ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الشهيدة أم أيمن.. وجيل الثورة

مع مرور 30 عاما على اغتيالها رحمها الله

نبيل شبيب

كان ممّا خاطبت الشهيدة به زوجها، وتضمّنه كتيّب "كلمات":

(كم أتمنّى يا عصام- وهذا جزء من ضعفي البشري وشعوري الإنساني لم أستطع التخلّص منه بعد- أن نعود قبل موتنا إلى دمشق، وأن نقضي ما بقي من حياتنا –إن كان في حياتنا بقية- هناك، وأن نُدفن –عندما يُحَمُّ أجلنا- في تربة الدحداح أو الباب الصغير.. ولكن يبدو لي –والموت يتعقّبنا في كلّ مكان- أنّنا سنُدفن في الغربة كما عشنا في الغربة.. بعيداً بعيداً عن الأهل والوطن).

استشهدت أم أيمن، ابنة الشيخ الجليل علي الطنطاوي رحمه الله، وزوج معلّم الجيل عصام العطار حفظه الله، يوم 17/3/1981م، ودُفنت في الغربة، بعيداً بعيداً عن الأهل والوطن، وقد حرمت وأسرتها من الأهل والوطن، لا لذنب إلاّ أنها كانت مع زوجها ترهن حياتها ومماتها للعمل من أجل الأهل.. أهل سورية جميعا، والوطن، الوطن السوري كلّه، بينما كان الأهل والوطن في قبضة الاستبداد والفساد.

وتابع زوجها عصام العطار الطريق، طريق الدعوة في سبيل الله، والجهاد ضدّ الاستبداد والفساد، والعمل من أجل الإنسانية والإنسان، والتحرّر والأحرار، والحق والكرامة والعدالة.. تابع الطريق ثلاثين سنة متوالية بعد حرمانه ممّن يخاطبها بقوله:

 

"بَنَانُ" يا أُنْسَ أَيّامي التي انْصَرَمَتْ    ولَيْسَ يومُكِ في قلبي بِمُنْصَرِمِ

ويا رفيقَـةَ دَرْبـي والدُّنـا ظُـلَمٌ    شُقُّ دَرْبَ الهُدَى في حالِكِ الظُّلَمِ

 

ولا يزال وقد تجاوز الثمانين كما عرفناه لأوّل مرة أيّام الصبا قبل زهاء خمسين عاما، خطيبا في مسجد الجامعة في دمشق يصدع بالحق في فترة عقد الخوف فيها الألسنة وحطّم الأقلام:

 

وَما سَمِعْت مَقـالاً لا يُجَـسِّـدُهُ    صِدْقُ الفِعـالِ يُرَبِّـي خيرَةَ الزُّمَـرِ

مُذْ كُنْتُ أُكْبِرُهُ  في الشَّامِ يَخْطُبُها    فَالحَقُّ يَصْدَعُ وَالطَّاغـوتُ في قَهَـرِ

ما هانَ يَوْماً وَلا هانَتْ عَريكَتُـهُ    لِمـا تَتـالى مِـنَ الأَحْقـادِ وَالنُّـذُرِ

وَفي النَّوائِبِ قَدْ حارَ الحَكيمُ بِهـا    تَـراهُ يَشْمَخُ  مِثْلَ الطَّوْدِ لَـمْ يَحَـرِ

وَذي "الشَّهيدَةُ" في العَلْياءِ راضِيَةٌ    عَنْ قَلْبِ زَوْجٍ عَظيمِ الحُزْنِ لَمْ يَخُـرِ

جَريمَةٌ هَزَّتِ  الدُّنْيـا بَشاعَتُهـا    وَفي المَدامِعِ لَـمْ يَجْـزَعْ مِنَ الغِيَـرِ

وَفي الثَّمانينَ حَوْلاً لا يُطاوِعُهـا    إِنْ تَشْكُ مِنْ ثِقَـلِ  الأَعْباءِ يَنْتَـهِـرِ

 

أختاه الشهيدة.. يا من كنت تقولين وتكتبين:

(كيف لا أكون متفائلة ونورُ الله يعمر قلبي، ويضيء عينيّ ودربي، وأنا أحسّ وأوقن –مهما ضاقت الدنيا، واشتدّت الظروف- أنّ الله معنا، يسمعنا ويرانا.. وأنّ الحق الذي نؤمن به، ونجاهد من أجله، لا بدّ أن يكون له النصر على الباطل.. وأنّنا سنفوز –إن صدقنا وصبرنا- بإحدى الحسنييْن: النصر أو الجنّة).

أختاه الشهيدة.. يا من كنت تخاطبين إخوتك وأخواتك فتقولين:

(ألا فلْنهاجرْ -أيها الإخوة والأخوات- إلى اللهِ بقلوبنا وعقولنا وحياتنا، فلْنهاجرْ إلى كتاب اللهِ وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلى هداية الإسلامِ في كلِّ مجال، ولْننطلقْ بالإسلام، ومنَ الإسلام، لنعيد بناء أنفسنا من جديد، وبناء مجتمعنا من جديد، وبناء عالمنا من جديد).

أختاه الشهيدة.. كأنّني بك تلهجين بشكر الله في العلياء وأنت تبصرين جيل "الإخوة والأخوات" من الشبيبة في بلادك، سورية وأخواتها، وقد انطلقوا على الطريق، يواجهون الاستبداد والفساد ثائرين ثابتين صامدين صابرين، ويقوّضون صروحه المهترئة، صرحا بعد صرحا، فيرتعد لمرآهم الطاغوت في أرضهم، والطاغوت في عالمهم، ويستبشر بهم الأخيار الأحرار في كل أرض وتحت كلّ سماء..

أختاه الشهيدة.. ما كان دم الشهادة ليضيع هدرا وقد وعد الله تعالى العاملين المجاهدين الصادقين بعونه ونصرته، ما كانت دعوات المظلومين المحرومين من حرياته وحقوقهم لَتُحجب عن السميع البصير القدير، فهذا أملُك وتفاؤلُك بالمستقبل المضيء بانتصار الحق وإزهاق الباطل يتحقّق بإذن الله، ويوشك أن يعمّ أرض العرب والمسلمين والعالم بنور الكرامة والعزّة والهداية، على أيدي جيل كنت طوالِ حياتك المعطاءة تتفاءلين بأن يتحقق النصر على يديه، وقد أوشك يتحقق، وأن تغمر العدالة والكرامة والعزة والحرية حياته، وقد أوشكت.. رغم ما يلقاه من صلف الطاغوت وعنته، وبطشه وجبروته.

لقد أبصر جيل الثورة على الاستبداد والفساد طريقه، ومضى.. فهيهات هيهات أن تصل به عزيمته وتضحياته إلاّ للنصر الموعود، وأن تسفر ثوراته المباركة إلاّ عن إظهار الحق وإزهاق الباطل، ودحْر الطغيان راغما وسقوط الفساد والإفساد إلى حيث يستحقّ الفاسدون المفسدون في الأرض.

أختاه الشهيدة.. أدعو الله تعالى أن يزيدك وأخواتك وإخوانك من الشهداء نعيما كما وعد، وأن يثبّت أقدامنا على الطريق الذي مضيتِ عليه غير عابئة بالغربة والتشريد، والملاحقة في أنحاء الأرض بالرصد والكيد ومحاولات الاغتيال المتعددة.. فلئن تحقق للمجرم ما أراد يوم استشهادك عند باب بيتك، فنصيبُه سخطُ الله تعالى في الدنيا والآخرة، وتحقق لك أنتِ ما تطلّعت إليه من رضوان الله ومغفرته وجنّة عرضها السموات والأرض –كما وعد جلّ وعلا- لتكوني مع الأنبياء والصديقين والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، ولسوف نبقى من بعدك بإذن الله على العهد كما كنت تردّدين (سنفوز –إن صدقنا وصبرنا- بإحدى الحسنييْن: النصر أو الجنّة).

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ