ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
د
/ نورالدين صلاح مركز
الدراسات الإستراتيجية لدعم
الثورة السورية من
المعلوم أن التجمعات البشرية
ترتقي اجتماعياً مع التمدن
وسيادة القانون، ولقد شهدنا
مجتمعات بدأت تتحول من نظام
القبيلة إلى نظام الدولة ومن
عصبية الطائفة إلى فكرة
المواطنة، وعلى هذا قامت الدول
الحديثة بعد رحيل المستعمر الذي
حاول أن يبقي ولاء المجتمع
طائفياً أو إثنياً أو قبلياً،
فقد رأينا الاستعمار الفرنسي
كيف حاول أن يقسم سوريا إلى خمس
دويلات على هذه الأسس، ولاحظنا
كيف تكسرت هذه المخططات على
صخرة صمود وتلاحم ووعي الشعب
السوري المتحضر، ثم قامت الدول
الحديثة على أساس فكرة المواطنة
التي تعني (الحقوق والواجبات)
وبالتالي التعامل مع الفرد على
أنه من المواطنين وليس من
الرعايا بالمعنى الحديث للكلمة ومع
دخول سوريا بنفق الانقلابات
والصراعات السياسية الداخلية
والخارجية أخذ مفهوم الدولة
يتماهى شيئاً فشيئاً إلى الحزب
الواحد، فصارت الدولة هي الحزب
والحزب هو الدولة، وتماهت كل
المؤسسات المدنية والعسكرية
والأمنية بهذا الحزب، و(شُرعن)
هذا التماهي دستورياً بالمادة
الثامنة من الدستور التي تنص
على أن حزب البعث العربي
الاشتراكي هو قائد الدولة
والمجتمع، ونشأ عندنا ما يسمى
الحزب الشمولي، وصارت كل
الممارسات السياسية
والاجتماعية والقانونية
والقضائية والتعليمية
والاقتصادية تدور في فلك هذا
الحزب، فالتربية عقائدية (طلائع،
شبيبة، اتحاد طلبة) والامتيازات
حزبية، والنقابات حزبية،
والبعثات حزبية، والجيش عقائدي
وحزبي، والأمن في خدمة الحزب،
ثم بدأ الاختراق الطائفي
لقيادات النظام، ويؤسفنا أن
نتكلم بهذا المنطق لكن هذه هي
الحقيقة، وبدأ التماهي إلى أسرة
بعينها (سوريا الأسد) ولم يعد
أحد يقول (سوريا الوطن) ثم تماهى
الأمر شعارات وممارسة (الله
سوريا بشار وبس) فبقاء الوطن
مرهون ببقاء بشار، ويمكن أن
يضحى بكل شيء في سبيل بقائه
واستمراره (فالقيادة تاريخية
حتمية) وكأنها بمنطق الديالكتيك
(ضرورة تاريخية) ثم
تجلى لنا في الأحداث الأخيرة أن
الدولة بالفعل تماهت إلى فرد أو
أسرة وتتصرف الدولة بمنطق
العصابة، العصابة التي لا تخضع
لقانون ولا لمسائلة أو محاكمة،
ولا يقيدها خلق أو دين أو انتماء
لوطن أو أي رادع من أي نوع فالضرب
حتى الموت في الشارع، والدوس
على رؤوس الناس وظهورهم، وقتل
النساء وتعذيب الأطفال، وتشويه
القتلى، والمقابر الجماعية،
والتمشيط الهمجي دون أي حرمة
لبيت أو طفل أو امرأة أو شيخ
كبير مع العبث والتخريب المتعمد
لمحتوياتها، وسرقة المتاجر
والمحلات وتكسير أغلاقها،
ونزول الجيش وحصار المدن ومنع
التجوال، والعقاب الجماعي بقطع
الماء والكهرباء والخدمات
الأخرى، وإحراق الدراجات
النارية في الساحات العامة،
وتسميم خزانات المياه، وحرق
المزارع، وإتلاف المحاصيل،
وثقب خزانات المياه، وتخريب
السيارات بالشوارع بإحراقها أو
تكسير زجاجها، وانتهاك حرمة
المساجد ودور العبادة،
والإجهاز على الجرحى، وسحبهم من
داخل المستشفيات، ومنع وصول
سيارات الإسعاف، واعتقال
الأطباء والمسعفين أو تصفيتهم
بتهمة معالجتهم الجرحى، وتسليط
أهل قرية من طائفة معينة على أهل
قرية من طائفة أخرى ليس سلوك
دولة إنما منطق عصابة، وكل هذا
موثق بالصور والأماكن
والتواريخ ومؤسسة
الاتصالات التي يملكها مخلوف
ويدفع لها الناس رسوم الاشتراك
للاتصال والانترنت، تتعامل مع
الناس كعصابة فتقطع الاتصالات
أشهراً بكاملها، وتسمح هنا
وتمنع هناك ولأول
مرة تشهد الأجيال السورية (لاجئين
سوريين) في دول خارجية، وكانوا
قد رأوا في الحروب السابقة (نازحين
داخل الوطن) وهذه وصمة عار
سيكتبها التاريخ لهذه العصابة
بمداد أسود حزين، وأنا أقول
ظاهرة اللجوء ليست ظاهرة جديدة
ولا أدل عليها إلا عشرات أو مئات
آلاف الممنوعين من العودة إلى
البلد، وكثير منهم ينطبق عليهم
وصف التشرد ولقد
أدرك العالم جميعاً أن كل
المواطنين الذين لم تشردهم هذه
العصابة فهم رهائن داخل الوطن،
فهم أشبه بركاب طائرة مختطفة،
فأي إنسان له سلوك مخالف
لتوجهات العصابة فأهله جميعاً
مرهونون بسببه، يمكن أن يقتلوا
أو يسجنوا أو يضغط عليهم بكل
أشكال الضغط اللا أخلاقي، فيمكن
أن يظهروهم على الشاشات
ليتبرؤوا من ابنتهم المذيعة في
المحطة الفضائية (الفلانية) أو
من ابنهم الإرهابي المندس (فلان)
أو من أخيهم الكاتب أو الصحفي (فلان)
أو ليعترفوا بما لا علم لهم به،
أو يمنعوا من السفر، أو يؤخذوا
رهائن عن مطلوبين إن
منطق العصابة لا يقبل الوقوف
على الحياد فمنطقهم (من ليس معي
فهو ضدي) وهذا ليس منطق دولة
التي فيها كل الأطياف والآراء
وسمتها التعدد، ولقد علمت من
أحد المشايخ الذين آثروا الصمت
المطلق أن العصابة ضغطت عليهم
ليقفوا إلى جانبها مما اضطرهم
للخروج إن
منطق العصابة لا يستبعد المجيء
بمرتزقة أو موالين من الخارج
ليقتلوا أبناء الشعب كما هو
قطعي في عصابة الرعب القذافية،
وبدأ يتسرب ويخرج من الإشاعة
إلى الحقيقة شيئاً فشيئاً عن
عصابة القتل الأسدية إن
الشبيحة (فرق الموت والإرعاب)
وممارساتها التي يعرفها القاصي
والداني قديماً وحديثاً هي صورة
مصغرة عن هذه العصابة الحاكمة،
لقد رأينا الأسدين (حافظ ورفعت)
كيف تعاملا بمنطق العصابة، كيف
التقوا قي آخر (اوتوستراد المزة
بدمشق) كل مع شبيحته، وكيف ساوم
رفعت على الخروج بأخذ الفدية
التي أفلست الخزينة السورية
آنذاك من رئيس العصابة الثانية (حافظ)
وكيف صالحَ بينهما القذافي بأمر
من موسكو آنذاك، ومن أراد
الاستزادة فليرجع إلى كتاب
العماد طلاس (ثلاثة أشهر هزت
سوريا) والذي سحبه الأمن السوري
ممن أهدي إليه بعد نشره مباشرة
وهو لم ينشر في الأسواق وانظر
إلى الإعلام السوري كيف يتعامل
بمنطق العصابة والفبركة والكذب
والبلطجة، يسربون خبراً فتنشره
الوكالات والقنوات ثم يظهرون
الحقيقة على خلافه وهم ممن شارك
بالخداع والتضليل فيه ليشككوا
الناس في مصداقيتها، هذا منطق
العصابة، وانظر كيف يخرج
المحللون السوريون على
الفضائيات وكأنهم زعماء عصابات
أو محققون أو رؤساء فروع أمنية،
لا علاقة لهم بخبر أو حقيقة أو
منطق، همهم التشكيك والسباب
والصياح والزيف والتبرير
والخداع والمراوغة والثرثرة
وخلط الأوراق وتوزيع الاتهامات وانظر
إلى أقطاب المال (كرامي مخلوف)
كيف كان منطقه منطق العصابة،
فيصرح بأنه سيقاتل حتى النهاية
وعنده جنود كثيرون، ما علاقة
التاجر الثري بالأزمة وإدارتها
؟؟؟ هذا منطق العصابة وهو من
العصابة أقولها
بمرارة والأسى يعتصر قلبي لا
يوجد في سوريا دولة بل عصابة، كل
شيء حولنا في سوريا يصرخ بهذه
الحقيقة، أين السياسة أم أين
السياسيون ؟؟؟ أين مؤسسات
الدولة المختلفة وأين دورها في
هذه الأزمة ؟؟؟ أين ما يمكن أن
يسمى ولو تجاوزاً (مؤسسات
المجتمع المدني)؟؟؟ أين الإنسان
السوري وأين حقوقه ومن يدافع
عنه ؟؟؟ أين حماية الأرض والعرض
والمال والوطن ؟؟؟ إن هذه
العصابة تقامر بكل شيء ، قامرت
بدماء الناس وكرامتهم وحريتهم
ومكتسباتهم وأمنهم، واليوم
أقولها محذراً إنها تقامر
بالوطن كل الوطن !!! تقامر بوحدته
ووجوده !!! إن أهم
شعار ينبغي أن تطرحه الثورة
بناء الدولة، دولة المواطنة،
دولة الحقوق والواجبات، دولة
العدالة والحرية، دولة التكافل
والوئام، ولترحل العصابة
وليرحل منطق العصابة إلى الأبد ======================== عندما
تحول بعض المثقفين السوريين الى
سماسرة لبيع الأمة دكتور
عبدالعظيم محمود حنفي* ظاهرة
استلفتت النظر وهي ظاهرة
التوريث في النظم الجمهورية
واول من استن تلك البدعة هو حافظ
الاسد الذي غيبه الموت ، في 10
يونيو 2000، وهو جاء إلى الرئاسة
عبر انقلاب في نوفمبر 1970، ومن ثم
انتخب بالاستفتاء لدورات
رئاسية متعاقبة مدة كل دورة سبع
سنوات، كان آخرها عام 1990. وقد
مارس الطاغية الراحل، ، سلطة
بلا منازع نظراً لسيطرته على
القوات المسلحة والقمع والقتل
والاغتيال . والطريف ان ذلك
الطاغية كان يصر على أنه حقق
نسخة سورية من البيريسترويكا
الروسية من خلال الإصلاحات
السياسية والموافقة على نظام
متعدد الأحزاب شكلي (ومقيد بشدة)،
مع ان الواقع ان ذلك النظام هو
اشبه بالنظم الستالينية
القمعية الذي يهدر ابسط حقوق
للانسان و اضحى الانسان السوري
رخيص في نظره لا قيمة له
وبالنسبة لانتقال السلطة من
الرئيس الأسد إلى ابنه بشار
الأسد فإن الدول على اختلاف
انواعها شهدت اسرع انتقال
للسلطة في نظام جمهوري في
التاريخ ففي يوم واحد من 11 إلى 12/
(6) 2000، انتقلت السلطة في سوريا
حيث تم الالتفاف على الدستور ،
وتم عن طريق مجلس الشعب تعديل
المادة 83 التي تنص على ألا يقل
عمر الرئيس عن الأربعين لكن
تحول السن إلى 34 وهو عمر الطاغية
الصغير الابن ، أما المادة 88
التي تولى السلطة للنائب
الرئاسي الأول فى حالة وفاة
الرئيس فأنها أهملت والقيت في
صندوق المهملات وجاء الابن الذي
اجتهد حتى لا يقال انه اقل دموية
من الطاغية الاب فهو لا يعترف
بالشعب ولا ولاء له له فمن اتى
به للسلطة ليس الشعب المغلوب
على امره الرافض له الساخط عليه
في نظام يسود فيه الاستبداد
والسيطرة، وغياب حكم القانون،
واستمرار حالات الطوارئ
والقوانين الاستثنائية، وعدم
الاكتراث بحقوق الانسان،
والتراجع التنموي الذي شكل حالة
نادرة من حالات ارتكاس التنمية
وتدهور المجتمعات إلى مراحل من
الركود والفشل الاقتصادي
والانسداد السياسي وانعدام
الأمل الاجتماعي، وفي ظل هذه
الوضعية المتردية على كل
مستويات الأداء الاقتصادي
والسياسي والتعليمي والاجتماعي
ورث الابن الاب وفي خلد الاب وفي
قناعة الابن المزيد من شرعنة
الفساد والاستبداد والمصادرة
على المستقبل الذي قد يشهد
عملية مراجعة لسياساتهم ومن ثم
يكشف الكثير مما يراد ستره،
ويعري كوامن الاستبداد والفساد
مما يلقى بهؤلاء الحكام في
مزابل التاريخ لذلك سعى الاسد
الاب الى توريق الاسد الابن
وكانه يحكم من قبره ضارا بعرض
الحائط دساتير وقوانين
وممارسات سابقة، بل متجاوز كل
مقومات شرعية النظام القائم على
النموذج الجمهوري. ودور
بعض المثقفين السوريين في هذه
المهزلة هو دور رئيسي ومتواطئ فهؤلاء
المثقفين الذين هم من المفترض
انهم ضمير الأمة وحارسها، وحامل
مشاعل نورها تحولوا في لحظة
تاريخية نادرة إلى سماسرة لبيع
الأمة في سوق النخاسة السياسية
لحاكم ثار عليه شعبه فسلط عليهم
رصاص الدبابات والمدرعات
والمدافع والطائرات وساند بعض
هؤلاء المثقفين حاكما مستبدا
بالشوكة ومتغلب بالقوة، وهذه
المجموعة من المثقفين السوريين
تتغير مسمياتهم وتتعدد خصائص
المنتمين إليهم ولكن جوهرها
وحقيقتها واحدة من شاعر البلاط
إلى صحفي القصر، ومن عالم
السلطان إلى الأستاذ الجامعي
المستوزر. وهنا تكمن الماساة .
تبا لهؤلاء الذين يبيعون
ضمائرهم ورسالتهم السامية في
سوق النخاسة على حساب دماء زكية
من بنى جلدتهم . كيف لا تتجافى
جنوبهم عن المضاجع والسنتهم
واقلامهم عن الشلل. امام تلك
المجازر والقمع والتنكيل انهم
فاقدو الضمير سقيمو الوجدان. ولا
اعتب على بعض الممثليين
والممثلات السوريات فانهم
اضحوا منذ بعيد دمية في يد
الاجهزة الامنية القمعية . انهم
خرقة من اشلاء انسانية ولا
يستحقون مجرد ذكرهم . *خبير
مصري في الشئون السياسية
والاستراتيجية ======================== قراءة
في نتائج انتخابات البرلمان
التركي محمد
زاهد جول* لم
تشهد الجمهورية التركية منذ
إقامتها على يد مصطفى كمال
أتاتورك في عشرينات القرن
الماضي انتخابات برلمانية بهذه
القوة والتنوع والوحدة
الوطنية، فقد صوت في هذه
الانتخابات أكثر من خمسين مليون
تركي من أصل 74 مليون نسمة هم عدد
سكان تركيا، وقد صوت أكثر من 50%
من الناخبين لصالح أعضاء حزب
العدالة والتنمية بزعامة رجب
طيب أردوغان، بينما جاء أعضاء
حزب الشعب الجمهورية بزعامة
كمال كيلجدار أوغلو في المرتبة
الثانية بنسبة 26%، بينما فاز حزب
الحركة القومية بزعامة ديفيلت
باتشيلي على نسبة 13% تقريبا. وبذلك
يفوز أردوغان نجم هذه الحملة
الانتخابية دون منازع فوزاً
كاسحاً يؤهله لقيادة الجمهورية
التركية في حكومة ثالثة بعد
فوزه الأول عام 2002 وفوزه الثاني
عام 2007، أي ان 21 مليون تركي قد
صوتوا لحزب العدالة والتنمية،
هذا الفوز يوجب على الشعب
والتاريخ التركي أن يحفظه بكل
فخر واعتزاز، ليس بسبب نسبته
فوق المتوقعة، وليس بسبب النجاح
الكاسح للحزب في صفوف الشعب
التركي، وإنما بسبب فوزه في كسب
ثقة الشعب التركي للمرة الثالثة
على التوالي، وهو الفوز الذي لم
يحققه حزب تركي ولا أوروبي من
قبل، ولم يحققه زعيم تركي ولا
أوروبي من قبل أردوغان. إن من
أهم دلائل ذلك أن حزب العدالة
والتنمية بزعامة أردوغان قد
امتلك بجدارة ناصية الشعب
التركي في تطلعاته ومصيره
ومستقبله وأهدافه، وكما قال
أردوغان بعد إعلان النتائج
النهائية للانتخابات
البرلمانية إن من بين كل اثنين
من الشعب التركي هو مع حزب
العدالة والتنمية، فالشعب وجد
في حزب العدالة والتنمية برئاسة
رجب طيب أردوغان تركيا الجديدة،
ووجد في أردوغان حامل لواء
تركيا المعاصرة، وباني مجدها
الجديد، ورافع مكانتها الدولية. لقد
جرت الانتخابات التركية أمس في
ظل تنافس كبير بين الأحزاب
التركية العريقة في تاريخها
الحزبي وفي حكمها للشعب التركي
في عقود سابقة وفي ظل حكومات
مختلفة، ولكن انتخابات الثاني
عشر من حزيران 2011 ذات معان
متميزة وعلامات فارقة في
السياسة التركية القادمة، بل في
شكل وتكوين ومستقبل الجمهورية
التركية القادمة. ولا شك
أن الأحداث الخارجية العالمية
ومواقف الأحزاب التركية منها
كان لها بعض الأثر على الناخب
التركي وفي اختياره لممثلي حزب
العدالة والتنمية الذي حقق
نجاحا باهراً في التسع سنوات
الماضية على الصعيد الإقليمي
والمنطقة والعالم، سواء في
مساعيه الحثيثة في دخول الاتحاد
الأوروبي، أو في تمتين صداقته
مع الغرب ومع الولايات المتحدة
الأمريكية والصين وأمريكا
اللاتينية فضلًا عن دول الجوار
والعالم العربي، فقد وضع تركيا
على خارطة السياسة الدولية
والتأثير العالمي والدول
الكبرى. لقد
كان لحنكة نجم الانتخابات رجب
طيب أردوغان وشخصيته البارعة
أثر كبير على نتائج هذه
الانتخابات، وتأكد للمراقبين
أن رهانات أردوغان على الشباب
التركي كانت في محلها المناسب،
فقد عمل أردوغان في التعديلات
الدستورية الأخيرة 2009 على خفض
عمر المرشحين إلى خمسة وعشرين
عاماً بدل خمسة وثلاثين عاماً،
الأمر الذي مكّن الكثير من
الشباب التركي المثقف والمتحضر
والواعد أن يرشح نفسه في معارك
انتخابية ينافس فيها أصحاب
الخبرة وأصحاب الصيت الذائع في
الشارع التركي، وهو لم يكن أي
أردوغان ليراهن عليه دون ثقة
بالشباب التركي أولاً،
وبتطلعات الشعب التركي إلى
المستقبل ثانياً، وبرغبته
الكبيرة في صنع جيل تركي شاب
يمارس العمل السياسي من أوسع
أبوابه وأهمها، وبهذا الفوز
الكبير للشباب التركي في
الانتخابات البرلمانية يمكننا
القول بأن الزعيم رجب طيب
أردوغان قد جلس على عرش السياسة
التركية المعاصرة، واعتلى عرش
جهاز السلطة والحكومة دون منازع
ولا منافس. ولكنه
برغم النجاح الانتخابي الكبير
لحزب العدالة والتنمية في
الانتخابات، إلا أنه لم يحقق
عدد النواب الذين يوفرون له
الإنفراد في صياغة دستور جديد
لتركيا، ولذا فإنه سيبحث مع
الأحزاب الأخرى إلى تحالف
يساعده على وضع دستور جديد،
وليس أمامه إلا حزب الشعب
الجمهوري الذي يؤيد وضع دستور
جديد بخلاف حزب الحركة القومية
الذي يعارض هذا التغيير، إضافة
إلى أنه أمام تحدٍّ آخر كبير هو
تحد المسألة الكردية. لذا
فإنه من المرجح أن يكون تعديل
الدستور لصالح خطط أردوغان،
الذي يسعى إلى أن يكون أول رئيس
للجمهورية التركية بدستورها
الرئاسي الجديد، فالدستور
الجديد يريد التغيير في طبيعة
نظام الحكم من الجمهوري
البرلماني بحسب الوضع القائم،
إلى الجمهوري الرئاسي الذي يشبه
نظام الحكم الرئاسي في الولايات
المتحدة الأمريكية، وخطاب
أردوغان بعد الانتخابات كان
يحمل خطاب رئيس الشعب التركي
وليس رئيس حزب العدالة والتنمية
فقط، فدعا إلى المسامحة
والمصالحة واعتبار فوز حزب
العدالة في الانتخابات هو فوزًا
للأمة التركية كلها وللشعب
التركي كله بكافة أحزابه
ومكوناته القومية والثقافية،
على أساس أن الذي انتصر هي
الديمقراطية والأمة التركية. إن
نتائج الانتخابات تعني أن تركيا
اليوم هي تركيا الجديدة، تركيا
القرن الحادي والعشرين، وليست
تركيا القرن العشرين، تركيا
الدولة التي تملك قرارها
السياسي والسيادي دون تدخل من
الدول الأخرى، وفوز أعضاء حزب
العدالة والتنمية في
الانتخابات بعدد أقل مما يكفي
لتغيير الدستور وحدهم، يفرض
عليهم فتح عقولهم وقلوبهم
للآخرين، أي أن على الأعضاء
الجدد مهمة إقناع الشعب التركي
بضرورة التغييرات الدستورية،
وأمامهم مهمة إقناع النواب
الآخرين بأن هذه التعديلات هي
في مصلحة تركيا كلها، وليست في
صالح حزب معين فقط، ولا في صالح
شخصية زعيم تركي واحد فقط، ولو
كان هذا الشخص رئيس الحزب رجب
طيب أردوغان. وإن من
نتائج هذه الانتخابات ما يفيد
بأن الشعب التركي في حالة تغير
وتجديد ليس في رؤاه الفكرية
والأيديولوجية فقط، وإنما في
صناعة أجياله الشبابية
الواعية، فهي التي ستحمل راية
هذه الدولة العظمى في المستقبل،
وإن لم تكن هذه الأجيال على
مستوى صعود دولتها وأمتها فإن
الصعود سوف يتوقف مع غياب
الأجيال السياسية الحالية،
فالزعماء السياسيين الأفذاذ
مهما كانوا عظماء فإن أعمارهم
ستنتهي وقدراتهم الشخصية
ستتوقف ولن تتجدد مع تقدم
أعمارهم وهرمها، ولذا فإن خطة
أردوغان الواعية تسعى لصنع
قيادتها الشبابية الواعية التي
ترث قدرات الزعماء الكبار،
وتطورها وتتفوق عليها، لأنها
تبني على ما أنتجته الأجيال
السابقة، ولذلك فإن حكمة
أردوغان لم تعالج المشاكل التي
عاصرها فقط، وإنما سعت إلى
الحفاظ على هذه النجاحات
للأجيال القادمة، وحتى لا تضيع
بمجرد ذهاب قيادات الحزب
التاريخية. إن
تأييد الشعب لهذه الانجازات
الكبرى التي حققها حزب العدالة
والتنمية وهو في الحكم، يوجب
عليه أن يغذي الحزب بأجيال شابة
متوالية، ودون أن تجمد على
أفكار الحزب أو مناهجه أو خططه،
وإنما بالبناء على الناجح منها،
وتجاوز غير الناجح منها، وإبداع
أفكار جديدة، ومناهج ناجحة
للتطوير، وخطط صالحة للتقدم. إن
نتائج الانتخابات تعني أن
الخارطة السياسية التقليدية
لمعركة الانتخابات هي في حالة
تغيير أيضاً، فالأحزاب
التقليدية القومية أو الإثنية
أو الإيديولوجية المغلقة أصبحت
أقلّ تأثيرًا من قبل، وتأثيرها
على الشعب التركي أضعف من قبل
أيضاً، بينما تعمل الأجيال
الشبابية على شق طريقها مع من
يعمل بنجاح، ويخطط لمستقبل
تركيا وليس مستقبل شخصه ولا
حزبه، فالعظيم في نظرها من يصنع
العظمة لتركيا دولة عظمى متحضرة
ثقافياً ومتقدمة صناعياً وقوية
اقتصادياً ومؤثرة وفاعلة على
المسرح الدولي سياسياً. إن
نتائج الانتخابات تثبت إن الشعب
صوّت لمن صنع التقدم الاقتصادي،
فخفض معدلات التضخم والدَّين
والبطالة لدرجة غير مسبوقة في
التاريخ التركي الحديث، وأنه
صوت لمن صنع زيادة في الدخل
الفردي والنمو الاقتصادي
العام، ووضع تركيا في قائمة
الدول الاقتصادية الكبرى. إن في
نتائج الانتخابات دليلٌ على أن
الشعب التركي صوّت للحزب الذي
صنع المصالحة الحضارية مع نفسه،
فالإسلام دين الأغلبية وليس من
الحكمة إقصاؤه وتبني قيم فلسفية
لحضارة أخرى، وليس من الحكمة أن
تفرض الحكومة أو مؤسساتها
الرسمية سلوكيات تتعارض مع قيم
الشعب الاجتماعية أو الثقافية
أو الدينية، سواء كانت في
اللباس أو العادات أو التقاليد
الشعبية، طالما هي في نطاق
الحرية الشخصية والحريات
العامة التي يكفلها الدستور. لقد
صوت الشعب التركي لمن وجد أنه
يمثله في عقله وقلبه وثقافته
الدينية والحضارية، ولمن وجد
أنه استطاع برؤاه الفكرية
المعاصرة أن يجمع بين احترام
الدين وبناء الدولة المدنية
الديمقراطية الدستورية، لقد
صوَّت الشعب التركي إلى الحكومة
التي احترمت إرادة الشعب طوال
تسع سنوات، وعبّرت عن طموحاته
وكرامته وشجاعته في أكثر من
موقف دولي ومنتدى اقتصادي. وإن
نتائج الانتخابات تؤكد أن الشعب
التركي قد أدرك وجوب ترتيب
الأولويات في الإصلاح الداخلي،
في أن تسير بتدريج وبهدوء ودون
إثارة مشاكل داخلية ممن لا
يرحبون بالتغييرات الدستورية،
وبالأخص المؤسسة العسكرية التي
يتم العمل على وضعها في المكانة
اللائقة بها خارج العمل السياسي
وتقلباته الداخلية وتأثيراته
الانتخابية والحزبية، والمؤسسة
العسكرية تتفهم المرحلة
التاريخية المعاصرة ومتطلبات
الاتحاد الأوروبي بتوجيه
الجمهورية التركية إلى الحياة
المدنية الديمقراطية، وعدم
تدخل الجيش في الخلافات الحزبية
الداخلية، والمجتمع التركي
راغبٌ أيضاً بتوجيه نفوذ الجيش
إلى واجباته الأمنية فقط، وعدم
التدخل في الحياة السياسية،
وجعل مهماته الأساسية التي لا
تتم إلا بالتنسيق مع الحكومة
والبرلمان والرئاسة التركية
وليس بالانفراد عنها، لأن مصلحة
الشعب التركي ليست حصراً على
المؤسسة العسكرية ولا المدنية
فقط، وإنما بالتنسيق بينهما. لقد
صوت الشعب التركي لمن احترم
التاريخ التركي وحاضره
ومستقبله، وصنع ذاته الحقيقية،
ونجح في تقويتها، وسعى للحفاظ
عليها رسالة حيَّة للأجيال
القادمة، لقد انتصرت إرادة
الشعب ومن يعمل له بجدارة. *كاتب
تركي ========================= الحرية
قادمة.. فلماذا كل هذا العنف؟ د.
عيدة المطلق قناة منذ
الخامس عشر من شهر آذار الماضي
وحتى يومنا هذا ( وإلى أن يقضي
الله أمراً كان مفعولاً ( بالنصر
المبين لثورة الحرية والكرامة)
باتت يوميات المواطن السوري ..
قمع وتنكيل جماعي لا يميز بين
طفل وإمرأه وشاب وكهل ..
فالمجازر في كل مكان .. والمقابر
الجماعية تنتشر فوق الجغرافيا
السورية – التي كانت وادعة ذات
يوم- .. حتى ليبدو للمراقب بأن
عشرات القرى والبلدات والمدن (
بكل أحيائها وزنقاتها ) قد وضعت
على جدول القمع الهمجي المكثف..
وأن المسألة بالنسبة للنظام هي
مسألة وقت ليس إلا !! لقد
مورس على السوريين خلال الشهور
الماضية قتل واعتقال واختفاء
للآلاف .. بل مورست كافة أفانين
القمع والتنكيل والتعذيب
المعروفة وغير المعروفة .. ومعظم
هذه الممارسات – غيرالمسبوقة -
أفضت إلى موت .. فتمثيل بالجثث لم
ترحم حتى الأطفال .. تم تصوير
بعضها بكل ما شهدناه من فجور
ورقص فوق الأجساد .. وغيرها من
سلوكيات استحضرت الغرائز
البهيمية وكشفت عن كم فاحش من
الكراهية وسوء الخلق.. !! سوريون
عزل ..ومدنيون أبرياء ..
ومتظاهرون سلميون.. تحولوا
بقدرة قادر في تقارير الماكينة
الإعلامية للنظام .. وفي مزاعم
وتهديدات المسؤولين ..
والناطقين باسمهم من كتاب
التدخل السريع وأدعياء الثقافة
والتحليل السياسي.. إلى عصابات
مسلحة مندسة تنفذ مؤامرة خارجية
تطلق النار على رجال أمن رسميين
.. فاستغاث الشعب بالجيش.. فتدخل
الجيش دفاعا عن الشعب والوطن ..
وتحولت بذلك موجة الاقتحامات
العسكرية بعددها وعديدها للقرى
الوادعة إلى مطالب جماهيرية
ملحة ، تبرر الحصار وقطع
الكهرباء والاتصالات .. ومنع
الغذاء عن الناس ..ومنع الحليب
والدواء عن الأطفال والمرضى ،
بل وتبرر ارتكاب جرائم ضد
الإنسانية في هذه القرى والمدن
بتدميرها واعتقال وتعذيب
أطفالها ونسائها وشبابها
وشيوخها وزراعة عدد من المقابر
الجماعية في بساتينها وحقولها ..
بل ويبرر قصف المدن والأحياء
السكنيةبالدبابات أو من خلال
العملاء السريين والقناصة
والشبيحة .. كما تحول عشرات
الآلاف من النازحون المرعوبين
من نساء وأطفال إلى "آباء
وأمهات وعائلات" تؤوي عصابات
المندسين والإرهابيين .. ففروا
هرباً من القصاص العادل !!.. ويبدو
أن أهل الحكم في الأنظمة
العربية موحدون - على عكس ما نظن
- ويبدو لنا أن هناك توافقاً
تاماً في المنهجية وحتى الأدوات
والوسائل.. فكلهم يراهنون على
آلة القمع الأمنية وعلى الأسلحة
الفتاكة وعلى المرتزقة.. وكلهم
يراهنون على القناصة والبلطجية
والشبيحة .. وكلهم لديهم ثقة
مفرطة بأنهم يمتلكون من أساليب
الخداع والتحايل والخطاب
التضليلي والشعارات التي
خبروها في الماضي والتي وفرت
لهم حالة موات شعبي.. وكلهم
أطلقوا على شعوبهم أبشع الصفات
ففي سوريا هم عصابات مسلحة
مندسة من الخارج .. وفي اليمن هم
"قطاع طرق وأفاعي" .. وهم
لدى "عقيد ليبيا" جرذان
ومهلوسون .. وكلهم منعوا وسائل
الإعلام والمنظمات الحقوقية
والإنسانية من الدخول والاطلاع
المباشر على المشهد.. في إجراء
"يكاد المريب فيه أن يقول
خذونيّ!!! إن ما
يحدث للشعب السوري باسم
الأمنالقومي ومقاومة الإرهاب،
وتحت شعار الممانعة والصمود، -
هو ما حدث ويحدث للشعب التونسي
والمصري والليبي واليمني – مما
يعد جريمة مروعة يندى لهاجبين
الإنسانية!! ولكن
الغريب في الحالة السورية أن كل
ما يجري على هذه الساحة من فظائع
- لم يتمكن النظام في إخفائها
كما فعل في سابقاتها في القرن
الماضي – لم يكن كافياً لكسر
جدار الصمت الرسمي العربي..
الأمر الذي يثير الكثير من
الشكوك .. ويدعو للتساؤل عن سر
هذا الصمت المريب؟ • فهل
النظام الرسمي العربي يريدنا أن
نصدق حكاية المؤامرات الخارجية
التي تنفذها "عصابات مسلحة
إرهابية " بمسمياتها
المختلفة ..وتبرير صمته على
الدماء المسفوحة والأجساد
المنتهكة في كل ساحات الغضب
العربي ؟ • أم
أن النظام الرسمي العربي يريد
أن يغير الدور الطبيعي للجيوش
التي أنفق عليها المليارات من
عزيز أموال الأمة بحجة تحصين
الوطن والدفاع عن الشعب والحدود..
لتصبح جيوشاً مكرسة لحماية
النظام.. مما يسوع لها ممارسة
القمع والقتل الوحشي واقتحام
المدن والبيوت وحصارها ودكها
بالدبابات والطائرات وكل أنواع
الأسلحة وتحويلها إلى خرائب ؟ • ثم
هل يمكن أن تعود هذه الجيوش إلى
ثكناتها بعد أن استمرأت
الاستئساد على المدنيين وتحقيق
الانتصارات عليهم ؟؟ • أو
لا تخاطر هذه الأنظمة باستجرار
التدخل الاستعماري الخارجي .. أم
أن هذه الأنظمة المستبدة جعلت
التدخل الأجنبي وإعادة
الاستعمار هدفاً استراتيجياً
لها؟؟ • ألم
تدرك هذه الأنظمة بعد حقيقة أن
الشعوبالعربية - وفي مقدمتها
الشعب السوري - قد عرفت طريقها
إلى الحرية والكرامة
والعزةوالعدل والمنعة، وأيقنت
بضرورة التمرد على الطغيان
والاستبداد وحكم الفرد
واحتكارالسلطة، والقبضة
الأمنية، وأن لا عودة إلى
الوراء.. ؟؟ لقد
وصل ثوار الأمة في كل الساحات
إلى نقطةاللاعودة .. وبعد أن
مزقت بنادق الأنظمة آلاف
الأجساد .. تمزقت معها أسطورة
الخوف الذي شكل متلازمة لهذه
الأنظمة طيلة عقودها العجاف من
ذلك الزمان العربي المظلم .. إن
الثورات العربية – كلها دونما
استثناء – هي ثورات "شعبية ..وطنية..
شريفة " .. ولن تنجح أدوات
الأنظمة وماكيناتها القمعية
والإعلامية القائمة على
التزوير والكذب فيتشويهها ..
وستستمر حتى تحقيق أهدافها وفي
مقدمتها الانتقال إلى نظام
ديمقراطي حقيقي.. ينعم فيه
الإنسان بالمواطنة .. والحرية
والكرامة .. !! إن
شعوب الأمة – كل شعوبها – جديرة
بالحرية والكرامة.. وجديرة
بموقع لائق بين الأمم الحرة ...
موقع تستأنف منه ممارسة دورها
الطبيعي في بناء حضارة البشرية
.. !! ========================= د.إبراهيم حمّامي رغم
عدم إيماني بالحدود المصطنعة
بين الأقطار العربية، ورغم
قناعتي المطلقة أن الشعوب
العربية ان تركت بعيداً عن
أنظمتها لاندمجت فيما بينها
كشعب واحد يحب بعضه بعضا، لكن
اسمحوا لي أن أتحدث من منظور
تقسيمات سايكس بيكو، التي سبق
وأن رفضتها كل قوى فلسطين عام 1948
– باستثناء الحزب الشيوعي –
لتنصهر في بوتقة واحدة معتبرة
فلسطين جزء من أمتها العربية
وسوريا الكبرى. كلما
تحدثت مع أحدهم من مدعي القومية
والعروبة، أو من المدافعين عما
يسمونه ممانعة ومقاومة، وهي
جميعاً براء مما يُقترف باسمها
في سوريا، وجدتني أُفكر في هذا
السؤال: ماذا لو كنت سورياً، أرى
وأسمع وأتابع ما يجري لبلدي
وأهلي، ثم يأتي من يشبعني
تنظيراً عن مؤامرة خارجية
تستهدف صخرة المقاومة
والممانعة؟ • لو
كنت سورياً يطالب بحريته ويمارس
أبسط حقوقه بالتظاهر، ثم يقتل
ويذبح لأنه عميل للموساد... • لو
كنت سورياً لم أفعل شيء إلا أن
أهتف الله..سوريا..حرية وبس ثم
اتهم بأني طابور خامس، مندس،
ومأجور تارة لدول الجوار وتارة
أخرى لتركيا... • لو
كنت سورياً أتظاهر وأرفع علم
بلادي، ثم يصفوني مرة بأني
وهابي وأخرى بأني سلفي وثالثة
بأني من القاعدة... • لو
كنت سورياً أخرج مع أبناء
مدينتي أعرفهم ويعرفونيي، ثم
يقال أننا غرباء من مخيمات
لبنان الفلسطينية... • لو
كنت سورياً أذبح أمام شاشات
التلفاز وعلى مرأى ومسمع من
العالم كله، ولا يحرك العرب
وجامعتهم ساكنا... • لو
كنت سورياً أسمع ما يتنطع به
البعض من أن مطلبي بالحرية
والكرامة بعد نصف قرن من الحكم
بقانون الطواريء بأن ذلك بسبب
مواقف سوريا القومية... • لو
كنت سورياً أتابع الإعلام
الرسمي في سوريا لأكتشف أن قتل
وذبح شعبي هو من أجل العروبة
وفلسطين وللحفاظ على صخرة
الممانعة... • لو
كنت سورياً استمع لسيل الأكاذيب
التي يبثها أبواق النظام وهم
يستخدمون عبارات المقاومة في كل
جملة، ويجترون مفردات الموقف
القومي في كل عبارة... • لو
كنت سورياً أحب فلسطين وأهلها،
ثم أوصف بأني جاسوس مأجور لمجرد
أني طالبت بحق من حقوقي، وعدو
للأمة العربية وحامي حماها
النظام السوري... • لو
كنت سورياً أستمع لمبررات
القوميين والعروبيين بأن قمع
الشعب في سوريا أفضل من تكرار
سيناريو ليبيا... • لو
كنت سورياً ترفع في وجهي
فزّاعات القاعدة والناتو
وتركيا فقط حتى لأنبس ببنت شفة... • لو
كنت سورياً يُطلب مني ليل نهار
أن أقبل بالقمع والتنكيل
والقبول بنظام فاشي حتى لا نشمت
أعداءنا فينا... • لو
كنت سورياً تنتهك حرمات بلادي
وتدمر ثم اتهم بأني من يريد
تدمير البلاد فقط لأني أردت أن
أعيش حراً... • لو
كنت سورياً نزلت للشارع بمحض
ارادتي ثم يكيلون لي الاهانات
أنني تحركني الجزيرة أو الفيس
بوك... • لو
كنت سورياً أُضحي في سبيل بلادي
بدمي، ثم تسيل دمائي على يد جيش
بلادي... • لو
كنت سورياً خدمت في جيش بلادي
لينقلب هذا الجيش ويقتلني... • لو
كنت سورياً أرى دبابات الجيش
السوري تترك أراضي سوريا
المحتلة لتنتشر وتجتاح وتعيث
فساداً في مدن وبلدات سوريا... • لو
كنت سورياً أخرج لجنود الجيش
بالورود فيأخذ الجيش وضع القتال
ويطلق علي الرصاص كما شاهد
الجميع... • لو
كنت سورياً أقتل وأذبح وأشرد
باسم العروبة والقومية
والمقاومة والممانعة... لو كنت
كل ذلك لكفرت
بالعروبة والمقاومة والممانعة
والقومية والصمود والتصدي
ولامواجهة والتحدي – وكل
مفرداتهم التي يقتلوني باسمها! لكني
لست سورياً – بالمفهوم القطري
– والسوريون ليسوا كذلك لأنهم
أهلنا وأحبتنا، ولأنهم هم لا
النظام من احتضن ويحتضن فلسطين
وقضيتها، ولأنهم يفرقون بين
حلفاء النظام وبين الشعوب التي
تحبهم ويحبونها، تماماً كما
نفرق بين الأنظمة والشعوب. مع
شعبنا السوري البطل بلا تحفظ،
بلا تردد، بلا مجاملة، مهما
كانت نتيجة المواجهة بين الشعب
وجلاديه، المبدأ هو المبدأ ولا
يخضع لحسابات الربح والخسارة،
انحيازنا هو بالكامل لكل الشعوب
التواقة للحرية والكرامة. لا
نامت أعين الجبناء ========================== بقلم
ثامر سباعنه - فلسطين لقد
استطاع الاسري في سجون الاحتلال
أن يؤقلموا أنفسهم في السجون
والمعتقلات الاسرائيليه ، وقد
أدركوا أهمية الكتاب للمعتقل
خلال فترة وجوده في الأسر ،
فسارعوا لوضع الخطط والبرامج
الثقافية للنهوض بوعي الأسير
مهما كان عمره أو مستواه
التعليمي . أسرى
فلسطين ومن كافة الفصائل
والتنظيمات وضعوا خططهم التي
رسمت المسار الثقافي للأسير
بحيث يجمع الأسير اكبر قدر من
الوعي والتثقيف خلال فترة
اعتقاله ، وهم بذلك يجددون
انتصارهم على السجان الذي أراد
اعتقالهم للقضاء على وجودهم
ومعنوياتهم لكنه خاب وخسر ، بل
إن هنالك عدد ليس بالبسيط من
الأسرى استطاع أن يُكمل دراسته
الجامعية في المعتقل ويحصل على
شهادات عُليا ، ومنهم من استغل
فترة الاعتقال ليحضر رسالة
الماجستير أو الدكتوراه ، قد
تكون الإمكانيات المتوفرة
قليله نوعا ما بالإضافة إلى
تضييق الاحتلال على الأسرى لكن
ذلك لم يمنعهم من استغلال كل ما
توفر لهم إمكانيات . للكتاب
في حياة الاسير قصة طويله فيها
الامل والفرح والسرور كما تحتوي
على الالم والمعاناة، فبمجرد
دخول الكتاب الى السجن تدب
الفرحه والسرور بين الاسرى
وكأنهم قد حققوا شيئا عظيما
ويسارع الأسرى لحجز دورهم
لقراءة الكتاب . تحتوي
معظم سجون الاحتلال على مكتبات
تحوي مئات الكتب واحيانا آلاف
الكتب التي قام الاسرى بشرائها
وادخالها عن طريق الاهالي اثناء
الزيارات ، او عن طريق المؤسسات
والجمعيات التي تتبرع للاسرى
بالكتب كل فتره كالصليب الاحمر،
وتشتمل عناوين الكتب على جميع
المجالات الثقافية ... دينيه..
سياسية... فنية... تاريخية ...أدبية...
وعادة يوضع للمكتبة أسير يدعى (
عامل المكتبه) يعمل على ترتيب
المكتبة وتنظيم الاستعارة منها
وأرشفة كتبها ، ويكون لمعظم
الأسرى برنامج خاص بهم
للاستعارة والقراءة بل وتلخيص
الكتب أيضا ، بل وقد يتعدى ذلك
فيعقد عدد من الأسرى جلسات
يتداولون كتابا تمت قراءته
فيتباحثونه فيما بينهم لتعم
الفائدة. لقد
غداالكتاب من أهم المصادر
التعليمية في السجن حيث لا يوجد
وسائل علمية كالبرامج
الوثائقية والانترنت فقد اصبح
الكتاب في السجن عبارة عن مدرسة
خاصه في ظل تضييق العدو على
الاسرى ومنعهم من عقد الجلسات
والدورات التعليميه في السجون ،
فلجأ الاسرى للكتاب ليصبح
المشكاة التي يستعينون بها لكسب
العلم والمعرفه ، وغالب علم
لشباب وثقافتهم التي يخرجون بها
من السجون ناتجه عن تعلقهم
بالكتب وناهيك عن الوقت الذي
يمضيه الأسير برفقة الكتاب
فيهون عليه أوقاته في السجن لكن
لابد للعدو الصهيوني أن يلعب
دوره المعتاد في زرع الألم
والظلم حيث حلّ ، فإدارة السجون
أصبحت تمنع الأسير من إدخال
أكثر من ثلاث كتب فقط كل أربع
زيارات !! بل انهم يشترطون إخراج
كتاب مقابل كل كتاب يدخل ! وذلك
للحد من عدد الكتب المتوفرة
للأسرى ، وكثيرا ما تقوم ادارة
السجن بإعادة الكتب ومنع دخولها
دون أي أسباب . واهمٌ
من يظن أن العدو الإسرائيلي
قادر على أن يحطم ارادة الشباب
بالأسر ، و مخطئ من يظن أن
الاحتلال يستطيع أن يحرف الأسير
عن مساره حتى وان طالت فترة
الأسر أو زادت قسوة السجّان. ======================== د.
طلال محمّد الدّرويش
===================== باي
باي معمر ... باي باي ... بشار محمد
حسن فقيه ترتبط
روسيا بعلاقات استراتيجية قوية
وحميمة مع كلا النظامين الليبي
والسوري، ويعتبران أهما حليفين
لها في منطقة الشرق الأوسط بعد
أن خسرت العراق أهم حلفائها في
المنطقة سابقا ، ودائما في عرف
السياسة فإن المصالح بين
البلدان ترسم المعاهذات وتشكل
الأحلاف وتوثق العلاقات ،
وتتغيرهذه السياسات مع الزمن
وفقا لترمومتر المصالح بين هذه
البلدان ، ولا يتنزه أيا من
الطرفين عن المقايضة أو
المساومة مع جهات أخرى لتنقلب
على هذه المعاهدات ما دامت
المصالح هي المرجعية والحكم . بعد
احتجاجات ليبيا وانطلاق ثورتها
ضد العقيد ، كان موقف روسيا
مؤيدا للقذافي وكانت فضائية (
روسيا اليوم ) تنقل أخبار
القذافي وحكومته ، وتفند آراء
نظامه وأخباره كأنك تشاهد وتسمع
قناة الجماهيرية ، وكما هو
الحال اليوم مع الثورة السورية
فما زالت الحكومة الروسية تدافع
عن حليفها الآخر ( النظام السوري
) وكأنك تشاهد الفضائية السورية
أو قناة الدنيا . العد
العكسي لمسيرة القذافي المهنية
كحاكم في ليبيا يدور بسرعة ،
والخط البياني لولايته يهوي
منحدرا للأسفل ، بعد توار
القذافي عن الأنظار وغيبة طويلة
عن شعبه يتنقل مختبأ من جحر إلى
آخر كالجرذان التي وعد
بمطاردتها ! خوفا من تعقبه وضربه
. وبعد
أن طاش تفكيره وخرج عن صوابه
فأمعن فتكا وقتلا وتدميرا في
أبناء الشعب الليبي ، وبعد أن
قام بأعمال الفظائع من قصف
وحصار واغتصاب من قبل المرتزقة
التي جلبها من أفريقية بدعم
لوجستي إسرائيلي ، وليس هذا
مستغربا عن رجل غريب المزاج
متقلب الأطوار، فلقد وجه منذ
الأيام الأولى للثورة الليبية
رسالة إلى إسرائيل بأن زوال
دولته يهدد أمن اسرائيل
واستقرارها وأن البديل عنه
عناصر إرهابية من القاعدة
كرسالة أخرى توجه للغرب وأمريكا
خصوصا ، فعل مثلها تماما فيما
بعد رامي مخلوف عراب الفساد
للعائلة الحاكمة في سورية . سقطت
هذه الدعاوي الكاذبة والمشاجب
التي يريد أن يتشبث بها ، لعل
الغرب يدعمه بدلا من أن يعاديه
بسبب جرائمه وقتله للمواطنين
العزل من أبناء شعبه . وهي نفس
الرسائل التي حاول من قبل ذلك
مبارك ونائبه عمرسليمان أن
يوجهها للغرب واسرائيل بأن
البديل عنه هو التطرف الاسلامي
والإخوان المسلمون ، ونفس
الدعوى المتهالكة التي دعا
إليها بن علي من قبل وهو يدعي
بأن عناصر ملثمة تقوم بأعمال
إرهابية وتخريبية ترّوع بها
أبناء الشعب التونسي ، وذلك بعد
أن فتح السجون وأطلق سراح
اللصوص والمجرمين والقتلة من
عناصر ترويج المخدرات وتجارة
الممنوعات ليعيثوا في البلد
فسادا وتعمها أعمال الفوضى
وغياب الأمن ، وكما فعل العادلي
تماما بعد ذلك في مصر . نفس
السيناريو الهزلي ينفذ في سورية
، فالطغاة يتأسون ببعضهم
ويستفيدون من تجاربهم الخائبة
التي لم تفدهم في تثبيت كراسيهم
المخلوعة ،أوبقائهم يتسنمون
خوازيق عروشهم . فلقد
أعلن النظام السوري من بداية
انطلاق الثورة أن سورية تتعرض
لمؤامرة خارجية ، ثم تطور الأمر
إلى طرف ثالث ( مندسين ) يعتدي
على الأمن والمواطنين
المتظاهرين ! ثم وجود عصابات
مسلحة ، ثم الأخوان المسلمون ثم
حزب التحرير ثم مجموعات سلفية ،
وقد قاموا بتشكيل إمارات
إسلامية في درعا ، ولتأكيد
دعواهم التضليلية هذه قاموا بدس
عناصر أمنية وعناصر باسيج
إيرانية بلحى ولباس أفغاني بين
المتظاهرين ، وحاولوا إثارة
البلبلة والفوضي في المظاهرات
والقيام بأعمال تخريبية وإطلاق
نار، فكشف أمرهم من قبل
المواطنين وسحبت منهم الأسلحة
والهوية الشخصية وطردوا من
المظاهرات . وحول
هذه الأخيرة دعوى النظام بوجود
جماعات سلفية جهادية ، فإن كان
هناك سلفية في سورية فهي صناعة
سورية بامتيازإنتاج مخابراتي ،
استخدمت عناصره في نهر البارد
بلبنان مع العبسي ، ومع أبي
القعقاع في معسكره بحلب ، الذي
كان يرسل هؤلاء المغرربهم
للعراق للقيام بعمليات
انتحارية ، بالتنسيق مع
المخابرات السورية ، مع احتفاظ
عناصر المخابرات السورية
بريموت التفجيرللأحزمة الناسفة
بهؤلاء الانتحاريين المغرر بهم
، وشيخهم أبو القعقاع هو الآخر
تم تصفيته من المخابرات السورية
بعد استهلاكه وانتهاء مهمته ،
ولم أجد ردا مفحما يدحض هذه
الدعاوى التضليلية ويستهزئ بها
أفضل من رد وزير الخارجية
البريطاني حين قال : إن عدد
السلفيين الموجودين في
بريطانيا أكثر من عدد السلفيين
الموجودين في سورية ! . لقد
تأكد العالم الحر في الغرب
وأمريكا والأمم المتحدة
ومنظمات حقوق الانسان وجميع
الشعوب العربية والمسلمة
والعالم زيف تلك الدعاوي
المضللة التي رفعتها تلك
الأنظمة المفلسة ، بل تأكدوا
تماما من الجرائم والمجازر التي
اقترفوها بحق شعوبهم من
المدنيين العزل ، فرفعوا الغطاء
عنهم وطالبوا بتطبيق العقوبات
الدولية عليهم لحماية الشعب
الأعزل من المدنيين والذي أصبح
أهدافا مشروعة من قبل النظام ،
يستبيح فيها كل وسائل الإذلال
والقتل والإغتصاب والإجرام ،
ورفعت الشرعية الدولية عن
النظام الليبي من أغلب البلدان
الغربية وأغلب البلدان العربية
ومنظمة الأمم المتحدة والجامعة
العربية ومنظمة المؤتمر
الإسلامي ، ولم يبق صامتا على
جرائمه سوى روسيا والصين وبعض
البلدان العربية التي تخشي من
انتقال عدوى الثورات إليها
لتواجه نفس المصير . ، وأما
الأولى ( روسيا ) : فقد كان ذلك
بسبب تحالفها الاستراتيجي مع
ليبيا كما ذكرنا ، وأما الأخرى (
الصين ) التي مازلت تحكم شعوبها
بحزب شمولي وقبضة بوليسية
وتنتهك حقوق الانسان ، فإنها
تخشى من انتقال العدوى إليها
وانتفاض الشعب الصيني المكبوت
ضد نظامها الشمولي . تغيرت
موازين القوى على الساحة
الليبية وأصبح النظام الليبي
بقيادة القذافي في حالة موت
سريري ينتظر الوقت المناسب لرفع
الأكسجين عنه في غرفة العناية
المركزة ، غيرت
روسيا موقفها وتخلت عن حليفها
الذي طالما دافعت عنه في بداية
الإنتفاضة وزارت المجلس
الانتقالي في بنغازي واعترفت به
كممثل شرعي ووحيد عن الشعب
الليبي ! السياريو
السوري يسير بنفس الخطى التي
يسير عليها السيناريو الليبي ،
ولكن بخطوات أبطأ وعنف أشد ، مع
الاشتراك في القمع والمجازر
والاغتصاب والقصف على المدن
والقرى ضد المواطنين العزل
بالمدافع والدبابات والطائرات
، ومع الاستعانة
بمجموعات المرتزقة المستوردة
من الباسيج الفارسية وعصابة حسن
وابن خالته مقتدى ، إلى جانب
عناصر الشبيحة الطائفية –
صناعة محلية من انتاج العائلة
الحاكمة ورموزها الفاسدة -
والمصممة والمعدة سابقا
للتهريب وتجارة المخدرات وسرقة
الأموال العامة والخاصة ، مع
التمرد على القوانين والعمل
خارج النظام لصالح رموز الفساد
من عائلة الأسد وأل مخلوف
وشاليش .... وأضرابهم . أعلنت
روسيا نيتها لاستقبالها وفدا من
المعارضة السورية في خطوة
مفاجئة ومبكرة بالمقارنة مع
الثورة الليبية ضد القذافي بعد
أن تخلت عنها تركيا وقطر ، رغم
أبواق الإعلام السوري التي
مازلت تدعي ثقتها بروسيا ودعمها
لها . هل
فهمت روسيا الدرس وهل أدركت
سيناريو النهاية لنظام بشار
ونخبنه الحاكمة ! فأرادت اختصار
الوقت وتوزيع بيضها من الأن في
أكثر من سلة ، هذا ما تشير إليه
الأمور ، وإن تصاعد الأحداث
وتطورها على الساحة السورية
والدولية هو الذي سيغير
الموازين ويبدل الأحلاف في
الأيام القادمة . ======================= تأملات
في شريط العاصفة الشعبية القاعدة
ومدنية الثورات (1) د.
أكرم حجازي ثمة من
تساءل في البداية: أين القاعدة
من هذه الثورات؟ وثمة من رأى بأن
القاعدة ليس لها يد فيها،
وآخرون تهكموا على القاعدة
بالإشارة إلى أن ما فعلته
الشعوب كان الرد الصحيح على ما
تفعله القاعدة. بعض هؤلاء
أخطؤوا القراءة وطرحوا السؤال
الخطأ دون روية، وبعضهم الآخر
غاب عن المشهد لعشرات السنين ثم
أحضرته ثورات لا ناقة له فيها
ولا جمل. والواقع أن القاعدة
أيدت الثورات، وحرضت عليها حتى
قبل أن تندلع. ورغم تجنب الثورات
للقاعدة وحتى التنكر لها، خشية
الانقضاض عليها، إلا أن
القاعدة، من جهتها، تعاملت
بذكاء حاد معها، فقد كان
بمقدورها انتهاز الفرصة
والتدخل ضد النظم، وهي الوحيدة
القادرة على ذلك!! لكنها حرصت،
كما حرص الثوار، على طابعها
المدني. هكذا
فوتت الفرصة على النظم من
المساس بحركة الشارع، وجنبت
الثورات بطشا ما فتئت النظم
تحضِّر له عبر كيل الاتهامات عن
علاقة مزعومة للمتظاهرين ب «
القاعدة » ( ليبيا واليمن) أو «
السلفيين » ( سوريا) أو «
المندسين » ( مصر). لكن
بعض الذين هالهم البطش من قبل
النظم العربية في التعامل
الدموي مع الثورات الشعبية،
تمنوا لو أن الثوار امتشقوا
السلاح، إما للدفاع عن أنفسهم
وأهليهم وممتلكاتهم وإما
لإسقاط النظم بالقوة المسلحة.
والبعض الآخر عجب من تمسك
الثورات بالتعبير الشهير «
سلمية » والدفاع عنه بدمائهم
بينما تصر النظم على جرّ الناس
إلى الخيار المسلح بكل السبل
الممكنة. والمؤكد أن التعبير عن
سلمية الثورات الشعبية لم يكن
اعتباطيا ولا هو بصادر عن هوى في
النفس بقدر ما هو واقع في صميم
التكوين النفسي للبشر. بل أن
كلمة « سلمية » تجد صداها العميق
في العبارة البليغة التي خطها
العلامة المسلم ابن خلدون في
مقدمة كتابه الشهير « العبر ... »
حين قال: « إن الإنسان مدني
بالطبع». عبارة
لا تحتاج إلى تأويلات كي نكتشف
فيها أن مدنية الثورات تعني أنه
ليس من طبيعتها حمل السلاح ولا
من اختصاصها ولا من أهدافها. وفي
هذا ما يفسر إلى حد كبير رفض
الثورات الشعبية أية أطروحات
أيديولوجية كي لا تختزل الأهداف
المرجو تحقيقها في صورة مكاسب
حزبية ومصالح عارضة. فالشعوب ما
كان لها أن تنزل إلى الشوارع
لتنتزع حقوقها وتستعيد مدنيتها
إلا بعد أن فقدت ثقتها التامة في
النظم السياسية والقوى الحزبية
التي فشلت، طوال عقود، في حماية
نفسها حتى من الانزلاق ناهيك عن
حفظ الحقوق أو استعادتها وحتى
المساومة عليها. لكن
عبارة « إن الإنسان مدني بالطبع»
تلزمنا في التفتيش عن الأهداف
المدنية التي تؤرق « مدنية »
الحياة الإنسانية. ولو استطلعنا
كل الساحات الشعبية، الساخنة
والباردة، لما وجدنا مطلبا ملحا
لدى العامة من الناس، أقرب، إلى
النفس، من مطلب الحرية والكرامة
.. ولا شك أنها مطالب مدنية وليست
مطالب سياسية أو أيديولوجية.
ولأن هناك من استعبد الناس، وقد
ولدتهم أمهاتهم أحرارا، فمن
صميم الطبيعة الإنسانية أيضا
ألا يقبل الناس الطغيان أو
يستمر إلى الأبد، وأن يتحمل
المستبدون مسؤولية أفعالهم،
بحيث يدركوا المعنى الدقيق
للشعار الشهير: « الشعب يريد
إسقاط النظام» بوصفه المسؤول
الأول عن الاستعباد. إذن؛
بما أن الحراك الشعبي مدني
بالطبع فلا يمكن له إلا أن
يستعمل وسائل وأدوات تعكس مدنية
الإنسان، إلا إذا ألجأته الظروف
إلى الاستعانة وسائل غير مدنية.
وفي هذه اللحظة لا بد من تواري
الحراك الشعبي عن واجهة الأحداث
لصالح قوى منظمة ومؤهلة لخوض
صراع مسلح. لكن يبقى السؤال: من
هو المسؤول عن الاستبداد:
النظام المحلي؟ أم النظام
الدولي؟ تساؤل
يمس جواهر الحركة الشعبية
وأهدافها، لكنه ليس مطروحا بعد
للتداول في الشوارع العربية،
رغم أنه من سيحدد، عاجلا أم
آجلا، ما إذا كانت الشعوب ستضطر
إلى الانتقال من « مدنية »
الشارع إلى « عسكرته»؟ إذ أن
مقدار الحرية المنشودة ستحدد
للشعوب ما إذا كانت قادرة،
فعلا، على التحكم باختياراتها
والسيطرة على مواردها أم أنها
ما زالت رهينة الهيمنة الدولية. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |