ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 21/05/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

سوريا: ازدواجية المعايير والرهانات الخاسرة!!

حسام مقلد *

hmaq_71@hotmail.com

تناقلت وكالات الأنباء اكتشاف مقبرة جماعية في مدينة درعا السورية، ولا تدري نفوس هؤلاء الضحايا الأبرياء بأي ذنب قتلت؟!! ولا نعرف نحن بأي جريمة أزهق النظام السوري أرواح هؤلاء المساكين العزَّل؟!! ولا نستوعب كيف يسكت العرب والمسلمون وكل أحرار العالم وحماة حقوق الإنسان على ارتكاب هذه الجرائم البشعة؟! ولا نفهم لماذا كل هذا التواطؤ؟!! فلا تزال الجريمة مستمرة ولا يزال الصمت كذلك مستمرا!! فلكم الله يا أحرار سوريا ويا حرائرها وشبابها وأطفالها فاصبروا واثبتوا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [آل عمران:200]

أجل لك الله يا شعب سوريا!! فكم هي مصيبتك عظيمة في حكامك ونظامك الفاسد، وفي محيطك الإقليمي الصامت في معظمه، بل والمتواطئ أحيانا على ذبحك وقهر إرادتك!! وصدقا لا أعرف ماذا ينقم هؤلاء المتواطئون من السوريين؟! ماذا فعل الشعب السوري كي يسكت العالم على قهر النظام له وبطشه به بكل هذا الغل والحقد والعنف المتوحش؟! وما الذي يقدمه النظام السوري للعالم كي تمرر جرائمه المروعة بحق شعبه الأعزل بهذا الشكل المريب؟! وما سر هذا الصمت المطبق الذي يخيم على معظم الأنظمة السياسية في العالم العربي بل والعالم كله تجاه الفظائع التي يرتكبها النظام السوري ضد الشباب والرجال والشيوخ والحرائر بل وحتى الأطفال والرضع؟! لقد قتل هذا النظام الظالم حتى الآن أكثر من ألف إنسان بريء لمجرد مطالبتهم بالحرية، واعتقل عدة آلاف آخرين وزج بهم في غياهب السجون، وحاصر المدن السورية وقصفها بالدبابات ومنع عن سكانها الطعام  وقطع عنهم الكهرباء، وأصاب حياتهم بالشلل التام؛ حتى فر الآلاف منهم مذعورين إلى لبنان وكأن إسرائيل شنت عليهم حربا شاملة، كل هذا والعالم لا يحرك ساكنا ويكتفي بموقف المتفرج!!

والغريب حقا أن تزهق أرواح أكثر من ألف نفس بريئة، ويعتقل الآلاف ويزج بهم إلى غياهب السجون، ويسامون سوء العذاب... كل هذا ولم نسمع كلمة اعتراض واحدة من حزب الله ولا من إيران!! وكأن أبناء الشعب العربي السوري ليسوا بشرا يستحقون حتى مجرد الشفقة عليهم أو التعاطف الإنساني معهم، فضلا عما يفرضه الدين من نصرة المظلومين، والوقوف بجانب الضعفاء البائسين، فأين هي روح الأخوة الإسلامية وأخلاق المقاومة ومبادئ العدالة التي صدعنا بها حزب الله وزعيمه؟! وأين هي الشعارات الإسلامية واللافتات البراقة التي ترفعها إيران وتشهرها في وجوهنا كل حين؟! ومن قال: إن جيش تحرير الأقصى يجب أن يعبر على جماجم السوريين أولا؟!!

والأكثر غرابة أن إيران التي بادرت بمساندة ودعم احتجاجات شيعة البحرين هي ذاتها إيران التي لا تدين جرائم النظام السوري رغم مقتل واعتقال الآلاف، بل تَرَدَّدَ أنها تدعم هذا النظام بالسلاح والعتاد العسكري، وتشاركه في التخطيط لقمع هؤلاء المتظاهرين المسالمين وإجهاض ثورتهم المطالِبَة بالإصلاح!!

ولا  تقتصر المعايير المزدوجة والكيل بمكيالين على إيران وحزب الله فقط بل المجتمع الدولي مشارك في ذلك بشكل أو بآخر؛ فرغم كل ما يرتكبه النظام السوري الآثم من جرائم بشعة في حق أبناء شعبه الأبرياء العزَّل، ورغم المقابر الجماعية في درعا، ورغم سفك الدماء وإزهاق مئات الأرواح وتعذيب واعتقال الآلاف رغم كل ذلك لم نسمع بعد شيئا من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (لويس مورينو أوكامبو) الذي أصدر مذكرة توقيف واعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير على خلفية ما حدث في دارفور،  مع ملاحظة اختلاف السياق الذي جرت فيه الأحداث في سوريا والسودان، فما ارتكب في السودان من جرائم وقع أثناء حالة حرب بين جماعات انفصالية مسلحة وبين حكومة شرعية للسودان، بينما الجرائم التي تحدث في سوريا هي جرائم من النظام ضد شعبه الأعزل المسالم جرائم تعذيب وترويع وقتل منظم بالدبابات والمدافع ومختلف أنواع الأسلحة!! فهل يبيح القانون الدولي ضرب نظام لشعبه الأعزل ومحاصرته بهذا الشكل المروع؟! وهل سيسمح العالم للنظام السوري أن يكرر مذابحه الرهيبة التي ارتكبها ضد شعبه في حماة وحمص عام 1982م؟!

لقد حذر رئيس الوزراء التركي السيد رجب طيب أردوغان من اتجاه الوضع في سوريا الآن لتكرار ما سبق في حماة وحمص من مجازر بشعة ضد مدنيين أبرياء عزَّل من السلاح، وأكد امتلاك بلاده لمعلومات مؤكدة تبين خطأ ما يروج له النظام السوري من تعرض أفراد من الجيش والشرطة في سوريا للاعتداء من قبل المدنيين، وأوضح أن الحقائق المؤكدة على الأرض تشير إلى أن النظام هو الذي يقتل المتظاهرين المسالمين بلا رحمة.

 ويبدو أن النظام السوري يراهن على عامل الوقت ظنا منه بأن عزائم السوريين ستفتر مع الأيام، كما يراهن على موقف واشنطن وإسرائيل والأوربيين وجميعهم يظنون أن بقاء النظام السوري هو أقوى ضمانة لأمن إسرائيل، كما يراهن النظام السوري على ضعف الموقف العربي حاليا بسبب انشغال معظم الدول العربية بما يحدث داخلها، ويراهن أخيرا على انخداع السوريين بفكرة الحوار الوطني الشامل التي يروج لها النظام الآن؛ فبانخراط السوريين في جلسات هذا الحوار والتي ستنتهي بـ(تبويس الشوارب واللحى) كما يقول الأخوة السوريون سيكسب النظام المزيد من الوقت، وستضعف عزائم الشباب وتفتر همتهم، وستتمكن أجهزة النظام من شن حملات التثبيط والترهيب والترغيب في صفوف المواطنين، وهكذا سينفض السامر ويهدأ الوضع رويدا رويدا، وبعد ذلك وفي صمت تام وبكل هدوء سيلتقط النظام رؤوس المتظاهرين، ولن يصعب عليه تلفيق التهم إليهم بشكل قانوني يمكِّنه من التخلص منهم إعداما أو سجنا!!

وأظن أن هذه كلها رهانات خاسرة، وعقارب الساعة لا يمكن أبدا أن ترجع للوراء، فالشعب السوري الحر الأبي ليس أبدا بأقل من إخوانه في مصر وتونس وليبيا، ولو كان النظام السوري جادا فعلا في عملية الإصلاح فعليه إدارة الموقف بشكل مختلف تماما عما يفعله الآن، فالحوار الوطني الشامل الشفاف الذي دعا إليه يقتضي منه إعلان العفو العام عن كل السجناء السياسيين وإطلاق سراحهم جميعا على الفور، وإنهاء مشكلة المهجرين المطرودين من سوريا قهرا وظلما وعدوانا بعد مذبحة حماة سالفة الذكر، وإلغاء كافة القوانين المعيقة للحريات إلغاء عمليا وليس بالكلام أو على الورق فقط، وإصدار دستور جديد لسوريا، وإنهاء احتكار الحزب الواحد للسلطة، وإتاحة العمل السياسي والحزبي لكل ألوان الطيف السوري وعلى رأسهم الإخوان المسلمين، والاحتكام فقط إلى صناديق الانتخابات وليس إلى أنياب الأمن ومخالبه...، وقائمة المطالب والإجراءات التي ينبغي أن يبادر إليها النظام السوري لبناء الثقة بينه وبين شعبه طويلة طويلة...!! وشباب الثورة السورية يعرفها جيدا أفضل مني ومن غيري، لكن هل النظام مستعد لقبولها والتخلي عن رهاناته الخاسرة؟! أشك في ذلك فنظام كهذا لا يمكن أن يتخلى لشعبه عن السلطة والثروة والنفوذ بهذه البساطة، ولو كان يهمه فعلا مصلحة الشعب السوري ويخاف عليه، لما واجه مواطنيه الأبرياء بما فيهم من شيوخ ونساء وأطفال بكل هذا العنف الدموي غير المبرر، وكل جريمتهم أنهم تظاهروا مطالبين بالحرية والكرامة، وثاروا ضد القمع والبطش والجبروت وانتهاك حقوق الإنسان وإهدار الحريات العامة، لكن من سيحسم الأمر في النهاية ـ بعد الله تعالى ـ ليس هو النظام السوري ولا آلته العسكرية الباطشة وإنما هو الشعب السوري نفسه برجاله ونسائه وشبابه وأطفاله.

ــــــــــ

* كاتب إسلامي مصري.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ