ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 03/09/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

سنحتفل رغم أنوفكم بعيدنا !

نوال السباعي

لااله الا الله والأسد عدو الله

لاإله إلا الله ونظام الأغوال في سورية عدو الله

لاإله إلا الله وسنحتفل بالعيد رغم أنوفهم

سنحتفل بكرامتنا المستردة

سنحتفل بصوتنا الذي ارتفع

سنحتفل بأبنائنا الذين نفضوا عنا وعنهم الذل وخرجوا يتحدون مصاصي الدماء

سنحتفل بفضيحة هذا النظام الشبحي وسقوط القناع عن وجهه القبيح

سنحتفل بسورية التي خرجت من سراديب قهرها أسماء مدنها ونواحيها وقراها وشوارعها ومناطقها وساحاتها …لتزيح اسم "الوحشط من الدروب التي طالما غطاها بحقده ومداهنته

سنحتفل بآباء الشهداء الثابتين

سنحتفل بأمهات الشهداء المصابرات

سنحتفل بالمعتقلين الذي خطفتهم الوحوش البشرية رهائن للشمس …يريدون أن يمنعوا إشراقها

سنحتفل بآلاف الجرحى والمعذبين ، بآلامهم وأحزانهم …يصنعون لنا درب الحياة الحرة الكريمة

سنحتفل بدرعا التي علمتنا "الموت ولا المذلة"

سنحتفل بحمص التي لقتننا درسا راقيا في الحضارة والإنسانية والثبات والرجولة

سنحتفل بحماة التي استشهدت مرتين …وجاءت من الموت لتحيا ولتقول "يابشار وياكذاب …ارحل عنا ايها القذر وشبيحتك"

أهدتنا القاشوش فصار ابراهيم منا في القلب والروح

سنحتفل بدمشق التي كان كل ثائر فيها بألف رجل

وبدماء علي فرزات…ودماء الشيخ أسامةالرفاعي ..غسلت عار من تلبس بهم العار فيها

سنحتفل بحلب …بثوار حلب الأحرار الثابتين الذين خرجوا على الرغم من القهر والتضييق والنفاق والشقاق والالتحاق بالمصالح لحفظ الأرزاق التي لايفهم البعض أنها بيد الواحد الأحد الخلاق

سنحتفل بالعيد لأن سورية عادت لنا وطنا ، وقد كانت من قبل كابوسا ثقيلا يعاودنا في الليالي القارسة الغربة والقارصة النأي

سنحتفل بالعيد لان الشعب السوري أثبت نضوجا ونموا وارتفاعا وسموا وتعاليا على كل ماكان يفرقه ويمزق وحدة صفه ويزلزل وجوده

سنحتفل بالعيد لأن مصر بدأت مشوارها نحو الغد بخطى ثابتة

سنحتفل بالعيد لأن تونس وضعت يدها على مفاتيح المستقبل

سنحتفل بالعيد لان الجرذ الأكبر في ليبيا قد عاد إلى جحره ، وجاء نصر الله والفتح ، ليبدا الليبيون طريق العزة والكرامة والبناء

سنحتفل بالعيد لأن شعب اليمن مازال صامدا أبيا ثائرا مرابطا على ثغور الفجر حتى يأتيه الله بالفرج

سنحتفل بالعيد لأننا أمة واحدة من المحيط الى الخليج رغم أنف كل الذين استعمرونا ونهبوا خيراتنا واستبدوا بنا وحاولوا تركيعنا

سنحتفل بالعيد رغم انف اسرائيل المستوطنة ، التي بدأت بالعد التنازلي لأيامها في قلبنا النابض بالألم والأمل

سنحتفل بالعيد على الرغم من الجراح والآلام والدموع سنحتفل بالعيد على الرغم من العشرين ألف شهيد في ليبيا وعلى الرغم من الثلاثين ألف مفقودوعلى الرغم من الستة آلاف مغتصب ومغتصبة

سنحتفل بالعيد على الرغم من الثلاثة آلاف شهيد في سوريةوعلى الرغم من الخمسة عشر ألف معتقل والثلاثة آلاف نازح

سنحتفل بالعيد ياامتي رغم أنف القهر والليل والعنف والقوة الباطشة

سنحتفل بالعيد رغم أنف البلطجية والشبيحة وقطاع طريق الحريةسنحتفل بالعيد لأنك أنت الأمة الوحيدة التي لاتموت…وكلما بدا أنها انتهت..جاءت من الموت لتحياوتمشي على الجرح وتمشي ثم ثمشي وتقاتل

سنحتفل بالعيد لأننا بسلمية ثورتنا استطعنا أن نوصل صوتنا لعالم لايفهم إلا لغة القوة فسطرنا في سجل المجد أحرفا من نور ..ونار.

نور الثبات ونار التطهير العظيمة التي اندلعت تلتهم جسد البوعزيزي

سنحتفل بالعيد ياأمتي من أجل يوسف حفيدي الذي لاأغنية له إلا:الشعب يريد إسقاط النظام".

سنحتفل بالعيد من أجل ابنائنا يريدون أن يروا ضوء النهار.. من أجل أحفادنا يبحثون عن بصيص الأمل ،عن الأجيال القادمة تريد التحرر والخلاص من نير العبودية.

الله أكبر ياتونس …الله أكبر يامصر..الله أكبر أيها اليمن الذي سيكون سعيدا بإذن الله

الله أكبر ياليبيا.. هربت جرذانك بعد أن دمرتك ، وسيعيد أبنائك البناء.

الله أكبر ياسورية.. وأنت تواصلين الدرب على الرغم من الذبح والقهر.

الله أكبر يافلسطين …يامن علمتنا دروس الصبر والثبات وراء الحق الذي لا …ولن يموت مادام وراءه من يطالب به ولو بعد مائة عام.

الله أكبر ياسورية..الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا.

لاإله إلا الله وحده.. نصر جنده..وهم المنصورون رغم أنف الطغاة والقتلة..وإن جند الحق لهم الغالبون.. ومهما طالت أيام المعركة.

الله أكبر …الله أكبر..ولاإله إلا الله.. والأسد والقذافي وجندهم وشبيحتهم وأعوانهم هم أعداء الله.

الله أكبر.. جاء الحق زاحفا بأشعته الوضاءة على ربوع المنطقة المكلومة..وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا..

===================

المجلس الوطني: تعليق لا بد منه

مجاهد مأمون ديرانية

خصصت فقرة طويلة من مقالتي الأخيرة لمشكلة المعارضة التي لم تنجح إلى هذه اللحظة في الإعلان عن هيئة موحَّدة تمثلها، رغم أنها اقتربت من ذلك عبر الاجتماعات المتصلة التي تعقدها في تركيا منذ أكثر من أسبوعين للاتفاق على المجلس الوطني السوري وإعلان تشكيلته النهائية.

رغم أني خصصت لهذا الأمر فقرة طويلة من المقالة الأخيرة التي نشرتها قبل خمسة أيام فإن الحاجة ما تزال ملحّة للكتابة عنه مرة أخرى، لذلك كتبت هذه الكلمات التي أرجو أن تكون آخر ما أكتبه في هذا الشأن، ومن كان في ضيق من وقته فلم يحبّ قراءة المقالة كلها -على قِصَرها- فليقرأ خاتمتها على الأقل، حيث سجلت ثلاثة ضوابط رجوت أن تكون شرطاً للموافقة على أي مجلس، مع أملي في أن يتعاون كل من يقتنع بها على ترويجها، وأن تتعلق عليها أيةُ موافقة من معارضة الداخل وتنسيقيات الثورة على المجلس في تشكيلته النهائية.

* * *

(1) النقطة الأولى التي يجب أن أعيد التركيز عليها (رغم أنني أشبعتها بحثاً في المقالة السابقة) هي أهمية عنصر الزمن، فمَن يتابع الأحداث الجارية والمواقف الدولية المتسارعة (وآخرها موقفا إيران وروسيا) يدرك أن الإعلان عن مجلس وطني أو هيئة جامعة تمثل الثورةَ صار هو عنق الزجاجة في المسار كله، وهو الذي يؤخر العملية الدولية التي أُعِدّت ترتيباتها وحُبكت خيوطها باتجاه إسقاط النظام. معنى ذلك أن المعارضة في الخارج تتحمل وزر كل شهيد يسقط اليوم وغداً وبعد غد حتى تنتهي من حواراتها التي لا تنتهي للاتفاق على التشكيلة النهائية للمجلس الوطني.

لقد بدأتم -يا معارضي الخارج- باللقاءات والمؤتمرات منذ مئة يوم، ولم تفلحوا في انتخاب مجلس يمثلكم أو هيئة تنطق باسمكم إلى اليوم! أليس هذا عجيباً؟ هذا وأنتم تنزلون في ضيافة دول تحيط اجتماعاتكم بالحماية والرعاية، فكيف لو كانت اجتماعاتكم في الداخل وأجهزةُ الأمن السورية ترصد حركاتكم وتتعقبكم وتقود حملات القمع والتمشيط بحثاً عنكم؟ لعلكم كنتم ستنفقون مئة سنة للوصول إلى اتفاق! إن ما سمعناه منكم في آخر إعلان لكم عن استمرار المباحثات بينكم أسبوعين آخرَين أمرٌ غيرُ مقبول ولا يبدو أنه يقيم وزناً لتضحيات ومعاناة أهلكم في الداخل، فأرجو أن تحسموا أمركم وأن تعلنوا عن مجلسكم اليومَ قبل الغد، أو غداً قبل غداة الغد، فكل يوم جديد يمر عليكم ولمّا تعلنوا مجلسكم هو يومٌ جديد يمرّ على أهلكم في المحنة والمعاناة.

(2) نقطتي الثانية هي نداء أوجّهه إلى كل الأطراف التي ما زالت تغرّد خارج السرب: كفانا تضييعاً للوقت على حساب الثورة والشعب المصابر الذي تزداد محنته سوءاً في كل يوم. ليس هذا وقت حصد المناصب والمكاسب، فتوقفوا عن المبادرات التي لا يكاد المرء يرى فيها إلا الحرص على المصالح الشخصية. قبل أيام من الموعد المضروب لإعلان المجلس الوطني من إسطنبول سألني بعض الأصدقاء: ما رأيك في اللقاء الذي عُقد في “…” لتشكيل هيئة تمثل الثورة؟ فقلت مستغرباً: إني لم أسمع بهذه المبادرة أصلاً حتى يكون لي رأي فيها! ثم أدركت أنها سُلقت على عجل لقطع الطريق على غيرها! وبعد ذلك بيومين، وقبل يوم واحد من الموعد المضروب لإعلان المجلس الوطني، ظهر من العدم إعلانٌ عن تشكيل مجلس آخر، وبلغ من استعجال القوم الذين أخرجوا الإعلان عنه أنهم نشروه في صورةٍ هي أقربُ إلى المسوّدة، مذيَّلاً بأسماء بعض الجهات والأفراد في خليط غريب، بعضها مطبوع وبعضها أضيف بخط اليد على عجل، وبعضها بتوقيع وبعضها بلا توقيع، بل إن أحدها بتوقيع “عنه”، وكأنهم كانوا يسابقون الزمن لإخراج المشروع إلى النور قبل إعلان المجلس الوطني من تركيا. ثم رأيت لهم قبل يومين بياناً على ما بدا أنه ورقة رسمية من أوراقهم فإذا هم قد اعتمدوا “الجمهورية السورية” اسماً لسوريا المستقبل، هكذا وبكل بساطة، فعلمت أيّ تضحية قدّموها ليضمّوا إلى مبادرتهم العَجلى هذه الجهة أو تلك!

لقد صار مَن هَبّ ودَبّ من الناس يجتمع هنا أو هناك ويعلن عن ولادة مبادرة لتمثيل الثورة والشعب السوري، وكأن هذه الثورة لا أبَ لها وكأن الشعب السوري جماعة من الأيتام لا رأي لهم ولا قيمة! حتى لقد هممت بأن أجمع حولي خمسة أو ستة من “المعارضين” وأعلن عن مبادرة جديدة أكون أنا على رأسها، لولا أني تذكرت أني لا أحمل الجنسية السورية أصلاً ولم أولد في سوريا، كل ما عندي أن أبي وأمي من دمشق، ومن ثَمّ فلا أمل لي في منصب رفيع في أي مجلس وطني مؤقت أو وزارة سورية قادمة، لذلك أضربت عن فكرة قيادة مبادرة جديدة وتشكيل هيئة وطنية تدّعي النطق باسم الثورة ووفّرت على الشعب السوري المسكين مزيداً من الوقت الضائع!

إني أحس أحياناً وأنا أراقب المبادرات المتتالية لتمثيل الثورة السورية أن ثمار الحرية قد أينعت وحان وقت القِطاف فجاء كل واحد بسلّته يريد جمع الثمار من دون الآخرين! أما أنا فأنظر إلى شتلة الحرية فأراها ما تزال طريّة يرويها أهلنا بالتضحيات ويسقونها بالدماء الجاريات على أرض الشام، فلو لم تبلغ بي المروءة أن أشاركهم بالتضحية والبذل فلا أقل من كفّ الأذى والمتاجرة بالدماء والشهداء!

(3) وجدت أن كثيراً من المشاركين في المبادرات السابقة واللاحقة ما يزالون يتخوّفون من الإسلاميين ومن الإخوان خاصة، وأسفت إذ رأيتهم بدؤوا من الآن بمنهج الإقصاء الذي طالما عانينا منه تحت حكم الحزب الواحد خلال خمسين عاماً، فكيف تسمحون لأنفسكم بأن تصنعوا اليومَ ما كنتم تعيبونه على خصمكم بالأمس؟ إن هذا لشيء عجيب! ولماذا هذا الخوف من الإخوان أو من الإسلام؟ أليس ما يريده الجميع في سوريا الغد هو نظام مدني يعتمد على التداول السلمي للسلطة على أساس قواعد الديمقراطية السياسية؟ فممَّ الخوفُ إذن؟ ثم ما هي هوية الثورة والشعب؟ أليس من حق الشعب المسلم الذي هتف في ثورته لله أن تُحترَم رغبته ومشاعره وأن يمثّله في المجلس الوطني مَن هو منه ومن يحمل هويته ويختطّ خطته؟

* * *

وهذه كلمة أخيرة أوجهها إلى تنسيقيات الثورة ممثَّلة في هيئتها العامة: أنتم تمثلون الآن الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه، ولن تنجح أي مبادرة لتشكيل جهة تمثل الثورة في الخارج إلا بموافقتكم ومباركتكم، فلا تتنازلوا عن روح الثورة ولا تساوموا على هوية الأمة، وأرجو أن تصرّوا بشكل خاص على ثلاثة ضوابط، فلا تقبلوا بالمشاركة في المجلس ولا توافقوا على تمثيله للثورة إلا بتحقيقها. وهي هذه:

(1) أن يتضمن الإعلان التأسيسي للمجلس نصاً صريحاً يمنع أي عضو من أعضائه من المشاركة في الانتخابات النيابية في سوريا خلال الدورة الأولى بعد التحرير، أي لمدة أربع سنوات على الأقل، وخلال هذه المدة يُمنع أي عضو من تقلد أي منصب حكومي تنفيذي (رئاسة أو وزارة فما دونها).

(2) أن يتضمن الإعلان التأسيسي للمجلس نصاً صريحاً يحدد صلاحياته بقيادة عملية نقل السلطة نقلاً سلمياً ويحدد مدته بزمن أقصى لا يتجاوز مئة وثمانين يوماً.

(3) أن يتضمن الإعلان التأسيسي للمجلس نصاً صريحاً يقيّد صلاحياته بإصدار قوانين وتشريعات مؤقتة لعلاج متطلبات المرحلة الانتقالية، ويمنعه بشكل خاص من التوقيع على أي اتفاقيات دائمة، سواء أكانت اقتصادية أو سياسية، لأن هذه الصلاحيات لا يملكها إلا الشعب أو من ينوب عنه من ممثليه الذين سيختارهم في الانتخابات الحرة النزيهة التي يجب أن يرعاها المجلس كجزء من عملية نقل السلطة.

===================

المجال العام في سوريا : من حال الإذعان إلى مقام الحرية

* محمد حيان السمان

ارتبطت – الساحة- في سوريا , طوال نصف قرن تقريباً, ببلاغة النظام الحاكم, وتمثيلاته المختلفة : صور وتماثيل ولافتات و هتافات حشود تتجمع وتنفضّ على إيقاع رقابة صارمة وتنظيم محسوب ومدروس وتحت السيطرة الكاملة لصاحب الأمر والنهي. لم تكن – الساحة –, بهذا الشكل, ميداناً للتواصل الاجتماعي والتعبير الحر المتنوع, بل على العكس تماماً كانت شكلاً من أشكال التعبير عن الإذعان الجماعي لمشيئة النظام وأجهزته المختلفة. وعوضاً عن أن تكون الساحة فضاءً خارج السلطة, مسرحَ تعبيرات متنوعة ورهانات مختلفة, غدت إحدى البؤر القوية لتعبيرات التسلط واحتكار المجال والدولة والمجتمع, من قبل النظام وأذرعه الأمنية والإعلامية والإيديولوجية.

أكثر من ذلك يمكن القول: إن بلاغة تتفق مع بلاغة النظام تماماً وتدعم مصالحه وتوجهاته الداخلية والخارجية, لا يُسمح لها أيضاً بالتشكل حرة ومفاجئة وكمبادرة خاصة وسط الساحة, بل ينبغي أن تمر عبر التدقيق والتفحص وموافقة الأجهزة وإشرافها الكامل.

نجد إحدى التعبيرات المؤسسة لسيطرة الدولة العربية على المجال العام واحتكار بلاغته, في واقعة بناء بغداد والتشكيل الطوبغرافي لعاصمة العباسيين, حيث راعى التخطيط الذي اختاره المنصور وساهم في الإشراف على تنفيذه بشكل مباشر, تأمينَ القدرة على ضبط الساحة المركزية للمدينة, وذلك بواسطة تفريغها تماماً مما يحيط بقصره الذي يحتل مركزها, وبناء سور أعلى من سور المدينة الخارجي, يحيط بالرحبة الرئيسية ويعزلها عن الطاقات – الأحياء - والسكك, فلا يمكن الوصول إليها إلا عبر أبواب حديدية مضبوطة بالستر والحجّاب, كما يقول البغدادي. لقد تم تطوير هذا المنحى بالتأكيد, من قبل النظم العربية التسلطية الحديثة التي لم تكتف بتفريغ المجال العام, أو وضعه تحت السيطرة الأمنية فحسب, وإنما استثمرته لإنتاج وتوزيع تمثلات التسلط والإكراه, وجعلته بمثابة ساحة اختبار متجدد تقيس من خلاله – بين وقت وآخر - درجة الإذعان والخضوع في الجسد الاجتماعي العام.

خلال الانتفاضة السورية الأخيرة, شهدنا, ولأول مرة منذ نصف قرن, حالة جديدة في سوريا, غير معهودة على الإطلاق, تتمثل في نجاح المجتمع والمواطنين في تحرير المجال العام من احتكار النظام, تمهيداً لتشكيل بلاغة جديدة داخله ترفض الاستبداد والفساد, وتعبر عن مطالب الحراك السلمي من أجل الديمقراطية والدولة المدنية.

كان ثمة عطش حقيقي لدى المواطن السوري لأن يقف في الساحة ويعبر بحرية ووضوح عن مطالبه وتطلعاته, عن آلامه وآماله المزمنة المديدة, متطهراً من الخوف والإذعان, مستبطناً بذات الوقت مشاهد ميدان التحرير في القاهرة, مدركاً بشكل متزايد أهمية السلطة التي يوفرها امتلاك المجال العام وتنظيمه واتخاذه منصة إطلاق لتعبيراته السلمية المطالبة بالحرية والكرامة.

في البداية تم تفريغ الساحات من عناصر البلاغة القديمة, بلاغة القسر والإرغام, لتحل مكانها بلاغة جديدة تنقضها وتندد بها. في هذا السياق جاءت عمليات تكسير تماثيل الرئيس السوري السابق, ونزع صوره وصور ابنه, وإزالة كل اللافتات التي تتعلق بالنظام وبلاغته. تلا ذلك مباشرة القيام بإعدادات معينة وتجهيزات سريعة, جعلها الناشطون بمثابة العفش الجديد لمنزل الحرية المستعادة عبر تحرير المجال العام : فرش الساحة بالسجاد والحصر, إعداد منصات, إقامة خيم, تركيب أضواء كاشفة..الخ, مما يعكس النية بتحويل المجال العام في سوريا نهائياً إلى مساحة تعبير احتجاجي سلمي ضد النظام.

* * *

أدرك النظام أبعاد المسعى الذي يحاوله الثوار, وشعر بأن حركة قضم سريعة للمجال العام يقوم بها شباب الثورة الذين أرادوا استعادة الدور العظيم للساحة كملاذ للشعب في مواجهة الطغيان والفساد. اتخذ رد النظام على كل ذلك مظهرين: الأول تمثل في إعادة تشغيل البلاغة القديمة للمجال العام من خلال تنظيم تجمعات كبيرة موالية, مع إطلاق شعارات التأييد والتأليه, واستخدام رموز وطنية – سورية يمكن استثمارها لدعم البلاغة المتهاوية (النشيد الوطني وعلم سوريا..), وذلك بهدف تأكيد سلطة النظام على المجال العام. المظهر الثاني لرد النظام تمثل في الاستخدام الوحشي للقوة من أجل فض الاعتصامات, وتفريغ الساحات من الحشود المنتفضة, وإخراس البلاغة الجديدة للثورة. وقد اتخذت العمليات الأمنية في معظم المناطق شكل الحصار وتقطيع أوصال التجمعات السكانية, والترويع والاعتقال, بهدف منع تزويد ساحات الاعتصام الرئيسية هذه بطاقتها البشرية وحراكها الشعبي.

إن الادعاء المكشوف بوجود عصابات إرهابية مسلحة, لم يكن سوى ذريعة أراد النظام من خلالها تبرير أعمال العنف والتنكيل والقتل الفظيعة التي ارتكبها بحق شاغلي المجال العام ومستثمريه الجدد. ومن السهل ملاحظة توزع العمليات العسكرية, وارتفاع منسوب العنف والقتل فيها, من خلال توزع نجاحات الثورة في تحرير مجالات عامة و تحويلها إلى فضاءات للتعبير الحر عن رفض الاستبداد وقهر الشعوب.

للوهلة الأولى يبدو أن النظام نجح في استعادة المجال العام, في أكثر نماذجه سطوعاً : ساحة العاصي, ساحة الحرية – دير الزور - ساحة الصليبة – اللاذقية - ومن قبل ساحة الكرامة – درعا – وساحة التحرير – بانياس - وساحة الحرية – حمص -. يُضاف إلى ذلك نجاحه في منع الوصول إلى ساحات العاصمة الرئيسية خلال الغليان الشعبي الذي تلا مداهمة الأمن لجامع الرفاعي. لكن السؤال الحاسم هنا : إلى أي درجة سينجح النظام في إعادة تشكيل بلاغته التسلطية القسرية المعهودة داخل المجال العام المستعاد.. وهل سيكون قادراً حقاً على إعادة إنتاج السلطة داخل – الساحة -؟. يجب أن نتذكر أن العنف يستطيع تقويض السلطة, لكنه يعجز عن إنشائها, كما تذهب - حنا أرندت -. لقد أنشأ شباب الثورة سلطتهم في الساحة بمحض وسائل سلمية وحضارية , وعلى أسس شرعية ودستورية ومطالب محقة عادلة. بينما كانت وسائل النظام على النقيض تماماً : العنف العاري واستخدام أقسى أشكال التصفية الجسدية, والتنكيل بالمدنيين. لقد أفرغ العنف الساحة من كل سلطة, سوى سلطة الرعب والدم, وهي سلطة لا يمكن استثمارها أبداً من أجل المستقبل, بخاصة بعد أن جرب شباب الثورة معنى امتلاك المجال العام, ومعنى الحرية فيه.

* كاتب وباحث من سوريا مقيم في الرياض .

=================

سورية: حماس الشباب تلهب الساحات وتسقط مغامرات النظام، وتربك الإيرانيين...!!!

د.خالد ممدوح العزي*

يكتب ميكافيلي في كتابه الأمير الأحمر "بان ثمة دافعان رئيسيان لحركات الناس الثورية ،أما الحب أو الخوف لكن إذا كان الحكام الدكتاتوريين يزعمون على الدوام بأنهم محبوبون ويحاولون إظهار أنفسهم بصورة الأب الذي يخشاه أبناؤه، إلا إن لا يخدعون بهذا إلا أنفسهم، لأنهم في النهاية هم ليس محبوبين ولا يخشاهم الشعب،وهذه الحقيقة سيكتشفها قريبا من تبقى من حكام دكتاتوريين في المنطقة طال الزمن أم قصر. فان دعم الديمقراطية من الخارج لن يكون عملا مؤثرا ان لن يعرب الشعب عن استعداده للنضال يدا بيد غير عابئ بالإخطار والتكاليف الشعبية للإطاحة بحكامهم الدكتاتوريين

جمعة جديدة بوجه النظام:

من جديد جمعة من الدم تخرج في أخر جمعة من شهر رمضان التي تحتف فيها إيران بيوم القدس العالمي "لقد غاب الشعب السوري عن الاحتفال فيها وكانت مظاهراته ضد حليفها السوري ، الذي أراد النظام بهذا الشهر وهذه الجمعة الانتصار على الشعب وإبادة الثورة الشعبية وسحقها ، من خلال القمع العسكري والأمني الوحشي الذي أجاز به رئيس عصابات النظام السوري بالقتل والفتك، لكن حماسة شباب الساحات السورية أفشلت كل مخططات وتهور الرئيس السوري من الاستمرار بالخير العسكري والأمني، وافشل تأجيج الصراع الطائفي الذي يستعمله النظام لتخويف الأقليات المذهبية الذي يحتمي بها نظام الأسد، متذرعا مرارا بأنه يحميها،فكان الشعب السوري حريصا جدا على أفلام النظام وتعطيه مع الحراك السوري ،فالحراك هو الذي هز قوة وقدرة نظام الأسد،لذلك أجرم النظام بحق شعبه والتعاطي مع ثورته ومطالبه المحقة، 6 شهور يخوض النظام السوري حربا فعلية ضد شعبه المحتج والمنتفض بوجه،6 شهور لم يستطيع إقناع العالم بوجهة نظره الذي يصر عليها بأنه يحارب مجموعات إرهابية.

جمعة الصبر والثبات:

فالشعب السوري الذي يرد على كل وعود بشار الأسد بمزيد من التصعيد الشعبي ،بخروج الشعب السوري يوميا ليلا نهارا إلى الشوارع بالرغم من كل الهمجية التي يتعامل بها النظام السوري مع شعبه الأعزل،فالرد جاء من تنسيقيات الثورة التي أخرجت مظاهرات كبيرة ومنظمة بجمعة "الصبر والثبات" بتاريخ 25 أب أغسطس 2011،لتقول للعالم كله وللنظام والجيش والحزب بأننا صامدون وثابتون مكننا ولن نتوقف قبل مغادرة الأسد وعصاباته،والملفت للنظر بان كل الشعارات واللفتات التي رفعت في هذه الجمعة تطالب برحيل الأسد وإعدامه والمطالبة بحماية ولية لان الشعب السوري عرضة للخطر اليومي من قبل هذه العصابات التي تخوض معركة بين قوة عسكرية منظمة ضد ضمير شعب بكامله يطالب بالتغير الاجتماعي والإنساني لان صبرهم نفذ من سيطرت نظام الأسد .

الاحتجاجات مستمرة بعد رمضان:

فإذا كانت جمعة "الصبر والثبات" كانت الأخيرة في شهر رمضان المبارك ولكنها لن تكون الأخيرة في عمر الثورة السورية المستمرة بهذا الزخم، وهذه القوة الفوق العادة، ولعل ابرز الأحداث التي ساعدت بتصعيد "جمعة الصبر والتبات"، هي:

1- مقابلة الأسد المتلفزة مع التلفزيون السوري بتاريخ 18 أب "أغسطس" 2011،مقابلة ديمغوجية كعادة بشار الأسد الذي يكثر من الكلام والمواعظ والنصائح، والذي يراوغ بشكل مروع ،والتي لم يفهم منها سوى رسالته للغرب التي تنص على:ضرورة الغرب بقبول النظام السوري كما هو ويجب ،ويجب ان تقنعوا أنفسكم بان الأسد ونظامه يقومان بإصلاحات جدية،وإلا الفوضى التي سوف تعم بسورية ودول المنطقة،والتي تأكد الشعب السوري بان نظام الأسد كاذب ومراوغ والتعامل معه فقط من خلال إسقاط الشرعية الشعبية والدولية .

2- سقوط نظام ألقذافي وفراره نظامه أمام الثوار الذي اتهمهم بأنهم "فأران وجرذان" وتهاوت إمبراطورية الإرهاب الذي صنعها العقيد طوال 42 عام ،مما ساعد "الجرذان" أن يناصروا "الجراثيم" الذي وصفهم بشار الأسد من مواصلة الضغط ضد الطاغية بعد سقوط حليفه وصديقه بالإرهاب والإجرام.

3- الضغط الدولي الشديد التي تمارسه دول العالم الغربي على نظام بشار الأسد وتفرض عليه وعلى أركان نظامه عقوبات اقتصادية قد تدخل فيها العقوبات على قطاع النفط الذي يستفيد منه النظام وعصاباته وحدهم.

 4-الموقف الأمريكي المتشدد مع النظام السوري الذي طالبه بالتنحي بعد غزله لعدة شهور مما اطر بالنهاية أن يبق الحصة ويطالب الرئيس بالتنحي لأنه أضحى عقبة بوجه التطور الديمقراطي.

5-الشوارع العربية المؤيدة للثورة السورية والمتضامنة معها ومطالبتها للنظام السوري بالتنحي مما اجبر الحكومات العربية وقياداتها على رفع الصوت عاليا بوجه النظام السوري وسحب بعض السفراء من مشق بالرغم من خوف الكثير من اليد الإيرانية لهذه الدول.

طبعا هذه المظاهرات الكبيرة التي شاهدتها ساحات سورية ومدنها ونوحية لتقول بان الشعب السوري كله فقد الأمل بكل أقوال بشار الأسد والذي عبر عنها في المقابلة الأخيرة والذي لم يطرح للرأي العام أي شيء جديد يبشر الشعب بنافذة أمل،لقد قرر الشعب السوري في جمعته هذه بالصبر والتبات من خلال الاستمرار بالموجهة ضد النظام وسلاحه القمعي.

تأجج الشارع السوري من جديد:

فالشعارات التي رفعت في كافة المدن السورية التي تقول بان الرئيس السوري فقد نهائيا الشرعية الشعبية والأخلاقية والأدبية من خلال تحميله كل المسؤولية التي تعصف في البلاد "القتل ،البطش، الخطف ،الاحتلال للمدن،الاعتقال،تأجيج لهيب الطائفية ،التعدي على حرمة المنازل وحرمة المساجد"اقتحام مسجد كفرسوة في دمشق وضرب المصلين وضرب الشيخ أسامة عبد الكريم الرفاعي بتاريخ 26اب "أغسطس 2011"" لكون الأسد هو الرئيس للدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تقتل الشعب بقرار رسمي من جانب الرئيس بشار.

كلمة الأسد الأخيرة صنعت الزلزال السوري التي ساعدت الكثير من المواطنين السوريين من حسم موقفهم لجانب الثورة والانضمام إلى شارع الاحتجاجات، مما بدأنا نشاهد مدن وقرى وأشخاص جدد ينظمون للحراك الشعبي .

فالأسد أسير فعلي بعيون الشعب السوري،ولا يستطيع تقديم سوى استهلاك الكلام ،لكونه وعد بالكثير ولم ينفذ منها شيء سوى بعض الجمل الناقصة "سوف نقوم ،سوف نعمل،بدأنا،سنحقق ،نقوم بعمل ما،لكن أغنيته الشهيرة والمستمرة بان سورية تتعرض لمؤامرة خارجية تحاك ضدها بسبب موقفها ودعمها للمقاومة التي هي بعيدة كل البعد عن أي مقاومة والجولان لا يزال محتل منذ 40 سنة،والأسد يهدد بالرد المناسب والمكان المناسب.

فمشكلة الأسد الأساسية تكمن بأنه يراوغ دائما دون الوقت المناسب والظروف المناسبة، يتذكى كثيرا،ولم يحاول التعلم من الدروس السابقة التي عصفت بأربع رؤساء عرب كانوا زملاء للأسد من مدة قصيرة ذهبوا نتيجة أخطاءهم بحق شعوبهم،"رئيس في قفص الاتهام ،وأخر يحاكم غيبيا ،وأخر موجود في جحور الفأران ،وأخر يحكم بالصوت من الخارج.

المواقف الخارجية المؤترة في الحياة السوري:

فالمواقف الدولية المؤثرة في سورية وثورتها ونظامها تنقسم إلى ثلاثة اقسام:

1-الطرف الأول والذي يتمثل بالموقف الأمريكي والأوروبي،الذي يعمل جادا على تنحي بشار الأسد من السلطة السورية والانتقال بسورية نحو حياة جديدة ديمقراطية مستقرة،وتعمل هذه الدول على استحداث قرار أممي يدين سورية في مجلس الأمن وتحميلها مسؤولية دولية لجرائمها ضد السكان المدنيين ،وتقوم بفرض عقوبات اقتصادية كبيرة على أجزاء النظام وكياناته الاقتصادية ابتدأ من رأس الدولة حتى الضباط المتهمين بممارسة أعمال مريعة ضد السكان المدنيين والتي كانت أخرها العقوبات الجديدة التي أقرت بتاريخ 26 أب على ماهر الأسد وفاروق الشرع وراجحة وزير الدفاع،وربما سيكون قطاع النفط هو القادم لعقوبات جديدة،ولأوروبا سلطة اقتصادية كبيرة على سورية عكس ما صور هذه العلاقة بالعابرة وزير الخارجية السوري وليد المعلم في تصريحه الشهير بتاريخ 22 حزيران"يونيو:2011 الذي شطب فيها أوروبا عن الخارطة السياسية ،ونسى وجود أوروبا،طبعا لم تبتعد الولايات المتحدة الأمريكية عن هذه العقوبات بل تعدت إلى مطالبة الأسد إلى التنحي،

 2-الموقف الثاني الموقف العربي والتركي:

فإذا كان الموقف العربي تمثل في الأسبوع الماضي في كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز،ورفع الصوت عاليا بوجه الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد بحق الشعب الأعزل،ورفض سمك الدماء العربية مهما كلف الأمر،مما شجع كثي من الدول العربية برفع صوتها وسحب سفراءها نتيجة ضغوط الشوارع العربية ،لكن اليوم الموقف العربي الخائف من تدخل إيران في عمل استفزازي لهذه الدول نتيجة ضغطها المستمر على نظام الأسد ،خرج موقفين مميزين هذا الأسبوع :

- الأول تمثل بزيارة أمير مشيخة قطر السريعة إلى إيران بتاريخ 24 أب "أغسطس"، وعرض الملف السوري مع الرئيس الإيراني نجاد وعلى كما يبدوا كانت رسالة عربية غربية إلى إيران تنص على عدم التدخل في حماية الملف السوري وتوريط نفسها في مستنقع جديد يحمل في طياته عداء شعبي سوري وعربي وإسلامي للثورة الإيرانية نتيجة احتضانها للنظام السوري المحتضر ،ويمكن التفاهم على امتيازات بديلة لإيران في العراق،وبحال إيران لن تحاول تفهم الحالة الجيو-سية الجديدة فان دول الخليج سوف يكون لها موقف مختلف وأيام الماضية انتهت عندما كانت إيران تجول وتصول في دول الخليج العربي والدول الأخرى.

-الثاني تمثل بعقد جلسة لوزراء الخارجية العرب في القاهرة بتاريخ 27 أب "أغسطس"والذي كان موضوعها سورية والذي اختلفت فيها الدول العربية بنوعية الإدانة التي يمكن أن تواجه بها النظام السوري، فالوزراء العرب في اجتماعهم في القاهرة اجمعوا جميعهم على احترام الشعب السوري في الحياة الكريمة والآمنة ،وتطلعاته المشروعة نحو الإصلاحات السياسية والاجتماعية وبالنهاية تم تكليف الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بتاريخ 28اب"اغسطس"بالتوجه إلى سورية لتبليغ النظام السوري بمبادرة تحاول الجامعة العربية تسويقها،ضمن لجنة عربية سوف تساعد الأمين العام،والعربي هو نفسه الذي خرج من رحم الثورة المصرية التي فرضته في هذا الموقع العربي ،ماذا يمكن أن تتضمن هذه المبادرة ،وما هي الحلول التي يمكن تقوم بها جامعة الدول العربية بظل مطالبة شعبية سورية بالحماية الدولة من ظلم وجور النظام السوري وهذا ما عبرت عنه اللجنة الدولية المختصة بمتابعة القضايا الإنسانية التي لم تمكن هذه اللجنة الأممية سوف رفع تقريرها لمجلس الأمن الدولي بان الشعب السوري يتعرض لأكبر عمليات إجرام من قبل عصابات النظام وأزلامه المرتزقة.

- الموقف التركي لايزال متردد من الحزم مع النظام السوري بالرغم من أن تركيا طفح كيلها من وعود الأسد الكاذبة والمتكررة بالإصلاح،وإيقاف القتل،لكن لا حياة لمن تنادي والمهلة التي أعطاها أوردغان للأسد ونظامه انتهت كما هتف المتظاهرون ورفعوها في لفتاتهم والتي تطالب أوردغان بأخذ الموقف المناسب ،لكي لا يفقد مصداقيته في العالم العربي والإسلامي،لكن تركيا بالرغم من الخوف التي تحاول أن تبتعد عنه والذي يمكن للنظام السوري استغلاله بمساعدة الأنظمة الحليفة له،تركيا تخاف من مشكلة عسكرية مع حزب العمل الكردستاني ،ومخربي تنظيم القاعدة ،التي يمكن للنظام السوري باستخدامهم بسرعة مريحة،إضافة إلى محاولة تفادي مواجهة مباشرة مع الدولة الإيرانية حامية النظام السورية وراعية أعماله،لكن الموقف التركي غاضب ويحاول تنسيق موقفه مع الدول العربية والدول الغربية التي تؤمن له حركة ضغط مريحة على النظام السوري،وهذا ما نره من خلال تصريح القادة الترك الغاضبة من بشار الأسد،وهذا ما عبر عنه كل من :

-تصريح رئيس وزراء تركيا الطيب رجب أوردغان الأسبوع الماضي والذي يقول"بان الظلم لا يمكن أن يستمر، واذا استمر الظلم سوف يغرق صاحبه بالدم"

-تصريح وزير الخارجية التركي عبد الله أغلو بتاريخ 25 آب "أغسطس"والذي يقول"إذا كان على تركيا أن تختر بين الشعب السوري والنظام ،فان تركيا سوف تختر الشعب".

- تصريح عبد الله غول الرئيس التركي بتاريخ 28 أب "أغسطس"،و الذي يقول بأنه فقد الثقة بالنظام السوري.

كل هذه التصريحات تعبر عن ملل وتركيا من تصرفات نظام الأسد ووعوده الكاذبة،

فالشعب السوري يحث تركيا على الالتزام بموقف جدي ضد النظام السوري،وخاصة بان المظاهرات الشعبية تنذر الموقف التركي بان مهلة اوردوغان للنظام انتهت.

 

- الموقف الثالث تمثل بالموقف الروسي والإيراني "أعوان النظام في لبنان والعراق":

الموقفالروسي:

فإذا كانت روسيا منذ البداية تداعم للنظام السوري وتمد بالأسلحة والعتاد والأجهزة الالكترونية،لكن الموقف الروسي ملتبس وغير واضح وهو مرتبك ويفقد أصدقاءها الحقيقيين في الشرق الأوسط لأنه يدعم الدكتاتوريات ويراهن عليها بوجه الصديق الحقيقي ،فالروس يشكون بالثورات ومنفذيها من خلال معلومات خطاءة من الأنظمة المستبدة ومن استخباراتها التي تفقد الملومة الحقيقية،فالروس لا توجد لديهم مبادرة أو عرض جدي للمشكلة من خلال مندوبهم الرسمي ،بالرغم من الاعتراض الروسي على الإدانة وعدم استصدار قرار دولي يبقى الروس بعدين جدا عن المشكلة السورية بالرغم من وعودهم المستمرة بإرسال بعثة روسية رسمية إلى سورية لدارسة الحالة لكنهم ،عاجزون عن ذلك ،وهم اليوم يحاولون إيجاد مخرج للنظام السوري بمشاركة إيرانية كما صرح بها السفير الإيراني في موسكو لكن النظام السوري افشل العرض،لكن روسيا سوف تفقد سورية فجاء كما فقدت صديقها أبو منيار ألقذافي.

الموقف الإيراني:

يعتبر الموقف الإيراني هو الأهم اليوم من بين كل المواقف الدولية ،لكون إيران ترعى النظام السوري وتقود القتال فيه،فإيران التي تحمي النظام السوري وتمده بالأسلحة والعتاد والخبراء والمقاتلين والمال ،من اجل حماية حليف لها تشكل معه قوة الممانعة والمقاومة مع العديد من القوى التي تدعمها إيران . فإيران الثورة التي نعتبر ثورتها ثورة ضد المظلومية التي تعاني منها الشعب والتي تحررها من الظلم والقهر ،لا تستطيع الاستمرار بالدفاع عن النظام السوري يبدوا انه بداء يميل نحو الانهيار ،وهي التي ناصرت ثورات الشعوب العربية كلها ضد حكامها ،وبالتالي إيران تدخل في حماية الطائفية والمذهبية بدل الممانعة والمقاومة وبالتالي سوف تخسر الشعب السوري والعربي والإسلامي كله ،إيران دولة براغماتية تهمها مصالحها الخاصة ،وليس مجمعة أشخاص ذاهبين إلى مذبلة التاريخ ،فأضحت تفهم جيدا بان مصلحتها ليس مع النظام السوري وان مع الشعب السوري الباقي،بالرغم من التصاريح النارية الذي يطلقها قيادات النظام الإيراني بأنه لا يسمح بالتدخل بالشؤون السورية الداخلية ،وسورية يمكنها إن تعالج أمورها بنفسها ،وسف تمطر إسرائيل بوابل من الصواريخ بحال تم الاعتداء على سورية من الناتو،إلى ما يشبه ذلك،لكن الحقيقية تكمن في أن الساسة الإيرانيون يفكرون بجدية بالأوضاع والتغيرات الجديدة فوضع إيران ليس بأفضل حال لخوض معركة ضد العالم من اجل أخطاء النظام السوري،سقوط حليف لإيران في ليبيا ضعف المعارضة البحرانية وضع اليمن الجديد ،أزمة حزب الله في لبنان،وفقدان حركة حماس وخروجها من يد الثور، وحالة سورية الجدية التي تفقد إيران السيطرة في العديد من المناطق،والثورات العربية الصاعدة التي تسير عكس رغب الثورة الإيرانية، إضافة إلى وضع إيران الداخلي،والحديث عن نوعية الحكم القادم برحيل نجاد القريب ،هذه الأوضاع كلها سوف تعيد حساب الجمهورية الإيرانية ومرشدها الأعلى بالنظر الفعلي بطبيعة العلاقات مع النظام السوري الذي سوف تتجه تدرجيا نحو التخلي عن النظام السوري والتفكير بتعزيز مركز قوة جديدة للثورة الإيرانية في مناطق أخرى،وهذا ما لحظنه في تصريح وزير الخارجية الإيراني على اكبر صالحي ، بتاريخ 27اب "أغسطس"الذي يقول "بان على النظام السوري حان الأوان تلبية مطالب الشعب السوري المحقة ونحنا غير راضين على ممارسة القمع بحق الشعب ،وسقوط الأسد سوف يسبب فراغا سياسيا وسورية تتعرض لمؤامرة خارجية بسبب مواقفها ودعمها للمقامة" ،وهذه أول مرة تعترف إيران بأحقية الثورة السورية ،بالوقت التي كانت تبرر موقفها بان النظام السوري يملك الأكثرية الشعبية والثورات العربية أفقدت شعبية النظام من خلال خروج الأكثرية الشعبية.

إيران متورطة فعليا بحرب ضد الشعب السوري وهم يحاولون تغير في الموقف الذي بدأ يتلاشى، فاليوم النظام الإيراني يتكلم عن النظام السوري من خلال فتح الخطوط السياسية والدبلوماسية لإخراج النظام من مأزقه،بالرغم من الخطاب المتلفز الذي ظهر فيه السيد حسن نصرالله بيوم القدس العالمي بتاريخ 25 آب "أغسطس"يوم الجمعة السورية ،والذي وجه دعوة صريحة لمساعدة النظام السوري والالتفاف حوله لمواجهة المؤامرة التي تحاك ضد النظام من خلال عصابات مسلحة،بالرغم من الهيصة الإعلامية التي يفتعلها حزب الله ،والمساندة الأخلاقية والسياسية والتنظيمية للنظام السوري الذي يرد الجميل الطويل له بمساعدته ووقفه الى جانبه لكن الحزب بالنهاية تحكمه قرار مركزي من إيران يقتضي عليه بالالتزام،والثاني الذي يفرض نفسه على الحزب حالة الجو الشعبي العربي وحالى انهيار النظام السوري الذي تجبره بتخفيف الحماس والتأيد الأعمى للنظام السوري المنهار ،وبالنهاية سوف يلتزم بالقرار الإيراني التي هي نفسها سوف تسلكه تدرجيا بتخفيف التأيد لنظام الأسد،وهذا يعني بان الشعب السوري استطاع أن يحتل بثوريته وحركته الاحتجاجية السلمية العقول والقلوب والساحات في كل الدول العالمي والعربية وحتى التي تنظر لهذه الحركة بنظرة الشك ،لان الحركة والصوت ، لم تستطيع أسلحة ودبابات الشبيحة من إسكات صوت المتظاهرين بقوة القتل والقمع ومهما ارتفعت الأصوات المؤيدة للنظام السوري ،لكن الشعب سوف ينتصر ويجبر العالم كله على الاعتراف بثورته السلمية المنظمة كما حصل في ثورة وثوار ليبيا .

ــــــــ

*صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.

Dr_izzi2007@hotmail.com

======================

النظام السوري ينتهك كل الحرمات

د.جهاد عبد العليم الفرا

هل بقي من حرمة من حرمات الشعب السوري البطل المقهور المغلوب على أمره لم ينتهكها نظام القمع والقهر والظلم والفساد والاستبداد المتسلط على رقبته منذ أكثر من أربعة عقود؟ بل هل بقيت موبقة من الموبقات أو محرم من المحرمات لم يقم جلاوزة هذا النظام بارتكابها؟ إعتداء على حرمة النفس وقتلها بأبشع الصور بعد التنكيل بها دونما أي تفريق بين طفل او شيخ أورجل أو امرأة، واعتداء على حرمة البيوت واعتلاء اسطحتها واقتحامها وسلب نفائسها والعبث بمحتوياتها ومقتنياتها وقد يصل الأمر إلى تدميرها وحرقها فوق ساكنيها، واعتداء على حرمة المواطنة بحرمانها لآلاف المهجرين السوريين في أصقاع الأرض لعشرات السنين عدا الذين لجاوا مؤخرا إلى تركيا ولبنان والأردن، واعتداء على حرمة العقيدة بتعذيب الناس وقهرهم على النطق بكلمة الكفر : لا إله إلا بشار بدل من قول لاإله إلا الله، واعتداء على حرمة المساجد بتدنيسها والعبث بمصاحفها وإرهاب المصلين فيها وقصف تدمير مآذنها، واعتداء على حرمة علماء الدين الأجلاء الأطهارالاخيارالذين اتخذوا لهم مكانا كبيرا في قلوب محبيهم من الشعب السوري الذي يجلهم ويقدرهم ويحترمهم وعلى رأسهم فضيلة العالم الرباني الشيخ أسامة الرفاعي إمام وخطيب مسجد الرفاعي في كفرسوسة في وسط العاصمة دمشق سليل العلم والعلماء الداعية إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادل لأهل الباطل بالتي هي أحسن والذي حظي بشرف التصدي للاعتداء على حرمة العقيدة في أحدخطبه في مسجد الرفاعي بعد أن تواترت إليه الأخبار من الناس عن العذاب الذي يتعرضون له في المعتقلات وإجبارهم على قول كلمة الكفر " لاإله إلا بشار" وأشار في خطبته حفظه الله ورعاه إلى أنه نبه المسؤولين إلى خطورة مايفعله جلازوة النظام وأنهم بانتهاكهم حرمة العقيدة إنما يلعبون بالنار وإنما يقدمون على أمر خطير لكن غطرسة النظام وجبروته وإصراره على الغي والتجبر والقهر وبدل أن يأخذ بنصيحة هذا العالم الجليل حفظها له ليعتدي زبانيته عليه في ليلة من أعظم ليالي المسلمين قدرا ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ليحاصروا مسجده ويروعوا مرتاديه ويعتدون بالضرب على المصلين ولعلهم هموا بقتل الشيخ واستهدافه لولا إحاطة المصلين به والدفاع عنه والاستماتة في الذود عنه مما أدى إلى استشهاد أحد هؤلاء الأبطال وجرح العشرات منهم وتحويل حرم المسجد وساحاته وباحاته إلى ساحة حرب حقيقية في ليلة هي سلام حتى مطلع الفجر. إن حرمة ليلة القدر ليس لها عند هؤلاء المجرمين اي حرمة، وحرمة رمضان ليس لها عند هؤلاء الشرذمة الحاقدون اي مكان، بل حرمة المؤمنين الصائمين القائمين المتبتلين المتوسلين إلى الله أن يرفع عنهم ظلم هذه الطغمة وحقد هؤلاء الطغاة في الليلة المباركة ليس له عندهم أي مكان .

والأدهى من ذلك وأمر أن النظام يدعي أن كل تلك الحوادث إنما هي حوادث "فردية" مع أنها منتشرة في كل المحافظات السورية ، وأنه لاتدنيس للمساجد ولاانتهاك لحرمتها ولاقصف للمأذن وكأن الشعب السوري قد تحول عن بكرة أبيه ليصبح كل واحد منهم وبين عشية وضحاها مخرج مبدع يتفنن في إخراج صور قصف المآذن وتدنيس المساجد والاعتداء على حرمة الأنفس والأرواح والأموال والأعراض والبيوت والعلماء على عدسة هاتفه النقال.

إن نظام القتل في سوريا قد انتهك كل الحرمات، واقترف كل المحرمات ، وارتكب أفظع الجرائم بحق شعب يتحرك سلميا للمطالبة بحريته وحقوقه ويبذل يوميا من دماء أبنائه البررة الكرام الاحرار الغر الميامين من أجل نيلهما وهو ماض في طريقه الذي اختاره بنفسه ولم يفرضه عليه أحد .

لقد آن للمجتمع العربي والإقليمي والدولي أن يأخد على أيدي هذا النظام العابث بشعبه المنتهك لحرمات شعبه القاتل لشعبه وأن يتخذ من المواقف الجدية ماهو كفيل بحماية المدنيين وتمكينهم من المطالبة بحقوقهم وحريتهم . إن الشعب السوري مصمم على المضي قدما في طريقه نحو الحرية والعدالة والديموقراطية وإحقاق الحق وإزهاق الباطل مهما عظمت التضحيات وكثرت الكربات ومها انتهك النظام المجرم من حرمات وإنها أيام ومعها سيشرق فجر الحرية والعزة والكرامة بإذن الله الواحد الأحد الفرد الصمد ويومها يفرح الأحرار بنصر الله وتوفيقه .

=========================

هل نجاح الثورة الليبية سيعسكر الثورة السورية؟

م. عبد الله زيزان

abdullahzizan@gmail.com

تابع السوريون الأحداث الليبية الأخيرة بتفاصيلها الدقيقة، حتى باتت أخبارهم حديث الشارع السوري، فالعوامل المشتركة بين الشعبين كبيرة، فهنا طاغية دموي وهناك طاغية دموي، وهنا شعب ثائر حر وكذلك هو الشعب الليبي، وكلا الشعبين انتفض طالباً الحرية والكرامة، وكلاهما دفع لمطلبه هذا فاتورة كبيرة من دماء طاهرة عزيزة... الاختلاف الوحيد بين الشعبين أن أحدهما اختار عسكرة الثورة منذ انطلاقتها، والآخر يرفض حتى اللحظة رفع السلاح بوجه ظالمه...

والحقيقة أنه ومنذ انطلقت الثورة السورية كانت الدعوات لرفع السلاح موجودة، والفريق المؤيد لهذا الطرح يكسب أعضاءً ويخسر آخرين بحسب ما يستجد على الساحة السورية، في الوقت الذي يتمسك فيه فريق آخر بسلمية الثورة حتى تحقيق النصر... وكل فريق يدفع بحججه لإثبات رأيه، والكفة غالباً ما كانت ترجح للفريق السلمي، وذلك لأن الثورة بسلميتها حققت الكثير من الانجازات على الأرض، فاستطاعت أن تهز أركان النظام، وأضعفت موقفه في الداخل والخارج، وأكسب النهجُ السلميُّ الثورةَ تأييداً عالمياً واسعاً، أو بعبارة أدق أحرجت الثورة بسلميتها الغرب الذي كان يتمنى عودة الاستقرار إلى سورية وانتهاء هذه الأزمة بأي ثمن كان...

لكن وبعد أن وصل ثوار ليبيا مشارف عاصمتهم وبعد أن بلغت الأحداث هناك ذروتها انتهاءً بدخول الثوار العاصمة طرابلس وإحكام سيطرتهم عليها تجددت الدعوات في سورية لعسكرة الثورة، ووجد دعاة رفع السلاح حجة إضافية لموقفهم... فكسب هذا الفريق في الآونة الأخيرة مزيداً من المؤيدين، خصوصاً بعد أن أوغل النظام في شعبه قتلاً ونهباً وتعذيباً...

والسؤال الآن، هل هذا ما كانت الإدارة الأمريكية تريد الوصول إليه؟

إذا ما تتبعنا الثورات التي نجحت حتى اللحظة، فإننا نرى أن رأس النظام في تلك الدول هو من سقط ولم يسقط النظام كاملاً... ففي تونس، سقط زين العابدين فقط ولا زال بقايا نظامه يديرون دفة الحكم في البلاد... وكذلك في الحالة المصرية التي سقط فيها مبارك مع بعض الرموز المكروهة بين الأوساط الشعبية، لكن النظام لا زال قائماً وإن بصورة مختلفة وبإدارة العسكر هذه المرة... وكذلك الأمر في الحالة الليبية، لكن بطريقة مغايرة بعض الشيء، فالانشقاقات الكبيرة التي شهدتها البلاد في بداية انطلاقة الثورة الليبية ستسمح لهؤلاء المنشقين بإدارة البلاد والانسلاخ عن الماضي المرتبط بالعقيد القذافي وعائلته وبالتالي فإن بقايا نظام القذافي ستدير الحكم وتحفظ الأمن والاستقرار في المرحلة الانتقالية...

أما في سورية، فإن المؤكد في حال سقوط بشار الأسد هو أن كل أركان نظامه ستنهار معه... لأن التركيبة الأمنية للنظام السوري لن تسمح له بالاستمرار حال سقوط رأس هذا النظام البوليسي... وهذا تماماً ما يقلق الغرب، فسقوط النظام السوري كاملاً في ظل الرفض الشعبي للتدخل العسكري الخارجي سيزيد من غموض المرحلة القادمة وسيحجم الدور الأمريكي في منطقة إستراتيجية مهمة... وجاء تأخر الحسم العسكري في ليبيا ليضيف عاملاً قوياً في رفض تكرار تجربة التدخل العسكري الخارجي في سورية... وربما هذا ما دفع الغرب لتسريع وتيرة الأحداث في ليبيا وحسمها بطريقة دراماتيكية سريعة أدهشت حتى المحللين العسكريين...

والحق أن الغرب بحسمه للثورة الليبية بالتزامن مع تزايد القمع والوحشية في سورية استطاع إعادة الجدل حول عسكرة الثورة السورية وأعطى دعاة رفع السلاح في وجه النظام حججاً أقوى في سلامة خيارهم... فإن صح هذا التحليل فإن الغرب يعول على استنجاد السوريين بالخارج لأن الشعب لن يستطيع في ذلك الوقت حسم القضية عسكرياً، خاصة إذا ما توسع النظام بالقتل بأثقل الآليات لديه بحجة قمع "العصابات المسلحة"...

إن مخاوف الغرب من مرحلة ما بعد الأسد والذي يعززه فشل المعارضة السورية بالتوحد تحت راية واحدة تشكل في المستقبل بديلاً مقنعاً للنظام حال سقوطه وتمنع حدوث فراغ سياسي في البلاد يزيد من غموض المرحلة المقبلة يدفع بهم بالتفكير بالعمل العسكري والذي لن ينجح إن لم يقتنع الشعب بضرورة هذا التدخل وإن لم يتوفر غطاء عربي رسمي لهذا التدخل... وبما أن الغطاء العربي بدأ الآن بالتشكل من خلال المواقف الأخيرة لعدة دول عربية شجبت إراقة الدماء في سورية وسحبت سفراءها منها وتوِّج الموقف العربي باجتماع وزراء الخارجية العرب والذي أدان بدوره أيضاً العنف في سورية، فإن إرهاصات التدخل العسكري باتت واضحة ولا تحتاج الآن إلا إلى إقناع الجمهور السوري بضرورة هذا التدخل...

وهذا ما دفع المعارضة السورية أخيراً للتداعي لتشكيل مجلس وطني انتقالي ولا ندري إن كان هذا المجلس سيحقق الإجماع الشعبي والنخبوي عليه أم لا!!!

بناء على ما تقدم فإن تأخر المعارضة السورية في التوحد وتأخر الغرب في سحب كل الأوراق التي يملكها النظام السوري سيدفع الثوار دفعاً إلى حمل السلاح والذي له عواقب كبيرة مع حساسية الموقع الاستراتيجي لسورية والذي يعني أن الثمن لن يدفعه الشعب السوري وحده...

======================

العيد والمصالحة

عادل عبد الرحمن

في مناسبة عيد الفطر السعيد، الذي تمنيناه عيدا سعيدا على الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية بتحقيق بعض الاهداف المباشرة على اقل تقدير. فمن اين تأتي السعادة للشعب وقيادته الشرعية والانقسام الناجم عن الانقلاب الحمساوي مازال جاثما على صدر ورأس الشعب الفلسطيني رغم التوقيع على ورقة المصالحة المصرية؟ ومن اين تكون للسعادة مكان في اوساط الشعب الفلسطيني وحالة التجاذب بين الكل الفلسطيني من جهة وحركة حماس والجماعات الجهادية المتطرفة من جهة اخرى؟

الاحتلال الاسرائيلي الوحشي ابتلي به الشعب لاسباب استعمارية اجنبية بهدف نهب الارض والثروات والتاريخ والهوية الوطنية. في حين ان الانقلاب الحمساوي الاسود، الذي مزق وحدة الارض والشعب والنسيج الوطني والاجتماعي، هو ابتلاء الذات الوطنية بادعياء "المقاومة"، الذين ليس لهم من المقاومة إلآ الشعار والديماغوجيا والضحك على الشعب. لماذا يستمر ؟ وتحت اي عنوان؟ وما هي المصلحة التي يحققها الشعب ؟ ومن المستفيد من بقاء الانقسام في ظل استفحال جرائم وانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي؟

الاسئلة المطروحة اعلاه تكررت كثيرا وفي اكثر من مناسبة وعلى كل القيادات الوطنية، وليست جديدة. لان الجديد المناسبة، مناسبة دينية واجتماعية في آن، من المفترض ان تكون مناسبة تتجاوز فيها القوى، التي تدعي الحرص على الدين ومصالح الشعب، كما تفترض حركة حماس بنفسها، تتجاوز البغضاء والانقسام، وتدفع خيار الوحدة الوطنية، خاصة وانها وقعت على الورقة الناظمة للمصالحة، التي يمكن بالاتكاء عليها تجسير الهوة بين القوى المختلفة، واعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، الشرط الاهم لاي مقاومة وطنية. لان الانقسام كان، ومازال مصلحة استراتيجية اسرائيلية، ومصلحة لكل قوة محلية او اقليمية او دولية تناصب الحقوق الوطنية العداء.

ولعل الوقت لم يفت، فبإمكان القيادات السياسية ان تتداعى في ايام العيد السعيد والمبارك لتقطع الطريق على حالة الاستعصاء في تنفيذ اتفاق المصالحة، وتقديمه هدية، لا بل اجمل هدية للشعب في الايام المباركة من العيد. وتؤمن السبل لعودة الرئيس لابناء شعبه في محافظات قطاع غزة ويقضي معهم المناسبة السعيدة. لاسيما وان التباين الموجود بين الرؤى المختلفة لايفسد للود قضية.

كما ان تجسيد المصالحة في الايام السعيدة تشد من عضد القيادة السياسية في معاركها ضد سياسات ومخططات وجرائم حكومة نتنياهو، وتعزز من قدرتها على التصدي للضغوط المفروضة عليها للحؤول بينها وبين التوجه للامم المتحدة لنيل العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية على حدود حزيران / يونيو 1967. والاهم انها تعيد الاعتبار لوحدة الارض والشعب والقضية والاهداف الوطنية، وتمهد لازالة الحصار الظالم عن ابناء الشعب في القطاع.

يا صناع القرار في ساحة الوطن الفلسطيني لا تترددوا في اغتنام فرصة عيد الفطر السعيد لتقدموا هدية الوحدة الوطنية لابناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وفي داخل الخط الاخضر. الشعب الذي اعطى دون تحفظ لانجاز اهدافه واحلامه الوطنية ، ومازال يعطي يستحق من قياداته السياسية الارتقاء الى مستوى عطائه. فهل الحلم مشروع في هذه الايام الفضيلة والسعيدة بتجاوز لغة وواقع الانقسام والتمزق والافتراق، وفتح ابواب الوحدة الوطنية لينعم الشعب في ظلالها بالحرية والديمقراطية، التي اصل لها النظام السياسي الفلسطيني، وضمن حق الشراكة السياسية للجميع دون استثناء فصائل ومستقلين ومنظمات مجتمع مدني؟

=======================

في تكاثر ،، المؤتمرات ،، !

د.نصر حسن

المتتبع لحراك بعض أطراف المعارضة السورية في الخارج منذ بدء ثورة الحرية والكرامة في منتصف آذار 2011 إلى اليوم ،يدرك أنها مدفوعة بقوة حركية الثورة وأمور أخرى بشكل ما ،تحاول بفوضى ظاهرة أن تبلور صيغة ما لعملها تعرض نفسها أمام الداخل والخارج من جهة , ومن أخرى تدلل تلك الشهية المفتوحة على الآخر لعقد مؤتمر تلو الآخر على بعض الإخفاق أو الدوران في حلقة مفرغة , أو تتعمد بعض القوى التي تملك الوسيلة إلى الانتظار والمراوحة في صالات المؤتمرات هنا وهناك !, أو التدوير المقصود لشبه البرامج والأهداف في سبيل خلط الأمور وتدويخ الناس ، بمجمله يشي أن هناك قصورا ً ما أو خلافه يفرض ذلك التواتر المقصود .

بالمقارنة ،،رغم أنها غير موضوعية ،،أثبت أبطال الثورة في الداخل ديناميكية عالية ومستوى من الكفاءة والوعي باهرين في مواجهة آلة النظام الوحشية وآلته الاعلامية الهائلة ومخططاته الأمنية الشغالة على مدار الساعة وعلى ساحة الوطن كله ،يستخدم النظام كل تراكم خبرته القمعية لإجهاض الثورة أوحرفها عن طريقها الوطني المدني السلمي،رغم ذلك مني بالفشل الذريع , وأيضا ً رغم ممارسات العصابة وملحقاتها الأمنية والإعلامية الكبيرة ،يواجه شباب الثورة ألاعيب العصابة ووحشيتها بمستوى رفيع من القيادة الميدانية والسياسية لمراحل الثورة وأطوارها مع استيعاب معقول للوضع الداخلي والإقليمي والدولي , كل ذلك يتم بقيادة ميدانية كفوءة وبإمكانيات بسيطة رغم الخلل الكبير في المواجهة بين الرصاص والحناجر ،وفي وضع أمني رهيب وحالة إنسانية مقلقة إلى حد بعيد ، كل ذلك يتم بدون مؤتمرات وبدون عراضات وبدون مجالس أو ماشابه مما هو مطروح على الساحة الخارجية حتى كاد أن يغرقها( الخارجية ) في تكرارها، وكأن عقد المؤتمرات ذاته بغض النظر عن المشروع هو الهدف والنتيجة معا ً.

بيد أن الشعب السوري الذي حصره النظام الشمولي في قفص الاستبداد المليء بالظلم والظلام والغوغائية لعقود ،وجد نفسه فجأة أمام نعيم الحرية ، فانحلت عقده دفعة واحدة وحطم جدران الخوف بسرعة ،وأحس بحريته وكرامته وقيمة رأيه كإنسان واكتشف قوته أيضا ً، فراح يبدع في وسائل التعبير عن رأيه سواء في المشاركة الميدانية في الثورة أو إعلامية مساندة لها أو إنسانية مضمدة جراحها ، هذا كله شيء صحي يعكس كنه الثورة وبعضا ً من أفقها الوطني التحرري الإنساني .

لكن السؤال يفرض نفسه ! لماذا نجح الداخل بالتصدي إلى أعتى آلة وحشية فاجرة؟،واستطاع أن ينظم صفوفه ويتفوق بالمواجهة على العصابة وبأرقى حالات التنظيم والإدامة المستمرة ،وأفرز قياداته الميدانية التي تقود الثورة بشكل خفي وليس عبر الشاشات في كل المدن السورية بتناغم زمني شعاراتي سياسي إنساني فريد من نوعه بدون مؤتمرات وبدون هذا الصخب الاستعراضي الهزيل الذي تعج به ساحة المعارضة الخارجية؟!.

أكثر من ذلك ، إن مستوى العنف والقتل والتمثيل بالأحياء وبالشهداء واستباحة المدن وانتهاك الكرامات والأعراض وهدم البيوت وإحراق ممتلكات الناس وقطع الكهرباء والماء والغذاء والدواء عن شعب بأكمله واعتقال المئات من الشباب وتهجير وتشريد الناس وتقطيع سورية جغرافياً واجتماعياً وإنسانيا ً وانتهاك المقدسات حتى في شهر رمضان المبارك، قد زاد من عزيمة شباب الثورة الذين يعملون تحت الأرض وفوقها ،وامتصوا تلك الوحشية وذلك العنف الهمجي بقدرة بطولية عجيبة وصمدوا وطوروا أدائهم العام،بل استطاعوا في ظل تلك الظروف الكارثية توحيد اللجان الميدانية على مستوى المدينة بالتنسيق والتكامل وتأسيس هيئات مشتركة لها ولاحقا على مستوى الوطن, فيما الساحة الخارجية التي تعيش في ظروف حرية كاملة في التعبير والحركة والتجمع وبحبوحة من الأمن والأمان، لم تستطع أن تبلور عملا ً موحدا ً ولا حتى نصفه لستة أشهر خلت ؟!.

لاشك أن هناك العديد من أطراف المعارضة في الخارج تعمل مخلصة وجاهدة وبصمت على طريق دعم الثورة وتقوم بما تستطيع على هذا الطريق ،ولاشك أيضا ً أن هذا هو واجبها وتعريفها ومبرر وجودها الوطني السياسي الأخلاقي , لكن تواتر المؤتمرات بتلك الضبابية وبدون التوصل إلى نتيجة واضحة زاد طينها بلة وعللها علة ، وأربك صورة المعارضة بعض الشيء وزادها اهتزازا ً ،وإذا استمر الحال على هذا المنوال منطقيا ًسوف تفقد المعارضة الخارجية الكثير من صدقيتها على مستوى الداخل والخارج معا ، فالداخل الذي يذبح يوميا ً على طريق حرية الشعب السوري كله , ينتظر من المعارضة الخارجية أن تحدد اتجاهها وتركض إليه بدل أن تمشي ببطء تائهة في زبد الدعوات والمبادرات الفردية المجهولة العنوان, وأيضا ً أن تتجاوز حالة البيانات والإنشاء إلى الدخول على خط المواجهةالعملي وتحديد موقف وطني جريئ مسؤول ، وأن تتجاوز برامجها الجزئية وخندقاتها الحزبية وكهنوتها الايديولوجي، إلى الإيمان بالثورة ورسالتها وهدفها الوطني , ومقدمة ذلك هو القناعة بأن الحل الوحيد هو عمل جماعي مؤسسي سريع واضح شفاف على طريق وحدتها ،وتبني شعار الثورة وهدفها ووسيلتها ووضع نفسها بصراحة ووضوح في خدمتها وورائها ،وبلورة رؤى مشتركة تكون المشروع السياسي لتفكيك النظام وبنيته الأمنية والانتقال السلمي إلى الدولة المدنية الديمقراطية .

لكن ،تخطئ بعض الجهات التي تحرك بعض الخيوط الواهنة بقلة خبرة ولانقول غير ذلك احتراما ً لكل حسنيي النية ،أو تلك التي التحقت بالمعارضة قبل أيام من الثورة أو بعدها بشهور وخاصة ( الشلل )التي طفت على السطح في الخارج ،واستطاعت بحكم إمكانيات مادية وإعلامية معروفة ،وتوفر أجواء حرية الرأي وحق المشاركة وسرعة الأحداث من أن تموه نفسها في أكثر من مؤتمر وتخلط طالحها بصالح الثورة ووتتقدم الصفوف في المؤتمرات والاعلام ، وتخطئ أكثر عندما تظن أنها سوف تستطيع أن تفرض على الثورة في الداخل مجالس وقيادات وأمناء وأجندة دخيلة لاتمثل طموحها ولاتنسجم مع مسارها الوطني السياسي الأخلاقي , وتتوهم إذا ظنت أنها بامتلاكها المال الحرام وتشكيل هياكل وتنسيقيات وهمية قادرة على أن تتلاعب بثورة أربكت نظام شمولي وحشي من الطراز الشاذ وحصرته في الحضيض الوطني والأخلاقي والإنساني ، وأثبتت الثورة بالفعل والتضحيات بعد ستة أشهر دامية من المواجهة أنها هي المنتصرة ،وأولى البشائرهي أنها أوصلت النظام الوحشي وحله الأمني إلى طريق مسدود ، وحصرته في حالة بؤس الوسيلة وانعدام الحيلة وسوء الخيارات .

أخيرا ً بمنتهى الإطمئنان نقول : أن الثورة التي فاجأت النظام والعالم بتوقيتها وقوتها وسلميتها وأخلاقيتها وقدرتها على التطور والابتكار ، والتي فتحت طريق الحرية والكرامة للشعب السوري وتمشي بثبات ونجاح نحوه بما هو خيارها الوحيد , سوف تفاجئ مرة ً أخرى كل من يحاول التشويش عليها أو السمسرة بدمائها ورمزيتها ، وسوف تنقل الجميع فجأة ً إلى مرحلة جديدة تفرز فيها الخيوط والأصابع والأجندة ووتتجاوز المرحلة السابقة برموزها وأسمائها الصحيحة والمستعارة ومجالسها وتفرض شعارات وأسماء وتشكيلات ميدانية بعيدة عن صخب الخارج ، وتبادر عبر برامج وصيغ خلاقة إلى المبادرة نحو تكامل العمل الوطني عبر محوريه الداخل والخارج ، وتحديد عمل كل محور على طريق الوحدة ، وتفرز بوضوح بين أهل الثورة وأهل النظام .

=========================

كلمة.. في حرمة الإنسان وحرمة المساجد .. ثورة المساجد في سورية ثورة شعبية جامعة شاملة

نبيل شبيب

يوجد خلل كبير في مشاهد ثورة الشعب في سورية، وليس هذا مستغربا، فالثورة الشعبية الشاملة لمختلف فئات الشعب اندلعت بعد زهاء نصف قرن عاث خلالها الاستبداد إجراما وإفسادا، وكان المحور الأكبر لأفاعيله متركزا على أمرين، أوّلهما تطبيق السياسة الاستعمارية "فرّق تسد"، وثانيهما تجريم كل عمل سياسي ينطلق من المعتقدات والتصوّرات المنهجية التي تمثلها الغالبية السكانية من المسلمين.

من مظاهر الخلل حاليا:

اتخذت الثورة الشعبية في سورية مسارا جعلها تحمل بحق وصف "ثورة المساجد"، سواء من حيث المنطلق المكاني الأول لفعاليات الثورة، أو من حيث المنطلق الوجداني المحرّك لها، أومن حيث المنطلق التعبيري السائد على ألسنة الثائرين وفي لافتاتهم، أو في مختلف الصور الأخرى المعبّرة عمّا يحركهم وعن تطلعاتهم..

وبالمقابل لا يخفى أنّ النسبة الأكبر لِمن يعرفون بالمعارضين التقليديين وما يوجد من تجمّعات شبه حزبية من وراء بعضهم، يغلب عليه التوجّهات العلمانية على اختلافها، وليس مجهولا أنّ هذا الخلل أو التناقض، لم ينشأ نتيجة ظروف طبيعية، بل هو نتيجة مباشرة من نتائج الممارسات الاستبدادية من جانب نظام حكمِ قام على العلمانية منذ بدايته ولا يزال يتحرّك في إطارها حتى فيما يطرحه من إصلاحات ترقيعية، كما هو ظاهر للعيان مثلا في نصوص ما يسمّى قوانين للحياة الحزبية والانتخابات وما شابه ذلك.

وكان من الصور الأشدّ تنكيلا وانتهاكا لجميع المحرّمات، وتعبيرا عن الخلل والتناقض في الوقت نفسه، ما بدأت به الحملات القمعية منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة، ومن ذلك محاولة القضاء المبرم على معقلها الأول في الجامع العمري في مدينة درعا. وتواصل هذا النهج من القمع وبلغ درجة من التصعيد في رمضان جعلت أطرافا رسمية عديدة في البلدان العربية عاجزة عن مواصلة الصمت، فهي تعلم أن ما يزيد الثورة لهيبا من منطلقات عقدية في سورية يجد أصداءه القويّة على مستوى الغالبية الكبرى من الشعوب العربية، كسواها من الشعوب الإسلامية. وفي هذا السياق تأتي العملية العدوانية القمعية في ليلة القدر، التي استهدفت جامع زيد بن ثابت في منطقة كفر سوسة، في قلب دمشق، وإمام المسجد، العالم الجليل أسامة الرفاعي.

. . .

في الوقت الذي ظهر ما يعنيه ذلك شعبيا، من خلال ما شهده ريف دمشق مباشرة وغالبية المحافظات السورية أيضا، كان من التعقيبات على الحادثة عبر وسائل الإعلام التي أعطت الحادقة عنوان انتهاك حرمة المساجد والعلماء وربطتها بقصف المآذن واقتحام المساجد وحصارها من قبل.. كان من التعقيبات على ألسنة بعض المعارضين التقليديين داخل سورية، ما يشير إلى أن أهمية هذا الانتهاك لا تواري أهمية انتهاك حرمة الإنسان، قتلا واعتقالا وتعذيبا ونمصادرة للحريات والحقوق على كل صعيد، وجميع ذلك ممّا لا يميّز الاستبداد القمعي الفاسد فيه ما بين إنسان وإنسان من حيث انتماؤه العقدي أو سواه..

هذا صحيح.. إنّما لا ينبغي أن يوضع في قالب التعريض المباشر وغير المباشر بأنّه لا ينبغي للمسلمين أو الإسلاميين التركيز على أهمية انتهاك حرمة المساجد والعلماء.. فهذا تعريض يضيف مزيدا من الخلل والتناقض بين واقع الثورة وما تشهده يوميا، وما يزداد انتشارا في ساحة المعارضة التقليدية، التي تنطوي على فريق يحاول إقصاء كلّ ما هو إسلامي، كما لو أنّ هذا الإقصاء لا يعني استمرار السياسة الاستبدادية الإقصائية عبر نصف قرن مضى.

. . .

ينبغي دون تفصيل لا جدوى منه، تثبيت عدد من الحقائق المفروغ منها من المنظور الإسلامي:

1- إنّ تحريم قتل النفس البريئة في الإسلام، لا يميّز بالنص القرآني بين مسلم وغير مسلم، ناهيك أن يميّز بين طائفة وأخرى.

2- إن تكريم النفس الإنسانية في الإسلام، لا يميّز بالنص القرآني بين إنسان وإنسان، فالجميع بنو آدم، والجميع في ذلك سواء.

3- لا يوجد في الإسلام أي ضرب من ضروب التقديس للحجر والأمكنة أو للبشر والعلماء ناهيك أن يوجد تقديس لحاكم من الحكام.

4- إنّ في القرآن الكريم -مثلا- آية تذكر النفس الإنسانية تعميما وتقول: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًاۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} -المائدة:32- وفي القرآن الكريم -مثلا- آية لا تقتصر على تأكيد حرمة المساجد فقط، بل تقول: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًاۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} -الحج: 40- وواضح من الآيتين أنّ تحريم الاعتداء على البشر وتحريم الاعتداء على دور العبادة، على السواء، قد ورد في سياق التعميم دون تمييز بين بشر وبشر، ولا بين دين ودين.

5- إن من طبيعة تكوين الإنسان الفرد في سورية، لدى غالبية أهل سورية دون تمييز، ما استقرّ على المعتقدات الدينية، فلا إكراه في الدين، وعلى ما صنعه التاريخ الحضاري المشترك، لا سيما بعد انتشار الإسلام وإنهاء حقب تاريخية سبقته قامت على تغليب عقيدة الحاكم على ما سواها، وآخر تلك الحقب عصر السيطرة الرومانية، فلا غرابة أن تشمل الثورة الشعبية في سورية أصحاب تلك المعتقدات معا، وأن يكون الوجه الإسلامي فيها هو الأظهر للعيان، باعتباره يمثل الغالبية معتقدا، كما يمثل الأرضية الحضارية الجامعة لسائر السكان، من خلال ما ساد البلاد في القرون الماضية من اطمئنان إلى تغييب التمييز من منطلق العقيدة بين إنسان وإنسان، على صعيد الحقوق والواجبات، بما فيها الحقوق السياسية على مختلف الأصعدة.

6- القطاع الأعظم ممّن يمثلون توجّها سياسيا إسلاميا في هذه الثورة، ويعبّرون عن ذلك على صعيد صياغة مستقبل سورية بعد إنهاء حقبة الاستبداد القمعي الفاسد، من خلال الحرص الشديد على بيان هذا الجانب الإنساني الجامع تحت عنوان إسلامي، بين مختلف الفئات والطوائف الشعبية، وتأكيد حقوقها وحرياتها دون استثناء، مع تأكيد خصوصياتها على صعيد المعتقد والثقافة واللغة والانتماء القومي والتوجه السياسي.. ولكنّ هذا الحرص لا يبيح لأيّ طرف، علماني على وجه التخصيص، من المعارضة داخل البلاد أو خارجها، أو ممّن يتلاقى معها من خارج الساحة السورية أيضا، أن يمارس أيّ شكل من أشكال الإقصاء، تجاه الإسلاميين، وحقهم في التعبير عن توجّهاتهم السياسية وغير السياسية، وفي مقدمتها: سورية لكل السوريين على أرضية المساواة بين المواطنين في الحقوق والحريات دون استثناء، وعلى أرضية التكافؤ بين الغالبية فلا يُغمط حقها والأقليات فلا يغمط حقها، وعلى أنّ الإرادة الشعبية هي مصدر اختيار المرجعية ومنهج الحكم ومنظومة القيمة والسلطة دون استثناء.

7- إن المفاضلة بين المرجعيات عبر تثبيت كلمة الفصل عبر مبدأ تحكيم الإرادة الشعبية، لا تقوم على ما تزعمه مرجعية بعينها من كونها تتبنّى الحقوق والحريات لمن ينطلق منها، بل تقوم على المقارنة بين ما تضمنه نصّا وتطبيقا من حقوق وحريات لمن ينطلق من مرجعية أخرى.. وإلا يضيع معنى المواطنة في الوطن المشترك. ولهذا تصبح كلّ ممارسة إقصائية للآخر -الآن- نذيرا بممارسة إقصائية أكبر وأخطر في حقبة إعادة البناء بعد استرداد الوطن وإنها حقبة الاستبداد القمعي الإقصائي الفاسد.

8- يجب أن يكون واضحا أنّ محاولات إقصاء أي جهة، أو تهميشها لا يمكن أن تتحقق، فالجهة المستهدفة موجودة على أرض الواقع، ولكن يؤدّي إلى فصل الإقصائيين أنفسهم عن الأرضية المشتركة الضرورية لبناء الوطن الواحد والمجتمع الواحد والدولة الواحدة.

=======================

شهباء ثوري

ناصر الحاج حامد

قـمْ  للشآم وزُفَّ الرّكبَ و iiالشهداء
و احـفرْ برمشكَ في عينيك iiمُرتقدا
وامسحْ  بجفنكَ جرحَ العزّ في iiوطن
يشفي العليلَ و يشفي السًّقمَ و iiالرمدا
و  امـزجْ دموعَك في مسكٍ بهِ iiمددٌ
مِـنْ آلِ أحـمدَ نعمَ المسكَ و iiالمددا
أوقـدْ شـموعَكَ من دمعٍ و من iiمددٍ
تـرجعْ إلـيكَ بـنورِ الـحقِّ مُتقدة
أسـرِجْ خيولََكَ واركَبْ نحوَ iiمقدِسِنا
و  اطلبْ لنصرِكَ مِنْ رحمنِنا iiالسّندا
و اركـبْ لمجدِك لا تأبهْ بمنْ خذلوا
و  اكففْ دموعَك إنْ سالتْ لهمْ iiجلدا
ركـبُ الـكرامة كـم غنَّتْ لهُ iiشامٌ
لـحنُ الـنشيدِ إلى العلياءِ كمْ صعدا
لـما رأيـتُ سـيوفَ الحقِّ iiظاهرةً
أدركـتُ أنَّ بـكِ الـقعقاعَ قد iiولِدا
ركـبُ الـكرامةِ و الإسراءِ iiمنطلقٌ
و الـركبُ يَنشُد مِن شهبائِنا iiالرّشدا
شـهباءُ نـصرٌ لـلإسلامِ iiمـرتسمٌ
شـهباءُ  سـيفٌ لـلإسلامِ ما iiغُمِدا
شـهـباءُ  أمٌ لـلأبـطالِ iiمـدرسةٌ
شـهباءُ  صـوتٌ للأحرارِ ما iiخمَدا
ثـورِي و ربّـكِ يـا شهباءُ iiكاسِرةً
ظـهْرَ  الـخيانةِ هزّي كلَّ مَنْ iiقعدا
شـهباءُ  ثوري لللأبطالِ في حمصٍ
ثـوري  لإدلبَ و الأغرارِ و iiالعُمدا
شـهباءُ ثـوري لـلخنساءِ في iiشامٍ
ثـوري  لـحمزةَ أوْ مَن ذُُلّ أو iiفُقِدا
ضـمّي حماةَ إلى جنبيكِ و iiانتفِضِي
ضمّي دمشقَ و ضمّي كلَّ منْ صَمدا
شـهباءُ  حُـبي و الأشواقُ iiتحمِلني
حملَ  الرضيعِ إلى أحضانِ مَن ولده
شـهباءُ  إنـي مِـنْ عينيكِ iiمُلتمِسٌ
نـوراً لـشعبٍ أو نـاراً لِمَنْ iiجَحدا
شـهباءُ إنـي قـد أقسمتُ في زمنٍ
بـرُّ  الـيمينِ عـلى أيـمانِنا شهِدا
أقـسمتُ  أنـكِ كـالإعصارِ iiثائرةً
عرشُ  الخيانةِ من إعصاركِ iiارتعدا
عـهدُ  الحرائرِِ أن نثأرْ لمنْ iiرحلوا
والـنصرُ لاحَ كـذا فـرقانُنا iiوعدا

=======================

عيد الثورة والحرية وحتمية النصر في سورية

بقلم: الليث السوري

رمضانُ أتمَّ أيامه .. والثوار عاشُوا أجمل أوقاته، ذاقُوا طعمَ الحرية .. تغنّوا بِها وشعروا لأول مرة بنشوتِها .. وهتفوا لا للظلم والديكتاتورية .. وهتفوا مرة أخرى الله سورية حرية وبس، ورددوا الشعب يريد إسقاط النظام .. الشعب يريد إعدام بشار ، ويللا ارحل يا بشار .. وجابهوا ذلك الجزار .. وشبيحته الأنذال .

كانوا أشجَع الأبطال .. لم يُرهبهم الرصاصُ الحي، و القصفُ الوحشي لصدورهم العارية .. واستشهاد الآلاف في مقارعة القهر والاستعباد .. وجابهوا سُلطة الأوغاد .

هتفوا لأول مرة ضد من قيد حريتهم و قطع لسانهم .. سجن أحلامهم .. وسرق أرزاقهم .. قتل آباءهم وأولادهم .. وذبح نساءهم وأطفالهم .

فانطلقوا لا يهدؤون .. في كل مدينة وقرية يتظاهرون .. ليل نهار .. من صلاة الفجر إلى صلاة العشاء، يقدمون الشهداء وتزغرد النساء .. لأنهم أحياء عند رب الأرض والسماء .

شبابٌ في عمر الورُود .. تنفسوا الحُرية في شوارعِ الثّورة .. وانتشرَ عبقها في كل مدينة وقرية .. ومرت الساعات و الأيام .. من جمعة إلى جمعة وبدأت:

جمعة الكرامة: وقالها أهل درعا الأبية .. الموتُ ولا المذلة .. فاشتعلت النفوسُ مُلبية .. ومن جمعة الشهداء: عرفانا ووفاء لمن استشهدوا من شباب النخوة والإباء .. إلى جمعة الصمود و جمعة الإصرار ثم الجمعة العظيمة التي أشعلت روح العزيمة .. إلى جمعة الغضب والتحدي وجمعة الحرائر وأزادي إلى جمعة حماة الديار وانشقاق الكثير من الضباط والجنود الأحرار ..

ثُم جُمعة أطفال الحرية استنكارا لقتل بشار الجزار قاتل الأطفال واعتقال وقتل واستشهاد الطفل حمزة والتمثيل به في درعا .. إلى جمعة العشائر لاستنهاض الهمم وتكاتف القبائل .. ثُم جمعة سقوط الشرعية و جمعة ارحل طالبين من بشار وأمنه ونظامه أن يرحل .. و جمعة لا للحوار .. مع رئيس قاتل جزار .. و جمعة أسرى الحرية .. إلى جمعة أحفاد خالد .. تكاتفا مع بابا عمرو في حمص .

ثم جمعة صمتكم يقتلنا .. منددين بالصمت والمواقف المخزية للدول العربية والأجنبية .. وجمعة الله معنا .. الله معنا بعد أن تخلى العالم عنا .. وتفرج على قتل بشار لنا ..

و جمعة لن نركع إلا لله: استنكارا لحثالة بشار حين قالوا وكتبوا وأجبروا الناس على قول لا إله إلا بشار .

وقبل العيد في نهاية رمضان كانت جمعة الصبر والثبات .. تعهدوا فيها بالثبات والصبر أمام آلة بشار وعصابته في الإمعان في القتل .

وجاء عيد الفطر .. مسطرا بطولات هذا الشعب الأبي .. وشجاعة نادرة تذكر ببطولات الصحابة في معركة بدر .. " نحنُ نقصُّ عليكَ نبأهُم بالحقِّ إنُهم فتيةٌ آمنُوا بربِهم وزدناهُم هُدى وربطنَا على قلوبِهم إذ قامُوا فقَالوا ربُنا ربُّ السمواتِ والأرض لن نعبدَ من دونهِ إلهاً لقد قُلنا إذن شَططا "

ما أجملَ هذهِ الآيات .. وكأنّها تصفُ شباب الثورة السورية في هذه الأيام .. فتيةٌ مؤمنةٌ آمنت بالله ولن تركع إلا لله .. ترابطت قلوبهم ونفوسهم .. وسمت أهدافهم وغاياتهم طالبةً الحرية والكرامة .. رافضينَ الذل والإهانة .. مصرينَ على هدمِ أصنامِ الأسد وأبيه .. وتجسيد صورة الإله في بشار الغبي .

وهلت بشائر النصر .. واستشعر الثوار بها في كل حي .. وأنهك بشار وأمنه الشقي .. وفقد الرئيس عقله .. وطاش حجره .. وبدت ملامح الهزيمة تبدو في وجهه .. وتلعثم لسانه .. ولبس الدرع الواقي .. وارتعد خوفا ذلك الخسيس الواطي .

كل عام وأنتم بخير أيها الثوار .. إنكم عنوان البطولة .. قد أريتم العالم معنى الرجولة .. وهزمتم نظام القتل والرعونة .. أبهرتم العالم بشجاعتكم .. ووقفتم عارين بصدوركم وارتعدت أزلام النظام من صمودكم .. وجبنت شبيحته أمامكم ..

أنتم أصحاب أهداف سامية .. محقة عادلة .. في دولة مدنية ديمقراطية ترجع لكم الكرامة والحرية والعدالة .. وحقكم في استرجاع مقدرات شعبكم المسروقة .. وانتخاب مجالسكم النيابية بكل شفافية .. وانتخاب رئيس شرعي .. يحمي البلاد ويشرف العباد .

قد تذوقتم طعم الحرية .. وضحيتم بدماءكم الزكية .. في كل شبر من الأرض السورية، وهلت بشائر النصر .. وأيدكم العالم الحر ..

الله معكم أيها الأحبة .. وقلوب العرب الأحرار ملتهبة .. وتساندكم الشعوب العربية والأجنبية .

أنتم تستحقون الحرية بكل فخر أيها الثوار .. وستنتزعونها من فم الأسد في كل ميدان .. لديكم الإيمان وعزيمة الشجعان .. وسينصر الله من نصره وأعلى كلمته ..

أهنئكم بعيد الفطر السعيد آملاً من الله العلي القدير أن نسترجع سورية الحرة .. قبل عيد الأضحى .. ونحتفل في الميادين .. ونسترجع ذكريات الأمويين .. وكل عام وأنتم بخير وجميع السوريين .

========================

كل عام والوطن، وأنتم بحرية .. من دفاتري الشخصية

عقاب يحيى

كنا صغاراً ننتظر العيد بلهفة الشوق، فتمتلئ دنيانا بأحلام صغيرة : جلابية جديدة، وشاروخ كالصاروخ، وعيدية معتبرة، ألعاب ومراجيح، وسينما، وهيصة.. ومعايدات، وزيارات.. وكعك يسطم الأنوف حين تبدو البلد بأكملها ملتحفة بتلك الرائحة القوية حتى ليخال إليك أن العيد كعك وبس.. وإلى درجة أن قال الأقدمون : " بعد العيد ما في كعك".. دلالة أهمية استغلال الفرص واستثمارها لتحقيق الأهداف ..

 والعيد حزن الوفاء حين تضمّ المقابر إعادة الحنين لمن فقدنا من الأحبة والأصدقاء، فتذرف الدموع صادقة فراق من ارتحل، وتبكي بحرقة مع آيات القرآن المخصصة للمناسبة، وقد أتقنّاها ومارسناها، وصارت لدى البعض مصدر العيدية الأكبر.. وكثير من تفاصيلها التي تحضرني هنا، وطبائع الناس، والكرم، والشح في منح المقابل للقاريء الذي غالباً ما يسلق الآيات، ويبلع كثيرها كي يحرز السبق في منافسة محتدمة، وكي يحصّل أكبر عائد ممكن، والإطالة والاختصار.. والعودة للدار.. وانتظار الانتظار ..

****

خلّد المتنبي اللوعة بالعيد، والغربة فيه بأبياته الشهيرة باستذكار جدته وهو هارب مُخفق من كافور.. حيث يقول :

 عيد بأي حال عدت يا عيد لما مضى أم لأمر فيك تسهيد

 أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيد بعدها بيد

وطالما غنّت الغربة هذين البيتين.. ونحن نستحضر الأهل والذكريات، فتدمع العين، وينفتح الشريط الطويل، وهو يتجوّل في الطفولة، لأنها العيد، ولأن الشباب الذي عشناه أثقل بالهم والغمّ والهزائم وفرار الأماني.. ثم عقود الاستبداد الرهيب وقتل الآدمية، واعتقال إنسانيتنا، وتشرّد كثير.. وقد صار الأحبة بمسافاتهم البعيدة صورة الأماني بين العيون التي تتجمّد فيها دموع تأبى الهطول خوفاً من خوف الاهتزاز، وعنواناً لتصميم الإباء والكبرياء الذي اختار موقفاً واعياً يعي المهر، ويعرف أن سيل التضحيات فداء..

 أذكر اليوم صورة أمي وهي تناديني صرخاتها البعيدة من المسافات المثقلة بالمنع.. أن أودعها.. أنا المقيم إجبارياً في صناديق الانتظار، وأخي الأصغر مني وهو يلفظ أنفاسه، والأكبر مني الذي أخذوه رهينة عني قبرك عندهم أربعة عشرة سنة، ثم توفي بالجلطة بعد سنوات قليلة.. وفراق كثير كثير من الأصدقاء والأحبة .. وبعضهم كنا تعاهدنا على اللقاء وما قدرت الوفاء.. فغادروا وعيونهم مفتوحة على أمل لم يتجسد، وكثير المرار في قوارع الانتظار .. حتى كانت الثورة المفاجأة، والثورة الحلم، والثورة الانشغال، والزلزال ..

 *****

أنستنا الثورة الأسى وعلقم الأيام، وجراح ندوب الاستبداد فينا، وأحيتنا بشراً عاديين ينمو الحب فينا فيعانق شتلات الأمل، والشباب فنصغر عشرين، ثلاثين، أربعين عاماً ويزيد ونحن نحاول قهر كهولة الجسد وترهل الأفكار، وتخصيبها بهذا الشباب الدفق، وهذا الحماس الينبوع.. وإذ بالدنيا عيد، وتفاؤل، وبعض فرح رغم تلال المآسي، وشلال الدم المتدفق، وهذا الموت القصدي لوحش الانتقام ينفلت من عقال المعقول والمسؤولية فيرتمي في وهاد خزين الحقد، وينفجر صلفاً، وعنجهية، وغروراً.. والشعب جدار التحدي، والشعب تصميم النصر، والشعب يقبر جلابيب الأغطية لكشف مستور الطغمة وحقيقتها.. وإذ بالجوف لؤم وانتقام وثأر لا حدود له.. وإذ بالتهشيم ينسف استناد مملكة الرعب والصمت..فتضج الساحات بصوت الإيمان، وكلمات الله أكبر تهزّ دبابات القصف، ومدافع التدمير.. فيرتجف الرعديد، ولا يملك غير الذي يتقن، وغير الذي عهد، وألف، وتربّى عليه..

 *****

لا عيد في الشام والبلاد حداد.. لا عيد في وطني واليتم يصرخ الشهادة والنصر . لا عيد عندنا والثكالى صوت يقرع الضمير فيهتزّ الصمت مُرغماًن ويزبد الزبد، وترعد السماء في بحر تلاطم الغيوم، وأهلنا في صبر مقيم، ورمضان استثناء من أيام غزو الغزاة الذين حدّثنا التاريخ عنهم فما استوعبنا معاني المجازر والإبادة والتدمير .. إلا ونحن نشاهدها، ونعيشها، والغازي لبوس وطني مثقل بنياشين الوطنية والمقاومة والممانعة وكثير كثير من بضاعة قديمة تلفت، وكثير كثير من تلفيق أتقن فغطس فيه، والغطس في التلفيق كالفطيس..

لا عيد أبداً في بلاد الأبدية.. شامة الدنيا وحاضرة التاريخ.. إلا بالحرية..

 ***

كنا صغاراً نردد أهزوجة قبيل العيد ولا نعرف أصلها وفصلها ومعناها الدقيق، ولا من أين جاءت..

 بكرة العيد ومنعيّد ومندبح بقرة السيد

 والسيد ما عنده بقرة مندبح مرته هالشقرة

وعندما وعيت قليلاً تساءلت مراراً عن أصل القصة، ومن هو ذالك السيد المعني، الذي امرأته شقراء(كأنها غريبة).. ولماذا نذبحها بدلاً من البقرة..ودخلنا على خط التحليلات الطبقية والصراع الطبقي، وألبسناها ما نريد من تفسير.. لكن ظلت الطفولة هي الغالبة تغني الذكريات بعفوية لا تعرف فذلة مثقف، ولا تحاليل القصدية.. فتعيدنا إلى الذي كان : الطفولة، وكأنها وحدها الفترة الزاهية في حياتنا التي تستحق العيد..

فماذا يقول أطفالنا اليوم ومناظر الدم، والقتل، والبكاء، والدموع النحيبي.. وصور الدبابات والراجمات، والقناصة والشبابيح تملأ عيونهم، وذاكرتهم، وأحلامهم.. وطفولتهم ؟..

هل سيكون العيد عيداً والبلاد لم تتنفس هواءها النقي، الطبيعي؟..

هل يصحّ أن نحتفي بالعيد ولو مجاملة والسيد يحوّل البلاد إلى ما يشبه المقبرة؟؟..وأبقاره تذبح ولا تُذبح؟؟.. والشعب هو الذبيحة؟..

سننتظر عيدنا الحقيقي فطراً يلاحق أضحى كالضحى.. يفتح أشرعة البيارق خلوداً لمن ضحّى بالنفس، والولد، والزوج، والأخ.. فداء، ومهراً للحرية، ولسورية الغد.. سورية التي تستحق الفداء.. كما يستحق مهرها الوفاء باستذكارهم، والسير على صراطهم دون زوغان، وتأتأة، أطهاراً بلا حقائب أنيقة، وأحلام ذاتية زائفة ..

وكل عام ووطننا ينعم بالحرية

=====================

النظام السوري يضحي بالشبيحه ومموليه... من أجل بقائه .. التجار السورين التقليديون يبدون غضبهم من النظام

ثريا محمود

مع تزايد حالات الانشقاقات الفردية في الجيش السوري, فهل يتكرر ذات الامر مع الشبيحه خاصة بعد تجميد واشنطن الممول الرئيس لنشاطات الشبيحه للدفاع عن النظام السوري؟ فقد سعت الولايات المتحدة إلى زيادة الضغط على النظام بإعلانها عن فرض عقوبات على رجل الأعمال محمد حمشو المقرب من الرئيس الأسد وعائلته. كما فرضت عقوبات اقتصادية على رامي مخلوف ابن خالة الرئيس السوري بشار الاسد في وقت سابق.

وأكدت وزارة الخزانة الامريكية الشهر الحالي بأن محمد حمشو جمع ثروته بفضل صلاته مع مسؤولين في النظام، وخلال الاضطرابات الحالية إصطف إلى جانب بشار الأسد وماهر الأسد ومع أشخاص آخرين مسؤولين عن العنف والتهويل من جانب الدولة السورية ضد الشعب السوري.

وأفادت وزارة الخزانة الأميركية في بيانها أن العقوبات تجمد الأرصدة التي يملكها محمد حمشو ومجموعته الدولية، وتمنع على الشركات والرعايا الأميركيين التعامل معهم. ومع توجه الاتحاد الاوربي إلى فرض المزيد من العقوبات, بدأ القلق يتزايد من قبل الاثرياء في سوريا وخاصة في توقع إعلان برسلز الجمعة القادمة عن عقوبات جديدة تشمل القطاع النفطي السوري والاشخاص الداعمين للنظام مع وقف الاستثمارات الاوروبية في سوريا.

كما أعرب عدد من كبار رجال الاعمال السوريون لجريدة الفايناشل تايمز البريطانية من أن التبادل التجاري مع الاوروبين لا بديل له وهو أهم من الصين وروسيا, وهو حاليا يقارب الصفر مما يعني قتل الاقتصاد السوري, وجعل النظام السوري من المستحيل التصدير والتوريد لدفع الفواتير. وقد قال احد كبار تجار دمشق " أن النظام ضحى بالاقتصاد من أجل بقائه". كما تتوجه الكثير من البنوك الاجنبية إلى قفل حسابات لتجار سورين كنتيجة لهذه العقوبات الدولية بحسب مصادر دبلوماسية للجريدة.

وذكر أحد الناشطين أن ملايين الليرات تصرف من التجار لدعم النظام لا سيما من قبل المتقاعدين من الجهات الامنية والذين حصلو على عقود تجارية ضخمة بطرق الفساد. و تبقى التساؤلات حول مدى استمرار دعم تجار دمشق وحلب التقليدين للرئيس بشارالاسد في ظل العمليات الدموية التي شهدتها المدن السورية من قبل النظام, وخاصة أن سوريا شهدت تنامي ثروة رامي مخلوف بطريقه جنونية على حساب التجار التقليدين. وكذلك التورط مع النظام السوري في مسائل تتعلق في إنتهاكات حقوق الانسان والمحاكمات الدولية.

وقد أكدت مصادرسورية لجريدة الشرق الاوسط أن النظام بدأ يتخاذل في دفع أجور الشبيحه الذين استعملهم من أجل قمع المتظاهرين وقتلهم, وقد هددو النظام في الاضراب عن العمل مع استمرار تردي الوضع وطالبو بسداد مستحقاتهم بشكل فوري.

ويذكر أن النظام السوري اضطر لإعتقال بعض الشبيحة المأجورين الذين تم جلبهم من مدينة اللاذقية لمهاجمة السفارة الفرنسية بدمشق في محاولة لترضية المجتمع الدولي و للعلم بالشيء لم يتجاوز المبلغ الذي دفع للواحد منهم ال 6 دولارات .

=========================

الأكفان هي ثوب أطفال سورية في عيدهم

محمد فاروق الإمام

لم يذهب السوريون بأطفالهم كعادتهم في كل عيد إلى أسواق بيع الملابس لاختيار ما يناسبهم وما يستهوونه من ملابس زاهية تطفي الفرحة على وجوه أبنائهم وترسم الابتسامة على أفواههم، فقد اتخذ أطفال سورية في هذا العيد ملابس من نوع آخر ذات لون واحد هي بيضاء كلون الياسمين رخيصة الثمن بالعرف المادي، ولكنها في العرف الأخلاقي والقيمي لا تقدر بثمن، إنها أكفان آثروا ارتداءها في هذا اليوم لأنها ستحمل أجسادهم البضة الطرية إلى الرفيق الأعلى، حيث جنان الخلد التي لا يؤثرون عليها مكاناً آخراً في هذه الدنيا التي لم تعد في ظل نظام الأسد تساوي جناح بعوضة.

أطفال بعمر الورود تقدموا في صبيحة يوم عيد الفطر، وقد خرجوا للتو من المساجد بعد أداء فريضة صلاة العيد، تقدموا آباءهم وأعمامهم وأخوالهم المتظاهرين السلميين كعادتهم في كل يوم منذ ما يقرب من ستة أشهر بأكفانهم البيضاء الزاهية، يهتفون بإسقاط النظام وإعدام الرئيس، الذي سبغ أيامهم بقاني الدماء، وأزهق أرواح آبائهم وأقاربهم برصاص الغدر التي أطلقت من بنادق جبانة فرت من الجولان وأدارت ظهرها للعدو الصهيوني، لتستأسد على الأطفال والنساء والشيوخ والعزل، يواجهون نظاماً يقدم لهم الرصاص بدل الورود ليحصدهم بالعشرات والمئات والألوف بدم بارد.

هكذا هي حال أطفال سورية في عيدهم الذي تحول إلى نعوش ترفع على الأكف ومقابر جماعية توارى فيها جثامين الشهداء، وسيان المكان الذي تدفن فيه (حديقة أو ساحة أو ميدان أو مفترق طرق، في ظل شجرة أو في ظل عمود كهرباء أو إشارة مرور) فالزمان صعب والوقت ضيق وحرج، فالرصاص المجنون لا يمنح الوقت ولا يفرق بين نعوش ومشيعيين فكل متظاهر هو مشروع شهادة لمرة أو أكثر.

العيد في سورية أطل على أهلها هذا العام بوشاح أسود وقيود وأصفاد أرادها لهم النظام السوري لتكون سمة هذا العيد دون الفرحة والابتسامة وكلمات التحيا والتباريك التي تعودوا تبادلها في مناسبات الأعياد السابقة، تصم آذانهم صرير جنازير المدرعات وأزيز الطائرات ولعلة الرصاص ودوي القنابل وسقوط المآذن وانهيار المساجد والمنازل، ليكون البديل لأصوات الأطفال وأهازيجهم وهم يتنقلون بين الأراجيح وبائعي اللعب والتسالي في فرحة غامرة افتقدوها في هذا العيد.

لم يعد في سورية أطفال فقد كبر الجميع وتساوت الأعمار ولم يعد هناك فرق بين شاب وكهل وطفل أو فتاة وامرأة، فالكل يتظاهر مطالباً بالحرية والكرامة، والكل باتوا مستهدفين في القتل والاعتقال والتعذيب والتهجير، كسروا بكبرياء وعنفوان حاجز الخوف بلا تردد أو حسابات ربح أو خسارة، وانطلقوا هدفهم انتزاع الحرية والفوز بالكرامة غير آبهين بالثمن مهما غلا أو ارتفع، فدون الحرية ترخص الأرواح ودون الكرامة تهون الأعمار.

بجيوش الأطفال والشيوخ والشباب والنساء العزل سنواجه بإصرار وعزيمة وتحدي آلة القتل الأسدية ووحشية وسادية رجال أمن النظام وشبيحته، وسننتصر عليهم ونغير المعادلة وطبيعة الموازين التي جرى عرف الناس عليها، فإرادة الجماهير مع الحق هي أقوى ألف مرة في مواجهة آلة القمع مع الباطل )بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ).

==========================

أقبل العيد المبارك

بقلم : فارس عبد الله*

أقبل العيد المبارك , , أقبل العيد والحزن يخيم على عيون أطفال الشهداء الذين قضوا في نهر رمضان , أقبل العيد المبارك ودماء المجاهدين الصائمين في غزة هاشم, أقبل العيد وأمن الصهاينة قد بددته صواريخ المقاومين , أقبل عيد الشهادة والشهداء وهم عند ربهم بإذنه سعداء , أقبل العيد لتزدهر الدنيا بأصوات التكبير مع شروق فجر يوم جديد , تقربنا إلى العيد الكبير في يوم تحرير والإنعتاق من قيد صهيون ,أقبل العيد المبارك ولازال المسجد الأقصى الأسير يواجه عدوان ومكر يهود , وقدسنا تقبع في ظلمة الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من أربعين عاما , فهل من صلاح الدين جديد في أمة الإسلام يطهرها ويرفع الدنس عن ثوبها الجميل .

 

 أقبل العيد المبارك وآهات الأسيرات الكريمات وآلام الأسرى الأبطال تتعالى في سجون الباغي الصهيوني , تنادي على معتصم الزمان فلا مجيب !! , جاء العيد بعد شهر الصبر والجهاد ليعلن ميلاد يومه المبارك بأصوات التكبير , تأكيداً على ولائنا لله رب العالمين وتعظيمنا إياه في هذا اليوم المشهود , وليكشف لنا عيدنا أن الفرحة والنصر والجائزة الكبيرة تولد مع تكبيرات العيد , الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا اله إلا الله , الله اكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

 ذلك النداء الخالد في معارك الإسلام الأولى , مع أساطين الكفر من المعاندين والجاحدين كان له وقع طبول الحرب , يدب الرعب في قلوب أعداء الله عزوجل , ويرسم العزة في نفوس من يردده , الله أكبر الله أكبر هي إعلان على مسامع الدنيا عن الانتماء الحقيقي للأمة المسلمة لله الواحد القهار , والتي تستمد قوتها منه , والله عزوجل لن يخذلها أبدا , ما دامت ممسكة بدينه ,وتقف عند حدوده وتحافظ عليها , وتزجر كل من يعتدي عليها وينتهك حرماته .

 

أقبل العيد المبارك والمقاومين الصادقين على ثغور الوطن مرابطين , ما تغيرت لهجاتهم ولا قناعاتهم ولا تبدلت أثوابهم , فالجهاد عندهم طريق الانقياء الأصفياء , ومنهم يختار ربي الشهداء , فهم على تراتيل الحق باقون ممسكون , يرددونها بعنفوان المؤمن مع كل طلعة شمس وغروبها , لا يضرهم من بدل ولا يهزهم من تخاذل في لحظات المواجهة , ولا يزعزعهم عن الحق وقع الصواريخ وغارات الطائرات , فهم الثابتون على الحق في زمن التراجع والنكوص لهم العيد يوم جهادهم , لهم العيد في ليلة رباطهم , لهم العيد في يوم إستشهادهم , لهم العيد في يوم إنتصارهم القادم سواء كانوا حاضرين أم في عداد الشهداء ساروا .

 

أقبل العيد المبارك وفلسطين تنادي الثائرين في عواصم العرب , للقدس معركة قادمة وللعودة موعد قد إقترب , أقبل العيد ليقر حقيقة أن زوال كيان يهود حتمية قرآنية , أقبل العيد والوحدة عنوان للنصر والعصي تتكسر آحاد , يا أمة النصر قد طال أوانه , فالجد الجد والحزم الحزم , ولنقلع عن المعاصي والذنوب , العودة لرب العالمين فرض علينا من أجل أن يرتسم النصر على جبين الأمة .

 

أقبل العيد المبارك يذكرنا بسلف الأمة المجاهدين , ساسوا الدنيا بدين , وإنتصروا بطاعة رب العالمين , فهل لنا بمنهجهم سبيل ؟ أقبل العيد يوصينا بالضعفاء وصلة الأرحام , أقبل العيد يقربنا ويعزز أخوتنا , أقبل العيد يقوي أواصر أمتنا , ويعزز روح الانتماء للجسد الواحد من جاكرتا إلى الدار البيضاء .

 

أقبل العيد المبارك وقد ودعنا قادة لهم في قلوبنا حبا كبيرا , وقد أوقعوا رحيلهم في قلبونا آلما ولكن العزاء أنهم ساروا على ذات الدرب إلى رسمها المجاهد الأول محمد صلى الله عليه وسلم , فحق لهم هذه الجائزة الطيبة في رمضان واصطفائهم وهم صائمين , أقبل العيد المبارك ونحن نجدد مع تكبيراته العظيمة أن نمضى في طريق العزة وذات الشوكة, لا نقيل ولا نستقيل , طاعة لمولانا ونصرة لدينه ومقدساته ,

 

أقبل العيد المبارك وكل عام والمجاهدين بألف خير , يستكملوا مسيرة جهادهم , ويحفظوا أوطانهم ويدافعوا عن شعبهم , أقبل العيد المبارك وكل عام وفلسطين ومقاومتنا بألف خير , أقبل العيد المبارك تقبل الله منكم ومن المسلمين الطاعات , أقبل العيد المبارك وندعو الله أن يعيده وقد تحررت بلادنا وقدسنا وعادت امتنا إلى مجدها التليد .

*كاتب وباحث سياسي

====================

الخبر العربي في الإعلام الروسي المرئي ...!!!

د.خالد ممدوح العزي *

التعتيم على الخبر العربي:

 إذا كانت قناة روسيا اليوم الناطقة باللغة العربية تحاول نشر الأخبار العربية نتيجة وجودها وانتشارها على الوكالات العالمية التي تشكل مصدرها الأساسي، لكنها تستمر في تملق للنظام السوري والليبي، ومسح الجوخ لهما ،لكن القناة لاتهمنا بالأساس بسبب بثها إلى الجمهور العربي الذي يكاد لا يشهدها،ولا يتوقف عندها وهذا الموضوع سوف يكون لنا وقف جدية أمامه . لكن المهم لنا هي القنوات الروسية الناطقة باللغة الروسية والتي تخاطب الجمهور الروسي المعني بمعرفة الحقيقية ،وأين يكمن دور روسيا في تغيبها وتعتيمها على أخبار الثورات العربية وقمع شعوبها من هذه الأنظمة التي تدافع عنها موسكو مراقبة لنشرات الأخبار الروسية الناطقة باللغة الروسية والموجهة للمواطن الروسي والتي يمكن من خلال التعارف على الأخبار الدولية التي تعصف بالعالم وخاصة الأخبار العربية منها بظل ربيع وصيف الثورات العربية التي تسير نحو التغير الجذري لأنظمة قمعية دكتاتورية شمولية سيطرت سيطرة كاملة على مفاصل الحياة السياسية والإعلامية والاقتصادية والأمنية والعسكرية.

طبعا لا يحتل الخبر العربي هامشا مهما في الأخبار الروسية التي تسيطر عليها الدولة أو الخاصة الصادرة من موسكو،وهذا لا يفاجئ احد من المراقبين أو الخبراء بالشؤون الروسية ،لان الأعلام الروسي هو صوت الدولة ويعبر عن موقفها الرسمي ،كلنا يعرف موقف روسيا الملتبس والمعتكف باتجاه الثورات الشعبية التي تخوضها الشعوب العربية في أكثرية الدول العربية ،فالشعوب طالبت بالتغير الديمقراطي والحرية وإسقاط أنظمة القمع،فكان جواب الدولة الروسية الرسمي الحوار بين الطرفين حقن للدماء،وعدم سفكها، والتحول إلى حرب أهلية،ولكن العلاقة الطبيعية تستمر مع هذه الأنظمة التي تدعمها موسكو وترسل لها أسلحة لقتل شعوبها ،دون الضغط او تقديم أي مبادرة روسية لمعرفة ماذا يحدث في دولة أو دول تكن شعوبها بالاحترام لموسكو وتعتز بصدقتها وهي تمت على يد أنظمة تحميها روسيا وتمدها بالسلاح الروسي والأجهزة الكترونية والخبراء المختلفون .

الخبر في العربي الشاشة الروسية:

فإذا الأعلام الغربي والعربي الحر وقف إلى جانب المتظاهرين وحراكهم الشعبي في ساحات الاعتصام،لأنه قرر الوقوف مع الشعوب المقهورة فان الإعلام الروسي وقف إلى جاني الدكتاتورية والأنظمة المستبدة ودافع عنها ومازال وحماها من القانون والمعاقبة الدولية، مبررا قتل شعوبها تحت حجج وأعذار وقحة ،أفقدته المصداقية في الشارع وتضامن الشعوب العربية مع روسيا وسياستها القريبة لها من اجل مصالح اقتصادية ذاتية كانت أقوى من الشعور بالإنساني والأخلاقية مع هذه الشعوب المظلومة.

ففي مراقبة يومية لقناة الأخبار الروسية الإخبارية الداخلية والخارجية "القناة فيستي 24"التي ثبت على مدى 24 ساعة لكل روسيا والعالم ،من خلال نشرات أخبارها ابتداء من تاريخ 12اب"أغسطس" 2011 حتى 27 آب" أغسطس"2011 من خلال التحقيقات والأخبار التي تخص الشرق الأوسط وتحديدا الدول العربية

والتي تتميز بمساحة صغيرة أو خبر عادي،ولكن يحتل ريبورتاج الإعلامي" سرغي بوشكوف" مدير مكتب القناة في إسرائيل مساحة كبيرة في الإعلام الروسي وتحديدا المركز الأول في التقرير التي ثبت على القناة ،والتي تفقد الموضوعية والمصداقية الإعلامية التي تعالج مواضيع هامة في عملية التغير العربية والشرق الأوسط،معالجة هذه المواضيع المتناولة تكمن في مدى أهميتها لسياسة روسيا

-الجمعة 12 أب ،" قناة فيستي 24 مصر سرغي بوشكوف" بث مباشر من ساحة التحرير في مظاهرات الانقسام لقوى الثورة المصرية وظهر معارضة كبرى للقوى الإسلامية المرجح استلامها الحكم في مصر بعد نظام مبارك.

-السبت 13 أب،" قناة فيستي 24 بئر السبع بث مباشر لحركة الاحتجاج الإسرائيلية التي يقودها الشباب الإسرائيلي والمطالب بعدالة اجتماعية ،كيف الدولة تحمي شعبها أثناء المظاهرات وكيف تقوم عمليات الاحتجاج المنظم وما هي مطالب الشعب الذي تم تشكيل لجنة وزارية لبحث قضايا الشباب بسرعة .

-الاثنين 15 أب ،" قناة فيستي 24 مصر سرغي بوشكوف"بث محاكمة مبارك ونقل المشاهد من ساحة الشرطة"ساحة مبارك سابقا" والاشتباك الذي حصل بين الموالين والمعارضين في ضرب الحجارة.

- الأربعاء 17 اب "قناة فيستي 24 "الموضوع السوري "مقابلة تلفونية مع مراسلة وكالة ريو نوفستي في اللاذقية ،لقد هاجم الجيش السوري في مخيم حي الرمل الجنوبي مجموعة من الإرهابيين والعابثين بالأمن،وحسب معلوماتنا من مواطنينا الذين يسكنون اللاذقية "طبعا معلومات الأمن" بان الجيش يقاتل قوى غريبة التسلح واللباس وطريقة القتال لا وجود لهم في سورية وإنما تم جلبهم من الدول المجاورة وتحديد من لبنان ،لكون سورية أضحت مركز للقوى الإرهابية القادمة من الدول المجاورة وهذه المعلومات هي ترجمة للموقف السوري الرسمي وإخبار التلفزيون السوري الذي يبرر عملية قصف اللاذقية بحرا وبرا ومخيم الصفيح الفلسطيني.

- الأربعاء 17 أب "قناة فيستي 24 "الموضوع ليبيا تقرير تلفزيوني عن الوضع وإطلاق صاروخ" سكود الروسي" من قبل كتائب ألقذافي لمنع وعاقت تقدم الثوار نحو طرابلس ،لم يستعرض طبيعة المواجهات التي تدور بين الثوار والكتائب وخسارة الكتائب ،وإنما ربط أي تقدم لحركة الثوار الميدانية بمعونات أمريكية وغربية وكان الثوار هم عملاء ومأجورين يتم تصويرهم في الأعلام الروسي.

-الخميس 18 أب ،" قناة فيستي 24 ايلات-تل أبيب سرغي بوشكوف- ريبورتاج"العملية العسكرية في ايلات الذي نفذها المخربين العرب وتعرضهم للمدنيين والعسكريين الذين يخدمون على الحدود الجنوبية للدولة ،وطبعا هذا التسيب هو نتيجة الإهمال العسكري والأمني للحدود الجنوبية التي لم تستهدف منذ العام 1970 ،والتي تعلن هذه العملية عن نهاية الهدنة الأمنية التي عاشتها حدود إسرائيل مع مصر،لكنه لم يعرض الرد الإسرائيلي الوحشي ضد قطاع غزة وسكانها العزل الذي تم قتل الأطفال والمدنيين إضافة إلى قائد قوات صلاح الدين "اللجان الشعبية الفلسطينية"وأربعة من مساعديه.

 -السبت 20 أب ،،" قناة فيستي 24 مصر سرغي بوشكوف"ريبورتاج،حماس تنهي وقف إطلاق النار مع إسرائيل ،والمصريين يحاولون سحب سفيرهم من تل أبيب بعد على اثر ملاحقة إسرائيل للإرهابيين الذين نفذوا عملية إيلات،والتي أدت لقصف مواقع للجيش المصري قضى ضحيته جنديين مصرين ،مما دفع بالمصرين بمحاصرة السفارة الإسرائيلية وطالبوا بترحيل السفير الإسرائيلي في القاهرة وإقفال السفارة الإسرائيلية،والإعلام المصري يخرج للجماهير بعناوين عريضة بان إسرائيل تقصف مواقع حراس الحدود.

-الأحد 21 أب ، "ليبيا" بث كلمة ألقذافي المتلفزة والموجه لأنصاره من الشعب الليبي والوقوف بوجه الثوار ،بتغيب الانتصارات الكبرى الذي يحققها الثوار في المدن الكبرى ،وتغيب الانشقاقات القيادية في صفوف نظام ألقذافي "انشقاق عبد السلام جلود" ووزير الداخلية ووزير النفط.

-الاثنين22 أب قناة فيستي 24 "تقرير من الإعلامية الروسية أولغا خوديفا"عن سير العمليات الذي يخوضها الثوار في ليبيا والذين يخوضوها ضد كتائب ألقذافي الأمنية بان السكان الذين يعشون بهذه المدن تلقوا معلومات بالخروج والتجمع،و الثوار الذين وقعوا أسرى في يد جيش ألقذافي هم من المرتزقة الأجنبية "الجزائر وتونس ومصر".

- الاثنين22 أب قناة فيستي 24الخبر الثاني الذي ينص على: أطلاق صواريخ على إسرائيل ،وبذلك انتهت الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل وبدأت حرب الصواريخ من جديد بين غزة وإسرائيل.

-الاربعاء23 أب قناة فيستي 24،مقابلة تلفونية مع مدير معهد الحضارات في جامعة موسكو للعلاقات الدولية،" بنميين بابوف" حول ليبيا ،الذي يقول بان الغرب يخوض حرب صليبية جديدة ضد الاستلام وهذه الدولة العربية الثانية بعد العراق الذي يدخل فيها الغرب في حرب علنية ،ويجب أن نؤكد على موقف روسيا الداعي إلى الحوار وتلافي الحرب الأهلية التي تدمر البلد وسف يتذكر العالم موقف روسيا الايجابي نحو ليبيا الداعية للحفاظ على وحدة الشعب والبلد.

- الاربعاء23 أب، قناة فيستي 24 تصريح الرئيس ميدفيديف الشهير حول وقف روسيا من ليبيا والذي لا يعترف بشرعية الثوار طالما لم توحد ليبيا وتخرج من حرب أهلية .

 الخميس24 أب، قناة فيستي 24،خبر تلفزيون روسيا تطالب المجتمع الدولي إدارة ليبيا يجب أن يكون بإشراف هيئة الأمم المتحدة .

-الجمعة25 أب ، قناة فيستي 24، تقرير تلفزيوني عن الأموال التي تبحث عنها ليبيا، "المجتمع الدولي يبحث بوسائل قانونية لتقديم أموال ألقذافي للثوار،ولكن يجب صرف هذه الأموال بإشراف الدولة المجتمعة من اجل مساعدة ليبيا .

طبعا تغيب كامل عن الإعلام لكل المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في مصر ومحاصرة السفارة الإسرائيلية وإنزال العلم الإسرائيلي ورفع العلم المصري تغيب الانتصار الكبير في ليبيا الذي أدهش العالم، تغيب كامل لكل الأحداث والمظاهرات الشعبية في سورية واليمن فالخبر العربي مفقود عن الشاشات الروسية .

 خطاء الإعلام الروسي مع الخبر العربي :

 يكتب الإعلامي رائد جبر في جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 28 شباط" فبراير"2011 مقالة بعنوان :"التلفزة الروسية وتغطية الحراك العربي، خوف على إسرائيل وارتباك مهني ".لقد وقع الإعلام الروسي فريسة لنظرية المؤامرة الخارجية التي روجتها الأنظمة العربية من خلال علاقتها مع روسيا ،والخوف الروسي من وقع هذه الدولة تحت قبضة شباب الثوار التي تتحكم في عقليتهم التطرف الإسلامي وفكرة الجهاد الذي سوف يعكس حاله على جنوب روسيا ذات الأغلبية الإسلامية والدول الإسلامية الشيوعية التي تسيطر عليها روسيا، وبالتالي هذا المد للشباب، سوف يعكس نفسه على روسيا ووضعها السياسي الخارجي من خلال هذه الثورات العربية المعقدة،فالإعلام الروسي وسع حركته الإعلامية من خلال لقاءات لمحللين وخبراء روس يدينون بالأغلبية بولاء أعمى لإسرائيل ويروجون لسياستها،لقد وضعوا أنفسهم في الدفاع عن إسرائيل وأمنها والمحافظة على وجودها من خلال شعارات المحافظة على وحدة الدول العربية حالة التشرذم الذي سيسببه صعود الإسلاميين إلى السلطة الحرب الصليبية الذي يخوضها حلف الناتو من اجل الانقضاض على الشعوب العربية وتدميرها ،بالتالي هذه الثورات من وجهة نظر روسيا وخبراءها تشكل خطر فعلي على مستقبل الدول العربية وشعوبها.

لقد غاب الخبر الصادق عن الأعلام الروسي نتيجة الاعتماد على الخبر الرسمي لهذه الدول التي تحاول تسويق وجهة نظرها، فالثورات العربية أفقدت الإعلام الروسي القدرة على تغطية الحدث نتيجة سيطرة التوجه الإسرائيلي على الإعلام وفقدان الخبرة الميدانية والتقنية في التعاطي مع هكذا حدث ،ونوافق خبير الإعلام الروسي الذي يقول:" بان سبب "الارتباك" الروسي في تغطية أحداث الشرق الأوسط يعود بالدرجة الأولى إلى ارتباك الموقف الروسي الرسمي ذاته في التعامل مع الحدث الكبير، واعتبر أن "الإعلام الموجه سقط مرة ثانية في اختبار المهنية".

الإعلام الروسي الموجه :

الإعلام الروسي الرسمي هو بالنتيجة ناطق بلسان الدولة وقيادتها،فالإعلام الروسي الناطق بالروسية تعمد دوما عدم أظاهر الأزمة الليبية على الشعب الروسي ،واعتباره عادية بين منشقين غير منضبطين على السلطة المركزية ،والتقارير التي كانت ترسل لا تشكل مساحة واسعة من نشرات الأخبار المركزية ،وبالتالي كانت تغيب لفترات طويلة من الشاشة الصغيرة،وعندما كانت تبث أخبارا معينة لصالحة الدولة الروسية أو نظام ألقذافي او بث حدث كبير لا يستطيع التلفزيون الإغفاء عنه،بسبب نشره في القنوات العالمية والصحافة المكتوبة أو المواقع الالكترونية، بالإضافة إلى الغياب الفعلي لقناة روسيا ليوم الناطقة بالعربية التي وقعت بين حدين موقف روسيا الرسمي والسباق الإعلامي العالمي،لذلك فقدت القناة مصداقيتها عند المشاهد العربي.

لكن الأبرز بالتغطية الروسية لإحداث ليبيا بطريقة مضحكة جدا لتلفزيون له قدرات هائلة وخارقة في العمل الإعلامي والدعائي أن يتصرف كالتالي: إذاعة فيستي 24 القناة الإخبارية الروسية التقرير تحت عنوان "في الحرب كل الوسائل متاحة"بتاريخ 24 أب "أغسطس"2011 .

التقرير ينص "على أن دخول الثوار إلى ساحة الشهداء التي كانت تعرف بالساحة الخضراء هي مسرحية مركبة يشك بها نظرا لاستخدام وسائل عديدة من القبل الثوار لإرباك عدوهم من خلال الاستعراض المسرحي الذي يقوم به الثوار ورفع أعلام الانتصار،من خلال الشك بكل شيء العلم الكبير الذي رفعه الثوار في الساحة كيفية اخذ الصور في ساحة الشهداء في الصور التي التقطت في الساحة وكمية الأعداد المتواجدة فيها ،الشك بل شيء.روسيا تقول بان الوسائل الفنية الاستعراضية هي مركبة من اجل الضغط على العدو حتى المدافع هي مركبة.هذا يلخص عنوا التقرير بان كل الوسائل في الحرب متاحة ،لان روسيا لم تقتنع بالسقوط المذوي الذي شهدته العاصمة لان معلومات روسيا حسب مصادر ألقذافي سوف تصمد لعهود فكانت الصدمة الكبيرة التي لم تتحملها روسيا بسبب غياب المعلومات الكاملة وعدم التغطية الصحية والثقة العمياء بكلام الرؤساء وهذا ما سوف تحصده روسيا في سورية التي بات سقوطها قريبا جدا واليمن التي تزوده بأسلحة وعتاد وأجهزة .

الموقف الروسي الرسمي من الثورات العربية :

فإذا كان الروس بعدين عن الثورات ونتائجها في كل من تونس ومصر ،والتي أحرجت سياسة الكريملين في اخذ الموقف السليم من هذه الثورات التي أدهشت العالم وأربكته لجهة التعامل مع طبيعة هذه الثورات السلمية الاجتماعي التي أسقطت أنظمة دكتاتورية واستبدادية،لكن الروس كانوا مختلفين في التعامل مع ثورة ليبيا التي اندلعت في 17 فبراير الماضي. كان الموقف الروسي مترد وهو ميال إلى حل للمشكلة الليبية وعارضت منذ البدء أي تدخل أجنبي في ليبيا، وانتقدت أعمال الناتو وأخطائه العسكرية العديدة ،لقد أرسلت روسيا مندوبها إلى طرابلس عدة مرات في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الإطراف المتصارعة ،لكن روسيا لم يكن لها وجهة نظر تطرحها لكي تعمل على تسويقها فالمندوب الروسي كان خاليا من أي مبادرة تطرح للطرفين وتضغط بها دوليا وعلى أطراف الصراع ،رفض الحرب وعدم إراقة الدماء هو مطلب الجميع ولكن الجلوس على طاولة المفاوضات دون ورقة عمل،اضعف موقف موسكو ومندوبها "مخائيل مرغيلف" .المعركة الروسية مع الخرب من اجل مصالح خاصة في مناطق نفوذ روسيا وليس دعما لنظام ألقذافي لكن الصراع الدولي يفرض إشكالا مختلفة في إدارة الصراع الدولي ،لكن روسيا مطورة حتى اللحظة الأخيرة في بيع الأسلحة والمعدات الحربية والتقنية والكترونية للنظام ألقذافي وتزويده بأفضل المعدات والخبراء ،ويكفي بان جحافل خميس ابن العقيد ألقذافي الفرقة 32 هي روسية الصنع والتجهيز،إضافة إلى بعض الدول التي تخص روسيا كأوكرانية وروسيا البيضاء اللتان زودت نظام ألقذافي بالأسلحة والتقنيات العالية لإدارة حربه. طبعا تعيش روسيا صدى الصدمة التي منيت بها من سقوط نظام ألقذافي السريع،والهزيمة سوف يكون له تداعيات عديدة على روسيا لكونها تفقد حلفاءها في الشرق الأوسط من خلال دعمها لدكتاتوريات وأنظمة فاسدة ستتحمل أعباء هذا التحالف،وتدفع ثمنه في المستقبل القريب.

فالموقف الروسي الذي عبر عنه الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بتاريخ 24 أب"أغسطس 2011 والذي يقول فيه حرفيا"" اليوم في ليبيا يوجد سلطتين ،والنصر الحالي لا يعتبر نهائيا حتى لو امتلكوا ثلاثين العاصمة وضرورة التفاوض ،ولا نستطيع الاعتراف بالمجلس الانتقالي اليوم ،وسوف نرى مدى شعبيته في البلاد وتأثيره عليهم". يقول ميدفيديف بان روسيا تطالب بان تبقى ليبيا دولة موحدة دون التفكيك بسبب وضع ليبيا وتركيبتها القبلية المعقدة الذي حافظ عليها النظام السابق كدولة واحدة ،فكيف يمكن للثوار المحافظة عليها دون تفككها والدخول في حرب داخلية تستنزف ليبيا وشعبه .الموقف الروسي يقوم على إيجاد حل سلمي نهائي للمشكلة الليبية،ينقل البلد إلى حياة طبيعية ،كي لا يتعرض الشعب الليبي لحرب أهلية تسفك فيها الدماء.الموقف الروسي غمض وملتبس وغير واقعي فإذا الصين حليف ألقذافي وصاحبة الاستثمارات الكبيرة البالغ قيمتها 18 مليار تمنت للشعب الليبي الخير وتحترم رغبته وترغب في المشاركة بإعادة أعمار ليبيا،فالروس يحاولون أعادة النظر في الخسارة التي منوا بها في ليبيا ولم يستيقظوا من الصدمة أو أنهم يعرفون ماذا يخبئ ألقذافي لأنهم شركاء معه ،طبعا لا يختلف الأمر مع تعامل السياسة الروسية مع النظام السوري وثورته الذي اندلعت في 15 مارس الماضي فالموقف الروسي لم يقدم أي حل فعلي لإنقاذ النظام السوري أو لإجبار العالم على مناقشته ولم يزور أي مبعوث إلى سورية وحتى السفير الروسي لم يكلف نفسه لزيارة المدن التي يتم احتلالها حتى القنوات الروسية غابت وغيبها النظام نفسه الذي لا يثق بروسيا .

لكن الروس يرفضون أي ضغط على النظام السوري ولا يزالون يمدونه بالأسلحة والمعدات التقنية واللوجستية والخبراء العسكريين والآمنين،لقتل شعب اعزل يدفع لروسيا من ماله ثمن الطلقات التي يقتل بها،بالوقت الذي يرفض النظام السوري المبادرة الإيرانية –الروسية ،حسب تعبير السفير الإيراني في موسكو، التي تحاول أنقاض النظام السوري من أزمته و ادخله بإصلاحات جادة.

الموقف الروسي خائف والخوف هو الذي افقد روسيا أوروبا الشرقية سابقا في العام 1991 ،وضيع صربيا عام 1999 والعراق 2003 وليبيا وسورية في العام 2011،فان إرسال نائب وزير الخارجية إلى سورية بتاريخ 29 "أب أغسطس "2011 ،يدل على إحراج الروس أمام العالم لممارسات النظام السوري الذي روسيا تحميه،فهذه المهلة التي طلبها الرئيس الروسي من العالم لتنفيذ الإصلاحات السورية،وهذه فترة جديدة تعمل روسيا على تأجيل قرار أممي بحق النظام السوري،لكن روسيا لم تحمل أي مبادرة تقدمها للنظام والمعارضة لان روسيا تعرف جيدا بان النظام السوري لا يستطيع تنفيذ أي إصلاحات،وبالتالي الروس سوف يعدون إلى مجلس الأمن لتأيد قرار أممي ضد النظام الذي فقد شرعيته الدولية والشعبية وبالتالي روسيا إضاعة سورية نتيجة ضعف في تحليل استراتجي .

ليبيا انتصرت شانا آم أبينا وليبيا الجديدة سوف تكون أفضل من ليبيا ألقذافي إرادة روسيا أن تعترف بهذه الحقيقة أما لا ، وسورية التالية واليمن على الطريق ،لان سقوط الأنظمة الدكتاتورية الأخرى التي تحميها روسيا، بات قريب وروسيا ستفقد الشرق الأوسط وشعبه، بسبب غباء لاستخباراتها ومعلوماتها الإعلامية التي اعتبرت أن هذه الأنظمة باقية وصامدة إلى الأبد وقادرة على قمع شعبها الأعزل. ومهما حاولت روسيا من أي عرقلة لقرارات مجلس الأمن بحق النظام السوري لا تستطيع تلميعه أمام العالم لان نظام الأسد فقد الشرعية الدولية والشعبية إلى غير رجعة وعلى روسيا أن تقر بخطاء ها الفادح في حمايتها للأنظمة الدكتاتورية وتخليها عن شعوب هذه الأنظمة التي يترتب على روسيا لاحقا الاعتذار لهذه الشعوب،لان مصلحتها الدائمة مع الشعوب وليس مع مجموعة من المافيا التي تتعامل مع مافيا .

*صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.

Dr_izzi2007@hotmail.com

==========================

العيد في حضرة الأسرى والشهداء

د. مصطفى يوسف اللداوي

أليس من حقنا نحن الفلسطينيين أن نفرح كغيرنا من العرب والمسلمين في يوم عيدنا، فهذا يومٌ أراده الله لنا لنفرح فيه، نلبس فيه الجديد، ونزور فيه القرب والبعيد، ونقدم فيه الهدايا للصغير والكبير، ونخرج إلى الشوارع مبتهجين، ونأخذ معنا أطفالنا إلى الملاهي ومراجيح العيد، نربت على ظهورهم، ونملأ جيوبهم بالحلوى وبنقودٍ من حديد، نفرح ونحن نرى البسمة على شفاههم، وهم يركضون ويلعبون ويمرحون، ويقفزون ويتمرجحون، يسابقون بعضهم، ويلفتون أنظار أهلهم، يلوحون لهم بأيدهم الصغيرة، وينادون عليهم لينظروا إليهم، ينفقون ما بقي في جيوبهم على ألعابٍ انتظروها وعشقوها، ودراجاتٍ يحبون أن يركبوها، وخيولٍ يتمنون أن يمتطوها، إنه يوم الزينة والفرحة، ومناسبة البسمة والرحمة، يومٌ ننسى فيه الحزن ونستولد منه الفرحة، نمسح فيه الدمعة ونرسم مكانها البسمة، نعض على جراحنا ونكابر، ننسى همومنا وأحزاننا ونحيي مكانها أحلامنا وآمالنا.

أكثر من ستين عاماً مضت علينا ونحن نستقبل أعيادنا في المقابر، نزور شهداءنا، ونطرح عليهم السلام، ونقدم لهم التهنئة في يوم العيد، وشهداؤنا يزدادون عاماً بعد آخر، يصلون القديم بالجديد، والولد بأبيه، والشقيق بأخيه، يحافظون على دفق الدم، وعبق رائحته، مقابرنا لم تعد تتسع لمزيدٍ من الشهداء، فآلة البطش والقتل الإسرائيلية الهمجية لا تتوقف، وأعمال القنص والغدر والاغتيال والتوغل تتواصل، وشعبنا يتمنى المواجهة ولا يخشى القتل، لا يجبن ولا يخاف، ولا يفر ولا يهرب، ولا يتوب ولا يندم، يتقدم ولا يتأخر، يعشق الشهادة ولا يخاف من الموت، يخلق من الموت لأمته الحياة، ولشعبه الخلود والبقاء.

في يوم العيد منذ أكثر من ستين سنة ونحن نزور مقابر الشهداء، نجدد البيعة لمن سبق من الشهداء، ونجدد العهد معهم، أننا ماضون على ذات الدرب، متمسكين بحقوقنا، ثابتين على نهجنا، راضين بقدرنا، سعداء بما لحق بنا، مستبشرين بنصر الله لنا، لا نفرط ولا نساوم، لا نسالم ولا نستسلم، ولا نخون ولا نغدر، نحفظ العهد، ونصون الأرض، وندافع عن الحق والوطن والمقدسات، ولكن يحزننا أن يحل علينا العيد وهم عنا غائبين، ومن أولادهم محرومين، لا يستطيعون أن يقبلوا يد أمهاتهم، ولا أن يصافحوا إخوانهم، ولا أن يدخلوا الفرحة إلى قلوب أطفالهم، والبهجة والمسرة إلى صدور أمهاتهم وأخواتهم وأحبابهم، ولكنهم ينتظرون أحبتهم ممن بقوا خلفهم، ليأخذوا بأيديهم إلى جناتٍ عرضها السماوات والأرض، ليكونوا في صحبة رسول الله وخيرة الخلق من النبيين والشهداء والصالحين في مقعدِ صدقٍ عند مليكٍ مقتدر.

منذ أكثر من ستين عاماً ونحن نستقبل العيد وعشرات الآلاف من رجالنا الأبطال خلف السجون والقضبان، مغيبين عن الحياة، بعيدين عن الناس، محرومين من الأهل والأحباب، وممنوعين من الاتصال بأسرهم أو الحديث مع أطفالهم، يعانون من ضيق السجن وقسوة القيد وحقد السجان، يواجهون بإرادتهم الصلبة إجراءات سلطات الاحتلال التي حرمتهم من كثيرٍ من حقوقهم، فمنعت زيارتهم، وحرمتهم من حقهم في لقاء محاميهم، ومنعتهم من مواصلة تعليمهم، وزادت في إجراءات عزلهم وعقابهم، وباعدت بينهم في السجون، وأقصت كثيراً منهم في عمق الصحراء أو في منافي السجون، وقد بالغت في محاكمتهم، فاشتطت في أحكامها، وضاعفت في سني اعتقالهم وسنوات سجنهم، وعقدت ظروف اعتقالهم، وتشددت في شروطها عليهم.

في يوم العيد منذ أكثر من ستين عاماً ونحن نحلم أن يلتئم شملنا مع من نحب من أسرانا ومعتقلينا، ونتطلع إلى اليوم الذي نراهم فيه أحراراً، يغدون مثلنا ويروحون، يزورون ويزارون، يخلعون بزاتهم البنية والبرتقالية، ويلبسون مكانها أبهى حلة وأجمل زينة، والفرحة تلون وجوههم، والبسمة تزين شفاههم، يجتمعون بأطفالهم كغيرهم، يعطونهم العيدية التي ينتظرونها، ويحملونهم معهم إلى الملاهي والمراجيح ليفرحوا كما كل أطفال الدنيا، ولكن الأسرى لا يخرجون، وفي السجون يزدادون ولا ينقصون، ولكنهم ثابتون صامدون، يقوون ولا يضعفون، يتشامخون ولا يتضاءلون، ترتفع أصواتهم ولا تخفت، وتشتد عزيمتهم ولا تضعف، ويتعاظم لديهم الأمل لا يضعف، فغداً سيغدون أحراراً رغم أنف الاحتلال، وسيجبرونه على فتح أبواب السجن، وكسر أغلال القيد.

إنه من حقنا في يوم عيدنا كغيرنا أن نفرح، وأن نبتهج ونسعد مع أهلنا وأحبابنا، بلا حزنٍ يلون أيامنا، ولا آهةٍ تضعف أصواتنا، ولا غائبٍ سجينٍ أو مشتت نتحسر على غيابه، ونتمنى حضوره، ونتطلع إلى يوم عودته، ولا شهيدٍ قتله العدو فواريناه الثرى، فغاب عن عيوننا، ولم يعد بيننا رغم أنه مازال يسكن في قلوبنا، ويحوز على ذاكرتنا، فهو حاضرٌ في حياتنا بأفكاره وثوابته وحقوقه ووصاياه وكلماته الأخيرة، ليكون وصياً على العهود، أميناً على الحقوق، فنحفظها ولا نفرط بها.

إنه من حقنا في يوم عيدنا بعد أكثر من ستين عاماً من الحزن والحرقة والألم أن نفرح في ظل دولتنا وعلى أرض وطننا، وراية علمنا تخفق فوق رؤوسنا، وشمس الحرية تسطع فوق رؤوسنا، نتمتع بسيادتنا على كامل أرضنا، فلا عدو يحتل أرضنا، ويستولي على ممتلكاتنا، ويسلبنا حقوقنا، ويقتل أبناءنا، ويعتقل رجالنا، ويشرد أهلنا، فقد آن الأوان لأن يكون لنا يوم عيد، نفرح فيه مع أسرانا الأحرار، بعد أن نكسر قيدهم، ، ونفكهم من أغلالهم، ونحررهم من سجنهم، ولا يكون فيه شهداءٌ جدد، ولا رجالٌ يوارون الثرى بعد أن نسكت فوهات مدافع الاحتلال، ونعطل آلة القتل عنده، لنشد الرحال، ونغذ الخطى نحو القدس، لنصلي في مسجدها الأقصى صلاة العيد، رجالاً ونساءاً، كباراً وصغاراً.

moustafa.leddawi@gmail.com

=========================

يا آل الرفاعي .. صبرا وثباتا

بقلم : مصطفى الحباب

نطقوا .. حينما سكت الجبناء .

وأفصحوا .... حينما تلعثم المرجفون .

وصدحوا بالحق .... لما هاب الهامسون .

إنهم عائلة الرفاعي في دمشق أو قل تيار الرفاعي الدعوي أو مسجد ومركز زيد بن ثابت .. ألقاب كثيرة لكن الأهم أنهم من سلالة وطلاب العالم الرباني الشيخ عبد الكريم الرفاعي الذي ولد في دمشق عام 1901 م, ودرس عند علامة الشام ومحدثها الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني رحمه الله تعالى، وداوم الشيخ بكل همة ونشاط على حضور دروسه الذي تفرَّس فيه خيرا فخصه بدروس في علوم التوحيد والمنطق والفلسفة استمرت أكثر من سبعة عشر عاما ,كان يحضرها وحده ولم يشاركه فيها أحد سواه ! , وتفرس به شيخه (علي الدقر ) منذ الصغر , بأنه سوف يكون له شأن كبير في العلم والدعوة إلى الله عز وجل، فاعتنى به ورعاه ودعا الله له بكل إخلاص وصدق , وصدقت فراسته وأبرز ثمارها أبنائه الدعاة النبلاء الشيخ سارية وأخيه الكبير الشيخ أسامة الرفاعي إمام جامع عبد الكريم الرفاعي في كفر سوسة بدمشق , الذي اقتحمته عصابة بشار – ليلة السابع والعشرين- من رمضان بعد صلاة التهجد وضُرِب الشيخ أسامة الرفاعي بالعصي وأصيب برأسه مما أدى إلى فقده للوعي ونقل إلى المستشفى ، واعتقل العديد من الشباب منهم المعتز بالله ابن الشيخ أسامة الرفاعي , وتم إغلاق المسجد يوم الثامن والعشرين رمضان لمنع الناس من الصلاة في أفضل أيام السنة .

تيار الدعوة والتزكية

هذه العائلة الدمشقية الكريمة من مؤسسين العلم والدعوة في سوريا , فقد كان الشيخ عبد الكريم الرفاعي إماما وخطيبا ومدرسا في جامع زيد بن ثابت الأنصاري في دمشق ومن هذا المسجد المبارك بدأ الشيخ عمله الدعويَّ المتميز , فأخذ يجمع الشباب ويعد لهم البرامج الدعوية والتربوية , وأسس الحلقات العلمية الشرعية، والحلقات القرآنية، وكان كل همه أن يُنقذ أبناء بلدته من براثن الضلال والفساد والشرود عن منهج ربهم تبارك وتعالى، وأن يُحصنهم في سبيل ذلك بالعقيدة الواضحة الثابتة، وبالعلم الشرعي الرصين، وبالأخلاق الإسلامية الفاضلة، لذلك لم يكن عمله مقتصرا على تخريج طلاب العلم المتخصصين فقط بالعلوم الشرعية , بل كان يريد إلى جانب هؤلاء أن يتخرج الشباب المثقفون ثقافة عصرية، ويجمعون معها الثقافة الشرعية اللازمة، وأن يكون من ضمن اهتماماتهم حفظ كتاب الله تعالى وإتقان تلاوته بقراءة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , يتلقون ذلك عن شيخ القرآن في جامع زيد والمساجد التابعة له وهو فضيلة الحافظ الجامع للقراءات الشيخ محي الدين الكردي أبي الحسن -رحمه الله- , وقد ناهز القرن وهو يخدم القرآن الكريم من خلال تعليمه و إقرائه و نشره في ربوع الشام و أطراف العالم الإسلامي , والذي تخرج على يديه المئات من حفاظ القرآن الكريم وتخصص الكثير منهم في قراءاته, وانبثوا في أرجاء بلاد الشام والعديد من الدول العربية والإسلامية, من أمثال الشيخ المحقق والمقرئ محمد الزعبي الحمصي عضو اللجنة العلمية لطباعة المصحف الشريف في مجمع الملك فهد في المدينة المنورة .

وهذا التيار الدعوي الرفاعي المؤثر في دمشق لم يكن فقط محصورا في الحلقات , بل الشيخ عبد الكريم رحمه الله كان له نشاط فعال في الدعوة والتربية والتعليم ولم ينسَ ما كان يعاني منه الكثير من أفراد مجتمعه , وخاصة في الأحياء الشعبية من الفقر والمرض والحاجة , فدعا إلى تأسيس الجمعيات الخيرية التي تعتني بشؤون الفقراء والمرضى والأرامل والأيتام المحتاجين.

وكان من ثمار هذا التوجه إنشاء «جمعية البر والإحسان» في حي قبر عاتكة، وجمعية «إغاثة الفقير» في حي باب سريجة، ولما ظهرت آثار هاتين الجمعيتين وكثرت أعباؤهما أسس الشيخ مع لفيف من العلماء وأهل الخير الصالحين جمعية ثالثة يشمل نشاطها مدينة دمشق بأسرها وهي: «جمعية النهضة الإسلامية»، التي تقوم برعاية الفقراء والمحتاجين من أي حي كانوا وسد حاجة المرضى والعاجزين ومكافحة التسول والتشرد ، وكان الشيخ يختار لهذه الجمعيات الأعضاء و الإداريين ممن تتوفر فيهم الثقة العظيمة، والسمعة الطيبة، والعاطفة الإيمانية النبيلة، الذين يعطون ولا يأخذون , ويبذلون ولا يطلبون إلا رضا الله عز وجل .

استمر الشيخ على القيام بأعمال الدعوة والتعليم والتربية والعناية بالمجتمع سنين طوالا .. وسار على نفس هذا الدرب أبنائه وأحفاده , أبرزهم الشيخ سارية الرفاعي حيث نشأ ودرس على والده الذي له الأثر الأكبر في همته في نشر العلم والدعوة والخير في المجتمع , ففي عام 1965 م , عين إماما في جامع القصور وأنشأ فيه الحلقات العلمية والقرآنية وسافر الشيخ بعد ذلك إلى مصر والتحق بالأزهر الشريف, وتخرج في كلية أصول الدين عام 1971, ثم حصل على الماجستير في التفسير عام 1974 , و عين إماما وخطيبا في جامع زيد بن ثابت الأنصاري عام 1973 , ووسع الجامع وأقام عليه معهدا لطالبات القرآن وعلومه , و في عام 2000 م أسس جمعية حفظ النعمة الخيرية المشهورة , ولهذه الجمعية إسهامات مختلفة في عدد من المشاريع الخيرية في سوريا ثم أسس مركز زيد بن ثابت لخدمة الأنشطة القرآنية .

وحينما ذهبت للشام قبل سنتين لدراسة دبلوم في إحدى الأكاديميات الدولية , ضاق صدري بوضع دمشق الدعوي حيث الفراغ واضح جدا لخلو الأنشطة الثقافية والتربوية والدعوية لما يصحب تهديدا ومراقبة من النظام البعثي لكل من له نشاط دعوي أو حتى اجتماعي !.

حتى صحبني ( الأستاذ يحيى ) احد طلاب الشيخ أسامة الرفاعي , فصلينا الجمعة في مسجد الشيخ عبد الكريم الرفاعي في دمشق بمنطقة كفر سوسة الذي يخطب فيه الشيخ الهُمام أسامة الرفاعي, وكانت خطبة الجمعة بليغة وهي استكمالا لسلسة الخلفاء الراشدين وفيها وقفات تعتبر جريئة الطرح من خطيب جمعة ! , ورأيت النشاط الدعوي والهمة العالية من طلاب حلقات القرآن والعلم , وسماحة الشيخ أسامة وتودده لطلابه ورأيت وفودا من الطلاب الغير ناطقين بالعربية يدرسون العربية والعلوم الشرعية .

حينها تذكرت جماعة النورسيين في تركيا وجهدهم التعليمي والدعوي في تركيا وتشابه جماعة الرفاعي بهم في الفهم والممارسة , فلهم اهتمام بالتزكية والتعليم والتربية لسد الفراغ الذي كان يشغله الإخوان المسلمين كما سمعت من بعضهم ذلك , وأفكار طلاب الرفاعي صحيحة على منهج الكتاب والسنة وليس بها خزعبلات الصوفية .

والشيخ أسامة الرفاعي وهو من وقف بكل إباء يتحدث عن الظلم الذي يمارسه النظام، وعن حتمية رفع قانون الطوارئ الجاثم على صدر السوريين من نصف قرن من الزمن ، وعن حقوق الإنسان في البلد ، وعن المعتقلين ، والحريات، والحياة السياسية في البلد .

أبعاد الاقتحام و الاعتداء

إن ما حدث من اعتداء على الشيخ الرفاعي وتخريب المسجد وإغلاقه له تداعيات وأبعاد أهمها :

أولا : ترهيب السوريين الأحرار من رواد المسجد وأنصار الشيخ , ورسالة للشيخ الرفاعي وإخوته وأبنائهم لثنيهم عن الاحتجاج , حيث كان قبل الاقتحام بيوم واحد يجتمع على مائدة بشار مجموعة من مشايخ الطرق الصوفية والبعثية .

ثانيا : ترويع المتظاهرين ورسالة تحذير لهم بعدم التجمع في ساحة دوار كفر سوسة لئلا تكون الساحة ساحة للثوار والمتظاهرين على غرار الساحات المليونية الثورية .

ثالثا : الشيخ الرفاعي يعد من الرموز الكبيرة في المجتمع السوري فالاعتداء عليه يعني رسالة لكل الرموز الشرعية الصادقة الصامتة وخاصة الجماعات الصوفية المنتشرة في سوريا .

رابعا : تحاول عصابة بشار وقوى أمنه الضغط على الشيخ الرفاعي بأن يأخذوا منه كلمة لتهدئة الشعب المنتفض , وتشير التقارير الإخبارية أنه طلب منه ذلك ورفض وهددوه بقتل ابنه .

المؤلم أن الحادثة التي نقلتها وسائل الإعلام من تخريب جامع الرفاعي والاعتداء على المصليين, تذكرنا بجرائم اليهود في فلسطين ففي أفضل أيام شهر رمضان وأيام الحرمة وأجمل لياليه يقتل الناس ويعتقلون , وقد صدق فيهم الشاعر الأبي مروان حديد -رحمه الله - حينما قال :

حزبكم أضحى غثاءً .. أو قريبا من غثاء

حزبكم أمسى كريها .. ريحه كالخنفساء

جيشكم أضحى ذليلا .. لم يعد فيه فدائي

جيشكم راض ٍ بظلم .. من غباء أو رياء

حكمكم دوما خؤونٌ .. باع أرضي و فضائي

بعتم الجولان سلما .. دون سفك للدماء

-----------------------

*مدير مركز صناعة الفكر للدراسات والأبحاث

=======================

استحقاق الدولة الفلسطينية وليس استحقاق أيلول

د/إبراهيم أبراش

في الوقت الذي تتفكك فيه دول وتنهار أنظمة وتُقبِل فيه المنطقة العربية على تحولات مفتوحة على كل الاحتمالات ،وفي الوقت الذي وصل فيه النظام السياسي الفلسطيني إلى أسوء حالاته حيث الانقسام ووصول المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لطريق مسدود كما وصلت المقاومة أيضا لطريق مسدود ،في هذا الوقت وفيما يشبه المفارقة تلوح القيادة الفلسطينية بالذهاب للأمم المتحدة لانتزاع اعتراف دولي بفلسطين دولة وهي تحت الاحتلال.وبات ما يسمى ب ( استحقاق أيلول ) الشغل الشاغل للقيادة الفلسطينية وعنوان الحراك السياسي والدبلوماسي الفلسطيني والعربي فيما يخص الصراع في الشرق الأوسط بحيث طغى هذا الحراك السياسي على غيره من التحركات سواء كانت مفاوضات أو مقاومة بل تم تعليق المصالحة الوطنية لحين اتضاح مصير استحقاق أيلول ،وبات وكأن مصير القضية الفلسطينية معلقا على ما ستتمخض عنه اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2011.وقد تفاوتت المواقف الشعبية والحزبية ما بين داعم ومبارك لهذا الحراك ومعارض له وبينهما مواقف متحفظة أو حذرة ليس من الذهاب للشرعية الدولية بحد ذاته بل من التوقيت وآلية إدارة هذا الملف ومن صيغة القرار الذي سيصدر وعلاقته بالقرارات الأخرى الخاصة بالقضية الفلسطينية كقضية اللاجئين وموقع منظمة التحرير الفلسطينية وصفتها التمثيلية .

الوضع الفلسطيني الداخلي يضاف إليه الرفض الإسرائيلي والأمريكي للخطوة الفلسطينية يشكلا تحديا كبيرا أمام القيادة الفلسطينية و قدرتها على مواجهة الرفض والضغوطات الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية،وقدرتها على خلق موقف فلسطيني موحد حول قرار الذهاب للشرعية الدولية وحول صيغة القرار الدولي الذي سيصد وماذا بعد صدور القرار أو الاعتراف بالدولة،ذلك أن الاعتراف ليس هدفا بحد ذاته لأنه لن يؤدي لقيام الدولة تلقائيا ،بل هو وسيلة أو عامل معزز للنضال السياسي الفلسطيني ،وبالتالي إن لم يُرفَد القرار بمصادر قوة أخرى فسيضاف للقرارات السابقة التي تراكمت عبر السنيين وستواصل إسرائيل استيطانها وعدوانها بالرغم من وجود قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

بالرغم من صدور عديد من القرارات الدولية حول مشكلة الشرق الأوسط منذ قرار التقسيم عام 1947 ،وبالرغم من حضور الشرعية الدولية بشكل مباشر أو غير مباشر في العملية السلمية منذ انطلاقتها مع مؤتمر مدريد 1991 ...إلا أن قرار القيادة الفلسطينية بالذهاب للأمم المتحدة الآن آثار كثيرا من اللغط والجدل ليس فقط كردود فعل معارضة من طرف تل أبيب وواشنطن وصلت لحد التهديد بوقف التمويل عن السلطة أو إلغاء اتفاقيات أوسلو وإعادة احتلال الضفة أو أجزاء منها ، بل أثارت ردود فعل مرتبكة وحذرة من جهات فلسطينية وعربية من الإقدام على هذه الخطوة.الأمر الذي يتطلب كثيرا من الاستعداد والجاهزية السياسية ما قبل التقدم بالطلب للامين العام للأمم المتحدة وجاهزية في صياغة مشروع القرار الذي سيقدم ،وجاهزية اكبر في الثبات على الموقف حين مناقشة مشروع أو صيغة القرار في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة،أيضا جاهزية لمرحلة ما بعد صدور القرار أو الاعتراف بالدولة،بحيث لا تكون النتائج محطة تراجع عن الحد الأدنى من الثوابت الفلسطينية كما وردت في بيان إعلان الدولة في الجزائر و كما نصت عليها التفاهمات الوطنية اللاحقة.

استحقاق أيلول حتى الآن ليس واضح المعالم ،والصورة الملحمية التي لا تخلو من تبسيط ساذج للأمور التي يروج لها المتحمسون لهذا الخيار قد لا تكون حقيقية ،فالأمور قد تسير خلاف ما يتوقعونه ويروج له ،فلدى واشنطن وحلفائها كثير من أحابيل الدبلوماسية للالتفاف على المطلب الفلسطيني ،ولا نستبعد أن يكون المتحمسون لاستحقاق أيلول يعلمون صعوبة وخطورة هذه الخطوة ولكن غياب البدائل عندهم وتمسكهم بالسلطة يجعلهم يصرون عليها.لا يعني هذا رفضنا للشرعية الدولية ولكن علينا توقع كل الاحتمالات بما فيها التراجع عن الفكرة في آخر لحظة في إطار تفاهم حل وسط بين منظمة التحرير وواشنطن وإسرائيل ،أيضا توقع أن تتصرف واشنطن ومجلس الأمن بصيغة الطلب الذي سيقدمه الفلسطينيون للأمم المتحدة ويعيدوا صياغته بما يفرغه من مضمونه الأصلي ويصبح مجرد إشارة مبهمة لدولة فلسطينية،وآنذاك لن تستعمل واشنطن حق الفيتو ضد القرار وبالتالي لن يتم عرض القضية على الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفي نفس السياق علينا أن نحسب جيدا نتائج صدور اعتراف دولي بدولة مبهمة المعالم من حيث تأثير هذا الاعتراف على الاعتراف السابق بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني،ولا ندري إن كان ممكنا لهيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الاعتراف بالشعب الفلسطيني كحركة تحرر (منظمة تحرير ) والاعتراف بفلسطين كدولة في نفس الوقت.وإذا ما تم الاعتراف بفلسطين دولة معنى هذا إلزام الفلسطينيين بالتزامات الدول دون أن يكونوا دولة ,وهذا معناه غياب جهة فلسطينية تمثل كل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات و إسقاط مرحلة التحرر الوطني والحق في المقاومة وهي مرحلة وحق قد يحتاجهما الفلسطينيون إذا ما رفضت إسرائيل الانسحاب من ارض الدولة الفلسطينية.

ولذلك يجب أن لا نرهن الحق المشروع للشعب الفلسطيني في دولة مستقلة بما سيحدث في أيلول ،أو بصيغة أخرى الفصل بين ما يسمى استحقاق أيلول واستحقاق الدولة الفلسطينية ،فاستحقاق أيلول تولد بداية من تمنيات للرئيس أوباما وللأوروبيين قبل سنتين برؤية دولة فلسطينية تتحقق نهاية عام 2011 كما جاء ليملأ الفراغ السياسي ويحافظ على وجود القضية دوليا بعد مأزق التسوية والمفاوضات وهو جاء أيضا كمحاولة للحفاظ على السلطة ومؤسساتها،أما استحقاق الدولة فهو مستمد من حق شرعي طبيعي وتاريخي ،حق مستمد من تاريخ طويل للنضال بكل أشكاله ومستمد من حقيقة الوجود التاريخي للشعب الفلسطيني على أرضه،هذا الحق بالدولة إن كان يحتاج للشرعية الدولية لإظهاره أو دعمه فهو غير مرتهن بما يؤول إليه اجتماع الجمعية العامة في سبتمبر وغير مرتهن بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ،وعليه فعلى القيادة الفلسطينية أن تشتغل على استحقاق الدولة دون ربطه بتاريخ محدد أو بقرار محدد،واستحقاق كهذا يتطلب تهيئة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تجمعه لهذا الاستحقاق في أيلول وما بعد أيلول.

وخلاصة نقول إن إعادة القضية للأمم المتحدة وإن كان يشكل تصحيحا لخطأ بدء في أوسلو عندما تم تجاهل الشرعية الدولية وبالرغم من أهمية هذه الخطوة ،إلا أن الأمر لا يخلو من مغامرة سياسية دبلوماسية إن لم نحسن التعامل معها فستنقلب ضدا على المصلحة الوطنية الفلسطينية أو على الأقل لن تكون أكثر من كسب للوقت لحين اتضاح معالم المتغيرات العربية والدولية أو تغيير الحكومة الإسرائيلية.

‏31‏/08‏/2011

Ibrahemibrach1@gmail.com

=============================

بعض من الكفر حلال!!!

د. أكرم حجازي

ما أنْ سقط العقيد القذافي حتى عمت احتفالات الفرح بسقوطه مدينتي طرابلس وبنغازي بصورة لافتة. وما هي إلا لحظات من الزمن حتى خرج من ينادي بتدخل دولي مماثل في سوريا للتخلص من النظام الطائفي فيها. بل أن هنالك من القوى السورية من بات يحرض على التدخل الدولي، ويعلق عليه الأمل!!!

 

 يحدث هذا في سياق عجيب تبدأ فيه الثورات بمطالب بسيطة ما تلبث أن تتصاعد حتى تستقر عند الهدف النهائي لها ممثلا بإسقاط النظام. ورغم أننا لا نؤمن بهذا المنطق باعتبار أن ما يجري ليس سوى دورة تاريخية تجري في إطار سنة الله في خلقه، إلا أن التوقف عند مطلب إسقاط النظام أخذ يتبلور حتى في سياق الاستعانة بالغرب!!! وكأن الغرب بريء من هذه النظم أو أن هذه الأخيرة معادية له من الأصل!!!

 

 هذا يعني ببساطة أن الثورات لا تضع في حسبانها حتى هذه اللحظة هدف التخلص من الهيمنة والتبعية والتحرر من القيود التاريخية التي كبلتها بها القوى الكبرى. بل أن العكس هو الصحيح. إذ أن ما يجري هو الحرص التام على البقاء في دائرة المركز.

 

 الغريب أن أوروبا المتنوعة والمتصارعة تاريخيا دفعت أثمانا باهظة من دماء أبنائها كي تتحرر من طغيان الكنيسة والحروب النازية والفاشية، والتاريخ القريب يشهد أنها وشرق آسيا كانتا مسرحا لحربين عالميتين فقدت فيها الشعوب عشرات الملايين من البشر. وفي أعقاب هذه الحروب خرجت دول كثيرة من الهيمنة والتبعية والاستغلال ليست الهند والصين واليابان إلا أشهرها وأكبرها.

 

 في المقابل، ما هي التضحيات التي قدمتها الأمة بعد كل هذه الكوارث والنوازل العظيمة التي حلت بها؟ وكيف يمكن تصور حال أمة لا تبدو، حتى اللحظة، راغبة في التضحية أو الاعتراف بحقيقة معركتها أو عدوها بقدر ما تبدو منشغلة بالبحث عن الوصاية والحماية الدولية؟ وما هو الوصف الدقيق لمثل هذا الحال إلا أن يكون شهادة من الأمة على نفسها، وأمام العالم أجمع، والتاريخ، بأنها غير قادرة على الحياة بمفردها، وغير جديرة بالحياة إلا كخاضعة وذليلة ومنحطة في هذه اللحظة من الزمن!!! وماذا بقي لأمة تسعى للتحرر بأسهل الطرق وأقل التكاليف غير الطعام والشراب!!!؟ وما هي إذن قيمة الثورات العربية إذا كانت النظم الجديدة ستغط، في المحصلة، في سبات جديد؟ وما هو الفرق بين « سايكس – بيكو» قديم وآخر جديد؟

 

 قد يظن البعض أن « سايكس – بيكو» هي منظومة استعمارية طبقتها فرنسا وبريطانيا على العرب دون غيرهم!!! والحقيقة أنها طبقت، في نفس التوقيت، على أربع أمم أخرى، كان المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها الضحية الأولى والأعظم لها. لكن من الواضح أن غالبية الأمة غافلة عن هذه الحقيقة ماضيا وحاضرا. وعليه فمن الجدير التذكير في الأمر:

 

  بلاد الترك. كانت أول الضحايا. فهي تشمل اليوم: (1) تركيا الحديثة، و (2) تركستان التاريخية التي تضم الجمهوريات الخمس: أوزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وتركمانستان وطاجكستان، التي استأثر بها الاتحاد السوفياتي قبل أن تستقل بعد انهياره سنة 1991، بالإضافة إلى (3) تركستان الشرقية التي سيطر عليها الصينيون، وأطلقوا عليها اسم « إقليم سينكيانغ - 1949»! وغني عن القول أن زوال الخلافة الإسلامية جاء في أعقاب انهيار بلاد الترك وتفكك الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.

 

  بلاد الكرد. لا يخفى على الأمة دور الأكراد في الحضارة والتاريخ الإسلاميين أو الدين، كما أن الغرب لم ينس ثأره التاريخي مع الأكراد لاسيما في معركة حطين وطردهم من فلسطين. وليس هناك أشهر من حادثة قائد القوات الفرنسية الجنرال هنري غورو الذي احتل دمشق بعد معركة « ميسلون - 8 ذي القعدة 1338ه / 24 يوليو 1920م »، وتوجه نحو قبر الفاتح صلاح الدين الأيوبي، وركله بقدمه قائلا: « ها قد عدنا يا صلاح الدين»!!!! لكن ما ليس مألوفا للعامة، وحتى للكثير من الخاصة، أن القوى الاستعمارية حرمت الأكراد من أي كيان سياسي في بلادهم التاريخية، التي تم توزيعها على أربعة بلدان إقليمية قوية هي إيران وتركيا وسوريا والعراق. ولعل أخبث ما في التقسيم أنه وزع بين بلدان عربية وأعجمية لتشتيت الجهد الكردي، وحتى لا يكون للأكراد أمل في كيان إلا إذا اضطروا لخوض صراع مستحيل مع أكثر من قومية.

 

  بلاد العرب. بينما كانت المفاوضات بين الشريف حسين والسفير البريطاني في القاهرة، السير هنري ماكموهون، خلال الحرب العالمية الأولى، تجري على أساس انفصال العرب عن الحكم العثماني في إطار دولة عربية كبرى؛ كانت بريطانيا وفرنسا تتفقان على تقاسم التركة العثمانية، في صيغة معاهدة استعمارية وقعها وزيرا خارجية البلدين، مارك سايكس وجورج بيكو لتقسيم شبه الجزيرة العربية، وتقاسم بلاد الشام، وفصل العراق عنهما، وإزاحة بلاد النيل جانبا، وعزل المغرب العربي عن مشرقه. وفي المحصلة انتهى العالم العربي إلى اغتصاب فلسطين وتسليمها لليهود في دولة أسميت ب « إسرائيل - 1948» تم زرعها في قلب الأمة التي تفككت جغرافيا واجتماعيا إلى 21 شعب ودولة أو إمارة أو سلطنة.

 

  بلاد الهند. ثلثها، على الأقل، كان من المسلمين حتى نهاية سنة 1948!!! لكن أطرف ما في تقسيم الهند أن الهندوس والسيخ رفضوه بينما وافق عليه المسلمون وحرضوا عليه!!! وكانت المرحلة الأولى منه إعلان استقلال باكستان في 14 /8 / 1947، ثم بدأت المرحلة الثانية سنة 1971، إثر حرب أهلية طاحنة، انتهت بتقسيم باكستان نفسها إلى غربية ( باكستان الحالية) وشرقية اتخذت من بنغلادش اسما لها فيما بعد. واليوم فإن عدد المسلمين في الهند، وفقا لإحصاءات العام 2009، يصل إلى161 مليون نسمة، بنسبة تقارب 13.5% من إجمالي السكان، و 174 مليون نسمة في باكستان، بالإضافة إلى أزيد من 145 مليون في بنغلادش. وفي المحصلة لدينا أكثر من 480 مليون نسمة على الأقل في إجمالي الهند التاريخية. فماذا لو بقيت الهند موحدة وسط نسبة من المسلمين يقاربون 50% من السكان؟ نسبة لا يعادلها إلا كل مجموع السكان من الطوائف الأخرى!!!

 

 هذا ما فعلته القوى الاستعمارية الكبرى في بلاد المسلمين، من الهند إلى المغرب الأقصى. لذا فإن كل التقسيمات والنظم القائمة هي نتاج تاريخية استعمارية صريحة. قسمة ضيزى، قادتها بريطانيا، أخطر دولة على البشرية. بل هي الدولة التي يشهد التاريخ والواقع أن ثأرنا وحساباتنا معها لا تندمل ولا تواريها العقود ولا القرون. مع ذلك ثمة من يسعى بكل جهد جهيد إلى تجديد عقد الوصاية والانتداب، اعتمادا على ذات القوى، وبنفس الأدوات والمنطق الذي ضاعت به الأمة وبلادها!!! فأي خير يُرتجى من هؤلاء أو من الغرب؟

 

 لنكن صريحين بما يلزم من القول:

فقد بات من المخزي أن يتداعى البعض على الغرب، طلبا للحماية والنصرة والتدخل وتجديد شباب الوصاية والانتداب، في الوقت الذي تخرج فيه الشعوب عن بكرة أبيها. فأي عار هذا الذي سيلازمنا ويلازم أجيالنا القادمة، ونحن نسعى بأيدينا لنجدة الغرب الرأسمالي، وإنقاذه من ورطته الاقتصادية وإفلاسه وهزيمته العسكرية في ساحات الجهاد؟ وأي إنجاز نهديه إلى الغرب أثمن من تجديد الثورات ل « شرعية» الوصاية والدولة اليهودية ونظم الانتداب المدمرة؟!!! لكن إنْ كانت الوصاية كفر .. فهل بعض من الكفر حلال؟ أم هو الكفر كله؟

 

 كثير من القوى الراعية للثورات أو المتسلقة عليها أو الغاصبة لها إما أنها جاهلة في التاريخ والدين أو عاجزة أو عمياء أو مغرورة أو عميلة. وبالتالي فما من مشروعية لأية ثورة أو نظام جديد يحتفظ بذات العلاقة التاريخية مع الغرب، أو يقبل بهيمنته. لا مشروعية أبدا، لأننا سنكون حينها كمن يؤمن بكون الوصاية كفر .. لكن بعضا من الكفر حلال!!! وعليه؛ فإذا لم يعتدل سمت الثورات، وتنضبط أهدافها، وتُنتزَع مساراتها أو إنجازاتها، من هؤلاء، فسنفقد فرصة عظيمة للانعتاق من الهيمنة، وستكون أمة الإسلام، والعرب على الخصوص، أكثر أمم الأرض استغفالا وانحطاطا في التاريخ.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ