ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 14/08/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

هرج ومرج .. في سورية ...

جلال / عقاب يحيى*

لوحة السوريين في الداخل، خاصة في الخارج تثير التفكّه (على الطريقة الحمصية) ، كما تثير التفكير العمييييييق بحثاً عن تفسيرات معقولة لها : سياسية ونفسية واجتماعية وسيوسولوجية وبيولوجية وإديولوجية وموروفولوجية وفيزيولوجية......فكأن القيامة قامت عندنا وبس.. فخرجنا شيباً وولدانا، زرافات ووحدانا إلى الأضواء الكاشفة حتى وإن كانت حارقة، وبارقة لتسجيل حضورنا، وإثبات أننا أحياء نرزق، بل وأننا فيض يفيض طوفاناً بكل التلاوين والمشاريع والمبادرات، وبمليون محلل سياسي وأكثر، ومنجّم فضائي، وروحاني، وقارئ كف ومستقبل، وضارب رمل وودع.. إلى درجة أننا ملأنا الفضائيات الفاضية بوجوه جديدة وأجدّ، ومعارضات وليدة وأولد، وحكايات بطولية وأبطل، ومؤتمرات ومبادرات ومشاريع تتحدث جميعها عن واجب ملء الفراغ، وواجب الإسهام بالثورة، وواجب رشّ ملح الشباب الذي يضحي ويقود فوقها حتى لو صار لونها بلون السبخات ..

والنتيجة : ما زالت المعارضة معارضات، ومازالت تنهمر المبادرات، ومعها اكتشاف ثروات معارضة كانت مدفونة في طيّات الزمن ولم يسمع بها أحد.. لولا هذه الهيصة ..

 نحوياً يقول المتفقهون : هناك هرج ومرج، ويزيد السجعيون : وهناك فرج على الدرج، وقد كرج بلا خوف أو حرج ..

 في البلدي نقول : عجقة ومعجوقة، وفي السلموني(حسب ثقافتي البائدة) أن المعحوقة ماركة مسجلة باسم سلمية، وهي عبارة عن قطعة عجين تدحش داخلها، أو يعجن فيها لحم الخروف الذي تشتهر به المنطقة، وتكون ألذ، واشهى كلما كانت الشحمة فيها واضحة، والبعض مغرم بالشحم والتشحّم والتشحيم.. وقديماً ( في عهد الإقطاع) كان الكرش رمز العنى والرفاهية لذلك أطلقوا عليه : كرش الوجاهة، وما زالت الوجاهة مثل العراضة، والوجاهة بالسلموني أيضاً ذهاب وفد من الوجهاء لحل مشكل عوييييص عند عائلة، أو وضع ما، وقد بات ماضوياً لأنه لم يعرف التطور الاستخدامي إلى تعبير الواجهة والواجهية(الديكور والديكورية) لأن زمن الوجهاء اختنق بفعل وجهاء المافيا الجدد الذين لا يتقنون غير الفرض واللبط واللهط والشفط(الشفط هنا يختلف عن عمليات شفط الدهون الزائدة كي يصبح أصحابها عصريين لاحظوا الفرق في تطور المفاهيم والقيم بين عصر كرش الوجاهة، وعصر النحافة والتحافة)، والرصاص والتخويف في فرض ما يريدون ..

 وهناك من يختصر ما يجري بهيصة وخبيصة ، والبعض يتفصّح أكثر بالاشتقاقات الإبداعية( إن لم تخني ذاكرتي) فيعتبرها خلخبيصة عويصة تقع بين التجريصة والمحموسة ..

***

يقول المناضل رياض الترك جواباً على هذا المخاض اللجب : الثورة دخلت كل بيت، وبات كل واحد يشعر أنه معني بها، وأنها له ولذلك يعبّر عن ذلك بوسائله الخاصة، فأبدع السوريون وأكثروا التعبير : العفوي والمصنّع، بجلابيات العفوية، ونشا قبّات القمضان، وربطات العنق الأنيقة(الماركة)، وبعضهم يزيدها بمحرمة في الجيب العلوي للجاكيت(السترة)، وقد يتحفنا بصورة صغيرة لعلم سورية السابق(علم ما قبل الوحدة مع مصر)، أو بحطة وعقال عصريين، وشوارب غضنفرية، بينما تحرص بعض النساء على تلوين لوحتنا بكل جميل..والكل مثل أم العروس، خاصة من هم في الخارج.. حركة وقلق وكلام كثير، وآمال وذكريات تكرر.. ومحاولات جهد تبذل، وأمنيات وهيصات ..

 نعم، وُضع الشعب السوري لعقود في زجاجة أُحكم إغلاقها بقوة القهر، والصمت المفروض في مملكة الرعب الاستثناء، فتراكم الكبت المزمن، وكثر قضم الأظافر تعبيراً، ومعها أطنان المجاملات التسويقية عملاً بالمثل الذي ساد طويلاً : " اليد التي لا تقدر عليها بوسها وادعو عليها بالكسر" فكثر التقبيل، وتحولت الدعاءات إلى همس داخلي تخشى الحنجرة أن تسمعها الحبال الصوتية، أو حركة الشفاه فتغوّلت في الداخل عميقاً، وما عاد يتجرأ كثيرون على التلفظ بها حتى في أسرهم، ومع أطفالهم خوفاً من فلتة لسان، أو هفوة طائشة قد يلتقطها ولد، أو قريب فتكون المأساة" وللجدران آذان تلتقط الهمس"، وللتقارير أباليس شبحية بعدد شعر الرأس وأكثر .. ..

 وحين هدّم الشعب جدران الخوف، وقد ظهرت لهم شديدة الهشاشة.. انطلق الخزين طوفاً يذكّرني بالطوفة التي كانت تتشكل خلال لحظات من أمطار غزيرة مفاجئة، سريعة، وإذ بها كالنهر الجارف،وإذ بصوتها يحمل دلالات قدومها عن بعد، وإذ بحملها متنوّع، ما هبّ ودبّ..

، تهشّمت زجاجة التعليب.. فحدث الانفجار.. انفجار الخزين.. وتشكلت لوحة الانفلات بكل الألوان القوس قزحية، وإضافات شعب اشتهر بالتزويق، والفسيفساء، والنسج الدقيق، والدامسكو الاستعراضي المبهر، وألبسة العرائس البارقة.. وهات يا انهمار.. وهات يا اندلاق، وهات يا حكي كثير، متنوع، وهات يا تصريحات، وتحليلات، وحكايات وروايات.. وهات يا إرادة تفلق الشجاعة المعهودة لتنتصب استثناء يجعل أصحابها، وأبطالها الحقيقيون يفتحون أفواههم اندهاشاً مما يفعلونه هم وكأنهم غير مصدقين : أصحيح أننا نحن من يقوم بذلك؟، أحقيقي أننا لم نعد نخاف؟؟، أواقع أن الحناجر تهتف بإسقاط النظام قوية مدوّية، مجلجلة؟.. وأن الصدور العارية تقتحم البنادق والقنص والشبيحة والحقد والخوف والاعتقال؟؟.. وأن العين تقاوم المخرز فعلاً عكس المعهود، وأننا ننحت زمن اللا معهود للدخول في المعهود ؟؟..

****

 كثيرة هي الصور المشرقة لصفحات الثورة السورية المجيدة، هذا الحب الذي غاب أزماناً بين البشر، هذه الحنيّة بين اتجاهات لم تكن لتلتقي، هذا الحماس لأطفال لم يكونوا يروا سوى صور" القائد" وأنجاله(الأب)، ولم يعرفوا هتافاً سوى التمجيد له وإذ بهم، ومن أعماق قلوبهم يهتفون للحرية، وبعضهم يبدع فتسيل دموع الفرح مخلوطة بدموع الألم. هذا الفرح وسط برك الدماء والدمار . ..وإذ بالشعب السوري يلد من جديد...

 نعم المخاض صعب لأن الحمل استثناء، والوليد بهاءً يتجاوز بلدنا إلى المنطقة : زلزالاً سيقذفها بحممه التغييرية فينسف حجارة الزيف، وقصور الرمل، وكراسي التأبيد، وسياسة التبليد.. وسورية الثورة تتعمّد بالعشق للحرية فتبدع . يبدع شبابها وشاباتها، يعلمون الأكبر دروساً يومية في التكتيك والقيادة، والصبر والحنكة.. بينما يكثر قارعو الطبول ضرباتهم الجعجعية، وتتسع أشداق البعض للكلمات الكبيرة التي تحتاج إلى فم أكبر من فم الحوت لإخراجها، وتلوينها بالمط والشط..

 الهرج والمرج.. نتاج طبيعي لخزين الكبت، وبقدر ما نعثر في واجهاته على ممثلي الأدوار الثانوية، والكومبارس، وعشاق الاستعراض والبروز، الذين يتزاحمون لالتقاط الصورة، ولكي يكونوا محط الاهتمام والتصريحات اليومية، والتحليلات المنوّعة كتنوعهم.. بقدر ما يحمل في طيّاته الداخلية حقيقة شعبنا، ووعي وإرادة شبابنا المقدام أصحاب الشأن وصنّاع الأمل ..

 هذا الزبد سيذهب جفاء.. عندما يذوب ثلج الاصطناع لظهور مروج بلادنا الخضراء..

*كاتب وروائي الحزائر

===========================

هوية الدماء النازفة

د. أكرم حجازي

لا توجد منازلة بلا هوية أو هدف. حقيقة بدهية لا تحتاج إلى إيضاح، ولا هي موضع اختلاف، ولا يجب بأي حال من الأحوال أن تغيب عن البال. فمن الواضحات التي لا يماري بها أحد أن الدول والنظم العربية الحديثة ولدت من رحم القوى الاستعمارية لغايات استعمارية. وبالتالي فلم تكن في يوم ما، بالنسبة للحاكم وحكوماته وجماعاته وأحزابه وحركاته السياسية؛ أو بالنسبة لطائفته وحاشيته وعائلته أو حتى لزوجته، أكثر من امتياز شخصي، أو منظومة خدمات أمنية، أو شركة استثمار للنهب والتوريد لل « المركز» الرأسمالي العالمي. وعليه فإن كل قطرة دم سقطت في تونس أو مصر أو ليبيا لا يمكن أن تختلف، هويتها وغايتها، عن أية قطرة دم سقطت في اليمن أو سوريا. فهي دماء واحدة تدفعها الشعوب ضريبةً للتخلص من الهيمنة والتبعية لل « المركز»، وفي القلب منه « إسرائيل»، تلك الدولة المارقة التي زُرعت في قلب العالم الإسلامي وقطعت أوصاله، وشلَّت فاعليته.

 

 أما إذا جادل أحدهم في مثل هذه الواضحات؛ فلن تتمكن الشعوب العربية من حل معضلة واحدة من معضلاتها، ولن يكون بمقدورها استثمار تضحياتها، وتبعا لذلك لن يكون بوسعها التحكم بمستقبلها، ولا الاطمئنان على مصيرها أبدا. من الصحيح أن يرى البعض الأولوية في التخلص من الطغاة والطغيان. لكن من الخطأ الفادح أن يظن هذا البعض أن مشكلته مع الطغيان داخلية لا شأن لأمريكا أو إسرائيل بها. وما نحسبه والله حسيبه، أن الشهيد الذي يسقط في سوريا اليوم هو ذاته الذي يسقط في ليبيا أو اليمن أو أي مكان آخر. والسبب هو ذاته. والنتيجة ستكون ذاتها.

 

 ومن الواضحات أيضا أن الدول العربية أو النظم السياسية القائمة ليست أصيلة المنبت والمنشأ حتى لو كان لبعضها عمقا تاريخيا وسياسيا. وهي إنْ اتصلت بتاريخ ما، أو أحيت لها تاريخا قديما؛ فليس لشيء إلا لتنقطع عن كل أصالة تربطها بعقيدتها ودينها وثقافتها الإسلامية، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. هكذا لدينا دول هجينة، بلا حاضر أو مستقبل، وبلا أية هوية إلا من الجدل المصطنع حولها!! فلا هي دول عربية تُعرَف، ولا هي دول إسلامية تُعرَف، ولا هي دول غربية، ولا دول وثنية، ولا هي دول طارئة، ولا دول دائمة !!! فماذا تكون؟ الله أعلم .. لكن حالها في ذلك كحال النظم الحاكمة.

 

 قبل الرسالة النبوية لم يكن العرب إلا قبائل متصارعة. بعدها؛ وحتى انهيار الخلافة صار العرب مسلمين تحت الحكم الإسلامي .. حقيقة تاريخية أصيلة تتداولها الألسن وبطون الكتب بغزارة إلى يومنا هذا، ولم يطعن بمشروعيتها أحد .. حقيقة امتدت لنحو 1330 عاما متصلة بلا انقطاع .. حقيقة لم يماثلها في الاستمرارية أي نظام في التاريخ الإنساني كله!!! مع ذلك ثمة من ينكرها على الأمة، ويدافع باستماتة عن صناعة استعمارية باسم « سايكس – بيكو»، أضاعت البلاد والعباد في خمسين عاما، وجعلتها نهبا ومشاعا لها ولمن غلب!! فكيف تكون مشكلات الشعوب واقعة حقا في الحرية والدولة المدنية والدستور، واعتبارها مطالب شرعية يمكن الوثوق بها والركون إليها !!!؟

 

 اليوم يعلن ورثة « سايكس – بيكو»، بصريح القول والفعل، أنهم الأصل في الحياة والوجود. أما غيرهم من الشعوب والقبائل التي خلقها الله، عز وجل، لتتعارف، وأكرم بعضها في الإسلام، فليست سوى الاستثناء الذي يستحق أن يتلقى أقسى صنوف الاستعباد والقتل أو يعلن استسلامه التام لهم .. ورثة جهزوا أنفسهم وعتادهم وأعلنوا الحرب على الشعوب فردا فردا، واستحلوا الدماء بلا حساب، ودمروا البلاد حجرا حجرا، وسحقوا كل ماض وحاضر ومستقبل بالقوة المسلحة، شاء من شاء وأبى من أبى!!! هذا ما عرضه صالح والقذافي والأسد على الشعوب كنماذج حية لأقوال وأفعال قابلة للشهادة والتأريخ والتوثيق على مدار الزمن. فمن يستطيع أن يجزم بأن النظم الأخرى ستكون أحسن حالا مما يشهد به الواقع؟ وبأي معيار يمكن النظر لهذه الدول والنظم باعتبارها مكسبا للأمة أو إنجازا يستحق الحفاظ عليه والدفاع عنه؟

 

 في الحديث النبوي عن الخلافة، يقول صلى الله عليه وسلم، وفق إحدى الروايات، نقلا عن حذيفة: « تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت».

 

 إذن الثابت شرعا وعقلا أن المسلمين سيعيشون مرحلتي « الخلافة الراشدة». وإذا كانت الأولى قد مضت فالمقرر شرعا أنهم بانتظار الثانية، وعلى منهاج النبوة. لكن ما بين « الأولى» و« الثانية» ثمة نوعين من الحكم هما: « الملك العضوض» و« الملك الجبري». وغني عن القول أن كليهما ليسا راشدين، وبالتالي ليسا على منهاج النبوة!!! ولما تكون أغلب القراءات تؤكد أن مرحلة « الملك العضوض» انتهت فسنكون حكما في مرحلة « الملك الجبري»، باعتبار أن « الخلافة الراشدة» الثانية لم تظهر بعد.

 

 الآن، وبصريح القول، إذا اعتبرنا أن الشعوب العربية تواجه حكما جبريا من الخارج وفي الداخل ، فمن العبث التصرف وفق عقلية النعامة، والمطالبة بدولة مدنية أو دستور مدني .. نقول « عبث» لأننا: (1) سنكون كمن يهرب إلى مربع الخصم، أو كالمستجير من الرمضاء بالنار. ولأن (2) تداعيات الثورات العربية إما أن تؤول نتائجها إلى خلافة راشدة ثانية أو إلى حكم جبري، ليس ما يجري على الأرض إلا فظاعاته الأولى. فإنْ كانت خلافة؛ فسيكون العالم الإسلامي على وشك التطهر من كل الأساطير والنتوءات التي علقت به بعد الراشدة الأولى. إذ ليس من المتصور أن تكون خلافة راشدة، وعلى منهاج النبوة، دون أن يتم تنظيف العالم الإسلامي من ركام الصليبية والصهيونية وحطام سايكس - بيكو .. فمن كان يظن نفسه راشدا فليستبشر، ودون ذلك فهو من الركام ذاته والحطام. وإنْ كان ما يجري ليس سوى التباشير الأولى للحكم الجبري فلنتضرع إلى الله بالرحمة والغفران لما هو قادم من الأيام.

=======================

هو رمضان ..عميق معناه في أعماقنا

د. إسلام المازني

دوما هو عالي الشأن.. هذا الشهر.. الكبير.. جو يشع كرما، ونورا وخيرا، ونفحات نسيمها في القلب قبل الأنف، وعبق تحسه البصائر، وتغفل عنه الأغلفة التي فعلت فعل أبي لهب فيه، حين تخنس الشياطين ويؤز الأفاكون الأفاكين الأثمين.. وحتى في كل كرب مر لرمضان مذاقه عبره، ولطف ربنا فيه..فالله أكبر ولله الحمد أبدية سرمدية خالدة باقية عالية ندية، ترى الحق كاملا بامتداد الزمان وعلو الحق فيه وعليه..

بارك الله عليكم، وفتح علينا وعليكم كرام المعاني، وألهمنا وإياكم خير المنطق، وأعاننا معكم على حسن الأداء، والشكر بعد النعماء، والفهم الصافي للفرقان بلا تردد، وأن نشربه في قلوبنا في شهره وليلته، كما أشرب ءاخرون العجل والتلفاز والدنيا ومضلات الهوى باسم الدين أو باسم المروق، وعلى القيام بحق الوفاء لعهود الأتقياء الشرفاء، أصحاب عزم الأمور، وأسكنكم دار السعادة، ونعم المقام بشرف القرب من الرب قبل جلال التنعيم، ووفقنا معا لنور رمضان في خلواته المستحبة، ونفحات الكريم المنان..

" اللهم فأعن على تدبر كتابك، الذي أنزلت فيه مبينا هاديا مفرقا، وعلى الفهم الصحيح لبينات هداك، والنية الصالحة معه وبعده، ثم العمل بهذا الفرقان ما حيينا وبقينا، وأنهضنا بما يجب له في أحيان ذلك ومواقيته، ووفقنا لما يرضيك من عمل نهاره وليله، وأذهب عنا رجز الشيطان

اللهم إنك أعلم بمصالحنا منا، وإن أيسر جزء من إحسانك يتجاوز غاية التمني"

=========================

البدار البدار ..قبل أن تصفر شمس العمر، وقبل أن يحين الغروب

الشيخ خالد مهنا

رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية..الداخل الفلسطيني

كنا في العام الماضي في مثل هذه الأيام ..نرقب شهر الصوم ونتحراه ثم ماذا !!..

عام كامل بأيامه ولياليه قد ..قوَّض خيامه ..وطوى بساطه ..وشدَّ رحاله ..

بما قدمنا فيه من خير أو شر ..وصدق الله ..{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً } ..

{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً } ..

وقد قيل : تمر بنا الأيام تترى ..وإنما نساق إلى الآجال والعين تنظر ..

إنَّ الدقائق والثواني التي ذهبت من أعمارنا لن تعود ..ولو أنفقنا جبال الأرض ذهباً وفضة ..

من أعظم نعم الله عليك أن مدّ في عمرك وجعلك تدرك هذا الشهر العظيم ..

فكم غيَّب الموت من صاحب ..ووارى الثرى من حبيب ..

فتذكر من ..صام معنا العام الماضي ..وصلى التراويح وصلى العيد ..

ثم أين هو الآن بعد أن غيبه الموت وضمة القبر والحد في التراب ؟! ..

اجعل لك من هذا الحديث نصيب ..قال صلى الله عليه وسلم :

( اغتنم خمساً قبل خمس : حياتك قبل موتك ..وصحتك قبل سقمك ..

وفراغك قبل شغلك ..وشبابك قبل هرمك ..وغناك قبل فقرك ) رواه الحاكم

فاحرص يا مسكين ..أن تكون من خيار الناس كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم حين سُئل : أي الناس خير ؟! ..قال : ( من طال عمره وحسن عمله ) ..

كيف لا يُبشّر المؤمن ..بفتح أبواب الجنان !.كيف لا يُبشّر المذنب ..بغلق أبواب النيران !. كيف لا يُبشّر العاقل ..بوقت يُغلّ فيه الشيطان !.من أين يشبه هذا الزمان زمان ؟!

قال معلى ابن الفضل :

كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ..ثم يدعونه ستة أشهر أن يتتقبل منهم رمضان ..

*وقال يحيى بن كثير كان من دعائهم :

اللهم سلمني إلى رمضان ، وسلم لي رمضان ، وتسلم مني رمضان متقبلاًً ..

*وقد كان نهج وسنة ابن عمر رضي الله عنهما لا يفطر في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين ،* وقال نافع: ( كان ابن عمر رضي الله عنهما يقوم في بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوةً من ماءٍ ثم يخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح)

*وكان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسه أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.

*وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن.

*وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين.

*وكان محمد ابن شهاب الزهري إذا دخل رمضان فإنّما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام .

 

هذه هي أيام بذل الثمن

فمرحى بشهر طيب مبارك كريم ..فيه انزل القرآن والكتب السماوية ..

وفيه الشفاعة بالصيام والقرآن..في رمضان ..التراويح والتهجد ..في رمضان ..

التوبة وتكفير الذنوب ..

في رمضان ..تصفد الشياطين ..وفيه ..

تغلق أبواب الجحيم وتفتح أبواب الجنان ..في رمضان ..الجود والإحسان والعتق من النيران ..

بين الجوانح في الأعماق سكناه  فكيف أنسى ومن في الناس ينساهُ!

ولم أزل في هواه ما نقضت له    عهداً ولا محت الأيام ذكراهُ

قد شاخ جسمي ولكن في محبته   ما زال قلبي فتىً في عشق معناهُ

في كل عام لنا لقيا محببة    يهتز كلُ كياني حين ألقاهُ

بالعين والقلب بالآذان أرقبه   وكيف لا ! وأنا بالروح أحياهُ

والليل تحلو به اللقيا وإن    قصرت ساعاتها أُحيى لها وأحلاهُ

فنوره يجعل الليل البهيم ضحىً    فما أجلَّ وما أجلى محياهُ

ألقاه شهراً ولكن في نهايته   يمضي كطيف خيال قد لمحناهُ

في موسم الطهر في رمضان الخير   تجمعنا محبة الله لا مالٌ ولا جاهُ

من كل ذي خشية لله ذي ولعٍ   بالخير تعرفه دوماً بسيماهُ

قال الله : { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً ، عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } ..

تأمل وتدبَّر معي من الذي سقاهم !! { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً }

هذه هي أيام بذل الثمن في ا لوصول إلى تلك الدرجات وتلك الجنان ..

والله إنه لنعيمٌ لا يستطيع الخيال له تصويرا ، ولا يستطيع اللسان عنه تعبيرا ، وليس الخبر كالمعاينة.. انتظر { َإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } .

إنها الجنة ، ودار السلام ، ودار الخلد ، ودار المقامة ، ودار الحيوان ..

إنها جنة المأوى ، والمقام الأمين ، وجنات عدنٍ ، وجنات النعيم ..

إنها مقعد صدق عند مليك مقتدر..إنها الفردوس .. وما أدراك ما الفردوس !!

ثبت في الصحيحن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس .. فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تُفجّر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ) .

وإذا أردت أيها المشتاق أن تكون من أهل الفردوس فاسمع أوصافهم كما جاء

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشدّ كوكب دريّ في السماء إضاءة ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ، ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الأُلُوَّة ، أزواجهم الحور العين ، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم عليه السلام ) متفق عليه .

وعن كعب رضي الله عنه قال : ما نظر الله إلى الجنة إلا قال : طيبي لأهلك...فتزداد ضعفاً حتى يدخلها أهلها ..

اسمع إيها المشتاق .. اسمع ايها المشتاق وزد شوقاً واستبشاراً..

إن الله جلت قدرته أعد في الجنة غرفاً شفافة يُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، متألقة كأنها النجوم بلغت حدَّ الكمال في السعة والتمكين ..

قصورها من ذهب لا يشاكله ذهب الدنيا ولا يماثله لأنه جوهر شفاف في غاية الصفاء..وحصباء أرضها الياقوت والجوهر..وترابها المسك والزعفران ..

مفروشة بالفُرش الناعمة من السندس والأطاليس والاستبرق في غاية الرقة والنعومة ..

تتشقق في أرجائها الأنهار ، وتجري في وسطها الغدران ..

قال تعالى : { لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ }

*وروى الترمذي في جامعه عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ في الجنة لغرفاً يُرى ظاهرها من بطونها ، وبطونها من ظهورها ) ، فقام إعرابي فقال : يا رسول الله لمن هذه الغرف ؟!، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لمن طيّب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام )..

فهذا هو الثمن فادفعوه ما دمنا في زمن الإمكان ..أما أعظم نعيم في الجنان فهو ..التمتع بالنظر إلى وجه الرحمن .. وهذا مؤكد في السنة و آيات القرآن ..

قال تعالى : { وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ،لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ فالحسنى } : هي الجنة ..

و{ الزيادة } : هي النظر إلى وجهه الكريم .. بذلك أخبر الذي أُنزل عليه القرآن صلوات ربي وسلامه عليه ..

*فعند مسلم في صحيحه من حديث صهيب رضي الله عنه قال : قرأ رسول صلى الله عليه وسلم ( { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } ، قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى منادٍ : يا أهل الجنة إنَّ لكم عند الله موعداً ويريد أن ينجزكموه ، فيقولون ما هو ؟! ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويزحزحنا عن النار !! فيكشف الحجب فينظرون إلى الله فما أعطاهم شيئاً أحب إليهم من النظر إليه وهي { الزيادة } في قوله تبارك وتعالى )

نعم .. سيرون ربهم.. وسيغمر وجوههم نضارة وإشراقاً ..

سيتجلى لهم ربهم ، وسيضحك لهم وسيُحاضر كل واحد منهم محاضرة..

سيتجلى لهم ربهم ، وسيضحك لهم وسيُحاضر كل واحد منهم محاضرة..

{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }

 

فيا نظرة أهدت إلى الوجوه نضرة   أضاء لها نورٌ من الفجر أعظم

للهِ أفراح المحبين عندما    يخاطبهم من فوقهم ويُسلِّم

وللهِ أبصار ترى الله جهرة فلا   الضيم يغشاها ولا هي تسأم

والذي لا إله إلا هو لقد أخبر الله بهذا ، وأخبر به الذي لا { يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }

سترى ربك ..سترى ربك.. سترى الذي خلقك وصورك ..سترى الذي كساك وسقاك وأطعمك ..سترى الذي للإسلام والإيمان هداك ووفقك { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } ..

*في الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ) فما هو الثمن ؟؟؟!!!..

*قال صلى الله عليه وسلم : ( فإن استطعتم إن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) ..

فأبشروا يا أهل صلاة الفجر والعصر .. ويا خسارة النائمين.. ويا خسارة المتخلفين ..

*قال ابن مسعود رضي الله عنه : والله ما منكم من إنسان إلا أن ربه سيخلو به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر ..

&وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : إن أدنى أهل الجنة منزلة مَن ينظر إلى ملكه ألفي عام يرى أدناه كما يرى أقصاه ، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين ... وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين ...

&وقال الحسن رحمه الله : لو علم العابدون في الدنيا أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا ولتقطعت قلوبهم كمدا..

قال الله جل في علاه : { مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }

ومن دعائه صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقاءك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) .

هذا هو أعظم النعيم ..

وإنَّ أعظم العذاب في النار حرمانهم من النظر إلى وجه الجبار { كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ }..

أما ما فيها من الثواب والنعيم ..

ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون ..

لا يموتون ، لا يمرضون ، لا يهرمون .. فيها دور وقصور .. وأنهار وأشجار..

وجنات من نخيل وأعناب ..

فيا أيها الغافل ..ربح القوم وخسرت ..وساروا إلى الحبيب مسرعين وما سرت..وقاموا بالأوامر وضيعت ما به أُمرت..

هل جاءك من خبر العيون والأنهار التي تجري تحت تلك الدور والقصور ..

هل جاءك من خبر العيون والأنهار التي تجري تحت تلك الدور والقصور ..

فإنها أنهار تجري من تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم ..

من يشرب من هذه الأنهار شربة لا يظمأ بعدها أبداً ..

وماؤها أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، وأطيب ريحاً من المسك ، لا تنقص بكثرة الشراب ، ولا تتغير بطول المكث ..

شربها يزيد في نور الوجوه والأجسام ، وينور القلوب والأرواح والأبدان ..

الشارب منها يزداد معرفة وقرباً وشوقاً ويقيناً..

*عند البخاري من حديث أنس أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال : ( بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوَّف ، فقلت ما هذا يا جبريل ؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، قال فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أذفر)

أما العيون ..

فقد قال تعالى : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ }

وقال سبحانه { إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ } أنظر إلى من نسبهم في العبودية { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ } وهذا أعظم النداء ..

ومما زادني شرفاً وتيهاً     وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي     وأن صيَّرت لي أحمد نبياً

{ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ }

وقال سبحانه { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً ، عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً } ..

فأخبر سبحانه عن مزج شرابهم بالكافور والزنجبيل فإن في الكافور من البرد وطيب الرائحة ، وفي الزنجبيل من الحرارة وطيب الرائحة ، ومجيء إحداهما على إثر الآخرى حالة أكمل وأطيب وألذ..

قال مجاهد وقال عكرمة في قوله تعالى : { يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } أي يتصرفون فيها حيث شاءوا ، وأين شاءوا، ومتى شاءوا ، تحت قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم ..

والتفجير هو الإنباع كما قال تعالى :{ وَقَاْلُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً }والذي بعث محمداً بالحق ..والذي بعث محمداً بالحق لو قيل لك : سنعطيك داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..

والله لو قيل لك في الدنيا سنعطيك داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..

فكيف أنت بقصور تجري من تحتها الأنهار !!!!.

أليس ذلك من أعظم البشارات ، وأعظم الأعطيات !!!..

{ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}

ولن يحلو المقام في تلك الدور والقصور والجنات والأشجار والأنهار التي تتفجر فيها العيون وتجري تحتها الأنهار إلا بمعانقة الحور ، وفضِّ الأبكار في الدور والقصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار ..

إنهنّّ الخيرات الحسان اللاتي لم يطمثهنَّ أنس قبلهم ولا جان ..

وصفهن الله فقال : { كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} ..

إن غنت فيا لذة الأبصار والأسماع..وإن آنست وأمتعت فيا حبذا تلك المؤانسة والامتاع..وإن قبلَّت فلا شيء أجشى إليه من ذلك التقبيل..وإن نوَّلت فلا ألذ ولا اطيب من ذلك التنويل..وإن خاطرت فيا لذة تلك المعانقة والمخاطرة ..وإن حاضرت فيا حسن تلك المحاضرة..

فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها أضاءت الجنة من ضحكها وابتسامتها ..

وإذا انتقلت من قصر الى قصر قلت هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها..

سماهنّّ الله بالحور العين ..

والحور : جمع حوراء ، وهي المرأة الشابة الحسناء ، الجميلة البيضاء ، شديدة سواد العيون العيون ..

أو هي التي يحار المرء في حسنها وجمالها ..

أو هي التي يحار بها الطرف من رقة الجلد وصفاء اللون ..

حسان العيون .. يُرى ساقها من وراء ثيابها.. ويرى الناظر وجهه في وجهها من صفاء لونها فهنَّ بصفاء الياقوت ، وبياض المرجان ..

*قال صلى الله عليه وسلم : ( لو أنَّ امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت على الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينمها ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ) .. فلا إله إلا الله ..فلا إله إلا الله إذا كان نصيفها – أي خمارها - خير من الدنيا وما فيها ، فكيف بصاحبة الخمار!!.. فكيف بصاحبة الخمار!!..

&قال الله : { إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء ، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً ، عُرُباً أَتْرَاباً ، لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ }

&وقال سبحانه : { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ..

يروى عن ثابت أنه قال : كان أبي من القوّامين لله في سواد الليل.. يقول أبوه : رأيت في منامي ذات ليلة امرأة لا تشبه النساء ، فقلت لها : من أنت يا أمة الله ؟!

قالت : أنا حوراء من حور الجنة .. فقلت : زوجيني نفسك ..

فقالت: اخطبني من عند ربي وادفع مهري.. فقلت : وما مهرك ؟!

فقالت : مهري طول التهجد ، والقيام في الظلام ....

ولله در من قال :

أنا من الذين قال الله فيهم : { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } ..

يا خاطب الحور في خدرها    وطالباً ذاك على قدرها

انهض بجدٍ لا تكن وانياً   وجاهد النفس على صبرها

وقم إذا الليل بدا وجهه    وصم نهاراً فهو من مهرها

فلو رأت عيناك إقبالها   وقد وبدت رمانتا صدرها

وهي تمشي بين أترابها   وعقدها يشرق في نحرها

لهان في نفسك هذا الذي   تراه في دنياك من زهرها

*عن عامر بن عبد الواحد قال : بلغني أنَّ الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة ..ثم يلتفت فإذا بامرأة أحسن ممن كانت معه تناديه فتقول له : صفي الله.. أما آن أن يكون لنا فيك نصيب ؟ ! فيقول : من أنت يا أمة الله ؟ فتقول : أنا من الذين قال الله فيهم : { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } ..

فيمكث معها سبعين سنة ثم يلتفت ، فإذا بامرأة أحسن مما كانت معه ، فتقول له : وليَّ الله.. أما آن أن يكون لنا فيك نصيب ؟

فيقول : من أنت يا أمة الله؟

فتقول : أنا من الذين قال الله فيهم { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } ..

هل سمعت قول الله في سورة يس عن أصحاب الجنة { إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ، هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ ، لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ ، سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }

قال أهل التفاسير في قوله تعالى { فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } قالوا في فضِّ الأبكار ، وكلما جامعها رجعت بكراً كما كانت ..

سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : أنصل إلى نساءنا في الجنة ؟

فقال له : ( إن الرجل ليصل في اليوم إلى مئة عذراء ، وعدد الأزواج بحسب تفاوت الدرجات في الجنات ).

ولا تتعجب من ذلك فإن الرجل يؤتى في الجنة قوة مئة رجل..

فهل قدمت مهرها؟!..

وهل دفعت ثمنها ؟! ..

قال مالك بن دينار : كان لي أحزاب أقرؤها كل ليلة ، فنمت ذات ليلة فإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال وبيدها رقعة ، فقالت : أتحسن القراءة ؟ فقلت : نعم ، فدفعت إلي الرقعة ، فإذا مكتوب فيها فيها هذه الأبيات :

لهاك النوم عن طلب الأماني   وعن تلك الأوانس في الجنان

تعيش مخلداً لا موت فيها     وتلهو في الخيام مع الحسان

تنبّه من منامك إن خيراً    من النوم التهجد بالقرآن

وأجمل الكلام كلام الرحمن الذي قال : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ ، كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ، يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ، لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ، فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ }..

ستسمع غناءها .. وستسمع كلامها .. كلامها الذي يسبي العقول بنغمة زادت على الأوتار والألحان ..

يرددن ويقلن : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنا له ...

فيا أيها المشتاق ..ويا أيتها المشتاقة ..

اسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلّقت أبواب جهنم ، وسلسلت الشياطين )

نعم ستفتح حقيقة لا خيال .. وسيناديك المنادي ..يا باغي الخير أقبل .. ويا باغي الشر أقصر.فأين المشمرات ؟؟!!!وأين المشمرون ؟؟!!!

{ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً }

وأنت أيضاً أيتها المشتاقة المستبشرة ..

إذا أردت أن تكوني من أهل الجنان فاسمعي بعضاً من صفات نسائها ..

قال صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بنساءكم من أهل الجنة الودود الولود والعؤود التي إذا ظلمت قالت لزوجها هذه يدي في يدك لا أذوق غمضاً ولا أنام حتى ترضى ) ..

وقال أيضا مبشراً الصادقات القانتات المطيعات : ( إن المرأة إذا صلت خمسها ، وصامت شهرها،وحصَّنت فرجها،وأطاعت زوجها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت). فماذا تريدين !!! أي فضل أعظم من هذا !!..

فالبدار البدار ..

فالبدار البدار ..قبل ان تصفر شمس العمر، وقبل أن يحين الغروب..

فمن تخيل دوام اللذة في الجنة هان عليه في الدنيا كل بلاء وشدة .. هان عليه كل بلاء وشدة.. قاله ابن الجوزي رحمه الله ..

هكذا كان حالهم قبل وبعد رمضان ..

فما هو حالنا !!!..

قال ابن عثيمين رحمه الله :

الحمكة من الصيام ..

ليس أن يمنع الإنسان نفسه عن الطعام والشراب والنكاح ..

ولكن كما قال الله { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ..

وما أشار إليه النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه في قوله :

( من لم يدع ..قول الزور ..والعمل به ..والجهل ..فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) ..

ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام

( من لم يدع قول الزور ) : هو كل قول محرَّم ...

وقوله :

( العمل به ) - أي بالزور- : أي كل فعل محرَّم ..

و ( الجهل ) : أي العدوان على الناس وعدم الحلم ..

فالمطلوب منكَ ومنكِ ومني ..تحقيق تقوى الله جلَّ في علاه ..

تقوى الله هي ..الغاية المنشوده ..والدره المفقوده ..{ والآخرة عند ربك للمتقين } ..

وإليك بعضاً من أخبارهم ..

ـ قال البخاري : ما اغتبت مسلماً منذ احتلمت ..

ـ وقال الشافعي : ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً ، ولو أعلم أنَّ الماء يفسد علي مروءتي ما شربته ..

ـ وقالوا لمحمد بن واسع : لمَ لا تتكأ ؟! قال : إنما يتكأ الآمن وأنا لا زلت خائفاً ..

ـ وقُرأ على عبد الله بن وهب : { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ } فسقط مغشياً عليه

ـ وقال أحدهم : ما كذبت منذ علمت أنَّ الكذب يضر أهله ..

ـ وقال أبو سليمان الداراني : كل يوم أنا أنظر في المرآة هل اسودَّ وجهي من الذنوب ..

هذا حالهم ..فكيف حالي وحالك ؟؟!!..لبسنا الجديد ..وأكلنا الثريد ..

ونسينا والوعيد ..وأمّلنا الأمل البعيد ..

رحماك يا رب ..

..لماذا تعشق العيش ؟! ..إذا لم تدمع عينك من خشية الله جل في علاه !!..

إذا لم تمدحه في السحر !!.. إذا لم تزاحم بالركب في حلق الذكر !!..

إذا لم تصم الهواجر ، وتخفي الصدقة !!.. هل العيش إلا هذا ؟؟!!..

هل العيش والسعادة إلا هذا ؟؟!!..

إذا لم تستطع ..قيام الليل ..وصيام النهار ..فاعلم أنك محروم ..

قال سبحانه :

{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} ..

هذه أخبارهم { لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}..

قال صلى الله عليه وسلم :

( بدأ الدين غريباً ..وسيعود غريباً ..فطوبى للغرباء ) ..

إنّّ الذي يقرأ ويسمع عن أخبار السلف ، وقلة من الخلف ..

يعلم أنَّ الدين يعيش غربة بين أهله ..

من سمع عن ..

صيامهم ..وقيامهم ..وجهادهم ..

أيقن أنَّ الواقع اليوم يحتاج إلى مراجعة وتصحيح ..

فتعالوا أحبتي ننظر في بعض صور الغرباء في رمضان ..الغرباء مع الصيام ..

ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ما مات عمر حتى سرد الصيام ..

ـ أما أمير البررة وقتيل الفجرة عثمان .. قال أبو نُعيم عنه :

حظه من النهار الجود والصيام ..ومن الليل السجود والقيام .. مبشر بالبلوى ..ومنعَّمٌ بالنجوى ..

*وعن الزبير بن عبد الله عن جده عن جدةٍ له يقال لها هيمه : كان عثمان يصوم الدهر ، ويقوم الليل إلا هجعة من أوله رضي الله عنه ..

قتلوه وقد كان صائماً والمصحف بين يديه والدموع على لحيته وخديه .. حبيب محمد ووزير صدقٍ ورابع خير من وطأ التراب ..

ـ أما أبو طلحة الأنصاري الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم :

( لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل ) ..عن أنس رضي الله عنه قال : كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو .. فلما قُبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره يفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر ..

ـ أما حكيم الأمة وسيد القراء أبا الدرداء فقد قال :

لقد كنت تاجراً قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما بُعث محمد زاولت العبادة والتجارة فلم يجتمعا فأخذت بالعبادة وتركت التجارة..

تقول عنه زوجه : لم تكن له حاجة في الدنيا ، يقوم الليل ويصوم النهار ما يفتر..

لله درهم..

كرر علي حديثهم يا حادي فحديثهم يجلو الفؤاد الصادي

*وعن سعيد بن جابر قال : لما اُحتضر ابن عمر قال : ما آسى على شيء من الدنيا _ يعني ما أحزن على شيء من الدنيا _ إلا على ثلاث :

ظمأ الهواجر ..

ومكابدة الليل ..

وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا – يعني الحجاج - ..

ولكِ من أخبار النساء:

 ـ عن عبد الرحمن بن قاسم أن عائشة كانت تصوم الدهر ..

وعن عروة : إنَّ عائشة كانت تسرد الصيام ..

*قال القاسم : كانت تصوم الدهر لا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر ..

بعث لها معاوية مرة بمائة ألف درهم فقسّمتها ولم تترك منها شيئاً ، فقالت بريدة : أنت صائمة فهلا ابتعت لنا منها بدرهم لحماً ، فقالت : لا تعنفيني ، لو كنت أذكرتني لفعلت ..

إنها الصديقة بنت الصديق ، العتيقة بنت العتيق ، حبيبة الحبيب ، وأليفة القريب ، المبرأة من العيوب رضي الله عنها وأرضاها ...

غربة الصائمين

فحذار حذار أن ينسلخ عنك رمضان وأنت الضعيف الخائن ..

أحبتي لن يتسع المقام حتى نذكر حال الغرباء مع القيام ومع تلاوة القرآن ..

لن يتسع المقام لذكر أخبار الغرباء مع التضرع والدعاء والبذل والعطاء ..

ولن يتسع المقام لذكر بطولات الغرباء وصولاتهم وجولاتهم في ساحات الجهاد في رمضان..

لكن حسبنا ما سمعنا وذكرنا من أخبارهم واللبيب بالإشارة يفهم ..

لقد كان رمضان شهر عبادة واجتهاد .. هكذا كان حالهم قبل وبعد رمضان ..

فما هو حالنا !!!..

اسمع شيئاً من أخبارنا ..

في بحث واستفتاء وأسئلة طرحت على فئات من المجتمع ..

رجالاً ونساء ..

موظفين وطلاباً ..

عن حالهم وعن أوقاتهم في رمضان فجاءت الاعترافات التي تؤكد لنا قوله صلى الله عليه وسلم :

( بدأ غريبا ، وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ) ..

فقائل أقضي الليل أمام شاشات التلفاز أتابع القنوات الفضائية حتى طلوع الفجر مع بعض زملائي..

وقائل أقضي الوقت تحت أضواء الملاعب ضمن سلسلة مباريات المقامة في الدوري الرمضاني ..

*وقائل على موائد البلوت والورق في المجالس وعلى الأرصفة ..

وقائل أقضي الأوقات بالتنزه في الحدائق تارة وفي الأسواق تارة ..

أما أهل الوظائف فسهر بالليل ثم كسل وخمول طوال النهار ..

النتيجة لوم وتوبيخ وخطابات إنذار ..

*وآخر يقول أنا أحسن من غيري حيث يتسنى لي النوم في المكتب ..

*وآخر يقول في رمضان يكثر غيابي وتكثر الحسميات ..

وفي لقاءات مع بعض الأئمة تحدث بعضهم مستبشرين بزيادة المصلين في رمضان وإقبال الناس على الطاعة..

وعبّر آخرون عن حزنهم لحال المتخاذلين ..

حتى في رمضان ..

*وقال آخر إنهم يزدادون في صلاة الفجر حتى يمتلأ المسجد بهم ، ولكنا لا نكاد نراهم في صلاة الظهر والعصر ، فقد قلبوا ليلهم نهاراً ونهارهم ليلاً ..

و في الأسواق فاسمع الأخبار من رجال الهيئات...

*أما في المقاهي فسُئل أحد العاملين في إحدى المقاهي عن الفرق بالنسبة لهم عن العمل في رمضان وفي غيره من سائر الشهور فأجاب : إن العمل في رمضان يكون أكثر تعباً وإرهاقاً حيث يكثر الزبائن ويزدحمون بمعدل الضعف عن غير رمضان ،ويمضون ليلهم كله في المقهى..

أما الأبناء فعلى الأرصفة والطرقات .. صخب ولهو ..

فتسأل نفسك أين الراعي من الرعية ؟!...

*أما النساء فسهرات نسائية وانشغال في إعداد أصناف الحلويات والمشروبات ..

وأمهات يسهرن حتى الفجر في انتظار الأبناء الذين لا يعودون إلا في هذه

الأوقات ..

أما الأسواق والمجمعات فحدث ولا حرج..

فأين العبادة و الجد والاجتهاد ؟! ..

*يقول أحدهم أنام بعد الفجر ولا أستيقظ إلا بعد صلاة العصر .. فالنوم عبادة ..

وآخر يقول يوقظني والدي عند الإفطار وفي بعد الأحيان لا أفطر إلا قبيل العشاء .. أقول ..

*ومع أحد الزبائن في إحدى المقاهي كانت هذه الأسئلة السريعة ..

منذ متى وأنت هنا ؟ قال : من الساعة الثانية عشرة ..

إلى متى تجلس ؟ قال : إلى وقت السحور ..

هل أنت موظف ؟ قال : نعم أنا موظف حكومي ..

ألا تتأخر عن دوامك ؟ قال : أتأخر قليلاً ثم أكمل النوم في المكتب ..

هذا هو رمضان اليوم .. عند كثير من الفئات ..

فيا غربة الصائمين ..

ويا حسرة المفرطين ..

muhana.khaled@hotmail.com

=============================

بسم الله الرحمن الرحيم

الى اللذين يبخسون ثورات الشعوب

(يا شارد من الخيل عدك واقف)

سالم الفلاحات

Salem.falahat@hotmail.com

يجتهد المتشبثون بامتيازاتهم اليوم ، وبطاناتهم والملتفون حول موائدهم والملتقطون للفتات تحت أقدامهم , يجهدون أنفسم ويسخرون كل امكاناتهم المسروقة من أقوات الشعوب , لإيهام الناس أنه لا فائدة من مشاريع الإصلاح التي تنادي بها الشعوب كوسيلة من وسائل اعاقة الاصلاح ومنع مجاربة المفسدين .

 فالإصلاح عندهم اخو الكفر والفتنة والخيانة وتمزيق الشعوب ,وضياع الثروات , وعدم الإستقرار , وانتشار الفوضى وخراب الديار,واستجلاب المستعمرين , وتمزيق الأوطان وتراكم الديون وربما فساد الأخلاق وضياع الدين وتهديد المقدسات، يارب سترك!! والأنفع هو بقاء الفساد لئلا ينهار البيت كله !!! ولكن هل تبنى الاوطان بالفساد والاستعباد والاستبداد

 وهل يفكر الجائع وهل يبدع الخائف وينجز , وهل يثق المتشكك الوجل

 وهل يتحاب المجتمع المتنازع الذي يفتقد العدل , وهل يشترى الحب والمودة ؟؟

 إنها الحالقة الوطنية والإجتماعية والأخلاقية والمعيشية , تلك التي يراد لها أن تبقى في ديارنا .

  أكثر الشعوب العربية اليوم كسرت حاجز الخوف وتمكنت من قول كلمة الفصل بحاضرها ومستقبلها وهذا جديد جديد , بدأت طريقها بالتكتل الذاتي نحو هدف محدد على اختلاف توجهانها وفكرها وجعلت حكامها يفكرون باصلاحات جزئية استرضائية حتى الأن تقدم بالمجان هروباً من الاستحقاق الأعظم والأولى وهذا جديد .

وتتناقل الشعوب ما يجري لأشقائها في كل قطر ممتحن أو ناهض وتعيش دقائقه وساعاته وتتفاعل معها بما تستطيع .

  يأخذ الحكام المتسلطون على رقاب الشعوب اليوم دور المدافع المحشور في الزوايا المجيب على التهم والمفلسف للمواقف، الذي يحاول كسب ودها واسترضائها وهذه حقائق منظورة في مختلف بلاد العرب في أفريقيا وآسيا وهذا جديدٌ ايضاً .

  وبالرغم من تحشيد فلول الخائفين على انفسهم ومسروقاتهم ومضبوطاتهم , فقد حقق الشعب العاقل الهادئ

وبما تطاير من غبار الثورات العربية الطاهر ما يلي:-

1-التشخيص الدقيق الصريح والواضح والمكشوف لما نحن فيه دون مواربة أو مجاملة أو مداهنة وكسر حاجز الخوف وهو أعدى أعداء الشعوب والأوطان _ وهذا جديد_ .

2-        تَوافَق الأردنيون جميعا على أن الفساد بأنواعه معشعش في بلادنا والمفسدون على رأسه ولا بد من ازالته وازالتهم ومحاكمتهم أمام المحاكم النظامية .

3- توافقٌ كبير ودعك من أزلام المصالح الخاصة على أن الحكومة لا تريد الاصلاح بل تشتري الوقت بعملات مزورة وبمواقف مكشوفة مدانة لن تزيدها إلا ضعفا ً.

 4- توافق أكبر على أن شخصيات محددة سرقت مقدرات البلد وموجوداته ولم يظهر منها في البنية التحتية إلا القليل القليل وهرَّبها المتسلطون الفاسدون لحسابهم، وحمّلوا الشعب مديونية هائلة لا قبل لهم ولا لابنائهم بها .

5- توافق كبير على عدم وجود مساواة بين المواطنين فمنهم المدلل القريب المقدم على عجزه وعدم كفاءته ، وأكثرهم الطريد الشريد المتهم المحروم ومن شتى المنابت والأصول والمشكوك في مواطنته , ولا بد من الخروج من هذه الحالة بتشريعات عملية مضمونة التنفيذ .

6- اختفاء قانون الإجتماعات العامة ولم يتحقق زوال هذا القانون إلا بعد الثورات العربية وحَراك الاردنيين.

7- التقاء الأردنيين في تجمعات شعبية مبصرة وبخاصة في الأطراف تعرف طريقها وقد تناست خلافاتها في ظل حماية وطنها وبنائه وانقاذه من براثن الفاسدين، وهذا جديد.

 

8- التوافق على ضرورة اجراء تعديلات دستورية اساسية وشاملة مع ضمانات لتنفيذها على أرض الواقع تمكن الشعب من أن يحكم نفسه وأن يكون هو مصدر السلطات .

9- تقديم معاني الكرامة والحرية والعدالة والمساواة والعمل الجاد لتحقيقها مع عدم إغفال الاحتياجات المعيشية الضاغطة والعمل لتوفير حياة كريمة .

10- تنامي حالة اليقظة ونضوج الممارسات وتكامل الحراكات الشعبية لأنها حقيقية وتعبر عن ألم واقع وليست تنظيرية أو خيالية إن المصائب يجمعن المصابينا

نعم التجربة جديدة على شعوب المنطقة وفي الأردن بشكل خاص , وللبدايات ضريبة متوقعة ومحسوبة ومعروفة ويمكن أن يقع الخطأ , لكن التصحيح والإفادة من التجارب قائمة وسهلة .

 

 أما سلاح المفلسين والمنهزمين سلاح الحرب الحرب النفسية الكذب ثم الكذب ثم الكذب ومحاولة تغطية الحقائق والإنجازات والتهوين من شأنها والتطفيف في الموازين واللعب بالمقاييس بأساليب خبيثة فهو مكشوفٌ خاسر وويلٌ للمطففيين

 

 إن ما أنجزه الأردنيون الإصلاحيون لشعبهم ولوطنهم كبير وإن كانوافي بدايات الطريق ولا يدعون الكمال أو فعل الأعاجيب لكنهم على الطريق وإن كان طويلا.

لكن إذا كانت النفوس كبارا ...تعبت في مرادها الأجسام .

ولما كان الموضوع ليس قانون انتخابات فقط ....أو قانون بلديات ....او محكمة دستورية فقط أو من يشرف على الانتخابات أصبحت المهمة كبيرة والمشروع عظيماً ويحتاجُ لدراسة وروية وعمل ٍ جاد ٍ متواصل

 ولكن الإرادة الشعبية للإصلاح الشامل عامة وصادقة وإن كانت لم تترجم على أرض الواقع حتى الآن من كل الناس بممارسات عملية فهي في الطريق للاكتمال

إن الشعوب العربية اليوم تقول إن كان مبارك دخل القفص فعلياً فإن رفيقه الأول( شر الفاسدين ) على الطريق وأما أترابه الثلاثة فلن يفلتوا من هذا المصير وكل الذين لا يستجيبون لنداءات شعوبهم وستتحرر الشعوب عما قريب ( قل ان الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم )

 ويا شارد من الخيل (عِدَّك )واقف أي كأنك

=============================

الدبلوماسية التركية في سوريا والنوايا الباطنة..

بقلم: د أحمد بن فارس السلوم

وجهت تركيا رسائل قوية للنظام السوري منذ اندلاع الثورة السورية، يخال للمرء عند سماعها أن تركيا مسعرة حرب، تلخصت هذه الرسائل في أن

صبر تركيا بدأ ينفذ ، وأنها لن تسمح بإراقة الدماء ، وان حماة خط أحمر ... وما إلى ذلك من التصريحات النارية.

لكن هذا الصبر التركي يبدو أنه بلا حدود!!

كانت هذه التصريحات لا تُحمل بكثير من الجدية في دمشق، لاحظت هذا منذ البداية، وكتبت مقالا منذ شهر أو أكثر حول هذه الملاحظة المريبة، ثمت شيءٌ ما كان يجعل النظام السوري لا يقلق من هذه التصريحات.

ثم جاءت الرسالة الحازمة والحاسمة التي حملها أوغلو إلى دمشق والتي قوبلت بنفس المستوى من الحزم والحسم من قبل السوريين، وبعد لقاء مطول مع بشار الأسد عاد أوغلو إلى تركيا لنلاحظ بعدها أمرين:

الأول: تناقض في التصريحات التركية على أعلى المستويات، يتكلمون عن اصلاحات قادمة وفي نفس الوقت عن أيام حرجة، ويعطون المهلة بعد المهلة

للنظام ويزيدون في الأجل، وكأن دماء الشعب السوري ليست اكثر من قروض ربوية قابلة للأخذ والعطاء.

الثاني: تصعيد النظام السوري في حربه على الشعب السوري، وتنقل دباباته بين المدن والقرى السورية على وجه السرعة، وإشعال أكثر من منطقة في آن واحد.

فما الذي حصل في لقاء أوغلو مع الشبيحة في دمشق ؟؟

لا أحد يعلم حقيقة هذا اللقاء إلا الذين كانوا مشاركين فيه، ولكني أستطيع القول - من خلال المعطيات - إن النظام الشبيحي طلب من الأتراك - الذين هم بوابته للغرب - أن يمهلوه الفرصة الأخيرة للتعامل مع الثورة وأن يغضوا الطرف قدر المستطاع، ربما الأجل المطلوب هو ما تبقى من رمضان.

ولحفظ ماء الوجه التركي عمل النظام هذه المسرحية الهزيلة في حماة حينما أخرج دباباته أمام الكمرات وأمام السفير التركي الغبي وأعادها من الباب الخلفي.

لكن هذا الأمر ربما لن يقابل بنفس المستوى من الرضا في الدول الغربية.

يجب أن نفهم أن تركيا لا تريد تغييرا للنظام السوري، فهي تخاف مما هو آت، والنظام الشبيحي يدرك هذا تماما، ولذلك لا يفتأ من الضغط على الأتراك أكثر مما يضغط عليه الأتراك.

تركيا تفضل إصلاحا للنظام السوري وبقاء الأسد على سدة الحكم، وبذلك هي تدعو للتغيير الصوري لا الجوهري.

تركيا الأردوغانية تعيش في اضطراب سياسي، فهي خائفة من النفوذ الإيراني في سوريا، وتريد أن يكون لها نفوذ في المنطقة أكبر مما هو عليه الآن، وتخشى كذلك من التغيير في المنطقة، وتريد ايقاف الدماء في نفس الوقت، ولذلك قد يجرها هذا الاضطراب إلى ارتكاب حماقات وسياسات لا تحمد عقباها.

بتصوري إن تركيا متورطة بهذه الحملة الشرسة التي يقوم بها النظام بعد زيارة أوغلو لدمشق، فكما أن اردوغان استغل الثورة السورية لتحقيق

مكاسب انتخابية عقب تصريحاته الأولى ها هو هذه المرة يتورط بإعطاء مهل للنظام لا تعني أكثر من إراقة مزيد من الدماء السورية.

تلك هي تركيا الجديدة بعد أن تحولت من الأتاتوركية إلى الأردوغانية، ويا للأسف.

المهم الآن ما هو المطلوب لإفشال هذا المخطط ولقطع الطريق على هذا السيل من الفرص والمُهل التي تقدم للنظام الشبيحي؟؟

شيء واحد لا ثاني له، ألا وهو مواجهة التصعيد العسكري الأسدي بتصعيد ثوري سلمي من المتظاهرين، إن خفوت شعلة التظاهر في سوريا، في هذا الوقت الراهن أمر خطير، فقد ينظر إليه - على الأقل في تركيا - على أنه نجاح لخطط النظام السوري في اللحظة الأخيرة.

أضف إلى ذلك أن العالم الغربي سوف يخفت صوته كذلك حينما يضعف صوت المتظاهرين.

التظاهر الآن واجب شرعي ووطني على كل أبناء سوريا، فإن سوريا الحرة في هذه المرحلة الحرجة محتاجة لهذا التظاهر لإضافة زخم إعلامي وسياسي لقضيتها أكثر من أي وقت مضى، وسيتطلب هذا من الشعب السوري تقديم مزيد من الشهداء والتضحيات، ولكن كما يقال: النصر صبر ساعة، ونحن في الساعة الأخيرة من المعركة مع النظام الأسدي.

هذا الأسبوع حاسم في القضية السورية أكثر من كل أسبوع مضى.

التظاهر بقوة وبأعداد كبيرة هو الطريقة الوحيدة لأفشال أي مخطط أو مهلة تمنح للنظام.

والسوريون مع النظام الشبيحي على موعد قريب وهو العيد، فإما أن يكون العيد سعيدا عليهم أو عليه!!

الجواب بيد الثوار الأحرار، نصرهم الله.

========================

الصلاة في الأقصى تحت حراب الاحتلال

د. مصطفى يوسف اللداوي

رغم أنها تتم تحت حراب الاحتلال الإسرائيلي الحاقدة، وبنادق الجنود الإسرائيليين الموجهة نحو الصدور، وخيول الشرطة تجوب الصفوف، والحواجز العسكرية تنتشر في كل مكان، وحملات التفتيش والتدقيق على الهويات الشخصية تستغرق ساعاتٍ طويلة، ومئاتُ الفلسطينيين يردون ويمنعون من الدخول، بينما يسمح لعشراتٍ قليلين بالدخول إلى باحات الحرم، لكبر سنهم من الرجال والنساء، إلا أن قلوب الفلسطينيين جميعاً كما المسلمين تهفو للصلاة في رحاب المسجد الأقصى، مهما كانت الصعاب، ومهما عظمت العقبات، فالصلاة في المسجد الأقصى المبارك، خاصةً في ظل شهر رمضان الكريم، صلاة الجمعة وصلاة التراويح وقيام الليل، هي حلم الفلسطينيين، وأمنية المسلمين، يتطلعون إليها، ويتمنون أن ينالوا فضلها، ويعمهم خيرها، يتحدون سلطات الاحتلال وقراراته ليصلوا إلى مدينة القدس الممنوعة على العرب، والمحرمة على المسلمين، وهي مدينتهم التاريخية والدينية، وقد أصبح هناك جيلٌ فلسطيني كبير من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، لا يعرفون المسجد الأقصى، ولم يكتب لهم فضل دخوله والصلاة فيه.

يدرك الفلسطينيون أن الصلاة في المسجد الأقصى والاعتكاف في رحابه بقدر ما هي عبادةٌ لله سبحانه وتعالى، واستجابة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشد الرحال إليه والرباط في أكنافه، فإنها تغيظ الإسرائيليين، وتحرك أحقادهم، وتزيد في غلِ قلوبهم وحسد نفوسهم، فلا تعجبهم صفوف الفلسطينيين المتراصة في باحاته للصلاة، والمتهيئة للتكبير والتهليل، ويبعث ركوعهم المهيب لله سبحانه وتعالى الخوف في قلوبهم، ويقذف المهابة في نفوسهم، ويستفزهم سجود الفلسطينيين وملامسة جباههم لثرى المسجد الأقصى، ودموعهم الحرى الغزيرة تبلل أرضه، وتلون تربته، وتصبغ بالإسلام والعروبة معالمه وملامحه.

يحرص الإسرائيليون من المستوطنين وجنود الجيش وعناصر الشرطة والمتشددين والمتطرفين وغلاة اليهود على استفزاز المسلمين في مسجدهم الأقصى، وخاصة خلال شهر رمضان المبارك، فهم يحلمون في اليوم الذي يطردون فيه الفلسطينيين كلهم من القدس، ويمنعون المسلمين جميعاً من الصلاة في المسجد الأقصى، فتراهم يقتحمون باحاته، ويجوسون خلاله في ظل حراسة الجنود والشرطة وحرس الحدود، ويدوسون بأقدامهم القذرة ترابه الطاهر وساحاته المباركة، ويتطلعون إلى اليوم الذي يكون لهم خالصاً، لا يشاركهم فيه المسلمون، ولا يكون فيه للفلسطينيين نصيبٌ ولا مكان، فلا يرفع فيه الآذان، ولا تقام فيه الصلاة، ولا يسمع فيه أحد نداءات الله أكبر.

الإسرائيليون ماضون في مخططاتهم، لا يهابون ولا يترددون، ولا يتأخرون ولا يتوانون، ولا يبخلون ولا يكزون، يتقدمون ولا يتراجعون، يتجرؤون ولا يجبنون، يقتحمون بلا تردد، ويتقدمون بلا خوف، يطردون المصلين لئلا يعكروا عليهم صفو اقتحامهم، ويمنعون الاعتكاف فيه لئلا يعرقل زحفهم، فهم جادون في شطب الهوية العربية والإسلامية عنه، وتدمير ذاكرته وحافظته العربية والإسلامية، لتحل محلها هويةٌ يهودية، وذاكرةٌ تلموديةٌ توراتية مزيفة، ووعودٌ صهيونية مختلقة ومفتراة.

الفلسطينيون ينتظرون شهر رمضان ويتهيئون له ليدخلوا المسجد الأقصى بنية الاعتكاف، ويقضوا فيه بضعة أيامٍ وليالٍ من شهر رمضان الكريم بنية الاعتكاف والتعبد، ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلية التي تخطط وتنفذ، وتعرف ماذا تريد وإلى أين ستصل، أخذت تقتحم باحات الحرم وساحات المسجد بعد صلاة التراويح، وتجبر المصلين على الخروج من المسجد بين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ثم تعود لتتحكم في الداخلين إليه، فتمنع كثيراً ممن كانوا فيه في صلاة العشاء، وتقلص أعداد المصلين وفق مخططاتها اليومية، وبما ينسجم ولا يتعارض مع وفود المقتحمين اليهود من المستوطنين والمتطرفين والأطفال الصغار الذين يُدرَّبون ويعلَّمون على الصلاة والترانيم اليهودية.

الإسرائيليون ماضون في إعادة تنظيم أوقات الصلاة في المسجد الأقصى، ووضع مواقيت محددة لدخول المصلين إليه، وتحديد ساعاتٍ محرمة يمنع فيها وجود المصلين أو المعتكفين فيه، فلا دخول إليه إلا بإذنٍ، ولا بقاء فيه إلا بتصريح، ولا صلاة فيه إلا بموافقةٍ وشروطٍ مسبقة، ولا مكان فيه للتجمعات أو التجمهرات، ولا سماح لخطيبٍ بتحريضٍ أو تأجيج مشاعر، ولا موافقة على توزيع بياناتٍ أو تعميم توجيهات، فلا مكان في المسجد الأقصى إلا لبضع ركعاتٍ في بعض زوايا الحرم، وعلى المصلين بعدها أن ينفضوا بلا استغفار، وأن يخرجوا منه فلا رباط ولا اعتكاف.

إنها السياسة الإسرائيلية الواضحة، فلا لبس فيها ولا غموض، ولا مساعي لإخفائها أو تمويهها، ولا محاولاتٌ فيها للحيلة أو الخداع، إنها السياسة الإسرائيلية القديمة والجديدة، التي تعاهد عليها روؤساء الحكومات الإسرائيلية، وأقسم على تنفيذها وزراء الدفاع والأمن والبنى التحتية، وتفرغ لتنفيذها رؤساء بلدية القدس المتعاقبون، فهم يخططون لتكون القدس مدينتهم وعاصمة كيانهم الموحدة، فلا مكان فيها لمقدسيين عرب، ولا أمل أن يقتطعوا جزءاً منها لتكون عاصمةً للدولة الفلسطينية، ولا مسجد فيها للمسلمين، وإنما بضع زوايا صغيرة، كتلك الموجودة في الحرم الإبراهيمي، يصلي فيها المسلمون بصمتٍ، ويستأذنون إذا أرادوا الدخول إليها، ويسكتون إذا طلب منهم الخروج منها، أو عدم الدخول إليها، ولا مكانَ لمؤذنٍ يصدح بنداءات الله أكبر، وإنما مواقيتٌ محددة لصلاة، يعرفها المصلون فيدخلون خلالها إلى المكان المحدد للصلاة ويخرجون.

إنَّ الصلاةً في المسجد الأقصى لا تصح بغيرِ عمرٍ أو صلاح الدين، إنها الحقيقة التي يجب أن نفهمها وندركها، إذ ليست الغاية والهدف أن ندخل المسجد الأقصى لنصلي فيه ونتعبد طلباً للأجر والمثوبة، بينما هو يرزح تحت الاحتلال، وتحرسه البنادق وأسلحة الحرب الإسرائيلية، فإن كان الإسرائيليون يغتاظون من الصلاة فيه، ويزعجهم صوت الآذان المجلل من فوق مآذنه وقبابه، فإن تحريره وتطهيره واستعادته، وطردهم منه، وإقصاءهم عنه، ومنعهم من دخوله والعبث في رحابه، فإن هذا يصيبهم في القلب، ويدمر المشروع الذي يعملون لأجله، ويبدد الحلم الذي عاشوا عليه، ويقضي على آمالهم في البقاء فيه، وبناء هيكلهم المزعوم مكانه، وتحريره بابٌ للأجر والمثوبة أعظم، وسبيلٌ لنيل رضى الرحمن أوسعٌ وأبلغ.

ولكن تحريره واستعادته، كما حمايته وتحصينه، والحفاظ على هويته ومقدساته، لا يكون بالدعاء أو بالصلاة فيه فحسب، وإن كان في حاجةٍ إلى رباط أهله، وسراج أمته، إلا أنه في حاجةٍ إلى هبةٍ عمرية، وجيش صلاح الدين جديد، يهب لنجدة القدس وأهلها، واستعادة الحرم وتطهير باحاته، لتكون فيه صلاةٌ جامعة، يؤمها المسلمون من كل مكان، ويلتقون فيه كما التقى في رحابه الأنبياء والمرسلون، ويؤمهم إمامٌ مقدسيٌ كما أمَّ الأنبياءَ من قبلُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم.

Moustafa.leddawi@gmail.com

=====================

سوريا.. نظام الشبيحة

طارق الحميد

ثلاثة مواقف سورية في 24 ساعة من شأنها أن تؤكد أنه لا يوجد نظام دولة في سوريا، بل نظام شبيحة، سواء بالإعلام، أو السياسة، أو حتى القطاع العسكري.

أحد «المحللين» المحسوبين على النظام السوري، أو شبيحة النظام الإعلاميين، بحسب ما يصفهم بعض المعارضين السوريين، يقول، عشية صدور البيان الخليجي الذي يدين عنف الدولة بسوريا، لقناة «العربية»: إنه ليس من حق دول الخليج إدانة النظام السوري. ثم يقول مهددا: إنه كان بمقدور الرئيس السوري دعم الشيعة في كل من السعودية والبحرين والكويت، ضد الأنظمة الخليجية، لكن عروبة الأسد وقوميته هما ما كانتا تمنعانه عن ذلك! وهذا يعني أن شبيح الإعلام السوري يقول إن بعض الشيعة الخليجيين جاهزون للبيع والشراء، وهذه إهانة بحد ذاتها للشيعة، ناهيك عن أنها تهديد واضح من السوريين لدول الخليج!

والرد على الشبيحة السوريين، فرع الإعلام، بسيط جدا، فأوَليس النظام السوري هو من يدعم حزب الله و«أمل» في لبنان ضد باقي المكونات اللبنانية؟ وأوَليس النظام السوري هو من ارتمى بأحضان إيران، وعلى حساب العرب، والعروبة؟ وأوَليس النظام السوري هو من دعم تنظيم القاعدة بالعراق منذ سقوط نظام صدام حسين؟ فكيف يقال إن عروبة الأسد وقوميته تحولان دون اللعب على الورقة الطائفية؟ ومن الواجب اليوم التنبه للتهديد الأخير باستهداف أحد موانئ الكويت من قبل حزب الله العراقي؛ حيث يبدو أن الخلايا النائمة بدأت تتحرك بمنطقتنا، خصوصا أن التهديدات باتت واضحة، وعلى رؤوس الأشهاد.

وهذا ما يختص بشبيحة الإعلام، أما السياسة، فهاهي بثينة شعبان، مستشارة الرئيس، تهدد تركيا، وتتوعد وزير خارجيتها بحال زار دمشق؛ حيث أُعلن أن أوغلو ذاهب هناك من أجل إيصال رسالة «حازمة»، لكن شعبان قالت إنه هو من سيسمع لغة «أكثر حزما»، والأدهى من ذلك كله أن شعبان تلوم تركيا لأنه لم يصدر عنها أي إدانة بحق «الجرائم الوحشية بحق المدنيين والجيش»! تخيلوا أن يقال هذا الكلام لتركيا التي تحتضن على أراضيها آلاف اللاجئين السوريين الذين فروا لتركيا بعد موجة القمع والعنف المرتكبة بحقهم من قبل أمن النظام السوري وشبيحته، فهل هناك افتراء أكثر من هذا؟!

أما الموقف الثالث، فهو ما نُسب لمسؤول عسكري سوري، يقول فيه إنه حتى تاريخه لم تدخل دبابة واحدة إلى منطقة دير الزور، على الرغم من أن عدد القتلى فيها، من المواطنين السوريين العزل، حتى كتابة المقال، تجاوز الأربعين مدنيا، بحسب ما نقلته وكالات الأنباء العالمية، بسبب العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات النظام السوري في دير الزور!

وعليه، فنحن أمام ثلاثة نماذج محسوبة على النظام السوري، إعلاميا وسياسيا وعسكريا، وكلها تهدد وتتوعد، تلميحا وتصريحا، وتحرف الكلم عن مواضعه؛ حيث تصور الأمور كيفما ترى، وليس كما يحدث على أرض الواقع، فكيف يمكن بعد ذلك كله الوثوق بنظام يتصرف المحسوبون عليه، على المستويات كافة، وكأنهم شبيحة الأمن الذين يغدرون بالعزل السوريين؟ حقا إنه نظام الشبيحة وبجدارة.

========================

التكافل الاجتماعي لخدمة المحتاجين أم السياسيين؟؟

حسام صفاء الذهبي

مفهوم التكافل الاجتماعي من المفاهيم الإنسانية الرائعة وهو في نفس الوقت يمثل فكرة متقدمة تتجاوز مجرد التعاون بين الناس أو تقديم أوجه المساعدة وقت الضعف والحاجة وليس مبناه الحاجة الاجتماعية التي تفرض نفسها في وقت معين أو مكان بعينه فقط وإنما يتعدى ذلك الى ابعد الحدود الإنسانية ، فالإنسان حسب هذا المفهوم لا يعيش مستقلا بنفسه منعزلا عن غيره وإنما يتبادل مع أفراد المجتمع الآخرين التكافل في أمور الحياة وشؤون المجتمع كما ان التكافل الاجتماعي ليس مقتصرا على النفع المادي فقط بل يشمل النفع المعنوي والفكري حين يكون الفرد على قدر من الوعي والفكر يستطيع من خلاله نفع غيره وتوضيح الحقائق ممن عجز او لم تسنح له فرصة اكتشافها وبيانها ..

والتكافل الاجتماعي ورعاية المحتاجين والمتضررين ليس على عاتق جهة او شريحة من المجتمع فحسب بل ان الحاكم وبغض النظر عن التسمية كأن يوصف بالرئيس او الأمير او الملك يعتبر هو الراعي للشعب حسب القوانين والأعراف الدولية والإنسانية ، لكن وللأسف الشديد نلاحظ اليوم قد اختلفت نظرة الناس الى الحاكم واحكامهم عليه فهل هو مقصّر في حمل المسؤولية أو لا ؟؟ فأكثر الناس ينظر الى المسؤول على أنه صاحب سلطة تقدّم له مظاهر التكريم والتبجيل ويعطى الولاء المطلق ويتصرّف بأموال الدولة بلا حساب ولا يحق لأحد أن يسأله عن أعماله ، ولا أن يناقشه في أقواله لأنه الآمر الناهي وله مطلق الصلاحية ، وهذه النظرة وللأسف ليست عند عامة الناس فقط بل عند من يدعي الوعي والثقافة فيأخذون بزرع هذه الأفكار عند الناس ويحاولون بيان ان خدمة الناس ورعاية الفقراء هي من مسؤولية المجتمع وليس من مسؤولية الحكومة او المرجعية الدينية باعتبارها ممثلة لأحكام الدين ومسؤولة عن تطبيقه في المجتمع وإلا ما فائدة جباية الحقوق الشرعية من الخمس والزكاة وغيرها إن كانت هي غير مسؤولة عن كفالة المحتاجين من الأيتام والفقراء وغيرهم ؟؟ وما هي مسؤولية الحاكم حين تسلط على أموال الناس ولم يتكفل برعاية وخدمة أبناء شعبه ؟؟ هل صارت نظرة الناس اليوم تجاه المسؤول ان واجبه فقط استقبال الوفود وتوديع الزوّار وبالتالي فهو غير مسؤول عن أزمات الشباب وغيرهم من فئات الشعب ؟؟!!

أقولها وبصراحة إن هذه النظرة للحاكم وسلطته وصلاحياته وأعماله خاطئة لأن الحقيقة ان الحاكم ، دينيا او اجتماعيا او سياسيا .. ، هو المسؤول الأول عن المجتمع ، ولعل الناس قد نسوا هذه المسؤولية الواسعة لأنهم لم يلاحظوا اليوم حاكما يحمل كيس الطحين على ظهره ليوصله للأرملة أو لأن المبلغين والخطباء والمثقفين لم يؤدوا ما عليهم من مسؤولية التثقيف والتوعية للمجتمع بهذا الخصوص كما لاحظت انا بنفسي حين تابعت محاضرة للخطيب الديني جعفر الإبراهيمي ومن على فضائية الأنوار الثانية وكان موضوعه حول التكافل الاجتماعي وحقوق الأيتام ليحاول جاهدا من موضوعه هذا ان يرمي باللوم على المجتمع فقط قائلا لهم عليكم ان تجعلوا صناديقا لتجميع التبرعات واعطائها للأيتام وفي الظاهر هذا الكلام جميل لكنه في حقيقته كلمة حق يراد بها باطل كما يقول الامام علي بن ابي طالب فالإبراهيمي يحاول ان يقول للناس "الشبعان يثرد على الجوعان حروف" وليبعد بأسلوبه هذا المسؤولية عن المرجعية وينزه ساحة الحكومة التي دعت المرجعية الدينية الى انتخاب معظم سياسييها حسب ما يقول المرجع الكبير في النجف الباكستاني ، هذه الحكومة التي تقع على عاتقها مسؤولية رعاية الأيتام وخدمة الشعب عامة كل حسب استحقاقه وحاجته وهذا الأسلوب من الإبراهيمي وأمثاله هو ما أوصل الحال بالشعب بان يرى انه من الواجب عليه ان يخدم المسؤول هو وان يحمل الطحين على ظهره الى قصور المتسلطين !!

ان المرجع والحاكم الديني والسياسي مسؤول عن جميع الأزمات التي يتعرض لها الناس وإلا فهو مسؤول عن أي شيء اذن ؟؟

فمن مسؤولياته البحث عن سبل الخير وان يدل الناس عليها ويدفعهم الى سلوكها وأن يرصد أبواب الفساد ومنافذه فيقفلها ويمنع أحدا من فتحها ، لا ان يحاول الخداع وخلط الأوراق على الشعب بل عليه أن يوجّه المجتمع الى الاهدف الرفيعة وقيادة الشعب برسالة إعلامية واضحة لا ان يدع الناس ضحية الفراغ والضياع ، وأن يفتح للشباب أبواب العلوم ويرفع مستواهم العلميّ ويشجعهم على التحصيل والإبداع وأن يساعد الناس على معيشتهم بتسهيل سبل العمل لهم وأن يسخّر إعلامه لتوجيه الناس التوجيه السليم لا أن يعمد الى أسلوب الخداع والتضليل ، وأن يغرس فيهم الأخلاق الفاضلة الحسنة ويربيّهم التربية الصالحة وإن لا يكون سببا في ظلم واضطهاد وقهر شعبه أو تشريد الأيتام والعجزة بلا معيل فإذا لم تكن هذه الأمور من مهمات المرجعية والحكومة فما هي مهمتهم يا ترى ؟ فهل يصح رمي المسؤولية على المجتمع وابعادهها عن أهلها يا إبراهيمي ؟؟!!

===========================

إلا المساجد أيها الفُُجَار

د - أحمد محمد الأشقر*

الإجرام وصف يدل على البشاعة و الفظاعة و يحمل في طياته صفات لأناس قد أظلمت أفئدتهم و قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة.

 

أعجب من الذي قال: لو أن بغلة تعثرت في العراق لسألني الله لِمَ لَم تُمهد لها الطريق يا عمر!؟ و من الذي يتسحر على الدم الأحمر و يُفطر على تحطيم عظام الناس!

 

تمادى المجرم في إجرامه و لم يرقب في أهلنا الأحباب في سوريا إلاً و لا ذمة... صور لبشاعة و إجرام تعود بنا إلى العصور الحجرية و غياهب الأدغال قبل اكتشافها عندما بالكاد تفرق بين الإنسان و الحيوان. أناس في طلاتهم و حديثهم كالناس , لكنهم أفظع من الحيوانات المفترسة في أفعالهم. حتى أن هناك بعض الحيوانات المفترسة أكثر منهم رحمة. لكننا في زمن يقتل القائد جنده و يسحق الرئيس شعبه تحت جنازير الدبابات التي يجب أن تتحرك لتدافع عن أصغر طفل في أقطارنا! زمن فيه الشعب مهلوس أو إرهابي أو مغرر به أو خارج عن القانون! أما الرئيس و عائلته و زبانيته فهم العقلاء و الشرفاء و أهل الفهم و الإصلاح و التنمية. نعم نحن الشعوب نحن المجانين و أنتم العقلاء.

 

بالأمس رأيت مشهداً تقشعر له الأبدان, ذكرني بحرب الفرقان و حسبت أن الصورة مسجلة من ذكريات غزة, وإذ هي من سوريا و تحديدا من دير الزور! تسيل فيها دماء الأبرياء في الشوارع و الطرقات لتتساقط على حاكمها اللعنات, من العباد و رب الأرض و السماوات. لقد دكت مدافع القائد مآذن المساجد الشامخات و تحديدا مسجد " عثمان بن عفان ", و امتدت يد الحقد و الغدر إلى دور العبادات, لتمنع الأذان أو القرآن أو الصلوات, توقفوا أيها الفجار... إلا المساجد يا بشار!!!

 

إن السياسي يجب أن يقول الحق على الدوام, و أن يتحدث في الوقت المناسب, والزمن المناسب, و إن لم نتحدث اليوم فمتى سنتحدث!؟ و إن لم نفضح إجرامهم اليوم فمن سيفضح!؟

 

أعلم أن السياسة مبنية على المصالح لا على العدل و الإنصاف كما أنني أعلم أنهم عندما تمتد أيديهم إلى بيوت الله في الأرض فإنهم يستخفون بعقولنا ظنا منهم أننا سنسكت أو نموت أو نصمت, لكنهم قد أعلنوا الحرب على الله نحن فيها جند الرحمن و عبيده, وهم فيها يصطفون إلى جانب الكفار و المجرمين.

 

إن ما تستطيع أن تستوعبه عقول الشعوب اليوم لن تتداركه الأنظمة البائدة و التي في طريقها إلى الاندثار و الاضمحلال أو تفهمه, حتى يلج الجمل في سم الخياط!!!

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ

يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ

لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ

وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.

*عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الشعبية – فلسطين

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ