ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حسام
مقلد * كثيرون
هم من كانوا يتهمون العقل
العربي بالضحالة وينعتون
القريحة العربية بالعقم
والنضوب وعدم القدرة على
الإنجاز الحضاري، ويصفونها
بالعجز عن مجاراة العقلية
الغربية ولو حتى في إبداع بعض
العبارات أو المفردات
والتراكيب اللغوية المبتكرة في
أي مجال من مجالات الحياة، وظل
هذا الوضع البائس على هذه الحال
المذرية حتى فاجأ الشباب العربي
العالم بثوراته العارمة في عدد
من العواصم العربية، وهنا بدأ
القاموس السياسي والاجتماعي
العالمي يثرى وينتعش بعد تعرفه
على أحدث الابتكارات العربية في
هذا المجال، وبدأت وسائل
الإعلام العالمية في تغطياتها
للربيع العربي تبث وتردد
الكلمات والمصطلحات الجديدة
التي صكتها القريحة العربية
الحداثية الجديدة على ألسنة
الزعماء والقادة العرب أو من
خلال وسائل إعلامهم الببغاوية،
ومن هذه المصطلحات: (جرذان، زنقة
زنقة، جراثيم، مندسين، شبيحة،
بلطجية، بلاطجة، فلول، ثورة
مضادة...إلخ). وطبعا
يختلف تفسير معنى ومدلول هذه
المصطلحات من شخص لآخر، كما
يختلف الموقف منها بالقبول أو
الرفض بحسب مصلحة كل طرف من
المعنى المقصود، فمن اعتبرهم
القذافي ونظامه جرذانا
يُعِدُّهم الشعب الليبي ثوارا
ومجاهدين شرفاء يقاومون بطش
وجبروت الطاغية الذي حكمهم وجثم
على صدورهم أكثر من أربعة عقود،
ومن استعان بهم نظام مبارك
لمواجهة المتظاهرين في ميدان
التحرير وزودهم بما يحتاجون
إليه من عدة وعتاد كالحمير
والجمال والخيول والعصي
والحجارة هم عينهم البلطجية من
المجرمين والرعاع وأرباب
الجرائم ورد السجون أو من
يوصفون في مصر بكلمة (سوابق، أو
مسجلين خطر) ومن يعتبرهم النظام
السوري مندسين وجراثيم وعملاء
وخونة ومتآمرين على سوريا الحرة
المقاومة الممانعة (...!!) هم
أنفسهم أبناء الشعب السوري
الطيبين الثائرين غضبا
لكرامتهم الذين يناضلون أعتى
وأشرس الأنظمة العربية من أجل
نيل حريتهم والعيش بكرامة كبقية
خلق الله !! وفي ظل
هذه الفورة الشبابية، ومع
ازدياد زخم الثورات العربية
وتفشي استخدام مصطلحاتها
الجديدة خفت حديث الإفك الذي
كانت تردده الأنظمة العربية
البائدة التي تهاوت، أو تلك
التي في طريقها إلى السقوط
والانهيار، فلم نعد نسمع في
تونس عن (المعجزة الاقتصادية)
التي حققها نظام ابن علي، ولم
نعد نسمع في مصر قصائد الغزل في
حكمة الرئيس المخلوع مبارك التي
ظلوا يوهموننا بأن قادة وزعماء
العالم يرتشفون من ينبوعها
الصافي ، فتحت رعاية فخامته
وبإشارة واحدة من سبابته كان
الزعماء يجتمعون وحوله يتحلقون
لينهلوا من حصافته وحكمته
وبُعْدِ نظره، وفي غضون أيام أو
أسابيع لم نعد نسمع في مصر عن
شباب (لجنة السياسات) وعبقريتهم
السياسية والاقتصادية و(الحكومة
الذكية) التي جنَّبت مصر ويلات
الأزمة المالية العالمية وحققت
نموا فاق كل التوقعات(طبعا كان
للبشوات فقط!!) ولم نعد نسمع شيئا
عن طرائف وابتكارات سيف الإسلام
القذافي التي لا تقل غرابة عن
طرائف والده المفكر الفيلسوف
الحبر العلامة الفهيم الفهامة
ملك ملوك أفريقيا، وصاحب
النظرية العالمية الثالثة التي
ملأت الأرض الليبية عدلا ونهضة
ورقيا وتقدما، حتى غزا الشعب
الليبي الفضاء بعد أن امتلك
الأرض وحقق أقصى درجات الرخاء
والرفاهية والازدهار !! ألا يكفي
دليلا على عبقرية الزعيم الليبي
الأخ العقيد أن نشاهده في مخبئه
تحت الأرض وهو يلعب الشطرنج مع
بطل العالم، بينما طائرات حلف
الأطلنطي تدك قصوره الرئاسية
فوق الأرض!! أليست هذه عبقرية ؟!!
هل عرف العالم إبداعا أروع من
هذا؟!! غير
أننا في زحمة الثورات العربية
وفي غمرة انشغالنا بمطاردة
البلطجية والفلول والشبيحة من
شارع لشارع ومن حارة لحارة ومن
زنقة لزنقة ومن بيت لبيت...يجب أن
نتذكر مصطلحات أخرى يمكنها أن
تقض مضاجعنا قريبا لا سمح الله
من قبيل: الجوع، الفقر، أزمة
أنابيب الغاز، شهداء طوابير
الخبز، نقص الوقود، تفشي ظاهرة
البطالة والعاطلين عن العمل،
تفاقم أزمة الديون، شبح الإفلاس...إلخ!!
وما أزمة اليونان منا ببعيد!! كما
يجدر بنا أن نحزم أمرنا سريعا
ونحسم مواقفنا بخصوص مصطلحات
وقضايا خطيرة مثل: الدولة
المدنية، العدالة الاجتماعية،
الحرية، الديمقراطية، احترام
رأي الأغلبية، عدم الالتفاف على
إرادة الشعب، احترام حقوق
الإنسان، وقف المحاكمات
العسكرية، التوافق أو الوفاق
الوطني، قبول الآخر والتوقف عن
إقصائه وتهميشه، نشر ثقافة
التسامح والتغافر والتكافل
والتعاون، تقديس العمل والحرص
على إتقانه وإنجازه على أكمل
وجه. ويتوجب
علينا بعد الثورة إلغاء
المصطلحات التالية من قاموس
حياتنا قولا وعملا: الفهلوة،
التهليب، الواسطة، المحسوبية،
شيلني وشيلك، فتَّح دماغك،
ملناش دعوة، على قد فلوسهم،...وغير
ذلك من الكلمات والعبارات التي
تكرس ثقافة السلبية والأنانية
في المجتمع، فهذه البلد هي
بلدنا، وهذا الوطن هو وطننا،
وهذه الأمة هي أمتنا، ومصلحتها
هي مصلحتنا؛ فما يصيبها من
مكروه فنحن أول المكتوين بناره،
وما تحققه من تقدم ورخاء
وازدهار فسنكون من المستفيدين
به، فلم نعد مهمشين مغبونين كما
كان في السابق!! *
كاتب مصري. ========================== مازن
ميالة لا
يستطيع الباحث أو المراقب ألا
يلحظ البون الشاسع في مواقف دول
العالم العربي ومختلف الدول
الاقليمية والمجتمع الدولي من
انتفاضة الشعب السوري من جهة،
وبقية الاحداث والانتفاضات
الاخرى في العالم العربي من جهة
أخرى. ولا
أعتقد أني بحاجة الى تذكير
القارئ بمواقف الدول التي تقود
ما يسمى بالمجتمع الدولي قبل
بضعة أسابيع او في الحد الاقصىى
شهور قليلة، حين اتخذت أو اضطرت
لاتخاذ مواقف واضحة وصريحة بعد
اسبوعين أو ثلاثة من أحداث
انتفاضة تونس ومن بعدها مصر
يدعو الى استقالة رأس النظام في
الدولتين. ولم يستغرق الامر مدة
اسبوع في ليبيا، حتى تسابق
زعماء العالم الغربي والعربي
الى رفع الغطاء وسحب الشرعية عن
نظام القذافي وبدؤوا في دعوته
للاستقالة. أما
فيما يتعلق بسوريا، الامر يختلف
جذريا. ثلاثة شهور من القتل ومنع
اسعاف الجرحى أو قتلهم في
المستشفيات والاعتقال والتعذيب
حتى الموت في أقبية الارهاب،
والاحتلال العسكري للمدن
والقرى الثائرة وحصارها، وقطع
للمؤن والماء والكهرباء
والاتصالات والادوية وحليب
الاطفال، وتعدي على الاعراض
والارزاق والممتلكات وسرقتها
وتخريبها وحرق للمحاصيل وقتل
للماشية. كل هذا يحدث ولم نسمع
بأن دولة ما قد سحبت الشرعية عن
هذا النظام الدموي وقطعت
العلاقات الدبلوماسية معه
وفيما عدا عقوبات مشكوك بجديتها
ومردودها لم تفعل هذه الدول
شيئا آخر. لم
نسمع بأن دولة عربية واحدة قد
عبرت عن مجرد أسف أو حزن لما
يصيب الشعب السوري من محن
وفظائع، أما جامعة الدول
العربية فهي تبدو وكأنها بعين
واحدة لا ترى بها، ربما تضامنا
مع حلف الناتو، سوى ليبيا
ودكتاتورها الوحيد الذي يسيء
الى سمعة العالم العربي
الحضارية، معمر القذافي. لا بل
الكثير ممن يسمون أنفسهم بزعماء
العرب، لا يجد أي حرج في أن يعلن
تضامنه مع أخيه الجزار وعصابته
على رأس النظام. أما الحلفاء في
محور المقاومة والممانعة "باستثناء
حماس" فقد هبوا هبة رجل واحد
لمؤازرة حليفهم السوري في مأزقه
ضد شعبه "المدجج" بسلاح
التوق للحرية والناكر لفضائل
العبودية والقهر والذل الذي
يغدق عليه بها حكامه. أما
روسيا فلا أجد تفسيرا لموقفها،
فيما عدا بعض المصالح التي
تربطها بالنظام، سوى أنها لا
تريد أيضا أن تزعل اسرائيل
وشخوصها او اللوبي التابع لها
في الخارجية الروسية، الذين لا
يرون بطبيعة الحال، بديلا
للنظام يخدم أهدافهم
الاستراتيجية. واذا كان الروس
أو الصينيين ينتظرون أن يأخذوا
ثمنا من الادارة الاميركية،
لموقف مختلف يدين النظام
السوري، فهم بلا شك على خطأ، لان
موقفهم الذي يحول دون ادانة هذا
النظام العاتي في الامم
المتحدة، لا يزعج الادارة
الاميركية، بل قد يفيد غاياتها
المستترة بالحفاظ على النظام
ويجنبها عار أن تكون هي من يكون
السبب في عدم ادانته. حتى
تركيا، التي تربطها بسوريا "نظاما
وشعبا" روابط الجوار ولديها
مصالحها الجيوسياسية
والاقتصادية، ورغم التهديد
الذي يمثله عدم الاستقرار في
سوريا للامن القومي التركي، فهي
لا تزال تسعى لتحقيق المهمة
المستحيلة في جر النظام الى
النزول ولو جزئيا الى تحقيق
رغبات الشارع السوري المحتج، من
خلال البدء الفعلي في اجراءآت
الاصلاح والاحجام عن التمادي في
استخدام العنف ضد المحتجين. هذا هو
قدرنا نحن السوريين. ليس لنا بين
الانظمة والحكومات حليف نعتمد
عليه. واذا أراد القارئ معرفة
رأيي في السبب الكامن وراء هذه
الحقيقة، فاني أدعوه لقراءة
موضوعين كتبتهما مطلع هذا العام
بعنوان "الانسان أولا" و"البقاء
للاسوأ" وهما موجودان على
موقعي على الفيسبوك. هذا
الامر سوف يعني بأن الثورة في
سوريا وبالنظر الى أهميتها
الاستثنائية على الصعيد
الاقليمي والدولي، سوف تكون
الأكثر كلفة ربما، لكنها مع ذلك
وبسبب ذلك، وبالرغم من بعض
المساعي للتدخل الخارجي،
وبالرغم من عدم نضوج البعض في
المعارضة لمستوى التحدي الذي
يفرضه مثل هذا الصراع بعدم
التمثل الكامل للمصلحة
الانسانية والوطنية العليا
للشعب السوري، ستكون وبفضل
الاغلبية الوطنية الواعية،
الثورة الاكثرنقاءا بين ثورات
المنطقة والثورة ذات الاثر
الاعمق على الصعيد الاقليمي. ===================== عبد
الله بن أُنيس الجُهَني ..الصحابي
الفدائي الداعية محمد
عادل فارس نشأته
وإسلامه: نشأ
عبد الله بن أنيس في يثرب،
حليفاً لبني سلمة، حتى غدا كأنه
أحد أبنائها، وقد أكرمه الله
بالسبق في الإسلام، فكان ممن
آمن على أيدي من بايعوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم بيعة
العقبة الأولى، وسرعان ما انضم
إلى صفوف الدعاة، فأخذ يدعو
الناس وينصحهم. حتى إذا جاء موسم
الحج، خرج مع قومه إلى مكة،
وبايع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في بيعة العقبة الثانية
على نصرة الله ونصرة رسوله... وما
إن عاد إلى يثرب حتى بدأ بالعمل...
فخرج مع بعض أصحابه إلى أصنام
بني سلمة وحطموها... وعندما رأى
بنو سلمة أوثانهم محطمة خافوا
أن تنتقم منهم!. لكن الأيام
مرَّت بسلام، فأدركوا أن هذه
الأوثان لا تضر ولا تنفع،
فأخذوا يدخلون في دين الله
أفواجاً... وفي
شهر المحرم من السنة الرابعة
للهجرة بلغ مسامعَ المسلمين أن
خالد بن سفيان زعيم هُذيل
يُعِدّ العدّة لغزو المدينة
المنورة، ويجمع الجموع في مكان
قريب من المدينة يدعى "نخلة"،
ورأى رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن هذه القبائل تجتمع حول
خالد بن سفيان، فإذا قُتل خالد
تفرق الجمع وانتهى الأمر، وفكر
فيمن ينتدبه لهذه المهمة،
فاستدعى عبد الله بن أُنَيْس
وأجلسه بجانبه وقال له: إنه قد
بلغني أن ابن سفيان يجمع لي
الناس ليغزوني، وهو بنخلة،
فأْتِهِ فاقتُلْه. قال: صِفْه لي
يا رسول الله حتى أعرفه! وأدرك
الجندي أمر قائده، لكن كيف
الوصول إلى خالد بن سفيان
والاقتراب منه لقتله؟! قال عبد
الله: يا رسول الله لابد لي في
مهمتي هذه أن أقول! [أي أن أخدع
الرجل ببعض الكلام حتى أتمكّنَ
منه] فأشار له رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن يقول ما بدا
له، فالحرب خدعة. وانطلق
عبد الله إلى أداء مهمته حتى وصل
"نخلة" فوجد خالد بن سفيان
مع بعض نسائه يختار لهن منزلاً.
قال: فلما رأيته وجدت ما وصف لي
رسول الله من القشعريرة، فأقبلت
نحوه فقال: مَنِ الرجل؟ قلت: رجل
من العرب سمع بك وبجمعك لهذا
الرجل فجاءك لهذا! قال: أجلْ،
أنا في ذلك، قال: فمشيت معه
شيئاً حتى إذا أمكنني حملتُ
عليه السيف حتى قتلتُه... فلما
قدمتُ على رسول الله صلى الله
عليه وسلم فرآني قال: "أفلح
الوجه". قلت: قتلتُه يا رسول
الله، قال: صدقت، وأعطاني عصاه
وقال: "أمسك هذه عندك يا عبد
الله بن أنيس" فقلت: يا رسول
الله لِمَ أعطيتني هذه العصا؟
قال: "آيةٌ بيني وبينك يوم
القيامة". فقرنها
عبد الله بسيفه، فلم تزل معه،
حتى إذا مات أمر بها فضُمَّت معه
في كفنه. عملية
جريئة: ومنذ
هاجر النبي صلى الله عليه وسلم
إلى المدينة المنورة، ووضع
اللبنة الأولى للدولة
الإسلامية... ما لبث اليهود أن
كشّروا عن أنيابهم وأخذوا
يكيدون للإسلام وأهله، وكان من
أشد الناس عدواة لله ورسوله ملك
يهود: أبو رافع سلاّم بن أبي
الحُقِيق أخو بني النضير، فقد
أخذ يحرض على قتل النبي صلى الله
عليه وسلم، ويحثّ الأعراب على
غزو المدينة ونهبها، ويوفد
الوفود للقبائل يدعوها للتحالف
مع يهود للانقضاض على المسلمين...
فرأى رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن أبا رافع يستحق الموت
جزاء ما يفعل، فانتدب جماعة من
أصحابه فيهم عبد الله بن أُنيس،
وجعل عبد الله بن عَتيك رئيساً
لهم لأنه يتقن لغة اليهود... وانطلقت
المجموعة الفدائية إلى هدفها
ليلة النصف من جمادى الآخرة سنة
ست للهجرة... فكانوا يسيرون
ليلاً ويكمنون نهاراً كي لا
يكتشف أمرهم حتى وصلوا خيبر،
فكمنوا حتى جنّ عليهم الليل،
واستطاع ابن عتيك أن يدبّر أمر
دخولهم إلى حصن اليهود دون أن
يشعر بهم أحد، فانتظروا حتى نام
من في الحصن وهدأت الأصوات... ثم
تقدّموا حتى وصلوا غرفة سلاّم
بن أبي الحقيق، فانقضّوا عليه
في فراشه وتناوشوه بسيوفهم في
الظلام، فأصابوه لكنه لم يمت،
فما كان من عبد الله بن أنيس إلا
أن تقدم بثبات وأنفذ السيف في
أحشائه حتى قتله، وأخذت زوجة
ابن أبي الحُقيق تصرخ فهُرع مَن
في الحصن إليها... وأسرع
المجاهدون بالنزول فانزلق ابن
عتيك وكُسرت رجله، فحمله عبد
الله بن أنيس فخرج به من الحصن. وافتقد
عبد الله بن أنيس قوسه، وظن أنها
سقطت منه في الحصن، فعاد ودخل
واختلط برجال الحصن وتظاهر أنه
يبحث عن القاتل مثلهم... حتى وجد
قوسه فأخذها وانسلّ خارجاً
بسلام!. وعاد
الفدائيون إلى المدينة، فلما
رآهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم ابتسم وقال: أفْلَحَتِ
الوجوه! فقالوا: أفلح وجهُك يا
رسول الله... وتحلّق الصحابة
حولهم يستمعون لما كان منهم،
وتنازع الفدائيون فيمن قتل
سلاّم بن أبي الحقيق، فكل يقول:
سيفي هو الذي قتله، فطلب رسول
الله صلى الله عليه وسلم
سيوفهم، فاستعرضها ثم قال:
لَسيفُ عبد الله بن أنيس هو الذي
قتله! أرى فيه أثر الطعام!. عاقبة
الغدر: واجتمع
اليهود بعد قتل مليكهم،
واختاروا لهم ملكاً جديداً هو
اليُسير بن رزام، وكان معروفاً
بالخديعة والمكر... وسار اليُسير
على خطى من سبقه يحرض الأعراب
والقبائل المجاورة على إعداد
العدة لقتال المسلمين ويبذل
المال لهم لهذه الغاية، حتى
وصلت أخباره إلى المدينة، فشاور
النبي صلى الله عليه وسلم
أصحابه في أمره فقرروا أن
يرسلوا إليه وفداً لإقناعه
بالكف عن التآمر على المسلمين،
ليجنّب قومه الحرب، فخرج عبد
الله بن رواحة على رأس وفد، فيه
عبد الله بن أنيس، حتى وصلوا
خيبر، فتحدثوا إلى اليُسير بن
رزام، وأقنعوه أن يأتي معهم إلى
المدينة ليأخذ الأمان لقومه من
رسول الله صلى الله عليه وسلم...
فاختار اليُسير مجموعة من شباب
يهود وخرج معهم بصحبة المسلمين
إلى المدينة، وأركب كل واحد من
المسلمين أحد اليهود معه على
راحلته، فكان اليُسير رديف عبد
الله بن أنيس... وسار الركب نحو
المدينة. وفي
الطريق أخذ اليُسير يفكر في
أمره مع المسلمين، فحدّثته نفسه
بالغدر، فقرر أن يقتُل عبد الله
بن أنيس، فيقوم مرافقوه بقتل من
معهم من المسلمين، ثم يعودون
إلى خيبر! فهجم بسرعة على سيف
عبد الله بن أنيس يريد أن ينتزعه
منه، وهو يصيح: يالثارات اليهود!
لكن عبد الله بن أنيس كان حذراً
فسلّ سيفه وضرب به ساق عدو الله،
فما كان من اليُسير إلا أن ضربه
بعمود من خشب فشدخ رأسه، وتمالك
ابن أنيس على نفسه وكرّ على
الغادر فقتله، وبادر بقية
اليهود، كلٌّ يريد أن يفتك
بصاحبه من المسلمين، فأجهز
المسلمون عليهم، ولم ينجُ منهم
إلا رجل واحد فرّ عائداً إلى
خيبر، وعاد المسلمون إلى مدينة
رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحدثونه عن غدر اليهود بهم، وما
ذاقوه نتيجة خداعهم! إنها
فراسة النبي صلى الله عليه وسلم
في أصحابه، وتكليف كل منهم بما
هو أهل له، وإنها الجندية
العالية والحصافة والشجاعة من
عبد الله بن أنيس، وإنه التكريم
لشأن الجهاد في سبيل الله. ((من
المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا
الله عليه، فمنهم من قضى نحبه،
ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا
تبديلاً)) ======================= جلال
/ عقاب يحيى من
زمان، زمان عقود نظام
الاستبداد، كتبنا الكثير
وأفضنا في تحليل بنيته الطبقية،
والاجتماعية، وارتكازاته
الأمنية، العسكرية، الطوائفية،
المظهرية.. ودخلنا مراراً لبّ
التحليل الطبقي والطبقوي،
وتجلياته الصارخة، وتلك
الرابضة في المخفي، والزوايا
الضامرة للعين التي لا تريد
التنقيب، وفصصنا كثيراً في "رأسمالية
الدولة" وكيف تخلق طبقة
بيرقراطية ليس لها من صفات
البرجوازية إلا الاسم، بينما هي
متوحشة، نهمة، ممسكة بكل
القرارات السياسية والاقتصادية
والاجتماعية، وهي ضد الحريات
الديمقراطية على طول الخط لأنها
أقلوية طبقية واجتماعية،
وأقلوية فئوية، وأمنية
الارتكاز، عسكرية القاعدة
الحامية، كما تناولنا بقوة صفات
البرجوازية الطفيلية التي نمت
في أحشاء النظام وعلى هوامشه،
ومساراتها، وشبكة علاقاتها،
وفحواها غير الإنتاجي.. ثم نمنا
طويلاً على فراش هذا التحليل
الطبقوي.. في حين كان نظام
الاستبداد التوريثي يمعن في
احتقاره لأدنى حقوق الشعب،
ويلبط بقوة الفشخرة والتبجح كل
إصلاح سياسي ولو شكلياً، ثم
يلتفّ على وعود الإصلاح بفذلكات
لغوية، وتبريرية تؤكد أنه غير
قابل للإصلاح مطلقا، وأن الحل
الوحيد لضمان التغيير
الديمقراطي السلمي لن يكون إلا
عبر تهشيمه وتفكيكه .. حين
حدث الزلزال العربي.. ظنّ
النظام، والكثير من المبوقين،
واليائسين أن بلدنا بمنأى عن أي
حراك، والعديد أمعن "البحث"
في عوامل هذا الرأي مقدماً
الأسانيد التي تتمحور حول
موازين القوى المختلة لصالحه،
وكمّ الخوف الذي يسود الساحة،
وهو الخوف المزمن المانع،
وطبيعة النظام الأمنية القوية،
، وقاعدته الشعبية، وسياسته
الخارجية..إلخ، وكان ذلك يصبّ في
طاحونة خطابه التسويقي،
الفوقي، الممعن في عدم رؤية
التطورات والوقائع إلا من خرم
ذات مصابة بعاهات النرجسية
والسادية، وبأمل أن يبقى بمأمن
من بركان الثورات العربية
المتنقلة .. ***** في
سنوات البيات الطويلة، سنوات
انتظار"كرم" النظام،
وسنوات العجز، والتشتت واليأس
من التغيير.. نزلت المطالب إلى
السقف الأدنى، فغاب تماماً خطاب
السبعينات والثمانينات بإسقاط
النظام(حتى وإن كان مجرد شعار
يتوافق والتحليل الموضوعي)..
ونبتت شعارات أخرى تدور في فلك
مزاج النظام وتوجهاته :
انتظاراً، وأملاً..وتشتتاً.. حتى
كانت درعا المفاجأة، ودرعا
شرارة الثورة السورية .. هنا
تطابق التحليل الدقيق لبنية
ونهج النظام مع ممارساته على
الأرض حين ظهر عصيّاً على أي
إصلاح، بل وحتى الاعتراف بالحد
الأدنى من المطالب المشروعة
للشعب(الإصلاحية المتصاعدة) .
أكثر من ذلك : ذبح النظام جميع
المراهنين عليه، وأصحاب دعوات
الحوار معه(بشروط متفاوتة،
متناوبة، أو بدونها) من الوريد
للوريد، ووضع المجتمع السوري
أمام خيار وحيد : إما نظام القتل
والأحادية والتجييش الطائفي
الذي يهدد بقيادة البلاد إلى
الحرب الأهلية، وحتى استدراج
الخارج.. وإما لا شيء . أي الخنوع
التام، فالتحلحل قليلاً في خطاب
الوعود الموعودة الذي فرضته
ضربات الشعب السوري وبعض الضغوط
التركية وغيرها، ولا شيء غير
ذلك أبداً .. ****** إن
كل التحاليل، كل الوقائع، كل
الظواهر تؤكد أن النظام برمته(بدءاً
من رأسه بل وقوفاً عنده) إلى
أخمص طغمة فيه، هو الأزمة، وهو
بيت الداء، وهو العقبة التي
يستحيل الانتقال بوجوده إلى
الديمقراطية، وأن المخرج
الطبيعي، الحل والممر الوحيد
لبناء الدولة الديمقراطية
المدنية، وإيقاف الدماء والقتل
والتهجير، ومنع انحدار الوضع
إلى مزالق خطيرة لن يكون إلا من
خلال سقوط الاستبداد بالقوة، أو
بالتآكل، وعبر ثورة الشعب
أساساً وما تحدثه من متغيّرات
يومية، وليس باستقدام الخارج،
أو التعكيز عليه.. وإن كان
لمواقف الخارج الرافعة للغطاء
عن النظام أثرها في التعجيل
بإنجاز هذه المهمة المحورية،
وخاصة الهيئات والمنظمات
الأممية والحقوقية والإنسانية،
وعبر المواقف السياسية ... في
زحمة هذه الحقيقة التي يُجمع
عليها الشعب السوري الثائر،
بلجانه التنسيقية، وفعالياته
الفاعلة على الساحة، تبرز أسئلة
مشروعة عن الكيفية التي سيتمّ
بها تحقيق الهدف المركزي،
فتتعدد الاحتمالات
والسيناريوهات، وتدخل على الخط
آراء معارضة تبدو أنها تغني
خارج السرب العام، والداعية إلى
الحوار مع النظام، ورأسه
بالتحديد، على قاعدة : القناعة
بأن ذلك هو الطريق الوحيد
المتاح لإيجاد "مخرج للأزمة"..
وإلا .. السقوط إلى المجهول، وفق
رأيهم .. ولهذا تكثر، وتتكاثف
الدعوات لترجمة هذا الاتجاه في
خرائط طريق، ومبادرات، فالدعوة
لعقد مؤتمر لما يسمى ب"قوى
التغيير" من داخل النظام
وخارجه.. في حين أن النظام لم
يقدّم شيئاً، ولم يلبِ شرطاً
واحدة من الشروط التي أعلن
البعض عنها كمقدمة وتمهيد
للحوار .... لقد
سبق وكتبت تصوري للمخرج السوري
المتمحور حول قناعة راسخة : وجوب
تفكيك وإنهاء نظام الاستبداد
كمدخل وحيد للعبور إلى التغيير
الديمقراطي وإقامة النظام
البديل، ولم يك بوارد قناعاتي
المبنية على حقائق فهمي للنظام
والذي أكده في كل خطواته،
وإيغاله بعيداً في القتل
والسادية والاعتقال والتعذيب
والتهجير.. أن التغيير سيمر عبره
وبالحوار معه، لأن فاقد الشيء
لا يمكن أن يعطيه، ولأن النظام
لن يُقدم على أية خطوة جدّية هي
بمثابة الانقلاب عليه، وبداية
النهاية له، وأن أقصى ما يسعى
إليه كسب الوقت والالتفاف
بالقوة القامعة على الثورة
الشعبية، ثم تكييف الوضع وفق
آلياته وخدمة لبقائه مع بعض
التعديلات الشكلية، إن فرضت
الضرورات ذلك . وحددت،
كما كثير ممن تناولوا
الاحتمالات، أفضل الحلول التي
يصنعها الجيش الوطني بوضع حد
لنظام الطغمة العائلية، وهذا
ممكن وكامن في بطن إنقاذ الوطن
وتوفير الكثير من المخاطر
والتضحيات والوقت، وإلا فإن
صمود الشعب، وتعاظم الثورة
وشمولها معظم مدن ومناطق القطر،
وتوحيد، وتنسيق فعالياتها،
وخطابها، وتكتيكها هو الطريق
الموصل إلى الغاية، وإن استلزم
ذلك الوقت والتضحيات .. تلك
حقيقة تلوح معالمها بكل وضوح . أما
فزاعات الحرب الطائفية،
والأهلية، والتدخل الخارجي..
فرغم التلويح بها من النظام،
ورغبته القوية في استدراجها
بطرق متعددة، واصطفاف بعض
الحلفاء والقوى معه، وبعض
المعارضين الخائفين بصدق على
بلدنا ومستقبله.. ووجود جيوب لها
مصلحة في تأجيجها، أو التلطي
خلفها، فإنها تبقى مجرد
احتمالات أبعد لا يمكنها أن
تبرر، وتغطي فعل الجريمة اليومي
بحق شعبنا . إن وعي
الشعب بكافة أطيافه وخلفياته
الدينية ومعتقداته، وتنسيقياته
القائدة لثورته، وبياناتها،
وخطابها وشعاراتها، وجوهرها
يقطع الطريق على محاولات النظام
التطويفية، وعلى جميع من لهم
مصلحة بدفع البلاد إلى هذا
الاتجاه الخطير، بما في ذلك
الحرب الأهلية .. على العكس من
ذلك، ورغم الدفع ببعض الشعبيين،
ومحاولات تعبئة بعض الجيوب
طائفيا، وانفلات تصريحات،
وممارسات منعزلة هنا وهناك،
وتشدّق عدد محدود من التكفيريين
المتشددين، فإن هوية الثورة
الوطنية، وحرصها على الوحدة بين
جميع المكونات، والالتفاف حول
الدولة المدنية الديمقراطية
التي يتساوى الجميع فيها
بالحقوق والواجبات، يمثل
واقعاً قادراً على الرد، وتجسيد
البديل . أما
بعابع الخارج والمؤامرات،
فبقدر ما ترفضها الوطنية
السورية بكل مشاربها، بقدر ما
هي فزاعة للاستخدام والتوظيف . إن
الشعب السوري يتقبل كل ألوان
المساندة المعنوية، والإنسانية
من الهيئات الدولية ومنظمات
حقوق الإنسان وغيرها، بل يعمل
على تأمين دعمها له في نضاله،
كما يعمل على وقوف جميع الدول
إلى جانب ثورته، وبما يرفع
الغطاء عن نظام القمع القاتل،
لكنه يرفض جازماً أي تدخل سافر
في شأنه الداخلي، مؤمناً أن
مهمة التغيير، والانتقال إلى
النظام الديمقراطي هي مهمته
بالأساس، وهو كفيل بها، وقادر
عليها مهما غلت التضحيات، ومهما
استغرقت من وقت منظور . بينما
يدرك جيداً أن مقولات التدخل
العسكري التي يفزّع بها النظام،
أو يتمناها بعض المرتزقة.. ليست
أكثر من فزاعة لأنها لا تتوفر
على مقوماتها المختلفة . ***** لقد
أجمعت الأغلبية الساحقة من
فعاليات الشعب السوري :
المرسّمة والمستقلة، والشعبية
على رفض ما جاء في خطاب رأس
النظام، ولم ترَ فيه سوى مجرد
وعود برسم الوعود، وكان مخيّباً
لجميع آمال من تأمل شيئاً من
النظام، أو رأسه، والغريب أن
يبني بعض المعارضين موقفاً
حوارياً على" كومة"
الإيجابيات" التي تضمنها
الخطاب، فيروح يعددها ويستفيض
في شرحها وتفصيصها، ثم الدعوة
إلى عقد مؤتمر(حواري) تحت هذا
السقف والخيمة، وبيافطة : إما
هذا الطريق وإما الدمار والخراب
وتفتيت البلد !!!!.. في حين أن
مروحة الاحتمالات أكبر، وأن
شعبنا يملك بوعيه وسائله، وهو
يعلن رفضه القاطع لأي حوار مع
القاتل الذي لم يتراجع أنملة عن
نهجه وممارساته اليومية . ======================= النظام
السوري وخطاب الرحيل 3/3
بدرالدين
حسن قربي في
خطاب الرحيل بتاريخ 20 حزيران/يونيو
2011 على مدرج جامعة دمشق، أشار
بشار الأسد إلى أنه في لقاءاته
المتأخرة مع مجموعات شعبية معدّ
لها من قبل الجهات الرسمية،
استمع مباشرةً إلى قضايا كثيرة
ومشاكل متراكمة، ذكر منها على
سبيل المثال ماتدفعه الأجيال
الجديدة من أثمان مرحلة من
الصدام كانت بين السلطة
والإخوان المسلمين منذ أكثر من
ثلاثين عاماً في عدم التوظيف
وعدم إعطاء موافقات أمنية
لقضايا مختلفة، بما فيها عدم
منحهم حتى جوازات سفر بمن فيهم
المقيمين في الخارج. ويعترف
بأنه حمّل نفساً وزر أخرى،
وأنها قضايا تتعلق بالعدالة
والظلم الذي يحس به كل مواطن
وأشار إلى أنه منذ سنتين
تقريباً أعطى توجيهات لكل
السفراء بالخارج أن يبدؤوا
بإعطاء جوازات سفر لهم. وهي
إشارة لافتة تستوجب بعض التوقف
والتوضيح. ابتداءً،
لسنا في موطن التقييم والإدانة
لأي طرف فيما كان من الصدام في
حينه فهذا ليس وقته، ولكن مما
لاشك فيه أنه نتج عن هذه الكارثة
عشرات الآلاف من المفقودين في
ذمة النظام السوري على امتداد
أكثر من أربعين عاماً ممن قضوا
قتلاً وتعذيباً وذبحاً وحرقاً
وسحلاً ومجازر فرادى وجماعات
ممن لايُعرَف لهم مقر ولا قرار،
ومازالوا في مستندات الدولة
ووثائقها أحياء، ومثلهم من
المنفيين والمهجرين قسراً
وطوعاً وأمثال أمثالهم من
الأجيال الجديدة ممن أشير إليها
في الخطاب، وهي أعداد لو ضُمت
إلى بعضها فإنها تقترب من
المليون مواطن عندهم من الآلام
والأوجاع والقهر الكثير الكثير.
كنا
دائماً نكتب وماأكثر من كتب من
الخيّرين، ونناشد مع كل صاحب
ضمير لفك حصار الإخفاء والتعتيم
وتكسير جدر الصمت عن هذه الآلاف
ممن هم في بلدهم مفقودون. وكنا
نقول وماأكثر ماقيل بأن
استحقاقات مثل هذا الأمر قادمة
لامحالة، طال الزمان أو قصر.
وكان النظام في مقاومته
وممانعته يذهب أبعد وأبعد
عناداً وضلالاً، فيمعن في
ملاحقة الأحياء من أسرهم
وأقاربهم وأولادهم وأحفادهم في
أنحاء الأرض الأربعة، ويصرّ على
تجريدهم من حقوقهم المدنية
والإنسانية ومنع حتى المستندات
عنهم بما فيها الجوازات وهو مما
أشير إليها في الخطاب. هل
يمكن لأحد تصور معاناة عشرات
الآلاف من المهجرين والمنفيين
في كل دول العالم في مسألة منع
الجوازات عنهم على وجه التحديد
قرابة ربع قرن مما أشير له
بالذات في الخطاب الأخير لبشار
الأسد، بأنه منذ حوالي سنتين
أعطى أوامره بإيقاف المنع
وتسهيل منحها. وهل يمكن لأحد
تصور حجم الفساد والرشاوي
والنهب والابتزاز في عموم
السفارات السورية الذي كان في
مقابل ذلك؟ إن
عيون مئات الآلاف من الضحايا
كانت ترنو معاً من عالم الغيب
والشهادة، وتستصرخ دائماً
الضمائر والمروءات في الدعوة
إلى فك الحصار عنهم والكشف عنهم
أحياء وأمواتاً، وعن أماكن
دفنهم فرادى أو جماعات ورفع
الظلم والمعاناة عن الأحياء
منهم، ولكنها كانت على الدوام
تواجَه بمقاومة النظام
وممانعته وقهره وبطشه، لتوضع في
خيار وحيد ويتيم، هو انتظار
سقوط السجّان ولتسأل دائماً:
لماذا كل هذا الصلف والعجرفة
والغطرسة، إذا كان المصير هو
السقوط. إن
عيون مئات الآلاف من الضحايا
ومعها عيون الملايين من
السوريين الصابرين والمصابرين،
هي اليوم في خير حال من أحوالها
وهي ترى نهضة شعب من رقدة العدم
عرف طريقه، بعد إذ صبر على قامعه
وسجّانه طويلاً طويلاً، وكانت
قيامته ليأخذه أخذاً وبيلاً،
بصرخته المدوية في أنحاء الأرض:
هيهات منّا الذلة، الشعب السوري
مابينذل، الموت ولا المذلّة.
وقراره القاطع: الشعب يريد
إسقاط النظام. تبقى
كلمة حق لابد منها، بأن ماأشار
إليه بشار الأسد من المظلومية
الكبيرة وللمرة الأولى في تاريخ
النظام السوري من الأب والابن
للأجيال الجديدة تحتسب له
ولكنها جاءت متأخرة جداً جداً،
بل وهو يودّع السوريين في خطاب
الرحيل. http://www.youtube.com/watch?v=zq5hgHUvPF4&NR=1 http://www.youtube.com/watch?v=F-N9R http://www.youtube.com/watch?v=FjhNaiKqJ s8&feature=youtube_gdata_player ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |