ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 02/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

يا أبناء التل ..

د.منير محمد الغضبان*

يا أبناء التل ، مدينة ، وقضاء، وناحية ، وقرية ، وفردا

يا أبناء التل المجاهد ويا أبناء الجبل الشامخ ، يا أبناء شعبنا العظيم ...

أولا : أحيي فيكم هؤلاء الشباب الذين يصنعون تاريخا جديدا عجز جيلنا والأجيال التي قبله أن يصنعوه ، فأنتم معجزة عصركم ، يا أبناء الفيس بوك وتويتر ويوتيوب) لقد هزمتم دبابات الظلمة وهزمتم طائراتهم ، وهزمتم أسواط الجلادين ، وحراس الزنازين ، ورصاص الغادرين ، وأبرزتم أمتكم في الوجود ، وأخرجتموها إلى النور بعد قرابة نصف قرن .

والله إنا لنستصغر أنفسنا أمامكم وأنتم تكتبون سجل المجد لأمتكم ..

وأقصى ما قدمناه من كلمات ، جبلتموها بدمائكم ، وحولتم الخيال إلى واقع ، وانتقلتم بأمتكم من الأحلام ، وأكبر من الأحلام ، إلى الوقائع والأرقام ، وأنتم جزء من هذا الشعب السوري العظيم .

من هذا المارد الجبار الذي انتفض ؟ ومن هذا الحق الذي جاء . ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب . قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد )

لقد كنتم قدر الله الغالب الذي اصطفاكم واختاركم ، ليبني بكم أمة حرة كريمة عزيزة ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)

وأنتن يا حرائر التل .. بأبي أنتن وأمي . أنتم الذين تشعلون الوقود في أبنائكم ، وأنتم المرجل الذي يغلي فيحرق باطل الطغاة وزيفهم ، أمهات ثكالى وزوجات أرامل وأخوات صابرات . وفتيات مثل الزهر يقلن الحرية أو القبر ، إنكن والله لأمتنا الفجر والفخر ..

وسوف يمر الزمن .. وسوف يتمنى كل شاب ، وكل فتاة وكل شيخ ، فاته شرف المشاركة في أفضل الجهاد . كلمة حق عند سلطان جائر .أن يكون قد شارك ولو بكلمة تسجل له في هذا الجهاد ، أو درهم بذله عونا له ، وسوف تقيل نفسه حسرة أن فاته هذا الشرف .

إيه يا شباب ،إيه يا عظماء الأمة ، ولا يغسل عار مدينة التل إلا خمسين ألفا من أبنائها تعلن للظالم لا ، تعلن كما قال الفاروق رضي الله عنه : يعجبني الرجل إذا سيم خسفا أن يقول بملء فيه : لا . هذه تربية الكرامة التي تربى عليها تلامذة محمد صلى الله عليه وسلم ، حين قال عمر رضي الله عنه وهو على المنبر : ما تفعلون إذا ملت برأس هكذا ؟ فأجابه جندي من غمار الناس : نفعل بالسيف هكذا ، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في رعية عمر من إذ اعوج قومه بسيفه .

دعونا إذن نبارك جهادكم ، ونبارك مظاهراتكم ، ونغبطكم على أجركم ، فأنتم قادة التحرير للأمة .

أما أنتم يا بعض وجهاء التل .. الذين تتزلفون إلى السلطان المنهار الخائن العميل ، فتقنعون أولادكم بالخنوع والمذلة ، والتمرغ في وحل النفاق ، وتمنعونهم من الخروج أو تقنعونهم بعدم الخروج مع المظاهرات ، وتكونون ظهيرا للمجرمين من الطغاة ، وتتسابقون في نجاحكم بالحيلولة دون خروج الشباب للموت .

دعوني أصارحكم بما أنتم عليه .

إني والله لأعرف أنكم في قلوبكم تلعنون هؤلاء الطغاة ، وتستجيرون من ظلمهم ، ويُسارُّني كثير منكم برأيكم فيهم ، ولن أذكر اسما واحدا حتى لا أحرج أحدا .

أذكركم بما قال الله في أمثالكم من المنافقين :

((ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة . ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين )

((ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون ، لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ))

((وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خلدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم .))

((فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ))

((إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ))

حتى لو بنو المساجد الكبرى وزينوها ..

((والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى . والله يشهد إنهم لكذبون ))

حتى ولو ذكرتهم بالقرآن وبكتاب الله

(( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون ، وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون))

يا وجهاء التل وعقلاءها . اختاروا

إما أن تكونوا من هؤلاء المنافقين الذين سمعتم ما قال الله فيهم ،وتحشرون يوم القيامة مع الكافرين لا مع المؤمنين ((ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا ..))

وسوف تلقون عشرات الألوف ومئات الألوف يوم القيامة يتشبثون بكم ويجأرون إلى ربهم : يارب هؤلاء الذين أضلونا . يارب هؤلاء الذين ثبطونا أن نجاهد الباطل ونحاربه . يارب هؤلاء الذين منعونا من جهاد الطغاة والظلمة . وأحضروا من الآن جوابا لهذا الموقف .

وإما أن تختاروا على الأقل السكوت والخرس وتقفوا على الحياد . حتى لا تقام عليكم الحجة كما ذكرنا عن الفريق الأول .

وإما أن تخلعوا أيديكم من أن تكونوا أذنابا للطغاة تبيعون دنياكم بدينكم . وتضعوا أيديكم بأيدي شبابكم . ويجتمع مئات الوجهاء من كل قادة التل وزعمائها ، ويكونوا على رأس المظاهرات التي تطالب بإسقاط النظام . وتعلنوا القربة إلى الله بهذا الموقف .

((إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ، إلا الذين تابوا وأصلحوا ، واعتصموا بحبل الله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ))

*باحث إسلامي سوري

===========================

التيار السياسي الإسلامي في سورية

العمل الوطني المفروض على طريق الثورة

نبيل شبيب

يبدو أن التيار الإسلامي في سورية بمختلف أطيافه، تنظيما وأفرادا، حركة وفكرا، علما شرعيا ودعوة، انتماء عقديا وهوية وطنية، قد وقع في "الفخ".. ليس الآن أثناء مسلسل أحداث الثورة الشعبية وما يُبذل من جهود وأنشطة على طريق صناعة المرحلة التالية، بل منذ فترة زمنية لا بأس بها.

والتيار الإسلامي مسؤول تجاه شعب سورية وثورته وتجاه سورية وطنا ومستقبلا، وتجاه العرب والمسسلمين والتاريخ، عن الخروج من "الفخ" بالطريقة التي تحقق المصلحة العليا وتعبّر عن الإرادة الشعبية.

 

ملامح من الواقع التاريخي

لا حاجة في الوقت الحاضر إلى الوقوف وقفة تأمّل أو مقارنة للإجابة على السؤال: من يمارس الإقصاء ومارسه، على أرض الواقع وعبر السلطة، وما هي الراية المتميّزة بمواقف الإقصاء وممارسته، من بين الرايات التي تميّز الاتجاهات الإسلامية والعلمانية عن بعضها بعضا.. هذا إذا صدق الجميع بدعوى الالتقاء وفق مقتضيات الوحدة الوطنية، إذ لا يمكن أن تستقرّ "الحاضنة الوطنية الجامعة" إلاّ على أساس إلغاء نهج الإقصاء وممارساته تجاه أي طرف أو انتماء أو هوية أو اتجاه أو اجتهاد في نطاق الوطن السوري المشترك.

لا داعي للمقارنة في اللحظة التاريخية الراهنة، إنما لا بدّ على ضوء ما تشهده الثورة الشعبية في سورية من حراك، وما يحيط بها من مخاطر، من التمهيد للفقرات التالية بتعداد لمحات موجزة للغاية ممّا يحدّد معالم "وجه" التيار السياسي الشعبي الإسلامي في سورية بالذات، ومن ذلك باختصار شديد:

1- مشاركته في صناعة تاريخ سورية أثناء الاستقلال..

2- مشاركته المباشرة في مسيرة المقاومة الأولى لمواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة..

3- مشاركته في أوّل حياة نيابية سياسية في سورية في الخمسينات من القرن الميلادي العشرين..

4- مشاركته الطبيعية في الساحات الفكرية والاجتماعية والعلمية مشاركة تنافسية مع سواه آنذاك ومن بعد..

5- تعرّضه أكثر من سواه للملاحقة والحصار والاضطهاد منذ السنوات الأولى لترسيخ الاستبداد الفاسد الحالي في سورية مع انقلاب 1963م (أي قبل ما يعرف بأحداث الثمانينات ببضع عشرة سنة)..

6- رفض أكثريته لاستخدام العنف المضاد لعنف الدولة عندما لجأ فريق من ذوي الاتجاه الإسلامي المضطهدين إلى السلاح في مواجهة الاستبداد القمعي (وكأنّهم تأثروا بنهج الانقلابات العسكرية وتشكيل الميليشيات القمعية المسلّحة واعتماد قوة السلاح مع أجهزة التسلّط لإلغاء ألوان الطيف كلّه في سورية سوى لون الاستبداد الحاكم)..

7- طرحه للفكر التعدّدي والديمقراطي والوطني على أوسع نطاق وأرسخه بالمقارنة مع سواه طوال التسعينات من القرن الميلادي العشرين وحتى الآن..

8- تأكيده مع اندلاع الثورة الشعبية لجميع العناصر المشتركة بين سائر ألوان الطيف العقدي والفكري والقومي والسياسي في سورية منطلقا لبناء مستقبل سورية..

لا يعني ما سبق أن جميع هذه الملامح واضحة وكاملة عند كل منظمة أو جماعة أو فرد أو كتاب أو دعوة على حدة، ممّا يُحسب على التيار الإسلامي، فهو -ككلّ تيّار آخر- لا يحمل صفة "التجانس المطلق" ولا يمكن له ولا لسواه أن يحملها.. إنّما هي الملامح الكبرى التي يمكن تثبيتها وإثباتها بالشواهد والأدلّة، من وراء مفعول الحملات الإعلامية والسياسية والقمعية والتعميمية المضادّة، على امتداد عدّة عقود، ممّا تعرّضت له جهات أخرى.. بقدر أقلّ، وهي حملات تشويه مرفوضة ومُدانٌة في الأصل سواء كانت مكثفة أو مخففة.

 

الإقصاء والاستبداد توأمان يتناقضان مع الوحدة الوطنية

كل تيار.. أو حزب.. أو فرد.. أو طرح سياسي وغير سياسي، له وعليه، فهو دوما حصيلة رؤى أفراد وممارساتهم، يعملون في الحالة الطبيعية لتمثيل مبدأ أو تصوّر أو منهج، فيصيبون ويخطئون.

ولهذا -وبغض النظر عن المعتقد أو التصوّر الذاتي- لا يُحمّل الإسلام مسؤولية أخطاء الإسلاميين، مثلما لا تحمّل العلمانية مسؤولية أخطاء العلمانيين، أو الاشتراكية، أو الشيوعية، وهكذا..

ولهذا أيضا، أي بعيدا عن توظيف أخطاء "الآخر" بالمنظور الذاتي، من أجل إقصائه، لا مناص من تطبيق القاعدة المشتركة:

إنّ تطبيق العنصر الجامع لمختلف القوى السياسية تحت عنوان "الوحدة الوطنية" يقتضي أن تتساوى الفرص أمام جميع مكونات الحياة السياسية من تيارات وأحزاب وأفراد وأطروحات.. دون تمييز ولا إقصاء.

ويعني تساوي الفرص تساوي الحقوق في عرض كل فريق لِما لديه على صعيد المرجعية والنهج، صياغة للدستور، ولميثاق وطني مشترك، ولقواعد ما يسمّى اللعبة السياسية.. وكذلك حق عرض كل فريق نفسه على الشعب، من خلال قادته السياسيين، ومفكريه وإعلامييه وناشطيه، على صعيد تطبيق هذا النهج عبر "السلطة الحاكمة والمعارضة".. ولا يوجد جهة تحكيم يمكن اعتمادها بصورة مشتركة سوى الشعب، أي الإرادة الشعبية عبر استفتاءات وانتخابات حرة نزيهة مضمونة التقنين والآليات التطبيقية والتزام النتائج، باعتبار الشعب سيّد نفسه، ولا سيادة لفريق دون آخر عليه.

إن كل إقصاء لفريق ما من هذا النسيج التعددي، سواء كان إسلاميا أو علمانيا أو يحمل عنوانا آخر، هو "خرق" خطير للوحدة الوطنية نفسها، وكل خرق يبدأ مع تكوين الدولة، هو بذرة خطيرة، يتسع نطاقه، ويرسّخ شكلا من الاستبداد، وجميع أشكال الاستبداد مرفوضة.. ومن يتحرك على هذا الطريق الإقصائي، لا يمثل الثورة الشعبية على الاستبداد، ولا الإرادة الشعبية المتطلعة إلى استقرار وضع عادل وقويم بعد الاستبداد.

 

الخشية من التيار الإسلامي علامة ضعف ذاتي

لا يصحّ في الوقت الحاضر بمنظور المصلحة العليا للوطن والشعب، الدخول في التفاصيل عبر الأمثلة والشواهد والوقائع المرافقة -الآن- لجهودٍ تُبذل -وهي ضرورية في الأصل، شريطة أن تكون قويمة جامعة لا ممزّقة- من أجل الوصول بنتائج الثورة أولا إلى إسقاط النظام الاستبدادي الفاسد، ثانيا إلى إقامة نظام عادل مستقر، قد تختف مسمّياته بين فريق وفريق، ولا ينبغي أن يختلف جوهره، أي قيامه على أساس الحاضنة الوطنية الجامعة دون إقصاء.

دون تفصيل لا بدّ من التنويه بما يمثل في الوقت الحاضر ما يشبه الحلول الوسطية القائمة على إقصاء التيار الإسلامي من قبل أن تصل الثورة إلى هدفها الأول، وفي هذا التوجّه مخاطر كبرى:

1- على مسار الثورة الشعبية الجامعة أولا.. تفريغا من محتواها الحقيقي المشترك وإجهاضا لنتائجها المشتركة.

2- على الوحدة الوطنية ثانيا.. تزييفا لمفهومها ومضمونها ومتطلباتها على أرض الواقع.

3- على مستقبل سورية بعد الثورة ثالثا.. فلا يحقق الإقصاء فائدة لصالح أي فريق أو تيار، إنّما يستفيد منه الاستبداد الفاسد الفاقد للشرعية، والمستغلّ لانتماءات وتوجهات معينة، بما في ذلك ما يرفع هو عناوينه، فإذا استطاع الاستمرار (أي إطالة عمره وقد أوشك أن ينقضي بفضل الثورة الشعبية) من خلال توسيع نطاق ما يعتمد عليه من "عناوين"، تضاف إلى عنوانه "البعثي"، فلن يلغي ذلك صفة الاستبداد عنه وعما يجري تكوينه معه، ولا يمكن أن يزيل الأسباب التي تفرض استمرار الثورة.

وانطلاقا من هذه الأخطار يجب القول بوضوح:

إن التيار الإسلامي جزء من نسيج التيارات السياسية القائمة على أرض الواقع، الشعبي والتاريخي والوطني، وكل طرف يعمل لإقصائه، مستبقا الاحتكام للإرادة الشعبية في اختيار مرجعية الدولة ودستورها ونهج حكمها والسلطات الحاكمة، إنما يعبر:

1- عن خشيته من هذا الاحتكام، وهذا ما يصنع بينه وبين الشعب هوّة عميقة كالهوة التي صنعها الاستبداد المتسلّط لنفسه.. حتى وإن لم يقصد ذلك.

2- عن خشيته من منافسة التيار الإسلامي على أساس الإرادة الشعبية، وهذا ما يعني الإقرار بقوّة التيار الإسلامي شعبيا، وضعفه هو شعبيا.. حتى وإن ناور حول ذلك.

3- عن خشيته من تطبيق ما يدعو إليه، أو يقول إنّه يدعو إليه، تحت عناوين الوحدة الوطنية والتعددية وتداول السلطة والديمقراطية ودولة القانون، ولا بديل عن تطبيق هذه العناوين سوى الاستبداد.. حتى وإن نزّه نفسه عن هذه السقطة.

لم تنطلق الثورة الشعبية السورية من أجل هذا..

لم تكن التضحيات البطولية المتواصلة من أجل هذا..

إن الوعي الكبير لدى الجماهير الشعبية في سورية كان ولا يزال بمثابة العمود الفقري لانطلاقتها وانتشارها وصمودها واستمراريتها.. ولا يمكن الالتفاف على هذا الوعي الشعبي بأي لعبة سياسية أو حلول وسطية أو انحراف عمّا يقتضيه ويفرضه الاحتكام للإرادة الشعبية والقبول بنتائجه والالتزام بها.

 

التيار الإسلامي تيار سياسي لجميع أطياف الشعب

يجب أن يدرك الذين يتحرّكون تحت عنوان تيار إسلامي في سورية، أنّ قوّة هذا التيار -سياسيا- صادرة عن كونه تيارا شعبيا جامعا لمختلف أطياف شعب سورية، وليس هو -سياسيا- مقتصرا على فئة دون أخرى من الفئات الشعبية، كما يشيع خصومه عنه.. وهذا ما ينبغي أن يكون أساس تعامله مع "أطياف" تيارات الحياة السياسية في سورية.

إنّ التيار الإسلامي يعبّر عن:

1- من يتبناه من المسلمين من منطلق ارتباط المسلم بالإسلام عقيدة ونهجا.. ومن يتبنّاه من غير المسلمين إرثا معرفيا حضاريا ونهجا عادلا، لأن مبادئ العدالة والشورى والحرية وسواها من القيم الإنسانية الكبرى، هي من ثوابت الإسلام، التي لا تقتصر على إنسان دون إنسان، ومن لا ينطلق من ذلك لا يضعف انتماؤه إلى الإسلام دينا فحسب بل إلى التيار السياسي الشعبي الإسلامي أيضا.

2- من يتبناه من المسلمين الملتزمين بإسلامهم عقيدة وقيما ونهجا.. ومن يتبناه من المسلمين غير الملتزمين بإسلامهم عقيدة وقيما ونهجا، لأنّ كلّ دعوة سياسية أو فكرية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو إبداعية أدبية وفنية، أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة، لا تكتسب صفة إسلامية باسم تيار أو تحت أي مسمّى آخر، إذا انطوت على صورة من صور "ظلم الآخر"، حتى ولو كان من قوم بينهم وبين المسلمين "شنآن" فكيف الحال مع مسلمين لا يلتزمون ببعض جوانب الإسلام.. كالجانب السياسي.

3- من يتبناه على تباين الانتماءات القومية في النسيج الوطني المشترك، وعلى اختلاف الانتماءات الطائفية في النسيج الوطني المشترك، لأنّ من مقتضيات العقيدة في الإسلام أن "لا إكراه في الدين" وتحريم التعصب وتحريم التمييز بمختلف أشكالهما، ومن ينتسب إلى التيار السياسي الإسلامي ملزم بمقتضيات الإسلام نفسه.

لا يواجه التيار الإسلامي في سورية بمختلف أطيافه، تنظيما وأفرادا، حركة وفكرا، علما شرعيا ودعوة، انتماء عقديا وهوية، إشكاليةً حقيقية بشأن تعامله مع شعب سورية بمختلف أطيافه، فلا ينبغي أن يتعامل مع الواقع السوري في اللحظة التاريخية الراهنة (ولا في سواها..) من منطلق الدفاع عن نفسه إزاء اتهامات صادرة عن سواه من التيارات السياسية والتصوّرات المتعددة -وليس من الشعب مباشرة- كما هو الحال في الوقت الحاضر أو كما كان في فترات ماضية.. وهذا بالذات هو "الفخّ" الذي انزلق إليه.

 

شعبية التيار السياسي الإسلامي

شعب سورية -كأشقائه- لا تصنعه التيارات.. بل يصنع هو التيارات المتعددة.

ويعني ذلك: لا يمكن إخضاع شعب سورية الآن ولا مستقبلا لتيار بعينه، ولهذا اندلعت ثورته الشعبية الشاملة البطولية على الاستبداد الفاسد الذي حاول ذلك.

كل من لا ينطلق من سيادة الشعب وسيادة إرادته عليه، ولا يدرك (ويتصرّف بناء على هذا الإدراك) أن وجوده مرتبط بحقيقة أنه من صنع الشعب وليس هو "مصنعا" للشعب، لن يكتسب الآن أو مستقبلا، ثقة جماهيرية تخوّله عبر وسائل تحكيم الإرادة الشعبية بأن يلعب دورا "أكبر من حجمه الشعبي الحقيقي"، وبالتالي ينزلق -أقرّ بذلك أم لم يقرّ- إلى اتباع نهج استبدادي، جدير برفضه شعبيا، وهذا ممّا تعبّر الثورة الشعبية عنه.

لقد أصبح حصول التيار السياسي الشعبي الإسلامي على ثقة الغالبية من الشعب، كما لو أنّه وصمة عار، أو تهمة من التهم، أو خطر من الأخطار، ولا يقال ذلك عن سواه.

وإن تقبّل أي فرد أو جماعة أو طرف من داخل التيار السياسي الشعبي الإسلامي لهذه الصيغة المنحرفة الفاسدة والتصرف تبعا لها، هو بحد ذاته خيانة للإرادة الشعبية، والوحدة الوطنية، وليس للتيار نفسه.

ليس ذنبا.. ولا خطيئة.. بأي معيار قويم أن يحصل التيار السياسي الإسلامي على تأييد شعبي لا يحصل سواه على مثله.. في سورية أو سواها!..

ولا يمكن تثبيت معايير قويمة سوى معيار الاحتكام إلى الإرادة الشعبية.

فإن عبّر الشعب عن نفسه مع توافر الشروط والضمانات المتكافئة، نتيجة دوافع عقدية، أو عاطفية، أو حماسية، أو منطقية، أو عقلانية، أو معيشية، أو أية دوافع أخرى، تسري على جميع الشعوب، مثلما تسري على شعب سورية، فلا يوجد ما يمنع أيّ تيار سياسي.. من العمل على أن تكون حصيلة تلك الدوافع في صالحه هو، وهذا ما يسري على التيار السياسي الإسلامي.. كسواه!..

من ينجح من هذه التيارات السياسية على تعدد خلفياتها، العقائدية والفكرية والمنهجية، وفق هذا المعيار.. فهذا دليل قوته، ومن لا ينجح فهذا دليل ضعفه.

ومن يخفق.. فلا يرى طريقا للنجاح سوى "إقصاء" سواه.. فهذا دليل انحرافه علاوة على ضعفه.

وهذا بالذات ما ينبغي أن يكون منطلقا للجميع، الآن.. في اللحظة التاريخية الحاضرة من تاريخ سورية، ولا ينبغي للتيار السياسي الشعبي الإسلامي أن يشذّ عن هذا المنطلق، فيتحوّل جزئيا أو كليا، إلى موقع الدفاع عن نفسه، وكأنه "يأبى" تأييد غالبية الشعب له.. وهذا بالذات ما تعنيه كلمة "الفخ" الذي يجب أن يخرج التيار الإسلامي منه.. الآن.

 

بالصوت العالي: نحن تيار سياسي شعبي إسلامي

لا أحد يقول لعلماني.. تجنّب إعلان شعاراتك ومسمياتك وأطروحاتك العلمانية من أجل الوحدة الوطنية، فالوحدة الوطنية تعني "حاضنة التعددية" ومثل هذا القول يتناقض مع التعددية بصورة مباشرة.

ولا أحد يقول شبيه ذلك لاشتراكي، أو بعثي، أو "ليبرالي"، أو يساري، أو قومي عربي، أو قومي كردي، أو آشوري.. أو أي طرف يعتبر نفسه جزءا من الحاضنة الوطنية المشتركة، ويحتفظ لنفسه بحق التعبير عن نفسه وفق ما يراه لنفسه من انتماء وتصوّر ونهج تطبيقي.

ولهذا: كلّ من يطالب التيار الإسلامي، من خارج نطاقه.. بل من داخل نطاقه أيضا، بأن يحذر من التعبير عن نفسه وفق مسمّاه الحقيقي: تيار سياسي شعبي إسلامي، يقع هو وليس التيار الإسلامي، في تناقض مباشر مع التعددية ومقتضياتها، وبالتالي مع الوحدة الوطنية نفسها.

لم تنقطع المطالب بهذا المعنى وإن اختلفت الصياغة من وقت لآخر ومن جهة لجهة، تجاه التيار الإسلامي، وكان -مقابل ذلك- مشغولا أو شاغلا نفسه بالرد على الاتهامات إنكارا أو عبر أطروحات يعبّر فيها عن نقيض تلك الاتهامات..

إن التيار الإسلامي يتبنّى الوحدة الوطنية على المستوى القطري، والوحدة العربية على مستوى الأقطار العربية، والوحدة الإسلامية على مستوى البلدان الإسلامية، لأنّ الإسلام الذي يتبناه، يفرض عليه الدعوة إلى ذلك كله.. وليس ردا على اتهامات سياسية تصدر عن "خصوم" سياسيين.

وهذا ما يسري على تبنّي التعددية، والحرية، والعدالة، وتداول السلطة، واستقلال القضاء، وسيادة القانون، والقيم، والأخلاق، والعدالة الاجتماعية، وحرية المجتمع الأهلي/ المدني، وحقوق الإنسان وحرياته ذكورا وإناثا وأقليات، وسيادة الدولة على صناعة قرارها داخليا وخارجيا، والالتزام بالقضايا المصيرية بدءا بقضية فلسطين مرورا بقضية التقدم والنهوض، انتهاء بتحرير الإنسان من مختلف أشكال الهيمنة..

جميع ذلك -والقائمة أطول- مكوّنات أصيلة فيما يفرضه تبنّي التيار السياسي الشعبي الإسلامي في سورية -وسواها- على كل من ينتسب إليه، وعلى ما يصدر عنه من مواقف ومناهج وما يمارس من سياسات.. فإن وُجد من يخالف ذلك، يُحاسب، ووقوع المخالفات والمحاسبة الذاتية أو القانونية في دولة قويمة عليها، هو شأن كل تيار سياسي آخر.. أو يُفترض أن يكون كذلك.

لم تنقطع مطالبة التيار السياسي الشعبي الإسلامي بجميع ما سبق وأمثاله، طوال العقود الماضية، حتى إذا غلب تعبيره عنها على كل طرح جزئي آخر.. لم تكن الحصيلة أن يتخلّى "الخصوم السياسيون" من تيارات أخرى، عن "إقصاء" التيار الإسلامي، بل بات المطلوب منه هو أن يتخلّى عن "اسمه" ايضا.. عن هويته، دون أن يتخلّى سواه عن اسم أو انتماء أو هوية.

هذا مرفوض جملة وتفصيلا. إنّ الاستجابة لذلك تعني الوقوع في "الفخ".. والمطلوب من التيار الإسلامي في اللحظة التاريخية الحاضرة من تاريخ سورية، وفي المستقبل ايضا.. أن يقول بالصوت الواضح والعالي: نحن تيار سياسي شعبي إسلامي، بجميع هذه المواصفات، ولا مجال للتخلّي عن موقعنا الثابت.. في الحاضنة الوطنية المشتركة، ولا مجال للذوبان فيها ما بين تيارات سياسية أخرى.. لا تذوب ولا تضمحل، ولا تقتضي الوحدة الوطنية ولا المصلحة العليا ولا الإرادة الشعبية ذلك منها، ولا من التيار السياسي الشعبي الإسلامي أيضا.

من أراد من أصحاب التيارات السياسية المتعددة أن يكون له وجود فاعل في حاضر سورية ومستقبلها عليه أن ينطلق من العمل المباشر من أجل أن يكون لسواه وجود فاعل أيضا، أما العنصر الذي يحدّد حقيقة "حجم" هذا الوجود وتأثيره، فلا يعتمد على اقتناعه هو بأنّه على صواب وسواه على خطأ، إنّما تحدّده حقيقة قدرته على التعبير عن الشعب وظروفه الحقيقية، على كل صعيد معنوي ومادي، وفي كل ميدان عقدي، وخلقي، وقيمي، ولا يمكن خرق هذه القاعدة بإقصاء الآخر، فمن يصنع ذلك إنّما يقصي نفسه عن الشعب..

ليس القاسم المشترك بين التيارات السياسية في سورية هو ما يراه أحدها حول الآخر، بل هو من وراء جميع ما سبق:

تثبيت الغالبية المعبرة عن الإرادة الشعبية لتيار أو أكثر، لا يلغي -ولا يجيز أن يلغي دستوريا.. ولا تقنينا.. ولا قضائيا.. ولا ممارسة سياسية أو أمنية- الحق الوطني الثابت لصالح التيارات الأخرى في البقاء والعمل.

======================

بين معركة ميسلون و سقوط القنيطرة كما بين آل العظمة و آل الأسد

د. هشام الشامي

مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية

اجتمع المؤتمر السوري ( الذي تشكل بعد نجاح الثورة العربية الكبرى و خروج الجيش العثماني من سوريا و دخول الشريف فيصل بن حسين بن علي لدمشق ) يوم (7/3/1920) وقرر إعلان استقلال سوريا بحدودها الطبيعية (أي بلاد الشام و هي : سوريا و لبنان و فلسطين و الأردن)، ونودي بفيصل بن الحسين ملكاً عليها. وفي اليوم التالي توج فيصل ملكاً في ساحة المرجة بدمشق، وشكلت وزارة برئاسة علي رضا الركابي.

ولكن فرنسا وإنكلترا رفضتا نتائج المؤتمر ، واجتمعتا في (سان ريمو) بتاريخ (25 /4 /1920) وقررتا:

1- وضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي. على أن يكون لبنان منفصلاً عن سوريا.

2- وضع فلسطين والأردن تحت الانتداب الإنجليزي. مع الالتزام بوعد بلفور بشأن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين .

و بذلك يكون الإنجليز قد خانوا التزاماتهم مع الشريف حسين بن علي شريف مكة الذي كان قد اتفق مع السفير الإنكليزي مكماهون بأن يدخل الحرب العالمية الأولى مع الحلفاء ضد العثمانيين ، مقابل تسليمه ملكاً على العرب في القسم الآسيوي من الوطن العربي . و أوفوا بالمقابل تعهداتهم مع الفرنسيين ( كما أوفوا مع الصهاينة بتنفيذ وعد بلفور )، عندما اجتمع سفيرهم سايس مع السفير الفرنسي بيكو عام 1916 و تقاسما المنطقة العربية ، و هي ما تزال بعهدة الشيخ المريض ( الدولة العثمانية ) ، فيما سُمي بمعاهدة سايس بيكو .

 وعلى إثر اجتماع سان ريمو وجه الجنرال الفرنسي (غورو) الذي كان يحتل سواحل سوريا و لبنان إنذاره الشهير إلى الحكومة السورية يطلب فيه:

 1- قبول الانتداب الفرنسي على سوريا.

 2-تسليم خط الحجاز الحديدي للجيش الفرنسي.

3- إلغاء التجنيد الإجباري ، وحل الجيش السوري، وتسليم عتاده للفرنسيين.

قبل الملك فيصل هذه الشروط، وأصدر قراراً بتسريح الجيش السوري. وأرسل ذلك خطياً للجنرال غورو، الذي ادّعى أن الجواب لم يصله وتحرك ليدخل دمشق بالقوة العسكرية. وزحف بعشر كتائب مشاة، وست كتائب فرسان، وسبع كتائب مدفعية، وضم جيشه مزيجاً من الفرنسيين، ومن جنود المستعمرات الفرنسية كالصوماليين و السنغاليين والجزائريين وغيرهم.

أما الشعب فقد حركته غريزته الوطنية ، واتهم الحكومة بالذل والخنوع، وهاجم قلعة دمشق يريد الحصول على السلاح للمقاومة، وقامت المظاهرات في المدن السورية مطالبة بالدفاع عن الوطن و عدم التخاذل، واستقالت الحكومة، وشكلت حكومة جديدة برئاسة هاشم الأتاسي، و كان يوسف العظمة وزيراً للدفاع فيها، فأعلنت نظام التجنيد الإجباري واستعدت للدفاع عن سوريا.

وفي تموز 1920اتجهت جموع المتطوعين من دمشق لملاقاة الجيش الفرنسي الزاحف إليها ، وانضم إليهم عدد من أفراد الجيش السوري المسرح بقيادة وزير الدفاع يوسف إبراهيم العظمة ، ومعهم كتيبة مدفعية، قطعت هذه الجموع حوالي ثلاثين كيلو متراً باتجاه الغرب، فالتقت بطلائع الجيش الفرنسي عند سهل ميسلون، وركزت المدفعية أسلحتها بقيادة ملازم أول من الجيش السوري المنحل، وبدأت تقصف الجيش الفرنسي فأوقفته عن التقدم...

ثم لم يكن بد من انتصار الجيش الفرنسي المتفوق بالعدد و العدة على مجموعة من المتطوعين، والجنود، استشهد معظمهم، و في مقدمتهم وزير الدفاع يوسف العظمة ، بعد أن قرروا أن لا يمر العدو إلا على أجسادهم، فصمدوا وقابلوا الجيش الفرنسي بقليل من العتاد و الخبرة ، و ما إن انتصر الفرنسيون و دخل الجنرال غورو دمشق، في أوائل شهر (آب) 1920م، حتى توجه إلى ضريح صلاح الدين الأيوبي، فدخله بلباسه العسكري بكل عنف وتهكم وركل المقام بقدمه قائلاً: ( قم يا صلاح ها قد عدنا )..

كان يوسف إبراهيم العظمة ( المولود في حي الشاغور بدمشق و خريج المدرسة الحربية باستنبول ) يعلم أنه لابد من معركة فاصلة مع الفرنسيين، ولم يكن يمنعه من خوضها معرفته أنه سيخسر المعركة، واعتقد أن مشي فرنسا على جثث المقاومين ، أفضل وأشرف للشعب السوري، من فتح أبواب البلاد للجيش الفرنسي يدخلها ويمشي في شوارعها مستعلياً متكبراً بدون مقاومة.

كان رحمه الله يوقن أنه خارج إلى ملاقاة ربه، ولذا قال لساطع الحصري وهو يودعه قبل انطلاقه إلى المعركة: (إني أترك ابنتي الوحيدة ليلى أمانة في أعناقكم).

و كذلك كان رجاله المجاهدين – و أكثرهم من علماء الدين الأفاضل و في مقدمتهم الشيخ الشهيد عبد القادر كيوان: خطيب و إمام الجامع الأموي الكبير - ، الذين استشهد معظمهم ، يعلمون نتيجة المعركة سلفاً ، و لكنهم آبوا أن يدخل العدو وطنهم سوريا وهم على قيد الحياة ، وسجلوا هذا الموقف المشرف في صفحة التاريخ بماء من ذهب .

 و عندما سمع الملك فيصل بن الحسين باستشهاد يوسف العظمة ومن معه من العلماء قال: (إني أحني رأسي احتراماً لجميع هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الاحتجاج على اعتداء لم يعرف له التاريخ مثيلاً).

و بعد أقل من خمسة عقود من معركة الكرامة في ميسلون ، وفي يوم العاشر من حزيران من عام 1967 التاسعة و النصف صباحاً ، أعلن وزير الدفاع آنذاك اللواء حافظ الأسد سقوط القنيطرة بالبلاغ رقم (66 )، و ذلك قبل دخول الجيش الإسرائيلي للمدينة ، وكان عبد الرحمن الأكتع وزير الصحة يومذاك في جولة ميدانية جنوب القنيطرة ، يقول: سمعت نبأ سقوط القنيطرة يذاع من المذياع ، وعرفت أنه غير صحيح لأننا جنوب القنيطرة ولم نر جيش العدو ، فاتصلت هاتفياً بحافظ الأسد وزير الدفاع وقلت له : المعلومات التي وصلتكم غير دقيقة ، نحن جنوب القنيطرة ولم نر جيش العدو !!! فشتمني بأقذع الألفاظ ومما قاله لي : لا تتدخل في عمل غيرك يا ... ، فعرفت أن في الأمر شيئاً !!؟

وقد صرح رئيس الأركان البعثي (أحمد السويداني) بأنه لم يُستشَر في البلاغ الذي أعلن سقوط القنيطرة، وإنما سمعه من الإذاعة كغيره من المواطنين” .

و يقول الدكتور سامي الجندي ( من مؤسسي البعث و وزير إعلام سابق في حكومة البعث ):

“كانت آرائي كلها ضد الحرب، ولم أُخفِ أبداً أن الحكم كان يعد لهزيمة، بل كان يعد لهزيمة العرب الآخرين، كي يبقى هو “الثوري الوحيد، سيد المناخ الثوري العربي” .بينما كان وزير الدفاع حافظ الأسد يقول: “هناك إجماع في الجيش السوري، الذي طال استعداده - ويده على الزناد - على المطالبة بتعجيل المعركة، ونحن الآن بانتظار إشارة من القيادة السياسية”

و يقول الدكتور سامي الجندي مشيراً إلى وجود خطة مشبوهة:

“عندما نتتبع فصول معركة الجولان، نجد أن العسكريين الذين قاوموا، فعلوا ذلك دون أوامر، أما الذين صدرت إليهم الأوامر فقد انسحبوا بناء على خطة، ترى ما هي الخطة؟!

تم إخلاء السكان من الجولان منذ 5/حزيران، لماذا؟! لست بحاجة إلى القول: إن سقوط القنيطرة قبل أن يحصل، هو أمر يحار فيه كل تعليل نبنيه على حسن النية”•

 و يقول أيضاً : “فوجئت لما رأيت على شاشة التلفزيون و أنا في باريس مندوب سوريا في الأمم المتحدة يعلن سقوط القنيطرة، ووصول قوات إسرائيل إلى مشارف دمشق، ومندوب إسرائيل يؤكد أن شيئاً من ذلك لم يحصل” “قال لي الدكتور إبراهيم ماخوس وزير الخارجية السوري يومها : إنها كانت خطة ماهرة لإرعاب العالم من أجل إنقاذ دمشق” .

وفي أحد اجتماعات الحزب التي أعقبت الجريمة، قال إبراهيم ماخوس أمام الرفاق: “لا تنسوا أن الهدف الأول من الهجوم الإسرائيلي، هو إسقاط الحكم التقدمي الثوري في سوريا، وكل من يطالب بتبديل حزب البعث هو عميل لإسرائيل”؟! .

و الأعجب و الأغرب من ذلك أن وزير الدفاع الذي أعلن من دمشق سقوط القنيطرة بهذه المسرحية التراجيدية ، كوفئ فأصبح رئيساً للجمهورية ، بل أصبحت سوريا كلها ملكاً له و لأسرته من بعده ، فبعد ثلاثين سنه قضاها في حكم سوريا ، ورّث الحكم لولده ، و ما تزال القنيطرة – ومعها كل أرض الجولان المعطاءة و جبل الشيخ الاستراتيجي - ترزخ تحت نير الاحتلال الصهيوني ، و مع ذلك لم تطلق آية رصاصة باتجاه المحتلين منذ انتهاء حرب تشرين / رمضان عام 1973 التي خسرنا فيها قرى أخرى، و اكتفى جيش الأسد العقائدي بتجريب سلاحه و تدريب أزلامه في حماة و حلب و جسر الشغور و جبل الزاوية و تدمر و القامشلي ولبنان ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في تل الزعتر والبداوي والبارد وعين الحلوة وها هو اليوم يتنقل في ربوع سوريا من مدينة إلى أخرى و من قرية إلى أخرى ناشراً الرعب و القتل و التدمير00

و أصبح الطيران الإسرائيلي في عهد الأسد الثاني يتدرب في سماء سوريا الأسد و يتمختر فوق قصور الرئيس نفسه ، و يقصف عين الصاحب حول العاصمة و المفاعل المفترض في دير الزور ،وعناصر الموساد تغتال الناشطين الفلسطينيين في قلب العاصمة السورية، ثم يخرج وزير الدفاع السوري بكامل أوسمته و نياشينه و زينته ليرد على العدوان قائلاً : لن تستطيع إسرائيل جرنا إلى معركة هي من تخطط لها ، و سنرد في الوقت المناسب .

أما متى هذا الوقت المناسب؟ ، فالجواب في يد الأسد الثاني التي امتدت لتصافح الرئيس الإسرائيلي كوستاف في روما رغم رفض الصهاينة إجراء أي مفاوضات أو لقاءات مع السوريين ، مع كل التنازلات و المبادرات و التصريحات و النوايا الحسنة!!؟ التي أبداها أهل النظام في دمشق تجاه الصهاينة.

بينما رفضت يد الأسد الثاني كل الأيادي الممتدة و النداءات الصادقة والمبادرات المخلصة التي أطلقتها قوى المعارضة الوطنية منذ توريثه السلطة في حزيران 2000م و حتى اندلاع الثورة السورية المباركة في 15\3\2011م وذلك لإنقاذ الوطن والدفاع عنه في زمن التحديات الجثام.

و الجواب في قول الشاعر :

أسد علي و في الحروب نعامة *** فتخاء تجفل من صفير الصافر

==========================

العقوبات على سوريا بين التخاذل الغربي والتدخل الإيراني

أحمد طاهر*

في خضم التطورات التي تشهدها الساحة السورية بتصعيد حجم التجاوزات اللإنسانية والخروقات القانونية التي يمارسها النظام السوري وأجهزته الأمنية وسياساته القمعية بحق الشعب السوري المطالب بالديمقراطية وحقوقه السياسية ومكتسباته الاجتماعية واحتياجاته المعيشية، يأتي الموقف الدولي وعلى الأخص الموقف الأوروبي في إدانته لمثل تلك الممارسات واتخاذه سلسلة من العقوبات التي تمثل ردعًا للنظام السوري في استكمال سياسة القتل والبطش والتنكيل والتعذيب والاعتقال والتهجير بحق المتظاهرين والتي أسفرت عن أكثر من 1300 قتيل من المدنيين واعتقال أكثر من عشرة آلاف شخص وفرار أكثر من عشرة آلاف آخرين إلى تركيا ولبنان، كما ذكرت المنظمات الحقوقية السورية. وقد جاءت السلسلة الثالثة من العقوبات الأوروبية على سوريا والمتضمنة تجميد الأرصدة في بنوكها وحظر السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي، لتكشف عن جملة من الحقائق جديرة بالتسجيل في هذا الصدد:

> أولاً- ليست مبالغة القول أن الموقف الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي بفرض سلسلة جديدة من العقوبات على النظام السوري ، وإن مثل خطوة إضافية تهدف إلى تضييق الخناق على النظام السوري وكشف سواءته ونزواته وتجاوزته كما جاء في البيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي ما نصه:" إدانتهم بأكبر قدر من الحزم للضغوط التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه وأعمال العنف غير المقبول والمثيرة للاشمئزاز التي ما زال يتعرض لها"، خاصة وان لائحة العقوبات شملت أربع شركات سورية مرتبطة بنظام الرئيس بشار الأسد، وهى: شركة بناء العقارية وصندوق المشرق للاستثمار ومؤسسة حمشو الدولية ومؤسسة الإسكان العسكرية وهي شركة للأشغال العامة تحت إشراف وزارة الدفاع، إلا القراءة المتأنية للأحداث وتسلسلها ومسار حركتها وتطورها تكشف عن ثلاثة أمور مهمة: الأول، التواطؤ الإيراني السوري، فإذا كان صحيحًا أن لائحة العقوبات شملت أربعة سوريين اثنين من أقارب الرئيس بشار الأسد اُتهم احدهما بالتورط في قمع المتظاهرين هو ذو الهمة شاليش، والثاني بتمويل نظام دمشق ويدعى رياض شاليش، واتهم الاثنان الآخران بأنهما مصدر لتمويل النظام وهما خالد قدور ورياض القوتلي، فإنه من الصحيح أيضا أن هذه اللائحة اتسعت لتشمل أيضا ثلاثة من قادة الحرس الثوري الإيراني (الباسداران) وهم:القائد الأعلى للحرس الجنرال محمد علي جعفري ومساعديه الجنرال قاسم سليماني وحسين تائب، وذلك بتهمة التورط في تقديم العتاد والعون لمساعدة النظام السوري على قمع المتظاهرين.الثاني، تناقضات في الموقف الأوروبي، فصحيح أن العقوبات تمثل أحد أدوات السياسة الخارجية للدول واحدي الآليات التي يلجأ إليها المجتمع الدولي لإجبار الأطراف على تنفيذ التزاماتها، إلا أنه من الصحيح أيضًا أن مواقف الاتحاد الأوروبي من النظام السوري خلال الفترات الماضية ومنذ تولى بشار الأسد كانت مؤيدة لسياساته ومرحبة بتوجهاته ومشيدة بتحركاته رغم علمها بانتهاكاته لحقوق شعبه ومواطنيه وقمعه لمعارضيه وتصفيته لرموزها وهو ما تسجله تقارير المنظمات الدولية بصفة عامة والأوروبية على وجه الخصوص. الثالث، مدى فعالية هذه العقوبات في إثناء أو تراجع النظام السوري عن انتهاكاته، فقد كشفت الممارسات الدولية السابقة على أن نجاح سياسة العقوبات الاقتصادية يتطلب تكاتف الأطراف الدولية والإقليمية في تفعيلها، وهو ما لم ولن يتحقق في الوضع السوري وذلك بسبب مواقف بعض القوى الدولية كالموقف الروسي والصيني وبعض الدول الإقليمية كالموقف الإيراني، بما يقلل من نجاح أو فعالية هذه العقوبات وتأثيرها.

> ثانيًا- لم يختلف النهج الأمريكي في تعامله مع الوضع السوري عن النهج الأوروبي، حيث سارعت الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات على الرئيس السوري وستة من كبار المسئولين، كما شملت العقوبات اثنين من مسئولي الحرس الثوري الإيراني وهم قائد فيلق القدس قاسم سليماني وأحد معاونيه "محسن شيرازي"، لتسبق بذلك السياسة الأوروبية التي اقتصرت في البداية على المسئولين السوريين دون الإيرانيين رغم ما أثبتته الأحداث من التدخل الإيراني الواضح في مساندة النظام السوري ضد المتظاهرين، وهو ما يؤكد على أن السياسة الأمريكية حيال النظام السوري لم تكن وليدة الأحداث الأخيرة، وإنما استكملت توجهاتها السابقة، ليُفتح المجال أيضًا لإثارة الملاحظتين السابق الإشارة إليهما بشأن الموقف الأوروبي، فصحيح أن السياسة الأمريكية كانت معادية للنظام السوري على عكس الموقف الأوروبي، إلا أنه من الصحيح أيضًا أن هذه السياسة لم يكن لها خطًا مستقيمًا فكثيرًا ما صدرت إيماءات وإشارات أمريكية لفتح خطوط تواصل مع النظام السوري وكان آخرها تعيين سفير أمريكي لدى دمشق، وهو ما يؤكد على تناقضات السياسة الأمريكية كما هو الحال في السياسة الأوروبية. ويمتد الأمر إلى الملاحظة الثانية بشأن مدى فعالية سياسة العقوبات على تراجع النظام السوري عن ممارساته اللاانسانية، وهو ما يجيب عليه الرئيس الأمريكي باراك اوباما في معرض حديثه عن الأوضاع السورية في مايو 2011 بقوله:" بدلاً من الاستماع لشعبه، ألقى الأسد باللوم على جهات خارجية، بينما يسعى في الوقت ذاته للحصول على مساعدة إيرانية لقمع المدنيين في سوريا من خلال نفس التكتيكات الوحشية التي استخدمها حلفاؤه الإيرانيين".

> ثالثًا- يعكس الموقفين الأمريكي والأوروبي نوعًا من التردد في التعامل مع الأزمة السورية رغم تجاوزات نظامها السياسي بحق شعبه على غرار ما يحدث في ليبيا واليمن، حيث تكشف المعالجة الغربية للازمات الثلاثة رغم تشابه الأسباب وتقارب المعالجات عن أن لغة المصالح هي المسيطرة على صنع السياسات واتخاذ المواقف، فصحيح أن التدخل الأجنبي بالقوة أمر غير مقبول إلا في إطار الشرعية الدولية وطبقًا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، إلا أنه من الصعوبة بمكان أن يظل العالم مكتوفي اليد حيال ممارسات النظم الحاكمة في تلك البلدان بحق شعوبها ومطالبها المشروعة، فالتخاذل الدولي ومن قبله العربي بالصمت الأممي والغياب العربي يعيد المنطقة مرة أخرى إلى ساحة التنافس والتقسيم الدولي على غرار ما شهدته من قبل حينما وقعت في براثن الاستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن المنصرم.

> رابعًا- في ضوء ما سبق، ليست مصادفة أن تستغل إيران هذا التردد الأوروبي والتخاذل الأمريكي، لتغير من خطابها الإعلامي حيال ما يحدث في دمشق عما كان قائمًا حيال ما سبقتها من أحداث متشابهة في بعض البلدان العربية، ففي الوقت الذي أعلنت فيه طهران مساندتها للشعوب العربية في مطالبتها بحقوقها وحرياتها المشروعة، بل أكثر من ذلك اعتبرت أن ما شهدته هذه البلدان استلهامًا من الثورة الإيرانية، يأتي موقفها المتخاذل والمنحاز تجاه انتهاكات النظام السوري بحق شعبه. مع الأخذ في الحسبان أمرين مهمين: الأول، لا يعنى ما سبق أن الموقف الإيراني حيال الأحداث في سوريا بُنى على تخاذل الموقف الدولي والغياب العربي، ولكن المقصود تحديدًا أن هذا التخاذل أعطى مساحة أكبر للسياسة الإيرانية أن تتخذ مبادرات ومواقف أكثر وضوحًا ودفاعًا عن ممارسات النظام السوري خاصة وأن الارتباط بين النظامين لا يتوقف على التوافق المذهبي فحسب، بل يربطهما العديد من الاتفاقات في مختلف المجالات، وإن تركزت بصورة واضحة في المجال العسكري والذي ترجع بدايته إلى عام 1998 حينما وقع الطرفان أول معاهدة تعاون عسكري، اتسعت لتشمل معاهدة دفاع مشترك في عام 2006 ومذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري في عام 2008، ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل اتفقت الدولتان على التعاون في مجال التدريب الملاحي، فلأول مرة منذ الثورة الإيرانية، أرسلت إيران في فبراير 2011 سفينتان حربيتان إلى سوريا عبر قناة السويس. الأمر الثاني، أن طهران سعت إلى استغلال الأحداث التي تشهدها سوريا وتوظيفها لشغل الرأي العام الإيراني بعيدًا عن الصراعات الداخلية بين القوى والتيارات السياسية، فالكل يعلم مدى ما يواجه الداخل الإيراني من اضطرابات وصراعات ما زالت كامنة تحت الرماد تبرز بين الحين والآخر، وهو ما تسعى طهران إلى لفت الانتباه الداخلي أن ثمة مؤامرة خارجية تستهدف طهران عبر حلفاءها. ولذا، سعت من البداية إلى الإعلان عن أن ما يتعرض له النظام السوري باعتباره حائط الممانعة في المنطقة، هو مؤامرة خارجية تستهدف أمنها ومصالحها، معلنة رفضها للعقوبات الأوروبية والأمريكية ومعتبرة أن ربط ما يحدث في سوريا بمساندة إيران ادعاءات باطلة وهو ما عبر عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية "رامين مهمانباراست" بأن:"زعم الاتحاد الأوروبي الذي لا أساس له والذي يربط بين الحرس الثوري الإيراني والأحداث في سوريا يكشف محاولته لتوجيه الدعاية ضد الجمهورية الإسلامية ولتشويه الحقيقة".

> خامسًا- هكذا، يمكن القول أنه إذا كان من المفهوم الانحياز الإيراني إلى النظام السوري ومساندته وتقديم كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي له كما سبقت الإشارة، إلا أن من غير المنطقي والمعقول أن يظل الموقف الأمريكي والأوروبي متخاذلاً في التعامل مع النظام السوري بتجاوزاته وخروقاته وانتهاكاته المستمرة لحقوق شعبه وحرياته، وهو ما يؤكد على أن سياسة الكيل بمكيالين أضحت السمة المميزة للسياسات الدولية والإقليمية، فإذا كان ثمة انحيازًا أمريكيًا حيال قضايا المنطقة كما هو الحال في انحيازها لإسرائيل وأمنها، وموقفها من الأحداث في اليمن، فإن ثمة انحيازًا وإن كان بدرجة أقل من الأحداث في سوريا وهو الانحياز الذي يتوافق مع النهج الأوروبي أيضًا، وإن تشدقت كلمات المسئولين بالإدانات والشجب والاستنكار، ليظل الموقف على أرض الواقع داعمًا للنظم الحاكمة ضد إدارة شعوبها، وهو ما يؤكد أن العالم الغربي لم يستطع أن ينسى ميراثه الاستعماري الطويل في تعامله مع شعوب المنطقة وإن اختلفت الآليات والأشكال والممارسات، ولكن اتفقت الحقائق وجوهر السياسات ومضمونها ليعاد إلى الأذهان الممارسات الاستعمارية في ثوب جديد، فهل يفيق العالم العربي قبل أن يقع في براثن استعمار جديد يطمع في السيطرة على مقدرات شعوبه وثرواتها ما بين استعمار فارسي أو أوروبي أمريكي؟

*باحث في الشئون السياسية

==================

أسطول الحرية وأكاذيب نتنياهو

عادل عبد الرحمن

a.a.alrhman@gmail.com

حكومة اليمين الصهيوني المتطرف لم تكتفِ باصدار قرار بمنع إسطول الحرية -2 - من الوصول الى قطاع غزة للاسهام بفك الحصار الاسرائيلي الظالم على ابناء الشعب الفلسطيي هناك، بل تواصل التصدي لانصار السلام الامميين، صناع الامل والسلام، رواد اسطول الحرية - 2 - بالعبث وتعطيل بعض سفن الاسطول، للحؤول دون إبحارها الى شواطىء القطاع. ليس هذا فحسب، بل ان رئيس حكومة إسرائيل، المعروف باكاذيبه وعدم مصداقيته، وزع عبر مكتبه على وسائل الاعلام، بأن سفن الاسطول تحمل مواد كيميائية لتسميم الشواطىء الاسرائيلية. مع ان المشرفين على قافلة إسطول الحرية، طلبوا من الجهات الدولية المختلفة تفتيش السفن قبل إبحارها الى القطاع. كما أكدوا على ان طابع عملهم سلمي وإنساني، ولا يوجد على متن السفن، التي ستقلهم اي سلاح من أي نوع.

لكن حكومة قطعان المستعمرين الصهاينة، لم تتورع عن إرتكاب اي جريمة للحؤول دون وصول اي مساعدة للشعب الفلسطيني لا في غزةولا في القدس او الضفة. وتعمل بلا كلل على وأد حملات الدعم الاممية للشعب الفلسطيني ومن بينها توجه إسطول الحرية الى القطاع، التي يهدف المبحرون من الجنسيات المختلفة، التي تزيد على (20) جنسية بما فيها الجنسية الاميركية والجنسيات الاوروبية المختلفة على فضح الجريمة الاسرائيلية، المتمثلة بفرض العقوبات الجماعية على مايزيد عن مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة من خلال الحصار الظالم المفروض منذ خمسة اعوام خلت، ومد يد العون للمواطنين الفلسطينيين بالادوية والمساعدات الانسانية الاخرى، لتعزيز صمود ابناء القطاع في مواجهة الهجمة الصهيونية اللاخلاقية، والتي تتنافى مع ابسط قواعد القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

غير أن اساليب واكاذيب وارهاب قادة دولة الابرتهايد العنصرية الاسرائيلية، وخاصة بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة، ووزير حربه باراك، ووزير خارجيتة ليبرمان، لم تفت في عضد انصار السلام الامميين. وحرصهم في إيصال رسالتهم السياسية والانسانية للعالم من اقصاه الى اقصاه، لتعرية الانتهاكات الاسرائيلية الخطيرة المعادية للسلام وحرية الشعب الفلسطيني. لذا واصل ويواصل المبحرون الامميون تجاوز كل العراقيل والارباكات الاسرائيلية على الصعد المختلفة، إن كان تعطيل السفن، او الحملة الاعلامية المغرضة، التي تستهدف التحريض على الامميين، لقطع الطريق عليهم، وعلى هدفهم السياسي والانساني.

للاسف الشديد الانتهاكات الاسرائيلية تتم وتجري تحت سمع وبصر قادة العالم، وخاصة قادة الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، التي تدعي الحرص والدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، ولم يتخذوا موقفا جرئيا ضد تلك الانتهاكات، لا بل تصمت صمت اهل الكهف، وتضع على عيونها غربال ممزق لا يخفي شيئا، ومع ذلك تواصل غض النظر عن جرائم اسرائيل اليومية ضد الشعب الفلسطيني، وليس فقط انتهاكات اسرائيل وحكومتها الاستعمارية ضد المبحرين على سفن إسطول الحرية - 2 -. ومع ذلك تملي المسؤولية السياسية والاخلاقية التصدي لحكومة نتنياهو واجراءتها العدوانية ضد اسطول الحرية، ليس هذا فحسب، انما العمل على رفع الحصار الظالم كليا عن قطاع غزة، ودفع عملية السلام للامام.

=======================

مُعِلمْ الناسِ..و..مُعلِمْ النَفس.!

بقلم – صَادق الصَافي

أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم – قرآن كريم

قال أعرابي لأبنه.. أُسكتْ ياأبن الآمه .!! يعيره

فقال أبنه.. والله اِنها لأعذر منك ,لأنها لم ترض ألا حرا.!!

توصف قلوب العباد على أنها بين أصبعين,يقلبها الخالق كيف يشاء... دليل ضعف البشر.! وتبقى الحياة مستمرة لاتتوقف على أحد مهما بلغ الأبهة والهيبه.! أما التعامل مع الناس فأنه من أصعب الفنون- كون البشر يتشابهون في كثير من الصفات والأهتمامات,ويختلفون في صفات وأهتمامات أخرى- وأن رضى الناس غاية لاتدرك- وفي السلطة والجاه والثروة وعند الشدائد يحدث الأختبارالحقيقي لأخلاقيات البشر.! فالنفس الشريفة تميل نحوالعمل والخيروالعلم ,وتراعي النزاهة, وتحتمل الضررجهد ماأحتملت.؟ والنفس فيها ميول الى الشر,فأذا لم تعودها على الحق..عودتك على الباطل.؟ والحكام في بلداننا بمختلف تسمياتهم – ملوك - أمراء- رؤساء – هم بشر مثلنا, الغالب عليهم ربما سلبت من قلوبهم الخير و الرحمة ,فصارت قلوبهم مظلمة سقيمة, أخلى من جوف بعير.!! نصحهم الواعظون.... لكنهم لايجيدون القول ولايحسنون صنعاً.؟

ياأَيُّها الرَّجلُ المُعلمُ غَيرهُ ........................ هلّا لنفسِكَ كان ذا التعليمُ.؟

يذكر أن رجلاً شتم أبا ذرْ- فقال له أبا ذرْ.. ياهذا لاتُغِرق في شتمنا, ودع للصلح موضعاً, فأِنا لانكافئ من عصى الله فينا, بأكثر من أن نطيع الله فيه.!

قال دَشَليمُ الملكُ ل بيديا الفيلسوف,كما جاء في كتاب كليلة ودمنه.

أضرب لي مثلاً في شأنِ الرجلِ الذي يرى لغيره ولايراه لنفسه.!

قالَ الفيلسوفُ-أَنَّ مَثَل ذلك مَثَلُ الحمامةِ والثعلبِ ومالك الحزينِ..قالَ الملكُ..ومَا مثلهنَّ .؟

قال الفيلسوف – كانت حمامة تعمل عشها على رأس نخلة طويلة في عنان السماء.. لايمكنها من عمل العش اِلا بمعاناة وشدة وتعب لطول النخلة.! وكانت أذا فرغت من نقل العش, باضت,ثم حضنت بيضها؟ فأذا فقس البيض وأدرك فراخها.! جاءها ثعلب عند نهوض فراخها,فيقف أسفل النخلة فيصيح بها ويتوعدها أن يصعد أليها أن لم تلقي اليه أحد صغارها..فتخاف الحمامة فتلقيه اليه فيأكله.؟ فبينما هي ذات يوم وقد كبر فراخها أذ أقبل مالك الحزين,فصار على جذع النخلة, فلما رأى الحمامة كئيبة حزينة شديدة الهم.! قال لها.. مالي أراك كاسفة البال,سيئة الحال.؟ فقالت له.. يامالك الحزين..أن ثعلباً ابتليت به,فكلما جاء لي فراخ, جاء لي يتهددني ويتوعدني,ويصيح من تحت النخله,فأخاف منه,فأطرح له أحد فراخي.ّ! قال لها مالك الحزين .. نصيحتي لك ..أذا أتاك الثعلب فقولي له, لاألقي اليك فرخي, فأعمل مابجهدك,فأنك تغرر بنفسك .؟ حتى لو صعدت النخله فأني أطير وأنجو بنفسي .؟ فلما علمها مالك الحزين هذه الحيلة, طار وأستقرعلى شاطئ النهر, وأقبل الثعلب في الوقت الذي عرف أن مالك الحزين علمها الحيلة.؟ وكان الثعلب غاضباً من مالك الحزين يريد به المكيدة والأنتقام .؟ فتوجه الى مالك الحزين الى شاطئ النهر وكان واقفاً.. فقال له الثعلب..

يامالك الحزين..أذا أتتك الريح عن يمينك,فأين تجعل رأسك.؟ قال- عن شمالي..

قال له ..فأذا أتتك الريح عن شمالك..أين تجعل رأسك .؟ فقال- عن يميني أو خلفي

قال فأذا أتتك الريح من كل أتجاه ومن كل ناحية.. فأين تجعل رأسك.؟ قال أجعله تحت جناحيّ.؟ قال وكيف تستطيع أن تجعله تحت جناحك.! فأنا لاأصدق ذلك .؟ قال بلى –

 قال أرني كيف تصنع,فلعمري يامعشر الطير,لقد فضلكم الله علينا.! أنكن تدرين في ساعة واحدة مثل ماندري في سنه! وتبلغن ما لانبلغ وتدخلن رؤوسكن تحت أجنحتكن من البرد والريح؟ فهنيئاً لكن ..فأرني كيف تصنع.؟

فأدخل الطائر رأسه تحت جناحه .؟ فوثب عليه الثعلب وأمسك بعنقه.! ثم قال له – تعطي النصائح للحمامة..وتعلمها الحيلة لتحمي نفسها.! وتنسى أن تعطي النصيحة لنفسك .! ثم فتك به الثعلب وأكله .؟...

 وهكذا حال حكام بلداننا.. ينصحون الناس وينسون أنفسهم .. فسقطوا وسيسقطون.!!

كتب الشاعرأحمد مطرعن الحاكم الصالح ..فأجاد........

وصفّوا لي حاكماّ,.. لم يقترف, منذ زمان,فتنة أو مذبحه.! لم يكذب,لم يخن, لم يطلق النار على من ذمّه..لم ينثر المال على مدحه .؟ لم يضع فوق فم دبابة , لم يزدرع تحت ضمير كاسحه.!

لم يضطرب,لم يختبئ من شعبه..خلف جبال الأسلحه .؟

هو شعبيّ,ومأواه بسيط, مثل مأوى الطبقات الكادحه.؟

 بقلم – صَادق الصَافي

أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم – قرآن كريم

 

قال أعرابي لأبنه.. أُسكتْ ياأبن الآمه .!! يعيره

فقال أبنه.. والله اِنها لأعذر منك ,لأنها لم ترض ألا حرا.!!

توصف قلوب العباد على أنها بين أصبعين,يقلبها الخالق كيف يشاء... دليل ضعف البشر.! وتبقى الحياة مستمرة لاتتوقف على أحد مهما بلغ الأبهة والهيبه.! أما التعامل مع الناس فأنه من أصعب الفنون- كون البشر يتشابهون في كثير من الصفات والأهتمامات,ويختلفون في صفات وأهتمامات أخرى- وأن رضى الناس غاية لاتدرك- وفي السلطة والجاه والثروة وعند الشدائد يحدث الأختبارالحقيقي لأخلاقيات البشر.! فالنفس الشريفة تميل نحوالعمل والخيروالعلم ,وتراعي النزاهة, وتحتمل الضررجهد ماأحتملت.؟ والنفس فيها ميول الى الشر,فأذا لم تعودها على الحق..عودتك على الباطل.؟ والحكام في بلداننا بمختلف تسمياتهم – ملوك - أمراء- رؤساء – هم بشر مثلنا, الغالب عليهم ربما سلبت من قلوبهم الخير و الرحمة ,فصارت قلوبهم مظلمة سقيمة, أخلى من جوف بعير.!! نصحهم الواعظون.... لكنهم لايجيدون القول ولايحسنون صنعاً.؟

ياأَيُّها الرَّجلُ المُعلمُ غَيرهُ ........................ هلّا لنفسِكَ كان ذا التعليمُ.؟

يذكر أن رجلاً شتم أبا ذرْ- فقال له أبا ذرْ.. ياهذا لاتُغِرق في شتمنا, ودع للصلح موضعاً, فأِنا لانكافئ من عصى الله فينا, بأكثر من أن نطيع الله فيه.!

قال دَشَليمُ الملكُ ل بيديا الفيلسوف,كما جاء في كتاب كليلة ودمنه.

أضرب لي مثلاً في شأنِ الرجلِ الذي يرى لغيره ولايراه لنفسه.!

قالَ الفيلسوفُ-أَنَّ مَثَل ذلك مَثَلُ الحمامةِ والثعلبِ ومالك الحزينِ..قالَ الملكُ..ومَا مثلهنَّ .؟

قال الفيلسوف – كانت حمامة تعمل عشها على رأس نخلة طويلة في عنان السماء.. لايمكنها من عمل العش اِلا بمعاناة وشدة وتعب لطول النخلة.! وكانت أذا فرغت من نقل العش, باضت,ثم حضنت بيضها؟ فأذا فقس البيض وأدرك فراخها.! جاءها ثعلب عند نهوض فراخها,فيقف أسفل النخلة فيصيح بها ويتوعدها أن يصعد أليها أن لم تلقي اليه أحد صغارها..فتخاف الحمامة فتلقيه اليه فيأكله.؟ فبينما هي ذات يوم وقد كبر فراخها أذ أقبل مالك الحزين,فصار على جذع النخلة, فلما رأى الحمامة كئيبة حزينة شديدة الهم.! قال لها.. مالي أراك كاسفة البال,سيئة الحال.؟ فقالت له.. يامالك الحزين..أن ثعلباً ابتليت به,فكلما جاء لي فراخ, جاء لي يتهددني ويتوعدني,ويصيح من تحت النخله,فأخاف منه,فأطرح له أحد فراخي.ّ! قال لها مالك الحزين .. نصيحتي لك ..أذا أتاك الثعلب فقولي له, لاألقي اليك فرخي, فأعمل مابجهدك,فأنك تغرر بنفسك .؟ حتى لو صعدت النخله فأني أطير وأنجو بنفسي .؟ فلما علمها مالك الحزين هذه الحيلة, طار وأستقرعلى شاطئ النهر, وأقبل الثعلب في الوقت الذي عرف أن مالك الحزين علمها الحيلة.؟ وكان الثعلب غاضباً من مالك الحزين يريد به المكيدة والأنتقام .؟ فتوجه الى مالك الحزين الى شاطئ النهر وكان واقفاً.. فقال له الثعلب..

يامالك الحزين..أذا أتتك الريح عن يمينك,فأين تجعل رأسك.؟ قال- عن شمالي..

قال له ..فأذا أتتك الريح عن شمالك..أين تجعل رأسك .؟ فقال- عن يميني أو خلفي

قال فأذا أتتك الريح من كل أتجاه ومن كل ناحية.. فأين تجعل رأسك.؟ قال أجعله تحت جناحيّ.؟ قال وكيف تستطيع أن تجعله تحت جناحك.! فأنا لاأصدق ذلك .؟ قال بلى –

 قال أرني كيف تصنع,فلعمري يامعشر الطير,لقد فضلكم الله علينا.! أنكن تدرين في ساعة واحدة مثل ماندري في سنه! وتبلغن ما لانبلغ وتدخلن رؤوسكن تحت أجنحتكن من البرد والريح؟ فهنيئاً لكن ..فأرني كيف تصنع.؟

فأدخل الطائر رأسه تحت جناحه .؟ فوثب عليه الثعلب وأمسك بعنقه.! ثم قال له – تعطي النصائح للحمامة..وتعلمها الحيلة لتحمي نفسها.! وتنسى أن تعطي النصيحة لنفسك .! ثم فتك به الثعلب وأكله .؟...

 وهكذا حال حكام بلداننا.. ينصحون الناس وينسون أنفسهم .. فسقطوا وسيسقطون.!!

كتب الشاعرأحمد مطرعن الحاكم الصالح ..فأجاد........

وصفّوا لي حاكماّ,.. لم يقترف, منذ زمان,فتنة أو مذبحه.! لم يكذب,لم يخن, لم يطلق النار على من ذمّه..لم ينثر المال على مدحه .؟ لم يضع فوق فم دبابة , لم يزدرع تحت ضمير كاسحه.! لم يضطرب,لم يختبئ من شعبه..خلف جبال الأسلحه .؟ هو شعبيّ, ومأواه بسيط, مثل مأوى الطبقات الكادحه.؟ ... زرت مأواه البسيط البارحه , وقرأت الفاتحه ..؟

زرت مأواه البسيط البارحه, وقرأت الفاتحه.؟

=======================

مؤامرات أمْ مجرّد حراكٍ شعبي؟

صبحي غندور*

هناك فرزٌ حاصل الآن بين منظورين سياسيين لما يحدث في المنطقة العربية. المنظور الأول يحصر الأمر ب"مؤامرة دولية" تستهدف الهيمنة الكاملة على العرب ووضعهم جميعاً تحت "الوصاية الدولية"، بينما يرى الآخر أن لا مؤمرات خارجية، بل هو فقط حراكٌ شعبي عربي مشروع ولا يجوز ربطه بأيّة جهةٍ خارجية.

ثمّة "رأي ثالث" لا يجد له متّسعاً كبيراً في التدوال السياسي والإعلامي، وهو رأي يؤكّد على نزاهة الثورات والانتفاضات الشعبية العربية، وعلى حقّ الشعوب في التحرّك من أجل الحدّ من الاستبداد والفساد، لكن دون إغفالٍ لما يحدث أيضاً من محاولاتٍ إقليمية ودولية لتوظيف هذا الحراك الشعبي وتحريفه وجعله يخدم مخطّطات ومشاريع سبقت بسنوات هذا الحراك العربي.

فواقع الحال العربي الآن يقوم على مزيج من هواجس خوف على أوطان مع بوارق أمل من شعوب. وما يحدث في هذا العام داخل أوطان الأمة العربية من مشرقها إلى مغربها، وفي عمقها الأفريقي، هو دلالةٌ هامّة على نوع وحجم القضايا التي عصفت لعقودٍ طويلة، وما تزال، بالأرض العربية. وهي كلّها تؤكّد الترابط الحاصل بين الأوضاع الداخلية وبين التدخّّلات الخارجية، بين الهموم الاجتماعية والاقتصادية وبين فساد الحكومات السياسية، بين الضعف الداخلي الوطني وبين المصالح الأجنبية في هدم وحدة الأوطان.

ولعلَّ أهمّ دروس هذه القضايا العربية المتداخلة الآن هو تأكيد المعنى الشامل لمفهوم "الحرّية" حيث أنّ الحرّية هي حرّية الوطن وحرّية المواطن معاً، ولا يجوز القبول بإحداها بديلاً عن الأخرى. كذلك هو التلازم بين الحرّيات السياسية والحرّيات الاجتماعية، فلا فصل بين تأمين "لقمة العيش" وبين حرّية "تذكرة الانتخابات". وكم يتعاظم حجم المأساة حينما تعاني بعض الأوطان من انعدام كل مضامين مفهوم الحرية، أو حين يجتمع لديها وجود حكوماتٍ تفرض "الخوف والجوع" معاً في ظلِّ هيمنةٍ أجنبية وفسادٍ سياسي في المجتمع.

ربّما كانت سمة مشتركة بين عدّة بلدان عربية أن نجحت شعوبها في مقاومة المستعمر والمحتل ثمّ فشلت قياداتها في بناء أوضاع داخلية دستورية سليمة. فمعارك التحرّر الوطني لم تكن مدخلاً لبناء مجتمعات حرّة يتحقّّق فيها العدل السياسي والاجتماعي والمشاركة الشعبية في الحكم وفي صنع القرار. ولذلك السبب، عادت هذه البلدان إلى مشكلة كيفيّة التعامل مع قضية الهيمنة الأجنبية.

كذلك نجد على مستوى الشعوب العربية عموماً حالاتٍ سلبية من الانقسام على أسس طائفية أو قبلية أو أثنية بدلاً من الصراعات السياسية والفكرية والاجتماعية والطبقية، والتي هي ظواهر صراعات طبيعية في أيِّ مجتمعٍ حيويٍّ موحّد.

أمّا على صعيد الدور الخارجي في الأزمات العربية، فهو حتماً عنصرٌ فاعل في إحداثها أو في توظيفها واستثمارها. وهذا الدور الخارجي يجمع، كما فعل على امتداد العقود الماضية، بين إسرائيل وجهات دولية وإقليمية كبرى، وتدخّلها كلّها حتّى في أصغر القضايا العربية.

لكن هذا التدخّل الإسرائيلي/الأجنبي ما كان ليحدث بهذا الشكل والمضمون لولا حالات الوهن والضعف في الجسم العربي عموماً وداخل الكثير من أوطان العرب.

بل إنّ ذلك كلّه يؤكّد جدّية المشروع الإسرائيلي الساعي لتفتيت ما هو أصلاً مقسّمٌ عربياً، ولإقامة دويلات دينية وأثنية تبرّر وجود "الدولة اليهودية" التي ستتحكّم في مصائر هذه الدويلات وترث "الرجل العربي المريض" كما ورثت اتفاقيةُ (سايكس/البريطاني وبيكو/الفرنسي) مطلع القرن الماضي "الرجلَ التركي المريض".

أمّا المشروع الأميركي للمنطقة فقد كان خلال حقبة بوش و"المحافظين الجدد" يقوم على فرض حروب و"فوضى خلاّقة" و"شرق أوسطي جديد"، وعلى الدعوة لديمقراطيات "فيدرالية" تُقسّم الواطن الواحد ثم تعيد تركيبته على شكل "فيدرالي" يحفظ حال التقسيم والضعف للوطن ويضمن استمرار الهيمنة والسيطرة على ثرواته ومقدّراته وقرارته. وكانت نماذج هذا المشروع في العراق وفي السودان معاً. الآن نجد إدارةً أميركية تعمل على تحقيق المصالح الأميركية من خلال دعوة الحكومات العربية (والضغط عليها) لتحقيق إصلاحات دستورية واقتصادية تضمن أيضاً في هذه البلدان بقاء المصالح الأميركية، إذ لا يهمّ الحاكم الأميركي إلا المصالح الأميركية، فهو قد يكون مع تغيير أشخاص وحكومات في بلدٍ ما ولا يكون كذلك في بلدان أخرى. الأمر يتوقّف طبعاً على "ظروف" هذا البلد ونوع العلاقة الأميركية مع المؤسسات القائمة فيه بما فيها المؤسسة العسكرية، لكن الاعتبار الأميركي الأهم هو "نوع" البدائل الممكنة لهذا النظام أو ذاك.

وما يحدث الآن في عموم أرض العرب، هو تعبيرٌ ليس عن خطايا حكومات وأنظمة أو عن "تدخل خارجي" فقط، بل هو أيضاً مرآةٌ تعكس الفهم الشعبي العربي الخاطئ للدين وللهويتين العربية والوطنية ولمدى خلط بعض المعارضات بين مواجهة الحكومات وبين هدم الكيانات الوطنية، ولسقوط بعض المعارضين والمفكّرين في وحل وهُوّة التفكير الطائفي والمذهبي، أو في مستنقع "الدعم الأجنبي".

إنّ المشترك بين البلاد العربية لم يعد وحدة اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا فحسب، بل أيضاً وحدة الحال من حيث وجود العديد من الحكومات الفاسدة والقمع السياسي والبطالة الواسعة والفقر الاجتماعي وانعدام فرص العمل أمام الجيل الجديد، وكلّها عناوين لانتفاضات شعبية وراءها عشرات الملايين من المظلومين والفقراء على الأرض العربية. لكن ماذا بعد الانتفاضات، وعلى أساس أيِّ برنامجٍ للتغيير، بل وفق أيِّ أسلوبٍ في التحرّك من أجل التغيير؟

فأسلوب التغيير الداخلي، المنشود في عدّة بلدان عربية، لا يجب أن يخرج عن رفض استخدام العنف المسلّح مهما كانت الأعذار والظروف، وعلى المضطلعين بالتغيير أن يحرصوا أيضاً على استقلالية التحرّك الشعبي عن أيِّ جهةٍ خارجية، وعلى التمييز بين صوابيّة هدف الضغط على النظام وبين خطيئة تحطيم الدولة، فما زال هاجس "التغيير الجغرافي" في البلدان العربية أشدّ حضوراً من أمل "التغيير السياسي".

وقد تستفيد القوى الأجنبية الدولية والإقليمية من تصدّع العرب ومن تداعيات أوضاعهم سياسياً وأمنياً، لكنَّ ذلك سيؤكّد من جديد مخاطر النهج الذي سارت عليه هذه الأمَّة خلال العقود الأربعة الماضية على مستوى معظم حكوماتها وشعوبها وحركاتها السياسية.

وطالما أنَ الانقلابات العسكرية الداخلية من أجل تغيير الحكومات هي الآن صعبة، وهي أسلوبٌ مرفوض حالياً في العالم ككلّ، فأيُّ نظامٍ ديمقراطي يمكن أن يستتبَّ حصيلة فوضى حروبٍ أهلية أو تدخّلٍ عسكريٍّ خارجي؟.

إنَّ الكثير من الحكومات العربية أعطت الأولويّة لاستمرارية الحاكم في الحكم، لا لاستمرارية الوطن نفسه. والكثير من المعارضات العربية أعطت الأولوية للتغيير في الحكم، لا في المجتمعات التي تتوارث فيها الأجيال مفاهيم خاطئة عن النّفس وعن الآخر، بينما الغائب-المطلوب هو طروحات وطنية عروبية ديمقراطية تبني جيلاً عربياً جديداً، واعياً فكرياً، وليس ناشطاً حركياً فقط، وتحوّل طاقاته إلى قوّة تغييرٍ سلمي تُصلح مجتمعها وترتقي به، وتصون وحدة أوطانها، وتردع أيَّ تآمرٍ خارجي.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن

Sobhi@alhewar.com

==========================

لماذا يا بريطانيا العظمى؟

بقلم: جودت مناع

يمثل الشيخ رائد صلاح، زعيم الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948، رمزا للمدافعين عن المقدسات ومثالا يحتذى به للقاء الإسلامي المسيحي في فلسطين المحتلة والشتات.

وإذا ما تصفحنا مضمون الخطاب السياسي الذي تبناه هذا القائد الشجاع، لوجدناه خاليا من كلمات التحريض على العنف، لكنه يعبر تماما عن إرادة الوطنيين الفلسطينيين الشجاعة في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في البلاد.

فلماذا اعتقل الشيخ صلاح في لندن؟

هذا السؤال متروكا للسلطات البريطانية للرد عليه في مثل هذه الظروف التي تشهد تحولا في طبيعة النظام السياسي العربي من المحيط إلى الخليج ويلقى تأييدا متباينا من كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما إزاء التطورات في كل بلد على حدة بما يتناسب ومصالح تلك الدول.

فلو كانت مزاعم الغرب تأييدا صادقا لحرية الشعوب العربية لما اعتقل إنسانا يحظى بتأييد واسع في أوساط الشعب الفلسطيني ومؤازريه الأجانب لما له من بصمات على الكفاح المشترك بين الشعوب من أجل حرية الفلسطينيين.

الشيخ صلاح لم يشن حربا عدوانية ضد دولة أخرى، ولم يتهم بارتكاب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية كتلك التي نعت بها قادة كيان الفصل العنصري في فلسطين المحتلة وبرغم ذلك يحظون بترحيب حار على أراضي الدول التي تزعم رغبتها بنشر الحرية في العالم وتغير قوانينها كي تسمح لمجرمي الحرب بدخول أراضيها دون تعريضهم للمثول أمام المحاكم المختصة في تلك الدول.

ومما يثبت هذا القول، أن الشيخ صلاح سوف يرحل إلى فلسطين، لأن ما من أحد قادر على نسب تهم خطيره له تقوده غلى إلى قاعة المحكمة.

إن كل ما باستطاعة قوى الشر أن تفعله هو اتهام الشيخ صلاح بالادعاء أنه معاد للسامية المزعومة برغم أن دعاتها لا يمثلون مضمونها بل يعتقدون بأنهم كذلك، وما هم إلا كالذئب بجلد حمل يستخدمون هذا المصطلح لتسخير سياسة تلك الدول ضد الوطنيين الفلسطينيين ودفاعم الشجاع عن ديارهم السليبة.

لقد وصم الرئيس السابق لجنوب أفريقيا، زعيم حزب المؤتمر الوطني الفريقي، نيلسون مانديلا بتهمة "الإرهاب"، وأمضى نحو 28 عاما في سجن بجزيرة روبن، وبرغم تلك المدة الزمنية الطويلة التي احتدمت على وجهه وترك شبابه خلف القضبان، إلا أنه كان أشجع من سجانيه الذين استسلموا أخيرا لكفاح حزب المؤتمر ضد نظام الفصل العنصري السابق.

اليوم، نواجه كيانا مماثلا، يدق ناقوس الخطر في قلب الأمة، وفي القدس التي يمثلها الشيخ الجليل ولطالما دعا الرؤساء والملوك لحماية المفدسات الإسلامية والمسيحية، لم نسمع بأن ايا من وزراء الخارجية العرب بادر لاستدعاء السفير البريطاني للاحتجاج على اعتقال الشيخ صلاح.

لقد سبق وأن اتخذ بعض الرؤساء الذين تساقطوا كبتلات الشوك التي وخزت خاصرة الأمة، ومنهم حسني مبارك الذي شيد سورا بين مصر وحدود فلسطين الجنوبية وسمج للغاصبين بتشييد سورا إضافيا على امتداد حدود فلسطين بدعوى التصدي للمهاجرين الأفارقة وهو إجراء غير مشروع لأن حدود فلسطين هي شأن فلسطيني قبل أن يقررها مبارك وأمثاله.

إن الصمت الرسمي العربي يوحي بخطر كبير يحدق بآمال الأمة لذلك فإن المطلوب رفع وتيرة الاحتجاج والتضامن مع الشيخ رائد صلاح الذي يمثل رمزا للدفاع عن بلاده في مواجهة الاحتلال، لكي ننزع جلد الحمل عن ظهر الذئب وتتعرى السامية الزائفة التي تتخذ ذريعة لإبادة شعب واحتلال وطن.

====================

لا عليك.. ياشيخ "رائد صلاح" من سياسات القمع البريطاني

أ.د. ناصر أحمد سنه

لك الله يا شيخنا الجليل.. يا شيخ الأقصي والقدس، والمقدسات الإسلامية والمسيحية، والمدافع عنها. يا من لا تألو جهداً في القيام بواجبك الديني والوطني في الدفاع عن مقدساتنا وحقوقنا، وإظهار محاولات الاحتلال الصهيوني المتكررة للحفر تحت المسجد الأقصى، ومخططاته الخطيرة الدءوبة لتهويده، ولإفراغه وتفريغه من عُمّاره، ومرتاديه، ومن ثم هدمه.

لك الله يا شيخنا " الرائد".. فدونما أي إعتبار لرمزيتك، ولشخصك، وقدرك، ومكانتك. ودونما أي مبرر لكن بدعوى "أنك تشكل خطراً على العامة في بريطانيا".. تُقدم سلطات القمع البوليسية البريطانية علي إعتقالك واقتيادك.. مكبلاً بالقيود. وذلك، تمهيداً "لتحويلك لمركز احتجاز" ومن ثم "ترحيلك" خارج بريطانيا.

لك الله أيها الشيخ الجليل وقد دخلت تلك "الممكلة" بدعوة شرعية (من مركز دراسات الشرق الأوسط والمنتدى الفلسطيني في بريطانيا)، وتأشيرة دخول رسمية، وليس سراً أو متخفياً. وذلك بهدف المشاركة في العديد من الفعاليات والقاءات وإلقاء المحاضرات، ومن بينها محاضرة له أمام مجلس العموم البريطاني، ولإطلاع الرأي العام العالمي علي أوضاع الأراضي الفلسطينية والمسجد الأقصي.

لم لا يفعلون مثل هذه الأفاعيل، وأنت متعك الله بالصحة والعافية والثبات دوخت، ومازلت، وعانيت، ومازلت من سياسات وأدوات البطش والقمع الصهيوينة فوق تراب وطنك فلسطين، وبلدتك "أم الفحم". أنت تعمل في وضح النهار، لم تكن أبدا "شبحاً أو متسللاً"أ أو "شخصاً غير مرغوب فيك" (أين ذهب النظام البائد الذي وصم "جورج غالاوي" بأنه شخص غير مرغوب فيه في مصر؟؟).

يا شيخ "صلاح": لا عليك.. تشرف بقدومك، واستقدامك كل دولة / مملكة تحترم نفسها وشعبها وتقر الحقوق لأصحابها.. حقاً لا شعاراً، ولا تخضع لإبتزاز الصهاينة المعتدين، وأعوانهم الإرهاربين.

لا عليك يا شيخ "رائد".. من الحملة الإعلامية التي سبقت زيارتك لندن ومحاولات منعها من خلال إجترار إتهامات صهيونية سابقة. ولتتحول بريطانيا إلى ساحة تصفية حسابات.

لك الله يا شيخنا الجليل.. فهذا التحرك القمعي البريطاني يثبت الانحياز "التاريخي" المشين لحكومة المملكة المتحدة ضد الشعب الفلسطيني وما وعد "بلفور" منا ببعيد. كذلك رضوخها للضغوط الصهيونية، وما تمكينها العصابات الصهيونية من إحتلال فلسطين منا ببعيد. فضلاً عن نصحههم المستمر لقادة الكيان الصهيوني المطلوبين جائيا لدي محاكمها في قضايا جرائم الحرب علي غزة وغيرها، بسرعة المغادرة من مطاراتها.

لك الله يا شيخنا الجليل.. يا شيخ الأقصى: يا من لا يغمض لك جفن، ويا من لا، ولن تنثني لك قناة عن الدفاع عن الأقصى حتى تحريره من الاحتلال الصهيوني الغاشم. يا شيخنا كيف يضيق عليك، ويمنعك من يرفعون شعارات:"الدفاع عن حقوق الإنسان، ويتشدقون بالقيم الديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير" من حقك الدائم في تلبية دعوة من دعوك، وتعلن عن رأيك وتقول كلمتك. فهل إلي هذا الحد يخشون رأيك، ويرتعبون من كلمتك المدوية؟. ولم لا.. فالحق أبلج، والباطل لجج.

لك الله يا شيخ "صلاح": يا من تمثل ولك الشرف شوكة ليس فقط في حلوق الصهاينة، بل في حلوق كل الرسميين والمواليين للكيان الصهيوني المحتل لفلسطين. فانت جبلٌ أشم تحطم عليهم مؤامراتهم، وتكشف مخطاتهم، وزيف شعاراتهم. لذا يدبرون لك المكائد والاتهامات تلو الاتهامات. وكما أعتقلوك وحددوا إقامتك مرارا في فلسطين ها هم اليوم يعتقلونك في زيارتك لبريطانيا.

لك الله يا شيخ الأقصى: إنها جرائم تتلو جرائم، ولا حساب ولا عقاب. فالاحتلال يقمع أهل أصحاب الأرض والحق، والمدافعين عنهما، والمتعاطفين معهم بالسجن والتغريم والحرمان من زيارة القدس، والإبعاد. بل وقتل المتضامنين مع غزة في أسطول الحرية وقد كنت أنت أحد المشاركين فيه. وهاهي السياسات البريطانية تسير علي ذات النهج القمعي. إنها لحقب استيطانيةٍ توسعيةٍ في فلسطين وفي القدس، ولعل التخلص منك يا شيخنا "الرائد" بهذه الطرق مؤشراً لقرب اتخاذ إجراءات خطيرة.

لا عليك أيها " الرائد".. فما أثار حفيظتهم هي لقاءاتك الناجحة خلال الأيام الماضية، واستعدادك للقاءات أكثر أهمية مع كبريات الصحف البريطانية ومع برلمانيين بريطانيين داخل مبنى البرلمان البريطان. ولتكشف ممارسات وجرائم الاحتلال، وزيف إدعائه في فلسطين، ومن هنا جاء التحرك باعتقالك لمنعك من إيصال رسالتك، ولإخماد صوتك.

يا شيخنا: .إن هذا "الإعتقال الجائر" ليس موجهاً ضدك وحدك، ولا ضد الحركة الإسلامية، التي أنت رئيسها، بل ضد كل المسلمين والعرب (وخاصة الجالية العربية في لندن) والفلسطينيين، فالانتقام و"الإهانة" السياسية منك يستهدفهم جميعاً.

لك الله يا أيها المجاهد القوي/ العنيد: يا من تعرضت لمحاولات اغتيال وإصابات على يد قوات الاحتلال. يا من تملك كشأن أهلنا الفلسطينيين الإرادة “الفولاذية" العجيبة التي ستفُل سياساتهم القمعية. يا شيخنا إننا نستنكر تلك الطريقة التي تم التعامل بها معك، إذ أنه من "الممكن أن يتم ابلاغك بالقرار بطريقة أكثر إنسانية، كونك تتواجد بشكل قانوني داخل بلدهم". فيا أحرار الأمة والعالم قفوا صفاً واحداً ضد ممارسات الاحتلال الصهيوني، ومن والاهم وحالفهم وعاونهم.. كائناً من كان.

لك الله.. يا من وقفت حياتك للدفاع عن فلسطين دونما حساب للأسر والسجن والطرد والإبعاد.. قابضاً على الجمر مذ نعومة أظفارك، مدافعا صلباً، أسدا هصورا. ورغم كل هذا الذي تلاقي نلقاك مشرق الوجه، رابط الجأش، صافي القلب، قوي العزم، واثقاً في النص. لست منكسرا ولا خائر القوي، لأنك خالياً من قلق علي دنيا، أو مهموما بملذاتها.

فيا شيخ الأقصى، يا شيخ المجاهدين: حفظك الله، أعانك الله، ثبتك الله، أيدك الله، أعزك الله، نصرك الله.. اسمح لنا أن نقبل ثانية وثالثة ورابعة رأسك يا شيخنا "الرائد".

*كاتب وأكاديمي

nasenna62@hotmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ