ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بقلم
عصام العطار نَعَمْ
نَعَم نفيدكِ بالروحِ والدّم يا
بانياس نعم
نعم نفديك بالروح والدم يا حمص ونفدي
بالروحِ والدم كلَّ مدينةٍ أو
قريةٍ سوريةٍ ترفعُ صوتَها
بالثورةِ على الاستبدادِ
والاستبعاد ، وتشتري لنا بدمها
الحريةَ والديمقراطيةَ
والمستقبلَ الكريم ونفدي
بالروح والدمِ إخوتَنا
وأخواتِنا ، وأبناءنا وبناتنا
الذين ردّوا بإيمانهم وشجاعتهم
وتضحيتهم لأمتنا وبلادنا
روحَها وشخصيّتَها وعِزّتَها
وكرامتَها وتاريخها المشرقَ
العظيم ، فرأينا في مدننا
وقُرانَا كَرَّةً أخرى
سُمَيّةَ وياسر وبلال الذي كان
طواغيتُ الشركِ يُضْجِعونهُ في
مكّةَ على الرملِ الملتهبِ
كالجمر ، ويطالبونه بكلمةِ
الكفر ، فيجيبهم بكلمةِ الإيمان
: أَحَد أَحَد وهكذا
شعبُنا العظيمُ كلُّهُ الآن :
يَسُومهُ الطغيانُ والاستبدادُ
ألوانَ القمعِ والعذاب ،
والتهديدِ والإرهاب ، ويسقط منه
الشهداءُ بعدَ الشهداء ،
ويُطالبهُ الطغاةُ البغاةُ
المستبدّون بالخضوع والخنوع
فيجيبُهم بصوتٍ واحد ، وقلبٍ
واحد ، وإرادةٍ صارمةٍ لا
تَهْتَزّ : حريّه حريّه ، وما
أجدرك بهذه الحرية الآن يا
شعبنا الحبيب يا
حكام سورية ! لقد
انتهى الأمر شعبُنَا
لن يعودَ أبداً أبداً إلى
القيود والأغلال ، لن يعودَ إلى
العبوديةِ والذلّ ذَلَّ
مَنْ يَغْبِطُ الذليلَ
بِعَيْشٍ
رُبَّ عَيْشٍ أَخَفُّ منهُ
الْحِمَامُ السبيلُ
الوحيدُ أمامَكُمُ الآنَ أن
تنتقلَ السلطةُ تماماً من
النظام الذي رفضه الشعب ، إلى
النظام الذي يريده الشعب ،
بطريقٍ سلميٍّ توافقيّ ، ففي
ذلك مصلحتكُم ومصلحةُ الأمةِ
والبلاد أناشدُكم
أن تبادروا إلى ذلك قبل فوات
الأوان واللهُ
أكبر ، والنصرُ للحقِّ والشعبِ
وحريةِ الشعب ==============================
نوال
السباعي تأخذ
المذبحة في ليبيا أبعادا لايمكن
تصورها ، وذلك على الرغم من هذا
التدخل العسكري الغربي الذي
افتضحت فيه اوربة بقدراتها
العسكرية المتخلفة عن القدرات
الهائلة للولايات المتحدة
الأمريكية ! ، ويتمدد شبح
المذبحة الليبية بدعمٍ من أنظمة
عربية تخشى السقوط بعد أن طرقت
الثورة أبوابها الموصدة في وجه
التاريخ ، وقلةِ حيلةِ أنظمةٍ
أخرى تظن في نفسها القدرة على
النجاة، مذبحة معلنة على "مرمى
زورق" من أوربة ، تجري تحت بصر
"العالم المتحضر" المجعجع
بالقيم الحضارية الديمقراطية
الغربية ، التي يتدخل باسمها
عسكريا وإعلاميا أينما شاء
وكيفما شاء ، ولكن ودائما بما
تمليه عليه مصالحه ، لابما
يفرضه صوت الدم والأشلاء . في
ليبيا ، ومثلها سورية -
والحالتان متشابهتان إلى حدّ
التطابق من حيث كذب الطغيان ،
وتجذر وبطش أغواله في جسد
الدولة والمجتمع - يبدو التدخل
الأجنبي كارثة ، يستوي في ذلك
تدخله الإعلامي او الديبلوماسي
أو العسكري ، مما يدعونا لدعوته
رفع يده عن هذه الأمة جملة
وتفصيلا ، وهذا كمن يطلب
المستحيل !، بسبب العلاقات
المصيرية بين الغرب بشقيه وبين
النظام السياسي الحاكم في
المنطقة العربية ، فاذا كان
العالم لايريد مساعدة
الثوارإلا على استحياء وبقدر
تلبيتهم مصالحه الآنية
والمستقبلية ، فليكف يده عن
مساعدة الجلاد السرية والعلنية
!!، كأن يحول دون أن تصله شحنات
الأسلحة المتدفقة عليه من دول
غربية وعربية ، وأن يلجمه عن شن
حربه على وسائل الإعلام
والصحفيين الذين يريدهم أن
يكونوا في خدمة أكاذيبه أو في
القبور ، وأن تُمنع اسرائيل من
تقديم الدعم بالأفكار والوسائل
وإدارة المعركة إعلامياً وعلى
الأرض . يبدو
المشهد وكأن الغرب يمضي في طريق
تقسيم ليبيا إلى دولتين
متحاربتين ، تعملان كلاهما على
خدمته وتوفير مصالحه النفطية
وفي محاربة الهجرة السرية و"الإرهاب"
، أومنح القذافي وأبناءه الفرصة
لسحق الثورة ، والقضاء على
الثوار ، أي القضاء على كل إرادة
للحياة والحرية لدى هذا الجيل ،
ليس من أبناء ليبيا فحسب ، بل في
كل دولة عربية يفكر أبناءها في
التحرر من هذا الحلف الرهيب "حكامنا
– الاستعمار – إسرائيل" الذي
يحكم الخناق على الأمة من
المنامة إلى نواكشوط!. بعد أن
انجلى المشهد في تونس عن هرب "بن
علي" - الذي سيذكره له التاريخ
على أنه الخدمة الأجلّ والأكثر
نبلاً التي قدمها حاكمٌ عربي
لشعبه في بداية ثورة المنطقة
الكبرى- ركب أوباما الموجة ،
وخرج علينا بتصريحاته المشجعة ،
ويوم بلغ ضغط عزم الملايين
المصرية أوجَهُ في ساحة
التحريرعلى الرغم من الضحايا
وسيل الدماء ، تَبَنّى "أوباما"
الثورة المصرية ، حتى لكأنها
ابنة عينه اليمنى - دون أن ننسى
تبعية الجيش المصري للإدارة
الأمريكية بعتاده وميزانيته - ،
فالنصر حلو جميل ، يتمنى الجميع
أن يكونوا آباءه الشرعيين ، وكل
منهم يدّعي وصلا به!، أما مشكلات
النفط العويصة ، وضبابية هوية
الثورة ، و..الهزيمة والآلام ،
فهي أولاد يريد الجميع الفرار
منها ، ولايمكن لأحد أن يحملها
بين يديه ويضمها إلى صدره ، إلا
أمها الحقيقية ، هذه الأمة،
التي يجب عليها الاضطلاع
بمسؤوليتها عنها . على
الأمة من المحيط إلى الخليج أن
تعرف أن هذه الثورة التي اشتعلت
من سيدي بوعزيز هي ثورتها ، وأن
كل ماحققته جماهير تونس ومصر هو
ملك لها، وأن أبناء ليبيا
الجريحة وثوار سورية واليمن هم
أبناؤها ، وأن هذه الشعوب
ممتحنة بأنظمة تتفق في الهدف
والأساليب والرؤية والمضمون
والهيكلة ، وتختلف في طريقتها
تقديم نفسها امام العالم ،
والنتيجة واحدة..تشبثها
بالكراسي والسلطة ، واستمرارها
في البطش الإجرامي لتحقيق ذلك
وبأي ثمن ، وكما غنّت الأمة
للنصر ، فعليها أن تتداعى اليوم
لتضميد جراح ليبيا واليمن
وسورية ، برفد هذه الثورات بكل
مايمكن، وبالإعداد والاستعداد
لأيام طويلة عصيبة مؤلمة ، بعد
أن تورطت هذه الانظمة في طريق
الانتحار التاريخي..شأنها في
ذلك شأن كل مستبد من عصابات
السراق من أصحاب الأخاديد!. يجب
أن نستعد لأيام الإخفاقات
والمحن ، كما نتبنى نجاحات
النصر ونقطف ثمارها، فإن آباء
الانتصارات ومدّعوها كُثُر ،
ولكن أبناء الهزيمة ، هم
أبناؤنا ، أكبادنا التي خرجت
أخيرا على الظلم المربع الذي
يستند إلى قدرة مذهلة على
البهتان والتلفيق ، ومن حقهم أن
نقوم بالواجب الذي تفرضه علينا
هذه المعركة ، معركة الحرية
والكرامة والحياة. =============================== قانون
الطوارئ هو الحاكم في سورية بقلم
سوري خائف قانون
الطوارئ الذي فرض على السوريين
طوال نصف قرن, هو حالة هيمنة
واحتكار واستبداد لامثيل له في
العالم كله. أباح للسلطة أن
تهيمن على كل شيء في سورية,
وتتحكم حتى بالحجر وبذرة التراب,
وبنسبة المواليد وبنسبة الموتى
وبنوعية الرغيف... أحد مبادئ حزب
البعث يقول: (حزب البعث ثوري
وانقلابي). وقد مورس هذا المبدأ
على السوريين جميعاً, فكانت
النخبة الحزبية تمتلك الحق
بالإنقلاب على السوريين,
والثورة عليهم في كل لحظة,
لايمكنني أن أتصور اليوم كيف
استطاع السوريين أن يعيشوا كل
تلك السنوات في ظل ذلك الوضع
الرهيب. لقد كان كل مواطن سجين.
حتى النخبة المتنفذة في السلطة
ظلوا سجناء وأسرى مثالهم في ذلك
كأي مواطن سوري. كلما
اقتربت من السلطة تصبح أكثر
ارتهاناً لها. وتصبح حياتك أكثر
خطراً.. فلا تعرف من يتحكم
بالقرار, ومن يمتلك زمام الفعل.
ولا تعرف إلى أين يسير القطار
السوري, ويأخذ الشعب برمته معه.!.
إن الذين خدموا النظام طوال
سنين, وشغلوا مناصب رفيعة فيه,
كانوا أيضا يجهلون كل شيء يتعلق
بمسيرة ذلك القطار.. ماذا
يريد النظام الحاكم من مواطنيه
المطيعين؟. لا أحد يعرف الجواب
الحقيقي.. هل يريدون منا أن
نعادي الصهيونية؟ أن نعادي
الولايات المتحدة؟. أن نعادي
فرنسا أو السعودية أو قطر؟. هل
يريدون منا أن نؤدي أي دور لنسمى
عندهم مواطنين صالحين؟. ثم ماهو
الخط الذي يمنع علينا تجاوزه؟
لا أحد يعرف أي جواب. لكن من
الثابت ومنذ اليوم الأول لحكم
حافظ الأسد حتى هذه اللحظة أن
النظام يقدس الإعلام السوري,
ويلزم المواطن بترديد كل مايقال
في الإعلام السوري, كما يلزمه
بحمل أو رفع أو تعليق صورة الرجل
الواحد الحاكم للبلاد. وأن يكتب
كل مواطن كلمة نحبك. هذا هو
المواطن رقم واحد في سورية.. لكن
هل هذا الأداء يكفي لكي نفهم
سياسة السلطة داخليا وخارجيا.؟
بالطبع لا. إن
سيطرة حافظ الأسد على السلطة في
سورية, واستمرار حكمه وتعيين
ابنه بشار, وقيام هذه السلطة في
رسم كل الأقدار في سورية من تراب
وحجر وبيوت ونفوس ونبات ورغيف
وموظفين وجنود وأجهزة أمن... كل
هذه الأشياء رسمتها السلطة بدقة
وفرضتها وفق نموذج صارم, الغرض
منه تعزيز بقاء السلطة وهيمنتها
واستمرارها. كل هذا حدث بموجب
قانون الطوارئ البائد. لقد
استغلت السلطة في سورية هذا
القانون, ليس إلى حدوده القصوى
فحسب, بل إلى ماهو أبعد من حدوده
القصوى بآلاف المرات. لذلك
لايمكن أن نتصور سلطة فيا لعالم
كله أمكنها استغلال أحكام
الطوارئ بهذا الشكل الذي مورس
على السوريين. أنا
أكتب الآن. وأجلس في مكتبي. ورغم
الإعلان عن رفع أحكام الطوارئ
في بلدي, فإنني لا أثق, ولايمكن
لمثلي أن يثق بأنه لن يعتقل بسبب
مايكتبه على الورق. لقد صنع هذا
القانون قلوبا ضعيفة مرتجفة,
ونفوسا ضعيفة. وأشخاص قلقين, لو
سألتهم عن لون الصفحة البيضاء
لقالوا بأنها سوداء. الإعلام
السوري مازال حتى هذه اللحظة
يغير الكثير من الألوان. وسوف
يستمر في هذا الأداء, رغم رفع
قانون الطوارئ. فحينما يتحاور
المذيع مع ضيف البرنامج, يتوجب
عليهما أن يغيرا كل الألوان. وأن
يتحدثا بكلمات من خارج القوانين
الطبيعية. هذا يعني أن القانون
لايمكن للسلطة أن تلغيه أبدا. في
الأمس كنت في ضيافة صديق لي,
فطلب من ضيوفه أن يطفئوا أجهزة
الموبايل. وطلب الثاني انتزاع
البطاريات. إنهم يعتقدون فعلاً
أن السلطة تراقب كل شخص وتسمع
حواره حتى حينما يكون في سرير
زوجته. فهذا القانون وطرق
تطبيقه الكثيرة صنع أشخاصاً
خرافيين فعلاً. يتصورون أن
الحكومة تمتلك قدرات سحرية
خارقة. كان
سكان سورية يعيشون مرتاحين
ثابتين في مدنهم وقراهم,
ومحافظين على العلاقات
الاجتماعية والقبلية المتينة.
لكن حافظ الأسد رسم خارطة
سكانية جديدة لكل المدن والقرى
والأحياء. فقد وفد القرويين إلى
المدن بتوجيه من السلطة, إلى
المدن الكبيرة, واستأجروا بيوتا
من أصحاب هذه المدن. فصدر قانون
يمنح الوافدين حقوقاً إضافية.
فأصبحوا بموجب قانون الإيجار
يمتلكون هذه البيوت التي
استأجروها. ثم أصدر الرئيس بشار
تعديل طفيف لهذا القانون, منح
للمستأجر مانسبته أربعون
بالمائة من قيمة البيت المستأجر.
وهذا قانون عرفي وغير عادل. القانون
العرفي فرض حالة اللا قانون في
سورية. وهذه الحالة استمرت طوال
الفترة السابقة كلها, وسوف تبقى
اليوم وغداً.. وهي تنطلق على كل
المجالات التي يمكن أن يتخيلها
القارئ. فمثلاً أنا الآن, في
دمشق أحاول تصفح الأنترنيت, لكن
يتعذر الإتصال طوال هذا اليوم..
وفي يوم الأمس أتيحت لنا حوالي
ثلاث ساعات فقط. المشغل الذي
أستأجره خاص وليس حكومي, فلا يهم,
الحكومة تفرض على المشغل
أوامرها. ويستطيع المشغل أن يغش
المستأجر أيضاً, وكل هذا يجري
تحت غطاء الأوضاع العرفية. هذه
الأحوال خلقت أنماطاً جدية من
السوريين. هذه الأنماط يسايرون
الحال العرفية, فيبنون كل
أعمالهم ونشاطاتهم وأفكارهم
وتجاراتهم على الوضع الراهن.
فالطالب لا يريد أن يدرس, لأن
الغش في الامتحان متاح,
والشهادة سيشتريها بمال أبيه لو
أراد. كما أن امتهان الغش
والسرقة والنصب والممنوع أكثر
ربحاً له. وأقرب وأسهل من وسيلة
الدراسة. لهذا فشل التعليم
وفشلت كل المؤسسات التعليمة...
وهذه الحال فرضت مدرسين
وإداريين وأساتذة جامعيين غير
أكفاء, وأزاحت الأكفاء
والقديرين... وقس على هذا كل
المجالات في المجتمع السوري.. بذريعة
هذا القانون استولت السلطة على
عقارات تعود أملاكها لمواطنين
عاديين من أبناء المدن والقرى
والأرياف. وبنيت على هذه
العقارات مشاريع كبيرة جداً
اغتنى منها من أرادوا الاعتناء.
أي المقربين من السلطة طبعاً.
فيما ذهب أصحاب تلك الأملاك إلى
الفقر والمجاعة أو الموت حزنا
وبردا وجوعا وقهرا. أقرب مثال
على هذا الأمر هو كاتب المقال
الذي لا يمتلك اليوم بيتاً يأوي
عائلته وأولاده فيه. فيما تقدر
قيمة العقارات التي استملكتها
الحكومة منه ومن أسرته بمليار
ليرة سورية. وقد بنيت عليها أهم
المشاريع العمرانية في سورية.
وقد جرى الاستملاك في كل المدن
والقرى تقريباً. ومنع المواطن
بموجب قوانين مكملة وعرفية من
بناء بيت يأويه وأولاده. وقد وضع
المواطن في موضع الريبة والتهمة
والمخالفة والانتظار للفرج
الذي قد لا يأتي.. فكأن من وضع
هذه القوانين قرأ مسرحية (بانتظار
غودو), وجعل كل السوريين ينتظرون
غودو. كأنه قرأ رواية الطاعون
لكامي, وجعل كل السوريين يعيشون
في زمن الطاعون. ورغم أن طاعون
كامي, قد زال عن المدينة
الجزائرية فإن طاعون المجتمع
السوري رسم له أن يكون مرض لا
نهائي. فمنذ تمكني من لفظ
الكلمات, أتذكر أن والدي كان
يتحدث عن تهديد أمانة العاصمة
التي جاءت وهدمت الغرفة التي
كان يبنيها. وحتى اليوم يقوم
عمال البلدية بهدم أي جدار يمكن
أن أتجرأ وأخالف القانون وأضيفه
لمنزلي.. لقد صمم واضع القوانين
على أن يبقى كل مواطن ينتظر
الفرج فلا يجده. ينتظر الحل فلا
يأتيه. ينتظر الإصلاح فلا يمنح
له. ذلك لكي يموت هذا الموت في
حسرته. ونتيجة لأوضاع البيوت
المخالفة هذه مثلاً فإن أغلب
السوريين يعيشون في هذه التي هي
شبه بيوت. في حين يمكن للسلطة أن
تيسر لهم تنظيم المدن وبناء
العقارات بالشكل السليم.
وبالطبع فإن كل موظف يمتلك
عشرات من الأجوبة التي تنفي ما
أكتبه هنا. حتى الخطاب صار
عبثياً وبعيداً عن الموضوعية.
ومنع الخطاب الصادق الحقيقي, بل
يعاقب قائله, والتهمة جاهزة
لمحاسبته, فهو شخص يمنح أسرار
الدولة للأمريكان.!. لقد
سلّم المواطن السوري بأن للسلطة
الحاكمة هيبة, فمنهم من تقرب من
السلطة ليكسب من هيبتها.
ومواطنين ظلوا بعيدين عن هذا
النفوذ, فمورست الهيبة الشبيهة
بالكرباج عليهم جميعاً. هذه
الهيبة قامت على أركان القانون
العرفي. لكن السوريين رغبوا
اليوم برفع هذا الكرباج عن
رؤوسهم. فاضطرت السلطة لإصدار
قانون برفع الأحكام العرفية..
فالسلطة تعلم بأنها لو رفعت كل
الأحكام الناتجة عن والمتعلقة
بهذا القرار فسوف تزول هيبتها
كلياً. ويتوجب عليها أن تذهب بلا
عودة. لذلك فإن هذا القرار لن
يرفع. ولن يرفع منه بنداً واحداً,
بل ستصاغ قوانين أكثر صرامة
وتعسفاً. ففي هذا اليوم ترفع
الأحكام العرفية بينما تصدر
قوانين بمنع التظاهر. مع أن
التظاهر السلمي مباح بموجب
الدستور السوري. كما يقتل
ويعتقل في المدن السورية عدد
كبير من الأبرياء. في
الدوائر الحكومية توجب على
الموظفين مثلاً أن يخرجوا في
تظاهرات مساندة للحكومة. لنتصور
رجل في الخمسين من عمره, يرقص في
الشارع ويصرخ ويرفع صورة, ويجبر
على المشي طوال خمس ساعات..!. إنه
مجبر على أداء هذا الدور المضحك.
ولو تجرأ ورفض, فسوف يعاقب. فكل
موظف مدني يخضع للأحكام العرفية.
ويفرض عليه أن يعلن عن حبه
للسلطة ولرمزها.. لقد صارت هذه
الدوائر الحكومية المدنية شبه
مؤسسات عسكرية. لذلك تصدر
القوانين برفع رواتب الموظفين
فقط. بينما باقي الشعب
لايستفيدوا من الدولة بقرش واحد..
فكأن هؤلاء من صنف السلطة,
والآخرين من صنف غير سوري.!. الحديث
عن القانون العرفي ومانتج عنه,
أمر لا ينتهي, ويمكن للمراقب أن
يكتب آلاف الصفحات في هذا
الموضوع. فسورية لم تسعى السلطة
لتحديث شيء فيها حتى الآن. مع أن
كل مواطن سوري يتمنى ويرجو أن
تأتي الإصلاحات من قبل السلطة.
لاأخفي أنني أثناء كتابة كل
كلمة في هذا المقال بقيت أحذف
هذه وأعدلها بهذه.. وبقيت أضع
يدي على قلبي. وأوصيت زوجتي
بالأولاد. وأرسلت هذا المقال
للنشر, رغم أن القانون يحميني
لكننا نحن في سورية مازلنا نعيش
خارج كل القوانين. إنما في عالم
الأمزجة. لقد فرض الوضع السلطوي
أنه ليس بين المواطن والحكومة
أي عقد اجتماعي أو تضامني,
فالمواطن عاش طال خمسين عاماً
في وادي. وكانت السلطة ترفع
عرشها عن ذلك الوادي. فالسفارة
السورية في بلد أجنبي تمارس دور
التجسس على المواطن العادي,
فيما تدعم وتمول المتعاون معها
والذي لا يتميز إلا بشيء واحد,
ربما هو أنه يعلق صورة الرئيس
على قبة معطفه حين دخوله مبنى
السفارة. كأن هذا مواطن وذاك غير
مواطن.!. وحين يعتقل سوري في بلد
أجنبي مثلاً لم نسمع عن مطالبة
الحكومة السورية به, بل ندرك بأن
هذه السلطة تقول في سرها,
اعتقلوا مئات وآلاف من مواطنينا,
وأريحونا من أعباءهم. مثل هذه
العبارات قرأناها وسمعنا فعلا
مئات المرات. من مواطنين سوريين,
في حوارات على الأنترنيت وعلى
التلفزيون السوري, يقول كثير من
أتباع السلطة: عبارات من نوع: من
لم يعجبه الحكم فليرحل, ليعيش
خارج سورية. حتى كبار المسؤولين
السوريين حينما تحدثوا عن
السوريين في الخارج, وصفوهم
بالأغيار, والأعداء. إن إطلاق
صفات: السلفيين والمسلحين
والمتطرفين على عشرات الآلاف
الذين تظاهروا في حمص وبانياس,
يعني أن السلطة تقسم الشعب
السوري إلى موالين ومعادين.
فهؤلاء المعادين يمكن قتلهم أو
اعتقالهم. وباختصار فهم ليسوا
مواطنين. وقد تحدث الرئيس بشار
عن صنفين من المواطنين حين قال: (لايوجد
وسطيين). فقطع الطريق بهذا على
أكبر شريحة من السوريين. وهؤلاء
هم الذين اعتقدوا في البداية
بأنهم سيظلوا محايدين وصامتين
إلى أن تنتهي المرحلة. لكن هذه
الشريحة الكبيرة أدركت بأنها
مهددة وموسمة بالعدو. فبدأت
تنحاز فعلاً إلى الإصلاحيين.
لقد نفى الرئيس بشار خمسة عشر
مليوناً من السوريين بزّلة لسان.
أي بحكم عرفي. وفرض حكمه على
الجميع. فتقيدت السلطة بهذا
الحكم. الذي سيبقى سارياً حتى
يتحدث الرئيس مرة أخرى ويلفظ
كلمة أو (زلة لسان) أخرى تعتبرهم
مواطنين. رفع قانون الطوارئ
يعني تنازل السلطة عن مليون بند
من مكاسبها, فلا أحد من السوريين
يتصور بأن السلطة قادرة للتنازل
على خمسة بنود فقط من هذه
المكتسبات غير الشرعية... أنا
أشتغل في الكلمات, ورغم ذلك
فإنني, وبسبب القانون العرفي,
وكأي مواطن في سورية أخشى حتى
الآن أن ألفظ كلمتين هما: (أسد.
علوي). لقد منع الناس طوال عقود
من التحدث مثلاً عن ملك الغابة,
الأسد. وفي التلفزيون السوري
وفي الكتب المدرسية يتحاشون ذكر
هذا الحيوان (الأسد). وفي
الأبحاث الدينية والتاريخية
يمنع أي نقاش يتناول العلويين.
بل يمنع ذكر كلمة علويين. وهذا
الأمر أفقر المكتبة التاريخية
من مادة تاريخية رئيسة ومهمة
ومرتبطة بكل الأبحاث الإسلامية
والصوفية. اتسع القانون العرفي
حتى أصبح وضعاً وحالة عامة,
فبإمكان أي شخص أن يتعامل مع
خصمه بموجب العرفي وبطريقة
عرفية. وقد منح الناس حق استثمار
هذا العرفي لتحقيق مصالحهم
الشخصية. ففي عهد حافظ الأسد وضع
بند قانوني يسجن كل شخص يقطع
شجرة, وقانون آخر يسجن كل شخص
ينقل مواد بناء..!. هذه القوانين
كانت تتيح لأي كاره أن يتسبب
بالسجن لشخص بريء. فتنفيذ الحكم
في سورية لا يستند إلى محكمة
وشهود, بل إلى شكوى هاتفية من
مجهول. ولم يكن الهدف من تلك
القوانين أن تخدم المجتمع
والدولة, بل كان هدفها هيمنة
السلطة وقمع الجميع والحفاظ على
سياسة ترعيب المواطن وقهره
وإذلاله. إن
امتدادات القانون العرفي في
سورية كثيرة لدرجة أنها لا
نهائية. فكل شيء عرفي هنا. وكل
شيء يفرض حتى بزلة لسان. إن
مذيع التلفزيون السوري, وكذلك
الصحفي العامل في الصحف
الحكومية, لا يستطيع أن يقدر
مبادئ السلطة, لأنه لم يفهمها
ولن يفهمها. فكثيرا ما يعبر
الصحفي عن ولاءه للنظام بطرق
وأفكار يعتبرها البعض منهم
معادية لأفكار النظام. فيقع
الرجل في ورطة نتيجة اجتهاده..
في عصر الحجاج الثقفي, كان
الشاعر يقول كلمته, فإما أن يقطع
رأسه أو يمنح ألف دينار, هذه
الطريقة نجدها اليوم في النظام
السوري. فالشابة طل الملوحي
اعتقلت بسبب كلمات كتبتها على
فيس بوك. وحكم عليها بالسجن لخمس
سنوات. بسبب كلمات من أحرف هي في
الحقيقة أزرار على لوحة
الكيبورد. رفع قانون العرفي في
سورية لكن طل الملوحي بقيت في
السجن. إذاً, في أي سجن؟ من يعرف؟.
من يسأل من؟ من يمتلك الجواب؟.
لا أحد يعرف ؟. هذه الإبهامية في
سورية ترتبط بالقانون العرفي
أيضاً. =============================== يدا
بيد دائما في يوم صحافة الكرد
وفي الجمعة العظيمة لافا
خالد يطل
علينا يوم الصحافة الكردية في
ظل ظروف استثنائية تمر بها عموم
منطقة الشرق الأوسط , حيث ثورات
الشعوب في وجه جلاديها , هؤلاء
الجلاوزة الذين حكمونا بقبضة من
حديد واحتكروا حتى الهواء الي
نتنفسه , قتلوا واعتقلوا وخطفوا
وهجّروا واغتالوا اصحاب
الضمائر الحية والأقلام التي
دونت الحقيقة , لكنهم فشلوا في
التعتيم على النور , اليوم نتنعم
بالتكنولوجيا التي جعلت لكل
واحد منا حاملا لرسالة وناقلا
للحقيقة مهما كان موقعه وإيا
كان عمله , اليوم ثورات الشعوب
امتدت من الشرق إلى الغرب
بعدسات المواطنين وحدها وغيرت
وجه التاريخ هؤلاء الصحفيين
المجهولين الذين زلزلوا عروش
الطغاة بالصور التي نقلوها
لأصقاع الأرض أقول
لهم وأتوجه خاصة لأبناء جلدتي
إخوتي كل السوريين بكل طيفهم
المنتفضين في وجه من غيب
المناضلين في أقبية مظلمة أو
سلبهم الروح من الحياة: كلنا
ثائر لانتزاع الحرية بالرغم من
آلة القتل العشوائي من كل حدب
وصوب وبالرغم من تجبر الأمن
وخباثة وفساد من هم أسوأ من
يأجوج ومأجوج بلطجية سوريا "الشبيحة
وتوابعهم " ... أقول
مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ...
نحن تخطينا السنوات الضوئية
بتضحياتنا وإخلاصنا للهدف الذي
نمضي لأجله نعم حكاية الطريق
طويلة لكننا متيقنين أننا
سنرويها في الزمن القريب ليس
لأحفادنا إنما نحن سنتداولها في
أحاديثنا بحرية في وطننا الحر ,
سنروي قصص القتل والآلام
والآمال والربيع الذي حل في
دارنا وأبى أن يفارقنا .. أمضي
بالتهنئة الممزوجة بالألم
لإخوتنا وأصدقائنا لأقلامنا
الحرة خلف الأبواب الموصدة
الذين يحملون عنا ومعنا وهج
القضية ... نقف
أمامهم بحب وإجلال، ننشد أغنية
الغد " سورية في طريقها
للحرية .... للكاتب
المتزن بفكره والسياسي الكبير
مشعل التمو وكل زملائه من كل
أشقائنا السوريين ولكل
إعلاميينا أصحاب الضمائر الحرة
أينما كانوا .. تحية تقدير لكل
قلم قاوم في سبيل الارتقاء
بالوضع الإنساني بعيدا عن فكرة
الحدود وحدود الفكرة.... بعيدا عن
ملامح الهويات وهويات الانتماء
... لكل
من نفخ الروح بالأبجدية، بقوة
الفكرة، بجرأة الأحرار، دون أن
يهاب التعرض لأكثر من سؤال
وأكثر من استجواب ، من القلب نحن
معاً واليد ممدودة دوماً لكل من
اختار وسيختار مهنة المتاعب في
سبيل أن نبقى أسياد قرارنا في
وطن حر ونرتقي بثقافتنا ونحميها
من التشويه وما تعانيه من أزمات.. للصحافة
الكردية.. للصحفيين الكرد ... لمن
يحتضنهم، من الحالمين والثوار
والشعراء.... للكادح
في أرضه والمعانق رغبة الحياة
رغم ضجيج المكائن وقمع المستبد
، نقول أنتم
الهدف، منكم نبتدئ وإليكم
المنتهى . كل
يوم و22 نيسان آخر من أحزاننا
يثور والأمل أن ننتصر بإعلام
مهني وموضوعي بأقلامنا
ومبادئنا ... كل
لحظة والحرية تقتحم ذواتنا
جميعاً .. كل عام وصحفيونا في
أفضل حال مما هم عليه وصحافتنا
تمضي للأمام سلام
للأصابع التي تحترق شمعة في
الأقبية كي نرى بشكل أفضل
فضاءات الوطن ونبضات الإنسان،
في وطن يجمعنا ونجمعه... إجلالا
لكم حملة الأقلام الحرة دمتم
بصحافة عريقة توازي قاماتكم
وشهامتكم وعمق التضحيات التي
تعانق الشمس وتتحدى كل الظروف
في مسعى جاد لأن تصل الحقيقة
وتتسلل الحرية والكلمة الجادة
الملتزمة إلى بيوتنا معاً ... في يوم
صحافة الكرد وفي الجمعة العظيمة
سلاما
لشباب سوريا سلاما
دوما لكل من كانوا ولازالوا في
مسعاهم لنشر الحقيقة =============================== الدكتور
عثمان قدري مكانسي للمظلوم
أن يطرق كل باب ليصل إلى حقه ،
وهذا سيدنا يوسف حين أوّل لعاصر
الخمر رؤيته طلب إليه أن يذكر
ظلامته عند الملك - حين يجد لديه
أذناً صاغية - عله ينصفه ، فقد
دخل السجن ظلماً وعدواناً على
الرغم أن العزيز - زوج المرأة -
حين رأى قميصه قدّ من دبر أقر أن
الخطأ كان من زوجته ، وطلب من
يوسف أن يتناسى الأمر كي لا
ينتشر بين الناس " يوسف أعرض
عن هذا واستغفري لذنبك ، إنك كنت
من الخاطئين " لكن الضعيف –
في كثير من الأحيان – يكون كبش
فداء لمفاسد الملأ من القوم .
وهذه طبيعة البشر حين يضعف
الإيمان في قلوبهم . وربما ظنّ
يوسف عليه السلام أن الناجي قد
يَعُد تأويلَ الرؤيا دَيناً في
عنقه يؤديه في الوقت المناسب
فطلب إليه أن يذكره عند الملك
عله ينال حقه المهضوم "
اذكرني عند ربك " وعلى
الرغم أن يوسف عليه السلام قال
في معرض أفضال الله تعالى عليه
" ذلكما مما علمني ربي " وقد
علمه تأويل الأحاديث وكان
متأكداً من صدق تأويل الحلم فإن
القرآن استعمل كلمة " ظنّ "
بدل كلمة " علم " في قوله
تعالى " وقال للذي ظنّ أنه ناج
منهما " وهذه لفتة تربوية
رائعة تفيد أن العلم يبقى ظناً
ما لم يتحقق . وكثير من الناس
يخطِب المرأة ويؤثث البيت ويحدد
تاريخ الزفاف ويدعو الناس إلى
مشاركته فرحته ، وقبل الدخول
بأيام أو أقلّ من ذلك يكون
الفراق موتاً أو اختلافاً .. وقد
يَعِدك أحدهم بأمرٍ ما ، وتعتقد
أن الأمور صارت بين يديك فإذا
الأمر وهمٌ وسراب . بعض
المفسرين يجعل الضمير في "
فأنساه الشيطان ذكر ربه "
عائداً إلى يوسف عليه السلام
ظاناً أن الله تعالى عاقب هذا
النبي الكريم الذي طلب العون من
غير الله بالبقاء في السجن سبع
سنين لأن الشيطان غلبه تلك
اللحظة وما كان له أن ينتظر
الفرج من غير الله تعالى ونسي
هؤلاء المفسرون أن على الإنسان
أن يخطط للوصول إلى هدفه ويتخذ
الأسباب ، و يكل أمره إلى الله
تعالى أولاً وآخراً . وبعض
المفسرين أعادوا الضمير إلى
الذي رأى نفسه يعصر العنب ،
ويقدم الخمر لسيده ، فأنساه
الشيطان وصية يوسف . وهذا
التفسير الثاني هو الحق بدليل
قوله تعالى بعد أن طلب الملك
تفسير رؤياه وإعلان الملأ أنهم
لا يعلمون تأويل الأحلام "
وقال الذي نجا منهما وادّكر بعد
أمّة ..." والادّكار هو التذكر
بعد النسيان الذي ضربه الشيطان
عليه سنوات طويلة . في
بداية الأمر أعلن الملأ أن ما
رآه الملك " أضغاث أحلام "
ثم استدركوا ما قالوه . لقد كان
الحلم مقلقاً للملك حتى إنه
جمعهم وسألهم تأويله ، فجوابهم
الأول كان تسرعاً وتخلصاً غير
موفّق فأتبعوه بالاعتراف
بجهلهم حين قالوا " وما نحن
بتأويل الأحلام بعالمين "
وهذه محْمدة لهم تحسب لصالحهم ،
فنصف العلم " لا أدري "
والاعتراف بالواقع فضيلة . وقت
النجاة في علم الله ، ولا يدري
أحدنا متى يأتيه الفرج . ولربما
لا يجرؤ الساقي أن يشفع ليوسف
ولو تذكره ، فخصام يوسف مع
النبلاء والملأ من القوم الذين
أودعوه السجن لستر مخازيهم ووأد
القصة التي يزعجهم انتشارها ،
ولن يفرّط الملك بولاء حاشيته
للنظر في قضية شاب مغمور ! إنه لن
يجد من الملك أذناً صاغية . هذا
لو لم ينسَ ، فكيف وقد نسي؟ إن
للفرج أوقاتاً يأذن بها الله
تعالى ، فتجده بين يديك سهلاً
ميسوراً بعد أن كنت تظنه صعب
المنال ، وكلنا لمس ذلك بيديه
ورآه بعيني قلبه ورأسه. فالساقي
يرى ويسمع ، يرى تلهف الملك
لمعرفة ما رآه ، ويسمع ضعف جواب
الآخرين فيتذكر يوسف الذي أوّل
له رؤياه ، وبشره بالنجاة . فقال
واثقاً " أنا أنبئكم بتأويله
، فأرسلون " باختصارٍ
للموقف سريعٍ ننتقل إلى السجن
فنسمع الساقي يخاطب يوسف عليه
السلام بأدب واحترام ، وللمؤمن
التقي مكانته الرفيعة ولو كان
في السجن " يوسف أيها الصدّيق.."
ومرتبة الصدّيق لا ينالها إلا
من يستحقها عن جدارة . وقد
تسمعها ممن يكرهونك في اعتقاد
ويخالفونك في فكرة ، لكنّ
دخائلهم تعترف بخُلُقك وصدقك
وأمانتك . وكم سمعت من
العَلمانيين وفاسدي العقيدة
والذمم قول بعضهم لبعض : " أنت
رفيقي في الهدف وزميلي في
المهمّة إلا أنني أعرفك سارقاً
ولصاً ولا آمن إلا للإسلاميين
في الأمور المالية والحفاظ على
ما بحوزتهم من أمانة .. قد
يستغل بعضهم مثل هذه الحالة
للوصول إلى غايته قائلا جاءتني
على قدميها . فهل أحجم يوسف عن
الجواب وأباه إلا أن ينظر الملك
في أمره؟! وهل كانت مساومة بين
رسول الملك ويوسف عليه السلام؟
لم يكن النبي يوسف عليه السلام
ليفعل ذلك فثقته بفرج الله لا
تشوبها شائبة . ومن الله ينتظر
الخلاص ، فلم يألُ أن فسر رؤيا
الملك الذي أعجب بذكاء (السجين
المفسر) وعِلمِه الذي لم يجد
مثله في بطانته ، فطلبه إلى قصره
، يريد أن يراه وأن يكلمه . قد يظن
من لا يعرف القصة ولم يقرأها في
كتاب الله تعالى أن يوسف يرى
إعجاب الملك به الذي أخرجه من
السجن غاية المنى ، فسوف يخرج
إلى النور محمولاً إلى الملك
دفعة واحدة وسيتخلص من سجنه .
لكنه أحجم عن الإجابة ، ورفض أن
يخرج من السجن وقد عفا الملك عن
جرمه ، وسيظل في أعين الناس
مخطئاً موصوماً بجريرة كبيرة ،
وستثبت إدانته إن رضي بالعفو عن
جريمة لم يرتكبها . وهو - الداعية
– لن يصدقه أحد إن دعاه إلى الله
وأمره بالشرف والمروءة وكريم
الأخلاق ، يريد أن يخرج من سجنه
بريئاً . لا بد إذن من التحري عن
الحقيقة التي تعيد له اعتباره
وترفعه في أعين الناس " ارجع
إلى ربك فاسأله : ما بال النسوة
اللاتي قطعن أيديهن؟ إن ربي
بكيدهنّ عليم " . إن
الملك حين وجد في هذا الشاب
السجين علماً ومروءة وعزة نفس
ولما يره بعد ازداد رغبة في
لقائه ، وصدّقه ابتداءً فتبنّى
قضيته واستقدم النساء يسألهن
الحقيقة ويتهمهنّ " ما خطبكنّ
إذ راودْتُنّ يوسف عن نفسه؟"
اتهام مباشر يصدر عن الملك الذي
اطمأن إلى صدق يوسف ، فأسقط في
أيديهنّ ، فاعترفن بخطئهنّ
وبراءته " قلْنَ حاش لله ، ما
علمنا عليه من سوء " ولم تجد
امرأة العزيز بداً من الاعتراف
بالحقيقة كاملة " الآن حصحص
الحق ، أنا راودته عن نفسه وإنه
لمن الصادقين " وحصحص الحق :
ظهر بعد خفاء . فكيف يخون الشاب
المؤمن الذي رباه الله تعالى
على الشرف والفضيلة وكريم
الشمائل من ربّاه وحدب عليه؟
يقولها بلهجة الصدق وقد عزا
الخير كله إلى الله تعالى ،
فالنفس البعيدة عن الله توقع
صاحبها في الخطأ ، وما نجاه من
الوقوع في الخطيئة إلا اللجوء
إلى الله تعالى والاستعانة به .
" وما ؟أبرّئ نفسي ، إن النفس
لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي ..
" قال
الملك في المرة الأولى "
إيتوني به " وزاد عليها في
الثانية حين عظم في عينيه "
إيتوني به أستخلصه لنفسي "
جعله مستشاره بعد أن وثق به ورأى
فيه سمات رائعة رفعت عنده مقامه
. وكلمَه وأعجب به ، فبوّأه منه
مقاماً مرموقاً . " إنك اليوم
لدينا مكين أمين " وما كان
التمكين إلا بسبب الأمانة ، ولا
يكون الرجل أميناً إلا إذا
رُبّي على التقوى فكانت الدنيا
في يده والآخرة في قلبه. وما بعد
التقوى والتمكين في الأرض إلا
أجر الآخرة .. إنه
فلاح في الدارين ، وسعادة في
الحالين . =============================== التأثير
الأمريكي في السياسة المصرية –
تحديات ما بعد الثورة د.
خالد صقر* في
أثناء أحداث الثورة المصرية
تطلع الكثيرون من داخل مصر
وخارجها نحو الأفق الأمريكي
ليحاولوا استشراف حجم التدخل
الممكن للولايات المتحدة في
أحداث الثورة من حيث دعم نظام
مبارك ، كما كان متوقعاً ، أو من
حيث دعم الثورة جزئياً كما دلت
علي ذلك بعض تصريحات الرئيس
الأمريكي ووزيرة خارجيته في
العديد من المواقف التي ظهرت
أثناء الأيام الأولي من الثورة
، وكان المثير للدهشة أو التعجب
هو عدم وضوح الموقف الأمريكي
حتي مرحلة متأخرة من الثورة ،
وعزيت هذه الضبابية بطبيعة
الحال إلي الإستراتيجية
البراجماتية للولايات المتحدة
، التي تضع مصالح الأمن القومي
الأمريكي/الإسرائيلي فوق كل
الإعتبارات الأخري ، ولكن
بالرغم من كل هذا فإن التحليلات
الإخبارية والسياسية التي صدرت
من مختلف الإتجاهات لسياسية
الأمريكية والإسرائيلية في ذلك
الوقت كانت ترسل رسالة واحدة :
أن الولايات المتحدة وحليفتها
إسرائيل قد خسرتا نظاماً
سياسياً في مصر لا يمكن تعويضه ،
واستندت هذه الرسالة في الكثير
من الأحيان علي الموقف المصري
مما يسمي بالحرب علي الارهاب ،
وموقف نظام مبارك من حركة حماس ،
وموقف هذا النظام من المد
الثقافي الإسلامي في مصر
والمنطقة بوجه عام ، حيث كانت
مواقف نظام مبارك من كل تلك
القضايا تعكس أيدولوجية مفادها
الحفاظ علي مكتسبات العصر
الإستعماري الغربي والدفاع
المستميت عن مصالح الأمريكيين
والصهاينة في المنطقة. أما
وقد سقط نظام مبارك تماماً ،
وتفككت المنظومة السياسية التي
كانت تعدها الولايات المتحدة
لتمرير مخطط التوريث ومن ثم
الشروع في استكمال مخططات "الشرق
الأوسط الجديد" الذي تسعي
الدوائر المتحكمة في السياسة
الأمريكية كاللوبي الصهيوني
والشركات الكبري في تمريره منذ
عهد بوش الأب ، فقد أصبح من
الضروري تقييم مستقبل العلاقات
الأمريكية المصرية من حيث قوة
التأثير الأمريكية في الشارع
المصري ، بعد أن تحللت قوتهم في
دوائر "صناعة القرار" بشكل
كبير ، ومن حيث مدي توافق الشارع
المصري مع مستقبل تلك العلاقات
خاصة مع التوجه المؤكد لصياغة
دستور قائم علي تداول السلطة في
مصر. هذا المقال يناقش هذين
الموضوعين ويسعي لرسم صورة
للعلاقات الأمريكية المصرية
بعد إصدار الدستور الجديد
وانتخاب برلمان ورئيس يمثلان
الإرادة الحقيقية للثورة
المصرية. 1-
عناصر التأثير السياسي
الأمريكي في مصر منذ
بدأ التدخل الأمريكي في سياسات
الشرق الأوسط بعد نهاية الحرب
العالمية الثانية ونجحت
الولايات المتحدة في بناء أربعة
محاول للتأثير علي النظام
الحاكم والرأي العام في مصر ،
هذه المحاور هي التأثير السياسي
المباشر ، التأثير الإقتصادي ،
التأثير الإعلامي والتأثير
الثقافي ، وكما يتضح من مراقبة
فعالية المشاركة الأمريكية في
السياسة الخارجية والداخلية
المصرية ، منذ عهد السادات وحتي
نهاية نظام مبارك منذ شهور
قليلة ، فإن محوري السياسة
والإقتصاد كان لهما أبلغ الدور
في صياغة العديد من المواقف
المصرية التي تخدم أهداف
السياسة الأمريكية في الشرق
الأوسط بشكل عام ، وتجلي هذا
بوضوح في الدفع بمصر في عملية
السلام بعد حرب العاشر من رمضان
لتنتهي باتفاقية مجحفة لمصر هي
اتفاقية كامب ديفيد ، وتجلي هذا
بوضوح أيضاً خلال العقد المنصرم
عندما قررت أمريكا شن ما سمته
"الحرب علي الإرهاب" حيث
نجحت بعد مساومة مصر سياسياً –
عن طريق دعم مخطط التوريث –
واقتصادياً – عن طريق المعونة
الأمريكية – في جعل مصر أحد
الحلفاء الإستراتيجين لسياسات
أمريكا في تلك الحرب المزعومة. كانت
عناصر التأثير السياسي
الأمريكي لدي النظام المصري
دائماً ما تستخدم سياسة العصا
والجزرة ، فكانت أمريكا تسعي
دائماً لدعم المعارضة المصرية
في الداخل – العديد من الأحزاب
السياسية – وفي الخارج –
كمنظمات أقباط المهجر – بحيث
تشكل عنصر ضغط هام للإدارة
الأمريكية ، بينما كانت أمريكا
– بإدراكها لعمق وترسخ مشروع
التوريث لدي مبارك والمقريبين
منه – تمارس سياسة "الجزرة"
من خلال هذا العنصر ، فكانت
تساوم النظام المصري علي مدي
الدعم الأمريكي لمشروع التوريث
، وظهرت تلك المساومة بوضوح في
عدة قضايا أبرزها الموقف المصري
من حركة حماس والموقف المصري
الأمني من التيارات الإسلامية
وتحديداً حركة الإخوان
المسلمين. علي الجانب الآخر
كانت الولايات المتحدة تستخدم
ورقة المعونة الإقتصادية
الضخمة (بلغت 1.52 بليون دولار في
عام 2010) للضغط علي النظام
السياسي لتمرير سياسات محددة
سلفاً لخدمة المصالح الأمريكية
في المنطقة ، وتحديداً فإن هذا
الضغط طان يمارس علي النظام من
حيث حجم الجزء العسكري من تلك
المعونة ، لإدراك السياسة
الأمريكية لأهمية الجيش
بالنسبة للنظام السابق. بقيام
ثورة 25 يناير ، والقضاء علي
أركان النظام المصري وعناصره
الفاعلة ، فإن عنصر التأثير
السياسي الذي كانت تتمتع به
الولايات المتحدة في مصر قد
أصبح خاملاً بشكل غير مسبوق ،
فالبلد يتجه الآن لصياغة دستور
يضمن تداول السلطة ويقلص كثيراً
من صلاحيات الرئيس ، بحيث أن
تصبح القرارات السياسية تعكس
توجهات الرأي العام في مصر بشكل
فعال بعد أن كانت تعكس "قرارات"
مبارك والدوائر الاستخباراتية
المحيطة به فقط ، وعلي هذا فأصبح
من المستحيل علي الأمريكيين أن
يمارسوا سياسة "العصا
والجزرة" مع النظام المصري
القادم الذي سيصل مكتملاً إلي
السلطة بحلول منتصف العام
القادم ، فالمساومة علي دعم
المعارضة المصرية ستصبح غير
مجدية علي الإطلاق في دولة
تمارس التعددية الحزبية بشكل
حقيقي ويقر دستورها بقدر عالي
من حرية التعبير وحرية الممارسة
السياسية ، وبالقضاء علي مخطط
التوريث تماماً أصبح الحديث عن
مساومة النظام في مصر علي "مكاسب"
ما يمكن للأمريكيين أن يحققوها
للنظام المصري الجديد حديثاً
اهمياً لا يستند لأسس واقعية ،
وأصبح أيضاً من الممكن القول أن
أمريكا الآن ليس لها سوي هدف
واحد وهو استعادة عنصري التأثير
السياسي والإقتصادي علي النظام
الحاكم الجديد في مصر. يبقي
لدوائر صناعة القرار الأمريكية
عنصران للتأثير فقط في السياسة
المصرية في مرحلة ما بعد الثورة
، هما العنصر الإعلامي والثقافي
، فالولايات المتحدة تدرك
تماماً وجود طبقة من المثقفين
الفاعلين في السياسة المصرية
أعضاؤها متأثرون تماماً
بمفردات الحضارة الأمريكية ،
ومنعزلون تماماً عن البعدين
الإسلامي والعربي لمصر ، وهذه
الطبقة ليست جديدة في المجتمع
المصري بل تعود جذورها إلي أكثر
من مائة عام ، ويرمز إليها
التيارات العلمانية ياختلاف
أطيافها التي يجمعها عنصران
مشتركان هو الرفض الكامل لكل
أشكال الممارسة السياسية
الإسلامية ، والمطالبة بفصل
الإسلام عن الحياة العامة بشكل
كامل ، وأيضاً فإن الأمريكيين
يرون أن الأغلبية الساحقة من
الشعب المصري لم يصل بعد لمرحلة
النضوج الأيدولوجي والفكري
المكتمل ، لا سيما وتلك
الأغلبية لا تزال متأثرة بنصف
قرن من التجهيل والتجاهل
السياسي والثقافي ، وبالتالي
فتري الولايات المتحدة أنه لا
يزال من الممكن التأثير علي
الرأي العام لدفعه في الإتجاهات
التي تخدم إستعادة التأثير
السياسي والإقتصادي علي صناع
القرار في مصر ، ومن هنا يتضح
دور الإعلام المدعوم أمريكياً
في التأثير علي الرأي العام
المصري. العنصر
الإعلامي في منظومة التأثير
السياسي الأمريكي داخل مصر
يتركز في محورين ، الأول هو
القنوات الفضائية المملوكة
للعديد من رموز العلمانية ،
والمرتبطين بشكل أو بآخر مع
الدوائر الإستخباراتية
الأمريكية وملحقاتها من منظمات
أقباط المهجر ، ويري الأمريكيون
أن هذه القنوات لها تأثير كبير
في قطاع الشباب الجامعي بما
تقدمه من لغة مواكبة لثقافة
الشباب في بلد اتسعت الفجوة فيه
بين المثقفين الإسلاميين وعامة
الشعب ، والمحور الثاني للتأثير
الإعلامي الأمريكي في مصر يتركز
في العديد من السياسيين
البارزين الذين يتمتعون بقدر
مؤثر من الكاريزما الشخصية ،
والأهم من ذلك أنهم من
المحسوبين علي ثورة 25 يناير من
حيث التأييد والدعم والمشاركة
بالنيبة للبعض منهم ، وهؤلاء
السياسيين الآن يشنون عدة حملات
إعلامية ، بمساعدة عدد من رموز
الإعلام في النظام السابق ، ضد
التيارات الإسلامية المختلفة
بهدف إضعافها وإضعاف تأثيرها في
الشارع المصري ، وفي اعتقادي أن
هذه الحملات موجهة من خلال
مبادئ أساسية تحاول الإدارة
الأمريكية ضمان بقائها خلال
المرحلة القادمة ، هذه المبادئ
تتمحور غالباً حول الإبقاء علي
التحالف الإستراتيجي بين مصر
والولايات المتحدة وهذا يمكن أن
يضمنه فقط عدم وصول أي تيار
سياسي مؤمن بعدالة القضية
الفلسطينية ببعديها اإسلامي
والعربي إلي سدة الحكم وصناعة
القرار في مصر. 2-
التحديات التي تواجه السياسة
الأمريكية في مصر بعد الثورة إن
التحدي الأكبر الذي يواجه دوائر
الإستخبارات والتحليلات
السياسية والأمنية الأمريكية
الآن هو ضبابية الموقف السياسي
في مصر ، فبعد الفشل الذريع التي
منيت به هذه الدوائر في التنبؤ
بقيام الثورة المصرية ونجاحها ،
أصبح من المستحيل تقريباً أن
يتنبؤوا بطبيعة النظام السياسي
القادم في مصر ، وهذا التحدي
يعتبر قاتلاً بالنسبة لطريقة
عمل دوائر صناعة القرار
الأمريكية التي تعتمد علي
التحليلات المستفيضة والمفصلة
لكل السيناريوهات الممكنة ،
وقبل الثورة كانت تلك
السيناريوهات عادة ما تكون
متقباربة وذات نتائج متساوية
وذلك لوجود مبارك وأجهزته
الأمنية في مصر بما يضمن عدم
حدوث أي مفاجآت ، أما بالنسبة
للوضع الحالي فإن السيناريوهات
المحتملة متباينة لأقصي درجة ،
فيطرح أول هذه السناريوهات وصول
الإخوان المسلمين والتيارات
الإسلامية المؤيدة لهم إلي قمة
الهرم السياسي في مصر احتمالات
تقديم الدعم لحركة حماس في قطاع
غزة ، وما يستتبع ذلك من احتمال
حدوث مواجهات سياسية – أو ربما
عسكرية – بين مصر واسرائيل ،
بينما يطرح سيناريو آخر وصول
بعض التيارات العلمانية -
كالجبهة المصرية للتغيير - إلي
سدة الحكم مما سيضمن استمرار
تجمد العلاقات بين مصر وحركة
حماس في غزة ، وسيضمن أيضاً
امكانية إعادة عنصر التأثير
السياسي للولايات المتحدة في
السياسة المصرية ، وتباين تلك
السيناريوهات يوضح مدي الحيرة
الذي يمكن أن يكون صناع القرار
في الولايات المتحدة يعيشونه
الآن. في كل
الأحوال فإن الدستور المصري
الجديد بما يحمله من مواد تضمن
تداول السلطة في مصر يطرح
تحديات غير مسبوقة علي دوائر
التخطيط ودعم اتخاذ القرار في
أمريكا ، هذه التحديات ستقلص
بشكل كبير قدرة هذه الدوائر علي
إعداد استراتيجيات فعالة تبني
عليها الإدارة الأمريكية مواقف
ناجحة من التطورات السياسية في
مصر ، فلا يبقي أمام تلك الدوائر
الآن سوي محاولة التدخل في صنع
المستقبل السياسي في مصر من
خلال عنصري الإعلام والثقافة
لتجيه الرأي العام لتخطي أكثر
الإحتمالات تشاؤماً للأمريكين
وهو وصول الإسلاميين لقمة الهرم
السياسي ، وهو ما يحدث بالفعل ،
غير أن تلك المحاولات بدأت تضعف
أمام مواجهة التيارات
الإسلامية المختلفة فكرياً لأن
القائمين عليها من رموز
العلمانية الذين يرفضهم قطاع
كبير من الشعب ، فالحملة
الأخيرة التي شنتها الأجنحة
الإعلامية الأمريكية في مصر ضد
التيار السلفي باءت بفشل ذريع
نتيجة اعتماد تلك الحملة علي
تلفيق الأخبار الكاذبة وتضخيم
بعض الحوادث العارضة مما أدي
لفقدان القائمين علي هذه الحملة
لمصداقيتهم المهنية ، وأدي
أيضاً إلي اتساع القاعدة
الشعبية للمتعاطفين مع التيار
السلفي ، فيمكن القول أن عنصر
التأثير الإعلامي للسياسة
الأميكية في مصر بدأ في فقدان
فعاليته نظراً لارتباطه
بالعديد من رموز العلمانية
الذين لا يقبلهم رجل الشارع
المصري الذي لا زال عنده قدر من
التوجه الإسلامي تجاهلته
تقارير الرأي العام الأمريكية ،
التي كانت تستند بشكل لا يستهان
به علي تقارير مباحث أمن الدولة
وغيرها من الأجهزة الأمنية
للنظام السابق. ليس
أمام الولايات المتحدة المنهكة
إقتصادياً واستخباراتياً
وعسكرياً الآن – ولأول مرة منذ
بدئ التدخل الأمريكي في المنطقة
– سوي الإنتظار لما ستسفر عنه
مجموعة الطفرات التي تحدث الآن
في جينات المنظومة السياسية
المصرية ، وحتي بعد اتضاح هذه
الطفرات فسيشكل مبدأ تداول
السلطة الذي يتم إرساؤه الآن في
الدستور المصري عبئاً غير مسبوق
علي دوائر دعم اتخاذ القرار
الأمريكية حتي تتمكن من بناء
استراتيجيات فعالة للتعامل مع
واحدة من أهم الدول في الشرق
الأوسط. =============================== بعد
تفجر شلالات الدماء.. على بشار
أن يختار بين
مصير بن علي أو حسني مبارك محمد
فاروق الإمام لقد
جفت مآقي الحرائر في سورية كما
جف المداد في أقلامنا فبات
النجيع النازف من الصدور
العارية هي كل ما تبقى من دموع
في مآقي الحرائر ومداد يغذي
أقلامنا!! يوم
الجمعة العظيمة التي أرادها
شباب الثورة في سورية رمزاً
يعكس التعايش السلمي والحب
والوئام والترابط ومتانة الحبل
المتين فيما بين أديان وأعراق
ومذاهب وفسيفساء الوطن
المتنوعة المشارب والمعتقدات،
بكل ألوانها الموزعة كطيف قوس
قزح على مساحة رقعة الجمهورية
الممتدة من طوروس وحتى حوران
ومرتفعات الجولان المحتلة، ومن
البادية وضفاف دجلة والفرات
وحتى الساحل بكل مدن الشام
العريقة الموغلة في التاريخ
التي قدمت للبشرية أول أبجدية
عرفها الإنسان.. في هذه الجمعة
العظيمة التي أرادها هذا الشباب
رعبون مهر الحرية والكرامة وقد
تنفس الصعداء منعتقاً من قمقم
العبودية الذي سجن فيه ما يقرب
من نصف قرن مكبلاً بأصفاد صدئة
قيدت فكره وعقله وقلبه وأحاسيسه
ومشاعره وأحلامه وتطلعاته
وأمانيه قبل أن تقلع أظافر
أطفاله في درعا وترسم الكدمات
على وجوههم بألوان قاتمة، وتقيد
أيدي فتيانه في ساحة البيضا
ويلقوا على وجوههم، ويداس على
أظهرهم وتركل وجوههم ومؤخراتهم
في حفل بهيمي أقامه لهم مصاصو
الدماء وآكلو لحوم البشر الذين
تروي حكاياتهم المفزعة
والمرعبة أفلام هوليود وخرافات
الجدات في ليالي الشتاء!! في هذه
الجمعة العظيمة خرجت جماهير
شعبنا السوري تنشد الحرية
وتطالب بالكرامة وقد ظنت أنها
محصنة من تعديات قانون الطوارئ
بعد إلغائه، ومحمية برجال الأمن
الملزمين بحمايتهم بموجب قانون
الحريات وحق التعبير والتظاهر
الذي حُلت عنه القيود وتفككت عن
معصمه الأصفاد بموجب مرسوم
رئاسي وقعه السيد الرئيس بشار
الأسد بإلغاء قانون الطوارئ..!! في هذه
الجمعة العظيمة كان البهيميون
خفافيش الليل وغربان النهار
بانتظار هذه الجماهير التي تهتف
حناجرها بكل خشوع صداحة بشعار (سلمية..
سلمية.. لا بارود ولا بندقية).. (لا
إخوان ولا سلفية بدنا بدنا
الحرية) وكانت هذه الهتافات
الشفافة الواضحة رداً على توصيف
النظام لهم، بدلاً من أن تعزز
الشعارات من احترامهم وتؤمن
سلامتهم وتبعد عنهم الأخطار..
كانت كلسعة الحرباء لهؤلاء
المتربصين المشحونين بكل عقد
الحقد الأعمى الذين أعدوا للأمر
عدته وبيتوا للغدر حبائله
وكيده، وقد أقاموا الحواجز
الترابية والجدران المعدنية في
رأس كل شارع وحي وميدان وزنقة،
استعداداً لملاقاة عدو كأنه
قادم من وراء الحدود يريد الوطن
وأهله.. أليس هؤلاء المتظاهرون
هم من يدفع بهم الأعداء ليقفوا
حجر عثرة في مسيرة دولة
الممانعة والصمود والتصدي،
ويريدون حرف المسيرة النضالية
لحزب البعث القائد للمجتمع
والدولة، وشق صف المقاومة
وحمايتها، وهم المتآمرون
والخونة والعملاء والمأجورون
والمندسون والإرهابيون
والسلفيون والأصوليون
المرتبطون بالصهيونية
والإمبريالية ويجب قتلهم
واستباحة دمهم واستئصال شأفتهم!!
لقد
فتح هؤلاء الحاقدون، بلا مقدمات
عهدناها عند كل دول العالم (تحذير..
إنذار.. قنابل غاز، رش مياه).. فتح
هؤلاء الحاقدون نيران أسلحتهم
الرشاشة دون سابق إنذار إلى
صدور ورؤوس فتيان وشباب هذه
التظاهرات بهدف القتل وإنهاء
الحياة، ولتتناثر الدماء وترسم
لوحات مخيفة على الأرصفة
والشوارع والجدران ونوافذ
السيارات ووجوه المارة، وتسقط
قامات وتتهاوى أجساد وتتعثر
أقدام ويختلط التكبير بتناجي
الأرواح وهي تصعد إلى بارئها
تشكو ظلم الإنسان لأخيه الإنسان
وتسأل بأي ذنب قتلتني يا بشار؟! وتختلط
الدماء.. دماء الآباء والأبناء
والإخوة والأحبة والأصدقاء
وتزف أرواح الشهداء إلى الفردوس
الأعلى قبل أن توارى أجسادهم
التراب، وحناجر المشيعين تصدح (بالروح
بالدم نفديك يا شهيد) ويتردد صدى
هتافهم في حناجر الملايين من
الحسكة ودير الزور والقامشلي
وحتى درعا والسويداء والقنيطرة
مروراً بالرقة ودمشق وحلب
واللاذقية وطرطوس وحمص وحماة
ودوما وبانياس تصدح (الله أكبر
لا إله إلا الله خاين يلي بيقتل
شعبه.. خاين يلي بيقتل شعبه)،
ويُسحب الجرحى ودماؤهم تنزف كي
لا تقع بيد القتلة للإجهاز
عليهم كما شهدنا وشاهد العالم
كيف يهوي القتلة بعصيهم على
رؤوس هؤلاء الجرحى بدل إسعافهم
حتى يفارقوا الحياة في الأيام
والأسابيع الماضية. لقد ظن
نظام البعث السادي الذي ولد من
رحم الإجرام – بغبائه وجهله
وسفاهته وحقده - أنه سيتمكن من
النيل من هذا الشعب، بالقتل
والاعتقال والترهيب والتخويف
وتفجير أنهار الدماء، يريد
الوقوف بوجه هذا الإعصار الذي
هب بكل عنفوان الشباب وطاقاته
وقد انتفض وشب على قيده وطوقه،
وكسر حاجز الخوف والمهابة منه،
ظن هذا النظام – واهماً - أنه
سيتمكن من كسر إرادة هذه
الجماهير أو يفل من عزيمتها أو
يقلل من إصرارها وجلدها. إن
نواميس الحياة تقول: إذا الشعب
يوماً أراد الحياة فلابد أن
يستجيب القدر.. ولابد لليل أن
ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر،
وعلى النظام السادي في دمشق أن
يعي الدرس قبل فوات الأوان
ويحزم أمره ويرحل عن الشام
ببقية من ماء الوجه قبل أن توصد
في وجهه كل الأبواب ويفر كما فعل
زين العابدين بن علي، وحينها لن
يجد أمامه إلا عدالة السماء
وقضبان السجن وهراوة السجان
تكوي ظهره كما كوى ظهور
السوريين على مدى 48 عام ويشرب من
نفس الكأس التي أذاقها لعشرين
مليون مواطن على مدى نصف قرن
تقريباً ويكون مصيره كمصير حسني
مبارك أو صديق أبيه شاوشسكو!! =============================== ليس
باسم فلسطين...ولا باسم شعبها عريب
الرنتاوي لدى
السيد مصطفي عبد الجليل، رئيس
مجلس الحكم الانتقالي الليبي،
معلومات عن قيام الجبهة الشعبية
– القيادة العامة، بإرسال ألف
مقاتل فلسطيني لنصرة العقيد
القذافي في حربه المجنونة على
شعبه...إن صحت "اتهامات"
السيد عبد الجليل، ولسنا هنا في
معرض تكذيبها، فإن لهؤلاء "المقاتلين"
اسم واحد: "مرتزقة"، وهم
بهذا المعنى لا يختلفون
أخلاقياً وسياسياً وحقوقياً عن
آلالف المرتزقة الذي اشتراهم
عقيد ليبيا ومجنونها، بأموال
شعبها، ولكي يطعنوه في الصدر
والقلب والظهر والرأس، فيثخنوا
في جراحاته وعذاباته. نحن
نميل إلى تصديق رواية عبد
الجليل، ولأسباب عدة، بعضها
قديم وبعضها الآخر حديث، ونبدأ
من الآخر...فالجهبة الشعبية –
القيادة العامة، أصدرت بياناً
تضامنياً مع "الجماهيرية"
– وليس مع ليبيا – ومع "الأخ
القائد" – وليس مع الشعب
والثورة الليبييين...وهي رأت أن
ما يحصل في ليبيا، ليس سوى
مؤامرة على "ثورتها"
ودورها "التاريخي"، وهي
التي جعلت من "القدس" كلمة
السر لثورة "الفاتح العظيم"...ولم
يبخل البيان بالطبع، في كيل
أقذع الشتائم والنعوت ضد
المتآمرين والمنافقين
والمضللين إلى غير ما هنالك...بالمناسبة
صدر عن الجبهة الشعبية –
القيادة العامة، بيان مماثل،
وربما بذات اللغة تقريباً، يدين
المؤامرة على سوريا، ويتضامن مع
"نظامها المقاوم والممانع"
؟!. للجبهة
الشعبية – القيادة العامة، من
ضمن فصائل فلسطينية عدة، علاقات
قديمة – حديثة مع نظام القذافي،
لقد حظيت على كل ما يمكن لفصيل
أن يحظى به من دعم سياسي ومالي
وعسكري ولوجستي من نظام مقتدر
وفاسد كنظام العقيد...كانت
التنظيم الأقرب إلى "الجماهيرية"...وتبادلت
معه الخدمات السرية والمعلنة،
بعضها ذاع صيته و"فاحت رائحته"
وبعضها الآخر ما زال في دائرة
الكتمان و"قيد التحقيق"...ولقد
سبق للقيادة العامة، إن أرسلت
قوات للعقيد، من أجل درء الهجوم
التشادي الذي كاد يطيح بمملكة
الفساد والإفساد والمؤامرات
والمتآمرين، ذات صيف قائظ في
أواسط ثمانينييات القرن
الفائت، يومها والحق يقال، تورط
شيوعيو لبنان برئاسة الشهيد
جورج حاوي واشتراكيوه برئاسة
طويل العمر، وليد جنبلاط جنباً
إلى جانب مع فصائل فلسطينية
ولبنانية أخرى في إرسال ما بين
3000 - 5000 مقاتل فلسطيني ولبناني
إلى قاعدتي سارة ولوار على تخوم
إقليم أوزو. ما
فعلته الجبهة الشعبية –
القيادة العامة، سبق لفصائل
مرتبطة بأنظمة عربية أخرى، أن
فعلت شيئاً مشابهاً له، وبصورة
ألحقت ضرراً بصورة الشعب
الفلسطيني وقضيته ومصالحه...جبهة
التحرير العربية التي كانت
محتسبة على نظام الرئيس الراحل
صدام حسين، فعلت شيئا مماثلا في
الكويت زمن الاحتلال العراقي
لها، ولقد تورطت فصائل أقل
شأناً في أعمال "قذرة"
هناك، ولّدت فجوة بين الشعبين
الفلسطيني والكويتي، لم تردم
حتى الآن...ونحمد الله أن
الفصائل التي تقوم بأعمال شائنة
من هذا النوع، لم تكن يوماً في
موقع القيادة والقرار في الحركة
الوطنية الفلسطينية، وإلا
لكانت الطامّة الكبرى. ونعود
إلى تصريحات عبد الجليل
واتهاماته للسيد أحمد جبريل،
أمين عام الجبهة، بإرسال ألف
مرتزق فلسطيني إلى ليبيا...عبد
الجليل "استنجد بنبيه بري
وحسن نصر الله للضغط على "القيادة
العامة" من أجل سحب مرتزقتها،
ظناً منه أن لهؤلاء "دالّة"
على جبريل وقيادته العامة،
واقتناعاً منه بأن تعاطف النظام
السوري مع القذافي، وربما دعمه
له، سيجعل من غير المفيد التوجه
إليه بنداء مماثل...لقد حاول عبد
الجليل محقاً، توظيف الائتلاف
والاختلاف بين أركان "معكسر
المقاومة والممانعة" لخدمة
أهداف الثورة الليبية، فهذه
الأطراف التي تنضوي تحت مظلة
معسكر واحد، منقسمة على نفسها
حين يتعلق الأمر ب" العقيد
وجماهيريته"، وهو انقسام
يعود إلى زمن "الإمام
المُغيّب" موسى الصدر. نحن في
الحقيقة، نضم صوتنا إلى أصوات
الثائرين في مصراته وبنغازي
وطرابلس واجدابيا والكفرا...ونطالب
"الجبهة الشعبية – القيادة
العامة" بتدارك الموقف، وسحب
المرتزقة إن كانت قد أرسلت
فعلاً مرتزقة فلسطينيين إلى
هناك لقتال الشعب الليبي...نطالبها
بسحب البيان المشين عن "المؤامرة
على القذافي وجماهيريته"...فمثل
هذا الموقف لا يعبر عن الشعب
الفلسطيني ولا ينتمي إليه ولا
ينطق باسمه....الشعب الفلسطيني
منحاز لأهل وأشقائه من الشعوب
العربية المنتفضة على أنظمة
الفساد والاستبداد، تستوي في
ذلك أنظمة "الاعتدال" ب"أنظمة
الممانعة"...الشعب الفلسطيني
الذي طالما احتضن من قبل شعوب
أمته، لن يكون إلا في خانة
التضامن التام مع شعبي ليبيا
وسوريا، تماماً مثلما كان
متضامناً مع شعبي مصر وتونس،
ومثلما يفعل الآن مع الشعب
اليمني وكل الشعوب العربية
المنتفضة ذوداً عن كرامتها
وحريتها. ندرك
أن لفصائل العمل الفلسطيني،
الوطني والإسلامي، ظروفاً صعبة
في بلدان المنافي والشتات، تملي
عليها أحياناً اتخاذ مواقف "غير
مريحة"...ندعو هذه الفصائل
للعمل بفضيلة الصمت، ومن باب
أضعف الإيمان...ونستهجن قيام أي
منها بدعم ديكتاتور أو نظام
فاسد، تحت أي حجة أو ذريعة، وهم
إن فعلوا، فباسم شخوصهم ودفاعاً
عن مصالحهم الفئوية الضيقة
والرخيصة، وليس باسم شعب فلسطين
ولا ذوداً عن قضيته الوطنية
النبيلة...ليس وفاءً لتضحيات
شهدائه ومناضليه ولا عرفاناً
بجميل شعوب أمته عليه. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |