ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 25/08/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

وسقط صاحب الكتاب الأخضر

احمد النعيمي

Ahmeeed_asd@hotmail.com

دخل رسول الله – صلى الله عليه وسلم– مكة في العشرين من شهر رمضان المبارك في السنة الثامنة للهجرة، بعد أن منّ الله على رسوله بالتمكين وإنشاء دولة الإسلام في المدينة المنورة، وبعد أن طرده أهل مكة منها، فعاد إليهم فاتحاً بعد ثمانية سنوات من هجرته – عليه أفضل الصلاة والسلام– وكان يتوقع أن يجازيهم بما جازوه به، ولكنه – صلى الله عليه وسلم– ضرب أعظم الأمثلة في سماحة الإسلام وعظمته، عندما أعلنها عفواً على كل من أساء إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم– وصحابته الكرام، قائلاً لهم: " اذهبوا فأنتم الطلقاء".

إلا أربعة نفر وامرأتين وهم عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فقتل عبد الله بن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، وأدرك الناس مقيساً في السوق فقتلوه، وأما عكرمة فقد جاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم– فعفا عنه، وأما عبد الله بن سعد فقد تشفع به عثمان إلى أن بايعه رسول الله – صلى الله عليه وسلم– .

وفي نفس اليوم من هذا الشهر الفضيل منّ الله على أهل ليبيا، فدخلوا مدينة طرابلس، واسقطوا حكم الطاغية القذافي، وأسرهم لابنه سيف الإسلام، وسيطرتهم على المدينة بشكل كامل، لتختفي المظاهر الكاذبة التي كان يدعيها المجرم القذافي وأذنابه وبشكل نهائي، بعد أن كانت تظهر صباح البارحة على التلفاز الليبي إحدى المذيعات وهي تحمل سلاحها مؤكدة أنها ستدافع عن طرابلس حتى اللحظة الأخيرة، كما أكد على هذا الفرعون الهارب في جميع خطاباته، بأنه سيقاتل حتى آخر قطرة من دمه، وإذ به اجبن من كل ما ادعاه من بطولة، واختفت الإعلام الخضراء من الساحة الخضراء ، وحلت محلها إعلام الثوار الأبطال، وظهر تسامحهم مع أهل طرابلس وإنسانيتهم واختفت المناظر الدموية التي كان يرتكبها وحوش القذافي بحق الشعب الليبي، مجسدين معاملة الرسول – صلى الله عليه وسلم– لأهل مكة، قائلين لهم: " اذهبوا فأنتم الطلقاء".

فكان لهم في رسول الله – صلى الله عليه وسلم– أسوة حسنة، وقد تمثل هذا في رحمتهم وإنسانيتهم وأخلاقهم، وذلك من خلال محاولتهم إعطاء كل الوقت للجنود والكتائب أن يسلموا أنفسهم ويلقوا أسلحتهم، وتشكيلهم لجان لحماية الممتلكات الخاصة والعامة في مدينة طرابلس خوفاً من أن تنالها أيدي أذناب القذافي، وهذا ما أكد عليه محمد ابن القذافي الذي تحدث للجزيرة صباح اليوم قائلاً بأنه أعطي الأمان من الثوار، بعد أن تم تأمينه من قبلهم، وسُمع في نهاية المكالمة إطلاق نار داخل بيته الذي تم تأمينه فيه بعد أن طلب الجوار والأمان، وقد عاد السيد "مصطفى عبد الجليل" ليؤكد سلامة ابن القذافي وإنما ما جرى من إطلاق النار كان سببه استفزاز حراس محمد للثوار، وإطلاق النار عليهم وقتل واحد منهم وإصابة آخران، مشدداً على عدم الانتقام، وترك الأمر للعدالة لتقول كلمتها بحق كل من أساء للشعب الليبي.

وهنا نوجه نداء للإخوة في ليبيا أن يصفحوا عن الجميع، جميع من أجبر وأكره وجميع من أخطأ، إلا هؤلاء النفر القليل كالقذافي وأبنه سيف الإسلام والسنوسي رئيس مخابراته، الذين أجرموا بحقهم، وسفكوا الدماء، وانتهكوا الأعراض، وأهانوا الإنسانية، وينفذوا فيهم حكم الله، وعدم تسلميهم للجنايات الدولية، واشدد هنا على عدم تسليمهم لأي كان خارج ليبيا، وإنما يجب إنزال القصاص به داخلها، ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم– أسوة حسنة، فهؤلاء المجرمون يجب أن ينالهم الجزاء العادل ولو تعلقوا بأستار الكعبة، ليكونوا لمن خلفهم آية.

ونبارك لإخوتنا نصرهم وفتحهم الذي منّ الله عليهم به، سائلين الله عز وجل أن يمنّ علينا في سوريا بالنصر والتمكين والفتح، بعد أن كشف الله حقيقة الطغاة وأكاذيبهم كما كان يفعل القذافي من تضليل وتأكيد أن معه الملايين، بل وصلت به الوقاحة إلا أن يقول أن شعوب العالم كلها معه، وأدق وصف لهذا ما قاله صديقه السابق "عبد الرحمن شلقم": " بأن مع القذافي ستة ملايين من الجن، حتى وصل الأمر به إلى أن يجعل عدد سكان ليبيا سبعون ملياراً" ولكن عندما اتضحت المواقف وبانت إذ بهم ينهزمون ويولون الدبر كالقطط والجرذان، دون أن يحقق حلمه بتحقيق هلوسته وزندقته وشعوذته التي حشا بها كتابه الشيطاني "الكتاب الأخضر" ودون أن يحقق مراده بظهور دولة فاطمية جديدة، كما حصل مع فرعون الذي كان يدعي انه الرب الأعلى فأخرجه الله من جناته وعيونه وورثها بنو إسرائيل من بعده، والساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر.

وهذا الفتح لأهل ليبيا يجب أن يكون دافعاً للصامتين في المدن السورية لأن يتحركوا، ويخرجوا اليوم ويقفوا إلى جانب إخوتهم الصامدين والصابرين، والمنتفضين على طاغية الشام إلى أن يمنّ الله عليهم بالنصر والتمكين، ويجب أن يكون رادعاً لأعوان المجرم الأسد بعد أن رأوا كيف انفض عن المجرم القذافي أعوانه، ولكي لا يلصق بهم العار طيلة حياتهم، وحياة أبنائهم وأحفادهم، تحرك من تحرك ووقف من وقف وأجرم من أجرم فان الشعب السوري ماض لنصره الذي وعده الله، وبسقوط حليفه الهالك القذافي فإن نهاية الأسد قد حانت بإذن الله، والعاقبة للمتقين.

=====================

يالله ارحل يابشار

بدرالدين حسن قربي

استطاع واحد من أبناء مدينة حماة السورية للمرة الأولى في التاريخ السوري الحديث أن يقود في تظاهراته أعداداً قاربت النصف مليون، لم يأتوا إلى ساحة العاصي بتعلميات سلطة طاغية أو أوامر حزبية بغيضة أو تهديدات أمنية مرعبة لإعلان تأييدهم والتأكيد على عبوديتهم، بل خرجوا عشقاً لوطن منهوب، وطلباً لكرامة مستباحة، ومناداةً لحرية مسلوبة، طال عليه الظلم واستطال فيه الاستبداد والاستعباد، وتطاول فيه الشبيحة. ومن ثم، فقد كان خروج ماردهم خروجاً إلى مواجهة الموت القادم كالريح الصفراء من شبيحة النظام وقنّاصته وأزلامه وقتلته ودباباته وأسلحته. فكان كل واحد فيهم مشروع شهيد ماض إلى قدره، روحه فوق راحته بين يدي من يفترض فيهم أنهم حماته وصانعو أمنه، أو مشروع حياة حرة كريمة لشعب ووطن يتطلع إليها بكل موروثات القيم من العز والإباء والشموخ.

حُداء الشهيد ابراهيم القاشوش على جنبات العاصي وضفافه، سورية بدّها حرية، لايفارقني، كأنه عنين نواعير حماة وأنينها، بل هو حنينها الذي حوّله الشهيد شدواً لأعذب أغنية للحرية والكرامة عابرة للقارات. أغرودة الشهيد كانت أذاناً في الناس أن قوموا إلى حريتكم، فردّدت أم الفداء النداء وردد معها السورييون، وأوّبت معهم الأرض والسماء، فكان رجع النداء من كل العوالم والأنحاء، وبكل لغات العالم: سورية بدها حرية. وإنما من يُسمع الصمّ من الوحوش النداء الهادر، ويُبصّر العمي من الشبيحة والمافيات ملاييين الشعب الثائر، وهي تهتف بكل الجرأة خلف منشدها: يالله ارحل يابشار.

وإنما في خضم الحملة الأمنية التي نفذتها قوات النظام وشبيحته على المدينة الأبية في الأسبوع الأول من تموز/يوليو الفارط عقب جمعة ارحل، استؤنف القتل وتجدّد الرعب ومعه الاعتقالات بالمئات، وفظائع الذبح التي تجلّت بذبح رائد التظاهرات الحموية وحاديها الرائع ذبح سكين، ونزع حنجرته ورميه جثة هامدة في نهرٍ يحب مدينة أبي الفداء ويعشقه أهلها. وما بين حبه وعشقهم، رفض بوفائه ووده أن يغطي على الجريمة ومااستطاع مع عظمه وقوته أن يبتعلها، فأعاد صدّاحَ حماة شهيداً إلى أهله وأحبابه وإن جثة هامدة، ليكون شاهداً على وحشية القاتل وانعدام إنسانيته وموت ضميره، شهادةً من العاصي موثّقة للتاريخ على مجرمي العصر ووحوشه أن قيل لهم: سورية بدها حرية، ويالله ارحل يابشار.

ماأراده النظام الفاشي بصلفه واستكباره وعلوّه في الباطل هو الطمس على نور الحرية والكرامة في رابعة نهار السوريين في عنفوان ثورتهم على دجله وشعوذته، وكتم صوتهم الهدّار بالحرية وحناجرهم التي تزأر بالكرامة لأنهم يريدون إسقاط النظام.

ظنّ المجرمون المتوحشون أن الوطن عند الشهيد القاشوش كوطنهم مُقامه في حنجرتهم، فتوهموا أنهم باقتلاع حنجرته يقتلعون منه الوطن، وما علموا أن وطنه ليس في عنقه، وإنما في قلبه شلال دماء، يدير بهديره وثورته نواعير الحق التي روت أرض سورية من بعد الظمأ، وأن عنقه ليس إلا فدوى وطن عشقه مزداناً بالحرية والكرامة، فنادى يالله ارحل يابشار.

قولوا للتاريخ، أن ساحةً في حماة كان اسمها ساحة العاصي، باتت مشهداً اسمه ساحة الشهيد القاشوش، يشهد أنها زلزلت بحشود حرائرها وأحرارها الاستبداد، ونداؤها سورية بدها حرية، وقشّت بأغرودته يالله ارحل يابشار همّ شعب، وكنست إلى الأبد نظاماً قميئاً عن صدور السوريين يوم أذنّ في فضاءات العالم يالله ارحل يابشار، فاستجاب السورييون وأهل الأرض معهم يلبّون النداء، ويردّدون مع حنجرةٍ من الجنة يالله ارحل يابشار. خلّصنا وفرقنا وكفاية وكافي، واعتبر من مصير صاحبك القذافي، تناحته مانفعته وآخرتها ولّى وطار، وحالكم من بعضه فلحّق حالك وارحل، لقد تأخرت كثيراً وأخذت كل الفرص وقد فاتك القطار. والشعب ينادي: جاك الدور يادكتور، ويالله ارحل يابشار..!!

http://www.youtube.com/watch?v=9ZzLK78EoRU&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=EakTCu8VqLQ&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=3CBJ-7PhyPM&feature=related

=====================

كره الصهاينة اللامحدود للمسجد الأقصى الشريف

بقلم الكاتب الصحفي رضا سالم الصامت

دنس روهان يهودي استرالي، هو المتسبب الوحيد في تنفيذ جريمته النكراء لحرق المسجد الأقصى في 21 أغسطس 1969 و هذا التاريخ يعتبرمهما لدى الصهاينة لأنه يعود بالنسبة لهم لتاريخ تدمير الهيكل المزعوم .

و للتذكير شب الحريق صباح ذلك اليوم المشؤوم ، بعد أن أدى المصلون صلاة الفجر .

الحريق جاء على كل من مسجد عمر الواقع في الزاوية الجنوبية الرقية للمسجد الاقصى والذي كان يرمز إلى المسجد الأول الذي بناه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما استلم مفاتيح القدس من بطريك البيزنطيين صفر ونيوس الدمشقي، ثم هدمت الزلازل ذلك المسجد قبل عهد الخليفة عبد الملك بن مروان الذي بنى مكانه مسجداً جديداً اكتمل سنة 692م. وفي منبر صلاح الدين الايوبي والمحراب، بهدف حرق عنوان النصر الذي احرزه القائد صلاح الدين الايوبي عندما حرر القدس من الصليبيين سنة 1187م

وفي النافذة العلوية الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الاقصى وترتفع عن ارضية المسجد حوالي عشرة امتار ويصعب الوصول اليها من الداخل بدون استعمال سلم عالي، الامر الذي لم يكن متوفرا لدى دنيس روهان. وكان حريق هذه النافذة من الخارج وليس من الداخل، مما يدل على ان هناك افرادا آخرين ساعدوا روهان من الجهة الغربية في الخارج حيث كانت تحت اشراف الاسرائيليين بعد أن هدموا حارة المغاربة وسيطروا على بوابة المغاربة.

المواقع الثلاثة إن صح التعبيرالتي طالها الحرق جعلت من الصهاينة يعتقدون أن المسجد الأقصى دمر ، لكنهم

فوجئوا بأن حساباتهم كانت مغلوطة لان النار في خارج النافذة العلوية قد انطفأت بذاتها دون أن يطفئها أحد ، لسبب بسيط، وهو عدم وجود عامل يساعد على اخماد الحريق بين هذه النافذة و وسط الجدار الجنوبي للمسجد ، لان مادة النفاذة حجرية والجدار الجنوبي من الغرب إلى الوسط كله من الحجر. ولذلك لم يحترق وسط الواجهة الجنوبية والجهة الشرقية، ثم امتدت النار شمالا وحرقت ما مساحته حوالي 1500 متر مربع من أصل مجموع مساحة مبنى المسجد الأقصى البالغة 4400 متر مربع، أي حوالي ثلث المسجد.

زد على ذلك ، فالصهاينة يوم احراق المسجد قطع الاسرائيليون في بلدية القدس الماء عن المسجد الاقصى المبارك لكي لا يستعمله المواطنون في اطفاء الحريق ، كما ان سيارات الاطفاء الاسرائيلية من بلدية القدس حضرت متأخرة بعد ان اطفأ الأهالي المقدسيون جميع النيران، ولم تفعل شيئا .

عملية الإطفاء قام بها الشباب المقدسيون الذين استعانوا بالبراميل ونقلوا المياه يدويا من الآبار الموجودة في ساحات الحرم القدسي الشريف واخرجوا السجاد المحترق الى الساحات الخارجية، وجمع القطع الصغيرة التي بقيت من الحريق من آثار منبر صلاح الدين الايوبي. وهي محفوظة الآن في المتحف الإسلامي في الحرم القدسي الشريف. جرائم اسرائيل لم تنتهي و ما تزال متواصلة و هذا إن دل على شيء فإنما يدل عن كره الصهاينة اللامحدود للاسلام و المسلمين و للمقدسات الدينية و في مقدمتها المسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين و ثاني الحرمين الشريفين

========================

القوة المعدنية السلطوية والقوة الناعمة الشعبية

فاتح الشيخ

- كاتب سوري مقيم في المانيا

مقدمة :

إذا توافرت الشروط الموضوعية للثورة الشعبية ، في أي بلد من بلدان العالم ، فلا يمكن لأية سلطة مستبدة مهما أوتيت من قوة ، أن تحتجز التاريخ أو تناقض حركته المتجهة دوماً للأمام ، خاصة في عصر الثورة الإعلامية ، وتطور العلاقات الدولية ، ومحورية حقوق الإنسان .

إن النظام السياسي السوري المعروف بشموليته واحتكاره لكافة مناحي الحياة الوطنية هو نظام محكم الإغلاق ويمتنع عن الإنفتاح بالمطلق ، ولا يُنتج بطبيعته تلك إلا الأحادية الفكرية والثقافية والسياسية ضرورة ، وعدم قابليته لقبول الآخر ، وقد نتج عن ذلك خلل فادح في موازين القوى بين السلطة والمعارضة من خلال استئصالها والتنكيل بها لعقود عدة .

لهذا لم يكن الخيار المتاح أمام الجموع الشعبية الغاضبة إلا الانتفاض ضد السلطة ، وما تُنتجه من أوضاع وطنية غير صحية ، والتوجه إلى الشارع لتصحيح هذا الخلل والمطالبة بالتغيير السياسي العاجل والذي لم يعد التاريخ يقبل تأجيله ، وذلك من خلال أدوات التغيير الجديدة والتي تفتق عنها عقل الثورة ، وفي مقدمتها الاحتجاجات الشعبية: السلمية – المنظمة – المستمرة – الكُتلية ، والتي تدين العنف بكافة أشكاله ، والتدخل العسكري الخارجي تحت أي مسمى كان ، وبذلك تكون ثورة شعبية في حقيقتها وفي دلالتها وفي أهدافها وفي وسائلها .

ومن المعروف أن أطروحات النظام وإعلامه الرسمي قد بُنيت على ثلاث ركائز أساسية ، وُجهت من خلالها التهم الباطلة للثورة الوطنية :

الأولى / مسلحة الثانية / سلفية الثالثة / مؤامرة خارجية

وسنكتفي في بحثنا أدناه بالتركيز على نقض الأطروحة الأولى ، والدفع ببطلانها وتهافت دعواها .

 

تعريف الحركة الاجتماعية (الجزئية) :

بأنها الجهود المنظمة التي تبذلها مجموعة من المواطنين كممثلين لفئة شعبية تفتقد التمثيل الرسمي ، وتهدف الى تغيير اوضاعها لتكون أكثر قرباً من القيم التي تؤمن بها الحركة .

ويمكن أن نطلق على هذه الحركة تعبير (أهل المطلبية الجزئية ) والهادفة إلى : زيادة الأجور والرواتب ، توفير فرص العمل، تحسين شروط العمل ، السياسة التعليمية ، حماية البيئة ، النقل العام ، الضمان الصحي ، التأمينات الاجتماعية ....

 

تعريف الحركة الاجتماعية (الكلية ) :

بأنها أشكال متنوعة من الاعتراض ، تستخدم أدوات جديدة يبتكرها المحتجون للتعبير عن الرفض أو لمقاومة الضغوط الواقعة عليهم ، وهي أشكال منتشرة لدى كافة الفئات الاجتماعية ، والواقعين تحت الضغوط الاجتماعية والسياسية ، وقد تنمو بأشكال هادئة أو هبات عفوية.

 ويمكن أن نطلق على هذه الحركة تعبير (أهل المطلبية الكلية ) والهادفة إلى : إسقاط النظام السياسي ، تطوير النظام السياسي ، إلغاء أو تعديل الدستور ، إسقاط الوزارة ، الاحتجاج على معاهدة خارجية ....

الحركة الاجتماعية شيئ والحركة الاحتجاجية شيء آخر

أولاً / في فعل الاحتجاج (الاعتراض) / واختلافه في الشكل والإدارة والأسلوب والمطلب.

ثانياً / في صاحب الاحتجاج / حيث تكون في الحركة الاجتماعية نقابة أو فئة اجتماعية محددة ، في حين أنها في الحركة الإحتجاجية قد تضم عدة قئات أو عدة تيارات فكرية، أوأكثر من قوة سياسية .

ثالثاً / في موضوع الاحتجاج / في الحركة الاجتماعية تكون مطالبها فئوية ضيقة (النظر تحت الأقدام فقط) في حين أنها في الحركة الاحتجاجية تستهدف الوصول إلى السلطة من خلال مطالبها السياسة (النظر إلى الأفق الوطني).

ظاهرة الاحتجاجات الشعبية العابرة لكافة الأنظمة السياسية ... ولكن؟

إن الاحتجاجات الشعبية ظاهرة عالمية وشاملة لكافة الأنظمة السياسية على اختلاف أنواعها (الديمقراطية ، غير الديمقراطية ، الهوامش الديمقراطية).

ولكن تأثيراتها تختلف من نظام سياسي لآخر ، ومن مرحلة لأخرى ، وهذا يعتمد على مدى تقبل وتفاعل النظام السياسي مع تلك الاحتجاجات.

في النظام الديمقراطي / إن الاحتجاجات الشعبية في هذا النظام الذي أكمل بناء دولته الوطنية الديمقراطية (دولة جميع القوى الوطنية) تدفع إلى المزيد من تحصين وحدته الوطنية ، وتماسكه الاجتماعي ، وتلفت انتباهه إلى النواقص والمظالم الاجتماعية والتهميش السياسي ، وبعبارة موجزة تدفع إلى تطوير نظامه السياسي ، حيث لا وجود لنظام سياسي ديمقراطي ناضج ونهائي ، بل هو يحتاج التعديل والتطوير المستمرين ، طالما أن هناك تدافع مستمر بين الفئات الاجتماعية المختلفة ، والتي هي سنة كونية حتمية.

في النظام غير الديمقراطي / إن المهمة المركزية الأساسية للاحتجاجات الشعبية في النظام الشمولي (التوليتاري) هي العمل على رفع تكلفة بقائه الأمنية والاقتصادية وتجفيف موارده المالية ، من خلال العمل المستمر على خلق وإيجاد المشاكل المتنوعة له بهدف إرباكه ، تمهيداً لإسقاطه ، وقد يستجيب هذا النوع من الأنظمة لجانب من المطالب الاجتماعية عن طريق تغييرات في بنية العلاقة بين النظام والمحتجين الغاضبين ، والذي يعمل على التحايل عليها من خلال استبدال قانون بقانون آخر، أو تأجيل إصداره ، وإيجاد المفارقة بين النص والواقع ، وبشكل عام الاهتمام بالديكوري منها دون الجوهري.

في الهوامش الديمقراطية / ففي البلدان التي لا تسمح أوضاعها الداخلية ونضالاتها الوطنية إلا بالإبقاء والتمتع ببعض الهوامش الفكرية والثقافية والسياسية ، والتي عادة ما تكون أنظمتها السياسية أقل إطباقاً وتغولاً على المجتمع وقواه ومؤسساته من البلدان ذات الأنظمة السياسية الشمولية المقصية للآخر الوطني ، وعادة ما تؤدي الاحتجاجات الشعبية هنا إلى تطوير نظامه السياسي النصف ديمقراطي أو (الواعد ديمقراطياً ) ولو بشكل بطيء ، ومن المعروف أنه كلما قام النظام السياسي لبلدان الهوامش الديمقراطية بإجراء الإصلاحات السياسية تحت الضغط الشعبي ، كلما ارتفع سقف المطالب الشعبية باستمرار (المغرب – الأردن...)

علماً أن أنظمة الهوامش تكون أكثر مرونة واستعداداً للانتقال الديمقراطي وهي الأكثر عناداً وصلابة لدى الأنظمة الشمولية والأبوية بشكل عام .

ضرورات الاحتجاجات الشعبية الكُتلية

من المعروف أن تدفق المحتجين الغاضبين للشارع في جميع المدن والبلدات والقرى وفي كل الأوقات ، ومن كافة الفئات الاجتماعية ، ولكلا الجنسين ، والرافعين للشعارات الوطنية الموحدة ، والمرددين للهتافات المدوية ، وعلى شكل كتل بشرية مليونية ، تثبت أن الشعب بمقوماته واتساع مجاله أقوى بكثير من أية سلطة مهما كانت تمتع بالقوة والسطوة .

وبهذا يمكننا أن نشير إلى ثلاث فوائد أساسية للتجمعات الكبرى للمحتجين وكُتليتها :

الأولى / كونها تدب الهلع في أوساط النظام الحاكم ، وخاصة ذراعة الأمنية والتي ترتعد فرائصها خوفاً حال رؤية التجمعات الشعبية الكبيرة ، وبالتالي الإحجام عن مجابهتها .

الثانية / أنها تشير إلى سقوط شرعية النظام السياسي الحاكم ، أمام الرأي العام الداخلي والخارجي .

الثالثة / شعور المحتجين بكُتلهم البشرية الكبيرة بالقوة وعدالة المطالب ، وهذا ما يثير فيهم الشعور الجمعي القوي ، ويدب فيهم الحماس.

أخيراً / يبقى قانون العدد البشري هو الحاكم في النهاية .

ضرورات الاحتجاجات الشعبية المنظمة

من البداهة القول أن الاحتجاجات الشعبية المتصفة بالعفوية ، كانت الصدمة المروعة للنظام السوري (تسونامي شعبي) ، وذلك نظراً لوجود عشرات الأجهزة الأمنية المتعددة والمتنوعة ، والتي كانت مكتفية بملاحقة ومتابعة المعارضة السياسية التقليدية والتنكيل بها رغم محدودية تأثيرها ، والعمل على تجريف الحياة السياسية لكافة القوى الوطنية وقتل الروح السياسية في المجتمع من خلال إيجاد مجتمع منزوع الثقافة الوطنية والسياسية ، وبعبارة موجزة تعقيم المجتمع من السياسة .

إلى أن جاء شباب الثورة الديمقراطية (الثوريون الجُدد) وفجروا انتفاضتهم الشعبية العظمى ، وتقدموا صفوف المعارضة السياسية في مواجهة سياسات النظام القمعي مستخدمين أدوات التغيير الجديدة ، وطرحوا إمكانية إسقاط النظام الحاكم ، وبناء نظام سياسي ديمقراطي جديد ، تمهيداً لبناء الدولة الوطنية ، وذلك باتباع أسلوب الاحتجاجات الشعبية السلمية – المدنية

وبناء على ما ورد أعلاه لا يمكن لأي تيار فكري أو فصيل سياسي أو طبقة اجتماعية معينة الادعاء أنه ديناميت الانتفاضة الشعبية ، فالشباب الديمقراطي هم قاطرة الثورة، ومن ورائهم كافة القوى الشعبية والتيارات الفكرية والفصائل السياسية المعارضة التي تدعمهم وتشاركهم ثورتهم .

ويمكننا أن نعزي سبب الاحتجاجات الشعبية إلى سببين أساسين :

الأول / اختلال التوازن في موازين القوى بين السلطة والمعارضة .

الثاني / توافر الشروط الموضوعية للثورة الوطنية (فشل وعود ما بعد الاستقلال على الأصعدة كافة)

صحيح أن الاحتجاجات الشعبية اتسمت بالعفوية ، وعدم وجود رأس تنظيمي لها ، وهذا مما حفظ استمرارها وديمومتها (حيث أن البلطة السلطوية كانت جاهزة لقطع هذا الرأس في الحال) ، ولكن كان عليها ان تحقق الحد الأدنى التنسيقي من خلال :

-  اللجان الشعبية

-  دفع المطالب الشعبية وتطويرها

-  تحديد نقاط انطلاق الاحتجاجات

-  تحديد نقاط التجمع الرئيسية للاحتجاجات

-  طرح الشعارات الموحدة

-  الاتفاق على ترديد الهتافات الوطنية الجامعة

والسؤال الموجه للثوار على الارض هو :

هل نضجت ثورتكم إلى الحد الذي يتيح لها واقعها الميداني تحقيق نقلة نوعية من الأشكال التنسيقية الحالية إلى الأشكال التنظيمية المستقبلية ؟

ضرورات الاحتجاجات الشعبية المستمرة

من المعروف أن النظام الدكتاتوري لا يقوم بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة إلا تحت الضغط الشعبي المكثف ، وهو الذي يحاول جاهداً الالتفاف عليها ، ويغتنم الفرص المناسبة للتراجع عنها بشتى الوسائل (خطوة للأمام خطوتان للخلف ) ومن هنا تتأتى ضرورة إبقاء النظام السوري تحت المطرقة الشعبية الناعمة وبشكل مستمر ، ورفع تكلفة بقائه أمنياً واقتصادياً ومالياً وإقليمياً ودولياً ، مع التأكيد على أن لكل احتجاج شعبي مردوده الإيجابي الحتمي ، واستحالة رجوع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السابقة لما كانت عليه قبل الانتفاضة الشعبية. خصوصاً أن أمام الثورة الوطنية المزيد من الهوامش الشعبية والجغرافية الكبيرة والواعدة للتوسع والانتشار عمودياً وأفقياً .

إن الاحتجاجات الشعبية هي وسيلة وليست غاية بحد ذاتها ، وهي الهادفة إلى إرباك النظام ودفع المشكلات إليه دفعاً ، سواءً للبرجوازية البيروقراطية السلطوية أم لبرجوازية القطاع الخاص الوسطى والطفيلية المتحالفة معها منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي (التحالف الأمني – التجاري )، مع استثناء برجوازية القطاع الخاص الوسطى التقليدية والتي تضررت مصالحها بشكل كبير ، واكتفت بالصمت حيال الممارسات الاقتصادية الخاطئة للنظام ، والتي من المؤمل أن تتحرك ضده مستفيدة من تفجر الانتفاضة الشعبية .

 والمشكلات هي :

-  مشكلات أمنية

-  مشكلات اقتصادية – مالية

-  مشكلات إقليمية وعالمية

-  مشكلات مع المنظمات الدولية والحقوقية

وبإلقاء نظرة على الأوضاع السورية الداخلية والإقليمية والدولية يمكن بجلاء ملاحظة أن النظام الحالي يعاني من عدة مشكلات متزامنة ومتنوعة وتتجلى في صور شتى .

ومن هنا كان لزاماً علينا التأكيد على أن أي توقف مؤقت للاحتجاجات الشعبية ستعود بالفائدة على النظام القائم وتركبه سفينة النجاة ، وتقلل من حجم مشكلاته المتلاحقة والمتنوعة ، وستؤدي إلى انقسام الشارع الاحتجاجي ، وتصيب الثورة الوطنية في مقتل .

مع العلم أن النظام الحالي يقوم بتقديم العروض تلو العروض للشارع الاحتجاجي ، معرباً فيها عن استعداده لإعطاء الشعب كل شيء ، والقيام بتنفيذ حزمة كاملة من المطالب الإصلاحية ، مقابل وقف الاحتجاجات الشعبية المستمرة للإبقاء على نظامه السياسي الحالي ، وهذا ما يدلل على فعالية الاحتجاجات الشعبية ونجاعتها في محاصرة النظام.

ضرورات الاحتجاجات الشعبية السلمية .

إن النظام الاستبدادي الشمولي – المستولي على السلطة والثروة بالقوة والغلبة ، والذي يستخدم القوة المعدنية (العسكرية – الأمنية) مقابل القوة الناعمة السلمية ، لا يعرف غير العنف والحلول الأمنية للتعامل مع الاحتجاجات الشعبية من خلال استخدام القوة المفرطة ، واتباع الأساليب النازية والفاشية في القتل والقمع الفردي والجماعي ، وحصار المدن والبلدات والقرى واجتياحها من خلال الغارات الأمنية واستخدام القوة العسكرية المدمرة ، وبهذا يكون النظام قد أقصى أية ممكنات سياسية تهدف لإخراج البلاد من حالة الانسداد السياسي الراهنة .

ولعل الصفة السلمية – المدنية للثورة الوطنية ، هي المفاجأة الكبرى للنظام الدموي ، من حيث استخدامها للقوة الناعمة الحضارية ، وأدوات التغيير الجديدة ، من حيث تحديد موعد وأجندة وأسلوب التغيير ، وبشكل تدريجي وتراكمي وهي :

-  الوقفات الاحتجاجية

-  المسيرات الصامتة

-  التظاهرات

-  الاضرابات الجزئية

-  الإضراب العام (العصيان المدني السلمي)

ونقول لأصحاب النزعة الاستعجالية في إحداث التغيير السياسي المنشود ، أن الثورة الشعبية قد تطول قليلاً وذلك بسبب سلميتها وانتشارها على مستوى الفئات الاجتماعية والمناطق الجغرافية من جهة ، واستهدافها إسقاط نظام شمولي مغلق والذي سينهار دفعة واحدة ، وتلك طبيعة من طبائع الأنظمة الشمولية من جهة أخرى .

وفي اعتقادنا أن اتباع النهج السلمي للاحتجاجات الشعبية ونبذ العنف وإدانته سبيلاً لإحداث التغيير السياسي مرده أسباب عدة :

السبب الأول / تجنيب العباد والبلاد مخاطر وويلات الانتقال الديمقراطي والفلتان الأمني ، خصوصاً في التعامل مع نظام سياسي مصفح أمنياً وعسكرياً من جهة ومجتمع متعدد الأعراق والأديان والمذاهب من جهة أخرى ، مع التأكيد أن هدف التغيير السياسي هو الانتقال وليس الانتقام .

السبب الثاني / رفض المواجهة العسكرية – المدنية ، بين أبناء الوطن الواحد ، وضرورة الابتعاد عن عسكرة الثورة ، واعتبارها من المحرمات الوطنية ، خاصة وأن ملايين المواطنين الواعين يهتفون..

 سلمية – سلمية

السبب الثالث / إقلاع الشارع الاحتجاجي عن العسكرة المذهبية بين الطوائف الدينية ، حيث أن جوهر المعركة الوطنية اليوم هو التناقض بين قوى الاستبداد السلطوية والقوى الوطنية الديمقراطية الطامحة للتغيير السياسي ، وتحقيق الهدف القطب ألا وهو : الحرية

السبب الرابع / إن خلاصة تجارب التاريخ السياسي للمائة عام الماضية ، وفي دول مختلفة من العالم ، تفيد أن جميع القوى التي سلكت العنف وحملت السلاح سبيلاً للقفز على السلطة ، أو حملت مشاريع أيديولوجية شمولية (دينية ، قومية ، يسارية) ، لم تُنتج أنظمة ديمقراطية ، ولم تجلب التقدم والازدهار لبلدانها ، ولم تمنح الحرية للفرقاء الآخرين في أوطانهم الذين شاركوهم ثورتهم ، بل أنفردوا بالسلطة وأقصوا الآخر الوطني ، وفرضوا أحاديتهم الفكرية والثقافية والسياسية ، وذلك في (روسيا البلشفية، الصين الماوية ، يوغسلافيا التيتوية ، كمبوديا البولبوتية ، كوبا الكاستروية ، كوريا الشمالية السونجية ، ألبانيا الأنورية ، هاييتي ، منغوليا ، زائير ، الجزائر ، العراق ، سورية ، مصر ، السودان ، ليبيا ، اليمن الجنوبي – سابقاً ....)

ويبدو أن هناك علاقة وثيقة بين طريقة تحقيق الاستقلال الوطني (الثورة المسلحة ، المفاوضات ... ) وطريقة القفز العسكري على السلطة من جهة ، والنظام السياسي الذي يعقبه من جهة أخرى .

السبب الخامس / إن الثورات السلمية – المدنية في كل من تونس ومصر مطلع هذا العام قد هزمت أفكار أهل العنف وممتشقي السلاح للقفز على السلطة ، وأسقطت أطروحاتهم ، وأثبتت أن العنف المسلح مجرد نتوء محدود ولا يحظى بالإجماع الشعبي في التعامل مع الأوضاع الداخلية الوطنية ، وأن اتباع النهج السلمي للتغيير هو الأنجع سبيلاً ، والأقل كلفة ، وهو الذي أثبت جدواه ، في الوقت الذي ترى السلطة القمعية أن من مصلحتها مواجهة تمرد عسكري ، كونها القادرة على مواجهته والانتصار عليه ، ولتثبت للغرب أن الانتفاضة الشعبية السليمة هي : انتفاضة مسلحة .

وأخيراً / إن بعض الممارسات الفردية – العنفية في أي وقت وفي أية منطقة ، لا تعني بأي حال من الأحوال التخلي عن النهج السلمي – المدني للانتفاضة الشعبية ، حيث أن الثورات لا تولد في الغرف المعقمة ، بل تولد وتترعرع في الشارع المتعدد والمتنوع والمفتوح لكافة المواطنين بغض النظر عن اتجاهاتهم الفكرية أو الثقافية أو السياسية، والمهم هم المسار والاتجاه العام السلمي للثورة .

إن الثائر السلمي أشد خطورة على السلطة الدموية من الثائر العنفي.

=======================

الليبيون يتكلمون العربية

د. فايز أبو شمالة

حتى أمس القريب، حسبت أن الليبيين لا يعرفون العربية، وأنهم نسخة مكررة من "معمر القذافي"، لقد انخدعت كباقي الناس بصورة الرئيس التي غطت فضائيات العالم، وصارت واجهة الشعب الليبي، ومصدر تشويه وجهه العربي.

منذ ثورة الشعب الليبي وأنا أتابع حديث مئات الليبيين عبر الفضائيات، واستمع إلى تفسيراتهم للأحداث، وتحليلاتهم السياسية، وآرائهم، وتتبعت لغتهم العربية، ودققت في مخارج الحروف من شفاههم، وانتبهت إلى طريقة الليبيين في التعبير عن الفكرة، فاكتشفت أنهم عرب قح، بل أن الليبيين هم جبين أمة العرب الوضاء، وأنهم حاضنة الثقافة العربية، وتوازنها الفكري، وهم رجاحة العقل، وسلاسة المنطق، وأدركت أن الليبيين يتميزون بثقتهم بأنفسهم، واحترامهم لتاريخهم، وتمسكهم بدينهم، وعروبتهم، وينتمون إلى الإنسانية، على العكس تماماً من الصورة التافهة التي حاول "معمر القذافي" أن يقدم فيها الإنسان الليبي.

مع انطلاق الثورة الليبية في شهر فبراير من هذا العام، أدركت كغيري: أن في ليبيا عرباً، ولهم لسانٌ عربي فصيح، إنهم يرفعون ما توجب الرفع، ويخفضون وفق القواعد العربية ما توجب خفضه، ويجرجرون ما توجب جره، إنهم عرب مسلمون، لا يتهتهون، ولا يتفتفون، ولا يتصرفون بغباء وجنون، فأين كانوا كل تلك السنين، وكيف نحج "معمر القذافي" في تشويه سيرتهم، أي خدعة سياسية وفكرية وإعلامية مكنت الحاكم العربي من السيطرة على بلاد العرب، أي قوى أجنبية خفية كمنت خلف نجاح هؤلاء في حكم المسلمين.

في هذه الأيام الفضيلة من تاريخ الشعوب العربية لا بد من استرجاع الحديث الذي أدلى فيه السيد حسين الشافعي، نائب الرئيس المصري جمال عبد الناصر، لفضائية الجزيرة، في برنامج شاهد على العصر؛ حين تساءل الرجل عن سر نجاح مجموعة من الضباط الليبيين حديثي المعرفة، وقليلي التجربة السياسية، كيف نجح هؤلاء الضباط الذين يترأسهم عقيد اسمه "معمر القذافي" في الثورة، وإنهاء وجود القاعدة الأمريكية "هويلس" على أرض ليبيا؟

حتى يعثر الباحثون والمؤرخون على الجواب، سأقول: إن أول نصر حققه الثوار الليبيون هو إنقاذ ليبيا من بحر الظلمات الذي أغرقها فيه القذافي.

=========================

الهدنة المحسوبة

عادل عبد الرحمن

عملية إيلات بنتائجها وانعكاساتها الامنية والسياسية، أعادت فتح بوابات دورة الدم المواربة على وسعها. وفي رد الفعل الاول للقياادة الاسرائيلية تم إتخاذ قرار الرد المباشر والفوري عليها. وكانت عملية إستهداف قيادة لجان المقاومة الشعبية في رفح نتيجة خطأ امني من قبل أمينها العام النيرب أراح اسرائيل نسبيا، وخفف من غلواء انصار التصعيد في القيادة الاسرائيلية. غير ان التصعيد من قبل الجماعات الجهادية وفصائل العمل الوطني الفلسطينية أعاد طرح مسألة التصعيد من قبل الحكومة الاسرائيلية. وفعلا تم تداول الموضوع في الكابنيت وفي اكثر من مستوى وصعيد، واتخذ قرار لشن عملية عسكرية محدودة ذات اهداف نوعية في القطاع. غير ان ردود الفعل المصرية على الجريمة الاسرائيلية، التي أدت الى استشهاد خمسة ضباط وجنود مصريين جعلت حكومة نتنياهو تفكر مليا قبل الاقدام على اي خطوة في اتجاه التصعيد العسكري ضد قطاع غزة.

الترجع الاسرائيلي عن العملية العسكرية، لم يكن رغبة إسرائيلية بالتهدئة. ولا لان حكومة اقصى اليمين الصهيوني "تراهن" على جدارة حركة حماس في ضبط الحدود، ومنع الجماعات المختلفة من الفلسطينيين من اطلاق صواريخها على القرى الحدودية او المدن القريبة كعسقلان وواسدود وبئر السبع. بل لان اسرائيل كانت تنتظر من الله اي عمل عنفي من قبل الفلسطينيين او اية جهة، لتعلق على شماعتها خلط الاوراق في الساحة الاسرائيلية، لوضع حد للاحتجاجات الاسرائيلية المتنامية، والتي لو اتيح لها مواصلة برنامجها الاجتماعي لاحدثت زلزالا سياسيا، ابرز ملامحه إسقاط حكومة اليمين الصهيوني المتطرف. كما انها ارادت (اسرائيل) الاتكاء على اي عمل عنفي فلسطيني غبي للتصعيد العسكري، وقطع الطريق على توجه القيادة الفلسطينية للامم المتحدة. كما كانت تريد ان توجه ضربة موجعة لقيادة حماس، التي لبعض أجنحتها ضلع بعملية إيلات.

لكن الرياح لم تأت كما تشتهي سفن الحرب الاسرائيلية، حيث اظهرت الاحتجاجات التي شهدتها الساحة المصرية، ومازالت تشهدها حتى الان على الجريمة الاسرائيلية، انها تحمل في طياتها ابعادا خطيرة تطال اتفاقية كامب ديفيد، والعلاقات المصرية - الاسرائيلية، التي اذا ما نجح الشارع المصري في فرضها على القيادة السياسية، فإن مستقبل المنطقة برمته سيتغير رأسا على عقب. ولو ان القيادة الاسرائيلية تجاهلت الواقع، واندفعت وراء غرورها وغطرستها بذهابها لعملية عسكرية، فإن التداعيات العربية عموما والمصرية خصوصا ستكون اسرع واقوى، وستضع القيادات المصرية في موقع لا تحسد عليه.

لذا بررت القيادة الاسرائيلية مبادرة حركة حماس باعلان الهدنة من طرف واحد. ووجدت في ذلك الاعلان مبررا لخروجها من نفق الاحراج. غير ان القيادة الاسرائيلية لم تستخلص العبرة من ردود الفعل الشعبية العربية في مصر، كون وزير حربها لم يعتذر عن الجريمة التي اودت بحياة خمسة من ضباط جنود المؤسسة الامنية المصرية. ليس هذا فحسب ، بل انه تبهى بانه لم يعتذر، وانما تأسف لما حدث. وهذا الموقف لن يكون في صالح اسرائيل، ودخول فلتمان على الخط التهدئة بين مصر واسرائيل، لن يسقط التداعيات الكبيرة في حال لم تقدم قيادة اسرائيل على الاعتذار ، وعلى التقدم الجدي باتجاه عملية السلام مع القيادة الفلسطينية.

ورغم ان الحكومة الاسرائيلية وافقت على عدم التصعيد العسكري على جبهة قطاع غزة، إلا ان القيادة الامنية الاسرائيلية لن تتوقف عن ارتكاب جرائمها المتوالية ضد المناضلين الوطنيين في قطاع غزة، اي انها ستستمر في عمليات القتل التدريجي واليومي وشه اليومي لعض العناوين القيادية من مختلف فصائل العمل الوطني والجماعات الجهادية، وبالتالي ما لم تأخذه اسرائيل بعملية عسكرية كبيرة نسبيا، ستأخذه بالتدرج، الامر الذي يكشف عن هشاشة الهدنة، ويفتح الافق على مصاريعه على عودة دورة العنف على جبهة اشرائيل - غزة. وقادم الايام كفيل بإظهار التكتيك الاسرائيلي الاجرامي.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ