربية
أخرى من ثورات شعبية، هي –بفضل
وعي جيل المستقبل والشعوب
الماضية على طريقه- سلمية
حضارية، إنّما يمكن أن تشهد من
الضحايا من الثائرين الأبرياء
وعامّة الشعب، وأن يسقط خلالها
آخرون من صفوف المرتبطين
بالاستبداد والفساد، ما يسبّبه
تعنّت النظام بعد فوات الأوان،
ولكن لن يمكن آنذاك منع التغيير
الجذري الشامل رغم الاستبداد
والفساد. هذا ما
يعنيه واجبُ توجيهِ كلمات
الرئيس السوري بشار الأسد نفسه..
إليه، مثلما وجّهها إلى الحكام
العرب عموما: "إن
لم ترَ الحاجة إلى التغيير قبل
ما حصل في مصر وتونس، فقد أصبح
متأخرا أن تقوم بأي تغيير"؟. ========================= طفح
الكيل يا بشار، أنقذنا من
العصابة..!! بدرالدين
حسن قربي في حي
دمشقي عريق اسمه سيدي عامود،
كان حريق دمشق الكبير عام 1925
الذي التهم المنطقة بأكملها،
ومن يومها صارت سيدي عامود تحمل
اسم الحريقة. وفي يوم الخميس 17
شباط/فبراير 2011، الذي انطلقت
فيه شرارة الثورة الليبية
لإسقاط نظام القذافي، انطلقت
أيضاً شرارة الغضب السوري عندما
دخل شاب بسيارته في منطقة
الحريقة يريد التوقف في مكان
ما، قال له شرطي المرور بأدبه
الجمّ: امش ياحمار، ورغم أن
الشاب ردّ عليه بنفس اللغة، مما
أغضب الشرطي فضربه بعصا المرور
التي يحملها، مما دفع بالشاب
إلى الترجل من سيارته لرد
الإهانة للشرطي، غير أن تدخلَ
اثنين من عناصر الشرطة
المتواجدين في المكان
ومشاركتهما في ضرب الشاب حتى
إدمائه بشكل وحشي مهين، أدى إلى
تجمع المارة والمتسوقين
والتجار الذين أغلقوا جميعاً
محلاتهم ليغدو الأمر تظاهرة
عفوية قدّر عددها بأربعة آلاف،
ونداؤها: الشعب السوري مابينذل. كانت
قراءة الكثير من السوريين
وغيرهم على أن ماحدث في سيدي
عامود السورية، يكاد يتطابق مع
ماحدث في سيدي بوزيد التونسية
للشاب البوعزيزي والذي كانت
نهايته رحيل الرئيس التونسي إلى
أبد الآبدين، وقد ردت عليه
الجهات الرسمية عبر بعض صحفها
بأن البعض من المغرضين حاول
تسويق القصة بعيداً عن سياقها
الطبيعي رغم أن ماكان ليس أكثر
من شجار فردي تحول إلى شجار
جماعي انتهى في حينه. ومع ذلك،
لم يمض أسبوع على حادثة الشرطي
والشاب حتى وقف يوم الأربعاء
التالي أحد العاملين في السوق
في وضح النهار وهو رجل في
الخمسينات من العمر في منتصف
ساحة الحريقة محتجاً ورافعاً
لافتةً كَتب عليها: طفح الكيل
يابشار أنقذنا من العصابة. التواجد
الكثيف لرجال الأمن في المنطقة
جعل عدداً منهم يطلبون من صاحب
اللوحة مرافقتهم، فأفادهم أنه
يريد مقابلة الرئيس، وهو أمر
يذكّرنا بمحاولة الشاب
البوعزيزي التونسي لقاء رئيس
بلدية مدينته والذي رفض مقابلته.
ورغم أن الرجل لم يُعرف عنه
انتماؤه لأي حزب مرخص أو غير
مرخص أو تيار مسموح أو ممنوع أو
أن له اهتمامات سياسية سابقة،
وأن كل مافعله كان عملاً فردياً
بحتاً، فقد بقي في ضيافة الجهات
الأمنية ثلاثة أيام سوياً انتقل
فيها من الأمن السياسي إلى
الأمن الجنائي فسجن عدرا ليُطلق
سراحه بعد مثوله أمام القضاء
العسكري بتهمة كتابة عبارة تخل
بالأمن العام. ومع أن الرجل الذي
ناشد الرئيس مستنجداً
ومستغيثاً إنقاذ الناس من
العصابة الفاسدة والمفسدة من
الحيتان والهوامير وسرّاق
المال العام من القرابات
والنافذين في السلطة، كان عمله
سلمياً وديمقراطياً، ويُفترض
أن بلداً حُكم أكثر من أربعين
عاماً من الأب إلى ابنه وصل إلى
الحد الأدنى من الحريات، يسمح
بطريقة ما لمواطن واحد من عشرين
مليوناً على الأقل أن يقف في
مكان ما صامتاً لايتكلم، حاملاً
في يده لافتة أو قطعةً ما، يَكتب
فيها مطلبه واحتجاجه دون أن
يُساق إلى المعتقلات والأجهزة
الأمنية بجريمة الإخلال بالأمن
العام أو توهين نفسية الأمة
وإضعافها. غير أن حالة الطوارئ
المعلنة في سورية والمعمول بها
منذ قرابة خمسين عاماً متواصلة
بحجة حالة الحرب مع العدو
الصهيوني، جعلت حياة الناس
محكومة بصلاحيات ثورية مطلقة
تدار فيها الدولة بطريقة بعيدة
عن القانونية المدنية
والمساءلة أو المسؤولية، مما
أنتج نظاماً شمولياً تنعدم فيه
الحريات وتُمتهن الكرامات،
وتشيع في بره وبحره منظومةٌ
مفرداتها فواحش الظلم والجوع
والقمع والاستبداد، أخرجت في
النهاية آلافاً من الناس عن
صمتهم صارخين ومردّدين في وجه
القمع والإذلال: الشعب السوري
مابينذل...!!، وواحداً منهم يصرخ
في وجه أكابر فاسديها وناهبيها
ومفسديها وسرّاقها، ومعلّقاً
الجرس بصمت البلغاء والحكماء:
طفح الكيل، طفح الكيل....!!! أخيراً،
لعلها مصادفة أن يُعتقل صاحب
اليافطة العتيدة بفعل أحكام
الطوارئ في نفس اليوم الذي رفض
مجلس الشعب السوري بإجماع
أعضائه اقتراحاً من أحدهم
بإيقاف إعلان هذه الأحكام ولو
جزئياً لكون حالة الحرب مع
العدو الصهيوني مستمرة. قد
يجادل البعض في صدقية مثل هذه
الحجة وفائدة استمرارها، بأن لا
أحد أطلق طلقة واحدة باتجاه
العدو منذ قرابة أربعين عاماً،
وإنما لاجدال أن استمرار الحالة
قرابة نصف قرن ودون انقطاع شكّل
غطاء حديدياً في عموم البلاد،
لكل أنواع القمع والنهب
والفساد، الذي جعل رجلاً في
سيدي عامود الحريقة السورية
يغامر بحياته ويحمل روحه على
راحته بعد أن طفّ كيله، وينادي
على الرئيس بنفسه: أنقذووونا
وإلا خسرناكم وخسرتمووونا. ========================= جلال
/ عقاب يحيى- الجزائر مضحكات
مبكيات أنظمة الاستبداد العربي
كثيرات وإن تقيّأ العهر فولد
لقيطهم الذي يروجونه عن "المؤامرة"
المستمرة عليهم، وعلى وطن
مقاساتهم . هذا ابن حرامهم الذي
يجوب (دفاعهم) عن النفس ويوحّد
ذعرهم، كما يوحّد أجهزة قمعهم
وإعلامهم، واستبدادهم، وتخلفهم
. شرقاً
وغرباً، شمالاً وجنوباً،
ملكيات وجمهوريات وجملكيات
وجماهيريات تنطق اليوم بلغة
واحدة : المؤامرة التي يقودها
الغرب ضدهم(ضدّ الوطن العربي)
ووحدته(التي أنجزوها)، وقد يضيف
البعض إليها بهارات جذّابة،
وتسويقية عن القاعدة وسحرها
الغريب النفّاذ، وقيادتها حركة
الشارع المطالب بالحرية، أو
حبوب الهلوسة والمخدرات(الإبداع
القذأفي)، ناهيك عن (بعبع
الإسلام والإسلاميين )، وعديد
محلليهم الاستراتيجيين
يتعمّقون فيتحفوننا بتفاصيل
إبداعية عن أطوار" الشرق
أوسطية"، و "تفتيتّ الدول
العربية"، ونظريات" الفوضى
الخلاقة" وغيره كثير من
فزّاعات الفازعين، وشمّاعات
المشمّعين، بينما تهم العمالة،
والخيانة، والمرتزقة،
والمأجورين بعض المكرور من
قاموسهم المعهود . لعل
أطرف ما سمعناه أن الرئيس
المخلوع مبارك، ووزير خارجيته
أبو الأغواط تحدثا عن مؤامرة
أمريكية، وغربية، أيضاً،
للانقلاب على ذلك(النظام الوطني)
ناصع البياض طوال حكمه!!، لذلك
لا غرو أن يبحر القذافي في
تداعياته، وأن يجاريه علي عبد
الله صالح، وبشير السودان،
وأوساط سعودية مختلفة.. في حين (يقبض)
نظام الممانعة بالجرم المشهود
على المؤامرة المتواصلة عليه(وعلى
البلد)، فيتفنن في إبراز
حقائقها كل يوم، بل كل ساعة..
وحبل النسج على منوال الانحدار . **** الطفل،
قبل الكبير، والمواطن العادي
يدرك، بدون محللين ومنظرين
استراتيجيين وفلكيين ومتنبئين
أن للغرب مصالحه الحيوية في
وطننا، وأنه للحفاظ عليها لديه
مخططات متنوّعة، ووسائل مختلفة
لتحقيقها، بما فيها شراء الذمم،
وتجنيد العملاء، والتآمر
المفضوح والسري، وبثّ
الجواسيس، وحرب الإعلام
والتركيب، والتأليف.. وصولاً
إلى التدخل السافر، المباشر(العراق
شاهد فظ، وقبله عشرات الوقائع،
وفلسطين الجرح المفتوح) . ويعي
الجميع أن إدارات الحكومات
الغربية(على العموم) ومراكز
القرار والاحتكارات تركّز
كثيراً على الوطن العربي بعديد
مخططات الاحتواء، والنفوذ،
ومحاربة القوى والاتجاهات
المعادية له(عن حق وحقيق)، وأنها
تتوسّل إلى ذلك أشكالاً كثيرة
يخبرها القاصي والداني، ويمكن
مسكها، ورؤيتها بالعين
المجرّدة(وقد كُتبت فيها أطنان
الكتب والدراسات والمقالات)،
وأن تلك الإدارات غير شعوبها،
وحركات حقوق الإنسان وهيئات
المجتمع المدني فيها . أكثر
من ذلك يمكن القول دون تغوّل أو
مبالغة أن الوطن العربي مبتلٍ
بخصوصية تركيز الحركة
الصهيونية عليه(وما أدراك ما
الصهيونية وفعلها ومخططاتها)،
وأنها تملك مشاريع تفتيتية
استراتيجية لا تستثني وضعاً، أو
بلداً، وأنها مندمجة، ومؤثرة في
دوائر صنع القرار الغربي على
العموم، وهي حالة أخطبوطية، بل
سرطانية بالفعل، وتعمل ليل نهار
لتفتيت المجتمعات العربية
وشرخها عمودياً، وأفقيا، وبكل
السبل والاتجاهات .. ويمكن المضي
بعيداً في مؤامرات الصهيونية
وكيانها، والمباشر والمخفي من
مخططاتها، ناهيك عن ميادين
العمالة والتجسس والاغتيال
والأعمال الفجّة المعروفة،
وحروبها المكشوفة على القوى
الحيّة، والنظم الوطنية(أيام
زمان) . كل
ذلك صحيح وفصيح، وكثير وكبير،
وواضح ومخفي.. لكن ودونما حاجة
للغوص في سراديب "مجاهيل"
عمالة النظم العربية وتبعيتها،
ولقاءاتها السرّية والعلنية
بالصهاينة، أو محاولات فكّ
شيفرة أسباب استقرار، وديمومة
الحاكم العربي المستبد كل تلك
العقود، وما يقال عن ماسونية
متغلغلة(قديمة متجددة)، وعملاء
من العيار الثقيل في مراكز صنع
القرار لتلك النظم، وكل ما يحكى
عن ارتباطات، أو أصول قديمة، أو
ترتيبات سابقة ولاحقة، وحكايا
كثيرة عن تاريخ هذا الحاكم أو
ذاك، ومن جاء به، وحماه، ومنع
سقوطه، فإن الأمور تقاس
بنتائجها، ونتائج الوضع العربي
تفصح عن نفسها بقسوة فجّة،
مؤكدة أن إيصال الحال إلى ما هو
عليه إنما كان بفعل رئيس،
منهّج، أو بالنهاية، لممارسات
تلك النظم على مدى عقود حكمها،
وما أحدثته من تخريب وتجريف
للمجتمعات والقوى السياسية
وحقوق الشعوب ومصالح الأوطان
العليا(بل وللقضايا الوطنية
والقومية، ناهيك عن الحريات
المشنوقة، وكرامة البشر
المداسة ببساطيرهم، وما قامت به
من عمل تفتيتي بعيد الغور، ومن
إفساد منهّج، وتدمير الاقتصاد
الوطني ومصّ دماء الشعب)،
ومستوى تواطؤها مع الخارج
المعادي، وتنفيذها المطلوب
منها، أو عقد الصفقات المشبوهة
.. يصبّ مباشرة، أو من حيث المآل
بتلك المخططات و(المؤامرات) . **** ـ إن
فعل(الارتداد) بمعناه الشامل،
على الاتجاهات الوطنية،
ومحاولات إنجاز الاستقلال
الفعلي، وتحطيم جوهر المشروع
النهضوي، الوحدوي، الحداثي
العربي.. إنما حدث على يد نظم
الاستبداد، والأحادية بتخطيط،
وخيارات سياسية واقتصادية
واجتماعية عبّرت عن عمق
التحوّلات التي حدثت فولّدت
أبناءها : مافيا نهبية مكلوبة،
وعن سيادة قوى الاغتيال المنظم
في عموم النظم العربية(خاصة من
كانت تنتمي، أو تدّعي الانتماء
لحركات التحرر)، ولهذا فإن مجمل
النتائج الكارثية، والأوضاع
المتهاوية للأمة، وسلسلة
التنازلات، والانهيارات،
والتسويات والمقايضات، وعمليات
الإفساد المنهّج، والفساد
المعمم، وضرب اللحمة الوطنية..
إنما كانت الثمار المتلاحقة لما
زرعته وحصدته، بشكل رئيس . ـ ولئن
كان لا يحق للنظام المصري(البائد)
أبداً أن يتحدّث عن الوطنية، أو
المؤامرة عليه(ذلك بمثابة
النكتة الوقحة) صاحب السجل
المخزي، فإن بقية لملمات النظام
العربي لا تختلف عنه نوعياً،
مهما كانت الشعارات الخلّبية
المرفوعة، فسجلها حافل
بالتواطؤ، والمشاركة المباشرة
في تحطيم قوة، ومراكز الصمود
والحياة العربية، بل والقيام
بأخطر الأدوار وأقذرها في
المنعطفات الهامة، وكلما طُلب
منها ذلك . وما زالت فلسطين
ولبنان بدءاً من عام 1975 وما تلا،
وعراق 1991، وعراق2003، وفلسطين
الحاضر، الغائب شواهد في
الذاكرة، مثلما هي المجازر
الدامية التي ارتكبت بحق الشعب،
وعشرات آلاف المختفين، ومئات
المناضلين الذين أمضوا أكثر من
ربع قرن في المعتقلات دون تهمة
أو محاكمة، وآلفاً مؤلفة من
المهجّرين قسرياً، ناهيك عن
مسلسل الاغتيال المنظم، والقتل
المباشر والبطيء الذي مورس على
عديد الرموز والقيادات
والإطارات الوطنية . **** ما
يثير التفكّه حتى الضحك الذي
يفقّع المرارة أن أنظمة التدمير
والتبعية والنهب والفتك لا تخجل
من استهزائها بعقل وذاكرة
المواطن، وواقع حالها المفضوح،
وكأنها في خندق معاداة أمريكا و"إسرائيل"
والغرب الذي تعنيه فعلاً
وحقيقة، وأنها حررت البلاد
والعباد فلا أرضاً محتلة، ولا
احتلالا فاحشاً جاثماً(بمساعدتهم
وتواطؤهم) في العراق، وأنها
وحّدت الوطن من المشرقين حتى
المغربين، وأنجزت الاستقلال
الاقتصادي، وأقامت العدالة
الاجتماعية، ومجتمعات التكافل
والتضامن، وحاربت الجهل
والتخلف وإرث القرون بإدخال
الأمة العصر، وتبوّؤها المكانة
التي تستحقها، وحلّت مشاكل
القوميات، والأديان والمذاهب
والقبائل والعشائر والحارات
والزنقات، واستثمرت ثروات
البلاد في مشاريع استراتيجية
تقضي على الفقر والبطالة، وخصصت
نسبة كبيرة للبحث العلمي، ونجحت
في إعادة عشرات آلاف العقول
العلمية المهاجرة، ومحاربة
الهجرة الانتحارية وأشباهها
للشباب.. والكثير الكثير من فيض
إنجازاتها الخارقة، ولم يبق سوى(شوية)
أمور تخص جانب الحريات
الديمقراطية التي تستلزم إعداد
الشعب، أو استيراد شعوب أخرى
مهيّئة لديمقراطية قيد أفكار
القائد الفذ، والتي ستتفتق
عبقريته عنها، وسيعلنها في
الزمان والمكان المناسبين .. وأن
أكوام أفضال نظام الاستبداد على
شعوبنا تغفر له بعض التباطؤ في
هذا المجال، خصوصاً وأنه كان
على الدوام مشغولاً، وغارقاً في
معارك التحرير، والتصدي
للمؤامرات التي تستهدف الوطن،
وفي هموم المواطن، ووسائل تقدمه
ورفاهيته .. فطوبى
لكم حكام الدجل والفوات، قتلة
الآمال والحرية والتقدّم
والاستقلال الفعلي . طوبى
لكم وأنتم في صلب، وأساس مصائب
الوطن وما صار إليه، وما حلّ به،
على أيديكم من فظائع جعلته خارج
التاريخ، ومهدداً بالخروج من
الجغرافياً . إنكم
بالأصل أدوات المؤامرات
وأخطبوطها الضارب، وإذا ما
ارتفعت بيارق الحرية، ومطالب
ترحيلكم على غيرها، لأنه لا
حياة ولا دور ولا مستقبل لهذه
الأمة طالما بقيتم في مواقعكم
المغتصبة، وأن فتح الطريق أمام
شعوبنا لا بدّ أن يعبر من خلال
تكنيس وجودكم، واشتلاع
مخلفاتكم . المؤامرة
التي بها تطبلون وتزمّرون،
وتحاولون تشويه حركات
المعارضة، والأجيال الشابّة
التي تقرع أجراس مآتمكم هي أنتم
وذيولكم، وهي حصونكم وقلاع
دفاعكم الأخيرة حتى إذا ما
تأكدّ الغرب(الرسمي) بأن أيامكم
معدودات اضطر إلى سحب اعترافه
بكم، والبحث عن موقع قدم في
عاصفة التغيير، ومحاولة ركوب
بعض أمواجها المتلاطمة . ***** إننا
نطمئنكم أن شعوبنا عندما تتسلم
مقدراتها، وعندما تختار
ممثليها، وتنشئ حياة ديمقراطية
في إطار إقامة الدولة المدنية
التي يتساوى فيها جميع
المواطنين أمام القانون، ستعرف
كيف تقيم التوازن في علاقاتها
مع العالم الخارجي، وكيف تنتزع
الاستقلال والحقوق المغتصبة،
وكيف تنميّ وتوزع وتستثمر ثروات
الوطن، وكيف تضع الأمة في العصر
الحديث، وكيف تواجه إرثكم وما
فعلته أياديكم الخبيثة، وما
زرعتموه من أعمال مجرثمة لتشقيف
الوحدة الوطنية، وحرف أنظار
الشعب عنكم بتصعيد خلافات
جانبية ليست الصراعات البينية،
والطائفية، والدينية،
والإثنية، والقبلية سوى بعض
أوجهها . الغرب
الرسمي، ومعه الكيان الصهيوني،
ومجاميع المتآمرين على وطننا
يرعبهم ويرهبهم أن ينتزع الشعب
حقوقه، وأن يقيم الدولة
الديمقراطية، لأنه يعرف ـ
بالتأكيد ـ أن شعباً حرّاً لا
يمكن أن يرهن، أو يرتهن قراره،
وأن رئيساً منتخباً يحتمي بشعبه(وليس
بالخارج) سيتصرف في مقدرات
وشؤون البلاد بما يحفظ ويحقق
مصالحها العليا . ***** بقي أن
نقول أن محاولات (الخارج)
لاختراق المجتمعات والقوى
السياسية ليست حالة نادرة، أو
مستحيلة الوقوع، فمثل ذلك مألوف
في عموم المجتمعات والعمل
السياسي، لكن بالوقت نفسه فإن
اتهام الملايين الذين يواجهون
الاستبداد بصدور عارية، وفي
مقدمهم الأجيال الجديدة
بالعمالة، أو بالانجرار إليها
من خلال حفنة من العملاء الذين
يمكن أن يندسّوا، إنما هو
استمرار لنهج فوقي، ذاتي، مدان
أسقطه الشارع العربي الذي أظهر
وعياً متقدماً، وقدرات فائقة في
التنظيم وتنهيج الخطوات، وفي
محاولة الانتقال إلى مرحلة
إقامة الدولة المدنية الجديدة . ولئن
يحاول البعض من مرتزقة الأوضاع
الركوب على أمواج المرحلة، أو
احتضانها.. فإن القوى الحيّة في
الأمة، وفي مقدمها القوى
المعارضة المناضلة رفضت وترفض
الاستقواء بالأجنبي(الرسمي)، أو
الانضواء في مشاريعه، وأعلنت
مواقف واضحة في هذا الشأن
وغيره، والذي كان الداعم الأكبر
لأعداء الحرية والشعب . إن
تخصيب الأرض لإنبات الانفجار،
ومن قبله اليأس بالتغيير، أو
بالحدود المعقولة من الإصلاحات
السياسية.. إنما يجري بفعل إصرار
الاستبداد، نظام المافيا
النهبية على مواصلة نهجه،
واستخدام قواه الفتّاكة في
مواجهة الشعوب العزلاء إلا من
إيمانها بواجب وحتميات
التغيير، وهو يفتح المجال لبعض
النفوس المهزوزة بمحاولة شراء
وهم الاتكاء على الخارج، بينما
أكدت التجارب الدامية، والفرص
الكثيرة التي أتيحت لتغيير
الأوضاع سلمياً أنه(ذلك الغرب
الرسمي) كان الحامي الأكبر
للاستبداد، والمانع الفاعل في
سقوط عديد تلك النظم منذ سنوات . إن
الشعب، وفي مقدمه الشباب، فاجأ
دوائر المخابرات الغربية
ومراكز بحثوها ووضعها في حيص
بيص لأيام، حتى إذا ما تأكّد لها
زخم وقوة الثورة استجابت لها
تلك الأوساط بطريقتها، وبعضها
حاول، ويحاول استثمار مرحلة
الانتقال لصالحه، أو للجم تلك
الثورات كي لا تذهب عميقاً في
مجراها الطبيعي.. وكان
كيان الاغتصاب، وما يزال، أكثر
المرعوبين من (مفاجآت) الشارع
العربي، وأكثر المتضررين مما
حدث.. هو الذي استند عقوداً على
تلك الأنظمة التي حققت له
الاعتراف والهدوء على جبهات
المواجهة كلها (سوى الحالة
اللبنانية التي لا يوجد فيها
نظام استبدادي)، ناهيك عن
التسويات والتطبيع العلني
والسري، والتنسيق الأمني وغيره
. **** الشعوب
العربية تثور لأنها مقهورة،
مضطهدة، منبوذة، مهمّشة،
محتقرة، مهانة، مغيّبة ومقموعة
.. وهي تدرك أن الطريق إلى حريتها
لن يمرّ إلا عبر اشتلاع نظم
الاستبداد وإقامة البديل..وهي
مصممة ولن تخدعها فزّاعات
المؤامرة، كما لن تخيفها، أو
تثنيها التهم المعلبة التي
ألفتها عقوداً . ========================= سوسن
البرغوتي لست
بصدد الهجوم على أحد، فالكل
الوطني له الحق بإبداء رأيه،
ولكنه لا يلزم أياً كان، ولا
القبول بالتعدي على الخطوط
الحمراء ومحارم الشعب، ولكنني
بصدد الدفاع عن منجزات أولية
مبدئية، لثورة الشعب العربي،
جراء تراكمات سلبية على مدى
عقود خلت، أضرت بالمصالح
الوطنية العليا، على الصعيدين
الداخلي والخارجي، إضافة للوضع
الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي
والعدالة والقانون... مقدمة
عناوين واضحة دون أي التباس،
ومرفوضة قطعاً من قبل أي حريص
على تحقيق إنجازات الثورة
العربية كاملة. إلا أنه بالآونة
الأخيرة، ظهرت أراء أطلق
أصحابها على أنفسهم بالطلائع
الثورية، وأخرى جبهة مخابراتية
للدفاع عن وحدة البلاد، في حين
أنها تأخرت كثيراً، فضلاً عن
تفريخ فكرة استخبارية للضغط على
الشعب، الذي لم يعد يحتمل،
النظام الاستخباراتي الرسمي،
حتى يُواجه بآخر، بعناوين
مستفزة، فإما أن تكون معنا،
وإما أنك مشبوه وتعمل لحسابات
خارجية، وتقبل بما هو مرفوض
جملة وتفصيلاً!. كما
ظهرت آراء أخرى، ترجح مسؤولية
الطلائعية بقيادة الشعب، الذي
لا يعرف ماذا يريد!، وهذا الفصل
بين المصطلحين، وهما الطلائع
والنخبة، يبدو وكأن أولئك
يخوضون احتراباً سياسياً
مبطناً، باتهام تلك النخبة
بأنها تصدرت المحافل، وتدعي
تمثيل الجماهير، وأخذت على
عاتقها تصدر المحافل، وارتهنت
لحسابات خاصة فئوية، حزبية أو
جهوية، وبالمقابل لا بد من
تشكيل مثقفين مستقلين عن الطرف
الأول، وبهذه الحالة تصفية
الحسابات، لا تلزم الشعب بشيء،
فهو ماضٍ لغاياته التي يصبو
لها، بصرف النظر عمّن تشبع
بثقافة المؤامرة، ويريد
التخويف بإثارة الضجيج، بناء
على مصادر إعلامية وسياسية
ضاغطة لتنحي رأس النظام. إن
ظهور قيادات وطنية مخلصة، لا بد
أن تفرزه الثورة الشعبية، وهذا
حق طبيعي، إلا أنه لن يتم بين
يوم وليلة، ولكن الجماهير بصدد
فرز المتسلقين والانتهازيين،
والمحسوبين على الدعم الخارجي،
وكل شعب عربي وقواه الحية،
يعوون تماماً ويدركون دور
هؤلاء، للالتفاف على الثورة،
وتقويضها، وإلا ستراوح الثورة
مكانها، هذا إن لم تتلاشَ وتذهب
ريحها الطيبة. كذلك
المخاوف والهواجس مشروعة، على
ألا تعرقل سير عجلة التغيير،
وتقدم حلولاً للتصدي لمخطط
جهنمي استعماري، أطلقت عليه
الهجمة الاستعمارية بقيادة
أمريكا وحليفها الاستراتيجي
الكيان الصهيوني صناعة "الشرق
الأوسط الجديد"، في ذات الوقت
دون أدنى اعتبار، لكل مساوئ
النظام المتكلس، المستبد
والقمعي، والمرتمي بأحضان "الانفتاح"
على الغرب، ودون إنجازات
داخلية، لتطوير البلد وإصلاحات
داخلية من فساد وحظوة النظام
بالمال والتحكم بمصير البلاد
والعباد، رغم إقرارهم بذلك..
وهذا يعني تأليه نظام الفرد
الشمولي، مغلف بشعارات وطنية
صحيحة، إما بناء على تاريخ
تناقضه كلية مع واقعه، وإما على
أساس قناعة خاصة، أن هذا الحكم
والتحكم السلطوي، بصدد قيادة
ثورة شاملة منظمة، وقد أصابت
تلك أحلام البعض، تجاهل أمور لا
نلمسها على أرض الواقع، فلا
الشعب دخل حروب أهلية، ولا
القوات الغازية احتلت البلد،
وكل هذا الضجيج الإعلامي مصادره
مخاوف تعميم الوضع في العراق
المحتل على الساحة العربية، وهو
ما نرفضه جميعاً، وإن حدث
المحظور والمفروض قطعياً، فإن
الأرض العربية في شمال أفريقيا
ستشتعل تحت أقدامهم. هذه
ليست شعارات والقوى الباغية
والاستعمارية، تعي تماماً، أن
توسيع توريط قوات الناتو، في
مستنقع أوسع وأخطر، سيكلفها
المزيد من الجنود والآلة
الحربية، وسينهار اقتصادها
المتهاوي، وسيعرض بلادها لخطر
عدم الاستقرار والأمن، ناهيك عن
ازدياد وعي شعوب الغرب، برفض
النظام الاستعماري، مما يعني
اندلاع التحركات الشعبية في
بلادهم، وهذا الأمر لا يستطيع
أحد التكهن بعدم وقوعه، خاصة
أنه لا رخاء اقتصادي، ولم تجنِ
الهيمنة الأمريكية من حروبها،
إلا المزيد من القتلى والإعاقات
الجسدية والمعنوية لجنودها،
وهدر الأموال القومية على حروب،
بشعار زائف مخادع، فما علاقة
أمريكا بتطبيق الديمقراطية
ببلاد لا تشكل أي خطر على
استقرارها وأمنها القومي، وما
الحرب على "الإرهاب" إلا
إحدى تلك الوسائل المخادعة
الكاذبة. كل تلك
الأمور، تضع الخطوط الحمراء
أمام مسؤولية الجميع، للعمل
والتصدي لها، تجنباً لوقوعها،
ودرء أي مستجد ومنعطف خطر، يحرف
مسيرة الثورة عن أهدافها
المعلنة والمعروفة للقاصي
والداني، وذلك بتشكيل لجان
وطنية تضم الجمع الوطني، وتنظيم
ورص الصفوف - وهذا ما بتنا نراه
ونسمعه-، لا الالتفاف على
الثورة بأخرى معاكسة لها،
بإضعافها أو شيطنتها. وهذا
يدعونا إلى التركيز على تلك
الخطوط الحمراء، تلافياً
وتجنباً لأي تنفيذ مشروع
الاستعمار الشامل: أولاً-
رفض أي احتلال أو نفوذ خارجي و/
أو تدخل دولي، تحت أي حجة
وذريعة، سواء أكانت حماية مصالح
القوى الاستعمارية، أو ارتهان
أي قطر عربي للوصاية والتدويل. ثانياً-
الانفصالية والطائفية،
مرفوضتان لأنهما تعملان كمعول
هدام لوحدة البلاد وانقسام
العباد، وتطعن بهدف الثورة
الشعبية، جملة وتفصيلاً، ولذلك
يجب تضافر جميع من يضع بعين
الاعتبار مصلحة وطنه فوق أي
اعتبارات أخرى، حتى لا تزيد
الطين بلة، وتفتح ثغرة للتدخل
الخارجي. ثالثاً-
التدقيق والخروج بنتيجة
متوازنة، في ممارسات النظام
الاستبدادية والقمعية، التي
وصلت باستباحة الدم، لتعزيز
مكانتها السلطوية، والإصلاحات
المعدومة، مقابل خلل واقع
بالسياسة الخارجية، فلا يُعقل
تجاهل وترجيح كفة هذا لصالح ذاك
الخلل الحاصل أصلاً!. رابعاً-
كيف نحمي الثورة من أعدائها،
يعني ألا نضع العراقيل
والمعوقات لاستمرار الثورة
ونجاحها، فما زالت الثورة في
مهدها ولا يجوز أن نطالبها
بالطيران، وإحداث تغيير جذري
بين ليلة وضحاها، ولا بد من
إعطائها مهلة من الوقت، فالعامل
الزمني كفيل، بتصحيح أي مسار
يخرج عن الإجماع الوطني، وينبغي
أن تبقى جذوة الثورة مشتعلة
ومتيقظة. خامساً-
أن نقف على مسافة واحدة، من كل
الثورات الحاصلة بوطننا، فلا
يُعقل أن نساند ثورة الشعب
العراقي والفلسطيني المشروعة،
ضد الفساد والتفريط الوطني
باتفاقيات أمنية وسياسية، وضد
حكومة الاحتلال وسلطة محلية
دعمها بكل قوته، مع التأكيد
والتذكير على أن المقاومة هي من
تواجه الاحتلال، وإخراج
المحتل، التي تعمل حالياً على
تفكيك قاعدة إستراتيجية
استعمارية وتوازن في قوى الردع،
لم تصل لمرحلة طرد المحتل من
البلاد. كذلك من الصعب، تلوين
ثورات عربية، واعتماد مسيرات
واعتصامات، على أنها الأفضل،
فما يدرينا، إن كان بينها، وجوه
أخرى متسلقة ومأجورة
وانتهازية، وتعمل على تقويض
الثورة بأخرى معاكسة؟!، فضلاً
عن التغاضي عن المذابح الوقحة
والدماء التي سالت، واستخدام
السلاح الحي، لضرب شعب لا يحمل
بنادق أو أسلحة متكافئة مع
النظام. سادساً-
فرق بين ثورة، اتخذت مواقعها
الثابتة، كرافضة للنظام
القائم، وبين هبّة جماهيرية،
لتحقيق مطالب حقوقية مدنية، لا
تمس النظام القائم بسوء.
فالثانية، لم ترتقِ بعد إلى
مستوى الأولى، ولن يحدث هذا،
إلا إذا توحدت المطالب لصالح كل
المواطنين، وليس تغليب وتوظيف
طائفي، كما يحدث من قبل الأسرة
الحاكمة في البحرين. فغالبية
المواطنين من الطائفة الشيعية،
وتحصل على أقل المقاعد في
البرلمان لا تتجاوز العشرين
مقعداً من أصل ثمانين، 40 %
للسلطة الحاكمة، و20 % للسنة
الموالية لها، مع ترجيح كفة
الطائفية من قبل السلطة، بتجنيس
(عرب وأعاجم) سنة!. مرة
أخرى، لن يحقق الشعب أياً من
مطالبه العادلة، إن لم تتوحد كل
فئاته. وكذلك الحال بالنسبة
لهؤلاء الانفصاليين، والكل
سينبذ هذه الفئة الضالة، إلا إن
انضمت إلى الشعب كله، لذات
الهدف. نخلص
إلى أن دعم ومساندة الثورة
العربية واجب وطني، وأي تقزيم
لأي منها، لا يساند مثيلتها
بقطر آخر، وذلك بالإسراع بتنظيم
الصفوف، والانتقال لمرحلة
تشكيل حكومة مؤقتة وطنية، لأجل
تسيير شؤون الناس وحفظ الأمن
والنهوض باقتصاد البلاد
مجدداً، ولتحقيق العدالة
الاجتماعية والسياسية المرجوة،
ولقطع دابر أي متسلق ومنافق أو
من يخدم الأجندات الأجنبية،
ولإجهاض تنفيذ أي مشروع
استعماري، سواء أكان احتلالاً
أو وصاية. فالثورة
يجب أن تحمي نفسها أيضاً، وإن لم
تقف على جوهر الهدف لقيامها،
فستكون مجرد انفجار آني تتغير
فيه الوجوه فقط ويبقى النظام
على حاله، وهذا لا نلمسه أبداً
على أرض الواقع، وإن كان سيتخذ
وقتاً طويلاً، بالقياس إلى
الحسم العسكري. ========================= ثورة
ليبيا .. والمحركات الذاتية د.عيدة
المطلق قناة هاهي
اليوم الثورة الليبية تتفجر
ثورة شعبية عارمة .. بعد عقود
الصمت والتغييب.. لتكون حلقة
مباركة في سلسلة ثورات تقدمتها
وأخرى تلحقها .. صحيح أن الثورة
الليبية ربما استلهمت سابقتيها
المصرية والتونسية .. إلا أنها
لم تكن مفاجئة أو وليدة اللحظة ..
كما أنها لم تكن الأولى.. ولن
تكون الأخيرة.. فضلاً عن تميزها
بالكثير من السمات ّ!! فما
بين ثورة المختار .. وثورة "القذافي"
غرقت ليبيا بالتناقضات .. فقد
عانى الليبيون – في ظل سلطة
الجماهير - القتل والتشظية
والتغييب .. كما تحولوا إلى
مختبر لتجارب مستحدثة من
الاستبداد والأنظمة السياسية
الغرائيبة .. كما عانوا أشكالاً
متعددة من الاختلالات .. وفي ظل
- سلطة الجماهير - شهدت ليبيا
أسرع التقلبات وأكثرها
دراماتيكية .. فمن تقديس للعروبة
والقومية العربية إلى التشكيك
بها وطعن الأمة ولعنها.. ومن
الأممية والقيادة العالمية في
كل شيء .. إلى الحاراتية
والقبلية وصولاً إلى العائلة
النووية التي تسلمت مقادير
البلاد والعباد وكل مفاتيح
السلطة وهاهي اليوم رأس الحربة
في البطش والقتل ... ومن الداعية
الإسلامي .. إلى من يشتم شعبه
بأقذع الشتائم وأحط المفردات ..
ومن صاحب سلطة الجماهير إلى ..
إلى السفاح الذي يدعو الجماهير
للرقص والسهر والغناء على مشهد
الدم والنار التي يشعلها في كل
ليبيا.. ومن طهر الثوري وادعاء
البساطة ومشهد الخيمة المتنقلة
عبر القارات.. إلى صاحب القصور
والقلاع التي لا تخترقها
القنابل النووية.. ومن ادعاء
بساطة العيش إلى اللص الذي
استحوذ على مئات المليارات ..
ومئات الاستثمارات في ما يصح
وما لا يصح المبعثرة في كل
القارات.. ومن
الوطني العنيد الذي لا يتراجع ..
إلى استجداء التسويات المهينة
والصفقات المخزية.. و ادعاء
الإنجازات التي تتكشف وهميتها
عبر هدير الجموع ونزيف الدماء
وأشلاء الشهداء.. صبر
الليبيون حتى مل الصبر منهم
واحتملوا حتى آخر شحنة من طاقة
الاحتمال البشري.. صبروا حين
غيبت المجازر الجماعية ( السرية
والعلنية ) آلافاً من ابنائهم ..
نذكر منها- على سبيل المثال-
المجزرة التي ربما شكلت الشرارة
للثورة الراهنة.. ففي 29 يونيو/حزيران
1996 داهمت قوات خاصة سجن بوسليم..
وفتحت النيران على سجناء عزل
موقوفين لانتمائهم لجماعات
إسلامية، وقتلت نحو 1200 سجين ..
وكان لا بد من إخراس أي حديث
بهذه المجزرة.. !! صبر
الليبيون على اختفاء أبنائهم إذ
توارى الكثيرون منهم خلف الشمس
وإلى غير رجعة.. وصبروا
على وجود الآلاف من أبنائهم في
غيابات "الجب الجماهيري" ..
دون أن يروا ضوءاً في نهاية
النفق.. وعليه
فإن هذه الثورة ليست وليدة
لحظتها.. فرغم الصبر وطول انتظار
الفرج .. إلا أن مقدماتها كثيرة ..ومحركاتها
أكثر .. وإرهاصاتها تجلت في غير
انتفاضة .. وشهداؤهم كثر ممن
نعرف ولا نعرف !! إلا أن
الزعيم "الأوحد المتفرد .. "المختلف"
- كما يصفه ولده - .. هو الوحيد
الذي ظن وما زال يظن بالليبيين
سوءا .. إذ ينكر عليهم الحق في
الانتفاض على ادعاءات
الأولوهية .. فكيف بهم يفرون من
"المجد والتاريخ والعز" ..
وهو وحده بين زعماء العالم الذي
يتعامل مع شعبه وأمته باعتبارهم
– حاشا لله – " من الأغبياء
والبليدين" القابلين
للانسياق وراء مقولات التهريج
والتزييف والتخريف إلى أبد
الآبدين.. وفي
عصر الشعوب والحرية
والديمقراطية .. يبقى "
القذافي " الوحيد الذي يخرح
على العالم - بأعلى صوت وأعلى
منسوب من التوتر - مشرعناً القتل
والتدمير الجماعي .. وهو الوحيد
الذي يظن أنه القادر على
السيطرة على كافة حالات "القرف
والملل" .. وبالتالي "الغضب"
الذي يجتاح الأمة من الماء إلى
الماء.. ومن الصحراء إلى الصحراء!!
تقمص
"نيرون" في شخصه.. فراح يعمل
في الليبيين قتلاً وتشظية .. وفي
ليبيا تفكيكاً وفي ثرواتها
ومقدراتها نهباً وتبديداً .. وفي
تاريخها الجهادي المشرق
تزويراً ... لقد
تفرد " ملك الملوك " و "زعيم
العالم" بالتسويق لخرافة
اكتساب " المشروعية عبر
التدمير" .. مستحضراً جرائم
العصر في تسويغ ردود أفعاله
الهستيرية .. دون أن يدرك أن ما
تؤكده النواميس الكونية من أن
مليون جريمة مسكوت عنها
تاريخياً أو راهناً .. لا يمكن أن
تكون مسوغاً لأي انتهاك - مهما
كان متواضعاً- فضلاً عن أن يكون
مبررا لأي جريمة مهما ظن
مرتكبوها بأنها تافهة وممكنة ..
إن النواميس الكونية لتؤكد أن
مجرد انتهاك أي انتهاك لكرامة
الإنسان والأوطان كاف بذاته
لإشعال ثورة – أي ثورة-.. وعليه
فإنه في ضوء ما شهدته أحداث
الثورة الليبية من أحداث
وتطورات دراماتيكية .. فإن مهمة
الليبيين تبدو أعقد من مهمة
أشقائهم في الشرق والغرب
والجنوب .. ولكن ورغم الخبرة
المريرة مع هذا النظام "اللانظام"..
إلا أنهم كسروا حاجز الخوف ..
وخرجوا على أقانيم الصبر
والاحتمال .. فأطلقوا صافرة
الانطلاق ..وسالت دماؤهم
الطاهرة لتخترق كل الجغرافيا
والديمغرافيا الليبية المباركة..!!
وها هم يعلنون بكل أدوات
التعبير أن لا مجال للتراجع أو
النكوص.. !! ولكن
يبقى التحدي المطروح على الأمة
شعوباً وأنظمة.. حول الدور
المطلوب لإسناد هذه الثورة
المباركة حتى إنجاز أهدافها
بالخلاص .. وإلا فإن ليبيا اليوم
تتصدر قائمة الدول المؤهلة
للغزو والتفكيك والفتن.. – لا
سمح الله- .. و"لات ساعة مندم"!! ========================= ماهو
الجهاز المرعب مباحث امن الدولة الدكتور
عادل عامر تاريخ
جهاز امن الدولة المصري وإن شئت
فسمه جهاز أمن النظام في عام 1913
وفي ظل الاحتلال الانكليزي لمصر
تم إنشاء جهاز للأمن السياسي،
لتتبع الوطنيين والقضاء على
مقاومتهم للاحتلال، سمي "قسم
المخصوص" ، ويعد أقدم جهاز من
نوعه في الشرق الأوسط. وقد
استعان الانكليز في إنشائه ببعض
ضباط البوليس المصري، وتولى
ادارته لأول مرة اللواء سليم
زكي حكمدار القاهرة، الذي كان
مقرباً من المحتل. وبعد توقيع
معاهدة 1936 تشكلت إدارتان للقلم
السياسي، واحدة للقاهرة
والأخرى للاسكندرية، بالاضافة
إلى 'قسم مخصوص' يتبع السراي
مباشرة، ويرأسه قائد البوليس
الملكي، ولم يكن لوزارة
الداخلية أية ولاية على هذا
القسم، حيث كان قائده يتلقى
أوامره مباشرة من الملك. وعلى
الرغم من التغيرات الجذرية
العميقة التي قامت بها ثورة 23
يوليو في شتى مناحي الحياة
المصرية، إلا أنه، وهو الأمر
المذهل، ظل كثيراً من آليات عمل
القلم المخصوص مستمرة،
واعتنقها الجهاز النظير الذي
أقامته حكومة الثورة في أغسطس
1952 تحت اسم 'المباحث العامة'، ثم
أعاد أنور السادات بعد انفراده
بالحكم تسميته 'بمباحث أمن
الدولة'، ثم تغيرت لافتته إلى '
قطاع مباحث أمن الدولة'،
وأخيراً سمى 'جهاز أمن الدولة'.
ظلت وظيفة ومهام رجل أمن الدولة
من دون تغيير يذكر في كل العصور
واستمرت آليات عمله من دون
تغيير يذكر، اللهم إلا إضافة
المزيد من الصلاحيات والسلطات
والتغول على كل مؤسسات الدولة،
انتقاصاً من حقوق المواطنين
وانتهاكاً لحرياتهم الأساسية.
وفي كل مرة كان يجرى تغيير اسم
جهاز القمع السياسي لمحاولة غسل
سمعته السيئة، غير أنه في كل مرة
ظل وارثاً أميناً لفظائع وجرائم
سلفه، حيث تنتقل إليه ملفات
سلفه المتعلقة بالمعارضين
وتصنيفاتهم، ليعتنق الكثير مما
حوته هذه الملفات من آراء
وتقارير وتقييمات ويسير على
هديها وبالأحرى ضلالها.
والمقطوع به في الممارسة
العملية أن كافة أجهزة وقطاعات
الشرطة تخضع لهيمنة أمن الدولة،
وتقوم على خدمة سياساته
وتوجهاته. وصار تقليداً معتمداً
في الدولة المصرية أن قيادات
أمن الدولة عندما تنهي عملها
اللاإنسانى بجهاز أمن الدولة
تنتقل لتولى مناصب سياسية مهمة
كوزراء ومحافظين ورؤساء هيئات
ومصالح حكومية. فقد تولى وزارة
الداخلية من أبناء جهاز أمن
الدولة اللواء عبد العظيم فهمى،
وممدوح سالم ( وزيراً للداخلية
ثم رئيسا للوزراء) وسيد فهمي،
وحسن أبوباشا، وأحمد رشدي،
وحبيب العادلي. إن نجاح ثورة
الخامس والعشرين من يناير مرهون
في جانب كبير منه، في التخلص من
جهاز أمن الدولة الفاجر، الذي
استحل حرمات المواطنين
وحرياتهم من دون مساءلة لعقود
طويلة. ولن يجدي تغيير مسماه أو
استبدال لافتته ، فالفساد
والعفن ضرب بأطنابه فيه، بما لا
يجدي معه ترقيع أو إصلاح . أنشئ
الجهاز، بهدف حماية الأمن
المصري، ومحاربة الإرهاب
والتطرف وكل ما يهدد الأمن
المصري. لكن في الحقيقة فإن هذا
الجهاز ما هو إلا جهاز قمعي
إنشيى لحماية النظام
الديكتاتوري، وعمله الأساسي هو
إضعاف المعارضة السياسية بكل
أشكالها، وحماية النظام
السياسي القائم. كما أنه يمتلك
الكثير من الصلاحيات، ويعتبر
الضباط العاملين به - في نظام
حسني مبارك البائد - كانوا فوق
القانون فلا سلطان للقضاء أو
النيابة العامة عليهم. كما أن
العاملين في جهاز مباحث أمن
الدولة يرشح بعضهم للمناصب
الأمنية في مصر كرئاسة وزارة
الداخلية بالإضافة إلى أن ضباط
مباحث أمن الدولة يتمتعون
بمميزات مادية ومعنوية عن غيرهم
من ضباط الشرطة، هذا بالإضافة
استغلال معظم الذين كانوا
يعملون بهذا الجهاز القذر السيء
السمعة لنفوذهم وسطوتهم في
القيام بشتى أنواع الفساد من
تجارة في المخدرات، والأسلحة ،
وهم أكبر مافيا للأراضي التعذيب
في أمن الدولة التعذيب أمر
منهجي في هذا الجهاز القمعي ،
وكل مكاتب أمن الدولة بها أماكن
وأدوات للتعذيب ولا تخضع لأي
تفتيش أو رقابة، وربما يصل
التعذيب إلى حد القتل - كما حصل
مع سيد بلال ، وخالد سعيد
والمئات من معتقلي هذا الجهاز،
لقد قام هذا الجهاز الإجرامي
بالآف من عمليات القتل والتعذيب
وهتك الأعراض على مدى العقود
الماضية وقد ذكر المئات من
المعتقلين السابقين من قبل جهاز
أمن الدولة حدوث تجاوزات شديدة
بحقهم، من إهانات وضرب،
واعتداءات جنسية وصعق
بالكهرباء وإطفاء السجائر في
جميع أنحاء الجسد وخصوصا
المناطق الحساسة، الضغط على
المعتقلين ليعترفوا بأشياء لم
يرتكبوها. أكدت هذه الأخبار أن
التعذيب يستخدم بشكل أساسي وعلى
نطاق واسع كل المعتقلين
الخارجين من السجون ومن تحقيقات
أمن الدولة مما يجعل من الصعب
تكذيبها نظرا للسمعة السيئة
التي يتمتع بها الجهاز في مصر
وباقي أجهزة الشرطة المصرية
المشهورة بتعذيب وإهانة
المواطنين. ومن المعروف ان مؤسس
مباحث امن الدوله هو اللواء
صلاح دسوقي الششتاوي محافظ
القاهره الاسبق والساعد الايمن
لجمال عبد الناصر داخل جهاز
الشرطه هو أحد المسببات
الرئيسية للثورة، سنوات طويلة
قُهر فيها المصريين.. شباب في
عمر الزهور اختفى في غياهب
معتقلاته.. آباء حرموا من رؤية
فلذات أكبادهم يكبرون أمامهم،
ومنهم من قضى نحبه بداخله..
وأمهات لم يبقى لهن إلا الدموع
بعد أن فقدن أبناءهن. إنه جهاز
أمن الدولة، الذي مايزال الثوار
يضغطون لحله، إلا ان المجلس
الأعلى للقوات المسلحة، القائم
على إدارة شئون أم الدنيا، بعد
تخلي رئيسها السابق حسني مبارك
عن الحكم، لم يستجب للمطالبات
بحل هذا الجهاز الذي روع
المصريين وزرع في قلوبهم
ونفوسهم الخوف، إنما احدث عملية
تغيير في القيادات التتي تقوم
على إدارة شئونه.. حتى يتم محو
السمعة السيئة التي التصقت به
باستمرار، بسبب ثبات وظيفة ضباط
مباحث أمن الدولة في القمع
السياسي والانتقاص من حقوق
المواطنين وانتهاك حرياتهم.
وبالنسبة للشؤون الداخلية
بالجهاز، فلم تطرأ عليها ايه
تغيرات، سوى زيادة توغله
وسيطرته على باقي أجهزة الدولة،
حتى باتت الشرطة تخدم جهاز أمن
الدولة وتتبعه، وحينما تنتهى
قيادات جهاز أمن الدولة من
منصبها، تنتقل لتتولى مواقع
كبرى في الدولة كتولي حقيبة
الداخلية، مثل اللواءات عبد
العظيم فهمي، وممدوح سالم، وسيد
فهمى، وحسن أبوباشا، وأحمد
رشدي، وحبيب العادلي، وجميعهم
من خريجي مدرسة جهاز أمن الدولة.
الكثير ممن ساقتهم أقدارهم
ليقضوا جزأً من حياتهم، داخل
جدران معتقلات هذا الجهاز، رووا
عن تجاوزات وانتهاكات، يشيب لها
الولدان، من إهانات وضرب وتعذيب
وصعق بالكهرباء في جميع أنحاء
الجسد، وخصوصاً المناطق
الحساسة للضغط على المعتقلين،
ليقروا بما يريده الجهاز. ومن
بين وقائع التعذيب التي تعرض
أفراد الجماعات الإسلامية لها
على مدار سنوات سجنهم، يروى أحد
المعتقلين كيف أن أحد ضباط أمن
الدولة ويدعى ''خالد . د '' كان
يجبره وزملائه على الطواف حول
صورة كبيرة للرئيس السابق حسني
مبارك تم تعليقها في فناء
السجن، بذات الطريقة التي يطوف
بها زوار بيت الله الحرام
الكعبة وهم يرددون عبارة ''لبيك
حسني مبارك''!!. وحول الجدل
الدائر حول إلغاء جهاز أمن
الدولة تماماً أو تغيير جميع
القيادات الفاسدة به، أنا مع
ضرورة إبقاء جهاز أمن الدولة،
مع اقتصار دوره على تأمين
الجبهة الداخلية بشكل أساسي ضد
الإرهاب، أما المهام التنفيذية
من حيث إجراءات القبض
والتحقيقات فتتولى شئونها
الشرطة فقط. و ضرورة وجود جهاز
أمن الدولة، ولكن يجب أن يكون
على النمط الموجود فى كل دول
العالم فيكون اختصاصه فقط هو
الحد من الجرائم التي تهدد أمن
الدولة من الداخل، وليس انتهاك
الحريات والتجسس على حياة
الأفراد الخاصة وعدم احترام
حقوق الإنسان، و أنه لابد من
التغيير الكامل للجهاز
وقياداته. خرجت معلومات من
وزارة الداخلية مفادها أن هناك
تفكيراً لتحويل جهاز مباحث أمن
الدولة إلي جهاز معلومات.. ولم
يتم اذاعة تفاصيل عن هذا
الموضوع الذي يثير بعض الأسئلة.
ما هو نوع المعلومات التي
سيجمعها هذا الجهاز بمفهومه
الجديد.. وهل هي معلومات عن
أشخاص أم عن جماعات أو عن هيئات
ونقابات أو غير ذلك؟هل تتناول
هذه المعلومات الميول السياسية
أو الاتجاهات الفكرية؟ وهل
تتعلق بأمن الدولة الداخلي أم
الخارجي؟ وإذا كانت تتعلق
بالأمن الداخلي هل ستكون لصالح
رئيس الدولة أو لصالح الحكومة
التي تمثل الحزب الحاكم؟!ثم ما
هي الجهة التي ستقدم إليها هذه
المعلومات؟! هل ستقدم إلي وزير
الداخلية في الحكومة التي ستكون
موجودة في ذلك الوقت أم إلي رئيس
الحكومة أو أي جهة أخري؟وهل
معني تحويل هذا الجهاز الخطير
المرعب إلي جهاز معلومات أنه لن
يوفد رجالاً من قبله للقبض علي
بعض الأشخاص المناوئين فكرياً
أو سياسياً أو تنظيمياً ولن يتم
التحقيق بواسطته معهم؟ أم أن
جهاز المباحث العامة هو الذي
سيتولي هذه المهام بعد تقديم
المعلومات إليه؟! أم أن جهاز
الأمن العام سيكون له دور بدلاً
من جهاز أمن الدولة. هناك غموض
شديد حول هذا الموضوع ولابد من
توضيح وافي لمصير هذا الجهاز
الذي وصفته بأنه خطير ومرعب
لأنه كان يكفي أن يقال إن فلاناً
أخذوه إلي جهاز أمن الدولة فهذا
يعني أنه ذهب وراء الشمس وأن
مصيره لا يعلمه إلا الله.. فيكفي
أن يوضع هذا الشخص في غرفة شبه
مظلمة منفرداً لفترة طويلة دون
أن يسأله أحد وقد تعصب عيناه
طوال هذه المدة لتحطيمه نفسياً
قبل مواجهته بما هو متهم به
ناهيك عن عمليات تعذيب لاستخلاص
اعترافات قد تكون غير صحيحة. هذا
التصور عن جهاز أمن الدولة لا
يمنعني أن أقول إنني أعرف عدداً
من أفراده بحكم ولا أنكر أنهم
يتمتعون بذوق جم وخلق رفيع
ودبلوماسية ناعمة ولا ينسون أن
يبادروك بالتهنئة في الأعياد
والمناسبات المختلفة. ويهمني أن
أؤكد بهذه المناسبة أن أحداً من
هؤلاء الرجال الذين ينتمون إلي
هذا الجهاز لم يطلب مني يوماً ما
معلومة معينة ولم يسألني سؤالاً
موجهاً توجيهاً أمنياً أو
سياسياً أو يطلب مني الكتابة في
موضوع معين. ناهيك أن أخلاقي
ومبادئي لا تسمح لي بتقديم
معلومة من تلقاء نفسي بل كانت
ومازالت علاقة احترام متبادل.
لاشك أن اختفاء هذا الجهاز
بوضعه الحالي من حياتنا أصبح
أمراً حتمياً.. لأن سمعته تركت
أثراً سيئاً في نفوس جميع
المواطنين.. وهو - في رأيي -
امتداد لجهاز البوليس السري
الذي كان قائماً في العهد
الملكي. وكان من مهام هذا الجهاز
تصفية الناس معنوياً وأدبياً
وجسدياً. هناك سؤال يلح علي
خاطري قبل أن أختم هذا المقال:
هل مازال جهاز أمن الدولة
ناشطاً حتي الآن ويمارس دوره
المعروف؟! ========================= د
خالد السيفي قد
تبدو هذه المقالة أغرب من
عنوانها، ولكن هذا ما خلصت إليه
بعيدا عن الإيديولوجيات
والفذلكات. ولمَ الإستغراب ونحن
نرى ديكتاتورا يحرق شعبه ويدمّر
ثرواته ويفني أبنائه والعجب ألا
تتعجّب هذه الأيام. هتلر
حرق أوروبا، بوش أشعل العراق،
أما هذا القذافي فانه أضرم
النار في بيته. وعندما تتأمّل
أمثالهم من نوع ستالين أو ريغان
آو مبارك يصيبك نوع من الفضول إن
لم يكن الفزع لتتساءل كيف جاء
هذا المعتوه؟، وكيف وصل هذا
المهرج إلى هذا الموقع؟ أو كيف
سيطر هذا الغبي على كل الملايين
كلّ هذه السنين؟ يا إلهي إنهم
كلّهم مجانين. وتوافقني
أنهم قفزوا للقمة لا لإبداع ولا
لحِدّة ذكاء ولا لفضيلة، ولم
يبزّوا أقرانهم بشيء يذكره لنا
التاريخ، ولا يمكن التصديق أن
أمّة مثل الأمة الألمانية أو
الأمريكية أو الروسية افتقرت
للأفذاذ، ولا العرب ينقصهم
العلماء والمفكرين والكتّاب
والمبدعين والفلاسفة
والإعلاميين والفقهاء
واللاهوتيين، لا في حقبة
الانحطاط ولا في أيام النهضة
ولا في العصر الحديث. على
العكس اينشتين رفض رئاسة دولة،
ولاو تسو ترك منصب القضاء ولم
يصمد أكثر من يوم، وفورباخ لم
ينجح في انتخابات برلمانية، ولا
احد من المسلمين الأفذاذ تبوّأ
منصبا رفيعا، بل من المصيبة
المضحكة أن الفارابي طورد حتى
عاش في البساتين، ومات طارق بن
زياد شحاذا معدما بعد أن نُتفت
لحيته، وابن رشد حرّقت كتبه
وكذلك مارتن لوثر كنچ اغتيل،
وتاريخنا وتاريخهم مليء بهذه
المآسي. إلاّ
أن الحقيقة مُرّة والاعتراف
أمرّ، وهي انه هنا وهناك وصلت
مسوخ من البشر وكتل من الغباء
إلى سدّة الحكم، لدرجة تدعوك
للاستغراب، ولا يمكنك إلا أن
تسْتَتْفِه عِلمك وتستحقر
ذكاءك لعدم فهمك هذا اللغز،
وسيبقى جهلنا ماثلا أمام جنونهم
ما لم نفكّ الأحجية وراء كل هذه
القاطرة من الطغاة. الناس
عادة تلعن المستبد وتتساءل كيف
تسلّل هذا الفرعون حتى تربّع
على رؤوسنا، وما أصبحنا إلاّ
وقد صادر أرواحنا وثرواتنا،
وعبث بكل ما هو جميل في حياتنا
وحياة أجيالنا. ومع
ذلك؛ تبقى مفاتيح المسألة شاخصة
لمَن يريد أن يفهم ويتعلم
ويعتبر، فشعارات الثورة نفسها
تقدّم قواعد اللعبة. ماذا
يقول الناس في ساحات التغيير
والتحرير والتعبير لغاية الآن
؟، ولمَ الخوف من الثورة
المضادة؟ ملخّص
الشعارات؛ إسقاط النظام برموزه
المادية وشعائره المعنوية،
حريات مساواة عدالة وصياغة
دستور، أي تجديد العقد
الاجتماعي والسياسي والاقتصادي
لتوزيع الثروات والمشاركة في
السلطات لاتخاذ القرارات
وإطلاق الحريات. كل هذا يعني
شيئا واحدا؛ أنهم يريدون أن
يحكموا أنفسهم بأنفسهم وأن
يقرروا مصيرهم بأيديهم، وما هذه
التظاهرات إلا إشعار
بالاستعداد لتحمّل المسؤولية،
وهذا ما في... وما كان في كلّ
الثورات. وفي
المقابل يخاف الثوار من الثورة
المضادة، لأن القائمين عليها
يعرفون أن هبّة الجماهير لن
تستمر إلى الأبد على نفس
الوتيرة، وان الانتباه يتراخى
وان الكل ليس مستعدا لمتابعة
إنهاء المهمة، وهذا مفهوم،
فالملايين لن تبقى ملايين في
الميادين، والحشود لن تثور في
كل الثغور مَرّة ومرة بعد كل
مرّة، فالطاقات والأعباء ليست
موزعة بالتساوي على البشر،
فللناس أعمال وأشغال وأحمال
وأحوال.... من هنا يأتي الخوف
على الثورة. الناس
ثارت لتسترد روحها أولا، وتنقذ
كرامتها ثانيا، صحيح أن في
الواجهة الخبز والبطالة، لكن من
أشعل الثورة ليس الأكثر جوعا
ولا الأعطل عن العمل ولا الأقل
تعليما، بل هم الأرقى علما
والأوفر عملا والأوسط معاشا.
وجوهر الأمر أن من أهم صفات
الوعي: انه حر وقد يتكاسل حينا
أو يُكبت أحيانا أو يُجبر على
التخفّي سنينا، لكنه يبقى حرا
ليثور مستردا اعتباره، وإلاّ
مَن هذا الذي يثور الآن؟، هذا هو
الوعي. ولو
فكّرت بالكلمات التي تحتها خط
لاستنتجت انك أمام مسؤولية:
إمّا خائفة من الوعي، أو خوف واع
بالمسؤولية أو وعي خائف من
المسؤولية. وهذا يعتمد
على الزاوية التي تقف عندها
ملتقطا الصورة ونوع الفلم
والعدسة التي تزوّدت بهما،
ويبقى الموضوع كامن في إرادة
الناس. يا
صاحبي تعريف الحرية هي تحمّل
المسؤولية طواعية . ومسؤولياتك
ليست منفصلة عن حرّياتك ومتى
أسقطتها على شخص آخر تكون أنت قد
اختصرت كيانك إلى لا-كيان...،
طبعا لن يلومك الآن احد إذا جرت
الأمور للكارثة!، فهو الملام...،
لكنك تكون قد جُرّدْت من روحك. يا
سيدات، ويا سادة، كل
الدكتاتوريين في هذا العالم من
صنيعنا، لأننا نريد أحدا آخرا
ليُملي علينا ما يجب أن نعمله.
فلا احد يريد تحمّل المسؤولية،
لأننا نخاف من النتائج غير
المضمونة لكل فعل نقوم به، وهذا
مصدر القلق والتردد في تصرفاتنا
سواء ايجابيا أم سلبيا. عندما
يُقال لنا ما يجب أن نعمله فإنه
يُهيّأ لنا أننا أحرار من
التبعات، وأحرار من أعباء
التفكير، وأحرار من القلق
والتوتر فكل المسؤولية تُلقى
على أكتاف هذا الآمر. نحن من
يصنع الديكتاتور لنلقي عليه
اللوم بسبب هروبنا وخوفنا
وانسحابنا من ساحات المسؤولية،
ولا ندري أننا بذلك نفرّط
بفردانيّتنا وبديمقراطيتنا
فنتخلّى عن حرياتنا، ونسلّم
حقوقنا في التمثيل والتعبير
والنشر والرسم والضحك واللعب،
إننا نعطيه كل شيء. طغاتنا
وجدوا أنفسهم هناك لان ملايين
الناس أرادت أن تُأتمر....وبغيابه
تشعر هذه الملايين بالضياع.
وهذا وضع غريب بعض الشيء،
فملايين لا تريد مسؤوليات
وقلائل مجانين مستعدون لتحمّل
كافة المسؤوليات. والسّر وراء
التّباكي، أنهم يأخذون حريتك مع
مسؤولياتك، يأخذون كل ما لديك،
حتى اخصّ خصوصياتك. هم من طابع
بشري مختل، وأتجنّب واعيا كلمة
إنساني، إنهم ذوو إرادة سلطوية
رهيبة يدفعون أي ثمن في
تحقيقها، لأنهم مجانين. على
مرّ التاريخ كان الوضع مشابها...انتظرَ
الناس السياسيين او القديسين او
المجانين الذين يدّعون سلطة
الله على الأرض بعد النبيين...وحيثما
ظهر أحدهم نقع في شراكه. وقد
يُهيّأ لك في مرحلة ما أنهم
شجعان لكنهم دائما كانوا
متخفّين بأسماء وعناوين مختلفة
ومتسلّقين قاصدين السلطة، وما
يحدث الآن هو أحسن برهان. إلاّ
أن هذا يبقى اتّفاق خفيّ أبرم
حينها بين ملايين فضلوا بعض
قشور الموقع الاجتماعي
والوظيفة والمصالح والمكتسبات
فتخلّوا عن أرواحهم وبين أوغاد
أو مجاذيب لديهم رغبة جامحة
بالحصول على شيء واحد - السيطرة. أعرف
انك قد تتنّطح لإثبات غير ذلك
فأهلا وسهلا، ألَمْ نعد نعيش
عهدا عنوانه حرية الرّأي؟ ========================= عبرة
كبيرة لشعوب العرب وقادتها عودة
عريقات ما جرى
ويجري في ساحة الوطن العربي من
ثورات شعبية سالت فيها الدماء
وهي أحداث متوقعة مؤجلة بسبب
الكبت المتواصل الناتج عن الظلم
والحرمان والاضطهاد الذي يغلي
في صدور أبناء الشعب بسبب طغيان
وغي وجشع وضلال واستبداد قسم من
القادة العرب ،وهذا أمر يدعو
لدراسة الحالة من كافة الشعوب
العربية وخاصة من قادتها للسير
في طريق الإصلاح وتصويب المسيرة
لمصلحة الشعب والوطن وتجنب
عواقب غير محمودة مستقبلا لهم، ويقولون
العناد كفر والاستمرار في الغي
والطغيان هلاك محقق لا محالة
ولذا فالردع واجب بالتذكير أولا
بالقول المباشر من المقربين
وبكل الوسائل الإعلامية
الموصلة لذوي الشأن من القادة
الذين تجاوزوا الخطوط والحدود
المقبولة في علاقاتهم مع شعوبهم
بعد أن شيعوا الديمقراطية منذ
زمن لمثواها الأخير لأن السلطة
والهيلمان وإغراء الكرسي إن طال
الجلوس عليه ينسي القائد
الالتفات لحاجات الشعب
المتغيرة والمتجددة مع كل شروق
وغروب للشمس، وإذا
لم يجد القائد الردع الذاتي
واللازم لتصحيح مساره فهنا يقع
واجب كبير على رؤساء الأحزاب
وأعضاء البرلمان وقادة الجيش
وكبار المسئولين وخاصة
المستشارين حول القائد انطلاقا
من مصلحة الشعب التي من المفروض
أن تكون لها الأولوية وفقا
لولائهم للشعب والوطن ومن منطلق
أن المستشار مؤتمن لتصحيح
وتصويب الخطأ والاعوجاج لأن دور
المستشار في الأصل لنصيحة
القائد لكي يتخذ الخطوات
الصحيحة والآمنة في تسيير إدارة
الحكم، وإن
استمر الخطأ في المسيرة فإن
الشعب بالمرصاد سيطالب بتغيير
السياسة المتبعة وتصحيح
المسيرة أو المطالبة بتقديم
الانتخابات والتغيير بالطرق
القانونية والسلمية وللأحزاب
دور كبير عليها القيام به في هذا
المطلب لما فيه مصلحة الشعب
وتقدمه ورفاهيته وعزة الوطن ، والأحداث
التي جرت لدول عربية شقيقة في
شمال إفريقية وما يجري من
احتجاجات شعبية في الخليج
العربي ويجري أيضا في اليمن
السعيد اللا سعيد بنظامه وأيضا
هناك مناطق أخرى ما زال البركان
يشتعل متحفزا تحت رمالها ينتظر
شرارة الانفجار فهذه أحداث مهمة
ومنعطف في تاريخ شعوب المنطقة
العربية يجب أن تحدث تغييرا
جذريا في الثقافة السائدة بخصوص
العلاقة بين الشعب والحاكم وفي
رؤية الشعب والحاكم ، ولتكن
تجربة تاريخية على الشعوب
استيعابها واستخلاص العبر منها
فالعاطفة الجارفة الغير محددة
بشقيها الايجابي والسلبي التي
اعتادت الشعوب التعبير عنها في
مناسبات الحب والولاء للزعيم
التي تصل لحد العبادة وفي مشاعر
الكراهية للغير التي تصل إلى حد
الثمالة فلماذا لا تتخذ الشعوب
الوسطية بعواطفها كنهج وفكر
وإعطاء العقل دور لتحكيم المنطق
السليم في العلاقة والمشاعر، فالحماس
الزائد عن حده للزعيم ينقلب إلى
ضد وكما ورد في كتاب الهدى
والفرقان فاستخف قومه فأطاعوه
وورد أيضا( هذا بيان للناس وهدى
وموعظة للمتقين) فاتعظوا يا
أولي الألباب فليتعظ الزعماء
ولتتعظ الشعوب من المحن والدروس
المختلفة والقاسية التي تمر بها
الأمة، ولذلك
لماذا نحيط الزعيم بهالة
التقديس مع العلم أنه إنسان
مثلنا ليس فيه صفات السوبر مان
الغير اعتيادية فهو يمارس حياته
ويعبر عن مشاعره مثلنا ويصيبه
المرض مثلنا فهو ليس له فضل على
الشعب بل الشعب له فضل كبير عليه
حيث رضي به زعيما، فلننظر
للشعوب الغربية وعلاقاتها
بقادتها فهي طبيعية وليست مميزة
بسبب موقعهم بل أن موقعهم
يزيدهم مسؤولية واستعدادا
للمحاسبة من قبل شعوبهم فهم
يعشقون ممثلا أو مطربا ويعطونه
اهتماما أكثر بكثير من قادتهم، لأنه
رغم التهليل للزعيم العربي
والتكبير والهتاف والغناء له
عشرات السنين إلا أنه ربما تأتي
لحظه بعد زمن يحارب فيها الزعيم
طموحات شعبه ويقمعه بالقوة
ويفضل مصلحته على المصلحة
العامة للشعب والوطن مثلما يحدث
في ليبيا الآن، والوصف
الغير إنساني والحقير الذي وصف
به شعبه ذاك الزعيم الليبي
المغبون بكبريائه الذي يجري
خلعه من سدة الحكم والذي أثبت
أنه لا يستحق الوصف الإنساني
ولا يستحق أن يكون زعيما على
شعبه مدة ساعة واحدة لا اثنان
وأربعين عاما من السنوات العجاف
، وهذا
الأمر يجب أن يكون عبرة للشعوب
كافة فبعد حكم دام مدة طويلة طال
ثلاثة أجيال وبمرأى من كافة
العالم يقتل شعبه ويعذبهم بشتى
الوسائل الحربية التي بحوزة
الدولة والتي وجدت أصلا من أجل
الدفاع عن الشعب والوطن وأيضا
وصفهم بأدنى الأوصاف لأنهم
يريدون خلعه ويريدون التغيير
والتجديد والإصلاح وتحقيق
العدالة والمساواة من خلال
القانون و توزيع ثروة البلاد
لما فيه خير وطنهم، فحياة
أفراد الشعب قصيرة لا تستحمل أن
يرقد أي زعيم على كرسيه سنوات
طويلة حتى يتضاعف عدد أفراد
الشعب في ظل سلطته وهيلمانه
ومفسدته فالتغيير يجب أن يكون
من سمات الشعوب المتحضرة
والناضجة ولا تسمح بتأليه أي
زعيم مهما كانت مواصفاته
الايجابية ويجب تحديد سن معينة
بدستور كل دولة لشيخوخة الزعماء
وعليهم أن لا يتجاوزوه وهم
بالسلطة لإعطاء الفرصة لكفاءات
عديدة في المجتمع عندها
الجاهزية والمواصفات اللازمة
للقيادة، ويجب
تفصيل الدستور لمصلحة الشعب
عامة بكل أركانه وفئاته وأحزابه
وتطلعاته ويجب على الشعب أن لا
يسمح بتفصيل الدستور على مقاس
زعيم معين أو حزب معين من أجل
تقدم ورفعة الشعب والوطن ومن
جهة أخرى فإن نرجسية الحاكم
المفرطة تعني ظلم واضطهاد للشعب
وتأخر عن ركب الحضارة والتقدم ، فليكن
لنا جميعا عبرة مما جرى ويجري
لشعوب المنطقة العربية وعلى
كافة القادة أن يتعظوا مما جرى
لبعض القادة والزعماء حيث انمحى
تاريخهم وعزهم بلحظة غضب من قبل
الشعب فعليهم الاجتهاد وإتباع
شتى الوسائل لإرضاء شعوبهم وإذا
وصلوا إلى طريق مسدود عليهم
التنحي وفتح المجال وإعطاء
الفرصة لغيرهم من أبناء الشعب
لخدمة الوطن والشعب، ولذلك
أضحى مطلوبا من الشعوب تغيير
الثقافة السائدة في العلاقة بين
الزعيم الحاكم والشعب وعليهم أن
يكرسوا مفهوم تداول السلطة
السلمي وإلغاء احتكار الحزب
الحاكم للسلطة بل تكريس دولة
القانون للجميع وفقا للعدالة
والشفافية والنهج الديمقراطي
البعيد عن التزوير وإرساء مفهوم
عدم إغماض العين عن أي خطأ لأن
الخطأ الواحد يجلب أخطاء ويجلب
الكوارث خلال مرور السنوات، والشعوب
تعلم أن الله لا يغير ما بقوم
حتى يغيروا ما بأنفسهم والقادة
يعرفون أن الناس أحرار وليسوا
عبيد ولذلك يجب تغيير كافة
المفاهيم القديمة في العلاقة
بين القادة والشعوب فالشعب
ينتخب الزعماء لقيادة المسيرة
الوطنية لخدمة الوطن وخدمة
الشعب فلا تقديس وتأليه للقائد
والزعيم بل علاقة مبنية على
الاحترام المتبادل لما فيه خير
ومصلحة الشعب والوطن ، ولما
سبق فإن على الشعوب إن أرادت
العزة والتقدم والازدهار تغيير
الثقافة والمفاهيم السائدة
وذلك بهمة الشباب والأجيال
الجديدة بعد أن أصبح العالم
قرية صغيرة فالمعلومات بمتناول
الغالبية والأحداث في كل مكان
يعرفها الجميع ولم يعد بمقدور
أحد أن يخفي خداعة وتدليسه زمنا
طويلا مهما لبس من أقنعة ملونة
لأن هناك شعب له بالمرصاد
والمحن مرآة الشعوب. والقائد
الذي يستند في حكمه على وقوف
الشعب خلفه وتأييده لأنه يعبر
عن طموحات الشعب وآماله أقوى
بكثير من غيره ويبقى معززا
مكرما وأفضل من القائد الذي
يعتمد على جبروته وبطش زبانيته
وولائه لغير شعبه لأنه يبقى في
مهب الريح في أية لحظة معرض
للإقصاء والرحيل. ========================= عينٌ
على مواجهة الاستبداد.. وأخرى
على الهيمنة الأجنبية صبحي
غندور* يمكن
وضع القرار الأخير الذي صدر عن
مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا،
وكل ما سبقه وما لحقه من تصريحات
أميركية وأوروبية حول الممكن
اتّخاذه كإجراءات ضدّ نظام
القذافي، في سياق أحد ثلاثة
احتمالات: الاحتمال
الأول، أن يكون القرار
والتصريحات مجرّد تسجيل موقف و"رفع
عتب" وضغط معنوي دولي على
نظام العقيد القذافي، فيكون ذلك
مفهوماً ومقبولاً عربياً
وليبياً. الاحتمال
الثاني، هو أن تكون تلك
الإجراءات والعقوبات جدّية
فعلاً لكنّها هنا ستعني أنّ "المسألة
الليبية" أصبحت بنظر هذه
الدول مفتوحةً زمنياً وأنّه يجب
تكريس واقع الحال القائم الآن
من حيث وجود "ليبيا الشرقية"
و"ليبيا الغربية"، ووجود
"حكومتين" على الأراضي
الليبية، إضافةً لدواعٍ "دولية
إنسانية" تحتّم إقامة "مناطق
حظر جوي" وقوات دولية في شرق
ليبيا لحماية المواطنين وتقديم
المساعدات الضرورية لهم. أي
بشكل مشابه لما حصل بعد حرب
العام 1991 في العراق ، حيث استمر
النظام العراقي في بغداد لسنوات
بينما نما واقعٌ تقسيميٌّ في
مناطق أخرى وبحماية أجنبية، وفي
ظلّ ضمانات استمرار تدفّق النفط
العراقي وهيمنة العقوبات
الدولية. وهذا
الاحتمال هو خطيرٌ جداً في
أبعاده ونتائجه على الصعيدين
الليبي والعربي. الاحتمال
الثالث، هو الأخطر طبعاً، أن
يتكرّر في ليبيا ما حدث في
العراق في العام 2003 من غزو عسكري
أميركي/أوروبي لمنطقة طرابلس،
وبدعمٍ من بعض أطراف المعارضة
الليبية، بحيث يكون الهدف منه
إسقاط النظام بالقوة العسكرية
الأجنبية وإقامة واقع سياسي
جديد في ليبيا مبني على نظام
فيدرالي متعاون مع الناتو
عسكرياً، وضامناً للمصالح
النفطية الغربية. في
الاحتمالين الثاني (وهو المرجح
الآن) والثالث مؤشّرات خطيرة
مبنيّة على أهمّية ليبيا
بالنسبة لدول حلف الناتو نفطياً
وعسكرياً، كما هو الآن مهمٌّ
أيضاً بالنسبة لإسرائيل أن تتمّ
محاصرة مصر "الجديدة"
بدولتين عربيتين تتنازعهما
انقسامات داخلية وعليهما بؤر
عسكرية أجنبية طامحة للهيمنة
على ما فيهما من ثروات نفطية.
وهاتان الدولتان هما السودان
وليبيا بغضّ النظر عن مصير معمر
القذافي نفسه، حيث المراهنة هي
على صراعات البدائل الممكنة في
ليبيا والسودان معاً وعلى
انقساماتٍ قبلية وأثنية. طبعاً،
العقيد القذافي يتحمّل
المسؤولية الأولى والأخيرة في
كلّ ما حدث وما يمكن أن يحدث
لليبيا وشعبها وسيادتها ووحدة
أراضيها، لكنْ أيعقل أن يجتمع
مجلس الأمن وحلف الناتو لاتخاذ
إجراءت تتعلّق ببلد عربي ولا
تكون هناك مواقف عربية حاسمة في
المسألة الليبية؟! صحيح أنّ ما
يحدث في ليبيا معنيٌّ بتقريره
الشعب الليبي وحده، لكن أين هي،
في ظل احتمالات التدخّل الأجنبي
المباشر المصلحة العربية
عموماً، والمصالح المصرية
خصوصاً، في عدم التحرّك الجاد
والفعّال للمساهمة في دعم الشعب
الليبي وثورته، ممّا يضمن أيضاً
وحدة ليبيا أرضاً وشعباً ويساعد
على إقامة نظام سياسي ديمقراطي
جديد واضح في هويّته العربية
دوراً والتزاماً. إنّ
المسألة الليبية هي ليبية
أولاً، وهي مصرية ثانياً وعربية
ثالثاً، ولا مكان فيها للتدخّل
العسكري الأجنبي الذي سوف يخدم
حصراً مصالح دوله، لا مصالح
الشعب الليبي أو جواره العربي. فلماذا
لا تبادر جامعة الدول العربية
والعاصمة المصرية تحديداً إلى
عقد جلسة طارئة في القاهرة
يحضرها وزراء الخارجية والدفاع
العرب، وبحضور ممثلين عن الثورة
الليبية، لإقرار خطة ليبية/عربية
تضمن سيادة ليبيا ووحدتها
وعروبتها، وتساهم بالحفاظ على
أمن مناطقها وتقديم ما يلزم من
مساعدات لشعبها، وللتهيئة
لبناء نظام جديد فيها؟. هناك
العديد من الضباط والعسكريين
الليبيين المنضمّين الآن
للثورة والقادرين على تشكيل
نواة أمنية وعسكرية ليبية تكون
مهمّتها التعاون مع قوات مصرية
وتونسية من أجل ضبط الأوضاع
الأمنية على الحدود مع البلدين
وفي عموم الأراضي الليبية. كذلك،
من المهمّ سياسياً خروج موقف
عربي مشترك يرفض التدخّل
العسكري الأجنبي في أيِّ بلدٍ
عربي يشهد الآن أو قد يشهد
لاحقاً ثورات داخلية. هي
الآن في ليبيا معركة حياة أو موت
بالنسبة لفوضى "نظام"
القذافي، وهو لن يسأل عن حجم
الضحايا من شعبه أو عن مصير
وطنه، كما لن يهتمّ كثيراً
بالنداءات الدولية، فالذي لا
يسمع ولا يفهم صوت شعبه لا يمكن
له أن يسمع أصواتاً أخرى. يبدو
أن إدارة واشنطن والحلفاء
الأوروبيين لها لم يضمنوا بعد
البديل الممكن لحكم القذافي،
خاصّةً بعد أن منح القذافي
إدارة بوش السابقة والدول
الأوروبية كلَّ ما طُلِب منه
أمنياً ومالياً ونفطياً
وشروطاً سياسية كان منها نزع
الهوية العربية عن ليبيا ودفعها
لهوية أفريقية مائعة جعلت من
القذافي "ملك ملوك أفريقيا". وفي
ظلّ عدم "ضمان البديل"،
تصبح المصالح الغربية في خطر
يستوجب برأي أصحابها التدخّل
المباشر، ولو بأشكال مختلفة
وعلى مراحل. فمن غير المعروف
بعدُ لدول الغرب كيف سيكون
النظام الليبي الجديد، وماهيّة
برنامجه السياسي، وكيف سيتعامل
مع ثروته النفطية ومع جواره
العربي والأفريقي، وهل ستكون
هناك صراعات أو تفاهمات بين قوى
المعارضة الليبية حين تصل هذه
القوى للحكم!. هي
كلّها حتّى الآن احتمالاتٌ ولا
يستطيع أحدٌ الجزم بحدوث أيٍّ
منها. فالأوضاع الليبية على
الأرض هي التي ستقرّر مصير
الخطط والمشاريع الدولية التي
يتمّ حالياً إعدادها. فالكلمة
الأولى والأخيرة هي للشعب
العربي الليبي الذي سينجح في
مواجهة الاستبداد الداخلي كما
نجح سابقاً في مواجهة الاحتلال
الخارجي. ولا يخطئنَّ أحدٌ بأنّ
الشعوب العربية هي توّاقة الآن
للديمقراطية فحسب وبأنّها
ستتساهل مع الهيمنة الأجنبية
على أوطانها من جديد. فهذه
الشعوب أدركت بوعيها الفطري
الصادق أن لا فصل ولا انفصال بين
حرّية الوطن وحرّية المواطن،
وبأنّ الاستبداد الداخلي يخدم
الهيمنة الخارجية، والعكس صحيح. إنّ
شعوب البلاد العربية تفتح عيناً
الآن على حكومات الفساد
والاستبداد، لكنّها لن تُغمض
الأخرى عن محاولات السيطرة
الأجنبية على الثروات الوطنية
العربية. وهذه الشعوب، التي
تشغلها حالياً قضاياها
الداخلية الوطنية، لن تسمح
أيضاً باستباحة أراضٍ عربية
أخرى ولن تتهاون في مواجهة
مستعمرٍ جديد أياً كان. يبقى
القلق فقط على مقدار التنّبه
لمحاولات الفتن الداخلية،
والتنبّه أيضاً ممّن يريدون
أولوية الحصص الفئوية. فهناك في
الحالتين أشخاصٌ جاهزون لخدمة
أجندات أجنبية وإسرائيلية تبحث
عن عملاء. ــــــــ *مدير
"مركز الحوار العربي" في
واشنطن ========================= الفلسطينيون
وثورة العرب الكبرى عريب
الرنتاوي تاريخيا،
تزامن صعود الحركة الوطنية
الفلسطينية المعاصرة مع هبوط
حركة التحرر الوطني العربية
وتراجعها، بالذات في أعقاب
هزيمة حزيران عام 1967، وما تلاها
من ضربات موجعة تلقتها الحركة
القومية والناصرية العربية،
وصولاً إلى إنهيار المعسكر
الاشتراكي، وفقدان حليف دولي
قوي لهذه الحركة...وترتب على هذه
المفارقة، دخول الثورة
الفلسطينية في معارك طاحنة مع
سياسية وإعلامية، وأحياناً
عسكرية، مع النظام العربي،
دفاعا عن مقتضيات الثورة
ووجودها، وصوناً لقرارها
الوطني المستقل، وحقها الحصري
في تمثيل شعبها. اليوم،
تبدو الصورة مغايرة على نحو
مؤسف، فحركات "الاستقلال
الثاني" التي تنبعث في عدد من
الدول جاءت في ذورة تراجع
وانقسام حركة التحرر الوطني
الفلسطينية، ففي الوقت الذي
يخرج فيه "المارد الشعبي"
من قمقمه في تونس والقاهرة
وبنغازي وعدن والمنامة، تبدو
رام الله وغزة "خارج النص
والسياق"، الأولى مثخنة
بتداعيات التنسيق الأمني
ومندرجات مشروع "السلام
الاقتصادي المُغلّف"،
والثانية منهكة بهيمنة اللون
الواحد و"قانون الاجتماعات
العامة" المُستلهم لأسوأ ما
تفتقت عنه الذهنية "العرفية"
العربية. "الرفاق
حائرون"، من داعٍ للمصالحة
ومنادٍ بإنهاء الانقسام، إلى
متريث في الاستجابة للدعوة،
مروراً بمراهنٍ على عامل الزمن
ظناً منه أنه يعمل لصالحه، "الرفاق
خامدون"....فيما المنطقة
العربية تغلي بكل عوامل الثورة
والانتفاضة، من "المحيط
الهادر" إلى "الخليج
الثائر"...نظمٌ تطيح وأخرى "تتحسس
رأسها"، وترقب باهتمام،
المصائر الصعبة التي انتهى
إليها مبارك وابن علي والقذافي. هذا
الصمت و"الموات" لا يليق
بشعب فلسطين، الذي اعتاد أن
يكون طليعة متقدمة لحركة التحرر
الوطني العربية، وقدوة وأنموذج
لحركات تحرر عالمية في آسيا
وأفريقيا وأمريكا اللاتينة...هذا
"التخلف" لا يليق بشعب
فلسطين وثوّارها، الذين أطلقوا
الثورة تلو الأخرى، والانتفاضة
تلو الأخرى، في أصعب الظروف
وأشد اللحظات ظلمة وحلكة، وعلى
امتداد قرن بطوله وعرضه
وارتفاعه...هذا "القعود" لا
يليق بفلسطين والفلسطينيين
الذين لم ترهبهم آلة الحرب
الإسرائيلية، ولم توقف
اندفاعتهم المؤامرات العربية،
حتى يخضعوا كما نراهم اليوم،
لجنود دايتون وحسابات التنسيق
الأمني وقوانين الاجتماعات
العامة، فما الذي أصاب هذه
الشعب، وما الذي دهاه ؟!. يحدّثك
قادمون عن سماء الضفة المشبعة
بالغاز والاحتقان، في انتظار
الشرارة التي ستشعل سهلاً...ويحدثك
قادمون من القطاع عن شيء مشابه،
وإن كان أقل حدة وتفجرا...من يعلق
الجرس ومن يطلق الشرارة...هذا
الركود الفلسطيني لم يعد
مفهوماً ولا مقبولاً...لقد بات
ثقيلاً على النفس والروح والعقل
والقلب والضمير....في زمن
الانحطاط العربي، كنا نسعد بـ"فلسطينيتنا"
سواء كنا فلسطينيين أم عرباً
منتمين لهذه الحركة الطليعية،
ولم تكن العروبة هي "الهوية
الأولى" التي نعرّف بها عن
أنفسنا...اليوم بتنا نقدم "عروبتنا"
على "فلسطينيتنا" بعد أن
استعادت العروبة ألقها، وخرجت
من قاموس "الحريرية السياسية"
ومدرسة الاعتدال العربي،
اللتان أرادتا حشر العروبة في
زاوية المواجهة مع إيران فقط،
حتى وإن أدى الأمر إلى أخراجها
عن خط المواجهة مع إسرائيل، بل
والتنسيق معها إن تطلب الأمر. اليوم
بتنا نتلعثم ونحن نتحدث عن "فلسطينيتنا"،
وأحياناً نهمس بها بصوت خفيض
حتى لا نجابه بسيل الأسئلة
والتساؤلات المحرجة...فهل آن
الأوان لإعادة إحياء وبعث "الهوية
الفلسطينية التقدمية المقاتلة
والمناضلة في سبيل الحرية
والاستقلال"، هل من معبرين عن
هذه الهوية خارج الفريقين،
التفاوضي المُفرّط والأمني
المتورط...أما من وسيلة لإعادة
الاعتبار لهوية الفلسطيني "المناضل
الفلسطيني"، بعد أن تلوث
بألقاب المعالي والعطوفة
والسعادة من الجالسين على "خازوق"
التنسيق الأمني وبطاقات الـ"في
آي بي" ؟. بعد
تونس وميدان التحرير وبنغازي،
بتنا نخجل من كل هذه "الهياكل"
والأسماء والألقاب في رام الله...بتنا
نشعر أنهم جزء من الثورة
المضادة في العالم العربي، ألم
يدعموا مبارك حتى آخر لحظة...ألم
يدعموا من قبل "زين العرب"
بن علي...ألم يقف "الماركسيون
الليبيبيون" بالباع والذراع
خلف العقيد القذافي...ألم يرسل
أحد زعماء اليسار الفلسطيني
ببرقية تهنية للوزير عمر سليمان
على ثقة مبارك الغالية فيه، في
الوقت الذي كانت فيه شوارع
القاهرة والسويس والاسكندرية
وبورسعيد تردد هتافات "لا
مبارك ولا سليمان". نحن
بحاجة بحاجة لثورة فلسطينية
مركبة، تطيح أولاً برموز أكل
الدهر عليها وشرب، سئمها الشعب
كما سئمت الشعوب العربية
قياداتها ورموزها...وبعض
قياداتنا ورموزنا الفلسطينيية
مضى عليها في الحكم زمن أطول
وأبعد..نحن بحاجة لثورة ضد
الجدران والاستيطان والاحتلال...ما
بالنا لم ندرج بعد تعبير "المظاهرات
المليونية" ضد الاحتلال...في
لبنان يُخرج حزب الله وتيار
المستقبل ملايين المتظاهرين
إلى الساحات والميادين، وفي
تونس والقاهرة واليمن تخرج
التظاهرات بالملائيين ومئات
الألوف...ما بال الفلسطينيين لا
يفعلون شيئاً مماثلاً في مختلف
المدن الفلسطينية، ما بالهم لا
يخرجون بمئات الألوف في توقيت
متزامن ضد الحواجز والمستوطنات
وجدران الفصل العنصري، مظاهرات
"سلمية...سلمية" تستلهم
دورس ثورة العرب الكبرى الجارية. يا
إلهي، كم هو مقيت ومثير
للغثيان، أن تستمع في هذا الزمن
التونسي والمصري والليبي
الجميل، لتصريحات تطالب بتوقيع
الورقة المصرية و"هيكلة
أجهزة الأمن"، وتشكيل حكومة
تبقي حال الانقسام على حاله...يا
إلهي كم هو كريه أن ترى فرسان
الهزيمة الفلسطينية يتصدرون
المشهد هذه الأيام، وأنت تلعم
أن نظراءهم وزملاءهم يقبعون في
سجن طرة ليمان، وآخرون "خرجوا
ولم يعدوا"...يا إلهي كم هي
ضاغطة وملحة، الحاجة لتغيير
السياسات والوجوه سواء بسواء...لقد
سئمنا هؤلاء....لقد تعبنا منهم. ========================= أينَ
الدّفاعُ المدنيّ مِن صرخاتِ
كوارثِ شعوبِنا؟! آمال
عوّاد رضوان بموجبِ
قرارٍ وزاريٍّ أصدرَتْهُ هيئةُ
الأمم المتّحدة بتاريخ 18-12-1990،
خُصِّصَ الأوّلُ مِن آذار من
كلِّ عامٍ يومًا عالميًّا
للدّفاعِ المَدنيّ والحمايةِ
المدنيّةِ، إذ يُوافقُ الذّكرى
السّنويّةَ لسَرَيانِ مفعولِ
القانونِ الأساسيّ عام 1972. فماذا
عن بُلدانٍ عربيّةٍ تضرّرتْ
مِنَ الصّراعاتِ الدّاخليّةِ
والأزماتِ الخارجيّةِ
والحروباتِ المزمنة على مرّ
العصورِ، وعانت مِنَ الكوارثِ
الطّبيعيّةِ والبيئيّةِ،
كالفيضاناتِ والزّلازلِ
والحرائقِ والجفافِ ونُدرةِ
المياهِ والتّصحّرِ، والكوارثِ
الصّناعيّةِ والمشاريعِ
التّنمويّةِ كالأمنِ الغذائي،
وصراعاتٍ وتهديداتٍ متعدّدة
على الشّعب؟ الدّفاعُ
المدنيّ ليسَ قوًى وفِرَقًا
عسكريّة، إنّما يمُدّ يدَ
العوْنِ للمواطنينِ للدّفاعِ
عن الوطنِ وحمايتِهِ
واستقرارِهِ، بمساعدةِ
القوّاتِ المُسلّحةِ وإزالةِ
المخاطرِ والأضرارِ التي
يُلحِقُها العدوُّ بالوطن،
كالقنابلِ والألغامِ والغازاتِ
الجوّيّةِ والإشعاعاتِ،
وتقديمِ الإسعافاتِ وبناءِ
المخابئِ والملاجئِ ومواجهةِ
الكوارثِ الطّبيعيّةِ
والصّناعيّة. عام 1931
أقامَ د. جورج سان بول الفرنسيّ
جمعيّةَ "ليورد جنيف" في
باريس، وعامَ 1958 حُوّلتْ إلى
"مرافئ جنيف" كمنظّمةٍ
دوليّةٍ للحمايةِ المدنيّة،
فانضمّتْ إليها جمعيّاتٌ
حكوميّةٌ ومنظّماتٌ أهليّةٌ
لحمايةِ السّكّانِ وتعزيزِ
مواجهتِهم للحربِ والكوارثِ
الطّبيعيّةِ والإشعاعاتِ في
السِّلم، وفي موناكو عامَ 1966
أُقِرّتْ نصوصُ القانونِ
الدّوليّ الحاليّ كمنظّمةٍ
غيرِ حكوميّة، وكارتباطٍ
دوليٍّ يربطُ الدّولَ الأعضاء،
ودخلَ دستورُ المنظّمةِ حيّزَ
التّنفيذِ والمفعول في 1-3-1972،
بوصْفِها منظّمةً دوليّةً،
لتعزيزِ وتنسيقِ النّظامِ
العالميّ وتطويرِ أعمالِ
المنظّمةِ ووسائلِها الفنّيّة،
مِن أجلِ تداركِ وتخفيفِ نتائجِ
الكوارثِ الطّبيعيّةِ في
السِّلم أو عندَ استخدامِ
السّلاح في النّزاع، وعامَ 1975
سُجّلت المنظّمةُ في أمانةِ
الأممِ المتّحدة في نيويورك،
وعامَ 1977 وَضعَتِ المنظمةُ
الصّياغةَ القانونيّةَ
النّهائيّةَ لاتّفاقيّاتِ جنيف.
أهمّ
أهدافِ الدّفاعِ المّدنيّ: *مكافحةُ
كافّةِ أنواعِ الكوارثِ وشتّى
المخاطرِ بمساندةٍ دوليّةٍ
فعّالةٍ على الصّعيدِ العالميّ.
*تعزيزُ
دوْرِ أجهزةِ وإداراتِ
الدّفاعِ المدنيّ في العالم. *توطيدُ
العلاقاتِ فيما بينَها وبينَ
أجهزةِ الإعلامِ المختلفةِ،
لتاديةِ الرّسالةِ ولنشْرِ
توجيهاتِ وتعليماتِ السّلامةِ
والحمايةِ للمواطنين. *عقدُ
ندواتٍ تعريفيّةٍ بالدّفاع
المدنيّ وواجباتِهِ ومهامّهِ،
وتوزيعُ نشراتٍ ومُلصَقاتٍ
توعويّةٍ على المُنسّقينَ
والمُؤسّساتِ والمُواطنينَ
والمدارسِ والجامعاتِ. منذ
عام 1990 حمَلَ الدّفاعُ المدنيُّ
شعاراتٍ حولَ خدماتِهِ
وأدوارِهِ المختلفة كحقِّ
وواجبِ الجميع، وكجزءٍ مِن
البرامجِ المدرسيّةِ، وكأداةٍ
تضامنٍ لتطويرِ الحمايةِ
المدنيّةِ، وركّزَ على
العناصرِ الأساسيّةِ في
الدّفاعِ المدنيّ في منْعِ
الكوارث وخدمةِ البيئةِ،
وأمانِ الوطن وحمايةِ الأرواح
والممتلكاتِ والبيئةِ،
والخدماتِ التّطوعيّةِ وتحليلِ
المخاطرِ لتحقيقِ منْع
الكوارثِ بشكلٍ أفضل، في
القانونِ الإنسانيّ الدّوليّ
وسلامةِ الطّرقِ، والسّلامةِ
في موقع العمل وإجراءاتِ
السّلامةِ والإنذارِ. مهامّ
الدّفاع المدنيّ: *الاهتمامُ
بزيادةِ وعْيِ الحكوماتِ حولَ
الوقايةِ مِنَ الأزماتِ
والتّأهّبِ لها بطُرُقٍ
مدروسةٍ وفعّالة. تطويرُ قدراتِ
السّلطاتِ المَحليّةِ
والإقليميّةِ والوطنيّة.
تطويرُ مشاريع وقايةٍ تحسينُ
جداولَ أعمال. إعدادُ خطّةٍ
وطنيّةٍ للتأهّبِ للكوارثِ
ولجانِ إغاثةٍ. وضْعُ سياساتٍ
وإنشاءُ أنظمةِ معلوماتٍ
جغرافيّةٍ وآليّاتِ إنذارٍ
مُبكّر، وقدراتِ تحليلٍ
وقواعدَ بياناتٍ حولَ الخسائرِ
النّاجمةِ عنِ الكوارثِ
وتقييمِ المخاطرِ وتفاديها.
تنظيمُ استراتيجيّاتٍ وطنيّةٍ
لحلِّ النّزاعات. *تعزيزُ
قدراتِ الإشرافِ والقيادةِ
لتنسيقِ نهجٍ وقائيٍّ إقليميّ
للتّخفيفِ، وتحسينُ منهجيّةِ
التأهّبِ والإستجابة، وتأهيلُ
كوادرَ ومؤسّساتٍ وتنميةُ
قدراتِها المادّيّةِ
والتّنظيميّةِ وتقنيّاتِها
الوطنيّةِ لإدارةِ الكوارثِ
والتّأهّبِ لحالاتِ الطّوارئِ
على أفضلِ وجه، وتعزيزُ
عمليّاتِ الإنعاشِ بعدَ
انتهاءِ الأزمات. *تعزيزُ
التّعاونِ وتبادلِ المعلوماتِ
والتّحليلاتِ للتّبليغ عن
الأخطارِ والتّحذيراتِ في
الوقتِ المُناسب، وإقامةُ
شراكاتٍ مع مؤسّساتِ البحوثِ
والجامعاتِ ووكالاتِ الأممِ
المتّحدةِ وغيرِها مِنَ
المنظّماتِ الإنسانيّةِ
والإنمائيّةِ ذاتِ الصّلة. التنفيذُ
يتمّ بحَمَلاتِ توعيةٍ حولَ
السّلامةِ الشّخصيّةِ في
حالاتِ الكوارث، واستستثمارِ
البُنيةِ التّحتيّةِ
التّكنولوجيّةِ وتطويرِ
الدّرايةِ التّقنيّةِ
اللاّزمةِ والدّعمِ التّقنيّ،
ودعْمِ الأنشطةِ الهيكليّةِ
وتخصيصِ الأموالِ اللاّزمةِ
لها، لتخفيفِ آثارِ الفيضاناتِ
والجفافِ كجزءٍ مُهِمٍّ في
استراتيجيّةِ إدارةِ المواردِ
الطّبيعيّةِ والإنعاش، ووضْعِ
خططٍ لدعْمِ وزارةِ الزّراعةِ
في التّخفيفِ مِن آثارِ
الجفافِ، والتّعاونِ مع
السّلطةِ الاقتصاديّةِ بإدماجِ
تدابيرَ السّلامةِ مِنَ
الزّلازلِ بطُرقِ البناءِ
وتطويرِهِ، وتنميةِ قدراتِها
المُؤسّساتيّةِ والتّنسيقيّة
لإستباقِ التّهديداتِ
والوقايةِ منها ومواجهتِها،
لأنّها تُعيقُ التّنميةَ
البشريّةَ والاستقرار، وتطويرُ
قدراتِ قسم الأرصادِ الجوّيّةِ
وتفويضِهِ بإصدارِ التّحذيراتِ
مِنَ الكوارث، ليَضمنَ
التّقييمَ السّريعَ للكوارثِ
والاستجابة لها. استعراضُ
التّفويضاتِ للأقسامِ
المختلفة، والتّنسيقُ بينَ
الوزاراتِ، وتوزيعُ الأدوارِ
والإجراءاتِ اللاّزمةِ
المُتّفقِ عليها وطنيًّا. لكن؛
لو تتبّعنا بلداننا العربيّة
لوجدنا: أنّ
مصرَ تُعاني مِنَ الفيضاناتِ
المَحلّيّةِ وغمْرِ المناطقِ
السّاحليّة، والعراق مُهدّدٌ
بالجفافِ والزّلازلِ لندرةِ
المياه، وعمّان والعقبة في
الأردن مهدّدتانِ بالزّلازل
لوقوعِهما على خطّ صدع البحر
الميت، وبيروت وطرابلس بلنان
معرّضتانِ للزّلازلِ والحرائقِ
والفيضانات، ومدينة دمشق في
سوريا مهدّدةٌ بزلزالٍ حادّ،
واليمن يتعرّضُ لمخاطرِ
الزّلازل، والمغرب والسّودان
والصّومال بلدان تُعاني مِنَ
الفيضاناتِ والجفاف! وها
اليومَ معظمُ شعوب بلدانِنا
تثورُ سِلميًّا ضدّ ظُلمِ
حكّامِها، مَن مارسوا
الاستبدادَ والاستعبادَ
والاستغلالَ والقمْع،
والدّيمقراطيّةُ المُغيّبةُ عن
الوعي تصحو وتنتفضُ مِن
سُباتِها، تُطالبُ بحقوقِها
وبحياةٍ كريمةٍ ومشاركةٍ
حقيقيّةٍ فعّالةٍ في الحياةِ
السّياسيّةِ وإدارةِ شؤونِ
البلاد، وتحقيقِ العدالةِ
السّياسيّةِ والاجتماعيّةِ
والاقتصاديّةِ لكلّ شرائحِ
الشّعب! فهل
مِن مؤسّساتٍ حقوقيّةٍ دوليّةٍ
غربيّة وعربيّةٍ تؤازرُ
الحُرّيّةَ ومطالبَ شعوبِنا؟ أينّ
يقفُ مجلسُ الأمنِ الدّوليّ
وهيئةُ الأممِ المّتحدةِ مِن
تطبيقِ المواثيقِ الدّوليّةِ
لحقوقِ الإنسان، والتّضامن مع
ما يجري اليومَ على أرضِ
الواقع؟ أليسَ
استخدامُ القوّةِ والقمْعِ ضدّ
حرّيّةِ التّعبيرِ عن الرأيِ
السّلميّ هو انتهاكٌ وخرْقٌ
لحقوقِ الإنسان؟ ما
جدوى نشْرِ ثقافةِ حقوقِ
الإنسانِ إعلاميًّا مِن خلالِ
مناصرةِ حرّيّتِهِ،
والمؤسّساتُ الحقوقيّةُ العليا
صامتةٌ لا تُحرّكُ ساكنًا؟ ومتى
تتحرّكُ؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |