ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سوريا
وإسرائيل...هل تتغير قواعد
اللعبة؟ عريب
الرنتاوي تنصل المسؤولون السوريون من تصريحات رجل
الأعمال القوي رامي مخلوف،
المقرب من القيادة السورية
والمحسوب عليها، والتي ربط فيها
بين الاستقرار في سوريا
والاستقرار في إسرائيل...فإن ذهب
الأول، ذهب الثاني، وإن توطد
الأول، عمّ الثاني وانتشر...ولم
يكن متوقعاً بالطبع، أن تفعل
دمشق شيئاً غير هذا، فكل المنى
السياسي والأخلاقي لـ"نظرية
المقاومة والممانعة" سينهار
إن صحت هذه النظرية وثبتت
صدقيتها. بعد أحداث يوم النكبة، ونجاح ألوف الشبان
الفلسطينيين في الوصول إلى
السياج الحدودي، بل ونجاح بعضهم
في الوصول إلى بلدة مجدل شمس
السورية المحتلة، عاد كثير من
الإسرائيليين إلى نظرية رامي
مخلوف، فيما يشبه "النقد
الذاتي" لمقاربتهم للملف
السوري...وقد تكشّف الجدل الدائر
في إسرائيل حول "المسألة
السورية" عن وجود أكثر من
مدرسة في التفكير السياسي
والاستراتيجي الإسرائيلي. المدرسة الأولى، ويرى أصحابها أن التغيير
في سوريا مطلوب في كل الحالات،
وأنه المصلحة الإسرائيلية
تقتضي ذلك، وأن على النظام في
دمشق أن يذهب إلى الجحيم، غير
مأسوف عليه، وليأتي من يأتي من
بعده، ولتبقى سوريا على حالها
أو لتتشظى قطعاً ومزقاّ مبعثرة...ولقد
عبّر مائير داغان، رئيس الموساد
المرتحل حديثاً عن هذا الموقف
بأوضح ما يكون، إذ اعتبر أن سقوط
نظام الدكتور بشار الأسد، من
شأنه كسر السلسلة الإيرانية في
واحدة من أهم حلقاتها، فضلا عن
كونه سيساعد في تعزيز الدور
السعودي على رأس معسكر الاعتدال
العربي. المدرسة الثانية، ويرى أصحابها أن بقاء
النظام السوري أفضل من رحيله من
منظور نظرية الأمن
الإسرائيلية، هذه المدرسة
تلتقي إلى أبعد الحدود مع
تصريحات رامي مخلوف الذي ينظر
إليه على أنه "أحمد عز سوريا"...وتعود
جذور هذه المدرسة إلى زمن
التفاهمات الضمنية في لبنان
والخطوط الحمراء المتواطئ–
وليس المتفق – عليها بين دمشق
وتل أبيب، وقد تعززت بعد خروج
القوات السورية من لبنان إثر
اغتيال الحريري ونشوب حرب تموز
2006، حيث تقول هذه المدرسة أن تلك
الحرب ما كانت لتنشب، لو أن
سوريا بقيت في لبنان...وما ينطبق
على لبنان ينطبق على جبهة
الجولان الهادئة تماماً من 38
سنة، هكذا تقول هذه المدرسة. المدرسة الثالثة، وترى أن اللعب على "أزمة
النظام السوري" وإيصاله إلى
حافة الهاوية، هي السياسة التي
يتعين على إسرائيل أن تنتهجها
حيال دمشق، تغيير السياسات وليس
تغيير النظام، ودائماً لتحقيق
جملة من الأهداف، أهمها اثنان:
الأول، فك عرى التحالف السوري
مع إيران وحزب الله وحركة حماس...والثاني،
انتهاج سياسة أكثر تساهلاً في
مفاوضات السلام والتطبيع مع
إسرائيل...هذا الهدفان هما ما
تسعى واشنطن وعرب الاعتدال
أيضا، إلى تحقيقهما في التعامل
مع دمشق، بخلاف ما يشاع من مطالب
عبر الإعلام تتعلق بالإصلاح
السياسي والتحول الديمقراطي. إلى جانب القلق الذي انتاب الإسرائيليين
على مختلف المستويات من "يقظة
ثورات حق العودة"، فإن للقلق
الإسرائيلي المترتب على أحداث
الذكرى الثالثة والستين
للنكبة، اسباب أخرى، أهمها خشية
تل أبيب من أن تكون دمشق قد قررت
تغيير قواعد اللعبة والاشتباك
معها..وأنها بالتنسيق مع أخلص
حلفائها في لبنان: حزب الله، قد
قررت العمل على وضع قواعد جديدة
لهذه اللعبة، تنهي سنوات من
الهدوء النسبي والتصعيد
المُسيطر عليه...الإسرائيليون
يربطون بين ما حصل في مجدل شمس
وما حصل في مارون الراس، وهم
يخشون أن الأسد وحسن نصرالله قد
قررا استئناف الاشتباك مع
إسرائيل ولكن عبر سلاح "اللاجئين
الفلسطينيين" السلمي
والديمقراطي هذه المرة. القلق الإسرائيلي هذا، تردد صداه في
واشنطن، حيث اتهمت الإدارة
الأمريكية الرئيس السوري، بأن
من أصدر الأوامر للزحف الشعبي
في ذكرى النكبة صوب الحدود
الإسرائيلية، واعتبرت ذلك
عملاً "غير مقبول" على
الإطلاق، مشيرة إلى أن الهدف
منه، هو صرف الأنظار على مجريات
الانتفاضة السورية، وتركيز
الانتباه من جديد على الصراع
الفلسطيني الإسرائيلي. خلاصة القول، أن ذكرى النكبة، التي أطلت
هذه السنة في حمأة الانتفاضات
والثورات العربية، واستلهمت
روحها الوثّابة، قد وفرت لسوريا
وحزب الله، فرصة نادرة للإفلات
من الضغوط والتغلب على بعض
الاستعصاءات...دمشق في مسعى
لإعادة الاعتبار لدورها "المقاوم
والممانع"، وفي تلويح نادر
بقدرتها على تغيير قواعد
اللعبة، وفي تأكيد عملي ورفض
رسمي لتصريحات رامي مخلوف...وحزب
الله للإفلات
من قبضة الضغوط وعمليات التجييش
الطائفي والمذهبي التي يجد نفسه
الخاسر الأكبر في معمعانها. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |