ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مجاهد
مأمون ديرانية يا
شباب الشهباء: لقد كتب أبناء حلب
على مر الزمان فصولَ البطولة في
صحائف التاريخ، وها قد حان
اليومَ موعدُ تدوين فصل جديد في
صحائف التاريخ، فصل ستتصدر
عناوينَه قصصُ شبّان حلب
الأبطال وترويه -من بعدُ-
الأجيالُ للأجيال. لقد
أبى المجدُ إلا أن يطرق بابَكم
اليومَ كما طرق أبوابَ آبائكم
وأجدادكم مِن قبلُ مرات ومرات،
فاستجاب الآباء والجدود وفتحوا
للمجد الأبوابَ فدخلت حلبُ إلى
سجل الخلود، فحذارِ أن تخرج حلب
على أيديكم من سجل الخلود. يا
شباب حلب: هيّا انهضوا وانفضوا
عن قلوبكم غبار التردد والوجَل،
فقد صنع ذلك من قبلكم شبابُ
سوريا من أدناها إلى أقصاها.
هيّا الحقوا بركب الأخيار
الأبرار من شباب سوريا الثوار؛
ضعوا اليد في اليد ورصّوا القدم
إلى القدم وضمّوا صفّكم إلى
الصفوف، هيّا انفروا فصِلوا
مجدكم القديم بالمجد الجديد.
لقد مَدّ الجدود لكم طريقَ
الخلود، فلا تَضِلّوا في هذا
اليوم الطريقَ ولا تعقّوا
الجدود. إن
لحلب في مسيرة الحرية سابقةً لا
ينكرها منصف، فقد كانت على رأس
مدن سوريا في انتفاضة الكرامة
التي لم يُكتَب لها النجاح قبل
ثلاثة عقود. في تلك الأيام
أُصيبت حلب إصابة نجلاء ونزفت
في حلب الدماء وقدمت حلب قافلة
طويلة من الأسرى والشهداء؛ فإذا
هتفتُ اليوم بكم -أنْ هبُّوا إلى
ميدان الشهامة والكرامة- فلا
أطلب منكم شَقَّ طريق جديد،
إنما أطلب منكم أن تكملوا السير
في الطريق القديم الذي شقه لكم
الآباء، وأن تكملوا المسيرة
وفاءً للسابقين من الشهداء. يا
شباب حلب: هذه فرصة لا تكاد
تتكرر في أعمار الأمم الطويلة
إلا مرات معدودات، وإنها قد
وافقت في هذه المرة يومَكم، فلا
تضيِّعوها فتلوموا أنفسكم
العمرَ كله ويحاسبكم على
تضييعها الأولاد والأحفاد. إن
هذا يومٌ من أيام المجد
والفَخار ستحفظه صحائف
التاريخ، فهُبّوا وانفروا
لتتصدر حلبُ حكايةَ الكرامة
والمجد في صحائف التاريخ. ويا
سوريا أبشري؛ لقد أوشك أن ينفجر
في حلب البركان! =========================== عريب
الرنتاوي لم
يدّعِ المعارضون السوريون
الذين اجتمعوا أمس في دمشق،
أنهم يمثلون المعارضة بمختلف
أطيافها وأطرافها...والمؤكد
أنهم لم يدّعوا تمثيل الشعب
السوري والنطق باسمه...ولم يمارس
هؤلاء تفوّقاً أو "فوقية"
مصطنعة حيال زملائهم وإخوانهم
من معارضة الخارج، ولم ألحظ من
تصريحات كثيرين منهم أن يسعون
في استغلال "الميزة النسبية"
للداخل، معنوياً وأخلاقياً
وسياسياً...لقد تحدثوا بأسمائهم
الشخصية، ووضعوا مؤتمرهم في
سياق الحراك الشعبي السوري
العام، ونظروا إلى بقية أطياف
المعارضة وأطرافها ومؤتمراتها،
على أنها "حلقات في سلسلة
واحدة"، وهذا تعبير عن نضج
وتواضع لافتين. لكن
الحملة التي تعرض لها المؤتمر
والمؤتمرون من قبل "معارضة
الخارج"، كانت قاسية جداً...بل
و"تجريمية" أحياناً، فمن
قائل بأن المؤتمر "شقّ طريقاً
إلتفافيا" للنظام حول الثورة
السورية وأهدافها...إلى قائل بأن
المؤتمرين كانوا جزءا من لعبة
"تلميع" صورة النظام و"إعادة
تدويره"...إلى متحدث عن رموز
"سلطوية" تسللت تحت جنح
المعارضة، ومناضليها
المحترمين، بهدف "إسقاط
القلعة من داخلها"...جميع هذه
الاتهامات بدت متهافتة في ضوء
ما صدر عن المؤتمر من مواقف
وتوصيات ومداولات. الحجة
الرئيسة التي استند إليها "معارضو
الخارج" لتبرير هجومهم على
المؤتمر والمؤتمرين، هي أن
مؤتمراً كهذا، غير مسبوق من
نوعه، يعقد في قلب العاصمة
دمشق، لا يمكن أن يلتئم شمله،
إلا بموافقة النظام والتنسيق
معه...وأن النظام لا يمكن أن يمنح
مؤتمراً كهذا "بركاته" و"موافقاته"،
إن لم يكن متأكداً من أنه سوف
يخدم أهدافه.... هذه "المحاججات"
وكثيرٌ غيرها، يمكن أن تكون
مفهومة ومبررة من الناحية
الشكلية،...بيد أنها ليست مقبولة
أبداً كذريعة لتبرير الهجوم
اللاذع الذي شنته شخصيات معارضة
في الخارج، ضد بعض المعارضين في
الداخل. لم يقل
أحد أن "قاعات فندق سمير أميس"
في دمشق، هي "أرض محررة" من
النظام وأدواته وأجهزته...ولم
يزعم أي من المعارضين الذين
التأم شملهم في العاصمة لأول
مرة، أمس الأول، بأنهم فعلوا
ذلك رغم أنف النظام وبالضد من
إرادته...ولم يصدر عن أي من هؤلاء
ما يشي بأن كل من دخل القاعة،
خضع لاختبار "دي أن إيه"
لإثبات نقاء سريرته وعمق
التزامه بهدف إسقاط النظام...الكل
أجمع على أنها محاولة لتنظيم
صوت المعارضة السلمية
الديمقراطية المدنية، وتوفير
عنوان لها، في دمشق، وليس في
واشنطن أو لندن أو باريس أو حتى
في أنقرة واسطنبول...وهذا أمر
يعد خطوة للإمام لجهة بلوة صوت
سوري وطني معارض، بعيداً عن
ضغوط الخارج وابتزازاته
وأجنداته، بعيداً عن إدّعاءات
"بيزنيس المعارضة" كذلك،
خصوصاً بعد أن بدأنا نرى "صبية"
على شاشات الفضائيات، يحلمون
ألقاباً أكبر منهم، يمنحون صكوك
الغفران لهذا ويحجبونها عن ذلك،
وقد نصّبوا أنفسهم بكل بساطة،
ناطقين باسم 23 مليون سوري على
الأقل ؟!. صحيح
أن بعض معا رضة
الداخل قاطع المؤتمر أو انسحب
منه...ولهم في ذلك كل الحق، سواء
فعلوا ما فعلوا لقناعات خاصة
بهم، أو لتجنب "التوظيف
والاستخدام" من جانب النظام،
أو لتفادي ما تطاير من ابتزازات
واتهامات على ألسنة زملائهم
وعبر شاشات الفضائيات
المستنفرة...لكن في ظني أن
المؤتمر نحج في وضع المعارضة
على "الخريطة السياسية
السورية الداخلية والخارجية"،
وأوجد عنواناً لها يمكن الوصول
إليها عن طريقه...وأعاد الاعتبار
لدور "المركز" بنخبه
المدنية والديمقراطية في عملية
الإصلاح والتغيير التي تشهدها
سوريا، بعد أن كدنا نضيع في
متاهة الانتفاضات "الطرفية"
التي كادت تتركز في الأمتار
الأخيرة للحدود السورية مع دول
الجوار. والمؤكد
أن المؤتمر، سوف يخلق
ديناميكيات داخلية يصعب التكهن
كيف ستتطور، خصوصاً إن كان
التكامل بين "داخل" و"خارج"
هو السمة المميزة للمرحلة
المقبلة، بدل التنافر والتقاتل...المؤكد
أن حدثا كهذا سيساعد على "شرعنة"
المعارضة وإكسابها قوة زخم
جديدة...ولنا ملء الثقة برموز
وشخصيات المعارضة، أو العديد
منها، التي شاركت في مؤتمر "سمير
أميس"، وبعضها قضى في السجون
السورية زهرة شبابه وربيع عمره. كما أن
مؤتمرا كهذا، سيكون له دوره في
"فرز غث الانتفاضة السورية عن
سمينها"...سيجعل من الممكن
التمييز بين من يطالب بدولة
مدنية ديمقراطية لجميع
السوريين من جهة ومن يسعى إلى
بناء "إمارات ظلامية" من
جهة ثانية، ومن يخدم أجندات
معسكرات ومحاور إقليمية
ودولية، لا تخفى على أحد من جهة
ثالثة. لقد
التقطت واشنطن مغزى انعقاد
مؤتمر للمعارضة في دمشق، لم
تتوقف طويلاً أمام ما يمكن أن
يُعد "توظيفاً" رسمياً
للحدث...والأرجح أن الحراك
الدولي المصاحب للأزمة
السورية، سوف يقيم وزناً خاصا ل"مؤتمر
سمير أميس"، ومن بين صفوفه،
سينبثق مفاوضون ومحاورون،
وستكون لهؤلاء من المطالبات
التي ما أن يجد النظام نفسه
مضطرا للاستماع إليها، حتى يبدأ
"خياره الأمني/ العسكري"
بالانهيار والتفكك لصالح حلول
ومخارج سياسية سلمية، وهذا ما
تطالب به الغالبية العظمى من
الشعب السوري. =========================== اعتقال الشيخ رائد صلاح في لندن .. قدر الأبطال د.
إبراهيم حمّامي في هذه
الليلة المباركة من شهر رجب
وتحت جنح الظلام وبأسلوب يفتقر
لأقل درجات الاحترام، تم اعتقال
الشيخ الجليل رائد صلاح من
فندقه بمدينة لندن، دون أي
اعتبار لشخصه وقدره، وبحجة أنه
يشكل خطراً على العامة في
بريطانيا، تمهيداً لتحويله بعد
ساعات لمركز احتجاز لترحيله
بعدها خارج بريطانيا. هذا
التحرك والقرار السياسي
بامتياز يثبت مرة أخرى الانحياز
التام والمشين لحكومة المملكة
المتحدة ضد شعبنا الفلسطيني،
ورضوخها للضغوط دون أي اعتبار
للقيم الديمقراطية التي تتغنى
بها، وتسليمها المطلق
بالتقارير الاعلامية الكيدية
من جماعات الضغط ومن حكومة
الاحتلال، التي تحظى بدورها
بالحماية من الملاجقة في قضايا
جرائم الحرب، بل تُغيّر
القوانين من أجل عيون مجرمي
الحرب. لقد
سبق اعتقال الشيخ رائد صلاح
حملة اعلامية فاشلة حاولت
استباق زيارته ومنعها من خلال
اجترار اتهامات اسرائيلية
سابقة لم تستطع سلطات الاحتلال
اثباتها، لتحول بريطانيا إلى
ساحة تصفية حسابات. ما
أثار حفيظتهم وأخرجهم من عقولهم
أن الشيخ رائد صلاح وبعد لقاءات
ناجحة خلال الأيام الماضية، كان
يستعد للقاءات أكثر أهمية يوم
الاربعاء 29/06/2011 مع كبريات الصحف
البريطانية ومع برلمانيين
بريطانيين داخل مبنى البرلمان
البريطاني، ليكشف ممارسات
وجرائم الاحتلال، وزيف
ادعاءاتهم في فلسطيننا
المحتلة، ومن هنا جاء التحرك
الليلي كخفافيش الظلام لمنعه من
ايصال رسالته، ولاخماد صوته. لكن
وان كانت لقاءاته ستتم مع بضع
عشرات أو مئات أو حتى آلاف من
النخب الاعلامية والسياسية في
هذه البلاد، إلا أنهم بفعلتهم
الشنيعة باعتقاله وبهذا
الأسلوب قد أوصلوا صوته ورسالته
للملايين حول العالم. يا
شيخنا الفاضل جزاك المولى عنا
كل خير، وجعل لك في كل خطوة
أجراً عظيماً، وحفظك من كل سوء يا
شيخنا الجليل نعلم علم اليقين
أنك تعودت على الاعتقال والأسر،
وأنه لن يزيدك إلا قوة وإصرار،
ونعرف أنك بامتسامتك التي لا
تفارقك تقتلهم ألف مرة. يا
شيخنا العظيم ليحاولوا مرات
ومرات، وليجندوا الأصدقاء
والحلفاء، ولينقلوا معاركهم
أينما شاؤا، فأنت الأقوى
والأبقى. إنه
قدر الأبطال، وثمن الانتصار. سيرتد
كيدهم إلى نحورهم بإذن الله كلنا
رائد صلاح، ويا شيخنا لست وحدك. ولا
نامت أعين الجبناء ========================== سلمية
الثورة الشعبية في سورية ..
الشعب الثائر أوعى من النظام
القمعي وأحرص على الوطن نبيل
شبيب منذ
اللحظة الأولى لاندلاع الثورة
الشعبية في سورية في آذار/ مارس
2011م لم تنقطع الدعوات أن تبقى
سلمية فلا يلجأ الشعب الثائر
إلى حمل السلاح في مواجهة عنف
النظام، وهو يدمّر الوطن ويغتال
المواطن، وبدا طوال الشهور
الأولى للثورة أنّ الشعب الثائر
يدرك ما يصنع تماما فلا يكاد
يحتاج إلى هذه الدعوات
المتكرّرة. - بعد
أولى الدعوات والمظاهرات
الشعبية السلمية، خرج أطفال
درعا من مدارسهم، وكان سلاحهم
بضع عبارات ساخطة على النظام،
كتبوها على الجدران في الطريق
ما بين المدرسة والبيت،
فاعتُقلوا، وعندما أفرج عنهم
بعد أسبوعين، ظهرت آثار التعذيب
على أجسادهم البريئة.. وبقيت
النواة الأولى للثورة سلمية. - خرج
أهل درعا، العزل من كل سلاح، حتى
الحجارة، يتظاهرون سلما،
وكانوا يطالبون بإطلاق سراح
أطفالهم المعتقلين، فواجههم
"النظام المسلّح" بالرصاص
الآثم الغادر، فاستشهد من
استشهد، وأصيب من أصيب.. وبقيت
النبتة الأولى للثورة سلمية. - خرج
المتظاهرون العزل في عدة مدن
أخرى، لا سيما اللاذقية وبانياس
ودوما، نصرة لدرعا وتأكيدا
لمطالب "الإصلاح"، فواجههم
"النظام المسلّح" بالرصاص
الآثم الغادر، وبالاعتقال،
وباستعراض "همجيّته" تجاه
أجساد من أمسك بهم من
المتظاهرين وقيّد أيديهم وراء
ظهورهم وقذف بهم على الأرض
فانطلق شبّيحته "بزيّهم
القمعي الرسمي" يدوسون على
الأجساد علنا في الشوارع.. وبقيت
المسارات الشعبية والجغرافية
للثورة سلمية. -
امتدّ لهيب الثورة الشعبية إلى
كل مدينة وقرية، تطالب بإسقاط
هذا النظام الذي يرتكب من
الفجور الآن أضعاف ما ارتكب على
مرّ عقود ماضية، فواجه "النظام
المسلّح" الآثم الغادرُ
الشعبَ الأعزل بالدبابات،
والمدفعية، والرشاشات، وشبيحة
القمع، وشبيحة الإعلام،
والقناصة، وغيرهم من فرق الموت،
وبقتل المئات، واعتقال الألوف،
وممارسة مزيد من التعذيب، وقتل
مزيد من الأطفال تحت التعذيب،
وبحصار المدن، واقتحام البيوت،
بل وممارسة الاغتصاب والقتل بحق
النساء، فضلا عن قطع أسباب
الحياة عن أهل المدن والقرى،
ووصل إلى تشريد ألوف المواطنين
عن موطنهم.. وبقيت الثورة
الشعبية الناضجة الشاملة سلمية. - ولا
يُستهان أن تضاف إلى ذلك قهقهة
"الرئيس" في أولى خطبه،
ومزاعمه في الخطبة الثانية،
وإهاناته للشعب في الخطبة
الثالثة.. جميع
ذلك يستدعي التساؤل: ما هذا
النظام؟!.. ولكنّ الأهمّ بكثير
التساؤل: أيّ
شعب هذا الشعب.. وأي تضحية هذه
التضحية.. وأي ثورة سلمية بطولية
هذه الثورة!.. إن
الردّ بالقوة المشروعة ضدّ
القوة الباطلة بطولة، فكيف بردّ
الصدور العارية على القمع
الباطش العاري من كل قيمة وخلق
ومبدأ!.. هي
ثورة ليس في التاريخ ما
يضاهيها، أو يمكن أن يقارَن
بها، سوى أخواتها من الثورات
العربية في عصرنا هذا، فشعوبنا
تتحرّك موحّدة ووسائلها "السلميّة"
موحّدة وتضحياتها موحّدة،
ووعيها بأبعاد ما يجري موحّد،
إذ تدرك تماما ما يعنيه تشبّثها
بسلمية ثوراتها، كما تشهد على
ذلك مثلا (مستمداّ من مشاهد
الواقع المباشر ساعة كتابة هذه
السطور فرؤية الشواهد يسيرة
لأنها تتكرر في المشاهد اليومية
دون انقطاع منذ مطلع 2011م) عبارة
حملتْها لافتة في مظاهرة شعبية
في مدينة تعز في اليمن، تقول:
"لا تجبرونا على حمل السلاح". في هذه
الأجواء يطرح السؤال نفسه
تلقائيا: ما
الذي يوجب أن تبقى الثورة
الشعبية في سورية سلمية حتى
يسقط النظام؟.. هل
ستبقى الثورة السلمية سلمية؟ عندما
وقف العالم مشدوها أمام الإجرام
الأمريكي في جوانتنامو تبجّح من
تبجّح بالحديث عن وجود أكثر من
"جوانتنامو" في أكثر من بلد
عربي، وتشهد أيام الثورة
الشعبية في سورية على أن ما
يُرتكب من فظائع بحق الإنسان
الأعزل في سورية، يفوق ما عُرف
عن الإجرام الرسمي الأمريكي (وهو
عريق، واسع النطاق، متعدد
الميادين والأشكال) في
جوانتنامو، وإن كان ارتكاب
الجريمة هنا لا يبرّر بحال من
الأحوال ارتكابها هناك أو في أي
مكان.. ولكن
يطرح السؤال نفسه: هل ستبقى
الثورة الشعبية في سورية سلمية
إلى أن يسقط النظام؟.. عندما
انكشف بالصور (ولم يقل أحد إنّها
مُفَبْركة) أمرُ التعذيب الرهيب
بحق أهل العراق في "أبو غريب"
وانتشر ما انتشر من تكهّنات حول
ما بقي خافيا وربما كان أفظع من
ذلك فيما وصف بالمعتقلات السرية
في أنحاء العالم، تبجّح
المتبجّحون بأن بعض ذلك قائم
على أرض البلدان العربية
بالذات، لممارسة التعذيب
بالوكالة، ويظهر الآن أثناء
ثورة الشعب السلمية في سورية
أنّ فيها من يمارس مثل ذلك
التعذيب الهمجي وأكثر،
بالأصالة لا الوكالة، وبحق
أبناء البلد نفسه، وليس بحق
أبناء بلد تحت الاحتلال، يقاوم -بحق-
الاحتلالَ مستخدما السلاح ما
استطاع إلى ذلك سبيلا.. بل يطال
التعذيب الهمجي أطفال سورية،
ومنذا يعلم كم من الأطفال -ومن
البالغين- تعرّضوا للقتل تعذيبا
في المعتقلات في سورية -وليس في
المعتقلات السرية الأمريكية-ولم
تُسلّم جثثهم المشوهة لذويهم
كما صنع النظام مع حمزة وتامر من
درعا وإزرع.. ترويعا وإرهابا!.. لهذا
يطرح السؤال نفسه: هل ستبقى
الثورة الشعبية في سورية سلمية
إلى أن يسقط النظام؟.. عندما
ارتكب الإسرائيليون ما ارتكبوه
من إجرام العنف المسلّح ضدّ أهل
فلسطين في قطاع غزة، ولم
يتعرّضوا لإدانة فاعلة أو
محاسبة دولية، انطلقت ألسنتنا
وأقلامنا لتقول -بحق- تلك هي
ازدواجية المعايير في عالمنا
المعاصر، وها هي المدن السورية
تتعرّض واحدة بعد أخرى،
للتدمير، للحصار، للاعتقال،
للاغتيال، ثم يملأ قلوبَ أهل
سورية جميعا الألمُ والأسى مع
الحنق والغضب، أنّهم لا يسمعون
صوتا رسميا واحدا في بلد عربي
يتحدّث عن إدانة النظام القمعي
المسلح في سورية ناهيك عن
محاسبته.. أفلا
يحق طرح السؤال: هل ستبقى الثورة
الشعبية في سورية سلمية إلى أن
يسقط النظام؟.. لا
يوجد إنسان عاقل يحرص على سورية
الوطن والشعب والحاضر
والمستقبل، إلا ويرجو أن تبقى
الثورة الشعبية سلمية، وإن بلغ
به الألم درجة خانقة وبلغ به
الغضب درجة مرهقة.. ولكن لهذا
بالذات يجب طرح السؤال المذكور،
كيلا تفاجئنا تطوّراتٌ خطيرة في
اتجاهٍ تدفع ممارسات النظام
القمعي إليه دفعا. حق
الدفاع عن النفس يجب أن
تبقى الثورة سلمية حتى يسقط
النظام القمعي المسلّح، إنّما
يجب أن يكون في الوقت نفسه
واضحاً كل الوضوح: - إن
استخدام الإنسان الفرد للقوة،
للدفاع عن النفس والعرض والأرض
والممتلكات والحقوق والحريات..
ليس محرما ولا محظورا في
الشريعة الربانية ولا الشرائع
الوضعية، بل قد يبلغ في بعض
الحالات مستوى الواجب، عندما
يكون خطر التعرّض للقتل دون حق
ماثلا أمام عين الضحية
المستهدفة، وهي لا تملك
للحيلولة دون قتلها سوى قتل
القاتل قبل ارتكاب جريمته. - وإن
اللجوء الجماعي إلى السلاح في
مقاومة طاغوتٍ يقتل بلا حساب،
ويعتقل بلا حساب، ويعذب بلا
حساب، ويدمّر الوطن وأهله بلا
حساب. ليس محرما ولا محظورا من
حيث الأصل في الشريعة الربانية
ولا الشرائع الوضعية، لا سيّما
عندما تصبح ممارسات طاغوت حاكم،
صورة تضاهي ما يرتكبه احتلال
أجنبي غاشم. إن
استخدام القوة بالحق مشروع ضدّ
من يستخدم القوة بالباطل وهو من
يرتكب المحظور غير المشروع..
ورغم ذلك يجب أن تبقى الثورة
سلمية، فشعب سورية الثائر يدرك
أنه على حق وإن استخدم القوة
المشروعة، ويدرك أيضا أنّ ما
يمارسه النظام القمعي المسلّح
هو المحرّم والمحظور، في
الشريعة الربانية وفي الشرائع
الوضعية، ويتقاسم المسؤولية عن
ارتكاب المحظور المحرّم، كلُّ
مسؤول يوجّه الأوامر، وكل عنصر
ينفّذ الأوامر، ويدرك شعب سورية
أنّ كليهما يحكم على نفسه
بالعقوبة التي يستحقها. ويعني
ما سبق أنّ شعب سورية يتخلّى
بنفسه، واعيا مدركا ما يصنع، عن
حق ثابت من حقوقه، أفرادا
ومجتمعا، عندما يبدأ ثورته
السلمية، ويتشبّث ببقائها
سلمية حتى يسقط النظام القمعي
المسلّح. الاستبداد
سبب كافٍ لمشروعية الثورة ليس
مجهولا أنّ سلمية الثورة
الشعبية جعلت النظام المسلّح -القمعي
بطبيعة تكوينه فكرا وبنية
هيكلية وتاريخا-يخترع ما اخترع
من أكاذيب لم يصدّقها أحد، عن
وجود عصابات ومؤامرات
واعتداءات مسلّحة وتخريب
وتقتيل، وأراد بذلك اختلاق ما
يعتبره "ذرائع تسوّغ" عند
الناس داخل الحدود وخارجها، ما
يرتكب من جرائم بحق الإنسان
والوطن، ولم ينقطع عن هذه
المحاولة رغم ظهور خوائها، وهو
ما يؤكّد إصراره على ارتكاب ما
يرتكب من جرائم عامدا متعمدا،
سواء وجدت أكاذيبه من يصدقها أم
لم تجد. حتى لو
صدق بعض مزاعم النظام.. لا يمكن
أن يسوّغ تآمرٌ خارجي أو تخريب
داخلي أن يرتكب النظام ما
يرتكبه بحق شعب بأسره في المدن
والقرى من أقصى سورية إلى
أقصاها!.. كلا..
ولكن لا يكمن هنا جوهر سلميّة
الثورة، بل يجب التأكيد: لا
ينبغي لأحد يتابع تلك الثورة
الشعبية البطولية وينكر على
النظام المسلّح القمعي جرائمه،
أن يقول في الردّ على أكاذيبه
ورفضها: لا يحق لك القمع.. لأن
الشعب الثائر لم يحمل سلاحا!. كلا.. إنّ
القمع الاستبدادي الهمجي باطل
مرفوض وجريمة كبرى في جميع
الأحوال دون استثناء. لا يحق
لهذا النظام الاستبدادي الفاسد
-ولا لأمثاله- أن يمارس هذا
القمع الهمجي، حتى لو كانت
الثورة المشروعة ضدّ استبداده
غير المشروع وفساده غير المشروع
ثورة مسلّحة، فجريمته عبر القمع
ثابتة أصلا، ولأن الثورة سلمية..
وبقيت سلمية، تضاعف الإثم في
جريمته الثابتة هذه، فأصبحت
تستحضر في الذاكرة التاريخية
أسماء النمرود ونيرو
وأمثالهما، لأنها من مستوى
الفظائع الكبرى في تاريخ
البشرية. إنّ
جميع ما ارتكبه النظام
الاستبدادي الفاسد من قبل، وما
يزال يواصل ارتكابه، هو بحد
ذاته جريمة لا تُغتفر، وهو ما
يجب تركيز الأنظار عليه، وليس
على جدل لا طائل تحته حول أمر لم
يقع أصلا: هل يوجد من يحمل
السلاح ضده أم لا يوجد.. فقمعه
وإجرامه غير مرتبطين أصلا بوجود
مسبّبات من قبيل حمل السلاح في
الثورة المشروعة ضدّه.. بل هي
ثورة مشروعةٌ ضدّ أصل وجوده،
لأنّ أصل وجوده استبداد وفساد
يوجبان الثورة عليهما بمختلف
الوسائل الممكنة الناجعة. ليس
السؤال المحوري في هذه الثورة
الشعبية ضد النظام الاستبدادي
الفاسد في سورية: ما هي
الوسائل "المشروعة قطعا"
التي يلجأ الثوار إليها.. بل: ما هي
الوسائل "غير المشروعة قطعا"
التي يستخدمها النظام القمعي
ويضيف باستخدامها المزيد من
الجرائم إلى سجلّه الطويل. إن كلّ
جريمة يرتكبها النظام
الاستبدادي القمعي الآن، جريمة
تضاف إلى ذلك السجلّ الأسود،
وإن جريمته الأمّ والأكبر تتمثل
في وجوده، واستمراره، في وجود
الاستبداد بحدّ ذاته،
واستمراره رغم إرادة الشعب، من
قبل أن تندلع ثورة الشعب
البطولية، ومن بعد، وجريمة
الاستبداد بحدّ ذاتها تسوّغ
الثورة المسلّحة عليه، وعندما
يلتزم شعب سورية بسلمية ثورته
فهو يتخلّى بذلك عن حق من حقوقه،
طائعا مختارا، ولا علاقة لذلك
بخوض الجدل حول ما يطرحه النظام
الاستبدادي القمعي من أكاذيب. تعليل
سلمية الثورة حضاريا شعب
سورية يدرك ذلك كلّه.. ويتشبث
بسلمية ثورته، ويتشبّث ببقائها
سلمية، رغم التضحيات والآلام،
إلى أن يسقط النظام القمعي
المسلّح، فمن أين يصدر هذا
التشبّث بسلمية الثورة؟.. هل هو
كما يقال وليد الغفلة عن
إمكانية إطالة عمر الطغيان.. أم
هو من قبيل المغامرة أو
المخاطرة بارتفاع نسبة
التضحيات.. أم يعود الأمر -كما
يقال أحيانا- إلى تجنّب الوقوع
بفخّ "معركة غير متكافئة
تسلّحا" وتجنّب الانجرار إلى
جلب تدخلّ عسكري أجنبي؟.. أم
أنّه بتأثير مبدأ من المبادئ
المعروفة، كما بدأ يتردّد
أحيانا، مع الاستشهاد مثلا بنهج
غاندي في الهند، والاستشهاد
مثلا آخر باجتهادات "جين شارب"
صاحب نظريات التغيير السلمي
الحديثة؟.. بل
يبلغ الأمر أن يذهب بعض من
يمارسون التأويل الفاسد إلى فهم
الحذر من استخدام السلاح أنّه
صادر عن "تطبيق" قاعدة "القاتل
والمقتول في النار" إذا التقى
مسلمان بسيفيهما!.. وهؤلاء لا
يُسقطون هذا النص إسقاطا قويما
على الواقع المشهود، فالعبرة
هنا ليس بالتواجه بين مسلم
ومسلم، ولا عربي وعربي، ولا
إنسان وإنسان، بل هي مواجهة
مجرم وضحية، بين حاكم قمعي
يرتكب جريمة وشعب مضطهد يدفع
الجريمة عن نفسه.. هذا فضلا عن أن
هؤلاء لا ينظرون في كافة النصوص
الشرعية، جاهلين أو متجاهلين!.. لا
ينبغي الذهاب بعيدا في التعليل
والتأويل.. لاستيعاب أنّ ما
يصنعه شعب سورية الثائر إنّما
يصنعه بفطرته الذاتية واقتناعه
الذاتي وإدراكه الذاتي الواعي
للطريق الأمثل من أجل الوصول
إلى هدفه: إسقاط النظام المسلّح
الاستبدادي القمعي. لقد
تحقق استقلال الهند بنهج "غاندي"
عندما توافرت الشروط لاتباع
نهجه، ثم عندما أصبحت الهند
مستقلة خاض أتباعه ما خاضوه من
حروب، غالبها عدوانية. ولئن
احتوت اجتهادات "شارب"
كثيرا من "الإرشادات"
لكيفية ممارسة التغيير السلمي،
فإنّ القرار بأن تكون عملية
التغيير سلمية، يسبق الاستفادة
من تلك الإرشادات، وقد يكون
قرارا آخر، فلا يبقى مجالٌ
لتطبيقها بالضرورة، فالمهم هو
القرار المبدئي حول الوسيلة
المتبعة، وآنذاك يمكن تطبيقها
أو إبداع سواها، وذاك ممّا
يصنعه شعب سورية وشعوب عربية
ثائرة أخرى في الوقت الحاضر. إنّ
قرار شعب سورية بأن يسلك النهج
السلميّ في ثورته البطولية قرار
مبدئي، ذاتي، طوعي، ويمكن وصفه
بالفطري الناشئ عن إرث معرفي
حضاري ذاتي راسخ. إن
تكوين الفرد المسلم والفرد غير
المسلم، ومن يلتزم من المسلمين
بإسلامه ومن لا يلتزم، هو في
جلّه جزءٌ تلقائي ممّا صنعته
نوعية الحضارة الذاتية في
الدائرة الحضارية الإسلامية
تاريخا، وهي التي ينتمي إليها
الإنسان السوري، من مختلف أطياف
الشعب الواحد. أمّا من شذ عن ذلك
-كما هو الحال مع سدنة النظام
القمعي وعناصره- فقد شذّ بنفسه
عن هذا الانتماء الحضاري
الجامع، الذي ينعكس في الثورة
السلمية في سورية، مثلما ينعكس
في انطلاقة الثورات العربية
عموما.. وهذا بالذات هو ما أثار
"ذهول" العالم من خارج نطاق
هذه الدائرة الحضارية مثلما
أثار "الإعجاب" أيضا..
ومثلما أثار ويثير التساؤل "كيف
يقتل المجرمون الإنسان الذي
يشتركون معه -ظاهريا- في انتماء
واحد؟!.. بعيدا
عن الإطالة حيث ينبغي الإيجاز،
يكفي التنويه بمثال واحد على
مفعول الإرث المعرفي الذاتي في
تكوين الإنسان الفرد المعاصر،
من عامّة الشعب في سورية، كأخيه
الإنسان الفرد المعاصر، في
الدائرة الحضارية الإسلامية
بأسرها: لم
يطلق الرسول صلى الله عليه
وسلّم وصف "أفضل الجهاد"
على "استخدام السلاح" -وإن
كان مشروعا- ضدّ سلطان جائر..
ولكن أطلق هذا الوصف على "كلمة
حق" ضدّه.. ومن ذلك مثلا في هذه
الأيام تلك الكلمة الهادرة
المزلزلة لأركان جميع الطواغيت
الصغار: الشعب يريد إسقاط
النظام!.. لأنّها كلمة معبّرة
بإبداع شعبي بلاغي عميق عن قوّة
الإرادة الشعبية، الإرادة
الإنسانية المحضة، ومفعولها في
صناعة التغيير. وعندما
ذكر الرسول صلّى الله عليه
وسلّم مرتبة "سيّد الشهداء"
حمزة بن عبد المطلب رضي الله
عنه، لم يتحدّث عن شهداء في قتال
منظم -ومكانتُهم في العليين-
ولكن رفع إلى تلك المرتبة مَن
يستشهد عندما يقول "كلمة حق
عند سلطان جائر" فيقتله.. كما
صنع النظام القمعي في سورية مع
الشهيد الطفل حمزة الخطيب
وأقرانه!.. فلم ينجح بذلك في
إرهاب نساء سورية ورجالها بل
خرجوا مجدّدا مع أطفالهم
يتحدّون القمع الإرهابي.. وهم
يعلمون دون أن يلجؤوا إلى
السلاح ردّا عليه، أنّ
الاستبداد القمعي يحفر
بممارساته قبره لنفسه بنفسه. إنّه
إرث معرفي حضاري راسخ، إذا
ارتبط تأثيره بالعقيدة لدى
المسلم المؤمن، فإن له تأثيرا
واضحا أيضا على صعيد ما يمارسه
أي فرد آخر.. أي فرد ثائر في
سورية، سواء كان من الأطفال دون
الرشد، أو كان من المحرومين من
حق التعلّم، أو كان ممّن ترك
غسيل الدماغ الحزبي الجماعي
لعدّة عقود بعض الأثر على طرق
تفكيره واقتناعاته. ويبقى
السؤال قائما من بعد ما سبق كلّه: هل
الأجدى بالموازين الموضوعية
لتحقيق الهدف، التشبّث بسلميّة
الثورة المشروعة، أم الأجدى
اللجوء إلى استخدام القوّة
المشروعة ضدّ نظام لا شرعية له
ولاستبداده ولقمعه.. منذ وجد؟.. علام
التشبّث بسلمية الثورة؟ في
ربيع الثورات العربية لم يعمل
جاهداً طرف من الأطراف من أجل أن
يحمل الشعب الثائر السلاح
ويقاتل الظالم.. قدر الحاكم
الظالم نفسه!.. يسري
هذا اليوم على سورية أضعافا
مضاعفة، مثلما يسري على كل بلد
آخر شهد ثورة.. أو انطلاقة ثورة
في المنطقة العربية. ومع
تكرار التأكيد أنّ السؤال
المطروح ليس مطروحا من حيث "المشروعية
أو حقّ استخدام الثوّار لوسائل
القوة الممكنة"، يبقى أن
الثورة الليبية هي المثال
الوحيد على "نجاح الاستبداد"
في اصطناع "معركة مسلّحة"
داخلية، وهو يعلم أنّها غير
متكافئة، وربّما لم يقدّر آنذاك
أنّ قوى الهيمنة الدولية
ستستغلّ هذه الثغرة لمآربها
الذاتية من خلال تدخل عسكري
خطير العواقب، وإن ساهم في
التعجيل بنهايته، التي أصبحت
محتمة منذ اللحظة الأولى للثورة
الشعبية ضده. الحصيلة
في سورية: إن
النظام الاستبدادي القمعي الذي
يسعى لاصطناع "معركة مسلّحة"
داخلية، يفتح مثل تلك الثغرة
الخطيرة، وسيّان هل يصحّ توهّمه
أنّ قوى الهمينة الدولية
ستستغلّها أم سيكون في ذلك على
طريق الاستبداد القمعي في ليبيا..
ومن هنا يخاطر النظام القمعي في
سورية -بل يقامر- بسورية الوطن..
والدولة.. والشعب.. والدور
الإقليمي.. والمكانة الدولية. وبالمقابل: إن شعب
سورية الثائر يتشبّث بسلمية
ثورته، لأنّه هو الأوعى من ذلك
النظام، ولأنه هو الحريص من دون
ذلك النظام، على سورية الوطن..
والدولة.. والشعب.. والدور
الإقليمي.. والمكانة الدولية. وعندما
نورد مزيدا من الأمثلة، على ما
يعنيه اصطناع "معركة مسلّحة"
داخلية، بمنظور الوحدة الوطنية
لشعب سورية، أو منظور "التضحيات
الكبرى"، أو منظور "التدمير
الذاتي"، أو منظور "بناء
المستقبل"، أو أي منظور معتبر
آخر، فسوف نصل مرة بعد أخرى إلى
النتيجة ذاتها: هذا
نظام استبدادي قمعي، لا يحرص
على شيء سوى بقاء استبداده
وفساده، وهو على استعداد من أجل
ذلك، ليس لممارسة التقتيل
والتعذيب والتشريد واغتيال
إنسانية الإنسان في الساحات وفي
المعتقلات، ضدّ شعب سورية كما
يصنع الآن، فحسب، بل على
استعداد أيضا لاغتيال الوحدة
الوطنية، واغتيال سورية،
واغتيال المستقبل. وهذا
شعب يتشبّث بسلمية ثورته، مع
الاستعداد للتضحيات الجسام،
بالنفس والنفيس، لأنه يريد أن
يزيل إلى غير رجعة كابوسَ هذا
النظام الاستبدادي القمعي،
الجاثم على أرض سورية وعلى صدور
أهل سورية جميعا، والذي يمثّل
بقاؤه الخطر الأكبر على الوحدة
الوطنية وعلى سورية وشعبها
ومستقبلها. إن
سلميّة الثورة الشعبية في
سورية، جزء لا يتجزّأ من وعي شعب
سورية بأنّ أهدافه المشروعة لا
تقتصر على "الدفاع عن نفسه"
ضد الطاغوت، بل تشمل في الوقت
نفسه الدفاع عن سورية الوطن
والتاريخ والمستقبل، ومن خلال
ذلك الدفاع أيضا عن المنطقة
العربية والإسلامية وقضاياها
المصيرية في الحاضر والمستقبل. ============================= عبدالباسط
البيك قال
وزير الدفاع السوري العماد علي
حبيب إن سورية تتعرض لمؤامرة
تأخذ أشكالاً عدة حيث تمارس
عليها ضغوط مستمرة ومتصاعدة في
محاولة للتدويل والتدخل
الخارجي ودعم الانقسام
والاقتتال الداخلي. وبين نائب
القائد العام للجيش والقوات
المسلحة في كلمة له خلال احتفال
بتخريج دورتي القيادة والأركان
العليا والدفاع الوطني إن
الولايات المتحدة وبعض الدول
الأوروبية عملت على فرض إجراءات
ضد سورية، ومحاولة استصدار قرار
من مجلس الأمن يتضمن إدانة لها
وصولاً إلى الضغط على مجلس
محافظي الوكالة الدولية للطاقة
الذرية لتحويل ما يسمى بالملف
النووي السوري إلى مجلس الأمن
متجاهلين التعاون السوري مع
الوكالة في محاولة لزيادة
الضغوط و نحن
نؤيد ما قاله العماد حبيب عن
وجود مؤامرة خارجية دائمة و
مستمرة تخضع لها سورية عقب
إستقلالها عن فرنسا و لهذه
الساعة . و نضيف على ما قاله
العماد حبيب بأن سورية تخضع
أيضا لمؤامرة داخلية خطيرة بدأت
منذخمسة عقود عندما وثب الضباط
العسكريون على السلطة و أعقبه
بداية عهد حزب البعث الذي
إنفراد بالسلطة عنوة و عنفا . و
تصارع الرفاق المدنيون و
العسكريون فيما بينهم على
السلطة فطارت الرؤوس و أزهقت
النفوس و سرقت الأموال و هربت
للخارج و خنق صوت كل حر شريف و
حلت مرحلة سماع صوت النفاق و
الخسة و النذالة , و سادت مفاهيم
الطائفية التي زرعها النظام في
مجتمع ذو طبيعة تعددية ليسيطر
بواسطتها على المجتمع السوري
بالقمع و البطش و الإرهاب . لقد
قتل النظام الحرية و الكرامة , و
سجن العزة و إقتلع روح المواطنة
و حب الوطن من عقول و قلوب
المواطنين . إن خطر المؤامرة
الداخلية أعمق تأثيرا على الوطن
من المؤامرة الخارجية . و كان
حريا على من يزعم بوجود مؤامرة
خارجية على الوطن أن يسعى إلى
تقوية الجبهة الداخلية وإلى رص
الصفوف إستعداد لمواجهة العدو .و
لا سبيل لنجاح الشعار المزعوم
الصمود و التصدى إلا بإتخاذ هذا
النهج السليم . ما طبقه النظام
بدمشق هو نقيض ما ينبغي القيام
به . و لا يخفى على أحد سلبية
السياسات الإقتصادية و
السياسية التي سنها نظام الرئيس
الأسد ثم خليفته من بعده . لقد
اراد النظام أن يحكم بقوة أجهزة
المخابرات و برؤوسها المتعددة ,
و هكذا كان .لقد سمع الشعب
السوري خطابات عديدة من الرئيس
بشار عن اصلاحات , و بقي الكلام
كلاما معلقا في الهواء و حبرا
على الورق , ولم تشهد الحياة
السياسية أي مظاهر صحيحة ة لأي
إصلاح ضروري موعود. ويعيب الشعب
على نظام الرئيس بشار بأن في
عهده زادت معالم الفساد المالي
و الإداري و برزت شخصية رامي
مخلوف كأخطبوط مالي مع بقية
المقربين من الأسرة الحاكمة , و
تحولت مؤسسات الدولة بكاملها
لتكون لعبة بأيادي فئة محدودة
تتحكم بمقدرات البلد السياسية و
الإقتصادية . و مما
سلف , يتوضح لنا أن أمر المؤامرة
الداخلية هو أعظم سوء من
مؤامرات القوى الخارجية على
سورية . و الأولى بأهل النظام
إصلاح ما تم تخريبه منذ يوم
الثامن من آذار 1963 حين إحتكم
طائفة من السياسيين و العسكريين
إلى السلاح ليقيموا عليه بناء
النظام السياسي في سورية ضاربين
بعرض الحائط أسس النظام
الديمقراطي خدمة لمصالح العدو
الذي لا يريد لسورية أن تحظى
بإستقرار سياسي قائم على إحترام
الصوت الآخر . إن الخلاص من
المؤامرة الداخلية يحتم علينا
إعادة بناء أسس الوطن على قواعد
فكرية و سياسية و إجتماعية التي
كان تحكم الحياة السياسية قبل
وقوع نكسة الثامن من آذار , حين
كانت التعددية الحزبية سائدة و
تمثل كل أطياف المجتمع بمذاهبه
و طوائفه في الحراك السياسي و لا
تستثني أحدا لأن الجميع شركاء
في الوطن . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |