ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 31/03/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الشعب يريد السيد الرئيس ، الشعب يريد أن يبقى تحت الجزمة!

نوال السباعي - مدريد

حزن وألم عميقين..يتملكان المرء وهو يرى مايحدث في شوارع دمشق وطرابلس وصنعاء ، تتطابق الخطوات التي تتخذها هذه الأنظمة بشكل مذهل ، يحاكي كل منهم صاحبه ، ولايفهم ، ولايتعلم ، ويظن أن "خصوصيته" مانعته ، يلجأ كل منهم بدوره إلى حشر شعبه بأوامر ملزمة  ليطبل ويزمر ويرقص ويغني – على رأي القذافي- ، كالمهووسين في حلبات الجنون ، وبالضبط كما فعل القذافي وأبناؤه ، وعلي صالح وأسرته ، وصل الدور على النظام السوري الذي كان كثيرون يظنون أنه خير من صاحبيه ، فإذا به لايختلف عنهم إلا في صغر سن الرئيس ، وأناقة أدائه مقارنة مع صاحبيه هذين .

قتل وحشي عشوائي – فقط للمتظاهرين ضد النظام، الخونة ، المارقين، المدسوسين- ، عصابات من الأغوال الجَرْعَبيلية  التي تختلف تسميتها من قطر إلى آخر- انظر ترجمة الجَرْعَبيل في مفردات الوحوش- ! من بلطجية إلى شبيحة إلى أولاد حرام !، اعتقالات تعسفية همجية ، تهديد بتمزيق البلاد ، وإثارة النعرات الطائفية ، وإشاعة الفوضى ، في حال تخليهم عن الحكم الذي يستمرون فيه جميعا - مساكين – رغم أنوفهم رأفة بشعوبهم !!، ادعاآت المؤامرة الخارجية ، وليس لوضع البلد ومافيها من فقر وذل وخوف أي علاقة إطلاقاً!، بل إن هذه البلاد تعيش حياة الرخاء والحقوق التي تحسدها عليها سويسرا نفسها!،بل ويتمنى سكان سويسرا وألمانيا الهجرة إليها !- حسب أبواق النظام الموزعة على الفضائيات الناطقة بالعربية الثلاث الرئيسية ، العربية ، والبي بي سي، والجزيرة التي التحقت بالركب في آخر المطاف تحت الضغط الشعبي الكبير-.

 توزيع الاتهامات على كل حرّ شريف يأبى السكوت ، وخاصة على المغتربين ،من صفوة الصفوة من المهاجرين والمهجرين ، لا لأنها ضاقت بهم البلاد والعباد ، بل سياحة من عند انفسهم !، والذين كانت مستشارة الرئيس السوري عينها وزيرة لشؤونهم !!.

 ركوب موجات الثورة ، حتى أن المستمع إليهم وإلى كلماتهم "العبقرية" يخلط بينهم وبين الثوار ، من حيث المطالب والفكر والصياغة !!، إعلام كاذب يبلغ بهتانه كل مبلغ ،يوظف أبواقه التي توزع الدجل والكذب على الآفاق ، أفظع مافيهم ظنهم أن الناس لهم مصدقون !!،لقد امتهنوا الكذب واستمرأوه حتى صدقوا أنفسهم – كما قال الرئيس السوري - الذي قليل عليه أن يكون زعيما للعرب والمسلمين ، ولكنه يستحق أن يكون زعيما للكرة الارضية – كما قال أحد ممثلي الشعب السوري- وبعض الكواكب والمجرات!!.

 

بدلا من الاحتكام الى صناديق الاقتراع ، يرسل الطغاة  في المدائن حاشرين ، ليثبتوا لعالم يعرفهم أن الشعب يؤيدهم ، مجلس المنافقين يقول : "الله ، سورية ، الرئيس ، وبس" ، والرئيس الذي بدا واهنا ومرهقا ، يصحح للمنافقين ويقول لهم : "الله ، سورية ، الشعب "!، المنافقون يتهمون كل من يفتح فمه بالخيانة وبأنه لايحب الرئيس ، والأحرار الذين يتجرأون على القول في هذه الأيام بالغة الصعوبة والخطورة ، هم أشد حبا وإشفاقا عليه من المنافقين الكذبة ، لأن هؤلاء يخدعونه ، وأولئك يخلصون النصح لشعبهم وأمتهم ولايخافون في الله لومة لائم، ولايطمعون إلا في تحرير شعوبهم من الذل والمسكنة .

الشعب يريد السيد الرئيس ، الشعب يريد أن يبقى تحت الجزمة ، الشعب يريد أن يموت جوعا ، الشعب يريد أن تتحكم في حياته وموته أجهزة الغُناجَل الأمنية المتوحشة – انظر القاموس المحيط !- ، الشعب يريد أن تستمر عصابات السراق في نهب كل خيرات الشعب وثرواته، الشعب يريد أن يبقى متخلفا ، محصورا في القرون الوسطى ، وإن كان يرتدي ربطات العنق التي يمكن أن يُجَر منها نحو حتفه لو تفوه بكلمة حق واحدة !.

لعبة قديمة ، وطاعة معروفة ، تحت تهديد الخوف ، الخوف يصنع بالإنسان مالايمكن أن يفعله أي شيء آخر ، لقد حول الخوف المنطقة العربية وخلال نصف قرن إلى مزارع خاصة بالمستبدين ، تحشد فيها الجماهير وكأنها قطعان خاصة بهم ، يمتلكون حياتهم ومصائرهم وأقدارهم ..وموتهم – بالطبع- ، يحركونهم كيفما شاؤوا وأنى شاؤوا ، يرثونهم ويورثونهم كممتلكات شخصية ، ويسوسونهم بالخوف ، هذا الخوف الذي أحدث البوعزيزي في جداره ثغرة ، مازالت تتسع على الراقع ، وامتد التسونامي ، ومازال ، ولاعودة إلى عهود الخوف والجوع والإهانة ..على الرغم من المجعجعين والخائفين والمرتجفين والمرعوبين والحريصين على فتات يرميها لهم "أسيادهم" ، خاصة من أصحاب الجبة والعمامة ، والجبة والعمامة منهم تستغيث.

أشفق أحياناً على بعض هؤلاء الرؤساء ، من مثل هؤلاء الذين يشكلون مجالس المهرجين والذمالقة – انظرإحدى الموسوعات اللغوية !-  المسماة مجالس الشعب والشعبيات والثوريات والجماهيريات ، أشفق لهم بصدق ، عندما يكونون أصحاب عقائد قومية ووطنية ، ومواقف صامدة لدعم القضية ، يتفق معهم عليها حتى ألدّ أعدائهم ومعارضيهم من أبناء الوطن الواحد،أشفق عليهم لأن الحق لايحتاج إلى الظلم والاستبداد ليكون أبلجاً، ولأن الباطل لا ولن يكون حقا قط ولو وقفت قوى الأرض كلها معه.

لقد انطلق المارد ، ولارجعة إلى الوراء ،باذن الله، بشارة نزفها لكل مستبد متمسك بخصوصيته ، وإلى رفاق دربه ممن يدعمونه في ظلمه وقهره من المحيط إلى الخليج ، سواء كان المقهورون شيعة أم سنة أم نصارى أم أمازيغ أم أكرادا أم أقباطا أم عربا ، إنها الثورة ، وإنه استيقاظ أمة ، ونهوضها من مواتها بكل مايستدعيه ذلك من وقت وشهداء وتضحيات ، لقد سُدِدَت للأمة ضربة  أرادوها قاتلة ، فدخلت في مرحلة سبات سريري ، وظننا أنها لن تنجو ، ولكنها قامت .

إنها الثورة ،  وقد ولدت للتو من تونس ومصر ، وإن الحرية تؤخذ ولاتمنح بفرمانات إصلاحية ، إنه الشعب عندما يعرف مايريد ، ويقرر أنه يريد أن لايكون في سياق العبيد.

 

يسألونك ..في الحالة السورية عن درعا ، ولماذا الثورة من درعا ؟! وهو سؤال عجيب ، ولكن من يعرف أكاذيب هذا النظام واختلاقاته لايتعجب منه كثيرا !، لقد اعتقلت قوى "الأمن" في درعا أطفالا!! ، أطفال لم يبلغوا الحلم ، كانوا يلعبون لعبة الحرية ، التي مافتئوا يشاهدونها على الهواء مباشرة منذ ثلاثة أشهر في الفضائيات ، ومنها الفضائية السورية نفسها التي نقلت وقائع خلع حسني مبارك في بث حي ومباشر ، واثقة بأن أجهزة قمعها قد استلت من الشعب وإلى الأبد ، الشعور بالكرامة ، والرغبة في الحرية ، و…إرادة الحياة .

كيف يمكن لشعب كائنة ماكانت الجراح التي كسرت ركبتيه أن يترك فلذات أكباده في سجون القتلة؟!، ولو أن الامر اقتصر على اعتقال هؤلاء الأطفال لكان جريمة يستحق عليها كل من تورط فيها السجن مع الأشغال الشاقة المؤبدة ، فمابالنا ، وقد عذب هؤلاء الأطفال ، شوهت طفولتهم ، وهدرت حرمة براءتهم ، أراد الجلادون القتلة أن يردعوا بهذا الإرهاب الأرعن شعباً ، ظنوا أنه قد مات في حماة وحلب وتدمر قبل ثلاثين عاماً.

 

الكلمة الأخيرة دوما هي للشعب ، فهو الحَكم طال زمان اغترابه وتغييبه أم قصر ، ولاأحد على الإطلاق يرغب في الفوضى والخراب وسيل الدماء ، الكل متفقون على أن محاولات الإصلاح بالتي هي أحسن ، هي رغبة الوطنيين الشرفاء من الحكام والمحكومين الحريصين على أمن بلادهم ، وحقن دماء شعوبهم ، ولكن لاأحد يختلف على أن الأمن والاستقرار لايجب ان توضع في مقابل كرامة الإنسان ، والوحدة الوطنية وخدمة القضية الفلسطينية لايمكن أن تكون أبدا مقابل الحرية .

 

كل الإجراآت التي "سَ" ، و"سوف"، يدرس اتخاذها النظام السوري في المكان المناسب والزمان المناسب – كما عودنا-  ، وسيدعي شرف منحها لشعبه ، إنما هي منحة خاصة ، تفضل بها  شعب درعا وشهداء درعا وأطفال درعا على سورية .

 إنها لعبة السيادة ، فالأحرار هم السادة ، لقد ولت الأزمان التي يكون فيها فرد واحد  سيداً للبلاد ، ولاسيد لهذا الوطن إلا الشعب ، ولكن ليس ذلك الشعب المستعبد الذي يمكن جره وحشره للتصفيق للطغاة ، ولكنه الشعب الذي انتفض واستشهد من أجل حريته وكرامته وأطفاله ، الذين سيطالبون بحقهم عاجلا ام آجلا ، قط..لم يتمكن الجلادون عن طريق قلع الأظافر من التمكن من رقاب أمة ..وإلى الأبد.

============================

تمخض الأسد فولد صفرا

أحمد الريسوني

مخاض الرئيس بشار الأسد كان طويلا مملا؛ فمنذ أسبوع أخبرتنا مستشارته لُعَينة شعبان أن القرارات الإصلاحية التاريخية قد اتخذت، ومنها قانون الطوارئ الذي أَعلنت أنه سيرفع "بالسرعة الكلية"؟!. ثم بدأ التبشير بخطاب قريب للرئيس الأسد سيعلن فيه الخطوات الإصلاحية الفعلية. وأعلن التلفزيون الرسمي السوري أن كلمة الرئيس ستبث بعد قليل. وانتظر الناس أمام الشاشات ولم يأت هذا الخطاب لا بعد قليل ولا بعد كثير. ولما كثرت التكهنات والتساؤلات عاد الحديث عن خطاب قريب للرئيس، ثم قيل إنه سيكون في غضون يومين، وأعلن نائبه فاروق الشرع، أن الخطاب سيرضي الجميع بما سيحمله من قرارات وإصلاحات...

وجاء الخطاب أخيرا، جاء يوم الخميس ليسبق يوم الجمعة، وما أدراك ما يوم الجمعة.

جاء الخطاب عبارة عن مسرحية ثقيلة متخلفة تنتمي إلى عصر كدنا ننساه.

وعلى مدى ساعة تقريبا كان الرئيس يثرثر ويضحك، ثم يثرثر ويضحك، وهكذا من بداية الخطاب إلى نهايته، مما ذكرني بالمثل العربي القائل: الضحك بدون سبب من قلة الأدب. ولكن كثرة الضحك لم تخفِ التوتر المخيم على ملامح الرئيس وكلامه المضطرب.

ولكي لا يبقى الأسد وحده يثرثر ويضحك جمعوا له قطيعا كبيرا، يصفقون ويهتفون، وأحيانا يرددون مقاطع غزلية شعرية أو نثرية موجهة لأسد الغابة.

الرئيس السوري - كأسلافه: التونسي والمصري والليبي واليمني - لم يفُته أن يتحدث عن المؤامرة الخارجية ضد بلاده... ولم يفته كذلك - مثلهم تماما - أن يتهم القنوات التلفزيونية بالتحريف والتحريض... إلا أنه أضاف شيئا جديدا استفاده من التجارب السابقة لزملائه، وهو تنبؤه بأن هناك من سيقولون عن خطابه: هذا لا يكفي. وهنا ضحكتُ أنا أيضا قائلا في نفسي: ما الذي قرره أو أعلنه أو أضافه هذا الخطاب حتى يقال عنه: إنه لا يكفي؟ فهو لم يقدم أي شيئ ولم يأت بأي جديد.

فحتى المهزلة الدستورية الشهيرة التي ينفرد بها ما يسمى بالدستور السوري في مادته الثامنة لم يشر إليها بشار لا من قريب ولا بعيد، مع أن هذه المادة تعطي الحق لحزب البعث أن يمتلك ويستعبد سوريا وشعبها إلى الأبد. وهذا نصها:"حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة، ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية"

ولذلك أقول باختصار: لقد تمخض الأسد فولد صفرا.

=======================

سورية بين ثورة الشعب ومراوغة السلطة ... التغيير الجذري هو الهدف.. والحاضنة الوطنية الشاملة وسيلة.. والترقيعات عقبة

نبيل شبيب

لا يمكن الخروج من الوضع الحالي في سورية إلا بالتغيير الجذري الشامل، فقد بلغ الاستبداد والفساد مبلغا جعل كل عملية إصلاح ترقيعية عبثا على افتراض صحّة نوايا الترويج لها، ووصل مع تطاول العقود المتوالية إلى درجة ضيّعت الحدّ الأدنى من الثقة بالسلطة ووعودها.. بل هذا وذاك ما يكشف عنه قول رئيس الدولة السورية عقب اندلاع ثورة الأحرار في مصر، حول "ضرورة الانتظار في سورية جيلا آخر.. لتحقيق الإصلاح كما ينبغي"، إنّما يعزّز هذا القولُ أيضا الأدلّة العديدة على غياب نوايا حقيقية لدى السلطة بشأن الإقدام على إصلاح جذري حقيقي الآن.. ولا في المستقبل القريب، وهي تعلم أنّ مطالب الشعب الثائر لا تحمل عنوانا آخر سوى عنوان التغيير الجذري الشامل.

إنها سلطة حريصة –إذا استطاعت- على إرغام جيل ثالث من شعب سورية على "الخضوع" للاستبداد والفساد والقهر.. أو هي حريصة على "انتظار" وصول "جيل ثالث" إلى السلطة الاستبدادية المتوارثة.

 

وضوح الهدف.. ووضوح المراوغة

على هذه الخلفية لمنطلق السلطة في سورية وطريقة تفكيرها وتدبيرها، ما بين "ضخامة" الاستبداد والفساد و"الحرص على استمراره"، ينبغي التساؤل عن موقع المسلسل الأخير المتتابع من وعود وتصريحات تلهث على إيقاع الرصاص الحيّ وتحدّيات الثوار، وتشييع الضحايا وهتافات الصمود، وأصوات تمنّ على الأحرار المعتقلين إن أفرج عنهم بعد اعتقال غير مشروع ومواصلة اعتقالات عشوائية أخرى بأعداد مضاعفة، ثمّ ادّعاء الاستعداد للحوار حول مطالب الثوار الأحرار الأطهار، متزامنا مع مسلسل ابتكار الاتهامات المتناقضة، المسيئة إلى شعب سورية من خلال الافتراء على الثائرين وهم يقدّمون الدماء، إلى درجة توزيع الشتائم المتناقضة ما بين وصف الحشود الحاشدة بحفنة من المشاغبين تارة، ووصفها بالغباء تارة أخرى بزعم أنّ "الثوار" ألعوبة في أيدي "أفراد" مندسّين!..

جميع ذلك أوهن من أن يحجب عن العيان أمرا حاسما واضحا، لقد حدّدت الثورة هدفها.. والسلطة تعلم ما هدف الثورة حق العلم:

المطلوب هو التغيير الجذري الشامل وليس المراوغات مع إراقة الدماء، ولا الوعود القديمة بصيغ جديدة دون الوصول بها إلى مستوى مطالب الثائرين المشروعة.

لقد أدركت السلطات في سورية ما يعنيه انطلاق ثورة شعب سورية طلبا للكرامة والحرية، للحق والعدالة، للحياة الدستورية المشتركة الجامعة لكافة فئات الشعب الواحد وأطيافه، ولكن لا يبدو على السلطات أنّها أدركت استحالة مخادعة شعب سورية، لسبب بسيط، أنّها تنظر بمنظار واحد: الخطر على السلطة.. وليس الخطر على سورية وشعبها وحاضرها ومستقبلها.

أمّا أنّ تتحدّث الوعود الجديدة عمّا كانت السلطة تعتبره من المحظورات مثل حالة الطوارئ واحتكار الحزب للسلطة، وما شابه ذلك، فما دامت السلطة تنظر بمنظور الخطر على نفسها قط، فهي تعبّر بذلك عن إدراكها أنّ هذا الخطر قد استفحل من خلال الثورة، وأن ترسيخ أركانها مجددا يتطلّب "رفع سقف الكلمات في الوعود" ولكنها لا ترفع في الوقت نفسه "سقف الإجراءات الفعالة" لإيجاد أرضية ثقة جديدة وشق الطريق أمام التغيير الجذري الشامل.

 

مناورات "مكانك راوح"

مشكلة السلطة أنها أصبحت بحدّ ذاتها كلمة مرادفة للاستبداد والفساد، ولهذا ترى في كلّ تحرّك للتخلص من الاستبداد والفساد تحرّكا في اتجاه تبديل السلطة نفسها، وهي لا تريد مهما بلغت عواقب الاستبداد والفساد، ومهما ظهر من اشتعال الثورة ضدّ الاستبداد والفساد واضحا جليا.. لا تريد أن تقبل بتحويل نفسها إلى جزء من الشعب عبر صيغة قويمة للدولة يجد المرتبطون بالسلطة الحالية لأنفسهم فيها مكانا ما.. ولكن بجوار سواهم، وليس فوق أعناقهم، يشاركون في القرار، ولكن لا يحتكرون القرار.

من هنا كثيرا ما يتردّد تعبير "قرار جريء" في الحديث عن "مخرج" ما، فالمقصود قرار تتجاوز السلطة به نفسها قبل أن تتجاوزها الثورة.. قبل أن يتحوّل هدف التغيير الجذري الشامل، إلى هدف إسقاط النظام، ثم يتحوّل هدف إسقاط النظام، إلى هدف محاكمة أركان النظام. إنّ استباق السلطة لهذا التطوّر المحتم في مجرى الثورات مهما تبدّل بعض المعطيات بين بلد وبلد، لا يمكن أن يتحقق عن طريق:

1- إلغاء الطوارئ شكلا.. دون إلغائها مضمونا، فهي موضع التطبيق بحكم التسلّط المطلق في غياب أيّ محاسبة، وهذا وضع لا يتبدّل بإلغاء حالة الطوارئ، ثمّ دون إلغاء التشريع غير المشروع لصلاحية ممارسة ما تجري ممارسته تحت عنوانها وإن ألغيت، علاوة على عدم إلغاء صلاحية جهة واحدة، كالرئاسة، أو الحزب، إلى فرضها في أي وقت وفق معايير فاسدة توصف بالصلاحيات الدستورية.

2- فتح أبواب تعدّد الأحزاب.. ولكن عبر اغتصاب الحزب المتسلّط حاليا صلاحية أن يحدّد هو الأحزاب التي يمكن أن تظهر وتعمل، أو "النوعية الحزبية" التي يسمح بها وتلك التي لا يسمح بها.. فذاك هو استمرار الاستبداد بعينه، وتلك هي الوصاية غير المشروعة لفئة من الفئات على سائر الفئات.

3- تخفيف القيود على وسائل الإعلام.. وسبق تخفيفها ثم إلغاء التخفيف، وسبق ظهور وسائل إعلام ثم إغلاقها، وظهور أخرى وتعرّضها لضغوط تسلطّ الفساد المالي حتى هجرت موطنها السوري.. إن حرية الصحفيين التي تتحدّث عنها الوعود الجديدة، هي جزء من ألف جزء مما تعنيه كلمة "حرية التعبير" الأصيلة في مختلف الشرائع والمواثيق، وإنّ حرية التعبير هي جانب واحد من جانب الحقوق والحريات الإنسانية، التي لا يمكن أن تتحقق من خلال اغتصابها ثم السماح ببعضها، بل اعتبار الاغتصاب غير المشروع أمرا دستوريا وقانونيا لمجّرد تزييف الدستور والقانون وفق ممارسات "الاحتكار الحزبي" واعتبار السماح ببعض الحقوق والحريات منحة من جانب الحاكم وحزبه الاستبدادي.

إنّ هذا الذي طرحته السلطات السورية وما يشابهه، على إيقاع الثورة المتوسعة نوعيا وجغرافيا، ليس إلا محاولات "ترقيع" يُعطى عناوين كبيرة لأن الثورة فرضت استخدام" تعابير" كانت محظورة، ولكن لا يُعطى من المضامين ولا الآليات ولا تثبيت مواعيد زمنية شيئا يسمح باعتباره جادا يستحق الثقة، ويستحق التجاوب.

الاستبداد يدرك تماما أنّ ما يقدّمه لا يزيل استبدادا ولا فسادا، ويدرك أيضا أن الوعي الشعبي أعلى بكثير من أن يقبل بمناورات لا تقدّم ولا تؤخّر، فكان الرفض الشعبي محتّما، وأصبح الاحتمال الأكبر أن تزداد الثورة مضاء وانتشارا، وأن تزداد السلطة خوفا وقمعا، فكأنّها بمناوراتها عازمة على تصعيد الثورة وليس التعامل معها، وعلى تصعيد القمع وليس الاستجابة لمطالب الشعب الثائر.

 

عبث استبدادي أمام ثورة عارمة

في بعض ما يُطرح للتشاغل به إلى جانب المراوغات الصادرة عن السلطة ما لا يستحق في الأصل وقفة طويلة عنده، إنّما يراد وضعه في الواجهة مؤخرا، كي يتحوّل الجدل حوله إلى "ألهية" عن جوهر القضية في سورية: قضية التغيير الجذري، وأبرز الأمثلة على ذلك:

1- المحاولة البائسة للمقارنة بين الاحتجاجات الجماهيرية في كافة المدن السورية.. وتسيير مظاهرات "تأييد للنظام"، ويكفي لبيان مدى تهافت هذه المقارنة التنويه إلى أنّ من يخرجون تأييدا يخرجون (على افتراض أنهم ليسوا من الميليشيات بلباس مدني أو من المنتفعين من الاستبداد والفساد) وهم مطمئنون إلى أنهم لا يواجهون "الرصاص والاعتقال والتنكيل والتعذيب" بل ينالون "الجوائز المالية وسواها.. أمّا من يخرج محتجا متحديا الاستبداد طارحا مطالبه المشروعة، فيخاطر بنفسه وروحه وربّما ببعض أهله، وهو يعلم ما تعنيه "كلمة البطش القمعي الاستبدادي" القائم في سورية منذ عشرات السنين، ولو خرج ألفٌ من أهل سورية على هذه الشاكلة فهم يمثلون مليون فرد سوري، وعندما يخرج عشرات الألوف رغم المخاطر، في عشرات المدن، فهم شعب سورية،وما سوى ذلك إنّما يعود إلى أحضان المواطنة في سورية وإلى الانتساب لشعب سورية بقدر ما يتخلّى عن المشاركة في ممارسة القمع ضد الشعب، أو دعمه، أو الاحتماء به، أو الانتفاع من خلاله.

2- مزاعم السلطة للتبرّؤ ممّن باتوا يُعرفون في سورية بالشبّيحة، أو الزعران، وعرفوا في سواها بالبلطجية، وهي مزاعم لا يدعمها تلويح السلطات بسقوط ضحايا من "أفراد الأمن" فأفراد الأمن هم في الأصل من شعب سورية، ولئن استهدفهم رصاص الاستبداد مقنّعا في شكل "قنّاصة مجهولين" و"زعران مجرمين" وحتى أشباح من كواكب أخرى، فالاستبداد الذي يطلق النار على المدنيين المحتجين من أهل سورية لا يتورّع أن يشمل ذلك بعض المنتسبين لأجهزة "الأمن" ليروّج لنفسه –تحت ضغوط يأسه من مواجهة الثورة- مزاعم لا يصدّقها هو نفسه فضلا عن أن يصدّقها سواه.. هذا علاوة على ذلك "التوافق الزمني العجيب" أن يصنع هؤلاء ما يصنعون فتكا وتقتيلا عشوائيا، مرة بعد أخرى، بعد فترة وجيزة من انسحاب قسم كبير من "الأجهزة الأمنية الرسمية" بعيدا عن مرمى النيران الإجرامية، وكأنّها تخلي لها الساحة.

إنّ كل إنسان يُقتل في سورية، تحمل السلطة الاستبدادية المسؤولية الأولى عنه، إمّا لأنّه يقتل نتيجة أوامر صادرة عنها، أو يُقتل نتيجة عجز –مزعوم- عم حماية الشعب من القتلة والمجرمين.. وفي الحالتين لا يبقى حكم في السلطة.. إذا كان يحترم نفسه.

3- فتنة الطائفية التي وردت على ألسنة مسؤولين.. ومن يردّد كالببغاء ما يقول المسؤولون في سورية، وما عرفت سورية في تاريخها فتنة الطائفية ولكن عرفت فتن الاستبداد بمختلف أشكاله، بما في ذلك الاستبداد الذي يعبث بالتعدد الفئوي والطائفي في سورية دون إحساس بالمسؤولية، ليمكّن لنفسه ويمارس تسلّطه.. على الجميع، وليس على طائفة دون أخرى ولا فئة دون فئة، وليستعين بمن يواليه في ارتكاب جرائم الاستبداد والفساد من الجميع، وليس من طائفة دون طائفة، أو فئة دون فئة.

إنّ قضية سورية هي قضية التغيير الجذري.. أي إنهاء الاستبداد والفساد، وليست قضية فئة ضد فئة، ولا طائفة ضد طائفة، ولا حتى اتجاه حزبي ضد اتجاه حزبي آخر، وكلّ ما يصدر في اتجاه التلويح بفتنة طائفية، أو التحذير منها، أو اللعب بورقتها، إنّما ينتمي بنفسه وبأطروحاته إلى الاستبداد والفساد، وليس إلى الثورة الطاهرة والثائرين الأطهار، وليس إلى الحاضنة الوطنية التي تتسع للجميع دون تمييز بين حقوق وواجبات، وما أحدث الشروخ في هذه الحاضنة شيءٌ كاحتكار الحزب الواحد، أو الرئيس، أو الفئة الموالية للرئيس من مختلف التوجّهات والانتماءات، لصناعة القرار رغما عن أطياف الحاضنة الوطنية الواسعة المشتركة.

4- لعبة الأيادي الأجنبية.. والمتسللين عبر الحدود.. وما شابه ذلك من أباطيل، هي ذات اللعبة التي يستخدمها الحاكم المستبد الذي كان وجوده لعشرات السنين مرتبطا بمساومات مع القوى الدولية على بقائه، تارة ليضرب قضية فلسطين كما صنع في تل الزعتر وما بعدها، وتارة أخرى ليتحرّك –ضمن خطوط حمراء لا يتجاوزها- في ممانعته ودعم المقاومة (القائمة خارج حدود سورية أصلا لأن السلطة تمنع نشأتها داخل الحدود) وهذه الخطوط الحمراء، هي التي تجعل القوى الصهيوغربية الآن لا تتورّع عن الإعراب عن خشيتها من وصول إرادة الشعوب إلى صناعة القرار، في سورية وسواها، فهذا –وحده- ما يمثل دعم قضية فلسطين ودعم المقاومة، دعما شريفا قويا بإنجازات حقيقية، ويمثل خطرا على مطامع الهيمنة الأجنبية.

لا يمكن أن يكون الثمن المشروع والضروري والواجب لمواجهة القوى الدولية –لو صدقت السلطة في مواجهتها- هو الاستبداد والفتك بشعب سورية أو أيّ شعب آخر في المنطقة.

ولا يقبل إنسان فلسطيني مخلص لقضية فلسطين أن تصبح قضية فلسطين المحورية المركزية للعرب والمسلمين جميعا، ورقة اهترأت لكثرة استعمالها في تسويغ الاستبداد وممارسة الفتك بالإنسان السوري أو سواه.

5- الفزّاعات.. عنوان آخر ممجوج من كثرة تكراره، وقد استهدف الإسلاميين في الدرجة الأولى، وكما صنع بن علي، ومبارك، والقذافي، وحتى حاكم اليمن، بدأت السلطات في سورية تلوّح بالعنوان الممجوج ذاته، وتتحدّث عن "أصولية إسلامية".. واللعبة هي ذات اللعبة، ويبلغ الإجرام عبر العبث بها مستوى مخزيا جديدا، عندما يصبح التخويف من هذه الفزّاعات وسيلة لشراء "سكوت القوى الدولية" (جنبا إلى جنب مع الحديث عن الممانعة!) على فتك السلطة بالشعب الثائر، وإراقة الدماء، ومصادرة الحريات.

إنّ شعب سورية وليس المتسلّط على الشعب باحتكار السلطة كما هو الحال في سورية الآن، هو وحده صاحب الكلمة الحاسمة في طريقة التعامل المشروع العادل، المنبثق عن الآليات الدستورية القويمة والاستقلالية القضائية النزيهة، ضمن كيان حكم عادل، في دولة سويّة –وليس في صيغة تسلّط استبدادية فاسدة شاذة- بشأن الأصوليين والمتطرّفين والإرهابيين –وسوى ذلك من الأوصاف والنعوت التي باتت توزّع بلا حساب ولا ضابط ولا هدف مشروع- والتي تشمل مختلف الانتماءات والاتجاهات، ولا يتركز الحديث في إطارها على الإسلاميين، بسبب العنف وقد بات عنف الاستبداد أكبر وأخطر، ولا بسبب التطرّف، والاستبداد هو حاضنة أخطر أشكال التطرّف، إنما بات استخدام هذه الفزاعة، مع ربطها بالإسلام والإسلاميين بالذات، تجاه القوى الدولية تحديدا، لسبب واحد هو أن الإسلام عقيدة، والإسلام حضارة، بات يمثل التحدي الحضاري الحقيقي الأكبر لواقع الهيمنة الدولي على حساب الإنسان بمختلف انتماءاته.

 

هذا هو المخرج دون سواه

يجب أن يكون واضحا كل الوضوح، أن السلطة الحاكمة في سورية، الساعية للتحرّك بمناوراتها قبل يوم الجمعة التالي وقد بات كل يوم جمعة خطرا تخشاه على استبدادها وفسادها، لا يمكن أن توقف تيّار الثورة بالمناورات والوعود الملغومة.

ويجب أن يكون واضحا كل الوضوح، أن الثورة في سورية، الشاملة للمدن السورية، والشاملة لمختلف فئات الشعب، والمتصاعدة رغم تصاعد حجم التضحيات مقابل تصاعد حجم الفتك والقمع والتنكيل، هي ثورة التغيير الجذري الشامل، وثورة شعبية ضد حكم استبدادي، وثورة سلمية ضد سلطة قمعية، وثورة حضارية ضد فساد متخلف، وثورة إنسانية ضدّ من يهدر القيم الإنسانية وقيم المواطنة في وقت واحد.

كل خطوة يراد لها أن تكون مخرجا لسورية يجب أن تكون خطوة تستهدف التغيير الجذري الشامل من اللحظة الأولى.

وكل آلية لتنفيذ أي خطوة من اللحظة الأولى لا بد أن تكون قائمة على "جهاز" بديل عن سلطة الاستبداد والفساد، يضمّ ممثلي الحكومة طرفا وليس طرفا مسيطرا، ويشمل ممثلين عن جميع الأطراف وفق أطياف الوطن المشترك دون إقصاء أو استثناء، تحت أي عنوان من العناوين وبأي مسوّغ من المسوّغات.

ليست مرحلة الثورة للتغيير الجذري هي مرحلة محاسبة طرف من الأطراف على أطروحاته الذاتية، فالشعب هو الذي يحكم ويقرر، بعد تحقيق التغيير الجذري الشامل.

وليست مرحلة الثورة للتغيير الجذري هي مرحلة "التهدئة" بإصلاحات ترقيعية، فمن "عجز" –على افتراض أنه أراد الإصلاح حقا، على امتداد 48 سنة، هو أعجز عن أن يحقق الآن إصلاحا على عجل، ولو كان ترقيعيا، خلال 48 ساعة.

=========================

النظام السوري يفاوض إسرائيل ويطلق الرصاص على شعبه....؟

حسان القطب

مدير المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات

الانتفاضة الشعبية السورية لم تكن مفاجئة كما لم تكن غير متوقعة، فالنهضة العربية التي انطلقت قبل سنوات في لبنان، مرّت في تونس ومصر واليمن وليبيا، نظراً للتشابه الكبير في تركيبة هذه الأنظمة، فكان لا بد أن تمر اليوم على نظام آخر شبيه لها في دمشق، للعمل على تغيير الواقع المرير الذي يعيشه الشعب العربي السوري منذ حوالي نصف قرن، عانى خلاله هذا الشعب من مختلف أنواع الظلم والقهر والعذاب والسجن، والتدليس والخداع السياسي والقومي والعروبي والإسلامي، والشعارات البراقة الكاذبة، فقمع هذا النظام الحديدي شعبه سياسياً وامنياً، مستغلاً القضية الفلسطينية ومعاناة أهلها، فاعتبرها قضيته المركزية، التي تبرر له ممارسة كل شيء لحماية نظامه واستقرار سيطرته على السلطة، تحت شعار مواجهة العدوان الإسرائيلي وخطر المشروع (الأميركي- الصهيوني)، فلم يطلق رصاصة واحدة على المحتلين في هضبة الجولان، بل ومنع مواطنيه من إنشاء مقاومة شعبية وطنية تمارس حقها المشروع في مقاومة المحتل وطرد الغاصبين وتحرير الأرض.. واكتفى بالمفاوضات غير المباشرة السرية أحياناً والعلنية حيناً آخر.. عبر وسطاء وأصدقاء مشتركين.. ولكنه لم يجد وسطاء وأصدقاء وحتى موظفين لمفاوضة شعبه ومناقشة مشاكله ومعالجة شؤونه ومطالبه المحقة في الحرية والكرامة والعدالة والرفاه الاجتماعي والاقتصادي..

على امتداد أربعة عقود لم يجد النظام السوري الذي ورثه الأسد الابن عن الأسد الأب، ضرورةً ولا وقتاً ولا مبرراً، لمعالجة المشاكل الداخلية والنهوض بالدولة السورية لتواكب طموحات أهلها ومواطنيها.. فاكتفى حزب البعث الحاكم بالعبث بشؤون الدول المجاورة الداخلية، فلم يترك مناسبة لشق الصف الفلسطيني إلا واغتنمها، منذ عهد الراحل ياسر عرفات، وإلى يومنا هذا، مستنداً إلى طموحات بعض المتسلقين والراغبين في احتلال مواقع وحمل ألقاب والاتجار بقضية الشعب الفلسطيني ومعاناته وآلامه.. ولا زال هذا الانقسام سيد الموقف على الساحة الفلسطينية لأسباب غير واضحة بل غير مفهومة.. اللهم إلا أنها بسبب رغبة النظام السوري في لعب دور إقليمي في المنطقة يحمي من خلاله تربعه على عرش السلطة باسم قضية سامية... وعندما وقعت المشاكل الداخلية خلال الأيام الماضية في سوريا، تخلى النظام عن أتباعه من هذه القوى، وكان أن اتهمت مستشارة بشار الأسد السيدة بثينة شعبان أبناء المخيمات الفلسطينية في اللاذقية ودرعا بالاعتداء على المواطنين وإحراق الممتلكات العامة، وإشعال روح الفتنة بين المواطنين السوريين..وكان الأحرى بها أن تناقش بموضوعية مطالب هذا الشعب وبلسمة جراحه والإذعان لمطالبه.. وقد جاء الرد من حليف النظام السوري التاريخي، أحمد جبريل حين قال... (نفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أحمد جبريل أن يكون فلسطينيون من مخيم الرمل في اللاذقية شاركوا في الأحداث التي شهدتها المدينة يوم أمس، مطالبا بضرورة توضيح الصورة رسمياً بعد ما قيل عن هذا الأمر. وشدد جبريل في تصريح لصحيفة 'الوطن' السورية على إنه 'لم يشارك أي فلسطيني من مخيم الرمل للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب مدينة اللاذقية في الأحداث التي شهدتها المدينة أمس'، موضحاً أن 'من نزل إلى اللاذقية وشاغب هم سكان تجمع ملاصق لمخيم الرمل ويقع إلى الجنوب منه ولا يفصل بينهما إلا مسيل ماء، ويقطنه فقراء من محافظة إدلب وبلدة الحفة في اللاذقية')... حتى في معرض الرد لم يجد جبريل بداً من الإشارة إلى الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها الشعب السوري في الضواحي وكذلك في المخيمات... وفي لبنان لم يجد أتباع هذا النظام من القوى اللبنانية التي زرعتها أيادي النظام، سوى تحريك بعض العمال السوريين الذين يتوقون ليوم الخلاص من هذا النظام والعمل في بلادهم وفي أرضهم وممتلكاتهم، بدل العمل في دول مجاورة... وتطوع إعلام حزب الله وحركة أمل في نقل صور هذه المظاهرات المبرمجة إعلامياً والإضاءة على حجمها وهتافاتها.. ولكنهم تجاهلوا مظاهرات الشعب السوري، وأغفلوا الإشارة إلى الضحايا التي سقطت من أبناء هذا الشعب الصابر من شهداء وجرحى، على يد جلاوزة النظام، لمطالبتهم بالحد الأدنى من الإصلاحات التي لم يعد يتجاهلها في هذه المنطقة سوى النظام السوري وحليفه النظام الإيراني..

لقد تحدى الشعب السوري بتحركه الأخير هذا، عقدة الترهيب والخوف من المواجهة التي زرعها النظام في نفوس المواطنين، وأدرك المواطنون أن للحرية ثمناً لا بد من دفعه لكي يتم التحرر والنهوض بالوطن، وعودة المهجرين السوريين من الخارج بعد سنوات طوال من الهجرة المفروضة، والتي قطعت أوصال العائلات وشتت أبنائها نتيجة سياسات القمع والترهيب والإذلال بقوة السلاح وقوانين الاعتقال الجائرة بدون محاكمات وقانون الطوارئ، والوشايات الكيدية والأجهزة القمعية..

هذا النظام الذي يشتري استقراره بتدخله في شؤون غيره وإثارة النزاعات الطائفية والعرقية والحزبية في الدول المجاورة ورفع شعارات المقاومة والممانعة، دون ممارستها على الإطلاق.. وجد نفسه فجأة في مواجهة شعبه الذي لم يعد قادر على تحمل سياسات التجاهل... فانبرى يكيل الاتهامات للخارج بالتدخل في شؤونه الداخلية، وبدل الاستماع لمطالب شعبه المحقة والموضوعية، اتهم مندسين ومرتزقة، وعوض الجلوس إلى طاولة الحوار لمعالجة الشأن الداخلي بجدية أطلقت المستشارة الإعلامية جملة وعود لا أكثر لذر الرماد في العيون على طريقة الأنظمة التي سبق وسقطت بالأمس في تونس ومصر وغداً في ليبيا واليمن..لذا يبدو أن مطالب الجماهير السورية اليوم من النظام بعد هذه المظاهرات هو:

- إلغاء قانون الطوارئ.

- إلغاء حكم الحزب الواحد

- الإفراج عن المعتقلين السياسيين والإعلاميين

- تشكيل لجنة حوار وطني تضم كافة القوى السياسية السورية

- تشكيل حكومة وحدة وطنية سورية تضم مختلف القوى السورية وشرائح المجتمع السوري

- إجراء انتخابات حرة ونزيهة نيابية ورئاسية

- نظام قضائي مستقل

- وضع قانون ينظم الحريات السياسية والإعلامية

- عودة المهجرين السوريين من الخارج وكافة القيادات التي أجبرت على الخروج من سوريا

- الالتفات إلى المشاكل الداخلية السورية ومعالجتها من سياسية واقتصادية واجتماعية

- عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة وبناء علاقات طيبة مع الدول العربية

- إلغاء أجهزة المخابرات التي تلاحق المواطنين على غرار ما قام به النظام المصري بعد إقصاء مبارك

هذه بعض النقاط التي سمعناها والتي في حال تمت مناقشتها ومعالجتها قد يستطيع بشار الأسد السقوط بالطريقة التي سقط بها زين العابدين بن علي وحسني مبارك.. والاستجابة لمطالب الشعب والاستماع لصوته لا تشكل خسارةً بقدر ما هي تشكل حصانةً لاستقرار سوريا وتجنب الوصول إلى ما وصلت إليه ليبيا من تدخل أجنبي برره إطلاق قوات القذافي النار على شعبه مستخدماً كل أسلحته بما في ذلك الطيران.. وهذا ما مارس جزءاً منه النظام السوري.. وكلنا يذكر الغارات الإسرائيلية على سوريا ومنها موقع (الكبر) النووي السوري.. والذي لم ترد عليه سوريا بانتظار الوقت المناسب والملائم.. ورغم ذلك يفاوض الأسد دولة إسرائيل التي تحتل الجولان السوري.

 ألم يكن أجدى بهذا النظام الرد على المظاهرات الشعبية بأن يفاوض شعبه والحوار معه حول مطالبه بدل إطلاق النار عليه، أم انه وجد الوقت ملائماً لإطلاق النار على مواطنيه العزل.. رغم انه لا يزال بانتظار الوقت المناسب والملائم للرد على عشرات الاعتداءات الإسرائيلية..؟

==========================

الرئيس السوري بين الغيبة الصغرى والكبرى

بدرالدين حسن قربي

لايشكك أحد بحصول هزة زلزالية مزلزلة في المشهد السوري، هي أشبه ماتكون بالزلزال الياباني الأخير والذي هو في جزئه الأخطر نووي، ولكنه عند السوريينكان سياسياً. ولئن سُجّل لليابانيين تفوّق قدرتهم السابقة واللاحقة في تعاملهم مع زلزالهم الأخطر في التاريخ، فإن التعامل السوري الرسمي مع مشهده الأخطر في تاريخه المعاصر ينظمه الغموض والتنبوءلشفافية فائقة يتميز بها النظام.

طبيعة الأحداث وخطورتها فيما هو مشهود في المشهد السوري من استخدام القوة وتوحش القتل في مواجهة الاحتجاجات والتظاهرات، وفي كثرة الروايات والتنبؤات وتعدد الاتهامات والشائعات في الأسباب والمسبّباتيشير إلى بعض تخبط أو تردد، ولاسيما مع ترافق ذلك بالغيبة الصغرى للرئيس. ولئن كانت السيدة شعبان التي ليس لها من الأمر شيءتنقل بين الحين والآخر رغبات الرئيس الغائب إلى السوريين بوعود وأشباه قرارات وهي مابين عملها الرسمي الذي لايتجاوز حد الاستشارة وتجازوها كل المناصب الرسمية التنفيذية المغيّبَة، وتُطمئن الناسبابتسامتها الصفراء العاجزة عن إخفاء قلقٍ واضطرابٍ واضحين، نلتقط منها أن هناك رعباً رغم إعلامها الناس أن إطلالةً مهمة وخطاباً قادماً أهم مع عودة الغائب، وهم بهذا يتشبهون بالمصريين –رغم أن قولهم نحن لسنا مصر– عندما كان التلفزيون المصري يعلن عن كلمة أو بيان هام قريب للرئيس السابق مبارك حتى فرجها ربي على المصريين وخلصوا.

نعتقد أن هناك خلافات بغض النظر عن طبيعتها ضمن العائلة الحاكمة، ولكنه بالتأكيد خلاف على ترتيب أوراقهم وكيفية الخروج من العاصفة، وليس في وارد إنفاذ مطالب انتفاضة الياسمين الشعبية القديمة الجديدة التي قامت قيامتها المرعبة من مدينة درعا،تؤذّن بعودةٍ من غيابات اللاوعي لمن اعتقد أنهم قد غابوا وإلى الأبد، وأذانهم الحرية والكرامة. وبما أن النظام في بنيته وتركيبته الشمولية يعتمد حلولاً أمنية لاغير، شعارها البطش والقهر، باعتباره أن المطالبين على الدوام عصابات مرتبطة مأجورة، أو من المدسوسين المحتقرين والمتآمرين وعلى الطريقة القذافية فيي وصفهم جرذاناً ومهلوسين وإرهابيين ممن يديرون ظهرهم للعدو الحقيقي لينقضوا على النظام المقاوم والممانع، فإنه وإن خفّف في لهجة الخطاب فلتجنب العاصفة وشراء وقت بوعود وكلام. ومن ثمفإن مايقوم به الآن من نقل ضابط أمن وتغيير محافظ، واستقالة حكومة ليس أكثر من حركات استعراضية تدويرية لاتمس بنية النظام الحقيقية في الاسبتداد والقهر والفساد، بل كلها قضايا إجرائية روتينية لا قيمة له في تحقيق المطالب الحقيقيةللسوريين في الحريات العامة وقوننة الدولة ومدنيتها.ورغم أن مطالب الانتفاضة السورية قديمة تتجدد في كل مناسبة، فإن النظام يُعرض عنها ويختلق الأعذار، وماجاء على لسان السيدة شعبان ليس أكثر من كلام لا لون له ولا طعم ولارائحة: سندرس، ستكلّف ، سنحقق، ستشكل. كلام مما هو مكرور وعديم الفائدة، وكأنه دهان، يستعمل بدهن ماعلا الرأسَ وما تحت القدمين بحيث لايمس مكان المرض بتاتاً.

الغيبة الصغرى لرأس النظام ومحاولته البحث عن حلول خارجية لمواجهة قيامة الجماهير وندائها للحرية رغم عقود القمع المستمر، وقيام الشبيحة بمواجهة باطشة للناس بالقتل للمئات من الأحرار والحرائر، تعني فيماتعني أنه عاجز حدّ الشلل عن التغيير والتبديل لعجز بنيوي في تركيبته، وخوفه حد الفوبيا بأن التغيير والإصلاح يعني دخوله في الغيبة الكبرى، التي نعتقد أنه ورادها لأنها سنة الحياة.

نظام أثبت أنه عصي على الصلاح والإصلاح في بلد تحكمه قوانين الطوارئ، والشعب فيه مطروء على مدار الساعة، واستنفد زمناً زاد عن أربعين عاماً، لابديل لثائريه وأحراره ولاتعديل، لشعارالشعب يريد إسقاط النظام،لأنه مطلب السوريين القريب والبعيد، حتى وإن امتد الأمر إلى يوم الجلاء القادم ليدخل النظام في غيبة كبرى بلا رجعة، يرتاح السورييون من بعدها إلى الأبد - ومعهم غيرهم - من شعارات معاً إلى الأبد، من كان منهم فوق الأرض،وترتاح عظام من كان منهم تحت الأرض، وكلمتهم على سوريا المحبة والسلام، والرحمة والرضوان لكل شهدائنا الكرام، ولأرواحهم ألف ألف سلام.

========================

سوريا شقيقة مصر

د.محمد موسى الشريف

لقد ارتبطت سوريا بمصر منذ بدايات التاريخ الوسيط في القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي ، يوم تولى الحكم في سوريا الأسد الهصور الحلبي والسلطان الجسور نور الدين محمود بن زنكي ، نور الله ضريحه ، وأسعد روحه ، الذي حكم عشرين سنة منذ سنة 549ه/1154موغزا الصليبيين ثلاثين مرة ، وضم مصر إليه ، وخلصها من الفاطميين ، وجعل عليها صلاح الدين الأيوبي يرحمه الله تعالى – والياً ، فمنذ ذلك الوقت ارتبطت سوريا بمصر ، في كل الأحداث التي مرت بالأمة ، ففي الدولة النورية كانت مصر تابعة للشام ، وفي الدولة الأيوبية زمن السلطان صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله تعالى - كانت مصر تابعة للشام أيضاً ، ثم في نهاية سلطنة الأيوبيين انتقلت السلطة إلى مصر وصارت الشام تبعاً لمصر ، فلما جاء المماليك اسقر الأمر على هذا فقد كانت مصر مقر سلطنتهم والشام إحدى ولاياتهم ، وفي زمن الظاهر بيبرس المملوكي صارت القاهرة مقراً للخلافة العباسية ، وصارت الشام إحدى ولايات هذه الخلافة إلى أن جاء العثمانيون ودخلوا القاهرة سنة 923ه فصارت مصر والشام ولايتين عثمانيتين ، وبقي هذا الأمر كذلك إلى العصر الحديث. لكن المتابع للأحداث التاريخية يجد الارتباط الواضح القوي بين مصر والشام وأن ما يجري في مصر يؤثر في الشام ، وما يقع في الشام يتردد صداه في مصر ، حتى أن الأدباء كانوا يفاضلون بين مصر والشام في شعرهم ونثرهم ، وكان آل السبكي المصريون قضاة كباراً في دمشق ، وكان العز بن عبدالسلام الشامي أضخم وأكبر العلماء في مصر ، وكان الأمراء والكبراء المصريون يتنافسون في بناء المدارس والمساجد في الشام. وظل الارتباط قوياً بين البلدين إلى زماننا هذا ، ولا يُنسى في التاريخ الحديث تلك المحاولة الفاشلة في توحيد البلدين التي وقعت سنة 1378/1958 وفُضّت بعد ثلاث سنوات من المعاناة بسبب المنهج الناصري العقيم البعيد عن الإسلام والمسلمين. إنما مهدت بهذا الحديث لأصل إلى ما جرى في وقتنا هذا من التغيير الرائع الضخم في مصر ، وتبعه محاولات التغيير التي تجري في الشام الآن ، ولي فيما يجري في الشام بعض الملاحظات أوجزها في التالي : أولاً : إن الشام أو سوريا قد بدأ فيها التغيير ، ولن يتوقف - والله تعالى أعلم – إلى أن يؤتي أكله ، سواء تغير النظام أو بقي ، والأمر القطعي المستقى من سنن التغيير أن هنالك تغييراً كبيراً قادماً في طريقة إدارة البلاد ، وإذا كان النظام السوري حكيماً فسيبادر إلى التغيير الذي يرضي شعبه ويبقيه في السلطة وإلا فان أمواج التغيير ستقتلعه كما اقتلعت غيره. ثانياً : إن الشعب السوري متطلع إلى الحرية ، ناشد لها بعد سنوات طويلة جداً من القمع ، وأزعم أن الشعب السوري قد تعرض لظلم هائل منذ أكثر من قرن ، منذ تولي جمعية الاتحاد والترقي الماسونية السلطة في الدولة العثمانية بعد عزل السلطان عبدالحميد إلى زماننا هذا ، فقد سامت الجمعية والتي تغلغل فيها اليهود والماسون الشعب السوري ألواناً من العذاب على يد جمال باشا السفاح ، ثم لما انهزمت الدولة العثمانية تمتع الشعب السوري بشهور من الحرية والخلافة العربية – كما كانت تسمى آنذاك – إلى أن جاء الفرنسيون فهزموا أهل الشام في موقعه ميسلون المشهورة في 8/11/1338ه - 24يوليو1920 ودخلوا دمشق ، وذاق السوريون منهم أصنافاً من العذاب وألواناً من الهوان إلى أن انقلعوا وطهرت منهم بلاد الشام فيما يُعرف بالجلاء وذلك سنة 1365/1946 ، ثم تعاقب على حكم البلاد جماعة من المنتفعين الانتهازيين ، وتقلبت البلاد في كل الأحضان إلا حضن الإسلام حتى سقطت في قبضة الحزب الواحد : حزب البعث منذ سنة 1383/1963 إلى يومنا هذا. وطوال هذه المدة التي هي أطول من قرن لم يذق الشعب السوري طعم الحرية ، ولم يستطع التعبير عن إرادته ومطالبه سوى مدد محدودة لا تتجاوز بضع سنوات متفرقة منذ 1336/1918 إلى سقوط البلاد في قبضة البعثيين ، فقد آن الأوان وحان الزمان الذي يتمتع فيه الشعب السوري بحريته ، وينطلق من عقاله ، ويلتحق بإخوانه المصريين الذين نالوا حريتهم، وحصلوا على مرادهم ، وهم الآن في انتظار إخوانهم أهل الشام. ثالثاً : إن النظام السوري يجب أن يصغي طويلاً لأهات المظلومين ، وأنّات المحرومين ، وصيحات المعذبين ، وبكاء الفقراء والمساكين ، وقد حصلت بسببه مظالم لا سبيل لإنكارها ، ولا وجه لردها ، ولا يمكن المكابرة فيها ، وإن الفرصة ما زالت ممكنة لإصلاح حقيقي في الشام ليس فيه حسابات طائفية ، ولا نزعات مذهبية ، ولا تسلطات فئوية ، إنما يجب أن يعامل الشعب السوري على أنه شعب مستحق للحرية ، ناضج إلى الحد الذي يستطيع معه أن يقرر ما يصلح له وما لا يصلح له بدون وصاية من أحد ولا تسلط ولا إذلال ولا إهانة. رابعاً : إن الإسلام العظيم يكفل تحقيق كل مطالب الشعب السوري مهما كانت ، ففي ظل نظامه الرائع لا يظلم أحد أحداً ، ولا يتعدى أحد على حق أحد ، ولا يبغي أحد على أحد ، فأرجو أن ينتبه النظام السوري لهذا ، ويعلم أن بلداً تاريخياً مثل الشام كان موطن الخلافة ، وموئل السيادة لا يمكن له أن يُحكم بغير الإسلام ، وليس هناك نظام وضعي قادر على حل مشكلاته وطمأنة طوائفه سوى الإسلام ، فهل يتخذ النظام السوري القرار الذي سيكون فيه سعادته وسعادة شعبه بتحكيم الإسلام في سوريا ، وتخليص شعبه من المظالم ؟ خامساً : إن كثيراً من علماء سوريا – مع طي ذكر الأسماء حفاظاً على حرمتهم – لم يقوموا بما أوجب الله عليهم من نصرة شعبهم ، بل إن بعضهم كان معاوناً للنظام ، مساعداً له ضد شعبه ، وهذا لا يليق بعلماء برز منهم إمامهم وسلطانهم العز بن عبدالسلام الدمشقي ، ومنهم شيخ الإسلام المجاهد الكبير ابن تيمية ، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الإمام النووي ، بل لا يستطيع أحد أن يحصي كم من العلماء العظماء قد سعدت بهم الشام في عصورها الماضية ، وكان منهم في العصر الحديث العالم البطل الشجاع حسن حبنكة الميداني والشيخ علي الدقر والشيخ عبدالعزيز أبا ِزيد الحوراني وعشرات غيرهم كان لهم مواقف مشرفة ، فيا علماء الشام أين أنتم ؟ وفيم سكوتكم عن نصرة إخوانكم ، فإن لم تفعلوا وسكتم فلا أقل من ألا تكونوا أبواقاً للظلم ، فإن أبيتم إلا أن تكونوا كذلك فإني أخشى عليكم غضب الجبار الذي يغار لانتهاك محارمه ، وأن تندموا يوم لا ينفعكم الندم. سادساً : وكلمتي للشباب القائم على التغيير في وسائل الإعلام الجديد : الفيس بوك وتويتر ويوتيوب هي أن يجتمعوا على كلمة واحدة ، وألا يتفرقوا أيادي سبأ ، وألا يسمحوا لأحد كائناً من كان بزرع البغضاء والتفرقة بينهم حتى يأذن الله لشمس الحرية بالبزوغ ، وأن يستفيدوا من تجارب التونسيين والمصريين ، وأن يبتعدوا عن كل وسائل العنف ، وأن يدعوا للاعتصام في ساحة المرجة بدمشق لتكون مثل ميدان التحرير في القاهرة ، وأن يتوكلوا على الله تعالى ويعتصموا بحبله ، والله الموفق.

وأخيراً أقول : إن انتصار الشعب السوري في المسار التغييري الذي سلكه أمر واقع واقع – إن شاء الله تعالى – وإزالة المظالم عنهم وشيكة بأمر الله تعالى ورحمته وإذنه ، فالصبر الصبر فالنصر مع الصبر ، والنصر صبر ساعه ، وأرجو ألا يحملوا سلاحاً ، وأن تكون ثورتهم سلمية ، وأن يفطنوا إلى مكائد الأعداء ، وأن يقطعوا السبيل على المريدين بهم شراً ، وأن يلتفوا حول الصالح من علمائهم ، والقادر من دعاتهم مشايخهم ، فإن البركة بالتفاف الشعب حول المشايخ واستشارتهم وتصديرهم في الأحداث ، وأسأل الله تعالى أن يحمي البلاد والعباد ، وأن يزيل الظلم والطغيان ، وأن يأذن بعودة الشعب السوري إلى السيادة والعزة والتمكين ، وأن يكون ذلك قريباً إن شاء الله تعالى

============================

لا بد من الاستماع إلى مطالب الشعب السوري بأطيافه

حسو عفريني

جبل الأكراد – عفرين

نعم ولكن أي أشكال الثورة الشبابية السورية إنها سلمية وعقلانية ، وعلى قواتنا الباسلة والفروع الأمنية من أبناء سوريا ، سوريا يوسف العظمة - سوريا إبراهيم هنانو - سوريا فخامة السلطان باشا الأطرش - سوريا الشيخ صالح العلي - سوريا حسن الخراط - سوريا أحمد روطو - سوريا عارف سعيد آغا غباري في جبل الأكراد -سوريا سعيد آغا الدقوري في الجزيرة الفراتية - سوريا رشيد محو الذي أطلق أول رصاصة في وجه الاستعمار الفرنسي في جبل الأكراد - سوريا أبن ثورات الفرات - سوريا فوزي القاوقجي .

لتعلم أيها النظام أن في كل بيت من بيوت أبناء سوريا شهيد من أجل سوريا وليس من أجل نهبها وإذلال شعبها ولتعلموا أن استجاباتكم هو لصالح شعبنا السوري وثورته الشبابية .

لأن الثورة باقية حتى تحقيق مطالب الشعب وما وعدوا به الشعب منذ عقود وحتى هذه الشعارات الإصلاحية لم يستطيعوا أن يحققوا منها شيء رغم أنها ليست بجديد على النسيج السوري والحريات العامة التي هي حق مكتسب للجميع لم يتحقق منها شيء حتى اليوم ومنذ ما وعدوا بها نجد أن الشعب السوري وثورته الشبابية قد صار محبطاً بعد أن خيبت كل آماله السياسية والاجتماعية والاقتصادية واضطهاد الشعب الكوردي وحرمانه من كافة حقوقه السياسية .

هل ما زلتم على مواقفكم فالثورة ثائرة إلى أن تحقق أهدافها الوطنية السورية .

فالثورة الشبابية الكوردية العربية وبفئاتها هو ضد أي عنف أياً كان الهدف من ورائه فليعلم النظام أن مواقفهم من العنف مرفوض إسلامياً وعالمياً ودولياً ، إنها تؤدي إلى الفتنة وهذه الثورة ضد الفتنة وضد أي إرهاب ومن أي مصدر كان .

لأن سياسة الإرهاب واستخدامها قد استعملها النظام في المدن السورية الثائرة على الظلم والحرية لسوريا الوطنية لا تصل إلى هدفها بل تصل عندما تكون عاقلة وحكيمة ومدروسة ، ولنؤكد لشعبنا السوري أن الثورة لا بأيدي مرتزقة بل بأيدي أبنائها الشرفاء وبأي حكيمة وأناس عقلاء وهم من أبناء هذا الوطن .

ومن مطالب الشعب والثورة الشبابية هو التحرر من التسلط والدكتاتورية وبناء دولة وطنية قانونية تعددية يحافظ على سماتها الوطنية والدينية للشعب السوري ، وأن ينطوي التحول الجوهري في السلوك السياسي إلى السلوك المدني والحقوقي وإقامة الحياة النيابية في البلاد وإعادة الدستور بحيث يشمل جميع الأطياف السورية من كرد وعرب إلخ .

إن أسباب الثورة السورية الشبابية من كرد وعرب وكافة الأطياف جاءت نتيجة النظم الاستبدادية والدكتاتورية واستياء عام بين الشعب بسبب تراكم مشاكل خطيرة فالفقر والظلم والقسوة والفساد والأحزاب الإصلاحية وخلخلت أحزاب الجبهة الوطنية في البلاد وفي وجود حكام غير مؤهلين كلها عوامل تؤدي إلى الثورة على هذا النظام الاستبدادي ، فالثورة تؤدي إلى ثورة الآمال الطموحة خاصة بعد أن يلتمس الشعب أملاً في تحقيق حياة أفضل .

وعندما لا ترضي التغيرات تطلعات شباب الثورة وآمالها تفقد هذه الجماهير الثقة في حكامها وتلتفت حول القادة الثوار .

الشباب لن يقبلون بأي فاسد في أي حكومة وحدة وطنية ، ولن يسمح الشعب من بعد اليوم التسلط على مصالحه والعبث بها والانفراد بالقرار داخل بطانة نفعية ومحمية بالحديد والنار .

نعم فرعون كان مستبداً وأيضاً النمرود وفي هذا الزمان عصر النهضة المعلوماتية والديمقراطية مستبدين كثر وفي كل مكان .

والديمقراطيون سوف يقولون أن المستبدين إنهم يستبدون بذلك كله دون الشعب ويستبدون بثروات وخيرات الشعب دون الشعب ويضربون عرض الحائط في النهاية مطالب الشعب بل يضربون الشعب نفسه عرض الحائط كالأحزاب الإصلاحية في سوريا أيضاً .

فالثورة الشبابية يدين وبشدة الإرهاب بأشكاله وعلى رأسه إرهاب الدولة ، وهل من الممكن ومن خلال الشعارات الراديكالية والتصريحات المتطرفة وحدها الدفاع عن حقوق الشعب السوري .

==========================

جمعة الشهداء

(إذا سقطت الديكتاتورية سنشتاق للأسد)!!

محمد فاروق الإمام

جمعة الشهداء هي جمعة الوفاء للدماء الطاهرة التي سُفحت على جدران الجامع العمري في درعا الشموخ والصمود، يريد لها الشباب السوري أن تكون البلسم الذي يداوي قلوب المفجوعين بأبنائهم الذين كانوا ضحية للأيدي الغادرة الأمنية الجبانة، التي أطلقت الرصاص على فتية في مظاهرة سلمية لم تكن تحمل أياديهم بنادق ولا سيوف أو سواطير أو سكاكين أو عصاً أو حجر بل كانت تحمل أغصان الزيتون ولافتات تطالب بالإصلاح وحناجر تهتف (الله.. سورية.. حرية وبس).

سقط العشرات وتبعهم العشرات من أبناء عمومتهم الذين تظاهروا استنكاراً لفعل جبان خسيس أو كانوا مع المشيعين لجثامين هؤلاء الشهداء وهم يحملون إلى مثواهم الأخير، ليؤكد القتلة من جديد أنهم لا يبالون لا بالمسالمين ولا بحرمة الأموات فكل مواطن سوري سواء كان حياً أو ميتاً هو العدو يجب مطاردته وقمعه وقتله إذا ما فكر بالتمرد وكسر الحواجز طلباً للحرية والانعتاق من العبودية في مزرعة المافيا التي تحكم سورية بالحديد والنار والسجون والمعتقلات والمقاصل وأعواد المشانق والإقصاء والنفي وإطفاء سُرج العقول وتكميم الأفواه والحجر والفساد المقنن منذ ثمانية وأربعين سنة قاتمة حالكة السواد، ولعل وقوف ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد على جثث سجناء صيدنايا الذين قضوا على أيدي حرسه عام 2008 وهو يصور مشاهد الرؤوس المقطوعة والأيدي والأرجل المبتورة والأجساد الممزقة يوضح لنا أي نوع هؤلاء من الناس الساديين القتلة الذين يحكمون سورية.

جمعة الشهداء ستشهد غضبة جماهيرية مضرية تعم المدن السورية من أقصى مشرقها إلى أقصى مغربها تهتف بلا خوف وبكل التحدي (الشعب يريد إسقاط النظام).. (الشعب يريد محاكمة القتلة).. (اعتصام.. اعتصام حتى يسقط النظام).. (لا دراسة ولا تدريس إلا بعد إسقاط الرئيس).

مظاهرات الشباب يوم جمعة الشهداء ستكون الرد على المسيرات التي جيشها النظام لآلاف الطلاب والموظفين واتحادات العمال والفلاحين وشبيبة الثورة وعناصر الأمن والجيش والرعاع من المطبلين والمزمرين مرغمين كما جرت العادة المتبعة من أيام الأسد الأب الذي كان يأمر حرسه ورجال أمنه بتسيير المظاهرات المؤيدة له كلما انزنق، وهذا حال الأسد الابن يفعل نفس الشيء عندما ينزنق، والمقصود بهذه المسيرات ليس الشارع السوري لأنه يعرف ألاعيب عصابة المافيا التي تحكمه، إنما المقصود بها لفت أنظار الشارع العربي والعالمي أن النظام في سورية قوي وأنصاره بالملايين وعلى العرب والعالم أن يغيروا سياستهم تجاهه والنظر إليه على أنه عصي على أي تغيير وهو محصن بهذه الملايين.

وفي هذا السياق سأل مذيع إحدى المحطات الفضائية التي كانت تستضيف أحد متنطعي النظام السوري وكذبته المضللين: لماذا لا يوجد بين هذه الملايين مندسين ويقوموا بإطلاق النار على المتظاهرين وهي فرصة ذهبية لهم لتعكير أجواء هذه المسيرات طالما أنها خرجت عفوياً لتأييد النظام؟ ولماذا تسمحون لكمراتنا بتصوير هذه المسيرات المؤيدة للنظام ولا تسمحون لكمراتنا بتصوير المظاهرات المعارضة؟ وهل سيسمح النظام بخروج مظاهرات سلمية معارضة ويقوم رجال الأمن بحمايتها؟ وإذا كنتم تملكون كل هذا الرصيد الجماهيري الهائل فلماذا تخشون من الديمقراطية وتقمعون المعارضين وتحرمونهم من حق التعبير؟ ولماذا تحتكرون كل وسائل الإعلام وتحرمون المعارضة منها وتضيقون عليهم حتى في الإنترنت والفاسبوك؟ ولم يستطع المتنطع المضلل الإجابة فبهت كما بهت فرعون من قبل وأغلق هاتفه وانسحب.

نريد لجمعة الشهداء أن تكون بحجم أرواح هؤلاء الشهداء الأبرار زخماً وقوة وتحدياً لهذا النظام غير الشرعي، الذي جاء ليحكم على ظهر دبابة ضالة أدارت ظهرها للعدو الصهيوني، مصوبة مدفعها إلى صدور الجماهير السورية وعاملتهم بأنهم هم العدو، وسالمت الصهاينة وتخلت لهم عن جزء عزيز من الوطن هو الجولان الحبيب وأمنت لهم السلامة والأمن والطمأنينة فيه لأكثر من أربعين سنة، وهذا ما دفع الصهاينة إلى الخوف على النظام من السقوط، وجعلت بعض رموزهم يقول بحسرة ولوعة، في مقال نشر في صحيفة القدس العربي نقلاً عن الصحف العبرية: (إذا سقطت الديكتاتورية سنشتاق للأسد)!!

============================

السوريون وشعرة معاوية!!

حسام مقلد *

hmaq_71@hotmail.com

انطلق قطار الثورات العربية بعد ثورة الياسمين التونسية التي فجَّرتها صرخةُ محمد البوعزيزي رحمه الله تلك الصرخة المدوية التي أطلقها بعد أن صفعته السلطة الغاشمة بيد امرأة من أبنائها، وكان ذلك بالنسبة له ولأي إنسان حر منتهى المهانة والإذلال وإهدار الكرامة والاحتقار؛ فثار على ذلك الظلم والجبروت وأعلن رفضه له بطريقته الخاصة بإضرام النار في جسده، ومع اشتعاله اشتعل العالم العربي كله فقد استفاقت الجماهير المغيبة في معظم الدول العربية لتجد نفسها محرومة تماما من الحقوق الأساسية التي منحها الله إياها، وقررتها كل القوانين والمعاهدات الدولية، فلا ديمقراطية ولا حرية ولا كرامة...، وحتى مجرد الأشياء البسيطة العادية التي تلبي الحد الأدنى من متطلبات الإنسان الضرورية ليبقى على قيد الحياة، ويتمكن من الاستمرار في مكابدة متاعبها حتى هذه الأشياء والمطالب التافهة لا يجدها العربي بسهولة!!

 

وكانت توقعات كثير من المراقبين والمحللين السياسيين وخبراء الاجتماع السياسي تتنبأ بأن سوريا ستكون أسرع البلدان العربية اقتفاء للثورة التونسية، وأن الشعب السوري الحر الأبي سيكون أول الشعوب العربية التحاقا بقطار الحرية؛ فهو أولى وأحق الناس بقيادة الثورات العربية نحو الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولم تكن تلك التوقعات ناشئة من فراغ بل اتكأت على كثير من الشواهد والحقائق الحياتية التي يعيشها السوريون منذ ما يزيد عن أربعة عقود من الزمن في ظل قبضة حكم ديكتاتورية شديدة البطش والجبروت، لم يعرف عنها سوى التنكيل الوحشي بكل خصومها السياسيين، كما أن طبيعة النظام الحاكم في سوريا لا تنفك أبدا عن طبيعة الطائفة النصيرية العلوية التي لا تمثل سوى أقل من 10% من السكان!!

 

وتسارعت الأحداث وتنقل قطار الحرية قطار الثورات العربية بين محطات كثيرة، فمن تونس لمصر لليبيا لليمن...، لكنه ربما تأخر بعض الشيء في الوصول لسوريا، وعندما وصلها بدا مترددا في السير فيها بنفس القوة والعنفوان اللذين انطلق بهما في الدول العربية الأخرى، واحتار الكثيرون في فهم أسباب هذا التباطؤ والتردد، فمن الناس من أرجع تردد السوريين وتباطؤهم في تفجير ثورتهم إلى طبيعة الشخصية السورية النمطية الميالة إلى الدبلوماسية واللباقة والحفاظ على شعرة معاوية متصلة بين جميع الفرقاء، والحرص على بقاء كل طرق التواصل مفتوحة بينهم...!!

 

ومن الناس من أرجع تردد السوريين وتباطؤهم في تفجير ثورتهم إلى شدة خوفهم من نظامهم البوليسي القمعي المعروف بشدة بطشه بمناوئيه دون أدنى رحمة، ولعل ذاكرة الشعب السوري ومخيلته الجمعية لم تنس بعد مذبحة حماة في 2 فبراير (شباط) عام1982م حين قمع النظام السوري جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وأباد أكثر من ثلاثين ألفا منهم في مذبحة مروعة لا تقل بشاعة عن مذبحة (سربيرينيتشا) التي ارتكبتها القوات الصربية المتوحشة بحق مسلمي البوسنة والهرسك سنة 1995م، وراح ضحيتها أكثر من عشرة آلاف شهيد مسلم، ونزح بسببها عشرات الآلاف من المسلمين من المنطقة، وتعد هذه المجزرة من أفظع مجازر الإبادة الجماعية التي روَّعت المسلمين في القارة الأوروبية، ومع ذلك فلا تقل عنها إطلاقا بشاعة ووحشية مذبحة حماة التي تعد أكبر مجزرة تحدث للسوريين في العصر الحديث، حيث تم قمع الانتفاضة الشعبية بقسوة فاجرة خلَّفت وراءها نحو ثلاثين ألف شهيد، وخمسين ألف سجين سياسي، ونحو نصف مليون إنسان وضعوا على اللائحة السوداء، وبالفعل تم تهجير معظمهم وطردهم خارج سوريا تحت وطأة تعذيب أجهزة القمع السورية المتوحشةّّ، ولا تزال معاناتهم ومعاناة أبنائهم وأحفادهم مستمرة في دول المنفى إلى الآن، وأزعم أن قضية هؤلاء قضية إنسانية ملحة تستحق أن يتدخل في حلها جميع المنظمات العربية والإسلامية والدولية المدافعة عن حقوق الإنسان !!

 

وانطلاقا من هذه الخلفية لعلنا نتفهم موقف الشيخ (محمد سعيد رمضان البوطي) صاحب الكتاب الشهير (فقه السيرة) فقد تحدث وفقا لهذه الخلفيات التي يعيها جيدا، فظني أنه يحاول بكلامه أن يُبقي على شعرة معاوية مع النظام السوري، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهو ولا ريب خائف على نفسه من التنكيل الذي سيلقاه لو أيد الثورة السورية، خاصة وهو يعلم أن النظام السوري لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة!!

 

لكن عندي أن أغرب من كلام الشيخ البوطي ومفتي سوريا ما رأيناه في قلب العاصمة السورية من مظاهرات تأييد واسعة للأسد وحكومته؛ فطريقة تسيير هذه المسيرات الضخمة المؤيدة للرئيس بشار الأسد، وطريقة حشد الناس لها، ودعوة النقابات المهنية أعضاءها للمشاركة فيها تدل على أن سوريا لا تزال تدار بنفس العقلية التي كانت تدار بها في ثمانينيات القرن الماضي!!

 

وإذا كان الشعب السوري لا يزال يحتفظ بشعرة معاوية موصولة بينه وبين نظام حكمه، فالعكس صحيح أيضا فها هو نظام الحكم يستمسك هو الآخر بهذه الشعرة ويحافظ عليها، وكان إعلان مستشارة الرئيس السوري السيدة (بثينة شعبان) عن عدد من الإصلاحات من هذا القبيل، فهذا أسلوب جديد تنتهجه الحكومة السورية لتهدئة الاحتجاجات وامتصاص غضب الناس في الشارع، وهي تعلم تمام العلم أن الغالبية الساحقة من السوريين ناقمون عليها ويريدون التخلص منها اليوم قبل الغد، لكنها شعرة معاوية التي تمنعه حتى الآن من الخروج في مسيرات حاشدة من أجل تحقيق هذا الهدف!!

 

لا شك أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يُواجِه في هذه الآونة ضغوطًا شعبية لم يَسْبِق أن رأى لها مثيلا خلال فترة حكمه، ولن تنفعه ولن تنفع شعبه شعرة معاوية، ولن تجدي هذه الشعرة أية فائدة تذكر لأي أحد بعد الآن، ولا بد للرئيس بشار الأسد إن أراد البقاء في السلطة أن يقدم بكل شجاعة وبسالة على إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واسعة وجوهرية، إصلاحات جذرية وحقيقية يلمسها كل مواطن سوري داخل أو خارج سوريا، وإن لم يبادر إلى ذلك بأقصى سرعة فأحسب أن اليوم الذي سيلقي فيه أبناء الشعب السوري شعرة معاوية من أيديهم ويهبون لتحقيق مصالحهم العليا بطريقتهم الخاصة، والحصول على حقوقهم الإنسانية المشروعة في الحرية والكرامة والديمقراطية أحسب أن هذا اليوم سيكون قريبا جدا، أقرب مما يظن بعض دوائر السلطة في دمشق، فقد تغيرت الأحوال المحلية والعالمية بالفعل، فسوريا اليوم لم تعد تعيش حقبة الثمانينيات!! بل تعيش كغيرها ثورة الإنترنت والسموات المفتوحة!! وعلى عقلاء سوريا وحكمائها الانتباه سريعا إلى هذه الحقائق، وبذل كل ما في وسعهم من أجل مصلحة سوريا والسوريين وتجنيبهم الشرور والفتن، وتوفير الحرية والعزة والكرامة لهم جميعا على اختلاف أطيافهم ومشاربهم... "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" [هود : 88].

* إعلامي وكاتب إسلامي مصري.

================================

"سورية بعد الأربعاء الدامي في "درعا".. هي غير سورية التي كانت قبله"!

الطاهر إبراهيم

كاتب سوري

أحداث جمعة "العزة" في سورية في25 آذار ذهب فيها المعلقون مذاهب شتى في التنظير لما حدث في سورية بشكل عام وفي درعا وبلدة الصنمين على وجه الخصوص. أدلى المراقبون كل بدلوه عما ينبغي أن يكون عليه الحل الناجع للخروج من الأزمة التي ضربت سورية من نهر الخابور في أقصى الشمال الشرقي، إلى درعا في جنوب غرب سورية.

لفت انتباهي أن هناك من حاول تبرئة الرئيس السوري "بشار أسد" من المسئولية عما حدث، بأن حاول إلقاء التبعة على فريق استئصالي في النظام وعلى الأجهزة الأمنية التي "أخذت حريتها" الكاملة بإطلاق الرصاص الحي على كل من هب ودب. ليس المهم والمفيد القول أن الرئيس هو الذي أمر أو هو الذي يستطيع أن ينهي. لأن الأمور لم تعد تحسب بهذا الشكل، وأن الدماء التي أهريقت لها حرمتها التي تفرض حسابات أخرى.

ما يجب أن نؤكده أنه من المفترض أن النظام مؤتمن على دماء السوريين، وأن عليه الدفاع عن هذه الدماء، لا أن يسفكها، لكن الذي حصل هو العكس. فقد أوغلت أجهزته الأمنية في إهراق دماء السوريين في درعا والصنمين وفي اللاذقية وفي المعضمية، وقد جاء الدستور ليُجرّم سفك أي قطرة دم لمواطن سوري بغير حق. هذه الدماء إن كانت قد سفحت بأمر من النظام فهو متواطئ، وقد خان الأمانة وعليه أن يرحل. وإن كانت الأجهزة الأمنية فعلت ذلك من عند أنفسها، ومن دون علم القيادة السورية، فالنظام عاجز وعليه أن يرحل.

النظام السوري الحالي، كمعظم جمهوريات الأمر الواقع العربية، لم يصل إلى الحكم بطريق الانتخاب الحر النزيه، وإنما جاء بشريعة الأمر الواقع. بعض الأنظمة التي جاءت بشريعة الأمر الواقع، استطاعت أن تتكيف –ولو جزئيا- مع مصلحة شعبها فقامت بإصلاحات، وإن لم تكن كاملة، فرضي الشعب هذه الإصلاحات ولو على "مضض"، على أمل أن تتحسن الأحوال أكثر فيما بعد، لأن البديل هو الاحتراب الداخلي.

أما في سورية، وخصوصا في عهد "حافظ أسد" فقد كانت أحوال الشعب تسوء أكثر فأكثر، على الأخص في ثمانينات القرن العشرين حيث تم قمع الشعب، كما تم إفقاره عن عمد. كان على معظم أفراد الشعب إن لم نقل كله، اعتقال ألسنتهم في أفواههم، وأن يفرضوا عليها حصارا، فلا يتكلم الواحد إلا بأمور معيشته، بعيدا عن أي تذمر، خوفا من سوء العاقبة.

على أنه لم تتحسن الأمور كثيرا في عهد الرئيس "بشار أسد" عنها في عهد أبيه "حافظ أسد" إلا بالقدر الذي يعبر عنه المثل السوري "العمش* أهون من العمى". ما يعني أن المواطن السوري كان يمشي "الحيط الحيط ويقول يا رب الستر".

الاستراتيجيون يعتقدون أن "محمدالبوعزيزي" من بلدة "سيدي بو زيد" الصغيرة عندما أحرق نفسه إنما كان "القشة التي قصمت ظهر البعير". لم يكن ذلك منه احتجاجا-وهو كذلك- وإنما كان ذلك منه ردة فعل لا شعورية في ساعة انغلاق نفسي رهيبة. ثم كان ما كان ما عرفه الناس في تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي اليمن، ثم أخيرا في سورية.

لن يغير من الأمر كثيرا أن الرئيس "بشار أسد" قد لا يكون في صورة ما حصل في "درعا" يوم الأربعاء الدامي عندما استشهد أكثر من خمسين مواطنا، مابين طفل وامرأة ورجل، وأن الأجهزة الأمنية تصرفت من عند أنفسها،فإن النتيجة واحدة وهي أن الدم السوري أهريق من دون وجه حق بل ظلما وعدوانا. إن الاستعمال المفرط للرصاص الحي -بدلا من استعمال خراطيم الماء على أسوأ تقدير- أشعر السوريين أن الدم السوري لاقيمة لهم عند النظام. هذا ما جعل السوريين يعلنون: "إن سورية بعد أحداث درعا هي غير سورية التي كانت قبلها".

ترجمة هذا الكلام، أن السوريين لا يمكن أن يغمضوا أعينهم عن دماء إخوانهم التي أهريقت في درعا والصنمين وغيرهما، وأن الذين ذبحوهم ليسوا إسرائيليين بل إخوانا لهم في الوطن قاموا بفعلتهم الشنعاء بدم بارد وعن عمد وسابق إصرار.

لن يكون مقبولا التعايش مع نظام سمح باقتراف هذه الجريمة النكراء،سواء كان بعلم الرئيس بشار أو أنه كان مغلوبا على أمره، على ما تم تسريبه من أن الحاكم الفعلي في سورية الآن هو شقيقه العقيد "ماهر أسد" قائد الحرس الجمهوري. وكأن الأحداث أفرزت غرفة عمليات جديدة داخل النظام في دمشق يقودها "ماهر أسد" ومجموعة من الضباط يأتمرون بأمره. وسواء أصح ذلك أم لا، فإن على النظام أن يرحل. كما أنه لن يغير من الأمر شيئا أن تعلن "بثينة شعبان" مستشارة الرئيس بأن القيادة السورية ستقوم بدراسة مجموعة قرارات لتخفيف الاحتقان الذي خلفته أحداث درعا وباقي المدن السورية، حيث زعمت أنه سيتم إلغاء قانون الطوارئ، كما سيتم محاسبة الذين أطلقوا النار في درعا وفي غيرها.

الشيء الغريب أنه خلال أسبوع كامل كان النظام السوري كله غائبا عن المشهد، ابتداء من الرئيس بشار إلى رئيس الحكومة وباقي الوزراء. فلم يكن هناك في الساحة إلا أجهزة الأمن تصول وتجول وتعتقل وتقتل. والسيدة "بثينة شعبان" مستشارة الرئيس، التي توالى ظهورها في وسائل الإعلام، مبشرة مرة ومتوعدة ومنذرة مرات عدة. أما الوعود التي أطلقتها "بثينة شعبان" فلم يكن أحد يعرف من طلب منها أن تَعدَ بها.

 ولم تكتف مستشارة الرئيس بهذه الوعود التي ما عاد الشعب السوري يصدقها بعد أن سالت الدماء، بل بدأت من حيث انتهت جميع الأنظمة التي أطاحت بها شعوبها. فعندما كان يضيق الأمر بالرئيس (تونس ومصر وليبيا واليمن)، فهو يعلن -متوددا لواشنطن يطلب منها النجدة وأنى له ذلك- متهما الإخوان المسلمين بأنهم وراء القلاقل. هذا الإعلان كان دائما نهاية مدة حكم الرئيس، كما حصل في تونس ومصر، وهاهو القذافي و"صالح" على نفس السكة.

وهكذا فعلت "بثينة شعبان" يوم الأحد 27 آذار الجاري عندما زعمت بأن الإخوان المسلمين هم وراء الأحداث في سورية. مع أن العالم كله يعرف أن الثورة ثورة الشباب في سورية، وأن واشنطن تقر بذلك، وأنها قد لا تريد مد يدها للنظام الذي يغرق في بحر أخطائه، ولو مدت يدها إليه لما استطاعت له شيئا.

يبقى أن ننوه بأن الأوضاع في مدينة اللاذقية ذات الخصوصية المذهبية -حيث يتقاسم العيش فيها أهل السنة والعلويون والمسيحيون- علم أن مجموعة أطلقت عليهم السلطات السورية اسم "الزعران"، وهم مجموعة يقودها "نمير بن جميل الأسد" وهو واحد من أبناء عم الرئيس يقود عصابة "الشبّيحة"، حيث كانوا من قبل يفرضون "الإتاوات" في كل مدن سورية. هؤلاء "الشبيحة" قاموا بالقنص على بعض المواطنين في الشوارع فقتل أكثر من 12 مواطنا ومنهم بعض رجال الشرطة، وأن النظام سكت عما يحدث، بل على ما يظهر أنه عاجز عن إيقافهم عند حدهم.

* العمش: يصيب عيني الإنسان فيصبح لا يرى إلا خيالات

================================

بسم الله الرحمن الرحيم

يوميات الثورة السورية الكبرى 2011م

- 13-

د.محمد شمس الياسمين

عنوان أساسي في اليوم الخامس عشر للثورة يفرضّ علي أن أؤجل كل العناوين الأخرى إلى يوميات قادمة, عنوان لا يعدو كونه محاولات رسمية فاشلة يائسة وشنشنة نعرفها من أخزم وأخزى وأخواتهما, الأولى كانت محاولة الدفع والتهديد بالصراع الطائفي وخلط الأوراق والثانية محاولة شن الحرب النفسية شديدة الوقع والتأثير باللجوء إلى الشارع في هذه المرحلة تحديداً .

بداية نقول أن يصل النظام بعد 14 يوماً فقط من إنطلاق الثورة إلى هذا الكم الهائل من الأكاذيب والتشويه والفبركة أولاً والقمع والقتل والإعتقال ثانياً والغياب المتواصل عن الظهور العلني لرأس النظام وقياداته ثالثاً وكم التنازلات والقوانين والوعود والتغييرات رابعاً فهذا يعني أن ضرباتنا له تؤتي ثمارها وبأسرع مما توقعنا , ولو لم يكن الأمر كذلك لماتجنب بشار الأسد وقياداته الكبرى الظهور حتى الان على شاشة التلفاز ومخاطبة الشعب السوري,,, ولو ظهر في الإسبوعين الماضيين لما إمتلك شيئاً مجدياً ليقوله, ولذا كان النظام بحاجة إلى صورة ذهنية تقليدية إعتاد عليها من خروج الملايين في الشوارع هاتفين مطبلين ومزمرين,,,ليتمكن بعدها رئيس النظام من الخروج ببعض من بقايا ماء الوجه, دعونا نتوقف عند المأزق الذي يعيشه النظام الأن والذي دفعه إلى كل هذا الضغط على الناس البسطاء ليجبرهم على الخروج للتظاهر له ,النظام ليس بعاجز عن فعل ذلك حتى الان – فعلها من قبله زين العابدين وحسني مبارك قبل أن يسقطا, يفعلها الان القذافي وعلي صالح وهما يدركان مثلما ندرك نحن يقيناً أنهما باتا على حافة السقوط,, بل لعلني اذكرّ أن مشكلة " الحريقة" أو شائعة " منحة عيد الأم " تمكنت ايضاً من حشد الناس بالمئات !

إذن العبرة ليست في قدرة النظام على تسيير مسيرات ولو مليونية لأن هذا ممكن جداً تحت التهديد والوعيد والتلويح بقطع أرزاق الناس ومعايشهم ,,, هذا ليس إنتصاراً ..ما زال علي عبد الله صالح أو القذافي حتى هذه اللحظة وهما على حافة الرحيل قادرين الان على فعل ذات الشيء,, الإنتصار الذي نتحدى النظام أن ينجزه ويملكه هو أن يوقف ثورة الشعب السوري الان وأن يعيده لما قبل 15 أذار ! هذا هو الرهان بيننا وبينه! ونحن في أوج مسيرات العبودية التي يسيرها النظام اليوم لصالحه في شوارع دمشق وحلب نتحداه أن يستطيع وقف تدفق الناس في جمعة " الشهداء" بعد أن فشل في منعهم في جمعة" العزة" ليس في دمشق وحلب وحدهما بل في كل مناطق سورية!!

في زاوية أخرى من ذات المشهد يرتكب النظام ثلاث فضائح كبرى بحق نفسه في يوم واحد الأولى عندما أثبت أنه بعيد كل البعد عن شعبه, بعيد عن أجواء الحداد والحزن التي دخلت ألاف البيوت السورية على إمتداد الخارطة ممن فقدوا أبناءهم أباءهم وأحبابهم شهداء وجرحى ومعتقلين ومختطفين,,, سورية في اليوم الخامس عشر من ثورتها تعيش حالة شعبية من الحداد والحزن والألم على أبناءها وبناتها,, كان يفترض بالنظام – لو كان يشعر بألام شعبه وأحزانه – أن يعلن الحداد الوطني وينكس الأعلام,,,,, لكن كيف يبكي القاتل على ضحاياه وهو من حز بسكين إجرامه رقابهم بدم بارد,,,, وثانياً عندما ناقض نفسه بنفسه فدعا الناس إبان التظاهرات إلى إلتزام منازلهم حرصاً على سلامتهم من خطرالكائنات الفضائية المندسة المدسوسة التي إخترعتها أبواق إعلامه وأجهزة مخابراته والت تسللت إلى درعا براً عبر الحدود وإلى اللاذقية بحراًعبر البحر الأحمر المتوسط ثم هاهو اليوم لا يأبه لسلامة مؤيديه – كما يزعم – ولا يخشى البتة من أن تستهدف هذه العصابات هذه الحشود ونحن بالتأكيد سنرى إذا ما كانت هذه العصابات الخيالية التي إخترعها النظام ستستهدف اليوم إستقرار البلاد وأمنها بمهاجمة هذه الحشود الغفيرة المؤيدة له كما يزعم ! أم أنها تكتفي فقط بقتل " إستقرار" المعارضين والمتظاهرين "! نحن على عكس ما يظنه البعض من إعتبار ما يحدث اليوم إنتصاراً للنظام, نشاهد اليوم إحدى أكبر سقطات هذا النظام لأنه ما لم تؤجج هذه العصابات المندسة الصراع الطائفي المزعوم في أكبر حشد" غير طائفي" حشده اليوم وما لم تحدث أي " عمليات تخريبية " فيها فإن النظام يقدم للشعب السوري والمجتمع الدولي على طبق من ذهب دليل إدانته وتورطه في كل ما نفاه عن نفسه من جرائم في درعا واللاذقية وغيرها – ولن يكون مقبولاً بعد اليوم أن يزعم وجود هذه العصابات التي تستهدف إستقرار البلاد في ذات الوقت الذي تتجنب فيه مهاجمة إستقرار النظام وثالثاً أنه لأول مرة منذ سيطرة البعث على سورية منذ 48 عاماً لاتتخلف محافظة سورية كاملة ( درعا ) بعشائرها وقبائلها وأبناءها ونساءها عن إحتفالاته ومهرجاناته الإستعراضية فحسب بل وتضطره إضطراراً لإلغاء إحتفالاته فيها خوفاً من إنقلابها عليه وهذه ضربة ما بعدها ضربة !

 

أخيراً وليس أخراً... علينا أن نفهم كطلاب للحرية والكرامة أن لحظة النصر لا تحين إلا بعد أن نمّر بلحظات شديدة عميقة عصيبة نظن فيها أن كل شيء قد إنتهى وإنهار لتبزع من قلب كل هذه المشاعر لحظة النصر وتأملوا أيها الأحرار الأبرار هذه المعاني في كتاب الله الذي لا يكذب ولا يخمن ولايبدلّ" حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا))سورة يوسف:,,, دعونا معاً نستذكر لحظات خيبة الأمل في محطات كثيرة في ثورة 25 يناير المصرية وتحديداً بعد الخطاب الثالث للرئيس الهالك في مصر,, وتذكروا كيف كنا متألمين غاضبين ومشفقين على الناس التي تهيأت لخطاب الرحيل في ساحة التحرير فإذا به يؤكد أنه باق في منصبه وفي مصر حياً وميتاً ثم لم يكن الفاصل بين هذه الخيبة الكبيرة ومشاعر اليأس والهزيمة والقنوط و بين لحظة النصر سوى ساعات! إنها ثورة هدفها إزالة نصف قرن من الظلم والديكتاتورية والفساد وحكم العصابات والخيانات والمؤامرات والجرائم والمذابح والمعتقلات ...ثورة ستستنزف صبرنا وأعصابنا ودماءنا ومشاعرنا,,,, ثورة علينا الإستمرار بها ولو استمرت أشهراً وسنيناً حتى نحقق أهدافنا فلا تتوقعوا أن نرفع راية النصر ونحن سالمون نائمون ..إنما ترفع راية النصر يدٌ خضبتها الدماء وطال في معصميها مُقام القيود , وذرفت عين قلبها دمع الفراق واللوعة والأسى والألم. !

زغاريد هذاالنظام وأفراحه في الشوارع لن تصم أذاننا أو تعمي بصائرنا عن أنين البكاء ودماء المئات من أبناءنا وبناتنا ولا عن عذابات أمهاتنا وأباءنا وأطفالنا ونساءنا في بيوت درعا والصنمين وإنخل والحراك وخربة غزالة وجاسم واللاذقية ودمشق وبانياس وحمص وحماة وإدلب ودير الزوروالزبداني والكسوة والمعضمية ودوما ... موعدنا مع هذا النظام في جمعة الشهداء, جمعة مباركة الزمان مباركة المكان مقدسة العنوان ,جمعة جامعة نجدد فيها العهد أن لا نخون هذه الدماء أبداً أو فلتلفظنا الأرض ولتحل على الخائنين لعنة السماء!

في الخامس عشر من الثورة – التاسع والعشرين من أذار 2011م

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ