ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مع
الشعب الليبي في طريق الحرية أ.
محمد بن سعيد الفطيسي
مع اتساع دائرة الصراع بين
النظام في ليبيا والثوار
المطالبين بإسقاطه , تتزايد
أعداد الضحايا الأبرياء من
المدنيين , وخصوصا النساء
والأطفال , الذين قدر عددهم – أي
– المدنيين حتى الآن بالمئات
وربما تجاوزوا الآلاف , في وقت
لا زال فيه النظام الليبي يكابر
ويتمسك بالبقاء في سدة الحكم ,
بل ويجاهر بحب الشعب وولاءه له ,
ويؤكد ذلك الحب المتبادل بإطلاق
الصواريخ من البر والبحر على
شعبه .
كما انه ( من الصعب التنبؤ
بما يمكن أن يحصل في الأيام
القادمة ، لجهة استمرار باقي
مناطق البلاد في التفرج بخوف
وحذر لما يحصل ومشاهدة إخوانهم
يموتون كل يوم ، أو البدء بتكوين
قيادة موحدة لم تظهر حتى الآن ،
والانضمام إلى النضال ضد النظام
, غير أن الوضع في ليبيا وفي باقي
بلدان الشرق الأوسط يؤكد مسألة
واحدة فقط ، وهي أن المطالب
بالإصلاح الاقتصادي لا تكفي
لوحدها ).
وهنا استذكر مقوله لقائد
المقاومة الليبية ضد الاستعمار
الايطالي الشهيد عمر المختار :
إن الظلم يجعل من المظلوم بطلا ،
وأما الجريمة فلابد من أن يرتجف
قلب صاحبها مهما حاول التظاهر
بالكبرياء , سوف تأتي أجيال من
بعدي تُقاتلكم ، أما أنا فحياتي
سوف تكون أطول من حياة شانقيّ .
والحقيقة أنني لم أكن
مستغربا من ان يسلك الشعب
المسلم العربي الليبي طريقه الى
الحرية والكرامة والإنسانية
كما سلكه إخوة له من قبل , وانه
كان يدرك منذ البداية تمام
الإدراك ان ذلك الطريق الذي
اختاره شاق وقاس للغاية , وربما
انه سيدفع لنيل غايته الغالية
تلك ضريبة باهظة جدا , فقد جرب
هذا الشعب العربي العظيم من قبل
هذا الطريق , وقد كان ذلك بالفعل
ما حدث ولا زال يحدث في ذلك
البلد العربي المسلم في كل لحظة
من اللحظات التاريخية , فقد كان
الثمن بالفعل فوق التصورات وفوق
التوقعات .
إنما استغرابي اليوم يأتي
من صمت المجتمع الدولي "
العالم الذي يدعي انه من حماة
الحرية والديمقراطية والعدالة
", ويزيد ذلك الاستغراب من
عزوف وبرود الدول الإسلامية
والعربية على وجه الخصوص من
اتخاذ موقف حقيقي ملموس عن نصرة
إخوتهم الثائرين لحريتهم
وإنسانيتهم وكرامتهم وعقيدتهم
في ليبيا المسلمة , فهلا حقا ان
تلك الدول التي تدعي الحرية
اليوم مشغولة بتمزيق إيهاب
الحرية , وان الدول الإسلامية
والعربية وعلماءها وشعوبها
تناسوا قول المصطفى صلى الله
عليه وسلم ( مثل المؤمنين في
توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل
الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو
تداعي له سائر الجسد بالسهر
والحمى ) صدق رسول الله صلى الله
عليه وسلم .
فما يحدث اليوم للشعب
المسلم العربي الليبي أمر غير
مقبول لا من الناحية الدينية
ولا الإنسانية , وما الصمت عنه
سوى مشاركة عالمية في تلك
الجريمة الوحشية التي ترتكب في
حق شعب بأكمله , وخصوصا ان
استمرار تعقد الأوضاع في ليبيا
، واشتداد المعارك ما بين
الثوار الليبيين والمرتزقة
والكتائب الأمنية الوحشية
الموالية للقذافي في مدن
الزاوية ومصراتة ورأس لانوف
والعديد من المدن والمناطق
الليبية الأخرى يؤكد اتساع
دائرة الإبادة الجماعية التي
يرتكبها النظام ضد شعبه , وان
هذه الثورة لن تنتهي سوى بثمن
إنساني باهظ , سيظل وصمة عار على
جبين الحكومات والشعوب
الإسلامية ودعاة الديموقراطية
وحماة الحرية والعدالة في مختلف
أرجاء العالم .
والحقيقة أنني لا ألوم
الدول الغربية ان لم تنطلق
لنصرة الشعب الليبي , ولا أعيب
عليهم ان صمتوا وسكتوا عن
الجرائم التي يرتكبها النظام
الليبي في حق شعبه , إنما ألوم
وأعيب على الدول الإسلامية
والعربية , وأتلفت الى شعوبها
وعلماءها ومفكريها وكتابها
وإعلامييها , أتلفت إليهم
مستغربا : هل خرست الألسن
الثائرة على الظلم والطغيان
والجبروت والاستبداد ؟ هل جفت
الأقلام التي طالما كتبت للحرية
والكرامة والديمقراطية , أين
أمة الإسلام وأمة العرب مما
يحدث للإخوة في الدين والعقيدة
في ليبيا الغالية ؟ .
لقد حان الوقت للوقوف مع
الشعب الليبي في محنته وثورته
ضد نظام يقتل أبناءه بالطائرات
والقنابل الحارقة والدبابات ,
ضد نظام لم يدرك بعد بواعث
الأحرار للتحرر ( فيحسب التحرر
تمردا , والاستعلاء شذوذا ,
والعزة جريمة , ومن ثم يصب نقمته
الجامحة على الأحرار المعتزين ,
الذين رفضوا ان يسيروا في قافلة
الرقيق ) , ويخضعوا للظلم
والطغيان والاستبداد .
لقد حان الوقت لتقف الدول
الإسلامية والدول العربية
والأحرار في كل مكان حول العالم
, مع الشعوب التي تحاول تحطيم
قيود الذل وتنتصر لنفسها ضد
الظلم , - وأي – ظلم وجبروت
وطغيان اكبر من ان يقوم النظام
الليبي بقتل شعبه والانتصار
لنفسه بقوة النار والسلاح ضد
أبناءه الذين يطالبون بحريتهم
وكرامتهم وإنسانيتهم , - وأي –
تمرد هذا الذي يدعيه النظام
الليبي في شعب يحاول تمزيق أهاب
الصمت مطالبا بشيء من العدل في
توزيع الثروات والتكافل
الاجتماعي والمساواة بين الغني
والفقير .
فيا أبناء الأمة الإسلامية
والعربية , ان كانت نصرة الشعوب
المقهورة والمظلومة في هذا
العالم هو واجب إنساني يفرضه
عليكم دينكم الإسلامي , فان نصرة
الشعب الليبي المسلم العربي
اليوم هو واجب ديني وواجب
عقائدي وواجب إنساني , ( وما يعمر
الإسلام قلبا ثم يدعه صابرا
ساكنا على الظلم في صورة من صوره
, سواء وقع الظلم على شخصه أو وقع
على الجماعة الإنسانية في أية
ارض وفي أي سلطان ..... فإذا رأيت
المظالم تقع , وإذا سمعت
المظلومين يصرخون , ثم لم تجد
الأمة الإسلامية حاضرة لدفع
الظلم , وتحطيم الظالم و فلك ان
تشك مباشرة في وجود الأمة
الإسلامية و فما يمكن ان تحمل
القلوب الإسلام عقيدة , ثم ترضى
بالظلم نظاما , وبالسجن شريعة ) .
حمى
الله ليبيا الأرض , وليبيا الشعب
, من الفتن والحروب ما ظهر منها
وما بطن , ونصر الحق فيها على
الظلم , والعدل على الاستبداد
والطغيان والجبروت , ويسر
ولابناءها الشرفاء الأحرار
طريق الحرية والكرامة
والإنسانية والاستقلال , وسلم
جميع بلاد المسلمين وأبناءها من
الشرور والكوارث والفتن , يقول
الحق عزوجل { وَإِنَّ هَـذِهِ
أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً
وَأَنَاْ رَبُّكُمْ
فَاتَّقُونِ } صدق الله العظيم . ـــــــ *باحث
في الشؤون السياسية والعلاقات
الدولية – رئيس تحرير صحيفة
السياسي التابعة للمعهد العربي
للبحوث والدراسات الإستراتيجية
. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |