ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إلى الذين يخافون من
تطبيق الشريعة د.محمد عبد الرحمن عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان
المسلمين مجتمعاتنا والحمد لله مسلمة، وإن كان
ينقصها استكمال التطبيق الصحيح
للشريعة الإسلامية، إلا أن
مفهوم بعض الناس عن المجتمع
المسلم والشريعة، به بعض
التشويش، ويتصورون أنه مجتمع
مغلق، كل شيء فيه بالأمر، ومن
يتجاوز تتم معاقبته، والحريات
فيه شبه منعدمة، والجلد والضرب
فيه هو الأسلوب الشائع في
التعامل. هذه الصورة القاتمة مخالفة للحقيقة
تمامًا، ومخالفة لمنهج الإسلام
والمجتمع المسلم الذي أسسه رسول
الله صلى الله عليه وسلم؛
فالحدود والعقوبات فيه ليس
هدفها الانتقام أو الإذلال أو
الإيذاء، وإنما هي زواجر. وكثير من التوجيهات والأوامر الاجتماعية
والسلوكية في المجتمع المسلم
تعتمد على الجانب الإيماني
وتحفيزه عند الأفراد، وعلى
الرأي العام الذي يشكل وسيلة
ضغط، وكذلك النصيحة والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم
في النهاية تأتي الحدود
والتعازير في أضيق النطاق. ونجد في هذا المجتمع إعلاءً كاملاً لقيمة
الحرية، وإبداء الرأي مهما كان،
مجتمع تنتشر فيه قيم التسامح
والتكافل لأبعد حد، ليس هناك
مسارعة في توقيع العقوبات، فهذا
حديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم "تَعَافُّوا الْحُدُودَ
فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا
بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ
وَجَبَ"،"ادرءوا الحدود
بالشبهات"، فإذا رفعت إلى
الحاكم دخلت مرحلة التنفيذ
بشروطه وضوابطه الشرعية، بل إن
من يقع تحت طائلة العقوبات بعد
استنفاد الوسائل الأخرى في
التقويم لا يعتدي أحد على
كرامته الإنسانية وحقوقه
المجتمعية. وما أعرضه هنا ليس بحثًا شرعيًّا، وجمعًا
للأدلة، وموازنةً وترجيحًا
فيما بينها، فهذا له ميدان آخر،
ولكني أعرض رؤية واضحة في بعض
الأمور التي حولها تساؤلات بعد
دراسة وبحث شرعي لعدة سنوات،
وهي رؤية تتفق مع منهج الاتساع
لجميع الآراء المعتبرة شرعًا،
مع الاتفاق على الالتزام
بالأصول المجمع عليها، وفتح باب
الاجتهاد بشروطه لتلبية
المستجدات ومتطلبات العصر. بالنسبة لما يتعلق بأهل الكتاب والسيّاح: أهل الكتاب في هذا المجتمع المسلم تُحترم
تمامًا قوانين أحوالهم
الشخصية، بل ويحرص المجتمع
المسلم على تسهيل وتيسير أدائهم
لعبادتهم، ولا يتم الاعتداء على
كنائسهم وصلبانهم وأطعمتهم بأي
صورة، ولا يُفرض عليهم زي معين،
بالإضافة إلى أنهم مواطنون في
المجتمع، لهم حق المواطنة
كاملة، كما بينتها قواعد
الشريعة الإسلامية. ولهم أن يصنعوا الخمور، وأن يستوردوها،
وأن يتاجروا فيها فيما بينهم،
وأن يشربوها في بيوتهم وفي
أماكن خاصة بهم في المجتمع (سواء
كانت هذه الأماكن محلات أو
فنادق)، لكن لا يجوز للمسلم أن
يعمل فيها أو يشاركهم فيها،
وحسب حكم الشريعة: لا يجوز تكسير
زجاجات الخمر الخاصة بهم، وإذا
قام أحد المسلمين بذلك فإنه
يحاسب ويغرم ثمن الزجاجات التي
كسرها. والزي الإسلامي لا يفرض عليهم، وكذلك
بالنسبة للسياح الأجانب، فإنه
تنطبق عليهم شروط المستأمن من
أهل الكتاب، فهم في حفظ الدولة
ورعايتها، وتنطبق عليهم نفس
قواعد التعامل الاجتماعي مع أهل
الذمة، فلا يُفرض عليهم زي
معين، ونحترم أداءهم لشعائرهم
وعباداتهم. وبالنسبة لموضوع الخمر فينطبق عليهم ما
هو على أهل الكتاب، ومن الجائز
تخصيص أماكن في الفنادق خاصة
بهم، لا يعمل فيها مسلم،
يتداولون فيها الخمر، فهذا حق
لهم. وهناك مسألة معروفة في الفقه خاصة
بالتجار من غير المسلمين (من
خارج البلاد) الذين يتاجرون في
بلاد المسلمين، وذلك بعقد أمان،
إذا كان في تجارتهم الخمور،
ومطلوب منهم العشور (أي الضرائب
السنوية المستحقة على تجارتهم،
فهل تؤخذ الضريبة أموالاً أم ما
يوازيها من زجاجات الخمر ثم
تباع لهم بعد ذلك؟! كان الرأي الراجح أخذها أموالاً. إلى هذا الحد ذهب فقهاء الدولة الإسلامية
سعة صدر وقدرة على التعامل مع
الآخرين، وتقدير حسن للمستجدات. وبالنسبة للمصايف، فهناك أماكن مخصصة
لأهل الكتاب والسياح، لا
يلتزمون فيها بشروط الزي
الإسلامي، يعمل فيها غير
المسلمين. أما المصايف العامة للمسلمين ولمن يحب أن
يشاركهم فيها من غير المسلمين،
فلها ضوابطها الشرعية المنظمة
للتواجد في تلك الأماكن. كما أن الشرع ينهانا أن نفتش عن صور
وأشكال الزواج بينهم، ولا نسأل
عن ذلك ولا عن ماذا يعتقدون أو
ماذا يفعلون في أمورهم الشخصية،
أما إذا احتكموا إلينا في أي أمر
من أمورهم الخاصة؛ فإننا نحكم
بقواعد وأحكام الإسلام. وبالنسبة للفعل الفاضح منهم (في المظهر
والسلوك) في الأماكن العامة (الشارع-
الحدائق.... إلخ)، فهذا متعارف
على رفضه في كل الشعوب
والأديان، وليس أمرًا خاصًّا
بالإسلام، ولا يدعي أي أحد أن كل
ما خالف معتقده هو فعل فاضح.
وأذكر هنا ما روي عن عبد الله بن
عمر بن الخطاب رضي الله عنهما
عند توزيع سبي معركة جلولاء على
المقاتلين، فكان أن قبّل من
كانت من نصيبه أمام الجميع. ومنع هذا الأمر- الفعل الفاضح- يكون
بالتوعية والتعريف أولاً، ثم
بالنصيحة، ثم بالزجر بالأسلوب
المناسب، والأمر كله خاضع
للقانون ولجهات التنفيذ
المعتمدة في مؤسسات الدولة،
وليس بتجاوز فردي. انظر إلى هذا الأعرابي المسلم الذي بال في
مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم بعد الصلاة أمام الجميع،
لقد كشف عورته- وهذا فعل فاضح-
وأتى بما ينجس المكان، ويدل على
عدم احترامه، لكنه الجهل وعدم
الفقه، وانظر إلى فعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عندما هم
الصحابة بمنعه، بل وضربه، فقال
صلى الله عليه وسلم: "لا
تُزْرِمُوهُ- أي لا تقطعوا عليه
بوله- ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ
مِنْ مَاءٍ، فَصَبَّ عَلَيْهِ"،
وأدناه وعلمه وعرَّفه مدى هذا
الخطأ. إن المسلم عندما يكون له تعامل مع أحد،
وخاصة من غير المسلمين، يكون
شفوقًا رحيمًا عطوفًا، يتقي
الله فيه، وهذا قول المولى
سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنْ
أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ
اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ
حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ
اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ
مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ (6)﴾
(التوبة). وانظر معي إلى الأسير من الكفار الذي
يحارب الإسلام ويحارب المسلمين
ويعتدي عليهم، ثم يقع في الأسر،
انظر كيف يأتي القرآن فيوصي
برعايته وحسن معاملته، ويدعو
رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى إكرامه، وكأنه ضيف عندنا،
يقول سبحانه وتعالى في وصف
المؤمنين: ﴿وَيُطْعِمُونَ
الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ
مِسْكِينًا وَيَتِيمًا
وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا
نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ
لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء
وَلَا شُكُورًا (9)﴾ (الإنسان). فإلباسهم وإطعامهم أفخر أنواع الأطعمة
التي نحبها ونتمناها نؤثرهم بها
على أنفسنا... هذه هي الروح التي
عليها قلب المسلم، فهل هناك حب
وإحسان واحترام للإنسان مهما
كان أمره يصل لهذا المستوى إلا
في الإسلام؟ وانظر معي إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو يرسخ معنى المواطنة
والتواصل الاجتماعي مع أهل
الكتاب في الدولة الإسلامية،
فها هو يزور اليهودي المريض في
منزله. وأيضًا يقترض من اليهودي شعيرًا وغيره،
رغم أنه يستطيع الاقتراض من
المسلمين بالمدينة، وذلك ليؤكد
هذا التواصل الاجتماعي ويزيل
الإحساس بمعنى الطائفية، رغم أن
هذا اليهودي أساء في طلب ردِّ
الدين قبل حلول موعده، فقابله
بابتسامة وسعة صدر، بل ورفض أن
يعنفه سيدنا عمر وعوضه عن هذا
التعنيف وهو المخطئ، ليعلمنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم
كيف يكون الإحسان والبر وسعة
الصدر في تعاملنا مع إخوة الوطن. وبالنسبة لموضوع الردة، والإعلان عنه
للرأي العام: الإسلام في المجتمع الذي يحكم فيه وينتسب
إليه ويدين الغالبية به، يرفض
أن يغير أحد دينه وينتقل من دين
إلى آخر إلا إلى الإسلام؛ لأنه
مجتمع مسلم صاحب رسالة ودعوة
لأهل الأرض جميعًا، ولا يُسمح
للحوار في هذا الشأن إلا
بالأسلوب الحسن، وينتقل
الإنسان لدين الإسلام بإرادته
الحرة، وباقتناع كامل منه،
ويكون في علمه أن الارتداد عن
الإسلام ليس مسموحًا به. للإنسان المسلم أن يفكر، وأن يعلن آراءه
حتى ولو كانت خاطئة وفيها
مخالفة، وهو يتحمل تبعاتها،
ويتم الرد عليه ومحاورته فيما
يذهب إليه تفكيره، ولا يرغمه
أحد على تركها، أما الطعن في
أصول العقيدة الإسلامية، فهذا
يعتبر اعتداءً على عقيدة الأمة،
فمع بيان الخطأ فيما يذهب إليه
والرد عليه، يكون- في هذا الشأن
فقط- مطالبًا أن يكف عن ذلك، وله
في داخله أن يعتقد ما يشاء. كذلك، فالشخص المسلم الذي اعتقد ما يخالف
أصول عقيدة الإسلام، وأراد أن
يرتد عن هذا الدين، له أن يعتقد
ما يشاء دون الإعلان، والمجتمع
المسلم ليس مكلفًا باستجواب
الناس حول ما يعتقدون أو
التفتيش عن أفكارهم وعقائدهم،
أو التجسس عليهم، فهذا الأسلوب
مرفوض ابتداءً، لكن إعلان هذا
الشخص عن ارتداده وتركه عقيدة
الإسلام، وإصراره على هذا
الإعلان، يترتب عليه اتخاذ
إجراء من المجتمع، حيث سينبني
عليه آثارٌ اجتماعية، يبدأ
الأمر بمناقشته والرد على
الشبهات أو الأسباب التي
يبديها، وله أن يقتنع بها أو لا
يقتنع بها، لكن لا يواصل
الإعلان عن ردته وخروجه من
الدين، فإذا استمر على ذلك؛ تم
رفع أمره إلى القضاء الذي يلتزم
بالإجراءات القانونية من بعد
التوضيح، ثم مرحلة استتابة يحدد
القضاء مدتها (حتى تتاح له فرصة
المراجعة مع نفسه) ثم الحكم عليه
وفق العقوبات التي يحددها
القانون في ضوء مبادئ الشريعة
الإسلامية، سواء كانت القتل
حدًّا أو الحبس المطلق مدى
الحياة، كما يترتب على موقفه
هذا آثار اجتماعية في الزواج
والميراث... إلخ. هذا توضيح للجانب الشرعي في ذلك الأمر،
وشريعتنا السمحة نعتز بها ونحرص
على تطبيقها كما جاء بها رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ولا
يعنينا كثيرًا إن وافق عليها
غيرنا أو اعترضوا عليها؛ لأنه:
﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ
دِينِ (6)﴾ (الكافرون). وبالنسبة لأحوال المرأة في المجتمع
المسلم: إن الزي الشرعي للنساء المسلمات في
المجتمع، ليس له شكل معين،
وإنما له مواصفات معينة،
والنقاب في أرجح الأقوال
الفقهية ليس فرضًا واجبًا، فلكل
امرأة الحرية في ارتدائه أو عدم
ارتدائه. ولا يتصور أحد أنه سيتم فرض الحجاب أو
الزي بالعصا على الجميع، وإنما
بالنصيحة والتحفيز الإيماني
والرأي العام والمناخ العام
الذي يساعد على ذلك. وهذه السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله
عنها، تمدح مسارعة نساء الأنصار
في تغطية رءوسهن عندما نزلت آية
الحجاب، فلم يكن الأمر بالجبر
والإكراه. بل إنه في المجتمع المسلم في عهد الصحابة
رضي الله عنهم كان هناك فئة من
النساء- وهن مسلمات في أغلب
الأحوال- لا تغطي رأسها؛ حيث كان
هناك الإماء. (ملحوظة: عمل الإسلام بصورة متدرجة احتاجت
لسنوات، على إلغاء نظام الرق
حيث كان وقتها نظامًا عالميًّا
متعارفًا عليه وله جذور
اقتصادية واجتماعية قوية). فأحكام ستر العورة بالنسبة للإماء مختلفة
عن الحرائر من النساء، ففي أغلب
الأقوال، عورة الأمة من السرة
إلى الركبة، بل وفي صلاتها كانت
الرأس والرقبة والذراع وأسفل
الركبة مكشوفًا، وتصح صلاتها. وورد أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وهو أمير المؤمنين، كان يزجر من
تغطي رأسها من الإماء (وليس
وجهها فقط)، وكانت الأمة تمارس
عملها في المجتمع رأسها مكشوفة
ورقبتها وذراعيها وأسفل ركبتها
دون حرج أو مشكلة، بل وإذا حدث
أثناء عملها أن انكشف ما أكثر من
ذلك مما فوق السرة؛ غض الناس
بصرهم. أقول هذا، لتوضيح صورة المجتمع المسلم،
وأنه لم يكن بالصورة التي
يتصورها البعض، لكن ليس لأحد
اليوم أن يدعي أن هناك إماءً
فيقيس عليه. كانت المرأة تخرج في الغزوات مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم لتقوم بخدمة
الجيش والأعمال الإدارية، ليس
لقلة عدد الرجال، ولكن
للمشاركة، وكذلك كدليل على
الجواز والإباحة. وللمرأة أن تستقبل ضيوف زوجها، وأن تحضر
لهم الطعام، وأن تقوم على
خدمتهم بطريقة مباشرة، فهذا ضيف
رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي استضافه الأنصاري وزوجته،
وتصنّعا أنهما يأكلان حتى يشبع
هو، وقد مدح رسول الله صلى الله
عليه وسلم صنيعهما. وهذه امرأة تصنع طعامًا في منزلها وتدعو
له رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعددًا من الصحابة، وتقوم على
خدمتهم مباشرة، وورد أنها أطعمت
رسول الله صلى الله عليه وسلم
بيدها. وللمرأة أن تهدي ويُهدى إليها من الرجال
والنساء على السواء، وقد أهدى
سيدنا أبو موسى الأشعري (عند
عودته من العراق) وسادة جميلة
لزوجة سيدنا عمر، وهو خليفة
المسلمين، وقد قبلتها زوجته،
لكن سيدنا عمر ردها لشبهة أن
تكون بنية الرشوة للتأثير عليه. إن الإسلام لم يحرم الاختلاط بين المرأة
والرجل، وإنما وضع له ضوابط. وهذه العلاقات الإنسانية تتم في جو من
السمو الأخلاقي وتقاليد
المجتمع المستمدة من الإسلام،
وإذا كان هناك صور فاسدة
وانحرافات في هذا المجال؛ فإنها
لا تمنع الأصل في الإباحة وإنما
تأتي التربية والتوعية وإيقاظ
الإيمان، وقد حدثت بعض
الانحرافات الفردية من هذا
النوع في عهد الصحابة، لكنها
كانت قليلة لا تؤثر على نظافة
المجتمع. وجدير بالذكر أن مسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يجتمع فيه الرجال
والنساء معًا في الصلاة، وعندما
يخطب رسول الله صلى الله عليه
وسلم وكذلك عندما يخطب الخلفاء،
ولم يكن هناك ساتر أو حاجز بينهن
وبين الرجال، وإنما يخصص لهن
منطقة في آخر المسجد، وما
ابتدعه الناس بعد ذلك من صور
الفصل لم يكن موجودًا في صدر
الإسلام، ونشير إلى أن سيدنا
عمر بن الخطاب عيّن إحدى النساء
محتسبة في سوق المدينة (أي وظيفة
مفتشة تموين)، وفي السوق يبيع
النساء والرجال. وكانت المرأة تعلّم الرجال والنساء على
السواء في مجال تخصصها، وكانت
تمارس الطب وتعالج جراحات
الرجال الناتجة من المعارك،
مهما كان موضع هذه الجراحة. وإذا كان بعض المعاصرين يميل للتشديد
وتضييق المباح، فلم يكن هذا هو
طبيعة المجتمع في عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم والصحابة،
"ولن يشاد الدين أحدٌ إلا
غلبه"، ومن أراد أن يشدد؛
فليشدد على نفسه أولاً. وإن المرجعية لقواعد ومبادئ الإسلام،
ووجود مساحة من المندوب والمباح
واسعة، تتيح لنا المرونة في
التعامل مع مستجدات العصر
ومتطلباته بشرط عدم الخروج على
قواعد ومبادئ الشريعة،
والشريعة الإسلامية بريئة من
التطبيقات الخاطئة لمبادئها
وقواعدها. وللشيخ محمد الغزالي رحمه الله توضيح
لهذه الجوانب والرد على هؤلاء
المتشددين، وأباح استخدام جميع
آلات الموسيقى وفق الدليل
الشرعي الراجح لديه. وبالنسبة لممارسة الرياضة للرجال
والنساء، فهذا مندوب إليه وقد
يرتقي إلى مستوى التكليف إذا
كان فيه اكتساب القوة والمهارة
اللازمة للإنسان لسعيه في
الحياة وأداء واجبات دعوته. وقد جعل الإمام الشهيد حسن البنا في منهج
التربية للرجل والمرأة أن يكون
الإنسان قوي الجسم، صحيح البدن،
وجعل ذلك أول صفات التكوين
التربوي. واعتبر في رسالة المؤتمر الخامس أن الفرق
الرياضية من وسائل التربية
العامة التي تأخذ بها الجماعة. وبالنسبة لممارسة الرياضة ومشاهدتها
كجانب من الترفيه، يُعتبر أمرًا
مباحًا، وقد شاهد الرجال
والنساء في مسجد المدينة مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم
الرجال من الحبشة وهم يلعبون
بالرماح، وليس عليهم إلا الإزار
فقط. وأجاز الفقهاء صلاة الرجال وهم في زي
المصارعة. وبالنسبة لممارسة المرأة الرياضة، فهي
مثل الرجل. وكان يتم تدريب المرأة على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم على ركوب
الخيل واستخدام السيف والسهام،
حتى وإن لم يشاركن في المعارك. وكذلك مارست أم المؤمنين السيدة عائشة
رضي الله عنها رياضة الجري،
وسابقت رسول الله صلى الله عليه
وسلم. والمسابقات بين النساء في مجال الرياضة
جائزة ومباحة مع مراعاة الضوابط
الشرعية من ستر العورة حين يكون
هناك مشاهدون، وكذلك من ضوابط
الاجتماع الشرعية. وقد ورد أنه في عهد سيدنا عمر بن الخطاب
كانت تجرى بعض المسابقات
الترفيهية بين النساء ويتفرج
عليهن جمهور من الناس، ولكن
سيدنا عمر عزّر وعاقب أحد
الرجال المشرفين على ذلك؛ حيث
كان يربط أقدامهن ببعضها البعض
وهن يتسابقن في الجري فيقعن
فتنكشف عوراتهن؛ فعاقبه لأنه
خالف الضوابط الشرعية. وبالنسبة للمرأة ومشاركتها في الفن
والتمثيل بكل أنواعه فهذا أباحه
الإسلام، فليس صوت المرأة عورة،
وكانت تتكلم في المسجد، وفي
وجود الرجال على عهد سيدنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك
في مواجهة سيدنا عمر عندما أراد
تحديد المهور. وكانت المرأة تنشد في وجود رسول الله صلى
الله عليه وسلم والصحابة،
وأنشدت الخنساء الشعر أمام رسول
الله صلى الله عليه وسلم
والصحابة واستحسن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ما قالته. والشعر فيه تمثيل بلاغي وحكايات ومشاعر
تعبر عنها الأبيات. كل هذا أباحه الإسلام مع الالتزام
بالضوابط الشرعية من ناحية
طريقة الأداء والنص الموجود،
والزيّ الذي يتم ارتداؤه. وقد مارس الإمام الشهيد هذا الجانب
عمليًّا بتشكيل فرق التمثيل في
الجماعة، والتي بلغت مستوى
فنيًّا متقدمًا، وعرضت حفلاتها
في الأوبرا، (وإن كان الوقت لم
يمهل الجماعة حتى تساهم الأخوات
في التمثيل حيث تعرضت الجماعة
بعد ذلك لضربات ومنع وحظر). وبالنسبة لبعض الأمور الشخصية الخاصة
بالنساء، فقد أباح الشرع
أنواعًا من الزينة للمرأة، أكثر
مما يتصور البعض، ومنع فقط
أمورًا قليلة محددة فيها تغيير
للخلقة؛ لأن رغبة المرأة في
الحفاظ على جمال جسمها رغبة
جائزة شرعًا، بل هي إذا خافت على
جمال صدرها لها ألا ترضع طفلها،
ويقوم الزوج باستئجار مرضع له؛
فالمحافظة على جمالها أمر له
اعتباره من الناحية الشرعية،
وكذلك ممارستها الرياضة لتقليل
السمنة وتحسين المظهر. ويمكن مراجعة ما جاء في هذا المجال في
كتابات الفقهاء مثل: (المنتهى في
فقه الحنابلة)، و(أحكام النساء)
لابن الجوزي، وما ذهب إليه
الشافعية والحنابلة، ورأي
القاضي عياض المالكي في زينة
الوجه المباحة، واستخدام
الخضاب وغيره من مواد الزينة،
لنرى هذه المساحة الواسعة من
المباح، مع مراعاة الاعتدال
وإذن الزوج في أغلب هذه الأحوال. وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:
"كنا نخرج مع النبي صلى الله
عليه وسلم إلى مكة فنلطخ جباهنا
بالمسك المطيب عند الإحرام،
فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها
فيراه النبي صلى الله عليه وسلم
فلا ينهانا". (سنن أبي داود). لقد قرر الإسلام المساواة والتكامل بين
المرأة والرجل، بل وأعطاها
وخصها بحقوق فوق ذلك، مثل حق
الرفق، وحق الحماية والأولوية
في الرعاية، وحق المحافظة عليها
وعلى سمعتها ومنع ما يمس
كرامتها. وقد ورد في أحاديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "رفقًا بالقوارير"،
"استوصوا بالنساء خيرا"،
"خيركم خيركم لأهله". واهتم الإسلام بالحفاظ على ستر المرأة
وكرامتها، وألا يتعرض أحد بسوء
أو يوجه اتهامات لعرضها، حتى
ولو لم يكن سلوكها يرضى عنه
البعض أو فيه خلل، فاتهام العرض
أمر خطير يعاقب قائله عقوبة
شديدة. (راجع كتاب حاشية الباجوري على شرح ابن
قاسم الغُزّي على متن أبي شجاع
في مذهب الإمام الشافعي في
تفصيلات في هذا الأمر لم تذهب
إليها كثير من القوانين الوضعية
التي تدعي التقدم). ودور المرأة السياسي وممارستها له كان
واضحًا في عهد رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وتشكلت أول
جمعية نسائية على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم عندما اجتمع
عدد من نساء المدينة يدرسن بعض
مشاكلهن وأرسلن موفدة عنهن
بمطالبهن لرسول الله صلى الله
عليه وسلم، ومنها أن يخصص لهن
يومًا يأتينهن فيه، واستجاب لهن
رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أوضحت جماعة الإخوان المسلمين رؤيتها
الكاملة لدور المرأة السياسي
والاجتماعي، وحقوقها في
الوثيقة الصادرة عن الجماعة
بهذا الشأن بعد الدراسة الشرعية
الكاملة، ومارست ذلك عمليًّا في
حراكها الاجتماعي والسياسي. وبالنسبة لموضوع الأمر بالمعروف، أو ما
يعرف بالحسبة: في المجتمع المسلم، لا يتم سؤال الناس: هل
صلوا؟ هل صاموا؟ أو ما هي
معتقداتهم وأفكارهم؟ فهذا كله ممنوع، والأصل هو إحسان الظن
بالمسلم، وعدم التفتيش عليه أو
هتك ستره، بل ونتأول لإزالة
الشبهات عنه، وممنوع كذلك في
المجتمع المسلم التجسس على
الناس لمعرفة من يرتكب معصية أو
مخالفة، فتتم معاقبته. وأمامنا مثال، سيدنا عمر رضي الله عنه
الذي تسور السور على رجل يشرب
الخمر ليلاً، فاعتذر منه سيدنا
عمر على فعله ذلك. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له
ضوابط شديدة، فهي على المتفق
عليه في شرع الله، وبأسلوب ليس
فيه تجسس أو إساءة ظن أو اعتداء
على الشخص أو إهانة لكرامته،
ولا يعيّر أحد بذنب أو معصية. وتُحفظ له حقوقه الاجتماعية والشرعية
كاملة، والكراهية هنا تكون لذات
المعصية وليس لذات الشخص، فهو
إنسان وأخ في الدين، وله كل حقوق
الإخوة والإنسانية، واستخدام
اليد في التغيير له ضوابط شرعية
شديدة، وبإذن الحاكم في أغلب
أحواله، ولا يتصور أحد أن
المجتمع المسلم تنطلق فيه
مجموعات تضرب الناس وتجلدهم حسب
ما ترى أهواءهم، أو ما قد
يفسرونه من مخالفة. لا شأن للإسلام بأي نماذج تطبيقية مخالفة
لذلك، وشرع الله ليس غامضًا أو
حكرًا على أحد فيدعي لنفسه
احتكار تفسيره وتطبيقه، وليس في
الإسلام رجال دين، إنما علماء
دين، ولكل مسلم أن يعترض على أي
تطبيق مخالف لشرع الله ما دام
معه الدليل. وهذه فتاة صغيرة- ليست عالمة- في المسجد
وأمام الناس تعترض على سيدنا
عمر عن قراره بتحديد المهور
ويقرُّ بخطئه أمام الناس. إن مساحة الاجتهاد الفقهي وتراثه واسعة،
والمراجعة لها في ضوء مبادئ
الشريعة وقواعدها، وفي ضوء
المستجدات، تصبح أمرًا واجبًا،
بشرط الالتزام بشروط وقواعد
الاستنباط والاجتهاد. (ومن الممكن مراجعة توصيف الشريعة
الإسلامية ومساحة الثوابت
ومساحة الاجتهاد في مقالنا
توضيحات فقهية). خاتمة لا يوجد دين أو قانون وضعي أو مذهب فكري
يحفظ للإنسان كرامته وحريته
الشخصية مثلما يفعل الإسلام،
وهو يقدم نموذجًا للتوازن
الدقيق بين الفرد والمجتمع. وهذا ليس كلامًا نظريًّا، وإنما طُبق
عمليًّا في حياة رسول الله صلى
الله عليه وسلم والخلفاء
الراشدين، وعلى شريحة من البشر
كانت في جاهليتها صعبة المراس
تنتشر فيها الأمية، متفرقة
متناحرة لا تعرف نظامًا
سياسيًّا يجمعها، فإذا بهذا
الشرع وذلك التطبيق، تقدم منهم
نموذجًا رائعًا ساميًا تقتدي به
البشرية. ولم يحدث الانحراف إلا عندما ابتعدنا عن
هذا النموذج الواجب الاقتداء به
وعندما تركنا أجزاء أساسية من
تطبيق شرع الله. إن المقاصد الأساسية للشريعة الإسلامية
تقوم على حفظ النفس والدين
والعقل والمال والنسل. والأمر ليس مجرد الحفظ، بل يرتقي إلى
تكميلات وتحسينات لأبعد مدى في
كل مجال من هذه المجالات الخمس. ومن مبادئ الفقه الإسلامي في الشريعة:
مبدأ (التيسير لا التعسير)،
ومبدأ (رفع الحرج). وإذا كان هناك بعض الفتاوى لبعض الأشخاص
تخرج عن هذا المقتضى، فإن رد
الأمر للقواعد والمبادئ الكلية
للإسلام والنظر في الدليل
الشرعي يضبط ذلك الأمر. ودعوة الإخوان لا تتعصب لرأي فقهي معين أو
تحصر نفسها في مذهب معين، بل تسع
الجميع؛ لأنه تجمعهم الأصول
المتفق عليها، فلا ينبغي أن
تفرقهم الفرعيات مع احترامنا
لكل صاحب رأي، ولا بأس عندنا من
التمحيص الفقهي العلمي
للموازنة بين الآراء. والشعب هو مصدر السلطات بما فيها سلطة
التشريع لسياسة أموره؛ حيث إن
الاجتهاد الفقهي واستنباط
الأحكام هو جهد بشري يصيب
ويخطئ، والشعب هو الذي يحدد
ويختار مؤسساته التي تتولى ذلك
الأمر، ولكل من يملك الدليل أن
يدلي برأيه، مع اعتبار المرجعية
العليا لدستور الأمة: القرآن
والسنة بما تشمل من الفرائض
والقواعد والمبادئ الكلية حتى
لا يشتط أحد أو يزايد على منهج
الله. ========================= قراءة في غزوة خيبر (7)
والأخيرة الدكتور عثمان قدري مكانسي حيلة الحجاج بن علاط السلمي في جمع ماله
من مكة لما فتحت خيبر ، كلم رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - الحجاج بن علاط
السلمي ، فقال : يا رسول الله ،
إن لي بمكة مالا عند صاحبتي أم
شيبة بنت أبي طلحة - وكانت عنده
وله منها ولد، ومال متفرق في
تجار أهل مكة ، فأذنْ لي يا رسول
الله ؛ فأذن له ، قال : إنه لا بد
لي يا رسول الله من أن أقولَ ؛
قال : قلْ . قال الحجاج : فخرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت
بثنية البيضاء رجالا من قريش
يتسمعون الأخبار ، ويسألون عن
أمر رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وقد بلغهم أنه قد سار إلى
خيبر ، وقد عرفوا أنها قرية
الحجاز ريفا ومنعة ورجالا ، فهم
يتحسسون الأخبار ، ويسألون
الركبان ، فلما رأوني قالوا :
الحجاج بن علاط - ولم يكونوا
علموا بإسلامي- عنده والله
الخبر ، أخبرنا يا أبا محمد .
فإنه قد بلغنا أن القاطع قد سار
إلى خيبر ، وهي بلد يهود وريف
الحجاز . قال الحجاجُ : قد بلغني ذلك وعندي من الخبر
ما يسركم ، قال : فالتبطوا( حَفوا
والتصقوا )بجنبَيْ ناقتي يقولون
: إيه يا حجاج ؛ قال : قلت : هزم
هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط ،
وقتل أصحابه قتلا لم تسمعوا
بمثله قط ، وأسر محمد أسرا ،
وقالوا : لا نقتله حتى نبعث به
إلى أهل مكة ، فيقتلوه بين
أظهرهم بمن كان أصاب من رجالهم . فقاموا وصاحوا
بمكة ، وقالوا : قد جاءكم الخبر ،
وهذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم
به عليكم ، فيقتل بين أظهركم .
قال لهم الحجاجُ : أعينوني على
جمع مالي بمكة وعلى غرمائي ،
فإني أريد أن أقدم خيبر ، فأصيب
من فيء محمد وأصحابه قبل أن
يسبقني التجار إلى ما هنالك . العباس يستوثق من خبر الحجاج ويفاجئ
قريشا قال الحجاج : فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث
جمع سمعت به : وجئت صاحبتي فقلت :
مالي ، وقد كان لي عندها مال
موضوع ، لعلي ألحق بخيبر ، فأصيب
من فرص البيع قبل أن يسبقني
التجار ؛ فلما سمع العباس بن عبد
المطلب الخبر ، وجاءه عني ، أقبل
حتى وقف إلى جنبي وأنا في خيمة
من خيام التجار ، فقال : يا حجاج
، ما هذا الخبر الذي جئت به ؟
فقلت : وهل عندك حفظ لما وضعت
عندك ؟ قال : نعم ؛ قلت : فاستأخر
عني حتى ألقاك على خلاء ، فإني
في جمع مالي كما ترى ، فانصرفْ
عني حتى أفرغ . قال الحجاجُ: حتى إذا فرغت من جمع كل شيء
كان لي بمكة ، وأجمعت الخروج ،
لقيت العباس ، فقلت : احفظ عليّ
حديثي يا أبا الفضل ، فإني أخشى
الطلب ثلاثا ، ثم قل ما شئت ، قال
: أفعل ؟ قلت : فإني والله لقد
تركت ابن أخيك عروسا على بنت
ملكهم ، يعني صفية بنت حيي ،
ولقد افتتح خيبر ، وانتثل ما
فيها ( حاز كنوزها)، وصارت له
ولأصحابه ؛ فقال : ما تقول يا
حجاج ؟ قلت : إي والله ، فاكتم
عني ، ولقد أسلمت وما جئت إلا
لآخذ مالي ، فرَقا من أن أغلب
عليه ، فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك
، فهو والله على ما تحب ، فلما كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له
، وتخلق ( تعطّر)، وأخذ عصاه ، ثم
خرج حتى أتى الكعبة ، فطاف بها ،
فلما رأوه قالوا : يا أبا الفضل ،
هذا والله التجلد لحَرِّ
المصيبة ؛ قال : كلا ، والله الذي
حلفتم به ، لقد افتتح محمد خيبر
وترك عروسا على بنت ملكهم ،
وأحرز أموالهم وما فيها فأصبحتْ
له ولأصحابه ؛ قالوا : من جاءك
بهذا الخبر ؟ قال : الذي جاءكم
بما جاءكم به ، ولقد دخل عليكم
مسلما ، فأخذ ماله ، فانطلق
ليلحق بمحمد وأصحابه ، فيكونَ
معه ؛ قالوا : يا لعباد الله
انفلت عدو الله ، أما والله لو
علمنا لكان لنا وله شأن ؛ قال :
ولم ينشبوا( يلبثوا) أن جاءهم
الخبر بذلك . إضاءة: 1-
لصاحب الحق حين يجد حقه صعبَ
المنال – وخاصة في حالة الحرب
والعداوة – أن يظهر غير الحقيقة
فيما يرضي الشانئين – حتى حين -
فيسهلَ الوصول إلى حقه ، وهذا ما
فعله الحجاج بن علاط حين أسلم
ولم يكن أحد يعلم بإسلامه ، ولو
عاد مشهراً دينه الجديد لضاع
حقه عند أهل مكة ، وقد يقتلونه
إذا علموا بإسلامه ، والحرب
خدعة . 2-
وقد يخفي أمره عن أقرب الناس
إليه إذا خشي افتضاحه ، فنرى
الحجاج يخفي أمر إسلامه على
زوجته كي لا تفسد خطته وتشي به
عند متنفذي مكة . ولمّا تزلْ على
كفرها ، وهي لصيقة بأهلها وترى
الأمرَ أمرَهم والرأيَ رأيَهم. 3-
ولا بد من استئذان القائد
فيما ينتويه الرجل حين يتطلب
الأمر أن يقول ما لا يعتقد بحق
الآخرين وخاصة إذا تعلق الأمر
بلبّ العقيدة ,فلا يجوز لمسلم أن
ينال من الإسلام ورسوله إلا إذا
اضطر ،وإلاّ باءَ بسوء عمله
،وكان من أهل النار ، وما يُسلم
المرء إلا رغبة ورهبة ، رغبة في
الحق ورضوان الله ، ورهبة من
الكفر والعقوبة الأبدية ،ونعلم
أن المشركين ما تركوا عذابَ
عمار بن ياسر إلا حين نال مضطراً
من الدين ورسوله وقال في الذات
الإلهية ما قال ، وجاء إلى رسول
الله يبكي ويعتذر ، فطيّب النبي
صلى الله عليه وسلم خاطره وقال
له " وإن عادوا فعد مادام
الأمر لم يتعدّ اللسان ، وقرأ
عليه الآية من سورة النحل "
إلا من أُكره وقلبه مطمئن
بالإيمان " . 4-
ولا ننسى ما فعله نُعَيم بن
مسعود الغطفاني في غزوة الخندق
عام خمسة للهجرة حين حين جاء
رسولَ الله مسلماً وسأله أن
يقبله في جيش المسلمين فأمره
النبي صلى الله عليه وسلم أن
يفرّق أمر الأعداء ، ولم يكونوا
يعلمون بإسلامه. فكانت سفارته
بين مشركي مكة ويهود قريظة عامل
تثبيط إدّى إلى زرع الشك بين
الفريقين ،ثم إلى انفراط عقدهم .
5-
بدأ الحجاج خطته حين رأى
المشركين خارج مكة يتلمّسون
أخبار المسلمين وينتظرون خبراً
يناسب رغباتهم ، ويدغدغ أهواءهم
، فقد كفوه مؤونة سب رمز
المسلمين وسيدهم حين وصفوه صلى
الله عليه وسلم ب( القاطع) ، وهو
الواصل لكل خير والآمرُ به صلى
الله عليه وسلم ، ويظنون أن
اليهود أقوياء لاجتماعهم
وتحصنهم وغناهم ، ويتوهمون أنهم
سينالون من المسلمين ونبيهم ،
وأن نهاية المسلمين سوف تكون
على أيديهم – وهي أمنية كل ضعيف
جبان لا يمكنه فعل شيء فيرجو أن
ينال ما يتمناه على أيدي
الآخرين، فيسبغون عليهم ما
يؤهلهم للفوز ( وهي بلد يهود
وريف الحجاز) – بلد الغنى
والقوة والمنَعة - وأنّ من يقع
بين أيديهم يلقى سوء العاقبة !
ويتناسى الواهن ذو الفكر الضعيف
أن خير وسيلة للدفاع الهجومُ
وأن من يهاجم يُعِدُّ العدة
لسفر وغربة طويلين ، وأنه
لعوامل عدة أهمها الإيمان بالله
والاعتماد عليه وإعداد العدة
والصبر والثبات سيقطف النصر
ويحظى بالعزة والفوز. 6-
يغتنم الحجاج الحالة
النفسية للسامع ويضرب على وتره
الحساس ، فهؤلاء وطنوا أنفسهم
أن يسمعوا النبأ الذي يسرهم –
وهو نصر اليهود على المسلمين –
فيمد لهم من الوهم حبالَ
الطمأنينة ويعلن أن لديه الخبر
اليقين الذي يريدونه ، فيجتمعون
عليه متوثبين ويميلون عليه
مندفعين . ويحدثهم بما يودّون
سماعه ويقص عليهم ما يرغبون من
خبر لا يمت إلى الحقيقة بصلة ،
ولا بأس أن يُفصّل لهم ما
يتمنونه فيجعلهم يبنون قصور
الأحلام على كثبان الرمال ( هزم
هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط ،
وقتل أصحابه قتلا لم تسمعوا
بمثله قط ، وأسر محمد أسرا ،
وقالوا : لا نقتله حتى نبعث به
إلى أهل مكة ، فيقتلوه بين
أظهرهم بمن كان أصاب من رجاله .)
فالهزيمة عصيّة على التصوير ،
وقد قرر أهل خيبر أن يشركوا أهل
مكة بنصرهم وسيرسلون الاسرى
الكثيرين - وعلى رأسهم رسول الله
- إلى مكة ليروا هؤلاء رأيهم فيه
. هذا ما قاله الحجاج وهو يعلم
أنه لا يرغبون أن يسمعوا غير ذلك.
7-
هذه الحالة من الوهم التي
بسطها الحجاج فيهم أهّلته أن
يطالب بماله ، فيسرعوا إلى
تلبية ما طلب على جناح السرعة
مأخوذين بفرحة النصر التي دفعت
عنهم الحذر في استقبال الحديث
والتوثّق منه ، أسرعوا إلى
إكرامه في جمع ماله من غرمائه
الذين كانوا يماطلون في أدائه
وأعانوه على ذلك ، ودفعتْ زوجته
إلى إعطائه مالَه منتشية بما
سمعته منه وراغبة في ربح كبير
يعود عليها وعلى ولدها : إن فيءً
محمد كبيرٌ ويستحق الحجاج أن
يربح ويغنى، فقد أثلج الصدور
وأراح القلوب . 8-
لا بد للعاقل الحصيف أن
يستوثق الخبر ، ولا بد للمكلوم
أن يتعرف حقيقته ، فالعباس عمُّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولا يخرج الظفر من اللحم ، ولئنْ
كان العباس في مكة إنّ قلبه هناك
عند ابن أخيه ، وهذا الخبر يقتلع
القلوب من الصدور ، فلا بد من
استجلاء الأمر ، أين يجد
الحجاج؟ إنه يجمع ماله ويسعى
للانطلاق به إلى خيبر ، وقبل
الإعلان عن الرضا بالواقع
الأليم ينبغي الوقوف عليه . 9-
إن سؤاله على رؤوس الأشهاد
لن يقدم ولن يؤخر، فالجواب لن
يكون غير ما أعلنه أمام الناس
جميعاً أكان صحيحاً أم كان
كاذباً . فليكن السؤال بينه
وبينه. فإن كان كما سمعه فلكلّ
حيٍّ نهاية ،وسوف يرضى العباس
بقضاء الله وقدره، وإن كان غير
ذلك فسوف يخبره الحجاج به . 10- وكان
الحجاج بن علاط حكيماً ذكياً
إنه لن يكلم العباس عم النبي
أمام التجار ، فلربما ساورتهم
الشكوك وتساءلوا، وضاع ما خطط
له ، ولربما جاءوا يستمعون
فاضطر إلى الكذب ، وهو لا يريد
ذلك ولا ينوي أن يكسر قلب عم
الحبيب صلى الله عليه وسلم ، بل
يود أن يلتقيه ليخبره الحقيقة .
فكان أن اتفقا على اللقاء
بعيداً عن أعين الرقباء بعد أن
استوثق الحجاج أن العباس لن
يفشي سره إن أخبره بغير ما قال
للناس. وكان الحديث بينهما في
الخيمة أمام التجارعابراً لا
يأبه له أحد. 11- وفي
اللقاء أسرّ الحجاج إلى العباس
عمّ النبي صلى الله عليه وسلم
بما يسر القلب ويفرح الفؤاد
وزادَ أنْ أخبره أن النبي صلى
الله عليه وسلم حاز كنوز خيبر ،
وتزوج بنت ملكهم صفية رضي الله
عنها ، وأنه عائد إلى المدينة
المنورة منتصراً معافى .. إنه
النبأ الذي كان العباس ينتظره
ويرجوه . وأراد الحجاج أن
يُطَمئِن العباس أكثر فأخبره
أنه أسلم وأنه استأذن النبي في
أن يقول ما قال . 12- حِفظُ
السر سمة العقلاء وأصحابِ
المروءة والشهامة ، وسيدنا
العباس رضي الله عنه على رأس
هؤلاء الكرام ، فلما اطمأنّ إلى
سلامة رسول الله وانفرجت
أساريره حفظ السر في نفسه ولم
يبده لأحد من الناس ولا لأهل
بيته – فقد تظهر عليهم فرحة أو
تصرفات تسيء للعهد بينهما فتؤذي
الحجاج - ثلاثة الأيام التي
طلبها الحجاج حتى بَعُد عن مكة
وأمن على نفسه وماله . 13- قد
يريد المرء أن يظهر الحقيقة دون
أن يبدأ بها فيتصرف بغير ما
يُتوقّع منه فيستغرب الآخرون
تصرفه هذا ويسألونه ، فيوصل
إليهم ما يريد . إن عمر رضي الله
عنه حين أسلم قال : مَن أنقلُ
قريشٍ للحديث؟ قيل له: جميلُ بن
معمرالجُمَحيّ . فغدا عليه فقال
: أعلمتَ يا جميل أنني أسلمت
ودخلت في دين محمد؟ فقام هذا
الرجل يجر رداءه ويصيح في نوادي
قريش : إن عمر قد صبأ . ومشى عمر
وراءه يرد : كذبَ ؛ ولكني قد
أسلمت وشهدت أن لاإله إلا الله
وأن محمداً عبده ورسوله. ..فماذا
فعل العباس ؟! لبس أجمل حلة له ،
وتعطر وأخذ عصاه وانطلق إلى
الكعبة فطاف بها . فلما رأه
الناس يفعل هذا أكبروه قائلين :
إن أبا الفضل صبور يتحمل
المصائب التي نزلت به وابن أخيه
. فأخبرهم إذ ذاك أن رسول الله
فتح خيبر وحاز أموال يهود وتزوج
صفية رضي الله عنها ،فلما سألوه
: من أنبأك هذا؟ أخبرهم : إنه
الحجاجُ الذي أسلم وجمعوا له
ماله وانصرف عنهم آمناً . فندموا
أشد الندم لتلاعبه بهم
واستخفافه بعقولهم إذ جعلهم
يسرعون لخدمته حتى ابتعد عنهم
آمناً .. ========================== من يمثل الثورة الشعبية
في سورية؟.. مجالس ومبادرات
جديدة تحت مجهر الثورة نبيل شبيب أقول صادقا: رغم المتابعة التفصيلية، من
منطلق سوري ثوري وطني، ومن
منطلق مهني إعلامي، ومن منطلق
دعم كل عمل يدفع بعجلة الثورة
الشعبية في سورية إلى انتصارها
المؤكد بإذن الله، إلا أنّني لم
أعد قادرا على التمييز بصورة
قاطعة، للقول إن هذه الخطوة أو
تلك ترفد الثورة بطاقة إضافية..
أو تعرقلها، فالفقرات التالية
محاولة للتبسيط، بعد أن أصبح
المشهد معقدا للغاية، على أمل
أن تكشف الأيام التالية عن
المزيد مما يساعد على رؤية أقرب
للصواب. . . . إذا تركنا المشوار الطويل ما بين مبادرة
أنطالية واليوم، مقابل ستة شهور
من العطاء البطولي الشعبي
المنقطع النظيرفي ثورة سورية،
ووقفنا عند اللحظة الحاضرة، نجد: - الإعلان يوم 14/9/2011م عن تأسيس الجمعية
الوطنية السورية (؟) - الإعلان يوم 15/9/2011م عن تأسيس المجلس
الوطني السوري (اسطنبول) - الإعلان المرتقب يوم 19/9/2011م عن تأسيس
المجلس الوطني (دمشق) - الإعلان المرتقب في يوم غير معلوم بعد عن
تأسيس مجلس لم يذكر اسمه (الدوحة) عند النظر فيما أعلن ونشر عن الجمعية
الوطنية السورية والمجلس
الوطني السوري، نجد تشابها واسع
النطاق، ووجود أسماء عديدة
مشاركة في هذا وذاك.. عند النظر فيما تسرب بصورة غير مؤكدة وما
أعلن إعلاميا بصورة مباشرة،
يظهر تشابها -وليس تطابقا- في
المضمون والاتجاه فيما قد يعلن
في كل من الدوحة ودمشق.. وكل فريق يؤكد صواب طريقه، ويقول إنه يمثل
المعارضة، بل ويمثل الثورة، أو
قطاعات من المعارضة وقطاعات من
الثورة.. وكل فريق يؤكد علنا أو ضمنا رفضه الانضواء
تحت مظلة الفريق الآخر.. والجميع -أو الغالبية- يتساءلون رغم ذلك،
مثلما يتساءل شعب سورية بحق: أين
المواقف الحاسمة على الأصعدة
العربية والإسلامية والدولية
تجاه ما يجري في سورية.. وما يجري في سورية.. يجري.. ثورة ودماء،
تضحيات وقمع، ولكن يبدو وكأنه
يجري "على هامش" تلك
المبادرات والمجالس والمؤتمرات
-وليس العكس- مع ضرورة التأكيد
في هذا الموضع أنّه لا يوجد ما
يستدعي التشكيك في النسبة
الأعظم من المشاركين فيها،
والمتحمّسين لها، ولا التشكيك
في الناقمين عليها إجمالا بسبب
تشعب السبل والتسميات فيما
بينها. . . . لا يمكن تجاوز ما سبق قوله على وجه
التعميم بشأن ما يرتقب إعلانه (أو
ربما لا يعلن) في الدوحة، فما
تسرّب بصدده ضئيل حتى الآن،
إنّما يمكن الحكم مسبقا على ما
يمكن أن يعلن في دمشق، فما ذُكر
حتى الآن يجعله أقرب ما يكون "مخرجا
للنجاة" في صالح النظام
المتهالك، وليس سبيلا لتحقيق
أهداف الثورة المتواصلة. بالمقابل يؤكد كشف الأسماء المعلنة
والبنود الموثقة للمبادرتين
الأوليين فيما ذُكر آنفا، عن
توقعات إيجابية كبيرة، وعن جمع
كريم يضم أطرافا عديدة من
المخلصين، بغض النظر عن "غلبة
طيف على طيف".. كما يقال عن كل
مؤتمر ومبادرة من جانب "الطيف"
الذي لا يستطيع الهيمنة على
سواه، هذا علاوة على وجود أسماء
معروفة بنضالها في الثورة،
وأسماء شبيبة أصبحت تمثل "جيل
الثورة" بغض النظر عن مواقعها
داخل سورية وخارجها.. ولكن
المشكلة أن هذه الإيجابيات
رافقت بصورة مشابهة اللحظات
الأولى للإعلان عن مبادرات
ومؤتمرات سابقة.. فهل يمكن عقد
الآمال على الجديد منها؟.. إذا رسخت المبادئ والقواعد (ليست جديدة..
ولكنها شاملة عموما) المذكورة
في الوثيقة التأسيسية للجمعية
الوطنية السورية، وتحرك
المشاركون فيها بصورة فعالة
لوضعها موضع التطبيق، يمكن
التفاؤل بأن يكون ذلك بداية،
ولا يمكن أن تتحول البداية إلى
انطلاقة مؤثرة في صناعة الحدث،
دون أن يتسع نطاق "خارطة
الأسماء" لتشمل المزيد.. وإذا رسخت المبادئ والقواعد (ليست جديدة..
ولكنها شاملة عموما) المذكورة
مع الإعلان عن تأسيس المجلس
الوطني السوري، وتحقق ما قيل:
سيأتي لاحقا، مثل انضمام مزيد
من الجهات والأشخاص.. وتحرك
المشاركون في المجلس بصورة
فعالة لوضع تلك المبادئ
والقواعد موضع التطبيق، يمكن
التفاؤل بأن يكون ذلك بداية،
ولكن لا يمكن أن تتحول البداية
إلى انطلاقة مؤثرة في صناعة
الحدث، دون أن يتسع نطاق "خارطة
الأسماء والتوجهات السياسية"
لتشمل المزيد.. على أنّ هاتين المبادرتين الأقرب
بتكوينهما وروحهما إلى الثورة
السورية من سواهما ممّا هو
مطروح في الوقت الحاضر، لا يمكن
أن يُكتب لهما النجاة التي لم
تُكتب لمبادرات ومؤتمرات
سابقة، إلا إذا وجدتا مكانا في
"حضن الثورة الشعبية"،
وتجنب القائمون عليهما محاولة
أن يكون أي منهما هو "الحضن"
الذي يراد أن توضع الثورة
الشعبية فيه!.. . . . من العسير حتى الآن أن يقال بصورة قاطعة،
إن الحصول على تأييد بعض
اللافتات، أو ذكر التأييد عبر
الصفحات الشبكية، لجهة من
الجهات، يعني أن الثوار ارتضوا
تلك الجهة لتمثيل الثورة
ومسارها وأهدافها، لا سيما وأن
صورة الجهات التي تمثّل في
الداخل، فعاليات الثورة على
الأرض، داخل ساحات المواجهة
اليومية، في مختلف المدن
والمحافظات، لا يزال يحيط بها
الغموض، لعدم تمكّنها حتى الآن -بغض
النظر عن الأسباب والأعذار- من
طرح رؤيتها السياسية كما ينبغي،
ولا يغني عن ذلك أنّ الأهداف
الكبرى للثورة معروفة: الحرية
والكرامة وإسقاط النظام وقيام
الدولة التعددية، فالرؤية
السياسية تتطلب تحديد معالم
أكثر وضوحا لمسار الثورة
وآلياتها، مرحلة بعد أخرى، بما
في ذلك المرحلة الانتقالية ما
بين إسقاط النظام.. وتثبيت دعائم
النظام الجديد المرجوّ. إن المرحلة التالية من مسار الثورة رهن
بظهور هذه الرؤية السياسية من
قلب الثورة.. بقوة ووضوح. وإن نجاح الجديد من المبادرات، لا سيما
الجمعية الوطنية السورية
والمجلس الوطني السوري رهن
باحتضانهما من جانب تلك الرؤية
السياسية المطلوبة للثورة
الشعبية. أما في الوقت الحاضر.. فلا يملك الإنسان
السوري المخلص في أي بقعة من
الأرض أكثر من الدعاء بالتوفيق..
ولا يملك الإنسان السوري الثائر
المعرض للأخطار ساعة بساعة في
الداخل السوري، إلا أن يتابع
ثورته رغم عظم التضحيات، وأن
يدعو من أوصلوا -من قلب الثورة-
صوته "إعلاميا" إلى كل مكان
من الأرض خارج السجن السوري
الكبير، أن يوصلوا -من قلب
الثورة أيضا- رؤيته السياسية
لمستقبل ثورته ووطنه إلى كل
مكان من الأرض رغم إجرام النظام
القمعي الاستبدادي الفاسد،
ورغم الصورة الضبابية التي لم
تنقشع حتى الآن حول ما يسمى
المعارضة التقليدية.. في الداخل
والخارج، فلم يظهر ما مدى
قدرتها على الارتفاع بنفسها -أكثر
مما تحقق حتى الآن.. وما هو
بالقليل- إلى مستوى الثورة
وشعبها ومستوى المسؤولية
التاريخية الملقاة على عاتقها. ====================== جمعة "حسين الهرموش"
..البطل الذي اعتقلوه غدرا..سيبقى
في الحنايا علما للرجولة
والشهامة وحماة الديار
الحقيقيين نوال السباعي البطل العظيم حسين هرموش ، الذي أخذوه
بكمين ، بالضبط كما فعلوا مع
الشهيد غيث مطر ، اعتقلوه غدرا ،
وجاؤوا اليوم على قميصه بدم كذب
وبهتان، لن نصدقكم أيها الأغاد
، لن نصدقكم أيها القتلة. إن الرجل الذي انشق عن جيش الخسة
والانحطاط والدعارة والعمالة واراد لشعبه أن يحتفظ ببعض الأمل ببعض ممن
دعاهم "حماة الديار" ،
سيبقى في قلوبنا وعيوننا
وذاكرتنا بطلا وطنيا شريفا
وبامتياز افعلوا ماشئتم ...حتى لو استمر نظامكم في
عربة الموت التي يقودها الشيطان
هذه ، لن تنالوا من طريقنا ولامن
عقولنا ولا من قدرتنا بإذن الله
على رؤية الحق حقا ، مهما
زيفتموه ومهما شوهتم من براءته
وطهرته سيبقى حسين هرموش في سورية وفي حنايا
النفوس وذاكرة الشعب علما
للرجولة والشهامة وحماة الديار
الحقيقيين سيبقى رجلا عسكريا شريفا في جيش سقط
المجتمع وحثالة جيوش العالم سيبقى حسين هرموش ...كما بقيت حماة شهيدة
حية في ضمير كل السوريين رغم
مرور ثلاثين عاما غيبتم عنا أسماء شهدائ حماة وحلب وجسر
الشغور وإدلب ودمشق في تلك
الحقبة السوداء جرمتم الإسلاميين وجماعاتهم وشخوصهم
وانتمائهم ورسختم في عقول الاجيال أنهم خونة وقتلة
ومتآمرون نسيت الأجيال من هو البطل الشجاع "مهدي
العلواني" ، ومن البطل "أيمن
السادات" ، ومن هو البطل "مروان
حديد" اليوم ...عند هذا الفجر أستذكر هذه الأسماء
، التي تنبهت الى الخطر الرهيب
لهذا النظام منذ البداية ن
وقامت يثورتها تلك ضد الاستعباد
والاتبداد اجتهد القوم وأخطأوا لقد أمضيت ثلاثين عاما في إجراء
المراجعات ، ونحيت عليهم
باللائمة في حمل السلاح في
هاتيك الأيام حتى كشف الله الحقيقة وبرأ ساحات أولئك
الرجال اليوم ومع هذه الثورة السلمية الشعبية ،
يفتضح هذا النظام وتسقط كل أقنعته اليوم والعالم كله يعلم علم اليقين بأن
سورية خالية من الأسلحة ومن
العصابات المسلحة وبأن هذه ثورة تجاوزت الإسلاميين
والعلمانيين والقوميين
واليساريين واليمينيين هذه ثورة شعب ، حتى لو لم تشارك فيها
الأقليات خوفا على وجودها وطمعا
في استمرار مصالحها لكن رؤوس هذه الأقليات من الشرفاء
الأحرار يحاولن تهدئة رعاياهم
وطمأنتهم للوقوف بجانب الحق إنها ثورة شعب يريد الحرية والكرامة ولاشيء إلا الحرية والكرامة واسترداد الحق الأبلج التي تحدث عنه
الدكتور فيصل القاسم في إضافته
الرائدة والاستثنائية للمنظومة
الفكرية للشعب للثورة في سورية إنها ثورة سلمية رغم أنف النظام الكاذب
المدعي وستبقى سلمية لأن الشعب يعلم أنه لايمتلك الأسلحة ولأنه يجب أن يعلم أن التسليح الفوضوي
والآني هو الكارثة ليست كارثة أن تكم الثورة تحت رماد الدماء
الكارثة أن تخطيء الثورة طريقها لأن مستصغر النار تحت الرماد هو الذي يفجر
ودائما الحرائق الهائلة هنيئا للهرموش صبره وثباته وليعلم أن الشعب من الأحرار كله معه وأننا لن ننساه ويجب أن تكون جمعتنا غدا جمعة "حسين
الخرموش " الذي وقف مع شعبه ،
ويجب الىن على شعبه أن يقف معه وسيعلم هؤلاء القتلة إلى أي مصير
سينقلبون، وأي شعب بعد هذا
اليوم سيحكمون ، وأي بلد هذه
التي يظنون أنهم عليها قادرون ==================== احمد النعيمي عندما كان يتحدث الأتراك في كل مرة يتعرض
لها الشعب السوري للتنكيل بأنهم
لن يسمحوا بأن تتكرر المجازر
التي شهدتها سوريا في بداية
ثمانينات القرن الماضي،
وتأكيدهم بأن الأسد قد دخل
نفقاً، لم يعد لأحد أخراجه منه،
وأن شرعية الأسد لم تسقط بعد،
وإنما تخللها شيء من الظلال على
حد وصف الاردوغان الدقيق لإجرام
الأسد، دون أن يتم تقديم يد
مساعدة للشعب الثائر الأبي
والذي لا زال يقدم عشرات
الضحايا كل يوم؛ رغم وعود
الاردوغان ووزير خارجيته بأنه
سيقف إلى جانب الشعب السوري،
وتركه عرضة للقتل والتعذيب
والبطش، وهذا كله قد يكون
مفهوماً وهو أن الأتراك كانوا
يقصدون التهديد والتخويف لعل
الأسد يوقف إجرامه، دون أن
يتدخلوا بالشأن السوري،
وخصوصاً أن الأسد كان صديقاً
مقرباً من الاردوغان بداية، ومن
ثم قد يؤدي هذا التدخل إلى حرب
تؤدي إلى توريط الأتراك بشكل
رسمي في حرب تستنزف الجميع. ولكن أن يصل الأمر بالمخابرات السورية
إلى انتهاك السيادة التركية
ودخول أفراد لمهاجمة اللاجئين
السوريين في مخيمات أعدت
لاستقبالهم، وعلى مسافة أكثر من
ثلاثة كيلومترات داخل الحدود
التركية، والاعتداء عليهم،
وقتل بعض منهم، بالإضافة إلى
اختفاء الضابط السوري المنشق
"حسين هرموش" من داخل هذه
المخيمات نهاية الشهر الماضي،
حيث تواترت الروايات بين من
اتهم المخابرات السورية
باختطافه، أو من اتهم الدولة
التركية بتسليمه للأسد، فهذه
أمور لا يمكن أن يسكت عنها بأي
حال، ولا ندري لماذا سكتت عنها
الجارة التركية وخصوصاً أن
الأمر يتعلق بشكل كامل بالسيادة
التركية وانتهاكها من قبل نظام
مجرم لم يكتفي بملاحقة خصومه
ومحاولة تصفيتهم داخل الأراضي
السورية، وإنما تعداها إلى
انتهاك سيادة بلد مجاور. إن الإعلان عن ظهور المقدم "حسين هرموش"
الليلة على التلفاز الرسمي
الأسدي، بغض النظر عما سيدلي به
من اعتراف يعلم جميعنا أنه أخذ
منه بالإكراه، كما نراه من
قيامهم بتعذيب المعتقلين
وضربهم، وإجبارهم على نطق ما
يراد منهم؛ يتطلب منا أن نطرح
كثيراً من التساؤلات، أهمها:
لماذا سكت الاردوغان عن انتهاك
سيادة بلاده وخطف لاجئ هرب إلى
بلاده من نير نظام مجرم!؟ في
الوقت الذي كان ينبغي أن يثير
فيه هذه المسالة ويدولها بشكل
قانوني ضد نظام إجرامي!! ويعمل
من فوره على إبعاد المخيمات إلى
مكان أبعد لكي لا يجعلهم عرضة
للتصفية من قبل نظام لا يستطيع
الأتراك أن يمنعوه من الوصول
إلى أراضيهم وتصفية هؤلاء
الخصوم!! سكوت الاردوغان عما جرى من اعتداء على
الأراضي التركية أمر محير
تماماً، يؤكد أن تهديده للأسد
ليس سوى زوبعة في فنجان، وأن
الصداقة لا زالت قائمة بين هذين
النظامين، بغض النظر عما يدعيه
الجانبان من تأزم للعلاقة
بينهما، مثلها في هذا مثل مهزلة
طرد السفير الصهيوني والإبقاء
على التمثيل القنصلي، والتي
جاءت لتغطي التخاذل التركي تجاه
الشعب السوري، وهذا ما فهمته
المعارضة السورية الهزيلة في
الخارج، والتي لم تستطع إلى هذا
اليوم أن تتفق على كلمة واحدة،
فقامت بنقل نفسها إلى دول أخرى،
بعد أن أدركت أن لا فائدة ترجى
من هذا الاردوغان، اللهم إلا
تفتيت وحدتهم – الغير موجودة من
الأصل– خدمة لصديقه المجرم
الأسد، والذي يحاول الجميع
إبقائه على سدة الحكم في سوريا،
لأن هذا النظام المجرم يمثل حجر
أساس في أمن المنطقة، كما صرح
بهذا كل من الصهاينة والصين
وروسيا والمالكي وحسن نصر الله
ونجاد، وعند هذه التصريحات يمكن
أن نضع كثير من النقاط فوق
حروفها!! ===================== هل يمكن أن تنجح الثورة
السلمية في إسقاط النظام؟ مجاهد مأمون ديرانية كثيرون سألوا وما زالوا يسألون: هل يمكن
لثورة سلمية أن تُسقط نظاماً
مجرماً؟ سأقص عليكم قصة قصيرة.
تقولون: ليس هذا وقت القصص! لن
أطيل، لكني عجزت عن مقاومة
إغراء يدفعني إلى بداية المقالة
بهذه القصة، يبدو أن الاستطراد
عادة عندي سأحاول أن أتخلص منها
في المستقبل. في مثل هذه الأيام من السنة الماضية كنت
مشغولاً بقراءة بضع وعشرين
رواية، هي الروايات التي وصلت
إلى التصفيات النهائية في
مسابقة للرواية نظمها واحد من
المواقع الأدبية المرموقة، وقد
تكرم عليّ منظّمو المسابقة
فضموني إلى لجنة التحكيم
وأرسلوا لي الروايات لقراءتها
وتقويمها. لن تتوقعوا بالتأكيد
أن ألخص لكم تلك الروايات، ولكن
اسمحوا لي أن أعرض عليكم ملخصاً
لواحدة منها ذكّرتني بها ثورتنا
العظيمة في سوريا. الرواية تحكي مأساة طفل صغير يتيم الأم
يعيش مع أب جلف قاس ويعاني من
قسوة أبيه ومن ظلمه ما يستدرّ
الدمعَ من العيون. ولأن الشقق
صغيرة ومتقاربة فإن الأصوات
تنتقل بينها بسهولة، وهكذا فإن
الجيران يسمعون دائماً صراخ
الأب وأصوات الضرب وبكاء الطفل
واستغاثاته المتكررة، حتى عجز
الجار القريب عن الاحتمال فتدخل
مرة لإنقاذ الطفل من بطش أبيه،
فناله بعض الأذى، ثم تطورت
الأمور إلى تدخل بقية الجيران
ومدير المدرسة وصاحب البقالة
المجاورة، كلهم لم يستطيعوا
الاستمرار في السكوت وهم
يراقبون قسوة الأب المجرم،
بعضهم تحرك بوازع من نفسه
وبعضهم بضغط من الزوجة أو
الأولاد، حتى اضطروا أخيراً إلى
الاستعانة بالشرطة لوقف تلك
المأساة… إلى آخر أحداث
الرواية التي انتهت بمرض الأب
وندمه وعودة الحياة الطبيعية
إلى البيت، النهاية التي يحبها
القراء. لقد صنع الجيران في الرواية ما سيصنعه أي
واحد منا في الحياة الحقيقية.
أنا لا أستطيع أن أستمر في حياتي
اليومية الطبيعية وجاري يضطهد
أبناءه ويضربهم ويكاد يورثهم
عاهات لا تزول، وكأنه سجّان في
“تدمر” وهم المسجونون، ولا بد
أن أتحرك وأن أصنع شيئاً لوقف
هذه المجزرة، ولو لم أفعل وكنت
ميت القلب معدوم النخوة فلا بد
أن تتحرك زوجتي أو يضغط علي
أولادي، ولو لم يتحرك أحد منا
فلا بد أن يتحرك غيرنا من
الجيران… هذا وضع لا يسكت عنه
الناس. لكن من المؤكد أنني لن
أقتحم على الرجل بيته منذ اليوم
الأول، بل ينبغي أن أبدأ بنصحه
بكلام خاص بيني وبينه، ثم أكرر
النصح، ثم أشتدّ فيه وأحتدّ،
وفي مرحلة ما سوف أبدأ بتنسيق
موقف موحد مع بقية الجيران لأن
الجماعة أقوى من الفرد، وربما
توسطنا ببعض من له عند الأب
وجاهة، وأخيراً وبعد اليأس
الكامل سنتوجه إلى السلطة التي
بيدها القوة والتي تستطيع تنفيذ
القانون بالإكراه بعدما عجزنا
عن تنفيذه بالنصح والرجاء. هذه السلسلة الطويلة لا يمكن أن تستمر إلا
باستمرار العنف في بيت الرجل
وابنه المسكين، ولو أن الأب
ارعوى ذات يوم فكف شرّه فلن
تستمر السلسلة، وحتى لو استمر
الأب في قسوته ولكن الطفل توقف
عن الشكوى والعويل وانقطع صوته
فسوف يظن الجيران أن المشكلات
انتهت إلى سلام وسوف تتوقف
السلسلة أيضاً. الأمل الوحيد
لاتصال سلسلة الأحداث السابقة
واستمرارها وصولاً إلى الحل
الحاسم هو بقاء الجو المشحون
واستمرار المصادمات. تلك الرواية تصلح لحكاية ما يدور في
البيوت بين الآباء والأبناء،
وتصلح أيضاً لحكاية ما يدور في
البلدان بين الحكام والمحكومين.
غيّروا المسمّيات، من الأب
القاسي إلى النظام المجرم، ومن
الطفل المظلوم إلى الشعب
المعذَّب، والجيران هم الجيران
لكنهم صاروا دولاً بدلاً من
الأسر، وكما أن للمجتمع شرطة
يحمون ضَعَفته من عدوان أقويائه
فكذلك المجتمع الدولي له شرطة
يحمون الشعوب من بطش جلاديها.
وتبقى النقطة الأخيرة في
الحالتين سواء: الزمن. لا بد من
مراحل تمر بها المشكلة وصولاً
إلى الحسم، وقد قطعت الثورة
أكثرها وبقي القليل. * * * لا شك أن معاناة الشعب السوري في الشهور
الأخيرة كانت كبيرة جداً، ولعل
استمرارها وزيادة الضغط الذي
يمارسه النظام على الثورة هو
السبب في حالة الإحباط التي
بدأت تتسلل إلى قلوب الناس
وتدفعهم إلى التفكير في البدائل
التي حرّموها على أنفسهم من
قبل، أعني الانتقال إلى الكفاح
المسلح والترحيب بالتدخل
العسكري الخارجي. هل يعزّيكم -يا ثوارُ- أن تعلموا أنكم لستم
وحدكم من يعاني؟ بل هل يعزيكم أن
تعلموا أنكم لستم الأكثر معاناة
من بين الجميع؟ تعالوا نفكر في
الأطراف التي تشترك في المعاناة: (1) الشعب يعاني، بالطبع هو كذلك، بل لا
يمكن تخيل أن لا يعاني لأنه آلى
أن يُسقط نظاماً أمنياً من أشرس
وأعتى الأنظمة القمعية في
العالم في هذا العصر. هل يمكن أن
يصنع ذلك بلا معاناة؟ (2) النظام يعاني أيضاً، هذا هو الخبر
الجيد، بل ربما كانت معاناة
النظام أشد من معاناة الشعب.
كيف؟ الجواب جزء من المقالة
القادمة، فاقرؤوه فيها غداً. (3) دول الجوار كلها تعاني من القلق بدرجات
متفاوتة، لأن خروج الأمور عن
السيطرة في سوريا يمكن أن يعرّض
استقرارها وأمنها إلى الخطر.
تركيا هي أكبر المتضررين في
حالة انزلاق سوريا إلى الفوضى
لأن حدودها معها هي الأطول،
ولأن المشكلة المشتركة بين
البلدين هي الأخطر: مشكلة
الأكراد. إسرائيل ستتعرض لخطر
أكيد في حالة الفوضى لأن الجبهة
السورية لن تكون تحت أي رقابة
ويحتمل أن تخترقها أية مجموعات
مسلحة. الوضع القلق في العراق لا
يحتمل أي قدر إضافي من الاضطراب
على الحدود، وأيضاً لن يرحب
الأردن بحالة فوضى على حدوده
الشمالية. (4) الفلسفة نفسها تنطبق على المجتمع
الدولي، فالقوى العالمية ترتب
علاقاتها ومصالحها في توازنات
دقيقة، ولا شك أنها تتابع بقلق
أي حادثة كبيرة من شأنها أن تخلّ
بتلك الموازنات. سوريا طرف
أساسي في موازنات العلاقات
الدولية بين الشرق والغرب، وفي
موازنات النفوذ الإقليمي بين
تركيا وإيران، وفي موازنات
الحرب والسلام، وهذه الموازنات
ستتعرض للخطر عندما يضطرب
استقرار سوريا أو تنهار إلى
الفوضى. توجد أيضاً مشكلة أخرى
تقلق القوى الدولية والغرب
كثيراً وتجبره على التدخل قبل
خروج الوضع عن السيطرة: إن سوريا
مستودع هائل للأسلحة، وعندما
تفقد الدولة سيطرتها على الأرض
ولو جزئياً فإن احتمال تسرب
الأسلحة إلى جهات مجهولة سيصبح
احتمالاً كبيراً، وهذه الفكرة
تسبب الذعر للدول الغربية
ولأميركا خاصة. ألم تتابعوا مؤخراً ما نُشر عن قلق عارم
في الأوساط الأميركية والغربية
بسبب فقدان كمية من الأسلحة من
المخازن الليبية في خضم الفوضى
الأخيرة التي سبقت سقوط النظام؟
لقد اختفى نحو 480 من الصواريخ
المحمولة المضادة للطائرات في
الأيام القليلة الماضية من بعض
مخازن الأسلحة التي تخلت عنها
كتائب القذافي، ومن بينها
صواريخ قادرة على إسقاط طائرات
تجارية! أيضاً تتحدث التقارير
عن حالة ذعر من وصول أحد عشر
طناً من غاز الخردل (كانت جزءاً
من ترسانة القذافي للأسلحة
الكيماوية) إلى أيد غير صديقة.
اضربوا هذه الدرجة من الذعر في
خمسين لتعرفوا حجم القلق الذي
ستحس به الحكومات الغربية من
فكرة انتشار الفوضى في سوريا
وفقدان كميات هائلة من الأسلحة
أو تسربها إلى جهات مجهولة. إن
هذه الدول مستعدة للتدخل بأي
صورة للإسراع في إسقاط النظام
إسقاطاً مسيطَراً عليه بدلاً من
انتظار سقوطه سقوطاً عشوائياً
يقود إلى الفوضى. باختصار فإن الكل يريدون استقرار سوريا
ويضرّهم سقوطها في هاوية
الفوضى، وهم يراقبون المواجهة
بين الشعب والنظام بقلق
واهتمام، وبما أن الشعب ماض في
ثورته -رغم كل ما يناله من أذى
وما يواجَه به من قمع- فإن
الانهيار السياسي والاقتصادي
والأمني في سوريا بات قريباً
جداً. عندما تشتدّ المواجهة بين
الشعب والنظام وتطول مدتها
تتعرض مؤسسات الدولة لخطر
السقوط، ليس لأن الثورة تستهدف
تلك المؤسسات بالضرورة، ولكن
لأن النظام يركز اهتمامه على
المؤسسات التي يحتاج إليها
للبقاء (الأمنية بشكل أساسي)
ويهمل ما عداها، بل قد يدمر -عامداً-
المؤسسات الأخرى للضغط على
الشعب، وهذا ما نراه الآن في
تداعي المؤسسة الصحية على سبيل
المثال. لو استمر تداعي وسقوط
مؤسسات الدولة فسوف تسقط الدولة
كلها بالنتيجة مع بقاء النظام،
وهذه الحالة تسبب قلقاً
متزايداً لدى دول الجوار ولا بد
أن تدفعها إلى التحرك في مرحلة
ما. (5) أخيراً فإن استمرار الثورة والقمع
والقتل واقتحام المدن يزيد
الاهتمام ويرفع درجة التعاطف
بين شعوب العالَمين العربي
والإسلامي، وكلما تأخر الحسم
واستمر القمع تزداد حدة
الانفعال الشعبي في تلك الدول،
والشعوب تضغط على الدول بطريقة
أو بأخرى، بل لقد بات الضغط
الشعبي أمراً ذا بال تحسب له
الأنظمة الحسابات! كما أن
الثورة ذاتها مرضٌ مُعْدٍ لا
تلبث عدواه أن تنتقل عبر
الحدود، والأنظمة العربية في
غنى عن مصدر وباء جديد، فهي إما
أن ترتاح من الثورة سريعاً
بمساعدة النظام على قمعها أو
ترتاح منها بالتحرك لإسقاط
النظام، وبما أنها فشلت في
الاحتمال الأول (المفضل بالطبع)
ويئست من قدرة النظام السوري
على إنهاء الثورة -سواء بالقوة
أو بالسياسة والإصلاح- فقد وجدت
نفسها أمام الخيار الوحيد
المتاح، وهو التخلص من النظام
وإعادة ترتيب عناصر المعادلة. مما سبق تجدون أن النظرة المتعجّلة
تقودنا إلى ملاحظة معاناة الشعب
السوري منفرداً بسبب الثورة،
وقد تقودنا هذه النظرة
الانتقائية الضيّقة إلى اليأس
والإحباط، لكننا لن نلبث -بمزيد
من التأمل- أن ندرك أن الذين
يعانون بسبب الثورة كثيرون،
وأنهم لن يستطيعوا (أو أنهم لا
يحبون) أن يستمروا في المعاناة
طويلاً، لذلك سيفعلون شيئاً ما
للتخلص من الكابوس. وبإدراكنا هذه الحقيقة المغيَّبة سوف
نهتدي إلى النتيجة الأهم: إن
مفتاح المستقبل لا يملكه إلا
جمهور الثورة بإذن الله، هو في
يد الشعب السوري لا في يد غيره،
فلو قرر السوريون إنهاء ثورتهم
والعودة إلى بيوتهم فسوف يتنفس
العالم كله (وليس النظام فقط)
الصعداء ويقول: ليبقَ كل شيء على
حاله. أما إذا استمر الشعب في
ثورته فسوف يسقط النظام، ليس
فقط لأن النظام -الذي يتعرض
للضغط الشديد- لن يحتمل الضغط
إلى الأبد، بل لأن العالم كله لا
يستطيع الصبر على الضغط والقلق
لفترة طويلة ولا بد له من حسم
المسألة. أما كيف يكون الحسم وكيف يمكن للثورة أن
تُسقط النظام، فهذا ما سنحاول
استطلاع مساراته المحتمَلة في
المقالة الآتية بإذن الله. ==================== سوريون تحت ضربات السياط
! برسم المختلفون على الثورة
والوطن لافا خالد أدناها في رسالتي المختصرة ببضعة حروف
والتي تحمل في ثناياها جرح وطني
الذي ينزف بغزارة سوف اسرد بعض
الحقائق كما هي مستوحاة من ارض
الواقع فانا أعيش في قلب الوطن ,
كل شيء يجري أمامي وكما يقول
المثل الكردي ((dîtin
û gotin nabin weke hev
))" بمعنى معايشة الأحداث
بتفاصيلها ليس كما الحديث عنها
من بعيد , ويحزنني يا اخوتي في
الخارج القول أن الأخبار
والمعلومات التي تصلكم هي ليست
كما تتصورين مطلقا من جهة :أعداد
الشهداء التي تجاوزت ال 7000-8000
شهيد - أعداد المعتقلين تجاوزت
ال 30000 معتقل - معاملة السلطة
للأهالي لا يمكن وصفها - الثورة ,المظاهرات
, الناس, النخب,فالجميع تحت
ضربات السلطة المتوحشة,مثل
الدجاجة النصف مذبوحة يدورون
حول أنفسهم في حلقة مفرغة , قطيع
وقع بين مخالب الذئاب دون أن يجد
راعيا يحميه,والغنم الذي يقع
بين مخالب الذئاب دون حماية,يكون
مصيره الفناء,نعم نحن نتعرض
للفناء على نار هادئة بمباركة
جميع دول العالم بغض النظر عن
تصريح خجول هنا أو هناك ,نحن
نتعرض للإبادة تحت سمع وبصر
جميع شعوب العالم خاصة المتقدمة
"qaşo" التي تبكي على حقوق الإنسان,السلطة
تتحدث عن مؤامرة ,نعم هناك
مؤامرة كونية الأبعاد موجودة ضد
الشعب,يخطط لها بان كي مون,واوباما,واردوغان
,ونتن ياهو,وخامنئي ,وساركوزي,وووو
بالشراكة مع النظام الحاكم,وإلا
ما معنى أن يتعرض شعب بأكمله
للذبح طوال 6 اشهر وكافة
الحكومات والهيأت والمنظمات
الحقوقية,تكتفي بمناشدات حذرة
خجولة,وتصريحات مترددة تدلي بها
كلينتون في المساء ليعود اوباما
يصححها أو يتراجع عنها في
الصباح طبعا لصالح السلطة.-
احزاب المعارضة التقليدية
الموجودة في الداخل أو الخارج ,
بشقها الكردي والعربي,أيضا
تتآمر على الثورة بطريقتها
الخاصة,بشكل مقصود أو غير مقصود,لسببين
: اولا :محاولة الجميع استباق الأمور على
أساس أن سقوط النظام بات شيء
حتمي , فلم يبقى أمام هؤلاء
البؤساء غير التنازع على
المناصب التي ستكون في سوريا
الغد وهذه وقاحة وخيانة للدماء
المهدورة,وكان المفروض بهم بذل
المستحيل لوقف نهر الدم هذا
والانخراط في تشكيل هيئة تمثل
الثورة وتحميها,والسعي لدى دول
العالم وشعوبه للضغط عليها حتى
تجبرها على التخلي عن السلطة
السورية والوقوف على الحياد في
الصراع الدائر ثانيا :مزايدة أحزاب وزعماء وشخصيات
المعارضة العتيقة على بعضهم
البعض في مسالة التدخل الخارجي,حيث
يخرج كل تعيس منهم على
الفضائيات وينهق بأعلى صوته:
التدخل الأجنبي خط احمر ,طبعا كل
واحد منهم هو وأولاده قاعدين في
باريس ولندن وبرلين والرياض
والدوحة,آمنين,مرتاحين,نائمين
على اليورو,لا مخابرات تنزل
عليهم في منتصفات الليالي , ولا
جيش يقصفهم بالمدفعية في فجر
سوريا الطويل,ولا شبيحة تعتدي
عليهم وقت الظهيرة,ولا كهرباء
تنقطع عنهم ولا دواء يحرمون منه,ولا
حصار غذائي عليهم, فلماذا لا
يزاودون إذا كانوا لا يدفعون
الضريبة من الدم والألم والعذاب
والمآسي والويلات,هؤلاء لا
يهمهم إذا نجحت الثورة أو فشلت,لأنهم
في الحالتين سيخرجون مستفيدين,فإذا
نجحت سيستقلون أول طائرة تتجه
صوب دمشق ويقولون نحن من صنع
الثورة وعلينا استلام السلطة,وإذا
فشلت فسوف يبقون حيث هم ويقدمون
أنفسهم إلى دول المنافي على
إنهم ضحية نظام ظالم وعلى
العالم أن يعطف عليهم بكميات
اكبر من الدولار. الثورة تجري على الأرض أما المعارضة
العليلة تسكن كوكب لم يكتشف بعد,ومن
قال أن النظام قد ضعف فهو كاذب ,ولماذا
يضعف إذا كانت عناصر القوة كلها
بيده ,العالم معه الجيش معه .....الخ
والمعارضة بوعي أو عدم وعي معه
وتخدم أغراضه,بينما الثوار
والناس أصابهم الإعياء والتعب
تحت آلة القمع الوحشية,وما يزيد
الأمر خطورة أن الثوار اخذوا
يشعرون بأنهم يتامى ولا من احد
على جانبهم ,وهذا يؤثر بشكل كبير
على معنوياتهم ,خاصة أن غالبية
الصف الأول والثاني من قادة
الحراك الميداني قد استشهدوا أو
تم اعتقالهم, أنا معك الشعب
السوري بطل,ولكن ليس هناك ثورة
ناجحة في العالم من دون حليف أو
صديق , الثورة السورية هي
الفريدة من نوعها في هذا المجال
,ولكن ما لم يحدث تبدل محوري في
مجريات الواقع فلن أعطيك الأمل
بان الثورة سوف تستمر أكثر من
سنة , لا أريد بث اليأس في قلبك ,ولكن
الناس تعبوا ,ومهما قدموا من
شهداء فلن يتغير المشهد فالنظام
شهيته مفتوحة على القتل طالما
ليس هناك طرف داخلي أو خارجي
يردعه,والموت وحده لا يصنع
انتصارا,يعني إذا مات نصف مليون
أو مليون أو مليونين فان السلطة
لن تخسر شيء بالعكس تكون قد
تخلصت من بعض الجراثيم دون أن
يكلفها ذلك أي ثمن. الخلاصة: على المعارضة البالية في الداخل
و الخارج,إذا كانت لديها ذرة شرف
أو ضمير أو وجدان أو مصداقية,أن
تسابق الزمن على تأسيس هيئة
باسم الثورة دون قيد أو شرط فلا
يكون لها غير برنامج مؤلف من بند
واحد لا أكثر وهو((( إنقاذ الشعب
السوري من الإبادة الجماعية)))
لتأخذ هذه الهيئة على عاتقها
مسؤولية طلب تدخل خارجي في
الأزمة السورية حماية لأرواح
الناس من حرب الإبادة التي
تشنها الحكومة على أبناء الشعب
دون تمييز,وإذا كانت المعارضة
ترفض الحماية الدولية فلتنزل
إلى الشوارع وتحمل السلاح
وتدافع عن الناس حيث لم يعد شعار
سلمية الثورة مجديا . عزيزتي لافا لقد أغراني عنوان مقالتك "خطوات عملية
لدعم الثورة " ولكن اعذريني
لم أجد فيها ما يطابق العنوان
سوى إبداء مشاعرك الجياشة نحو
الثورة, المطلوب منكم إنقاذ ما
تبقى منهم قبل فوات الأوان,انتم
في الخارج لديكم الكثير لتقوموا
به ولكن للأسف لا تفعلون,المطلوب
من الشرفاء من أمثالك فضح ليس
السلطة الحاكمة بل الأحزاب
والشخصيات في المعارضة البالية,والضغط
عليها وإجبارها على الكف
بالمتاجرة بدماء الثوار,ودفعها
إلى المطالبة بحماية دولية أو
حمل السلاح,وإلا فان الناس سوف
يعودون إلى منازلهم ,وحينها سوف
تبدأ معركة السلطة الحقيقية حين
تباشر عمليات انتقام سوف تكون
أفظع من عمليات القمع التي يقوم
بها الآن,وربما تتذكرين ماذا
فعل بنا بعد قمع انتفاضة قامشلو
2004 ,أؤكد لك أن ربع شعبنا سوف
يدخل السجون وربعه سوف يموت تحت
التعذيب وربعه سوف يتحول إلى
عبيد والربع الباقي سوف يكون
سعيد الحظ إذا أصبح لاجئا ذليلا
اردوغان . اذكرك بالمثل القائل الذي يأكل العصي ليس كما الذي يعدها yê
ku dara dixwe ne weke yê ku dihejmê re ملحوظة " هذه نص رسالة لقارئ كريم لم
يشأ أن اذكر اسمه لضرورات
السلامة على حياته وددت أن
ارسلها بتفاصيلها كما وصلتني
وتكون برسم اجابة المختلفين على
الثورة والوطن ! ماذا تراكم
فاعلين ؟ ======================== لماذا يرفع الشعب شعار
إسقاط النظام.. بلا لبس وغموض
؟؟ عقاب يحيى لماذا لم يقم النظام بأية إصلاحات جدّية ..
طيلة عمره المديد ؟؟.. لماذا ذهبت وعود
الرئيس الوريث المفروض بالقوة
هباء وتبخّرت، وقام هو بالذات
بلحسها عندما مسخها في سنوات
تحكّمه، وجلوسه على فراش
الاستقرار، وتقارير خنوع
الشعب، وقد أعلن " أن الناس
فهموا خطاب القسم، بوعوده
الإصلاحية، خطأ "؟؟؟ .. لماذا وشرارات
الثورات العربية تنتقل إلى
القلوب والعقول من بلد لآخر..
رفض الاستجابة للحدّ الأدنى من
المطالب؟، وراح يمعن الدجل عن
سورية المختلفة، وسورية
الممسوكة جيداً من مرتكزه
الرئيس : النظام القمعي الرهيب ؟.. لماذا عامل
فتيان حوران الصغار تلك
المعاملة القمعية الرهيبة بدل
بحث ما يدور في عقول المواطنين ؟.. لماذا والشرارة
انطلقت من درعا ثأراً للكرامة،
والعنوان ال الفصيح يقول : "
الموت ولا المذلة" لم يبادر
رأس النظام إلى الاستجابة لبعض
المطالب وكانت عادية ؟.. لماذا، والوقوف
طويلاً عندها تصف مستشارته، وهو
من بعدها ما يجري بأنه فتنة،
ومؤامرة.. ومسلسل التدمير
والقتل، والتشويه المنهج
المقرر سلفاً عن المدسوين وبقية
القصة التي لم تكتمل فصولها بعد
؟؟.. لماذا.. ولماذا
لجأ النظام للحل الأمني سبيلاً
وحيداً، وتصعيده إلى ما يشبه
الحرب المعلنة على المدن و"
تحريرها" من سكانها ؟؟.. لماذا اللجوء
المبرمج للتجييش الطائفي، ثم
قصف الآخرين بمدفعية البعبع
والتخويف.. وكأنه براء من فعله
الفئوي المكشوف ؟؟.. لماذا؟؟،
ولماذات كثيرات تندرج في هذا
السياق وهي تكشف مخططات النظام
منذ البداية لقمع الصوت المعارض
له، ووأد الانتفاضة بالقوة،
وإخراس صوت الحرية بالقتل
والقنص والاعتقال.. وصولاً غلى
" إعلان التعبئة العامة"،
وإشهار سيف" بيرق الأسد"
الصدئ، المليء بصديد الحقد،
والدمار، والخراب.. حتى لو دفع
البلاد إلى الهاوية ؟؟؟؟..... ببساطة شديدة :
لأن النظام الأقلوي لا يملك غير
ذلك .. وببساطة أوضح :
هذا النظام الطغمة الشبه
بالمافيا، النظام المأزوم،
المريض في داخله، المنخور
بمراكمات بعابع القرون.. لا
يمكنه أن يقدّم شيئاً ذي قيمة في
ميدان الإصلاح، أو التصالح مع
الشعب، لنه يعرف أكثر من الجميع
أنه أقلوي، وانه مكروه من
الأغلبية الشعبية، وأن أي
انفتاح سيكون كرة الثلج التي
تغرقه وتودي به إلى النهاية
الحتمية، وأن التوقف عن الحل
الأمني القمعي بداية النهاية..
حين سيخرج الشعب جموعاً مطالبة
بإسقاطه .. ببساطة نقول لمن
لا زال يراهن على ملاقاة النظام(تحت
أية سقوف نظرية قابلة للفركشة
والزحلقة والتمييع والتليين)
أنكم تلعبون بدماء وتضحيات
الشعب، وتهدرون الفرص المتاحة،
وتخلقون شروخاً بينكم وبين شباب
الثورة الذين يقودون الميادين
بدأب وشجاعة وتصميم، وأن كل
مراهناتكم ستكون هباء.. لأن
النظام : موضوعياً وذاتياً غير
مؤهل بنيوياً للاستجابة لأيّ من
مطالب الحد الأدنى التي كان
يمكن القبول بها قبل أشهر، فكيف
والمطلب الرئيس، والحصيلة
الوحيدة توجزها عبارة : الشعب
يريد إسقاط النظام ؟؟.. الإسقاط الذي
يطالب به الشعب واضح، مختصر لا
يقبل لوك الكلمات واللعب عليها،
إنه : إنهاء هذا النظام بقضه
وقضيضه، وعلى رأسه الرئيس
الوريث، المسؤول الأول عن كل
الجرائم وعمليات القتل..
والانتهاكات الصارخة للكرامة
والحقوق .. ===================== الغرور الأمني ثقافة فن
الحكم الانتحاري رياض هاني بهار خبير بالشؤون الأمنية المعطيات الأخيرة بسقوط الأنظمة العربية
الشمولية دلاله واضحة على سقوط
مفاهيم الأمن التقليدية التي
أنتجتها السياسة بعقود
الستينات والسبعينات وبقت
أسيره تلك المفاهيم الباليه
ولهذه المدارس الفاشلة
أخلاقيات وأساليب اعتمدتها
واعتبرتها منهجا ومنها الغرور
الأمني الذي وقعت في فخه كل قاده
الأمن في الدول قبل انهيارها. لتوضيح معنى الغرور الأمني: قد تصاب بعض
الأجهزة الأمنية نتيجة تواصل
نجاحاتها في المواجهات الأمنية
بنوع من الغرور الأمني، ذلك
الغرور الذي يقصد به" إعطاء
تلك الأجهزة الأمنية والكوادر
لنفسها قدراً يفوق حجمها
الحقيقي سواء من حيث الكم أو من
حيث الكيف، إلى الحد الذي
يجعلها تبالغ في حجم قدراتها،
فالمتكبر يبجل نفسه عن رتبة
المتعلمين، والمعجب يستكثر
فضله على استزادة
المتأدبين،التكبر هو شعور
بالتشامخ يتم إظهاره بطريقة
متغطرسة أو بادعاءات وقحة أو
بسلوك متعجرف، وان من حسن الخلق
أن يتصف الإنسان بالتواضع هذا
المفهوم الذي حثت عليه الديانات
السماوية الثلاث. واذا أمعنا
النظر في الأمر الإلهي
بالابتعاد عن الكبر والغطرسة
نجد ان الله قد أمرنا بذلك حرصا
منه تعالى على سيادة المحبة
والاطمئنان بين الناس، الأمر
الذي يحقق سعادة الجميع،
بالإضافة الى الديانات الوضعية
من مثل الهندوسية والكنفوشية
والبوذية، وما ذلك الا لأن هذه
الصفة تحب الناس بصاحبها وتجعله
مثلا يقتدى به، قال تعالى: «ولا
تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق
الأرض ولن تبلغ الجبال طولا» (الإسراء:
37). وقال أيضا: «واقصد في مشيك وأغض من صوتك إن
أنكر الأصوات لصوت الحمير» (لقمان: 19)، إن التكبّر والغطرسة سبب كل
الشرور وهذه الصفات هي صفات غير
مبررة، ومن الأدب ان نتحاشاها
حتى لا ينفر الناس منها ولكي
يكون هناك نوع من الألفة بيننا
وبين الآخرين أثناء تعاملنا
معهم صفة تسلب الفضائل وتكسب
الرذائل وثقافة رجل الأمن يجب
أن تكون شاملة انسجاما مع
إنسانيته، ولا يجوز غسل دماغه
لصقله فقط بالثقافة الأمنية
المقصورة على حماية النظام، بل
تشمل أيضا حماية حياة الإنسان
بغض النظر عن لونه وديانته
وعقيدته ووجهته وانتمائه لأنها
مقدسة ولا حق لسلبها إلا لله عز
وجل ووفقا لأوامره ونواهيه. رجل الأمن في
هذا الاختبار يحدد مصيره ويحدد
إنسانيته من عدمها، فإما أن
يكون إنسانا يحافظ على حياة
الآلاف من أبناء شعبه ووطنه،
وإما أن يكون حطبا للنظام
الفاسد يحرق نفسه بسفك دماء
أبناء بلده الثرثرة والاستعراض
إحدى أشكال انتحار القادة
الميدانيين الذين يعشقون
التعبيرات الجسدية ، والذين
يشبعون أهوائهم من خلال الظهور
بمظهر القوي والمسيطر، كما أنهم
يقدمون المعلومات الخاصة
للعملاء وللمتطفلين بالمجان،
وحسب خبرتي الشخصية ، ان اغلب
القادة الصغار مصابة بالغرور
الأمني، وان السبب الأساسي عدم
إدراكهم، لمفاهيم علم الأمن
لمستويات الفعالين ميدانيا،
وهناك مستوى عملي عالي المستوى
يختص به قادة الأجهزة الأمنية
وهو الأمن المهني، وللأسف
الجميع حتى اللحظة يعمل كل على
هواه ، ولا توجد مفاصل لهذه
المسألة ، وباستطاعة أفراد
الشعوب تغيير الثقافة السائدة
في التعامل مع النظام ومسؤولية
من خلال سلوك متزن ضمن حدود وأطر
ثقافية في التعامل لا تسمح
بالقول مستقبلا عن رأس النظام
أنه استخف قومه فأطاعوه. لا يفرق
الجلاد بين القوة وبين القسوة،
بين قوة الدولة وبين قسوة
الأجهزة، قوة الدولة تكمن في
سلطة القانون باعتبارها أداة
الحكومة لتحقيق العدالة، وقسوة
الأجهزة هي أداة الجلاد للتخلص
من الخوف والفشل والعجز القابع
في داخله، الخوف من حقوق
المواطنين وحريتهم وجدارتهم،
والعجز عن التواصل معهم، ولذلك
تتصاعد باستمرار رغبته المريضة
بالسيطرة عليهم. لقد كان شعار (مديرية
الأمن العامة): (إذا لم نجعل من
كل مواطن شرطياً سنحتاج إلى
شرطي على رأس كل مواطن) !! ولكن
هذا مستحيل، من المستحيل إلغاء
المعارضة أو جعل الجميع يوافقون
على ما لا يقتنعون به، من
المستحيل انتصار الاستبداد
واستمراره، ليس لأن قوة الشعب
غير محدودة وإن عدد المواطنين
هو دائماً أكبر من عدد عناصر
الأجهزة الأمنية، بل لأن ثقافة
القتل والإبادة هي ضد إرادة
الحياة، ضد قوانينها الخفية
التي لا يستطيع الحاكم مهما بلغ
من جبروت أن يُدركها أو يسيطر
عليها، ولذلك تساقط الطغاة
والمستبدون عبر التأريخ الواحد
تلو الآخر، تساقطوا أذلاء وبقيت
شعوبهم وانتصرت. والقائد
الأمني الذي يتحلى بالفضائل
يحقق السعادة لأن السعادة هي
نتيجة الفضيلة كما أسلفنا ومن
الفضائل الشجاعة والعفة والعدل
والحكمة والحزم والاعتدال
والاستقامة، فإذا تحلى القائد
بالشجاعة والعدل والحكمة
والحزم والاعتدال والاستقامة
يكون قد تمكن من ضبط نفسه فلا
تميل نفسه نحو سوء استعمال
القوة لأنه لا يكون عندها
عادلاً ولا حازماً، فالحزم
يتطلب الحكمة والاعتدال من غير
تطرف ولا مغالاة، والعدل يستوجب
الاستقامة والعفة والشجاعة
مرتبطة بالحزم في قول الحق
وفعله، والعفة مرتبطة بالإيثار
واعتدال الميل إلى اللذة
وخضوعها للعقل، وكذلك الحكمة
التي تستند إلى العقل والمنطق،
وضبط النفس ومجاهدتها من أعظم
الأمور لأن النفس أمارة بالسوء
، ومجمل القيم والفضائل التي
سبق ذكرها تحدد الإطار الأخلاقي
لعمل القائد الأمني.ومغادره
التفكير الامني الشمولي ======================= عادل عبد الرحمن العامل الثالث المؤثر في إعادة صياغة
العالم يتمثل في نهوض اقطاب
جديدة ، ابرزها واهمها على
الاطلاق القطب الصيني، الذي
يسير بخطى اقتصادية وسياسية
وعسكرية وثقافية حثيثة لتبوأ
مكانتة، كقطب متميز ومتقدم على
اقرانه من الاقطاب الاخرى. فضلا
عن ولوج الهند والبرازيل وغيرها
من الدول مكانة المنافسة
لاحتلال مواقع متقدمة في مواقع
المنافسة للاقطاب الدولية
المختلفة. وهذه الاقطاب وغيرها
من الاقطاب الدولية، التي باتت
تشعر، انها لا تقل اهمية، ان لم
تكن اكثر اهمية من اقطاب دولية
تحتل عمليا مواقع متقدمة في
سياسات العالم، ستعمل بشكل
مشترك ومنفرد لاحداث التغيير
المطلوب في اليات العمل الدولية.
ومن يراقب التطورات التي تشهدها
مجموعة العشرين، وتراجع الدور
الاميركي النسبي ، يستطيع ان
يلحظ، ان المشهد الدولي آخذ في
التحول التدريجي. غير انه
سيحتاج الى زمن او طفرة ما على
شكل ثورة او تعمق مفاعيل الازمة
الاقتصادية في كل من اميركا
واوروبا لاحداث التحول
الادراماتيكي المنشود من قبل
شعوب الارض قاطبة وشعوب الاقطاب
الدولية الصاعدة. العامل الرابع تفجر ربيع الثورات
العربية، الذي سيكون له أثر
بالغ في تغير معالم العالم.
لاسيما وان العالم العربي يحتل
مكانة استراتيجية هامة في
الموقع الجغرافي، وفي الثروات
التي يمتلكها، وفي العائدات
المالية التي تعود لدوله
والموزعة على بنوك العالم
واقتصاداته المختلفة وخاصة في
اميركا واوروبا، المستفيدة
الاولى من الودائع العربية. الربيع العربي ، إذا قدر لشعوب الثورات
العربية الخروج من نفق التبعية
والتحرر من سياسات الانظمة
المهزومة ، واشادت سياسات
تنموية على الصعد المختلفة،
واعادت الاعتبار لمكانة
المواطن والوطن في هذا البلد او
ذاك، وعززت العمل العربي
المشترك على اسس جديدة ونوعية،
وادارت الظهر للتبعية للادارات
الاميركية ولاوروبا، وفي حال
غيرت اليات تعاملها مع الثروات
العربية، ووضعت سياسات تخطيطية
جديدة لحماية تلك الثروات
والمصالح في هذا القطر او ذاك
وفي النطاق العربي العام،
واعادت النظر بالاتفاقات
الموقعة مع دول العالم عموما
ودولة الاحتلال والعدوان
الاسرائيلية على اسس جديدة بما
يصون كرامة ومصالح المواطن
العربي. فإن المنطقة ستتغير ،
وستخرج من واقع الحال الراهن،
وستتتجه الى واقع حال جديد. وهذا
التحول في كل الاحوال لن يكون في
مصلحة الغرب عموما والاميركي
خصوصا، مما سيعمق النتائج
الكارثية للازمة الاقتصادية،
التي تعصف بمراكز القرار
الرأسمالي. وهذه ذات صلة مباشرة
وغير مباشرة على إعادة صياغة
النظام العالمي الجديد. هذه العوامل وغيرها ساهمت وستساهم في
إشادة عصر جديد. وهي (العوامل )
مستقلة عن ارادة القوى والاقطاب
المرتبطة بها. لان صيرورتها
تتجاوز في مفاعيلها حدود قدرة
تلك الاقطاب على الامساك او
الحد من مفاعليها الداخلية
والخارجية. واذا توقف المرء
امام الازمة الاقتصادية
الكارثية، التي تعصف بمراكز
الرأسمالية الاساسية منذ الربع
الاخير من عام 2008،التي تتماثل
بمعاييرها العامة مع الازمة
الاقتصادية اعوام 1929 -1933، التي
طالت المراكز الرأسمالية،
وأصلت للحرب العالمية الثانية،
لان الجواب على الازمة، كان
يتمثل بإعادة تقسيم العالم
ومناطق النفوذ فيه، وبالتالي
إعادة صهر وتشكل العالم بمعايير
وموازين قوى تلك اللحظة. إذا الازمة الاقتصادية الحالية، التي
مازالت تداعياتها تتناثر
وتتشظى في ارجاء مراكز القرار
الرأسمالي، وتترك او ستترك
آثارها على بلدان العالم قاطبة.
من الصعب على الدول الواقعة في
إتونها، والمنغمسة حتى النخاع
في أنعكاساتها على الارض، من
الصعب الخروج منها سليمة معافاة.
ولتجاوزها لابد من دفع ثمن غال.
هناك واحد من خيارين احلاهما مر.
الاول القبول الطوعي الاميركي
للتخلي عن الدور المركزي، الذي
تمتعت به خلال العقود الماضية
منذ ما بعد الحرب العالمية
الثانية، مرورو بانتهاء الحرب
الباردة ونشوء عصر العولمة في
مطلع التسعينيات من القرن
الماضي. مع ما لهذا القبول من
اولا تغيير النظم والمعادل
المالي المعمول بها حتى الآن.
وثانيا إعادة الاعتبار
للقوانين والاعراف والمواثيق
الدولية وخاصة ما يتعلق بحقوق
الانسان والاحتلالات والحروب
وجرائمها تجاه المدنيين في زمن
الحرب والواقعين تحت الاحتلال...
الخ . مع ما يعنيه ذلك من الحد من
تدخل الولايات المتحدة بالشؤون
الداخلية للامم المتحدة حتى لو
استدعى ذلك نقل مقرها الى بلد
آخر. ثالثا إعادة تشكيل مجلس
الامن بما يتوافق مع روح العصر
وموازين القوى الجديدة، اي خروج
قوى ودخول قوى، واعادة نظر في حق
النقض (الفيتو) واليات وضوابط
استخدامه بما يحمي البلدان
الصغيرة والضعيفة من سطوة القوة
في الدول الكبرى. ورابعا تعزيز
القوانين والاجراءات داخل حدود
الدول وعلى الصعيد العالمي ،
التي تحمي البيئة من التلوث
والثقوب الحرارية، والزام
الولايات المتحدة بالكف عن
العبث بمصير شعوب الارض. وخامسا
إلزام القوى النووية وخاصة
الولايات المتحدة وروسيا
الاتحادية والدول الاوروبية
والصين واسرائيل والهند
وباكستان ، وكل من يملك سلاح
نووي، بتفكيك الاسلحة النووية
بما يصون الأمن الوطني
والاقليمي والعالمي. سادسا خلق
اليات سياسية واقتصادية
وثقافية جديدة أكثر عدلا
وتسامحا، تعزز بناء عالم جديد
ينهض بالمسؤولية تجاه البشرية
برمتها والرقي بمكانة الانسان.
او اللجوء للخيار الآخر، خيار
الاندافع نحو حروب جديدة لاعادة
تقسيم العالم بما ؤمن خروج
اميركا اولا من ازمتها، وإعادة
الامساك بمقاليد الامور
السياسية والاقتصادية والامنية
والثقافية في اصقاع العالم
المختلفة. الخيار الاول ليس من السهولة بمكان
تحقيقه طواعية، لان الولايات
المتحدة ترفض الانصياع من ذاتها
لرغبة العالم. فقط بعدما تتفجر
الاوضاع الداخلية الاميركية
نتاج الازمة الخانقة
والكارثية، وفق ما تنبأ الدكتور
جيرالد سيلانتي، يمكن لاي ادارة
جديدة القبول صاغرة لمشيئة
العالم، ارتباطا بموازين القوى.
واما الخيار الثاني رغم انه
الارجح، غير ان الازمة
وتداعياتها اضعفت من قوة وقدرة
الادارة الاميركية على ولوج
ساحة حرب جديدة. لان الشعب
الاميركي لم يعد قادرا على تحمل
اعباء اي حروب جديدة، مما سيفتح
الباب امام اشتعال ثورة
اجتماعية غير مسبوقة في التاريخ
الاميركي. وفي السياق اوروبا ستدفع ثمنا غاليا نتاج
الازمة المتفاعلة داحل حدود
منطقة اليورو، مما سيكون له
تداعيات على مستقبل الاتحاد
ذاته وعملته. وفي حال سقطت
اميركا في براثن الهزيمة كنتاج
لازمتها، فإن تداعيات ذلك ستعصف
ايضا بدول الاتحاد الاوروبي
والعالم ككل. طبعا من المبكر التنبؤ بمستقبل العصر
الجديد، وشاكلة العالم. كما ان
التحولات الدراماتكية في
اميركا واوروبا وغيرها تحتاج
الى وقت، إلآ اذا تسارعت
وتيرتها دون تمكن القوى الحاكمة
من السيطرة عليها. وبغض النظر عن
الزمن الذي ستستغرقة تلك
التحولات، فإنها لا محالة
قادمة، لاسيما وإن إرهاصاتها
ماثلة في الواقع الاميركي
والاوروبي والعربي والصيني
والهندي وباقي اصقاع الكرة
الارضية. ===================== بقلم الشيخ نور الدين قرة علي -
جدة سمعت مجاهدا حمصيا يقول : شكرا تركيا..
هنيئا أردوغان ، الآن ..الآن..
تستحق أن تدخل السوق الأوروبية
، لقد فزت بها يا سيدي ، فقد
أتقنت لعبة السياسة ، وأحسنت
عبارات السياسيين ، فقد قذفت
بملء حنجرتك قنابل أوروبية
صوتية ، لها دوي يملأ الفضاء ،
نسمعه فجرا فتهتز الأجواء ،
ونفتقده عند المساء ، عندما
تسيل في البلاد دماء ، سأضع لك
الوسام الذي وضع على صدر
ساركوزي ، وجوبيه ، وماركل ،
وأوباما ، الذين يطلعون علينا
في كل يوم نقدم فيه عشرات القتلى
ليقولوا : ينبغي أن نُسقط شرعية
النظام في سورية ، وأن من يذبح
شعبه بالسيف سيقتل فيه ، وحمص تُدك وتستغيث... وامعتصماه ،
والمعتصم اليوم قد دخل أوروبا
من باب بلاغة الأقوال ، فاتحا
أسواقها لتجارته ، وقلاعها
الحصينة لرفع أسهم اقتصاده ، المعتصم العثماني.. ترتفع أمامه أرقام
الشهداء ، وتتسع أمام عينيه
وعين غيره بحار الدماء ، فيتكلم
ويعقد مؤتمرا صحافيا ، يجري فيه
امتحانا أوروبيا ، كيف تكون
النصرة بالكلام ، وكيف تساس
قضايا الجوار بالوعود ، وتراعى
مصالح الجوار بإلقاء فتات
المساعدات للمهجرين ، وتقديم
اللقمة والدواء لأبناء الجوار ، ولا ننسى يوم إعلان إلغاء التأشيرات معهم
قبل سنوات ، حيث أخذت العدالة
والتنمية حصة الأسد في ميدان
التجارات ، وأغلقت مصانع إدلب
وحلب أمام زحف الاستثمارات ،
ويردّ الآن بعض الجميل في
المخيمات ، أنا ابن حمص أقول لسيدي أردوغان وسيدي غول
- بعد ان صمت صوت أوغلو لانشغاله
في نصرة استثمارات ليبيا
والقاهرة - أقول : لقد دُمّرت حمص
يا أيها الجار ، ورفعنا راية طلب
الحماية من دول الأرض أنّى كانت
هديتها ، ومعلوم بأن الأقربين
أولى بالمعروف في تقديم النصرة
، بل يصل الأمر الشرعي لا
السياسي والديني وليس المصلحي
لأن يتقدم الأقرب ، ولو بتهويشة
أو بفركة أذن سياسية ، تتناسب مع
ما يحدث ، كسحب السفير أو طرد
السفير ، لقد صارت حمص حدثا عالميا في شدة التنكيل
والتجويع ، وكاد الناس أمامها
أن ينسوا قضية حماه ، وتذكرنا يا
سيدنا وعدك العظيم ، وتهديدك
الكبير ، بأنك لن تسمح بتكرار
قصة حماه ، عفوا .. لقد ارتجف نظام الأسد من كلامك ،
فأصدر الأمر ، ليرى أبناء حمص
بعد درعا ، بأن كلام المعتصم
العثماني نفخة هواء في بالون
السياسة ، لدولة تطرق أبواب
أوروبا ، تنال بها علامة تقدم
واستحقاق ، سيدي أردوغان ، لم أعد استطيع أن اسمع
أبناء بلادي ، لأنهم يخرجون من
المعاقل والمعتقلات بلا حناجر ،
وحناجرهم أرسلت إلى أهليهم ،
وقال القتلة لأهلهم : اصنعوا بها
( شاورما ) ، وعلمت بأنهم يغمزون -
بكلمة شاورما - بنصرتك المترددة
، ومواقفك الساركوزية
والميركلية ، ووعودك الأوبامية
الكلنتونية ، أرى قومي اليوم يقفون أمامي ، وقبضتهم
ترتجف باشتدادها ، ليقولوا لي :
كفرنا بالسياسة التي يتسلقها
الناس بثياب المعتصم ، فإذا ما
وصلوا خلعوا لكم الثياب
ليتزيفوا بثوب السوق الأوروبية
، كفرنا بسياسة النمو الاقتصادي
على حساب الشرف الإنساني ،
كفرنا بالسياسة التي ترنو بعين
إلى دخول أوروبا ، متسولة ذلك
بخذلان جيرانها وأبناء عقيدتها
، كفرنا بسياسات الأرض التي
تشتري نموها بدماء جيرانها ،
كفرنا بسياسات تبني صروح تنمية
تجعل هذا البناء لا يشيد إلا
بالتدمية ، إنهم يصرخون ويقولون للدنيا كلها ، ولأهل
الملة وأهل العروبة ، وأهل
الجوار ، ولكل من له أذن تسمع :
نريد ارض صحراء ، ننصب فوقها
خيمة العدالة ، ونتقوت بلقمة
الكرامة ، ونشرب من أبوال الإبل
المرتحلة بلا حدود ولا قيود ،
نبحث فيها عن إنسان حر ، يربط
على بطنه حجر مصا برته ، ولا
نريد ان يصدم الإنسان بجاره ،
ينصب له خيمة لجوء ، ويفرقع في
وجه شهدائه قنابل نصرة جوفاء ، إني أنسحب اليوم أمام هؤلاء الشباب من حمص
عاصمة الجهاد وأنا أقول : امضوا
سأسير معكم ، لأطرق باب الصحراء
، وأساكنكم خيمة العدالة الحقة
، وأتابع الكتابة بالدماء ،
وأهب حنجرتي لهذا النداء ، فمن سار مع ( الغياث... والمطر) يمكن ان يدرك
معنى الحياة والعدالة والنماء ========================= الإسرائيليون يستغيثون
"أنقذوا أطفالنا" د. مصطفى يوسف اللداوي لو كان المستغيث غير إسرائيل لصدقنا
الخبر، وربما أسرعنا نقدم إليهم
المساعدة، ونمد لهم يد العون،
لنساعدهم في إنقاذ حياة
أطفالهم، ومدهم بما يحتاجون
إليه من حليب وغذاءٍ وكساء، ذلك
أننا أمة تربت على رحمة
الضعفاء، والرأفة بالفقراء،
والحنو على المساكين، ولكن
الغريب أن الذي يستغيث العالم
ويهيب به لحماية أطفالهم
وإنقاذهم وإدخال المسرة إلى
قلوبهم إنما هم قتلة الأطفال،
وسفاكو الدماء، ومرتكبو أكبر
المجازر بحق الأطفال العرب
والفلسطينيين، فقد أثار
استغرابي قيام جمعياتٍ صهيونية
دولية وأخرى إسرائيلية، بتوجيه
نداءات استغاثة عبر عملاق البحث
الإليكتروني "غوغل"
وشركاتٍ عالمية أخرى، يتوسلون
الآخرين ليفتحوا قلوبهم لأطفال
إسرائيل المساكين، ليدخلوا
البسمة عليهم في عيد رأس السنة
العبرية، وليمكنوهم من
الاحتفال بها في ظل أجواءٍ من
السعادة والفرح، ويسألونهم
التبرع من أجلهم، والتعاون
لصالحهم، والاهتمام بمستقبلهم. أليس غريباً أن تصدر هذه النداءاتِ عن
دولةٍ مازالت أيديها ملطخة
بدماء أطفالنا، وجيشها مسربلٌ
بخزي ملاحقة الأطفال وقتل
الصغار، وضباطها وجنودها
المدججون بكل أنواع السلاح
يفخرون بقتل الأطفال والتنكيل
بهم، ولعل العالم كله يعرف هذه
الحقيقة ويدركها، ولكنه يجبن عن
مواجهة الإسرائيليين بها،
ويرفض أن يحاسبهم عليها، بل
يحاول تبرير فعلهم لها، متهمين
أطفالنا بأنهم إرهابيين خطرين،
ولكننا نتهم إسرائيل وجيشها
بأنهم هم القتلة الإرهابيين،
وأنهم الذين يشكلون خطراً على
البشرية وعلى مستقبل
الإنسانية، إذ لا ننسى جرائمهم
الفظيعة ضد أطفالنا،
واستهدافهم لزهرات حياتنا، فلا
يمكن لأمٍ عربية أو فلسطينية أن
تنس أطفالها الصغار والرضع،
الذين قتلتهم إسرائيل
بطائراتها وصورايخها، وسحقتهم
تحت جنازير دباباتها
وجرافاتها، فلم تراعِ طفولتهم
البريئة، ولا سنهم الصغير، ولم
تردعهم عن جرائمها القوانين
الدولية والشرائع السماوية،
ولا يمكننا أن ننسى أن سلطات
الاحتلال الإسرائيلي قد زجت في
سجونها بعشرات الآلاف من
الأطفال الفلسطينيين، تتهمهم
بأنهم يهددون أمنها، ويعرضون
حياة مواطنيهم للخطر، فحرمتهم
في سجونها من حقهم في التربية
واللعب والتعليم، ونزعتهم من
بين أسرهم وعائلاتهم، فحرمتهم
الرعاية والاهتمام والحنان،
وفي سجونها العديدة أزهقت تحت
التعذيب أرواح عشرات الأطفال،
وسامت الآخرين منهم سوء العذاب،
وتسببت لهم بأمراضٍ نفسية
وجسدية كان من الصعب عليهم أن
يبرؤوا منها. فهل نسيت إسرائيل اعتداءاتها على مدرسة
بحر البقر بمصر، وكيف أن
طائراتها حرقت الأطفال
المصريين في صفوفهم المدرسية،
وكيف أن أجساد الأطفال قد تمزقت
وتناثرت أشلاء صغيرة واختلطت
ببقايا حقائبهم وكتبهم
المدرسية، أم تريد منا أن ننسى
مذابح رئيسها شيمعون بيرس خلال
عدوانه على لبنان وارتكابه
مجزرة قانا بحق الأطفال
والنساء، فذاكرتنا لا تنسى
طائرات العدو الإسرائيلي وهي
تلاحق أطفال لبنان، وتقتلهم في
سياراتهم بينما هم في أحضان
أمهاتهم، لا يشكلون خطراً على
أحد، ولا يهددون حياة بشر، ولكن
إسرائيل التي تطالب العالم
اليوم بأن يتسع قلبه لأطفالهم،
وأن يسمح لهم بالفرح والسعادة
في احتفالات رأس السنة العبرية،
وأن يدخل المسرة إلى قلوب
أطفالهم، تنسى ما فعلته صواريخ
جيشهم بحق تلاميذ مدرسة
الفاخورة بمخيم جباليا، التي لا
يمكن لحرٍ أن ينساها أو
يتجاهلها، وتنسى أن طائراتها
وصواريخها قامت بحرق أطفالنا
ومزجت أجسادهم مع أجساد ذويهم،
وأحالتهم جميعاً إلى رماد. هل نسيت إسرائيل الطفلة إيمان حجو التي
اخترقت الطلقات صدرها البرئ،
ولم تراعِ أنها طفلة رضيعة لا
تدري ما الذي يدور حولها، ومن
الذي يتربص بها، أم نسوا
القنبلة المهولة التي ألقوا بها
على سكان حي الدرج بغزة عندما
استهدفوا الشهيد صلاح شحادة
فقتلوا في غارتهم الجبانة عشرات
الأطفال وهم في أسرتهم وفي
أيديهم رضاعات الحليب، ودفنتهم
تحت أطنانٍ من الركام المهدم،
أم تراهم قد نسوا صورة محمد
الدرة وهو يحاول الاحتماء
بأبيه، ويصرخ في وجه قاتليه،
ولكن رصاصهم أبى إلا أن يقتله
وهو بين يدي والده، أم تراهم قد
نسوا مئات الأمهات الحوامل،
اللاتي وضعن أطفالهن على
الحواجز العسكرية، فمات
أطفالهن وهم يعانون كأمهاتهم
على الحواجز، إذ أن سلطات
الاحتلال رفضت السماح لهن
بالعبور إلى المستشفى أو
العيادات الطبية لتلقي الرعاية
المناسبة، أم أنهم نسوا كم مرةٍ
أطفأوا البسمة من على شفاه
أطفالنا وهم يقتلون آباءهم،
ويعتقلون إخوانهم، ويسلبون
حياة من يحبون أمام ناظريهم،
فهل نسوا الطفلة هدى غالية وهي
تنادي والدها المسجى على شاطئ
بحر غزة، وتنظر بخرفٍ إلى بقية
أهلها وقد مزقت الصواريخ
أجسادهم. نحن لا نسى الجرائم الإسرائيلية في حقنا
وضد أطفالنا، ولا يمكننا أن
نغفر لهم، أو نصفح عنهم ونتجاوز
لهم عن حقوقنا، فدماء أطفالنا
علينا عزيزة، وحياتهم عندنا
غالية، وفقدنا لهم أليمٌ محزن،
إن إسرائيل تتعمد قتل أطفالنا،
وتكره مستقبلهم، وتخشى منهم،
وتحاول محاربتهم بكل السبل
الممكنة، إنها تفعل الجريمة
نفسها التي اعتادت على فعلها ضد
الأطفال منذ آلاف السنين،
تستنزف دماءهم، وتزهق أرواحهم،
وتختطفهم من بين أحضان أهلهم،
وتكره أن ترى البسمة على
شفاههم، ويسوءها أن تراهم
يلعبون ويركضون ويحملون معهم
الألعاب والهدايا، ولكننا نرفض
أن نكون مثلهم، وأن نعاملهم
بمثل ما يعاملونا به، فليس في
أمتنا من يتمنى قتل الأطفال
الإسرائيليين أو غيرهم رغم أنهم
أبناء من احتلوا أرضنا واغتصبوا
حقوقنا، وحرمونا من متعة
الطفولة وشقاوة الصبا، وليس منا
من يسعى لحرمانهم من الفرحة
والابتسامة واغتيال طفولتهم،
فهذه ليست أخلاقنا، وهي ليست من
شيم الرجال فينا، كما أن ديننا
يدعوننا للرأفة بالأطفال،
والرحمة بهم، ويحرم علينا قتلهم
أو الإساءة إليهم، ويدعوننا إلى
الإحسان إليهم ومد يد العون
لهم، ولكن أليس من حق أطفالنا أن
يفرحوا، وأن يعيشوا طفولتهم
البريئة كغيرهم من الأطفال، دون
خوفٍ من القتل، أو رعبٍ من
الموت، أليس من حقهم أن يلعبوا
كغيرهم، وأن يحتفظوا بألعابهم،
بعيداً عن الألغام والعبوات
والمتفجرات المموهة، وأن تكون
لهم ذكرياتٌ وآمالٌ وطموحات،
أليسوا كغيرهم من الأطفال
يحلمون بمستقبلهم مع أهلهم
وأفراد أسرتهم في أرضهم وداخل
حدود وطنهم. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |