ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أين
أنتم يا قادة المعارضة في
الخارج؟ د.منير
محمد الغضبان هذا
يومكم، كنتم تحدثون العالم عن
الاستبداد في سورية ، وجرائم
النظام ، وتقولون لكل مؤسساته
وأنظمته . هذه هي رغبة الشعب ، أن
يغير نظامه الآسن الفاسد ،الذي
يحمل أكبر عارين في تاريخ سورية
: العار
الأول : أقدم قوانين الطواريء في
العالم عمره تسعة وأربعون عاما
ويستحق دخول غينيتس بذلك ، كما
استحقها من قبل في احتوائه أكبر
أسير في العالم وأصغر أسير ،
وهذا يعني أن سورية تحكم بلا
دستور ، وبملذات وأهواء
الحاكمين . العار
الثاني : استمرار استعباد الحزب
للشعب بمادة دستورية ، هي
المادة الثامنة من النظام والتي
تقول : أن الحزب ( البعث العربي
الاشتراكي ) قائد
الدولة والمجتمع ، ويقود جبهة
تقدمية لتحقيق ذلك ، وذلك منذ
أربعين عاما خلت ، وكما قالت
فرنسا حين أعلنت الانتداب على
سورية ووراءها الأمم المتحدة أن
الانتداب هو التهيئة الشعوب
المختلفة لحكم نفسها . غير أن
الانتداب الفرنسي استمر خمسة
وعشرين عاما ، واقتنعت فرنسا
والعالم أن الشعب السوري قادر
على حكم نفسه ، ونالت سوريا
استقلالها بعد ربع قرن . أما
دستورنا فقد مر عليه أربعون
عاما مثل حكم صديقه القذافي
المجرم ، ولم يبلغ الشعب رشده
عند حاكميه وطواغيته وجلاديه . لكن
العالم لم يكن ليصدقكم يا قادة
المعارضة أن الشعب السوري قد
بلغ رشده لأنه لا يسمع منه حسا
ولا همسا ولا نأمة . وبقيت
معارضتكم في الهواء بدون
مصداقية . فما
بالكم اليوم نائمون ، وكل يغني
على ليلاه ، ويغرد على فننه خارج
السرب ، والشعب يريدكم الآن ،
وقد قرر ثورته السلمية ، وأنتم
رسله إلى العالم الواحد ،
تسمعون صوته لكل دول العال
وشعوبه ، لقد سبقكم واستجاب لكم
. وأعلنها
ثورة سلمية ، غير فيها الطاغوت
في الثالوث المقدس للنظام
السوري باستبداله بالحرية الله
سورية ، الحرية وبس وذلك
يعد أن كانت : الله ..
سورية .. بشار وبس يا
قادة المعارضة .. لست بصدد
تذكيركم ، فهمُّ المعارضة جاثم
في صدوركم ، ولكن أدعوكم إلى عقد
مؤتمر للمعارضة في إحدى الدول
الأوروبية . مؤتمر
لا يستثني أحدا من المعارضة ،
ذلك المؤتمر الذي يدعو حتى غير
العاملين بالسياسة من علماء
ومثقفي سورية . أما
الزمن فلا يجوز أن يتجاوز
أسبوعين ، لأن الزمن لا يرحم
،والنظام ماض في قمعه وإصدار
أحكامه الاستثنائية المضحكة
المهزلة ، خمس سنوات سجن لأنه
يسيء إلى سمعة الدولة ، أما
الذين يبيعون وطنهم في الجولان
، ولا يحركون ساكنا خلال أربعين
عاما منتظرين صدقة إسرائيل
عليهم به ، فهؤلاء الأبطال
الصناديد .\ فاحتلال
الجولان مرافق للنظام الفاسد ،
النظام الأسدي الذي استمر واحدا
وأربعين عاما يحمي حدود إسرائيل
من أي طلقة رصاصة ضدها فهؤلاء
يستحقون البقاء في الحكم ،
لأنهم وحدهم القادة والعقلاء :
وذلك بعبقرية وزير الدفاع في
حرب الجولان والذي كوفيء برئاسة
الجمهورية بهذا النصر العظيم
الذي حققه ، وأما
المدعوون : كما ذكرنا كل أطياف
المعارضة بلا استثناء . وأما
الهدف : فهو إسماع العالم كله
صوت المعارضة الموحدة ، التي
تلتقي كلها على تغيير النظام
الشمولي الدكتاتوري المستبد ،
بنظام ديمقراطي ، ودولة مدنية
يتساوى فيها المواطنون
بالمواطنة ويحتكم فيها إلى
صندوق الاقتراع ، بيان بأقل من
نصف صفحة يوزع على سفارات
العالم ، وعلى المؤسسات
الحقوقية فيه ، وعلى الأمم
المتحدة ، يعلن أن قيادات
المعارضة قد سارت وراء الشعب في
تحقيق أهدافه كما فعل الرواد في
ثورة مصر العربية ، وأن ينبثق عن
هذا المؤتمر أمانة عامة . وناطق
باسمه لتحقيق وتبلغ هذه المطالب
. وإسكات تلك الاهانة الموجهة
إلى المعارضة بتفككها وضعفها
وخلافاتها. . وأنا أدعو شيخ
المعارضين السوريين في العالم
الأستاذ عصام العطار ليقوم بهذه
الدعوة فهو بالقدم محروم من
وطنه منذ قرابة نصف قرن . دعوة
إلى حلف فضول جديد : أن لا يقر في
مكة ظالم .وهنا أن لا يقر بسورية
ظالم لأن حرب الظلم مبدأ إنساني
وضعه رب العزة جل جلاله كما في
الحديث القدسي : إني حرمت الظلم
على نفسي وجعلته بينكم محرما
فلا تظالموا ،وفي قوله تعالى (
ولا تركنوا إلى الذين ظلموا
فتمسكم النار ومالكم من دونه من
أولياء ثم لا تنصرون ) فهل من
مجيب؟ _________ *باحث
إسلامي سوري =========================== يا
أهلنا في سورية الحبيبة : رفعتم
رؤوسنا جلال
/ عقاب يحيى أناديكم
.. أناديكم أشدّ
على أياديكم وأبوس
الأرض تحت أقدامكم.. وأقول
أفديكم هذا
لسان حال مئات آلاف، بل ملايين
المهجّرين، المنفيين قسرياً،
الهاربين من القمع والمسخ،
الباحثين عن لقمة العيش النظيفة
والهواء النقي، وبين الدهشة
والإعجاب ينحنون شكراً لكم
شعبنا السوري العظيم.. لقد
فعلتموها.. فدشّنتم بداية مرحلة
جديدة كانت كالحلم البعيد
البعيد، وإذ بها بين أيديكم،
وفي قبضة عزائمكم وإرادتكم ..
إنهم يرنون إليكم بقلوبهم
ومشاعرهم، وعمر الأمل . طويلة
طويلة أعوام الانتظار المميت،
وأطول منها يأسنا من شعبنا ومن (قابلياته)
على (التمرد) لإعلان الحياة،
ولإثبات أنه ما زال ذلك الشعب
الحيوي الحضاري الذي كان في
مقدمة شعوب الأمة وملهمها ثقافة
ونشاطاً وحراكاً سياسياً أسهم
في نهوض المنطقة ووضعها في مدخل
العصر ، وحادي ركبها إلى
الديمقراطية، والوحدة،
والحداثة، والتغيير .. منذ
مجزرة حماة وشعبنا أُجبر على
دخول قمقم المفروض الجهنمي،
هناك حشروه بقوة القتل والتخويف
والموت المعمم ومنظر الجثث
ورائحة الإبادة، والتخويف
المنهّج، ثم قاموا بعمليات غسل
الذاكرة، وتدجين الإرادة، وبث
أخلاق النفاق والمجاملة وزاد
الرعب، وأساطير تفوّق ممالك
التأبيد، بواقع نشر الإفساد
المخطط، وتحطيم الطبقة الوسطى
لصالح صعود شراذم الطغم من
أوساط النظام وأقربائه ليعيث
فساداً وتبجّحاً، حتى إذا ما
فًرض التوريث وسيطر التأبيد
ابتعد الناس عن أي اهتمام
بالشأن العام، وبالعمل
السياسي، وقد شقلبوا بنية هذا
الشعب العظيم الذي كان رائداً
في أمته، خاصة في تقدّم صفوف
الحداثة والديمقراطية والتداول
السلمي على السلطة، والذي كان
شديد التعلّق بأمانيها
وقضاياها، والانخراط بالعمل
السياسي، وقد عبّر عن ذلك
الرئيس السوري الراحل(شكري
القوتلي) عند قيام الوحدة
السورية المصرية وهو يقول
للزعيم عبد الناصر(إني أسلمك
مقادير أربعة ملايين مسيّس، أو
زعيم) وكان ذلك هو عدد الشعب
السوري آنذاك.. بينما قبَر
الاستبداد تلك الطبيعة وما
حملته من أحلام، ومن محركات
وحلّ الصبر والبيات والخوف
مكانها حتى صرنا ماركة خاصة
مسجلة باسم النظام الأسدي( الم
يختصروا ويقزّموا سورية
العريقة بسورية الأسد ؟؟)،
وموضع تندّر غيرنا من الأشقاء،
خصوصاً بعد الزلزال العربي.. حين
بدت الساحة السورية وحيدة في
صمتها و(عادية) معهود زمن
العقود، تزيدها قرفاً تصريحات
أهل النظام العنترية عن وضعهم
المستقر، وعشق الشعب لرئيسه،
وعن اختلاف الوضع عن تونس ومصر
والبحرين، وحتى ليبيا، وكأنه
غير مستبدّ وكأنه منتخب من
شعبه، وكأنّ الشعب هو من اختاره
بانتخابات حرّة، وكأنّ شعبنا لا
حقوق ولا أمال له، ولا حسّ ولا
مشاعر كبقية شعوب الدنيا . والحق
أن الحزب الواحد، وعقلية الأنا
الأحادية الشمولية التي أرست
قوائمها الانقلابات العسكرية،
ثم موضعتها الوحدة المصرية
السورية، وأطلقت لها العنان
حركة الثامن من آذار 1963 بعد أن
أدلجتها وأدخلتها فرن التثوير،
ومقولات العنف الثوري، والحزب
الواحد القائد، والديمقراطية
الشعبية المعلبة مكان الحريات
الديمقراطية الاجتماعية
والاقتصادية.. حتى إذا ما انقلب
الأسد على رفاقه أبّدها منذ
الأيام الأولى بالارتكاز على
القوة نهجاً وسبيلاً، والقوة هي
الأجهزة الأمنية الأخطبوطية،
ومن خلفها تركيز المؤسسة
العسكرية بعد القبض على مفاصلها
وغربلتها من جميع الوطنيين
المخالفين، أو الذين لا ينتمون
لأدلجة الفئوية التي فرضها،
واستخدام العنف الأعنف في
التعامل مع أي رأي مخالف، وفتح
أشداق التصفية والاعتقال
المفتوح، والمجازر الجماعية،
وخنق ومطاردة أدنى الأفكار
المخالفة، بما في ذلك اغتيال
رموز وطنية في الداخل والخارج
وترويع البشر بنصب المذابح
شواهد ماثلة، وتعميم أفكار
التصفيق والتلفيق والتزويق بما
يفرّغ حزبه وحلفائه في الجبهة
الشكلية، ومن ثم إلى عموم الشعب
الذي لم يمنح أي حق سوى المشاركة
في المظاهرات الرسمية، وترداد
المعزوفة الممجوجة عن القائد
الأبدي، وصفاته الخارقة،
واختراق جميع النقابات
والوزارات بجيوش المخبرين
ومرتزقة التقارير وخونة الضمير
المهني والوطني والأخلاقي . وكما
ورث الوريث الحكم بقوة سطوة
وتحضير الأب وطغمته، ورث الإرث
كله، وأوله، وأساسه : ركائز
النظام، ونعني بها بالتحديد :
أجهزة القمع والفتك والتخويف
والترويع، واعتماد القوة نهجاً
في التعامل مع الشعب والقوى
المعارضة، والسجون المفتوحة
الأبواب على أحكام مقررة سلفاً
وبتهم تثير السخرية والقرف في
ظل الأحكام العرفية وقوانين
الطوارئ المؤبّدة، إلى جانب
تعميم الارتزاق والانتهازية
وتفريغ الضمائر والعقول مقابل
ملء الجيوب بالأموال المسروقة،
وتعميق آلية الفساد كنوع من
المسك برقاب أقرب المقربين ثم
شحشحطتهم وشرشحتهم في الوقت
المناسب، أو إذلالهم لضمان
خنوعهم وركوعهم، ولا مانع من
تقديم بعض كبوش الفداء والتدليس
كلما انزنق النظام وازداد فحيح
الفساد انتشاراً . الوريث
المختلف في التجربة والتكوين،
والذي يعيش زمناً آخر بالتأكيد
غيره زمن مجزرة حماة الرهيبة..لا
يختلف بالجوهر عن المورّث،
وخطوطه الحمراء تركة أخطبوطية
تتجاوز ما يعتبره البعض قيوداً
على نوايا الرئيس الشاب
بالإصلاح، إنها التركيبة التي
يستحيل المساس بأركانها، وبعبع
الخوف كابوساً من الانهيار إذا
ما ارتخت القبضة الأمنية
الشديدة، وفزاعة الإسلاميين،
والإخوان المسلمين، بالتحديد،
حاضرة للحقن والتخويف
والتصدير، واستجلاب المبررات،
والدعم الخارجي، ومحاولة تزويغ
الأبصار عن وجوده، وعن حقوق
الشعب الأساسية ..بينما التلميح
الضمني بالحرب الأهلية أغنية
باهتة أسقطها شعبنا في توجهاته
وطبيعته، مثلما فضحتها أطياف
المعارضة كافة الحريصة على
الوحدة الوطنية، حدقات العيون،
أسّ التغيير الديمقراطي ودولة
المواطنة التي يتساوى فيها
الجميع أمام القانون . **** ولأننا
لم نر بارقة أمل في إمكانية
تحرّك شعبنا رحنا نكثر من
مقالات التحليل والتركيب . كنت
أعي، وما زلت معوقات حراك
شعبنا، وكمّ الخوف المعشش في
الأعماق، وقدرة الأجهزة على
اختراع نخاع البشر، وما أحدثته
عقود التفريغ والفتك والترويع
والإشاعة عن القدرات الخارقة
للنظام وأجهزته السرطانية
البطاشة في حياة واهتمامات
المواطن، وأثرها على قوى
المعارضة ومعاناتها الكثيرة،
ودور فزاعات التخويف، وبعابع
التخوين، ودجل الشعارات
والعبارات الكبيرة، وما تضخّه
الأجهزة من وسائل تخويف وردع
وتحرّش.. والشواهد التي يتمّ
استحضارها كثير.. من مجازر حماة
والمدن السورية الأخرى، إلى
مجزرة سجن تدمر النوعية، ومزّة
الرمز والموت والتصفية والقتل
المباشر والبطيء، إلى ما حلّ
بربيع دمشق، ورايات إعلان دمشق..
وصولاً إلى طل الملوحي وتركيب
فضيحة وطنية وأخلاقية لها.. إلى
قوائم المعتقلين وما حصل لهم
ولعائلاتهم وأقربائهم ..إلى
التلويح بما جرى للعراق ومحاولة
الزجّ بهذه المقاربة كمانع
إضافي مخوّف من أي تغيير .. لقد
أكثرنا التحليل في عوامل
الأزمة، وانعكاس الأزمة على
الشعب السوري.. وعندما أحدثت
تونس المفاجأة، والتقطتها مصر
الكنانة، واشتعلت عديد الساحات
بالانتفاض والثورة.. كنا نصاب
بالحسرة والكآبة، فنخلط
الأحلام بالرغبات، وتكثر لوّات
الانتظار، وكتابات الوعود،
والخوف كبير أن تبقى ساحتنا
ساكنة هادئة وكأنّ كل شيء عندنا
مظبوط، مضبوط، مربوط بالنظام..
حتى كان الخامس عشر من آذار.. يوم
دقت تلك الكوكبة الشامية عنق
اليأس.. فتغنى الأموي أمجاد
العرب السالفين، يعانق الأيوبي
فينبثق العهد بفجر قادم يردده
الشرق في دير الزور فتستجيب
الحسكة والقامشلي، وتهمس المدن
والأقضية والقرى بهذا الوافد
الجديد الذي يرفع الرؤوس، ويجعل
العيون ترنو إلى غد آخر يلتحق
فيه شعب سورية بأشقائه في ديار
العرب الثائرة فيضيف إليها
شيئاً من إبداعه، كما كان شأنه
في تاريخه العريق . كنت
أضع اليد على القلب من ألا تكون
هذه الهبّة يتيمة، لذلك رفضت
المغالاة فيها، وربما آخذت
المبالغة باعتبارها انطلاق
الثورة السورية، وعشت، كما
ملايين السوريين، سهاداً
تتعاقب فيه المخاوف بالأماني،
حين يحدث اختلاط الوعي
بالعاطفة، والخوف مشروع من
الجنوح إلى المبالغة، وبالذهن
طرفي المعادلة : النظام
المستنفر الذي يستعرض عضلات
قوته و(تميّزه) عن غيره من نظم
الاستبداد الشقيقة، والشعب
المتلهف لفرصة التعبير بوابة
التغيير .. حتى كان يوم الجمعة
العظيم.. يوم حلقت شامة الدنيا
كعهدها في مفاصل التاريخ
ومنعرجاته: أم المدن والعواصم
فوق خوفنا، وأعلنت عزفها
المنفرد من أوابد عرشها الأبدي :
الجامع الأموي والحميدية
والحريقة.. وإذ بالبشارة حداء
متسقاً تردده العديد من المدن
السورية : حمص العادية، بلد
الوليد في جامع الوليد خالد،
وبانياس الاستحقاق المنظم وهي
تحتضن موج الحرية فتردد النشيد
الموحّد (( الله . سورية وبس)) و((
حرية .. حرية))، و(( الشعب السوري
ما بينذل))، وقبلها دير الزور
المشعل والمرجل، والحسكة
والقامشلي.. وإذ بدرعا تصالح
التاريخ فتعانقه بقوة وحميمية،
فتهتز أرجاء التراث : هنا بصرى
الأبدية، وهنا غساسنة
اليعربية، وهنا المضاء دماً
غزيراً يدفع الضريبة الأولى :
شهداء شباب واجهوا بصدور عارية
رصاص الإجرام، فيئنّ جبل العرب
الجار، ويهمس بني معروف بكلمة
سرّ الثورة السورية، ترددها
روابط الوطن، فتتمعن حماة
الجريحة في لحن النواعير الحزين
وقد بدّلت نغماتها وكأنها تئنّ
للجرح الجديد في حوران، وتعد
بتصميم الرجال الذين اشتهروا
بالبطولة وحب الوطن، فتسمع
سلمية النداء ويتأهب الشباب
لليوم الموعود، فقد وصل النداء
محردة والصقيلبية ومصياف ووادي
النصارى والنضارة حيث تلتقي
الروافد في حمص العدية حين
يمتشق خالد بن الوليد سيق الحق
وقد اعتلى الأكتاف منادياً :
الآن الآن أوان الحق، وانتقل
إلى طرطوس وبانياس فاستقبلته
جبلة بالأماني، وفي اللاذقية
احتضن الموج الأحبة وأفكار
الأمة فانتشى وهو يزيل فزاعة
الفزاعات ويعلنها كصالح العلي :
وحدة وطنية فوق الجميع، كما هو
الوطن الملاذ والرابط والغاية،
وفي إدلب تطهّر بندى قبور شهداء
سابقين، فصاحت حلب الدنيا : إني
هنا.. أم نسيتم فأنا المدّ
والمداد، وشريان القلب، ودير
الزور ترمي سهام التشكل فترتوي
البوكمال والميادين شهامة
ومروءة، وفي الرقة ينساح الفرات
فراتاً عطشاً للري والارتواء،
وعندما تصل الحسكة يقف التعانق
القومي الديني شاهداً على وحدة
التراب والمواطنين، فيأتيه
المدد من القامشلي وعامودا وعين
العرب.. وتصرخ القنيطرة
بجولانها(عروس سورية) : إني
التواصل والحلم، وحوران الشقيق
التوأم، والحلم بالتحرير يرسمه
غد الشعب المتحرر وليس أطنان
الشعارات والأقوال المرتجفة،
المساومة .. تكثر الروافد وإذ
بنهير الشعب يتجه إلى بردى
لتغذيته بعد أن دنّسته وجففته
عهود القتل والتلويث والنهب
والقحط.. يكبر النهر ويمتدّ،
فيقترب الحلم يلامس شغاف
القلوب، ويصبح العقل ملزماً
بالتفكير الجاد : أخيراً عملها
شعبنا العظيم . فعلها ولن يتراجع
. ***** فعلها
شعبنا السوري.. إنه يدشّن مرحلة
التغيير، يدخلها بتواتر مرتبك،
كالقطرات الصافيات، لكنه يحمل
التصميم، ودماء شباب درعا
البطولة تبدأ النشيد : حماة
الديار عليكم سلام أبت أن تذلّ
النفوس الكرام والنفوس
الكريمة لن تقف عند الثأر للدم
المسفوح ظلماً ووحشية، ولن
تقنعها أضاليل النظام بتشكيل
لجنة تحقيق، وما أكثر لجان
تحقيق الاستبداد في جرائمهم،
وما أكثر ما كذبوا وراوغوا، وما
أكثر ما فضحوا زيفهم والكل يعرف
أن نملة في بلطجياتهم لا تتحرك
أبداً ولا تطلق رشّة ماء دون
قرار صريح من محتكري القرار،
ودون ضوء أخضر وأحمر من أهل
الشأن، أصحاب نهج امتهان الشعب
والاستخفاف به وبتطلعاته، فكيف
بمن يطلق الموت رصاصاً قاتلاً
؟؟!! . على
العكس، فالقتل في درعا بعض فيض
النظام، وهو مجرد(بروفة) صغيرة
لما يتوعّد به النظام من يتجرّأ
على قول لا والخروج بحثاً عن
الحرية . إنه النهج المعتمد منذ
عقود، وهو فزاعته المجرّبة
لإخراس صوت الشعب، وقبر أمانيه..
لكن
الدم لن يذهب هدراً، سيكون وقود
القادم : إعلاناً سورياً بأن
جدران الرعب تتهشّم، وأن الشعب
يدخل الميدان، وسيتعاظم وجوده
وفعله حتى انتزاع حقوقه . نعم ..
الشعب السوري بدأ خطواته الأولى
في دفن نعش الخوف، وسيزداد
تقاطراً ودماء شباب درعا
مشعلاً، ومنارة، وحافزاً .. ========================== بدرالدين
حسن قربي رجع
الربيع بنوره ونوّاره، وروحه
وريحانه بعد غياب طال لأربعين
عاماً، جفّف فيه قساة القلوب من
ظالمينا وفاسدينا سحر الحياة في
شام العزّ والإباء. رجع الربيع
فرحاً للأمهات وبهجة للثكالى
وأملاً للأيتام وحرية للحرائر
والأحرار، وسروراً لكل أنصار
الحياة محبة ومودة وعطاءً
وتضحية، وعبقت أجواء الشام
وسماواتها بعبق الياسمين
وروائح أزهار الورد والمَحْلَب
والكرز. وبدأت الانتفاضة
السورية في الشام، في الوقت
الذي تُكمِل فيه الانتفاضة
الليبية شهرها الأول وهي في
مواجهة مسلحة بين طرفيها الشعبي
المقموع والمضطهد لعدة عقود،
والرئيس القذافي القامع
والفاسد، والذي يتعامل مع شعبه
باعتباره طائفة من المهلوسين
والمخدرين والجرذان والمقمّلين.
وليس سرّاً أن الطرفين يدخلان
شهرها الثاني وكل منهما يبحث عن
مخرج ويبحث عمن يساعده ويؤيده
ويدعمه في موقفٍ من قول أو عمل.
ولئن كان القذافي بأولاده
ومرتزقته يريد الاستمرار فإن
الشعب الليبي صنع ثورته واتخذ
قراره بالخلاص من جلاده، أن
لارجوع وإلى الأمام. ولئن وُجد
من يدعم الديكتاتور ضد شعبه
بالمواقف والسلاح والطيارين
والمرتزقة من العرب وغيرهم ممن
أشار إليهم سيف القذافي نفسه في
أحاديث مختلفة، فإن شعبنا
الليبي وجد من يناصر قضيته
العادلة وحقه في الحياة الحرة
الكريمة. وأعرض هنا لثلاثة
مواقف إنسانية لافتة لمن ربطتهم
علاقة ما مع القذافي وأولاده. نجمة
من أهل الطرب والفن قالوا عنها:
لعلها لاتريد أن تأكل الحرام أو
تأخذ أموالاً مشبوهة، أو أنها
تريد التكفير عن لقائها سفّاحين
مجرمين قتلة لم تكن عرفتهم بعد.
قد يكون السبب كل هذا مجتمعاً أو
بعضه أو غيره، فربكم أعلم بما في
نفوسكم، وإنما الذي يعنينا أن
نجمة البوب نيللي فورتادو
الكندية أثبتت أنها أخت رجال
وبنت أصول ونخوة كما يقال عندنا
نحن بني العرب، حيث أعلنت انها
تلقت عام 2007 مبلغ مليون دولار
للغناء أمام أفراد من عائلة
الزعيم الليبي معمر القذافي مع
مدعوين معهم لمدة 45 دقيقة في أحد
الفنادق الإيطالية. ولكنها بعد
أن عرفت طبيعة هالأسرة الكريمة
من خلال مجازرها وتوحشها في
مواجهة الشعب الليبي، فقد وعدت
بالتبرع بهذه الأموال لجمعيات
خيرية للتخلص منها. وكي لايزعم
أحد بانفراد المغنية الكندية
بموقفها أيضاً، فقد أعلن مدير
جامعة لندن البريطانية سكول أوف
إيكونوميكس الشهيرة، هاورد
ديفيس، الخميس الثالث من آذار
مارس 2011 استقالته من منصبه بسبب
العلاقات التي تربط الجامعة
بأسرة الزعيم الليبي معمر
القذافي. وقال ديفيس في بيان له
بإنه قرر التخلي عن منصبه بسبب
الضرر الذي لحق بسمعة الجامعة،
هذا وقد أعلنت الجامعة مسبقاً
قطع كل علاقاتها مع سيف بن
القذافي وأنها ستخصص الهبة
المالية لتقديم منح لطلبة من
شمال إفريقيا. أما عن حقوق
الإنسان، فلمن لايعلم فهناك
جائزة سنوية في ليبيا باسم
القذافي لحقوق الإنسان. تمّ
منحها للسيد رجب طيب أردوغان
رئيس وزراء تركيا، وقلده وشاح
الجائزة العقيد القذافي في حفل
رسمي يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر
2010، تقديراً لمواقفه الشجاعة في
نصرة قضية الشعب الفلسطيني،
وإنحيازه للفقراء والبسطاء من
الناس. بالتأكيد،
لاأزعم أن السيد أردوغان على
علمٍ بمجزرة سجن أبوسليم
الليبية في إحدى ضواحي العاصمة
طرابلس عام 1996 التي راح ضحيتها
نحو 1200 من سجناء الرأي بدعوى
تمردهم داخل السجن لمطالبتهم
بشروط اعتقال أفضل ومحاكمة
عادلة وحقهم في تلقي الزيارات،
فنفّذ النظام القمعي والوحشي
مجزرةً بحقهم في ساعتين أو ثلاث
ساعات، وحاول طمس هذه الجريمة
بدفن جثثهم في مقابر جماعية
متفرقة داخل السجن وخارجه،
ولكني أزعم أن هذه المجزرة كانت
أحد أبرز القضايا التي ألهبت
مشاعر الانتفاضة الليبية، لأن
اعتقال النظام الليبي للمحامي
الموكّل عن أهالي الضحايا أشغل
الغضب، فرغم إطلاق سراحه أيضاً
قبيل يوم واحد من اليوم المحدّد
للاحتجاجات في الجماهيرية
العربية الليبية الشعبية
الاشتراكية العظمى، فإن هذا لم
يمنع أن يشتعل فتيلها على أمين
القومية العربية وملك ملوك
أفريقيا نتيجة قمعه الوحشي طوال
عهده لعشرات من السنين، وأن
يثور بركانها لحرق الأخضر
كتاباً ودجلاً واليابس أخلاقاً
وفلسفةً من محتقريها وناهبيها
ومجوّعيها. وعليه، وإن كان يؤخذ
على الحكومة التركية موقفها
تجاه الانتفاضة الليبية في وجه
الإبادة الجماعية والتوحش
القذافي أياً كانت أعذارها،
لأنه مخيّب للآمال ودون المنتظر
منها بكثير بالمقارنة مع
مواقفها تجاه الانتفاضة
المصرية، ولكن مايؤخذ على
رئيسها الطيب أكثر وأكثر، فهو
موقفه وصمته غير المبرر عن ردّ
جائزة لحقوق الإنسان من حيث
جاءت أعطيت له قبل شهور ثلاثة،
لا لأنه لايستحقها بل لأن طرفها
الآخر جزّار لشعبه، ويتهددهم
بالإبادة الجماعية، وبعيد كل
البعد عن معاني الإنسان وحقوقه،
. نتفهم
تماماً أن يكون للسياسة مواقفها
وأخلاقياتها الناشفة التي
تعتمد المصالح ابتداءً
وانتهاءً فهذا حالها وطبيعتها،
ونتفهم أيضاً أن السيد أردوغان
أحد دهاتها وأرطبوناتها، ولكن
مما لاشك فيه أن قليلاً من القيم
والمبادئ معها يصلحها كما قليل
الملح يصلح الطعام، وكي لا يقال
انقطعت النخوة وانعدمت المروءة
عند أهل السياسة. ========================= غرفة
التجارة الأمريكية بواشنطن
ترعى مؤتمرا فى مصر ضد
التعديلات الدستورية محمد
سيف الدولة نظم
مركز المشروعات الدولية الخاصة
التابع لغرفة التجارة
الأمريكية بواشنطن بالتعاون مع
جريدة المصري اليوم مؤتمرا حول
التعديلات الدستورية ، انعقد فى
فندق جراند حياة فى الفترة من 4
الى 7 مارس . ولقد
قام المؤتمر بإصدار عدد من
القرارات ، تم تسليمها الى
المجلس العسكرى من قبل لجنة
مصغرة مختارة ، وفيما يلى نصها : ١-
رفض التعديل الدستورى من حيث
المبدأ، ورفض جميع الإجراءات
المرتبطة به سواء فيما يتصل
بالمواد التى طلب تعديلها والتى
طلبها قبل ذلك رئيس الدولة
السابق وكذلك موعد الاستفتاء . ويهيب
المؤتمر بجميع الناخبين - إذا ما
أصر المجلس الأعلى للقوات
المسلحة على إجراء هذا
الاستفتاء – بالذهاب إلى
صناديق الاقتراع والتصويت ب«لا»
دون أى إضافات حتى لا يبطل الصوت. ٢-
إصدار إعلان دستوري ينظم
الأوضاع السياسية فى الفترة
الانتقالية. ٣-
انتخاب جمعية تأسيسية لوضع
دستور جديد يشارك فيها جميع
أطياف المجتمع المصري على أن
يتولى أساتذة القانون الدستوري
الصياغة النهائية لهذا الدستور
والذى يجب أن يركز على دعم مبادئ
الثورة المصرية وتحقيق الحرية
والعدل الاجتماعي . ٤-
انتخاب مجلس رئاسى تشارك فيه
القوات المسلحة ويقوم بوضع
خطوات تفصيلية للمرحلة
الانتقالية. ٥-
استمرار المجلس الأعلى للقوات
المسلحة ، بالتعاون مع المجلس
الرئاسى، فى إدارة شؤون البلاد
خلال المرحلة الانتقالية ، وعدم
الالتزام بفترة ال٦ أشهر
التى وصفها قيدا عليه وعلى
الأمة لإنهاء دوره ، وذلك حفاظا
على الثورة ولضمان عدم تفريغ
القوى المعادية للثورة من
مضمونها واختطاف مكاسبها . ٦-
أهمية قيام جهاز الشرطة بممارسة
دوره فى حفظ الأمن والاستقرار
الداخلى وإنهاء حالة الفوضى
والانفلات الأمنى فى الشارع
المصرى، مع التأكيد على ضرورة
الحفاظ على هيبة هذا الجهاز فى
ممارسة دوره المحصور بالشرعية
الدولية لحقوق الإنسان، لاسيما
ونحن مقبلون هذا العام على دعوة
الناخبين للاقتراع ٤ مرات. ٧-
على الرغم من أن معظم الأعراف
مرتبطة بالتحول الديمقراطى
تسير فى اتجاه عقد انتخابات
برلمانية تليها انتخابات
رئاسية، فإن الواقع يشير إلى
ضرورة إجراء انتخابات رئاسية
قبل البرلمانية ضمانا لعدم وثوب
القوى المعادية للثورة مرة
أخرى، وإمعانا فى تقوية الأحزاب
السياسية القائمة والجديدة. ٨-
اختيار لجنة مصغرة من السادة
الحضور لتسليم قرارات هذا
المؤتمر إلى المجلس الأعلى
للقوات المسلحة. * * * انتهى
الخبر ولكن
تبقى لى توضيح واستفهام مشروع . أما
التوضيح فهو عن طبيعة عمل
المركز وأهدافه التى تم تحديدها
فى صفحته على النت فيما يلى : •
مساندة الاهتمام المتزايد
باقتصاديات السوق الحر
والمؤسسات الخاصة لدى القيادات
الحكومية والمجتمع بشكل عام •
تشجيع قطاع الأعمال الخاص
على المشاركة في صناعة السياسات
العامة •
العمل على توسيع قاعدة
القادرين على العمل الخاص فى
الدول النامية •
تشجيع الاهتمام بالتوسع في
القطاع الخاص وتسهيل الإجراءات
والقواعد المنظمة له •
زيادة الفهم العام لدور
القطاع الخاص ورجال الأعمال في
النمو الاقتصادي •
بناء جمعيات الأعمال
المستقلة * * * اما
الاستفهام فهو لماذا يهتم مركز
امريكى مماثل بقضية التعديلات
الدستورية فى مصر ؟ وما
هى أجندته فى ذلك ؟ والى
أى مدى تم توجيه المؤتمر
المذكور فى اتجاه هذه الأجندة
رغم وجود عدد من الشخصيات
الوطنية المحترمة ؟ خاصة
وان هذا هو المؤتمر الذى تم بعده
تصاعد حدة الخلاف الدائر فى
الساحة الوطنية حول الدستور
وتعديلاته وهل
يأتى هذا المؤتمر كجزء من من خطة
التمويل التى أعلنتها الولايات
المتحدة الأمريكية على لسان
وزيرة خارجيتها من تقديم
مساعدات تقدر ب 140 مليون $ لدعم
الانتقال السلمى للديمقراطية
فى مصر ؟ وهل
هذا مقبول ومشروع من قبل الضمير
الوطنى الثورى فى مصر ؟ ========================= أ.د.
ناصر أحمد سنه/ كاتب وأكاديمي تحية
إلي كل شهداء وجرحي ثورة الشعب
العربي في تونس، ومصر، وليبيا،
واليمن ومن سيلحق بهم في عُرس
التحرير. يالها
من بشائر التحرر والشعور
بالمكان والمكانة، والكرامة
الشخصية والوطنية. إنه الخروج
من ربقة القهر والظلم والفساد
والطغيان، واحتكار وسرقة ونهب
الأوطان. هاهي
الشقيقة "تونس" وقد وضعت
أقامها علي طريق تحقيق مطالب
ثورتها الرائدة. هرب المتحكم
فيها، وحُل حزبه، وحُل جهازه
الأمني، وأقيلت حكومته، وجاءت
أخري لا اعتراض عليها، وأعلن
العفو العام عن السياسيين،
وإطلاق حرية تكوين الأحزاب
والجمعيات، وأعلن عن مجلس
تأسيسي لصياغة دستور جديد.
وستتوالي الخطوات والإنجازات. وهاهي
مصر.. منذ صبيحة يوم السبت 19/3/ 2011م
، في مشهد غير مسبوق منذ عشرات
السنين، يصطف الناس في طوابير
طويلة خارج لجان الاقتراع
ليدلوا بأصواتهم. ينتصف النهار
وتشتد حرارة الشمس ويزاد
الإقبال ولعله سيضغط باتجاه
زيادة مدة الاقتراع عما هو محدد
لها سلفا. لأول
مرة تنزل "الكتلة الصامتة"
إلي لجان الاقتراع لتلدي برأيها
الذي تيقنت أن كل صوت سيكون
فارقاً في مسار الاستفتاء علي
التعديلات الدستورية. أصواتهم
كانت مُغيبة مُهمشة، لا تضر ولا
تنفع، فالنتائج "المُزورة"
مُعدة سلفا من نظام فاسد مُفسد،
ظالم مستبد. منذ
العام 1985، مدفوعاُ بواجب وضمير
محب لهذا البلد، شاركت فيما سبق
مما سمي ب"انتخابات
واستفتاءات". اليوم يختلق كل
الاختلاف عما حدث علي مدار ما
يزيد عن ربع قرن فائت من عمرنا
وعمر وطننا الحبيب .. مصر. يتصل
بي أصدقاء من خارج مصر (لم يستطع
الكثير منهم تحمل العيش تحت
ظروف العهد البائد).. قلقون
مهمومون، وآخرون من الداخل لأول
مرة سيدلون بأصواتهم،
يتشاورون، وهم مقبلون علي أول
تجاربهم علي مشوار التحرر
والتحرير الحقيقي الطويل. وحين
كتابة هذه السطور، وبعد عودته
من الإدلاء بصوته، ها أسمع ابني
الكبير يتحاور مع صديقه، عبر
الهاتف، في نتائج وتبعات
التصويت.. أمر لم يكن مسبوقا من
قبل. من
بشائر تحرير مصر أن تخرج ألأسر،
الأزواج والزوجات، شيبة
وشباباً، كباراً وصغاراً، من له
حق التصويت، ومن يصغر عن
الثامنة عشرة من العمر. كأنهم
يوم عيد، ليروا بلدهم وقد تحررت
. ليروا بلدهم ونحن نسلمها لهم
علي طري الحرية والتحرر
والكرامة والاستقلال الحقيقي
ممن أغتصبها، وسرقها، ودمرها،
وقتلها. من
بشائر التحرير، أن تتحاور
الأسر، ويتشاور الأصدقاء
والناس فيما يقدمون عليه،
يتفقون أو يختلفون في وجهات
نظرهم ورؤاهم المستقبلية،
يحدوهم جميعا صالح ومصلحة الوطن. طريق
التحرير طويل وشاق، وسيقوم نفسه
بنفسه، مع تضافر كل الجهود.. مع
الاحترام لكل المخلصين،
والتقدير لتنوع وجهات النظر..
دون قهر أو إكراه أو إقصاء لأحد. يبقي
الشعبين الشقيقين، الشعب
الليبي واليمني، وكل الأمنيات
والدعوات أن يستنشقا عبير
الحرية والكرامة والنصر علي
القتلة.. الفاسدين المفسدين،
المتحكمين في رقاب العباد
والبلاد لعقود من الزمان. ========================== قضية
سورية.. الشعب والسياسة .. أسس
اختيار السلطة شعبيا
وتداولها نبيل
شبيب "الديمقراطية"
والإرادة الشعبية - مقوّمات
تحكيم الإرادة الشعبية -
التوعية والإرادة الشعبية -
النظام والإرادة الشعبية ما
الذي تعنيه عبارة "الشعب مصدر
السلطات" في نظام "ديمقراطي"
وفق المفهوم الغربيّ للكلمة؟.. هل
ينبغي الأخذ بها وتحديد ما يجب
أن تتضمّنه في مستقبل سورية
المرجوّ، وفي الأطروحات الآنية
لأطراف المعارضة وأطيافها؟.. هل
يحتاج ذلك إلى ضوابط لتكون
الإرادة الشعبية متمثّلة فعلا
لا شعارا وزعما في عملية اختيار
السلطة، وبالتالي لتكون ضمانا
لتداولها بين فريق وفريق؟.. "الديمقراطية"
والإرادة الشعبية عندما
تحولّت كلمة "ديمقراطية"،
الإغريقيّة الأصل، إلى مصطلح
على لسان أرسطو، الفيلسوف
الإغريقي، لم يكن ذلك تأسيسا
لفكرة "الديمقراطية"، كما
قد يتبادر إلى الأذهان، بل
أطلقها استهزاءً وسخريةً ممّن
طرح قابليّة استماع السلطة إلى
صوتٍ يصدر عن "الدهماء".
وهذا "الاستماع" هو أقصى ما
طرحتْه الدعوات الفلسفية
الأولى فيما أسماه الغربيّون
لاحقا "ديمقراطية أثينا"،
فكانت لا تتضمّن أيّ إشارة إلى
صلاحيّة الشعب من حيث اختيار
السلطة، أو مراقبتها، أو
محاسبتها، ناهيك عن تعدّد
ميادينها وفصلها أو تداولها،
فضلا عن أن يكون الشعب هو مصدر
السلطات بمعنى صناعة القرار،
بالإضافة إلى استمرار التمييز
آنذاك بين الطبقات وبين الرجال
والنساء، وغير ذلك من ألوان
التمييز. وكلمة
"الدّهماء" تعبّر عن
العامّة ممّن لا يفقهون في
السياسة، وما أشبه ذلك بمقولات
معاصرة لرفض الاحتكام إلى إرادة
الشعب، بأنّه لم يبلغ الرشد، أو
ليس لديه نضوج سياسي، أو لم
تنتشر فيه الثقافة
الديمقراطية، وهي اليوم كما
كانت في الأمس الإغريقي البعيد
العتيق، مقولات مغرضة لتسويغ
احتكار السلطة أثناء العمل
للوصول إليها أو بعد الوصول
إليها، وكانت آنذاك، في العصر
الإغريقي، حكرا على طبقة حاكمة،
فيما يشبه احتكار حزب أو عائلة
مالكة أو حتّى "جمهورية"
للسلطة في عصرنا الحاضر، وكان
الاحتكار في عصر الإغريق يجد ما
يدعمه، من جانب نسبة كبيرة من
الفلاسفة، فيما يشبه "الجهاز
الفكري والإعلامي" في عصرنا
الحاضر، وأشهر منتجاته آنذاك
كتاب "المدينة الفاضلة"
لأفلاطون، تلميذ أرسطو، الذي
يؤسّس الحكم الأفضل على وجود
ثلاث طبقات، وليس للدّهماء أو
طبقة العمال والحرفيين فيها،
سوى أن تعمل وتنتج، ويبدو أنّ
إشادة بعض الجهات به -وكذلك
بمقولات أرسطو- تنطلق من مضمونه
ومضمونها بالمقارنة مع الأوضاع
الاستبدادية القصوى المعاصرة
آنذاك، ولا ينطلق من ذلك
المضمون الاستبدادي فيه أيضا،
بالمقارنة ما هو مطلوب في العصر
الحاضر. ثمّ
كانت لكلمة "ديمقراطية"
مسيرتها الطويلة عبر التاريخ،
إلى الوقت الحاضر الذي تُطرح
فيه نظاما، ولا يكاد يخلو حديث
عنها من توضيح أنّ المقصود بها
هو النموذج العلمانيّ الغربيّ
لتطبيقها -مع ملاحظة وجود نماذج
إجرائية عديدة في إطارها
كالسويسري والألماني والأمريكي
والبريطاني والفرنسي وغيرها-
تمييزا لها عن أنظمة حكم قائمة،
أو قامت وسقطت كغالبيّة الأنظمة
الشيوعية، وقد كانت أو ما زالت
تسمّي نفسها ديمقراطية، دون أن
تتوافر فيها شروط جوهريّة
أوّلية مشتركة في الأنظمة
الغربية، فكريّا على الأقلّ، في
مقدّمتها مبدأ أنّ الشعب هو
مصدر السلطات، ثمّ مبدأ فصل
السلطات، وتداولها، واستقلال
القضاء، وسيادة القانون،
وغيرها، وذاك أهمّ ما طرحه كتاب
"العقد الاجتماعي"
للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسّو
وطرحه آخرون من معاصريه، وإن
انطلق روسّو من فكرة
الديمقراطية المباشرة للشعب في
دولة صغيرة، بعد وضع منطلقاتها
عبر فكرة "التربية للشعب"
في كتابه "إيميل"، بمعنى
التوعية الشاملة المبكّرة،
القائمة على القيم والأخلاق،
ولكنّ "العقد الاجتماعي"
اعتبر الحكم الملكي -وهو حكم
طبقي- الحكم الأصلح للدول
الأكبر، إنّما انتشرت "الديمقراطية
التمثيلية/ النيابية" لا "الشعبية
المباشرة"، كما تخلّت فرنسا
نفسها ودول غربية أخرى بعد
حوالي قرن من وفاة روسو عن نهجه
التربيوي، لصالح ما صنعه تطوير
مناهج أخرى تحت عنوان "التربية
الحرّة" مع شطط كبير في فهم
الحرية أنّها "مطلقة"،
وظهور نقد حديث لها ولحصيلتها
في المجتمعات الغربية حاليا،
هذا وإن لم ينقطع استشهاد
التنويريين والحداثيين بروسو
وبكتابه حتى الآن. في
الوقت الحاضر لم تنتشر فقط
كتاباتُ ما بعد الحداثة عن
إخفاق الحداثة، وعن صناعة
التنوير للقيود والأغلال وليس
أنوار الحرية والإرادة فقط -كما
كتب الفيلسوف الفرنسي ميشيل
فوكو- بل انتشرت كتابات علمية
وفلسفية أخرى في الغرب المعاصر،
تتابع استفحال أمر العولمة، لا
سيّما بوجهها الماليّ
والاقتصادي، وتتحدّث عن عدم
تحقيق فكرة الديمقراطية في
الممارسة التطبيقية، أو عن
تراجع واقع التطبيق عن النظرية،
أو عن شوائب خطيرة بلغت حدّ
تزييف مفعولها. والمحور
الأوّل في أحدث تلك الكتابات هو
أنّ سلطان المال عبر الشبكات
العابرة للحدود من القوى
الاقتصادية المسيطرة، من شركات
ومصارف مالية وغيرها، باتت
تتحكّم في صناعة القرار عبر
السلطات السياسيّة، بما يخالف
الإرادة الشعبيّة "الشاملة"،
التي تعبّر عن نفسها من خلال
صناديق التصويت، والمفروض أن
تعبّر عن نفسها أيضا من خلال
حريّة الفكر والإعلام، ولكنّ
آليات تطبيق هذا المبدأ أيضا،
من وكالات إخبارية ووسائل إعلام
ودور نشر وسواها، باتت بدورها
أقرب إلى أدوات يتحكّم بها
سلطان المال وليس سلطان الإرادة
الشعبية والحريّة الفردية،
فيسيطر على صناعة القرار فيها،
وبالتالي فهو يتحكّم -من خلال
تأثيرها- سياسيا، وهذا ما يمكن
وصفه بالعودة إلى تجديد طرح
فكرة ضرورة الاستماع إلى "الدّهماء"،
ممّن لا يصلون بإمكاناتهم
المحدودة إلى التعبير عمّا
يريدون فعلا، عبر وسائل الفكر
والإعلام الجماهيرية -وليس في
نطاق غير مؤثّرٍ مباشرة في
صناعة القرار كرسائل القرّاء-
ناهيك عن الاستماع إليه. شروط
تحكيم الإرادة الشعبية هذه
المقدّمة القصيرة ضرورية
للخروج بالحديث العامّ عن مطلب
الديمقراطية من أسلوب التعميم،
ولا يعني ذلك التمسّك به أو
التخلّي عنه، فليس المهمّ
العنوان، كما هو واضح عبر مسيرة
الواقع التطبيقي للديمقراطية
تاريخيّا من عصر أرسطو إلى عصر
العولمة، وتعدّد أشكال
تطبيقاتها المعاصرة، إنّما
المهمّ هو المبدأ الأساسي الذي
يُفترض تحقيقه عبر العنوان
الاصطلاحي، أي تحكيم إرادة
الشعب في شؤون حياته وحكمه. وتطبيق
المبادئ النظرية ذات العلاقة
بالحياة والعلاقات البشرية، في
الواقع العملي، أمر نسبيّ
بطبيعة الحال، ولكنّ هذا بالذات
ما يفرض الحديث من باب المضامين
لا الشعارات والعناوين، عما
يُعتبر جوهر الديمقراطية، أي
مبدأ تحكيم الإرادة الشعبية في
العمل لصناعة مستقبل سورية وفي
الممارسة التطبيقية المستقبلية
أيضا، وبالتالي من خلال البحث
عن أكبر قدر ممكن من الضمانات،
لتحقيق هذا التحكيم، والحيلولة
دون ما يفرّغه من محتواه ويفقده
مغزاه، وللتلاقي على هذه
الضمانات، مسبقا ولاحقا. ولا
حاجة هنا إلى التلويح بشعار "الخصوصية"،
الثقافية أو الحضارية أو سواها،
إلاّ في إطار واحد، وهو أنّ في
المنطقة الحضارية التي تنتمي
سورية إليها، معطيات يمكن أن
تسفر عن أطروحات نظرية وعن
ممارسات تطبيقية إضافية، بمعنى
أنّها تزيد في النظام الذي يؤخذ
به من ضمانات تطبيق مبدأ تحكيم
إرادة الشعب، ويكافح "الشوائب"
المشار إليها، أمّا الأخذ بشعار
الخصوصية، كما يُصنع غالبا،
لتسويغ الامتناع عن الأخذ على
الأقلّ بالموجود حاليا في
الديمقراطيات الغربية أو تسويغ
الانتقاص منه، فهذا سلوك مرفوض
لا يفضي إلاّ إلى ترسيخ
الاستبداد على حساب الإرادة
الشعبية. ابتداءً
لا بدّ من تأكيد عناصر جوهرية
للمقصود بكلمة تحكيم الإرادة
الشعبية، أو للشروط التي لا
يتحقّق هذا العنصر دونها،
وأهمّها: 1-
الشعب هو جميع فئات الشعب، دون
استثناء، وجميع أفراد كلّ فئة،
دون استثناء، ولا يوجد ما يمكن
وصفه بأسلوب التعميم العشوائي،
بفئة "أعداء الشعب" -مثلا-
لإقصاء فئة معارضة، كبيرة أو
صغيرة، لصالح فئة مسيطرة، كبيرة
أو صغيرة، ويسري هذا حتّى على
مَن سبق تأكيد عدم القبول
بمشاركتهم في أرضية مشتركة
للإصلاح والتغيير، بسبب إعلان
ارتباطهم بدولة أجنبية، فعلاوة
على أنّهم على كلّ حال أقلّ من
قليل، فلا تأثير لأصواتهم، لا
يوجد ما يسوّغ الحرمانَ من
التصويت للمشاركة في التعبير عن
إرادة الشعب، فمثل هذا الحرمان
لا ينبغي أن يسري إلاّ وفق قواعد
مثبّتة، وعبر القضاء فقط، كما
يأتي لاحقا. 2- حقّ
الفرد في التعبير عن إرادته،
حول جميع القضايا ذات العلاقة
بالحياة والحكم في بلده، حقّ
أصيل ثابت، يولد مع ولادة
الفرد، إناثا وذكورا، دون
اعتبار لأيّ انتماء عقدي أو
قومي أو لغوي أو قائم على نسب أو
لون أو جنس، أو سوى ذلك من عناصر
التنوّع البشري، ويشمل ذلك حقّ
الفرد في مناهج التوعية
والتربية والتدريب العملي
وسواها، ومن حيث الممارسة
السياسية بمختلف جوانبها
وأشكالها وميادينها، مع بلوغ
سنّ الرشد، ولا ينتهي سريان
مفعول هذا الحقّ الأصيل الثابت
إلاّ مع الوفاة. والتفاصيل
يحدّدها الدستور أو القانون،
كسنّ الرشد، التي ينبغي أن تكون
مبكّرة قدر الإمكان، شاملة
للشبيبة الناشئة، ذكورا وإناثا. 3-
الحرمان من هذا الحقّ لا يكون
إلاّ وفق حكم دستوري لا تمييز
فيه، وتفصيل قانوني يجري تشريعه
عبر آليّات التعبير عن الإرادة
الشعبية، وحكم قضاءٍ نزيه
مستقلّ. والحرمان حكم استثنائي،
يقتصر على حالات استثنائيّة
محدّدة معدودة، ذات طابع إجرامي
بحقّ الشعب نفسه، لا بحقّ نظام
أو فئة أو حزب، من قبيل ثبوت
العمالة لجهة أجنبية ثبوتا
قضائيا، ويبقى الحرمان حكما
مؤقّتا، محدّدا بفترة زمنية،
تنتهي تلقائيا، أو تنتهي بتوافر
شروط مستجدّة تلغي مفعول الحالة
التي سوّغت الحرمان، فتستدعي
قرارا قضائيا لإنهائها مسبقا،
وليس بأساليب اصطُنعت حديثا،
ليصدر مثلا العفو عن حاكمٍ
اغتصب هو ذلك الحق من قبلُ
وانتهكه، ثمّ بات يتّخذ عبر "العفو"
موضع مَن "يتفضّل" به أو لا
"يتفضّل"!. 4-
الإرادة الشعبية النافذة لا
يمكن أن تكون إرادة جامعة لجميع
أفراد الشعب وفئاته، فتطبيقها
يكون عبر تطبيق إرادة الغالبية،
الشاملة للأفراد، بغضّ النظر عن
الفئات التي ينتمون إليها. يضاف
إلى ذلك ما سلف تثبيته في فصل
سابق: 5-
الدستور هو المصدر الذي يحدّد
وفق اختيار الغالبية الشعبية
مرجعيّة الحياة والحكم، دون أن
ينطوي على حرمان الأقليّة
الشعبية الشاملة، أو الأقليّات
من الفئات الشعبيّة المتعدّدة،
من حقوقها وحريّاتها الأساسية،
المستمدّة من حقّ المواطنة
الثابت، ولا من مقتضياتِ
خصوصيّات مرجعيّاتها الذاتية،
بما في ذلك حقّ التعبير عنها،
والدعوة إليها، واستمالة
الغالبيّة للأخذ بها. 6-
الوعي السياسيّ هدف نسبي يتطلّب
توافر الآليّات الدستورية
والقانونية لتحقيقه بصورة
شاملة لجميع أفراد الشعب دون
تمييز، وليس هدفا قابلا لربطه
ببلوغ أيّ مستوى معيّن منه، أي
من الوعي السياسي، فلا يمكن
الأخذ بمقياس الوعي وفق ما يراه
طرف من الأطراف، للترخيص أو عدم
الترخيص بحقّ المشاركة الفردية
في صناعة القرار، عبر الآليّات
الدستورية والقانونية لتحكيم
الإرادة الشعبية، في مختلف
مجالات الحياة والحكم، بما في
ذلك حقوق تولّي السلطة، واختيار
السلطة، ومراقبتها، ومحاسبتها،
وسحب الثقة منها، واختيار سواها. وتحتاج
هذه الشروط أو الأسس إلى
استكمال وتفصيل، إنّما المقصود
من ذكر أهمّها في هذا الموضع لفت
الأنظار إلى ضرورة انتقال أطراف
المعارضة وأطيافها في قضيّة
سورية، بصورة شاملة وحاسمة، من
أسلوب الصراع على شعارات
وعناوين تعميمية مرفوعة،
تستخدم الفئات المتعدّدة فيها
تعابير متقاربة أو متشابهة
غالبا، بما في ذلك الحديث عن
ديمقراطية أو شورى مثلا، إلى
أسلوب النظر المشترك -دون
التخلّي عن المرجعيّات الذاتية-
في المضامين، وإلى البحث
المشترك عن صياغاتٍ تجد التوافق
على نطاق واسع، وإن اختلفت
المنطلقات المرجعيّة. التوعية
والإرادة الشعبية إنّ ما
سبق الحديث عنه من ذرائع
إقصائية بحجّة مستوى الوعي
الشعبي، يطرح مسألة التوعية
الشعبية، والفارق كبير بين
توعية يمارسها تيار حاكم أو
تيار الغالبية، ولا تستهدف سوى
تثبيت رؤاه، وبين التوعية
الحيادية التي تدعم قدرة الفرد
على الاختيار بين أكثر من تيّار
وأكثر من رؤية. تكفي
الإشارة هنا كمثال إلى وسيلة
التربية والتوعية الفردية في
سنّ الطفولة والنشأة الأولى قبل
سنّ الرشد، بما في ذلك التأهيل
العمليّ، في ميادين مناسبة لفئة
الأعمار الأصغر، واعتبار هذا
الجانب من الأسس الضرورية لضمان
مفعول تحكيم الإرادة الشعبية،
فهو نموذج يمكن للحديث عنه أن
يغني عن التفصيل في جوانب أخرى
في هذا الموضع، مع تأكيد البحث
المقصود عن نقاط الالتقاء
النظريّة القائمة مسبقا رغم
تعدّد المرجعيّات، وإن جرى
تغييب تلك النقاط عبر حملات
الصراع الفكري في العقود
الماضية. نقف
بهذا المثال عند المرجعيّتين
الأكثر ذكراً من سواهما،
الإسلاميّة المنبثقة عن الوحي
الربّاني، والعلمانيّة القائمة
على الفكر الفلسفي الوضعيّ. في
النصوص المرجعيّة الإسلاميّة،
القرآنية والنبويّة، نجد مواضع
عديدة لتنشئة "الأطفال
والغلمان" تنشئة قائمة على
الوعي والبصيرة والتعبير عن
الرأي واستقلال الشخصية
الذاتية. 1- مثال
ذلك قول إبراهيم لابنه "الغلام"
إسماعيل عليهما السلام، وفق
النصّ القرآني {فَانظُرْ مَاذَا
تَرَى}-102 الصافّات- وهذا بشأن
تنفيذ وحي منزّل، فهو أعلى
درجات ما يقال عن النهج
الإسلاميّ من أنّه قائم على
الطاعة، إذ لم يمنع ذلك من سؤال
إسماعيل "الغلام" عمّا
يراه. 2- هذا
ما يؤخذ أيضا من التوجيهات
القرآنية العديدة للإنسان أن
يقول الحقّ -كما يراه بطبيعة
الحال- دون أن يخشى في ذلك لومة
لائم. 3- وهذا
ما يؤخذ أيضا ممّا ورد في سياق
الآيات الكريمة التي تذكر وصايا
لقمان لابنه -وهو نموذج الحكمة
للمربّين جميعا- إذ ينقطع نصّ
الوصايا في وسطه، بما يوصف وفق
مصطلحات النحو العربي بعبارات
"اعتراضية"، تتضمّن
التوجيه الربّاني المباشر
للغلام، أن يكون واعيا لما يسمع
{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن
تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
مَعْرُوفًا} -15 لقمان- ولا
يتأتّى للغلام منطقيّا أن يميّز
بين ما ينبغي أن يطيع فيه وما لا
ينبغي أن يطيع، دون وعيٍ يتحقّق
من خلال الانطلاق من قدرته
الذاتية على التفكير والموازنة
فيما يسمع من وصايا أو توجيهات. 4-
ويتبيّن ما يعنيه العنصر
التربيوي العميق الكامن في
تكوين الشخصية، فيما تصوغه
كلماتٌ نبوية موجّهة إلى عبد
الله بن عبّاس رضي الله عنهما -وكان
"غلاما" أيضا- ليكون عزيزا
في مواقفه، عبر ارتباطه بالله،
فلا يُخضع إرادته لمرغبات أو
مرهبات بشرية مهما كان شأنها، (واعلم
أنّ الأمّة لو اجتمعت على أن
ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء
قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على
أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلاّ
بشيء قد كتبه الله عليك)-الترمذي-
ولا داعي هنا للوقوف عند مقولات
لا أصل لها، مثل "التسليم"
للمقدّر والقعود عن العمل، فمثل
هذه المقولات تتجاهل التكامل
والتوازن بين الإيمان بالقدر،
وبين المقصود بالتوجيهات
النبوية بشأن عدم التعلّق
بالمرغّبات والمرهّبات
البشرية، وارتباط جميع ذلك
ارتباطا وثيقا بتوجيهات قرآنية
ونبوية وفيرة عن أنّ الإنسان لا
يحصل إلاّ على ما سعى وعمل وكافح
من أجله، وليس بالقعود عن شيء من
ذلك. 5- وإذا
كانت الأمثلة أعلاه تطرح ما
ينبغي أن يكون من توجيه ابتداءً
من سنّ الناشئة، فإنّنا نجد
أمثلة عديدة أخرى على ما يقتضيه
ذلك تعميما، إذ تمضي النصوص
النبوية على الطريق نفسه، ممّا
تلخّصه كلمات (إنّما الطاعة في
المعروف)-البخاري- و(لا طاعة
لمخلوق في معصية الله عز وجلّ)-مسند
أحمد ومسند ابن مسعود- وأمثالها.
إنّ
هذه التوعية للناشئة المنبثقة
من الأصول الملزمة إسلاميّا، هي
ممّا يمكن أن يوضع في مناهج
تفصيلية تطبيقية للحيلولة دون
نشأة مجتمع من الإمّعات ينقاد
لأيّ فرد أو فئة في السلطة،
سيّان هل يمارسها تسلّطا أو
بصورة مشروعة، أو في المعارضة،
أو حزب أو جماعة، سيّان هل حمل
شيء من ذلك عنوانا إسلاميّا أم
لم يحمل. وهي
توعية يمكن أن تلتقي في قسط لا
بأس به منها، مع ما يتحدّث عنه
كثير من العلمانيّين، عندما
يستشهدون بمقولات فلاسفة
التنوير والحداثة الغربيّين،
من أمثال إيمانويل كانط
الألماني، الذي وُصف بعميد
التنوير الأوروبي، والذي
اعتُبر محور فلسفته قائما على
كلمته المشهورة التي يدعو فيها
الإنسان الفرد إلى إعمال عقله
والتعبير عن إرادته، أو روسّو
الفرنسي الذي اعتبر في رواية
"إيميل" تربيةَ الفرد
العلمية والخلقية والسلوكية،
من سنّ الطفولة إلى الرشد،
ضرورة لازمة لقيام المجتمع
المتوازن، الذي وضع في تصوير
أسسه لاحقا مؤلّفَه "العقد
الاجتماعي"، وحتّى فولتيير
الفرنسي المختلف عليه، وفق
مقولته إنّه ليس على استعداد
للتخلّي عن رأيه ولكنّه على
استعداد أن يضحّي لضمان حرية
الآخر في التمسّك برأيه. ولا
حرج في منهج إسلامي للتوعية في
أن يضيف إلى استشهاداته
وتوجيهاته ما يلتقي مع مضامينه
من أقوال مفكّرين، أو فلاسفة،
من مختلف العقائد والتصوّرات
الوضعية، على غرار الإشادة
النبوية بحلف ابن جدعان من
العصر الجاهلي، وإن بقي رفضُ
أولويّةِ المنطلق الوضعيّ
البشريّ على الوحي ساري المفعول. والمفروض
ألاّ يكون في منهج علمانيّ
للتوعية حرج في أن تكون النصوص
المرجعيّة الإسلامية من مصادر
استشهاداته وتوجيهاته، وإن بقي
لدى العلمانيّين إنكار الإلزام
القائم على الوحي فيها ساري
المفعول لديهم. لا
يعني ذلك قابليّة وجود منهجين
متناقضين في آن واحد في دولة
واحدة، إنّما يعني العمل على
ضبط ما يوضع من مناهج ضبطا ينطلق
من هدف قويم لها، قائم على أساس
التوعية "الحيادية" إذا
صحّ التعبير، كما يعني ما سبق
الدعوةَ إلى أن يتحوّل إبداع
المفكّرين المبدعين من سائر
التوجّهات -الآن- من نهج الصراع
والاستفزاز وإقصاء الآخر
إقصاءً مطلقا، إلى البحث عن
صياغة الضمانات والآليات
اللازمة للقواعد المشتركة
واستمراريّتها، في عملية
التوعية على طريق صناعة مستقبل
سورية، وبعد الوصول إلى الغاية
المطلوبة عبر بنائه على أسس
متينة دائمة. النظام
والإرادة الشعبية وينبني
على واجب التوعية الحيادية
الملقى على عاتق الدولة
والمجتمع وما يُسمّى النخب فيه،
الحقّ الثابت للمشاركة في
الحياة السياسية، لجميع أفراد
الشعب بمختلف طوائفه وفئاته،
ذكورا وإناثا، ابتداء من سنّ
مبكّرة ما أمكن، مثبّتة
قانونيا، مشاركة كاملة غير
منقوصة، من حيث تشكيل الهيئات
والأحزاب السياسية، والترشيح
والتصويت والرقابة والمحاسبة،
والمشاركة المباشرة في صناعة
القرار على مختلف الأصعدة، وفي
مختلف الميادين. ولا يتحقّق ذلك
دون سلامة النظام الذي تقوم
الدولة عليه. ونظام
الدولة ليس نظام السلطة فحسب،
ولا يمكن أن يقوم على أجهزة
قمعية تحمل عنوان الأمن، فالأمن
المطلوب هو أمن الفرد، وأمن
الشعب، وليس أمن السلطة من
الشعب الذي يملك هو أمرها وأمر
تفويضها وعملها أو إنهاء
تفويضها وعملها، فالسلطة هي
الجهة التي تُفوَّض تفويضا
مؤقتا محدودا مقيّدا، بإدارة
الدولة فقط، وليست هي قطعا "مالكة"
الدولة، ناهيك عن أن تملك الشعب
ومصائر أفراده، وإن تسرّب معنى
الامتلاك هذا بغير حقّ في واقع
التفكير والممارسة، فيما يوجد
من ملكيات وجمهوريات وسلطنات
وإمارات في البلدان العربية
والإسلامية. إنّ
أيّ شركة من الشركات المعتبرة
تنطوي ليتحقّق النجاح فيها على
نظام يضبط العلاقات بين المالك،
فردا أو مساهمين، ومجلس إشراف
يراقب مجرى العمل ويتدخّل في
توجيهه، وإدارة تسيّر الأعمال
تفويضا من جانب المالك، إضافة
إلى هيئة تمثّل مصالح العاملين
في تنفيذ عمليات الإنتاج
والخدمات والتسويق وغيرها. والمالك
في الدولة هو الشعب، لا الحكومة
ولا أيّ جهاز آخر من أجهزة
الدولة، ولهذا يستحيل أن يقوم
نظام قويم في الدولة دون فصل
السلطات ما بين جهة تشرّع
لأنّها تمثّل الشعب المالك
الأصلي لمصيره الذاتي ولوطنه
وجميع ما فيه وما يُصنع باسمه،
وجهة تدير إدارة تنفيذية محضة،
لأنّها مفوّضة بذلك من جانب
الشعب، بصلاحيات لا يحقّ لها أن
تتجاوزها، وقوانين لا يحق لها
أن تخالفها، ثمّ عنصر الرقابة
والمحاسبة، الذي لا بدّ أن
ينفصل عن الجهة التشريعية لضمان
التزام تشريعاتها بالأحكام
الدستورية، وعن الجهة
التنفيذية، لضمان التزامها
بتلك الأحكام وبالتشريعات
المنبثقة عنها، وهذه الرقابة
والمحاسبة هي التي تفرض وجود
محكمة دستورية عليا، وقضاء
مستقل عن مختلف التيارات
والأحزاب والحكومة الإدارية
التنفيذية في الدولة، وجميع ذلك
هو ما يدعمه ويرفد فعاليّته
وجودُ ما يُسمّى السلطة الرابعة
في صيغة وسائل الإعلام والفكر،
إضافة أيضا إلى ما شاع وصفه
بمنظمات المجتمع الأهلي أو
المدني، وجميع ذلك على أسس
منظومة الحقوق والحريات
والواجبات والمسؤوليات
والصلاحيات. إنّ
كلّ نظام فيه انتقاص من حقّ
ملكية الشعب لمصيره ووطنه، ومن
ممارسته لتلك الملكية عبر تحكيم
الإرادة الشعبية، انتقاصا
قائما بذاته أو مستندا إلى نصوص
مقحمة على الدستور -وإقحامها هو
صورة من صور ذلك الانتقاص بعينه-
إنّما هو نظام مرفوض، يدخل فيه
عنصر الاستبداد، وإن تفاوتت
درجات ممارسته. وإنّ
كلّ نظام ينطوي على تداخل بين
سلطات الدولة هو نظام يستحيل
اعتماده والقبول به، لغياب
الضمانات الكافية لتحقيق عنصر
الرقابة والمحاسبة بما يحقّق
الاحتكام إلى الإرادة الشعبية
ويلتزم بالأحكام الدستورية
ويكفل استقلالية القضاء وسيادة
القانون. وعنصر
الرقابة والمحاسبة يوجب سريان
مفعول عدد من المبادئ الأساسية
وممارسة ما تقتضيه، في مقدّمتها: 1-
الشفافية في المعلومات
والممارسات. 2-
الوضوح في تحديدُ الصلاحيات
والمسؤوليّات. 3-
النزاهة في اعتماد الكفاءات
والتخصّصات. 4-
المساواة والتكافؤ في الحقوق
والواجبات. 5-
الأخذ بالمسؤولية السياسية في
المناصب العليا عن ميادين
مسؤوليتها إلى جانب المسؤولية
القانونية المباشرة المرتبطة
بمرتكِب المخالفة، إضافة إلى ما
يقرّره مبدأ فصل السلطات. إنّ
الحديث عن تحكيم الإرادة
الشعبية دون الأخذ بمقتضياتها
في هيكلية النظام نفسه يفقد
معناه ومغزاه، ولا يمكن القبول
بما انتشر في سورية وبلدان
عربية وإسلامية أخرى من
انتخابات واستفتاءات شكلية،
واعتبار الجهة التي تمسك بزمام
السلطة هي الجهة "موضع الثقة"
لتمسك بيديها زمام تقنين عملية
التصويت، وتحديد شروط المشاركة
فيها، والإشراف عليها، وتحديد
نتائجها، فحتّى في حالة عدم
وقوع تزييف وتزوير على سبيل
الافتراض الجدلي، لا يكون مبدأ
الاحتكام إلى إرادة الشعب موضع
التطبيق الفعلي، إلا بوجود
ضمانات وآليّات منبثقة عنها
تكفل ابتداءً عدم وقوع التزييف
والتزوير، وتسمح بانتشار الثقة
والاطمئنان شعبيا إلى ذلك. يُستخلص
من هذا الفصل: 1- في
مسيرة الديمقراطية الغربية
إيجابيات كبرى وسلبيات عديدة،
منذ نشأتها الأولى التي تُنسب
إلى العصر الإغريقي، حتى
ولادتها الفعلية في عصر التنوير
والحدائة، وإلى العصر الحاضر في
البلدان الديمقراطية
الرأسمالية الغربية. 2-
العنصر الحاسم في نظام قويم
للحياة والحكم هو عنصر تحكيم
الإرادة الشعبية تحكيما شاملا
لا استثناء فيه ولا استثناء
بموجبه في مشاركة جميع فئات
الشعب وأفراده في صناعة القرار
في مختلف الميادين وفي مختلف
الظروف. 3-
الحرمان من حقّ فردي يرتبط حكما
وإلغاء بالقضاء المستقل النزيه
العادل وبتثبيت تعليله من خلال
الأحكام الدستورية والتقنينية
المنبثقة عن الدستور وفي تحكيم
الإرادة الشعبية. 4-
التجديد المتواصل للوعي
السياسي واجب على الدولة
والمجتمع والنخب فيه، ويقتضي
نشره شعبيا عبر وسائل توعية
حيادية تدعم القدرة على
الاختيار وعلى المشاركة في
صناعة القرار دون وصاية من أيّ
طرف، وهو من الميادين النموذجية
للتلاقي العملي بين المرجعيات
المختلفة على أرضية مشتركة. 5-
تحكيم الإرادة الشعبية لا
يتحقّق دون سلامة النظام القائم
في الدولة ومن أركان سلامته فصل
السلطات فصلا قويما يقوم في
جوهره على ضمانات استمرارية
تحكيم الإرادة الشعبية
وآليّاته. 6-
أطياف المعارضة وأطرافها
مدعوون إلى التلاقي على صياغة
القواعد المشتركة للعمل من أجل
تحكيم إرادة الشعب وإيجاد
الآليات والضمانات الكافية
للعمل المشترك في الطريق إلى
إقامة نظام قويم في سورية ثم
استمرار وجود هذه الآليات
والضمانات واستمرار مفعولها
بعد قيامه. والحديث
عن العمل من أجل إيجاد نظام
مستقبلي قويم سليم في سورية، لا
يكتمل دون الحديث عن إيجاد
المعطيات الأولية للنهوض
والتقدّم في الوقت نفسه، فمن
مقتضيات هدف إنهاء الاستبداد أن
يقترن بإنهاء ما رافقه من تخلّف
مطلق أو قصور نسبي في مختلف
ميادين التقدّم والإبداع
الضروري لتحقيقه واستمراره. ============================ متظاهرو
الفيس بوك : عليكم بالدستور حيدر
قاسم الحجامي لم تكن
كل سنوات المطالبة والتذمر
والملل كافية لتسمع ساسة عراق
ما بعد التغيير صوت الناس أو
تجبرهم على إن ينصتوا على الأقل
لصوت الجماهير التي غلبها وتغلب
عليها يأس شديد بعد أمال علقت
على إن يبني الأمريكان
ديمقراطية عراقية نموذجية كما
قالوا عند دخلوهم بغداد "محررين
" لا فاتحين ... نكث
المحتل بوعوده وأنصت باصغاء
واهتمام لمصالحه التي جاء من
اجلها ، ولم
يعد يلتفت الى الديمقراطية
المنشودة ، انشغل الساسة في
حصون المنطقة الخضراء بتقاسم
السلطة التي ورثوها من صدام
حسين وحزبه ، لتتوزع بين أحزاب
متنوعة اجتمعت على مبدأ واحد لا
غير هو تقاسم الكعكة العراقية . جاءت
ثورات الشعوب العربية لتزيد من
اشتعال الرغبة الكامنة
والمكتومة بفعل تأثير أيدلوجيا
الطائفية وسطوة التعصب إلى إن
تمرد شباب الفيس بوك وأعلنوا عن
مطالب إصلاحية ونجحوا لأول مرة
إن يجعلوا الساسة يسمعون هتافات
عالية "الشعب يريد إصلاح
النظام ". سمع
الساسةُ أصوات الناس العالية
وهي تنادي بالإصلاح السياسي
والإداري وتحذر من غضبة جماهير
إن أتت فأنها لا تبقي ولا تذر ،
استجاب الساسة سريعاً خفضوا
مرتباتهم الكبيرة إلى مرتبات
يمكن وصفها بالمقبولة ، ووعدوا
العاطلين بفرص عمل ، عزل
محافظين محسوبين على رئيس
الحكومة ، وعودوا بحصة تموينية
للمواطن ، هل هذا كافً لإسكات
أصوات المحتجين ، شخصياً اعتقد
إنها غير كافية ، فالمشكلة اكبر
وأعمق من كل هذا المطلوب ،
المشكلة دستورية .!. نعم
فدستور البلاد المستفتى عليه لم
يكن كاتبوه يعون ما يفعلون أو
يعون ولكنهم أصروا على تفتيت
السلطة وتوزيعها بشكل يصعب على
أي مفصل في الدولة اتخاذ أي قرار
حاسم ، تدفعهم خشية وخوف قديمان
من عودة السلطة المركزية
القامعة لأطرفها ، ونجح هذا
الدستور إلى ألان على الأقل في
تفتيت السلطة وتقسيمها بين
الرئاسات الثلاث "رئاسة
البرلمان والحكومة والجمهورية
"مضافاً إليها رئاسات
الأقاليم و الحكومات المحلية
والمجالس البلدية ومجالس
الاقضية والنواحي ومجالس الحكم
المحلية ، كل هذه الهيئات
والمجالس لا تعي حدود
مسؤولياتها ولا تدرك حجم دورها
وظلت كل قراراتها المهمة عرضة
للتنازع ومثار جدل ، لذا ظلت
السنوات الماضية أسيرة بامتياز
لتنازع "دستوري" ،
فالإقليم الكردي لا يعرف حدود
صلاحياته ويستغل حالة الانقسام
والتشرذم الحاصل في بغداد
لاقتناص واغتنام اكبر قدر من
المكاسب على حساب الدستور
والشعب العراقي ومصالحه ، وبعض
الحكومات المحلية تستغل ضعف
الحكومة المركزية وتشتت قرارها
لتمارس هي الأخرى عمليات ابتزاز
مستمر وتطاول وهلم جرا من هذه
الممارسات العجيبة . لذا
أجد لزاماً على كل متظاهر يريد
مصلحة العراق إن يدرك إن سبب كل
هذا الترهل والفساد المستشري
اليوم مرده الى هذا الدستور "
المفخخ" والذي لا يمكن من
خلاله بناء دولة قوية وقادرة
على إدارة بلد مثل العراق
بثرواته ومشاكله الموروثة من
العهود السابقة ، لان القرار
العراقي لا يمكن إن يظل مرتهناً
بهذا الشكل ورئيس الوزراء الذي
يمثل رأس الهرم الحكومي عاجز عن
إقالة محافظ أو رئيس مجلس بلدي
أو حتى عزل قائمقام في أي ناحية
.! . من
المفيد جداً إن يركز العراقيين
الذين اجتمعوا في جمعة الغضب
على الفساد والمفسدين إن يركزوا
على المطالبة الجدية بإيجاد
تعديلات دستورية عاجلة لتكون
أساس في أي عملية إصلاح سياسي
يمكن إن تكون ناجحة ، لان المشكل
الحقيقي كما هو واضح دستوري وما
نتج هو جراء هذا التداخل
والارتباك الذي سببه دستور كتبُ
على عجل ومرر من خلال فتاوى
دينية موجبة . ======================= صبحي
غندور* فجأة،
انتقلت المنطقة العربية من حال
السبات والجمود إلى شعلة من
الثورات، من مراهنة على الخارج
لإحداث تغيير ما هنا أو هناك إلى
انتفاضات شعبية نابعة من صميم
هموم الناس ومن معاناتهم
الطويلة لعقود من الزمن،
انتفاضاتٌ فرضت نفسها على أرضها
ومع شعبها وعلى حكوماتها وعلى
العالم كلّه. هذا
التحوّل الهام الذي تعيشه منذ
مطلع العام الجاري بلاد العرب
غيّر بلا شك أجندات وأولويات
دولية وإقليمية كانت تتحكّم في
أوضاع المنطقة ومصائرها، لكن في
الوقت نفسه همّش هذا التحوّل
الثوري الجاري قضايا هامة أخرى
ما زالت فاعلةً ومؤثرة في
مستقبل الشرق الأوسط ككل.
فالانتفاضات العربية الجارية
الآن طغت مثلاً على أمر خطير حدث
مع مطلع هذا العام في أمَّة
العرب، وهو الاستفتاء على مصير
جنوب السودان، والذي أدّى
عملياً إلى فصل الجنوب عن وطنه
الأم. كذلك حصل التهميش إلى حدٍّ
ما في موضوع الملف الفلسطيني
وما كان عليه الأمر من تأزّم في
"عملية السلام" بسبب
المستوطنات الإسرائيلية. أيضاً،
قبل هذه الثورات والانتفاضات،
كان "الملف الإيراني" هو
أولوية أميركية وغربية في الشرق
الأوسط حيث ارتبطت تباعاً مع
هذا الملف قضايا عديدة أخرى،
منها المستقبل السياسي للعراق
والموقف الغربي والأميركي من
حركات المقاومة في لبنان
وفلسطين ومن التنسيق السوري
معها ومع إيران. طبعاً،
الجميع الآن بانتظار ما ستسفر
عنه هذه المرحلة من متغيرات
سياسية وليس في الحكومات
والأشخاص فقط، لكن حتماً القوى
الدولية والإقليمية الفاعلة
ليست جالسةً مكتوفة الأيدي
ومكتفية بحال الانتظار. هي تعمل
بدون شك على تهيئة نفسها لنتائج
هذه المتغيرات، بل هي تحاول
الآن استثمارها أو حرفها أو
محاصرتها أو التحرّك المضاد لها..
وهي كلّها احتمالات قائمة
مرتبطة بمكان هذه المتغيرات
وظروفها. من
الطبيعي مثلاً أن تنشغل الآن
مصر في أوضاعها الداخلية، لكن
من المهمّ أيضاً أن يكون هناك
تنبّه مصري عام لما يتمّ في
الخفاء والعلن من سعي لإجهاض
ثورة يناير داخلياً ولمحاصرة
مصر خارجياً بأزماتٍ تعصف
بأمنها الوطني وتُشكّل خطراً في
المستقبل على الاستقرار
والوحدة الوطنية داخل الأراضي
المصرية. فما حدث ويحدث في
السودان وليبيا لا يمكن أن يبقى
بعيداً في تأثيراته عن مصر
وثورتها. كذلك هي محاولات تحريك
الفتن الطائفية التي لا تنفصل
عمّا قامت به إسرائيل ودول أخرى
في جنوب السودان لعقود من الزمن
وعمّا يسود في المنطقة عموماً
من مناخ طائفي ومذهبي تراهن
عليه إسرائيل تحديداً لتفتيت
دول المنطقة وإضعافها ولإنهاء
ظواهر المقاومة فيها من خلال
إثارة الغرائز الطائفية
والمذهبية، كما يحدث الآن في
لبنان. فإذا
كانت الثورات والانتفاضات
العربية هي الآن ظواهر مشرقة
واعدة بغدٍ أفضل يضع حدّاً
لأنظمة الفساد والاستبداد،
فإنّ تلك "المتغيرات"
الحاصلة لا يجب أن تحجب ما
يستمرّ "ثابتاً" في
المنطقة من خطر الاحتلال
الإسرائيلي ومحاولات الهيمنة
الأجنبية في ظلّ أجواء طائفية
ومذهبية تنخر الجسم العربي
وتهدّد وحدة أوطانه، وتُسهّل
السيطرة الخارجية عليه. إنّ
المطلوب عربياً في هذه المرحلة
هو عدم الفصل بين الحاجة
لتغييرات داخلية في بعض الأوطان
وبين مسؤوليات ما تفرضه
التحدّيات الخارجية على هذه
البلدان، ثم ما تحتّمه أيضاً
دواعي الأمن الوطني كما هو
الحال الآن بالنسبة للثورة
المصرية التي هي منشغلة في
ترتيب البيت الداخلي المصري
بينما تشتعل نيرانٌ في البيوت
العربية المجاورة لها. فمصر
معنيّة الآن بدور أكثر فعالية
في مواجهة حالة الإبادة التي
يمارسها حكم القذافي ضدّ شعبه،
هذه الحالة الجنونية الإجرامية
التي تعطي المسوّغات
والمبرّرات لدعوات التدخّل
العسكري الأجنبي ولتهديد وحدة
ليبيا وسيادتها الوطنية. مصر
ثورة يوليو 1952 كانت الرائدة في
قيادة حركات التحرّر الوطني
العربية ضدّ الاستعمار
الأوروبي في المنطقة، والقاهرة
ساهمت خلال حقبة الخمسينات
والسيتينات في تحرّر الجزائر
وعدن والسودان وغيرها من هيمنة
المحتل الأجنبي، كما كان تأميم
قناة السويس نموذجاً مهماً لدول
المنطقة لاستعادة ملكيتها
لثرواتها الوطنية من استغلال
الشركات الأجنبية. هكذا
يأمل العرب اليوم أن يكون دور
مصر أيضاً رائداً ومساهماً في
تحقيق الوجه الآخر من مفهوم
الحرّية، بأن تكون القاهرة
نموذجاً وقوة إسناد
للديمقراطية ولمجتمعات متحرّرة
من الاستبداد والفساد والتبعية
للخارج. العرب يأملون من ثورة
يناير 2011 أن تقوم بما فيه مصلحة
وطنية مصرية وبما يحقّق أيضاً
مصلحة عربية مشتركة في تلبية
نداءات الشعب الليبي بالوقوف
إلى جانبه في كل المجالات
وأوّلها الحفاظ على أرواح
المواطنين الليبيين الذين
يواجهون أبشع ما يمكن أن يقوم به
حاكم ضدّ شعبه. فمصر قادرة على
أن تكون طليعة قوّة أمنية عربية
تقرّها الجامعة العربية
ويطلبها المجلس الانتقالي
الليبي لإنهاء محنة الشعب
العربي الليبي دون الحاجة لدور
عسكري أجنبي في شأن ليبي/عربي
مشترك. صحيح
أنّه من المهم جداً أن تخرج
استنكارات دولية لجرائم "النظام"
الفوضوي الليبي ضدّ شعبه وأن
يتمّ عزله ومحاصرته دولياً، لكن
هذا شيء والمراهنة على تدويل
المسألة الليبية شيء آخر. هناك
أنظمة قمعية تمارس قمع الناس
حين ينتفضون عليها لكنّها تقف
عند حدٍّ معيّن، وهناك أنظمة
إبادية لشعوبها لا تمانع في
إبادة شعبها إذا مسّها خطر
الثورة عليها، ولم يبقَ من
فصيلة الأنظمة الإبادية حالياً
غير نظام العقيد القذافي، والذي
في استمراره، أو في نجاحه
بإخماد الثورة، سيكون "نموذجاً"
تتبعه حكومات أخرى تواجه الآن
انتفاضات شعبية بدلاً من السير
على النموذجين التونسي والمصري. فليبيا
تشهد الآن أشرس عملية تغيير
سياسي في النماذج العربية
المعاصرة، وهذا النموذج سيكون
هو الأخطر حيث لا معايير
أخلاقية أو إنسانية للحاكم
الليبي، ولا مؤسسات أو مرجعيات
دستورية رادعة، ولا استقلالية
للقضاء أو لدور المؤسسة
العسكرية الليبية. فهي معركة
حياة أو موت للنظام الفوضوي
الليبي ويستبيح فيها كلَّ
الأسلحة غير آبهٍ بالنتائج
المترتّبة على أعماله، بما فيها
مخاطر التقسيم والتدويل والحرب
الأهلية. ولن يتوقّف النظام
الفوضوي عند ردود الفعل الدولية
والإدانات فهذه بالنسبة للحاكم
الليبي أمرٌ شبيه بالحالة
الإسرائيلية التي تستهتر
بالعالم كلّه وتعتمد فقط على
جبروتها العسكري. إنّ
مصر معنيّةٌ بشكل كامل في كلّ ما
حدث وما قد يحدث في ليبيا.
والأمن القومي المصري والعربي
يتطلّب الآن تحرّكاً سريعاً
وجادّاً من المجلس العسكري الذي
يقود مصر حالياً، فمصر هي الآن
بين بلدين عربيين يشهدان مخاطر
التقسيم والتدويل (السودان
وليبيا) بعدما كان هذان البلدان
مع مصر في "ميثاق طرابلس"
أيام جمال عبد الناصر وفي "اتحاد
الجمهوريات العربية" أيام
أنور السادات، وهاهما الآن بعد
معاهدات "كامب ديفيد"،
وبعد أكثر من ثلاثين سنة من عزل
مصر عربياً ومن حكم الفساد
السياسي والمالي، يتّجهان نحو
هاوية التقسيم والتدويل، ممّا
يشكّل بالتالي على الأمن الوطني
المصري مخاطر كبيرة.. *مدير
"مركز الحوار العربي" في
واشنطن ========================== الى
متى سيبقى لبنان بدون حكومة ..؟ د.
صالح بكر الطيار* رغم
مرور نحو شهرين على تكليف
الرئيس نجيب ميقاتي فإن كل
الإتصالات التي يجريها توحي بأن
ولادة حكومة جديدة في المستقبل
المنظور لا زال امراً مستبعداً
دون معرفة الأسباب الحقيقية
التي تعيق ذلك حيث يرجعها البعض
الى ضغوط اميركية تمارس على
ميقاتي ، والبعض يربط هذا
الإستحقاق بالتطورات الحاصلة
في عدة دول عربية ، فيما يذهب
اخرون الى اتهام الأكثرية
الجديدة بأنها عاجزة عن انجاز
هذا الإستحقاق بسبب انشغال
اطرافها بتقاسم الحصص بدلاً من
انشغالهم بكيفية اخراج البلاد
من حال الجمود التي تتخبط به .وكان
الرئيس ميقاتي يفضل تشكيل حكومة
وحدة وطنية تضم قوى 14 و 8 اذار
اضافة الى الوسطيين من امثال
وليد جنبلاط وأجرى على هذا
الأساس اتصالات مكثفة مع قوى 14
اذار ألت في خاتمة الأمر الى
الفشل والى اعلان هذه القوى
رفضها المشاركة في الحكومة . وظن
البعض ان ميقاتي قد تحرر نتيجة
ذلك من أي التزام تجاه قوى 14
اذار وأن الطريق بات ميسراً
امامه من اجل تشكيل حكومة تتمثل
فيها قوى 8 اذار وكتلة النائب
وليد جنبلاط إضافة الى من سيمثل
رئيس الجمهورية ميشال سليمان ،
ولكن تبين ان هذا التفاؤل لم يكن
في محله إذ برزت عقد اخرى تمحورت
حول نقطتين اساسيتين هما : - خلاف
بين االتيار الوطني الحر الذي
يتزعمه الجنرال ميشال عون وبين
رئيس الجمهورية ميشال سليمان
على حقيبة وزارة الداخلية حيث
كل منهما يريدها من ضمن حصته
الوزارية . - خلاف بين الجنرال
ميشال عون وبين رئيس الحكومة
المكلف نجيب ميقاتي حيث الأول
يطالب ب 12 وزيراً في حكومة
ثلاثينية فيما ميقاتي يعرض عليه
10 وزراء . ولم تنجح حتى الأن كل
الوساطات التي تقوم بها اطراف
لبنانية عدة الأمر الذي اعاق
ولادة الحكومة التي من غير
المعروف بعد إذا كانت ستضم 24
وزيراً او 30 وزيراً ، ولم تعرف
هويتها فيما ستكون حكومة
تكنوقراط مطعمة بسياسيين او
حكومة سياسيين فقط . كما لم يعرف
كيف ستوزع الحقائب على
المستوزرين . والغريب ان معظم
القيادات اللبنانية التي تدور
في فلك الأكثرية الجديدة لا
تعلم لماذا التأخير في تشكيل
الحكومة ، وتطالب جميعها بضرورة
الإسراع لأن التطورات الحاصلة
في بعض الدول العربية سيكون لها
انعكاساتها على الوضع الداخلي
اللبناني . كما الغريب هو ان
الرئيس ميقاتي يطالب قوى
الأكثرية بتزويده بأسماء
المرشحين للتوزير لتحديد موقع
كل شخص في الوزارة المناسبة
فيما قوى الأكثرية تطالب ميقاتي
بتزويدها بنوعية الحقائب
لتختار على اساسها الوزراء
المناسبين . ولعل السؤال الذي
يطرح نفسه هو كيف ستتمكن
الأكثرية الجديدة من ادارة شؤون
البلاد وهي عاجزة حتى الأن عن
تشكيل حكومة ليس معروف فيها إذا
كان الوزير قبل الحقيبة ام
الحقيبة قبل الوزير ..؟ وكيف
ستتفق الحكومة الجديدة على
توزيع الحقائب لطالما لم تتفق
منذ شهرين وحتى الأن على حصة كل
طرف في الحكومة ..؟ وكيف ستتفق
الحكومة الجديدة على مضمون
البيان الوزاري لطالما لا وضوح
حتى الأن في توجهاتها السياسية
والإقتصادية خاصة وان المجتمع
الدولي ينتظر البيان الوزاري
لمعرفة مدى استعداد الحكومة
الجديدة للإلتزام بالقرارات
الدولية وخاصة ما يتعلق منها
بالمحكمة الخاصة بكشف قتلة
الرئيس رفيق الحريري . *رئيس
مركز الدراسات العربي الاوروبي =========================== معتز
فيصل / ألمانيا موقف
الغرب من الثورة الليبية موقف
مخز وفاضح، فالشعب الليبي
يُذبّح ويُقتل ويُباد إبادة
جماعية، و الغرب متفرج متردد،
يجتمع مرة هنا ومرة هناك، ويرسل
وفداَ إلى هنا ومبعوثاً إلى
هناك، مصالحه في ليبيا أكبر من
أن يسلمها للشعب الذي لا يستطيع
أن يضمن ولاءه كما يضمن ولاء
القذافي الآن. يتحجج بحجج واهية
كقوله إنه لا يعرف الثوار، أو
إنه لا يريد التورط في حرب في
إفريقيا، أو إنه لن يكرر ما حدث
في العراق وأفغانستان، إو إنه
لا يوجد غطاء دولي... إلى آخر ما
سمعناه ونسمعه من مبررات وحجج
يعرف الصغير قبل الكبير أنها
كذب محض وأنها فقط أقوال
للاستهلاك الإعلامي، بعيدة هي
عن السياسة الحقيقية كل البعد. ليبيا
لو تحررت ستلحقها الجزائر
حتماُ، وهذا يعني أن شمال
إفريقيا كله قد تحرر وأن الطريق
من المغرب وموريتانيا إلى
فلسطين صار مفتوحاً، وهذا لن
ترضى به إسرائيل ولا أمريكا ولا
الغرب التابع لهما في هذه
النقطة بالذات. لأن أمن إسرائيل
من أمن أوروبا الإستراتيجي كما
يقولون. مجرد
التفكير في أن شمال إفريقيا
يمكن أن يُشكل وحدة من أي نوع
كان، هو سيناريو رعب للغرب
وخاصة دول أوروبا المطلة على
حوض البحر المتوسط، فهذا التجمع
السكاني الرهيب بما يملك من
إمكانيات بشرية واقتصادية
وبكونه بوابة إفريقيا من
الشمال، سيصبح قوة مواجهة
لأوروبا، هذه القوة لا يُعرف
حتى الآن توجهها ولا من سيديرها
ولا من سيُسيطر عليها، وستكون
بالنسبة للغرب صندوقاُ أسودَ لا
يعرف أحد أي مارد سيخرج منه،
وهذه مخاطرة كبيرة لن يجازف
الغرب بتحمل نتائجها، لذلك يفضل
وأدها من الآن. البترول
والغاز الليبيان يشكلان نسبة
كبيرة من مصادر الطاقة في
أوروبا وهناك استثمارات
أوروبية وأمريكية كبيرة في
ليبيا وفي طرق إمداد النفط
والغاز لا يمكن الاستغناء عنها،
لذلك فإن ليبيا مقسمة متناحرة،
فيها عميل غربي يمكن الضغط عليه
بسهولة وبمختلف الطرق، يسيطر
على طرق الإمدادات وعلى نصف
النفط أو أكثر،تعتبر ضمانة
للغرب من كل المفاجأت التي لا
يمكن حسابها حالياً في حال نجاح
الثورة. كما أن القذافي وأسرته
سيبقيان تهديداً دائما لتونس
ولأي قوة تظهر فيها ولأي محاولة
للابتعاد عن السيطرة الغربية
عليها. كما سيكونان حاجزاً في
وجه أي تكتل مغاربي يضم الجزائر
والمغرب وموريتانيا في
المستقبل. الشرق
الليبي المحرر حتى لو بقي
محرراً، سيظل مشغولاً بحرب
دائمة مع الغرب الليبي،
وسيشكلان سوقاً جديدة للسلاح،
يستفيد منه الغرب لعشرات
السنين، وسيشكل التنافس بين
الليبيتين خفضاً لأسعار النفط
والغاز، وستصادر كل الأموال
الليبية المخزنة في الغرب
ليستفيد منها في السنوات
القادمة لدعم اقتصاده وتدعيم
الوحدة الأوروبية التي تعاني
بعض بلدانها من مشاكل اقتصادية
ومالية كبيرة في الوقت الحالي،
وسيكون المال الليبي المُصادَر
الحل المثالي لبلاد مثل اليونان
والبرتغال وحتى إسبانيا. لقد
أخطأ الثوار واستعجلوا اللجوء
إلى الحل العسكري، مع كل
الضحايا التي سقطت في بداية
الثورة، ومع كل احتمالات
المجازر التي كان النظام سيقوم
بها، فبقاء الثورة سلمية كان
ممكناً. سيقول البعض هل كان يجب
أن نموت بلا هدف ولا سبب في
الشوارع على أيدي المرتزقة؟
والجواب ببساطة: إن موت
المدنيين العزل في الشوارع
والمدن لا يمكن أن يقبله إنسان
في العالم، خاصة إذا كان هذا
العالم مجمعاً على أن القذافي
لم يعد يملك الشرعية وأنه يجب أن
يرحل، أما موت عشرات الآلاف
الآن وهو الرقم المتوقع حتى هذه
الساعة، فمبرر بأنه قتل لثوار
يحملون السلاح في وجه حاكم قد
نختلف في شرعيته ولكنه يدافع عن
نفسه وعن حكمه. صحيح أن هذا ليس
مبرراً وليس منطقاً وليس شرعياً
ولكن نسبة التعاطف مع الشعب
الثائر ستنخفض مباشرة إلى أكثر
من النصف، والضحايا سترتفع
أضعافاً مضاعفة. لا
أدري إن كان من الممكن الآن أن
تعود الثورة سلمية وأن ينزل
الناس مرة إخرى إلى الشوارع في
طرابلس وكل مدن الغرب، وأن
ينسحب المسلحون الذين كانوا
متجهين إلى طرابلس من الشرق
ليعتصموا في مدنهم بلا سلاح،
فهذا أمر لا يستطيع تقريره إلا
من هو في وسط الثورة، ولكن هذا
هو الخيار الوحيد المطروح
حالياً كبديل عن قمع الثورة أو
عن التقسيم. الحل الآخر هو
انقسام الجيش الليبي المدافع عن
القذافي واستمرار الانشقاقات
في صفوفه والتحاق أفراد الكتائب
بالثوار، وهذا غير مضمون بوجود
قوافل المساعدات من دول عربية
وإفريقية وحتى دول أخرى اشتراها
القذافي بأمواله المسروقة من
الشعب الليبي على مدار أربعين
سنة والتي تُستعمل الآن لإبادة
هذا الشعب. أما
انتظار العون من بقية الدول
العربية فهو أشبه بأحلام
اليقظة، لأن الدول العربية إما
دول مشاركة في المذبحة، كما
تقرر الآخبار الواردة من ليبيا،
أو دول تريد إضعاف القذافي
واستبداله بدكتاتور آخر من جنسه
يعجب حكام العرب، حتى لو كان
مسنوداً بغزو أجنبي، ويبقى الحل
الأخير الذي توافق عليه الدول
العربية أيضاً وهو التقسيم، فقد
اعتادوا التقسيم في العراق
والسودان والصومال ولن يضرهم
زيادة عدد الدول العربية في
الجامعة العبرية. أتمنى
أن تكون هذه النظرة متشائمة
وغير واقعية، ولكن متابعة
الآحداث تشير بوضوح إلى هذا
الحل، ويبقى الأمل الأكبر في
الشعب الليبي وفي وعيه السياسي
واستعداده للتضحية بطرق أخرى
غير طريق السلاح. وغير طريق
الحرب حتى لو وصلته الآن
مساعدات من فرنسا أو غيرها فيجب
عليه أن يكون متأكداً أن فرنسا
وغيرها لن تمده بسلاح كافٍ
للقضاء على القذافي، بل بالسلاح
الذي يكفي لإبقاء الحرب مستعرة
لعشر سنين قادمة دون أن يظهر
فيها منتصر. أخيراً،
هذا الذي يحصل في ليبيا هو
محاولة لوأد كل التحركات في
المنطقة وإخراجها عن مسارها
الصحيح الذي بدأته في تونس ومصر
ونجحت فيه بحمد الله تعالى، وهو
درس لكل الثورات القادمة في
الدول العربية بأن تبتعد عن
العنف والسلاح مهما كانت
الخسائر، لأن هذه الخسائر مهما
عظمت ومهما بدت أنها غير معقولة
وغير مجدية، ستبقى حتماً أقل
بكثير من خسائر اللجوء إلى
العنف والسلاح، ولكنها الطريق
الأصعب على النفس، وا لطريق
الأبعد عن العقل العربي،
والتربية العربية، حتى ولو
رأينا نجاحها بأم أعيننا في
تونس ومصر، فهل سنصدق مارأيناه
بأعيننا وجربناه بأنفسنا، أم
أننا سننجرف وراء موروثنا
التاريخي المخالف حتى لموروث
الأنبياء والمرسلين؟ ========================= حيدر
حسين الموسوي* إن أهم
أمراض المجتمع التي تنخر جسده
وتهدده بالانهيار الكامل هو مرض
السلطوية، حيث أن تدخّل هرم
السلطة المباشر يجعل من
المستحيل على المجتمع أن يستجمع
قواه ويؤسس لنهضته الحضارية،
وحيث أن الآثار التي طبعت
المجتمعات الحديثة من تفشي
الفقر والمجاعة والمرض يعود إلى
الحالة الاستكبارية التي تفشت
في هذه المجتمعات ففي أكثر
البلدان تقدماً نجد أكثر من
خمسة وعشرين مليوناً من الجياع
في الولايات المتحدة وحدها وهذه
النسبة آخذة بالازدياد فما بالك
الدول التي تعاني من آثار الفقر
أصلا. ومع
هذا فإننا نلاحظ كثرة المنظمات
والمؤسسات الأهلية في هذه
البلدان، غير أن هذه التشكيلات
قد أخذت طابعاً من الرسمية مما
جعلها مسيّرة من قبل هذه
السلطات الممولة لها فأصبحت
واجهات إعلامية واستخبارية لها
في بلدان أخرى . الحالة
العراقية ليست ببعيدة عن هذه
الظاهرة , فالحكومات التي
تعاقبت على حكم العراق منذ
تأسيس الدولة العراقية الحديثة
إلى يومنا هذا هي تعاني من ثقافة
الفوقية في تعاملها مع
المحكومين , جميع ملفات إدارة
الدولة ابتداء بالملف السياسي
والأمني وانتهاء بالملف
الثقافي تؤشر على أن هناك أخطاء
واضحة في رسم السياسات لهذه
الملفات مما أنتج فئات مجتمعية
تتباين فيها الطبقية الواضحة . الطبقة
السياسية في العراق هي إلا كثر
مالا والأكثر استكبارية في
التعامل مع فئات المجتمع , يأتي
بعدها أصحاب رؤوس الأموال الذين
تربطهم علاقة ممتازة بالطبقة
الأولى في العراق( السياسية ) ’
وتليها قيادات الأجهزة الأمنية
ومن لف لفهم من أصحاب القرار في
ملف القضاء والمدراء العامين في
مؤسسات الدولة , ومن ثم أخيرا
طبقة الموظفين الصغار
المستفيدين ماديا المرتبطين
بهذا التسلسل الهرمي الطبقي . لم يبق
لنا سوى طبقة الفقراء
والمحرومين والأسر الهشة من
عمال وفلاحين ومهن حرة وموظفين
صغار كعمال خدمات و موظفي
استعلامات وحراس وهذه الفئة
معدمة بامتياز وهي تشكل غالبية
المجتمع العراقي, وهنا لم أشر
إلى الطبقة الوسطى لأنها تقريبا
شبه منهار بسبب الإستراتيجية
المربكة والمتخبطة في ظل تبعثر
للقرار الاقتصادي المناط بما
يسمى بالحكومات العراقية
المنتخبة من قبل الشعب . هناك
أحجية أو لغز حقيقي غريب عجيب
فلدينا معادلة عراقية يصعب حلها
على أفضل بروفيسور في علم
الرياضيات وهي " نظام
سياسي فاسد إلى حد النخاع لكنه
منتخب من قبل غالبية الشعب. الانتخابات
التي جرت مؤخرا في العراق
وأنتجت لنا حكومة محاصصة جديدة
تفتقر لمعايير كثر منها المهنية
والخبرة والاستقلالية عن
الحزبية وهذا باعتراف من يرأس
هذه الحكومة نفسها وجميع
المراجع الدينية العليا في
العراق والتي وصفت بأنها (
تشكيلة حكومية مخيبة للآمال)
شكلت بتوافقات سياسية من قبل
رؤساء الكتل في المجلس النيابي
الذي انتخب أشخاصه من قبل
الشارع العراقي ولكن هل فعلا
قناعات شعبنا كانت موجودة لدى
الناخبين عندما صوتوا لهم ؟ إنا
اشك واعتقد بان الانتخابات أيضا
جرت على أساس الاستقطاب المذهبي
والقومي والعرقي والدليل على
ذلك أن اغلب الوجوه الكالحة
ممثلة في هذه البرلمان الجديد. الخلل
الموجود في التركيبية الذهنية
للناخب العراق والموروث
الثقافي القديم والمظلومية
التي عانت منها مكونات بعينها
بسبب الطائفية السياسية
والمذهبية ,هي التي تلعب دورا
كبيرا في التلاعب بإرادة الناخب
العراقي في كل انتخابات, هذه
الورقة التي لا يتمكن الشعب
العراقي من حرقها ستبقى متحكمة
ومتسيدة في جزء كبير من رسم
ملامح كل مرحلة جديدة من عمر
الدولة العراقية . *كاتب
ومحلل سياسي ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |