ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
نوال
السباعي – مدريد صحيح ..أن
أعداد الشهداء والضحايا من
الجرحى والمعوقين والمفقودين
والمعتقلين والمعذبين
والمفرومين ، لم تصل في سورية
أثناء هذه الانتفاضة إلى العدد
الرهيب الذي شهدته مدينة حماة
وحدها مطلع الثمانينات ،عندما
قام عمّ الرئيس الحالي مجرم
الإنسانية "رفعت"، بقصفها
ودكّها بوحشية وحقد توازيان
وحشية النازيين عندما دمروا "غيرنيكا"
في إسبانيا. وصحيح..أن
السوريين مجمعون على عدم طلب
تدخل عسكري أجنبي ، ومهما بلغ
حجم التضحيات ، لاخلاف في هذا
بين كبيرهم وصغيرهم ، من هو داخل
سورية ، ومن هو خارجها ممنوع من
"حق العودة" إلا على جثث
البعثيين – كما قال أحد ابواق
النظام وببغاواته!- . وصحيح
..أن حلب ودمشق لم تتحركا بصورة
جماعية كبيرة واضحة حتى الآن ،
لكن الثورة كانت قد بدأت أصلا من
قلب دمشق في سوق الحريقة ، وهيثم
المالح ، وسهير الاتاسي،
موجودان في دمشق ، وقد بدأا من
هناك هذه الثورة بكلمات الحق
التي رفعاها في وجه الظلم
العاتي ، وأن المظاهرات الصغيرة
والمتعددة جداً مافتئت تخرج
ليلا ونهارا في جميع أنحاء دمشق
وحلب ، رغم القمع الوحشي ، بدءاً
من الجامعات وانتهاءا بالمساجد
والحارات . وصحيح
..أن النظام راهن على خيار "الذبح
"، دون المرور بخيارات
الأنظمة البشرية المعروفة في
مواجهة الاعتراضات والمظاهرات
والانتفاضات ، وعزز "الذبح
" بمنظومة إعلامية مغرقة في
التخلف والتَّطبُل والتَّبوُق،
أقبح مافيها الظن أن أحداً ما
على وجه الارض يصدق أزلامها أو
يعيرهم أدنى قدر من إصغاء أو
احترام.. صحيح ..أن
هذه حقائق ساطعة قاطعة ، لالبس
فيها ولاشك ، وأن هذه الثورة
الإنسانية الكبرى في المنطقة
العربية وصلت سورية بعد مرورها
في سبعة عواصم عربية ، وبدأت..
ومازالت ..ثورة سلمية لاعنفية
ولاطائفية ولاقومية ولادينية
ولاعميلة ولاتابعة ، في مواجهة
عنف السلطة الطائفية الدموي
الإجرامي الذي ذهب إلى اقصى
مايستطيعه ، في ظل تغافل عالمي
وعربي وإسلامي ، يقطعه تصريح في
تركيا ، التي تود حفظ أمنها
ومصالحها ، وتصريح في إسرائيل
المتوجسة أن تذهب الرياح
بحليفها الخفيّ ، الذي ملأ
الدنيا صياحا بمواقفه الممانعة
والمقاومة والمقارعة لعدوٍ ثبت
قطعا أنه.. الشعب السوري!، الذي
أثبت بثورته شجاعة منقطعة
النظير، تتناسب طرداً مع قدرة
هذا النظام على سفك الدماء
وتركيع المواطنين وسلخ فروات
رؤوسهم بتصويب بنادق القناصة
إلى الوجوه والأدمغة مباشرة ،
وتمريغ أنوف المعتقلين بالسجود
لصورة الرئيس الواحد الأحد ،أو
أقدام الجلادين!، كما تتناسب
عكساً مع معرفتهم العميقة بهذا
النظام الحاقد ، والذي يستعمل
معهم ومنذ عقود أساليب تعذيب
وحشية لاتضاهيها في قذارتها إلا
أساليب التعذيب القذافية التي
استقاها القوم من وحوش الصرب
وأغوال روسيا وضباع
الإسرائيلييين!. وصلت
الأوضاع إذاً في سورية عنق
الزجاجة ، التي امتلأت دماً ،
بفعل نظام مجرم يعلم الجميع أنه
مدعوم من قبل أمريكا وفرنسة
وإسرائيل وإيران وتركيا والصين
وروسيا والأنظمة العربية
بمجملها !، وعلى الرغم من ذلك
فإن الشعب السوري وعلى غرار
أخيه الشعب اليمني لايريدان أي
تدخل أجنبي غربي ، إننا نريد
موقفا دولياً يصطف إلى جانب
حقوق الإنسان والتي
تنقل صور انتهاكها الفضائيات
على عجز وكره منها وتشكيك بسبب
مواقف القائمين عليها من النظام
السوري!. الشعب
السوري يرفض أي تدخل عسكري في
بلاده ، لأنه هو ..هو صاحب الموقف
المبدئي ضد الاستيطان
الإسرائيلي على حدوده! ، وهو ..هو
صاحب الممانعة واحتضان
المقاومة الفلسطينية !، وليس
حكامه ، ولأنه يدرك جغرافيته
السياسية ، وتركيبته الإنسانية
الثرية ، فهو يُصر حتى الآن على
ماأعلنه من شعارات لثورته ،
ومهما بلغت التضحيات. القضية
برُمّتِها مُحولة إلى الشعب
السوري ، الذي سيقرر يوم الجمعة
الخطوة القادمة في مسيرة ثورته
، والتي وإن لم تستطع استرداد
الحرية ، فقد نجحت وبكل
المقاييس في افتضاح هذا النظام
وادعاآته ، وفي استرداد كرامة
الشعب السوري التي ديست خلال
أربعين عاما . فإلى
كل من يهمه الأمر نقول ..أدركوا
الشعب السوري قبل أن يسقط غصن
الزيتون من يده ، فإنه لم يُغذِ
الإرهاب في منطقتنا إلا استبداد
الظالمين ، وبطش الحاقدين ،
وتواطؤ الصامتين. أدركوا
سورية واليمن قبل أن يسقط خيار
التغيير السلمي من إرادة الشعب
، وإيمان الشباب بالمستقبل ،
تُسدّ في وجوههم طرق النجاة ،
ولاتبقى إلا ثقافة الموت ، حيث
تفقد الحياة قيمتها وتصبح صيحات
الحرية نداآت ترجع الصدى لدى
أقوام أصموا آذانهم عن هدير
تسونامي الشعوب. ========================= ثورة
ربيع سورية... أقوى من نظام الأسد
ودباباته الروسية ...!!! د.خالد
ممدوح العزي جمعة
جديدة من أيام التحدي في
سورية،والتي سميت باسم "جمعة
الحرائر" لنصرة النساء
السوريات ،هذه الجمعة هي التي
أفشلت الحل الأمني والخيار
العسكري ،8 أسابيع عل بدء
الانتفاضة السورية،بالرغم من
الحصار الذي عمد إليه النظام في
الإطباق على المدن،وإقفالها
بالدبابات والقناصة الذي
تمركزوا على السطوح ، لكن
المسيرات الشعبية خرجت السورية
. إن
خروج المتظاهرين إلى الشوارع
المدن السورية بيوم الجمعة
المسماة بتاريخ 13أيار 2011 م ، مما
يعني انتصار الشارع وقوة
الإرادة الشعبية على كل أسليب
القمع والقتل الذي انتهجه
النظام وأجهزته المخابراتية. مما
لاشك به بأن النظام قد فشل
فعليا، بتسويق نفسه عالميا من
خلال الأهداف التي وضعها مسبقا
لقمع أهداف الثورة السورية. أن
استمرار التظاهر في المدن
السورية ،بالرغم من الحصار
والدبابات والموت يعني التالي : 1- لقد
فشل النظام بتعويم نفسه عالميا
بأنه شريك فعلا في قمع الإرهاب
الدولي، من خلال الرواية
الرسمية التي بثها في ضرب إمارة
للسلفيين واعتقال إرهابيين، من
خلال الفبركة الإعلامية،التي
مارستها قنواته وأعلامه الحزبي
. 2-
عدم استطاعته الإطباق الكامل
على سير التظاهر، وإسكات الصوت
السوري، وفرض نفسه حالة إجبارية
داخليا وخارجيا. 3- فشل
المرونة الدولية التي أبدتها
الدول الغربية وتحديدا
أمريكا،في التعاطي مع الحالة
السورية والسكوت عن ممارسات
النظام . 4-
الإجماع الأوروبي الكامل على
فرض عقوبات دولية على القيادات
السورية والتي تطلب إلى إدراج
أسماء جديدة على قائمة العقوبات. العالم
كله يصف نظام بشار الأسد
بالأشرس في قمع الشعب وسط
الأنظمة التي تهزه الثورات،
القمع والبطش كانت من سمات مثلت
الموت الثلاثي ،"سورية
،ليبيا ،اليمن "الذين
يمارسون أبشع أنواع القمع بحق
الشعب المحتج والثائر،من
المحافظة على الكرسي ، ففي
سورية خلال 8 أسابيع تم قتل أكثر
من 1000 محتج ،وعشرات الجرحى ،وتم
اعتقال أكثر من 11الف شخص. طبعا
لا نستطيع المقارنة مع الدول
الأخرى بسبب استمرار الاحتجاج
والقمع ،لكن إذا أخذنا مثلا
بسيط إسرائيل تحتجز في سجونها
حوالي 11000 ألف معتقل في
معتقلاتها من الأسرى
الفلسطينيين... النظام
يستبسل بقمع الانتفاضة السورية
،مستخدما كل أنواع العنف
والقهر،لكي يتسنى له إخماد صوت
التظاهر وينهي الانتفاضة حتى لو
كانت تلوح في الأفاق حماة
جديدة،حماة جديدة لا تخيفه أبدا
مهما وصل عدد القتلة والمحتجزين
هو دائما جاهز لتقديم رويته
التي يجبر الجميع على الاقتناع
بها، النظام السوري يتحدى
العالم من خلال قمعه وبطشه ،
إعلامه يقاتل ومثقفيه يهجمون
،وقيادته السياسية غائبة عن
المشهد السياسي، صمت وسكوت
للقادة ،وكأنهم وقعوا في اسر
المخابرات،لم يخرج وزير
الخارجية أو الداخلية أو نائب
الرئيس "الدرعاوي" لإقناع
الشعب السوري بما يحصل من ضرب
وقمع وقتل. لم يخرج الرئيس نفسه
على الأمة ليخبطها ويشرح لها ما
يحدث في البلاد، وكأن البلاد
يتيمة وقعت في كنف الأجهزة
الأمنية تعمل بها ما تريد. لم
يعرف احد لماذا تحاصر المدن
السورية وتستخدم الدبابات في
قتل السكان الابرياء، وكان
الحالة تركت لتفسيرات واقو يل
شتى، فعلى المواطن السوري أن
يفسر لنفسه ماذا يجري في البلاد
والعباد. النظام
السوري يحاول إقناع العالم
والشعب بفبركته الإعلامية
ورواياته المختلفة التي ينشرها
على التلفزيون الرسمي والصحف
الحزبية أو من خلال الناطقين
الرسميين باسمه والذين سمحت لهم
المخابرات بالتحدث على
الفضائيات العربية والناطقة
بالعربي،ليشرحوا وجهة نظر
النظام ،من خلال القفز السريع
من قناة إلى أخرى. النظام
لا يزال يكابر ويكذب على الجميع
لان إطلالة السيدة شعبان غير
كافية لشرح الوضع في سورية ، من
خلال التوجه إلى الخارج وليس
التحدث مع الشعب وكان النظام
السوري حسم المعركة
لصالحه،وبدء يتحدث عن مستقبل
النظام السياسي الذي نجح في
السيطرة على الوضع . لكن
جمعة التي خرجت إلى الشوارع
السورية كانت هي الرد الفعلي
على مآزق النظام السوري وفشل
حلوله الأمنية ،بالرغم من
الحصار العسكري المحكم للمدن
السورية المحاصرة خرج الألف من
رواد الشوارع برغم من القبضة
الحديدة ليقول للنظام لا ،ثم لا
.لان الشعب هدفه الأساسي أصبح
إسقاط النظام ،لان الشعب السوري
اصبح من الغير الممكن العيش مع
هذا النظام القمعي المتسلط. 8
أسابيع من المعاناة والقهر
والتعذيب صمد الشعب الأعزل بوجه
سياسة النظام القمعية
والتعسفية من خلال التالي : 1-
اتساع رقعة المظاهرات في كافة
المدن والمناطق السورية. 2-
أبقى المظاهرات سلمية ،بالرغم
من محاولات النظام العديدة
لعسكرة التظاهرات . 3- كسر حجز
الخوف، وكسر جليد الفزع عند
الشعب السوري من خلال المشاركة
الفعلية بالمظاهرات. 4-
التحدي القوي والجبار لقتل الذي
يمارسه النظام ضد المحتجين. 5 –
التنظيم السريع لنوعية
المظاهرات ،من خلال مشاركة
إعلامية ودعائية قوية . 6-إقناع
العالم بعلية الاحتجاجات
بالرغم من قوة النظام الإعلامية
وتعتيمه ألقسري على الإعلام
لعدم نقل الصورة الطبيعية
للاحتجاجات . بالرغم
من عدم مشاركة شرائح اجتماعية
عديدة في الثورة "الفانين
وجزاء كبير من المثقفين الذي لا
يزال ساكت عن الوضع ،إضافة إلى
رضوخ الجيش الذي جز بالحرب ضد
الشعب من اجل الدفاع عن النظام
،لكن الثورة مستمرة بشكل تصاعدي
وبمواجهة علنية ،بالرغم من كل
البطش الذي يمارسه النظام بحق
المتظاهرين لم يستطيع معرفة عمل
الثوار وقادتهم التي تقود
الاحتجاجات. الثورة
لم تتمد إلى ربوع المدن الكبرى
بعد ،"كدمشق العاصمة وحلب
المركز الاقتصادي والشعبي"
،لان الشرائح الاجتماعية
لاتزال تخاف على نفسها من
الانضمام إلى مسيرة التغير
الإجبارية التي تسود سورية بظل
القمع الذي يمارسه النظام
السوري، لان هذا الانضمام لبد
منه في النهاية ،لان طريق الحسم
في سورية يبدو طويل ليس كما
انتهت الثورة المصرية والثورة
التونسية . لان
الخروج في جمعة "الحرائر"
أتبت بان النظام لا يستطيع
إخماد الثورة وإسكات
الثوار،بالرغم من هذه الجمعة لم
يسجل فيها شهداء.وهنا لبد من
التذكير بان السيدة بثينة شعبان
أعلنت بان الرئيس بشار الأسد
أعطى أوامره بعدم إطلاق النار
على المتظاهرين،وهل في الأيام
السابقة لم يعطي أوامر بإطلاق
النار ،إذا من هو الذي يعطي امرأ
للقتل في سورية بالوقت الذي لا
يعرف الرئيس بهذه
الأوامر،بالوقت الذي يعتبر فيه
الرئيس بشار الأسد هو رئيس
الجمهورية والقائد الأعلى
للقوات المسلحة،لماذا توقف
القتل اليوم بالذات ،هل تم
القبض على العصابات المسلحة كما
يدعي النظام ...طبعا لا لان الوضع
والحالة الأمنية التي حاول
النظام فرضها بقوة السلاح فشلت
مما اجبر النظام بشخص السيدة
شعبان بفتح حوار مع المعارضة
السورية وهذه المعارضة التي
حاولت إن يختارهم النظام من
أشخاص معارضين سورين ،" كالؤي
الحسين ،ميشال كيلو ،وعارف
دالية وآخرين"،لكن جواب
المعارضين للسيدة شعبان بأنهم
لا يملكون قدرة على إسكات
الشارع،حتى يتسنى للنظام
متابعة الإصلاحات . طبعا
هؤلاء المعارضون محقون
بالإجابة على طرح السيدة شعبان
التي تحاول الالتفاف على
المتظاهرين من خلال فتح قنوات
تحاوريه غير جدية مع المعترضين
لكونها تحال إجهاض الانتفاضة
وأهدافها،لان الانتفاضة أتعبت
النظام وأفزعته وبدأت طرح تهديد
جدي لبقاء النظام الاستبدادي . بالرغم
من شدة النظام في التعامل مع
المتظاهرين والذي أتبت ذلك طوال
فترة الشهرين لكن المحتجين
يخرجون إلى الشوارع ويتظاهرون
بقوة ويرفعون شعارات قوية كانت
إصلاحات النظام ،ثم إسقاط
النظام ،واليوم ارحل،دعوة
صريحة للرئيس بشار بالرحيل ،
هذا تطور ملفت للانتباه من خلال
الشعارات المطروحة بدعوة صريحة
للرئيس بالرحيل فالشعب اخذ
قراره بالمواجه لإسقاط الرئيس
السوري . بالرغم
من شراسة النظام مع طبيعة
المظاهرات والمتظاهرين والقمع
الشديد التي يتعرض له هؤلاء
المشركين على عكس تظاهرات اليمن
ومصر ودول أخرى ،،،لبد من إرسال
التحية الفعلية لهؤلاء
المشاركين برغم من كل الظروف
التي تعصف بهم فالواحد منهم
يقدر بهذه الظروف بألف . من
خلال هذه المظاهرة التي شارك
بها الإلف من الشعب السوري،
متحديا الظروف القاهرة التي
فرضها النظام على الحياة العامة
،هذا يعني بان النظام بداء في
العد العكسي إمام مطالب وإسرار
المحتجين. المسالة
سوف تطول بالطبع في مقارعة هذا
النظام وأجهزته الأمنية
والقمعية،لو جاء الرد من روسيا
التي تحد ربها الدول الغربية من
التدخل في سورية ،فروسيا لا
تحمي نظام مهدد من قبل شعبه
،والذي يطالبه بالرحيل عن
السلطة ،نحن بانتظار مشاركة
سورية اكبر وأكثر فعلية ،لبد من
تفعيل المشاركة في المدن الكبرى
التي هي بدورها سوف تكون مركز
الحسم والثقل للثورة والثوار
السورين . *كاتب
صحافي ومحلل سياسي ======================= ثائر
علوان رغم
توزع الشاشات في منزلنا، بقيت
علاقتنا أنا وزوجتي بالتلفاز
محدودة، إذ أننا نادراً ما كنا
نجلس إليه إن لم يكن لدينا
فيلماً جديداً نحضره سوية، منذ
ما يقارب الخمسة أشهر كان هناك
تحول نوعي في علاقتنا به،
فالأحداث المتلاحقة والمكثفة
للثورات العربية قلما تترك لنا
وقتاً للقراءة أو لأي نشاط آخر
مما نحرص عليه، في غمرة
انشغالنا، اكتشفنا أننا مع
حرصنا على إبعاد أطفالنا عن
المشاهد الدموية والعنيفة،
أنهم يعيشون هذه الأحداث،
بتفاصيلها، وأنهم قد كبروا
بغتة، وأضافوا لأعمارهم الغضة
سنوات في أشهر، طفلي الذي ينطق
كلماته الأولى، يصرخ كلما رأى
السحنة الغرائبية للقذافي: دار
دار. وهو يحرك يديه إلى الأعلى،
وطفلي الآخر الذي يذهب إلى
المدرسة لتوه يردد على طريقة
اليمنيين في ساحة التحرير:
الشعب يريد إسقاط النظام.
مستمتعا بلحنها، كم أخشى على
أظافره الغضة! وطفلي الأكبر
يسأل أسئلة قلما تهم الأطفال في
عمره، لم نتمكن مع كل حرصنا أن
نجنبهم معايشة دراما الثورة
التي تتفوق في تراجيديتها كل
الملاحم والحكايات الشعبية
والتاريخية، وخاصة في ظل أنظمة
عربية مستعارة من عهود البرابرة
والفايكنج والتتار والمغول
والحروب المقدسة، مع الأحداث
السورية بتنا في خضم هذه
الثورات، بتنا نسمع الهتافات
الطموحة والتي تخفت وتعلو على
وقع معمعة الرصاص وأزيزه بشكل
مباشر، بعدما كنا نسمعها من
التلفاز، مما جعلنا نقرأ في
أعينهم هواجس مستجدة تتمثل في
تعرضنا المباشر لما كانوا يرونه
عبر الشاشة. إلا أن الأمر لا
يثنيهم عن ترديد: الله.. حرية ..
سورية وبس! اشهر
خمسة، والمشاهد أقوى من أي صنعة
درامية متقنة، وعلى الرغم من
النجاحات الضئيلة قياساً
بالدماء التي تراق، إلا أن
المزيد من الأمل ينمو في
النفوس، يقول أحد أطفالي: إذا
ذهب هؤلاء (يقصد الحكام) هل
سنرتاح من الشرطة؟! أتأمل هذا
السؤال البريء، الذي جعل
الأطفال يشعرون بالأمان أكثر
إذا غاب الشرطي، مع أن وظيفته هي
الحفاظ على الآمان! مما حدا
بالآخر أن يطلب مني الانتقال
إلى مصر أو تونس لأنهم تخلصوا من
(الشرطة). لا شك أنهم كانوا
يعيشون قتل الإسرائيليين
للأطفال في فلسطين ولبنان، لكن
دهشتهم تنبع اليوم من القتل
الصادر من حاكم تحف به المدائح
والشعارات التي تفتديه بالغالي
والنفيس. أدرك
فجأة أن ما نعانيه من ضغوط
مختلفة في ظل أنظمة القمع
يشاركنا فيه بصمت أطفالنا،
فيولد في نفوسهم الرعب من
السلطة قبل تعلم القراءة
والكتابة.. أتابع في نفس اللحظة
مشهداً لطفل يعتلي كتف أحد
المتظاهرين ينادي بصيحات
الحرية والمواجهة ويرددها من
خلفه الآلاف في حماس، ورصاص
القناصة لا يستثنيهم، إذ نشاهد
بعد لحظات رجلاً يهرول وهو يحمل
جثة طفله الذي فقد قطعة من رأسه
تسيل من خلالها بقايا دماغه...
مشهد عجزت كل أحداث التاريخ
وسرديات المؤرخين وإبداعات
الأدباء والشعراء، وخيالات
مخرجي أفلام الرعب عن الإتيان
بمثيل له. نسي
أطفالنا أغانيهم الطفولية،
وباتت قلوبهم تضبط وجيبها على
إيقاع أغنية: (ياحيف..) و( ويا مصر
هانت وبانت).. و(إذا الشعب يوما
أراد الحياة) و(معتصمين معتصمين)،
لم يعد يهمهم مآل الأمور بين توم
وجيري، وهم يلاحقون الأحداث بين
أناس عزل يواجهون أعتى آلات
القتل، تلعلع في يد قتلة
محترفين في اصطياد الرؤوس
الحالمة. ولا يستثنون حتى
الأعمار الفتية، لكنهم مع ذلك
يشعرون أن الآتي لن يكون أسوأ
مما نحن عليه. في مشادة بين
طفلين يتهم أحدهم الآخر بأنه
متوحش مثل ماهر، أو مضحك مثل
القذافي، أو ثرثار مثل صالح، أو
كاذب مثل بشار، أو لص مثل مبارك،
أو سفاح مثل بن علي... دخلت
مفردات البلطجية والمرتزقة
والشبيحة إلى لغاتهم الطازجة،
ولوثت طفولتهم، كشكل من أشكال
الرعب الذي ينتظر الآمنين
الغافلين، إلا أنهم يبقون
عاجزين عن فهم السبب الذي يجعل
المدججين بالأسلحة والدبابات
يخافون من أناس عزل يواجهونهم
بصدور عارية. اعتادوا على أن
يرتعب الناس بمجرد مرور شرطي
على خاصرته مسدس، فما الذي يجعل
(الشرطي) يرتعب من صيحة الحرية؟! أقرأ
من خلالهم طفولتنا البائدة التي
سحقت في معسكرات طلائع البعث،
وأتذكر الرعب الذي بدا من نواظر
معلمي في المرحلة الابتدائية
عندما قلت له: هل على غير
البعثيين أيضاً أن يحضروا هذه
المعسكرات. ويدهشني اليوم أني
نجوت يومها من قلع الأظافر،
ونهش لحم الجسد والتهديد
بالكلاب البوليسية. طفولتنا
التي شوهت في ظل القائد الخالد
الذي تسلل إلى كل كتبنا
ودفاترنا وحتى نتيجة آخر العام،
في كل شارع وحي ومتجر وحتى على
النقود التي نشتري بها الحلوى،
وكأنما علينا ألا نغفل عن ذكره
لحظة واحدة، نردد كل يوم عشرات
الشعارات المتذللة له،
والمخلدة لحضوره الأبدي وكأنه
قدر لا يمكن الفرار منه، هذا
الإحساس الطفولي الذي نما في
أعماقنا شوكاً وطحلباً إلى
الدرجة التي جعلتنا عاجزين عن
تصديق نبأ موته لأيام.. وبصدق
أقولها إلى اليوم أشعر أحيانا
أن موته أمر شبيه بالكاميرا
الخفية، وأنه سيطل علينا كعنقاء
الرماد... مع أنه لم يمت كسلطة،
بل مع سحنة ورثته بات أكثر قسوة
ونهباً وقتلاً وتدميراً. أتذكر
أيام اليفاع يوم كان مدرب حصة
التربية العسكرية يذلنا ويبطش
بنا ليثبت أنه عسكري جلد، أتذكر
نشيد يا شباب العرب هيا... عاش
بعث العرب... ووجه المسؤول
الحزبي وهو ينظر إلي شزراً لأني
لا أبادر إلى الانتساب إلى
الحزب مع كل دعواته، وأتذكر
صديقي المراهق الذي غاب طويلاً
قبل أن يعود والكدمات في عينيه
وجسده لم تشف بعد، كان مرحاً
ثرثاراً، عاد في هيئة أخرى، لم
نعد نسمع صوته أو نرى ابتسامته
التي كانت تميزه. وإلى اليوم لا
ندري لماذا غاب ولماذا تغير؟! هاهم
أطفالنا اليوم يتطلعون إلى حب
وطن بعد أن قضينا أجيالاً ندجن
على محبة سحنة لا نشعر
بالطمأنينة برؤيتها، وها هم
يتلذذون بإزالة كل الصور
والتماثيل التي ملأت كل بناء
وشارع وساحة، متأملين أن تكون
هذه الإزالة الرمزية مؤشراً
لزوال رعب الطغمة الحاكمة. وها
هم يحلمون بشرطي يشعرهم بالأمان
بعدما كان دوماً رمزاً للظلم
والفساد والعدوان. ============================= سوسن
البرغوتي هل
يجعل اليأس من حاملهِ المخادع
محدثاً بليغاً، وهو في الحقيقة
يرتدي أقنعة الزواحف القادرة
على تغيير جلودها لتتظاهر بأنها
ضحية ...؟! وهي في واقع الأمر تنفث
سمّها فيرتد إليها، وقد يقتلها
قبل أن تصيب الآخرين بأذى الحمم
المحمولة على كلمات منمقة،
وتعابير مزخرفة تتماشى طرداً مع
الحدث المصطنع.. ثم.. عندما
تعييها الحيلة تخلع عنها
القشور، وتصدر صوت الفحيح،
طلقات متتالية تدوي في الفراغ
تحاول أن تهشّم بعض معاقل ما
تبقّى، فتتهشم على أبوابها
مرايا خفية، تبتدع صنوفاً شهية
لحفلة سرية، تقام على أنقاض
آخرين لم يعد يعنيهم أمر تلك
الحفلة، إلا أنهم تعلموا من
مسيرة الحياة، أن أوراق الخريف
الصفراء الهشّة المتساقطة،
تختلق أساطير غريبة، وتصدقها،
يختلط فيها الكذب بالنفاق،
والمساحيق المزيّنة بالزعيق،
ولا بد أن تتكسر تحت أقدام
المارة، سرعان ما تندثر وتفنى.. إن
للطعنة التي وجهها بروتوس
للقيصر معانيَ غير التي وصلتنا،
لأنها لم تنل من جسد قيصر فقط،
بل عملت على تقويض إمبراطورية
ونظام ومسلك، وكانت الأخيرة بين
طعنات المقربين للقيصر، شرّحت
وهي تفتك بالجسد، قيمة الوفاء
والنبل. قالوا
في الحكمة: لا تقل كل ما تعرف ولا
تفصح عما تشعر به، ولكن عندما
يأتي الإنكار لوجودك، لا بد أن
تقول أنك هنا في هذا العالم،
وأنك لست عدماً.. فالصمت عن الرد
ليس ضعفاً ولا جبناً، ولكنه
احترام للذات وللقيمة، أما من
يملأ الأمكنة بالهرطقات، لن
يسمع منها إلا دويّ انفجارات
صوتية، وتعود الأفعى من جديد
تنسج بأنيابها قصصاً أخرى
بزاويا أخرى غريبة شاذة. وريقات
سوداء يابسة تترنح طرباً على
وقع آلالام الآخرين، وتسعى
لاقتحام حياتهم، لأنها تجد في
ذلك السلوك ملاذاً آمناً لملامح
قد تبدو بريئة، لكنها تهوي
بُحفر الرذائل، وهي تتشدق زيفاً
بالقيم الأخلاقية!. عجباً لتلك
الأوراق، تُداس وتعلن إفلاسها
وفناءها، لكنها تعود إلى الحياة
زاحفة، تبحث من جديد على خفايا
وهمية لتعتاش عليها. الدنيا
لم ولن تتغير، والحياة تستمر
بالصالح والطالح، والشرير لا
يبكي عذابات طفل، أو نزف وردة
بيضاء ذوت على قارعة الأرصفة
المزدحمة بتفاصيل ترهقنا
يومياً، لكنه يفرح ويعيش على كم
هموم وغمّ أصاب السالكين بذهول
أو صدمة.. لا فرق، تزيد حماقته
عناء محطة استوقفتنا عند تلك
الحفلة، منبهرين بأضوائها.. ثم
تنطفئ لتكشف عن عري البواطن،
وتطفو على السطح تافهةً بلا
جذور ولا أصول، تحتكم لرغبة
التعالي والتملّك، فتصبح أسيرة
أجواء وأمزجة عابرة. في
لحظات يكون الكبرياء والترفع
خطوة عن الأرض، والصمت أقوى لغة
في العالم، وأبلغ من تلونات
الوجوه، والبحات المصطنعة. فما
وراء الخبر والحدث نرجسية مريضة
من تراكمات الفشل، تعوضها بسموم
تبثها وتكتوي بنارها، ثم تتلاشى
كالسراب، وجوه ذابلة لا تعرف أن
للحياة لوناً ومعنى، ملتحفة
بخيلائها الواهي، تنتقل
كالعدوى لتزرع الفرقة هنا
والكره هناك، لتتربع ملكة على
أسراب النحل وعلى بقايا مَن
عافوا سيرة أوراق خريفية تتكرر
على كل شجرة تلامسها، ثم تسقط
وتسقط إلى الأسفل. أما
أنتِ يا آخر العواصم، فقد دكت
حصونك زواحف تسطو على أحلامنا
المبعثرة، وتظن أنها الغاية
والمبتغى، لكنها لا تدرك أنها
أضاعت في عتمة خباياها معنى
الحياة الكريمة، لتبدو منقوصة،
تتمايل حيناً عرجاء، وأحياناً
بحالة فقدان توازن أحمق.
والأفاعي يا سيدتي، لا تستطيع
البقاء في الأعالي، بل تنتحر في
الحضيض، بعد أن تستنفذ شهوتها
الغرائزية، مهما تظاهرت بسلوك
التحضّر، فمكانها الطبيعي
الصحارى الجرداء، الخالية من
ماء الروح اللازم للحياة،
والبعيدة عن نبض القلوب،
والشاردة من قيم أخلاقية. ======================== بعد
غياب مشبوه ظهرت كاهنة دمشق
تزبد وتربد محمد
فاروق الإمام بثينة
شعبان مستشارة السيد الرئيس
غابت عن المشهد السوري وأحداثه
لأكثر من شهر تقريباً.. حتى ظن
الناس أن هذه المرأة السياسية
اللعوب قد حزمت أمرها وقررت
الهروب من مستنقع الدم الذي
أراده لسورية وشعب سورية بشار
الأسد.. بعد أن يئست من سيدها وقد
أدار ظهره وصم آذانه لكل
النصائح التي ظنوا أنها قدمتها
له حقناً للدماء ووقف دفع سورية
إلى المجهول الذي لا يعلم إلا
الله مداه وتداعياته. الناس
السوريون الطيبون الذين ظنوا أن
ضمير هذه الكاهنة التي غابت كل
هذه الأيام الطويلة عن مسرح
الجريمة قد استفاق - وإن كان
متأخراً - صدموا بالحديث الذي
أجرته مع صحيفة (نيويورك تايمز)
الأمريكية، وقد استدعت محرريها
إلى دمشق لإجراء هذا الحديث
الخاص معها من دون الصحف
العربية والغربية لغاية واحدة
هي طمأنة البيت الأبيض عن أن
الفرصة التي أُعطيت للنظام تؤتي
أكلها. صُدم
الناس بظهور بثينة شعبان بعد
هذا الغياب الطويل، وقد جرت
خلالها في كل مدن وقرى سورية
أنهار من الدماء، لتثبت من جديد
أن صمتها لم يكن استجابة لصحوة
الضمير أو استفاقة من أوهام كما
ظن الناس، بل كان خلوداً مع
شيطانها لفترة تستعيد فيها
التوازن وتبدل ثوبها على عجل
وتظهر على المسرح بابتسامتها
اللئيمة، فجاء ظهورها بوجهها
الكالح لا يوحي إلا بمزيد من
التهديد والوعيد وبمستنقع دموي
مفتوح بلا حدود يشمل سورية من
النهر إلى النهر. لقد
خرجت علينا بثينة شعبان بثوب
أفعى جديد لتزف للدولة العبرية
وأمريكا، الخائفتين على مصير
النظام، البشرى.. ولتؤكد لهما أن
النظام لا يزال عصياً على أية
ثورة شبابية، وأن سورية ليست
كتونس أو مصر: فالأخطر في الثورة
– كما قالت – (مر وقد أصبح
وراءنا). بثينة
شعبان أرادت بحديثها مع صحيفة (نيويورك
تايمز) توجيه رسالة اطمئنان
لأسياد سيدها في واشنطن وتل
أبيب أن الأخطر في الثورة التي
عصفت بسورية منذ حوالي شهرين قد
مر (وأصبح وراءنا)، مؤكدة – كما
يُهيأ لها – أن النظام السوري (يعيش
المرحلة النهائية من هذه القصة)،
ولسان حالها يقول، رداً على طلب
هلري كلنتون (أنهوا مشاكلكم ثم
عودوا إلينا): نشكر واشنطن التي
وقفت إلى جانبنا وتصدت لكل
مطالب المجتمع الدولي بمعاقبة
النظام السوري ورأسه، أعطونا
مزيداً من الوقت كي ننفذ خططنا
في ذبح المعارضين وقتل
المنتفضين واعتقال الآلاف ممن
تجرؤا وطالبوا بالحرية
والكرامة ونادوا بسقوط النظام،
وبعدها سنعود إليكم كما تطلبون..
ونقبل أعتابكم وحذاءكم. ولم
تنس كاهنة البيت الأسدي من
ترديد نفس الدعاوي التي دأب
مسئولي النظام وأبواقه من
مرتزقة الإعلام الرسمي من
إطلاقها (لا يمكن أن نكون
متسامحين مع أناس يقومون بتمرد
مسلح)، مكررة نفس الاسطوانة من
أن المتظاهرين االسلميين هم (مزيج
من الأصوليين والمتطرفين
والمهربين والمدانين السابقين
والذين يتم استغلالهم لإثارة
الاضطرابات) مقللة من قيمة
العقوبات التي فرضها المجتمع
الدولي على النظام السوري
ورموزه قائلة: (هي سلاح تم
استخدامه مراراً بحق سورية)،
معتبرة (أن هذه العقوبات يمكن
استيعابها وأن الأمور سوف تتغير
حين تنتهي الأزمة). بثينة
شعبان تُشعر الآخرين وكأنها
تتكلم من مركز قوة وراحة أعصاب
وثقة في النفس، ظناً منها أن
المرحلة الأصعب مرت، ولم يدر
بخلدها أن المرحلة الأصعب قادمة
وأن الشباب السوري الذي كسر
حاجز الخوف وانتفض وعاهد الله
والوطن على مواصلة المسيرة حتى
نهايتها المتمثلة بسقوط مدوي
لهذا النظام السادي، لا يزال
ينبض بالحياة والإصرار واليقين
من أن النصر دائماً حليف الشعوب. هذا
الشباب المنتفض الذي يخرج في كل
المدن السورية، برغم التهديد
والوعيد من النظام القمعي
العتيد، يخرج متحدياً رصاص
الغدر، وهو يعلم أنه مهدداً
بالقتل والضرب والأذى في نفسه
وماله وشيوخه ونسائه وأطفاله،
يخرج ولا يدري أيعود لبيته أم
للسجن والتنكيل أو يشيع جثمانه
إلى جوار ربه، يخرج موطّن النفس
على الصمود أمام همجية النظام
ووحشيته، ويعرف أنه وحيداً
والعالم كله عرباً وعجماً يتفرج
صامتاً متواطئاً أو لا مبالياً
بالشبان الذين يسقطون بالعشرات
والمئات بين قتيل وجريح في طول
البلاد وعرضها يومياً، وقد
استأسد الأسد الصغير على صدورهم
العارية وأكفهم الخالية
ونداءاتهم المسالمة، وقد دفن
رأسه كالنعامة في مواجهة العدو
في دير الزور وعين الصحاب
واللاذقية، كأبيه يوم ترك
الجولان هدية للصهاينة دون دفع
أو مدافعة في حزيران 1967، مكرساً
صمت الجبهة السورية مع العدو
الصهيوني لأكثر من أربعين عاماً.
خرجت
علينا بثينة شعبان بعد طول غياب
بكلام ممجوج ومستهلك سأمنا منه
وملّه السامعون، حتى أن أقرب
أصدقاء النظام ورأسه رجب طيب
أردوغان رئيس وزراء تركيا قد
ملّ ما يردده أبواق النظام من
أكاذيب وأباطيل ومفتريات، وما
يتلقى من أجوبة مضللة مخادعة
على تساؤلاته، واللامبالاة بكل
نصائحه، أعلن صراحة (بأن لا أحد
بات يصدق أو يقتنع بما يقوله
النظام السوري، الذي يعيد إلى
الأذهان بما يقوم به على الأرض
ذكرى مجزرة حماة ومجزرة حلبجة). أخيراً
أقول لبثينة شعبان: على رسلك فلا
تطمئن كثيراً فالقادم من الأيام
سيحمل لك ولسيدك وعائلته وبطانة
السوء التي حوله أخباراً كظلمة
الليل وسواد دجاها متجسدة
بأفعال وليست أقوال، وإن كان من
نصيحة صادقة أخيرة يمكن أن
تقدميها لسيدك أن تقولي له (ارحل
اليوم قبل الغد حيث لا شفيع لك
ولا منقذ.. انج ببدنك وأهلك ودع
من حولك وقد كذبوك وضللوك.. وقد
لا تتاح لك الفرصة وتقع في شرك
أعمالك كما وقع من هو أشد منك
قوة وأعز مقاماً!!). ========================= أيتها
الثورة العربية الكبري: قضي
الأمر أ.د.
ناصر أحمد سنه / مصر قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي.. ستستعيد الأمة
العربية الإسلامية مكانها
ومكانتها، حريتها عزتها
وكرامتها وسيادتها وريادتها. قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي.. ستصان دماء
الشباب والرجال العرب
والمسلمين، ولن تكون " دعاية"
عنصرية في مضمار الإنتخابات
الأمريكية ، من يسفك الدماء يفز
بأكثر الأصوات. قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي.. ستصان أعراض
الفتيات والنساء، وسيبتسم
ويفرح أطفال العرب والمسلمين..
من أندونيسا حتي المغرب. قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي علي الطغاة
والمستبدين، وأذيال الإستعمار
الخارجي.. ستتحرر الأمة تحررها
الحقيقي، قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي.. سنتهض من كبوتها،
وتنتفض من غفوتها، وسنفض عنها
أسار الذل والتبعية والإستلاب
والإستخراب. قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي الحر الأبي.. سيصون
مقدراته، ولن تطأ قدم محتل أرضه
لتنهب ثرواته. قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي.. لن يسرق الطغاة
والمستبدون أموال الأمة،
ويستنزفون ثرواتها ويهربونها
حيث ينتفع بها أسيادهم ومن
عاونهم وساندهم ونصبهم. قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي.. ستتحرر فلسطين من
قبضة الصهاينة المحتلي
الغاصبين. ستتحرر القدس "المدينة
المقدسة، عاصمة دولة فلسطين.
سيرتفع الاذان في المسجد الأقصي
وقبة الصخرة، وستدق الأجراس في
كنسية القيامة، وستزدان بيت لحم.
ستعود أشجار الزينون وارفة،
وثمارها ناضجة. قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي.. ستعود بلاد الشام
عصبة واحدة ، وعصية قاهرة.. بلاد
الشموخ والأباء والنخوة
والشهامة. قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي.. ستتحرر
أفغانستان، وكشمير، والعراق،
والصومال، وناجورنو كرباغ
وغيرها قضي
الأمر.. بثورات
الشعب العربي.. لن تكون هناك
قورا للموت.. علي شواطيء أوربا
وأستراليا. ستعود الطيور
المهاجرة إلي أعشاشها الأولي،
ومرابع صباها. سيطمح الآخر في
الهجرة إلينا، والبقاء في كنفنا..
كنف الحرية والإخاء والمساواة
والعدل والسلام والتحرر
الحقيقي. قضي
الأمر.. يا تونس "الخضراء" . قضي
الأمر.. يا مصر "المحروسة". قضي
الأمر يا ليبيا "المختار". قضي
الأمر.. يا يمننا "السعيد". قضي
الأمر.. يا سوريا "الإباء". قضي
الأمر.. يا كل شعبنا العربي
المسلم. قضي
الأمر.. إنما النصر صبر ساعة. قضي
الأمر.. بتضحيات الشباب والرجال
والنساء والأطفال. قضي
الأمر .. بعون الله وإرادته
ومشيئه عندما دخلتم عليهم الباب:"...ادْخُلُوا
عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا
دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ
غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ
فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ" (المائدة:23). أيتها
الثورة العربية الكبري: قضي
الأمر. "..
قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي
فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ" (يوسف:41). ======================== علي
عبدالعال صُمت
آذننا من كثرة تكرار النظام
السابق مقولة الجماعة "المحظورة"،
التي كان يراها ترتكب كل
المخالفات، وتقف خلف كل مصيبة
تقع في مصر. فما كنا نتصفح جريدة
أو مجلة حتى نمل من كثرة ترداد
"المحظورة" فيما نقرأ
ونطالع أو نسمع من شاشات
التلفزة. كان
يرددها الحالمون من الصحفيين،
والمنتفعون من كُتاب النظام،
والمثقفون الرسميون،
والمتصدرون للمشهد الإعلامي في
عهد مبارك، وكانت هي وسيلتهم
للتقرب ونيل الرضا والحظوة.. ظلت
تطاردنا هذه المترادفة حتى
أكرمنا الله بالثورة، فانتهت
دون رجعة. لكن
ولما كان لكل عهد "فزاعة"
أو قل "شماعة" فقد اختار
المتحولون من نخبتنا هذه الأيام
أن يكون "السلفيون" هم
شماعة العهد الجديد وفزاعته..
فهم الذين قطعوا أذن القبطي
بقنا، وهم الذين هدموا الأضرحة
في الدلتا، وهم الذين يعتدون
على غير المحجبات في القاهرة،
وهم الذين يريدون تهجير الأقباط
من مصر، وهم الذين صوتوا وحدهم
بنعم للتعديلات الدستورية، وهم
الذين يريدون تطبيق الحدود،
وينفذون مخططا سعوديا لإحداث
فتنة طائفية في البلاد بسبب
محاكمة مبارك، ولولاهم لما كان
هناك مشكلة بين المسلمين
والأقباط بسبب "كامليا شحاتة"
و"وفاء قسطنطين" ولا حتى
"عبير فخري". وغيرها
الكثير والكثير من الاتهامات
بالتخريب والإفساد تخرج بها
علينا صباح كل يوم مواقع وصحف
وقنوات مسماة زورًا ب "المستقلة"
وهي في حقيقتها مفارخ للأكاذيب،
غارقة في الانحياز، تدار بأموال
عدد من أصحاب الأجندات والمصالح
الخاصة من رجال الأعمال، الذين
يسوقون من خلالها ما يراد
للمجتمع أن يصدقه. الغريب
أنه وأمام كل اتهام وشائعة يقسم
السلفيون بكل الأيمان أنهم لم
يفعلوا ذلك، ولن يفعلوه، ولا
يفكرون في فعله، لأن هذا ليس في
أجندتهم، ولا من وسائلهم في
التعامل مع مشكلات وقضايا
المجتمع، ولا في منهجهم الفكري
والدعوي.. ثم تجد تحقيقات للقضاء
تبرأهم، وشهود عيان يقولون ليس
لهم علاقة، وأدلة قاطعة تدين
غيرهم، لكن هيهات هيهات. تجد
على الجانب الآخر إصرارا عجيبا
على توريطهم والزج بهم.. كأن
العالمون ببواطن الأمور في
بلادنا اطلعوا على جينات
السلفيين فوجدوهم مخربين
بالفطرة، ليس لهم هم سوى تدمير
مصر، وتهجير الأقباط، وقطع
الأيدي والآذان؛ وهكذا حتى كدنا
نصدق أن السلفيين يتنفسون تحت
الماء، ويطيرون في الهواء. كتب
أحد السلفيين ساخرًا من حالهم
في ظل هذه الاتهامات والشائعات
التي لم تعد تكف عن مطاردتهم،
يحكي في قصة "تخيلية" نشرها
بالمنتديات ومواقع التواصل
الاجتماعي كيف بات الترويج
للاتهامات سهلا في وسائل
الإعلام المصرية، التي لم تعد
تكلف نفسها ما تقتضيه أمانة
المهنة من التحقق من صحة ما ينشر..
يقول بلهجة دارجة: "نصراني
داس علي قشرة موز واتزحلق ورجله
انكسرت، سأل "مين اللي رما (ألقى)
الموزة دي؟" قالوا:
الواد بولس، طيب مين اللي اداله
(أعطى له) الموزة؟ الرد: أبوه. طيب من
أين اشترى الموز؟ من عند حنا
الفكهاني (بائع الفاكهة). ...اممم
طيب حنا الفكهاني بيتعامل مع أي
تاجر؟ بيتعامل مع مايكل من شبرا. طيب
مايكل بيتعامل مع أي تاجر؟ بيتعامل
مع الشيخ أحمد السلفي. يا نهار
أسود السلفي كان هيموتني". الأخبار
في وسائل الإعلام: "سلفي يكسر
رجل مسيحي بسبب قشرة موز". هكذا
لم يجد السلفيون سوى السخرية من
هذا الواقع الاتهامي من حولهم،
لأنه واقع لن تجدي معه سوى
السخرية منه
برأيهم
وهي سخرية معبرة إلى حد كبير
عن حقيقته. لكن في
إطار البحث حول أسباب هذه
الإشكالية (المتمثلة في نفي
السلفيين عن أنفسهم وإصرار
الآخرين على اتهامهم) يبرز عدد
من الأسباب التي ينبغي أخذها في
الاعتبار عند محاولة تفسير
الظاهرة: 1
سيطرة القوى المناوئة
للإسلاميين عامة والسلفيين
خاصة على وسائل الإعلام في مصر،
وهي قوى متعددة، وقد تكون
مختلفة في الكثير فيما بينها
إلى حد التناقض، لكنهم جميعا
اتفقوا على معاداة السلفيين
باعتبارهم جزء كبير من الطيف
الإسلامي. ويمكن حصر هذه القوى
كالتالي: النخب العلمانية
واليسارية، ثقافية كانت أو
سياسية حزبية أو إعلامية،
الموالين للكنيسة من رجال
الأعمال الأقباط، الأصوات
المؤيدة لأقباط المهجر في
الداخل، النشطاء الشيعة
الموالين لإيران وحزب الله، وقد
أعلن هؤلاء عدائهم السافر
للإسلاميين في أكثر من موقف
آخرها خلال الوقفة الاحتجاجية
التي نظموها أمام السفارة
السعودية الثلاثاء 10 مايو
بالتعاون مع مركز "الكلمة"
القبطي، هذا إلى جانب بقايا
النظام السابق وأجهزته الأمنية
ممن لازال لهم سيطرة على بعض
القنوات الإعلامية. 2 فشل
الإسلاميين إعلاميا، وخاصة
السلفيين الذين ليس لهم صحيفة
واحدة تدافع عنهم ويردوا من
خلالها على ما يوجه لهم، أو قناة
تليفزيونية غير القنوات
الدينية الوعظية؛ وعلى عكس
الإخوان يبدو العجز كبير لدى
السلفيين في الكوادر الإعلامية
والمتحدثين لوسائل الإعلام على
حد سواء. =========================== أحمد
الصياصنة وأحمد معاذ الخطيب
وغسان نجار نبيل
شبيب ليست
الكلمات التالية تعريفا بقدر ما
هي إشارات لبعض الأسماء التي
تردّد ذكرها من خلال تأثير
مواقفها في مسار ثورة شعب
سورية، على أمل أن يجمع سجلّ
الثورة بعد انتصارها المزيد،
فهؤلاء هم الذين يعطون الثورة
الشعبية معالم طريقها السلمي
الشعبي الحضاري المشروع، كما
يغذون وقودها بما يعبّرون عنه
من صميم الإرادة الشعبية
الثائرة. أحمد
الصياصنة الشيخ
أحمد الصياصنة، إمام المسجد
العمري في درعا، وأحد وجهاء
المدينة، التي انطلقت منها أولى
فعاليات ثورة شعب سورية على
الاستبداد، وكان من أقواله عن
الثورة: (لا
أعتقد أنها ستتوقف، لأن الشعب
السوري ملّ الوعود، وكل ما
تناوله الأسد في خطابه كان
وعودا، الرئيس بشار الأسد منذ
توليه مقاليد الحكم في سوريا
تحدث عن الإصلاحات وتفاءلنا
خيرا حينها، لكن لم نر شيئا من
تلك الإصلاحات، يبدو أن الطبقة
الحاكمة وقفت ضد الإصلاحات التي
جاء بها، وبذلك فقد الناس الثقة
في النظام، كما أن الخطاب
الثاني لم نلمس فيه شيئا واضحا،
إلا صيغة "سنفعل" التي
تعودنا عليها منه، وبعد جرائم
القتل العديدة لا يوجد من يثق في
النظام الآن، ثم هل يعقل أن
ننتظر من الفاسد والمفسد أن
ينجز إصلاحا، الجهاز كله فاسد،
ولا ننتظر شيئا سوى رحيل النظام). وكان
من شهداء الثورة الأوائل ابنه
أسامة رحمه الله، وبقي الشيخ
أحمد ثابتا على طريق الثورة،
وسيبقى رمزا من رموزها وقائدا
من قياداتها، رغم اعتقاله بعد
أن اقتحمت الفرقة الرابعة
المدينة الثائرة وعاثت فيها
فسادا وخرابا، وعزلتها عن
العالم الخارجي. أحمد
معاذ الخطيب الحسني أقدمت
سلطات الأمن السورية على اعتقال
أ. أحمد معاذ الخطيب الحسني مساء
يوم الخميس 5/5/2011م، وهو من أبرز
الدعاة، وخطيب المسجد الأموي
الكبير سابقا، والرئيس السابق
لجمعية التمدن الإسلامي. ولد في
دمشق عام 1960م، درس الجيولوجيا
التطبيقية، وعمل مهندسا لست
سنوات، وهو عضو في الجمعية
الجيولوجية السورية والجمعية
السورية للعلوم النفسية، وألف
المئات من الكتب والمقالات في
مختلف الدراسات الاجتماعية
والإسلامية. غسان
نجار ابن
حلب البار، ومن مواليدها عام 1938،
يحمل شهادة الماجستير بالهندسة
الميكانيكية من جامعة اسطنبول
التقنية، وينتمي إلى أسرة
معروفة بالعلم والثقافة، وكان
والده من رجالات التربية
والتعليم المعروفين في سورية.
وانتخب غسان نجار انتخب أمين سر
لنقابة المهندسين في حلب،
واعتقل لمدة اثني عشر عاماً
(1980-1992م) دون محاكمة، على خلفية
المطالب النقابية بتأمين أجواء
الحريات وتحقيق العدالة
والديمقراطية وسيادة القانون
بعيدا عن حالة الطوارئ والأحكام
العرفية. وهو من الناشطين
السوريين، وأحد أعضاء الأمانة
العامة لتجمّع إعلان دمشق، ومن
رموز التيار الإسلامي
الديمقراطي المستقل، وقد منعته
السلطات من السفر وشمل ذلك رفض
طلباته العديدة للحج والعمرة. كان من
أوائل المعتقلين (قبيل اندلاع
ثورة شعب سورية) يوم 4/2/2011م، بعد
دعوته إلى تظاهرات سلمية
للمطالبة بالإصلاح وبإطلاق
الحريات. وأفرج عنه في إطار
محاولة امتصاص الغضب الشعبي،
قبل أن يأخذ مسار الثورة مجراه
ليشمل كافة أنحاء البلاد. ========================== في
ذكراك وطني .. سرقوا الأسماء قلم
/ غسان مصطفى الشامي ترتسم
خارطة الوطن السليب على مدامع
جراحنا و تجاعيد وجوه أجدادنا
وآبائنا، وتتجه العقول وفلذات
القلوب إلى أرض الأجداد والآباء
... إلى هناك .. أرض فلسطين .. أرض
المجد والتاريخ.. أرض العزة
والكرامة ... أرض الزراعة
والصناعة وملتقى الحضارات..
تتجه قلوبنا إلى هناك إلى
جذورنا وذاكرتنا وتاريخنا
وتراثنا .. إلى هناك في القدس
وحيفا ويافا وعكا والمجدل
وعسقلان وبيسان.. إلى هناك يتجه
عشقنا وما أجمل أن تولد عاشقا
وان تحيا على عشق الوطن وما أجمل
أن يكون الوطن فلسطين .. هي أرض
الزعتر والزهر والحنون .. هي أرض
النخل وأشجار الزيتون .. هي
العراقة والأصالة وأحلام
الخلود .. كم نشتاق لرائحة أرضنا
البهية وهوائها وبهاء شمسها
الندية .. في
الذكرى 63 لاغتصاب فلسطين كم
نشتاق لحكايات الأجداد والآباء
كما نشتاق للحظات السعادة
والأنس وبيت الطين وخبز الطابون
.. كم نشتاق لورود يافا وبرتقال
حيفا .. كم نشتاق لحدائق عكا
وأشجارها الغناء ومينائها
التاريخي.. كما نشتاق لأشجار
البلوط وارفة الظلال وأشجار
الزيتون واللوز والصبار
الشواهد الأزلية لفلسطينية
الأرض .. لقد
هام الرحالة والشعراء في وصف
قرى وبلدات فلسطين، واذكر هنا
ما قاله الرحالة في وصف مدينة
عكا التاريخية، حيث قال المؤرخ
الإدريسي: " عكا مدينة كبيرة
واسعة الأرجاء ولها مرسى جيّد,
أما أهلها فهم أخلاط من أقوام
شتى"، فيما قال الرحالة
الشهير " ابن جُبَير" حين
زارها عام 1184 م : " قاعدة مدن
الإفرنج في بلاد الشام, ومحطّ
الجواري المنشآت في البحر
كالأعلام .. سككها وشوارعها تغصّ
بالزحام وتضيق فيها مواطن
الإقدام"، أما الرحالة
الألماني " ثيودوريش Theodorish"
الذي زار عكا عام 1172م, فقد وصفها
بقوله: " عكا مدينة كثيرة
السكان, وحينما ينزل الحجاج
النصارى في الأراضي المقدسة,
وبأي طريق دخلوا البلاد, فإنهم
مضطرون في النهاية وبعد إتمام
الحج إلى حضور عكا لتحملهم منها
السفن التي تعيدهم إلى بلادهم
". كما
نتحدث في هذا المقال عن مدينة
بيسان، وهي أقدم مدينة فلسطينية
، تقع في شمال فلسطين على مساحة
(7330 دونماً)، حيث اكتسبت هذه
المدينة التاريخية بيسان أهمية
كبيرة عبر تاريخها، وتنبع أهمية
موقعها الجغرافي الفريد و
وإشرافها على نهر الأردن ، وهي
تعد المفتاح الوحيد للعبور غربا
إلى فلسطين، وقد كانت محطة
تتجمع فيها القوافل التي تسير
بين الشام ومصر و كانت معبرا
للغزوات بينهما. وقد
مثلت مدينة بيسان الحارس الأمين
و خط الدفاع الأول للمناطق
الزراعية الخصبة في سهل مرج بن
عامر والسهل الساحلي لفلسطين،
فتحها المسلمون في عام 13 ه- 634م
على يد القائدين شرحبيل بن حسنة
وعمرو بن العاص في عهد الخليفة
عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ثم
احتلت من قبل الصليبيين و تمكن
القائد صلاح الدين الأيوبي من
تحريرها بعد معركة حطين عام 582ه-
1187م، وأعاد الصليبيون مرة أخرى
احتلال مدينة بيسان وتمكن
السلطان القائد المملوكي
الظاهر بيبرس من استعادتها، وفي
عام 1516م دخلت بيسان تحت الحكم
العثماني حتى عام 1918، حيث خضعت
المدينة بعد ذلك للانتداب
البريطاني الذي مهد الطريق
لاغتصاب فلسطين، ودمر اليهود
الصهاينة بيسان عام 1948 وغيروا
اسمها. لقد تم
تهجير المدن والقرى الفلسطينية
بموجب خطة صهيونية كبيرة
لاغتصاب أرض فلسطين، وظهرت
بدايات هذه الخطة منذ الحملة
الفرنسية على المشرق الإسلامي
عام 1897م، وقد بدأ حُلم الصهاينة
يتجه إلى فلسطين لتكون الوطن
القومي لهم، ، فيما ارتكب
الصهاينة أكثر من 74 مجزرة في
العام 1948 وتم تهجير نحو 500 قرية
ومدينة؛ كما قام الصهاينة بسرقة
أسماء المدن والقرى الفلسطينية
المهجرة و تحريفها إلى أسماء (عبرية)
قريبة من الأسماء العربية
الأصلية في محاولة لطمس الحقيقة
وتزوير التاريخ .. ==================== حسام
مقلد * في
مجتمعاتنا العربية والإسلامية
حيث التماسك الأسري والتكاتف
العائلي والتكافل الاجتماعي لا
يزال له حضوره الملحوظ ولا يزال
يلعب دوره الكبير في حياة الناس
تكون هموم الشقيق الأكبر هموما
كبيرة ومضاعفة، فإضافة لمطالب
حياته الخاصة وهمومه الشخصية
ومطالب زوجته وأولاده في أسرته
الصغيرة تضاف إليه أعباء أخرى
وواجبات كثيرة نحو أشقائه
وأسرهم وأبنائهم، وهذه الأعباء
والمسؤوليات لا يدرك حجمها
الحقيقي إلا من كان في موقع
الشقيق الأكبر، لأنه بالفعل
يتحمل بدافع المسؤولية
الأخلاقية والاجتماعية هموم
أسرته الكبيرة وعائلته
الممتدة، ويشعر أنه معنيٌّ بها
ومسؤول عنها كمسؤوليته
واهتمامه بحياته الخاصة وهمومه
الشخصية، ولاشك أن هذا الموقف
الشهم النبيل الذي يقفه الشقيق
الأكبر مع أهله وأشقائه يجعله
محل إعزاز وتقدير وإكبار من
الجميع، ويرحب به المجتمع أيما
ترحيب، ويعده من سمات الرجولة
والشهامة وعلامات النبل وسمو
الأخلاق، ويبوِّئُه مكانة
كبيرة ومنزلة رفيعة في قلوب
جميع إخوانه وأشقائه، ولا ينال
المرء هذه المنزلة ولا يحظى
بهذه المكانة لمجرد كونه الشقيق
الأكبر من الناحية العمرية،
وإنما ينالها بسبب ما يبذله
لأشقائه من عون ومساعدة، وما
يقدمه لهم من دعم ومؤازرة
ومساندة مادية ومعنوية، وما
يتحمله من أجلهم وفي سبيل
إسعادهم من تضحيات جسام. وهذا
هو نفس الوضع بين الدول
والجماعات البشرية، فلا تنال
الدولة هذه المنزلة الكبيرة
لمجرد كونها الأكثر عددا
وسكانا، أو الأوسع والأكبر
مساحة، أو الأغنى اقتصادا...،
وإنما بما تبذله من تضحيات وما
تقدمه من دعم ومساعدات للدول
الأخرى، حيث تساند قضاياها،
وتدعم مطالبها العادلة
المشروعة، وتمدها بكل أشكال
النصرة والمؤازرة بدءا من الدعم
المعنوي والإعلامي، والمساندة
السياسية وحتى تقديم المساعدات
الاقتصادية والعسكرية وصولا
إلى خوض الحرب معها وفي سبيل
نصرتها ونصرة قضيتها، وهذا ما
فعلته مصر طوال تاريخها مع
شقيقاتها العربيات وخاصة
فلسطين الحبيبة العزيزة على
نفوسنا جميعاً، ولا أحد يجادل
في أهمية قيام مصر بلعب هذا
الدور الحيوي والمهم للعالم
العربي، وقد رأينا جميعا فداحة
الآثار السلبية التي ترتبت على
تراجع وانحسار دور مصر خلال
السنوات الماضية؛ فقد كان من
أبرز النتائج السلبية التي
ترتبت على هذا التراجع ضياع
هيبة العرب، واجتراء الكثيرين
عليهم وعلى انتهاك مصالحهم
القومية العليا، وفقدان
تأثيرهم في المحافل الدولية،
ومقابلة مطالبهم المشروعة
بالإهمال والتسويف وعدم
الاكتراث، وأصبح العرب رقما
تافها يتم تجاوزه بسهولة في
مختلف القرارات والقضايا، حتى
تلك التي تمس صميم أمنهم القطري
والقومي. والآن
وبعد نجاح الثورة المصرية
المباركة التي ستغير بإذن الله
تعالى وجه الحياة في منطقة
الشرق الأوسط تتطلع كافة الشعوب
العربية إلى مصر المستقبل مصر
العزيزة الأبية لتقوم بدورها
الحيوي في نصرة القضايا العربية
والدفاع عنها، وفي مقدمتها
بالطبع القضية الفلسطينية، كما
تنتظر الشعوب العربية في الدول
التي لم تنجح ثوراتها نجاحا
تاما حتى الآن (ليبيا وسوريا
واليمن) تنتظر
من مصر تقديم كافة صور الدعم
والمساندة، لاسيما الدعم
السياسي والنصرة الإعلامية،
وشرح قضيتهم في كافة المحافل
الدولية لحشد التأييد الدولي
لهم، وتحويله من مجرد تأييد
نظري إلى دعم عملي منظم يحقق
مطالبهم ويوقف دماءهم النازفة
في الشوارع والميادين. ولم
تتأخر مصر الثورة ولم يتأخر
شعبها الحر الأبي عن تقديم كل
ألوان الدعم والمساندة، وها هي
أعلام الدول العربية ترفعها
ملايين الأيدي المصرية في ميدان
التحرير، وها هي حكومة الثورة
تمد يدها وتفتح صدرها للتعاون
الخلاق مع كافة الشعوب والبلدان
العربية، وها نحن نرى بشائر
الخير والعزة والنصر والتمكين
لأمتنا العربية العريقة تتوالى
في غضون أشهُرٍ قليلة فقط من
نجاح الثورة المصرية الميمونة،
فقد تمت المصالحة الفلسطينية،
ويجري الإعداد لقيام دولة
فلسطينية حرة مستقلة وذات سيادة
حقيقية، وتسعى مصر بكل قوتها
للحصول على اعتراف دولي واسع
بهذه الدولة، وحشد كل الطاقات
والإمكانيات لحل القضية
الفلسطينية حلا جذريا يتحقق
بموجبه السلام العادل والشامل
في الشرق الأوسط وتنال كافة
الشعوب في المنطقة حقوقها
العادلة والمشروعة دون افتئات
من أحد على الآخرين. وقد
يرى البعض أن سقف طموحات ومطالب
الأشقاء من الشقيقة الكبرى مصر
مرتفع في هذا الوقت المبكر من
عمر الثورة المصرية المباركة،
لاسيما وأن الجميع يرى مدى
خطورة وقسوة الهموم والتحديات
الجسيمة التي تواجه مصر بعد
الثورة، لكن ينبغي أن لا يحول
ذلك دون تقديم كافة صور الدعم
العاجل للقضايا العربية الملحة
لاسيما ما يتعلق بإكمال
المصالحة الفلسطينية وتحويلها
إلى واقع ملموس وليس مجرد
اتفاقيات، والإسراع في الرفع
الكامل والتام للحصار عن غزة،
وتقديم الدعم المعنوي للشعوب
العربية في سوريا وليبيا واليمن
التي تناضل من أجل نيل حريتها
والسعي الجاد بالتعاون مع كافة
دول العالم لحقن دماء أبناء هذه
الدول، وإيقاف حمام الدم النازف
على أراضيها، ويمكن لشباب
الثورة المصرية إبداع الكثير
والكثير في ميدان التحرير وغيره
لتشكيل ضغط شعبي مكثف على
الأنظمة الحاكمة في هذه الدول
الثلاث لوقف اعتداءاتها على
شعوبها المسالمة وإنقاذ الناس
هناك من الدمار والخراب والقتل
اليومي. وإذا
كان الشقيق الأكبر يناط به
دائما تقديم الدعم والمساعدة
لأشقائه، ويدعى باستمرار
للمبادرة والإسراع في نجدة
إخوانه وتقديم الدعم لهم، لكن
لا غنى له هو أيضا عن دعمهم
ومساندتهم ليظل قويا قادرا على
البذل والعطاء وتقديم
التضحيات، وينبغي لهؤلاء
الأشقاء مراعاة أحوال شقيقهم
والصبر عليه حتى يتعافى من
حالات المرض والاعتلال التي
تصيب الخلْقَ جميعا، وهذا ضروري
لمواصلة الحياة وتبادل المنافع
وتحقيق المصالح المشتركة بين
الجميع على أفضل نحو ممكن. ولعل
السودان الشقيق قد ضرب أروع
الأمثلة في ذلك، فرغم ما يمر به
من ظروف سياسية واجتماعية
واقتصادية صعبة إلا أنه بادر
بتقديم هدية لشعب مصر وثورتها
المباركة لتخفيف بعض العبء عن
كاهل الحكومة المصرية التي تمر
بمرحلة شديدة الدقة والخطورة،
ولعل دول الخليج العربي الأقدر
اقتصاديا تمد هي الأخرى بأقصى
سرعة يد الدعم والمساندة للشيق
الأكبر حتى يستعيد عافيته ويقف
على قدميه مجددا، وليطمئن
الجميع فمصر لا تتدخل في شؤون
أشقائها أبدا ولا تؤمن بمبدأ
تصدير الثورة بل تعتز بكافة
الشعوب العربية، وتسعى لتقديم
كل العون والمساعدة لها دون
أدنى تدخل في شؤونها الداخلية،
فمصر العريقة المتحضرة تعي
تماما حدود وطبيعة دورها، وتعرف
بوضوح ما هو مطلوب منها، وتدرك
كما الأفراد
ضرورة حفظ ومراعاة الخصوصية
حتى بين الأشقاء فهذه حقوق
طبيعية لا يمكن إنكارها أو
تجاوزها بأي حال من الأحوال. *
كاتب إسلامي مصري. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |