ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
م.
أبو إسلام سوريا
- حمص تمر
المنطقة العربية بمرحلة تحولات
شديدة، ستترك آثارها على المشهد
العالمي ككل، وعلى منطقة الشرق
الأوسط بصورة خاصة، على المدى
القريب والبعيد. وسوريا
لن تكون بعيدة عن هذه التحولات،
ويتوهم كثيراً من يعتقد أنها
يمكن أن تستمر بنفس النهج
الحالي. ففي
بداية شهر آذار الحالي، تم (
إحراق ) شمعة جديدة من عمر سوريا
مع دخولها في بداية العام
التاسع والأربعين لقانون
الطوارئ والأحكام العرفية سيء الذكر،
الذي جفّف جداول السياسة وحولّ
سوريا إلى دولة تعاني القحط
والجفاف السياسي. وخلال
العقود الأربعة الماضية نشأت
وفي ظل هذا القانون محاكم
استثنائية وولدت أجهزة أمنية لا
تُعد ولا تُحصى، تغولت على
الوطن والمواطنين حتى كادت أن
تضيع مفاهيم الدولة بمعانيها
الحديثة التي تقوم على عمل
المؤسسات. واستشرى
الفساد ليصبح هو الحالة الأكثر
وضوحاً، هذا الفساد الذي استباح
كل شيء، حتى وصل إلى مرحلة أصبح
التخلص منه أمراً يحتاج إلى
مشاركة كل أبناء الوطن فيه وليس
مجرد شعارات ودعايات تُطلق بين
الفينة والأخرى. إن
سوريا اليوم هي على مفترق
طريقين لا ثالث لهما، فإما
التغيير وقلب هذا الواقع
المتعفّن كلياً، والتخلص من كل
النهج والفكر الذي سيطر على
الوطن لعقود، وإما إلى نهاية قد
يكون من المستحيل عندها مجرد
التفكير بإمكانية بقاء سوريا
بمفهوم الدولة. إن
نظام القمع والاستبداد والفساد
والإفساد في سوريا لازال مصراً
على النظر إلى الوطن على أنه
مزرعة كبيرة، وأنّ هذا الشعب
العظيم الذي أُهدرت كرامته على
مدى عشرات السنين من القهر
والظلم والطغيان، على أنه ليس
شعباً ككل الشعوب التواقة إلى
الحرية والكرامة الإنسانية،
ولا أدل على ذلك من تصريحات
المسؤولين ومن أعلى الهرم. إن
المطلوب من جميع أبناء سوريا
كسر حاجز الخوف والانتفاض على
هذا الواقع المزري وعلى هذه
العصابة ( لأنها حقيقة أبعد من
أن يُقال عنها نظام ) فالنظام
ومن معنى الكلمة الحرفي يدل على
التنظيم والترتيب، بينما واقع
هذه العصابة التي تحكم هو
الفساد والإفساد المنظم، حتى
باتت مفردة منظّم مفقودة تماماً
من كل عمل مؤسسات ( بقايا الدولة
) في سوريا إلا من ناحية الفساد
فهي ملازمة تماماً له، مما يعني
أنها سياسة ومنهج وليست طارئة
ودخيلة. اليوم
الشعب السوري ليس لديه الخيار،
وعلى الجميع أن ينتفض، من كل
الطوائف والمذاهب، لدعم هؤلاء
الأبطال الشباب في تغيير هذا
النظام وبناء سوريا الدولة
المدنية الحديثة، دولة لجميع
أبناءها بلا استثناء. وعاشت
سورية حرة وكريمة، وعاش أبناءها
الشرفاء والمخلصون. ======================= نوال
السباعي - مدريد المذبحة
في ليبيا لم تبدأ بعد بكل
أبعادها التي يمكن تصورها ،
ولكن شبحها يتمدد بدعم من أنظمة
عربية تخشى الثورة والسقوط،
وقلةِ حيلةِأنظمةٍ اخرى تظن في
نفسها القدرة على النجاة، مذبحة
معلنة على "مرمى زورق" من
اوربة ، تجري تحتبصر "العالم
المتحضر" المجعجع بالقيم
الحضارية الديمقراطية الغربية
، التي يتدخل باسمها عسكريا
وإعلاميا أينما شاء وكيفما شاء
،لكن تعقد شبكة مصالحه اليوم في
ليبيا وفي منطقة شمال إفريقيا
بِرُمّتها تمنعه من التدخل الذي
يطالبه به الشعب المغلوب على
أمره، في زمن الهيمنة الغربية
على مقاليد الأمور. ولكن
عن أي تدخل نتحدث ؟! عن تدخل
بالمعنى المعكوس تماما!، عن رفع
يد المستعمر عنّا جملة وتفصيلا
، وهذا كمن يطلب المستحيل !،
بسبب من العلاقات المصيرية بين
الغرب بشقيه وبين النظام
السياسي الحاكم في المنطقة
العربية ، فاذاكان العالم
لايريد مساعدة الثوار ، فليكف
يده عن مساعدة الجلاد !!، كأن
يحول دون أن تصله شحنات الأسلحة
المتدفقة عليه من دول غربية
وعربية ، وأن يلجمه عن شن حربه
على وسائل الإعلام والصحفيين
الذين يريدهم أن يكونوا في خدمة
أكاذيبه أو في القبور ، وأن
تُمنع اسرائيل
من تقديم الدعم بالأفكار
والوسائل وإدارة المعركة
إعلامياً وعلى الأرض. الإدراة
الأمريكية ستوافق على الحظر
الجوي في سماء ليبيا ، ولكن ..بعد
ان ينجز أبناء القذافي–
الماشاء الله عليهم ..البارين
بالوالد وملياراته ! - سحق
الثورة ، والقضاء على الثوار ،
أي القضاء على كل إرادة للحياة
والحرية لدى هذا الجيل من أبناء
ليبيا!، سيرغم الغرب دولا عربية
على تقديم الأدوات العسكرية
اللازمة لهذا الحظرفي سياق
تصفيات حساباتها الشخصية مع
العقيد، وقيام الغرب بالمهام
الصعبة التي لايتجرأ العرب على
القيام بها بأنفسهم!، وستدفع
هذه الدول فواتير كل مايلزم ،
على أن تعود الفائدة وفقط من هذه
العملية على الغرب بشقيه
الاوربي والامريكي ، لأن العجز
وصل بالعرب أن لايستطيعوا تحريك
ساكن ، ولاتسكين متحرك إلا
بموافقة المهيمنيين على البيت
الأبيض !، الذين يعلمون،أن كل
حساباتهم في ليبيا ومعها مشروع
"المغرب العربي الموحد"،
ستنتهي ضد مصالحهم الآنية
والمستقبلية . بعد أن
انجلى المشهد في تونس عن هرب "بن
علي" - والذي سيذكره له
التاريخ على أنه الخدمة الأجلّ
والأكثر نبلاً التي قدمها حاكمٌ
عربي لشعبه في بداية ثورة
المنطقة الكبرى- ركب أوباما
الموجة ، وخرج علينا بتصريحاته
المشجعة ، ويوم بلغ ضغط عزم
الملايين المصرية أوجَهُ في
ساحة التحريرعلى الرغم من
الضحايا وسيل الدماء ، تَبَنّى
"أوباما" الثورة المصرية ،
حتى لكأنها ابنة عينه اليمنى -
دون أن ننسى تبعية الجيش المصري
للإدارة الأمريكية
بعتادهوميزانيته- ، فالنصر حلو
جميل ، يتمنى الجميع أن يكونوا
آباءه الشرعيين ، وكل منهم
يدّعي وصلا به!، أما مشكلات
النفط العويصة ، وضبابية هوية
الثورة ، و..الهزيمة والأشلاء
والآلام ، فهي أولاد يريد
الجميع الفرار منها ، ولايمكن
لأحد أن يحملها بين يديه ويضمها
إلى صدره ، إلا أمها الحقيقية ،
التي يجب عليها الاضطلاع
بمسؤوليتها عنها . على
الأمة من المحيط إلى الخليج أن
تعرف أن هذه الثورة التي اشتعلت
من سيدي بوعزيز هي ثورتها ، وأن
كل ماحققته جماهير تونس ومصر هو
ملك لها، وأن أبناء ثورة ليبيا
هم أبناءها ، وكما غنّت للنصر ،
فعليها أن تتداعى اليوم لنصرة
ليبيا ، برفد الثورة بالرجال
والعتاد والمال والخبرة
والنصرة، وبالإعداد والاستعداد
لأيام قد تكون طويلة عصيبة
مؤلمة ، بعد أن تورط النظام في
طريق الانتحار التاريخي، وبعد
أن وقع الثوار في أخطاء
استراتيجية ، ساهم فيها ومن حيث
يدري أو لايدري الإعلام العربي
الذي استدرك الموقف متأخرا. يجب أن
نستعد لأيام الإخفاقات والمحن ،
كما نتبنىنجاحات النصر ونقطف
ثمارها، لقد اجتهد الليبيون
لرفع الظلم عن أنفسهم ،
ولاتثريب عليهم ، فلقد بذلوا
أقصى مايمكنهم لدفع الظلم
الفاحش عنهم ، ولابد للأمة ، أن
تبدأ بالعمل لنصرة أهل ليبيا ،
وقد خذلهم الجمع ، فإن آباء
الانتصارات ومدّعوها كُثُر ،
ولكن أبناء الهزيمة ، هم
أبناؤنا ، أكبادنا التي خرجت
أخيرا على الظلم المربع الذي
يستند إلى قدرة مذهلة على
البهتان والتلفيق والبطش، ومن
حقهم علينا أن نقوم بالواجب
الذي تفرضه علينا هذه المعركة ،
معركة الحرية والكرامة والحياة. ========================== التشبث
بالاستبداد والفساد يزيد
الثورة اشتعالا ولا يخمدها نبيل
شبيب بضع
مئات من الشباب في سورية
يتظاهرون في سوق الحميدية في
دمشق، ومن قبل بضعة ألوف يغضبون
في سوق الحميدية ردّا على إهانة
شرطي لأحد الشباب، وأهالي
المعتقلين يحاولون الاعتصام
أمام مبنى وزارة الداخلية فيضاف
بعضهم إلى المعتقلين، ويفرّق
الآخرون بالوسائل القمعية "التقليدية"..
ودعوات إلى الثورة تجمع ألوفا
مؤلفة من الشباب على صفحات
الشبكة العالمية، وردود فعل
رسمية تعبّر عن القلق
والاضطراب، ولكن لا تعبّر –رغم
تكرار وعود إصلاح عتيقة ورغم
سخاء جزئي طارئ في الالتفات إلى
مشكلات مادية- عن استيعاب حقيقة
الوضع في سورية، وعربيا،
وعالميا.. ولا عن ضرورة الخروج –الآن-
من قيود الأوهام بقابلية "تجنّب
الثورة" دون تغيير جذري شامل،
أو بقابلية إخمادها إذا اندلعت..
ولو بطريقة القذافي الدموية،
ولئن بقي في السلطة فوق
الجماجم، فهل هذا ما يمكن أن
يقبل به "إنسان" لنفسه في
ليبيا أو في أي بلد آخر، وهل
يمكن أن يصبح "نموذجا"
يُحتذى، بدلا من التخلّي عن
الاستبداد بمختلف أشكاله
الدموية وغير الدموية؟..
موعد
التغيير موعد تاريخي كانت
التحركات الثوروية الأولى في
سورية كافية لينتشر التساؤل في
كل مكان انتشار النار في الهشيم:
هل بدأت الثورة في سورية؟..
ويكفي هذا دليلا على أنّ تقدير
الأوضاع في سورية يقنع القريب
والبعيد بأنّه لا بد من تغييره
تغييرا جذريا شاملا ترمز إليه
كلمة "ثورة"، وأنّ تقدير
الأوضاع إقليميا يقنع القريب
والبعيد بأنّ "موعد" هذا
التغيير الجذري الشامل قد
اقترب، فلم يعد يمكن تأجيله،
ويمكن أن يتحقق من خلال ثورة
يطلقها جيل الشبيبة في سورية
وتتحوّل إلى ثورة شعبية شاملة،
كما كان في أقطار عربية أخرى. في
مقدّمة ما يرجّح الجواب
بالإيجاب على السؤال المطروح:
هل بدأت الثورة في سورية؟.. عدد
من القواسم المشتركة بينها وبين
الثورات العربية الأخرى، سواء
من حيث ما يستدعيها من أوضاع
قائمة في سورية، أو من حيث نوعية
المحاولات المستميتة للنظم
الحاكمة أن تتجنّب "قَدَر
الثورة" بإجراءات ترقيعية
استباقية، أو من حيث التميّز
النوعي للإرهاصات الأولى
للثورة. الاستبداد..
والفساد.. كلمتان ثقيلتان على
السمع، لأنّ ما يجري تحت هذا
العنوان أو ذاك ثقيل على
النفوس، ثقيل على أرض الواقع
اليومي، على نفوس أفراد الشعب
بمختلف فئاته دون استثناء، وفي
مختلف ميادين حياته إطلاقا،
وهما محور القواسم المشتركة بين
أوضاع قائمة تفرض بنفسها طريق
الثورة عليها فرضا. وفي
مقدّمة ما يرجّح الجواب
بالإيجاب على السؤال المطروح:
هل بدأت الثورة في سورية؟..
تميّز طريق الثورة في سورية
بخصائص ذاتية، مثلما تميّزت كل
ثورة أخرى بخصائص ذاتية،
فالثائرون يعلمون بمصادر قوتهم
والواقع من حولهم ويبدعون
وسائلهم تبعا لذلك،
والمستبدّون جاهلون بحجم قوّة
الثورة القادمة، مهما كانت
سلمية، فقوتها الأكبر كامنة في
سلمية.. أو هم يتجاهلون ذلك
لطمأنة أنفسهم، وهم عاجزون في
الحالتين –حتى الآن- عن الخروج
من قوالب الاستبداد الجامدة.
الاستبداد
قاسم مشترك لا
يوجد استبداد قبيح وآخر جميل،
واستبداد إجرامي وآخر بريء..
فجوهر الاستبداد هو احتكار
السلطة، واحتكار السلطة في
سورية، فرديا، عائليا، حزبيا،
عسكريا.. سيان، هو احتكار
استبدادي مرفوض من حيث الأساس،
سيّان في ذلك هل مارس بعض
السياسات الخارجية الإيجابية
أم لم يمارس، وهل اكتفى بنشر
الرعب إلى درجة الامتناع الذاتي
عن معارضته أو استخدم مباشرةً
وسائل القمع لكل معارضة صغيرة
وكبيرة. الاستبداد
في سورية هو استبداد تحويل
الحزب إلى دولة استبدادية،
وتحويل الدستور إلى ورقة
استبدادية، وتحويل حالة
الطوارئ إلى آليّة استبدادية،
وتحويل مؤسسات الدولة إلى سلطة
استبدادية، ولا يكفي أن يؤمّن
الطعام والدواء، على افتراض
تأمينهما وكأنّهما منحة أو هبة
من الحاكم، فالطعام من يد
السجّان استبداد، والدواء من يد
السجّان سمّ زعاف. لا
يمكن القول عن الاستبداد في
سورية إنّه استبداد "محدود"،
بل هو الاستبداد الذي يعبّر عن
نفسه: 1-
حزبيا.. بحظر وجود أي حزب لا
ينطوي تحت مظلة الحزب المستبدّ،
فلا يقدّم "التكرّم بالسماح"
بوجوده ولا يؤخر، سواء أعطي
عنوان "جبهة" أم عنوان "حزب
معارض".. 2-
دستوريا.. بتعديل مواد الدستور
وتشويهها ليصبح الدستور نفسه
أساسا مزوّرا لممارسة
الاستبداد بدلا من أن يكون
أساسا قويما ليحكم الشعب نفسه
بنفسه.. 3-
قمعيا.. بتوظيف حالة الطوارئ
المزمنة، وتوظيف التشريعات
الصادرة في نطاقها أو خارج
نطاقها، لمصادرة حرية الأحرار
وحقوق المواطنين، فحتى حرية
التعبير –مثالا- مسموحة لمن
يشارك في الاستبداد بما يقول
ويكتب، ومحظورة على كل من يطرح
مطالب عادلة بمختلف المعايير
والمقاييس مهما كان اتجاهه، ومن
مختلف الأعمار بدءا بالطلبة
والمدونين والمدونات الذين
أصبحت طل الملوحي رمزا لهم،
انتهاء بأصحاب الكفاءات
العالية والتاريخ المضيء
والاختصاصات المتميّزة على
طريق الدفاع عن الإنسان في
سورية وفي كل مكان، ممّن أصبح
هيثم المالح رمزا لهم. 4- "مؤسساتيا"..
بتحويل رأس الدولة إلى حاكم
قادر على أن يفرض ما يريد متى
يريد وبأي وسيلة يريد وباستخدام
المؤسسات وفق ما يريد، عن طريق
المراسيم المباشرة كما كان في
القرون الوسطى الأوروبية، وعن
طريق "التوجيه" لاستصدار
"القوانين" المنحرفة على
مقاس بقاء استبداده، بل وعن
طريق تحويل صورته واسمه إلى
رموز وشعارات، كأنّه هو "المواطن"
السوري الفريد، وجميع أهل سورية
إماء وعبيد، "يحبّونه" على
غرار عشقِ أهل ليبيا المزعوم
والمثير للسخرية المريرة
الممزوجة بدماء الضحايا للحاكم
المسبتد، و"يشيدون باسمه"
على غرار الإشادة بأسماء نجوم
الغناء والتمثيل، ويزعمون له من
"العصمة" ما يجعل هذا الزعم
نفسه أكبر خطأ يرتكبه هو نفسه من
خلال الإقرار به والتصرّف
بموجبه. هذا
علاوة على ابتكار أجهزة قضائية
مزعومة ليس لها نصيب من القضاء
وهيبته وأحكامه واستقلاليته
وعدالته، وتقييد ما سوى ذلك من
أجهزة قضائية في حدود بعض
الميادين المدنية، التي لا
تقدّم ولا تؤخّر على صعيد
العدالة السياسية والاقتصادية
والاجتماعية والفكرية وسوى ذلك
من الميادين. وهذا
علاوة على ابتكار قاموس من "التهم"
الجاهزة، من قبيل المساس بهيبة
الدولة، للمحاسبة على مجرّد
كلمة تتغنّى بالحرية من قبل أن
تعمل للتمتّع بها، وبالحقوق من
قبل أن تطالب بها.. وهذا
علاوة على تحويل الانتخابات
والاستفتاءات إلى مسرحيات
هزلية، والحكومات إلى أدوات
استبدادية، والوزارات إلى
شركات حزبية.. إنّ
هذا –وهو غيض من فيض- هو
الاستبداد الذي يشكل قاسما
مشتركا بين الأقطار العربية
التي تشهد الثورات على
الاستبداد، بلدا بعد بلد.. ولهذا
يمكن القول إن الثورة في سورية
قد بدأت أيضا، بغض النظر عمّا
إذا كان التاريخ سيكتب قريبا أن
شرارتها الأولى كانت في يوم
الغضب السوري أم يوم 15/3/2011م أو
أي حدث آخر في يوم آخر.
الفساد
قاسم مشترك في
سورية بطالة وفقر، وفي سورية
إخفاق اقتصادي ومالي، وفي سورية
تبذير وإسراف، وفي سورية حرمان
وقهر، وجميع ذلك موثّق بالأرقام
مشهود على ارض الواقع، ولكن
يوجد في سورية إلى جانبه كذب
ونفاق لا يمكن أن يغطيّا على ذلك
كلّه بمجرّد إنكاره أو بمحاولة
تعليله بأسباب أخرى لا يحمل مَن
يحتكرون السلطة والثروات
مسؤولين عنها.. فاحتكار السلطة
يجعلهم مسؤولين وإن اعتبروا
أنفسهم من ذوي النوايا الطيبة
والقرارات الصائبة. ويمكن
للعاطل عن العمل والفقير
والمعدوم أن يصبر ويسعى لتحسين
أوضاعه، ولكن انتشار الفساد
المندمج في أجهزة الاستبداد
اندماجا عضويا مصيريا، في سورية
–مثل أقطار عربية أخرى- هو ما
يصنع هوّة الفقر والثراء،
والبطالة والاستغلال، والحرمان
والتبذير، من وراء مختلف
المشاريع الاقتصادية
والعمرانية الكبيرة والصغيرة،
ما دام لا يخلو أي مشروع منها من
هيمنة احتكارية عائلية وحزبية
عليها، وهذا ما يجعل خروج
النسبة الكبرى من أهل سورية من
دائرة البطالة والفقر والحرمان
والقهر مستحيلا ما دام الفساد
مستشريا مع الاستبداد ومستمرا
بلا رادع ولا رقابة ولا حساب. ليست
المشكلة في الصبر.. فقد صبر أهل
سورية صبرا متواصلا لجيلين
متعاقبين في ظل الحكم
الاستبدادي القائم دون جدوى. وليست
المشكلة في السعي الفردي.. فكل
سعي لتحسين الأوضاع مكتوب عليه
الإخفاق ولا جدوى منه، ما دام
الفساد ينخر في جميع الميادين
دون استثناء، وما دام في "تحالفه
الاندماجي العضوي" مع
الاستبداد القائم مستمرا
ومتفاقما. لا
يمكن تجنّب الثورة على الفساد
والاستبداد معا عن طريق مرسوم
استبدادي يقضي بمكافحة الفساد
الاستبدادي، فكلاهما يشكلان
معا جسدا واحدا، هو الذي يحتاج
إلى العلاج الجذري جملة
وتفصيلا، وليس هو مصدر العلاج،
ما لم تصدر عنه "ثورة ذاتية"
على نفسه.. ولا يبدو أنّ مَن
يمارس الاستبداد والفساد قد
استوعب ذلك رغم ما يعايشه في
أقطار عربية أخرى، فهو يعمد إلى
استخدام وسائله العتيقة من قبيل
ما يُعطى في كل مكان عنوان "امتصاص
الغضب" و"التنفيس" و"الإجراءات
الترقيعية" وإن أعطى هو لذلك
عناوين أخرى، من قبيل أولوية
الإصلاح الإداري، أو تحسين
الأوضاع المعيشية، أو ما شابه
ذلك. إنّ
سيطرة أفراد العائلة المقربين
والأعوان الحزبيين المنتفعين،
على مفاصل صناعة القرار ومفاصل
الاستيلاء على ثروات الشعب في
سورية، هي جوهر الفساد الذي
يشكل قاسما مشتركا بين الأقطار
العربية التي تشهد الثورات على
الفساد، بلدا بعد بلد.. ولهذا
يمكن القول إن الثورة في سورية
قد بدأت أيضا، بغض النظر عمّا
إذا كان التاريخ سيكتب قريبا أن
شرارتها الأولى كانت في يوم
الغضب السوري أم يوم 15/3/2011م أو
أي حدث آخر في يوم آخر.
الشبيبة
قاسم مشترك لقد
عانى جيل الشبيبة من الاستبداد
والفساد منذ ولادته حتى اليوم،
فما عرف سواهما، ومعاناتُه
مضاعفة، شطرها الأوّل هو ما
يشارك فيه الأسر التي نشأ فيها،
وهي من جيل عايش نشأة الاستبداد
والفساد من أيامهما الأولى وكيف
مضت السلطات الحاكمة في سورية
نتيجة لهما على طريق ترسيخ
المزيد من الأسباب
لاستمرارهما، عاما بعد عام،
عقدا بعد عقد، ووعداً بالإصلاح
المزعوم بعد وعد، حتى وصلت إلى
طريق مسدودة.. فلم يعد ينفع
الترقيع، بل لا بدّ من التغيير
الجذري الشامل. والشطر
الثاني من معاناة جيل الشبيبة
في سورية أنّ الاستبداد والفساد
أصبحا سدّا يحول دون أي فرصة
مستقبلية كريمة للشاب أو الفتاة
وهما في مقتبل العمر، وعايش هذا
الجيل أنّ "الصبر والسعي"
لم يفيدا جيل آبائه وأمّهاته،
فيستحيل أن يكرّر التجربة عشرات
السنين.. إلى أن يورّث الأبناء
والأحفاد المعاناة لجيل آخر،
وهو يسمع مقولة "إنّ الإصلاح
يحتاج للانتظار إلى جيل قادم".
لئن كان الجيل الأكبر الذي عانى
من الاستبداد والفساد ألوانا
جعلت آماله في التغيير تنحصر في
"مستقبل قادم" فإن جيل
الشبيبة هو "المستقبل القادم"..
ولم يعد بعيدا. ولئن
واجه الجيل الأكبر سنّاً
معاصريه من جيل المستبدين
والفاسدين بوسائل ومعطيات لم
تخرج كثيرا عن نطاق ما يملك
هؤلاء مثله أضعافا مضاعفة، من
خلال سيطرتهم على مفاصل القرار
ومراكز الهيمنة الاستبدادية
الفاسدة، فإنّ جيل الشبيبة يملك
من الإمكانات والمعطيات
والطاقات الكامنة والمتفجّرة،
ما لم يعد يمكن الوقوف في وجهه
بأي وسيلة من وسائل الاستبداد
والفساد الدموية التقليدية ولا
حتى الدموية المبتكرة. لقد
قيل عن جيل الشبيبة في تونس إن
الاستبداد سيطر عليه بالترهيب،
وإن الفساد سيطر عليه بالإفساد،
وإذا به يفاجئ العالم كلّه
بأنّه يمتلك من الجرأة والإقدام
والبسالة والثبات والوعي
والبصيرة ويمتلك من النقاء
والقيم ما يجعله قادرا على صنع
ثورة تطيح بصروح الاستبداد
والفساد بين ليلة وضحاها.. فقد
ثار من حيث لا يحتسب النظام
الحاكم ولا العالم المتواطئ. وقيل
عن جيل الشبيبة في مصر شبيه ذلك..
وثار وغيّر وما زال ماضيا على
الطريق، وقيل عن جيل الشبيبة في
ليبيا.. وفي اليمن.. وفي سواهما
شبيه ذلك، وثار الشبيبة وبدؤوا
يحقّقون التغيير ومن المستحيل
أن توقف عجلته وسائل الاستبداد
والفساد داخليا ولا محاولات
الالتفاف والتواطؤ دوليا.. ولا
بد أن يكون النصر حليف الثائرين
من أجل التغيير، وهذا ما يسري
أيضا على آلة القتل القذافية
الدموية الفاجرة –وقد باتت هذه
الأيام محطّ أنظار المستبدين-
فلو استطاعت قتل نصف شعب ليبيا
من أجل البقاء ردحا من الزمن،
فسوف ينتصر النصف الآخر من شعب
ليبيا في نهاية المطاف. خصوصيات
الحكم في سورية قيل عن
الحكم الاستبدادي في تونس إنّه
حقق التقدّم اقتصاديا وعلميا
فهذا من ميزاته، وقيل عن الحكم
الاستبدادي في مصر إنّه حقّق
قدرا من الزعامة العربية –وإن
كانت في الاتجاه الخاطئ- فهذا من
ميزاته، وقيل عن سواهما شبيه
ذلك، مثلما يقال عن الحكم
الاستبدادي في سورية إنّ له من
الميزات ما لا يخفى ولا أحد
ينكره ومثال ذلك أنّه "أقلّ
تقهقرا" على طريق تصفية قضية
فلسطين، و"أكثر قدرة" على
توظيف علاقاته على صعيد دعم
المقاومة بفلسطين ولبنان
للظهور في موقع أقرب إلى إرادة
الشعوب. إنّما
يجب أن يدرك النظام الحاكم في
سورية مثلما أدرك جيل الشبيبة
في سورية.. وسواها: 1- أن
التعامل الإيجابي مع قضية
فلسطين من منطلق حكم استبدادي..
لا يلغي رفض الاستبداد، لأن
التعامل الإيجابي مع القضية من
منطلق حكم عادل هو الأقدر على
تحقيق الأهداف القريبة
والبعيدة لهذه القضية المصيرية
المحورية. 2- أنّ
التعامل الإيجابي مع المقاومة
الشعبية من منطلق حكم استبدادي..
لا يلغي رفض الاستبداد والفساد،
لأن الدعم الأكبر بما لا يقاس
للمقاومة وتحقيق أهدافها
القريبة والبعيدة، يتحقق من
منطلق حكم عادل قويم. 3- أنّ
السياسات الإقليمية الإيجابية
وممانعة الهيمنة الأجنبية من
منطلق حكم استبدادي.. لا تلغي
رفض الاستبداد والفساد، لأن
قيام أنظمة حكم عادلة مشروعة،
هو الضمان الأكبر ومصدر القوة
الأعظم من أجل ممارسة سياسات
إقليمية إيجابية وردّ أخطار
هيمنة خارجية دولية متفاقمة. لقد
استخدم الحكم الاستبدادي في
سورية أوراق فلسطين والمقاومة
والأوضاع الإقليمية طويلا،
ومهما حقق من خلال ذلك في صالح
فلسطين والمقاومة والمنطقة
إقليميا، فقد آن الأوان ليدرك
ما أدركه جيل الشبيبة من أن
أضعاف ذلك يتحقق بزوال
الاستبداد وليس باستمراره،
وزوال الفساد وليس باستشرائه. هذا
بالذات ما يمثل جوهر الوعي
السياسي الذي بات يميّز جيل
الشبيبة في سورية مثلما يميّز
جيل الشبيبة في تونس ومصر وسائر
الأقطار العربية الثائرة
والماضية على طريق التغيير
الجذري الشامل، آجلا لا عاجلا،
ولا يمكن لأي حكم استبدادي مهما
بلغ من رسوخ على أرضية
الاستبداد والفساد.. أن يحول دون
وصول هذا الجيل إلى غايته:
التغيير الجذري الشامل. طريق
الثورة المتميز لا
يمكن للثورة في سورية أن تختلف
عن الثورات في سواها من حيث
الأساس، فالاستبداد والفساد في
مقدمة القواسم المشتركة بين
الأقطار العربية التي تشهد
ولادة الثورات عليهما في هذه
الحقبة التاريخية، وهي ثورة
تريد زوال واقع الاستبداد
والفساد كله.. دون استثناء مظهر
من مظاهره، ولا استبقاء جانب من
جوانبه، ولا الحفاظ على ورقة
تسمّى دستورا أو تشريعا قانونيا
أو مرسوما رئاسيا، ولا على حالة
قهر مفروضة سواء حملت اسم طوارئ
مزمنة أو حملت اسم مرسوم عفو
رئاسي.. ما دام جميع ذلك قائما
على تصوّر منحرف لممارسة السلطة
باحتكارها، وعلى عدم التفريط
بالمنافع الذاتية، غير
المشروعة بمختلف المعايير
المعتبرة في حياة البشر. الثورة
تحتّمها القواسم المشتركة
استبدادا وفسادا وجيلا واعيا من
الشبيبة القادرة على التغيير،
وتحدّد مسارها وبعضَ معالمها
التفصيلية خصوصياتُ الثورة
نفسها، المتلائمة مع خصوصياتٍ
جزئيةٍ في كل بلد على حدة. الكرامة..
كانت كلمة السرّ الأولى في
تحوّل ثورة تونس من شرارة إلى
بركان أحرق المستبدين
والفاسدين، والكرامة مع
الإرادة الشعبية كانتا في مقدمة
ما حوّل ثورة مصر من شرارة إلى
طوفان أغرق المستبدين
والفاسدين، ولكل ثورة أخرى
شرارتها وامتدادها، والعنصر
الثابت الحاسم فيها جميعا أنّ
اندلاع كل ثورة منها كان ينطوي
على خصائص ذاتية وسجّل من
الشرارة الأولى حتمية الوصول
إلى الغاية المرسومة، حتى وإن
تحوّل مجرى الثورة اضطراريا إلى
مقاومة مسلّحة -بدلا من مقاومة
سلمية- ضدّ جرائم استبداد دموي
فاجر كما في ليبيا، أو إن تواصلت
وتنامت كما اندلعت ثورةً سلمية
جماهيرية شاملة لكل فئات الشعب
دون استثناء، كما في اليمن حيث
وجدت -رغم ذلك- تنكّرا دوليا
وعربيا.. مثلما وجد ثوّار شعب
ليبيا تواطؤا دوليا وخذلانا
عربيا. وليست
سورية مختلفة عن سواها من حيث
الاستبداد والفساد سببا
للثورة، وإن اختلفت –كسواها-
بخصائص طريق الثورة فيها. لقد
كان ممّا يلفت النظر في هتافات
المتظاهرين في سوق الحميدية مرة
بعد أخرى ذلك الهتاف باللهجة
المحلية: "الشعب السوري ما
بينذلّ" عنوانا للثورة على
الاستبداد و"حرامية حرامية"
عنوانا للثورة على الفساد.. وكلا
العنوانين يثبّت للثائرين
عنواني العدل والكرامة. وكما
شهد ميدان التحرير في القاهرة
صلوات المسلمين والمسيحيين
جنبا إلى جنب فأسقط الشعب في
ثورته ما زرعه الحكم الاستبدادي
الفاسد من فتنة دينية، وكما
شهدت مدن العراق ما أسقط به
الشعب في إرهاصات ثورته الأولى
ما زرعه الاحتلال وأعوانه من
فتن دامية، وكما شهدت ليبيا
واليمن انصهار ما كان يجري
ترسيخه من "فتن قبلية" في
بوتقة الثورة الشعبية الجامعة..
كذلك شهدت مظاهرة الحميدية في
دمشق –ومظاهرات في مدن أخرى-
تلاقي الفئات الشعبية من شباب
سورية، ما أسقط الشعب به عبر
إرهاصات ثورته الأولى ما زرعه
الحكم الاستبدادي الفاسد في
سورية من فتنة طائفية. لقد
أعلن شباب الشعب السوري في
الشرارة الأولى لثورته ما سبق
أن أعلنه العقلاء مرارا من قبل،
أنّ الاستبداد الفاسد مرفوض
جملة وتفصيلا سواء لبس لباس
العسكر أو الطائفة أو الحزب،
وليس المرفوض هو الجيش ولا
طائفة أو فئة بعينها من الطوائف
والفئات السورية ولا حتى
الأحزاب والاتجاهات المتعدّدة
أيا كانت. ثورة
شعب سورية ثورة على الاستبداد
الذي يستغل "فريقا" من
طائفة العلويين مثلما يوظف "فريقا"
من طوائف أخرى، وليس على طائفة
من الطوائف أو فئة من الفئات أو
حزب من الأحزاب أو اتجاه من
الاتجاهات. ثورة
شعب سورية ثورة على الفساد
والفاسدين، وليست ثورة تحرق
الأخضر واليابس، والنافع
والضار، والصالح والطالح. ثورة
شعب سورية ثورة سلمية ضدّ
الاستبداد المسلّح، ثورة نقية
ضدّ الفساد المنحرف، ثورة
عقلانية ضدّ الانتهازية
والمحسوبية والاستغلال والقمع..
وجميع ذلك وما يشابهه من
ممارسات هو ممّا يدوس على
العقلانية بالأقدام، مهما بلغت
القدرة على تنميق الكلمات
والخطب والتصريحات، الفارغة من
المضمون على أرض الواقع،
والقدرة على إخراج الإجراءات
والممارسات السياسية
والاقتصادية بمسحة "إصلاح"
مزعوم، دون المساس بجذور
الاستبداد والفساد وموبقاتهما. إنّ
المستوى العالي من الوعي
والبصيرة لدى شباب سورية، فيما
يدعون إليه وما يمارسونه، يؤكّد
أن الثورة أصبحت حتمية، وأنّ
تحقيق غايتها أصبح حتميا، وأنّ
من المستحيل الالتفاف على
مسارها بعبارة من قبيل "الإصلاح
يأتي في سورية من داخل النظام
وليس بخرق النظام"، كما ورد
على لسان وزير الخارجية السوري
مؤخرا، إنّما يمكن استباق
الثورة إذا استوعب "النظام"
حقيقةَ أنّه لم يكن مقبولا من
قبل، ولم يعد قادرا على البقاء
الآن، بسبب الاستبداد والفساد..
أولا وأخيرا، فليخرج من جلده،
كي يثور على نفسه، ويتخلّى عن
استبداده وفساد، من الجذور، ولا
يتحقق ذلك، دون إلغاء جميع
مظاهر ممارسة الاستبداد
والفساد.. دون إطلاق سراح سورية
نفسها، وطنا وشعبا وحاضرا
ومستقبلا.. بدءا بإطلاق سراح
جميع مَن صودرت حرياتهم وانتهكت
كرامتهم من أهل سورية، دون وجه
حقّ بأي معيار قويم.. مرورا
بالانفتاح على جميع القوى
والفئات من جميع الاتجاهات في
سورية انفتاحا يشمل استرجاعها
لحقها المشترك الأصيل في تقرير
مستقبل سورية وشعبها بنفسها،
بما يشمل دستورا جديدا، وقضاء
مستقلا حرا نزيها سيدّا لنفسه،
ومؤسسات تشريعية وتنفيذية
جديدة.. انتهاءً بإيجاد بنية
هيكلية جديدة للدولة، خالية من
احتكار حزبي أو فردي للسلطة،
ومن أي تغوّل على القضاء
والقانون والقيم والمبادئ،
وخالية من أي شكل من أشكال
الفساد. إن فعل
النظام الحاكم ذلك –على سبيل
الافتراض- أصبح الحاكمون الآن
جزءا من الثورة، وإن لم يفعل
فسيكونون قريبا هم الخاسرين في
ثورة شعبية، ماضية إلى التغيير
الجذري الشامل بإذن الله، وإن
عظمت التضحيات، فمهما عظمت لن
تتجاوز بحجمها ما كان من ضحايا
الاستبداد والفساد على امتداد
جيلين من عمر سورية وشعبها. =========================== الشعب
السوري يريد تغيير ماذا ؟!. محمود
عثمان بداية
لابد من الإشارة إلى أن الجميع
في سوريا - بمن فيهم أركان
النظام الحاكم – متفقون على
ضرورة الإصلاح والتغيير وحتمية
وقوعه !.. لكن الخلاف منصب على
حجمه وماهيته وتوقيته .. يروى أن
رجلا ألح على بخيل كي يدعوه إلى
طعام فقبل البخيل ذلك بشرط أن
يخير صاحبه بين أمرين إما أن
يختار نوع الطعام أو زمن
الوليمة !.. فأختار الرجل نوع
الطعام فأجابه البخيل : إذن
أدعوك إلى هذا الطعام بعد عشر
سنوات !.. فقال الرجل إذن أختار
التوقيت غدا .. فأجابه البخيل
وأنا أدعوك إلى خبز وماء !.. يبدو
أن تعامل النظام السوري مع
مسألة التغيير لا تختلف كثيرا
عما قام به هذا البخيل .. فهو –
النظام - يعد بالتغيير لكن دون
أي التزام بسقف زمني , ربما يأتي
هذا التغيير في عهد الملك حافظ
الأسد الخامس أو يحدث في زمن
الرئيس بشار الأسد السابع !. هذا
من حيث الزمن !.. أما من حيث نوعية
ومضمون التغيير فهو قائم مستمر
بحسب النظام !.. فقد سمح - النظام -
للمواطنين الذين يريدون فتح
دكاكين حلاقة أو مطاعم حمص
وفلافل أو ما شابه ذلك بأن
يقوموا بنشاطاتهم بكل حرية ودون
إذن مسبق من المخابرات !؟.. كما
سمح – وإن كان تحت مراقبة أمنية
مشددة - في الأيام الأخيرة
بالفيسك بوك والتويتر واليوتوب
.. وفي نفس السياق تندرج بعض
الانفتاحات على الصعيد
الاقتصادي !؟. لكن هذا الانفتاح
لم يصل بعد إلى درجة السماح
باقتناء الفاكس مثلا إذ لايزال
تابعا لإذن الأجهزة الأمنية !.
فلا بد من التدرج في الإصلاح !؟.
لأن مدارك المواطن السوري ليست
بالتي تتحمل التغيير دفعة واحدة
!. كل ما
سبق يدل دلالة واضحة إلى أن
النظام السوري مصاب بعسر في فهم
وقراءة ما يجري على الساحة
العربية من حراك سياسي وغليان
شعبي .. فهو من جهة يدفع بكل
إمكاناته لمساعدة القذافي كيلا
يسقط ظانا
أنه ينقل ساحة المعركة إلى خارج
الحدود مما سيجنبه انتفاضة
الشعب .. ومن جهة أخرى يستمر في
إحكام قبضته الأمنية أكثر فأكثر
!. ولعل أكبر دليل على عسر الفهم
عند النظام السوري هو ضعف
قراءته للتجربة
المصرية .. إذ أنني أكاد أجزم أن
حسني مبارك لو جعل خطابه الثالث
مكان خطابه الأول لأفرغ ثلثي
ميدان التحرير .. لكنها هكذا هي
طبيعة الأنظمة الدكتاتورية ..
" والله لا يهدي القوم
الظالمين " . إن
فتات التغييرات الجزئية
والرشاوى التي يرميها النظام
السوري هنا وهناك في محاولة لذر
الرماد في العيون والضحك على
الذقون تبدو بعيدة كل البعد عن
تلبية مطالب الشباب السوري
الطامح لحياة إنسانية كريمة ..
بل إن كرة الثلج التي انطلقت من
تونس مرورا بمصر وأخذت تهز
أركان نظام القذافي
قد وصلت إلى سورية .. فقد بدأ
الحراك الشعبي في أكثر من مدينة
سورية في مقدمتها العاصمة دمشق
التي نجح النظام فيما سبق في
عزلها عما يحدث في بقية
المحافظات , والوضع في محافظات
الشرق قاب قوسين أو أدنى من
الانفجار .. فيما النظام مصر على
مقولة أن سوريا دولة مواجهة لا
تشبه مصر أو تونس !. أما
جواب سؤال العنوان فهو في غاية
البساطة واليسر لأن مطالب شعوب
الأرض واحدة عموما .. طعام من جوع
وأمان من خوف .. وما الشعب السوري
بدعا منها .. فهو كغيره من بني
البشر يبحث عن لقمة عيش كريمة
وأمان من بطش الدولة وأجهزتها
الأمنية .. وقبل هذا كله الحرية !
التي تميز الإنسان عن سائر
المخلوقات . وللحقيقة
والإنصاف نقول إن الرئيس بشار
الأسد الذي بدأ مشواره السياسي
بمحاربة الفساد والمافيات التي
كانت تروع المواطن وتنغص عليه
لقمة عيشه فتسلب منه ماله
وممتلكاته في وضح النهار , وحقق
في هذا المضمار بعض النجاحات
لمسها المواطنون في حياتهم
اليومية . لكن إصلاحاته تلك لم
تطل إلا صغار السارقين
والفاسدين فيما بقي كبارهم ممن
لهم صلات وثيقة بالقصر الرئاسي
ودوائر الدولة في مأمن من
المساءلة مما تسبب في سيطرة قلة
من أصحاب النفوذ والهوى
والمطامع الشخصية على المال
والسلطة , وبقي المواطن المسكين
صفر اليدين , فاتسعت الهوة بين
زمرة قليلة
فاحشة الثراء وأكثرية تعيش
عند خط الفقر أو دونه .. وإذا
أضفنا إلى ذلك تغول الأجهزة
الأمنية وكمها للأفواه فلن يبقى
أمام المواطن الجائع الخائف إلا
كسر جدا الخوف والقيام بما قام
به إخوانه في تونس ومصر واليمن
وليبيا !.. من
المؤكد أن أجهزة النظام تتابع
بدقة ما يتداوله الشباب السوري
على صفحات الانترنت
من مطالب إنسانية مدنية تتركز
على سيادة القانون المدني
وسريانه على جميع المواطنين دون
تمييز , والخروج من حالة الطوارئ
, وإنهاء تغول الأجهزة الأمنية ,
والسماح بالتعددية السياسية
والإعلامية .. ومما يبعث الأمل
ويدفع للارتياح أن جميع
النداءات على اختلاف مصادرها
ومشاربها أكدت على سلمية الحراك
الشعبي , ونبذ العنف والتخريب
والقلاقل , والابتعاد عن
الاصطفاف الطائفي والفئوي
المؤدي للفتنة .. وربما
تكون الفرصة الأخيرة أمام نظام
الرئيس بشار الأسد ليقوم بيده
بالإصلاح والتغيير بتلبية
مطالب الشباب السوري – وهو
أحدهم - وما هي بالصعبة ولا
الكثيرة !.. فهل يحقق ذلك فيجنب
الوطن بلاهة ابن علي , وحماقة
حسني مبارك , ودموية
القذافي !؟. أم لديه مشروع
آخر!؟.. لا ندري .. لكن
المثل العربي يقول : العاقل من
اتعظ بغيره !. ===================== الشعب
السوري قادر على أن يهزم
الطاغية مازن
كم الماز يخطأ
الطغاة دائما التقدير , لأنهم
ببساطة لا يفهمون , ما يفهمه
الطغاة أو ما يعتقده الطغاة هو
أن العصا تكفي دائما لقهر
الشعوب , يظن الطغاة أن الحياة
خلقت هكذا , سادة و عبيد , فقراء و
أغنياء , يخطأ الطغاة التقدير
أساسا لأنهم لن يفهموا أبدا ما
الذي يمكن لشعب مقهور أن يفعله ,
يعتقد الطغاة أن الجياع و
المقهورين يثورون , في أماكن
أخرى , بسبب ضعف في قمع و وحشية
نظام آخر , يخطأ الطغاة لأنهم
يعتقدون أن ما هو صحيح في أيام
الصمت و الخنوع , في زمن الركود ,
يبقى صحيح أيضا في زمن الثورة ,
يخطأ بشار الأسد اليوم إذا كان
يعتقد أنه و أجهزة أمنه و
بلطجيته و الجلادين الذين "يحمونه"
هم أقوى من الشعب السوري ... في
أيام الثورة , عندما تنهض الشعوب
, عندما ينهض العبيد , ينكشف ضعف
الطغاة و عجز كلابهم و مرتزقتهم
, ينكشف غباء الطغاة , و عجز
الطغاة و وهم الطغاة , بأن الذل و
القهر و القمع أشياء مثلهم ,
ستبقى إلى الأبد , نولد معها و
نموت معها , لكن العبيد يكتبون
اليوم قصة جديدة , ملحمة جديدة
للحرية في هذا الشرق و هذا
العالم , العبيد , الرعاع ,
السفلة , المقهورون , هم اليوم من
يكتب التاريخ لا الطغاة , و لا
جلاديهم و لا مجرميهم , خرج
السوريون اليوم و إنها مسألة
وقت حتى يرى بشار , و يفهم أخيرا ,
ما يمكن لشعب مقهور أن يفعله , في
زمن الثورة , زمن الشعوب الثائرة
, زمن ولادة حريتنا , لا مكان
للطغاة , في وطن من الأحرار
المتساوين لا مكان للطغاة , و
ليس أمام الطغاة إلا أن يرحلوا ,
فارحل يا بشار , جاء وقت الفقراء
اليوم , إنه تاريخ ثورتنا , و
حريتنا , فليس أمامك إلا أن ترحل
.... ======================== م.
محمد عادل فارس التربية
عملية يؤسسها المجتمع ويديرها ،
لأجل تعزيز ثقافته ، وتمتين
تماسكه . والمنهج التربوي من أهم
عناصر العملية التربوية . وفيه
تظهر ثقافة المجتمع وغاياته ،
أي عقيدته وتصوراته ، وقيمه
وأخلاقه ، واتجاهاته في الفعل
والتغيير . وتأثير
الثقافة في أي منهج تربوي نراه
في مواضع ومفاصل كثيرة من
عمليات إعداد المناهج ، ونواتج
هذه العمليات . ومن
أبرز المواقف التي يظهر فيها
تأثير الثقافة في المنهج ، موقف
اختيار عناصر محتوى المنهج
وأفكاره الكبرى . فكل عملية
اختيار لهذه العناصر ، لا بد أن
تتأثر بالترجيحات والقيم التي
يحملها واضعو المنهج ، بأشكال
صريحة واعية أحياناً ، وبأشكال
غير واعية ، أو غير صريحة ، في
أحيان أخرى. ومن
الطرق الفاعلة في تحديد الوجهة
الثقافية لأي منهج أن تدرس
العناصر التي ظهرت في عملية
اختيار محتواه ، وكذا العناصر
التي استُبعدت ، وهو ما صار يطلق
عليه في المصطلحات التربوية
المعاصرة: المنهج المُقْصى . وإذاً
فكل عملية اختيار تعبّر عن
ثقافة مرغوبة يحملها المنهج
المُقَرّ والمكتوب ، وكل عملية
استبعاد تعبر عن ثقافة غير
مرغوبة لدى واضعي المنهج ،
وتشكل المنهج المُقْصى ! . هناك
مثلاً قيم اجتماعية أو سياسية
تربّى عليها الأجيال ، وتظهر في
محتوى المناهج المدرسية .. ثم
يمرّ البلد بضغوطات خارجية ، أو
هيمنة جهات معينة على القرار ...فيكون
من مقتضى هذا أو ذاك ، تغيير تلك
القيم التي كانت تتبنّاها
المناهج . ولكنّ النص على قيم
مناقضة قد يثير الرأي العام ،
ويصدم الثقافة السائدة ... لذلك
يقوم واضعو المناهج الجديدة
باتخاذ موقف في منتصف الطريق ،
فيحذفون من محتوى المناهج ما
كان يحقق القيم المراد إلغاؤها
، من غير أن يستبدلوا بذلك محتوى
جديداً يحقق القيم التي يراد
ترويجها ... وقد يتمكنون من
التهئية النفسية والفكرية
للقيم الجديدة، عبر محتوى
المناهج ، أو عبر أنشطة مرافقة ،
كالرحلات المدرسية ، والكلمات
الصباحية ، والاحتفالات في
مناسبات شتى ، أو سلوكات ظاهرة
يقوم بها بعض أهل الحظوة
والنفوذ . ومن
المواقف التي نرى فيها تأثير
الثقافة ، عمليات تنظيم العناصر
التي تم اختيارها ، فترتيب
المعارف المقدمة في المنهج ،
وطرق ربطها معاً وتوظيفها ...
تتصل اتصالاً وثيقاً ببناء
الثقافات لدى الأفراد الذين
يقومون بهذه العمليات ، وتتدخل
في هذه العمليات تصوراتهم عن
العلوم التي يضعونها ، وعن
المجتمع الذي يعيشون فيه ، وعن
البيئة التي سيطبق فيها المنهاج
... وما يتبع ذلك من تصوراتهم عن
الغايات التي يريدون للتربية أن
تحققها ، واتجاهات التغيير التي
يريدون للمنهج أن يعزِّزها
ويقوّيها . ويتصل
بعمليات تنظيم العناصر
المختارة هذه ، كثير من الأسئلة
عن كيفية تأثرها بالثقافة ،
فأثر الثقافة قد يبدو في الحجم
والوزن اللّذين تحتلُّهما في
عناصر المنهج ( أهدافِه ومحتواه
... ) أي في مدى التركيز الذي
يوجَّه نحوها ، كما إنه قد يبدو
في مقدار تعميمها على الفئات
المختلفة من المتلقّين ( أو
التلاميذ ... ) ، بأن تُعَدَّ مهمة
لكل الناس ، أو لشرائح منهم فحسب
، وقد يبدو في تصنيفات هذه
العناصر وتبويبها ، بأن تعالج
بعض الظواهر في ميدان العلوم
الطبيعية أو في ميدان العلوم
الشرعية . ولمعرفة
أهمية عميات البناء والتنظيم من
حيث تأثيرها في الثقافة ،
وتأثُّرها بها ، يمكننا أن
نتبصَّر في ظاهرة واضحة في
مناهج التعليم السائدة في
بلادنا العربية والإسلامية
عموماً ، وهي وضع مادة مستقلة
بعنوان " التربية الإسلامية
" أو جعلها متسرِّبة في ضمن
مواد أخرى
( كالتاريخ واللغة العربية
والاجتماعيات ... ) ، أو تفريدها
إلى مواد متخصصة ( كالتلاوة
والتجويد والفقه والسيرة
النبوية ... ) ، فكل خيار من هذه
الخيارات يحمل رسالة ثقافية ،
هذا فضلاً عن المحتوى الحقيقي
والتفصيلي لهذه المواد ، ومدى
انسجامه مع المواد الأخرى
للمنهاج وترابطه معها . ثم
يظهر تأثير العامل الثقافي
بأشكال وصور مختلفة ، وقد وجد
فرع في دراسة المناهج يختص
بدراسة هذا التأثير ، ويحمل اسم
" تحليل المحتوى " وهو
أسلوب في الدراسات المرتبطة
بالوثائق والنصوص ، له فلسفته
وإجراءاته ، ويطبق وفق منحيين : المنحى
الأول : منحى كمّي يكشف توجهات
المحتوى من خلال التعرف على مدى
تكرار موضوعات معينة أو كلمات
معينة فيه . المنحى
الثاني : منحى نوعي يعتمد على
الغوص أكثر في معاني النصوص
والرسوم والأنشطة المرافقة ...
وما يحمله ذلك كله من قيم
وتوجيهات صريحة أو بالإيحاء ...
ويوازن بين ما يقصده الكاتب وما
يتلقاه القارئ من هذه المعاني . وبعد
هذا كله يمكن طرح سؤال مهم : إذا
وضع المنهاج في مراحله المختلفة
، وعناصره ، من أجل تحقيق غايات
ثقافية محددة ، فهل هناك ضمانة
لتحقيق هذه الغايات وتشكيل
الأفراد وفق التصورات التي قام
عليها ؟ . والجواب
: ليس هذا مضموناً ، لأن ما
تحدثنا عنه هو المنهج الرسمي
المكتوب فحسب ، أما ما يؤثر في
الأفراد المقصودين بالتربية
فهي عوامل متعددة ، لا يعدو
المنهج المكتوب أن يكون واحداً
منها . فالمدرسة مجتمع متكامل ،
له ثقافته الفاعلة التي تشكل
" المنهج الخفيّ " وهذا
المنهج – الخفي – يشكل اللوائح
والتعليمات والسياسات والتطبيق
الفعلي لها ، وكذا القيم
الفعلية التي تسود جو التلاميذ
والمعلمين ، والمجتمع المحيط . وهذا
الجواب يحل بعض الإشكالات من
مثل : لماذا تنشأ في نفوس
التلاميذ وسلوكاتهم بعض
المظاهر الإيجابية أو السلبية ،
التي لم يتعرض لها المنهاج ؟!
ولماذا تلحظ بعض هذه الظواهر في
مدرسة دون أخرى ، أو بلدةٍ دون
غيرها ؟! أو مرحلة تاريخية معينة
؟... إن على
الإدارة التربوية العليا أن
ترصد آثار المنهجين : المكتوب
والخفي، وأن تعمل على إلغاء
الفوارق والتّضاد بينهما ، وأن
تتعامل بإيجابية وواقعية
وجدّية مع العملية التربوية ،
فتُدخل التعديلات والإصلاحات
على المنهج المكتوب، وعلى
الإدارة المدرسية ... لتبقي ما هو
سليم نافع ، أو تستدركه ، أو
تعزِّزه ... وتعالج ما هو خاطئ
ومنحرف وقاصر . وقد تجد أن
العلاج يقتضي إعادة النظر ، ليس
في المنهج المكتوب فحسب ، بل في
تأهيل المعلمين والمشرفين
التربويين ، أو في إصلاحات خارج
نطاق المدرسة كلها ، تشارك فيه
مؤسسات أخرى غير المؤسسات
التربوية ، وذلك أن العملية
التربوية جزء من عملية تفاعلات
اجتماعية واقتصادية وسياسية .
والله الموفق وعليه التكلان . =========================== خطوة
سورية متأخرة ولكنها صحيحة بدرالدين
حسن قربي يُعتقد
أن هناك قراراً أمنياً صدر في
الأسبوع الأول من آذار/مارس
الجاري يقضي بإزالة صور الرئيس
السوري الموجودة عند مداخل
دوائر الدولة الرسمية والأمنية
وفي أماكن رئيسية من المحافظات
السورية والعاصمة دمشق.
وسواء أكان هناك قرار من
عدمه، فإنه قد لوحظ بالفعل
إزالة عدد من الصور الكبيرة
والمتميزة للرئيس الأسد الأب
والابن الراحلَين، وللرئيس
بشار نفسه من أماكن رئيسية في
العاصمة. وسواء
كانت تلك الإزالة الرسمية
إنفاذاً متأخراً جداً لرغبة
إصلاحية قديمة كانت للرئيس بشار
الأسد عام 2000 مع تسلّمه مقاليد
الحكم كأول رئيس يرث والده في
حكم جمهوريةٍ عربية، حيث أظهر
حينها كرئيس شابّ عدم رغبته
بكثرة الصور والتماثيل
والجداريات المنشورة في
الشوارع والساحات وفوق المباني
والعمارات، أو أن الإزالة كانت
فعلاً استباقياً سورياً
مدروساً ومحسوباً خوفاً من
تشويهها على يد الشباب السوري
الغاضب مع دعواته المتكررة
للتظاهر من يوم لآخر احتجاجاً
على سياسات القمع والتجويع
وشيوع الفساد، ومطالبةً بإصلاح
النظام أو إسقاطه، أو أن الجهات
الرسمية أيضاً شاهدت وتشاهد
كبقية الناس جميعاً ما تنقله
الفضائيات مع هذه الانتفاضات
امتهان هذه النصب والجداريات
والصور العملاقة التي صُرف
عليها الملايين من قوت الشعب
وهي تُكسّر وتُحطّم، أو تُضرب
بالأحذية والنعال أو تُمزّق
وتُشوّه في العديد من بلدان
العرب، ممن كان يُهتَف لأصحابها
قبل يومٍ واحد نفديك بالروح
والدم، وممن كانوا يُنعتون قبل
أيام قليلة بأوصاف العظمة
وتُطلق عليهم كل الألقاب
الفخيمة، وإذا الأمر بين يوم
وليلة، دقت فيهما ساعة الفرج،
أن لارجوع وإلى الأمام، وتحركت
فيها شعوبٌ تكدّس في أعماقها
امتهان وإذلال عشرات السنين،
وتراكم فيها الإفقار والتجويع
لعقود، فإذا هو غضب ساطع
وتسونامي أمة، يقتلع محتقريها
وناهبيها ومجوّعيها مابين
راحلٍ ومُتنحٍّ ومتنّحٍ
ومتنحنحٍ واحداً من بعد الآخر،
وحالُ الجميع - مَنْ مضى منهم
ومن ينتظر - أوهام ومزاعم، أن
بلده ليست ذاك البلد، وأن شعبه
ليس ذاك الشعب وأنه ليس كذاك
الرئيس، بل شعبه ملتف حول
قيادته، وقيادته في خدمة الشعب،
والشعب والقيادة بين لاففٍ
وملتفٍ وملفوف. عموماً،
مهما كان سبب الإزالة فهو خطوة
في الاتجاه الصحيح، نأمل أن
تكتمل قريباً على أية حال لرفع
كل مظاهر الشخصنة والتقديس
للفرد في حياتنا العامة مما
لاعلاقة له بمظاهر الدولة
المدنية المتحضرة.
أما تساؤلات البعض من أصحاب
النوايا السيئة على النظام بأن
أمراً مثل هذا احتاج أكثر من عشر
سنين ليأخذ دوره في الإنجاز،
فكم نحن محتاجون لعمل إصلاحات
حقيقية دستورية مرتبطة بإطلاق
الحريات واعتماد دولة المواطنة
والقانون وإلغاء حالة الطوارئ
ومظاهر العسكرة والرعب من حياة
الناس والتعامل الأمني معهم
ومحاسبة لصوص المال العام
والنهوض بالاقتصاد والقضاء على
الفقر والبطالة..!؟ فبعض الجواب
كان في كلام للرئيس الأسد بأنه
سيشرع في إصلاحات سياسية
واقتصادية، وإنما لكي نكون
واقعيين علينا ان ننتظر الجيل
القادم لتحقيق هذا الإصلاح. وعليه،
فإننا أمام تساؤلات مشروعة
وإجابات بإصلاحات موعودة،
بعضها متأخر، وكثيرها ينتظر إلى
الجيل القادم، ودومينو تساقط
الأنظمة العربية القمعية
والأمنية مستمر فيما يبدو ولن
ينتظر المتأخرين، بل ولن يرحم
المراهنين على توقف هذا التساقط
عند الرئيس الليبي وعائلته بما
يرتكبونه بحق أهلنا وشعبنا من
مذابح ومجازر وقصف لهم
بالطائرات والدبابات، فرهانهم
وإن دعموا القذافي وأولاده
وأيّدوه وساندوه خاسرٌ خاسر،
وجهدهم في رمي حبال إنقاذ له أشد
خسارة، وإنما هل من مدّكر..! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |