ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
نوال السباعي - مدريد ربما يعلم "المجتمع الدولي" ،
والنظام السياسي العربي الصامت
،المتفرج على مايجري من مذابح
في المنطقة العربية، ومعهما
فئات من هذه الشعوب المتواطئة
مع الأنظمة المجرمة بالصمت
والترقب و"انتهاز الفرص"،
ربما يعلمون أنهم وجميعا
سيدفعون الثمن غاليا جدا ، وفي
القريب العاجل ، وقد مَنحوا
الجزارين فرصة مفتوحة لقمع
الثورة بارتكاب الفظائع
والتهجير على الطريقة
الإسرائيلية . وإذا حصرنا الحديث عن سورية ، فإن أحداث
"حماة1982" ،كانت قد تَوجت
ثورة شعبية استمرت خمسةأعوام ،
في وجه استبداد وحشي وصل حدّ نزع
حجابات النساء بالقوة في شوارع
دمشق ، قاده في حينه "رفعت
الوحش" – وهو اسم العائلة
الذي استبدلته باسم الأسد- ،مما
اضطر السوريين ومن كل الانتماآت
، وليس من "الإخوان المسلمين"
فقط- كما يدّعي أبواق النظام -
لحمل السلاح كي يَدْفعوا عن
أنفسهم وأهليهم السجن والقتل
والتعذيب والتشويه والاغتصاب . تمّ إخماد الثورة حينها بمجازر تُذَكِر
بأهوال المغول والتتار
والإغريق ، لكنها تفتقر إلى
مواثيق الشرف والرجولة وعظمة
فرسان جنود الإغريق والمغول
والتتار ! ، راح ضحيتها مالايقل
عن عشرين ألف مواطن أعزل. بقي المجرمون
"طُلقاء" ،وبما نهبوه من
أموال الشعب السوري ،وفي "صمتٍ
وهِمّة" كان يجري عسكريا
وإعلاميا بناء نظامٍ "شبحٍ"
في الظل ، استعداداً للمعركة!! ،
وقد جاءت بعد ثلاثين عاما ، من
التدمير المنهجي للشعب السوري ،
إنسانيا واجتماعيا واقتصاديا ،
ليجد نفسه أعزلا في وجه تنظيمات
مُتسرطنة تتكيء على شبكة علاقات
إقليمية ، تستمد منها قوتها ،
والتي سيكون فيها ذاتها مصرعها
ومن حيث لاتحتسب!. احتمالان لاثالث لهما في المشهد السوري،
الأول:انصياع النظام لإرادة
الشعب ، وبكلام عربي واضح
،لإرادة الأغلبية التي غُيّبت
وقُمعت وأًخرست ولُجمت ، وإحداث
انتقال إداري للسلطة ، أو
إصلاحات تحقق على مدى زمني محدد
هذا الانتقال ،والثاني : انفجار
الأوضاع ، ليس في سورية فحسب ،
بل في المنطقة بأسرها ، الشيء
الذي هدد به وحرفيا أحد أبواق
النظام السوري ، قائلا :"
سنفتح لكم الجبهة وسنشعل
المنطقة من السعودية إلى
الجولان"!. اشتعال المنطقة ، سيكون على طريقة الحرب
الأهلية اللبنانية، حيث ستدخل
القوى الكبرى عربيا وإقليميا
وعالميا ، لتدير معارك مصالحها
على الأرض ، ليس في سورية فحسب ،
بل في العراق ، ولبنان ، واليمن
، والسعودية نفسها!،وقبل ذلك ،
في إيران ، التي يمور شعبها
وينوء بتركة نظام طائفي شمولي
مستبد ، يحرم الأغلبية من تحقيق
إرادتها في عيش كريم حر بعيدا عن
فرض رؤى دينية خاصة بالقوة على
شعب حر ، يرفض موقف حكومته من
الشعب السوري ، ومايجري في
سورية من مذابح يندى لها جبين
الإنسانية. كذلك في تركيا ، التي كانت قد تحالفت مع
الضباع ، ولم تحسب حسابا إلى أن
الضباع لاترقب في أحد
ديبلوماسية، ولاسياسة ، ولا
استراتيجية!، ولا إلاً ، ولا ذمة!. تركيا التي
تستقبل النازحين السوريين ،
الذين ضاقت بهم بلادهم ،
وأَعَمَل فيهم نظامهم سكاكين
الغدر والعقوبات الجماعية ، طار
صوابه إذْ تجرأ شعبه فنادى
بالحرية والكرامة ، فحشره بين
فرم شبابه أو اغتصاب أطفاله ،
فخرجوا على وجوههم في "تغريبة"
تذكرنا بتغريبة "حاتم علي"
الفلسطينية، وهم لايعلمون أن من
يخرج من داره قلما يعود إليها!. تركيا التي دعمت
النظام وسكتت على جرائمه ثلاثة
أشهر ، ومنعت هؤلاء الفارين من
الحديث مع الوكالات الدولية ،
ووسائل الإعلام ، حفظا لدورِ
مصالحةٍ وتجسير "قد" تقوم
به بين الشعب والنظام "الشبح"
الذي تأكد أنه الحاكم الفعلي
لسورية، والذي لم يُبق لنفسه من
مُصدِقٍ ولاصَديق!، تركيا بكل
هذه الشحنة السياسية
الدبلوماسية الهائلة ،أصبحت
هدفا لأبواق النظام الذين تقطر
كلماتهم سمّا زعافا ، يطلقون
تهديداتهم لتركيا ، كأنها
المسؤولة عما يجري في بلد
الأهوال "قلب الرعب الصامد"..
"سورية العظمى" بمصاصي
دمائها ، وباتكائها على النظام
العام العالمي الذي لايريد
الاستغناء عن خدمات هذه العصابة
فيها!. ماسيرغم النظام العالمي على التحرك إذاً
، ليس احتمال انفجار الأوضاع
الإنسانية والاجتماعية
والسياسية على صورة مخيفة في
المنطقة ، ولكن تَسيُب الأمور
لتُفتح معها كل حدود إسرائيل ،
وتَحَوُل المنطقة إلى مرتع
للاحتراب العشوائي ، سَيَصُب
قطعاً في حدود العدو الذي زرعه
في أرضنا النظام العالمي الذي
وُلِد بعد الحرب العالمية
الثانية ، صمامَ أمانٍ
لاستمراره! ، بعد ان عاشت شعوب
المنطقة نصف قرن من القمع
والإرهاب بيد هذا التحالف
الشيطاني بين المستعمر
والمستوطن والمستبدين ، بهدف
تغييب إرادة الأمة ، ومنعها من
العودة إلى الفعل والحياة. بيد شعوبنا اليوم ،تكمن إمكانية رسم
خارطة إنسانية سياسية جديدة،
ليس للمنطقة فحسب ، بل للعالم
كله ، نكون فيها أحراراً كراماً
، أو نستمر في خانة العبيد!. ========================= إبراهيم اليوسف ثمة نوعان من الصمت، بالنسبة إلى الكاتب،
أحدهما إيجابي، والثاني سلبي،
وتأتي إيجابية النوع الأول
منهما، من أن الكاتب قد يجعل من
مرحلة الصمت استراحة محارب له،
بين إنتاج عمل أدبي وآخر، أو
مرحلة أدبية وأخرى، ضمن خطّ
الإبداع الصاعد دائماً، ليكون
عمله الجديد نقلة نوعية في
مسيرته الأدبية، أما النوع
الثاني، فإنه يشكل وبالاً على
الكاتب، إذ إنه يتمّ في مرحلة
يتطلب فيها حضور صوته، ولعلّ
أكبر مثال على الصمت، هنا، هو
تصامم وتعامي كتاب كثيرين عما
يجري أمام أعينهم، من انتهاكات
فظيعة بحق أبناء مجتمعهم،
لمواقفهم المشرفة من الثورات
الشعبية العارمة من دون أن يبدي
أحد من هؤلاء كلمة إدانة فيما
يتم . والصمت إذا كان من محاسن المجالس، في
الحياة العادية، عندما لا يكون
عياء عن الكلام، فإنه ليعد
أمراً منبوذاً لدى صاحبه، أمام
قولة الحق، فهو هنا بمثابة نصرة
للظالم ضد المظلوم، وقد قال
المفكر الراحل هادي العلوي عن
هذا الضرب من الكتّاب "إنه
يأكل جبنه بجبنه" . ومن الواضح أن الصمت، لا ينشأ إلا تحت
وطأة عوامل كثيرة، في مطلعها أن
آلة الاستبداد التي تواجه هذه
الثورات، الآن، هي نفسها التي
لم تتورع عن قمع الكاتب على
رأيه، وما أكثر هؤلاء الذين
يدفعون ضريبة مواقفهم
الإنسانية والوطنية، من خلال
الزجّ بهم في السجون، والتضييق
عليهم، ومن بين ذلك فرض العزلة
والحصار ومنعهم من السفر،
وغيرها من أساليب الاستبداد من
دون أن يذعنوا، ليكونوا بهذا
مثلات عالية من البسالة والصمود
. وإذا كانت كلمة الصمت تتضادّ مع الصوت،
فإن هناك في المقابل كتّاباً
وأدباء وفنانين يأبون على
أنفسهم الركون إلى حظيرة الصمت
المفروض عليهم، بل يطلقون
أصواتهم مدويّة، في حدود
الأشكال التعبيرية لديهم، غير
مبالين بأي ضريبة تترتب عليهم،
وما أكثر النماذج التي يمكن
الاعتداد بها، في كل مرحلة،
ويجسدها من كانوا رواداً في قول
الحقيقة، ومواجهة الاستبداد
والقمع، بحقّ بلدهم،
والإنسانية جمعاء . طبيعي أن الصمت في حدوده الموصوفة يضع
صاحبه ولاسيما إذا كان كاتباً
أو فناناً في موضع لا يحسد عليه،
إذ كيف يستوي أن يكون المرء
أميناً مع نفسه وكلمته وقارئه
مادام أن الكلمة صورة الواقع
وصوته، وهو يغض النظر عن وقائع،
وفظائع، ترتكب بحق إنسانه،
بينما هو يجسد المثل القائل : لا
أسمع لا أرى لا أتكلم، وهذا ما
تتوخاه آلة الاستبداد دائماً،
من خلال ممارسة ثنائية الترغيب
والترهيب، بحق المبدعين
الفاعلين في مجتمعاتهم . وإذا كان الصمت يشكل تواطؤاً مع أي جريمة،
فيما إذا خذل الصامت ضميره،
ومتلقيه، فإن ما هو أدهى أن يكون
الكاتب صائتاً، لا صامتاً، إلا
أنه لا يكفّ عن الإقدام على قلب
الحقائق، وتحويرها، وفق ما يملى
عليه، وهو من شأنه أن يشطب على
ضمير هذا الكاتب المضلل،
والتلفيقي، ويحط من شأن مصداقية
إبداعه، لأنه لا يمكن أن يصدر
أدب إبداعي، نظيف، يعتد به، عن
شخص مزوّر، يكتب استجابة
لمصالحه الآنية، والزائلة . ========================= تأملات في شريط العاصفة
الشعبية(2) : صراع « المركز» و «
الهامش» د. أكرم حجازي النظام الدولي، الذي أرسى قواعده القوى
المنتصرة بعد الحربين
العالميتين، الأولى والثانية،
ليس فوضويا ولا عبثيا. فهو منظم
تنظيما محكما يخدم مصالح هذه
القوى، ويدار بطريقة صارمة.
لكنه، بطبيعة النشأة، نظام
تحكمه القوة وقيم الهيمنة
والاستعلاء والتمايز بين البشر
على مستوى الجغرافيا والجنس
واللون والدين والرأسمال
والثقافة. فلا حق ولا باطل ولا
صواب أو خطأ ولا عدل أو مساواة
إلا ما تراه القوى الكبرى أو «
المركز». أما « الهامش» أو
القوى الضعيفة، التي لا شأن لها
في بناء هذا النظام، ولا هي دعيت
إلى المشاركة في بنائه، فعليها
أن تقبل به وتجتهد، في إطاره،
لكي تبقى وتستمر، أو لتحظى ببعض
الحقوق أو الامتيازات. أما أن
تخرج عن النظام أو أحد أركانه
فعليها أن تتحمل ما ينتظرها من
عواقب وخيمة. معادلة تنطبق على
الدول والشعوب والمؤسسات
والجماعات والأفراد .. فما هي
بنية هذا النظام؟ وما هي آلياته
في التحكم والسيطرة؟ في أعقاب زيارات
متكررة للكويت؛ تيسَّر لي،
بمعية نخبة من العلماء
والمفكرين زيارة د. عبد الله
النفيسي، أبرز من فصّل في نظرية
« المركز – الهامش»، خاصة بعد
هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد رموز القوة
الغربية. النظرية التي تفسر، في
العمق، كيفية اشتغال النظام
الدولي. وفي سياق النقاشات التي
دارت بيننا وبينه، حول النوازل
التي تعصف بالأمة؛ سألناه عن
رؤيته للثورات العربية والموقف
الدولي منها. فأخرج لوحا يحتفظ
فيه برسم يفسر الموقف، طبقا
للنظرية، كما في الشكل. وكما يشير
الرسم؛ فالعالم ينقسم إلى «
مركز » تمثله القوى العظمى،
صاحبة العلم والمعرفة والقوة
والرأسمال، والهيمنة على
المؤسسات الدولية ومنظوماتها
القانونية والتشريعية، و« هامش
» يدور في فلكه، ولا يستطيع
الفكاك منه مهما كان الثمن
باهظا. هذا النظام الدولي يمتلك
على الأقل أربع آليات للتحكم في
« الهامش» والسيطرة عليه، وهي
بإيجاز شديد: • التسلح. يحتكر
« المركز» العلوم ومصادر إنتاج
المعرفة والتكنولوجيا والتصنيع.
وعبر قوانين التسلح والمراقبة
وحق التصنيع والتطوير والتصدير
ونوعية السلاح وكميته، يمكن
للدول المصنعة التحكم في صناعة
الحروب وآجالها، مثلما تتحكم في
حالتي الردع واللاحرب
واللاسلم، وتحدد المنهزم من
المنتصر في أي صراع. • النفط. ف «
المركز» هو الذي يتحكم، عبر
منظمة الأوبيك، في السيطرة على
مصادر الطاقة والإنتاج والسعر
والثروات واتجاهاتها الدولية ...
فما يتم استخراجه وتسويقه يقع
تحت طائلة سياسة العرض والطلب.
كما أن الثروات التي تجنيها
الدول المنتجة في « الهامش » يتم
إعادة تدويرها باتجاه « المركز»
الذي يحتفظ بها في بنوكه. لذا لا
نستغرب وجود دولا نفطية غارقة
في التخلف والديون. • الغذاء. لتحقيق
نتائج سياسية تستجيب لتطلعات
الغرب، يستطيع « المركز» عبر
المؤسسات الدولية وأنظمة
العقوبات والمراقبة والتدخل،
وبدعم من القوة المسلحة أن يفرض
على أية دولة أو مجموعة أو حتى
فرد حصارا خانقا ومدمرا للمجتمع
والدولة. ويستطيع أن يعرقل
الأمن الغذائي في أية دولة تخرج
عن سياساته أو تضر بمصالحه
الإنتاجية والسياسية. ومن طرائف
الثورات رد الرئيس المصري على
مشروع يحقق للبلاد اكتفاء ذاتيا
في إنتاج القمح حين قال: « كده
بنزعل أمريكا» !!! • العولمة. ف «
الهامش» واقع تحت تأثير ما
تفرزه الحضارة الغربية من قيم
وثقافة ومعلومات عبر وسائل
الإعلام والاتصال الدولية التي
يمتلكها « المركز» بإمكانياته
الضخمة، وبمنتجاتها الرقمية
الثقيلة. وهو ما يجعل الثقافات
المحلية والرصيد الحضاري وحتى
العقدي عرضة لاختراقات بالغة
الخطورة، حيث يكسب « المركز»
باستمرار بينما يظل « الهامش»،
بوصفه المستهلك، الخاسر الأكبر
على الدوام. بطبيعة الحال
فإن قدرة « المركز» على التحكم
والسيطرة تتفاوت وتتباين حتى في
الوسائل، لكنها في المحصلة
قادرة على حماية النظام حتى لو
اشتمل على دول ذات نفوذ سياسي
كبير في الساحة الدولية كالصين
وروسيا أو نفوذ اقتصادي
كالمكسيك والبرازيل أو دول
متطورة في آسيا كالهند وماليزيا
وكوريا وبعض البؤر الصناعية
المتقدمة في « منطقة الهامش».
فما هي مكانة العرب أو العالم
الإسلامي في مثل هذا النظام؟ الثابت أن «
المركز» لم يتوقف عن التدخل
المسلح أو عبر نظم العقوبات
والاغتيالات والانقلابات في
قارات العالم بما فيها الدول
العربية والإسلامية بما يحفظ له
الأمن والتفوق الدائمين. لذا
فإن كل ما يسمى ب « دول الحدائق
الخلفية» لا تستطيع مجرد
التفكير في النهوض اجتماعيا أو
اقتصاديا أو علميا ناهيك عن
التحكم في مستقبلها قبل أن تفكر
بثمن اختياراتها وتوجهاتها
الاستراتيجية بحيث تتوافق مع «
المركز». في الحالة
العربية يكفي معاينة المحاولة
العراقية في النهوض العلمي وهي
توأد، بحملة دولية عسكرية، قبل
أن ترى النور، ودون الاضطرار
لغطاء من المؤسسات التابعة
للنظام الدولي نفسه. ولو
انطلقنا من حالة الثورات
العربية سنشهد كلاما صريحا حول
موقف « المركز» منها. فرغم
التحفظات التي يبديها الروس
والصينيون بين الحين والحين،
ولأسباب معلومة، فإن « المركز»،
يجتمع في محافله على دعم
الثورات الشعبية العربية! فهي،
الثورات، من الأحداث التي
يستحيل تجاهلها أو معاندتها،
بشهادة الصحف الغربية ووسائل
الإعلام التي أدركت، كما، صحيفة
الغارديان البريطانية (23/3/2011)،
أن الثورات هي: « حركات لا يمكن
لأحد إيقافها». لكن واقع الأمر
أن الدعم الغربي يقع في نطاق
النظام الدولي وليس خارجه ..
نظام تمثل إسرائيل مركزه في
العالم العربي. وهذا يعني أن أي
دعم دولي لا بد وأن يتوافق مع
المصالح الغربية بما يحفظ
استمرار النظام وهيمنته. ولا
يخفى على متابع ما قاله الرئيس
الأمريكي ( 5/3/2011) بصريح العبارة
بعد سقوط الرئيس المصري: « إن
القوى التي أطاحت بالرئيس حسني
مبارك يجب أن تتعاون مع
الولايات المتحدة وإسرائيل».
فكيف يمكن أن تستوي الحرية مع
الهيمنة والاغتصاب!؟ فما الذي
يمكن ملاحظته في هذا التناقض
العجيب؟ الوحيد الذي قدم
تفسيرا لهذه الرؤية الغربية
للمنطقة، دون أن تجد لها صدى،
كالعادة، هو نعوم تشومسكي، عالم
اللغويات اليهودي، حين كتب في
صحيفة الغارديان (5/2/2011) معلقا
على الثورات العربية بالقول: «
إن ما يقلق واشنطن ليس الإسلام
المتطرف بل نزوع دوله إلى
الاستقلال»، مشيرا إلى أن
واشنطن وحلفاؤها: « يتقيدون
بالمبدأ الراسخ القائم على
تَقبُّل الديمقراطية طالما
أنها تتفق مع أهدافهم
الإستراتيجية والاقتصادية، فهي
مقبولة لديهم في بلد العدو حتى
مدى معين، ولكن ليس في ساحتنا
الخلفية ما لم يتم ترويضها».
تفسير ينطبق عليه القول المأثور:
« وشهد شاهد من أهلها»!!! فالدول
العربية، منذ انهيار الخلافة
وحتى اليوم، ممنوعة من نيل
استقلالها. فهل ثمة غرابة أن
ينشأ الاستبداد في واقع
استعماري؟ وهل من العجب أن يقول
أحد الكتاب: « إن الدول العربية
محتلة من الداخل»؟ الحقيقة أنه لا
غرابة ولا عجب. فلما لا تجد
النظم ردا لديها على مطالب
الشعوب، في أول مساءلة جدية لها
عن دورها وفعلها طوال عقود، إلا
توجيه المدافع والدبابات
والطائرات ضد صدور الناس
العارية فهذا أدعى إلى القول
بأن الدول العربية لا تزال،
فعلا، ترزح تحت الوصاية
الأجنبية. أما الحكام فلا يبدو
أن أحدهم تجاوز، بعد، صفة «
المندوب السامي» برتبة ما !!! أما في الحالة
الإسلامية فليس من المسموح أبدا
وصول القوى الإسلامية إلى
السلطة مهما كانت لبراليتها،
وحتى لو استدعى ذلك مذابح دموية
وتشريد واعتقالات وتعذيب بلا
حسيب أو رقيب أو أية مسؤولية.
ولعل تجارب الإخوان المسلمين في
مصر وسوريا وكذا جبهة الإنقاذ
الإسلامي في الجزائر من
المؤشرات البارزة على هذه
السياسة. وكل ما هو متاح أمام
هذه القوى هو تعريضها الدائم
لاستنزاف عقدي يلتقي بالمحصلة
مع قوى محلية ( علمانية أو
إسلامية) موالية للغرب أو
متماهية مع أطروحاته، وليس لها
من مهمة إلا دعم النظم القائمة
والتشويش على القوى الأخرى
وإحباطها والحيلولة دون أي نهوض
إسلامي. وحدها القاعدة،
ومعها جماعات التيار الجهادي
العالمي، من « خرج » على «
المركز»، وتجرأ عليه في عقر
داره، ورفض هيمنته، ونفذ
تهديداته في سلسلة من الهجمات
المدمرة في 11 سبتمبر 2011، لم تكن
أهدافها إلا رموزا للقوة بحيث
يكون ل « الخروج » صداه العالمي. ولأول مرة، بعد
الحرب العالمية الثانية، يشعر «
المركز» أنه يواجه تحديا غير
مسبوق، يستدعي منه إجراءات غير
مسبوقة كي لا تنتقل المواجهة من
« الهامش» إليه. وعليه، فلأول
مرة، أيضا في التاريخ الإنساني،
يلجأ « المركز» إلى تجييش
العالم أجمع ضد جماعات مقاتلة
صغيرة، عبر التدخلات العسكرية
والمطاردات والاعتقالات
والسجون والتعذيب والقوانين
الدولية لمكافحة الإرهاب، وعبر
النظم المحلية وتشكيلاتها
السياسية والعسكرية والأمنية
والاجتماعية والثقافية
والعلمية والإعلامية والدينية،
ابتداء من القوى والرموز
اللبرالية والعلمانية
والأحزاب، مرورا بالفرق
الضالة، وانتهاء بأغلب جماعات
الإسلام التقليدي والوطني وحتى
الجهادي، لمحاصرة أي تحرك
يستهدف « المركز»!!! وهذا يعني أن
السعي إلى تطبيق الشريعة أو
إقامة دول إسلامية يمثل، بنظر
الغرب، التهديد الأعظم للمركز.
لذا لا يمكن أن يمر دون حروب
طاحنة، قد تنتهي بتغيير معالم
النظام الدولي وقيمه وقواعده.
وعليه فقد تبدو جرأة لا حدود
لها، أن تصمد إمارات إسلامية،
في أفغانستان أو العراق أو
الشيشان، لفترة تقل حتى عن بضعة
سنوات، قبل أن تتعرض لغزو دولي
أو حروب استئصالية محلية ووحشية.
وهو الأمر ذاته الذي تتعرض له
حركة الشباب المجاهدين في
الصومال، والتي احتجزت
الولايات المتحدة الأمريكية،
عبر القوات الأفريقية، وصولها
إلى السلطة رغم أنها تسيطر،
فعليا، على قرابة 90% من وسط
وجنوب الصومال بما فيها العاصمة
مقديشو. هكذا أعلن
الغرب؛ ليس حربا على مثل هذه
الإمارات والقوى التي تقف خلفها
بل، حربا صليبية على الإسلام،
للحيلولة دون نهوضه تحت أي
مسمى، ومن أية جهة كانت. حرب
انضم إليها البوذيون والصفويون
والهندوس واليهود وكل خصوم
الإسلام وذوي المصالح
والمكاسب، بمن فيهم الدول
والجماعات الإسلامية التي عمدت
إلى تحشيد القوى المناهضة
والعلماء لاستصدار ما يلزم من
الفتاوى نزولا عند رغبة «
المركز» أو طمعا في تلقي الدعم
السياسي والأمني في مواجهة
الداخل أو حفاظا على مكاسب
موهومة!!! حرب صليبية صدرت
فيها فتاوى غير مسبوقة في
التاريخ الإسلامي، تمجد
الصليبيين وحكمهم وحقهم في قتل
المسلمين وغزو ديارهم وحتى تولي
أمرهم ... !!! حرب شنت فيها قوى
رسمية وشعبية حملات إعلامية
منظمة وفاضحة لتشويه الجهاد في
الإسلام والمجاهدين والزعم
بأنهم يقاتلون في سبيل الطاغوت
!!! وتجرأت فيها على تحريف
العقيدة والأحكام الشرعية لكي
تستجيب لاحتياجات « المركز». وبما أن التيار
الجهادي وجماعات تطبيق الشريعة
ودعاة التوحيد وأنصارهم وصفوا
الحكام المحليين بالطغاة،
وأعلنوا، حيث استطاعوا، خروجهم
على النظام فقد تم تصنيفهم
بأخطر الأعداء، والخارجون عن
ولاية الأمر. وتبعا لذلك تطابقت
مصالح « المركز» مع « الهامش »
في ضرب التيار وكل القوى
المتماهية مع أطروحته العقدية.
وغدا مشبوها ومتهما ومطاردا
وخطرا كل من يتلفظ ب « الطاغوت »
أو « التوحيد » أو « تطبيق
الشريعة » أو « قتال أمريكا » أو
تأييد « الجهاد » و « المجاهدين»
أو « الدفاع عن الإسلام» أو «
مقاومة التنصير » و « الإباحية »
أو مواجهة « اللبراليين» و «
العلمانيين » أو ... . تحالفات
ودفاعات لا يكسب من ورائها إلا «
المركز» ومن يخضع لطغيانه
وهيمنته، طوعا أو كرها، أما
الأمة فهي، بلا شك، الخاسر
الوحيد. بعد نحو عقدين
على « خروج » القاعدة المسلح
وتمردها على المركز، فوجئ
العالم ب « خروج » مدني على
النظم المحلية بصورة غير مسبوقة.
« خروج » اكتسح العواصم والمدن
والشوارع والساحات والقرى، ليس
له من مطالب، مبدئيا، إلا «
إسقاط النظم » و « محاكمتها » و «
استعادة ثروات الأمة» و « وقف
إهدار الموارد». والسؤال: هل
يمكن للثورات الشعبية أن تحدث،
وحدها، فارقا في مسار التخلص من
هيمنة « المركز» دون أن تلتحم مع
« الخروج » الأول؟ الحلقة القادمة: أشرار الثورات
والأمة ======================== الفرقاء إن يريدوا خيراً
يوفق الله بينهم د. مصطفى يوسف اللداوي "إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما"،
آيةٌ في كتاب الله عز وجل، وهي
قاعدة أساسية في أصول فض
النزاعات والخلافات، وإنهاء
التشتت والإنقسام، والقطيعة
والخصام، وعلى أساسها تبنى
نتائج الحوارات والمفاوضات،
فهي تضع الشروط الضامنة لحل أي
مشكلة، وتجاوز أي أزمة، وتنبئ
المحاورين مسبقاً بنتائج
الحوار، وترسم حقيقة المآلات
والنهايات، وفيها تأكيدٌ من
الله جلَ في علاه أن يوفق بين
الفرقاء، وأن يقرب بين وجهات
نظرهم، وأن يلقي في قلوبهم
المحبة والسكينة والوفاق، وأن
ينزع ما في قلوبهم من غلٍ وحقدٍ
وشحناء، ويزيل كل أسباب القطيعة
والخلاف، ولكن البارئ عز وجل
يشترط في المفاوضين حسن النية،
وسلامة الطوية، ونقاء الصدر،
وشفافية القلب، وأن تكون
مقاصدهم من الحوار نبيلةٌ
وشريفة، وغاياتهم صادقةٌ
وأمينة، فلا مصالح ذاتية،
وغاياتٍ فردية، ولا محاولاتٍ
كيدية، ومساعي تغريرية، ولا
مفاوضاتٍ سرية وقنواتٍ خلفية،
ولا محاولاتٍ للإلتفاف وجهودٍ
للإفشال، ولا رعاة مخادعين،
ووسطاء غير نزيهين، ولا أجواء
شحناء ومناخات فتنة، وإنما
قلوبٌ صافية، وضمائر حية،
ونوايا صادقة. فهل يدرك المحاورون الفلسطينيون في
القاهرة هذه القاعدة الربانية،
ويعرفون أن الله عز وجل يرقبهم
ويتابعهم ويعرف خبايا نفوسهم
وخفايا عقولهم، ويسجل عليهم
خطواتهم وسكناتهم وكلماتهم
وهمساتهم، فلا يستطيعون الكذب
عليه عز وجل، ولا خداعه ونفاقه،
ولا تضليله والمناورة عليه، وأن
نتيجة حواراتهم ولقاءاتهم
منوطة بمدى صدقهم وإخلاصهم، لذا
فإن عليهم أن يكونوا صادقين مع
الله أولاً ثم مع أنفسهم وتجاه
أهلهم وشعبهم، وأن يكونوا لهم
خير مندوبين ومفوضين، فالرائد
لا يكذب أهله، ولا يخون عشيرته،
ولا ينقلب على مصالحهم وشروطهم،
كما ينبغي أن تكون غايتهم
المصالحة، وهدفهم إنهاء
الإنقسام، واستعادة الوحدة
الفلسطينية، ولم شمل الشعب
الفلسطيني، وجمع شتاته الذي
أصابه التشتت والضياع،
واستعادة صورته النقية، وسيرته
البهية، ومقاومته الشريفة
الأبية، عل الله يبارك في
مساعيهم، ويكلل جهودهم بالنجاح
والتوفيق، ويحقق لهذا الشعب
المعنى آمانيه وطموحاته، ويلبي
آماله وغاياته، ويستجيب إلى
دعوات نساءه وأطفاله، ونداءات
المخلصين من أبناءه، ويحفظ دم
شهداءه، ومعاناة أسراه وجرحاه،
ويعوض أهلهم على ما أصابهم
خيراً، والشرط الرباني لنجاح
المفاوضات والحوارات واضحٌ جلي
لا لبس فيه ولا غموض، فهو النية
الصادقة، والمسعى الخالص،
والله هو الشاهد على ذلك والحكم
عليه. النية الصادقة والرغبة في الاتفاق تعني
أن نجرد أنفسنا من حظوظ النفس،
وحسابات الذات، والمصالح
الخاصة، والمكاسب الفئوية، وأن
نبدأ من ساعتنا في وأد كل أسباب
الفتنة والخلاف، وتجاوز كل
معوقات المصالحة والاتفاق،
ولنتفق على رجلٍ جامعٍ، حكيمٍ
صادقٍ مشهود له بالسيرة الحسنة،
ونقاء الصفحة، وخلو ماضيه من
التآمر والتحايل والفساد،
ويكون محل إجماعٍ من كل
الأطراف، ورضى من كل الأهلن
والشعب الفلسطيني فيه الكثير من
الشرفاء الأطهار الأنقياء، من
ذوي الخبرة والكفاءة والسيرة
العطرة الحسنة، ممن لهم سابقة
في المقاومة والمعاناة، وقدموا
تضحياتٍ بالمال والنفس والولد،
ولديهم الاستعداد الصادق لأن
يكونوا في خدمة شعبهم كله، وأن
يرفعوا عنه المعاناة ما
استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ممن
لا يلتزمون بغير العهد مع
شعبهم، والميثاق مع أهلهم، ولا
يلجأون إلى عدوهم، ولا يستنصرون
به على شعبهم، فهؤلاء لا نتشرف
بهم، ولا نقبل أن يكونوا على سدة
الحكم في أرضنا، ونخجل من طرح
أسماءهم قادةً لنا، ورؤساء
لحكوماتنا، وفي الشعب
الفلسطيني من لا يرى في المنصب
تشريفاً بل تكليفاً، ومن يعتبره
أمانةً وتمحيصاً وابتلاءاً
واختباراً، ومن يراه مغرماً لا
مغنماً، ومضماراً للتنافس في
خدمة الشعب وليس مجالاً للكسب
والإثراء والمنفعة الذاتية
الشخصية. النية الصادقة تعني المباشرة الفورية في
وقف كل الحملات التحريضية
والدعائية ضد الآخر، والتخلص من
كل الأوهام والشروط السابقة،
والانعتاق من كل المرجعيات
المتآمرة، والالتفات إلى مصالح
الشعب الفلسطيني، الذي دفع وحده
دون غيره ضريبة الانقسام،
حصاراً وحرماناً وقتلاً
وعدواناً، وجوعاً ومرضاً
وموتاً، وتشويهاً للصورة،
وحرفاً للبوصلة، وتشتتاً
للجهود، وضياعاً للفرص، ولتكن
وقف حملات التحريض هي الخطوة
الأولى في مسيرة الوفاق، فلا
أبواق فضائية تتهم وتخون وتشحن
وتحرض، ولا أقلام وصحافة تجدف
وتشوه وتسعر نار الفتنة، ولا
قادة ومسؤولين يخربون ويفسدون
حرصاً على مصالحهم، وخوفاً على
مناصبهم، وأملاً في بقاء الحال
على ما هو ليكون لهم دور ووظيفة،
إذ لا قيمة لوجودهم في ظل معافاة
الوطن وسلامة صفه واتفاق أهله. النية الصادقة تعني توفير العيش الكريم
لكل أبناء الشعب الفلسطيني،
وعودة جميع العاملين والموظفين
إلى أعمالهم وظائفهم، وإعادة
رواتبهم ومستحقاتهم، والتوقف
عن إجراءات الفصل التعسفي،
والحرمان الوظيفي على قاعدة
الانتماء الحزبي والتنظيمي،
فلا محاربة لأبناء الشعب في
لقمة عيشهم، وفي قوت أسرهم
وحليب أطفالهم، فهؤلاء جميعاً
هم أبناء الشعب الفلسطيني،
وكرامتهم كرامة لنا جميعاً،
وعزتهم عزة للوطن كله، ومهانتهم
ضعفٌ للشعب وكسرٌ لشوكته،
وإضعافٌ لصموده وإرادته، ولعل
عودة جميع العاملين من كل القوى
والفصائل إلى أعمالهم، يعيد رسم
الصورة الجميلة للشعب
الفلسطيني، الصورة القائمة على
الوحدة والتفاهم والالتقاء، في
ظل التنوع والتميز والاختلاف،
التي تعني القوة والتحدي
والإرادة. النية الصادقة تعني تبييض السجون كلها،
والإفراج عن المعتقلين جميعاً،
فلا شئ يؤلم النفس ويدمي القلب
ويوخز الضمير أكثر من المعتقلين
في السجون الفلسطينية، ولا شئ
يرضي أهلنا ويدخل الفرحة
والمسرة في قلوبهم سوى رؤية
أبنائهم أحراراً طلقاء، فلا أمن
يلاحقهم، ولا محققين يجلسون
معهم، ولا سجانين يعذبونهم
ويسيؤون إليهم، ولا ملاحقات
واستدعاءات أمنية لهم، ولا
شهادات سلامة تبرؤهم، وأخرى
تدينهم، ولا معلومات أمنية تقدم
إلى العدو عنهم، فلا مكان في ظل
المصالحة لمكاتب التنسيق
الأمني، وتبادل المعلومات
المشتركة، وإنما لجانٌ وطنية
مشتركة، تضم كل القوى
الفلسطينية، وأطياف الشعب كله،
ممن يحرصون على الوطن، ويؤمنون
بوحدة الأرض والشعب، ويسعون إلى
التحرير والانعتاق وبناء
الدولة والاستقلال. كلام الله الخالد هو الحق الفاصل المبين،
وهو الصدق والعدل واليقين، فإن
كانت النوايا صادقة، كانت
النتائج مرضية، وسيباركها
الله، وإن كانت النفوس خبيثةٌ
مريضة، تسعى لمصالحها، وتخدع
شعبها وأهلها، فإن النتيجة
ستكون انقساماً أعمق، وخلافاً
أشد، وفرقةً أبعد، وسينزع الله
البركة منهم، ولن تكون فيهم
الخيرية، وسيأتي من بعدهم من
ينقلب عليهم ويرفضهم
ويستبدلهم، لأنهم يكذبون ولا
يصدقون، ويتآمرون ولا يخلصون. ========================= مجازر النظام السوري ...
وصمت الجامعة العربية محمد حسن فقيه انطلقت شرارة الثورة السورية في منتصف
شهر آذار مارس من عام الثورات
العربية ، بعد انطلاقتها في
تونس ومصر، وكان الرد على هذه
المظاهرات من طرف النظام ردا
قمعيا بشكل وحشي وهمجي ، رغم
سلمية الثورة ومطالبها العادلة
في الحرية والعيش الكريم
والعدالة وحقوق المواطنة . كان التعامل مع مطالب هذه الشعوب التي
خرجت تنادي بحقوقها المسلوبة
مخزيا وعدوانيا من قبل النظام ،
وكان رد الفعل بوليسيا وبشكل
قمعي ، كأنما ينفذ عملية
انتقامية ضد شعبه انتصارا لثأر
قديم ، ويحفر هوة عميقة ويؤسس
حاجزا بينه وبين الشعب ، لقد
اعتقل النظام المستبد أكثر من
خمسة عشر ألف مواطن من رجال
وشباب وأطفال هذا الوطن من شتى
الأطياف والأعراق والإثنيات ،
وجرح الآلاف من المواطنين العزل
من شباب ونساء وشيوخ وأطفال ،
وتعامل الشبيحة والمأجورون
المرتزقة مع المواطنين في المدن
والقرى التي خرجت بمظاهرات ضد
هذا النظام المستبد بطريقة
إذلال مهينة ، تعبر عن المستوى
المتخلف والمنحط ، لتلك الأكوام
البشرية التي تفتقر إلى أدنى
مقومات العروبة والوطنية ...
والإنسانية ، وسقط خلال هذه
الفترة من عمرهذه الثورة الفتية
حتى اليوم علي أيدي أجهزة القمع
والبطش من شبيحة وعناصر أمن
حماية الطاغوت والعناصر
المرتزقة الأعجمية المستوردة
من مكبات القمامة العفنة لقتل
أبناء الشعب السوري الأعزل ، ما
يقرب من الفي شهيد بالأسماء
الموثقة من خيرة شباب هذا الوطن
الأغر ، مسجلة أسماؤهم لدى
الجهات الحقوقية والمنظمات
الإنسانية ، وأما الأعداد
الحقيقية على أرض الواقع فهي
أضعاف ذلك ، كما هاجر هربا من
بطش النظام عشرات خارج سورية
طلبا للأمان في بلدان الجوار . كل العالم يشاهد كل يوم ما يحدث في سورية
من قتل ودمار وترويع وحصار
ومجازر ضد أبناء هذا الشعب
الأبي الأعزل ، وكل يوم يمر يسفح
فيه دم جديد وترتكب انتهاكات
ومجازر جديدة بحق أبناء هذا
الشعب . والعالم ينقل على محطاته الفضائية الحرة
ما يحدث من مجازر ومخاز على أرض
سورية ، واستنكارات العالم الحر
ومنظمات حقوق الإنسان والأمم
المتحدة والشعوب العربية الحرة
، تستنكر ما يحدث وتندد بجرائم
النظام السوري المستبد ضد أبناء
شعبه ووطنه . كل هذا يجري وسط صمت عربي رسمي مطبق يدعو
إلى الإشمئزاز ويثير الكثير من
التساؤلات . لكن الموقف الأشد والأنكى من موقف هذه
الحكومات والأنظمة السلبية ،
التي تخشى على كرسيها من السقوط
إذا امتدت عدوى الثورة لشعوبها
وانتفضت ضدها، هو صمت الجامعة
العربية التي تعتبر ممثلا عن
الأمة العربية ، وتعتبر نفسها
مدافعة عن حقوقها ومصالحها . فهل مهمة الجامعة العربية الدفاع عن حقوق
الأنظمة أم حقوق الشعوب ؟ لا شك أنه لا خلاف على الموضوع وهو يكمل
بعضه بعضا عندما يكون النظام
لخدمة الشعب والحفاظ على مصالحه
، ولكن كيف يصبح الموقف عندما
يتحول النظام إلى عدو ضد الشعب ،
عندما يقتل ويسفك وينفذ المذابح
وينصب المشانق ويضرب الحصار ضد
شعبه الأعزل ، فيجوعه ويهينه ...
ويذل من بقي منه خارج السجون
والمقابر الجماعية . هل ينتهي عندها دور الجامعة العربية
لأنها لا تتدخل في الشؤون
الداخلية حتى لا تثير حفيظة
الحكام ... حتى لواعتقلوا أبناء
شعوبهم وقتلوا وأبادوا وسفكوا
واستباحوا الحرمات ... وهجروا
شعوبهم خارج بلدانهم وشتتوهم ؟ !
إن صمت الأنظمة العربية وحكوماتها جراء
ما يحدث في سورية شيطان أخرس . أما صمت الجامعة
العربية فهو خيانة للعروبة
والدم العربي الذي يسفح على
أيدي المستبدين من مجرمي هذه
الأنظمة الشمولية وأجهزتها
القمعية الفاسدة بدم بارد . إنه الصمت
الحرام على المؤامرة والجريمة
المنظمة ضد الشعوب ، بل إنه
بمثابة شراكة حقيقية في الجريمة
التي تطال أحرار الوطن وشرفائه .
إن الثورات التي طالت الحكومات العربية
المستبدة ، يجب أن تطال هذه
الجامعة العربية المتخاذلة ضد
شعوب الأمة العربية ، فما هي إلا
من صنيع تلك الأنظمة المستهلكة
، وما هي إلا صدى لسلوكياتهم
ومناهجهم القمعية الفاسدة . فتاريخ تخاذلها من قضايا الشعوب والأمة
العربية يجب أن يتوقف ويعاد
ترتيبها على مستوى التغيير
والثورات في المنطقة ، وإلا فهي
جزء من هذه الأنظمة الفاسدة ،
والثورة ستطالها كما طالت تلك
الأنظمة الفاسدة . لم نتعود من هذه الجامعة أمام أحداث الأمة
الجسام واستهداف الأعداء لشعوب
الأمة العربية وكرامتها ، إلا
أن تتلو هذه الجامعة على
المجتمعين قرارات جاهزة قد
استلمتها من الخارج حتى دون
مراجعتها أو تعديلها ! تعودنا منها أن تهب مسرعة وتجتمع على جناح
السرعة لعقد اجتماعات وزراء
الداخلية لوضع خطط سريعة ،
واتخاذ قرارات حاسمة ... وحازمة ،
لمحاصرة الأصوات الحرة من
المعارضات العربية التي هربت من
بلدانها وأنظمتها المستبدة ،
بسبب جريمة رأيها الحر وفكرها
النير ، فاجتمعوا لمحاصرتها
والتضييق عليها وسن قوانين
ظالمة لتسليمهم فيما بينهم ! . حتى أسلحتها المشرّعة ضد أعداء الأمة في
القضايا المصيرية ، لا تتعدى في
أقصى حالاتها أكثر من التنديد
والشجب والاستنكار . حتى هذا السلاح الهزيل المثلوم لم
تستخدمه الجامعة العربية ، تجاه
آلة البطش الوحشي التي ينفذها
النظام السوري ضد شعبه الأعزل ،
وما يقوم به من مجازر وحصار
ومذابح . متى سيستفيق ضمير هذه الجامعة العربية ،
وتعلن سحب الشرعية عن هذا
النظام المجرم ؟ ونحن نسمع
حكومات أجنبية ومنظمات دولية
تعلن ذلك . إذا لم يصحو ضمير الجامعة وتغير نهجها
وترتقي بمواقفها إلى مستوى
الوطنية والنزاهة والإنتصار
للشعوب المظلومة وتنحاز إليها
ضد أنظمتها الظالمة المستبدة ،
عندها تتحول هذه الجامعة إلى
عالة وبلية على الأمة العربية ،
وتصبح هي بحد ذاتها عبئا ثقيلا
ومشكلة تحتاج إلى التغيير،
حالها كحال تلك الأنظمة الفاسدة
المتهالكة . إن هذه الجامعة العربية إن لم تلحق بالركب
، وتواكب قضايا الأمة العربية
وشعوبها المنتفضة الثائرة ،
فإنها بحاجة إلى ثورة سياسية
فكرية ثقافية انسانية وطنية
إسلامية عروبية شاملة ، أسوة
بالثورات التي تطول الأنظمة
الشمولية ، حتى تغير جوهرها
وهيكلها وفكرها وجميع آلياتها
المتخلفة القديمة وسياساتها
المنحازة ضد الشعوب ، ومواقفها
الخانعة الذليلة . هذه الجامعة إذا أرادت أن تطور نفسها ،
وتفرض هيبتها ويحترمها القريب
والبعيد والصديق والعدو ، يجب
أن تنتصر لمظلومية الشعوب
المسحوقة ضد جكامها المستبدين ،
معتمدة على قوة عسكرية ضاربة
تشكل إلى جانب نشاطها السياسي
والدبلوماسي ، تضم متطوعين من
جميع شعوب البلدان العربية ،
وليس مرسلة من الأنظمة ولا
ممثلة عنها ، لتصون الدم العربي
المسفوح سواء كان بمؤامرة
أجنبية خارجية تهدد كيان الأمة
وكرامتها ، أو عربية داخلية
داخلية من الأنظمة القمعية
المستبدة ضد جيرانها وشقيقاتها
، أو ضد شعوبها المسحوقة ، فحرمة
هذا الدم العربي واحدة ، ويجب أن
يصان من الجامعة العربية
الجديدة سواء كان مستهدفا من
عدو أجنبي خارجي أو نظام مستبد
فاسد عربي . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |