ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الوطن
العربي بين استبدادين ( سوريا
نموذجاً ) محمد
الزعبي تجتاح
الوطن العربي منذ انطلقت الثورة
التونسية في ال 18 من ديتسمبر 2010
من مدينة سيدي بوزيد ، ثورات
شعبية وطنية وقومية عارمة وصل
لهيبها حتى الآن إلى درعا
ومختلف المدن السورية السورية ،
مرورا بالقاهرة وبنغازي وصنعاء
وبغداد وعمان ، وهي ماتزال تخط
أحرفها الأولى في سفر الحرية
والديموقراطية والكرامة ، سواء
من حيث الزمان ، أومن حيث المكان
. إن
حاضر حركة التحرر الوطني
العربية ( ح ت وع ) إنما يختلف
جوهرياً عن ماضيها . إذ بينما
حددت أدبيات هذه الحركة ،
أعداءها ، وبالتالي أعداء الأمة
العربية في الماضي بمثلث
الامبريالية والصهيونية
واالرجعية العربية المرتبطة
بهما، فقد أضيف إلى هذا المثلث
في المرحلة الراهنة ( مرحلة
مابعد حرب 1967 ) ضلع رابع يتمثل
بالاستبداد الداخلي الذي
تمارسه على الشعب الأنظمة التي
انتحلت لنفسها صفة
التقدمية،وغلفت ممارساتها
الاستبدادية ضد الشعوب التي
تحكمها ، بغلاف وطني وتقدمي
زائف اطلقت عليه بداية "الصمود
والتصدي!" ولاحقاً "الممانعة
!" ، الأمر الذي يعني أن الوطن
العربي من محيطه إلى خليجه بات
عملياً الآن أمام استبدادين
واضحي المعالم والأهداف ، هما
الاستبداد الخارجي ، بشكليه
المباشروغير المباشر ،
وبمظهريه الناعم والخشن ،
وبشقيه الإمبريالي والصهيوني ،
وبصورتيه الظاهرة والمستترة ،
والذي يمكن أن نطلق عليه
الاستغلال الخارجي ،
والاستبداد الداخلي ، بشكليه
الرجعي والتقدمي ، وبمستوييه
الناعم والخشن ، وبنوعيه
الأقلية والأكثرية . لقد
بدأت بواكيرهذا التحالف بين
هذين الإستبدادين ، عملياً ،
منذ الحرب العالمية الأولى (
سايكس بيكو
) جزئياً ، والحرب العالمية
الثانية كلياً ( النفط + إسرائيل
) ، وليست هزيمة النظام العربي
الرسمي أمام الصهيونية والقوى
العالمية الداعمة لها في حرب 1948
، سوى النتيجة الملموسة
المباشرة الأولى لهذا التحالف
الذي كان يطل برأسه يومها على
استحياء ، أما النتيجة المباشرة
الثانية لهذا التحالف فكانت
إعلان أطرافه الثلاثة الحرب عام
1967 على الرئيس جمال عبد الناصر
في مصربصورة أساسية ، وعلى نظام
حركة 23 شباط في سورية بصورة
جزئية ، حيث تمخض انتصار هذا
التحالف في هذه الحرب عن توقيع
السادات لاتفاقية كامبديفد ( 17
سبتمبر 1978 ) وتوقيع السلطة
الفلسطينية اتفاقية أوسلو ( 13
سبتمبر 1993 ) ، والملك حسين
اتفاقية وادي عربة ( 25 تموز 1994 )
مع الكيان الصهيوني ، وعن صمت
حافظ الأسد ومن بعده وريثه بشار
عن احتلال إسرائيل لهضبة
الجولان منذ عام 1967 وحتى هذه
اللحظة(2011 ) ، بل وإعلا نهما أن
خيار الحرب مع إسرائيل بات من
الماضي ، وأن المفاوضات باتت هي
الخيار الاستراتيجي الوحيد
للنظام السوري . أي أن ماِ ِؤخذ
بالقوة يمكن أن يسترد
بالمفاوضات ! . لقد
مثل كل من : هزيمة مصر وسورية
أمام إسرائيل عام 1967 ، ووفاة
الرئيس جمال عبد الناصر عام 1970 ،
واستيلاء حافظ الأسد على السلطة
في سورية عام 1970 ( الحركة
التصحيحية ) مثلث التراجع
الأكبر في مسيرة النضال العربي
نحو التحرر الديموقراطي ، ونحو
تحريرفلسطين من الاحتلال
الاستيطاني الصهيوني ، والذي(مثلث
التراجع) سمح لكل من مصر السادات
ولاحقا مبارك ، وسورية الأسد
الأب ولاحقا الأسد الإبن ،
ولبعض مدعي التقدمية من الحكام
العرب الآخرين ، الكشف عن
مواقفهم الحقيقية من
الإمبريالية والصهيونية ،
والانتقال من معسكر ادعاء
الصمود والتصدي والممانعة ، إلى
المعسكر الذي يطلق عليه الآن
معسكرالاعتدال ، وباتت معظم ،
إن لم نقل كل ، الأنظمة العربية
الآن تحت المظلة الأمري
صهيونية ، أي في الخندق
المقابل لطموحات الشارع العربي
والجماهير العربية العريضة في
التحرير والديموقراطية والتقدم
. إن
حلفاً استراتيجياً،لحمته
الديكتاتورية ، وسداه الفساد
الإداري والمالي ، بعضه مرأي
وبعضه مخفي ، يجمع اليوم بين كل
من الاستبداد والاستغلال
الخارجي ( الأورو
أمري صهيوني
)، والاستبداد والاستغلال
الداخلي ( الأنظمة العربية )،
بحيث يقوم الأول بحماية كرسي
وفساد الثاني ، مقابل قيام
الثاني بحماية مصالح الأول في
الوطن العربي ، ولا سيما مصالحه
الاستراتيجية المتمثلة في
تثبيت وحماية الكيان الصهيوني
من جهة ، وفي الهيمنة على سلعة
النفط العربي وعلى مختلف المواد
الأولية الضرورية لمصانعه ،
والحصول عليها بأبخس الأثمان من
جهة أخرى . إن
الكاتب لايشك
استنادا إلى هذه القناعة : أن
تأميم صدام حسين للنفط العراقي
عام 1972 ، ودعمه للمقاومة
الفلسطينة ، وإصداره قانون
الحكم ال>اتي للأكراد ( 11.03.1970 )كانت
هي السبب الرئيسي( وليس عدم
ديموقراطية النظام ) وراء موقف
كل من الدول الغربية والولايات
المتحدة الأمريكية والكيان
الصهيوني والدول النفطية
العربية من نظامه ، ذلك الموقف
الذي بدأ بعاصفة الصحراء عام 1991
، لينتهي باحتلال العراق عام 2003
، مرورا بمرحلة الحصار الشامل
والكامل للعراق بين هذين
التاريخين . إن كل ذي بصر وبصيرة
يرى الآن بأم عينيه ، كيف أن
العراق في ظل الاحتلال ،
ولاسيما في بعض أجزائه ، قد بات
مرتعا للموساد الإسرائيلي
وللشركات الإسرائيلية ، وكيف أن
نفط العراق بات بيد الغزاة
والمحتلين ، وكيف أصبح هؤلاء
المحتلون وعملاؤهم من
العراقيين الذين جاؤوا على ظهر
دباباتهم ، حماة للفساد
والإفساد وسرقة المال العام
بالمليارات كما بات لايخفى على
أحد . و أن
السبب الرئيسي الذي كا ن وراء
حصار إسرائيل لياسرعرفات
لسنوات اربع انتهت بتسميمه
واستشهاده في 11 /11 /2004 ، رغم
قبوله وتوقيعه على اتفاقية
أوسلو التي رعتها الولايات
المتحدة الأمريكية ، هو ، في
حقيقة الأمر رفضه لتقديم مزيدا
من التنازلات ، التي طلبت منه
الولايات المتحدة الأمريكية
تقديمها للكيان الصهيوني ،
والتي كانت ( التنازلات ) تعتبر
تجاوزا لاتفاقية أوسلو التي
قبلها ياسر عرفات مكرهاً تحت
الضغط الدولي والعربي وبعض
القوى والشخصيات الفلسطينية ،
ذلك أنها كانت تمثل تنازل الحد
الأدنى الذي لايمكن لأي قائد
فلسطيني النزول تحته . وإن
مايقوم به حلف الناتو في ليبيا
هذه الأيام ، لايمثل دعما
أخلاقياً لحماية المدنيين
الليبيين من بطش معمر القذافي
فحسب ( وهو أمر مقبول ومشروع لو
كان فعلا كذلك) ، ولكنه يمثل ،
محاولة من أقطاب حلف الناتو
الكبار لإيجاد موطىء قدم لهم
بين ثورتي مصر وتونس العظيمتين،
لكي يلجموا طموحات شعبيهما ،
وأيضاً طموحات الشعب الليبي
معهما في الحرية و الكرامة
والديموقراطية . وإذا كان الأمر
ليس كذلك ، فلماذا لم يسمح هذا
الحلف لثوار 17 فبراير بالوصول
إلى سرت ومتابعة زحفهم إلى
طرابلس العاصمة والتخلص من حكم
القذافي ، الديكتاتور بامتياز ،
والذي مازال ينيخ على كاهل
الشعب الليبي العظيم والطيب منذ
مايزيد عن الأربعة عقود ، ؟ !. إنه
لمن المؤسف أن حرص معظم دول ضفتي
الأطلسي على مصالحها
الاستراتيجية في العالم
الثالث، قد تسبب بإصابتها
بالعمى الأيديولوجي والأخلاقي
، الأمر الذي أصبح معه تعبير
الكيل بمكيالين " أو بتعبير
شعري للمرحوم معين بسيسو ( الشمس
شيء داخل الحدود .. والشمس شيء
آخر في خارج الحدود ) ملتصقا
بهذه الدول ، ولقد تجلى هذا
العمى الأخلاقي والأيديولوجي ،
بدعم هذه الدول الديموقراطية
للأنظمة الدكتاتورية في العالم
الثالث عامة والوطن العربي ( بسب
علاقته المباشرة بموضوعي
إسرائيل والنفط ) خاصة ، متجاهلة
في كثير من الأحيان حتى صيحات
مئات الألوف من مواطنيها
الشرفاء الذين عمت مظاهراتهم
واستنكارهم لمواقف حكوماتهم
الانتهازية وغير الديموقراطية
شوارع معظم المدن الأوروبية
والأمريكية ، ولا سيما إبان
الغزو الإنجلو
أمريكي للعراق عام 2003 ،
وإبان العدوان الإسرائيلي
الوحشي ( الرصاص المصبوب ) على
قطا ع غزة عام 2008 /2009 . إن
كافة الأنظمة المستبدة في الوطن
العربي ،ولا سيما الموصوفة
بالتقدمية منها ،وعلى رأسها
النظام السوري إنما تستند في
استبدادها ، وتهميشها لدور
شعوبها، وبالذات تهميشها لدور
القوى والأحزاب السياسية ،
ومنظمات المجتمع المدني ، وكل
مايمثل الرأي الآخر في بلدانها
، إلى ثلاثة ركائزأساسية هي : طغمة
من الانتهازيين والمنتفعين
والأتباع من المواطنين ، بمن
فيهم العديد من مثقفي السلطان
ومؤدلجي سلوكه وتصرفاته،
و العديد من رجال الدين الذين
يقدمون التبريرات والفتاوي
الدينية التي يمكن أن يحتاج
إليها ذلك السلطان علما
أن ارتباط هذه الطغمة بالنظام
المستبد ، عادة ما تستند، با
لإضافة إلى الجبن والخوف
والارتشاء ، وأحياناً إلى التقاطع
الأيديولوجي ( الاشتراكية
والشيوعية )، إلى الولاءات
والانتماءات المتخلفة
وغيرالوطنية ، ولاسيما القبلية والمذهبية
والطائفية والإثنية منها .
ويمكن أن نضيف إلى هذه الخلطة
الانتفاعية العجيبة الأشخاص
الذين يبررون تأييدهم
للسلطان ، وعدم مبالاتهم بما
يجري حولهم بشعار " من يتزوج
أمي يصبح عمي " و / أو شعار "
يصطفلوا إحنا
مادخلنا " المعروفين . طغمة
من الانتهازيين والمنتفعين من
الأقارب والأتباع في الجيش وقوى
الأمن وأجهزة المخابرات ، وأيضا
هنا اعتماداً
على الولاءات والانتماءات
والأسباب المختلفة المذكورة في
الفقرة السابقة . الاعتماد
على القوى الكبرى المتطورة
اقتصادياً وتقنياً ( العامل
الخارجي ) في البقاء والاستمرار
والاستقرار وذلك في
إطارعقد " الانتفاع المتبادل
" ( حك لي أحك لك ) غير المكتوب
بين مانعتناه أعلاه
بالاستبدادين الخارجي والداخلي
. لقد
استمع الكاتب هذا اليوم (
الأربعاء 30 .03 .2011 )إلى الخطاب
المضحك المبكي
الذي ألقاه بشارالأسد في مجلس
الشعب السوري ( المنتخب !!ً ) ،
والذي يمكن تلخيصه ( الخطاب )
بنقاط رئيسية ثلاث هي : استخفاف
كامل بالشعب السوري ، بتجاهله
ما أشار إليه كل من مستشارته
ونائبه من أن" السيد الرئيس
" سوف يقدم
في خطبته الموعودة خلال يومين ،
كل الحلول لكل المشاكل ، بحيث
ستلبي كل مطالب الشعب التي عبر عنها
في تظاهراته التي عمت معظم
المدن السورية ، ولا سيما إلغاء
قانون الطوارئ ، وإطلاق الحريات
العامة ومكافحة
الفساد ، وإطلاق سراح كافة
المساجين السياسيين ، بمن فيهم
الأطفال الصغار من درعا ، والتي
اعتبرها الناطقون
باسم النظام مطالب مشروعة ،
وستتم تلبيتها سريعاً ،
والمطلوب فقط هو انتظار خطاب
الرئيس . ولكن
يبدو أن سيادة الرئيس قد تصور أن
تقديم أي تنازل فوري
وسريع للشعب السوري ، ربما يفسر
من قبل هذا الشعب ، على أن ضعف من
جانب النظام ، بل إنه يمكن ان يوصله
إلى نفس مصير حسني مبارك وبن علي
، في حين يفضل سلوك الطريق
اليمني والليبي ، على الطريق المصري
أوالتونسي . إن الكاتب لايشك في
هذا المقام أن مادعوناه
بالاستبداد الخارجي ، سوف يكون
عونا له ولمن
حوله في مواجهة الشعب السوري ،
والبقاء في سدة الرئاسة إلى
ماشاء الله ! . وبالطبع ليس عن
طريق الديموقراطية
ولا عن طريق صندوق الاقتراع
العادل والنزيه والشفاف ، بل عن
طريق " حك لي أحك لك ". استخفاف
معيب بدماء مئات الشهداء وآلاف
الجرحى الذين سقطوا برصاص رجال
أمنه السريين والعلنيين في مظاهرات
المطالبة السلمية والمشروعة
والمنسجمة مع مانصت عليه
المادتان 38 و39 من الدستور الذي
وضعوه بانفسهم
عام 1973 ، بالحرية والكرامة في
مدينة درعا وفي معظم المدن
السورية الأخرى . الترويج
إلى أن ماحدث في درعا واللاذقية
وغيرهما من المدن السورية ،
إنما هو فتنة طائفية ، تدخل في
إطار مؤامرة
خارجية تستهدف نظام الممانعة (!)،
و نموذج العيش المشترك الذي
تتميز به سورية . إن
هذ ا الكلام الغريب العجيب من
بشار الأسد كان يمكن أن يكون
مقبولا ، لو كان سيادته قد وصل
إلى السلطة بطريق
طبيعي وشرعي وديموقراطي ، أما
وأنه قد وصل إلى السلطة بطريق
آخر يعرفه هو ويعرفه الجميع فإنه
بنظر الكاتب
هو آخر من يحق له أن يحذر من
الفتنة الطائفية التي قد لاتكون
مو جودة أصلا إلا في رأسه هو
وربما رؤوس بعض أتباعه . أما
مسألة العيش المشترك ، فنعم إن
سورية هي فعلاً ياسيادة الرئيس
بلد العيش المشترك، ولكنها
أيضاً بلد النضال المشترك
ضد الاستبدادين الخارجي
والداخلي ، وضد الصمت على
احتلال الكيان الصهيوني لأرض
الوطن، وضد الفساد، وضد المادة 8
من دستور الوالد ، وضد القرار 49
الهمايوني المعيب الخاص بجزء
اساسي من أبناء الشعب
السوري ، وضد اعتباركم الشعب
السوري كله متهما إلى أن تثبت
براءته ، إن أبناء الشعب السوري
بمختلف أطيافه ومكوناته وعلى
رأسهم الطائفة العلوية ، قد
رضعوا مع حليب امهاتهم ثقافة
العيش المشترك ، ومحبة بعضهم
بعضاً ، ف " إلعب غيرها
ياسيادة الرئيس " ! . إن
تحقيق الحرية والكرامة إنما
يتمثل تطبيقياً ( ياسيادة
الرئيس )، في ضرورة أن يتعامل
النظام الحاكم مع جماهير الشعب
، بوصفهم "مواطنون لارعايا"
، وبما هم سواسية كأسنان المشط
وليس كأسنان الغولة ، وهو
المطلب العادل الذي تجسد في
هتافات وفي شعارات المتظاهرين
السلميين ، في درعا ، وفي مختلف
المدن السورية. إن
مئات آلاف المتظاهرين الذين
خرجوا إلى الشوارع والساحات في
سورية ، لم يطالبوا نظامكم
العتيد بأكثر من أن تعطوا الشعب
السوري حقه المشروع في أن يحكم
نفسه بنفسه ، وأن يختار ممثليه
في مختلف الهيئات والمؤسسات
الوطنية ولا سيما في مجلس الشعب
في انتخابات حرة ونزيهة ، بعيدا
عن الكذب والتدليس والتزوير
والتخويف والتخوين والترويع
والبيع والشراء ، و بعيداً عن
قول كلمة الحق التي يراد بها
باطل ، وبعيداً عن المفارقة
المكشوفة والمعروفة والمؤسفة
بين القول والعمل ، بل وبعيدا عن
القتل العمد الذي شاهدناه
بالأمس ( بزمن الأب ) في مدينة
حماه وسجن تدمر ، ونشاهده اليوم
في عهد الإبن في مدينة درعا
واللاذقية وغيرهما من المدن
السورية ، أي بعيداً عن تلك
الأساليب الهمجية واللأخلاقية
والمشبوهة التي مايزال النظام
الحاكم في سوريا يمارسها على
الجميع ، منذ استيلاء الأب على
السلطة عام 1970 ، وحتى خطاب الإبن
هذا اليوم ( الأربعاء 30.03.2011 ) أي
منذ واحد وأربعين عاماً بالتمام
والكمال . إن
الهروب إلى الأمام ، وإلهاء
الناس باللجان المختلفة ، إنما
هي بضاعة بائرة مكشوفة الأهداف
والنوايا ، ليست فقط للكبار
وطلاب الحامعات ، وإنما أيضا
للصغار وطلاب المدارس
الابتدائية الذين كتبوا على
جدران مدرستهم ودون إذن أو دفع
من أحد " جاك الدور يادكتور"
و " الشعب يريد تغيير النظام
". إن
ماينبغي أن يعرفه النظام الحاكم
المتحكم في دمشق ، هو أنه
لايمكن الجمع بين حرية الشعب
وكرامته وبين المادة الثامنة من
دستور حافظ الأسد الذي فصله (
بتشديد الصاد )على مقاسه عام 1973
، والتي تنص على أن " حزب
البعث العربي الإشتراكي هو
الحزب القائد في المجتمع
والدولة ، ويقود جبهة تقدمية
تعمل على توحيدطاقات جماهير
الشعب ووضعها في خدمة أهداف
الأمة العربية "!! .هذا مع
العلم أن اسم "حزب البعث
العربي الاشتراكي" هنا إنما
هو برأي
الكاتب الاسم
الحركي للنظام الحاكم ، بل
ولحافظ الأسد بالذات ، الذي كان
هو الأمين العام والأمين القطري
لحزب البعث ، المذكور في هذه
المادة !! ، والذي ورث ( بتشديد
الراء )هذه الوظيفة الحزبية (
الأمانة العامة لقيادتي الحزب
القومية والقطرية ) من جملة
ماورث إلى ابنه بشار ،
باعتبارها من الأملاك الخاصة
للعائلة الكريمة !! . ========================== بوفلجة
غيات إن
المتتبع للأحداث السياسية التي
تعرفها المنطقة العربية، يجد
تشابها كبيرا في تصرفات الحكام
العرب في مواجهة شعوبهم
والتعامل مع مطالب التغيير.
وهكذا نجد نفس التصرفات والحجج
والمراوغات. وهو ما شاهدناه عند
الرئيس التونسي الهارب، زين
الدين بن علي، والرئيس المصري
الذي أرغم على التنحي عن الحكم،
حسني مبارك، والرئيس اليمني
المقاوم لرغبات شعبه في التنحي،
القائد الليبي الذي يقتل شعبه،
رغبة منه في الخلود في الحكم،
والرئيس السوري الذي وصلته حمى
الاحتجاجات، رغم القبضة
الحديدية على شعبه. فكل
هؤلاء الرؤساء يعتمدون نفس
الأساليب، ولهم نفس الشخصيات
التي اكتسبوها من طول بقائهم في
الحكم ومعاملاتهم لشعوبهم. أول
شيء يظهر تشابههم، انتظارهم
لفترة غير وجيزة قبل الظهور على
الشاشة لإلقاء كلمة لشعوبهم،
عادة ما تكون مخيبة للآمال. حيث
يتم اتهام الإسلاميين، أو اتهام
القاعدة، أو اتهام جهات خارجية،
أو الإشارة إلى مجموعة من
الشباب المغرر بهم، وهي حجج
وتبريرات موجهة بالدرجة الأولى
للغرب، لكسب تعاطفه. عادة
ما نجد الحكام العرب لا يظهرون
على شاشات التلفزيون، إلا بعد
إخراج مظاهرات مؤيدة لهم، وهي
تضم عادة رجال الأمن في الزي
المدني وأطفال المدارس، وأن
المظاهرة تكون عادة في عاصمة
الدولة، ويأتيها المتظاهرون من
كلّ أرجاء الوطن. لذلك فلا يمكن
استمرارها أو تكرارها إلا بعد
مدة. كما
يتم التعامل مع الثورات، على
أنها مطالب اقتصادية، حيث يتم
رفع الرواتب والأجور، والإعلان
عن تخفيض أسعار السلع الأساسية
وتحسين الخدمات المقدمة. وفي
أحسن الأحوال يتم إقالة
الحكومة، ويتم الإعلان بطريقة
مبهمة وغامضة عن إصلاحات سياسية
مهمة سيتم اتخاذها مستقبلا. أما في
حالة وجود قتلى ضمن المحتجين،
نتيجة الاستعمال التعسفي
للرصاص الحي لقمع المتظاهرين،
فعادة ما يتم الإعلان عن إنشاء
لجنة التحقيق، وهي لجان لا ترى
النور أبدا على أرض الواقع، وفي
حال إنشائها فلا يتم الكشف عن
نتائجها أبدا. كما يتم التصريح
بدراسة إلغاء حالة الطوارئ
وإنشاء لجان لوضع قوانين محاربة
الإرهاب، وهو ما يجعل إلغاء
حالة الطوارئ دون معنى، لأن
قوانين تقييد الحريات، تبقى في
إطار محاربة الإرهاب. إن
استمرار المسيرات والانتفاضات،
عادة ما يؤدي إلى تصريحات
للرؤساء، بأنهم لن يورثوا الحكم
لأبنائهم، ولن يترشحوا إلى عهدة
جديدة، وأنه لا رئاسة مدى
الحياة، كما صرح به الرئيس
التونسي المخلوع زين الدين بن
علي، قبيل رحيله. نفس الشيء صرح
به الرئيس المصري السابق
والرئيس اليمني المقاوم للتنحي. كما
يميل الحكام العرب إلى
المراوغات والمناورات، وقد
يسعون إلى إظهار دورهم وأهميتهم
في البقاء في السلطة، يريدون
إقناع الآخرين أنه بدونهم تندلع
الحروب الطائفية، والحروب
أهلية، وتنفصل بعض المناطق عن
الوطن الأم. كما يبرزون للغرب أن
غيابهم يؤدي إلى تعزيز موقع
القاعدة، وأنهم يعملون في إطار
مواجهة الإرهاب الإسلامي كما
صرّح به الرئيس اليمني، أو أنه
يحمي أوروبا من الهجرة السرية
كما يدعي معمر القذافي، وأن
رحيله يؤدي إلى هجوم إفريقيا
على أوربا في إطار الهجرة غير
الشرعية. وما
يعقد أمور الدول العربية، غياب
بدائل الحكام إذ أنهم يرفضون
عادة وجود نواب لهم، ولا يحضرون
من يخلهم، وإن فعلوا ذلك فهم
يحضرون أبناءهم. لذلك نجد
الرئيس اليمني يصرح بأنه يقبل
بالتنحي، إلا أنه يبحث عن أناس
مخلصين يأتمنهم على السلطة.
فلمدة أكثر من 30 سنة لم يفكر في
خليفة أو نائب، لذلك فهو يقنع
الجميع أن غيابه يؤدي إلى فراغ
دستوري وفراغ في السلطة، وهو ما
سمعناه في تونس وفي مصر. لهذا
وأنا أستمع للحكام العرب، أتأكد
من تحكمهم في استعمال لغة الخشب.
فلا انتفاضة ظهرت تطالب بتحسين
الأوضاع المعيشية، وإن تم ذلك
ففي المرحلة الأولى فقط، ذلك أن
المطالب الحقيقية سياسية،
وتتمثل في الديمقراطية وكرامة
الشعوب وضرورة التداول على
السلطة. في حين يركز القادة على
الجوانب المادية والمعيشية،
ويتجنبون الحديث عن الجوانب
السياسية. لهذا
فإن الاستماع إلى الرئيس بشار
الأسد عند أول ظهور له بعد
اندلاع الأحداث في سوريا،
وكأنني كنت أستمع إلى رؤساء
الدول العربية الأخرى الذين
سبقوه، كتونس ومصر واليمن،
مباشرة بعد اندلاع الأحداث
عندهم. وهو ما يدل على أن الحكام
العرب لهم نفس الذهنيات، ونفس
أنماط التفكير والتحليل،
ويقومون بنفس المناورات
والمراوغات ونفس التصرفات، وهو
ما مجال في حاجة إلى دراسة علماء
النفس، في إطار ما يمكن أن نطلق
عليه سيكلوجية الحكام العرب. =========================== الإصلاح
في سورية.. سرعة السلحفاة وتلوّن
الحرباء ومكر الرقطاء بعد
كلمة بشار الأسد في 30/3/2011م نبيل
شبيب اتخذت
أولى ردود الفعل من جانب ثوار
شعب سورية عقب كلمة بشار الأسد
يوم 31/3/2011م، تحرّكا فوريا على
الأرض واجهته السلطة بإطلاق
الرصاص، ورفضا مطلقا لمزيد من
الاتهامات والمماطلة على ألسنة
شباب الثورة، وخيبة أمل مشحونة
بالقلق من جانب المحللين
السياسيين لا سيما في "المنفى"
خارج سورية. سنوات
الاستبداد.. تتحدث ردود
الفعل الرافضة لكلمة بشار الأسد
لها أسباب عديدة أكثر من وجيهة،
ويكفي تمهيداً لاستيعاب موقع
تلك الكلمة التي وُصفت بأنّ
الأسد تكلّم ولم يقل شيئا،
التذكير ببعض التواريخ: 1- في
آذار/ مارس 1963م وقع الانقلاب
العسكري البعثي، وأُعلنت حالة
الطوارئ، وكان يُفترض أن
الانقلاب كان ضدّ الانفصال الذي
أنهى الوحدة بين مصر وسورية،
ولم يتحرّك النظام الحاكم خطوة
واحدة في اتجاه وحدة عربية
جزئية أو شاملة، أمّا حالة
الطوارئ فتمّ ترسيخها وترسيخ
أبشع ممارسات الاستبداد
بموجبها على امتداد 48 سنة.. 2- في
شباط/ فبراير 1970م وصل حافظ الأسد
إلى السلطة تحت عنوان حركة
تصحيحية، عبر انقلاب عسكري فزجّ
برفاقه من انقلابات سابقة في
السجون، وكان مضمون "التصحيح"
على أرض الواقع هو تحويل حزب
البعث إلى أداة استبدادٍ في
الدولة مع ممارسة الاستبداد
داخل نطاق الحزب نفسه، ومع
اختزال الحكم في أركان "العائلة
الأسدية" ومن والاها، ومضى
على ذلك حتى الآن 41 سنة.. 3- في
حزيران/ يونيو 2000م تمّ تعديل
الدستور لتنصيب بشار الأسد
وريثا لأبيه، وبعد بعض
الإجراءات الشكلية بدأ في العام
نفسه كيلُ وعود الإصلاح على كل
صعيد، ومضى على عدم تنفيذها 11
سنة.. 4- في
عام 2005م قيل إن عددا من
الإصلاحات وُضعت قيد الدراسة،
وعناوينها حالة الطوارئ وقانون
أحزاب وقانون إعلام، ومضى على
عملية الإعداد المتطاولة هذه 6
سنوات.. 5- لم
تكن ثورة شعب سورية قد اندلعت
بعد، ولكن اندلعت ثورة شعب مصر
بعد شعب تونس، عندما أدلى
الرئيس السوري بشار الأسد
بتصريحات صحفية يوم 31/1/2011م، جاء
فيها أنّ الواقعية تقتضي القول
إن تحقيق الإصلاحات في سورية
يتطلّب انتظار الجيل القادم.. (ربما
يعني ابنه الأكبر: حافظ الأسد
الثاني!). 6-
اندلعت الثورة يوم 15 آذار/ مارس
عام 2011م وتكرّر الحديث عن
الإصلاح على ألسنة المسؤولين في
سورية خلال الأيام التالية
وآخرها ما ورد على لسان بشار
الأسد يوم 30/3/2011م.. هذا
غيضٌ من فيضِ ما يمكن استخراجه
وتعداده من تاريخ جيلين
متعاقبين لم يعرفا في سورية سوى
نمط الحكم الاستبدادي الفاسد،
وسيّان بعد ذلك أن يحمل اسم
الأسد.. أو البعث.. أو جمهورية..
أو ملكية.. فهل يمكن توجيه اللوم
لأيّ فرد ثائر، أو محلّل سياسي
شابَ فوداه وهو يحلّل، أو معارض
ناصح قضى عمره إمّا في المعتقل
أو المنفى.. هل يمكن أن يُلام أيّ
إنسان عاقل إذا قال: هذه الكلمة
لا تتجاوز حدود المماطلة
والمراوغة والاتهامات
العشوائية، فلا يمكن تصديق
الوعود بأي إصلاح، بحال من
الأحوال؟.. لقد
بلغ الاستبداد والفساد مبلغا لا
يطاق، وأصبح من المحتم الاعتقاد
بأنّ النظام الحاكم قد فوّت على
نفسه من خلال تلك الكلمة الفرصة
الأخيرة من أجل تغيير جذري
حقيقي شامل، ولم يبق سوى تحقيق
التغيير رغم النظام.. عبر ثورة
الشعب عليه. كلمة
النظام.. تثبّت هدف الثورة كلمة
الرئيس السوري بشار الأسد يوم
30/3/2011م ككلمة بن علي زين
العابدين الأولى عقب اندلاع
ثورة شعب تونس، وكلمة مبارك
الأولى عقب اندلاع ثورة شعب مصر..
تكشف عمّا يستشعره النظام
الحاكم من هبوب رياح التغيير
الحتمي عليه، ومدى تعنّته في
عدم الاستجابة لها، وهي في
مراحل هبوبها الأولى، إنّما لم
تمنع محاولات البقاء المستميتة
من سقوط النظامين في البلدين
الشقيقين تباعا. ولكن
انطوت كلمة الأسد –وانطوت
مقدّماتها في أسبوعين سابقين-
على كثيرٍ ممّا يُنذر بتقليد
بعض محاولات البقاء المستميتة
من نوع آخر: - كما
يصنع النظام الحاكم في اليمن
ممّا يجمعه عنوان "فرّق تَسُد"..
ومن أبرز تعابيره على ألسنة
المسؤولين في سورية: "فتنة
طائفية"!.. - وكما
يصنع "شبه النظام" الحاكم
في ليبيا ممّا يجمعه عنوان "الانتقام
الدموي" بعد سقوط ما اصطنع
لنفسه من بنية هيكلية مبتكرة
للاستبداد والفساد، وظنّه أنّ
شذوذها يكفي لاستثنائها في حقبة
ثورات التحرر العربية
المعاصرة، ويتخذ التعبير عن ذلك
على لسان الأسد القول إن "ربيع
العرب يقف هنا"!.. من
أراد استشراف إلى أين يمضي
النظام الحاكم في سورية بسورية
وشعبها والمنطقة الإقليمية من
حولها، لا بدّ أن يتبيّن ما
تعنيه معالمُ هذا الخليط
الخطير، الذي عبّرت عنه أولى
كلمات رئيس الدولة وأولى
تحرّكات أجهزتها، في مواجهة
أولى أمواج ثورة الشعب في سورية..
ثمّ لا
بدّ من وقوع مفاجآت، تتجاوز
توقعات الثائرين أنفسهم
وحسابات المستبدين كما تتجاوز
التحليلات التي تسعى لتقيس ما
يجري اليوم في سورية على ما يجري
في سواها، أو ما جرى بالأمس فيها
وفي سواها. وكلّ
صيغة من الصيغ يجري التنبؤ بها
الآن وفق المعطيات الراهنة، لا
بدّ من تعديلها أو الأخذ بسواها
خلال أيام أو أسابيع، فالثورة
تصنع جديدا كل يوم.. والإجراءات
المضادّة لإخماد الثورة يمكن أن
تؤثّر على مجرى الأحداث من حيث
كيفيتها، وإن عجزت عن الحيلولة
دون وصول الثورة إلى هدفها
الأوّل.. وإلى حين ألقى الأسد
كلمته، كان الهدف الأول يتأرجح
حول قابلية استباق إسقاط النظام
بالتغيير الجذري الحقيقي
الشامل، وبعد تلك الكلمة أصبح
الهدف الأول للثورة واضحا
وثابتا ويمكن أن يشمل المزيد من
قطاعات شعب سورية في مختلف
المدن والقرى ومن مختلف الأطياف:
لا بدّ من إسقاط النظام أولاً
ليتحقق الإصلاح من بعده. التطوّرات
الإقليمية لا
يُستغرب من مخاوف كثير من
المخلصين لقضية فلسطين، وكذلك
المخاوف الصادرة عن أصحاب
الاتجاهات القومية العربية
تخصيصا، من النتائج الإقليمية
للتغيير بعد سقوط النظام، ليس
بسبب الأجواء والمعطيات التي
يصنعها تتابعُ الثورات العربية
لاسترداد إرادة الشعوب في بلد
بعد بلد، فالمفروض هنا
الاستبشار بتلاقي الشعوب على
أساس الإرادة المتحرّرة لصنع
مستقبل آخر. ولكن تصدر المخاوف
عن حقيقة أنّ النظام الحاكم في
سورية بالذات تميّز بقدرته على
اللعب بمختلف الأوراق الهامّة
إقليميا، وهو ما يستدعي وقفات
قصيرة عند أهمّها مثالا على
سواه: 1- قضية
فلسطين: تاريخيا.. كانت سورية
معقلا من معاقل ما تحتاج إليه
ديمومة الحياة في قضية فلسطين
من أجل التحرير. هنا بالذات لا
ينبغي الخلط بين كلمة سورية..
وبين النظام الحاكم في سورية،
فوجود هذا المعقل "السوري"
مرتبط بوجود شعب سورية نفسه، من
قبل ولادة الأسد الأول ثم ابنه،
ومن قبل تأسيس حزب البعث الذي
امتطياه إلى السلطة، بل حتى من
قبل النكبتين الكبريين، وستبقى
سورية معقلا لفلسطين، ففلسطين
وسورية جسد واحد تاريخا ومصيرا،
ولهذا لا ينبغي لأيّ طرف من
الأطراف أن يستعدي شعب سورية
المتطلّع إلى حريته بحقّ،
بذريعة دعم شعب فلسطين المتطلّع
إلى حريته وتحرير أرضه بحقّ. إن
العمل لتحرير فلسطين يوجب العمل
لتحرير جميع الشعوب، ومنها شعب
سورية تحديدا، وهذا ما يوجب
التمييز بدقة متناهية بين (1) "إرادة"
شعب سورية التي صنعت المقاومة
قبل النكبة الأولى وبعدها، وبين
(2) "الورقة" الفلسطينية
التي استخدمها النظام الحاكم،
بما فيها احتضان المقاومة
إعلاميا مع منع وجودها جغرافيا،
وممانعة التصفية سياسيا مع
الاستعداد للمشاركة في مفاوضات
التصفية إذا حصل على "ثمن"
مناسب، فهذه الورقة التي
استخدمها النظام الحاكم في عهد
الأسدين تحديدا، ليستمرّ في
البقاء، هي التي تجري محاولات
تجميلها من جانب النظام الحاكم،
كما يحلو للاتجاه القومي العربي
أن يطلق عنوان "سورية قلب
العروبة النابض" ليعبر عنها.. 2-
إيران وتركيا: بدأ "التحالف"
بين إيران وسورية فور الثورة
الإيرانية سنة 1979م، وكان حضور
سورية في الاحتفالات السنوية
الأولى للثورة الإيرانية عام 1980م
في صفة "ضيف الشرف" متزامنا
مع ما كانت تواجهه المدن
السورية من قمع دموي في إطار
أحداث 1979-1982م، بما في ذلك مدينة
حماة قبل قصفها بالطائرات
والمدفعية والدبابات سنة 1982م..
ولم يتزعزع هذا التحالف حتى
اليوم رغم جميع التقلّبات
الإقليمية، وبدأ "التقارب"
بين تركيا وسورية مع تعزيز
مسيرة الانفتاح التركي
إقليميا، وازدياد تضييق الخناق
على النظام الحاكم في سورية
عربيا ودوليا بسبب الأوضاع في
لبنان وفلسطين. إن كلّ تحرّك
سياسي إقليمي بمشاركة "سورية"
كان منطلقه طوال العقود الأربعة
الماضية هو "النظام" وحرصه
على نفسه وبقائه، وعلى تخفيف
الضغوط الخارجية عليه، مع
الاستعداد لألوان من
المساومات، فالعنصر الحاسم هو
النظام نفسه، ولا غرابة إذن أن
يجمع المتناقضات، فيتحالف مع
إيران أثناء الحرب بين إيران
والعراق، ومع دول الخليج بعد
احتلال الكويت ضد العراق، وأن
تتقلّب تحالفاته داخل لبنان
عاما بعد عام، إنّما تتجلّى "قدرته
المتميّزة" في وضع عناوين
لجميع تلك التناقضات، وفق
المعطيات الآنية، فيستمدّها من
التوجّهات القومية أو
العلمانية أو مكافحة "الإرهاب"
أو المقاومة في فلسطين. آن
الأوان لاستيعاب أنّ قلب
العروبة النابض هو شعب سورية..
وليس نطاما استبداديا يقهر شعب
سورية، وأنّ تقييد الشعب
بالاستبداد والفساد والفمع
والتنكيل، يعني تقييد قلب
العروبة النابض في قضية فلسطين
وسواها، ولا بدّ من تحريره،
لتستعيد سورية دورها وتكون "مصنعا
للمقاومة والتحرير" وليس "حاضنة
مشروطة للمقاومة وللحديث عن
التحرير". آن
الأوان لرؤية استشرافية
للمنطقة العربية بعد الثورات
على الخارطة الإقليمية
والدولية، فمستقبل المنطقة
مرتبط بتحرير إرادة شعوبها وليس
بترسيخ الاستبداد رغم إرادة
شعوبها، والشعوب وليس الأنظمة
هي الضمان من أجل تلاقي الدول
العربية تخصيصا ودول المنطقة
عموما، على ما يحقق المصالح
العليا. إنّ
الشعوب التي تصنع قرارها بنفسها
لا تساوم على قضية فلسطين، ولا
تساوم على إنهاء التبعيات
السياسية والأمنية والاقتصادية
بمختلف أشكالها، والأنظمة التي
تنبثق عن إرادة الشعوب، في
سورية وسواها، هي المرشحة
لاستعادة قوّة المنطقة إقليميا
واستخدام طاقاتها وثرواتها من
أجل استعادة مكانتها دوليا،
والتصدّي الحقيقي –لا الممانعة-
لمختلف الأطماع والمؤامرات
الصادرة عن قوى الهيمنة الدولية. كلّ
موقف يشكّك في ثورة شعب سورية
يمثل عقبة إضافية على طريق قضية
فلسطين، وعلى الصعيد الإقليمي،
في وجه مستقبل أفضل.. بعد حقبة
النكبات والهزائم والكوارث
والتخلف والضعف والتجزئة، وكل
موقف يدعم شعب سورية في ثورته من
أجل التحرّر من قبضة الاستبداد
والفساد يمثل دعما لقضية فلسطين
وعلى الصعيد الإقليمي بما يحقق
مصلحة العرب والمسلمين. ثمّ
إنّ تحرّر الشعوب من قبضة
الاستبداد والفساد.. حق أصيل
مشروع بمختلف المقاييس، وقد
بلغت الشعوب من الوعي ما يكفي
لمواجهة استعداء بعضها على
بعضها الآخر، فهذا بالذات ما
يُنذر بالخطر في المواقف التي
تحاول تصوير تحرّر شعب سورية من
الاستبداد والفساد.. كما لو كان
على حساب شعب فلسطين أو سواه من
الشعوب العربية والإسلامية. مخاوف
محقّة من تطوّرات دامية المخاوف
الأكبر والأظهر للعيان هي تلك
التي تصدر عن المتخوّفين بقدر
ما سبق أن عاصروه من أفاعيل
النظام الحاكم في سورية على مرّ
زهاء خمسة عقود "بعثية" أو
أربعة عقود "أسدية"، لم
يخلُ عام واحد منها من
الاعتقالات والمحاكمات
والتشريد والتعذيب والإرهاب
والترويع.. ناهيك عن موجات كبرى
من الفتك والتنكيل. ولا
يستهان بتلك المخاوف، إنّما
ينبغي وضعها في مكانها، وهو ما
يتطلّب مواكبة الأحداث
والتطوّرات الجارية، فسوف تكشف
يوما بعد يوم عن معطيات جديدة
ورؤى جديدة، إنّما يسري من حيث
المبدأ عدد من القواعد الأساسية: 1- كلّ
جرعة إضافية من التحرّك القمعي
الدموي -كالذي شهدته درعا
واللاذقية أكثر من سواهما- يمكن
أن تطيل عمر النظام الحاكم
أياما بمقياس المقارنة مع "شبه
النظام" الحاكم في ليبيا،
إنّما تزيد ثورة الشعب في سورية
اشتعالا وانتشارا، كما شهد
الأسبوعان الأول والثاني، وذاك
معيار المقارنة مع ما كان في
تونس ومصر من قبل. 2- كلّ
اتهام يكيله النظام لتشويه ثورة
شعب سورية، لا يمثل "ابتكارا"
جديدا، ولا يميّزه عن سواه،
فعنوان "المؤامرة الدولية"
كعنوان "الأجندة الخارجية"
وعنوان "الفتنة الطائفية"
كعنوان "الفتنة القبلية"
وتصوير "الشبّيحة" أو "الزعران"
من القنّاصة وسواهم كما لو
كانوا من خارج نطاق الأجهزة
القمعية، لا يختلف عن شبيه ذلك
في التعامل مع جرائم "البلطجية"..
وبقدر ما تناقض النظام الحاكم
مع نفسه في تقلّب تصريحاته ما
بين اتهام وآخر، بقدر ما حافظت
ثورة شعب سورية على الصورة
الواحدة التي نشأت وبقيت هي
الغالبة عليها: ثورة شعبية
سلمية مشروعة جامعة لأطياف
الشعب ضد باطل الاستبداد
والفساد، سيّان ما هي ارتباطاته
وسياساته الخارجية، فهو مرفوض
بحد ذاته، ومشروعية رفضه لا
تتزعزع، ودمويته في القمع سبب
إضافي لتصعيد الثورة ضدّه وليس
لتراجعها. 3- كلّ
"تخويف" من تدخّل دولي،
بأيّ شكل من الأشكال، في أي
مرحلة من المراحل، لا جدوى منه
في ثورة شعب سورية تحديدا.. فلئن
كان لكل بلد خصائصه التي تميزه -رغم
القواسم المشتركة- عن البلدان
العربية الأخرى، فإن في مقدمة
ما يميّز ثورة شعب سورية، أنّه
لا يوجد أحد على مستوى شبابها
وشيوخها، رجالها ونسائها، ومن
يدعمها من المعارضين داخل
الحدود وخارجها، ومن لا يزال في
مرحلة التعاطف قبل الدعم من أهل
سورية في أي مدينة أو قرية أو
منفى.. لا يوجد صوت واحد معتبر
يقبل بتدخل أجنبي بأي ذريعة من
الذرائع، إنّما يوجد ما لا
يُحصى من الأصوات، التي كانت
ترفض ذلك قبل هذه الثورة،
وترفضه منذ اندلاعها، وسترفضه
مستقبلا أيضا بغض النظر عن
مجراها. 4- كلّ
من يستشعر التخوّف من لجوء
السلطات في سورية إلى أساليب
شبيهة بما جرى ويجري في ليبيا،
لا ينبغي تحويل مخاوفه إلى "تهدئة"
الثوّار بأسلوب التخذيل بل إلى
"تهدئة" النظام الحاكم..
ليمتنع عن سلوك طريق إراقة
الدماء، كيلا يضيف إلى ممارسات
سابقة ما يجعله أقرب إلى "شبه
النظام" الحاكم في ليبيا،
ويجعل اللوثة الدموية آخر ما
يحمل سجّله قبل السقوط.. فالشعوب
لا بدّ أن تنتصر على كل حال. ثورة
شعب سورية ثورة العدل ضد الظلم،
والحق ضد الباطل، والحرية ضد
الاستبداد، والطهارة ضد الفساد..
هي ثورة شعب ضد نظام، اندلعت لأن
الشعب فقد ثقته بجميع وعود
النظام وجميع أركانه، ولأن
النظام سدّ بنفسه جميع أبواب
التغيير الجذري الشامل المطلوب
المشروع.. وهو الذي فتح بذل باب
الثورة ضدّه، ولن يستطيع أن
يوصده، وكان باستطاعة بشار
الأسد في كلمته يوم 30/3/2011م أن
يحاول محاولة جادة أخيرة لهذا
الغرض، ولم يفعل، ولهذا أصبحت
كلمته وقودا للثورة، ونذيرا
بانتصارها، ولكلّ انتصار ثمن،
مهما بلغ فهو أقلّ ممّا دفعه شعب
سورية على امتداد 48 سنة من
الاستبداد والقهر والقمع
والفساد.. ولئن ارتكب النظام
الحاكم مزيدا من الموبقات في
أيامه الأخيرة فذاك ما يحمّله
مزيدا من الأوزار، ولن يمنع
الشعب من تحقيق الانتصار. ======================= وسام
سعدون كثيرة
هي إصابات الرأس والرقبة ، تلك
الإصابات التي تشضت منها أدمغة
المتظاهرين من أبناء الشعب
العربي جراء المظاهرات التي
تموج بها اليوم أكبر العواصم
والمدن العربية داعية للإصلاح
حيناً ولإسقاط أنظمة الحكم
الديكاتورية حيناً أخر . وإصابة
الرأس هنا أمر يجب الوقوف عنده
كثيراً لكون الخيارات كثيرة
أمام المتصدين لتلك المظاهرات
من قوات مكافحة الشغب وقوات
الدول الشقيقة والدروع الحامية
للدكتاتوريات المقيتة على
إمتداد الوطن وعلى اختلاف
أنواعها ومن تلك الخيارات ان
تتم إصابة المتظاهر في أي جزء من
جسده غير إصابة رأسه ، كإصابة
أحدى قدميه أو ذراعه لكون ذلك
سوف يؤدي الى عدم خروجه الى
الشارع مرة أخرى لمدة طويلة
ويسقط من حساب التظاهر .. ولكن أن
تصيبه برأسه فيدل على أن
المتصدي قد أخذ وقتاً كافياً
للتصويب وبذلك تتوفر نية القتل
العمد والحقد الكبير على عقلية
التغير التي اصبحت سمة طبع بها
الشهرين الأخيرين . إن
إستهداف الرأس يهدف بالدرجة
الأساس الى ضرب فكرة الثورة
التي تمركز في ادمغة المتظاهرين
وتدمير مركز القوة (الخفيّ) لدى
الشعب العربي منذ زمن طويل ..
مركز القوة هذا الذي يكمن في
عقلية المواطن العربي إذا ما
استخدمه إستخداماً قويماً
سيمكنه بشكل من الأشكال من
أسقاط أعتى الديكتاتوريات في
الوطن وترنح البعض الأخر منها
وهو على طريق السقوط بأذن الله . لقد
تمكن الأستعمار من الوطن في وقت
تمكن فيه من تعطيل قابلية
الثورة عليه ووضع أمامها الكثير
من سناريوهات النهايات
المحتملة لها والتي لازالت
لغاية الآن تطرح وبقوة أمام
المسيرات الأحتجاجية مثل
التهديد بالحرب الأهلية
والطائفية والسقوط في فخ
التقسيم وعدم وجود القائد الذي
سيخلف الديكتاتور المهزوم .. لقد
ساعدت عقلياتنا المتخلفة على
طمس معالم الثورات الحقيقية في
نفوسنا وحتى حان موعد الظهور
الأخير لتلك الجذوة التي
اوقدتها أنتفاضة شباب تونس . لقد
أثبتت تلك الإصابات الوحشية أن
الحكام العرب تلك الوحشية التي
طالما وسمنا بها ولا زلنا
الكيان الصهيوني حينما كان يقوم
بمجازره الوحشية ضد أبناء شعبنا
في فلسطين والتي ظلت عالقة في
أذهاننا لفرط وحشاتها مذ كنا
أطفالاً حتى أصبحنا الآن نقارن
ما يفعله الحكام العرب بأبناء
شعبهم وأخوان دينهم من مجازر
أطاحت بكل المثل الإنسانية
بعدما تجردو منها دفاعاً عن
مصالحهم ودكتاتورياتهم التي
أحالها الشعب العربي مزبلة
التأريخ . ========================== المرأة
التونسية و(إنجازات) العهد
البائد! لمى
خاطر كيف
يمكن لنا أن نتفهم معنى ذلك
الإصرار الذي تبديه المنظمات
النسوية العلمانية في تونس على
الإبقاء على قانون الأحوال
الشخصية واعتباره مكتسباً
عظيماً لا يجوز المساس به أو
التفكير بالنظر في نصوصه، مع
العلم أنه صدر في عهد الرئيس
التونسي الأسبق بورقيبة وحافظ
عليه سلفه المخلوع زين العابدين
بن علي لأنه رأى فيه وجهاً (مشرقا)
لنظامه العلماني المتطرف. التغيرات
القانونية والدستورية التي
حدثت في ظل النظام التونسي
السابق لم تكن منّة منه، ولا
جاءت نتيجة ضغط الشارع أو نضال
تياراته ومنظماته، بل هي في
حقيقتها تتساوق مع نهج تجفيف
منابع الدين الذي تبناه النظام،
كما أنها ليست منفصلة عن نهجه
الشمولي الفاسد، ولهذا فلا يبدو
مستوعباً أن يراد الآن الانتفاض
على كل مفاصل الدستور السابق،
واستثناء ما يتعلق بقوانين
الأحوال الشخصية فقط. لا
ننكر أن هذا القانون فيه جوانب
إيجابية تنصف المرأة وتضمن
حقوقها، وهو ما عبر عنه الشيخ
راشد الغنوشي بالقول إنه يأتي
ضمن (الاجتهاد الإسلامي) وذلك
بعد الهجمة التي أطلقها علمانيو
تونس ضد حركة النهضة مستخدمين (كليشيهات)
بالية حول خطر الحركة على
المجتمع وسعيها للعودة بالنساء
إلى العصور الظلامية وحبسهن في
البيوت، وغير ذلك من الاتهامات
الجوفاء، مع أن حركة النهضة
بالأصل تبدي قدراً من المرونة
في أدبياتها قد لا نجده لدى
غيرها من الحركات الإسلامية. لكن
إيجابية بعض جوانب قانون
الأحوال الشخصية يجب ألا تصرف
الأنظار عن احتوائه على قضايا
لا تقبل الاجتهاد، كقانون حظر
تعدد الزوجات، أو ما نسمع عنه
اليوم من مطالبات بإقرار
المساواة الكاملة في الميراث
بين الرجل والمرأة، إذ لا
اجتهاد في موضع النص كما نعلم،
ومثل هذه القضايا فيها تنكر
صريح للدين وإنكار لنصوصه،
وإلغاء لدوره في الحياة العامة
لمجتمع مسلم لا يقبل التفريط
بهويته، بدليل كثافة العودة
للمساجد والانتشار الملحوظ
للحجاب في تونس بعد سقوط نظام
ابن علي الذي كان يحظر الحجاب في
الجامعات والوظائف العمومية،
ويفرض قيوداً حديدية على كل
المظاهر الدينية. لا
نعرف بماذا ستردّ المنظمات
النسوية العلمانية في حال كان
هناك إنكار شعبي ونسائي لبعض
قوانين الأحوال الشخصية في
الشارع التونسي، أو مطالبات
بتعديلها، هل ستمارس قمعاً
فكرياً واجتماعياً من نوع آخر
وتلزمه بقوانين بعضها يخالف
نصوصاً صريحة في الشريعة؟
خصوصاً وأن بعض تلك المنظمات
نجدها متحفظة على عودة الحجاب
للانتشار في تونس، وترى فيه
تهديداً لمكتسبات المرأة في
تونس! حركة
النهضة بدورها ليست مطالبة
بالإسراف في إيجاد المخارج
لتعنّت العلمانيين
والعلمانيات، ليس فقط لأن عليها
الإبقاء على خصوصيتها
الإسلامية ورسالتها الحضارية
المشرقة، ولا لأنها في غنى عن
شهادة المتطرفين الليبراليين،
بل كذلك لأنه لا يصح بأي حال
القبول بقانون فيه إنكار صريح
لنص ديني لا يقبل الاجتهاد،
ولأنه لا سبيل لتغييب الدين
وأحكامه من حياة شعب مسلم، بل
يجب على كل نظام حاكم أو تيار
سياسي أو تنظيم اجتماعي أن
يحترم خصوصياته الدينية وفطرته
وعقائده، ولا يجوز تصوير هذه
المطالب بأنها قادمة من حجر
الحركات الإسلامية، لأنها في
الأساس جزء من الهوية الدينية
والثقافية والاجتماعية للمجتمع
كله. وإن كانت هناك جهة مطالبة
بإرسال إشارات (الطمأنة) لهذا
المجتمع، فهي تلك العلمانية
وليس غيرها، لأن إبقاءها على
اللون الفكري المتطرف لنهجها لا
يعني فقط أنها ستكون وجهاً آخر
للنظام البائد، بل إنها ستحمل
كذلك معاول تهديد وإفساد للبنية
الاجتماعية برمّتها! المرأة
التونسية و(إنجازات) العهد
البائد! لمى
خاطر كيف
يمكن لنا أن نتفهم معنى ذلك
الإصرار الذي تبديه المنظمات
النسوية العلمانية في تونس على
الإبقاء على قانون الأحوال
الشخصية واعتباره مكتسباً
عظيماً لا يجوز المساس به أو
التفكير بالنظر في نصوصه، مع
العلم أنه صدر في عهد الرئيس
التونسي الأسبق بورقيبة وحافظ
عليه سلفه المخلوع زين العابدين
بن علي لأنه رأى فيه وجهاً (مشرقا)
لنظامه العلماني المتطرف. التغيرات
القانونية والدستورية التي
حدثت في ظل النظام التونسي
السابق لم تكن منّة منه، ولا
جاءت نتيجة ضغط الشارع أو نضال
تياراته ومنظماته، بل هي في
حقيقتها تتساوق مع نهج تجفيف
منابع الدين الذي تبناه النظام،
كما أنها ليست منفصلة عن نهجه
الشمولي الفاسد، ولهذا فلا يبدو
مستوعباً أن يراد الآن الانتفاض
على كل مفاصل الدستور السابق،
واستثناء ما يتعلق بقوانين
الأحوال الشخصية فقط. لا
ننكر أن هذا القانون فيه جوانب
إيجابية تنصف المرأة وتضمن
حقوقها، وهو ما عبر عنه الشيخ
راشد الغنوشي بالقول إنه يأتي
ضمن (الاجتهاد الإسلامي) وذلك
بعد الهجمة التي أطلقها علمانيو
تونس ضد حركة النهضة مستخدمين (كليشيهات)
بالية حول خطر الحركة على
المجتمع وسعيها للعودة بالنساء
إلى العصور الظلامية وحبسهن في
البيوت، وغير ذلك من الاتهامات
الجوفاء، مع أن حركة النهضة
بالأصل تبدي قدراً من المرونة
في أدبياتها قد لا نجده لدى
غيرها من الحركات الإسلامية. لكن
إيجابية بعض جوانب قانون
الأحوال الشخصية يجب ألا تصرف
الأنظار عن احتوائه على قضايا
لا تقبل الاجتهاد، كقانون حظر
تعدد الزوجات، أو ما نسمع عنه
اليوم من مطالبات بإقرار
المساواة الكاملة في الميراث
بين الرجل والمرأة، إذ لا
اجتهاد في موضع النص كما نعلم،
ومثل هذه القضايا فيها تنكر
صريح للدين وإنكار لنصوصه،
وإلغاء لدوره في الحياة العامة
لمجتمع مسلم لا يقبل التفريط
بهويته، بدليل كثافة العودة
للمساجد والانتشار الملحوظ
للحجاب في تونس بعد سقوط نظام
ابن علي الذي كان يحظر الحجاب في
الجامعات والوظائف العمومية،
ويفرض قيوداً حديدية على كل
المظاهر الدينية. لا
نعرف بماذا ستردّ المنظمات
النسوية العلمانية في حال كان
هناك إنكار شعبي ونسائي لبعض
قوانين الأحوال الشخصية في
الشارع التونسي، أو مطالبات
بتعديلها، هل ستمارس قمعاً
فكرياً واجتماعياً من نوع آخر
وتلزمه بقوانين بعضها يخالف
نصوصاً صريحة في الشريعة؟
خصوصاً وأن بعض تلك المنظمات
نجدها متحفظة على عودة الحجاب
للانتشار في تونس، وترى فيه
تهديداً لمكتسبات المرأة في
تونس! حركة
النهضة بدورها ليست مطالبة
بالإسراف في إيجاد المخارج
لتعنّت العلمانيين
والعلمانيات، ليس فقط لأن عليها
الإبقاء على خصوصيتها
الإسلامية ورسالتها الحضارية
المشرقة، ولا لأنها في غنى عن
شهادة المتطرفين الليبراليين،
بل كذلك لأنه لا يصح بأي حال
القبول بقانون فيه إنكار صريح
لنص ديني لا يقبل الاجتهاد،
ولأنه لا سبيل لتغييب الدين
وأحكامه من حياة شعب مسلم، بل
يجب على كل نظام حاكم أو تيار
سياسي أو تنظيم اجتماعي أن
يحترم خصوصياته الدينية وفطرته
وعقائده، ولا يجوز تصوير هذه
المطالب بأنها قادمة من حجر
الحركات الإسلامية، لأنها في
الأساس جزء من الهوية الدينية
والثقافية والاجتماعية للمجتمع
كله. وإن كانت هناك جهة مطالبة
بإرسال إشارات (الطمأنة) لهذا
المجتمع، فهي تلك العلمانية
وليس غيرها، لأن إبقاءها على
اللون الفكري المتطرف لنهجها لا
يعني فقط أنها ستكون وجهاً آخر
للنظام البائد، بل إنها ستحمل
كذلك معاول تهديد وإفساد للبنية
الاجتماعية برمّتها! ============================= عريب
الرنتاوي إن
تأخر سقوط معمر القذافي وعلي
عبد الله صالح، سيكون ذلك فألاً
سيئاً بالنسبة لثورات العرب
الكبرى...لذلك يجب بذل ما يمكن
بذله، من أجل التعجيل في
سقوطهما، وإنجاز هذه المهمة
بأقل قدر من الخسائر والتكاليف (ليبيا
دفعت الثمن الباهض على أية حال)...يجب
أن يحصل ذلك لإطالة أمد ربيع
العرب الذي يراد له أن يكون
قصيراً، بل وقصيراً جداً، كما
هو الربيع في دول المناخات
الجافة والصحراوية. العرب
الذين يريدون اختزال هذا
الربيع، كثر، بل وكثرٌ جداً...الحكام
يتضامنون مع بعضهم، سقوط أي
واحد منهم هو بمثابة كابوس
للآخر...عندما تنهال المكالمات
الهاتفية على رئيس أو زعيم، من
إخوانه وأشقائه القادة الآخرين...يكون
البحث منصباً حول كيفية إنقاذ
الرؤوس، وإحباط مرامي "الغوغاء"
و"الرعاع"...لا تصدقوا أنهم
تباحثوا "في كل ما من شأنه
تطوير العلاقات الأخوية بين
البلدين والشعبين الشقيقين"...إنهم
يكذبون، إعلامهم كاذب..صحافتهم
كاذبة...إنهم يكذبون كما
يتنفسون، من نشرة الإحوال
الجوية إلى أخبار البورصة وسوق
المال والأسهم. لقد
فعلوا ما بوسعم لإنقاذ عرّابهم
وزعيمهم، حسني مبارك...هم لا
زالوا يفعلون ذلك، ويضغطون من
أجل عدم تحويله وأسرته الفاسدة
للقضاء والتحقيق...ما زالوا
يراهنون على "الثورة المضادة"...كل
الثورات غير مقبولة عند هؤلاء،
ولا تحظى بدعمهم...هناك ثورة
واحدة فقط ينتظرونها بفارغ
الصبر، ومستعدون لدعمها بكل قوة...إنها
"الثورة في الثورة" في
إيران، أو الثورة على الثورة إن
جاز التعبير...هؤلاء ما زالوا
يتحدثون عن "إطاعة أولي الأمر"...ما
زالوا يتحدثون بلغة أبوية
مستفزة، لكأننا أطفال لم نبلغ
سن الرشد، والأصح، لكأننا عبيد
لم نستحق بعد حقوقنا المدنية،
وظيفتنا أن نعمل في زرائبهم،
ونمتّع عن مراهقيهم وكهولهم
المُتصابين...لسنا شعوباً صاحبة
حق وولاية، ومصدر للسلطة
والسلطات، كل السلطة والسلطات. لقد
وضعوا جانباً خلافاتهم...كل شيء
"مش مستاهل"...ماذا يعني أن
يشكل ميقاتي حكومة أو لا يشكلها...مستقبل
الشيخ النفطي وسلالته أهم بكثير...مستقبل
نظامه أولاً...لن يختلفوا على
مقاومة أو ممانعة أو اعتدال
واستسلام...الرؤوس الكبيرة "في
الدق"، وإنقاذها يأتي أولاً
ثم بعد ذلك ليكن ما يكون، وستكون
هناك فسحة لتصنيف الرؤس
وتوزيعها على المعسكرات
والخنادق. كل شيء
مباح لمنع تساقط بقية قطع
الدومينو...كل شيء مشروع في لعبة
إعادة عقارب الساعة إلى الوراء...لقد
صدرت التعليمات من "الغرف
السوداء" التي أنشأتها
كوندوليزا رايس ذات يوم، هل
تذكرون؟...مصر لا يجب أن تُتركَ
لشعبها ليقرر بشأن مستقبلها
ومصيرها...مصر يجب أن تعود إلى
مربع "التنسيق الأمني" و"رباعية
الاعتدال"...إن حصل ذلك على يد
جنرال فهو "خير وبركة"، بل
هذا أفضل الخيارات
والسيناريوهات...وإن لم يحصل،
فلماذا لا نحرك جحافل السلفيين،
وندخلهم في اللعبة السياسية،
نعيد توجيههم كما فعلنا في
لبنان وعموم المنطقة بعد مغامرة
حزب الله غير المحسوبة في تموز
2006...عداء هؤلاء لإيران مضمون...عداؤهم
للإخوان المسلمين مضمون...عداؤهم
للحداثة والعصرنة والديمقراطية
والحرية والتعدديةن مضمون...لقد
تربوا على إطاعة أولي الأمر...نحن
نعرف "ديتهم"، ونعرف كيف
نتعامل معهم...هؤلاء يجب أن
يكونوا مشروع "فتح الإسلام"
في خاصرة مصر، إن هي "ركبت
رأسها" وقررت المضي في طريق
الحرية والسيادة والقرار
المستقل والخيار الديمقراطي. التعليمات
صدر لنظرائهم في سوريا كذلك...تحركوا
على عجل...لكن الأمر هنا مقلق،
رحيل النظام السوري قد يفتح
أبواب جهنم أيضا، و"إحنا مش
ناقصين"...لذا بلغ الخلاف في
"الغرف السوداء" على أشده
حول كيفية التعامل مع الوضع في
سوريا...هناك من يريد النظام على
قاعدة "وجه تعرفه خير من وجه
لا تعرفه"...وهناك من يرى في
الاحتجاجات الشعبية السورية،
سانحة لا تعوّض لتسوية الحسابات
وتسديدها مع "الفوائد والربى"...هنا
الربى حلال و"الفائدة"
شرعية أكثر من "المرابحة"...لهذا
نقرأ يومياً مؤشرات متفاوتة في
التعامل مع الحدث السوري. لقد
التقط القوم أنفاسهم...وها هم
يديرون غرف عمليات ضخمة ضد "ثورات
العرب"، ويسخرون علاقاتهم
ودولاراتهم وأدواتهم لتنظيم
"الهجوم المضاد" عليها،
وتجفيف "ربيع العرب"
واستعجال الخريف، هؤلاء لا
يعيشون ولا يتعايشون إلا في
الخريف ومع غباره وأتربته
وأوراقه الصفراء الجافة
والذابلة. إن سقط
القذافي وضاقت عليه الأرض بما
رحبت، وإن سقط علي عبد الله صالح
وخرج من التداول...سيكون
بالإمكان التمديد لربيع العرب
فترة أخرى (مع الاعتذار عن
استخدام كلمة التمديد المذمومة
عند شعوبنا كالتجديد والتوريث)...لذا
نأمل أن لا ننتظر طويلاً قبل أن
نرى هذين الكابوسين وقد انزاحا
عن صدري شعبيهما، وعن صدورنا
جميعا...نريد للثورة أن تطاردهم
وتلاحقهم – زنقة زنقة – حتى لا
يبقى منهم أثراً، أو أن يصبحوا
أثراً بعد عين...نريد ذلك في أسرع
وقت، نتمنى ذلك في أقرب فرصة. =============================== د.
أحمد أبو الهدى / اللاذقية -
سوريا يا
سيادة الرئيس بشار الأسد انتظرنا
طويلاً، وطويلاً جداً، بعد
المأتم الدرعاوي واللاذقي،
لتحدّثنا حديثاً يطمئننا
ويريحنا من وساوسنا، ويوضح لنا
حقيقة ما جرى في درعا وفي
اللاذقية، فنعرف من هم هؤلاء
"المندسّون" الذين يتحدث
إعلامك ووزراؤك عنهم، فتكشف لنا
حقيقتهم وجنسياتهم وأسماءهم
وأسماء من دفع لهم وحرّضهم،
وانتظرنا أن تشرح لنا كيف وقع
إطلاق النار، وكيف قتل هذا
العدد الكبير من الناس وأوامرك
واضحة بعدم القتل وبعدم إطلاق
النار. وانتظرنا
أن تخبرنا بأن قانون الطوارئ قد
ألغي بدءاً من هذه اللحظة، لحظة
إلقاء خطابك، وأنك قد أوعزت إلى
كلّ السجّانين أن يطلقوا
مساجينهم، وإلى كلّ المخابرات
أن يعتقوا رقاب أسراهم، وإلى كل
اللصوص الكبار، ولا سيما
أقرباؤك، أن يكفّوا عن الناس
أذاهم وأن يخرجوا من سورية إلى
بلدان أخرى ليمنحوها هناك "نعمهم
وبركتهم وكراماتهم" وأن
يكتفوا بهذا القدر من مئات
المليارات التي نهبوها حتى الآن
من أفواه الجائعين والمشردين
والبائسين من أبناء الشعب في
سورية، وأن وأن وأن.. لكنّ
شيئاً من هذا لم يتحقق، وعلى
العكس كان معظم حديثك عن "الفتنة"
وقد أسهبت في شرحها، كما شرحها
إعلامك ورجالك من قبلك، وبأنها
الفتنة الطائفية، وبأنك سوف
تتصدّى لها وللداعين إليها إذا
فُرضت عليك معركتها. حسناً، إذن
دعنا نرفع صوتنا معا يا سيادة
الرئيس لدفع هذه الفتنة
الطائفية عن سورية الحبيبة بكل
ما استطعنا من قوة: دعنا
إذن نقول للعلوي في سورية إذا
أهان سنياً أو شتمه أو ضربه، ومن
غير أن يجرؤ السنيّ على الردّ
ولو بكلمة واحدة، أن نقول له:
ليس من حقك أن تهينه لمجرد أنك
علوي وأنه سنّي، فنحن ضد
الطائفية، ودعنا
نقول للعلوي إذا اضطهد سنياً
وأكل حقوقه غير آبه بالقانون
ولا بأحكام الشرع ولا بأحكام
المحاكم: ليس من حقك أن تعتدي
على حقوقه لمجرد أنك علوي وأنه
سنّي، فنحن ضد الطائفية، ودعنا
تقول للعلوي إذا آثر علويا مثله
على سنّي في تعيين موظف حكومي:
ليس من حقك أن تفضّل العلوي على
السنّي لمجرد أنه علوي، فنحن ضد
الطائفية، ودعنا
نقول للعلويّ إذا أصرّ على أن
يفرض نفسه شريكاً للسنّي في أي
مشروع تجاري أو صناعي يقوم به
هذا الأخير، وأن يكون له فيه
نصيب الأسد: ليس من حقك أن تفرض
نفسك عليه أو تحرمه من ثمرة
مجهوده الشخصي ومحاولته لتطوير
وإنماء الاقتصاد الوطني، فقط
لأنك علوي وهو سنّي، فنحن ضد
الطائفية، ودعنا
نقول للعلوي إذا فرض إتاوةً على
كل مشروع تجاري أو صناعي يحاول
أن يقيمه سنّي: ليس من حقك أن
تفرض عليه هذا لأنك علوي ولأنه
سنّي، فنحن ضد الطائفية، ودعنا
نقول للعلوي إذا سرق أرضا من
سنّي وحرمه من حقوقه المشروعة
فيها، غير آبه بعرفٍ أو قانونٍ
أو شرع: ليس من حقك أن تحرمه من
حقوقه فقط لأنك علوي ولأنه
سنّي، فنحن ضد الطائفية، ودعنا
نقول للعلوي إذا كان قاضيا، أو
إذا اشترى قاضيا، فحَكَم للعلوي
ظلماً ضدّ السنّي: لا تفعل هذا
فنحن ضد الطائفية، ودعنا
ودعنا ودعنا... أية
فتنة تتحدّث عنها يا سيادة
الرئيس؟ أئذا
سكتنا عن كل هذه الجرائم
الطائفية التي ترتكب تحت مظلتك
في كل يوم وفي كل ساعة، في كل بلد
وفي كل قرية من قرى ومدن سورية،
نكون مخلصين ووطنيين، وإذا
اعترضنا وطالبنا بالمساواة بين
أبناء وطننا نكون دعاة إلى
الفتنة؟ أي
فتنة تتحدث عنها يا سيادة
الرئيس؟ لقد
بدأت الفتنة يوم أخذ العلويون
في سوريا كل شيء، ولم يتركوا
لغيرهم أي شيء، والويل لمن يقول:
لا يا جماعة، لا تجعلوها
طائفية، لقد
بدأت الفتنة يوم أهان العلويون
في سوريا المسلمةِ كل مظاهر
الإسلام ومقدساته: القرآنَ
والمسجد والحجاب والمصلين
وأعلنوها علوية بكل بجاحة
ووقاحة، وكأنهم هم الأكثرية في
الوطن والباقي لا شيء، والويل
لمن يقول: ليس هكذا يا جماعة، لا
تثيروها طائفية، لقد
بدأت الفتنة يوم بدأ بضعة أشخاص
من أقارب الرئيس، العلويين،
بامتصاص دماء الشعب السوري
والاستئثار بكل أرباح البترول
والغاز والاتصالات والمشروعات
الكبرى، وملء جيوبهم وحساباتهم
بالمليارات وكأن الوطن قد غدا
مزرعة لهم، والويل لمن يقول: يا
جماعة لا تقلبوها طائفية، لقد
بدأت الفتنة يوم بدأت الدولة
تعاقب بائع الخضار الفقير،
وبائع الفلافل، والموظف
الصغير، والعامل البسيط على
مخالفات بسيطة، ثم تركت الجرائم
الكبرى، والسرقات بالمليارات
بلا حساب ولا عقاب، فقط لأن
اللصوص الكبار هم من أتباع
الطائفة العلوية ومحسوبون على
أسرة السيد الرئيس، والويل لمن
يقول: يا جماعة أنتم هكذا
تديرونها طائفية... ثمّ
إنك تتحدث في خطابك اليوم عن
وجود "بعض الفاسدين" في
سورية وتقول إنهم "معروفون
بالاسم". عجبا يا سيادة
الرئيس، إنك أول رئيس في
التاريخ، قديمه وحديثه، يعلن
أمام شعبه وعلى الملأ، بل في
مجلس نوابه – أيّ مجلس
للمهرّجين هذا المجلس – أن في
الدولة فاسدين وأنه يعرف أسماء
هؤلاء الفاسدين، ثم يخرج من
المجلس من غير أن يشرح لماذا سكت
عنهم حتى الآن، ولماذا لم يصدر
الأمر بتوقيفهم، بل من غير أن
يعد أبداً بمحاسبتهم وإحالتهم
إلى القضاء، لا عاجلاً ولا
آجلاً؟ قانونياً
وأخلاقيا وشرعياً وعقلياً؛ كيف
نفسر هذه المعادلة العجيبة؟ فإمّا
أن السيد الرئيس أضعف من أن يكون
قادراً على معاقبة هؤلاء اللصوص
الكبار لأنهم أقوى منه بكثير،
وإذن فأي بلد مسكين يحكمه مثل
هذا الرئيس المسكين، وأية مافيا
تتحكمّ، من وراء هذا الرئيس،
بمصائر شعبه وتمتص دماءه، وإمّا
أنه قادر على معاقبتهم ولكنه
ساكت عنهم رغم أنف الكبير
والصغير لأنهم من طائفته
وعائلته، وإذن فأيّة مصيبةٍ بعد
هذه المصيبة، وأية طائفية بعد
هذه الطائفية، وإمّا
أنه شريكٌ لهم في المسروقات،
ونحن نربأ بك يا سيادة الرئيس أن
تصل إلى هذا الدرك الأسفل من
الرؤساء الذين علمت لتوّك كيف
كانت مصائرهم على يد شعوبهم. أي
فتنة تتحدث عنها ياسيادة الرئيس
ونحن نرى الفتنة متمثّلةً في
منصبك، وهو منصب لم تنله إلا
لأنك علوي، ونرى الفتنة وأنت
تتحدث في مجلس قيل إنه مجلسٌ
للنواب، ولكن لا كلمة ولا رأي
فيه إلا لعلوي، ونرى الفتنة
وأنت تقيل وزارة وتشكّل أخرى من
غير أن يمتلك وزير، لا في
القديمة ولا في الجديدة، أية
صلاحية أو قدرة على اتخاذ قرار
إذا لم يكن يحمل في جيبه شهادة
علوي، ونرى الفتنة وأنت تحتمي
بالعديد من أجهزة مخابراتك التي
لا يكاد يعمل فيها أو يشرف عليها
أو على تعذيب الآدميين وقتلهم
فيها إلا علوي؟ ألا في
الفتنة سقطت، وعلى فراشها ولدت،
وعلى ظهرها ارتفعت، وعلى
مائدتها أكلت وشربت، ثم تأتي
لتقول لنا: إياكم والفتنة..
إياكم والفتنة.. =========================== قراءة
سريعة في خطاب بشار الأسد بقلم
المحلل الاستراتيجي لم
يختلف خطاب بشار الأسد في مجلس
السيرك السوري عن محللي السلطة
الذين ظهروا على شاشات
التلفزيون. لم يكن أكثر من محلل
سيء لتشويه الثورة من خلال
العزف على الوتر الطائفي. كان
الرجل منهكا وعيونه زائغة،
مهزوزا وحائرا ولم يعطي وعودا
أو قرارات واضحة قاطعة تعبر ثقة
بالنفس. كان يلعب في ملعب
الكلمات. يمكن
تفسير ذلك إلى أنه إما يخشى
الإعلان عن قرارات قد تستغلها
الثورة في مراكمة إنجازاتها أو
أنه عبر عن طبيعة النظام
الماكرة، أو العنيدة، التي
تراوغ لاكتساب الوقت لمعرفة
مسيرة الثورة أو تمييعها. يبدو
أن الثورة السورية في طريقها
إلى التصعيد ونخشى حدوث مجازر
في مرحلة لاحقة. من خلال
متابعتنا للمحطات السورية
وضيوفها المحليين والمستوردين
وخاصة من لبنان وأتباع النظام
على المحطات العربية، والإعلان
عن قرارات أو مواعيد لخطاب
الرئيس ثم إلغاؤها أو تأجيلها
كما حدث في الأيام الماضية،
وغياب الرئيس لأسبوعين متعللا
التأخير لفهم صورة ما يجري (لكن
خطابه لم يعبر أنه فهم شيئا)، أو
غياب مجلس الوزراء ومجلس الشعب
ومؤسسة الرئاسة (التي نشك
بوجودها أصلا)، كل ذلك يقودنا
إلى نتيجية مفادها أن هناك
عائلة فرد تحكم وهي تعيش حالة من
الإرباك والتخبط الشديد. فرد أو
عائلة لا تستطيع امتصاص ثورة
شعبية، ونتوقع إما انهيارا
سريعا لها، أو قرارات غبية غير
مدروسة تؤدي إلى مزيد من الدماء. ============================ سوسن
البرغوتي دون
الولوج في تفاصيل ما يجري
بالأقطار العربية التي تعرضت
لموجة الثورة، ودون استعراض
مطالب أي ثورة شعبية مشروعة،
اتفق جميع الثوار العفويين
والبسطاء، وبلا تنظيم وبلا وجود
قيادات سياسية تسعى إلى تحقيق
الأهداف المعلنة، وتعكف على
دراسة التبعات والتداعيات لكل
خطوة، إلا أن المشهد العام، يشي
بأن الثورة السلمية، اُنتهكت
حُرماتها منذ التصادم الدموي.
لكن ثمة عنصران هامان، لا ينبغي
تجاوزهما: الأول، الثورة
المضادة من قبل النظام، مع
تقديم أكباش فداء، وقد استطاع
بذلك تخطي العنصر الثاني، أي
الخطة المعاكسة المسلحة،
الموظفة لخدمة إستراتيجية قوى
استعمارية، وبكلتا الحالتين،
تلعب هذه الإستراتيجية، في
مساحات تنتشر عبر وسائل إعلام
عربية وغير عربية، بحرفية
ومهنية مدروسة بعناية، لتضليل
الناس وتعويم سلة الغايات،
وتسليط الضوء على ما تريد،
وتظليل مساحات أخرى بالتعتيم،
وفقاً لمصالح أطراف متعددة،
داخلية وخارجية. كذلك،
لعبت دوائر استخباراتية
ومؤسساتية ضخمة سواء أكانت من
نسيج النظام، أو منظمات دولية
مؤهلة للعب على جميع الخطوط تحت
عنوان برّاق "الإنسانية"
لتحقيق أهداف سياسية بحتة، بحيث
يحصد النظام العالمي القائم
حالياً على هيمنة القطب الواحد
وحلفائه، ثمار استثمار خسائر
تخليهم عن وجوه حليفة قديمة،
واستبدالها بأخرى، يتفق الشعب
معها مؤقتاً، على قاعدة تغيير
وإصلاح الوضع الداخلي، وتبقى
السياسة الخارجية على حالها، مع
تغييرات طفيفة. أما
الذي ابتلع الطعم حتى الثمالة،
لعدم كفاءة إعلامه وهشاشة
نظامه، وسهولة اختراق مؤسساته
الضعيفة، واجه هجمة الخطة
المعاكسة، بتدخل عسكري خارجي
كاسر، كنتيجة تصاعد الأزمة
والتصادم المسلح، ورغم تلقي
النظام صفعات متتالية، إلا أنها
لم تجعله يسلم ولا يستسلم
انتصاراً لهيبته وكرامته، ودفع
الأموال لمأجوريه وموظفيه،
ليطيل بعمره، ولكنه عملياً
انتهى، ومستقبل البلاد والعباد
مجهول المعالم والملامح. أمام
الشعب العربي الثائر، خيار
التعامل معهما على أساس
أولوياته، علماً أن العنصر
الثاني يعني تدمير البلاد
والدولة، والانصياع
للإستراتيجية ذاتها، فتكون
النتيجة "علي وعليهم أجمعين".
أما احتمال نجاح الشعب في تجاوز
العنصر الأول ممكن، حتى تحقيق
أهدافه، مع مزيد من الصبر
والإرادة والتنظيم، وإن تم
التغيير بشكل بطيء، ويكون
متعادلاً بكفتي الميزان، فلا
ترجح كفة الإصلاح الداخلي على
حساب السياسة الخارجية.. أقطار
عربية أخرى ينشط فيهما العنصران
معاً، وبنهاية المطاف، كل
الاحتمالات مشرعة، على إشعال
الفتن الطائفية والدينية
والحزبية الانفصالية، وتسلل
مسلحين، وقودهما ثورة بريئة
وأجندات معارضة بحسابات غربية
صرفة، وأيدلوجيات وأحزاب لها
حساباتها، وتغليب الرؤية
الواحدة على إيقاع صبّ الزيت
على نار مشتعلة، مما سيؤدي إلى
إغراق الوطن في متاهات لا تُحمد
عقابها. وحتى
لا يصطدم الشعب بالشعب، وتذهب
الحقوق المشروعة أدراج الرياح،
ويتلهى أبناء الوطن بخلق نظام
داخلي جديد، وتعود الاصطفافات
والرؤى المختلفة، أو يتشتت في
مسار إطفاء حرائق، بصرف النظر
عمن أشعلها، لكن وبشكل شبه
مؤكّد أن الشعب هو الخاسر
الأكبر، لأنه يدفع فاتورتها
ثمناً باهظاً، مادياً ومن
الدماء وأشلاء الشهداء، إن لم
يتم تدارك مخاطر المرحلة
القادمة سريعاً، وتفاديها
بحكمة وعقلانية فائقة، ويضع
الجميع الوطني المخلص بعين
الاعتبار، أهمية إدارة الثورة
لمصلحة الوطن - دولة وشعب-
بمختلف تياراته الفكرية
والسياسية.. بكل الأحوال، القوى
الاستعمارية ليست معنية من قريب
أو بعيد بما يحدث في الساحة
الداخلية، وكل ما يعنيها الحفاظ
على مصالحها وتشكيل صمام آمان
للكيان الصهيوني، وكيفية إدارة
هذه الإستراتيجية المتجددة
لمصالحها فقط، وحسب ما تقتضيه
حاجتهم للتدخل، وانتقاص الفرصة
السانحة لذلك. شبكة
المعلوماتية ووسائل التواصل
الاجتماعية لا تخلق ثورة، وإن
عدنا إلى الأسباب الجوهرية
لثورة الشباب، نجد أن الضغوط
المتراكمة من الفساد والقمع
والاستبداد، والبطالة مع وجود
أزمة اقتصادية خانقة، أدت إلى
تراكمات وضغوطات غير محتملة،
وتجسدت ثورته في تظاهراته،
والتي نأمل أن لا تتحول إلى
انفجارات تدميرية. وكل الأسباب
وُظفت بعناية للتحريض، فلا ننسى
أن الموساد ومؤسسات الدول
الغربية والأنظمة العربية
واستخباراتها، تغلغلت في
المجتمعات العربية، وجميعها
خصصت فرق لدراسة سيكولوجية
المواطن العربي، ولهذا فالثورة
اُخترقت منذ بدء تنشيط أحد
العنصرين. من
الملاحظ تحرك القوى
الاستعمارية، بعيداً عما خاضته
لسنوات منذ أحداث 11 سبتمبر 2001،
ومما تعارفوا عليه بالحرب على
الإرهاب، واستبدالها بحرب
ناعمة المظهر خبيثة الجوهر،
والمايسترو ووسائله،
والكومبارس والشعب وأحزابه
يعزفون لحن أفراح الثورة، وكل
إلى ما ذهب إليه، فاختلطت
الأوراق وتعقدت الأمور، فساءت
الأحوال الاقتصادية، وتوقفت
المشاريع التجارية والإنمائية.
بالمقابل، نجد أن الاقتصاد
الأمريكي بدأ ينتعش، ومؤشرات
تدل على تحسنه وانخفاض معدلات
البطالة، بحيث هبط الشهر الماضي
إلى 8.9%، وهو أدنى مستوى في عامين
حسب تقرير نُشر في وسائل
إعلامية متعددة، فضلاً عن كارثة
زلزال اليابان، التي جاءت
لمصلحة سياسة الهيمنة العالمية
وحلفائها، بمعنى أن السياسة
والاقتصاد صنوان، مما أدى إلى
تفاعلهم الإيجابي لصالحهم مع
الأحداث بشكل عام. الخلاصة،
إن الأطراف وجسد وعقل الاستعمار
ما يزال فاعلاً، ويخوض معاركه
السياسية والإعلامية بمنتهى
الحنكة والدراية، وعلى الشعب
وقواه الممانعة والمقاومة،
ودول وتكتلات سياسية
واقتصادية، التي لم تبتلع طُعم
الخطة المعاكسة، ودول العالم
كله ليس بمنأى ولا محصن ولا يأمن
غدر تلك القوى، أن تعمل على
توجيه ضربات موجعة للرأس
مباشرة، والمقصود نظام القوة
السلبية في العالم، وإلا فقد
بدأ الطوفان، ولن ينتهي إلا
بفناء العالم بأسره. فلا يغرنكم
وعود كاذبة وخطاباتهم
الدبلوماسية، التي يقطر منها
السم الزعاف، فلا ديمقراطية
تأتي عبر آلة حربية قبل تحرير
الوطن، ولا الحرية تتحقق إذا
جاءت منقوصة وبلا سيادة مطلقة،
وبالتالي الشعارات تخدم ما تصبو
إليه الإستراتيجية إياها، دون
توريط قواتها العسكرية ودون
كلفة مالية باهظة من خزينتها،
ودون الدخول بمزيد من حروب
استعمارية مباشرة. المأمول
والمرجو أن يعي الشعب ما المخطط
له ولبلاده، سواء أكان التقسيم
إلى دويلات أو الوطن البديل
والطرد والمزيد من التشرد
والتوهان بين تناقضات
الأيدلوجيات والأحزاب، وخطط
أخرى قيد التنفيذ، قبل فوات
الأوان، ويتصرف بوعي وإدراك
فائق، لتقليص خسائره والحصول
على مطالبه، ويتوحّد من أجل هدف
استراتيجي موجه للرأس
الاستعماري فتتهاوى وتنهار
أطرافه تلقائياً. ============================ مَن
يوقِفُ المَدّ العُنصريّ
الإسرائيليّ ؟ الشيخ
حمّاد أبو دعابس - رئيس الحركة
الإسلاميّة منذ
الإعلان عن قيامها عام 1948 عرّفت
إسرائيل نفسها بالدولة
اليهودية، وبدأت سنَّ قوانين لا
تكاد تجد لها مثيلاً في العالم.
قوانين تسلب حقوق المواطنين
العرب، مقابل امتيازات لا حدود
لها لليهود. فهجرت الفلسطينيين
العرب من قراهم ومدنهم، باسم
القانون، وهدمت القرى والمساجد
ودمّرت المساكن والمزارع.
وبالمقابل خططت وبنت المدن
والقرى والمؤسسات الخاصّة
باليهود وجلبتهم كمهاجرين من كل
أصقاع الدنيا، وكل ذلك باسم
القانون.فاليهوديّ المقيم في
روسيا أو أوروبا أو أمريكا أو
أثيوبيا، له "حقّ ألعوده"
إلى إسرائيل وحقّ استلام الهوية
والجنسيّة الإسرائيلية فور
وصوله مطار تل أبيب قادماً إلى"
الوطن القومي" لليهود. ويصبح
من اليوم الأول صاحب امتياز على
أصحاب الأرض الاصلانيين من
العرب الذين سكنوها بعد أن
ورثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ
مئات السنين. سياسة
فرض الأمر الواقع لم
تأبه إسرائيل للقرارات
الدوليّة،التي اعتبرت الضفّة
الغربيّة والقدس الشرقيّة
وقطاع غزّة أراضٍ محتلة، يجب
على إسرائيل أن تعيدها، ولا
تغيّر في واقعها شيئاً. فعمدت
على تدمير أحياء عربية في القدس
وتغيير معالمها، ووسّعت نفوذ
بلديّة القدس على حساب الأراضي
العربيّة حتّى احتلّت قرابة سدس
مساحة الضفّة الغربيّة. وبنت
المستعمرات على التلال والجبال
المشرفة على كل المدن
الفلسطينيّة حتّى بلغ تعدادها
ما يفوق المائة وخمسين مستوطنة
وسكّانها ما يقرب من نصف مليون
نسمة. واستولى هؤلاء المستوطنون
باسم القانون الإسرائيلي على
المياه الجوفيّة، وعلى الشوارع
الرئيسيّة بين المدن.وحظوا
بالحماية الأمنيّة التي منحتهم
التفويض المطلق للبطش
بالفلسطينيين، ومصادرة أراضيهم
واقتلاع مزارعهم وأشجار
الزيتون التي ينتظرون موسم
قطافها بفارغ الصبر. وظلّت
وتيرة الممارسات العنصريّة
ضدَّ الشعب الفلسطيني في تصاعد،
حتّى طالت كلّ بيت فلسطيني
تقريباً بسجن أو إبعاد أو قتل أو
هدم ومصادرة. هذا إضافة إلى
الملاحقات السياسيّة، وسلب
الحقوق الإنسانية والحريّات،
ومنع المسلمين من الوصول إلى
المسجد الأقصى وتقسيم الحرم
الإبراهيمي وغيرها من
الممارسات العنصريّة. مّا يربو
على الحصر والعدّ. ولا مصداقيّة
لكل هذه الممارسات إلاّ
مصداقيّة القوّة وسياسة فرض
الأمر الواقع. نحن
ضحايا عنصريّةٍ تتفاقم العرب
الفلسطينيون يشكّلون قرابة أل 20
بالمائة من السكّان في إسرائيل.
إلاّ أن الممارسات العنصريّة
المنهجيّة تجعل نسبتهم في
المواقع المؤثّرة في الدولة
اقلّ من ذلك بكثير. ففي
الميزانيّات، والأراضي،
والوظائف الحكوميّة، وأساتذة
الجامعات، والشركات الكبرى
ومراكز القرار المختلفة لا تكاد
نسبة العرب تصل أل 5 بالمائة.
وبالمقابل ففي الفقر وحوادث
الطرق ووفيّات الأطفال
والتسرُّب في المدارس وغيرها من
الظواهر السلبيّة، النسبة بين
العرب تفوق نسبتهم في السكّان.
ولكم اعترفت حكومات إسرائيل
المتعاقبة بالغُبن والظلم تجاه
الأقلية العربيّة.بل إن الفوارق
بين اليهود والعرب في إسرائيل،
ليس لها شبيه فيما يُسمّى
العالم المتحضِّر، ولذلك فإنّ
إسرائيل بحاجة إلى إجراء ما
يُسمّى تمييز ايجابي لصالح
الأقلية العربيّة لسدِّ
الفجوات، حتّى تكون مقبولة لدى
المنظمات الدوليّة التي تطمع
إسرائيل بالانضمام إليها. وتيرة
عنصريّة غير مسبوقة وبدل
أن تقوم الحكومة الإسرائيلية
بسنِّ قوانين تصحِّح المسار
وتقلِّل الفجوات بين مواطنيها
العرب وبين الأغلبية
الإسرائيلية، فإننا نشهد في
الآونة الأخيرة وخاصّة في فترة
حكومة نتنياهو الحاليّة، موجة
متسارعة ومتفاقمة في وتيرة سنّ
القوانين العنصريّة. فمن قوانين
تعقِّد مسألة لمّ الشمل بين
العائلات الفلسطينيّة، إلى
قوانين ترهن منح الجنسيّة
الإسرائيلية بإعلان الولاء
للدولة. وقوانين تمنح الحقّ
للتجمعات اليهوديّة برفض العرب
من شراء أو امتلاك منازل فيها.
إلى قوانين تسهِّل عمليّة نزع
الجنسيّة عن الأشخاص غير
المرغوب فيهم تحت ذرائع الإدانة
بالإرهاب وغيره. هذا فضلاً عن
فتاوى الحاخامات التي تدعو إلى
حرمان العرب من الاستئجار في
مناطق فيها الأغلبية اليهوديّة.
وإذا أُضيف إلى كل ذلك
الممارسات على ارض الواقع فإنها
تكاد تُذهل العقول.فالمحاكم
الإسرائيلية تُميّز بين الدم
العربي والدم اليهودي. فاليهودي
الذي يقتل عربيّاً حكمه لا يكاد
يُذكر بمقابل العربيّ الذي يقتل
يهوديّاً. والمحاكم
الإسرائيلية تشرعن مصادرة
الأرض العربيّة. وغالباً ما
تحكم ضدّ المواطن العربيّ بشكلٍ
تلقائيّ في قضايا الأرض والأمن.
ففي هذين الموضوعين الحكم
دائماً لصالح الدولة وادعائها
ضدّ المواطن، وان كان الحقُّ
واضحاً جليّاً في صالحه. نحن
بحاجة إلى تدخُّل المؤسسات
الدوليّة ولا
تتوقّف الممارسات العنصريّة في
إسرائيل على ما ذكرنا. ففي شأن
مناطق النفوذ وميزانيّات
التطوير والخدمات التي تُقدّم
عن طريق السلطات المحليّة، فإنّ
التمييز واضحٌ وصارخٌ. وفي مجال
الخدمات الدينيّة، والمحافظة
على المقدسات الإسلامية،
فالفوارق شاسعةٌ. إنّ لدينا
مساجد مغلقة منذ قيام الدولة،
يحرم المسلمين من أداء الشعائر
الدينيّة فيها، مع السماح
باستخدامها لأغراض أُخرى غير ما
أُقيمت له. وعلى رأسها مسجد
مدينة بئر السبع الذي يستغيث
ويستصرخ من ظلم الظالمين،
ومساجد عسقلان وطبريّا وصفد،
وغيرها الكثير.ومثلها المقامات
والمقابر والقائمة تطول. إنّ
هذه العنصريّة الزائدة عن كل
حدٍّ، والتي تُمارس ضدّ الأقلية
العربيّة تستند إلى شعور
إسرائيل وقياداتها ومؤسساتها،
إلى أنهم فوق كلِّ مساءلةٍ. وانّ
بأيديهم تمرير ما يشاءون فلا
العرب سيفعلون شيئاً، ولا
المنظمات الدوليّة ولا
القرارات الدوليّة تُلزم
إسرائيل بشيء.أمّا هامش
الديمقراطية المتاح في هذه
الدولة فملخصه: قولوا ما
تشاءون، ونحن (الدولة) نفعل ما
نشاء. نحن
أحوج ما نكون إلى دعم وتدخُّل
دوليين لحمايتنا. نحن بحاجة إلى
دعم المؤسسات الدوليّة
لحقوقنا، وبحاجة إلى تدخُّلها
الفاعل، وضغطُها المؤثِّر. ويجب
أن تُرهَن مشاركة إسرائيل في
المؤسسات الدوليّة بإثبات
سعيها الجادّ لسد الفجوات،
وتحقيق المساواة لصالح
مواطنيها العرب. والله
غالب على أمره =========================== محمد
فاروق الإمام يوم
الأربعاء.. وبعد انتظار طويل من
مطولات الليل السوري الطويل
استقبل أعضاء مجلس الشعب السوري
من خارج حرمه وقبل نزوله من
سيارته السوداء الفارهة الرئيس
السوري بشار الأسد، مرحبين
بطلته الممشوقة منشرحين
لابتسامته العريضة محتضنين
قامته المديدة محفين به من كل
جانب، تلامسه الأيدي للتبرك
وتصدح الحناجر بالهتاف (بالروح
بالدم نفديك يا بشار، الله..
سورية.. بشار وبس) مشيعين هذا
القائد الذي ما أنجب الدهر
مثيلاً له حتى اعتلائه منصة
الخطابة، والحناجر لم يتوقف
صداحها والأكف تلتهب بالتصفيق
وتكاد وجنات الوجوه الغائرة أن
تتفجر بالدماء نشوة بتكحيل
العيون بلقاء القائد الذي عقمت
الأمهات عن إنجاب مثيل له، فهو
فريد عصره ووحيد زمانه في عيون
هؤلاء العجزة الذين تجاوز
أصغرهم الستين من العمر، علماً
أن نسبة من هم أقل من 24 سنة في
سورية يتجاوزون الخمسين بالمئة! وكان
هؤلاء العجزة يقاطعون خطاب
السيد الرئيس بقصائد ومعلقات
وأشعار ومديح وإطناب، وعقب كل
قصيدة أو معلقة أو شعر أو مديح
تلتهب الأكف بالتصفيق، حتى أن
ما عددته من فترات التصفيق
تجاوز الأربعين مرة، وكنت في كل
مرة أنسى ما قاله السيد الرئيس،
علماً أن كل ما قاله يتلخص
بكلمات ممجوجة سمعناها منه ومن
أبيه على مدار واحد وأربعين سنة
(سورية تتعرض لمؤامرة دولية،
لأنها بلد الصمود والتصدي
والممانعة)، ولم أسمع في خطابه
كلمة اعتذار أو تشكيل لجنة
للتحقيق عما قامت به عناصر
الأمن من قتل للأطفال الأبرياء
المسالمين في درعا واللاذقية
وغيرهما من المحافظات السورية
الذين خرجوا في مظاهرات سلمية
تطالب بالحرية، وقد صادرها
النظام السوري الشمولي منذ
ثمانية وأربعين عاماً بموجب
قانون الطوارئ والأحكام
العرفية، ولم أسمع منه كلمة
ترحم على أرواح هؤلاء الشهداء
الذين سقطوا برصاص الأمن، أو
الإعلان عن يوم حداد على
أرواحهم. أعتذر
للقارئ إن قلت أن مجلس الشعب في
سورية ما هو إلا مجلس تهريج يعين
أعضاؤه من قبل أجهزة الأمن، في
مسرحية انتخابية هزلية، بحسب
درجة الخنوع والولاء وطول
الانحناء، ولعل ما قاله أحدهم
بحق الرئيس في ذلك اليوم (الوطن
العربي قليل عليك فأنت تستحق
قيادة العالم) يؤكد على أن أعضاء
هذا المجلس الذين تجاوزوا سن
الكهولة إلى حالة من الخرف
وفقدان التوازن وعدم التمييز،
لدرجة أنك لا تجد من بينهم رجل
رشيد يختلف مع كل هؤلاء الذين
تجاوزهم الدهر وصاروا دماً
شمعية تستحق أن تقام لهم قاعة
عرض أراجوزي تحكي عصر الحكواتي
التي باتت جزءاً من تراث الشام
المندثر!! انتظر
السوريون طويلاً، بعد سماعهم
كلمات تخديرية أطلقتها السيدة
بثينة شعبان مستشارة الرئيس
والسيد فاروق الشرع نائب الرئيس
لامتصاص غضبة الجماهير، بأن
السيد الرئيس بشار الأسد سيلقي
قريباً خطاباً يثلج فيه قلوب
السوريين ويحقق لهم كل أمنياتهم
وتمنياتهم وطلباتهم في (الإصلاح
والتغير، وإلغاء قانون
الطوارئ، وإصدار قانون لتشكيل
الأحزاب، وقانون عصري للإعلام
يطلق حرية الرأي والرأي الآخر،
ومكافحة الفساد) وانتظر الناس
هذا الخطاب متسامين على الجراح
مكفكفين الدمع على فلذات
أكبادهم الذين قضوا على يد رجال
الأمن التي كان من المفترض أن
تحميهم، من منطلق أن الوطن أغلى
وأسمى، وأن الشعب يريد الإصلاح
والتغيير وعليهم أن يثقوا بما
قالته السيدة المستشارة والسيد
نائب الرئيس، إلى أن جاء يوم
الأربعاء فتوجهت الأعين كلها
باتجاه القنوات الفضائية
السورية المُقاطعة والمنسية
لعقود، تصيخ السمع لما سيقوله
السيد الرئيس، الذي راح يتلاعب
بالألفاظ والسين وسوف ويفك رموز
التآمر التي تحيط بسورية الصمود
والممانعة، والمؤامرات التي
تحاك ضد القيادة السورية الصلبة
التي تحتضن المقاومة
الفلسطينية واللبنانية، حتى
أصيب الجميع بالذهول والغثيان
والإحباط لما يسمعوا من كلمات
ممجوجة سمعوها منذ أربعة عقود
وهي تتكرر في كل مناسبة، حتى
حفظها المواطن السوري عن ظهر
قلب هو وأولاده وأحفاده. بعض
المستمعين لم يتمالكوا أعصابهم
في اللاذقية فخرجوا إلى الشوارع
مطالبين بالحرية والإصلاح
والتغيير، وكان رجال الأمن لهم
بالمرصاد، ليس بالهروات أو
قنابل الغاز أو الرش بالماء كما
تفعل كل أجهزة الأمن في العالم،
فتلك أساليب قد باتت من الماضي
عند أمن النظام وهي مكلفة
لخزينة الدولة، فالرصاص أرخص
ويؤتي ثماره الفورية، وهذا ما
كان فقد حصد رجال الأمن برصاصهم
العشوائي أرواح ما يزيد على
عشرة متظاهرين، كما أبلغ شهود
عيان فضائيات (بي بي سي،
والفرنسية، والجزيرة، والعربية)
في غياب كمرات الصحافة المستقلة
والمحايدة والمراسلين عن تصوير
هذه المشاهد ونقل أحداثها. هذا هو
مجلس الشعب السوري التهريجي
الذي ما قال يوماً للأسد الأب أو
الأسد الابن لا، وهذا هو الرئيس
السوري الذي لا تتسع لقيادته
فضاءات العرب، وهذا هو الإعلام
السوري المخادع الكاذب، وهذه
أجهزة الأمن السورية التي
تستهين بالإنسان السوري
وتحتقره، وهذا هو الشعب السوري
المقموع الذي سُدت كل الأبواب
في وجهه ويصارع لانتزاع الحرية
سلمياً من يد مغتصبيها، يريد
تحقيق مطالبه سلمياً ويصر عليها
بعيداً عن أي عنف، متحملاً
ضراوة النظام وعصاه الأمنية
الغليظة، موطن النفس على تقديم
التضحيات لانتزاع الحرية مهما
غلت، فللحرية الحمراء باب بكل
يد مضرجة يدق!! =========================== رومانسية
النخب..والثورات العربية بقلم:
فراس ياغي ذهب
كثيرٌ من النخب للنظر بسطحية
مفرطه للمعطيات السريعة
والتحولات العميقة التي تجري في
البلدان العربية، فبعضهم
يتعامل معها وكأنها تجديد
للنظام نفسه، بل يتمنى من قلبه
أن تكون كذلك ويكذب على نفسه
ويصدق كذبته، ويعزي نفسه بموقف
هنا أو هناك، ببقاء سياسة ما
تشبه سابقتها، ويحاول دائما
إجتزاء المواقف التي تجري
بطريقة تُعطيه الأمان ببقاء
الوضع البائد (السابق) على
كواهنه، فهو لا يرى سوى ما يريد
أن يراه، حتى أن بعضهم وخاصة من
المثقفين والاعلاميين وصلوا
لدرجة إتهام الغرب وبالذات
الادارة الامريكية وعلى رأسها
الرئيس "أوباما" بأنهم
وراء كل ما يجري في الوطن
العربي، وجلبوا لذلك تفسير
غريب، بداية من مطالبة غربية
قبل سنتين من الصحفيين العرب في
مؤتمر حدث أعتقد في "جبل طارق"
التركيز على ما يجري في "الفيس
بوك" و"التوتير"، إلى
تقديرات سميت بوثائق كتبت على
صفحات "ديبكا" التابعة
للاستخبارات الاسرائيلية بأن
الرئيس "أوباما" والادارة
الامريكية قررت تغيير كل
الزعماء العرب وتكون البداية
بزعماء الدول الفقيرة لتصل حتى
زعماء دول الخليج، هذا التيار
من النخب يستسهل تبرير نظرية
"المؤامرة" في تفسيره لما
يحدث من حركة جماهيرية شعبية
تنادي بالحرية والكرامة
والديمقراطية، وهو يحاول تبرير
تقاعسه وركوبه ظهر الليبرالية
الحديثه بطريقة الدول "المانحة"
وبعض "مؤسسات المجتمع المدني"
التي تَستقي جُلَّ أموالها
منهم، خاصة أن "ثوريتهم"
السابقة تحولت بشكل كامل نحو
"الثروة" المرتبطه بالسلطة
القائمة ومن يدعمهم، لذلك يبذل
جهدا في تبرير إرتداده الفكري
بهذا الاتهام للثورات العربية
وبإسم الموضوعية والمهنية. الاتجاه
الثاني بين النخب، الذي لا
يستطيع قراءة المتغيرات بطريقة
عصرية ترتبط بالحداثة والتطور
المعلوماتي والثورة التكنلوجية
الهائلة، ويريد من هذه الثورات
إجراء تغيير شامل، بحيث يتم
تأسيس نظام سياسي جديد على
أنقاض النظام السياسي القديم،
كما حصل في الثورة "البلشفية"
او الثورة "الايرانية"،
وهنا وكما قال الدكتور عزمي
بشارة " هكذا ثورات لا تؤسس
للديمقراطية وإنما لنظام شمولي
غير ديمقراطي أو إلى حدٍ ما نظام
تعددي في نطاق المذهب الواحد"،
وهؤلاء النخب لا تزال تعيش عصر
الثورات ضد الاستعمار
والايديولوجيات الشمولية، وليس
عصر التحولات الاجتماعية
والثقافية والسياسية
والاقتصادية الحديثه، والتي
تتم بنوع من التغيير السريع
أحيانا كما في النظام السياسي
او بشكل بطيء في المفهوم
الثقافي والاجتماعي، رغم ان
تأثيرات التغيرات السياسية
تكون كبيرة على طبيعة التحولات
الاخرى، خاصة في التسريع فيها. رومانسية
هذه النخب، ليست نابعه من واقع
هذه الثورات، بقدر ما هي إلا
تعبيرات عن شجون وأحلام شخصية
أو حتى تبريرات للعجز الذي
تعيشه او وفقا لمصالح إرتبطت
بها خلال عقدين من التحولات
بمفهوم القطب الواحد والسيطرة
الامريكية وما رافقها من
محاولات عنيفه لفرض مفهوم "شرطي
العالم" كما حدث في "العراق"
و "أفغانستان" وفشلها في
فرض سياسة الهيمنة على المنطقة،
بمفهوم "الشرق الاوسط الجديد"
وكتعبير واضح لنتائج حرب "تموز
2006" و فشلها في حرب "غزة"،
والآخر يعبر عن رومانسيته
بالحديث عن عمق هذه التحولات
لدرجة يلبسها أحيانا ثوبا "لينينياً"
او "خمينياً" او "ناصرياً"
او "أخوانياً"، في حين أن
هذه الثورات تلبس كل الاثواب
وعلى كل المقاسات لأنها كواقع
جاءت ضد القمع والاضطهاد
والديكتاتورية والفساد، وتنادي
بالحرية والكرامة والعدالة
الاجتماعية والمساءلة
والشفافية والحكم الرشيد. بنظرة
سريعه لهذه الثورات نرى أنها
تطالب على أغلبها بإيجاد عقد
إجتماعي جديد "دستور"،
وبما يؤكد مقولة "أرسطو"
حول الثورة والتي إعتبرها "تغيير
كامل من دستور لآخر" أو "تعديل
على الدستور القائم"، وهذا
بدوره سيؤدي لتغيير في السلطة
وهياكلها المختلفه وخلال فترة
زمنية قصيرة، بحيث يضمن هذا
التغيير مطالب الحركة
الجماهيرية التي تعبر عن مجمل
المطالب الشعبية، فخمسة إلى
ثمانية ملايين هي من قاد الشعب
المصري البالغ عدده خمسة
وثمانون مليون نحو التغيير،
وضواحي "بو زيد" التي
إنتفضت لنصرة "محمد بو
العزيزي" رحمه الله، وصلت
لشارع "الحبيب بورقيبه" في
"تونس" العاصمة على شكل
ثورة سياسية شاملة، وثورة "بنغازي"
كادت تؤتي ثمارها لولا تَمرّس
هذا "العقيد" في الحالة "الافريقية"
وتحويلها لعنف مسلح ليس بين
أفراد الشعب الواحد كمفهوم "الحرب
ألأهليه"، بقدر ما هي حرب بين
كتائبه المليئة بالمرتزقه وبين
معظم ابناء الشعب الليبي، وفي
"اليمن" يستدعي دكتاتورها
الذي لم يكفيه أكثر من ثلاثة
عقود، القبلية والقاعدة
لمواجهة غالبية شعبه وقبائله
التي تطالب بالتغيير، وفي "البحرين"
تم إستدعاء الطائفية على عجل
لوأد المطالبات العادلة بتحويل
النظام لملكية دستورية، بل أجزم
أن البعض أراد مما حدث في "البحرين"
نموذجا لما حدث في "الكويت"
والغباء بإحتلالها، أي قد تكون
مصيده من جهة ومحاولة قتل روح
التغيير في تلك المنطقة المهمة
من العالم العربي والعالم أجمع،
ومع ذلك فما حدث لن يلغي
المتطلبات الموضوعية للتغيير،
وفي "سوريا" تم إستدعاء
الطائفية أيضا، ومفهوم دولة
المواجهة المسموح لها غير
المسموح لغيرها، في حين أن مجرد
إحداث إصلاحات عميقة فيها،
كمحاربة الفساد وإعطاء حرية
وديمقراطية للشعب كفيلة برفع
قدرة المواجهة لديها، وبإلتفاف
الجماهير حولها، ولكن خطاب
الرئيس "بشار الاسد" كان
سطحيا في التعامل مع ما جرى ولا
يُعبر عن عمق الثقافة والوعي
الذي يتمتع به، وفي "الاردن"،
ما حدث في "ميدان التحرير"
هناك سابقة سيئة جدا ومكررّة لن
تؤدي إلا لإحتقان الشارع لدرجة
تهدد الاستقرار، هذا يستدعي
إحداث نقلة نوعية بإحداث
إصلاحات تتعلق بالدستور
والنظام الانتخابي بشكل يوحد
"الانصار والمهاجرين" في
وحدة أردنية واحده، رغم ان الكل
"مهاجر" وفقا لتصريحات سمو
الامير "حسن بن طلال"، الكل
هناك أتى بالمجمل كأصل من "الجزيرة
العربية". رومانسية
النخب، الحاكمة أو التابعة
للانظمة او المعارضة لها لم
تستوعب وسائل الاتصالات
والتنسيق الحديثه من "فيس بوك"
و "تويتر" كما فهما الغرب
جيدا وتابعها بشكل حثيث لأنها
كانت بعيده كل البعد عن هذه
الوسيلة، ولم تستوعب الشعارات
التي رفعها الشارع العربي، فمن
طفح به الكيل نادى بشعار "الشعب
يريد إسقاط الرئيس" ومن ثم
"النظام"، وآخر من يراعي
تكوينة بلده الطائفية او التي
من أصول مختلفه طالب ب "الشعب
يريد إصلاح النظام" و "حرية
وكرامة وعدالة إجتماعية"،
وهنا تجمع الشعوب العربية على
أن أي تغيير يحتاج لوضع "دستور"
جديد يحكم العلاقة بين الشعب
والسلطة الحاكمة بسلطاتها
الثلاث، وبما يعطيه السيادة
الاساسية، فالسيادة للشعب وليس
للرئيس الذي يعتبر وظيفا "موظف
بدرجة رئيس" ويجب أن يكون
بخيار شعبي وفقاً لنظام إنتخابي
واضح لا يؤلهه ويبقيه للابد،
وحين تحصل هذه الشعوب على
حريتها الحقيقية، بالتأكيد لن
تكون سوى مع أمتها ومصلحتها
القومية التي تعزز تكاملها
وتوحدها على مواقف واحده،
تبعدها عن عهد بائد رئسه رئيس
"بائد" كان يسمى "إعتدال"
و "ممانعة" في تعريف
للانظمة بما يتعلق بالموقف من
القضية المركزية "القضية
الفلسطينية" والسياسة
الامريكية العدوانية.. ثورات
الشعوب العربية ستؤدي بالضرورة
وبدون جهبذة تفكير إلى موقف
واحد "مُمَانع" في صالح
القضية الفلسطينية وفي مختلف
الاتجاهات، شاء من شاء من أصحاب
القضية نفسها أو من غيرهم من
المشككين بقايا أتباع الفاسدين
من لصوص الاعمال وأزلامهم
ونساءهم من السياسيين. لقد قال
الشاعر المرحوم "صلاح جاهين":
" طال إنتظاري للربيع يرجع..والجو
يدفا والزهور تطلع..عاد الربيع
عارم عرمرم شباب..إيه إللي خلاني
إبتديت أفزع؟ عجبي". ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |