ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
و
للحرية الحمراء بابٌ ** بكل يدٍ
مضرجةٍ يدق د.
عوض بن محمد القرني* إن
بلاد الشام وفي القلب منها
سوريا كانت وما زالت عنوان
العروبة وقلعة الإسلام وميدان
الأصالة وبوابة المجد وعمق
التاريخ ، على ثراها حسمت
مواجهات أمتنا الكبرى وفي مهدها
سجلت انتصاراتنا . إلى أن
جاء الاستعمار البغيض في العصر
الحديث فقسم بلاد الشام وفق
اتفاقية ( سايكس بيكو) إلى
كانتونات : (سوريا
لبنان فلسطين
الأردن ) كل منها يعيش محنته
ويعاني مصيبته وكان
مما ابتليت به سوريا منذ خمسين
عام أن تسلط عليها حزب ٌ علماني
مشبوه اختطفته طائفة باطنية
غامضة استغلتها أسرة مستبدة
واحدة حولت سوريا إلى إقطاعية
لتلك الأسرة تعبث بها فسادا
وتعيث فيها إفسادا ، وحولت
الشعب السوري العظيم إلى التشرد
والمنافي أو السجون والمعتقلات
والمقابر الجماعية . وحين
هبت رياح الحرية في المنطقة
وترددت أشواقها في حنايا أطفال
سوريا وجرت أحلامها في شرايين
رجالها ونسائها بعد عقود من
الكبت والاستبداد و إذا بالنظام
الحزبي الطائفي الأسري يقابل
هذه التطلعات السلمية المشروعة
بالرصاص والقتل وسفك الدماء في
المساجد والشوارع والأحياء
والأسواق و
تنبري أبواق النفاق وجوقات
الزور والبهتان لإخفاء الحقائق
وتدليس الوقائع كل ٌ من موقعه
وحسب تخصصه أعلنوا فيما زوروا
ودلسوا أن الرئيس الشاب (الابن
الوريث) ؛ سيلقي خطابا ً هاما ً
يضع النقاط على الحروف ويحمل
البشائر والإصلاحات ويعتذر
للشعب عما وقع من غير رضا ً منه ،
وانتظر الناس وترقب الإعلام
وكثرت التحليلات وتعلق الشعب
المسحوق المظلوم بأمل ٍ حالم ٍ
وخيال ٍ واهم ٍ ؛ وجاءت ساعة
الحقيقة ودخل (الابن الوريث)
قاعة المصفقين من الحاشية الذين
لا يجرؤون على التصفيق وهم
جالسون وصعق الناس في العالم
كله مما سمعوا ، فماذا سمعوا ؟ إنها
الأكاذيب نفسها التي رُددت في
تونس ومصر وما زالت تردد في
ليبيا ؛ إنها التخلص من أي
مسؤولية والتبرؤ من أي تهمة ٍ
حيال ما يجري ورمي ذلك كله على
المؤامرات الخارجية والعملاء
في الداخل و التنصل مما وعد به
المريدون قبل ذلك من إصلاحات
هامشية شكلية والزعم أن الإصلاح
قائم ٌ منذ سنوات ، والتهديد
والوعيد حتى لمن وقف على الحياد
وأغلق عليه بابه وحتى لمن شارك
سلميا ً بحسن نية ٍ ، فهم
والعملاء ودعاة الفتنة
حسب مصطلح الخطاب
سواء (( أتواصوا به بل هم قوم
ٌ طاغون )) . إن
موقع سوريا الخطير على تخوم
الكيان الصهيوني الغاصب
وتاريخها المجيد العريق في
مسيرة أمتنا قبل هذا النظام
والأثر العميق لما يجري فيها
على منطقتنا يجعلنا نستصرخ كل
ذرة عقل إن
وجدت في
قمة هرم السلطة في سوريا ،
وننادي كل أصيل ٍ أو حر يستطيع
أن يؤثر على القرار ؛ أن يقول
كلمة الحق في وجه سلطان جائر
أعمته حجب السلطة وأسكرته سنين
الاستبداد . إننا
باسم كل حريص على مستقبل سوريا و
المنطقة كلها نرجو ونتمنى من
النظام السوري أن يعي خطورة
الأمر ويستجيب لتطلعات الشعب
ويحدث إصلاحا حقيقيا ً جذريا ً
فوريا ً قبل أن يعم الطوفان فإن
شعب سوريا لم يعد لديه ما يخسره
ومطالبه المشروعة تتمثل في
الحرية والعدالة ومنع الفساد
والظلم والاستبداد وتخفيف
القبضة الحديدية البوليسية
الدموية عن الناس . إن
مالك الملك سبحانه يمهل ولا
يهمل وإن ساعة الحساب قد حانت ،
ودعوات المظلومين بإذن الله قد
استجيبت وقهر الشعب قد ولى ، قال
تعالى :(و لا تحسبن الله غافلا ً
عما يعمل الظالمون). ______ *داعية
ومفكر إسلامي - أبها
السعودية ======================= د.
محمد أحمد الزعبي رن جرس
الهاتف ، وإذ بالصديق فلان يطرح
علي السؤال التالي : "
باعتبارك من أبناء حوران ، وبما
أنك كنت كذا وكذا أريد أسألك "
ماذا يريد المتظاهرون في محافظة
درعا ، وقد قدموا هذا العدد
الضخم من الشهداء ؟ ". أجبت
صديقي على سؤاله بشكل مقتضب ثم
قلت له لتعلم ياصديقي : أولا إنه
ليس كل مايعرف يقال ، وثانياً
إنه ليس كل ما يمكن قوله يقال
على الهاتف ، وثالثاً إنني بصدد
كتابة مقالة حول هذا الموضوع
يمكن أن تجيب على سؤلك ، وإن
بصورة عامة ، وليس تفصيلية ولا
دقيقة . إن
هذه المقالة التي بين يدي
القارئ الكريم ، هي إذن محاولة
الكاتب للإجابة على السؤال
الكبير المطروح اليوم على كافة
المهتمين بالشأن السوري ، ولا
سيما فئة المثقفين منهم ، ألا
وهو : لماذا انفجر التظاهرات
والاحتجاجات في كل المدن
والمحافظات السورية ، وفي
مقدمتها محافظة الشهداء ، درعا
؟ وإلى أين تتجه الأمور في سورية
؟ . تقتضي
الإجابة العلمية والموضوعية
على هذا السؤال ، التوقف قليلاً
عند ثلاثة محطات سياسية رئيسية
ذات صلة مباشرة بهذا الموضوع
ألا وهي : طبيعة وشرعية النظام
السوري الحالي ، طبيعة المعارضة
السورية لهذا النظام ، وأخيرا
طبيعة انتفاضة الحرية والكرامة
الحالية ضد النظام و التي
ابتدأت في منتصف الشهر الماضي (
آذار ) وماتزال متواصلة ومستمرة
بأشكال ومضامين مختلفة حتى
يومنا هذا (8/4/11 ) ، وما هو الحل
الحقيقي للخروج من هذه الأزمة ،
التي تجاوز عمرها نصف القرن
والتي لم تبدا واقع الحال يوم 15
آذار 2011 ، وإنما بدأت بصور
وأشكال مختلفة منذ الثامن من
آذار عام 1963 ، إن لم نقل منذ
الإنفصال 1961 . اما
بالنسبة للمحطة الأولى ، فإن
الكاتب لايظن أن أحداً في سورية
، وفي الوطن لعربي ، بل وفي
العالم كله ، يجهل كوميديا
تعديل الدستور السوري عام 2000 ،
من أجل تراجيديا توريث السلطة
في سورية من الأب ( حافظ ) إلى
الابن ( بشار ) ، علما أن الأب قد
قام عام 1973 بتفصيل هذا
الدستورعلى مقاسه ، باستثناء
المادة المتعلقة بعمر الرئيس ،
حيث لم يكن يتصور أن من سيرثه هو
بشار وليس باسل . إن الكاتب
بتوقفه عند عملية التوريث في
عائلة الاسد ، إنما يرغب أن يشير
تحديداً إلى أن الدكتور بشار
الأسد ليس
امتداداً بيولوجياً لوالده
وحسب ،وإنما هو امتداد بيولوجي
وسياسي له أيضاً ، أي أنه لم
يرثه شكلاً فحسب ، وإنما ورثه
شكلاً ومضموناً ، وبالتالي فإن
تاريخ ميلاد النظام السوري
الحالي ( سورية الأسد !! ) هو
عملياًً ليس عام 2000 وإنما عام 1970
إن
شرعية اي نظام سياسي إنما ترتبط
نظرياً وعملياً بجملة من
المؤشرات الموضوعية ابرزها : أن
يكون هذا النظام منبثقاً من
الإرادة الشعبية الحرة ، أن
لايكون هذا النظام قد وصل إلى
السلطة عن غير الطريق
الديموقراطي وصندوق الاقتراع
البعيد عن التزوير المباشر و/ أو
غير
المباشر ، ان
لايكون قد وصل إلى السلطة عن
طريق التوريث ، ذلك أن التوريث
يعتبر النقيض النظري والعملي
لمبدأ " وضع الرجل المناسب
في المكان المناسب " ، والذي
هو الأساس الوطني والأخلاقي لأي
نظام سياسي ، أن
يمارس النظام سلطته بموجب دستور
وطني تم وضعه وإقراره من قبل
سلطة تشريعية منتخبة انتخابا
ديموقرطيا حرا ونزيهاً وعلى
أساس الفصل بين السلطات الثلاث (
التشريعية والتنفيذية
والقضائية ) ، أن
يحتوي الدستور نفسه على
الضمانات والضوابط التي تحول
دون خرقه ، أو التلاعب به ،
وتعتبر مثل هذا الخرق أو
التلاعب من
أية جهة صدر عملا باطلا ، وينطبق
عليه " كل مابني على باطل فهو
باطل أيضاً " . وبما
أن الأب ( حافظ الأسد ) ، وكما هو
معروف ، قد وصل إلى السلطة عن
طريق القوة العسكرية ، وليس عن
طريق صندوق الاقتراع . فإن هذا
يعني أنه كان طيلة مدة حكمه التي
امتدت من 1970 إلى حين وفاته عام
2000 رئيسا غير شرعي . وبما أن
بشارالأسد قد وصل إلى السلطة
كوريث لحاكم غير شرعي ، فهو إذن
بالضرورة المنطقية والفعلية
بدوره غير شرعي . وليست
ادعاءات كل من الأب والإبن ،
الانتماء لحزب البعث ، و/أو
لجوئهما إلى الانتخابات
الشكلية والمزورة ، و/أو وضع
دستور ( 1973 ) وإصدار قوانين تدور
كلها حول تاييد وتأبيد أسرة
الأسد ( حافظ الأسد إلى الأبد !! )،
أو باللجوء إلى تعديل هذا
الدستور كما حصل عام 2000 ، من أجل
التغطية المضحكة
المبكية على عملية التوريث
، سوى الحيل والألاعيب التي لا
ولم تنطل على أحد ، سواء في
الداخل او في الخارج . إن
شعور النظام ، بل ومعرفته بأن
مواقفه وممارساته السياسية
والاجتماعية والاقتصادية
والثقافية ، الداخلية منها
والخارجية ، القومية والقطرية ،
باتت مكشوفة ومدانة ومرفوضة من
الغالبية الساحقة من الشعب
السوري ، بالرغم من كل أنواع
الماكياجات وعمليات التجميل ،
وأشكال التدليس والتمويه
،وأصبح النظام بالتالي معزولا
عن الشعب ، لايسمع سوى صوته هو،
نقول إن شعور النظام بكل هذا
ألجأه حفاظا على بقا ئه
واستمراره ، إلى : إعادة
صياغة وهيكلة كل من الجيش وقوى
الأمن والمخابرات بمختلف
أشكالها وعناوينها ، وتضخيم
أعدادها ، وزيادة مكاسبها المادية
، وجعل مهمتها الأساسية
والرئيسية حماية النظام . أي أن
النظام قد تحول عملياً إلى نظام
أمني بامتياز . فتح
باب حزب السلطة إلى كل من هب ودب
، ليصل عدد أعضائه وأنصاره إلى
مئات الألوف ، وتحويله بدوره
إلى جهاز أمني مهمته
الأساسية حماية النظام ، بل
ومنحه رخصة دستورية ( المادة 8 من
الدستور ) للقيام بهذا الدور!! . وضع
كافة وسائل الإعلام والإعلان،
المسموعة والمقروءة والمشاهدة
، تحت رقابة أجهزة الأمن ،
وتحديد مهامها بالتسبيح بحمد الرئيس
والترويج لآرائه وخطبه ومواقفه
، وبالتالي الدفاع عن النظام
بالجملة والمفرق . إن وسائل
الاعلام بهذا قد تحولت بدورها إلى
جهاز أمني للنظام . تشجيع
الفساد الإداري والمالي والكسب
غير المشروع ، ولا سيما لكبار
الضباط والمسؤولين ، ذلك أن من
يدخل في نادي الفساد سيكون
هوالأحرص على استمرارالنظام
الذي أتاح له فرصة الدخول إلى
هذا النادي، الأمر الذي معه
يمكن القول بل الجزم بأن كل فاسد
هو عنصر من عناصر أمن النظام
سواء بصورة مباشرة أو غير
مباشرة . ولايظن الكاتب انه
بحاجة إلى أن يدخل في تفاصيل
هذا الموضوع ، ذلك انه معروف
للجميع . إن
مايريد الكاتب الإشارة إليه من
ذكر كل هذه النقاط أعلاه ، والتي
هي واقع الحال ، غيض من فيض ، هو
أن الموقف الشعبي السلبي من
نظام بشار السد ، وبالتالي
إدانته ورفضه من أغلبية الشعب
السوري إنما تسري
حسب رؤية الكاتب وقناعته
الشخصية على
كل من الأب والإبن في آن واحد
باعتبارهما وجهان لعملة واحدة ،
الأمرالذي جعل من الحراك الشعبي
في سورية ضد نظام الأسد ( وبعد
مارآه الشعب في تونس ومصر) أمراً
طبيعياً ، لأنه حصيلة تراكمات
عمرها قرابة نصف قرن من
الاضطهاد والمعاناة ، ولكن عصا
النظام الغليظة واستقواءه
بالقوى الخارجية على شعبه ، هو
ماكان يحول دون مثل هذا الحراك.
إن أربعين عاما من الديكتاتورية
، ومن تغييب الحرية والكرامة
للشعب ، ومن إطلاق الشعارات
الكاذبة والمضللة ، لكافية لأن
يرفع الشعب العربي في درعا ، وفي
كافة المدن السورية صوته عالياً
أن " كفى "، وأن يكون شعار
مسيراته ومظاهراته السلمية
والحضارية الجامعة المانعة :"
الشعب يريد الحرية والكرامة "
. أما
بالنسبة للمحطة الثانية
المتعلقة بالمعارضة الوطنية
للنظام السوري الراهن ، فلابد
من الإشارة بداية إلى أن هذه
المعارضة تتكون من : المعارضة
الشعبية العامة ،المتمثلة
برأي الكاتب
بالأغلبية الكبيرة من الشعب
السوري بمختلف مكوناته وأطيافه المعارضة
الشبابية التي باتت مرتبطة
بالمظاهرات والاعتصامات
السلمية الشبابية التي قادها في
تونس ومصر مابات
معروفاً بشباب الفيسبوك ، ونجاح
هذه المظاهرات والاعتصامات
السلمية في إقصاء رئيسي البلدين
( زين العابدين
بن علي ، ومحمد حسني مبارك )،
وإنهاء الطابع الأمني للدولتين
المذكورتين . المعارضة
الحزبية، المتمثلة بصورة
أساسية ب: الإخوان المسلمين،
جناحي حزب البعث العربي
الإشتراكي في كل من
العراق (القيادة القومية / ميشيل
عفلق) وسورية (حزب البعث
الديمقراطي العربي/ حركة 23 شباط
66)، حزب الشعب
الديموقراطي السوري ، التيار
الناصري ولا سيما حزب الإتحاد
الإشتراكي ، حزب العمل الشيوعي،
شخصيات
وطنية مستقلة بمن فيهم المجموعة
المحسوبة على المرحوم الأستاذ
صلاح الدين البيطار. ولقد
حالت، وما تزال، جملة من
العوامل الذاتية والموضوعية
دون توحد هذه المعارضة في جبهة
وطنية موحدة، محددة الأهداف
والرؤى على المستويين
الاستراتيجي والتكتيكي ولو على
برنامج الحد الأدني وبما يؤدي
إلي استعادة سورية لدورها
القومي والتاريخي المعروف. أبرز
هذه العوامل
من وجهة نظرالكاتب
هي : >
ظهور هذه القوى والأحزاب و
التنظيمات علي مسرح المعارضة
للنظام السوري الحالي بصورة
متتالية ومتتابعة اعتبارا من
عام 1963 ( ثورة 8 آذار ) وحتى الآن .
ومن الناحية العملية، فإن كافة
هذه المجموعات (باستثناء
الإخوان المسلمين) قد شاركت في
الحكم في مرحلة ما، من تاريخ
سورية الحديث ، سواء بصورة
مباشرة أو غير مباشرة، ومارست
بالتالي دور المعارضة لبعضها
بعضا، بل إن هذه الممارسة قد
وصلت عند البعض حد العنف الدموي
في بعض الحالات والظروف، ناهيك
عن الإنقلابات العسكرية. > لقد
خلقت هذه الخلفية التاريخية
السلبية حالة من عدم الثقة بين
أطراف هذه المعارضة، بحيث أن كل
طرف بات يتعامل بتحفظ مع كل طرف،
بل ويخشي من أنه لو عاد إلي
السلطة ثانية فلربما تعود حليمة
لعادتها القديمة ، من حيث
احتكار السلطة ومصاد رة الرأي
الآخر، والعودة إلي شعار النخبة
المعصومة، والمسؤولة وحدها عن
مصير ومستقبل الوطن والأمة ،
ولاسيما إذا كانت مرجعيتها من
النوع الذي يدعي لنفسه امتلاك
الحقيقة المطلقة التي لايأتيها
الباطل من أمامها ولا من خلفها ،
وبالتالي فإن كل من ليس" معنا
"هو عدو لهذه الحقيقة التي
يزعم أنه وحده يمتلكها !!. >
تعاني معظم فصائل المعارضة
السورية مما يمكن أن نطلق عليه
التوأمة ذلك أنها غالبا ماتمثل
نصف التوأم الذي نصفه الآخر عضو
في مايسمي الجبهة الوطنية
التقدمية التابعة للنظام الذي
تعارضه هذه الفصائل. هذا مع
العلم أن الأبواب والتخوم
مفتوحة بين الطرفين للعبور في
كلا الإتجاهين، وهو أمر قد حصل
ويحصل بالفعل. >
التعارضات في المواقف والرأي
حول عدد من القضايا
الاستراتيجية الهامة بين هذه
الفصائل. علما أن الموقف
الحقيقي لبعض هذه الفصائل من
بعض هذه القضايا يكتنفه الغموض
والإزدواجية، ونخص بالذكر :
الموقف من القضية الفلسطينية
وبالذات من الحلول الدولية
والعربية والفلسطينية المطروحة
، الموقف من النظام السوري
الراهن ، الموقف من الناصرية
ومن الرئيس جمال عبد الناصر ،
وأخيرا الموقف من الممارسات
السياسية والأيديولوجية لحزب
البعث في كل من سورية والعراق ،
وموقفه المتناقض مع شعاراته في
الوحدة والحرية والاشتراكية . >
التناقضات الأيديولوجية،
الظاهرة والمضمرة، بين
التيارات المختلفة في هذه
المعارضة ، ولا سيما بين
التيارين الإسلامي والعلماني،
والتي ( التناقضات ) تتجاوز في
منظور هذه التيارات (ولا سيما
المتشددين فيها) مسألة الإختلاف
المشروع في الرأي، إلي مسألة
القضايا والمواقف المبد ئية
التي تمثل بالنسبة لكل منهم
خطّاً أحمر لايدخل في باب
التسامح وحرية الرأي. وبطبيعة
الحال فإن هذه التناقضات تتفاوت
بين حزب وحزب وبين فئة وأخرى .
وقد تجلت نقاط الإلتقاء
والإفتراق بين هذه التيارات
السياسية والأيديولوجية في
الموقف من الانتفاضة الشعبية
الحالية في سوريا ( انتفاضة 15آذار
2011 )، إذ بينما قام
التيارالإسلامي بتشكيل لجنة
باسم " المبادرة الوطنية
لمساندة الإنتفاضة السورية "
ودعا الجميع للمساهمة فيها ،
قام الطرف العلماني بتشكيل لجنة
أخرى موازية باسم " لجنة دعم
الانتفاضة السورية " ودعا
بدوره مجموعة من العلمانيين
المهتمين للمساهمة فيها ، وقامت
أيضاً مجموعة من بعثيي حركة 23
شباط ، بتشكيل لجنة خاصة بهم
أطلقوا عليها اسم " لجنة
تفعيل التيار القومي في سوريا"
. وتبين للكاتب بعد اطلاعه على
البيانات التي صدرت عن هذه
اللجان،أنها تتقاطع كلها عند
مطلب رئيسي واحد ،هو"
الديموقراطية " لقد
استمع الكاتب صباح ( 6.4.11 ) إلى
وجهتي نظر جديرتين بالإصغاء
والاحترام ، حول الأزمة الراهنة
في سوريا ، الأولى لمفكرعلماني
معارض، والثانية لمفكر إسلامي
محسوب على النظام . أما الأول
فقد ارتأى أن يكون الحراك
السوري الحالي ، والذي هو حراك
شبابي بصورة أساسية هادئاً
وبطيئا لكي يتم في إطاره إفراز
قيادات شبابية جديدة ، يمكنها
أن تحل محل القيادات المجتمعية
والحزبية القديمة . وبالنسبة
للمفكرالإسلامي ، فقد أكد على
أهمية وضرورة التغييروالإصلاح
في سورية ، ولكنه نصح مستمعيه
بأن يكون هذا التغييروالاصلاح
عن طريق الحوار بين الثوار
والنظام ، وليس عن طريق الهيجان
الثوري (!)، مثل الذي شهدته
وتشهده المدن السورية اليوم . وإذا
كان الكاتب يتفهم جيدا وجهة نظر
المعارض السوري العلماني ، بل
ويقبلها بتحفظ ، فإنه يرغب أن
يقول للمفكرالآخرالذي طرح
الحوار مع النظام كبديل عن
الإنتفاضة الشعبية ، أن الحوار،
عادة مايكون بين طرفين متكافئين
في القوة ومختلفان في الرأي ،
وعلى منهج الإمام الشافعي في
الحوار، والذي يقول : " رأيي
صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري
خطأ يحتمل الصواب " وليس بين
رأيين أحدهما مسلح بالدبابات
والطائرات ، والآخرأعزل إلاّ من
حنجرته التي تصيح " سلمية ،
سلمية " . إن
إلقاء المسلح لسلاحه ، لابد أن
يكون هو الخطوة الضرورية
المسبقة لبدء أي حوار وطني عادل
ومثمر بين رأيين متعارضين ،
كيما تصبح الحجة الدامغة
والمنطقية هي الفيصل ، وليس
الدبابة والكلاشنكوف . يذكر
حنين بن اسحق ، فيما ذكره عبد
الحمن بدوي في كتابه "
أفلاطون في الإسلام " ، أنه
كان على خاتم أفلاطون أن "
تحريك الساكن
أسهل من تسكين المتحرك " ( دار
الأندلس ، 1980 ، ط 2 ، ص 293 ) .
وإيمانا منا بهذه المقولة
الأفلاطونية ، نتمنى على كافة
أطراف المعارضة السورية أن
تتوحد ، وأن تعمل يدا بيد ، ،
وبالطرق السلمية المشروعة ، على
تحريك هذا الوضع الساكن في
سورية ، وإعادة الشعب السوري
العظيم ، الذي صادرويصادر
النظام الشمولي حقه في الحرية
والكرامة منذ نصف قرن ، إلى ساحة
العمل والتأثير الوطني والقومي
، وبالتالي إعادة
الإعتبارالحقيقي للمواطن
باعتباره وحده القادر على "
تحريك الساكن " اي على عملية
التغير والتطوروالتقدم السياسي
والإجتماعي والاقتصادي
والثقافي . نعم
لقد حان وقت إعادة الاعتبار
للوطن والمواطن ،" ياسيد
الوطن !! " هذا إذا كنا جميعا
كما نسمع في إذاعات وفضائيات
النظام " كلنا شركاء في الوطن
" حقّاً وليس قولاً فحسب. وبوصولنا
إلى المحطة الثالثة والأخيرة أي
طبيعة انتفاضة الحرية والكرامة
( انتفاضة 15 آذار 2011 ) : فسوف
يكتفي الكاتب هنا بذكر بعض
الشواهد التي اقتطعها من بيانات
وكتابات متعددة صدرت في سورية
حول هذا الموضوع ، مع الإشارة
إلى مصدرها : وسنبدأ
ببيان " لجنة تفعيل التيار
القومي في سورية " والموقع من
قبل 20 شخصية وطنية سورية معروفة
( موقع النداء 11.4.7) .ونقتبس منه
مايلي : " إن
مايجري في الوطن العربي ومنه
القطر العربي السوري هو نتيجة
تطور تاريخي ووعي جيل جديد لما
تراكم خلال عدة عقود من ظواهر
سلبية وممارسات خاطئة أفرزتها
بنية الدولة التي شيدها الدستور
المعمول به ، وديمومة العمل
بقانون الطوارئ وتأسيسه لما عرف
بالدولة الأمنية ، وإننا أمام
هذا الحراك لايجوز التمسك في
الماضي وصيغه التي لاتتوافق مع
حقائق العصر ، وأثبتت الوقائع
قصورها وعقمها ، لابل مسؤوليتها
عما يتعرض له بلدنا . .." ومن
البيان الصادر عن " لجنة
المبادرة الوطنية لمساندة
الانتفاضة السورية " بتاريخ25
آذار 2011 ، والموقعة من قبل
الأستاذ صدرالدين البيانوني
نقتبس : " إن
صوت الحرية الهادر في شوارع
المدن والبلدات والقرى السورية
، هو صوت وطني خالص ،وسلمي محض
،وعلى هذا فإننا نحمل الرئيس (
بشار الأسد ) شخصياً مسؤولية كل
قطرة دم سالت أو تسيل برصاص
أجهزة الأمن والقوات المسلحة
التي ترتكب جرائمها باسمه ،....
احرصوا على وحدة صفكم ، وتمسكوا
بوحدتكم الوطنية ، ارفضوا كل
دعوات التمزيق الطائفية
والسياسية .. أنتم الآن تعيدون
بناء الوطن ، فأكدوا على
القواسم المشتركة في الحرية
والعدل والكرامة الإنسانية
..." ومن
بيان صادر عن 6 منظمات وطنية
مدافعة عن حقوق الإنسان في
سورية وموجه إلى الحكومة
السورية ، في إطار إدانتها لوقوع
ضحايا يوم الجمعة في 1/4/2011 (
أنظرموقع النداء ، تاريخ 7/4/2011 )
نقتبس المطالب الثمان التالية
من بين 13 مطلباً
تضمنها البيان المذكور : "
رفع حالة الطوارئ والأحكام
العرفية ، إغلاق ملف الاعتقال
السياسي ، وإطلاق سراح كافة
المعتقلين السياسيين ومعتقلي
الرأي والضمير ، إلغاء المحاكم
الاستثنائية وإلغاء جميع
الأحكام الصادرة عنها ، إلغاء
كافة أشكال التمييز بحق
المواطنين الأكراد ، إصدار
قانون للأحزاب ، وتوقيف العمل
بالمادة الثامنة من الدستور
السوري ، اتخاذ التدابير
اللازمة لضمان ممارسة حق التجمع
السلمي ممارسة فعلية . " ومن
مقال للدكتور هيثم مناع داعية
حقوق الإنسان المعروف ، منشور
في جريدة القدس العربي اللندنية
بتاريخ 7.4.11 نقتبس
الفقرات التالية : "
وفي غمرة أحداث متسارعة ،
نستعرض فيها قائمة غير حصرية
بأكثر من مائة شهيد من المحاظة (
درعا ) وحدها وعشرات المفقودين
والمعتقلين في الأيام الأخيرة . ورغم
كل الأوجاع والضغوط والملاحقات
مازال الشبيبة يمسكون البوصلة
من أجل تغيير ديموقراطي سلمي
وحضاري . لقد
رحلت مع دماء الشهداء حقبة
كاملة ، وسورية الغد لن تكون على
شاكلة سورية العقود الأربعة
الأخيرة .. سورية الجديدة لاتحمل
لاروح الانتقام ، ولا أمراض
وعقابل التسلط ، بل تفتح صدرها
لكل شريف ومخلص لهذا الوطن ،
ليكون شريكاً في صنع حاضره
ومستقبله، وليس مجرد مهرج أو
مروج لآخر وأسوأ أشكال عبادة
الشخصية وديكتاتورية الحزب
والأمن . " ويختم
الكاتب هذه الشواهد ، بمقتطف من
مقالة قديمة له بعنوان" الرأي
العام ومسرحية الإستفتاءات
الصورية" ، ( موقع الحوار المتمدن
، تاريخ 11 / 06 / 2007 ) وهو مايمثل
تصوراً استباقياً لما حدث ويحدث
هذه الأيام على الساحة العربية .
تقول المقالة: "
لقد شهد العالم العربي في القرن
الماضي تحولات دراماتيكية
عميقة ، أبرزها : تجزئة الوطن
العربي ( سايكس
بيكو )، نكبة فلسطين 1948 ،
نكسة 1967 ،قرارا مجلس الأمن 242 و338
، زيارة السادات للقدس ،
اتفاقية أوسلو ، احتلال امريكا
وبريطانيا للعراق 2003 ، وأخيراً
وليس آخراً ماسمي المبادرة
السعودية التي أقرها مؤتمر
القمة العربية في بيروت عام 2002
تحت اسم " المبادرة العربية
للسلام " !! ( والتي ماتزال
تنتقل من قمة إلى قمة حتى يومنا
هذا !! ) ، الأمر الذي أدى إلى
اختلال في توازن القوى بين
الرأي العام ( المعارض )
والأنظمة العربية ( الحاكمة )،
ووضع الطرفين في حالة ترقب
وترصد انتظاراً لما يمكن أن
ياتي به الغد ، تصحيحاً لما وقع
من الأخطاء القاتلة بالأمس ، ...
وإن غداً لناظره قريب. " ويبدو
أن الجيل العربي الجديد في تونس
ومصر قد وصل إلى هذا الغد
المأمول ، وأن ليبيا واليمن
وسوريا هي على أبواب هذا الغد ،
وأن بقية أقطار الوطن العربي من
المحيط إلى الخليج هي أيضا في
طريقها نحو هذا الغد ، حيث بتنا
نسمع في كافة المدن والقرى
والبلدات العربية ودونما خوف
هتاف " حرية ، حرية " ، "
الشعب يريد تغيير النظام " .
نعم لقد تجاوزت الجماهير
العربية حاجز الخوف ، وهدمت
جدار برلين سايكس
بيكو ، في طريقها إلى الحرية
والكرامة والوحدة . التحية
للشعب السوري البطل ، التحية
لمحافظة درعا ( حوران ) التي
سيكون لها شرف إسقاط ديكتاتورية
عائلة الأسد ، كما سبق لها أن
أسقطت ديكتاتورية أديب
الشيشكلي ، الرحمة لشهداء
انتفاضة 15 آذار 2011 الأبرار ،
والعزاء لأهلهم وذويهم ،
والشفاء للجرحى . ======================= وأخيرا
.. اهتزت صورتك الذهنية لدى
لشارع العربي ياسيادة الرئيس رائد
النجار لعل من
أكثر ما أزعج الرئيس السوري
ونظامه الديكتاتوري وأثار
حفيظتهما اهتزاز صورتهما
الذهنية لدى الشارع العربي ،
منذ اللحظات الأولى لاندلاع
شرارة التغيير في درعا ودمشق
وحمص واللاذقية.. لأول
مرة منذ توليه الحكم قبل أحد عشر
عاما ينكشف القناع الذي كان رأس
هرم النظام السوري يتخفى وراءه،
وتتضح حقيقة المساحيق الكاذبة
المزيفة التي كان يجمّل بها
وجهه القبيح ، فقد كانت الصورة
التي يُقدَّم بها الرئيس بشار
بها في أوساط النخب المثقفة أو
عبر أجهزة الإعلام العربية أنه
مختلف عن كثير من أقرانه من
الحكام العرب، فهو شاب يمتلئ
حيوية وعطاء، ، أتيح له مواصلة
تحصيله الأكاديمي في الغرب،
متحمس للتقنيات الحديثة، يمكن
أن تعلق عليه الآمال، داخليا:
لتقديم نموذج عربي رشيد للإصلاح
والتطوير والانفتاح والعصرنة
في بلاده، وخارجيا : لرفض
التبعية والإذعان للقوى الكبرى
ومواجهة مخططاتهم في المنطقة،
والتصدي للمشروع الصهيوني
ومناصرة جهد المقاومة. الصورة
اليوم اختلفت تماما.. وكشف
المحاسبة لم يعد مقتصرا على
اللحظة الراهنة، التي امتلأت
عنفا وإزهاقا لأرواح المدنيين
العزل الذين يطالبون بحريتهم
وكرامتهم، بل ارتد إلى اليوم
الأول لتولي الدكتور بشار
مقاليد الحكم، باعتباره أول من
قبل أن يكون جسرا لإشاعة ظاهرة
التوريث، سيئة الصيت، على مستوى
الأنظمة الرئاسية العربية، ومن
رضي بمهزلة تغيير الدستور في
غضون دقائق ليتم تفصيل العمر
على مقاسه. وفي
خطابه الأخير أمام ما يسمى
بمجلس الشعب فضح الرئيس نفسه،
وأقر من حيث يدري أو لا يدري أنه
لم يحدث أي تغييرات سياسية أو
اقتصادية ادعى
أنه كان يفكر بها هو أو حزبه
الحاكم على
مدار أحد عشر عاما من حكمه الذي
كان امتدادا لثلاثة عقود من حكم
أبيه، سواء على مستوى إلغاء
قانون الطوارئ، أو إقرار قوانين
للتعددية الحزبية، أوتعددية
وسائل الإعلام وغيرها. وفي ظل
حراك التغيير انكشفت سطوة يد
أجهزته الأمنية التي تمتد
لاعتقال وتعذيب كل معارض لها
تحت مبررات واهية، دون إقامة
أدنى معنى للجوانب الإنسانية،
فهي لم تستثن من بشطها شابة
صغيرة كالمدونة طل الملوحي التي
لم يتجاوز عمرها 19 عاما عند
اعتقالها، أو شيخا طاعنا في
السجن كالمحامي هيثم المالح ( 80
عاما) أو المهندس غسان النجار ( 73
عاما)، أو حتى أطفالا في المرحلة
الإعدادية بدرعا لأنهم كتبوا
على الجدران " الشعب يريد
إسقاط النظام"، وهو ما أشعل
شرارة ثورة التغيير في سوريا. وانفضحت
دموية الرئيس ونظامه وهي تقمع
الصدور العارية المتظاهرة في
الشوارع ، حيث لقي 123 شخصا على
أقل تقدير حتفهم برصاص أجهزة
الجيش والأمن خلال 12 يوما ( من 18
مارس ووحتى بداية إبريل) . وفي
محاولة بائسة منه لكتم صوت
الاحتجاجات منع الرئيس الاسد
كافة أجهزة الإعلام من تصوير أو
تغطية الاحتجاجات، وقام نظامه
باعتقال كل من تسول نفسه أو
يحدثها بتسريب أخبار الفظائع
والمجازر من الصحفيين
السوريين، واعتقال وطرد عدد من
مراسلي الصحف ووكالات الأنباء
الأجنبية خلال الأسبوعين
الماضيين، وكل ما نراه على
شاشات الفضائيات إنما يصوّر
بكاميرات هاتفية للمتظاهرين
ومناصريهم. وازدادت
صورة الأسد ونظامه قتامة بعد أن
أخبار معاونتة للأنظمة
الديكتاتورية التي تلاحق
الأحرار من شعبها.. مدينة مدينة،
وقرية قرية، وشارعا شارعا، و
" زنقة زنقة " ، وبيتا بيتا
، فهو من أمد نظام معمر القذافي
بالطيارين والأسلحة لقتل أبناء
شعبه، حيث لا تزال مجازره
تتواصل وتتوالى. لم يعد
بإمكان الأسد وإعلامه أن يكذبا
ويزاودا ويعتبرا زورا أنهما
خارج دائرة التغيير التي تجتاح
المنطقة بقوة، بدعوى أنه متوافق
مع شعبه في مناهضة مشاريع
الاحتلال والهيمنة الغربية
والصهيوينة ، كما لم يعد بمقدور
من كان يتعاطف معه من الكتّاب
والمثقفين العرب وأجهزة
الإعلام أن يتجاهلوا المطالب
المشروعة للشعب السوري في
استعادة كرامته وحريته، أو أن
يلتمسوا لنظام دمشق الأعذار تحت
أي مبرر كان. ======================= بداية
تمدد رياح الديمقراطية في
العالم العربي بقلم
شنكاو هشام* ان
عالمنا العربي اصبح يشهد مرحلة
انتقالية وتحولية يتم التعبير
فيها عن مدي حاجيات هده الشعوب
في رغبتها الي استكمال وتحقيق
ديمقراطية متكاملة تتحقق فيها
العدالة والمساواة الاجتماعية
وهي مطالب الشعوب في شتي
مراحلها التاريخية والعالم
العربي اليوم استطاع ان يغير
مجري التاريخ عن طريق التماس
الخطوات الأولي نحو
الديمقراطية المتكاملة والثورة
التونسية والمصرية لخير دليل
علي ان الشعوب العربية بدأت
تحرر من قيودها واخصها بالذكر
قيود الخوف والاستكانة للذل
وبهدا يمكن القول ان عالمنا
اصبح يستنشق نسائم الحرية
والتغير بعد أطبقت عليه أنظمة
استبدادية ساهمت في تاتير سلبا
علي المشهد السياسي بحيت كرس
لواقع سياسي غير مسؤول عن
الأزمات الاقتصادية
والاجتماعية التي يعاني منها
مجتمعاتنا العربية التي الفت
العيش في دومة الوعود والخطابات
السياسية الوهمية دون الوقوف
علي تنمية حقيقة تضمن للإنسان
العربي الكرامة والعزة
المستدامة ان شعوبنا اليوم
أصبحت تستشف بزوغ مرحلة تمدد
وانتقال رياح الديمقراطية
والتغير من بلد الي أخر من اجل
خلق مناخ ديمقراطي تسود فيه
العدالة الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية ولكن
بالرغم من بروز هدا المناخ
المتجدد تبقي الاسجابة للمطالب
الشعبية غير متوفرة بالشكل
السريع وتواجه بالقتل والعنف ان
الدماء التي تضحي اليوم خصوصا
في ساحات التغير والكرامة هي
التي صنعت هدا بوادر مناخ
متجدد للحرية والكرامة ان
العالم العربي علي بوابة معايشة
واقع جديد بروح ود ماء جديدة
التي سوف تصنع مشهدا سياسيا
متجددا تسود فيه الحرية
والكرامة والديمقراطية النافعة
*باحث
في الشؤون السياسية والعلاقات
الدولية ======================= ياجماهير
الكرد السوريين اتحدوا بدرالدين
حسن قربي بصدور
المرسوم التشريعي رقم 49 عن
رئاسة الجمهورية السوريةيوم
الخميس 7 نيسان/ابريل 2011 القاضي
بمنح المسجلين في سجلات أجانب
محافظة الحسكة الجنسية العربية
السورية، والمعنيون في نص
المرسوم هم الإخوة الكرد الذين
كانوا في مفاهيم النظام البعثي
والأسرة الحاكمة أجانب،فحبست
عنهم لعشرات من السنين،ناضلوا
خلالها طويلاً، وقدموا من
الضحايا الكثير على طريق الآلام
والأوجاع قرابة نصف قرن، كانت
مطالباتهم بحقٍ يواجَه بكثير من
الأعذار والحجج والقهر
والتهجير والاضطهاد، يفترض
أنها أصبحت تاريخاً بدءاً من
اليوم. ومن ثم
فمهما قيل عن المرسوم الصادر
وظروفه التي صدر فيها لإخراج
الأمور عن سياقها أو التصيّد
عليها، فإنه كلام لايلغي البتة
أنه مرسوم استرجع فيه الإخوة
الكرد حقاً من حقوقهم
الوطنية،لم يكن يوماً صدقة من
أحد أو رشوة، وليس فيه منّة من
أحد على أحد. لأن هذا الحق
المسترجع هو في عمومه مكون رئيس
وأساسي للانطلاق فيما يطالب به
كل سوري في معركة الحرية
والكرامة والمواطنة التي تحركت
بها الثورة العارمةالتي يختلف
زخمها من مكان إلى مكان لسبب أو
آخرفي كل أنحاء سورية مطالبةً
بها. فلا يعني أن يكون المرء
حاملاً للجنسية السورية أنه
يتمتع بالمواطنة مالم يكن يتمتع
بالحريات الكاملة والكرامة
الموفورة التي تحققها دولة
القانون والعدالة، وتكفله
الدساتير المدنية الصحيحة،
والممارسات التي تقوم عليها من
انتخابات ديمقراطية صحيحة،
تؤمّن التداول السلمي والمدني
للسلطة وهو ماتسعى إليه ثورة
الشباب السوريين الحالية.وعليه،
فلاأحد ينكر جهاد الإخوة الكرد
في مطالبتهم بحقوقهم ومعهم كل
الأحرار والمنصفين من غيرهم من
الأعراق السورية،كما لابد من
الاعتراف أيضاً باللحظة
التاريخية القدرية الفاصلة
للثورة السورية التي أطلق
شرارتها أطفال بعمر الزهور من
مدينة درعا البطلة عابرةً إلى
المدن والقرى في المحافظات
الأخرى وفي مقدمتها اللاذقية
وحمص،والتي وضعت النظام بعد
أكثر من أربعين عاماً بين والد
وولد في أصعب وأعقد مواجهة
يلقاها مع الشعب السوري بكل
فئاته،مما أرغمه بعد مماطلات
دامت سنين وسنين بوضع قطار
مشكلة الجنسية للإخوة الكرد على
سكة الحل ظناً منه أن هذا حدّ
مطلبهم، وحقيقة الأمور ليست
كذلك، فماذا تفعل الجنسية
والسورييون كلهم يتمتعون بها من
دون حرية وكرامة..!؟فالحرية
والكرامة هي مطلب الجميع عرباً
وكرداً ومسلمين ومسيحيين
ونساءً ورجالاً وأطفالاً
وشباباً. ومن ثم فإن مرسوم منح
الجنسية وإن كان مرحباً به
وخطوة إيجابية، ولكنه يقيناً لن
يوقف مطلب السوريين في عموم
البلاد بالحرية والكرامة. تميز
الإخوة الكرد على مر تاريخهم
بأنهم قوم أولو بأس شديد في
كفاحهم وتضحياتهم، ولقد تميّزت
مواقفهم بالنخوة والرجولة
والشهامة. وهم اليوم مدعوون كما
هم دائماً أن يكونوا يداً واحدة
مع مواطنيهم وإخوانهم الثائرين
على اختلاف طوائفهم ومللهم
وأعراقهم مطالبين بالحرية
والكرامة للسوريين جميعاً
ابتداءً من درعا وحتى آخر سوري
في أقصى بلادنا شرقاً وغرباً
وشمالاً وجنوباً. فياجماهير
الكرد السوريين اتحدوا،
لتكونوا إلى جنب أطفال درعا
وآبائهم وأمهاتهم وفاءً
وتقديراً، وإلى جنب كل الثائرين
السوريين إباءً وعزةًلاسترجاع
حرية وكرامة مغتصبة بقوانين
طوارئ ومحاكم أمنية، وشلل حاكمة
ومنتفعة من لصوص وفاسدين، فلا
يغيب عنكم أنكم والآخرون من
أهلكم وشعبكم في معركة الحرية
والكرامة سواء. فلا يفوتنّكم
شرف المشاركة فيها لأنها معركة
كل أحرار الوطن وشرفائه. ======================= ثورة
شعب سورية في منتصف الطريق من
جمعة الشهداء إلى جمعة الصمود..
حتى جمعة النصر نبيل
شبيب لا شك
في اختلاف مجرى ثورة شعب سورية
عن مجرى ثورة شعب مصر ومن قبل
ثورة شعب تونس، لأسباب عديدة،
فلكل بلد خصوصياته، ولكل شعب
طريقه إلى التحرر من الاستبداد،
ولكن ما لا ينبغي أن يغيب عن
الأذهان هو القاسم المشترك بين
جميع هذه البلدان التي حكمها
الاستبداد لعقود عديدة،
والقاسم المشترك لإرادة التحرر
بين جميع هذه الثورات التي
يطلقها جيل المستقبل من عقالها،
ويصنع المستقبل من خلالها. خصوصيات
الثورة في سورية فاجأت
ثورة تونس القاصي والداني، كما
فاجأت مصر بأن تصبح هي بالذات
المحطة الثانية للثورات
العربية، ثم أن يصنع شعبها ثورة
سلمية بطولية تسقط نظاما
استبداديا شموليا عاتيا خلال 18
يوما.. فأصبحت هاتان الثورتان
مصدر المعايير والآمال لدى كل
من يراقب اندلاع الثورات
التالية في اليمن وليبيا وسورية
وسواها.. وهذا ما يستدعي وقفة
موضوعية لبيان ما يصحّ ولا يصحّ
من مقارنات جارية. 1- فوجئ
الاستبداد في تونس ومصر بينما
أصبحت الثورات نفسها وحقيقةُ
أنّها تنطلق من الشعوب وليس من
أحزاب وجماعات معارضة تقليدية،
أمرا منتظرا لدى كل نظام
استبدادي آخر، فغاب مفعول عنصر
المفاجأة، هذا صحيح... ولكنّ
الثابت بالمقابل أنّ الأنظمة
الاستبدادية الأخرى لم تستفد من
غياب هذا العنصر، فإذا بها
تكرّر ما صنع الاستبداد في تونس
ومصر بأسلوب القمع دون جدوى،
وهذا ممّا يجعل سقوطها محتما
كسواها. 2-
سلمية الثورتين في تونس ومصر
رغم التضحيات الجسيمة عامل من
عوامل النصر الأول الذي تحقق
بإسقاط النظام (وما زال طريق
الثورة للبناء القويم طويلا
وصعبا) وهذا ما يسري الآن على
اليمن، ولا يسري على ليبيا –حيث
كل ما يصنعه الاستبداد منذ
ولادته شاذّ عن المعقول- إذ
استدرجت دمويةُ الحاكم الثوار
إلى حمل السلاح مبكرا نسبيا،
ورغم ذلك يبقى سقوط الاستبداد
في ليبيا محتما أيضا، إنّما
أصبح حجم التضحيات الشعبية
كبيرا والخطر الخارجي جسيما..
وهذا ممّا نشر السؤال عن دموية
العنف الذي يواجه به الاستبداد
في سورية الثوار وثورتهم
السلمية، هل يمكن أن يؤدّي إلى
صدام داخلي مسلّح؟.. هل يمكن أن
يصبح نسخة عن مجرى الثورة في
ليبيا؟.. هذا أمر بعيد الاحتمال
للغاية، فالأرجح أن تستمرّ
الثورة السلمية، وأن يوغل
النظام الحاكم رغم ذلك في سفك
الدماء في العنف الدموي فتعظم
التضحيات، إنّما يبقى انتصار
الثورة محتما. 3- لعب
النظام الحاكم في سورية لزمن
طويل بورقة قضية فلسطين،
والمقاومة، وما يسمّى
بالممانعة.. وهذا ما لا يزال
يدفع كثيرا من المخلصين –لاسيما
من منطلق قومي عربي- إلى الوقوف
موقف التردد (أو الرفض) تجاه
ثورة شعب سورية ضد النظام
الحاكم.. وهنا يجب بيان عدة أمور
أساسية: - إن كل
رفض أو تردّد يعني القبول
بمعادلة مرفوضة من حيث الأساس:
استعباد شعب سورية ثمن العمل
لتحرير فلسطين وشعبها،
فالاستبداد مرفوض ولا يوجد شيء
يبرّره، جملة وتفصيلا.. - حرية
الشعوب شرط حاسم لتعبئتها في أي
معركة تحرير مصيرية، فمن يصدق
في الحرص على قضية فلسطين، وجب
أن يصدق في تأييد تحرير شعب
سورية من الاستبداد، ومن يصدق
في رفض الهيمنة الأجنبية، يجب
أن يحرّر سورية من الاستبداد
الذي يجعلها عرضة للمساومة
الدائمة مع القوى الدولية.. - ثم
إنّ المقاومة لم تكن من صنع
النظام الحاكم في سورية، فهو
يحظر تشكيل أي منظمة مقاومة في
سورية.. بل كان من وراء توجيه
الضربات إليها في لبنان (ابتداء
بمذبحة تل الزعتر) ثم جعل من دعم
ما جدّ منها في الساحة
الفلسطينية ورقة يستخدمها وليس
أمانة يحملها.. - إنّ
قيمة احتضان المقاومة المشروط
من جانب النظام الاستبدادي في
سورية قيمة نسبية، ترتبط بواقع
الحرب على المقاومة من جانب
أنظمة استبدادية أخرى في
المنطقة، وهذه معادلة أسقطتها
حقبة الثورات العربية، ولن يمضي
وقت طويل إلا وتفقد مفعولها
تماما، وهو ما يفرض السعي
لاستعجال تحقيق التغيير الجذري
في سورية ودعمه في سواها،
للتلاقي على احتضان حقيقي
للمقاومة من أجل تحرير كل أرض
وكل شعب في المنطقة.. -
أصبحت الممانعة عنوانا "سياسيا"
مقابل الهيمنة الأجنبية، إنّما
لا يوجد على صعيد ثوار جيل
المستقبل، ولا في صفوف المعارضة
في سورية وخارج سورية، أي طرف
على الإطلاق يقبل بالاستعانة
بقوة دولية أيضا كانت، ومهما
بلغت التضحيات الذاتية، فورقة
الممانعة التي يستخدمها النظام
يمكن أن يسري مفعولها (بشروط لا
مجال للتفصيل فيها) على "الخارطة
الرسمية لدول المنطقة"، ولكن
لا مكان لها في العلاقة داخل
سورية بين الشعب الثائر والحاكم
الاستبدادي، إنّما المعادلة
هنا هي: استبداد وفساد وطغيان من
جهة، وإرادة شعبية وتحرر مشروع
وثورة سلمية من جهة أخرى. ثمّ لا
بد من تأكيد أن الاستبداد
الدولي عبر الهيمنة والاستغلال
والعدوان لم يجد -ولا يمكن أن
يجد- طريقا إلى المنطقة العربية
والإسلامية، إلا عبر واقع الضعف
والتخلف والعجز، وجميع ذلك ممّا
يصنعه الاستبداد المحلي، سواء
رفع راية الممانعة مع المساومة
على القضايا المصيرية أو راية
التبعية مع التواطؤ على القضايا
المصيرية. 4- لعب
النظام الحاكم طويلا بورقة
الفتنة الطائفية، وحاول مواصلة
ذلك بعد اندلاع الثورة، ولكن
سرعان ما كشفت الثورة زيف هذه
الورقة، وحاول شبيه ذلك لتحييد
المواطنين الأكراد (عشية جمعة
الصمود) وهي محاولة بائسة أيضا،
فالاستبداد شامل للجميع،
ومرتكزات الاستبداد مرفوضة
مهما كان توجهها الطائفي أو غير
الطائفي، والثوار يتحركون وهم
من جميع أطياف الشعب السوري،
ولم يكن للفتن الطائفية
والحزبية والعصبية وغيرها وجود
قبل وجود النظام الاستبدادي
الحالي، ولن يكون لها بقاء بعد
سقوطه.. 5- توجد
مخاوف عامة ملحوظة لدى بعض
الفضائيات، التي أصبح دور أساسي
في كسر التعتيم الإعلامي
الاستبدادي، وهي ملحوظة أيضا
لدى بعض القوى السياسية في
المنطقة العربية، نتيجة ما عُرف
عن النظام السوري من بطش دموي
رهيب (مذابح حماة وتدمر
وصيدنايا شواه على ذلك أشهر من
سواها، وسواها كثير).. إنّما لا
ريب في أن استمرار بقاء
الاستبداد يعني استمرار بطشه
الدموي، فهو يمارسه عبر تلك
المذابح وخارج نطاقها، حتى
أصبحت المعتقلات تستقبل البشر
دون انقطاع، فإن خرجوا منها
أحياء فهم كالأموات جسديا
ومعنويا، إلا نادرا، والتعذيب
ينال حتى الأطفال كما صُنع مع
أطفال درعا الثائرة.. والقتل في
الشوارع عن طريق الأجهزة
القمعية، يجري علنا وتحت أقنعة
"الشبيحة" على غرار "البلطجية"..
وقد يكون ثمن الانتصار من
التضحيات عبر الثورة كبيرا،
ولكنه دون ريب دون الثمن الذي
يدفعه شعب سورية، باستمرار،
يوما بعد يوم، وسنة بعد سنة، منذ
وصول الحكم الاستبدادي الحالي
إلى السلطة على امتداد 48 سنة. لقد
أدرك شعب سورية هذه المعطيات،
وتحرّك بثورته مستعدا للتضحية
حتى يتحقق الانتصار الأول،
بإسقاط النظام، ولم يصدر عن
النظام الحاكم حتى الآن، ما
يشير إلى استيعابه لتلك
المعطيات، فلا يزال يراوغ وهو
يجمع ما بين البطش الدموي
الشديد، والإغراء بخطوات جزئية
ناقصة ومتأخرة، تحت عنوان "إصلاح"
لا يملك أن يصنعه بنفسه بسبب
استبداده وفساده، ويأبى أن يسلك
طريقا "وطنيا جامعا"
ليكتسب أي عمل إصلاحي مصداقية
ما لدى الشعب الثائر. مراوغات
الاستبداد في سورية سورية
ليست تونس ولا مصر، وليست اليمن
ولا ليبيا.. سورية دولة الممانعة
والمقاومة، دولة رئيس يؤيده
شعبه، وفيها إصلاحات جارية، ضمن
إطار دستوري، ولكنها تتعرّض
لمؤامرة خارجية، وفتنة طائفية،
لا تثير إلاّ فئات محدودة من
المشاغبين والمغرّر بهم، عن
طريق المندسين بينهم.. والقتلى
هم ضحايا الفتنة، والقتلة لا
علاقة لهم بالأجهزة "الأمنية"..
ومظاهرات التأييد ليست مصنوعة
صنعا، وما أصبح معروفا من
مظاهرات شعبية لا يطالب إلا
بدعم مسيرة "الإصلاح"
الرسمية.. يمكن
الاسترسال طويلا في تعداد مثل
هذه العبارات (التي تصب زيت
الإنكار على نار الثورة)
الجارية ليلا ونهارا على ألسنة
المسؤولين في سورية، وأجهزة
إعلامهم، وهي ممّا يذكّر بتلك
العبارة القصيرة على لسان وزير
الخارجية المصري السابق أبو
الغيط، عندما سئل عن احتمال
انتقال ثورة تونس إلى مصر فأجاب
باقتضاب: "كلام فارغ!".. (وورد
سواها من بعد.ز دون جدوى) وإذا
بالثورة تندلع بعد ثلاثة أيام
في القاهرة وأخواتها، لتودي به
وبمختلف المرتكزات الاستبدادية
الفاسدة الأخرى في نظام، كان
أقوى وأشد وأرسخ من النظام
القائم في سورية.. رغم كل ما يقال
عنه. لم
يستطع حاكم ليبيا استيعاب أن
يثور الشعب عليه.. وهو مَن هو،
فأشعل في البلد فتنة دامية
كبرى، ولم يستطع حاكم اليمن
استيعاب أن رياح الثورة وصلت
إلى اليمن فاستمات في التشبّث
بكرسيه فوق ضحايا الثورة
السلمية.. ولم يستطع حاكم سورية
استيعاب أن تنطلق جماهير الشعب
التي لم تعرف من قبل سوى
الأسدين، الأب والابن، ولم تعرف
سوى حزب البعث "قائد الدولة
والمجتمع" وفق ما أُقحم من
تعديلات على الدستور، فكرّر
الاستبدادُ ما قال به سواه من
عبارات، وأطلق ما أطلق سواه من
اتهامات، ولكن اتبع طريقا
اعتبره مختلفا عن طريق سواه في
مواجهة الثورة، وكل حكم
استبدادي يعتبر "طريقه"
طريقا آخر، فيحسب نفسه قادرا
على البقاء وإن سقط سواه. لقد
جمع بشار الأسد بين إجراءات
يعتبرها هو تلبية للمطالب
الشعبية وخطوات إصلاحية، وبين
قمع دموي عنيف، قتلا واعتقالا
ليكسر إرادة الشعب من وراء
مطالبه المشروعة. على
سبيل المثال: -
عندما عُزل محافظ درعا الثائرة
باعتباره أوّل المسؤولين عن
إراقة الدماء في المسجد العمري
وحوله في الأسبوع الأول من
الثورة، أرسل النظام في الوقت
نفسه "البلطجية الرسمية"
التي تحمل اسم إحدى الميليشيات
الأمنية المسلحة العديدة،
بقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس..
لترتكب أضعاف ما ارتكبه المحافظ
المعزول من قمع دموي. -
عندما أُطلق سراح 18 طفلا من
أطفال المدارس كان قد اعتقلهم
النظام الحاكم في اليوم الأول
لثورة درعا وظهرت آثار "التعذيب"
على أجسادهم بوضوح، اعتبر ذلك
من باب "تلبية مطالب أهل درعا"،
واعتقل في الوقت نفسه عشرات من
الناشطين في منطقة حوران نفسها،
أي حيث تقع درعا والصنمين
وسواهما من المدن والبلدات
الثائرة جنوب سورية. -
عندما أُطلق سراح عدد من
المعتقلين والمعتقلات بسبب
احتجاجٍ للمطالبة بالإفراج عن
معتقلين سابقين، اعتُقلوا أمام
وزارة الداخلية بدمشق عشية
اندلاع الثورة (ولم يطلق سراحهم
جميعا بل احتفظ السجّان ببعضهم)
اعتبر هذه الخطوة الجزئية أيضا
"هدية" من جانب مقام
الرئاسة، وقد بلغ جميع من أطلق
سراحهم في هذه الأثناء في حدود
400 أو أكثر قليلا، إنّما اعتُقل
أضعاف هذا العدد خلال الفترة
نفسها في جميع أنحاء سورية، مما
شمل دمشق وحمص واللاذقية
وبانياس وغيرها. -
عندما أعلن عن "مرسوم جديد"
ليحصل سكان الحسكة وما يجاورها
من المواطنين الأكراد على
الجنسية السورية التي حُرموا
منها لعدة عقود، على أمل ألا
يشارك الأكراد في ثورة إخوانهم
من أنحاء سورية، استبق النظام
هذه الخطوة بنشر الجيش في
مدينتي اللاذقية ودرعا تخصيصا،
حيث كانت مشاهد القمع الدموي
مقابل ارتفاع نسبة حشود
المتظاهرين وديمومة احتجاجهم
السلمي أظهر للعيان من مدن أخرى. -
ولأول مرة يتحدّث النظام الحاكم
عن موعد لإنهاء العمل بحالة
الطوارئ القائمة منذ 48 سنة، وفي
الوقت نفسه يدور الحديث عن
قانون بديل، لا أحد يشكّ في أنّه
سيستبيح الاعتقالات العشوائية
والمحاكمات التعسفية على غرار
ما كان يجري استنادا إلى حالة
الطوارئ. هذه
مراوغات لا جدوى منها.. ولهذا
تقول الثورة على ألسنة شبابها
وشيوخها ونسائها ورجالها: لن
يوقف الثورة ما تطلقونه من
إغراء بالوعود وترهيب بالقمع. هذا ما
ثبت على أرض الواقع في سورية
التي انطلقت ثورتها يوم 15/3/2011م،
وقد كانت تلك الخطوات الرسمية
المتوالية تتوزع على أيام
الأسبوع وتبلغ مداها "يوم
الخميس" استباقا لِما يُنتظر
يوم الجمعة، بعد أن أصبح من
الرموز المميّزة للثورات
العربية، وهو ما يسري على
سورية، ويمكن لكاتب هذه السطور (صباح
الجمعة 8/4/2011م) أن يؤكّد مسبقا
أنّه يوم آخر يحمل عنوان "جمعة
الصمود" وسيكون شاهدا إضافيا
على استمرار الثورة في سورية،
وأنّ ما سيشهده من أساليب
التعبير عن رفض الشعب
للاستبداد، وسعيه لاستعادة
حريته وكرامته ودولته، سيتجاوز
ما كان في يوم الجمعة السابق،
جمعة العزة، والذي سبقه، جمعة
الكرامة. مستقبل
الثورة في سورية لقد
أفلس حكم الاستبداد والفساد في
سورية على كل صعيد، ولم يعد شعب
سورية قادرا على تحمّل بقائه،
ناهيك عن تفجّر إرادة الثورة
عليه، ولهذا أصبح سقوط
الاستبداد والفساد محتما. يتداول
شباب الثورة هذه الأيام مقارنات
بين ما أصبحت سورية عليه اليوم
وما كانت عليه قبل وصول حزب
البعث إلى السلطة عام 1963م، بزعم
إنهاء حالة الانفصال (نهاية
الوحدة بين مصر وسورية) ولكن دون
أن يحقق الوحدة ولا أن يسعى
إليها من بعد، ثم وصول الأسد
الأول إلى السلطة (عام 1970م) عبر
نزاعات وانقلابات حزبية
متتالية، تحت عنوان حركة
تصحيحية، ولم تعرف سورية منذ
ذلك الحين أي "خطوة تصحيحية"
إلا في اتجاه ترسيخ الاستبداد
الهمجي والفساد الفاحش. إنّ
الحديث الرسمي عن الازدهار
الاقتصادي لا ينقطع.. إنّما تكفي
الإشارة لبيان "حجمه" إلى
أن قيمة الليرة السورية كانت
تعادل آنذاك ما يناهز الدولار
الواحد وأصبح الدولار الواحد
الآن يعادل زهاء 45 ليرة سورية..
وما عرفت سورية البطالة إلا
بنسبة متدنية للغاية وهي الآن
في حدود 40 في المائة، وكان شعب
سورية عموما "طبقة متوسطة"
فأصبح طبقة فقيرة بمجموعه، إلا
فئة الفاسدين المنتفعين في
السلطة ومن خلالها. وأصبحت
سورية في المرتبة 150 في مؤشر
الشفافية العالمية لعام 2009 من
أصل 180 دولة في العالم، وفي
المرتبة 165 في مؤشر حرية الصحافة
من أصل 175 دولة، وفي المرتبة 140
في مؤشر الحرية الاقتصادية من
أصل 180 دولة، وفي المرتبة 152 في
مؤشر الديمقراطية من أصل 167
دولة، وفي المرتبة 128 من أصل 215
دولة في استخدام الشبكة
العالمية، وفي المرتبة 115
عالمياً في مؤشر الدول الآمنة،
وتحتل "دمشق" العاصمة
المرتبة الثامنة عالميا من حيث
غلاء العقارات.. ولو وجد مؤشر
مشابه عن "الإبداع في
الاستبداد والفساد" فلربّما
احتلت المرتبة الأولى.. في هذا
الميدان فقط!.. لا
غرابة إذن أن تثور فئات الشعب
جميعا مع شباب الثورة، ومنهم
كثير من الطلبة، الذين يعلمون
ما يعنيه هبوط مستوى الجامعة
العريقة في دمشق –مثلا- إلى
المرتبة 73 عربيا والمرتبة 5900
عالميا. وقد
عرفت سورية الحكم النيابي
بتعددية حزبية في الخمسينات من
القرن الميلادي العشرين ما بين
الانقلابات العسكرية، ثم في
فترة الانفصال جزئيا، ثم تحوّلت
مع حزب البعث (أو بقايا.. فقد
اختطفته يد الأسد الأول) إلى
دولة الحزب الواحد.. على غرار
الأنظمة الشيوعية البائدة كما
كان الدستور السوري بعد
الاستقلال نموذجا على المستوى
العربي على الأقل، ولم يبق منه
ما يستحق الذكر بل أصبحت كل
محاولة لتعديله أمرا مستحيل
التحقيق، فلا ينفع معه ترقيع،
بل لابدّ من إلغائه جملة
وتفصيلا ووضع دستور معتبر جديد..
وبدأ
عهد الأسدين باحتلال الجولان (كان
الأسد الأب قائدا لسلاح الطيران
آنذاك.. فأصبح بعدما قيل عن دوره
في تسليم الجولان دون قتال
وزيرا للدفاع ثم انقلب على رفاق
دربه ليحتل رأس السلطة).. ومن
قبيل الأوهام المضحكة المبكية
تصوّرُ أن تتحرّر الجولان قبل
أن تُسقط الثورة هذا العهد. حتّى
ما يعتبره الأسدان إنجازا.. في
لبنان، كان حصيلة توافق مع
القوى الدولية آنذاك على قبول
السيطرة على لبنان وعدم التعرّض
للحكم الاستبدادي في سورية،
مقابل إنهاء وجود المقاومة
الفلسطينية في لبنان بعد
الأردن، وعدم فتح أبواب قيامها
في سورية. بل إن
منظمة "حزب الله" وما
مارسته من مقاومة في لبنان،
نشأت خارج نطاق الإرادة
السياسية السورية في جنوب لبنان
الذي لم تكن القوات السورية
تقترب منه حسب التوافق الضمني
مع الإسرائيليين، حتى إذا فرضت
المنظمة نفسها في الساحة
اللبنانية، بدأ التحوّل إليها
–إلى جانب التحالف مع إيران
إقليميا- لتصبح ورقة أخرى من
أوراق تحقيق هدف النظام في
سورية: البقاء. ويمكن
استيعاب أن تتخذ منظمة المقاومة
الإسلامية حماس موقفا مترددا
تجاه الحكم في سورية، ففي عصر
"حصار المقاومة الإسلامية"
باتت تجد لنفسها متنفسا للكلام
–وليس للعمل والتدريب وما شابه
ذلك- في سورية، إنّما لا يجهل
أحد أنّ مقاومة حماس وسواها
نشأت خارج الحدود السورية، وليس
في سورية نفسها، ناهيك عن الزعم
أنّها نشأت بدعم النظام الحاكم. ليس
السؤال الواجب طرحه: هل تملك
الثورة مقومات الانتصار في
سورية، إنّما هو: هل يملك هذا
النظام مقومات البقاء؟.. إنّ
جميع ما يوجب سقوط نظام
استبدادي فاسد مراوغ، من
الأسباب الموضوعية قد تراكم
بعضه فوق بعض.. بل يكاد يمكن
القول إنّ حتمية الثورة عليه لا
تقتصر إطلاقا على ما صنعته حقبة
الثورات العربية انطلاقا من
تونس، ولكن أصبحت دون ريب مصدر
قوة إضافية، ضاعف اليقين لدى
شعب سورية الثائر، أنّه قادر
على إسقاط نظام عاتٍ كما صنع
سواه.. ولدى شعب سورية من الوعي
ما يكفي لشق طريقه نحو تحقيق
النصر المحتم بمنطق التاريخ
ومنطق الواقع القائم. وكما
صنع نظام الاستبداد والفساد في
سورية بنفسه جميع المقدّمات
لاندلاع الثورة، يصنع بنفسه
الآن في محاولة مواجهتها جميع
أسباب امتدادها وازدياد قوتها،
من خلال قمع دموي يزيد اليقين
بأن نهاية القمع تفرض نهاية
النظام أولا، ومن خلال مراوغات
سياسية، لم تكن تنطلي من قبل
وأحرى بها ألا تجد صدى لها الآن،
ومن خلال إجراءات ترقيعية
متأخرة، يدرك شعب سورية أنّ
الاستبداد والفساد باقيان مهما
حاول النظام أن يستبق بها خطى
الثورة. إن
جوهر الاستبداد هو وجود أفراد
مستبدين اصطنعوا آليات
الاستبداد، يحكمون بمراسيم
رئاسية ومظاهر التقديس للفرد
والحزب، والعمل الدائب على
الإيقاع بين فئات الشعب الواحد..
وإن جوهر الفساد هو وجود أفراد
فاسدين، يفسدون الدستور
والقوانين والمؤسسات لتصبح "أوعية"
لممارسة الفساد ونهب الثروات..
ولهذا لا يمكن أن ينتهي
الاستبداد والفساد بمراسيم
وقوانين فاسدة ومؤسسات
استبدادية، وإنّما باقتلاعها
من جذورها، وإلغاء ما تعتمد
عليه من نصوص دستورية وتقنينية
فاسدة، وإسقاط ما يُعتمد من
آليات تنفيذية. يدرك
النظام ذلك فيلجأ للقمع الدموي..
ويدرك الشعب ذلك فيلجأ إلى
الثورة السلمية.. والتضحيات،
وتلك معادلة كل ثورة تنتصر،
ولهذا تزداد معالم انتصار
الثورة في سورية وضوحا، شهيدا
بعد شهيد، معتقلا بعد معتقل،
مرسوما بعد مرسوم، ويوما بعد
يوم، جمعة بعد جمعة.. إلى أن يصبح
ميدان الشهداء (المرجة) أو ميدان
العباسيين في دمشق وأمثاله في
المدن السورية الأخرى، ساحات
للاحتفال بانتصار الثورة على
النظام، والشعب على الطغيان،
والحق على الباطل. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |