ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الخوف
على الديموقراطية في سوريا ومشروع
"مارشال" للشرق الأوسط جان
كورد في
الوقت الذي يجتمع القادة
الكورد، الطيبون السلميون أدام
الله بقاءهم، في شمال سوريا،
ليعلنوا تحت يافطة "الاجماع"
القومي عن رغبتهم الحثيثة
لتفعيل حوارٍ وطني سوري شامل،
لايستثني أحداً من أصحاب
المشاريع الوطنية المختلفة،
كما يشمل النظام الذي ضربه
زلزال تسونامي عنيف، فإن النظام
من جهته مستمر في تقتيل وتعذيب
وترهيب المواطنين، الذين صاروا
يفرّون جماعات وأفراداً في
اتجاهات مختلفة عبر الحدود من
شبيحته "بالمصرية: بلطجيته"
وأجهزته القمعية التي تحمل
ظلماً وعدواناً اسم "أجهزة
أمن!" لأنها تحوّلت في ظل هذا
النظام إلى أدوات لسلخ جلود
المواطنين وابتزازهم عن طريق
الرشوة، وإهانتهم، بل
والاعتداء عليهم بالهراوات،
رجالاً ونساءً وأطفالاً، كما
تقوم هذه الأجهزة المفترض فيها
حماية المواطنين إلى ناهبة
وسارقة لممتلكات الناس وضاربة
بكل ما أقسموا به على حماية
الوطن والمواطن عرض الحائط...
فأي دعوةٍ هذه ومن تخدم؟ وعدد
القتلى من المدنيين يكاد يصل
إلى 1000 إنسان، في حين لايمكن
إحصاء الجرحى والمشوهين
والمعتقلين، من مختلف السوريين.
نعم،
قادة الكورد يدعون دائماً إلى
الحوار، ودعوا إلى ذلك بعد
انتفاضة شعبهم في عام 2004، وفي
وقت كانوا يسطرون بيانهم "التاريخي"
كان يسيل دم الشباب الكوردي،
واليوم أثناء لقائهم تسيل دماء
الشباب السوري في كل بقعة من
البلاد. في هذا
الوقت بالذات، يبدو أن جميع
الذين راهنوا على بقاء العائلة
الأسدية في حكم سوريا عقوداً
أخرى من الزمن، قد توصلوا إلى
حقيقةٍ مفادها أن عصر العولمة
هذا بأزماته الاقتصادية
الخانقة وبثورته التقنية
الكبرى وانتفاضات الشعوب هو عصر
فناء وزوال الديناصورات
الاستبدادية، ليس في أوروبا
الشرقية فحسب، وإنما في مختلف
بلدان الشرق الأوسط أيضاً، ومن
بينها سوريا التي اعتبرها الشرق
والغرب، أثناء فترة الحرب
الباردة "عنصر أمن واستقرار!"
في المنطقة، على الرغم من كل
فعالياتها ونشاطاتها المتسمة
بدعم العنف وممارسته وباثارة
المشاكل لدى الجيران وامتلاك
الأسلحة المتطورة والمتنوعة،
بل ودعم منظمات غير مرغوبة
دولياً مثل "حزب ألله"
المشكوك بدوره في المنطقة. واليوم
لا يتباحث الخبراء السياسيون
على الصعيد العالمي حول الابقاء
على نظام الأسد الذي يرغب قادة
الكورد في ضمه إلى قائمة
المدعويين للحوار الوطني
السوري، وانما يتحدثون بجدية عن
المرحلة التي تلي سقوط هذه
الأنظمة الشمولية المتخلفة عن
ركب الحضارة البشرية، ومنها
نظام العائلة الأسدية أيضاً.
فلقد تولى عصر الدكتاتوريات
العسكرية وتوريث رئاسات
الجمهوريات، وترتسم هذه
الحقيقة واضحة على أرض الواقع
وتعكسها الانتفاضات الشعبية
الكبرى، التي لايمكن لأي نظام
قمعي أو بوليسي مهما تلقى من دعم
خارجي، أن يصدها أو أن يتمكن من
إفشالها، وحتى الأنظمة
العملاقة كنظام حسني مبارك في
مصر، الذي تمتع بمختلف أشكال
الدعم على الصعيد الدولي، قد
انهار بسرعة أمام الزحف البشري
الهائل في فترة وجيزة، وكانت
"موقعة الجمل" الشهيرة في
ساحة التحرير بالقاهرة آخر
معاركه الخاسرة. إن تغير
الخريطة السياسية في الشرق
الأوسط واضح منذ نجاح الثورتين
التونسية والمصرية وهبوط أسهم
القذافي وحاكم اليمن، ولكن هذا
لايعني قيام أنظمة "ديموقراطية"
أوتوماتيكاً بالشكل الذي حدث في
أوروبا الشرقية من قبل،
فالمنطقة العربية تختلف من حيث
تطور المؤسسات والصناعات
والادارات عن أوروبا الشرقية،
بل ثمة اختلاف جذري من النواحي
الاجتماعية والثقافية
والدينية، ومن الناحية
التنظيمية للأحزاب العريقة
أيضاً. ولايمكن عقد مقارنة بين
التأييد الذي تلقته حركة "سوليدارنوش"
النقابية البولونية من العالم
الحر الديموقراطي ومن الكنيسة
الكاثوليكية، والانخراط
الإسلامي للحركات الدينية في
مصر في النضال الشارعي ضد نظام
حسني مبارك. هناك
قلق واضح يسود الأجواء السياسية
في أوروبا والولايات المتحدة
الأمريكية واسرائيل وبعض الدول
العالم الأخرى، والقلق مبعثه هو
"الخوف على الديموقراطية!"
غير الموجودة بشكل واضح حالياً
على أرض الواقع في الشرق
الأوسط، فهذه الجهات الدولية
والاقليمية تعترف بأن
للإسلاميين دور هائل في تحريك
الشارع الشعبي في جميع هذه
البلدان، وللإسلاميين أجندات
سياسية وقيم وأفكار، تختلف إلى
حدٍ ما عما تؤمن به الشرائح
المطالبة بالنظام التعددي الحر...
ومع الأسف هناك من بين هذا الحشد
الإسلامي الكبير بعض الذين
لايؤمنون نهائياً
بالديموقراطية ويرفضونها أصلاً
ويعتبرونها كفراً بواحاً، في
حين أن هناك من يؤكد على أن رفض
الديموقراطية هو قبول
بالدكتاتورية ضمناً... الغربيون
يقفون حائرين أمام
هذه اللوحة الكبيرة، وبخاصة
فإن التيارات الديموقراطية
والليبرالية والاشتراكية
الديموقراطية لاتزال ضعيفة
بالنسبة للتيارالاسلامي،
وضعفها بسبب طوال عهود الطغيان
والتربية الحزبية الاستفرادية،
كما في ظل حزب البعث العربي
الاشتراكي، في كل من العراق
وسوريا، لعقودٍ طويلة من القمع
والارهاب السياسي، ولذا فمن
الغربيين من يؤكد على ضرورة: -المساعدة
في بناء أنظمة ديموقراطية ذات
علاقات اقتصادية – سياسية
راسخة مع العالم الحر
الديموقراطي. -إفساح
المجال للتكتلات الإسلامية
بالانخراط في أنظمة الشرق
الأوسط السياسية، دون أن تتمكن
من الهيمنة التامة على المحاور
الأساسية في تلك النظم، بحيث
لاتشكل أفكارها العقيدية خطراً
على المصالح والقيم والمبادىء
العامة للعالم الغربي. -
التنسيق مع الحكومات
الديموقراطية الوليدة في الشرق
الأوسط في مجال مكافحة الإرهاب
والفساد المستشري في بلدانه،
حيث الفساد أحد الأسباب
الرئيسية إلى جانب قمع الحريات
السياسية والدينية، في إحداث
الخلخلة الاجتماعية وبالتالي
في اثارة وتنشيط وتفعيل البؤر
الإرهابية. -
المساهمة القوية في الاعداد
المهني والعلمي والتربوي
للأجيال القادمة التي عليها تقع
مسؤولية بناء مجتمعات
ديموقراطية في المنطقة، حيث
عاشت الأجيال الحالية في ظل
أنظمة قمعية، استبدادية
ودكتاتورية، ولم تتلق التربية
الضرورية لقبول التعددية
والرأي الآخر وصون حقوق الإنسان
بالشكل المطلوب، وهي متعثرة في
حركتها الديموقراطية شكلاً
وليس مضموناً. ومن أجل
ضمان تحقيق هذا الانتقال النوعي
من عالمٍ "مظلم" إلى عالم
"مشرق" لا بد من الاعتراف
بأنه لايمكن إصلاح الأنظمة
الحالية الفاسدة، كما لا يمكن
بناء شرق أوسطٍ جديد دون تضحيات
جسام، وفي مقدمتها التضحيات
المادية من قبل العالم الحر
الديموقراطي، فإن كسب حرب كبيرة
كهذه على أرض الواقع لن يتم دون
مصاريف مالية مناسبة لحجم
المهمة وإلا فإن
المشروع برمته معرض
للانتكاس، ولن يدوم حكم أي نظام
ديموقراطي سوى فترة وجيزة... لذا فإن
هؤلاء الخبراء ومن بينهم
الدكتور بواز غانور، مدير
المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب
في هيرتسليا باسرائيل، الذي كتب
يوم الجمعة الفائت (13 أيار –
مايس – 2011م) مقالاً مثيراً
ومطولاً في إحدى أهم الصحف
الألمانية (زوود دويتشى
تسايتونغ) تحت عنوان "مشروع
مارشال للشرق الأوسط" تطرّق
فيه باسهاب إلى ضرورة تقديم
العالم الغربي لمساعدات مالية
ضخمة للقوى الديموقراطية في
بلدان الشرق الأوسط التي حدث
ويحدث فيها هذا الانقلاب
التاريخي الكبير، مثلما تم دعم
كل من ألمانيا وايطاليا بعد
انتصار الحلفاء في الحرب
العالمية الثانية على النازية
والفاشية فيهما، تحت ما يسمى ب"مشروع
مارشال" الذي منع وقوع
الدولتين في أيدي الشيوعية
السوفيتية، كما منع عودة
النازيين والفاشيين إلى الحكم
من جديد. ويحذر
هذا الخبير من تكرار التجربة
الديموقراطية الفاشلة لحكومة
بختيار شابور الايراني بعد سقوط
الشاه في نهاية سبعينات القرن
الماضي، حيث لم يتلقَ أي دعمٍ من
العالم الحر الديموقراطي، في
وقت كانت تعاني ايران من أزمة
اقتصادية وحالة غليان شعبي،
وكثير من الفوضى السياسية،
فتمكن الملالي من القضاء على
حكومته بعد 36 يوماً فقط. وما
أشبه حال الحكومات المؤقتة
حالياً في كل من مصر وتونس بحالة
بختيار شابور. كما يدعو إلى دعم
الأحزاب والمنظمات
الديموقراطية والتركيز على
الإعلام والتربية والثقافة
الديموقراطية وتشجيع كل
المبادرات في هذا الاتجاه،
الحكومية وغير الحكومية. مما
لاشك فيه أن هذا الخبير
الاسرائيلي السياسي المضطلع
على الشؤون العربية والسورية،
ينطلق من نظرته إلى الشرق
الأوسط وأحداثه من المصلحة
الاسرائيلية، وهذا ما يطرح على
المراقبين السياسيين السوريين
والعرب مجموعة من الأسئلة التي
يجب الإجابة عنها، منها: - كيف
يجب إبداء الرأي في هكذا مشروع
لدعم الديموقراطية في المنطقة؟ - هل
هناك بديل عربي أو شرق أوسطي
ذاتي لبناء نظم ديموقراطية، دون
الاعتماد على مشاريع مارشالية
أو "صدقات!" العالم الغربي،
هذه المشاريع المنبثقة أصلاً عن
مصالح واستراتيجيات وخطط معينة
ذات أهداف قريبة وبعيدة؟ - من
يضمن أن يتمكن الإسلاميون،
بمعزل عن المجتمع الدولي، بغض
النظر عن صحة أو عدم صحة ما
يدعون إليه من مشاريع سياسية،
من تلبية مطالب الشباب الثائر
على أرض الواقع العملي، هذا
الشباب الذي تلعب عنده فكرة "الحرية"
و"تحقيق حياة أفضل" حيزاً
أكبر من الآيديولوجيات، وبخاصة
فإن الأنظمة الاستبدادية قد
أفرغت خزائن المال الوطني وتركت
مشاكلاً وجروحاً نازفة في
المجتمع والاقتصاد؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |