ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فعل
النظام الأسدي أشد من هذا سابقا عبد
الله السوري تقع
قرية سريحين شرق مدينة حماة على
بعد خمسة كيلو مترات فقط ، وفي
منتصف هذا الطريق وقعت واحدة من
أبشع مجازر حماة الجماعية ،
التي لم تعرف التفصيلات الكثيرة
عنها ، لأن القتل الجماعي استحر
فيها ، وما نجا إلا قليلون
كأصابع اليد ، قدر لهم أن يكونوا
شهادة حية على ذبح أناس ملأوا
إحدى عشرة شاحنة طوتهم الأرض
الطهور في طريق سريحين ، يقول (
أبو حيان الحموي ) أحد الناجين
من إحدى هذه المجازر : كنت ضمن
أعداد كبيرة ملأت إحدى عشرة
شاحنة بازدحام شديد ، كدسنا
فيها كالغنم ، حتى كادت تتقطع
أنفاسنا ، وسيق بنا إلى سـريحين
، حيث أمرنا بالنزول فنزلنا ،
وكان أول مارأينا مناظر تشيب
لها الولدان ، مئات الأحذية
المتناثرة على الأرض ، وأدرك
الجميع أنها تعني مقتل مئات
المواطنين من أبناء بلدتنا ،
وأننا على الموت مقبلون . فتشنا
بعد ذلك ، وأخذت منا الأموال
التي معنا ، وجردنا من ساعاتنا ،
ثم أمرتنا عناصر السلطة بالتقدم
نحو الخندق العميق الذي يمتد
أمامنا إلى مسافة طويلة ، وأمر
قـسم منا بالنزول إلى خندق
مجاور ، وعرفنا الهدف وهو أن
نموت في أسفل الخندق فتطمرنا
الجرافات بالتراب ، وبعضنا بين
الحياة والموت . وعندما
تقدمت إلى موقعي أمام الخندق ،
رأيت الجثث المتراكمة على بعضها
البعض ، يلطخها الدم الحار ،
وكان مشهداً رهيباً لم أستطع
تحمله فأغمضت عيني ، وتحاملت
على نفسي خشية الوقوع على الأرض
، وانطلق لساني يردد سراً في
قلبي شهادة أن لاإله إلا الله ،
وأن محمداً رسول الله ، وصرت
أتذكر بعض آيات من كتاب الله
عزوجل أصبر بها نفسي . وحدث
ماكان متوقعاً ، انهال الرصاص
الغزير علينا ، وهوى الجميع إلى
الخنادق مضرجين بدمائهم ، أما
القسم الذي أنزل إلى الخنادق
فقد أطلقت عليهم النار داخله . ويضيف
الراوي أبو حيان الحموي الذي
نجا بقدر الله : كانت
إصاباتي خفيفة ، ومن نعم الله
عليّ أنهم لم يطمرونا بالتراب
حالاً ، بل ذهبوا مسرعين ، لمهمة
جديدة ، وتركونا نلفظ أنفاسنا
في الأخدود ،
وقدر الله لي أن أنجو بأن
صبرت حتى خلا المكان من
الجزارين ، وهربت متحاملاً على
جراحي وأنقذني الله من ذلك
المصير ، حيث يموت الجريح تحت
الجثث الأخرى . وبمعالجات
بلدية ، قدر الله لي الشـفاء ،
ولم أجرؤ على مراجعة المستشفى
للعلاج ، لأن أزلام السلطة هناك
يجهزون على كل من يتقدم ويطلب
العلاج من المستشفى . كما فعلوا
بالأستاذ فائز عاجوقة يرحمه
الله ، الذي أصيب بعدة طلقات في
مذبحة جنوب الملعب البلدي ،
ولما أسعف إلى المشفى الوطني
للعلاج ، أجهز عليه هناك ، وقيل
بقرت بطنه وأخرجت كبده يرحمه
الله . وقدر
الله لي أن أعيش لأرتجف كلما
سمعت اسم سريحين ، ومازلت أصـر
أن أتجنب المرور من ذلك الطريق ،
لأنني أتصور أنني سيغمى عليّ لو
مررت من ذلك المكان الذي شاهدت
فيه الجثث ينزف منها الدم الحار
في قاع الخندق . وقد عرف
من أسماء الشهداء في هذه
المجزرة : الشهيد
ممدوح الوتار – الشهيد محمد
علواني – الشهيد معن علواني –
الشهيد محمد حلاق – الشهيد منير
عدي – الشهيد عدنان زوزا –
الشهيد عبد الغني ترو – الشهيد
جبار عبد الغني ترو – الشهيد
عبد الله خالد عدي – الشهيد منذ
عثمان المصري . وكثيرون غيرهم .
يرحمهم الله تعالى . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |