ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الجيش
السوري والثورة الشعبية استرداد
الوطن يشمل الجيش الوطني نبيل
شبيب الجيش
السوري يقتحم درعا.. الجيش
السوري يقتحم بانياس.. الجيش
السوري يقتحم حمص.. الجيش السوري
يقتحم المعضمية.. والحبل على
الجرّار كما يقال، فقد تحولت
الأهداف العسكرية للجيش السوري
–كما توحي به هذه الأخبار
المتوالية في مسار ثورة الشعب
في سورية- لتصبح المدن السورية
نفسها هي المستهدفة. ومع كل
اقتحام، بالدبابات في الدرجة
الأولى، تتوارد الأنباء عن مقتل
مدنيين من الشعب ومقتل جنود من
الجيش.. فإلى أين تتجه الأحداث
بسورية وجيشها؟.. هل يمكن أن
يقوم الجيش السوري بدور كالذي
قام به الجيش في مصر ومن قبل في
تونس؟.. لا بد
قبل محاولة الإجابة من تسجيل
معلومات أساسية عن الجيش وكيفية
التعامل مع تكوينه وتدريبه
والسيطرة المركزية عليه في حقبة
امتدت 48 سنة. 1970م..
سنة فاصلة بين حقبتين خاض
الجيش السوري أربعة حروب بعد
الاستقلال حتى سنة 1973م، جميعها
ضدّ العدوّ الإسرائيلي، حرب 1948م،
وحرب 1967م، وحرب الاستنزاف (عمليات
محدودة تُدرج تحت عنوان حرب)،
وحرب 1973م. أي أن الحرب الأخيرة
كانت هي الحرب الوحيدة التي
خاضها الجيش السوري ضدّ العدو
الإسرائيلي بعد انقلاب حافظ
الأسد سنة 1970م على رفاق
انقلابات سابقة بعد انقلاب
البعث عام 1963م، ولا يتسع المجال
للخوض بالتفصيل في سؤال جوهري:
ما الذي "حيّد" الجيش
السوري في الجولان خاصة، بعد
تلك الحرب؟.. وهل لذلك علاقة
بالدور السوري في لبنان، على
حساب القوى الفلسطينية
واللبنانية فيه، لمدة 20 سنة على
الأقل، قبل ظهور سياسة "دعم
المقاومة اللبنانية" ابتداء
من التسعينات من القرن الميلادي
العشرين؟.. الثابت
تاريخيا أنّ الجيش السوري الذي
لم يتحرّك منذ 1973م باتجاه
الجولان أو فلسطين، تحرّك في
أرض لبنان، وفي أرض العراق (الحرب
الأولى)، كما تحرّك على الأرض
السورية نفسها خلال أحداث 1979-1982م
والآن بعد اندلاع ثورة 2011م. هل
تحوّل الجيش السوري إذن من جيش
وطني يدافع عن الحدود إلى قوة
تثبّت مكانة النظام السوري
إقليميا وإلى قوة قمع تدافع عن
النظام القائم داخليا كبقية
التجهيزات شبه العسكرية تحت
عنوان أجهزة أمنية؟.. ليس هذا
صحيحا على إطلاقه.. ولكنّ من
المؤكّد أن الجيش السوري الآن
لم يعد على نحو ما كان في
الستينات من القرن الميلادي
العشرين، إذ تعرّض لعملية تغيير
واسعة النطاق لبنيته الهيكلية
منذ 1963م، عندما بدأ تنفيذ
مخططات تحويل الجيش من "وطني"
إلى "عقائدي"، والمقصود
إلى جيش بعثي، ثم سرعان ما بدأ
يفقد هذا العنوان أيضا بعد 1970م
ليصبح جيش "السلطة". ولكن
من الطبيعي ألاّ يشمل ذلك كافة
عناصر الجيش، فالنسبة الأعظم هم
أبناء شعب سورية بمختلف فئاته
وطوائفه وتوجّهاته، نظرا إلى
الاعتماد على الخدمة الإلزامية
منذ نشأته، ولم تستطع مخططات
مماثلة لتحويل الشعب إلى شعب
"عقائدي بعثي" ثم "خانع
للسلطة"، وهو ما كان معروفا
من قبل وأثبتته ثورة الشعب
بصورة قاطعة عام 2011م. بين
التربية العقائدية.. والولاء يمكن
تلخيص المتغيّرات الطارئة على
البنية الهيكلية للجيش السوري
في: 1- يسري
عنصر الاستمرارية في تكوين
الجيش بعد الاستقلال (الجيش
مرآة عاكسة لتركيبة فئات الشعب
الواحد عموما) على عموم
المجندين، وهؤلاء يقدّر
تعدادهم تحت الخدمة بأكثر من 300
ألف، بينما يبلغ تعداد مجموع من
أدّوا الخدمة العسكرية أكثر من 4
ملايين.. 2- ويسري
عنصر الاستمرارية المذكور
بنسبة أدنى على ضباط الصف
والضباط الأعوان والضباط
الأمراء، أي من رتبة رقيب إلى
رتبة عقيد.. 3- ولا
يسري إطلاقا على الضباط القادة،
أي من رتبة عميد إلى رتبة فريق. لا يوجد
من يحمل رتبة "فريق" سوى
القائد الأعلى للجيش، أي رئيس
الجمهورية، وهو رئيس الحرس
الجمهوري، والجدير بالذكر أنّه
جرى ترفيع بشار الأسد -قبل موت
أبيه وفور موته- بسرعة قياسية
شاذة ليصل إلى هذه الرتبة، أما
أخوه ماهر الأسد فلم يبلغ
الرتبة الأولى (عميد) من رتب "الضباط
القادة" رغم سرعة ترفيعه
أيضا، ورغم ذلك استلم قيادة "الفرقة
الرابعة" التي اشتهر اسمها
باعتبارها متكوّنة واقعيا من
عناصر ما عُرف باسم ميليشيا "سرايا
الدفاع" برئاسة رفعت الأسد،
في عهد شقيقه حافظ الأسد، كما
اشتهر اسمها باعتبارها هي
المعتمدة في عمليات اقتحام
المدن السورية الثائرة في الوقت
الحاضر. وتشمل القواتِ الخاصة
وقوات الوحدات، ويُنسب إليها ما
يظهر تحت عنوان "الشبيحة
والقناصة والعصابات المسلّحة.
ومن القيادات العسكرية
والاستخباراتية حافظ مخلوف (ابن
خال بشار وماهر) وحافظ جميل
الأسد (ابن عم بشار وماهر)،
وجميع هذه القوات/ الميليشيات
مع قياداتها تبيّن تنفيذ مخططات
تحويل الجيش إلى "جيش السلطة"
بعد مرحلة تحويله إلى بعثي
عقائدي، ولكن تطبيق ذلك على أرض
الواقع يحتاج إلى بيان، فهو
يشمل: (1) كافة
عناصر الجيش من مجنّدين وضباط
صف: من حيث اعتبار التربية/
التوعية العسكرية العقائدية –بالإكراه-
جزءا أساسيا من برامج التأهيل
العسكري، وقد قامت في البداية
على معتقدات حزب البعث، وما
لبثت أن تحوّلت تدريجيا للتركيز
على جانب واحد هو الولاء للسلطة
برئاسة الأسد الأب فالابن (وهذا
ممّا تعبّر عنه الشعارات
المرفوعة: الأسد إلى الأبد، "بنحبّك"،
الله. سورية. وبشار و"بسّ"). (2)
القيادات العليا الآمرة
الناهية: من حيث ضمان ولاء الجيش
للسلطة، وذلك من خلال تصفية
جميع الضباط القادة الذين ترى
القيادة العسكرية العليا (التي
أصبحت عسكرية واستخباراتية "عائلية"
في الدرجة الأولى) عدم ضمان
ولائهم المطلق للسلطة. في
الفترة الأولى لهذا التحوّل بعد
انقلاب 1970م كان الاعتماد الأكبر
على "جزء" من الطائفة
العلوية يوالي عائلة الفرد
الحاكم، لتحتلّ المواقع
القيادية جميعا، وهنا لا يصحّ
التعميم على الطائفة بأسرها،
فقد كان من بين من نال نصيبه من
التصفية عدد من الضباط
القياديين العلويين أيضا، لا
سيما الذين شاركهم حافظ الأسد
في انقلابات سابقة بين 1963 و1970م،
وتخلّص منهم بعد انقلابه على
"الرفاق"، ومن أشهرهم صلاح
جديد، المشارك في انقلابات 1963م
و1966م، واللواء محمد عمران الذي
اغتيل عام 1972م. الولاء
للسلطة.. والبطش القمعي أصبح
المعيار الحقيقي الوحيد في
مهمّات االجيش التي تحدّدها
القيادات العليا، هو "الولاء
للسلطة الاستبدادية" بغض
النظر عن الانتماء الحزبي وحتى
الطائفي، ولا يعني ذلك غياب
هذين العنصرين في كثير من
الحالات، وقد كان من الشواهد
على مفعول هذين العنصرين تلك
النسبة الأعظم من أسماء مَن
أصبحوا أركان السلطة في
السبعينات من القرن الميلادي
العشرين (كرفعت الأسد وعلي دوبا
وعلي الصالح وعلي أصلان)
وبالمقابل يشهد على غلبة عنصر
"الولاء للسلطة" في نهاية
المطاف أنّ هؤلاء أيضا قد تمّ
التخلّص منهم ومن أمثالهم
جماعيا، أثناء الإعداد لنقل
السلطة إلى بشار الأسد خلال
السنوات الخمس الأخيرة قبل وفاة
أبيه. ويمنع
الحرص على الإيجاز من إيراد
شواهد توثيقية، وهي متوافرة،
ويمكن العودة مثلا إلى ما سجّله
منيف الرزّاز، الأمين العام
لحزب البعث سابقا، في كتابه "التجربة
المرة"، كما يمكن هنا ذكر
مثال ينطوي على عدد من الجوانب
ذات العلاقة بما سبق: صاحب
كتاب "سقوط الجولان"، خليل
مصطفى بريز، كان أثناء حرب 1967م
"ضابط استخبارات الجبهة"،
وجاء في كتابه المذكور: (يثبّت
أرشيف ووثائق وزارة الدفاع
تسريح عدد كبير من الضباط أصحاب
الخبرة واستبدالهم بضباط ليس
لديهم أي خبرة عسكرية مثل رفعت
الأسد وعزت جديد وسليم حاطوم،
كما تمت عملية سحب للأغذية
الاحتياطية للحالات الطارئة
ولم يتم استبدالها بمواد جديدة،
كما سحبت كافة الألغام من خطوط
المواجهة وخاصة في هضبة الجولان
والقنيطرة).. (جرت اتصالات بين
اسرائيل ونظام دمشق وكان
المترجم ضابط برتبة ملازم أول
وعُقد اللقاء في مكتب رئيس
الوزراء يوسف زعين وبحضور وزير
الدفاع حافظ الأسد حيث تم
الاتفاق على النقاط التي سينسحب
إليها الجيش السوري، وفي صباح
اليوم التالي صدر البلاغ
العسكري رقم 66 بتاريخ العاشر من
حزيران عام 1967 حيث أعلن وزير
الدفاع حافظ الأسد عن سقوط
الجولان وسقوط القنيطرة). والجدير
بالذكر أن خليل مصطفى اختُطف في
بيروت عام 1975م، وسُجن 30 سنة في
سورية. لا تنفي
هذه التصفيات ضرورة التمييز
بدقّة بين عموم الجيش السوري
وبين السلطة الحاكمة التي
استخدمت القوة "العسكرية"
خارج نطاق الجيش، كما كان عبر
"ميليشيا سرايا الدفاع"
بقيادة رفعت الأسد قبل نفيه من
سورية، ثم في نطاق ميليشيا تتبع
للجيش شكليا، مثل الفرقة
الرابعة بقيادة ماهر الأسد
حاليا. هذه
الميليشيات مجهّزة لتكون لها
"اليد الطولى" في حماية
السلطة على أكثر من مستوى: 1- مستوى
التسلّح فما تملكه يفوق ما
تملكه الفرق العسكرية التي تحمل
في الأصل مهمة الدفاع عن الوطن
السوري.. 2-
ومستوى القيادة، فلا يوجد في
قيادتها ضابط من الضباط إلا في
حدود من يكون ولاؤهم للسلطة
مطلقا، ومرتبطا بمنافع وميزات
مادية كبرى.. 3-
ومستوى التدريب والإعداد،
فالعناصر –بما في ذلك ضباط الصف
والجنود- ليسوا صورة مطابقة
لتشكيلة عناصر الجيش عموما (مرآة
لكافة فئات الشعب بتأثير
التجنيد الإلزامي) بل يتم
اختيارهم خصيصا للانتساب إلى
هذه الميليشيات، ويجري تدريبهم
وإعدادهم للقيام بأيّ مهمة مهما
كانت همجية.. وهو ما يظهر للعيان
فيما يمارسونه أثناء اقتحام
المدن السورية الثائرة. ليس
تاريخ الجيش الوطني السوري.. بل
تاريخ هذه الميليشيات منذ تكوين
بذورها الأولى ثم عبر تبدّل
تشكيلاتها وأسمائها وقياداتها
العليا هو الذي يحمل عناوين
تدمير مسجد السلطان في حماة عام
1964م (قبل وصول الأسد الأب إلى
السلطة) واقتحام المسجد الأموي
في دمشق بالدبابات، وعدد من
المجازر وعمليات القتل
الجماعي، في جسر الشغور وسرمدا
وسجن تدمر سنة 1980م، والمشارقة (حلب)
1981م، ومجزرة حماة الأشهر من
سواها سنة 1982م، وسجن صيدنايا
سنة 2006م، وعدد من عمليات القتل
الجماعي للمواطنين من الأكراد
شمال سورية في سنوات
2004 و2008 و2009م. شهداء
الجيش والأمن إن
المجازر والقتل الجماعي
والتصفيات تمثل جزءا من تاريخ
هذه الميليشيات، وليس من تاريخ
الجيش الوطني السوري، وإلى تلك
الميليشيات وليس إلى الجيش
تنتسب القيادات التي تردّد
ذكرها فيما مضى ويتردّد ذكرها
الآن، مقترنا بارتكاب المزيد من
المجازر وعمليات القتل الجماعي
داخل الحدود السورية، وجميع
هؤلاء يمثلون رؤوس السلطة
الحاكمة وأركانها بعد انقلاب
البعث (مع صراعات التصفية
الداخلية) 1963م ثم بصورة أشدّ
وأنكى بعد الانقلاب الذي سمّي
حركة تصحيحية سنة 1970م. الشعب
الثائر في سورية يدرك هذه
الصورة بتفاصيلها، ويستطيع
التمييز في نطاقها بين "جيشه
الوطني" والميليشيات
المسلّحة (عددها مع الأجهزة
الاستخباراتية بين 13 و17) سواء
تلك العاملة تحت عنوان الجيش
شكليا كالفرقة الرابعة والحرس
الجمهوري والمخابرات العسكرية،
أو العاملة منفصلة عنه تحت
مسميات "أجهزة أمنية". لهذا
يهتف الثائرون في مختلف المدن
السورية دون تردد: "الجيش
والشعب يد واحدة"، كما
يتحدّثون عن "سحب الأسلحة"
مع اندلاع الثورة من أيدي
عسكريين لا ينتسبون إلى تلك
الميليشيات، ويوثّقون
بشهاداتهم كيف يتعرّض ضباطٌ
وجنودٌ للتصفية عندما يرفضون
أوامر البطش بالشعب الثائر، وهو
ما ينطوي على هدف مزدوج: التخلص
منهم، ثم نشر الادّعاءات حول
وجود "عصابات مسلّحة" قد
استهدفتهم بالقتل. وهنا
أيضا لا يسمح الإيجاز بذكر
شواهد توثيقية عديدة متوافرة،
فيمكن الاكتفاء بمثال على "فبركة"
وسائل إعلام السلطة لحكاياتها
وادّعاءاتها حول تعرّض رجال
الجيش أو عناصر الأمن للقتل من
جانب الثوار في المظاهرات
الجماهيرية السلمية في أنحاء
سورية، ثم الردّ القاطع ببيان
زيف الادّعاءات، وهو ما يسعى
الثوّار لبيانه رغم الظروف
القاهرة التي يتحرّكون ويعملون
في نطاقها.. ومن ذلك ما يعطي (هذا
الرابط) مثالا عليه. يجب
التأكيد أن شهداء الجيش وكثيرا
من الشهداء من العناصر "الأمنية"
في سورية، هم جزء لا يتجرّأ من
ضحايا الثورة وكذلك من وقودها،
كالشهداء من المدنيين العزل في
مختلف المدن السورية، وهذا ما
ينعكس فيما يصدر عن الثوار من
مواقف وبيانات، كالبيان رقم 22
الصادر يوم 5/5/2011م عن "لجنة
شهداء الثورة"، وهو ينعي 81
شهيدا، من بينهم –في حدود ما
أمكن التثبّت من المعلومات
الموثقة حولهم- في الفترة بين 15/3
و30/4/2011م: 5 من
محافظة ريف دمشق، وشهيد من
محافظة درعا، و11 من محافظة حلب،
و3 من محافظة إدلب، و2 من محافظة
السويداء، و7 من محافظة
اللاذقية، و10 من محافظة حمص، و20
من محافظة حماة، و2 من محافظة
بانياس، و8 من محافظة طرطوس، و5
من محافظة دير الزور، و3 من
محافظة الرقة، و4 من محافظة
الحسكة. ومن أراد المتابعة يجد
المزيد في موقع لجنة شهداء ثورة
15 آذار. الجيش
وانتصار الثورة رغم
القمع الهمجي.. تجاوزت ثورة
الشعب في سورية نقطة "اللاعودة"
كما يقال، وتعاقبت الشواهد على
حتمية انتصارها على الاستبداد
الفاسد: 1- لم
تعد الثورة ثورةَ محافظة درعا
في الجنوب، بل أصبحت ثورة كافة
المحافظات في الجنوب والشمال
والشرق والغرب.. 2- لم
يعد يمكن إطفاء جذوتها بالحديد
والنار وبالتعذيب والاعتقال
كما جرى منذ اندلاع الثورة
ابتداء من درعا واللاذقية
وبانياس، بل أصبحت كل عملية قمع
تجري سببا إضافيا من أسباب
اندلاع الثورة في مدن أخرى على
امتداد أرض الوطن السوري
المشترك.. 3- لم
يعد اعتقال المئات من أصحاب
الأصوات الجريئة المعبّرة علنا
عن تطلّع شعب سورية وسيلة في يد
السلطة لكتم صوت الشعب مع فصل
سورية كلّها عن العالم الخارجي
إعلاما ومؤسسات وناشطين
حقوقيين، فبعد كلّ حملة اعتقال
تعسّفي جماعي يظهر المزيد من
الأصوات الجريئة المعبّرة عن
حقيقة استمرارية الثورة حتى
يحقق الشعب أهدافه المشروعة
منها. 4- لم
تعد مطالب الثوار إصلاحية محضة
يمكن الردّ عليها بالوعود
والإجراءات الجزئية الترقيعية
كيلا تصبح مطالب شعبية شاملة،
فبعد كل محاولة تزوير للإصلاحات
وتبجّح بإجراءات لا تؤدّي إلى
ترسيخ السلطة الاستبدادية
وفسادها، يتضح للعيان أن الشعب
الثائر على يقين، أنّ الإصلاح
الحقيقي هو بالتغيير الجذري
الشامل، واسترداد الوطن
والدولة والحياة والحكم من أيدي
من يسيطرون على ذلك كلّه
بالاستبداد والفساد وبوحشية
القمع اليومي والتزوير
المتواصل وتجاهل إرادة الشعب
وسيادته على نفسه وأرضه وقراره
ودولته. جميع
ذلك يدركه الجنود والضباط في
جيش سورية الوطني، مثلما يدركه
شعب سورية الثائر، صاحب الوطن
والحق المشروع في أن يستعيد
الجيش دوره الوطني بقيادة تنبثق
عن إرادة الشعب، جنبا إلى جنب مع
استعادة تحكيم إرادة الشعب في
حاضره ومستقبله، بما يشمل جميع
جوانب حياته، وجميع ميادين
سياسة دولته الداخلية
والخارجية. لم يعد
تحقيق هذا الهدف بعيدا من
الناحية الموضوعية والزمنية
على السواء. إنّ
ازدياد تساقط عدد الشهداء من
المجندين والضباط وعناصر
الأمن، يكشف عن ازدياد نسبة
التمرّد على من يقود معركة
البطش القمعي الدموي، بالإنسان
في سورية.. وبالمدن السورية..
وبسورية الوطن المشترك للجميع. وسيجد
الجيش نفسه –بعناصره المهيمنة
الموالية للسلطة.. وبجمهرة
عناصره الموالية للوطن والشعب-
أمام لحظة حاسمة، تفرض على كل
طرف أن يتخذ قراره، قبل أن تبلغ
الثورة مداها وتصل إلى أهدافها
اعتمادا على قوّة الشعب الثائر
وحده: 1- أصبحت
العناصر الموالية –على مستويات
قيادية- للسلطة أمام قرار حاسم
يحدّد مصيرها هي.. فإما أن تستبق
سقوطَها مع نظام متهالك يتهاوى،
أو يشملها مصيرُه المحتم. 2-
وأصبحت غالبية عناصر الجيش –ونسبة
لا ينبغي الاستهانة بها من
عناصر الأجهزة الأمنية- أمام
قرار حاسم، ليس من حيث مصير
الثورة فانتصارها مؤكّد بإذن
الله، ولكن من حيث الإسهام في
تحديد "سرعة" الانتصار، و"تجنيب"
شعب سورية مزيدا من إراقة
الدماء. يمكن أن
تنتشر حالات التمرّد الحالية
ويتسع نطاقها، على قيادات
متسلّطة فاقدة لأي صيغة من صيغ
المشروعية منذ زمن بعيد، فيبلغ
التمرّد حدّا كافيا لتغيير
ميزان المعركة بين السلاح
الإجرامي والثورة السلمية، أو
يحمل من لا يتحرّك وهو قادر على
التحرّك قبل فوات الأوان قسطاً
من المسؤولية عن إراقة مزيد من
الدماء. الأمل
كبير.. واليقين كبير أيضا، بأن
جيش سورية الوطني قادر على
الخروج من قفص "الهيمنة"
الذي كوّنه النظام المتسلّط عبر
عدة عقود، فما من ثورة كثورة شعب
سورية، إلا وأثبتت أن بنيان
التسلّط الاستبدادي الفاسد،
أوهى من خيوط العنكبوت، مهما
نشر العنف الدموي من صور مرعبة
توهم بصلابته، والواقع أنّ
البنية القمعية في سورية –وليس
توظيف سياسات خارجية وإقليمية
في تثبيت السلطة الاستبدادية-
هي التي تمثّل أبرز خصوصيات
النظام القائم فيها، وإنّ من
خصوصيات الجيش السوري وطنيته
التاريخية، وهي الأعمق رسوخا في
تاريخ سورية من قبل استقلالها
إلى اليوم، من بضعة عقود صنعتها
صفحة الاستبداد، الملوّثة بسفك
دماء الشعب، وسفك دماء المخلصين
من الجيش على السواء، وإنّ من
خصوصيات شعب سورية ذلك الوعي
القادر على التمييز بين عصابة
ميليشيات مسلّحة تحكم، وجيش
قادر على الانحياز إلى الشعب
الثائر متحدّيا ما سلّحت
العصابة به نفسها من أدوات
التسلّط والبطش. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |