ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 20/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الاعتراف السوري بالدولة الفلسطينية

عادل عبد الرحمن

بالامس فقط إعترفت الجمهورية العربية السورية بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967. مضى وقت طويل، قرابة ثلاثة وعشرين عاما منذ إعلان الاستقلال في الخامس عشر من نوفمبر / تشرين ثاني 1988، وسوريا تتلكأ وتتهرب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وارغمت الجمهورية اللبنانية على عدم الاعتراف ايضا. مع ان جزء كبير من دول العلم إعترفت بالدولة الفلسطينية، حتى وصل تعدادها قبل الاعتراف السوري، إلى (116) مائة وستة عشر دولة من قارات العالم الخمس. كما ان عضوية فلسطين في جامعة الدولة العربية عضوية كاملة، ومساوية للعضوية السورية وغيرها من الدول العربية.

وبعيدا عن العتب على تأخر الاعتراف السوري بالدولة الفلسطينية. والاسئلة ذات الصلة بالاسباب، التي حالت دون الاعتراف خلال المرحلة السابقة. والاسباب التي دعت الآن للاعتراف بالدولة الفلسطينية. تملي الضرورة الترحيب بالاعتراف السوري، الذي يأتي عشية التوجه للامم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والحصول على العضوية الكاملة. كونه يشكل إضافة ضرورية لدعم الموقف الفلسطيني في توجهه للعالم بهذا الشأن، حيث لايجوز للفلسطينيين ان يطلبوا من دول العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية وهناك دولتان عربيتان غير معترفتتين بها.

ويأمل المرء ان تلحق الجمهورية اللبنانية بسوريا في إعترافها بالدولة الفلسطينية، بعد ان أزاح النظام السوري العقبات الموضوعة امامها. لا سيما وان لبنان، إحدى الدول غير الدائمة، الموجودة في هذه الفترة في مجلس الامن. والتي سيكون لها دور إيجابي في الاسهام بالقدر المتاح لها ولباقي الدول المؤيدة للحق الفلسطيني بدعم التوصية المفترض ان يرفعها مجلس الامن للجمعية العامة للاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، كدولة كاملة العضوية.

كما ان الاعتراف السوري سيكون له ايجابيات في رفع التمثيل لديبلوماسي الفلسطيني. وايضا على دخول وخروج المواطنين الفلسطينيين وخاصة من داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 بجوازات السفر الفلسطينية الى الاراضي السورية دون الارباكات الموجودة حتى الان.

الاعتراف السوري لا يغير من مواقف الشعب الفلسطيني تجاه النظام السوري، ودعمه للثورة الشعبية، المطالبة بإسقاط النظام، وتعميق عمليات التغيير والاصلاح داخل بنية النظام السوري، والارتقاء بسوريا إلى مصاف الدول المدنية. والترحيب بالاعتراف الرسمي السوري بالدولة الفلسطينية لا يتناقض مع الموقف الداعم لخيار الشعب العربي السوري. رغم ان نظام بشار الاسد لم يعترف الان بالدولة الفلسطينية لسواد عيو القيادة السياسية الفلسطينية، وانما يشاء الحصول على ثمن سياسي، اقله الصمت عما يجري في الداخل السوري من تنكيل بابناء الثورة في المدن والمحافظات السورية المختلفة. مع ان النظام السوري يعلم ان القيادة الفلسطينية ملتزمة بالمبدأ الناظم لعلاقاتها مع الدول العربية: " عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ".

a.a.alrhman@gmail.com

======================

إبراهيم قاشوش رمزاً للثورة السورية

بقلم : ناجي حسين

أغنية "أرحل يا بشار" التي غناها ملايين السوريين في الشوارع "يا بشار ومانّك منّا.. خود ماهر وأرحل عنّا.. شرعيتك سقطت عنا ويلا أرحل يا بشار.. يا بشار ويا كذاب.. وتضرب أنت وهالخطاب.. الحريّة صارت عالباب.. ويلا أرحل يا بشار"، أغنية رددتها حناجر آلاف المتظاهرين في مدينة حماة السورية التي شهدت أكبر تظاهرة مليونية تطالب بإسقاط نظام (الأسد) لقبه الحقيقي الوحش في "جمعة أرحل"، وكتب كلماتها الشاب السوري إبراهيم قاشوش الذي صار رمزاً للثورة وصدح بصوته في ليالي مدينة حماة مطالباً بالحرية والكرامة.

الشهيد قاشوش لم يحمل السلاح ولم ينضم إلى "العصابات المسلحة" لكن صوته أزعج النظام السوري فقرر كتمه إلى الأبد، ليعثر على جثته ملقاة مساء 6 تموز الجاري في نهر العاصي وقد قطع نصف رقبته وإستئصلت حنجرته من الوريد إلى الوريد.

وأكد أصدقاء "بلبل الثورة السورية"، كما يحلو لمحبيه تسميته، أنه قاد "عراضة حموية" في جمعة أرحل الشهيرة وصدح بأهازيج ثورية ألهبت حماسة الملايين من المتظاهرين وفي صبيحة يوم الأحد 3 تموز الجاري خرج متوجهاً لعمله لكنه تعرض لعملية أختطاف من قبل قوات الأمن ليعثر عليه بعد ذلك مرمياً في نهر العاصي بعد قطع رقبته بسكين. تبين أنها عائدة ل"بلبل الثورة السورية" إبرهيم قاشوش صاحب أغنية "أرحل يا بشار" التي غناها ملايين السوريين في الشوارع ليل نهار، ولا سيما في "جمعة أرحل". اللافت أن قاشوش ذبح من حنجرته وأقتعلت الحنجرة من مكانها ثم رميت الجثة في العاصي. وكان في طريقة ذبح قاشوش ما يذكرنا بما جرى لسليم اللوزي أيام الوحش (الأسد) الأب، أي قبل 31 عاما. في الرابع من آذار 1980، حينما عثر عليها راعي في منطقة عرمون يتسلق مرتفعات المنطقة أذا به يعثر على جثة ... كان لافتا أنها كانت لرجل في منتصف العمر، وأوضح الراعي أن أحدى يدي الضحية كانت متحللة. كان هذا سليم اللوزي أحد عمالقة الصحافة العربية لثلاثة عقود. كان قد خطف قبل ذلك بثمانية أيام على طريق المطار وهو يهم بمغادرة لبنان بعدما حضر لتقبل التعازي بوفاة والدته و(كان مقيما في لندن). كان اللوزي يصدر مجلة الحوادث من لندن بسبب الحرب في لبنان. وحاول الرئيس الراحل ياسر عرفات العثور عليه لأنه كما نقل عنه "في ما بعد" كان يعرف أن قرار تصفية سليم اللوزي أتخذ، ولن يقدر على أنقاذه. أسرّ الرئيس عرفات لعدد من أصدقائه الصحافيين اللبنانيين بعد ذلك، أن قرار أغتيال سليم اللوزي أتخذ في دمشق على أعلى مستوى، ونفذته منظمة "الصاعقة" بقيادة زهير محسن. كان سليم اللوزي تميز بمقالاته المعارضة للنظام السوري، وقد أغتيل شقيقه مصطفى لهذا السبب في طرابلس. وبدل أن يتراجع ويستكين قرر اللوزي المواجهة، فكتب أحدى أجمل المقالات في رثاء شقيقه مصطفى وكأنها تتضمن إستشرافا لأغتياله ووصية سياسية لما بعد أغتياله. وختم المقالة بهذه الكلمات: "وغداً إذا نجحت المخابرات العسكرية في تنفيذ الحكم الذي أصدرته بأغتيالي، وهي قادرة على ذلك بوسائلها المختلفة، فإني أكون قد أستحققت هذا المصير، وعزاء زوجتي وبناتي وأولاد مصطفى التسعة أنني أحببت بلدي وأخلصت لمهنتي".

وتأخذني باللافتات التي رفعت في حماه قبل أيام حاملة شعار "حافظ قتل جدي سنة 1982، وبشار قتل والدي سنة 2011 " ما يعكس صورة حقيقية لمأساة شعب عاش أكثر من أربعة عقود في ظل ستالينية دموية. وها هو يثور اليوم ويقينه أن لا عودة إلى الوراء. وأن الفرصة التاريخية أما أن تفضي إلى الحرية والكرامة أو يستمر هذا النهج الذي أحرق يد سليم اللوزي قبل ثلاثة عقود، وأقتلع حنجرة إبرهيم قاشوش... إلى ما لا نهاية.

عرف اللوزي أنه وضع على لائحة الأغتيالات ولم يغير قيد أنملة في مواقفه. ولما عُثر على جثته كانت يده التي يكتب بها محروقة متحللة من أسفلها بفعل مادة الأسيد التي وضعت فيها فترة لتذويبها. كانت رسالة القتلة بتذويب يد سليم اللوزي "الجانية "بالأسيد، معاقبة كل الأقلام المعارضة!

لم تكن هناك محاكم دولية كمحكمة رفيق الحريري، تماما مثلما لم تكن من محاكم يوم قتل كمال جنبلاط برصاصات عملاء فرع "المخابرات الجوية السورية" قبل ذلك بثلاث سنوات.

ولم تقل الصور التي بثها ناشطون سوريون على موقع "يوتيوب" لإبراهيم قاشوش فظاعة عن الجرائم التي أرتكبها "الشبيحة" في حق كل سوري خرج مطالباً بالحرية، وقد أتهم أصدقاء له ومحبوه عبر شبكات التواصل الأجتماعي قوات الأمن والشبيحة الأسد بقتله والتنكيل بجثته.

وأكد محبو قاشوش الذين سارعوا لإنشاء أكثر من 12 صفحة عبر "فيسبوك" تخليداً لذكراه، عزمهم على مواصلة ما بدأه رفيقهم والغناء للحرية في ساحات المدن السورية حتى ولو كان ثمن الكلمة الذبح من الوريد إلى الوريد.

ولم تقل الصور التي بثها ناشطون سوريون على موقع "يوتيوب" للطفل حمزة الخطيب والتمثيل بجثته قطعوا ذكر الشهيد حمزة الخطيب .. أما الشهيد إبراهيم قاشوش فقد نشر أهازيجه في الثورة وردد خلفه العالم كله بصوته الثوري. بسوريا في ٢٢ مليون إبراهيم . الفكرة والأغنيه لا تموت بموت صاحبها لا يقوم بهذه الأفعال سوى الذي له عرق قذر من الدولة الفارسية إيران وأذنابها في منطقة الخضراء وحقدهما على الأمة العربية والإسلامية فقد فعلو بأبناء العراق أكثر وأكثر ما لا يتصوره العقل .

متى ستصحون يا أمة العرب والمسلمين وسنقول للمؤيدين قبل المعارضين أننا ثوار الكرامة لن نتراجع حتى ننتزع حريتنا منكم ولو لم يبقى منا أحد سيأتي من بعدنا أطفالنا ومن بعدهم أحفادنا وسيرددون أهازيج إبراهيم قاشوش لكي ينالوا حريتهم المسلوبة ويبنوا دولتهم المدنية الديمقراطية . ثورتنا مستمر حتى ننال حريتنا عاشت سوريا حرة أبية. الثورات العربية بدأت بالبوعزيزي ولن تنتهي بإبراهيم قاشوش .

يُذكر أن مدينة حماة السورية التي شهدت خروج أضخم المظاهرات المناهضة للأسد منذ بدء الأحتجاجات لا تزال محاصرة من قبل قوات الأمن والشبيحة والجيش ، وقد نزح المئات من سكانها نحو الجنوب خوفاً من شن الجيش عمليات عسكرية أنتقامية على غرار ما وقع في مدينة جسر الشغور ودرعا.

وهكذا ما يحدث في العراق على أيدي عملاء للأمريكان وللنظام الإيراني الصفوي الذي يقطع الحناجر حتى لا يسمع صوت معارض؟ هل يرضى الحسين وعلي وفاطمة الزهراء بقطع الحناجر ؟ أنتموا إلى وطنكم وكونوا مع الثوار ضد الظلم ...النظم القمعية من واقع تركيبتها لا تتعلم وتظل ترتكب الجرائم دون وجود آلية للتعلم. الشهداء هم وقود الثورة وكلما زاد البطش والقتل والتنكيل كلما دفع الشعب للخروج والثورة ثأرا لدم الشهداء ودفعا للمظالم. النظام السوري وقع ضحية تاريخه الدموي وغير قادر للفكاك منه حتي بمطية المجرم بشار ورث جينات الأب. النظم القمعية تخشي الكلمة أكثر من الرصاص. فالكلمة تخاطب العقول وتنتقل دون حواجز . الجديد أنهم لم يكتفوا بالقتل وأمعنوا في التنكيل بإستأصل الحنجرة. أنهم يعادون الصوت الحر حتي منبعه.

=====================

ضيّعها اليهود ، فكانت للمسلمين

الدكتور عثمان قدري مكانسي

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف الحميري قال: لما اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربه ( لتمام الموعد) قال الله لموسى:

1-        أجعلُ لكم الأرض مسجدا وطهورا،

2-        وأجعلُ لكم السكينة معكم في بيوتكم،

3-        وأجعلكم تقرأون التوراة من ظهور قلوبكم فيقرأها الرجل منكم والمرأة، والحر والعبد، والصغير والكبير.

فقال موسى لقومه :

-  إن الله قد جعل لكم الأرض مسجدا وطهورا.

-  قالوا: لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس.

-  قال: ويجعل السكينة معكم في بيوتكم.

-  قالوا: لا نريد إلا كما كانت في التابوت.

-  قال: ويجعلكم تقرأون التوراة عن ظهور قلوبكم، فيقرأها الرجل منكم والمرأة، والحر والعبد، والصغير والكبير.

-  قالوا: لا نريد أن نقرأها إلا نظرا.

فنقلها الله تعالى للمسلمين أتباعِ محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : "فسأكتبها : للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ،

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ

فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) " .

 قال موسى: أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم ( التكريم والعطاء) لغيرهم ! اجعلني نبي هذه الأمة ( يريد أن يكون نبيّ المسلمين ).

قال: إن نبيهم منهم.

قال: اجعلني من هذه الأمة.

قال: إنك لن تدركهم.

قال: رب أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم.

قال: فأوحى الله إليه " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون" الأعراف الآية 159. فجعل الله تعالى من اليهود من يهدي إلى الحق ويحكم به ..

قال: فرضي موسى.

قال ( الراوي نوف الحميريُّ ) للمسلمين : ألا تحمدون ربا شهد غيبتكم، وأخذ لكم بسمعكم، وجعل وفادة غيركم لكم؟

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف . إن موسى لما اختار من قومه سبعين رجلا قال لهم: فدوا إلى الله وسلوه ، وكانوا قد ذهبوا وفداً إلى الله مع موسى إلى جبل الطور.

فكانت لموسى مسألة ولهم مسألة، فلما انتهى إلى الطور قال لهم موسى: سلوا الله.

قالوا : "أرنا الله جهرة" .

 قال: ويحكم...! تسألون الله هذا مرتين؟

قالوا: هي مسألتنا ،أرِنا الله جهرة . فأخذتهم الرجفة ، فصعقوا.

فقال موسى: أي رب جئتك بسبعين من خيار بني إسرائيل، فأرجع إليهم وليس معي منهم أحد، فكيف أصنع ببني إسرائيل، أليس يقتلونني؟

فقيل له: سل مسألتك. قال: أيْ رب إني أسألك أن تبعثهم.

 فبعثهم الله . فذهبت مسألتهم ومسألته، وجعلت تلك الدعوة لهذه الأمة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن راشد بن سعد. أن موسى لما أتى ربه لموعده قال: يا موسى، إن قومك افتتنوا من بعدك. قال: يا رب وكيف يفتنون وقد أنجيتهم من فرعون، ونجيتهم من البحر، وأنعمتَ عليهم؟ قال: يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلاً جسدا له خوار. قال: يا رب فمن جعل فيه الروح؟ قال: أنا. قال: فأنت أضللتهم يا رب. قال: يا موسى، يا أبا الحكماء، إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم.

يؤكد هذا قوله تعالى في سورة الإسراء " كلاً نُمِدّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك ، وما كان عطاء ربك محظوراً " . فمن رغب الضلال وركبه أضله الله تعالى .

=========================

مفهوم الاختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية

الأستاذ/ أبو الفضل محمد بهلولي

كلية الحقوق والعلوم السياسية - جامعة معسكر

مقدمة

إن المجتمع الدولي ورغبة منه في إقامة كيان قانوني دائم ، يتولى محاكمة المجرمين الدوليين بدلا من تشكيل محاكم مؤقتة لكل حالة على حده ، و ما قد يصاحب ذلك من عقبات سياسية تتحكم بها مصالح الدول وأهواؤها السياسية ، دعى إلى إنشاء محكمة جنائية دولية . حيث تعود أول فكرة لإنشائها إلى السويسري Gustave Moynier سنة 1872 الذي أعد مشروع يتكون من عشر مواد .

بدأت جهود الأمم المتحدة نحو إنشاء محكمة جنائية دولية إلى سنة 1946 أي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، ولكنها اصطدمت بالحرب الباردة التي كانت مندلعة بين المعسكرين الغربي والشرقي في ذلك الوقت ، إلا أن الجهود الرامية إلى إنشاء هذه المحكمة ووضع تقنين للجرائم الدولية أخذا زحما معقولا منذ سنة1990 عندما أوصت اللجنة التحضيرية المعنية بإنشاء محكمة جنايات دولية.

 وخلال الفترة 1995/1997 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنتين للانعقاد بهدف الاتفاق على النص الموحد الخاص بإنشاء المحكمة ، فاجتمعت اللجنة التي تشكلت خصيصا لإنشاء هذه المحكمة وأطلق عليها اللجنة الخاصة طوال عام 1995 ، واهتمت بمناقشة القضايا الموضوعية و الإدارية الأساسية ، ولكنها لم تقم بأي مفاوضات أو صياغة لنصوص محدده.

تم تغيير اللجنة سنة 1996 ، وأطلق عليها اسم اللجنة التحضيرية لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية ، والتي عقدت اجتماعاتها طوال سنة 1996 ، وخلال عامها الأول لم تقم بوضع أو صياغة أي نصوص لمشروع الاتفاق الخاص بالمحكمة .

يرجع السبب إلى عدم رغبة العديد من الدول المشاركة في الانتقال من هذه المرحلة ، إلا أنه خلال الفترة مارس – ابريل 1998 أمن الانجاز مشروع النظام الأساسي ومشروع الوثيقة النهائية بتاريخ 17/07/1997 ، تم فتح باب التوقيع على المعاهدة الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية .

 يعتبر النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أول خطوة يخطوها المجتمع الدولي بشكل جاد نحو إرساء فضاء دولي جنائي دائم ، ذلك لأن الخطوات السابقة في هذا المجال اقتصرت على إنشاء محاكم مؤقتة لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية ، فكان إنشاء محكمة النرويج في 8 أوت1945 ، كما تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافية السابقة ، التي أسست بموجب قرار مجلس الأمن 827 في 25 ماي 1993 ، والمحكمة الجنائية الخاصة برواندا التي أسست بموجب قرار مجلس الأمن 955 في 8 نوفمبر1994، والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بسيراليون التي تأسست طبقا لاتفاق دولة سيراليون وهيئة الأمم المتحدة بتاريخ 14أوت 2000.

اختصاص المحكمة الجنائية الدولية

 ومن الملاحظ أن اختصاص هذه المحاكم يقتصر على الجرائم المرتكبة أثناء حروب معينة ، فلم يكن لهذه المحاكم إذا اختصاص شامل للجرائم الدولية أيا كان موضوع ارتكابها ، ولهذه الأسباب اتجهت الجهود الدولية للمنظمات الدولية وغير الحكومية وجهود كبار فقهاء القانون الدولي وتجربة المحاكم الدولية المؤقتة ، نحو إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة تتولي محاكمة مرتكبي أبشع الجرائم الدولية .

 لم تكن الجهود الدولية نحو إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة بالأمر السهل ، بل صادفت عقبات عديدة ، أبرزها اختلاف النظم القانونية للدول المشتركة في مفاوضات إنشاء المحكمة ، ورغبتها في التوفيق بين هذه النظم من أجل وضع نظام أساسي تقبل به أغلب الدول ، لم تكن المهمة سهلة بل كانت شائكة وصعبة إلى حد كبير، فعدم ملائمة نظام المحكمة لمصالح بعض الدول ورغبتها في الحفاظ عليها ، دفعها إلى الإحجام عن التوقيع كالولايات المتحدة الأمريكية التي لم تكتف برفض الانضمام إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، بل سعت إلى إبرام اتفاقية ثنائية مع بعض الدول تهدف إلى الحيلولة دون تسليم رعاياها إلى المحكمة الجنائية ، كالاتفاقية الموقعة مع رومانيا بتاريخ 1أوت 2002 واتفاقية تيمور الشرقية في 23أوت 2002 ، عندما ينعقد الاختصاص بمحاكمتهم .

 تحديد النطاق القانوني لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية :

حاليا يقتصر النطاق القانوني لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية على أشد الجرائم خطورة على المجتمع الدولي ، وهي واردة في المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة ، وهذه الجرائم هي جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وجريمة العدوان ، وتطرقت المادة إلى تحديد اختصاص المحكمة فيما يتعلق بجرائم الحرب التي ترتكب خرقا لقوانين الحرب أو القانون الدولي الإنساني .

 كما أن المادة 5 في فقرتها الثانية من نظام المحكمة نصت ، على أن تمارس الاختصاص في جريمة العدوان متى حكم بهذا الشأن ، وفقا للمادتين 121 و123 يعرف جريمة العدوان ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها في هذه الجريمة ، ويجب أن يكون هذا الحكم متسقا مع الأحكام ذات الصلة مع ميثاق الأمم المتحدة ، ويرتكب شخص ما جريمة عندما يكون في وضع يتيح له التحكم في العمل السياسي أو العسكري للدولة أو توجيهه ، ويأمر أو يشارك مشاركة فعلية ، عمدا وعن علم ، في التخطيط لعمل عدواني أو الإعداد له أو الشروع فيه أو شنه ، على أن يشكل العمل العدواني بحكم خصائصه وخطورته ونطاقه انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة وهذا ما يسمى بجريمة العدوان.

 ويشير إلى العمل العدواني المتواجد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3314.

 الاختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية

وإذا كانت هذه الموضوعات تدخل ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية ،إلا أنه لابد من الإشارة إلى أن اختصاصها كله يدور حول فكرة أنه لا يقوم مقام اختصاص القضاء الجنائي الوطني ،وإنما هو مكمل له ، وبعبارة أخرى يعتبر الاختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية الحجر الأساسي في نظام المحكمة ، يعني أن اختصاص المحكمة لا يعتبر بديلا عن الاختصاص القضائي الوطني وإنما مكمل له، ولولا هذه الفكرة لما أقدمت العديد من الدول على التصديق على معاهدة إنشاء المحكمة .

ومبدأ الاختصاص التكميلي للمحكمة ورد في عدة مواضع من نظامها الأساسي ، فقد نصت الفقرة العاشرة من ديباجة المحكمة :" المحكمة الجنائية الدولية المنشاة بموجب هذا النظام الأساسي ستكون مكملا للاختصاصات القضائية الجنائية الوطنية ".

 كما نصت المادة الأولى من نظام المحكمة على أن :" وتكون المحكمة مكملة للاختصاصات القضائية الجنائية الوطنية ، ويخضع اختصاص المحكمة وأسلوب عملها لأحكام هذا النظام الأساسي"، إن ابرز خاصية ميزت المحكمة الجنائية الدولية إضافة إلى خاصية طابعها الدائم هي اعتماد قاعدة الاختصاص التكميلي ، ويحكم هذا المبدأ العلاقة بين المحكمة الدولية وبين السلطات القضائية الوطنية بمعني أن دور المحكمة الجنائية الدولية سيكون مكملا للنظام القضائي الوطني ، أو بعبارة أخرى سيكون احتياطيا ، كما يفسر هذا المبدأ على أنه إبقاء على اختصاص القضاء الوطني في الدرجة الأولى ، إلا في الحالات التي يثبت فيها عجز أو غياب دور هذا الأخير أو عدم مصداقية الإجراءات المتخذة، تماشيا مع موقف الدول الداعية إلى عدم التقليل من دور القضاء الجنائي الوطني أو الداخلي في متابعة الجرائم الدولية ، وبهذا الشكل تضمن الدول المحافظة على سيادتها من جهة ، وتقلل عدد القضايا التي يمكن أن تنظر فيها المحكمة بما يضمن أداء مهامها في أحسن الظروف من جهة أخرى ، بالتالي فإن المحكمة الجنائية الدولية غير مختصة في متابعة الجرائم الدولية التي سبق لدولة لها ولاية عليها أن اتخذت بها إجراءات التحقيق أو المقاضاة أو يكون الشخص قد سبق الحكم عليه بخصوص السلوك موضوع الشكوى ، إلا في حالة اضطلاع المحكمة أو تأكدها بعدم مصداقية الإجراءات المتخذة من قبل الدول أو عجز جهازها القضائي عن أداء وظائفه عملا بنص المادة 17 من القانون الأساسي للمحكمة .

 والهدف الأساسي من الاختصاص التكميلي هو الحيلولة دون إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب ، المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، باعتبار هذه الجرائم هي الأشد خطورة في نظر المجتمع الدولي ، وهذا ما نصت عليه صراحة كل من الفقرتين الرابعة والخامسة في ديباجة النظام الأساسي :" إذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمر بدون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني ، وكذا من خلال تعزيز التعاون الدولي"

أما الفقرة الخامسة من الديباجة فقد ذكرت بأن دول الأعضاء:" عقدت العزم على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في قمع هذه الجرائم" .

مجال تطبيق الاختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية:

ينعقد الاختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية بنظر إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 5 من نظامها الأساسي في حالتين نصت عليهما 17المادة في الفقرة الأولى من نظام المحكمة هما :

أولا : عند حدوث انهيار في النظام القضائي الوطني .

ثانيا: عند رفض أو فشل النظام القضائي الوطني في القيام بالالتزامات القانونية من تحقيق ومحاكمة الأشخاص المشتبه بارتكابهم الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة .

 يلاحظ أن الجهة التي ستحدد مدى قدرة أو عدم رغبة الدول المعنية في إجراء التحقيقات أو مقاضاة المتهمين عند ارتكاب الجرائم الدولية ليست هي الدول المعنية ، وإنما المحكمة الجنائية الدولية ، ذلك لان هذه المحكمة هي التي ستقرر في نهاية الأمر مقبولية الدعوى من عدمها وما إذا كانت الشروط الواردة في المادتين 17 و20 الفقرة 3 قد تحققت أم لا وهي المواد المتعلقة بنقل اختصاص المحكمة ، وبعبارة أخرى إن المحكمة الجنائية الدولية هي التي تملك الاختصاص في تقرير رغبة أو عدم قدرة الدولة على إجراء التحقيق أو المقاضاة ، أين تضمنت المادة 17 من القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مبدأ الاختصاص التكميلي ، كما أن الفقرة 3و2 من المادة 17 أشارت إلى الأسباب التي يمكن فيها للمحكمة الجنائية الدولية أن تتجاوز المحاكم الوطنية ، وبالتالي ممارسة اختصاصها التكميلي ضد مرتكبي الجرائم موضوع الشكوى ، ونكون أمام انعدام الرغبة في حالة توفر واحد أو أكثر من الأسباب المبينة في الفقرات من (أ) إلى (ج) في المادة 17.

*التأكد من سوء نية الدولة في إقامة محاكمة فعلية للشخص المتهم ، عن طريق اتخاذ إجراءات يكون الغرض منها حماية الشخص المهني من المسؤولية الجنائية عن الجرائم المرتكبة.

*حصول تأخير ومماطلة لا مبرر لها في الإجراءات ، يتضح من خلالها سوء نية الدولة في إقامة محاكمة فعلية للشخص المتهم وفقا لأصول المحاكمات المعترف بها طبقا للقانون الدولي.

*إذا اتخذت إجراءات بشكل غير مستقل أو نزيه بما لا يتفق مع نية تقديم الشخص المهني للعدالة .

وهذا يعني أن المحكمة الجنائية تباشر في حقيقة الأمر على اختصاصات إقليم هذه الدولة ، مما يشكل في نظر البعض مساسا بسيادتها، ولاسيما المساس بجهازها القضائي والأمني.

 أما حالة قدرة الدول على التحقيق أو المقاضاة ، فيجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تبين مدى وجود انهيار جزئي أو كلي للنظام القضائي الوطني ، لكي يتوصل إلى نتيجة مؤداها أن هذه الدولة أصبحت غير قادرة على إجراء التحقيق أو المقاضاة ، ويمكن أن نتصور حالة عدم القدرة على المقاضاة أو التحقيق في حالة الحرب الأهلية أو الحرب الدولية أو بسبب عدم احترام الشروط التي تضمن محاكمة عادلة وفقا لأصول المحاكمة المعترف بها طبقا للقانون الدولي ، أو بسبب قلة الإمكانيات التى تسمح بإحضار المتهم وحسن سير التحقيق لجمع الأدلة والشهادات الضرورية لإدانة المتهم، كما نكون أمام حالة انعدام القدرة في دعوى معينة نتيجة لأي سبب أخر يحول دون اضطلاع الدولة بدورها واتخاذ الإجراءات المناسبة.

 لكن من الناحية العملية تبقى المشكلة بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية كيفية الحصول على المعلومات الكافية لكي تثبت تلك النية ، هذا بالإضافة إلى أن هذا الأمر ينطوي على معيار غير منضبط يختلف من شخص إلى أخر ومن جهة إلى أخرى.

ويبقي تحديد المعايير الخاصة لعدو الرغبة محددة وفق المادة 17 السالفة الذكر.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ