ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 10/03/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

تحية تقدير وإجلال لهيثم المالح

المطلوب إطلاق سراح سورية جملة وتفصيلا

نبيل شبيب

أطلق سراح هيثم المالح.. أطلق سراح قمّة سامقة من قمم المدافعين عن الإنسان وحقوق الإنسان وحريات الإنسان، ومنارة يعتزّ بوجوده في سورية كل من يعتزّ بسورية ويودّ أن تكون لها المكانة اللائقة بها على مستوى عالمي، فهو رمز من رموز الدفاع عن الإنسان، في سورية وفي كل مكان، وحصن من حصون الدفاع عن سورية وطنا وتاريخا وشعبا.. وهو الملقّب بشيخ الحقوقيين، البالغ ثمانين عاما من عمره.

لم تكن هذه المرة الأولى التي "يُسلب" فيها هيثم المالح بعض تلك الأعوام المعطاءة، بوضعه خلف القضبان ظلما وعدوانا. ولم تكن هذه المرة الأولى التي تشهد على شموخه، وقد تجلّى مجدّدا يوم إطلاق سراحه، عندما سئل ما إذا كان أعطى تعهّدا ما قبل إطلاق سراحه، فأكّد استحالة أن يصنع ذلك، وقال إنّه بلغ ثمانين عاما من العمر، لم يحنِ رأسه من قبل، ولا يمكن أن يحني راسه، ومن أراد إحناءه يمكن أن يكسره دون أن ينحني.

بل كان آخر ما طالب به قبل إطلاق سراحه بساعات في عريضةٍ وقّعها مع رفاق العزّة والكرامة داخل سجن عدرا، هو عينه أوّل ما كرّر المطالبة به فور وصوله إلى منزله في دمشق.. أن يتم إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين دون استثناء، مؤكّدا أنّ على السلطات السورية أن تغلق "ملف الاعتقال السياسي إلى الأبد، لأنّ المساجين هم أصحاب رأي، وليس لديهم أطروحات تدعو إلى العنف".. مضيفا: "وأعتقد أن كل إنسان له الحق في أن يعبر عن رأيه، وآمل من السلطات أن تفهم هذا الأمر".

وما زال يوجد وراء القضبان في سورية كثير من المعتقلين من رفاق هيثم المالح في درب الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية، من أمثال حبيب الصالح، ومصطفى جمعة، وعلي العبد الله، ومحمود باريش، وكمال اللبواني، ومحمد سعيد العمر، ومشعل التمو، وأنور البني، وخلف الجربوع، وسعدون شيخو، وإسماعيل عبدي، وكمال شيخو... وغيرهم كثير، ممّا جعل الحرية تستوطن السجون، و"التعدّدية" وراء القضبان.. فهؤلاء تتباين آراؤهم ووجهات نظرهم، إنّما يلتقون على المطالبة بتحرير سورية من الأوضاع الاستبدادية، وعلى مشروعية اختلاف الرأي، والتعايش على أساس ما يرونه مصلحة وطنية عليا.. على النقيض ممّن لا يرى ذلك ممّن يمتلك أسباب القوة الآنية لوضعهم خلف القضبان، وهم ممّن قضوا عقودا عديدة من أعمارهم على طريق العمل لتحرير الإنسان في سورية.. مثلما يوضع خلف القضبان أيضا من أهل سورية –ظلما وعدوانا- بعضُ من لا يزالون في مقتبل العمر، مثل طلّ الملوحي، الطالبة والمدوّنة التي لم تتجاوز العشرين من عمرها بعد.

هؤلاء المعتقلون السياسيون والمعتقلون لتكميم أفواههم وكسر أقلامهم، حجرا للحريات والحقوق، في البلدان العربية والإسلامية، بما فيها سورية، هم الأحرار في معتقل استبدادي كبير يشمل معظم الأرض العربية، ولا يمكن أن يسري عليهم وصف ارتكاب "جنح" أو "جرائم" أو "مخالفات جزائية" أو ما شابه ذلك من قبيل ما ورد على لسان وزير العدل السوري، أحمد حمود يونس، متحدّثا عمّا سمّي "قرار العفو" الصادر عن الرئيس السوري بشار الأسد يوم 7/3/2011م، أنّه "يأتي في إطار السياسة الاجتماعية الرامية إلى إعادة تأهيل وإصلاح من دفعته الظروف إلى الوقوع في خطأ يقع في دائرة المسؤولية الجزائية بهدف دفعه إلى جادة الصواب".

ربّما قصد الوزير من ارتكبوا جنحا وجرائم اعتيادية فعلا، فهم المستهدفون في الأصل بقرار العفو الرئاسي السنوي، إنّما كان عليه أن يتجنّب التعميم، استحياءً من أن يشمل كلامه، قامات حقوقية عملاقة، كهيثم المالح، الذي شمله "القرار الرئاسي" عبر فقرة استثنائية في نصه.

وكثيرا ما شمل الاحتفال بمناسبة الانقلاب الذي أوصل البعث إلى السلطة، فانفرد بها، وصنع من خلالها ما صنع لعدة عقود.. كثيرا ما شمل الاحتفال إصدار "مرسوم رئاسي" بالعفو عن فئة من السجناء ممّن صدرت في حقهم أحكام قضائية بالسجن على جنح أو جرائم ارتكبوها، أمّا من يُطلق سراحهم من "المعتقلين" السياسيين ومعتقلي الرأي جورا وعدوانا، بمرسوم ودون مرسوم، فلا يكاد يصل عددهم سنويا ما يعادل مَن يجري اعتقالهم خلال السنة ذاتها.

إن قضية مصادرة الأحرار وقضية الإصلاح الجذري المفروض في سورية لا يمكن أن تجد حلّها عن طريق "مراسيم رئاسية"، سواء اعتُبر ذلك جزءا من إجراءات استباقية لغضب شعبي أو لم يعتبر، بل إنّ كلمة "العفو" تقلب الحقائق رأسا على عقب.

إنّ الذي ينبغي أن يطلب العفو من الشعب، ومن القضاء النزيه العادل، ومن سلطة منتخبة انتخابا حرا على أساس دستور قويم، هو كلّ من ارتكب خطيئة الاستبداد بحق الشعب، ووظف القضاء لترسيخ استبداده، وحرم الشعب من التعبير الحقيقي عن إرادته، ومن دستور قويم يطمئن إليه.. بدلا من سلبه أمنه واطمئنانه وحرياته من خلال الحكم بحالة الطوارئ لعدّة عقود.

لم ينقطع مسلسل الاعتقالات في سورية طوال 48 سنة مضت على وصول حزب البعث إلى السلطة بانقلاب عسكري.. وكم من مواليد سورية خلال تلك الفترة مَن لم تحجبه المعتقلات، ولكن تحجبه منذ مولده قضبان "حالة الطوارئ" المزمنة عن الإحساس بمعنى الحرية في سورية، منذ الانقلاب الذي يُحتفل به سنويا.

أمّا المعتقلون الأحرار فلا يحتاجون إلى "إعادة تأهيل" –سواء قصدهم وزير العدل بما قال أم لم يقصدهم- فما يصنعون من أجل سورية ومن أجل الإنسان في سورية يؤهّلهم هم لتأهيل سواهم ليستوعب ما تعنيه الوطنية ويعنيه الإخلاص للوطن وشعبه وحاضره ومستقبله.. إنّما يحتاج إلى إعادة التأهيل السياسي والحقوقي والوطني والاجتماعي، أولئك الذين يستبيحون لأنفسهم مصادرة الحريات، والاعتقالات العشوائية، والأحكام العسكرية، فرجوعهم عن ذلك هو البوابة الأولى للدخول مجدّدا في الحاضنة الوطنية، التي يُفترض أن تتسع للرأي والرأي المخالف.. إنّما لا يمكن أن تكون مستقرّا لِمن لا يستطيع تقبّل الرأي المخالف أصلا، ناهيك عمّن يستغل سلطته لاغتيال لسان من يخالفه وقلمه والقليل أو الكثير من سنوات من عمره.

إنّ دخول بوابة الحاضنة الوطنية في سورية بالتخلّي عن المساس بسيادة الوطن ومصالحه، وعن المخاطرة بحاضره ومستقبله، وعن انتهاك كرامة أبنائه وحقوقهم، أصبح اليوم أشدّ إلحاحا أكثر من أي وقت مضى، وهذا ممّا تشهد عليه، وتنذر به، نسماتُ الحرية التي أودت بصروح الاستبداد في تونس ومصر، وتوشك أن تودي بها أيضا في ليبيا.. وسواها.

========================

ملفات أمن الدولة وتوثيق الذكريات

علي عبدالعال

Aliabdelal75@gmail.com

قمت مفزوعا على صوت الهاتف في تمام الثانية من صباح الأحد (6 مارس 2011)، ولم أكد أضغط على زر الرد حتى بادرني الطرف الآخر: "علي عبدالعال"، قلت: نعم. قال: "لقيت (وجدت) ورقة باسمك في مقر أمن الدولة في مدينة نصر".

 

وهو مقر رئيسي لجهاز أمن الدولة على مستوى الجمهورية  على حد معلوماتي  كان المئات من شباب الثورة المصرية قد اقتحموه ليل السبت (5 مارس) أي أن الاتصال جاء بعد ساعات من عملية الاقتحام.

 

أخبرني المتصل بعدما استفسرت: من حضرتك.. هل أنت مواطن عادي أم ماذا؟ قال: أنا شاب عندي 23 سنة، كنت من بين الذين اقتحموا المقر، وقد أعطاني صديق لي هذه الوثيقة، وقال اتصل بصحابها، أخبره بما فيها، بعدما وجدنا فيها اسمك ورقم هاتفك وبريدك الإلكتروني.

 

وتابع: مكتوب فيها أن "المذكور كان يحرض الناس على التظاهر عن طريق إرسال الرسائل عبر البريد الإلكتروني تدعو إلى الاعتصام أمام القصر الجمهوري".

 

كان ذلك يوم (4 فبراير)، أي قبل رحيل مبارك بسبعة أيام، وقد لجأت بالفعل إلى هذه الفكرة بعدما خفت أن تفتر همم المتظاهرين بسبب تكرار مبارك خطاباته التي كان يبدي فيها إصراره على التمسك بالسلطة، وأنه يتصرف كما لو كان ما يزال الحاكم بأمره في مصر.

 

دعوت المتظاهرين إلى التوجه ناحية القصر الجمهوري والاعتصام هناك لإجبار مبارك على التنحي، ونشرت الدعوة على موقع التواصل "فيس بوك" ثم عممتها من خلال "الإميل"، وفي المقابل تلقيت إهانات وتهديدات لا حصر لها سواء على الهاتف أو البريد الإلكتروني.. وكنت واثقا أن من وراءها بلطجية الوطني وعناصر أمن الدولة حتى أخبرت أصدقائي المقربين أنني إن اختفيت من أمامكم فسأكون حتما مخطوفا من قبل "أمن الدولة".

 

سألت الشاب: هل على الوثيقة أختام وغير ذلك؟ قال: عليها إمضاءات وتواريخ، وما وجدناه كان صورة من أصل مكتوب أنه أرسل إلى "المساعد". إذ كان هذا إخطارا  على ما يبدو  موجها من جهة إلى أخرى كي تقوم باللازم مع "المذكور".. لكن لطف الله ورحمته كانا أسرع إليه منهم وانهارت كل أجهزة الإرهاب والإجرام في هذا البلد.

 

كنا نهتف كثيرا ونحن في المظاهرات "أمن الدولة يا أمن الدولة.. فين الأمن وفين الدولة؟!". فلم يكن هذا الجهاز بمثابة مؤسسة أمنية يأمن المواطن جانبها  كما يفترض  بل كان جهازا لإرهاب الآمنين بكل ما تعني هذه الكلمة.

 

ولم تكن مصر على عهده دولة، بل كانت أشبه بغابة تحكمها مجموعة من اللصوص والعصابات الإجرامية تعمل كل واحدة منها تحت لافتة مختلفة: أحدها باسم "الحزب الوطني"، وأخرى باسم "الحكومة ومجلس الوزراء"، وهذه تمارس الإجرام باسم "أمن الدولة" !!. وهي أضحوكة من المضحكات الكثيرة في مصر، على رأي "المتنبي".

 

رأينا على عهد المسمى زورًا "أمن الدولة" المخدرات تباع وتشترى داخل أقسام الشرطة، بل وفي ساحات الحرم الجامعي، وفي أيدي تلاميذ المدارس.

 

إذ لم يكن يشغلهم أمن البلاد ولا العباد بل أمن الكرسي، والكرسي وحده، فضلا عن الوقيعة وبث الفتنة بين أطياف المجتمع، ومراقبة حياة الناس، خاصة المعارضين وأصحاب الرأي والملتزمين دينيا.

 

وكان هذا الجهاز يحصي أنفاس الخطباء وأئمة المساجد، ولكل مصلي تقريبا ملف خاص به لديهم، كأن الصلاة والعبادات جريمة في شريعتهم.

 

لذلك أتعجب حقيقة حينما ينادي البعض بإعادة هيكلة "أمن الدولة"، إذ أرى أن هذا الجهاز الذي فعل وفعل في أبناء الشعب المصري لن تجد معه هيكلة، بل لا بديل عن حله تماما، وتوزيع عناصره على باقي مكونات وزارة الداخلية، على أن نكتفي بالشرطة، فهي كافية جدا لحفظ الأمن الداخلي في حال أوجدنا قانونا واحدا يسري على الجميع، لا يفرق بين الناس حسب أموالهم ووظائفهم.

 

أنا أحسن الظن كثيرا بالشعب المصري، فنحن شعب متحضر بطبيعته، ولسنا شعب همجي ولا الجريمة تشكل جزء من تفكير مواطنينا.

 

وإذا كان من بين أبناء هذا البلد منحرفا أو مجرما يكفي معه القانون والقضاء الطبيعي على أن نحفظ كرامته، ونعامله كإنسان بريء حتى تثبت إدانته، على عكس ما كان معمولا به في عهد أمن الدولة أن المتهم مدان حتى تثبت براءته.

 

ومن الأهمية أن تعمل كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها على منع كل أسباب الانحراف في المجتمع، وهنا يبرز دور الدولة الحقيقي تجاه حفظ أمن البلاد والعباد.

 

وقبل أن تنتهي المكالمة.. ناشدت هذا الشاب النبيل أن يحافظ على الورقة الوثيقة إلى حين أعاود الاتصال به لأعرف مكانه وآتيه لآخذها، فهي لا شك تستحق أن تظل ذكرى لنظام لا رجعة له بإذن الله.

==========================

مصر الثورة .. تصحيح العلاقة مع فلسطين لا اعتقال لا حصار

بقلم : فارس عبد الله *

إنقشعت الغمة عن مصر الكنانة , وأشرقت شمس الإرادة المصرية الحرة من ميدان التحرير , ففرحت الأمة من أقصاها إلى أقصاها بزوال نظام التبعية والخذلان , على أمل أن تدخل مصر مرحلة العودة إلى الموقف الريادي القائد , الموقف الأصيل الذي يتصدر للقضايا العربية والإسلامية وخاصة قضية المسلمين الأولى ( فلسطين ) , فبعد أن خُطفت مصر عبر نظام مبارك والتي كشفت الحوادث أنه لا يعبر عن هموم الشعب المصري , ولا عن تطلعاته بل كان يكتم على أنفاس المصريين , كما كان يخنق غزة عبر الجدار والاسلاك الشائكة وبتهديدات أبو الغيط بقطع أرجل الجوعى المحاصرين .

عادت مصر أو يجب لها أن تعود , إلى حيث ساحات العزة لتستحضر تاريخ عريق ضارب في عمق ذاكرة الأمة , وها هو قطز يقف بخير أجناد الأرض في وجه التتار , ويصد هجمتهم على الأمة في معركة عين جالوت , التي شكلت محطة بارزة في عملية نهوض الأمة من جديد بعد كبوة أصابتها , تعود مصر الرافضة لوجود الكيان الصهيوني , على الأرض الفلسطينية , تعود مصر التي دفعت بأبنائها لمقاتلة المغتصبين , في كافة مراحل كفاح الشعب الفلسطيني ضد الصهيونية ومعارك المصريين تحفظها الذاكرة الفلسطينية .

كنا دائما كفلسطينيين ننظر لمصر بشعبها الطيب ,كعمق أصيل وسند قوي للقضية الفلسطينية عبر مراحلها المختلفة , بل امتزجت دماء المصريين بدماء أهل فلسطين في معارك الدفاع عن فلسطين من هجمات قطعان المغتصبين الصهاينة , واحتضنت الأرض الفلسطينية جثث مئات الشهداء المصريين , بل تشهد العلاقات الاجتماعية من حيث المصاهرة والصداقة بين الشعبيين أقوى مظاهرها , فكانت مواقف الشعب المصري واضحة الانحياز لفلسطين وشعبها فبالرغم من بطش النظام في مصر , إلا أننا كنا نلحظ بشكل كبير إلتحام الهموم وتلاقى الأحزان لواقع الأمة وفلسطين , بين أبناء مصر من عمال وفلاحين وبسطاء ومفكرين , حتى رجال الأمن في نظام مبارك كان يقف مخاطباً الفلسطيني , وهو يمارس بحقه إجراءات القمع والترحيل والمضايقة في السفر قائلاً ( والله ما باليد حيلة لو جت لي أنا أخليك تمشي وين ما أنت عايز في مصر) لكنها الأوامر العليا التي تريد أن تحاصر الفلسطيني , حتى وهو في حالة سفر !! .

كنا نقدر موقف الشعب المصري , بل كانت قلوبنا تتقطع آلماً على حالهم من الفقر والقمع والظلم , بل يزداد الألم والقهر عندما نرى اختزال موقف مصر التاريخي , إلى أن تصبح أداة أمنية بيد أعداء الأمة ,من صهاينة وأمريكا في التضييق على حركات المقاومة خاصة والشعب الفلسطيني بشكل عامة , وكنا نعاني العذابات في التنقل والسفر عبر معابر ومطارات مصر في حين ترى حفاوة الاستقبال لرعايا الدول الأجنبية , بل تزداد الحفاوة أكثر للمغتصبين الصهاينة , حيث تسهيل الإجراءات والاستقبال بالابتسامات , في حين تجد الغلطة والزعيق والسب والشتم للفلسطيني , الذي قد يكون في رحلة مرض أو في رحلة تعليم أو حتى مسافراً لأداء عبادة .

وحتى لا نفقد اللحظة التاريخية الهامة , بانتصار ثورة الشعب المصري بالحديث عن معاناتنا من النظام البائد , والذي بكل تأكيد كانت معاناة الشعب المصري في ظله ( النظام البائد ) أكثر وأشد قسوة , وهذا ما جعل أشقائنا المصريين ينتفضون أمام آلة القمع والموت ورصاص القنص وسيارات الدهس , وحرب البلطجية ويصرون على مطالبهم برحيل النظام , وهذا ما تحقق بقوة الله عزوجل ثم بإصرار أصحاب الحق وتحركهم نحو المطالبة به .

ولما كان المحرك الأساسي لثورة الشعب المصري ,هو الظلم والجور الواقع عليهم من نظام الاستبداد , فأننا لنا مظلمة أرتكبها بحقنا النظام البائد فهل يعقل أن يعتقل الفلسطيني وهو ذاهب لرحلة علاج في مصر؟ !! وهل يعقل أن يعتقل الفلسطيني على شبهة مقاومة الاحتلال ؟ ! وهل أصبحت مصر حارسة لكيان الاغتصاب في فلسطين ؟! وهل يقابل الفلسطيني داخل المعتقلات المصرية بأساليب شيطانية في التعذيب , لا تجدها في أي دولة أخرى حتى أصبح الفلسطيني يقول أهون ألف مرة , أن أسجن عند الصهيوني من أن أسجن عند النظام المصري , ولعل التساؤل مشروع عن نوعية آلة الحقد والكراهية التي تغذي رجال الأمن , وهم يبطشون ويعذبون بلا رحمة ولا شفقة في المعتقلين الفلسطينيين في السجون المصرية !!! .

علماً بأن أهل فلسطين حافظوا على مصر وأمنها , ولم تسجل حادثة واحدة تضر في هذا الأمن , بل كان الفلسطيني حريص على أمن الشعب المصري ومقدراته , بل وصل الحال بالشعب الفلسطيني أن يعيش هموم وأحزان وأفراح الشعب المصري , فلقد بكى كثيرون من أهل غزة على خروج المنتخب المصري من المنديال الكروي , وفي المقابل خرجوا فرحين لانتصارات مصر الكروية , ونحن نسوق هذا كمثال , حتى ندلل على عمق الحالة الوجدانية التي تربط أبناء الأمة حتى في الصغائر من الأمور , فكيف لو وقعت النوازل الكبير لا سمح الله سوف تجد كل الشعب الفلسطيني مجند لنصرة مصر وأهلها .

وتكشف الوثائق التي عثر عليها في مقرات جهاز امن الدولة , حجم المؤامرة التي كان يقودها النظام البائد عبر أدواته الأمنية , في مخططات تستهدف الأمن للمواطن المصري وزرع بذور الفتنة بين طوائف الشعب , من اجل ضمان استمراريته على قاعدة فرق تسد , كما تستهدف شعبنا الفلسطيني ضمن مهمة واضحة ومحددة كٌلف بها النظام البائد لقمع القوى الحية في الشعب الفلسطيني , وما اتهام العدلي وزير الداخلية في عهد مبارك لتنظيم فلسطيني ظلما وعدوانا بتفجير كنيسة الإسكندرية , حتى جاءت الأيام تكشف مؤامرة العدلي وتنظيمه السري في تدبير الحادثة .

وننتظر بعد إنتصار الثورة وانهيار النظام القمعي الاستبدادي , أن تصبح مصر رعاية لهموم الأمة ومنتصرة لها , وان تسارع القيادة الجديدة التي خرجت من رحم الثورة , بأن تصحح المعوج , وترفع الظلم الواقع على شباب فلسطين يقارب العدد ( 20 ) في السجون المصرية والذي ينفذون إضراب عن الطعام لليوم منذ منتصف الشهر الماضي .

فالثورة التي خرجت لرفع الظلم , لا تقبل ببقائه واقعاً على أخوانهم وجيرانهم , فلتفتح المعتقلات ولتكشف مصير المختطفين المفقودين , ومنهم الشاب علاء المنسي والشاب إبراهيم النجار وقد فقدت أثارهم في الأرض المصرية .

فالثورة التي رفضت حصارها في ميدان التحرير , حتى تقتل في داخله وتموت فكرتها بإغلاق بوابات الميدان بالبلطجية , حتى لا يصلها الدعم والمدد لاستمرار صمودها , لا تقبل أن يحاصر شعب كامل في قطاع غزة , وتغلق عليه المعابر , فالمطلب العادل رفع الحصار وفتح المعبر بين مصر و غزة .

وان كنا نرحب بالمواقف المعلنة من رئيس الحكومة المصرية الجديدة وزير خارجيتها بخصوص الحصار على قطاع غزة , وانه يشكل نقلة نوعية في الخطاب المصري الرسمي إلا أن الأمر لا يحتمل التأجيل والتروي , فليرفع الحصار عن قطاع غزة وليعود معبر رفح للعمل بشكل طبيعي , ليذهب الناس في أشغالهم وأعمالهم , وتعود العلاقات الاجتماعية بين الشعبين وليفرج فورا عن المعتقلين السياسيين الفلسطينيين في السجون المصرية , وليكشف مصير المفقودين , ولتعود مصر إلى مكانتها الطبيعية , وتتقدم الصفوف في الدفاع حقوق الأمة وتدافع عن ثوابتها ومقدساتها .

كاتب وباحث سياسي

=========================

حكمة الشارع العربي

الشعب يريد إسقاط النظام

صاحب إبراهيم

لا يمكن إن نفصل ما يجري من مظاهرات واحتجاجات في العراق عن الغضب المتصاعد في إرجاء العالم العربي. فقوانين الديالكتيك التي وضعها الشيخ الألماني المنسي اليوم من معظم مريديه العرب، يقول بان التراكم الكمي يؤدي إلى تطور نوعي. وها نحن نشهد هذا التطور في انتفاضات الشبان العرب السلمية ضد أنظمة الفساد والعمالة والتخلف. فالحسابات السرية للعوائل الحاكمة الملكية والجمهورية ورجال البزنس المقربين منها في البنوك السويسرية والأوروبية والأميركية بلغت أرقاما فلكية. وهي لم تكن سوى أموال الشعب الذي يعاني الحرمان والسكن في المقابر والعشوائيات لاسيما الشبان وهم يواجهون البطالة والمستقبل الغامض.

أنها انتفاضة من أجل الحريات السياسية والشخصية ضد سياسة الحزب الواحد والفكر الواحد والأعلام المستخف بعقول الآدميين. ويكفي الشعوب العربية إن الإعلام العربي "المقاتل" لم يحرر شبراً واحداً من أرض فلسطين لأن الأنظمة العربية تابعة ومرتهنة لسياسة الولايات المتحدة وغير مسموح لها بمعاداة الدولة التلمودية ألا إعلاميا.

كل هذه التراكمات لابد ان تقود إلى الانفجار. وقد حصل هذا الانفجار الرائع وهبت الشعوب العربية لتنتزع حقوقها في الحرية والعدالة والكرامة وتطيح بالمافيات الحاكمة التي تخلى عنها أسيادها في الغرب وشطب أسماءها من نادي الحكومات الصديقة.

ما يجري في العراق اليوم ليس خارج هذا السياق مع خصوصية إن البلد محتل وتابع للإمبراطورية الأمريكية. وهو الأمر المضاف إلى أجندة الشارع العراقي في حركته الاحتجاجية وهي يشتد عودها يوماً بعد آخر. لعل الشعار الأقوى والأوحد في الشارع العربي هو: الشعب يريد إسقاط النظام.. وهو شعار ذكي وجرئ إذ لابد من اقتلاع تلك الأنظمة العفنة حيث يتعذر إصلاحها. وهو الأمر الذي ينطبق على العراق مائة في المئة حيث الطبقة السياسية الحاكمة فاسدة حتى النخاع ومفضوحة في ذلك لأنها غير محترفة وحديثة نعمة في إدارة الدولة وفي نهب المال العام، فضلاً عن أنها باعت البلاد للمحتل الأمريكي حين وافقت على الاتفاقية الأمنية معه ليتحول العراق إلى قاعدة للوجود الأمريكي.

ما ترفعه بعض الجماعات المشاركة في التظاهرات من شعارات تدعو إلى "إصلاح" النظام يدعو إلى الاستغراب خاصة وان الجماهير العراقية تعيش اليوم مزاجاً ثورياً وهي تستمع إلى إخبار الثورات العربية المظفرة.

ان الاحتجاجات السلمية وهي تتحدى حكومة يقودها حزب ديني يحرّم المبادئ الديمقراطية (رغم انه استفاد منها انتخابياً) قادرة على الإطاحة بهذه الحكومة المتحايلة على الجماهير وعلى الدين. كما إن تلك الاحتجاجات بأمكانها إن تتحول إلى عصيان مدني ضد الاحتلال على طريقة المهاتما غاندي لأن الحرية والعدالة والكرامة لا فكاك لتلاحمهن.

=======================

في خصوصيات الحالة الليبية

جلال / عقاب يحيى

 في 16/1/2011، إثر انتفاضة الشباب  الشعب التونسي كتبت مقالاً بعنوان : رسالة عاجلة لأصحاب الفخامة والجلالة والسيادة، وإلى أبنائهم وأصهارهم، ومافياتهم : ارحلوا ..

 لم يكن حكمي برحيلهم فورة عاطفية ملتهبة أشعلتها تونس، أو فشّة خلق لمعارض أمضى جلّ عمره بحثاً عن أفق حرّ، بقدر ما كان التعبير المنطقي لحصيلة متفسّخة بعمر تلك الأنظمة وإخفاقاتها المريعة، والتعبير الصادق لأغلبية جماهير الأمة من المحيط إلى الخليج . في السجون الكبيرة والصغيرة، والمهاجر القسرية، وديار الغربة شبه الإجبارية، وكنتيجة لما فعله هؤلاء عبر حكمهم المديد بالأمة وقضاياها ومصالحها، والشعوب وآمالها وحقوقها، ولما بعثوه، وراكموه، وحشروه من احتقانات تنتظر الانفجار متعدد الأشكال في عموم الوطن العربي، وبغض النظر عن مسمى الحكم(شكله، لأن المضمون متشابه) : ملكياً كان أم جمهورياً، أم جملكياً .

 القاسم المشترك الأكبر بين عموم تلك الأنظمة هو : الاستبداد المعمم المكين، التاريخي والمُحدث، واستلاب الحقوق، والتبعية، والنهب والفساد والإفساد، وتحوّل الحكم إلى نوع من تأبيد تتحكم به زمر أقرب للمافيا والطغم منها للطبقات، أو الأحزاب، والاستهتار المهين بالإنسان وكرامته، وبالأمة وحقوقها وموقعها ودورها .

 كنت أدرك، بالتأكيد، الفروق في التركيبة، والظروف، وأسس الاستناد الفعلي والشكلي، بين هذا النظام أو ذاك، مما يسمح بوضع نوع من السلّم لها في جدول وفلسفة الاستبداد، ونوعية خطابها، ومستوى تعاطيها مع مطالب الشعب وحرياته الأساس، حيث (يرتقي) بعضها إلى المرتبة العليا، النادرة، التي يمكن اعتبارها ماركة مسجلة خاصة، وبامتياز يصعب على الغير، من قبل ومن بعد الوصول إلى مستواها، بينما بعضها يستنقع في حيّز الهوامش الهامشية التي تركها للتغرير والتمرير، وألاعيب الانتخابات المحسوبة، وعمليات التزوير، والضحك على النفس ببعض فتافيت محسوبة، في حين نامت جلّ الأنظمة الملكية والإمارية والسلطانية في كهوف القرون الوسطى التي تلفحها بعض القشور الاستهلاكية والترفيهية المستوردة .

 ****

 في التباين هذا تبرز الحالة الليبية، كما الحالة السورية(ولكل منهما خصوصيات و"إبداعات") كنموذج أنقى للطغيان والديكتاتورية والديماغوجيا والشمولية الهرمية، واللعب بالشعارات والقضايا الوطنية والقومية، وعبر خطاب شعبوي أكلته تلك النظم وتقيّأته كثيراً، وعديداً عبر عمرها المديد، فلم يبق منه سوى ترداد صداها واجترارها .

 ولئن كانت مرحلة الستينات، وبداية السبعينات تعطي نوعاً من (المشروعية الثورية) لتلك النظم التي حسبت نفسها على قوى حركة التحرر العربية، أو استخدمت اليافطة للركوب والقعاد المؤبّد، حتى وإن كان على حساب الحريات العامة كلها، وحقوق ومشاركة الشعب، فإن التهامها، ونقضها الفاضح لما رفعته وامتطته واستغلته، وتبلور تطورها باتجاه استبدادي، أقلوي، نهبي، ومافيوزي تلعب فيه العائلة وطغم المقرّبين الدور الرئيس في الحكم ونهب المال العام.. قد أسقط عنها تلك المشروعية تماماً بما جعلها عارية في عموم الميادين، ولم يبق لها سوى خطاب الدجل والغش في حين تزداد قبضتها الأمنية، وتوغل في خنق الحريات، وقتل الرأي الآخر، وإغلاق كل المنافذ أمام الإصلاح، والتطوير، سلاح وجودها الرئيس مدى ترهيب وتدجين البشر وقتل اهتمامهم بالشأن العام، وسوية الخوف المعمم .

 إن الشعارات الكبرى في الوحدة والحرية والاشتراكية(بغض النظر عن التقديم والتأخير فيها)التي رُفعت من قبل تلك النظم، قد أبيدت تماماً على يد الطغم الحاكمة(المالكة).. فلا وحدة تحققت، بل تشرشحت، وتفرّقعت، فغابت واختفت، وباتت (الدولة  المستثمرة) القطرية مهددة بالتفتيت على أكثر من شكل، ناهيك عن الحريات المشنوقة أمام الملأ، والاشتراكية الممسوخة، المفوّتة التي دفنت من زمان في رأسمالية الدولة لتوليد نوع جديد من الطغم الطفيلية التي تمتصّ دماء الشعب وخيراته .

 ورغم أن هذه النظم تبدّلت، وارتدّت مراراً . قايضت وساومت على ما كانت تعتبره خياراتها(أيام شبابها)، أو براقعها، ورغم مرور الكثير من الرياح، وأفكار التغيير، ومنجزات الثورة العلمية، وتطور البشرية، خاصة في مجال حقوق الإنسان، والحريّات العامة.. إلا أن العقيد(الزعيم الذي لا يعترف بأنه مسؤول عن شيء) ظلّ مصرّاً على ترهاته(نظريته الثالثة، وكتابه الأخضر)، وهو مستلق في خيمة التمسّرح، تثقله النياشين والألقاب، فتكثر هلوساته وأحلامه الغرائبية، وبالذهن أن الشعب(شعبه) ساكت، قانع، خانع.. كيف لا ولديه ما يُخرس، ويميت، ويخنق ؟؟..وظلّت الخطب ذاتها الملوّنة بالتهم القديمة  الجديدة لمن يعارض، أو يفكر بقول لا ..(تحضر الإمبريالية كثيراً، هي المعششة فيهم، المعشوقة  الأمنية في علاقاتهم ومقايضاتهم وسمسراتهم) .

 *****

 جميعهم قالوا أن وضعهم ليس تونس، وليس تونس ومصر(وستضاف ليبيا لاحقاً).. وحينماً هبّ الشعب الليبي منتفضاَ يمزق الخوف، ويكسر عنق زجاجة الخنق، فيموج انفلات المخزون عقوداً أربع ويزيد من التنويم المفروض، والهلوسة المريضة بكل أفانين الذات، والخنق، وفوضى ابتكار الجنون.. بهت الزعيم فأًصيب بلوثة انفجار النرجس، وإذ بالجماهيرية قبض الريح، وإذ بالعظمى لظى الشواظ لعقل مريض ..

وبدلاً من أن يتعامل مع (الظاهرة  الانتفاضة، أو الاحتجاج) بروحية(الزعيم  معبود الجماهير)، والمسؤول عن حياة الشعب وأمن ووحدة البلاد ،أرسل ابنه(الذي لا يحمل أية صفة رسمية) ليلقي تلك المعلقة العجائبية التي تفضح المستور، وتبيّن كمّ التخلف في هذا النظام، وكمّ الاستخفاف بالشعب وإرادته، وكمّ الفاشية في أطنان التهديد والوعيد والقتال، والحرب الأهلية، وحرب القبائل، وحرب العشائر، وحروب البترول، وكمّ الفوضى القاتلة لعقل حوّل البلد إلى زنقة بالكاد تسع عائلته، وأفكاره.. وغير ذلك مما أجادت به قريحة مستبّدة فجّر مخزونها شعب أراد أن يقول : كفى .

 ثم مسلسل خطابات الزعيم التي تثير الشفقة، كما تثير السخرية ..

 *****

الآن يجد الزعيم متكأً، أو عكازاً لحربه ضد شعبه، وكأني به كان يدفع بالأمور إلى هذا الاتجاه ليصوّر صراعه مع الشعب على أنه : الدفاع عن ليبيا المهددة بالغزو الخارجي، وبالتمزق، والصوملة، والعرقنة.. فبئس النوايا، وبئس المواقف التي دفعت الشعب لامتشاق السلاح دفاعاً عن النفس بديلاً للتظاهر والتغيير السلميين .

 لقد ألقى الزعيم خطبتين عرمرميتين، فقع فيهما مخزون نرجسيته، ومرضه، فشن(الحرب) على شعبه علانية، وهدده بالويل والثبور، وبحر الدماء، وبملاحقته (بيت بيت، ودار دار، و زنقة زنقة، وفرد فرد  التي صارت الأغنية الأكثر رواجاً)، ثم تهديده بتحويل ليبيا إلى(نار حمراء  جمر )، وغير ذلك من كثير تشهده المدن والبلدات الليبية .(كان ذلك منذ البدايات وقبل أن تتخذ الأحداث مسارها الدامي، وقبل أن يجد العالم نفسه أمام إحراج كبير إزاء المذابح المتنقلة، وقبل أن تنفتح شهية الدول الغربية على أفكار التدخّل وفق سيناريوهات متعددة .

 القذافي(المبدع) أتحفنا بتعريف أسباب ثورة الشعب، ولأن(حكامنا) الفهلويين، الأفذاذ، يستحيل أن يروا الحقائق، أو يعترفوا باليسير منها، خاصة حقوق الشعب وإرادته وحرّياته، تفتّقت العبقرية عن كومة من الدوافع والخلفيات التي تنوّعت بداية في حبوب الهلوسة، والمُخدّرين، والمتشددين(ضمن تشكيلة راقية من توصيفات للشعب : المقمل، والجراذين، والتافهين).. وغير ذلك كثير، ثم التوّقف عند نسب ما يجري إلى القاعدة، ومناشدة الغرب أن ينتبه إلى هذا الاكتشاف الخطير ليساعد الزعيم في (حربه ضدّ الإرهاب، كما ساعدهم كثيراً).. ثم .. أخيراً : الغرب وعملاء الغرب، والمؤامرة وما أدراك ما المؤامرة ..!!! .

 *****

 ربما قال قائل : أنه كان يمكن للزعيم(السابق عصره) أن يتعامل مع احتجاجات الشعب، وانتفاضته(في بدايتها) بطريقة أخرى تخلو من الفوقية والتهديد، والاحتقار، والاستهتار، وأنه كان يمكن الالتفاف عليها، أو امتصاصها ببعض الإجراءات والخطوات، وبشيء من التواضع الذي يقرّ (ببعض أخطاء أربعة عقود ونيّف).. فيوفر على هذا البلد الشقيق أنهر الدماء، وأكوام الخسائر، بل والمصير المحتوم للزعيم وعائلته ونظامه .. لكن هل يمكن لنظام الاستبداد أن يتنازل ؟. هل يؤمن بوجود شعب يمكن أن يغضب ويتمرّد ويثور؟.. وإذا ما فعل ذلك وعملها الشعب في غمضة عين عن آراء المستشارين والمقربين والأجهزة الأمنية والمخبرين،وأكوام التقارير وصور أجهزة الإعلام ومظاهرات التجميع والارتزاق.. هل يستبدل المستبّد نهجه القمعي الذي ضمن له الديمومة بالاعتراف ببعض الحقوق والمطالب ؟؟..وبأن تجربته المديدة اعترتها بعض الفجوات والسلبيات؟، وأن الشعب كبر وفاق، وهو يرى الزلزال العربي، ويحلم أن يسهم في إنهاء قهر العقود، ومجون القوة والبطش ؟؟..

 لم يفعلها زعيم الزعماء، ملك الملوك.. على العكس.. قدّم لها، من حيث يريد، أو بالنتيجة أكبر خدمة في انتشارها، وفي اعتماد خطاباته، وفعله لإشعال جمر الثورة الذي كان مطموراً تحت رماد الخوف، واليأس ..حين قزّم الشعب واحتقره بتلك الأوصاف السوقية، وحين هدده بالقتل والإفناء، والنار الحمراء.. وغيرها في مسيرة الزحف وثورة الثائر على شعبه .

 ***

 اليوم تكثر الأحاديث عن الخارج وتدخله، ويرتدي الزعيم، منذ بضعة أيام رداء الثورية والوطنية التي تستعد لمواجهة(المؤامرة الخارجية)، بينما يدخل على هذا الخط بعض القوميين والقومجيين الذين يريدون أن يبتسروا المشهد كله بما يصدر عن الأمم المتحدة، وتصريحات وتحركات ونوايا بعض الدول الغربية، أو بعض التصريحات الشاردة، المستغيثة من هذا الفرد الليبي أو ذاك.. وكأن ثورة الشعب الليبي لا وجه مشروع، ولا مكانة لها، وكأن شعب ليبيا الثائر، الحريص على وحدة وحرية بلده العزيز يمكن أن يرحب باستعمار ليبيا، أو أن يؤيّد استقدام الغزو الخارجي إليه، وكأنّ هذا الشعب الذي يقدّم التضحيات الغالية كل يوم لا يستحق الحياة والحرية، والتخلّص من نظام دمّر البلد، وفشل حتى في إقامة سلطة تعتمد المؤسسات، ناهيك عن الإخفاق التام في إقامة دولة حديثة كان يمكن لها أن تقوم، وأن ترفع سوية الشعب الليبي في جميع المجالات ليكون الجاذب(حالة دبي والإمارات مثال صغير)، وكأنّ هؤلاء في خندق نظام يحارب الأعداء فعلاً وليس شعبه !!! .

 لقد ابتلينا دوماً بهذا الخلط الساحق بين الوطني  القومي والاجتماعي، وفق نظرة حولاء تهرس الاجتماعي كله تحت بيارق الدفاع عن الوطن، ومواجهة المؤامرت الخارجية، وكأنّ تلك الأنظمة تحارب فعلاً، وتعمل على التصدي للمؤامرات الخارجية، وتحرر المحتل من الأرض، وتحمي الوحدة الوطنية، وتواجه تحديات ماثلة !! ..ناهيك على أن تجاربنا الدامية أثبتت إخفاق جميع الشعارات التي لا يحميها شعب حر مؤمن بها، وأن الحريات الديمقراطية هي الأساس لتحقيق ذات الإنسان، وبناء الدولة القوية، العزيزة .

 القذافي(الذي لا يعترف أنه مسؤول، وأن بيده كل السلطات، وإن شبّه نفسه في واحدة من خطبه الهادئة بملكة بريطانيا وملك النيبال !!) يدفع بقوة، وتخطيط لتدخل خارجي قد يتخذ شكل حظر جوي، وربما ما هو أكثر، لأن ذلك، إن حدث، يكون الشماعة الأنسب لتعليق رفض الشعب له عليها، وتحريف جوهر الصراع، والثورة عليه، حين سيحاول إيجاد تهم جديدة للشعب تبرر له ديمومة المجزرة المفتوحة التي يقوم بها، وربما إغراق البلد في بحر الدماء، وتحويله إلى قاع صفصف(وقد وعدهم سيف الإسلام بذلك، وأكدها الزعيم قولً وفعلاً ) .

فشماعة المؤامرة الخارجية التي يسوّقها منذ أيام، ومعه بعض المريدين، وبعض القوميين الحساسين من أي تحرّك غربي(خاصة ودماء العراق ما تزال نازفة) هي الأنسب للاستبداد كي يغطي بها حقيقة نقمة الشعب عليه، ولم يخجل مبارك في اتهام الغرب بالتآمر عليهم، هو الذي كان من أخلص أتباعه وذيوله، فكيف سيكون الأمر مع من لم يجف حبر شعاراته (الثورية) إلا منذ بضع سنوات ؟؟..

 ****

 البديهي أن الشعوب، وفي مقدمهم الشعب الليبي، وكافة قوى المعارضة، والقوى الحيّة ترفض رفضاً قاطعاً أي مساس بسيادة البلد ووحدته، ناهيك عن احتلاله، بل وحتى التدّخل المباشر في شؤونه، وإن أقصى المطلوب من المجتمع الدولي، وهيئات حقوق الإنسان حماية الشعب الليبي من المذبحة بوقف يد القذافي عن استخدام طيرانه الحربي، والتحقيق في الجرائم المرتكبة وتحويلها إلى المحاكم الدولية المختصة، وتجميد الأرصدة .. بينما سيتمكن الشعب الليبي، وأيّاً كانت التضحيات الجسيمة التي يقدمها من انتزاع النصر وإسقاط نظام القتل والاستبداد .

 ثورات الشعوب أكبر من مشاريع بعض المأجورين العملاء، أو المندسّين، وهي الأقدر على تصويب مسارها، وحمايتها من أي تشويه، أو استغلال . وبرغم أن نظام القذافي حرم الشعب من ممارسة السياسة(إلا في علب أهوائه)، وافتقاره إلى التقاليد الحزبية، وهيئات المجتمع المدني، وأدنى هوامش حرية الصحافة والإعلام، وغيره كثير.. إلا أنه يًطور وعيه وأساليبه في خندق مواجهة الاستبداد، وسيعرف كيف يتغلّب على المصاعب، وكيف يتجاوز الأخطاء وبعض مظاهر الفوضى والفلتان والبعثرة..

يكفي ثورات شعوبنا العربية فخراً، وإنجازاً،حتى الآن، أنها كسرت زنازين، وسراديب الخوف المدّلهمة، وجدران الرعب القاتل للحياة، وهيبة بساطير الفتك وجلاوزة القوة، وكتاب التقارير، وخلقت الثقة بالنفس، والاعتزاز بالوطن، والشعب والأمة .. والقادم أعظم، وأفضل .

=========================

مصالحة فلسطينية بألحان مصرية

د. فايز أبو شمالة

ماتت التسوية مع إسرائيل وإلى الأبد، أو بمعنى أدق؛ ماتت التصفية للقضية الفلسطينية من خلال مفاوضات الدجل بين المُغْتَصِبِ والمُغْتَصَبِ، ماتت التسوية في المكان نفسه الذي ولدت فيه التصفية؛ فعندما أقدم "أنور السادات" على مغامرته الخطيرة، وادعائه أن الحرب مع إسرائيل هي السبب في فقر الشعب المصري، وأن السلام مع إسرائيل سيوفر الرفاهية للمصريين، اكتشف الشعب المصري بعد أكثر من ثلاثين عاماً، أنه وقع فريسة معاهدات أوصلته إلى الهاوية، وضربته بسياط الجوع والتخويف، حتى أجبرته على الثورة ضد نهج السادات، وخليفته حسني مبارك.

سقوط النظام المصري يعني سقوط ملف تصفية القضية الفلسطينية، لقد انكشف ذلك تحت أقدام شباب مصر، وهم يدوسون على جهاز أمن الدولة، الذي رعى ملفات تصفية القضية الفلسطينية، ومن ضمنها ملف الانقسام الفلسطيني بين التسوية أو مواصلة المقاومة، فإذا كان الانقسام الفلسطيني يخدم خط التسوية الذي رعاه نظام "مبارك السادات"، فإن المصالحة الفلسطينية تخدم الخط الرافض للخنوع الذي يرعاه نظام مصر الثورة، النظام الذي يرفض أن تظل مصر العربية رهينة البورصة السياسية الإسرائيلية، ويرفض أن يشعل مصالح الشعب المصري والفلسطيني شمعاً يضيء دهاليز التلمود المعتمة بالأحقاد.

بعد انتصار الثورة المصرية، لم يندحر الرهان الإسرائيلي على تصفية القضية الفلسطينية، بل اندحر نهج التسوية برمته، ولم يبق أمام الفلسطينيين إلا الرجوع على خطواتهم الأولى، وتدارك أكثر من ثلاثين سنة استخذاءٍ في الساحات الدولية، واستجداءٍ للحلول على نهج كامب ديفيد، واتفاقية أوسلو، واتفاقية وادي عربة، تلك الاتفاقيات التي أوصلت العرب جميعهم إلى ما هم عليه من تمزقٍ ووهنٍ، وأوصلت القضية الفلسطينية إلى حالة الانقسام الراهن، الحالة التي صار يجتمع فيها ضابط الأمن الفلسطيني مع ضابط الأمن الإسرائيلي في الصباح، ليقوم الضابط الفلسطيني في المساء باعتقال أخيه المقاوم الفلسطيني!.

مع انتصار الثورة المصرية تحققت المصالحة الفلسطينية عملياً، ودون حاجة إلى ورقة مصرية رعاها نظام خان مصر وفلسطين، ودون حاجة إلى كل هذا الضجيج الذي نسمعه عن تباين في مواقف هذا الطرف الفلسطيني أو ذالك، لأن الساحة الفلسطينية تصالحت على طريق واحد يفضي إلى الحرية، وهو طريق ميدان التحرير في القاهرة، الميدان الذي دمر نهج التسوية الذي قاده "مبارك السادات"، وهو الذي يقود الآن خط التمسك بالثوابت الوطنية، وحماية البندقية العربية الفلسطينية.

=======================

الشعب الذي يكتب لا للفساد يكون مفخرة للحكومات والشعوب الأخرى

فلاح السعدي

F_M1333@YAHOO.COM

المظاهرات بشكلها أمر حضاري وهو دليل ديمقراطية وحرية منطلقات الدول والحكومات, ومؤكدا أن المتظاهرين لا يريدون أن يستبدلوا الحكام دائما أكثر مما يريدون إصلاح النظام الذي تطرحه الحكومات على شعوبها ومن هنا لا بد للحكومات أن تتنبه لخروج شعوبها إلى الشوارع وما هي المطالب وكيف تقابل ويقابل الفرد المتظاهر بخروجه إلى شوارع الوطن الذي لا يكون بلا مواطنين ولا حكومات بلا محكومين ولا انتخابات بلا منتخبين ولا مطالب بلا مسئولين ولاولاولاولا....

ولذا أن أعطاء فرصة للمواطن للتعبير عن رأيه هو المنهج الصحيح لنجاح الحكومات لأنه كما هو المعلوم لدى الكثير من الشعوب وحكوماتها أن المواطن هو مصدر التشريع ...إلا أن البعض قد يعترض قائلا, وكيف يكون المواطن هو مصدر التشريع وهو فاقد للإختصاص الذي يؤهله لكي يكون مشرعا...؟؟؟

نقول ليس هو هذا المقصود بل المقصود أن المواطن هو الذي من اجله تقام الأوطان وتنصب الحكومات وتشرع القوانين فحينما يعبر عن رأيه وعن احتياجاته يكون مصدرا للمشرع كي يعطي قانونا ويصدر تشريعا يتوافق مع متطلبات الفرد في الوطن وكذا مع متطلبات الجماعة والأسرة والمجتمع بصورة عامة... فالطفل الصغير حينما يجوع يعبر عن رأيه وحاجته بالبكاء فتشرع الأم بتوفير متطلبات الطفل من خلال تفهمها لاحتياجاته ...

وبذا فالأم توفر ما تقدم به الطفل الصغير من التعبير الذي صدر منه...

وليس هناك ضير لو أن الحكومات تعاملت مع شعبها تعامل الأم مع الطفل الصغير وبذا تحرز تعلق الشعب بها كما يتعلق الطفل الصغير بأمه التي وفرت له الحنان والعطف وسهرت من أجله الليالي الطويلة ...

فحينما يكتب الشعب لا للفساد فعلى الحكومات أن تستجيب لهذا المطلب الذي يجعلها تبرز الى الساحة العالمية بشعب واع يرفض الفساد أمام أنظار الشعوب الأخرى ....

ألا وهو رفعة رأس للحكومات أن تحكم هكذا شعب ... كلمة لا للفساد يجب أن تجتمع عليها كل الفئات من المواطنين والوزراء والبرلمانيين والرئيس ورئيس الوزراء...

وكان من الأفضل أن يتصدر المنبر بعد هذا المطلب كل من الرئيس ورئيس الوزراء ليشكروا هذا الشعب الذي يرفع شعار ( لا للفساد ) لأنه فخر لهم وللوطن وعليهم أن يخطبوا بالشعب خطبة شكرا وامتنان لأنه أظهر الوطن وحكومته بالمظهر المطلوب أمام شعوب العالم أجمع بل وعليهم أن يفعلوا مطالب الشعب إعلاميا لأنها مطالب تدعوا لبناء دولة تقوم على أساس الخير والعطاء والإصلاح والصلاح ...

وعلى الجميع أن يقولوا للشعب نحن منك ومعك ونحن لك ...وبذلك سيضعون البسمة على شفاه الشعب التي طالما جفت من العطش الذي رواها طيلة السنين وتزرع في قلبه الأمل الذي طالما افتقده تحت ظل جراح الويل والبكاء والحزن على ما فقده من الشباب والأطفال وبقية الفئات من قتل وانفجار وإرهاب ووووو....

فلا ينبغي أن تكون فجوة بين المواطن والمسئول ولا بين الرئيس والشعب ولا بين رئيس الوزراء والشعب...

رأيت في إحدى الدول أن قصر الرئيس قريب على مرتفع من (كراج السيارات) لنقل الركاب فسئلت أحدهم ماهذا البيت قال هذا قصر الرئيس قلت والعجب أن يكون هذا مكانه فهو قريب يمكن لأي فرد أن يصله ...!!!

فقال لا ليس عجيب لن الرئيس ورئيس الوزراء يجلسون كل يوم إثنين من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الثامنة مساءا لاستقبال المواطنين ولأي طلب هم يستمعون ويستقبلون الجميع في هذا اليوم ومن لا يتوفر له وقت لاستقباله فيؤجلوه إلى الجمعة التي بعدها...

فهلا يكون للعراقيين هذا الفعل وهذا المطلب وأقترح للحكومة ان يخصصوا يوما يسموه ( يوم المواطن العراقي )

ويكون كما في تلك الدولة بل وأفضل لكي تزداد ثقة الجمهور وتزداد معرفة المسئول بأحوال الشعب التي طالما تضيع بين أوراق الحواشي...

أعان الله شعبنا وحفظه من كل مكروه

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ