ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
النظام
السوري في مواجهة السقوط د.
بشير زين العابدين أكاديمي
سوري ثمة
تشابه كبير بين سرعة تولي بشار
أسد الحكم عام 2000، وبين فقدانه
جميع مقومات الاستمرار في
الرئاسة عام 2011، فقد كان بإمكان
بشار الشاب أن يمثل نموذجاً
لحاكم شعبي يدعم الإصلاح ويحارب
الفساد، إلا أنه اختار الصورة
البائسة للدكتاتور المستبد
الذي يقمع المعارضة ويستند إلى
أجهزة الأمن، ويوزع مقاليد
السلطة وثروات الوطن بين أفراد
عائلته ومقربيه. إلا
أنه ليس من الإنصاف اختزال تردي
وضع النظام السوري في شخص بشار،
الذي ورث حكماً عائلياً غير
قابل للإصلاح أو التطوير، خاصة
وأن المحافظة على بنية الحكم
الشمولي تتطلب السيطرة على
مقدرات الدولة وتوزيعها في إطار
دائرة مغلقة، ويُعتبر قانون
الطوارئ وحكم الحزب الواحد
الدعامتان الأساسيتان لاستمرار
هذا النمط من الحكم الاستبدادي. لقد
ظهرت علامات تصدع النظام جلية
في إعراض الرئيس عن الاستجابة
لمطالب الشعب، واتهامهم
بالتآمر، واتخاذ إجراءات شكلية
تمنع التغيير الحتمي، ومن ثم
ارتكاب قوى الأمن جريمة قتل
جماعي للمرة السابعة في أقل من
ثلاثة أسابيع. وفي
هذه الأثناء كانت السمة البارزة
للنظام هي الارتباك المتمثل في:
تضارب تصريحات المسؤولين،
ومخالفة أجهزة الأمن لتعليمات
القصر الجمهوري، وتبني سياسة
القمع والاعتقال الجماعي،
واختزال مشاريع الإصلاح الكبير
في نقل بعثي معتّق من منصب وزير
الزراعة إلى رئيس للوزراء. وإذا
كان النظام السوري قد اتخذ
التدابير الكفيلة بسقوطه في وقت
قياسي، فإنه يتعين استعراض أبرز
العوامل الداخلية والخارجية
المفضية إلى ذلك السقوط، والتي
يمكن إيجازها فيما يأتي: أولاً:
العوامل الداخلية 1-
العناصر الجديدة في المعادلة
السياسية: تركزت
جهود أجهزة الأمن في العقد
الماضي على تفكيك المعارضة
الداخلية، وعزل الأحزاب
السورية في الخارج عن المجتمع،
وأسهمت حالة الخلاف المزمن بين
أحزاب المعارضة، وفشلها في
تشكيل موقف موحد ضد النظام في
تعميق عزلتها، مما أقنع بشاراً
باستحالة قيام أي حركة شعبية
ضده. ولكن
الأحداث الأخيرة أدخلت على
المعادلة السياسية عنصراً
جديداً لم يحسب له النظام
السوري أية حساب، إذ اقتحم
الشباب السوري المحايد ساحة
العمل السياسي بدافع الرغبة في
التغيير السلمي، وليس بدافع
الانتماء الحزبي أو
الإيديولوجي. وفي
مقابل الارتباك الأمني وتطرف
المواقف الرسمية؛ فإن المحتجين
قد اتسموا بالنضج من خلال
التأكيد على الوحدة الوطنية،
والمحافظة على الحراك السلمي،
وعدم الانجرار في مواجهات غير
محسوبة مع المجموعات التي يدفع
بها النظام لنشر الفوضى وارتكاب
جرائم القتل. وكان
الشباب السوري قد استلهم
التجربة التونسية والمصرية
التي أمدتهم بثقة كبيرة في
القدرة على الأخذ بزمام
المبادرة، فتسببت حركتهم
الواعية، ومطالبهم المشروعة،
واحتجاجاتهم العفوية في إرباك
النظام. ويذكر
أن 77 بالمائة من المجتمع السوري
هم دون سن 35، في حين تقدر بعض
المصادر أن نسبة الشباب السوري
بين سن 15 و35 عاماً تقدر بحوالي 66
بالمائة من أبناء المجتمع. وعلى
الرغم من أن أبناء هذه الفئة
الشباب قد ترعرعوا في ظل هيمنة
البعث وحكم قانون الطوارئ، إلا
أنهم استفادوا من ثورة
المعلومات، وتوفر وسائل
الاتصال، وانتشار القنوات
الفضائية وشبكة الإنترنت، مما
أتاح لهم معرفة حقائق مؤلمة
منها: أن بلدهم يصنف في المركز 97
عالمياً من حيث جودة الحياة،
والمركز 111 لتقدير الناتج
المحلي الإجمالي للفرد،
والمركز 154 من حيث احترام حقوق
الإنسان، وربما أتيح لهم قراءة
تقرير منظمة العفو الدولية الذي
ذكر أن عدد المعتقلين
والمعتقلات في السجون السورية
يتجاوز 17 ألف معتقل. ومن
المثير للاهتمام أن تشمل حركة
الاحتجاجات معظم أنحاء القطر
السوري، بحيث لم يعد من الممكن
تصنفيها وفق أي تقسيم عرقي أو
عشائري، فالاضطرابات غير
المتوقعة في الساحل السوري مثلت
خطورة كبيرة على حركة الاستيراد
والتصدير، وكان لامتداد حركة
الاحتجاج بين الأكراد في المدن
الشمالية دلائل خطيرة بالنسبة
للنظام الذي فشل في احتوائهم من
خلال تقديم الوعود. ونظراً
للتخوف من امتداد حركة
الاحتجاجات إلى مدينة حلب التي
تعتبر مركز الثقل الاقتصادي؛
فقد سارع النظام إلى شن حملة
اعتقالات كبيرة في صفوف
المواطنين، واتخذ إجراءات تهدف
إلى عزل المدينة من خلال تكثيف
التواجد الأمني فيها، وإرسال
تعزيزات عسكرية ترابط في
تخومها، وقطع خدمة الإنترنت
لفترة طويلة عن المدينة
وضواحيها. وتمثل
فئة الشباب عنصر التغيير الأكثر
حيوية وامتداداً، إذ إنها تنبع
من صميم المجتمع السوري، ولا
يمكن للقمع أن يوقف هذا الحراك
المجتمعي، خاصة وأن بنية
المؤسسات الأمنية تعود في
تكوينها وطريقة عملها إلى
ستينيات القرن المنصرم، ولن
ينجح النظام السوري في مواجهة
قوى الإصلاح بهذه الأجهزة التي
لا تعرف سوى سراديب الاعتقال
وأدوات التعذيب. 2-
المتغيرات التي طرأت على
المؤسسة العسكرية: إن
لجوء النظام إلى استخدام القوة
المفرطة مع المحتجين قد جلب إلى
الذاكرة أحداث الثمانينيات من
القرن الماضي عندما قامت بعض
فرق الجيش بارتكاب أعمال قتل
جماعي في كل من: جسر الشغور (مارس
1980)، وتدمر (يونيو 1980)، وحلب (يوليو-أغسطس
1980)، ودمشق (أغسطس 1980)، وأخيراً
مدينة حماة في شهر فبراير 1982،
والتي واجهت حملة عسكرية شاملة
أسفرت عن مقتل حوالي 30 ألف نسمة
أغلبهم من المدنيين. وهناك
تشابه كبير بين المتهم الرئيس
في تلك الأحداث: رفعت أسد، وبين
ابن أخيه ماهر أسد، فقد كانت
معالجة ماهر لأحداث درعا شبيهة
بمعالجة رفعت لأحداث مدينة
حماة، وقد انتقد الباحث في شؤون
الأمن القومي في الكلية الحربية
التابعة للجيش الأمريكي أندرو
تريل اعتماد بشار على أخيه ماهر
الذي وصفه بأنه: "متقلب
المزاج ومفرط في العنف". وعلى
الرغم من التشابه الكبير بين
ماهر وعمه؛ إلا أنه من الصعب
تكرار تجربة الثمانينيات، فقد
نقلت المصادر عن أحد ضباط الجيش
السوري قوله: "تختلف الأوضاع
في سوريا عام 2011 عما كانت عليه
عام 1982، فهناك مئات الآلاف من
الجنود الذين لم يشهدوا سوى
الفساد، واستغلال المناصب من
قبل قادتهم، وسيكون من الخطورة
لبشار أن يمارس اللعبة نفسها"،
وذلك في إشارة إلى المتغيرات
الكبيرة التي طرأت على بنية
الجيش السوري منذ عام 2004، ومن
أبرزها ضعف النزعة العشائرية في
ضباط الصف الثاني من قادة الفرق
والألوية، بالإضافة إلى ارتفاع
نسبة السنة بين قادة الكتائب من
35 بالمائة إلى 65 بالمائة في غضون
خمسة أعوام، وارتفاع نسبتهم في
التشكيلات القيادية التابعة
للقيادة العامة من 38 بالمائة
إلى 54 بالمائة في الفترة نفسها،
ويُعزى ذلك التغير إلى تحسن
أحوال أبناء طائفة الرئيس
وعزوفهم عن الالتحاق بالكليات
العسكرية من جهة، ونتيجة للتوسع
الأفقي للجيش وزيادة عدد
التشكيلات العسكرية الوسطى على
مستوى لواء وكتيبة بنسبة 150
بالمائة من جهة أخرى. وقد
تنبهت مصادر الاستخبارات
الإسرائيلية إلى خطورة هذه
التغييرات على توازن النظام
السوري، حيث نبهت تقاريرهم
الأمنية الصادرة في الأسبوع
الماضي إلى ضرورة إقصاء فرق
الجيش النظامي عن بؤر التوتر
لأنه لا يمكن ضمان ولائها
للنظام في حالة المواجهة مع
الشعب، ففي الوقت الذي يمكن
المحافظة على ولاء فرق النخبة
المرابطة في درعا، إلا أنه ليس
من الحكمة توريط الفرق الأخرى
في عمليات قمع واسعة النطاق في
كل من حماة وحمص ومدن الساحل
السوري، وإدراكاً لذلك فإن
النظام قد قام بتعزيز تواجد فرق
النخبة (الحرس الجمهوري، الفرقة
المدرعة الثالثة، الفرقة
المدرعة الرابعة، سرايا
الصراع، القوات الخاصة) في
مدينة دمشق وضواحيها، بينما لم
تشهد المدن الشمالية تدخلاً
فعلياً للجيش في قمع الاحتجاجات
كما حصل في درعا وريف دمشق، وقد
أكد خبير عسكري غربي أن: "الجيش
السوري سينقسم إذا جرت محاولة
تكرار مذبحة حماة"، وسربت
إحدى الصحف العربية في الأيام
الماضية معلومات عن وجود: "ضباط
مستعدين للمساهمة بدور فاعل في
الإطاحة بنظام أسد متى طُلب
منهم ذلك". ثانياً:
العوامل الخارجية هناك
مشكلة كبيرة بين النظام السوري
ومصطلح "الخارج"، الذي
يأتي في الغالب مترادفاً مع
مصطلح "المؤامرة"، ويمثل
كابوساً لرئيس الجمهورية
ونوابه ومستشاريه وأعضاء
حكومته. ونتيجة
لذلك الخوف؛ فإن نظام الحكم قد
دأب على تسخير إمكاناته للحد من
تواصل الشعب مع الخارج، عبر
تقييد حركة السفر، ومراقبة
وسائل الاتصال، وتوجيه النقد
لوسائل الإعلام الخارجية التي
تقدم طرحاً مغايراً للإعلام
الرسمي. وعلى
الصعيد نفسه فإن أي مبادرة
سياسية معارضة لا بد وأن توسم
بالتواطؤ مع الخارج، ومنها حركة
ما سمي: "ربيع دمشق" (2001)،
التي تعرضت لهجوم رئيس
الجمهورية، ووزيري الدفاع
والإعلام آنذاك، الذين وسموا
القائمين على الحركة من فنانين
ومثقفين بالعمالة وتلقي
الأموال من جهات خارجية. والحقيقة
هي أن الدول العربية والغربية
لا تمثل تهديداً فعلياً للنظام
السوري في الوقت الحالي، فقد
أشارت صحيفة "لوموند" إلى
أن أسد لا يخاف من الضغوط
الخارجية، فالمجتمع الدولي
مشغول بالحملة العسكرية على
ليبيا، وتدهور الأوضاع في
اليمن، في الوقت الذي تتحدث فيه
الحكومة الإسرائيلية عن رغبتها
في استمرار حكم بشار أسد لأنه لا
يشكل أي خطر عليها، كما أن موقف
الإدارة الأمريكية لا يزال
مقتصراً على التنديد الشفهي
بقمع المحتجين. ويأتي
التهديد الحقيقي للنظام السوري
من الخارج عبر مصدرين أساسيين
هما: 1-
أخطاء السياسة الخارجية: تبلغ
حساسية النظام تجاه "الخارج"
إلى درجة توجيه أجهزة الأمن
لمراقبة المعارضين في الخارج
وتصفيتهم، فإدارة الأمن العام
التابعة لوزارة الداخلية تنقسم
إلى ثلاثة أقسام، يختص واحد
منها بالأمن الداخلي، وقسمان
للاستخبارات الخارجية وفرع
فلسطين، وعلى الصعيد نفسه تتولى
شعبة المخابرات العسكرية مهمة
مراقبة المعارضين في الخارج،
وتنسيق عمليات الاستخبارات
خارج القطر السوري، في حين
تُعتبر إدارة المخابرات الجوية
اليد الضاربة لأجهزة الأمن خارج
البلاد، إذ يتواجد عناصرها في
السفارات السورية وفي مكاتب
خطوط الطيران السوري. وقد
وُجهت أصابع الاتهام إلى أجهزة
الأمن السورية في تصفية عدد من
المعارضين في الخارج، منهم على
سبيل المثال لا الحصر: اللواء
محمد عمران (أبريل 1972)، وكمال
جنبلاط (مارس 1977)، وصلاح الدين
البيطار (يوليو 1980)، ورياض طه (يوليو
1980)، وسليم اللوزي (مارس 1980)،
وموسى شعيب (يوليو 1980)، والزعيم
البعثي علي الزين (يوليو 1980)،
وعبد الوهاب البكري في عمان (يوليو
1980)، والسيدة بنان الطنطاوي
التي قتلت في محاولة اغتيال
زوجها عصام العطار في ألمانيا (مارس
1981)، ونزار الصباغ في الذي اغتيل
في إسبانيا (نوفمبر 1981)، والعميد
سعد صايل في البقاع (سبتمبر 1982)،
كما اختطف المحامي السوري في
قبرص نعمان قواف واقتيد إلى
دمشق في فبراير 1982، وتعرض مبنى
مجلة الوطن العربي للتفجير في
باريس في شهر أبريل 1982. واغتيل
الصحفي ميشيل النمري في أثينا
في سبتمبر 1985، وقتل مفتي لبنان
الشيخ حسن خالد عام 1989، كما
توجهت أصابع الاتهام إلى أجهزة
الأمن في سلسلة اغتيالات التي
أودت بحياة مجموعة من المعارضين
للنظام السوري في لبنان عقب
اغتيال رئيس الوزراء الأسبق
رفيق الحريري عام 2005. وبالإضافة
إلى خشية النظام من ردود
الأفعال تجاه جرائم أجهزته
الأمنية في أوروبا والدول
العربية، فإن عنصر التوتر
يتضاعف بسبب النكسات التي تعرضت
لها السياسة الخارجية السورية
في الفترة: (2000-2011)، إذ إن بشاراً
لم يوفق في إدارة الملفات
الخارجية التي كان يديرها والده
بدهاء، ابتداء من فقدان السيطرة
على القضية الفلسطينية عقب
اتفاق أوسلو، ونشاط المعارضة
الكردية بعد تسليم أوجلان،
والتوتر مع الحدود العراقية إثر
الغزو الأمريكي، وإرغام القوات
السورية على مغادرة لبنان بعد
مقتل الحريري، وتعميق عزلة
سوريا عن محيطها العربي نتيجة
الإمعان في دعم مشروع التوسع
الفارسي. وانعكس
سوء إدارة بشار للملفات
الخارجية على بنية نظامه، إذ
إنها تسببت في انشقاق نائبه عبد
الخليم خدام، ومقتل وزير
داخليته اللواء غازي كنعان،
واغتيال مجموعة من ضباط الأمن
بدمشق، وفي هذه الأثناء كان
أهالي المفقودين اللبنانيين في
سوريا (يقدر عددهم بحوالي 730
مفقوداً) يعتصمون أمام مقر
الأمم المتحدة ببيروت، ويشنون
حملة إعلامية تطالب بلجنة تحقيق
دولية للكشف عن مصير ذويهم،
وعلى شاكلتهم قرر أهالي
المعتقلين الأردنيين في سوريا (يقدر
عددهم بأكثر من 230 معتقلاً) عام
2008 رفع دعوة قضائية ضد النظام
السوري أمام المحكمة الجنائية
في بلجيكا، كما أدى اعتقال
السلطات السورية للصحفي
الفلسطيني مهيب النواتي في 18
يناير 2011، إلى إعادة فتح ملف
المفقودين الفلسطينيين في
السجون السورية، حيث طالب رئيس
جهاز الاستخبارات الفلسطينية
الأسبق اللواء توفيق طيراوي
بالكشف عن مصير نحو ألفي
فلسطيني مفقود في السجون
السورية. ويبدو
أن ساعة الحساب قد أزفت بالنسبة
للنظام السوري الذي يواجه
مجموعة قضايا تتعلق بجرائم ضد
الإنسانية، من أبرزها نية
المعارضة الليبية مقاضاة
النظام السوري في المحاكم
الدولية بسبب دعمه للنظام
الليبي، ففي 15 مارس 2011 اقتحمت
مجموعة من المعارضين الليبين
مقر السفارة السورية بباريس،
مطالبين السلطات السورية بوقف:
"دعم إبادة الشعب الليبي
وتحميل دمشق كافة المسؤوليات
والتبعات القانونية الدولية
الناجمة عن ذلك". ولا شك بأن
أعمال القتل الجماعي الموثقة في
درعا وفي سائر المدن السورية،
سيكون لها تبعات قضائية على
أقطاب النظام حتى بعد خروجهم من
السلطة. 2- توتر
علاقة النظام مع المغتربين
السوريين: لا
تتوقف مشكلة النظام مع "الخارج"
عند جرائم أجهزته الأمنية
وأخطاء سياسته الخارجية، بل
تمثل زيادة أعداد المغتربين
السوريين وتضاعف فرص تأثيرهم
على الوضع الداخلي الخطر الأكبر
بالنسبة للحكم؛ ففي الوقت الذي
يبلغ فيه عدد سكان سوريا 22.5
مليون نسمة، قدرت بثينة شعبان
عام 2007 (وكانت وزيرة شؤون
المغتربين آنذاك) عدد المغتربين
السوريين بأكثر من 15 مليون
نسمة، في حين ترفع بعض المصادر
تقديراتهم إلى أكثر من 18 مليون
مغترب، ينتشرون في أمريكا
اللاتينية، وفي الولايات
المتحدة الأمريكية وكندا (500 ألف)،
وفي أستراليا (300 ألف)، وفي
أوروبا ودول الخليج العربي حيث
لا تتوفر أرقام دقيقة لأعدادهم،
إلا أن السفارة السورية في أبو
ظبي أكدت وجود 140 ألف سوري في
دولة الإمارات العربية المتحدة. وتكمن
المشكلة في أن هذا العدد الضخم
من المواطنين قد استنشقوا هواء
الحرية، وأنفوا حياة الانغلاق
والكبت، وهم يمثلون نخبة
المجتمع السوري من أطباء وتجار
وأكاديميين ومثقفين لم يتمكنوا
من تحقيق الحياة الكريمة في
وطنهم فلجأوا إلى "الخارج"،
وبناء على ذلك فإن النظام
يتعامل معهم بخوف وارتياب، حيث
يوظف أجهزة الاستخبارات
لمراقبتهم وكتابة التقارير
الدورية عن أنشطتهم، وتستخدم
السفارات السورية خدماتها
القنصلية كوسيلة للضغط عليهم،
حيث تمتنع عن إجراء معاملاتهم
دون موافقات أمنية، وترفض منح
المعارضين منهم جوازات السفر. ونتيجة
لهذا التعامل العدائي غير
المبرر، فقد أصبح تغيير النظام
أولوية عند ملايين المغتربين
السوريين الذين حُرموا من
أوطانهم عقوداً بسبب التضييق
الأمني والاقتصادي، ولا يمكن
تجاهل الإمكانات المتوفرة
للمغتربين السوريين في دعم جهود
تغيير النظام بالوسائل السلمية
غير المتاحة لمواطنيهم في
الداخل. رهانات
النظام السوري تنخر
عوامل التعرية (الداخلية
والخارجية) في بينة النظام
السوري، ولكنها لا تزال غير
كفيلة بإسقاطه في المنظور
القريب، إذ يراهن القصر
الجمهوري على ماتبقى لديه من
أوراق قليلة تساعده على
الاستمرار في السلطة، ومن
أبرزها: 1-
اللجوء إلى أسلوب القمع،
والعقاب الجماعي، وهو الأسلوب
الذي اتبعه الأخوان: حافظ ورفعت
أسد ضد المدن السورية المتمردة
في ثمانينيات القرن العشرين، إذ
تؤكد المصادر المقربة من حافظ
أنه أراد أن يجعل من مدينة حماة
عبرة لأي فئة تفكر في معارضته،
ويبدو أن الأخوان: بشار وماهر قد
قررا أن يجعلا من درعا عبرة
للمدن السورية الأخرى، حيث
تتعرض المدينة ومحيطها لعملية
قمع منظم، وتعجز المنظمات
الحقوقية وأجهزة الإعلام عن
إحصاء عدد القتلى والجرحى
والمعتقلين. 2-
تقديم حزمة إصلاحات شكلية تضمن
بقاء النظام والمؤسسات
الأمنية، ومن ذلك تعيين وزير
الزراعة البعثي في منصب رئيس
الوزراء مما يرسخ حكم الحزب
الواحد، وإنهاء حالة الطوارئ
مقابل استحداث قانون الإرهاب،
وتشكيل اللجان التي تخفف الضغط
الإعلامي، وتوفر الغطاء اللازم
لإنجاز الخطة الأمنية والقضاء
على المحتجين. 3-
إثارة الفتن بين أبناء المجتمع،
وذلك عبر اللجوء إلى قتل
المواطنين العزل، واستهداف بعض
أفراد الجيش والشرطة، ودعم
العصابات الأمنية التي تهاجم
السكان بلباس مدني، ومن ثم
اتهام المحتجين باستهداف أمن
الوطن تمهيداً لتجريمهم وتبرير
عملية القضاء عليهم، وقد سبق
للنظام السوري اتباع هذه
الأساليب في مواجهة معارضيه. 4-
استخدام ورقة التأزيم الإقليمي
عبر تحريك الفصائل الموالية في
الخارج لتأجيج الأوضاع في كل من
لبنان والأراضي الفلسطينية،
وتوتير الأوضاع الأمنية في
المناطق الحدودية مع العراق،
وذلك لصرف الرأي العام عن أعمال
القمع المحلي من جهة، والتذكير
بأهمية دور النظام في المنطقة
وامتلاكه أوراق التصعيد
والتهدئة من جهة أخرى. ربما
يصمد النظام أمام هذه العوامل،
وقد تنجح حيله في تجنب السقوط
لبعض الوقت. إلا
أنه لا بد من التذكير بأن الحكم
الشمولي يحمل في بنيته عوامل
سقوطه، فالنظام الفردي يقوم على
الحزب الواحد والمرشح الأوحد
للرئاسة، ولا يقبل الثنائية ولا
التعددية، ونتيجة لذلك فإن أكبر
تهديد واجهه حافظ أسد خلال فترة
حكمه تمثل في محاولة انقلاب
شقيقه رفعت عليه عام 1984، ويبدو
أن التجربة نفسها ستتكرر اليوم؛
إذ يصر بشار على الإمساك بأزمة
السلطة لكنه يعجز عن إدارتها،
مما يفتح مجال تعددية الأقطاب،
وهو أمر لا يحتمله النظام. يرى
ابن خلدون أن أعمار الدول تتحدد
في لحظة التأسيس، ويمكن قياسها
بقوة الدفعة الأولى، ووفقاً
لهذه النظرية فإن النظام
الجمهوري-الوراثي الذي ولد في
غضون نصف ساعة بمجلس الشعب عام
2000، يجمع في طياته مجموعة
تناقضات لا تسمح له بالاستمرار. والحقيقة
هي أن مؤسسات الدولة آنذاك قد
أنتجت سقطاً لاروح فيه، لأن
فترة حكم العقد الماضي من عهد
بشار كانت تسير بقوة دفع نظام
والده الذي قام بالدرجة الأولى
على الخوف. ========================== أيها
الإخوان المسلمين.. مرحبا
بصمتكم بقلم
: وائل إبراهيم الدسوقي حينما
تتحول الرسالة إلى ارتزاق يقف
المرء حائراً، وحينما تتناقض
الأفعال في مواقف متشابهة يكون
الموقف صعبا، أما حينما يتفق
صاحب رسالة مع مطالب شعبه في
الحرية من نظامه ويناصر نظام
آخر ضد شعبه حينما يطلب الحرية،
فهنا الصاعقة والصدمة. نعم
إنها الصدمة التي أصبت بها
حينما قرأت بيان الإخوان
المسلمين في مصر بشأن أحداث
سوريا الشقيقة منذ حوالي
الثماني أيام، ومن يومها وأنا
أقف عند البيان كثيرا وأفكر.
لماذا هذا التناقض في التصرفات،
ولماذا يفعل الإخوان المسلمين
في مصر هذا وإخوانهم في سوريا
يصرخون ألما كل يوم، والشواهد
كثيرة جدا أمامهم على شاشات
القنوات الفضائية وعلى مواقع
الإنترنت التي تبث لنا يوميا
مشاهد دموية يفعلها النظام
السوري في الثوار. ألم تعانوا
أيها الإخوان من نفس الشيء من
نظام مبارك، أم أن هناك حسابات
أخرى مع النظام السوري. أم انكم
لا تفهمون ماذا يعنى الشعب
السوري للمصريين. أم أنكم
تصدقون الممانعة والمقاومة
السورية. ما هو
موقف النظام السوري من المشروع
الصهيوأمريكي الذي تحدثتم عنه
في البيان، وأي رفض للتفريط في
الحق والأرض وقد صمت النظام
السوري عن استرجاع جولانه ولم
يطلق رصاصة واحدة لاسترجاعه ولم
شمل شعبه، أي تصدي لمشروع الشرق
الأوسط الكبير الذي تحدثتم عنه
في البيان وأي ممانعة، وأي دعم
للمقاومة والمقاومين، واحتضان
زعماء الفصائل الفلسطينية،
وتأييد لحقوق الشعب الفلسطيني
المشروعة، ودعم للمقاومة
اللبنانية. وعلى
الرغم من أنكم أيدتم في بيانكم
حق الشعب السوري في الحرية
والحياة الكريمة والديمقراطية
والتمتع بكل حقوق الإنسان التي
أقرها الإسلام هبة من الله،
وأقرتها المواثيق الدولية،
ورفضكم للعدوان على أفراد الشعب
السوري الشقيق الذين يعبرون عن
أنفسهم بالتظاهر السلمي، إلا أن
ما جاء في بيانكم أيها الإخوان
من شكر في طبيعة النظام السوري
يثبت تماما أنكم لا تفهمون
الواقع السوري حق الفهم،
وسيفهمها أي قارئ للبيان على
أنكم تحاولون الإمساك بالعصى من
المنتصف، وهذا ما لا نتمناه
لكم، فقد كان الصمت أفضل. ولإضفاء
حسن النية على هذا البيان،
سنفترض أنكم أيها الإخوان لا
تعرفون شيئا عن ممانعة ومقاومة
النظام السوري. هذا النظام الذي
لم يطلق رصاصة على مدار عقود
أربعة تجاه إسرائيل. هل
تعلمون أن أي سوري كان يحاول أن
يقاوم بشكل منفرد عبر الجولان
يعتقل ويعاقب بقسوة لفترة
طويلة، بل ويتم ترهيب عائلته
وأقاربه حتى الدرجة الرابعة. هل
تعلمون أنه لا يسمح لأي فلسطيني
من الفصائل في دمشق بالعمل في
المقاومة الفلسطينية من الحدود
السورية أيا كان السبب. ما هذا
النظام اللامقاوم الذي يستضيف
الفصائل الفلسطينية؟!! وماذا عن
الفلسطينيين العراقيين الذين
جلسوا لسنوات على الحدود
العراقية السورية في الصحراء ثم
استضافتهم تشيلي والبرازيل لأن
سوريا لم تفعل؟! أهذا هو نظام
البعث السوري الذي يرفع شعار
أمة عربية واحدة ذات رسالة
خالدة؟!! سؤال
كرره العديد من الكتاب
والصحفيين في الآونة الأخيرة
ونحتاج من الإخوان الإجابة
عليه، هل النظام الذي يقتل
ويخفي عشرات الآلاف من شعبه
ويعتقل حاليا أكثر من 4000 معتقل
ضمير ورأي ويشرد مئات الآلاف هو
نظام وطني يستحق أن نجامله
بممانعته ومقاومته في بيان
رسمي؟! وهل تعلمون يا إخوان أن
النظام السوري هو سبب الطائفية
والاحتقان والضعف والهوان في
بلاد الشام، وأن ذلك ثبت تماما
في محاولة النظام إثارة الفتنة
بين أطياف الشعب السوري في
الأحداث الأخيرة، ألم تشاهدوا
مقاطع الفيديو وتسمعوا شهادات
العيان. ألا تعرفون أن النظام
السوري هو سبب الاحتقان الطائفي
في سوريا وفلسطين والأردن
ولبنان. لقد
ارسل لي الصحفي السوري الدكتور
أحمد موفق زيدان رسالة ينتقد
فيها الإخوان، وأردت وقتها أن
أراسله للدفاع عن الإخوان وأبرر
موقفهم، ولكنني لم أجد ما
أستطيع به الدفاع عنهم، فكما
جاء في رسالته لي "أي مقاومة
وممانعة التي تحدث عنها الإخوان
المسلمين في مصر وقد هاجم
النظام السوري المخيمات
الفلسطينيية في الكرنتينا
والبداوي وتل الزعتر وطرابلس،
أم أنهم يقصدون مقاومة وممانعة
قصف مفاعل الكبر المزعوم قرب
دير الزور دون أن ينبس النظام
ببنت شفه، أم اغتيالات جرت على
أيدي الموساد وفي داخل سوريا
دون أن يكشف عنها شيء، أم عن
اختراق الطائرات الصهيونية
وتحليقها فوق قصر الرئيس السوري
باللاذقية، أم عن مصافحته لرئيس
الكيان الصهيوني كاتساف أثناء
تشييع البابا، ألم يسمعوا
ويقرؤوا الصحف الصهيونية وهي
تقول إن تل أبيب تصلي للرب في أن
يحفظ بشار الأسد، وأن تل أبيب
ستشتاق إلى الديكتاتور السوري
في حال رحيله". نعم إنه على
حق، فأي مقاومة وأي ممانعة. ألا
تتذكرون ما فعله النظام السوري
بعد محاولة اغتيال حافظ الأسد
في عام 1980، حينما فتحت قواته
النيران على معتقلي سجن تدمر
العسكري ودفن ألف ضحية في مقبرة
جماعية، وحينما أباد نظام الأسد
أكثر من أربعين ألف مواطن أثناء
أحداث مدينة حماة في فبراير 1982
من الأطفال والنساء والشيوخ
والشباب العزل، ناهيكم عن آلاف
المفقودين الذين لا يعرف لهم
طريق حتى هذه اللحظة، ألم
تسمعون عن مجزرة سجن صيدنايا،
حينما قامت قوات تابعة لماهر
الأسد بوضع نسخ المصحف الشريف
الموجودة بحوزة المعتقلين
السياسيين الإسلاميين على
الأرض والدوس عليه أكثر من مرة
مما أثار الاحتجاجات داخل
السجن، ودعى ذلك بالمعتقلين إلى
التدافع نحو الشرطة لاسترداد
نسخ المصحف منهم ففتح عندها
عناصر الشرطة العسكرية النار
فقتلوا منهم تسعة على الفور
وتفرقت أشلائهم في أرجاء المكان
من جراء إطلاق النيران بكثافة.
ألم يعاني الشعب السوري لسنوات
طويلة مما كان يعانيه الشعب
المصري في سنوات مبارك
الثلاثين، ألم يعاني من
الملاحقات الأمنية والاعتقال
ومصادرة الفكر والرأي، ناهيكم
عن المحسوبية والوساطة والرشوة
والفساد الذي عمل النظام السوري
على ترسيخه وتمكينه في
المسئولين لأسباب معروفة. ألم
يستفذكم قول بشار الأسد في
خطابه الأخير (إذا أرادوا
المعركة فأهلا بها)، ألا
تتذكرون يا إخوان يا مسلمين أن
ذلك يتناقد مع موقفه حينما حلقت
الطائرات الإسرائيلية فوق قصره
صرح بأنه يحتفظ بحق الرد وصمت،
فعلا إنها الممانعة أو المقاومة
ولكنها ضد شعبه المسالم. وفي
النهاية أيها الإخوان هذا هو
النظام السوري الممانع المقاوم
الذي أصدرتم بيانكم من أجله،
وأحب أن أذكركم بقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم (المسلم
للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا)،
وأتمنى أن يكون بيانكم التالي
أفضل وأن تقفوا كأحرار مع شعب
يريد الحرية، ولن أزيد أكثر من
ذلك. _________________ كاتب
وباحث في التاريخ الحديث
والمعاصر القاهرة/
جمهورية مصر العربية ========================== سميرة
المسالمة ..بداية الإصلاح تنفيذ
الوعيد بلال
داود تفريغ
المواطن من القيم الإنسانية و
مشاعرها، واحدة من أفظع جرائم
نظام الأسد، لأنه يريد شعبا
ممسوخا لا إنسانية فيه ولا حرية
و لا كرامة، فالحرية هي فطرة
الإنسان في لحظة الولادة، من
غيرها لا يكون المولود إنسانا ،
بل حيوانا يضاف إلى القطيع،
يمضي به الراعي يوما إلى المرعى
و يوما إلى الذبح، بعض
الحيوانات يسعد بالعمل في
السيرك فيرقصون و يصفقون بإشارة
من عصا المروض و في يده الأخرى
سوطه اللاسع...و لكن !!.. و لكن
..لا وجود للجريمة الكاملة،
فالرفيقة سميرة المسالمة رئيسة
تحرير جريدة تشرين ، مسخ غير
مكتمل من عبيد النظام، ما يزال
فيها بقية من إنسانية هيجت
بداخلها بعض حزنٍ على أهلها في
درعا ، وهم يقتلون لفعل أطفال ما
ماتت بعد فيهم فطرتهم التي
ولدوا عليها، فرسموا بالطبشور
صورة الحرية كما تخيلوها على
جدران المدرسة، أرادوا أن
يصرخوا بصوت مكتوم في وجوه
آبائهم و وجوهنا جميعا صرخة
هجاء لعبوديتنا فكتبوا : الشعب
يريد إسقاط النظام . الرفيقة
سميرة لم تتحدث بما يزعج النظام
، و لم تخرج عن السياق المحدد
لها إلا في جملة منطقية بسيطة لا
تقدم ولا تؤخر، عندما أنحت
باللائمة على أجهزة الأمن لأنها
لم تتمكن من إيقاف المندسين
القتلة، و مع ذلك لم تبت ليلتها
تلك رئيسة لتحرير جريدة تشرين ،
ما أقسى هذا النظام على عبيده إن
جنحوا بضع مليمترات عن الطريق. الخطيئة
الجريمة للصحفية سميرة لم تكن
في كلماتها، بل في قميص أسود
بلون الحزن ارتدته حدادا على
شهداء أهلها و أبناء عمومتها، و
أخطأت ثانية بعبرات ذرفتها عين
إنسان لم تستطع إخفاءها، فأمر
هامان بخلعها من منصبها ، إنها
من قوم يتطهرون. النظام
كان واضحا في وعيده على لسان
رئيسه يوم أعلن الحرب على كل
متطهر من عبوديته، و رفض وجود
أنصاف عبيد في شعبه، فمن عاش على
أرض مزرعته... إما عبد كامل
العبودية يُسمح له بالتسبيح
بحمد مستعبده وله أكل و شرب و
جنس و إما عدو لا مكان له في
العشيرة إلا تحت الأرض، تهديد و
وعيد في منتهى الجدية و إن جاء
الأداء كوميديا في زمن مأساوي
لبلد يحاول أهله تنشق نسمات
ربيع الحرية. تهديد
و وعيد... فتنفيذ.. ليوقن باقي
العبيد من خلف الرفيقة أنهم
إنما يعبدون نظاما سريع الحساب...
شديد العقاب ، قد بدأ إصلاحاته
الفورية بإقصاء من توقف قلبه عن
التسبيح بحمد القائد لحظة . إطلاق
الحريات العامة.. يبدأ بإطلاق
الرصاص على عشاقها ... فيُقتل
مئات و يُعتقل آلاف في أيام
معدودة. إلغاء
حالة الطوارئ...تبدأ باحتلال
عسكري و مخابراتي لكل مفترق
طريق وكل دار عبادة و كل شارع . قانون
الأحزاب ..يبدأ باعتقال غياث
عيون السود و جورج صبرا . حرية
الإعلام ...تبدأ باعتقال فايز
سارة ، و إقصاء المسالمة من
منصبها. الاستجابة
لمطالب البوطي و العلماء...تبدأ
باعتقال الدكتور عماد الدين
رشيد، نائب عميد كلية الشريعة
في جامعة دمشق. أول
الغيث قطرة ، و بداية الرقص
حنجلة ، و بداية ألف ميل خطوة ، و
بشائر الحرية إقصاء كلمة ... ماذا
لو انهمر الغيث... و حمي الرقص... و
قطعنا بضع أميال ... و أسبغ
النظام كامل أنعمه؟؟؟؟؟ ========================== د:
خالد ممدوح العزي* أخيرا
وليس أخرا، انكسر جدار الصمت في
سورية والتحقت سورية بربيع
الثورات العربية
الملتهبة،سورية هي قلب العروبة
النابضة وليست بعيدة عن محيطها
العربي بالرغم من التغيب ألقصري
لسوريا الشعب، لقد غيب حزب
البعث دور سورية الريادي في
وسطها العربي ووضعها في قانون
الطوارئ، الذي وضع الشعب
السورية في زجاجة فارغة واقفل
عليها، لم يعد بإستطاعت أهالي
سورية مجارة أهالي المنطقة
ومواكبة التطورات التغيرية حتى
الجار "الشقيق لبنان"الذي
نال استقلاله مع سورية، وهن
فتحت الهوة بين النظام السوري
الحديدي والنظام اللبناني، في
سورية فتحت السجون الكبيرة
للشعب، وغابت الديمقراطية
والحرية عن حياة السوريين ،
حكمت البلاد بإحكام عرفية
عسكرية مخابراتية. التهم كانت
جاهزة ومفبركة لتلصق
بالمواطنين عند محاولة التعبير
عن الآراء التحررية. لقد حكم
سورية حافظ الأسد من خلال
جهازين أساسيين في البلد:الجيش،والمخابرات
. >
كانت حقبتها كلها تستند على
فزاعة الإخوان المسلمين بحال تم
التفكير بتغير النظام ، لذا
كانت مجزرة حماة الأولى
الانتقامية من الشعب السوري،
المجزرة الذي ارتكبها الأسد عام
1984 ما هي إلا ردة فعل للنظام
بوجه الشعب والعالم كله ،أضحت
حماة وقتها الضحية التي قدمها
نظام الأسد الأب قربانا للجميع
من اجل استمرار نظامه محليا
وعالميا،المجزرة وقعت عندها
لان حماة كانت وقتها وحدها
ومعزولة عن العالم . أما
اليوم الوضع اختلف في سورية من
خلال حكم الابن الذي أتى إلى
السلطة من خلال الوعود بالتغير
والإصلاح،الذي عبر فيها في
أدبيات نظامه الجديد و خاطب بها
العالم الحر ، وعد الشعب السوري
بالتجديد ، لم يستطيع تقديم
نفسه على كونه منقذ سورية
الجديد ،لان الحالة تغيرت في
سورية والعالم ،لان نظام
المخابرات التي ارتكز عليه
والده أصبح 15 جهاز ولكل دوره
ومصالحه الخاصة لقد وقع هذا
الفتى في أحضان الفساد
والبيروقراطية التي سلطت سيفها
على رأسه وأوقعته أسيرا لهذا
الفساد، الذي يضمن استمرار حكم
ووجود بشار الأسد في السلطة،
فمكان على الأسد الابن إلا أن
يبتدع شعار جديد يدخل الشعب في
دوامة جديدة "باعتبار سورية
دولة الممانعة والداعمة لفروع
المقاومات العربية بوجه
إسرائيل ،لقد ادخل بشار الأسد
سورية في تحالف سوري إيراني ضد
الدول العربية، من اجل استمرار
نظامه والقبض على شعبه من خلال
اقتناعه بان شعبه هو يريد ذلك،
لقد دعم أيد الثورات التي تجري
في الدول العربية،باعتبار
نظامه بعيد جدا عن ما يجري في
هذه الدول،لم يقرأ وضع سورية
جيدا، ولم ينتبه إلى أن التغير
الذي يعم العالم يجب أن يدخل إلى
سورية، وينعم أهلها بهذا التغير
وهذه الرياح العالمية .التغير
ليس كما يدعي بشار الأسد
وأعوانه بان مؤامرة تحاك ضد
سورية لان شعبها وأهلها ليس
لصوص وقطع طرق وشهداءها هم
أبطال،لقد كانت مطالب السوريين
بسيطة جدا التغير من اجل الوصول
إلى عدالة اجتماعية وحرية غابت
عنهم هذه المطالب 40 سنة. فالثورات
العربية التي قامت ضد الأنظمة
وحكامها الدكتاتوريين من خلال
شباب وجيل جديد قادر على التغير
من خلال مطالب ديمقراطية
إنسانية،ما هي إلا مطالب وطنية
كانت أوروبا والعالم الحر سباقة
لها والتي تمثلت بالثورة
الفرنسية الكبرى في عام 1787 ،تحت
شعارات أساسية حرية عدالة
اجتماعية وديمقراطية،لكن مع
نجاح ثورة مصر وتونس آلتان
أذهلتا العالم وارويا خاصة تبن
لكل الكتاب والمحللين
السياسيين الذين تابعوا الثورة
ومجارياتها عن قرب من خلال
الفضائيات العالمية الكبرى
والصحافيين من ساحة المدين وعن
سائل الاتصال السريع "التلفون
والانترنيت ومشتقاته
والفضائيات ،والذي تبين لهم
أنهم خضعوا من كذب هذه الأنظمة
بان البديل لهم هي الأنظمة
الراديكالية الإسلامية،التي
سوف تسيطر على هذه الأنظمة ،لقد
سحبت فزاعة الإخوان من التداول
نهائيا من هذه الأنظمة وحكامها
،لقد اقتنعت من خلال التجربة
الجديدة بان الشباب القادم هو
من الجيل المتعلم الذي يتقن
اللغات ويتفهم الحوار ويطالب
بالحرية والعدالة
الاجتماعية،بعيد جدا عن
الشعارات الشوفنية والعدائية
للغرب والعالم. بعد
القراءة السليمة للغرب والعالم
لما يجري في الوطن العربي من
تغيرات ،لم يعد الغرب مصر على
حماية إي نظام بسبب التضخيم
الإعلامي الذي ينتجه هذا النظام
ويحاول ترويجه من اجل استمراره
وبقاءه في السلطة عدى سورية
وبعض أنظمة أخرى تحاول تمكين
وجودها في السلطة من خلال
شعارها الجدي أو الفوضى الأمنية
إما بقاء النظام.النظام السوري
الذي لايزال يكابر ويصر على
تصديق الأكاذيب الذي يبتدعها من
اجل ضمان استمراره بان الذي
يجري في سورية من مظاهرات ورفع
شعارات مطلبيه وصدام مع حرس
النظام ما هي مؤامرة خارجية من
الدول المجاورة، لقد أصبح
النظام عاجز جدا في مواكبة
الإحداث التي تعم سوري وتقديم
الإصلاحات المناسبة للشعب
الغاضب من الوعود القديمة . لقد
أثبتت الأيام بان الحزب الحاكم
هو حزب تقليدي وعفن ويجب خلعه
وتغيره ، حتى الأحزاب المعارضة
التقليدية الأخرى الكلاسيكية،
بسبب تطور الأفكار الجديدة،
وعندما أصبحت التكنولوجية
إيديولوجية،عندها أصبح من
الضروري تغيرها كلها حسب طموحات
الجماهير العربية كافة حتى
أحزاب اليسار"التقليدي "
التي من المفترض إن تمثل قضايا
الشعوب وتتحرك أشرعتها بما
تشتهي سفنها ،وهذا ما برهنته
تجارب الثورات الأخرى الجديدة
البعد بين الشعوب والأحزاب مما
سمح لظهور يسار "الفيسبوك"،
لان سيطرة هذه الأحزاب على
مقدرات البلد وشعوبها كانت
شنيعة جدا ، دون تطبيق المبدأ
الأساسي الذي وجدت هذه الأحزاب
من اجله، لم يأتي رد الأسد على
مظاهرات شعبه بحل حزب البعث
الذي أصبح مطلبا شعبيا
ملحا،ولكون هذا النظام يستعمله
بشكل ظل لوجود الأجهزة الأمنية
الحديدية،كان الرد السريع
بإقالة الحكومة التي ليس بيدها
شيء وهي الحلقة الأضعف في الدول
الدكتاتورية وهنا نعود
بالذاكرة إلى الوراء للعام 203
عندما تم احتلال العراق،فكان
تغير البعث في العراق وجاءت
محاولة بوش الابن لتغير نظام
البعث في سورية، عندها وقفت
إسرائيل بكل قوة الضغط التي
تمتلكها في أمريكا من اجل
العدول عن هذا الموقف ، عندها
وقع النظام السوري الممانع تحت
رحمة العدو الصهيوني الذي فضله
عن باقي الأنظمة المستقرة في
المنطقة بالرغم من انزعاج
الإسرائيلي الدائم من نظام بشار
الأسد من خلال علاقته بإيران
،ودعمه المستمر لحزب الله في
لبنان واستضافته لحركة حماس
الفلسطينية، إلا إن النظام
الصهيوني يعي جيدا أن استمرار
هذا النظام هو ضمان لاستقرار
جبهة الجولان الهادئة منذ العام
1973. الشعب
السوري كسر القيود الحديدة من
خلال التظاهرات التي عمت كل
الدولة السورية متضامنة بعضها
مع بعض، ولت الحرب المذهبية
والطائفية التي كان يوعد بها
النظام شعبه والعالم ، لقد تبين
بان الشعب السوري مقدام وليس
جبان كما صورته أجهزة المخابرات
السورية ،هذا الشعب الواعي
المتعلم المثقف، أتبث ويثبت
وعيه كل يوم من خلال استمرار
الرفض لنظام القمع والقتل ،فهو
الصامد بوجه الطاغية والجبروت
العسكري القمعي ، هذا الشعب
الذي يؤسس إلى نظام جديد من خلال
سيطرت المجتمع المدني ومنظماته
الحقوقية التي أصبحت موجودة في
كافة الدول التي تحاول التغير
بوسائل سلمية. التغير قدم يا
دمشق،لا محال اقفل القطار
والمحطة القادمة ثورة "ربيع
دمشق " التي سوف تفزع
الدكتاتور، وتحقق طموح أبناءها
الثائرين والغاضين، كما قل
دكتاتور أخر "إلى الإمام دقت
ساعة الزحف إلى الامام " يا
شعب سورية الغاضب لمزيد من
أسابيع الغضب التي تزعج وتضعف
هذا النظام،والتي تجمع كل
مكونات المجتمع السوري ، لنترك
الخوف في البيوت والتوجه نحو
الشوارع، يأهل سورية ومدنها
الكرام لم تعودوا وحدكم في
العالم إنما المطلوب هو الصمود،
لان صمودكم هو التغير الذي لا
محال منه، فالتغير الذي تفرضوه
هو الذي سيقبل به العالم كله
لأنه خياركم، الغير قابل للبيع
والشراء من قبل الدكتاتور
والطغاة. _____________ *كاتب
وخبير استراتيجي ========================== رسالة
شوق وفخر.. وحياء وألم.. وإجلال
وأمل نبيل
شبيب أهلي
الأحبة في سورية.. اشتقت إليكم.. اشتقت
إلى "السيران" نقضيه
لساعات في الغوطة تحت أشجار
الزيتون والمشمش، على ضفاف جدول
ماء يروي خضرتها وأزاهيرها.. اشتقت
إلى "مشوار" معكم عند نبع
بردى، في بقين أو مضايا أو
الزبداني.. اشتقت
إلى "عرانيس الذرة" نقضمها
عند سفح قاسيون.. وصوت "المسحّر"
في ليالي رمضان.. وصخب "بائع
الخضار" في الأزقة والحارات.. اشتقت
إلى ثرثرةٍ تَجْمعنا حول "نافورة
الماء" في باحة منزلنا
القديم، إلى جولة في الصالحية
أو الحميدية أو الجسر أو
أبورمّانة.. أو أيّ شارع من
شوارع الشام.. اشتقت
إلى العبث مع أصدقاء النشأة
الأولى، ومنهم ماهر طلعت "الشركسي"،
ومروان طاطروس وفؤاد عيسى "المسيحيين"،
ونصف الرفاق أو أكثر من الأكراد
في مدرسة ابن العميد في الحيّ
الذي كان يحمل اسم الأكراد..
ورفاق "الخيمة" التي
جمعتني مع 11 صديقا من حوران
واللاذقية ودير الزور وحمص
وحماة وحلب ودمشق وغيرها أثناء
دورة "الفتوّة" في آخر
أعوام المدرسة.. اشتقت
إلى كل الأهل في كل حي من كل بلدة
في سورية.. في الشام.. إلى كل نسمة
من نسمات الشام.. وكلّ ربوة من
ربى الشام.. وكلّ مئذنة من مآذن
الشام.. وكل بسمة من البسمات على
وجوه أهل الشام.. لا
أستطيع تصديق أنّ الغوطة أجدبت،
وبردى غاض، وقاسيون ركع.. وأنّ
البسمات غابت عن الشفاه والعيون!.. لا
أستطيع تصديق أنّ الشام لم تعد
كما رأيتها آخر مرّة قبل اثنتين
وثلاثين سنة.. أنّها تبدّلت عما
كانت عليه عندما نشأت فيها.. في
شارع الروضة.. في حي الزهراوي..
في حي ابن العميد.. قبل أن
أغادرها لأول مرة قبل ستّ
وأربعين سنة.. لا
أريد أن أصدّق ما يرويه لي عنها
كلّ من يأتي من الشام، فألتقي
به، وأصغي إليه، وأسمع منه ما
سمعته ألف مرة ومرة، ولا أسأم من
سماعه من جديد.. هنا.. في غربتي
القسرية.. بعيدا عن الشام.. وعن
أحبتي في الشام.. وعن تراب الشام
وهوائها وقاسيون الشامخ مطلاّ
عليها وبردى وفروع بردى وخرير
الماء فيها يشنّف آذان أهلها
وينافس ألحان العصافير في
سمائها.. ما
الذي بقي من الشام أيها الأحبة؟..
وما
الذي بقي منّي –ومن أمثالي..
وأمثالي كثير- بعيداً عن الشام
والأحبة فيها؟.. لقد
شاب صدغاي يا أهلي الأحبة وأودّ
أن تكتحل عيني بمرآكم ومرأى
الشام، سيّان كيف أصبحت وكم
تغيّرت خلال نصف قرن من الزمن..
وكأنه خارج دائرة الزمن.. أودّ
أن أجول جولة في الشام.. ولو كانت
الجولة الأخيرة قبل أن تغمض
العينان إلى الأبد.. وألقى الله
فيسألني عمّا صنعتُ من أجل
الشام وأحبتي في الشام!.. لم
ينقطع الحنين على مرّ السنين..
إنّما لم يبلغ يوما مثلما بلغه
الآن، ممزوجا بالألم يعتصر
الفؤاد مع كل مشهدٍ يخترق البصر
اختراقا، ممّا يلقاه أطفال
بلدات حوران وشباب بانياس
وضواحيها وطلبة جامعتي دمشق
وحلب وأخواتهما وما يلقاه نساءٌ
ورجالٌ من القامشلي واللاذقية
وحمص والصنمين وحماة والحسكة
وإدلب ودوما.. ممّا يلقاه أهل
سورية جميعا في فورة جنون
الباطل من ثورة الحق الطاهرة
على جبروته الآسن. ما
أعظمكم يا مَن لم تيأسوا من
استرداد الشام واسترداد سورية
بعد كلّ ما صُنع بها وبأهلها. لم
أشعر يوما مع الألم في أعمق
الأعماق مثلما أشعر اليوم
بالأمل يتجدّد في أعمق الأعماق،
أنّ العودة بعد الغربة القسرية
قد دنت.. إن بقيت فسحة من العمر،
وأذن الرحمن لأبطال سورية
باسترداد حياة شعبهم أسرةً
واحدة، واسترداد حريةِ مَن حُرم
منها في مقتبل شبابه حتى الآن..
ومَن ولد وبلغ سنّ الشباب ولم
يذق طعمها إلى يومنا هذا.. لم
أشعر يوما مع الفخر بأهلي في
سورية مثلما أشعر اليوم بالثقة
العميقة أنّ بعد كل ظلمةِ ليلٍ
كالحةٍ فجراً منيرا وشمسا مشرقة. يا
أهلي الأحبة الأبطال الأحرار
الكرام في درعا والصنمين وكل
بلدة من بلدات حوران، شقيقة
الجولان التي أغفل عنها من
يحاربكم حربا ضروسا.. ودّدتُ -يعلمُ
الله- لو امتزج دمي بدمائكم
الزكيّة، وانطلق هتافي مع
هتافاتكم الأبيّة، والتقى
دعائي مع أدعيتكم التقيّة وأنتم
توّدعون قوافل شهدائكم – على
أرض حوران المستهدفة وليس على
أرض الجولان المنسية- وترجعون
من مواراة أحبابكم التراب،
لتستقبلوا رصاص الغدر والطغيان
من جديد بصدوركم ونحوركم.. يا
أهلي الأحبة الأبطال الأحرار
الكرام في اللاذقية وبانياس
وطرطوس وجبلة، وفوق كل رملة
أبيّة من رمال ساحل الشام
وددّتُ -يعلم الله- لو استطعت أن
أغسل بدموعي مع دموعكم الطاهرة
الساحلَ والبحر من لوثة الظلم
وعربدته، وإجرامه وحماقته..
ناسيا عكا وحيفا ويافا على ساحل
الأرض المغتصبة.. يا
أهلي الأحبة في حمص وحماة
وإدلب، في الحسكة والقامشلي
ودير الزور، في كل بلدة من
البلدات ومدينة من المدن في
بلدنا المختطف، في أغلال مَن
يتاجر بأغلال فلسطين المختطفة..
وددت -يعلم الله- لو استطعت أن
أنادي بأعلى صوتي معكم بندائكم:
"حرية حرية"، وهتافكم: "بعد
اليوم ما في خوف"، وتحدّيكم
لصانعي الفتنة رصاصاً يطلقونه
على أهل البلد الواحد وتفرقةً
يمارسونها عبر عشرات السنين بين
أهل البلد الواحد، وأنتم
تردّدون بصوت واحد يدوّي في
أسماعهم وأسماع الدنيا كلها:
"واحد واحد واحد.. الشعب
السوري واحد".. يا
أهلي الأحبة في كل قطعة من جسد
دمشق الدامي، قلب الإباء
والتحرّر والعزة والكرامة،
النابض في دوما وحرستا، في
الأموي والرفاعي، في كفرسوسة
والحميدية، في التلّ والمعضمية..
نبضا يعانق من وراء قضبان الظلم
والطغيان نبضَ المسجد الأقصى
الأسير في بيت المقدس، وددت -يعلم
الله- لو أفدي شهداءكم بنبضات
القلب نبضة بعد نبضة، وأمسح
جراحكم بما ينهلّ من عينيّ دمعة
بعد دمعة، وأن أتلقّى بضلوعي
مثل ما تتلقّون من الغدر
والإجرام.. وأشكّ في نفسي: هل
أتحمّل آنذاك ما تتحمّلون،
هراوة فوق هراوة.. ورصاصة إثر
رصاصة. ما
أحقرهم وما أبشع دناءتهم!.. وما
أكرمكم وما أعظم بطولاتكم!.. أنتم
يا شباب المستقبل وفتيات
المستقبل في جامعة دمشق وفي
جامعة حلب، وفي كل جامعة
ومدرسة، ومصنع ودائرة، وحقلٍ
وحارة.. أنتم يا ثروة سورية في
حاضرها ومستقبلها، يا من وضعت
سورية، سوريةُ الوطن والتاريخ
والحضارة، أملَها الكبيرَ
الكبيرَ فيكم أنتم، لتنتزعوا
سورية من اختزالها في تقديش فرد
أو تقديس حزب –وبئس ذلك التقديس-
وأنتم تهتفون: "الله.. سورية..
حريّة وبس".. أنتم
الأمل في أن تستعيدوا لسورية
حريتها المغتصبة، وتصنعوا لها
مستقبلها الشامخ، كما يليق بشعب
سورية الكريم العزيز.. أنتم..
يا منارات العزّة.. كم من الحقد
العدواني يغلي في صدور أولئك
الذين يرسلون إليكم في الجامعات
والجوامع، والحقول والمصانع،
والأحياء والمنازل.. عصاباتِ
الفتك والقتل والتنكيل
والاعتقال التي ربّوها على
الإجرام على امتداد 48 سنة كبيسة
من عمر سورية. يا
شباب سورية وبناتها.. يا أعزّ من
نبض قلبي الذي أحييتموه على
قلبي.. هل رأيتم ذلك الرجل
التونسي الهَرِم الأبيّ وهو
يخاطب شباب تونس وفتيات تونس
منادياً والعبراتُ تلمع في
عينيه: "لقد هرمنا.. هرمنا
بانتظار هذه اللحظة التاريخية"..
فوربّ العرشِ يا جيل المستقبل
في سورية، أكاد أسمع كلّ من عايش
تلك الحقبة السوداء المظلمة من
تاريخ سورية يناديكم من أعمق
الأعماق: "لقد هرمنا.. هرمنا
بانتظار هذه اللحظة التاريخية"..
هي
اللحظة التاريخية التي عجزنا عن
صناعتها وتصنعونها أنتم.. عشنا
بانتظارها يا أبناءنا وبناتنا..
يا أغلى الغوالي على أفئدتنا..
يا أعزّ ما يعطي وطننا.. با من
نستحيي من الاعتذار إليكم أنّنا
لم نصنع لكم "اللحظة
التاريخية" التي تستحقون..
إنّما تصنعونها أنتم الآن،
وسيجني أبناؤكم وبناتكم بإذن
الله ثمراتها، وسيعيشون في
ظلالها.. في سورية التي
تُحْيونها من جديد ببطولاتكم
وصمودكم، بعزتكم وإبائكم،
بفدائكم وإقدامكم.. ننظر
إليكم وننظر إلى الوراء ونتساءل
عمّا صنعنا، أين كان قصورنا، هل
كان في خوف من الطاغوت، أم كان
في ضعف ثقة بأنفسنا، أم كان بسبب
تفرّقنا على ألف طريق وطريق؟.. نتساءل..
ونعلم الجواب، فهل أدركتم علام
أشعر اليوم –كما يشعر جيل
بأكمله أنتمي إليه- بالأمل
والثقة كما لم أشعر بهما من قبل؟..
أنتم
الذين تزرعون الأمل والثقة في
نفوس جيلنا وجيلكم وفي قلب كلّ
إنسان حرّ كريم يرجو لسورية
وأهل سورية مستقبلا حرا كريما
عزيزا.. أنتم
تصنعون الأمل والثقة، لأنكم
كسرتم حاجز الخوف من الطاغوت..
الطاغوت الصغيرِ الصغير.. رغم
جرائمه، ووثقتم بأنفسكم
وقدرتكم على التغيير.. رغم جبروت
الاستبداد الفاسد وقمعه، وحقّ
لكم أن تثقوا بأنفسكم
وانتصاركم، فأنتم قادرون على
صناعة التغيير وصناعة "اللحظة
التاريخية" منعطفا للتغيير
نحو مستقبل الحرية والعزة
والكرامة.. قادرون لأنّكم
تتحرّكون بجسارة مذهلة، وبقلب
واحد، وهتاف واحد، وإحساس واحد،
وفهم واحد مشترك.. أنّ سورية
لأهل سورية جميعا، وأنّ الوطن
وطن أبنائه وبناته جميعا، وأنّ
التقاءهم في ثورة العزّة ما بين
البوكمال ودرعا والساحل
والبادية، على صوت واحد، وهدف
واحد، وطريق واحد، وتضحيات
مشتركة، وأدعية مشتركة، وآمال
مشتركة.. سيصل بنا جميعا، سيصل
بنا معا –إلاّ من أبى واستكبر-
إلى تلك اللحظة التاريخية التي
تصنعونها يا أغلى الأحبة. وهل
يأبى ويستكبر إلاّ أولئك الذين
يوجّهون الرصاص لصدور أهل البلد
الذي يسكنون فيه، فهل ينتسبون
إليه حقا؟!.. أما آن
الأوان أن يرجعوا عن غيّهم؟..
فالظلم ظلمات في الدنيا والآخرة!..
أما آن
الأوان أن يحاسبوا أنفسهم على
استبدادهم وفسادهم وحماقاتهم..
قبل أن تدحرهم مسيرة ثورة العزة
على استبدادهم وفسادهم
وإجرامهم؟.. ألا
يستطيعون أن يعيشوا بشرا كسائر
البشر، مواطنين كسائر
المواطنين، سوريين كسائر
السوريين، بدلا من أن يعيشوا
كالأموات عبر تقديس فرد منهم،
تقديسا مخزيا يحطّ من كرامته
وكرامتهم.. بدلا من تشبّثٍ
غوغائي بحزبٍ متسلّط يقضي على
نفسه وعليهم.. بدلا من ممارسات
استبدادية فاسدة عبر ما وضعوا
عليه أيديهم اغتصابا ونهبا، ولا
يمكن أن تؤدّي إلاّ إلى هلاكهم؟!..
أما آن
الأوان أن تعود سورية، إذا
عادوا هم الآن.. عادوا حقّاً
لسورية الوطن.. أو أن تعود سورية
من بعدهم، رغما عنهم، شامخةً
بأبنائها وبناتها، بشيوخها
وشبابها، بنسائها ورجالها،
بجميع فئات شعبها وطوائفها، بكل
مدنها وبلداتها، بكل لحظة من
لحظات تاريخها المجيد من قبلهم،
وكل لحظة من لحظات مستقبلها
المجيد من بعدهم؟.. يا
أهلي الأحبة الأبطال الأحرار
الثائرين.. اشتقت إليكم يعلم
الله، ويعلم الله كم ينزف القلب
مع الشوق ألماً وأنتم ماضون إلى
علياء التحرّر والكرامة على
جسور الجراح، وأيديكم تقبض على
نزف الجراح، من أجل بلدكم
ومستقبله، وأمتكم ووحدتها.. كم
أتألم عن بعد، وأنتم في القلب
والبصر رغم المسافات والحواجز
التي فصل بها غدرُ الطغيان
المتعسّف بيني وبينكم.. يا
أهلي الأحبة كم أجلّكم وتُجلّكم
الأمم، وأغضّ طرفي دامعا بين
أيديكم، وأهمس بصوتي خافتا في
مسامعكم، فليس لأحد أن يمدّ
بصره ويرفع صوته، إلاّ إذا كان
بينكم، بهاماتكم العملاقة فوق
الطاغوت، وحناجركم الهادرة
أعلى من أزيز الرصاص، وصدوركم
الشاهدة على طهارة الحق مثلما
تشهد على حقارة الباطل
المتهالك، وغازات الاستبداد
السامّة، وعصابات القمع
الغادرة، وهي تواجهكم بالقتل..
لأنكم تطلبون الحياة،
وبالاختطاف.. لأنكم تطلبون
الحرية، وبالاعتقال والتعذيب..
لأنكم تطلبون الكرامة والعزة. ولسوف
يندحرون وتنتصرون، سيندحر
الإجرام وينتصر هتاف ثورتكم:
"سلميّة سلميّة"، ويتساقط
الطغيان المهترئ وتعلو أيديكم
النقيّة وسواعدكم الفتية
وهاماتكم الأبية.. سيندحرون..
وستنتصرون.. وستستردّون الوطن
وعزته، والأهل ووحدتهم.. وآنذاك
يتجدّد بإذن الله اللقاء في
الغوطة وقرب بردى وبين أيدي
قاسيون وفي حارات دمشق آمنةً
على نفسها.. وفي كل بقعة من بقاع
الشام تتنفّس هواء الحرية من
جديد. آن
أوان اللقاء.. آن أوان اللحظة
التاريخية في سورية على منعطف
التاريخ، الفاصلة ما بين ظلمة
الليل وإشراقة الفجر، ما بين
تجبّر الطاغوت وصَغاره، وإباء
هامةِ شعب أبيّ كبير.. ولقد كانت
هامته شامخة إلى علياء السماء
على مرّ العصور، وستعود شامخة
من جديد بإذن الله.. إنّه القوي
العزيز، فأبشروا بالنصر، وما
النصر إلا من عند الله القوي
العزيز. ========================== النظام
الأسدي في خدمة الوطن والمواطن الدكتور
عثمان قدري مكانسي ماذا
يعني أن يعتقل النظام السوري كل
يوم العشرات ؟ ماذا
يعني أن يسلط ( زعرانه) المسلحين
على المتظاهرين العُزّل يقتلون
منهم العشرات بدم بارد؟ ماذا
يعني أن يقطع عن مدننا الماء
والكهرباء ؟ ماذا
يعني أن يرسل كلابه من رجال
الأمن يضربون المتظاهرين
ويعتقلون شبابهم؟ ماذا
يعني أن يقتحم أمن النظام
المستشفيات ليعتقل منها الجرحى
والمصابين ؟ ماذا
يعني أن تحيط بالمتظاهرين قوات
الجيش ، يخوّفونهم بإطلاق قنابل
المدافع والدبابات ؟ ماذا
يعني أن يُطلق الجيش وأمن
النظام على المتظاهرين
المسالمين العُزّل قنابل الغاز
والقذائف الكيميائية الحارقة؟ ماذا
يعني أن يجبر عناصرُ الأمن
ومرتزقة النظام المواطنَ على
السجود لصنم النظام بشار ؟ أهي
عودة إلى الجاهلية أم هي حضارة
القرن الواحد والعشرين ؟ أليس
عناصر الأمن وقوات الجيش ومرافق
الدولة وجدت لحماية الشعب
وخدمته والفاع عنه والحفاظ على
أمنه؟ أهذه
هي الطريقة المثلى عند نظام
الأسد المغتصب للسلطة في توفير
الحماية والأمن للمواطن والعمل
لخدمته؟! أهذه
هي الخدمة الحضارية التي يتقنها
النظام الغاصب للحكم في سورية
الحبيبة ويتشدق بها سدنة النظام
المجرم في سورية المصابرة؟! أم هو
الصلف والتجبر على المواطن
الشريف الأعزل الذي صبر على
الهوان عشرات السنين حتى فاض به
الألم وانفجرت فيه الأحاسيس
فطالب بحريته وكفر بالبعث
وبالعبودية لغير الله؟ أم هو
الاستعلاء على الآلام والعزم
على تحرير الوطن من رجس الطاغوت
الذي استعبد العباد وسلب البلاد
، وسام المواطن الخسف وعامله
معاملة العبيد في مزرعة آل
الأسد ومن لفّ لفهم من اللصوص
والمارقين والخزنة العملاء؟ إن
المئات الذين استشهدوا في
الأسابيع الماضية خطّوا طريق
الحرية والخلاص لهذا الشعب
الأبي ، وإن آلاف الجرحى الذين
أصابتهم آلة الدمار التي صوبها
النظام عليهم ليبثون – جميعاً -
العزم والصمود والإباء في نفوس
الأمة التي صممت على استعادة
حريتها من أيدي الطغمة الأسدية
المغتصبة لمقدرات الشعب . مشى
الأحرار في هذا الطريق الذي
رسموه لأنفسهم ، ولن تستطيع قوة
مهما بطشت واستكبرت أن تثنيهم
عن حقهم . فالحرية أغلى من الماء
والمال والأولاد .. إن الحرية
روح الأمة ومثير الحياة في
جسدها وعنوان الحضارة ومنشأ
الكرامة . إن عزم
الشعب السوري وإصراره الوصول
إلى هدفه رغم التضحيات وجسامتها
، وصبره على تحمل المشاق في سبيل
غايته دليل على حيويته وأصالته
، وشعب فيه كل هذه السمات
الإيجابيبة لجدير أن ينال ما
يتمنى .. وإن
غداً لناظره قريب . ========================== رَحَلُوا؛
فَتَرَنَّمَتْ لُغَةُ
الزُّهُور! صقر
أبوعيدة رَحَلُوا
عَلى ظَهْرِ التَّشَفِّي.. وَالْقُلُوبُ
حَوَتْ رِمَاحاً مُشْرَعَهْ رَحَلُوا
وَشَمْعُ قُبُورِهِمْ يَخْبُو
مِنَ الرِّيحِ الّتي هَبَّتْ
عَلَيهٍ لِتَنْزِعَهْ رَحَلُوا
وَشَمْسُ سَمَائِهِمْ أَلْقَتْ
ضَفَائِرَهَا تُبَلِّلُ
ظِلَّهَا وَالْقَومُ
أَلَّفَ بَينَهُمْ عَطَشُ
الْعُيُونِ لِدَمْعِهَا رَحَلُوا
مِنَ الأَرْضِ الّتي جَالَتْ
بِهَا الأَيدِي تُنَادِي
مَغْرِبَهْ رَحَلُوا
بِتَارِيخٍ تَسَرْبَلَ
بِالْخَوَاءِ وَقَيدِ شَعْبٍ
أَثْخَنَهْ رَحَلُوا
وَما حَمَلُوا لِيَومِ
مَلامَةٍ غَيرَ الْعَوِيلِ
وَنَوْحِ أُمٍّ مُفْجَعَهْ صَيفُ
الْمَرَاعِي يَشْتَكِي حَيفَ
الْقُصُورْ فَالطِّينُ
يَجْمَعُ لَحْمَهُ مِنْ بَينِ
أَضْرَاسِ الصُّخُورْ فَلاّحُهُا
مَاضٍ عَلى مَقْتٍ وَبَطْنٍ
هَائِمٍ بَينَ الكُفُورْ رَحَلُوا
وَما اشْتَاقَتْ لَهُمْ طُرُقُ
الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى فَرِحَتْ
لِمَهْلِكِهِمْ غُصُونُ
الشَّمْسِ وَالْهَمْسُ
الأَسِير.. وَمَنْ
رَآهُ أَفْزَعَهْ فَاللَّيلُ
يِكْتُبُ حُلْكَةَ الأَيَّامِ
في وَجْهِ الضَّمِير.. وَيُسْمِعُهْ دَمْعَ
الثَّكَالَى وَالْعِظَامُ
مُهَشَّمَهْ وَالْجَفْنُ
يَهْرُبُ مِنْ مَآقِيهِمْ.. وَما
حَزِنَتْ عَلَيهِمْ نَسْمَةُ
الأَمْوَاجِ أَوْ عُشْبُ
الدُّرُوبِ.. وَلا
رَغِيفٌ في مَخَازِنِهمْ
لِثَغْرٍ يَمْنَعُهْ وَتَعَجَّبَتْ
مِنْ حِقْدِهِمْ عُصْفُورَةُ
الْجُرْنِ الّتي غَنَّتْ
تُنَادِي.. مَنْ
يَقُومُ وَيَخْلَعُهْ كَانُوا
عَلى أُدُمِ الصُّدُورِ
يُمَرِّغُونَ خُيُولَهُمْ وَكِلابُهُمْ
مِنْ كُلِّ صَوبٍ تَفْرِشُ
الْوَرْدَ الْهَجِينَ
وَتَلْبِسُهْ رَبَطُوا
الْحُرُوفَ عَلى الشِّفَاهِ
وَذَاكَ شَعْبٌ ضَيَّعَهْ فَتَعَطَّلَتْ
مِنْ صَخْرِهِمْ سِكَكُ
الْحَصَادْ والقَمْحُ
يَرْسُمُ حُلْمَهُ رَقْصَ
الْمَنَاجِلِ في الْوِهَادْ رَحَلُوا
وَما هَدَأَتْ لَهُمْ كَفُّ
الْعِبَادْ وَتَفَلَّقَتْ
بِالأَيدِ أَصْوَاتُ
الرَّحِيلْ مَنْ
يَضْرِبِ الصَّخْرَ الأَصَمَّ
بِأَنْفِهِ فَقَدِ
امْتَطَى ظَهْرَ الأُفُولْ وَالسَّرْجُ
مَقْطُوعُ الْفَتَائِلِ
وَالسَّبِيلْ لَمْ
يَعْلَمُوا أَنَّ النُّسُورَ
تُطَوِّقُ الْقَمَرَ
الْبَعِيدَ.. وَتَغْرِفُ
الأَنْوَارَ مِنْ حِضْنِ
السَّمَاءِ وَتَنْثُرُهْ لَحْنَاً
شَجِيَّاً يَسْتَقِي عَرَقَ
الشُّعُوبِ وَتَزْرَعُهْ مَنْ
ظَنَّ أَنَّ رِيَاحَنَا
تَرْضَى بِدَارِ الْهُونِ قَدْ
ذَلَّتْ لَهُ مُسْتَودِعَهْ لَمْ
يَقْرَأِ الأَنْبَاءَ
وَالأَحْلاَمُ كَانَتْ
مَقْبَرَهْ أَرَأَيتُمْ
الْجُدْرَانَ كَيفَ
تَحَرَّكَتْ فَوقَ الرُّؤُوسِ.. وَزَلْزَلَتْ
حَدَقَاً فَلا اسْتِقْرَارَ
فِيها أَوْ دَعَهْ لَمْ
تَتْرُكُوا فُرُجاً تَسِيلُ
بِها وَلا عُرُشاً تُظَلِّلُ
شَتْلَهَا هَلْ
تَسْتَقِرُّ لَكُمْ شَوَاطِئُ
بَالِكُمْ إِنْ لَمْ تَقُمْ
حُجُبٌ تَحُولْ؟ لَكِنَّهُمْ
غَرِقُوا بِأَيدِيهِمْ
وَحَطَّتْ فَوقَهُمْ سُقْمُ
الْخُطُوبْ فَتَوَرَّدَتْ
في الصُّبْحِ شَمْسٌ حَبَّرَتْ
حَجَلَ الْخُيُولْ وَاللَّوزُ
شَعْشَعَ في الْبَرَارِي
وَالْحُقُولْ وَتَرَنَّمَتْ
لُغُةُ الزُّهورِ عَلى نَسيمِ
الْفَجْرِ والْعَينِ
الْكَحيِلْ لَكِنَّ
ذِكْرَاهُمْ تُؤَرِّقُ قَلْبَ
قُبَّرَةٍ عَلى أَفْراخِهَا لَمْ
يَدْرِ أَنَّ النَّوءَ أَلْقَى
صَمْتَه رَعْدَاً وَبَرْقَاً
لَمَّعَهْ وَعُيُونُهُمْ
حَطَّتْ عَلى مَتْنِ
الْفَضَاءِ.. فَهَذهِ
أَحْلامُنَا أَوْقِفْ
جُيُوشَكَ إٍِنَّ حُلْمَكَ
لَنْ يَطُولْ شَْعٌب
رَمَى عَنْ صَدْرِهِ أَرَقَ
الْعَوِيلْ وَتَعَلَّقَتْ
عَينَاهُ باِلآيَاتِ
وَالْحَبْلِ الأَصِيلْ لَمْ
تَرْكَنِ الأَشْجارُ
لِلْجِذْرِ الْخَجُولْ مَنْ
شَرَّدَ الطَّيرَ الّذِي
سَكَنَ الْبَرَارِيَ.. وَالْحِرَابُ
تَجَمَّعَتْ في مَضْجِعِهْ وَسَنابِلُ
الْوَصْلِ اخْتَفَتْ قَبْلَ
الْحَصَادْ أَطْفَالنُا
يَا خَوفُ صَالُوا في
الْمِهَادْ فَلْتَرْحَلُوا.. شُفَعَاؤُكُمْ
لَمْ يَتْرُكُوا حُبَّاً
فَهَامُوا صَعْصَعَهْ هَتَفَتْ
عَلى آذَانِهِمْ أَصْدَاءُ
أَرْضٍ فَارْحَلُوا يَا
هَذِهِ الصَّرخَاتُ قُومِي
وَاقْلِبِي مِيزَانَ
جَورٍ لَمْ يَجِدْ مَنْ
يَرْفَعُهْ مَنَحُوكَ
بَيضَةَ عِشْقِهِمْ
وَتَصَبَّرُوا صَارُوا
يَئِنُّونَ امْتِثَالاً
لِلرَّغِيفْ وَلَّوكَ
أَنْفَ ذَلُولِهِمْ
وَتَغَبَرُوا فَجَمَعْتَ
مِنْ أَشْنَافِهِمْ
أَقْفَالَهَا وَجَلَسْتَ
تَحْلِبُ مِنْ فَسَائِلِ
حُلْمِهِمْ عَرَقاً
كَرَعْتَ نَبِيذَهُ
وَالسُّحْتَ مِنْ عُنُقِ
الضَّعِيفْ وَلَصَقْتَ
في ظَهْرِ الْبَسِيطَةِ كُلَّ
أَفَّاكٍ خَتُولْ فَتَقَمَّصَتْ
أَبْنَاؤُهُمْ صَمْتَ
الرُّفُوفْ يَرْجُونَ
طِحْناً لِلْغَدَاةِ بِلا
وَجَلٍ أَوْ
عَيشَةً فِيهَا الضُّحَى
خُبْزُ الأَسِيفْ الْوَقْتُ
يَجْرِي وَالْعَوَاصِمُ
تَصْفَعُكْ فَانْسَلَّتِ
الأَفْوَاهُ تَزْفُرُ
بِالسُّيُوفْ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |