ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
نهج
النبي العدنان، صلى الله عليه
وسلم ، في تربية وتعليم
الغلمان أ.د.
ناصر أحمد سنه كاتب
وأكاديمي من مصر علي
كثرة الأعباء، وتعدد المهام
الجسام، لرسولنا محمد، صلى الله
عليه وسلم :"يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا
وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا،
وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ
بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا
مُنِيرًا" (الأحزاب: 45-46) نجد
اهتمامه الكبير صلى الله عليه
وسلم ، خيرُ من دعا، وخير من
رَبي، وخير من أدب وعلّم بتربية
الغلمان، في مرحلة متقدمة من
أعمارهم، بل حتى قبل قدومهم إلي
هذه الحياة. ولما لا فحسن اختيار
الحاضن السليم، وأساليب
التنشئة والتربية والتأديب
والتعليم الصحيح لغمان اليوم،
رجالات المستقبل سبيل خيرية
الأمة، ونهضتها الرسالية،
وقوتها ومنعتها المعنوية
والحضارية، وحلاً لمشكلاتها
التربوية والتعليمية
والاجتماعية المستحدثة في آن
معاً. فضلاً عن أن رؤية الإنسان
وكينونته وسلوكه أمور محكُومة
بتنشئته وتربيته، وهي لن تستقيم
إلا بإتباع هديه الشريف صلى
الله عليه وسلم الأنموذج
والقدوة:"لَقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ
كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ
وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (الأحزاب:
21). - فمن
هديه الشريف الاهتمام بحُسن
اختيار الأم ذات الدين، فعن أبى
هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال:"تنكح
المرأة لأربع: لمالها ولحسبها
ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات
الدين تربت يداك" (رواه
البخاري ومسلم وغيرهما). فالأم
مدرسة إذا أعددتها = أعددت شعباً
طيب الأعراق• - إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
يؤكد على دور الأسرة في رعاية
الغلمان وتنمية قدراتهم،
ويُلقي بالمسؤولية في تعهد
الطفولة على الوالدين، فيقول
الرسول صلى الله عليه وسلم :(كلكم
راع ومسئول عن رعيته, والرجل في
أهله راع وهو مسئول عن رعيته،
والمرأة في بيت زوجها راعية وهي
مسئولة عن رعيتها، ثم قال:
فكلّكم راع وكلكم مسئول عن
رعيته"(متفق عليه من حديث ابن
عمر رضي الله عنهما). - ومن
نهجه الشريف:" أن يؤذن في أذن
المولود اليمني، ويُقيم في أذنه
اليسرى، ليكون أول ما يصل سمعه
تلكم الكلمات النيرات..تعظيماً
لله تعالي، وتوحيدا له،
واعترافا برسالة وشعائر وشرائع
رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
فعن أبي رافع رضي الله عنه، قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم أذن في أذن "الحسن"
حين ولدته فاطمة" (الترمذي ج4/ص97
، وقال حديث حسن صحيح). - يوجه
صلى الله عليه وسلم الأمة بقوله:"
إذا سميتم فعبدوا" (رواه
الطبراني والبيهقي)، فحُسن
اختيار الاسم (عبد الله، وعبد
الرحمن الخ، وإن كان ذلك يبدو
أمراً بسيطاً إلا انه قد يترك
أثرا تكوينياً شخصياً مستمرا
إيجابياً أو سلبياً. ويضفي
ظلالا قاتمة إذا لم يتم وفق ذلكم
الهدي الشريف. - عن
أبي موسى رضي الله عنه قال وُلد
لي غلام فأتيت به النبي صلى الله
عليه وسلم فسماه "إبراهيم"،
فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة،
ودفعه إلي وكان أكبر ولد أبي
موسى") صحيح البخاري ج5/ص2081). -
الفتح علي الولدان بكلمة لا إله
إلا الله: فعن ابن عباس رضي الله
عنهما عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال:"افتحوا علي صبيانكم
بلا إله إلا الله"( رواه
الحاكم). وعن ابن عباس رضي الله
عنهما قال لما أنزل الله عز وجل
على نبيه " : صلى الله عليه
وسلم يا أيها الذين آمنوا قوا
أنفسكم وأهليكم نارا"، تلاها
رسول الله صلى الله عليه وسلم
على أصحابه ذات ليلة أو قال يوم
فخر فتى مغشيا عليه فوضع النبي
صلى الله عليه وسلم يده على
فؤاده فإذا هو يتحرك فقال: "يا
فتى قل لا إله إلا الله فقالها
فبشره بالجنة" (المستدرك ج2/ص382). - كان
النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ
"الحسن والحسين" رضي الله
عنهما. فعن ابن عباس رضي الله
عنهما قال كان النبي صلى الله
عليه وسلم يعوذ "الحسن
والحسين" رضي الله عنهما،
ويقول: "إن أباكما كان يعوذ
بها إسماعيل وإسحاق.. أعوذ
بكلمات الله التامة من كل شيطان
وهامة ومن كل عين لامة" (صحيح
البخاري ج3/ص1233). - يحث
صلى الله عليه وسلم الأم (الحاضن
الأهم الأول) بملازمة أطفالها
وخصوصاً في سنواتهم الخمس
الأولى ليشعروا بالطمأنينة
والأمن وهما سياجان ضروريان
لنمو صحي سليم سيبني عليه
لاحقاً ..تربية وتأديباً
وتعليما. وفي هذا يروي أبو هريرة
رضي الله عنه، سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول:"نساء
قريش خير نساء ركبن الإبل،
أحناه على طفل وأرعاه على زوج في
ذات يده" )رواه مسلم). -
توفيرّ كل العطف والحنان والحب/
(مع الحزم) المستمر للغلمان،
وتواصل ذلك في جميع مراحل
حياتهم وخصوصاً في فترة
المراهقة وأخبارهم بذلك الحب،
وإبعادهم عن كل ما يشينهم. فعن
عائشة رضي الله عنها قالت: جاء
أعرابي إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال: أتقبِّلون الصبيان؟
فقال صلى الله عليه وسلم :أو
أملك لك أن نزع الله من قلبك
الرحمة" (رواه البخاري)• - من
الجميل أن يسمع كثير من الأطفال
آباءهم يقولون لهم: إنهم
يحبونهم كثيرًا ، ولكن الأجمل
من الآباء والأمهات أن يشعروهم
بهذا الحب وهذه الحفاوة. قال
البراء رضي الله عنه: رأيت النبي
والحسن بن علي على عاتقه يقول:
اللهم إني أُحِبُّه فأَحِبَّه.عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن
رسول الله التزم الحسن بن علي،
فقال اللهم إني أحبه فأحبه وأحب
من يحبه، وقال أبو هريرة فما كان
أحد أحب إليَّ من الحسن بعد ما
قال الرسول ما قال. - مع كل
ذلك الحب هناك حزم، فعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال أخذ "الحسن"
رضي الله عنه تمرة من تمر الصدقة
فجعلها في فيه فقال النبي صلى
الله عليه وسلم :" كخ، كخ.. ثم
قال أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة".(صحيح
البخاري ج2/ص542). - وفي
اعتنائه صلى الله عليه وسلم
بالرائع بالأطفال، ما رواه أنس
قال: كان النبي صلى الله عليه
وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ
يقال له: أبو عمير وكان إذا جاء
قال: "يا أبا عُمير ما فعل
النُغير؟" نغر كان يلعب به.
فربما حضرت الصلاة وهو في بيتنا
فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس
وتنضح، ثم يقوم ونقوم خلفه،
فيصلي بنا. إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم يداعب الصغير
ويواجهه بالسلام والخطاب، وفي
ذلك فائدة عظيمة، وإنه لتقدير
منه صلى الله عليه وسلم ، وهو
العظيم المرسَل إلى البشرية،
يقدر الصغير فيثق بنفسه، ويشعر
بقدره واحترام الناس له فيبرع. -
عن نهج عنايته ورعايته بالصبيان
ليلاً، يروي جابر رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا استجنح الليل أو كان جنح
الليل فكفوا صبيانكم فإن
الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب
ساعة من العشاء فخلوهم وأغلق
بابك واذكر اسم الله"(صحيح
البخاري ج3/ص1195). -
وعن تعليم الغلمان كيفية آداب
الطعام والشراب، يذكر "عمر بن
أبي سلمة" رضي الله عنهما
فيقول: كنت غلاما في حجر رسول
الله صلى الله عليه وسلم وكانت
يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم :"يا
غلام: سمّ الله/ وكل بيمينك، وكل
مما يليك"(متفق عليه، وهو عند
مسلم، البخاري ج5/ص2056). - عن
أنس بن مالك رضي الله عنه قال،
قال لي رسول الله صلى الله عليه
وسلم :"يا بني: إذا دخلت على
أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى
أهل بيتك" (الترمذي ج5/ ص59). - أمر
الأولاد بالعبادة منذ السابعة
من أعمارهم:"مروا أولادكم
بالصلاة وهم أبناء سبع سنين،
واضربوهم عليها وهم أبناء عشر،
وفرقوا بينهم في المضاجع"(رواه
الحاكم، وأبو داود، من حديث ابن
عمرو بن العاص رضي الله عنهما).،
ويقاس علي الصلاة الترويض علي
صوم أيام،عند الاستطاعة ،
والتعويد علي شعائر الحج إذا
كان الأب يستطيعه. -
التعليم يبدأ من العام نحو
الخاص، وقد نهج النبي الكريم
صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب
في جميع تعاليمه. فهذا هو سيدنا
جندب بن عبد الله رضي الله عنه
يقول: (كنا مع النبي صلى الله
عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة
"أي قاربنا البلوغ"
فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلم
القرآن، ثم تعلمنا القرآن
فازددنا إيمانا"(رواه ابن
ماجة). -
وتستوقفك تلكم الأسس التربوية
الإيمانية والعقدية والتعليمية
الباهرة لرسولنا محمد صلى الله
عليه وسلم لابن عباس رضي الله
عنهما. يقول كنت خلف رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوما فقال:(يا
غلام إني أعلمك كلمات؛ أحفظ
الله يحفظك؛ أحفظ الله تجده
تُجاهك؛ إذا سألت فاسأل الله؛
وإذا استعنت فاستعن بالله؛
واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن
ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء
قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا
على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا
بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت
الأقلامُ وجفّت الصحف"(الترمذي
ج4/ص667). فتأمل كيف أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم يتعامل مع
غلام من الغلمان – فيغرس فيه
هذه الأسس، فكان "ابن عباس"
رضي الله عنهما في الأمة ما كان. - ثمة
ركائز للتأديب، عن علي رضي الله
عنه قال، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم :" أدبوا أولادكم
على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب
أهل بيته وقراءة القرآن ...."(في
كنز العمال ج16/ص189). -
تعريفه أول ما يعقل إحكام
الحلال والحرام: أخرج ابن جرير،
ابن المنذر من حديث ابن عباس رضي
الله عنهما انه قال:" اعملوا
بطاعة الله، واتقوا معاصي الله،
ومروا أولادكم بامتثال الأوامر
واجتناب النواهي، فذلك وقاية
لهم ولكم من النار". -عن
"الحسن" رضي الله عنه قال:"علمني
رسول الله صلى الله عليه وسلم
كلمات أقولهن في قنوت الوتر:"
اللهم أهدني .... وقني شر ما قضيت
إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا
يذل من واليت تباركت ربنا
وتعاليت"(سنن أبي داود ج2/ص63). - عن
شأن النفقة وتربية الأولاد،
يروي معاذ رضي الله عنه قال
أوصاني رسول الله صلى الله عليه
وسلم بعشر كلمات قال:"... وأنفق
على عيالك من طولك ولا ترفع عنهم
عصاك أدبا وأخفهم في الله" (مسند
أحمد بن حنبل ج5/ص238). - رفيق
بالخدم من الغلمان، فعن أنس بن
مالك رضي الله عنه قال خدمت
النبي صلى الله عليه وسلم عشر
سنين فما أمرني بأمر فتوانيت
عنه أو ضيعته فلامني فان لامني
أحد من أهل بيته قال:"دعوه فلو
قدر أو قال لو قضي أن يكون كان"(مسند
أحمد بن حنبل ج3/ص231). -
النهي عن "النظرة السلبية
للناس"، والتي فيها احتقارهم
وازدراؤهم والترفعُ عليهم،
واعتبارهم مخطئين وخاطئين،
الأمر الذي نهى عنه المصطفى صلى
الله عليه وسلم ، فقال في شأن
الكِبر: "هو بَطر الحق وغمط
الناس" والمعنى أن حقيقة
الكِبْر إنما هي "ازدراء
الناس ورد الحق تعصباً لما هو
عليه". وقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم في التحذير من
الكِبْر: " لا يدخل الجنة من
كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر".
وخطورة التعصب تتمثل في كونه
قيْداً على الحرية، وعقبة في
طريق الإبداع إذ يلغي التفكير
الحر، ويشلّ القدرة على النقد
ومحاورة الآخرين ومناقشة
آرائهم بموضوعية، ومن ثم كان
على المسلم أن يربي ابنه على
الموضوعية، وعلى قبول تعدد
الآراء، والنظر فيها،
واختبارها بالعقل، والتشجيع
على التفكير العلمي الخلاق . - مما
يخنق الشخصية السوية ويعيق
نموها، وحذر رسول الله صلى الله
عليه وسلم من عواقبه؛ الحرص على
جمع المال وغيره من صور دنيوية
لا تؤدي وظيفتها التي خلقت من
أجله، واعتبارها "الغاية/
الهدف/ القيم" التي يتم السعي
إليها. ومثل هذا قال فيه رسول
الله صلى الله عليه وسلم : "تعس
عبد الدينار، تعس عبد الدرهم،
تعس عبد الخميصة ، تعس عبد
الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم
يعط سخط، تعس وأنتكس ، وإذا شيك
فلا انتقش. طوبى لعبد آخذ
بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعت
رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في
الحراسة، كان في الحراسة، وإن
كان في الساقة، كان في الساقة،
إن أستأذن لم يؤذن له، وأن شفع
لم يشفع) في الصحيح عن أبي
هريرة رضي الله عنه). -
أبرزت لنا السنة المطهرة في
أحاديث عديدة قيمة الوقت وبخاصة
عن الأبناء من الشباب، والحرص
عليه، وعدم إضاعته، والمؤمن
المكلف يُحْسِن إدارة الوقت
واستغلال كل دقيقة منه، وجعله
الإطار الذي يُنَمّى فيه
الإبداع. وفي
بيان أهمية هذه القيمة الثمينة
يقول رسول الله صلى الله عليه
وسلم :"لا تزول قدما عبد يوم
القيامة حتى يسأل عن أربع خصال:
عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه
فيما أبلاه، وعن ماله من أين
اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه
ماذا عمل به" (الترمذيّ
بإسناد صحيح). فالهدي النبوي
يربي الوعي بقيمة الزمن، ويدعوه
إلى المسارعة إلى اغتنام هذه
القيمة، ويقول الرسول صلى الله
عليه وسلم : (اغتنم خمساً قبل خمس:
حياتك قبل موتك، وشبابك قبل
هرمك، وقوتك قبل ضعفك، وصحتك
قبل سقمك، وغناك قبل فقرك)(رواه
الحاكم في المستدرك،341،4، وصححه
الألباني في صحيح الجامع من
حديث ابن عباس رضي الله عنهما). - إن من
هدي رسول الله صلى الله عليه
وسلم في أركان التربية والتعليم
ومقوماتهما، أن يُطالِب المرء
ببلوغ الغاية في إحسان العمل
وإتقانه وفق أحسن المواصفات،
قال الله تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوا
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ ﴾. البقرة 195.
إن الله تعالى قد أحسن في خلقه
الكون ﴿الَّذِي أَحْسَنَ
كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾
السجدة 7، لذا فقد طلب من عباده
أن يُحسنوا ويبلغوا هذا المقام
فيما أقامهم فيه، وفيما كلّفهم
به.أخرج الإمام مسلم عن أبي يعلى
شداد بن أوس رضي الله عنه قال: (إن
الله كتب الإحسان على كل شيء،
فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة،
وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة،
وليحد شفرته وليرح ذبيحته).
ومَنْ تدبر هذا الحديث وجده
يشمل ظاهر الدين وباطنه، ويشمل
العقيدة والشريعة، والعبادة
والسلوك. - لقد
كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يولي الطفولة عنايته، وهذا
هديٌ بثّه في نفوس أصحابه الذين
كانوا يصطحبون أطفالهم في مجالس
الكبار، لتُبْنى شخصيةُ الطفل
فتكبر، ولا شك أن احتكاك الصغار
بالكبار له فاعلية في تنمية
الشخصية، ويشجعها. روى ابن عمر -
وهو لا يزال غلاماً - قصته في
مجلس كبار الصحابة مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم حين قال : كنا
عند النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: إنّ من الشجر شجرة مَثَلها
مَثَل المسلم، فأردت أن أقول هي
النخلة، فإذا أنا أصغر القوم،
فسكتُ، قال النبي صلى الله عليه
وسلم : "هي النخلة".
وللبخاري في الأطعمة قال ابن
عمر: فإذا أنا عاشر عشرة أنا
أحدثهم. إذن ها هو ابن عمر
الأصغر سناً يخالط الكبار،
ويصغي إلى أحاديثهم، ومن ثم
يكون كبيراً ذا همة عالية. - إن
الكشف عن نبوغ الطفل مبكراً
وتحسّس جوانب تفوقه ورعايتها هو
منهج رسول الله صلى الله عليه
وسلم في تربيته لصحابته, هذا زيد
بن ثابت كان ابن إحدى عشرة سنة
حين قدم رسول الله صلى الله عليه
وسلم المدينة، وقد كان غلاما
ذكيا فطنا تبدو عليه علامات
النبوغ. قال زيد بن ثابت: أُتِي
بي النبي صلى الله عليه وسلم
مقدمه المدينة فقالوا: يا رسول
الله هذا غلام بني النجار وقد
قرأ مما أُنزل عليك سبع عشرة
سورة، فقرأتُ على رسول الله صلى
الله عليه وسلم فأعجبه ذلك وقال:
يا زيد تعلم لي كتاب يهود فإني
والله ما آمنهم على كتابي، فما
مضى لي نصف شهر حتى حذقتُه، وكنت
أكتب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا كتب إليهم. - هذا
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
يروي من وقائع معركة بدر قال:
إني لفي الصف يوم بدر إذ التفتُ
فإذا عن يميني وعن يساري فتيان
حديثا السنّ، فكأني لم آمن
بمكانهما، إذ قال لي أحُدهما
سراً مِنْ صاحبه: يا عم أرني أبا
جهل. فروى قصة قتلهما أبا جهل.هذان
الفتيان بَدَرَ منهما ما لم
يتفطن الكبار له، رَغِبا في
الانتقام لرسول الله صلى الله
عليه وسلم فكان منهما الموقف
الناضج، وكان منهما التخطيط
والتدبير، ثم إننا نلحظ التنافس
بينهما على بلوغ الهدف العظيم،
وأيّ هدف أعظم من تحقيق نصرٍ
مظفر، واجتثاث رأس الكفر الذي
أخبر عنه رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فيما رواه أحمد
بسنده إلى ابن مسعود أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذهب مع
ابن مسعود ليرى جسد أبي جهل فقال:
"كان هذا فرعون هذه الأمة". - لعل
حاجة الأيتام، وذوي الاحتياجات
الخاصة، لتوفير سبل وإمكانيات
التربية والتعليم و" الأمن
النفسي" أكبر وآكد من أسوياء
الغلمان ومن ينشئون وسط أسرهم
المعتادة. لذا نجد الإسلام ينهى
عن الإساءة إليهم والانتقاص من
حقوقهم، يقول تعالى: (فأما
اليتيم فلا تقهر) الضحى:9، ويقول
تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم
ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا
تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه
كان حوباً كبيراً) النساء:2•
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم
: "خير بيت في المسلمين بيت
فيه يتيم يُحسن إليه وشر بيت في
المسلمين بيت فيه يتيم يُساء
إليه، ثم أشار بإصبعيه السبابة
والوسطى: أنا وكافل اليتيم في
الجنة كهاتين(رواه البخاري). - وكان
من نهجه الحرص علي نجاة غير
المسلمين، فعن أنس بن مالك رضي
الله عنه قال كان غلام يهودي
يخدم النبي صلى الله عليه وسلم
فمرض الغلام فأتاه النبي صلى
الله عليه وسلم يعوده فقال: (يا
غلام أسلم قل لا إله إلا الله
فجعل الغلام ينظر إلى أبيه فقال
له أبوه قل ما يقول لك محمد صلى
الله عليه وسلم فقال لا إله إلا
الله وأسلم فمات فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لأصحابه
صلوا عليه وصلى عليه النبي) صلى
الله عليه وسلم المستدرك ج4/ص323). -
ويبقي انه حال انقطع عمل المرء
فسيبقي ما ترك من عمل صالح يجدد
له ويرفده بعمل جديد بعد الممات: ففي
الحديث عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال .إذا
مات ابن آدم أنقطع عنه عمله إلا
من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم
ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له
"(رواه مسلم 14,1631). جملة
القول: أنها مشاهد سريعة لهديه
صلى الله عليه وسلم ، ونهجه أفضل
طرائق التربية، وأقوم وسائل
التعليم، واغزها تنوعاً،
وأيسرها تطبيقاً، وأبلغها
أثرا، وصل اللهم علي معلم الناس
الخير. ========================== د.
مصطفى يوسف اللداوي عادت
الخرطوم لتؤكد من جديد بصوتٍ
عالٍ وصاخب لاءاتها العربية
التاريخية، التي لم تتراجع عنها
رغم تغير الظروف الدولية، وتبدل
الأحوال العربية، واضطراب
الشؤون الفلسطينية الداخلية،
فجددت رفض الشعوب العربية بكل
أطيافها الفكرية والدينية،
مبدأ التفاوض مع الكيان
الصهيوني على الحق العربي
الفلسطيني، ورفض الاعتراف به
والإقرار بشرعية وجوده، وأكدت
تمسكها والشعوب العربية بحق
الشعب الفلسطيني في استعادة
حقه، وتحرير أرضه، والعودة إلى
دياره ووطنه، وأن له الحق
باستخدام كل الوسائل الممكنة
للوصول إلى حقه، وتحقيق غاياته
وأهدافه، وأكدت الخرطوم
باستضافتها مؤتمر مؤسسة القدس
الدولية، أنها تتحمل مسؤوليتها
القومية والدينية تجاه القضية
الفلسطينية، وأنها تشاطر العرب
والمسلمين جميعاً واجب استنقاذ
مدينة القدس واسترجاعها،
وتخليصها من براثن الاحتلال
الصهيوني البغيض، واستعادة
وجهها وألقها العربي
والإسلامي، ومواجهة كل
المحاولات الإسرائيلية لشطب
هويتها وتزييف حضارتها والعبث
في تاريخها، فهذا واجبٌ ديني
وقومي وإنساني لا يمكن التخلي
عنه، أو النكول عن القيام
بالتزاماته مهما كانت الصعاب
والتحديات. في ظل
الظروف الصعبة التي تمر بها
الخرطوم، وتلك التي يواجهها
الشعب السوداني الأصيل، الذي
يتحدى المؤامرات الدولية التي
تستهدف وحدته في أرضه، وثرواته
في وطنه، واستقرار بلده وأهله،
وإثاره الفوضى على حدوده، وغياب
الأمن في أطرافه، فقد فتحت
الخرطوم أبوابها العالية
لاستقبال أطيافٍ عديدة من أبناء
الأمتين العربية والإسلامية،
فجاؤوا إليها عرباً وعجماً،
مسلمين ومسيحيين، سنةً وشيعة،
رجالاً ونساءاً، شيباً
وشباباً، كلهم يحمل بين جنبيه
هم القدس، ومصيبة فلسطين،
يبحثون عن كل السبل الممكنة
لاستعادة مسرى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وحماية أولى
القبلتين وثالث الحرمين
الشريفين، ومدينة القدس وأرض
فلسطين كلها من التهويد
والضياع، وكلهم ثقةٌ ويقين
بالله لا تتزعزع ولا يضعف، بأن
القدس وفلسطين ستعود إلى الأمة،
حرة أبية محررة، وسيرحل عنها
الغاصبون، وسيعود إليها
أصحابها الحقيقيون، ورثة
الأنبياء، وحفدة صحابة رسول
الله صلى الله عليه وسلم،
وسترفرف فوقها الأعلام
الفلسطينية، وستصدح مآذنها
بنداءات الله أكبر، وستدق
كنائسها أجراس النصر والعودة. أقبل
السودانيون بعمائمهم وجلابيبهم
البيضاء، يحملون عصيهم
المشهورة، ويلوحون بها في
الهواء، ويهتفون بعالي صوتهم،
يا قدس إننا قادمون، وخيبر خيبر
يا صهيون، جيش محمد بدأ يعود،
وقد جاؤوا من كل حدبٍ وصوب،
رجالاً ونساءاً، تملؤهم
الغيرة، وتسكنهم الحمية، ويعمر
قلوبهم اليقين بالنصر، وترزء
نفوسهم تحت واجب النصرة
والنجدة، فهم يشعرون بعظم
الأمانة، وثقل المسؤولية،
فالقدس جزءٌ من عقيدتهم، وهي
آية من كتاب ربهم، فلا ينبغي
السكوت على ضياعها، ولا القبول
بواقعها، وإنما يجب العمل
لاستنقاذها واستعادتها. وتصدر
السودانين جميعاً سيد السودان،
ورئيس البلاد، وقائد مسيرتهم
نحو التطور والعمران، رئيسهم
الطيب البسيط، الذي يعرفه
السودانيون جميعاً حاضراً في كل
مناسبة، مشاركاً في كل حدث، فلا
يغيب عن بيتٍ للعزاء، ولا عن
دارٍ للفرح، يشارك عامة
السودانيين أفراحهم، ويواسيهم
في أحزانهم، يرونه مثلهم، يلبس
الجلابية، ويعتمر العمامة،
ويحمل عصاه، ويطوف معهم في
شوراعهم ومدنهم وقراهم، يصلي
بين صفوفهم، ويدخل مساجدهم
مصلياً، يحمل بيده نعليه،
ويضعهما حيث تتراص نعال
السودانين في مساجدهم، آمنٌ
مطمئن، فلا خوف يسكن قلبه، ولا
اضطراب يبدو عليه، ولا قلق
يسيطر على مشيته وهيئته، فهو
بين شعبه وأهله، يعمل لهم ومن
أجلهم، يلبس من أثوابهم، ويأكل
من طعامهم، ويردد كلماتهم،
ويهتف بصوته كما يهتف شعبه،
يحمل أفكارهم، ويتبنى همومهم،
ويهتم بمطالبهم، يحكم بينهم
فيعدل، ويسوي بينهم فيأمن،
ويزهد بما في أيديهم فيغنى،
ويعف عن حقوقهم فتسمو نفسه. عبر
الرئيس السوداني عمر حسن أحمد
البشير بلسانه عن الواجب الذي
تحمله الأمة، وعن الدور المنوط
بها، والواجب الملقى على
عاتقها، وأن الله لن يغفر
لقائدٍ عربي كبيرٍ أو صغير،
بعيدٍ أو قريب، ولا لمواطنٍ
عربيٍ أو مسلم، تقصيره في
الدفاع عن القدس، واستعادتها
وتحرير مقدساتها، فهذه مسؤولية
الجميع، ومهمة الكل، ينبغي ألا
نقصر في العمل من أجلها، وألا
نألوا جهداً في الحفاظ عليها،
وأعاد البشير من جديدٍ على
الأمة من الخرطوم ثوابتها،
وذكرها بقيمها، ودعاها لأن تحفظ
عهدها، وأن تصدق في حمل الأمانة
لتسلمها من بعدها إلى الأجيال
القادمة، فلا يكون فيها تفريطٌ
ولا مساومة، وألا يجرحها
اعترافٌ أو مفاوضة، وألا يخدشها
صمتٌ أو عجز، وأن نكون أوفياء
لمن فتح القدس، وحرر فلسطين،
وطهر ترابها بدمه، وألا نفرط في
جهودهم، وألا نتنازل عن حقوقهم. في
الخرطوم كانت القدس حاضرة، كما
لم تكن فلسطين غائبة، فاستعادت
الخرطوم ألقها بحبها لفلسطين،
وتعلقها بالقدس، وأكدت وفاءها
لثوابتها القديمة، وقد أبدى
أهلها الفقراء الطيبون الكرماء
الصادقون تجاه القدس كل الجود
والكرم والعطاء، فأعطوا بسخاء،
وبذلوا برضى، وقدموا بكل الطيب
والسماحة، من أجل القدس، فكان
كرماً وحفاوة، واستقبالاً
وبشاشة، ودعماً واسناداً،
وتبني ورعاية، وقد بنوا من قوت
شعبهم للقدس وقفاً خالداً، في
عين السودان وقلب الخرطوم
زرعوه، ليكون رايةً تخفق،
وعلماً يرفرف مذكراً بالقدس
وأقصاها، متطلعاً إلى العودة
إليها والصلاة فيها، ليهتفوا
معاً شعارها ... القدس نحميها
معاً ونستعيدها معاً. ========================= محمود
عثمان مما
لاشك فيه أن الرئيس بشار الأسد
يتابع ما يجري على الساحة
العربية من حراك شعبي وغليان
جماهيري أطاح بنظامين عربيين
حتى الساعة .. وعرشان آخران قاب
قوسين من ذلك أو أدنى .. ولا شك
أيضا أنه يحسب أن نظامه في منأى
عن هذه القلاقل والمشاكل لأن
ظروف سوريا تختلف عن ظروف
الأنظمة العربية الأخرى !.. ولا
ريب في أنه يمارس وربما يوميا (جمناستيكا
) رياضة فكرية حول نقاط القوة
ونقاط الضعف في أركان نظامه ,
ومن هم معه ومن سينقلب عليه ومن
هم على الحياد فيما لو وقع ما لم
يكن في الحسبان ... وأعتقد أن
فريقا من الخبراء والمستشارين
والناصحين والمحبين يعاونونه
في ذلك ولا يبخلون عليه بإسداء
نصيحة أو تقديم مشورة . سيقولون
للرئيس : لديك أجهزة أمنية ساهرة
تحكم قبضتها وتسيطر على كل شيء
في البلد . سيقولون
للرئيس : إن الأجهزة الأمنية
تراقب كل الاتصالات السلكية
واللاسلكية , ومراسلات الانترنت
والفيس بوك والتويتر واليوتوب . سيقولون
للرئيس : ولاء الجيش السوري
مضمون . سيقولون
للرئيس : المنظمات المسلحة
العربية وغير العربية
المتواجدة على الأراضي السورية
التي تلقت الدعم والتدريب
والحماية من النظام ستكون لك
عونا وسندا . سيقولون
للرئيس : المنظمات المسلحة
والطوائف الموالية في لبنان لن
تتخلى عنا ساعة العسرة . سيقولون
للرئيس : الفضائيات العربية
ستستمر في قفل كمراتها وغض
بصرها عما يحدث في سوريا . سيقولون
للرئيس : لقد رأى الشعب السوري
ما حل بإخوانه العراقيين من قتل
وتشريد , والشعب السوري عاقل لا
بد وأنه قد اتعظ بغيره . سيقولون
للرئيس : إن حزب البعث العربي
الاشتراكي يقود الدولة
والمجتمع السوري , وهو بمثابة
الجسر الواصل بين المواطن
والدولة .!؟ لن
يقولوا له : بأن كل ما سبق ليس
إلا سدا تتجمع خلفة قطرات الماء لن
يقولوا له: بأن الماء الساكن
الرقراق يتراكم في هدوء وروية
لكنه يستجمع قواه حتى إذا بلغ
الزبى حطم السدود وكسر القيود
وجرف كل من وما يقف أمامه . وأقول
للرئيس : ربما يأتي يوم تندم فيه
أشد من ندامة الكسعي على مادة في
الدستور كان من اليسير عليك
تغييرها .. هي المادة الثامنة
التي تنص على أن حزب البعث
العربي الاشتراكي هو القائد
للدولة والمجتمع .. سبب ذلك في
تقديري أنك تعتبر ولاء الحزب
مضمون في الجيب .! لكن أحداث تونس
ومصر أثبتت أن أول من انهار من
مؤسسات الدولة هي الأحزاب
الحاكمة .! أين أعضاء حزب التجمع
الدستوري الذي حكم تونس من
خلاله زين العابدين بن علي !؟.
وأين الحزب الوطني الذي فاز
بالأغلبية الساحقة في انتخابات
مصر الأخيرة !؟ . جل منتسبيه في
مقدمة المظاهرات المطالبة
بتغيير النظام !. يبقى
السؤال الذي يفرض نفسه بإصرار :
لماذا فشلت الأحزاب الحاكمة في
تونس ومصر؟ ولماذا لا يمكن
الاعتماد على حزب البعث وقت
المحنة ؟ الجواب
في تقديري يكمن في تركيبة الحزب
وتشكيله وطبيعة منتسبيه .! حيث
نرى ثلاث فئات رئيسية يتكون
منها حزب البعث العربي
الاشتراكي في سوريا . الفئة
الآولى : فئة العقائديين الذين
يؤمنون بنظرية البعث وأهدافه ,
وأنها الكفيلة بخلاص ووحدة
وسعادة الأمة العربية .. وهؤلاء
قلة قليلة , بل إن عيونهم لم
تكتحل لا بوحدة ولا حرية ولا
اشتراكية .. فقد أفاقوا من
سكرتهم عندما قطع الرئيس حافظ
الأسد خط البترول العراقي المار
من سوريا رغم عوائده وفوائده
المادية , بل زاد على ذلك ووقف مع
إيران الفارسية ضد جمهورية
العراق البعثية العربية .!! الفئة
الثانية : المستفيدة ماديا من
نعماء الحكم وقوة الرئاسة ..
هؤلاء سيصمدون .. لكن ينتهي
صمودهم عند لحظة انتهاء مصلحتهم
!. الفئة
الثالثة التي تشكل السواد
الأعظم من منتسبي الحزب وأعضائه
.. هؤلاء أول من سينقلب على نظام
الحكم عند أول انتفاضة .! لأنهم
تحملوا على مر السنين عبء
الدولة وعيوب المقصرين
والمخالفين والسارقين
والمرتشين , ووزر عناصر الأمن
المتغولة التي تثير الخوف
والرعب لدى المواطنين .. هذه
الفئة هي الدولة في نظر المواطن
العادي لأنها تماهت مع أجهزته
الأمنية في غالب الأحيان . وقد
تعمدت الدولة أيام الثمانينات
توريطها في حوادث القتل والتصدي
للشعب , فأجبرتها على حمل السلاح
والخروج في دوريات الأمن ..
لكنها في نفس الوقت محرومة من
نعماء الحكم لايصلها إلا الفتات
القليل .. مقيدة مغلولة اليدين
بل إن كثيرا من هؤلاء ممنوعون من
السفر إلى خارج القطر بحكم
لوائح الحزب الداخلية التي تحظر
السفر على البعثيين الذين
يحملون أسرار الحزب . لذلك
أقترح على الرئيس بشار الأسد
تعديل المادة الثامنة من
الدستور , والسماح بالتعددية
الحزبية , ثم تشكيل حزب سياسي من
الشباب الصاعد بدماء جديدة
يكنون له ولاء صادقا لا مصلحيا ..
وأعتقد أن قطاعا مهما من الشعب
السوري سينضم إلى هذا الحزب
ويؤيده لأنه يمثل روح الشباب
والتغيير .. عندها لن تكون هناك
حاجة إلى حساب ما في اليد من قوى
تصلح للبطش والعنف والقتل وسفك
الدماء .. بل سيسود الحب ويعم
الرخاء , ويفرح الشعب السوري
بالوئام الوطني والعرس
الديمقراطي .. فهل تحقيق هذا
بالشيء العسير ؟!؟. ============================ مشاهد
سقوط الاستبداد الهمجي في ليبيا
نذير لسواه نبيل
شبيب رغم ما
نعايشه من غليان الثورة في أكثر
من بلد عربي، ومن مقدّمات
الثورة في بلدان أخرى، ومن
حصيلة الثورات وتراكم ثمراتها
يوما بعد يوم في بلدان سبقت إلى
هذه المسيرة الحضارية
التاريخية، فلا يخفى ازدياد
الإحساس بالقلق على مصير الثورة
الشعبية في ليبيا بالذات، ولا
ينبغي استغراب ذلك، رغم أنّه لم
يمضِ سوى أسبوعين على اندلاعها،
ورغم اليقين بانتصارها القريب
المحتم، فما يصنعه الإجرام
الاستبدادي في محاولات إجرامية
متبجّحة.. ويائسة، للنجاة من
مصيره وهو يراه رأي العين،
يتجاوز بعض التوقعات، ولكن في
الوقت نفسه يؤكّد اندحارُه أمام
الثورة الشعبية التي تمضي
بطاقاتها الذاتية المحدودة،
تأكيدا قاطعا، أنّ كل ثورة
شعبية اندلعت أو ستندلع، لا بدّ
أن تنتصر على كل شكل من أشكال
الاستبداد القائم في بلدان
عديدة أخرى، مهما بلغت درجة
إجرامه. إنّ في مقدمة ما يطرحه
مجرى الثورة الشعبية في ليبيا،
أن وصول المسار التاريخي لحقبة
الثورات العربية إليها تخصيصا،
يطرح ما يمكن وصفه بحالة
نموذجية لتهالك درجة دموية قصوى
من الإجرام الاستبدادي في
مواجهة قوّة شعبية ثائرة، لا
يمكن أن يقف دون بلوغ غاياتها أي
قّوة استبدادية غاشمة. مشهدان
من يوميات الثورة في ليبيا مشهدان
من يوم 6/3/2011م، من عمر الثورة
الشعبية البطولية الباسلة في
ليبيا، يعبّران عن واقعها أيّما
تعبير، ويؤكّدان أنّ هذه الثورة
ماضية إلى تحقيق أهدافها
المشروعة، انتصاراً للحق
والعدل والتحرّر والكرامة
والعزة، وإنهاءً للطغيان
والفساد والإجرام، بل يعرضان
أيضا دون حاجة إلى الشرح
والتحليل، الأسباب التي تحتم
هذا الانتصار، والتي لا تخصّ
ليبيا وحدها فقط، فقد تختلف
المشاهد بين بلد وآخر، وثورة
وأخرى، ولا يختلف جوهر
الاستبداد ولا جوهر التغيير
التاريخي الجاري والشامل في
المنطقة العربية والإسلامية. المشهد
الأوّل ممجوج مكرّر، ومن
الطبيعي أن يتكرّر دون جدوى،
فصاحبه لا يملك سواه.. وهو من
إنتاج القذافي نفسه وإخراجه، إذ
يؤكّد لقناة تلفزة فرنسية
مجدّدا، أنّه لم يصدر أمرا
بالقتال بعد، وكأنّه يستغرب
ألاّ يصدّقه أحد، بعد تأكيده
أنّه ليس رئيسا ولا رئيس وزراء
ولا حتى موظفا صغيرا، في دولة
ليس فيها "أجهزة" تحكم، أي
يُفترض أنّه لا يوجد فيها سوى
الشعب، فهو الذي يصدر الأوامر
إذن بقتال نفسه، بالطائرات
والدبابات والمصفحات والقنّاصة
والمرتزقة.. و"القتال" يدور
جهارا نهارا على مسمع ومرأى من
العالم أجمع على شاشات التلفزة،
ويزعم القذافي رغم ذلك أنّ
ليبيا "هادئة"، فجميع
قتلاها وجرحاها –من الشعب الذي
يحبّه- ضحايا مؤامرة إذن،
والمفروض أن يصدّق العالم أن
هذه المؤامرة جمعت بين "القاعدة"
و"الغرب"، ضدّ "الجماهيرية
القذافية"، ضد "المجد"،
أي القذافي نفسه. وليست هذه صورة
"كاريكاتورية" من إبداع
خيال شيطاني، بل هي الصورة
الدامية الختامية من المشهد
القذافي الذي لم ينقطع عن طرح
الصور "الكاريكاتورية"
الدامية منذ 42 سنة، ولا يريد أن
يستوعب أنّها لن تصبح 43 سنة.. ولا
يريد أن ينسحب من المشهد وهو
يعلم أنّه سينسحب راغما، إلا
بأسلوب إجرامي مماثل: قاتل أو
مقتول!.. المشهد
الثاني واقعة من بين الوقائع
البطولية العديدة للثورة،
نقلتها التلفزة يوم 6/3/2011م أيضا،
على لسان رجل في حدود الخمسين من
عمره، عاد إلى بنغازي لتوّه من
معركة شارك في خوضها في بلدة بن
جوّاد، وكاد ينفجر بالبكاء أمام
عدسة التصوير، وهو يتحدّث عن
تعرّضه ورفاقه من الثوار لوابل
كثيف من إطلاق النار، لم
يواجهوا مثله من قبل، دون أن
يتمكّنوا من الردّ رغم وجود
السلاح في أيديهم.. لم يكن
تأثّره الشديد نتيجة خوف أو
رعب، بل نتيجة ألمٍ إنساني
شديد، فقد فاجأهم القذافيون
بأسلوب إجرامي إضافي،
باقتحامهم منازل سكنية في
البلدة، وتحصّنهم خلف دروع
بشرية من النساء والأطفال،
وإطلاقهم النار على الثوار،
وهؤلاء عاجزون عن الردّ –لأنهم
بشر وليسوا قذافيين- خوفا على
السكان الأبرياء.. وارتفع صوت
الرجل وهو يجهش من الألم،
ويتحدّث كيف شاهد بعينيه عددا
من الشباب الثائرين يُقتلون بين
يديه ولا يستطيع التصرّف، ثم
وّجه كلامه إلى الشعب الليبي
معبّرا عن ألمه وحزنه واعتذاره
من أعمق الأعماق، أنّ هؤلاء
الشباب الذين لم يعرفوا منذ
مولدهم سوى حكم الطاغية، قد
ثاروا طلبا للتحرّر والكرامة،
وضحّوا بأنفسهم من أجل مستقبل
شعبهم وبلدهم، أمّا هو فقد عاش
اثنين وأربعين عاما دون أن يثور
على الظلم والطغيان، واختتم
موجّها كلامه إلى القذافي،
منذرا ومتوعّدا.. لن يتوقّف
الثوار إلا في معقله، ولن تنتهي
الثورة إلا بعد نهاية حكمه
الإجرامي. والمفروض
أن يصل مغزى كلامه هذا إلى
الشعوب، جميع الشعوب في بلدان
يحكمها الاستبداد، إلى الجيل
الذي طالت معاناته من
الاستبداد، وإلى جيل الشبيبة..
جيل التغيير، جيل الثورة وبناء
المستقبل، وأن يصل أيضا إلى
المستبدين.. جميع المستبدين
الباقين على كراسي التسلّط حتى
الآن، بلا استثناء. أين
وصلت الثورة بليبيا ما
تنجزه الثورة الشعبية في ليبيا
أشبه بالمعجزات في نظر من يقيس
القوى العسكرية بعدد قطع السلاح
ونوعياتها، بين من أنفق
المليارات من ثروة الشعب على
أحدث الطائرات والدبابات
والمدفعية ومختلف وسائل القتل
الأخرى، وبين شعب تحرّك بصدور
شبابه وسواعدهم، وجمع قطع
السلاح البسيطة من غنائم معاركه
مع المسلّحين من كلّ صنف وجنس،
المدرّبين المروّضين على القتل
دون تفكير، وممارسة الإجرام دون
ضمير.. وإذا بهم يُدحرون عن
مدينة بعد مدينة، وبلدة بعد
بلدة، وموقع نفطي بعد موقع،
يغيرون فيُهزمون وينسحبون،
ويتراجعون عن قطعة بعد أخرى من
الأرض الليبية، ويعاودون
الكرّة فيتكرّر معها مسلسل
الغارات والهزائم والانسحاب..
ويخلّفون مزيدا من "الغنائم"
فتزيد قوة العتاد العسكري بين
أيدي الثوار المسلّحين بدرجة
قصوى من العزيمة والإقدام،
تعوّض على عدم تدربّهم عسكريا
وعدم خوضهم قتالا من قبل. خلال
أسبوعين فقط.. لم يبق للقذافيين
شيء يُذكر من الثكنات والقواعد
العسكرية إلا ما تحصّنوا به في
بعض أحياء طرابلس، منطلقا لما
ينشرونه من دبابات ومصفحات
وقناصة ومرتزقة للحيلولة دون
تحوّل انتفاضات أهلها،
المتتابعة إلى ثورة عارمة،
ولِما يرسلونه مرة بعد أخرى من
طائرات ودبابات ومصفحات إلى
المدن المحيطة بطرابلس، وعلى
الطريق إليها، في محاولاتٍ
متكررة، تخفق مرة بعد أخرى،
لاستعادتها من قبضة الثوار
والسكان.. دون جدوى. لقد
تحوّلت الثورة السلمية إلى ثورة
مسلّحة، وتحوّلت الانطلاقة
العفوية للجماهير الغاضبة إلى
ما يشبه "استراتيجية نصر"
مدروسة، تتلاقى فيها إنجازات
ملحمة الصامدين البطولية في
المدن الغربية، مع إنجازات
ملحمة الثوار القادمين إليها من
المدن الشرقية. كما
تحوّلت عمليات الآلة العسكرية
الاستبدادية في شرق البلاد
ووسطها إلى عمليات "دفاعية"،
وفي غرب البلاد إلى فتك عشوائي
همجي يرفع مع ارتفاع عدد
الضحايا الأبرياء من مستوى
العزيمة والتصميم على الصمود
حتى المعركة الحاسمة.. على ثكنة
الاستبداد الأخيرة. لا
بقاء للاستبداد بعد اليوم لا
ينبغي أن تلفت تفاصيل الحدث
الدامي وهو يسجّل آخر أيام
الاستبداد القذافيّ –رغم ما
تثيره من ألم وأسى- عن صورة
الحدث كاملة، والحدث الذي
نعايشه بمجمله هو حدث تقدّم
الثورة يوما بعد يوم على طريق
الانتصار، وسقوط الاستبداد
يوما بعد يوم على منحدر الفناء. إنما
تحفل تفاصيل الحدث أيضا بما
يتلاقى مع صورته الكاملة ليؤكّد
الحصيلة ذاتها، كما يؤكّد في
الوقت نفسه ما لا ينبغي أن تغفل
عنه أعين المستبدين الذين
ينتظرون مصيرهم في حقبة الثورات
العربية، ولا أعين الشعوب التي
ستصنع ذلك المصير بإذن الله..
وهذا ما ينطق به المشهدان
المذكوران من يوم 6/3/2011م. مشهدان..
يعرض الأوّل صورة الحاكم
المستبد في ليبيا دمويا عاريا،
لا يستطيع مواراةَ ولوغه في
الإجرام عن الأنظار، ولا طرحَ
ذريعة من الذرائع لاستبداده
الإجرامي على مدى سنوات وسنوات،
لم ينقطع خلالها ذكرُ تلك
الذرائع، على لسانه، كما أنّه
لا ينقطع على ألسنة سواه من
أمثاله، وجميعها مزاعم لا أوّل
لها ولا آخر، عن: -
أخطار خارجية أو داخلية،
والمستبدون هم الخطر الأكبر على
البلاد وأهلها وحاضرها
ومستقبلها.. -
وأولوية إنجازات اقتصادية أو
عمرانية مزعومة على الحقوق
والحريات، والمستبدون هم من
يمارسون نهب الثروات والفساد
والإفساد ويعتبرون ذلك إنجازا.. -
وضرورة الاستبداد الجاثم على
صدور شعوب لا يمكن حكمها في
زعمهم إلا بالاستبداد،
والمستبدون هم -وليس الشعوب- من
افتقدوا إنسانية الإنسان
فغرقوا في موبقات الاستبداد
والفساد والإجرام. مشهدان
من يوم واحد.. يعرض الثاني منهما
التقاء جيلين من هذه الشعوب على
طريق الثورة، ويجسّد التصميم
القاطع على الفوز بالحسنيين
معا، جنة الخلد للشهداء، والنصر
المحتّم على الطغيان، ويطرح على
العالم المعاصر وعلى الشعوب
العربية والإسلامية تخصيصا،
جوهر ما يعنيه مسلسل الثورات
العربية انطلاقا من تونس: 1- لن
يأمن بعد اليوم طاغية مستبدّ
على نفسه من الحساب القريب على
أيدي الشعوب، سواء كان نسخة
مشابهة لعلي أو حسني أو معمر..
وسواء حاول استباق الثورة في
بلده بإجراءات ترقيعية أم لم
يفعل. 2- لم
تعد توجد ذريعة لشعب من الشعوب،
برجاله ونسائه، شيبه وشبابه،
للاستمرار على الاستكانة
والركون للظلم والظالمين،
والاستمرار على دفع ضرائب الذلّ
بلا نهاية بدلا من دفع ضريبة
التحرّر على درب الثورة
واستعادة الكرامة. 3- مهما
جمع الاستبداد من عتاد وكدّس من
سلاح، ومهما روّض من أعوان على
ارتكاب مختلف أصناف الجرائم،
ومهما ابتكر من أجهزة قمعية
وإجراءات احتياطية وأقام من
علاقات دولية وجلب من مرتزقة
أجانب، ومهما شيّد من ثكنات
وحصون.. فمصير القذافي يقول ما
قاله من قبلُ الاستبدادُ في
تونس ومصر: لا جدوى من ذلك ولا من
أضعافِ أضعافِه أمام قوّة الشعب
الثائر على الاستبداد. 4- لا
تتحرّر الشعوب العربية
والإسلامية عبر مواثيق دولية،
وقوى دولية، ومعونة دولية، بل
تتحرّر من خلال ثوراتها، التي
تفرض بطاقاتها الكبرى الذاتية،
مهما بدت بمقاييس البشر متواضعة
محدودة، داخل بلدانها واقعا
جديدا، يفرض نفسه على العالم من
حولها. 5- لن
تكون خارطة العالم العربي
والإسلامي بعد اليوم بقعة
بيضاء، مرتعا للاستبداد
المحلي، ومرتعا للهمينة
الأجنبية ومطامع القوى
العدوانية.. فالجيل الذي صنع
ثوراته بنفسه، سيشيد بيديه
وطاقاته الذاتية بناء حضاريا
يمضي مع التاريخ بإذن الله إلى
استعادة مكانة هذه الأمّة بين
الأمم، ويكتب في سجلّه ما يجعل
منها نموذجا للأسرة البشرية في
حاضرها ومستقبلها. ولكم
الجنة يا شهداء ليبيا وأخواتها،
ولكم صادق الدعاء يا من تنزف
جراحكم ولا تتخاذل أقدامكم عن
المضي على طريق النصر الموعود،
ولكم الله يا أيها الثائرون
الصابرون الصامدون، إن تنصروا
الله ينصركم ويثبّت أقدامكم..
ويقصم الجبارين فيأتيهم من حيث
يحتسبون أو لا يحتسبون، إنّه
لقوي عزيز. =========================== عبد
الستار قاسم يتردد
في وسائل الإعلام أن نتنياهو،
رئيس وزراء الكيان الصهيوني،
سيتقدم بمبادرة جديدة لضخ
الحياة في المسيرة التفاوضية مع
بعض الفلسطينيين المستمرة على
مدى عقدين من الزمن، وذلك
تفاديا للآثار المترتبة على
التطورات المتسارعة على الساحة
العربية. ويبدو أن الأوروبيين
يضغطون بقوة على الحكومة
الصهيونية لكي تقدم شيئا للسلطة
الفلسطينية يبرر لها الاستمرار
في الالتزام بمتطلبات اتفاقية
أوسلو وما بني عليها من
اتفاقيات. يرى الأوروبيون أن
السلطة الفلسطينية تعيش وضعا
معنويا بائسا بسبب إخفاقها في
إحراز أي مكسب يتعلق بالحقوق
الوطنية الثابتة للشعب
الفلسطيني، وتجد صعوبة كبيرة في
الاستمرار بترويج بضاعة فاسدة
للشعب الفلسطيني ولجماهير
الأمة العربية. وبالتالي هم
يدفعون بنتنياهو لتقديم شيء
مهما كان يسيرا للسلطة
الفلسطينية عسى في ذلك ما يساعد
في استمرار التفاوض. يدرك
الأوروبيون أن عجلة التاريخ قد
بدأت تدور في الوطن العربي، وأن
دورانها ليس كما يشتهي أهل
الغرب و"إسرائيل". وهم
يدركون أن ما كان يمكن العبث به
في الساحة العربية على مدى
السنوات الطويلة، لم يعد ممكنا
الآن لأن إرادة الأمة تنبثق
تدريجيا وبصورة متسارعة نحو نفض
الماضي المذل لصالح استقلال
وطني حقيقي. لقد رأى الأوروبيون
عجز "إسرائيل" في السنوات
السابقة عن تحقيق انتصارات
عسكرية ضد حزب الله وحماس
والمقاومة الفلسطينية في غزة،
لكن أملهم في تجاوز الحقائق
الموضوعية بقي قائما بسبب
الغطاء العربي للانهزام
والتخاذل؛ أما الآن فيبدو أن
آمالهم أخذت تنحسر أمام إرادة
شعبية واسعة النطاق وليست
محصورة في تنظيمات. أما
الكيان الصهيوني فبقي يعيش تحت
هاجس حزب الله منذ عام 2000، على
أقرب تقدير. لقد فشل الكيان في
إنجاز أي اتفاق مع لبنان واندحر
من الجنوب اللبناني يجر أذيال
الخيبة والهزيمة، ولحقت به
هزيمة نكراء عام 2006 بعدما ظن
وأمريكيوه أن الطريق ممهدة نحو
شرق أوسط جديد مفصل وفق إرادتهم.
وكانت الأمور أكثر قسوة للكيان
عندما فشل في تحقيق أي إنجاز في
حربه على قطاع غزة. لم تكن "إسرائيل"
مكترثة بالمفاوضات مع بعض
الفلسطينيين بقدر ما كانت تعيش
هاجس الانقلاب في الميزان
العسكري الاستراتيجي في
المنطقة. لقد أدركت تماما أن عصر
انتصاراتها قد ولى نهائيا، وأن
عصر الهزائم قد بدأ. المراقب
لوجه نتنياهو الآن يرى البؤس قد
ارتسم عليه، ويرى فيه الحيرة
والعبوس. كلمات الغطرسة والعلو
تكاد تختفي من قاموسه، ولهجة
اللين بدأت تراود أوتار صوته.
لقد انتقل من مأساة الانقلاب
العسكري الاستراتيجي في
المنطقة إلى الانقلاب الشعبي
الذي يؤذن بمعادلات اقتصادية
وسياسية واجتماعية جديدة في
المنطقة العربية الإسلامية. لم
يكن لحزب الله أنصار من الأنظمة
العربية، ولم يكن كذلك لحماس،
وبقيت آمال "إسرائيل" وأهل
الغرب بأن الحركتين ستهزمان من
الداخلين اللبناني والفلسطيني
بمساعدة الأنظمة العربية، لكن
الآمال الآن تتهاوى مع تهاوي
الأنظمة العربية بخاصة النظام
المصري الذي كان الحارس الأمين
على المصالح الأمنية
الاستراتيجية لكل من "إسرائيل"
وأمريكا. ومع تراجع هذه الآمال،
كان على نتنياهو أن يلطم حظه مع
الأنظمة العربية، ويتنازل
قليلا عن غلوائه وصلفه وغروره
ويتحدث عن مبادرات جديدة
للتسوية مع فلسطينييه. سبق
السيف العذل يا سيد نتنياهو. شعب
فلسطين لم يكن يقبل التنازلات
منذ أن قرر بعض الفلسطينيين
الاعتراف بكيانكم، ولم يكن لديه
الاستعداد للتنازل عن حقوقه
الوطنية الثابتة. فإذا بقي
الشعب متمسكا ومصرا وهو في حالة
ضعف، فكيف به وهو يرى عجلة
التاريخ في المنطقة تغير
مسارها؟ لا تتعب نفسك بمبادرات
لأن هؤلاء الذين تبادر لهم لا
يمثلون شعب فلسطين، وهم ليسوا
إلا مجرد نتوء لأنظمة عربية
متهاوية. وإذا كنت تبكي أصحابك
من أنظمة العرب، فخصص بضع دمعات
لمن التحق بهم من الفلسطينيين. أنت
تريد الاستمرار ببناء
المستوطنات؟ افعل. لكن أوكد لك
أننا سنهزمك، وسنقتلعك،
وسنطاردك حيثما ذهبت وحيثما
وليت وجهك. تمتع الآن قليلا بنهب
أرض فلسطين وببناء البيوت، لكنك
ستطرد منها كفأر مذعور لا يجد
جحرا يختبئ فيه. وأنت تعلم يقينا
أن ما أقوله الآن ليس كلاما
عربيا تقليديا بلا رصيد، وإنما
كلام عربي تحرسه بندقية
المقاومة العربية ودماء
الشهداء التي تسيل في شوارع
المدن العربية. فاخرس، واجعل من
ذلك اللسان الطويل قصيرا. ======================= فعاليات
إنهاء الانقسام "ما بين
الدعاية وما بين إثبات الذات" بقلم
: خالد جمال الأزبط في
الوقت الذي يعيش به العالم في
نهضة الشعوب والثورات ضد
الأنظمة الرسمية التي عاشت أكثر
من زمن شعوبها ، والتي أثبتت
ولائها وعمالتها للأنظمة
الغربية والصهيونية بكل ما
تعنيه الكلمة وإن كنا في موطن
الحديث في أمر غير ذلك وهو
أضحوكة المصالحة أو إنهاء
الانقسام أو سمه ما شئت . إننا
بحاجة لثلة قليلة من المصرين من
المواطنين وليس الساسة ولا
المأطرين داخل مصر لكي يتولوا
موضوع المصالحة وإنهاء هذا
الملف ، لأنهم يشعروك فعلا بلذة
الأمر في نكاتهم وعباراتهم التي
تدخل السرور على قلبك وتحب
الانقسام وتحب المشادات بين
المختلفين على وتر الوطن لأنه
لا يوجد وطن حر ليختلف عليه أحد . فالجميع
يكتب والجميع يصرح والجميع يبز
المواقف ويعلن الفعاليات ما بين
المؤتمرات والمسيرات والحشد ,
والحشد المضاد كلها أضحوكة على
الشعب وسياسة الدعاية لمعرفة
الوزن الحقيقي في الشارع وهذا
زمن قد ولى ولم يعد له مكانة
بيننا . العالم
المنشغل بتغيرات كبيرة وانقلاب
عالمي جراء التغيير الثوري
للشعوب هو الهم الأكبر والكفة
الراجحة اليوم هو الشعب وليست
أمريكا ولا إسرائيل التي أصبحت
على قناعة بنهايتها القريبة . تطل
علينا دعوات الفيس بوك من جانب
لثورة الكرامة تارة ثم ثورة ضد
الانقسام كي يسمح لها بالخروج
وتحديد موعد فعاليات وأماكن
تواجد وكأن الأمر عبارة عن عرس
وطني والمراد من كل هذا هو نقل
القطاع إلى حالة الفوضى
والنتيجة المستثمرة من كل ذلك
ظهور الرموز والشخصيات المعنية
بالتصريحات الإعلامية
واللقاءات المباشرة لإعادة
الظهور الإعلامي بعد انقطاع
طويل من جانب وللظهور بمظهر
الوطني الشريف أو يبدو أنهم
ظنوا أن مصر وتونس وليبيا هي غزة
. فيا
دعاة الكرامة ويا دعاة الانقسام
اقصد إنهاء الانقسام بلادنا
ليست لوحة إعلانات وليست منتزه
الأغبياء فشعبنا مناضل واعي
ومثقف وهو من أوصل رسائل
ومفاهيم الثورة الحقيقية وضد من
تكون . =========================== زكريا
عبد الرحيم الفلسطيني
لا يقبل بأرض غير أرضه , وهو غير
مستعد أن يقايضها أو يستبدلها ,
وكل فذلكة خلاف ذلك مرفوضة
ومدانة ومشبوهة , وضمن هذا يدخل
كلام الجنرال عوزي ديان , رئيس
مجلس الأمن القومي الأسرائيلي
السابق والمقرب من نتنياهو ,
الذي يدعو هذه الأيام الى حل
اقليمي للمشكلة الفلسطينية عن
طريق انشاء ما أسماه " الدولة
الأردنية الهاشمية الفلسطينية
الموحدة " .. وهو يعتبر أن هذا
الحل يصب في خدمة مصالح اسرائيل
.. ويقول ان هذه الدولة تشمل
الأردن والضفة الغربية وقطاع
غزة , ولكنها لا تشمل القدس
الشرقية التي يطالب ببقائها تحت
السيادة الأسرائيلية.. كما
يطالب بمحافظة اسرائيل على
السيطرة الكاملة على وادي
الأردن - منطقة الغور - بأسره
باعتباره الحدود الشرقية لدولة
اسرائيل, وفوق ذلك فهو يطالب
بعدم السماح بحق العودةللاجئين
الفلسطينيين وقاحة ما بعدها
وقاحة.. وجدلا لو ترك الخيار
للفلسطينيين فأنهم يفضلون بقاء
الأحتلال على هذا الحل الأخرق
لأنهم في ظل الأحتلال يملكون
شرعية المقاومة بكل أشكالها حتى
ينتزعوا حقوقهم الكاملة
ويقيموا دولتهم المستقلة
بعاصمتها القدس وعودة اللاجئين
وفق القرار 194 وتتصل دولتهم
بالمملكة الأردنية الهاشمية
عبر الحدود المشتركة بوادي
الأردن .. أما ما يقترحه ديان فهو
التصفية واللادولة
واللااستقلال واللاعودة
للاجئين ولماذا نذهب بعيدا وفق
ديان وننحرف عن رؤية الوطن
الفلسطيني ؟ ودعنا ندخل في
الموضوع مباشرة فنقول ان فلسطين
هي أرض الفلسطينيين , وان حل
المشكلة الفلسطينية يكون
بأقامة الدولة الفلسطينية
المستقلة وفق الخيارات الثلاثة
التالية : الأول , على الأراضي
التي أحتلتها اسرائيل في الرابع
من حزيران 1967 وهي تشكل 22 بالمائة
من مساحة فلسطين الأنتدابية ,
ومعها يتم حل مشكلة اللاجئين
وفق القرار 194 ويطلق سراح جميع
الأسرى وتحل مشكلة الحدود
والمياه والمستوطنات والجدار
وأية مشكلة عالقة وبعدها يتم
توقيع معاهدة السلام لأنهاء
الصراع الفلسطيني الأسرائيلي ..
والثاني , يكون وفق قرار الأمم
المتحدة الذي أتخذته في 29 - 11- 1947
ويحمل الرقم 181 وهو يقسم فلسطين
الى دولتين , دولة عربية ودولة
يهودية ويكون نصيب الدولة
العربية حوالي 47 بالمائة من
مساحة فلسطين الأنتدابية ..
والخيار الثالث , هو أعتبار كامل
الأراضي الفلسطينية أي فلسطين
الأنتدابية دولة واحدة للشعبين
الفلسطيني واليهودي وتكون
الدولة بذلك ثنائية القومية و
هذه الدولة تكون فيها حصة
الفلسطينيين واليهود معا مائة
بالمائة من مساحة فلسطين يعيشون
عليها بالعدل والمساواة في
الحقوق والواجبات كمواطنين
أحرار لا تمييز بينهم وفق دستور
عصري يتفقون على صياغته ويبنون
معا الدولة الديمقراطية والتي
فيها الحل لكافة المشاكل هذه هي
الخيارات الثلاثة التي ترضي
الفلسطينيين لأنها كلها تنبثق
من الأراضي الفلسطينية .. ومطلوب
من رجالات السياسة وجنرالات
الأمن الإسرائيليين أن يختاروا
أحد هذه الخيارات كحل للمشكلة
الفلسطينية وللصراع الفلسطيني
الإسرائيلي اذا أرادوا السلام
فعلا وأن يتخلوا عن أية أفكار
يزعمونها لا تنطلق من الأراضي
الفلسطينية فهي مرفوضة ومضيعة
للوقت ========================== ليبيا
ليست بين خيارين أحلاهما مر نقولا
ناصر* تكاد
قوى دولية وإقليمية عديدة تنجح
في محاصرة الشعب العربي الليبي
بين خيارين أحلاهما مر ولا ثالث
لهما: إما الدكتاتورية وإما
التدخل الخارجي للخلاص منها،
بينما ما زالت كل الرموز
الرئيسية للثورة الليبية ترفض
أي تدخل عسكري خارجي في الصراع
الدامي الدائر حاليا وتصر على
أن "لدينا ما يكفي من الرجال
لحسم المعركة" ضد
الدكتاتورية كخيار ثالث أصيل
كما قال الشيخ سالم جابر إمام
صلاة الجمعة في بنغازي، منطلق
الثورة وقاعدتها الرئيسية، في
الثالث من الشهر الجاري.
والتدخل الخارجي في ليبيا ليس
محتملا أو متوقعا أو كما قال
الزعيم الشيوعي الكوبي فيدل
كاسترو "حتميا"، بل إنه
اصبح أمرا واقعا فعلا. وكانت
نتيجة التدخل الخارجي حتى الآن
هي - كما كتب رئيس تحرير القدس
العربي عبد الباري عطوان - "إغلاق
كل المخارج في وجه" معمر
القذافي وأبنائه وبطانته
المقربة وتزويدهم بسلاح دعائي
فعال لاستقطاب العداء الوطني
الليبي المتأصل للتدخل الأجنبي
ليظل الخيار الوحيد أمامهم هو
ما يتفق كثير من المحللين على
أنه إمكانيات كافية متاحة لهم
لمواصلة التشبث بالسلطة حتى
الرمق الأخير ولفترة كافية
بدورها لتحول الصراع بين
الدكتاتورية وبين الثورة عليها
إلى حرب أهلية توفر المزيد من
المسوغات الواقعية للتدخل
الأجنبي الغربي بخاصة في قطر
عربي كان طوال معظم الأربعين
سنة الماضية في خندق معاد للغرب
وأطماعه قبل ان يقود الاحتلال
الأميركي للعراق إلى خلل
استراتيجي في ميزان القوى
الإقليمي قاد بدوره إلى تطويع
ليبيا للاندماج في
الاستراتيجية الأميركية وحربها
العالمية على "الإرهاب".
ومن الواضح الآن أن الانتفاضة
الشعبية "السلمية" قد
تسلحت وتحولت إلى ثوة مسلحة
يلتف الشعب حولها. وتقترح "معارك"
الكر والفر خلال اليومين
الماضيين بأن الصراع "يمكن أن
يستمر أسابيع وربما أشهرا دون
أن يمتلك أي من طرفيه قوة عسكرية
كافية لايقاع هزيمة حاسمة"
بالطرف الاخر كما استنتج تقرير
للأسوشيتدبرس أمس الأول السبت. فالأمين
العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو"،
أندرس فوغ راسموسين، يقول إن
الحلف "لا ينوي التدخل"
لكنه يضيف بأن كل الاحتمالات
مفتوحة، ووزير الدفاع الأميركي
روبرت غيتس يقول إن قرار مجلس
الأمن الدولي الأخير بشأن ليبيا
لا ينص على "اي تفويض
باستخدام القوة المسلحة"
بالرغم من صدوره طبقا للفصل
السابع من ميثاق الأمم المتحدة
لكنه يضيف "إننا سوف نوفر
للرئيس (باراك أوباما) سلسلة
كاملة من الخيارات"، ووزير
الخارجية الألماني غويدو
فيسترفيله يعلن عن معارضة بلاده
للتدخل العسكري في ليبيا لكنه
يدعو إلى "فرض عقوبات موجهة
جيدا عليها"، والرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي يقول
إنه لا يعتبر فكرة التدخل
العسكري "مناسبة" لكنه "لا
يستطيع أن يظهر عدم اهتمام إذا
ظل الوضع على ما هو عليه" في
ليبيا، ورئيس الوزراء
البريطاني ديفيد كاميرون أثناء
جولة له في دول الخليج العربية
يتحدث بحماس عن الاستعداد ل"تسليح"
الثوار الليبيين. إن
المقال الذي نشرته الواشنطن
بوست، إحدى أهم صحيفتين
أميركيتين، في الرابع من الشهر
الجاري بقلم شارلز كراوثامر
لتسويغ التدخل الأجنبي في ليبيا
قد اسقط أي ادعاء يروج له
الإعلام الأميركي عن حياده
وموضوعيته ومهنيته وصدقه،
فالكاتب بكل صفاقة ادعى في
مستهل مقاله بأن الأصوات تنطلق
في كل أنحاء "العالم، من
أوروبا إلى أميركا إلى ليبيا
داعية للتدخل الأميركي من أجل
المساعدة في إسقاط القذافي"،
متجاهلا في الأقل معارضة قوتين
إقليميتين كبريين كلتاهما
حليفة للولايات المتحدة
وإحداهما عضو هام في حلف الناتو
مثل تركيا ومصر لهذا التدخل،
ناهيك عن جامعة الدول العربية
ومنظمة المؤتمر الاسلامي
والاتحاد الإفريقي، ناهيك عن
قوى كبرى مثل روسيا والصين. ومن
الواضح أن "العالم"
بالنسبة لصانع القرار الأميركي
وإعلامه الرئيسي يتلخص في "واشنطن"
ومن يدور في فلكها من أتباع
أوروبيين ووكلاء محليين. إن
وصول السفينتين الحربيتين
الأميركيتين "يو إس إس كيرساج"
و"يو إس إس بونس" إلى جزيرة
كريت اليونانية يوم الجمعة
الماضي، وإحداهما قادرة على حمل
الفين من قوات المارينز، ووصول
(400) من قوات المارينز الأميركان
إلى قاعدة بحرية في اليونان قبل
ذلك بيومين من أجل منح أوباما
"مرونة في سلسلة كاملة من
الخيارات بشأن ليبيا" كما قال
متحدث باسم هذه القاعدة، حسب
التلفزيون اليوناني، في سياق
إعلان البنتاغون عن إعادة نشر
القوات البحرية الأميركية في
البحر البيض المتوسط ودعوة
أوباما علنا للقذافي كي "يتنحى
ويرحل"، وتعزيز كندا لوجودها
العسكري "حول ليبيا"
بالفرقاطة "أتش أم سي إس
شارلوت تاون" التي أبحرت إلى
المتوسط يوم الأربعاء الماضي
دعما لسفينة دورية وقوات خاصة
متمركزة في مالطا (حسب صحيفة
غلوب أند ميل)، ناهيك عن قطع
حربية إيطالية وبريطانية
وفرنسية وأوروبية اخرى تحتشد
على السواحل الليبية بحجة "إجلاء"
رعاياها، وإلقاء قوات القذافي
القبض على ثلاثة من جنود
البحرية الهولندية مع طائرة
هليوكبتر من نوع "لينكس"
قرب مدينة سرت الليبية، إلخ... إن
هذه الحشود الميدانية تدحض أية
شكوك قد تثيرها التصريحات
مزدوجة المعاني للمسؤولين
الغربيين عن معارضتهم للتدخل
العسكري في ليبيا. وهذه
المواقف الأميركية – الأوروبية
لا تزود القذافي وحده بذخيرة
دعائية تتخذ من التدخل الأجنبي
حجة ضد الثائرين على حكمه
العائلي الدكتاتوري، فقد
استفاد منها أيضا الرئيس اليمني
علي عبد الله صالح لكي يتهم
الانتفاضة الشعبية العربية
بكاملها وليس في بلاده فقط
بأنها "ثورة إعلامية تديرها
الولايات المتحدة من غرفة في تل
أبيب" كما قال. إن
البيان الذي وجهه للقذافي
الأمين العام لحزب البعث العربي
الاشتراكي – القطر العراقي،
عزة إبراهيم الدوري، باسم
القيادة العليا للجهاد
والتحرير والخلاص الوطني، التي
"فتحت باب التطوع للعمل
الفدائي في ليبيا" في حال وقع
الغزو الأجنبي، وحثه فيه على
"تفويت الفرص" على التدخل
الأجنبي ب"تلبية مطالب
الجماهير" يذكر بمقدمات
التدخل المماثل في العراق قبل
غزوه عسكريا عام 2003. ففرض منطقتي
الحظر الجوي على شمال العراق
وجنوبه والعقوبات الأميركية
والدولية التي فرضت عليه قد
جعلت الأزمة الانسانية تستفحل
فيه ولم تخفف منها دون أن تمس
بالنظام السياسي. واليوم
بعد سبع سنوات من الاحتلال
الأميركي وإسقاط النظام الوطني
وانتفاء كل الأسباب لفرض تلك
العقوبات ما زال العراق أسيرا
لها بالرغم من تخفيفها قبل أشهر
ضمن استمرار ارتهانه لوصاية
الفصل السابع لميثاق الأمم
المتحدة.ومن المؤكد أن العقوبات
التي فرضت على ليبيا بموجب قرار
مجلس الأمن الدولي الأخير رقم
1970 سوف تظل سارية المفعول بعد
سقوط نظام القذافي بهذه الطريقة
أو تلك بفترة طويلة لتظل سيفا
مسلطا على الشعب الليبي حتى
يرضخ لإملاءات القوة الأميركية
التي رعت تقديم مشروع هذا
القرار، تماما كما هو الحال في
العراق اليوم. ومن
الواضح أن دول الخليج العربية
التي كانت تدعو إلى فرض منطقة
حظر جوي على ليبيا في الاجتماع
الوزاري لجامعة الدول العربية
بالقاهرة يوم الأربعاء الماضي
لم تتعظ من التجربة العراقية.
وفي هذا السياق فإن ما نشرته
القدس العربي يوم السبت الماضي
عن تأييد أردني للدعوة الخليجية
بحاجة إلى توضيح ينفيه أو
يؤكده، لأن كلمة وزير الخارجية
ناصر جودة في المجلس الوزاري
للجامعة العربية كما نشرتها
صحيفة "الرأي" شبه الرسمية
لم تتضمن أي تأييد كهذا. كما أن
الدول العربية وغير العربية
التي أيدت القرار 1970 لم تدرك أو
لا تريد أن تدرك بأن العقوبات
والحصار اللذين يتم فرضهما باسم
"التدخل الانساني" و"حماية
المدنيين" ليسا إلا غطاء
للأطماع الغربية ومقدمة للتدخل
العسكري الأجنبي، الأميركي
بخاصة. وفي
المقابل فإن زعماء محترمين
معروفين بسجلهم المشرف في
مناهضة الهيمنة الأميركية مثل
فيدل كاسترو وزعيم فنزويلا هوغو
شافيز ودانييل أورتيغا في
نيكاراغوا ممن وصلوا إلى سدة
الحكم على أكتاف الجماهير
بالشرعية الثورية او الشرعية
الديموقراطية قد ارتكبوا خطأ
فادحا في حصر الصراع الدائر في
ليبيا بين الدكتاتورية وبين
التدخل الأجنبي فقط لينحازوا
إلى الدكتاتورية باعتبارها
أهون شرا من التدخل الأجنبي، مع
أن معادلة الصراع بدأت وما زالت
بين الدكتاتورية وبين الثورة
الشعبية عليها، وبالتالي فإن اي
دعم للدكتاتورية يطيل في عمرها
سوف يفتح الثغرة الوحيدة التي
يمكن أن يدخل منها الأجنبي إلى
ليبيا، بينما الانحياز إلى ثورة
الشعب الليبي عليها سوف يعجل في
إغلاق هذه الثغرة التي تتسع
حاليا. وربما لن يطول الوقت قبل
ان يكتشف هؤلاء أن مناهضة
الامبريالية الأميركية عن طريق
دعم الدكتاتورية سوف تقود إلى
نتائج عكسية تعزز الأطماع
الامبريالية فقط. وبين
دعاة التدخل الأجنبي السافر في
ليبيا بذرائع "إنسانية"
تدعي الدفاع عن "المدنيين"
وبين المدافعين عن الدكتاتورية
بذريعة معارضة أي تدخل أجنبي
ظهرت كذلك مواقف قوى تدعي أيضا
معارضة التدخل الأجنبي وبخاصة
الأميركي في ليبيا بينما هي إما
شريكة مباشرة للاحتلال
الأميركي أو وكيلة له بعيدا عن
ليبيا. وعلى
سبيل المثال، إذا كانت المعارضة
"المطلقة" للوكيل المحلي
للاحتلال الأميركي في
أفغانستان الرئيس حامد كرزاي
لتدخل "الغرب" في ليبيا هي
دعوة ليست بحاجة إلى توضيح
زيفها وفقدانها لأي صدقية، فإن
التحذير الذي وجهه الرئيس
الإيراني محمود أحمدي نجاد من
التآمر الجاري حاليا للتدخل
العسكري في ليبيا مذكرا بأن
الوضع اليوم يختلف عما كان عليه
قبل عشر سنوات عندما وقع
الاحتلال الأميركي لأفغانستان
والعراق هو موقف مراوغ يحتاج
إلى توضيح لأنه في ظاهره يوحي
بأنه لا يدعم الدكتاتورية في
ليبيا لكنه لا ينحاز إلى ثورة
الشعب الليبي عليها انحيازا
واضحا، ودون أن أن يشير من قريب
أو بعيد إلى أن أهم معارضة يمكن
ان تقدمها إيران للتدخل الأجنبي
في ليبيا تتمثل في إنهاء شراكة
المصالح الايرانية مع الاحتلال
الأميركي في أفغانستان والعراق. وربما
يكون زعيم التيار الصدري في
العراق هو خير مثال لتوضيح
المواقف المراوغة لهذه القوى. ف"السيد"
مقتدى الصدر الذي سارع إلى
العودة من حاضنته الإيرانية إلى
العراق عشية "جمعة الغضب"
العراقية "الأولى" ضد
الاحتلال الأميركي ووكيله
الحكومي المحلي كي يدعو
العراقيين إلى عدم المشاركة
فيها سارع يوم الخميس الماضي
عشية جمعة الغضب العراقية "الثانية"
إلى حث العراقيين على التظاهر
في اليوم التالي ضد التدخل
العسكري الأميركي المحتمل في
ليبيا وليس ضد الاحتلال
الأميركي القائم فعلا في
العراق، وهذا موقف غني عن
البيان تماما. لقد
قصفت المقاتلات الأميركية
مدينتي طرابلس وبنغازي في 15
نيسان / أبريل عام 1986 في هجوم
أدانته الجمعية العامة للأمم
المتحدة لانتهاكه ميثاقها
والقانون الدولي. لكن التدخل
العسكري الأميركي في ليبيا أقدم
كثيرا من حقبة القذافي، فقبل (130)
سنة أرسل الرئيس ثوماس جيفرسون
حملة بحرية بقيادة الجنرال
ستيفن ديكاتور لمهاجمة قاعدة
ليبية لما سماه "القراصنة
البربر" لتتحول اليوم الى
الشطر الثاني من البيت الأول من
النشيد الرسمي لسلاح البحرية
الأميركي (من قاعات مونتزيوما –
إلى سواحل طرابلس). لكن منذ وصل
القذافي إلى السلطة بانقلاب
عسكري على النظام الملكي قبل
حوالي (42) سنة كانت الولايات
المتحدة تنتظر فرصة سانحة، يبدو
انها حانت في الوقت الحاضر،
للانتقام من إغلاقه لقاعدة "ويلس"
التي كانت في حينه من أكبر
القواعد العسكرية الأميركية في
العالم، وتأميمه صناعة النفط
الليبية، لتنقطع العلاقات
الدبلوماسية، ويعقب ذلك حملة
حرب نفسية أميركية ل"شيطنة"
القذافي ونظامه، في وقت كان
يمول فيه المؤتمر الوطني
المناهض لنظام الفصل العنصري في
جنوب إفريقيا بينما كانت واشنطن
والعواصم الأوروبية تصنف
زعيمه، نلسون مانديلا، "إرهابيا".
لكن نظام القذافي بعد هجمات
الحادي عشر من أيلول / سبتمبر 2001
تحول إلى حليف للولايات المتحدة
في "الحرب على الإرهاب"،
وعادت شركات النفط الأميركية
ومتعددة الجنسيات إلى العمل في
ليبيا. *كاتب
عربي من فلسطين ========================= تحية
إكبار .. للمرأة العربية د
. لطفي زغلول بداية
لا بد لي في يوم المرأة العالمي،
أن أبعث بتحية تقدير وإكبار
للمرأة العربية بعامة في كل
الجغرافيا العربية احتراما
لدورها المقدس، باعتبارها قلب
المجتمع العربي النابض في كل
الإتجاهات، هذا المجتمع الذي
يشهد هذه الأيام تغييرات لم
تتوان عن المشاركة في خضمها. هنا
فإنني أخص المرأة الفلسطينية
بتحية إكبار وإجلال لكفاحها
وصمودها وتضحياتها المستدامة،
وهي تتصدى لأعتى التحديات
الإحتلالية وأشرسها. أحييها أما
زوجة أختا بنتا ربة بيت عاملة
طالبة علم وأسيرة في معتقلات
الإحتلال. وأدعو الله أن
يتغمدها برحمته الواسعة شهيدة
مأواها جنة الرضوان. الثامن
من اّذار/مارس من كل عام.إنه يوم
المرأة العالمي. وهو يوم في
حقيقته مكرس لإبراز منظومة
التحديات التي كانت ولا تزال
شرائح عريضة من نساء العالم
يشعرن أنهن يواجهنها على كافة
الصعد الحياتية، وفي المقابل
استعراض إنجازات ومكاسب حققتها
المرأة على مدى عام منصرم، أو
أهداف ما زالت تسعى لترجمتها
على أرض الواقع، وقد وضعتها نصب
أعينها بغية تحقيقها. والواقع
أن هذا اليوم يخص كل النساء في
العالم، ويبحث قضاياهن
المختلفة بصورة عامة، والمرأة
العربية تحتفل به كونها جزءا من
المنظومة النسائية العالمية.
وليس ثمة ما يحول دون الإحتفال
به على المستوى العربي بعامة،
والفلسطيني بخاصة مع الأخذ بعين
الإعتبار خصوصية المرأة
العربية. إنه
ليس بالضرورة أن كل ما تعانيه أو
تحلم به وتسعى المرأة الأوروبية
أو الأميركية أو سواهما إلى
تحقيقه من أهداف يمكن أن ينطبق
بحذافيره على المرأة العربية في
العالم العربي، حتى وإن كانت
بعض المشكلات والأهداف قد
تقاطعت فلا يعني هذا أنها كلها
تتقاطع نظرا لاختلاف مخرجات
الفلسفة العامة التي تدين بها
المجتمعات الإنسانية المختلفة.
وفي اعتقادي أنه من السابق
لأوانه الحديث عن مظلة العولمة
الشمولية في هذا الصدد. إن
الواقع العربي فيما يخص المرأة
العربية يفرض أن يُفرز لها يوم
عربي خاص بها تحتفل به بغية
إبراز قضاياها مباشرة في قلب
الساحة العربية، وليس على هامش
احتفالات العالم بهذا اليوم،
ولا يعني هذا عدم المشاركة فيه.
ومرة أخرى لا يعني هذا الطرح
الإقلال من قيمة المرأة
العربية، أو الإنتقاص من قدرها
لا سمح الله، وإنما تهيئة ساحة
عربية خاصة بها وبقضاياها في
عقر العالم العربي وبين مواطنيه
أصحاب الشأن. وبداية
يجب الإقرار أن هناك قضايا
ساخنة تخص المرأة العربية
بعامة، والفلسطينية بخاصة لا
ينبغي السكوت عنها أو الإلتفاف
عليها أو حتى تجاوزها. ولعل
أهمها وأخطرها أن لا يظل
المجتمع العربي مجتمع رجال
فقط،وهي قضية تخضع للمتغيرات في
العالم العربي، وتسير في اتجاه
إيجابي مقارنة مع فترات سابقة. في هذا
السياق، لا أحد ينكر أن المرأة
العربية قد حققت إنجازات ومكاسب
كثيرة في العديد من المجالات. إن
المرأة العربية قد أخذت تنطلق
إلى آفاق لم تكن تتسنى لها في
السابق. وهي انطلاقة تقضي ولو
شيئا فشيئا على بؤر التباين
والتفاوت في المكانة والحقوق
العامة بينها وبين الرجل. وجراء
تطور في النظرة العامة للرجل
العربي تجاه علاقته بالمرأة على
خلفية عدة اعتبارات: أهمها
التعليم والمكتسبات الثقافية
واتساع مساحة الوعي العام،
وبهذا الصدد لا يمكن التغاضي عن
منظومة الموروث العقائدي الذي
تلعب دورا هاما هي الأخرى فيه. وهنا
لا ينبغي التركيز على الرجل،
باعتباره العنصر المانح تأشيرة
مرور للمرأة،دون ذكر إنجازات
حققتها المرأة العربية في
مجالات التعليم والثقافة
والوعي العام لحقيقة شراكتها،
ودورها في تطوير المجتمع. إذ
لولا هذه الإنجازات لظلت المرأة
العربية حبيسة جدران التخلف
التي كانت مفروضة عليها ردحا من
الزمن، وتحديدا فيما يخص الحقوق
السياسية كحقها في تقلد المناصب
السياسية في مؤسسات السلطات
الثلاث التنفيذية والتشريعية
والقضائي.فنضال المرأة هنا
مشروع ويفترض ألا يعترض عليه أي
معترض، ومع ذلك ننوه أن المرأة
العربية لا تشكو وحدها هذا
الوضع بل هي ظاهرة ملحوظة حتى في
أرقى دول العالم المتحضر. في
مجمل حقوق المرأة بشكل عام فلا
ينبغي أيضا تناسي أن للمرأة
وضعا فسيولوجيا يحد من قدراتها
مقارنة بقدرات الرجل،ولكن بشرط
أن لا يصل الأمر إلى التفرقة في
الحقوق الأساسية، أو إلى حد
حرمان المرأة العربية من حقوقها
السياسية كاملة. وبهذا الصدد
ثمة مقولات كثيرة مشكوك
بالنوايا التي تقف خلفها والتي
تتمثل في اللمز والغمز على كل ما
هو شرقي يمس بمكانة الرجل
العربي أو الشرقي بشكل عام. إن
القضية لا ينبغي أن ينظر إليها
من زاوية أنها معركة بين الرجل
والمرأة. إنها ببساطة متناهية
منظومة حقوق مشروعة، يمكن
للمرأة أن تحصل عليها بأساليب
متحضرة تكفلها لها مستويات
معقولة من التطور العلمي
والثقافي. وهنا يتبادر سؤال ملح:لماذا
يظل العلم حجة الرجل في
الإستحواذ على كامل الحقوق؟. إن
العلم بالنسبة للمرأة هو سلاحها
للخروج إلى الحياة، وعليها أن
تشهره. وهنا
لا بد لنا أن نطرح بعض ما يفترض
في اعتقادنا أن تكون عليه
العلاقات بين الرجل والمرأة في
مجتمعنا العربي بعامة
والفلسطيني بخاصة.فقضية حقوق
المرأة لا ينبغي لها أن تكون
بأية حال من الأحوال مدعاة
للتمرد أو التحريض المستندين
إلى صراع على خلفية جنسوية،أو
أن تكون تستهدف إبراز السلبيات
دون الإيجابيات. واستكمالا
فليس بالضرورة أن ما تشعر به
شريحة من النساء من قهر وقمع
يمكن تعميمه وتطبيقه على كل
النساء وفي اعتقادنا أيضا أن
قضايا المرأة لا يمكن أن تحل في
معزل عن الرجل في جو من التشنج،
أو التعصب اللذين لا مبرر لهما
والقائمين على سياسة شد الحبال،
تغذيها جهات تتخذ من التعصب
النسوي "الفيمانيزم" منهجا
لها. إن
الحل هنا يفترض به أن يكون
مشتركا ومبنيا على أسس من
التفاهم. إنه بطبيعة الحال
تدريجي ويخضع للمتغيرات
الثقافية والتربوية والتعليمية
والإقتصادية والتوعوية بشكل
عام، ومنوط بما تستطيع المرأة
أن تحققه من إنجازات على أرض
الواقع وعلى كافة الأصعدة تثبت
من خلالها قدراتها وكفاءاتها. وهنا
لا ينبغي إغفال نقطة هامة
وحساسة للغاية، تخص علاقة
المرأة العربية بالمرأة
العربية.ففي كثير من الأحيان
كانت المرأة سببا مباشرا لخذلان
المرأة،وعدم انطلاقها إلى
تحقيق أهدافها.ومثالا لا حصرا
في قضية الإنتخابات والترشيح
لعضوية المجالس التشريعية أو
النيابية، حيث كان بالإمكان أن
يكون لها من خلال حضورها دور
فاعل وحاسم في سن تشريعات
وقوانين تناصر حقوقها. ومع
ذلك نؤكد هنا على حقيقتين.
أولاهما أن دور المرأة الثلاثي
الأبعاد المتمثل في كونها زوجة
وأما وربة بيت، ومدى نجاحها فيه
هو الأساس في مكانتها العامة
دون أدنى معارضة لمساهمتها في
أطر القوى العاملة المنتجة
الأخرى. وثانيتهما أن ما حصلت
عليه المرأة العربية خلال نصف
القرن الماضي مثير
للإنتباه،ولا يمكن الإقلال من
شأنه أو أهميته ، والأهم من ذلك
أنه غير متوقف عند حد من الحدود،
وأن مساحته العامة آخذة
بالإزدياد والتنامي مع الأيام. إن
معيار القوى الجسدية الذي كان
يميز الرجل عن المرأة، قد فقد
مفعوله جراء كثير من المتغيرات
الحضارية،ذلك أن ثمة قوى أخرى
عقلية وإبداعية تلعب دورها، ولا
تميز في جنس مبدعها ذكرا كان أم
انثى. وتظل المرأة هي العنصر
الأهم والأخطر والأشمل في تربية
الأجيال وتنشئتها وبخاصة
الذكور منها. وتظل
بصماتها التربوية مطبوعة على
ذاكرة هؤلاء الذكور،وتتحكم في
سلوكاتهم تجاه كثير من الأشياء
والمواقف والأشخاص. وأخيرا وليس
آخرا، إن المرأة العربية تستحق
أن يكون لها يوم عربي خالص يؤكد
على عروبة قضاياها ووحدتها قبل
عالميتها. كلمة
أخيرة. في يوم المرأة العالمي
نتمنى أن يكون للمرأة العربية
يوم عربي على الأجندة العربية،
تكرس فيه فعاليات مساندة لكفاح
المرأة الذي يجب أن يشارك الرجل
فيه، بغية رفع مستواها في كافة
النواحي، ولجعل احترام حقوقها
ومكانتها ثقافة تسود المجتمعات
العربية. هذه
الثقافة لا يتسنى لها التكريس،
ما لم يبدأ بها من المرأة ذاتها.فهي
الأقدر على نشرها، كونها هي
العنصر الرئيس في تربية النشء
وتشريبه القيم والإتجاهات
الصحيحة. ونحن هنا لا ننكر دور
المدرسة والمناهج التعليمية،
ولا دور كل شرائح المجتمع
المثقف. إن
المرأة هي روح المجتمع، وبدونها
يصبح المجتمع أحادي القطب.
وبمعنى آخر فإن تطور المرأة هو
الذي يقضي على آفات التخلف، ذلك
أن المرأة شئنا أم أبينا هي
المقياس والمعيار الأساسيان
لتقدم المجتمعات البشرية. إن
المرأة قبل هذا وذاك هي الأم
والأخت والإبنة والزوجة
والحبيبة. إنها الجمال والرقة
بكل معانيهما وأشكالهما. وكل
عام والمرأة العربية بخير وتقدم
وازدهار، والمرأة الفلسطينية
قد تحرر وطنها من الإحتلال
البغيض، وحققت كل ما تصبو له من
سيادة وحرية وتحقيق أهداف في ظل
دولة عاصمتها القدس الشريف
والعودة إلى الوطن. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |