ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سورية
بين المظاهرات و المسيرات د.
محمد المحمد – سورية/حلب استيقظت
المدن السورية اليوم على وقع
مسيرات مليونية عارمة طالما
ألفها السوريون و ألفتهم و هذه
المسيرات لا تختلف عن سابقاتها
بشيء مطلقاً فكما اعتدنا منذ
الصغر و في عيد تأسيس الحزب و
ذكرى الحركة التصحيحية المجيدة
كما كانوا يقولون لنا اعتدنا أن
تعطَّل أو تشل الدولة بالكامل
لا فرق حيث تصل خطابات رسمية من
كافة الوزارات لفروعها
بالمحافظات أن يوم غد هو يوم فرح
وطني على كافة العاملين في
المؤسسات الحكومية أخذ تفقدهم
اليومي في الساحة الفلانية
القريبة أو البعيدة عن ساحة
التجمع المركزي
و على الجميع التقيد
بالحضور تحت طائلة المسؤولية
الفردية لكل غائب و هذا ما حدث
اليوم حيث تم التنبيه على طلاب
المدارس الابتدائية فقط أن لا
يأتوا أما الثانوي و الجامعات و
كل الموظفين فسيتم أخذ التفقد
صباحاً قبل الانطلاق للمسيرة
الكبرى . لماذا تم استثناء طلاب
المرحلة الابتدائية هذه المرة
لا أحد يدري و هل للطلاب
المعتقلين في درعا و هم من
المرحلة الابتدائية علاقة
بالموضوع و هل خشيت الدولة أن
يقوم زملائهم من باقي المحافظات
بتقليدهم داخل مسيرات التأييد
فيهتفوا بذاك الشعار المشئوم ( الشعب
يريد إسقاط النظام ) ربما .
المهم أن جميع الموظفون و
الطلاب التزموا بالحضور كما
اعتادوا سابقاً و لكن ما يختلف
هذه المرة أن الجميع يشعرون
شعوراً عميقاً أنها ربما تكون
الأخيرة أو حتى ما هو أقل من ذلك
من أن الدولة بحاجة لمن يقف معها
بعد أن شاهدت و للمرة الأولى منذ
عقود من يقف ضدها في ما يسمى
بالمظاهرة فلأول مرة يشعر
السوريون أن الرئيس مختفي بعد
تأخر ظهوره و بعد أن أعلن فاروق
الشرع أنه سيظهر في غضون يومين
فقد اعتادوا أن يخرج في مثل هذا
اليوم من شرفة قصره ليلوح
للجماهير بيد واحدة أو كلتا
اليدين بالقبضة ليذكرهم بقبضته
الحديدية التي لن يستطيعوا
مطلقا التخلص منها تحت شعار (
إلى الأبد ) أما و قد سقط هذا
الشعار في بعض الدول العربية مع
سقوط حكامها فقد سمعنا اليوم في
مسيرات التأييد شعارات جديدة
تطلق للمرة الأولى و على وسائل
الإعلام المباشر لتردد في ساحات
المسيرات و هذا الشعار الجديد
هو بالحرف الواحد ( مطرح
ما الأسد بيدوس نحن بنركع و
بنبوس ) نحن
نركع و نقبِّل ما تحت أقدام
الأسد و ليس أقدام الأسد فقط و الفرق
الآخر في هذه المسيرات أن هناك
طبقة لم تكن ترى في مسيرات
التأييد السابقة و هي طبقة
أبناء أصحاب النفوذ و أبناء
مسئولي الأمن رغم أنهم لم
يوسخوا أقدامهم بالنزول
للشوارع بل بظهورهم في سيارات
يطوفون بها الشوارع المحيطة
بالمسيرة و هي ما عرفت بمظاهرات
الهمر و السيارات من دون نمر حيث
شوهد الكثير من سيارات الهمر
الأمريكية السوداء بزجاجها
المعتم و سيارات حديثة من
موديلات غريبة و نادرة من دون
لوحات و أرقام حيث تم وضع عبارات
من قبيل فدى الأسد و جنود الأسد
مكان اللوحات و استمرت هذه
السيارات المغطاة بصور الرئيس
بالتجول في الشوارع حتى بعد
انتهاء المسيرات لتلفت النظر في
الأحياء البعيدة عن مكان
المسيرات و هكذا انقضى يوم
المسيرات في
سورية بانتظار يوم مظاهراتها
الجديدة بعد أن أطلقت مظاهراتها
في كل المدن السورية منذ الخامس
عشر من آذار رافعةً شعار ( الشعب
السوري ما بينذل ) في حدث
لفت أنظار العالم بعد سكوت طال
لعقود و بعد أن تأخرت الثورة
السورية عن نظيراتها في الدول
العربية فأطلقها من دوم قصد
طلاب المرحلة الابتدائية في
درعا و الذين دفعوا ثمنها
أظافرهم التي اقتلعت في فروع
الأمن بعد أن اعتقلوا لمدة شهر و
نصف لتنفجر درعا دماً و شهداء و
جرحى تتلوها المدن السورية
الواحدة تلو الأخرى و لكن
المراقب يلاحظ أن المدن التي
بدأت بالثورة هي المدن التي لم
تشهد مجازر في الثمانينيات أو
ما يسمى بالمدن البيضاء ( درعا
بانياس حمص دمشق ) لتتخضب بلون
الدم من جديد كما تخضبت أخواتها
في مجازر الثمانينيات فأصبحنا
نسمع عن مجزرة درعا و مجزرة
الصنمين كما سمعنا من قبل عن
مجازر حماة و مجازر حلب و مجازر
جسر الشغور
و تدمر و إدلب في ما يسمى
بالمدن الحمراء في الثمانينيات
لتتساوى جميع المدن السورية و
تصبح جميعها حمراء الآن و إذا
كان النظام السوري نجح بتحييد
بعض المدن في الثمانينيات فإنه
يواجه ثورة تندلع من هذه المدن و
تصيبه بالارتباك و الخوف فكيف
سيكون حاله إذا انفجرت المدن
الحمراء بما تختزنه من دم و
أشلاء و مفقودين و مهجَّرين و
مجازر ظن النظام أنها نسيت و
لكنها تختزن كل هذا لتظهره في
الوقت المناسب و تقلب المعادلة
رأساً على عقب فعمالقة الشمال
قادمون. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |