ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 19/09/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

متى سيتم حماية المدنيين من قمع النظام ؟

محمد حسن فقيه

انطلقت الثورة السورية منذ ستة أشهر مضت وهي تحلم بالحرية من عقود عجاف كالحة جللت حياة هذا الشعب المسكين بالبؤس والشقاء ، فجثمت على صدره وكتمت أنفاسه وسامته العسف والتنكيل في ظل حكم شمولي مستبد ، أصبح الفساد عنوانا له ، وإذلال الانسان واستعباد المواطن منهجا .

 صادروا فيه كرامة الانسان وسحقوا إنسانيته ، وغلوه بقيود الرعب والهلع حتى جعلوا من أعلى الكفاءات داخل الوطن ، التي لا تسير في ركبهم ولا تصفق لمهازلهم أو تغطي على عوراتهم أو تسكت عن جرائمهم ، أقزاما وأصفارا بل أعداءا متآمرين ، مصيرهم السجن والزنازين ، ومطاردتهم بعد ذلك بحملات التشويه والتضليل من أجهزة القمع والفساد وأبواقهم التشبيحية في أجهزة الإعلام التضليلية .

حرك هذه الجماهير الشريفة من أبناء الوطن الأباة للخروج في مظاهراتهم ضد النظام مطالبين بالحرية والكرامة والعدالة والإنسانية ، بعد أن حرموا من طعمها وتنسم هوائها سنين بائسة طويلة ، حركهم تلك الشحنات المكتومة والزفرات المكبوتة وأكوام مآسي متؤاكمة من الإحباطات من سنين طويلة بسبب سياسة القهرومسيرة الفساد ، فانطلقوا يعبرون بفرحة غامرة وعزم متين وإرادة فولاذية ماضية لا تلين ، عن حقيقة مشاعرهم ومكنونات نفوسهم المكبوتة ، وأحلامهم الجميلة المصادرة ، وآمالهم العذبة المحاصرة ، وأهدافهم المنشودة المقيدة .

انطلقت شرارة الثورة من درعا في جنوب سورية ، بسبب تلك العبارة التي نقشها طلاب المدارس الصغار من أبناء درعا على الجدران ، بخطوطهم الطفولية المشرشرة ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، التي سمعها هؤلاء الأطفال من هتافات الثورات العربية التي انطلقت في تونس ومصر ، وأصبحت أكثرعبارة ترددها الشعوب الحرة التي ثارت على الاستبداد وتحلم بتنسم عبق الحرية .

ومع ردة الفعل الهمجية المتوحشة من النظام وأجهزة قمعه المتخلفة ، تمثلت ابتداء في اعتقال الأطفال ، وتشويه أجسادهم الغضة البريئة ، ونزع أظافرهم ، ورفض الإفراج عنهم بطريقه عنجهية استفزازية ، وعجرفة منحطة سافلة صدرت من المحافظ ورئيس جهاز الأمن - قريب بشار الأسد – وزبانيتهم .

 ومع كل هذا الظلم والجبروت خرج المتظاهرون في درعا وما تلاها بتظاهرتهم المطالبة بالتحرر من هذا الواقع المرير ، يحملون غصن الزيتون ويهتفون للحرية ، يواجهون رصاص أجهزة القمع ومدافعه ودباباته بصدور عارية ، ليس لهم سلاح بعد التوكل على الله سوى نداء الحرية ، وصورة يلتقطونها للتظاهرات لتعبر عن مطالبهم واحتجاجاتهم ، يرسلون بها إلى المحطات الفضائية الحرة ليسمع العالم بثورتهم ويحس بمعاناتهم ، لأنهم في بلد لا يسمح فيه بنقل الحقيقة ، ولا حتى صور صامتة خرساء ، ما لم تبارك بفبركة ومونتاج تقوده أجهزة الإعلام التضليلية ، ويشرف عليه أجهزة النظام القمعية .

أشهر ستة مضت وهم يخوضون حربا شرسة مع نظام فقد أدنى مقومات الانسانية ، ناهيك عن الوطنية أو غيرها ، يقابل هتافهم وشعاراتهم السلمية بالرصاص الحي يستهدف الرؤوس والصدور، وقصف بمدافع ودبابات الجيش العشوائي لمنازل المدنيين الآهلين ، بدلا من تصويبها واستخدامها ضد العدو المحتل الذي اغتصب الأرض وانتهك العرض ، وهو يعيش بأمن وسلام وحسن جوار فوق أرضنا المحتلة .

لقد أمعن هذا النظام الجبان في قمعه ضد مواطنيه الشرفاء العزل ، وأوغل في سفك دمائهم ، وقد تجمد فيه الإحساس ، وتجرد من جميع مقومات الإنسانية ، وإخوة الوطن والتراب .

لقد اهتزت مشاعر الغرباء لتلك الدماء الطاهرة الزكية التي تسفح كل يوم في شتى أنحاء البلاد طولا وعرضا على يد هذا النظام المستبد ، ممثلا بأجهزة قمعه المتوحشة وعصاباته من الشبيحة ، وملحقاتهم من المرتزقة الطائفية المستوردة من الخارج ، وتحرك الناشطون هنا وهناك من الداخل والخارج ، من أبناء الوطن والأشقاء العرب ومنظمات المجتمع المدني المختلفة ومنظمات حقوق الانسان ، ينددون بهذه الجرائم ويطالبون بوقف نزيف الدم المتفجر والاستجابة لمطالب الشعوب البائسة المقهورة المطالبة بالحرية وأخواتها دون أن تتحرك في عروق هذا النظام قطرة دم ، ليكف عن قتل شرفاء وطنه وأحرار بلده بطريقة تنم عن حقد دفين ، ولؤم مشين ، وخسة منحطة لم يفعلها أبناء صهيون مع ثوار فلسطين !

إن كان في بعض رجالات هذا النظام بقية باقية من رجولة ، أو قليلا من وطنية أو مسحة خفيفة من إنسانية ، لأقدم على وقف مسيرة القتل ونهج القمع ، وحقن دماء شعبه وأبناء وطنه ، بتنازله وتخليه عن هذه الحكومة لمجلس إنقاذ وطني بطريقة سلمية تقود الوطن إلى بر الأمان عبر دولة مدنية ديمقراطية شعارها العدل والحرية .

إلا أن الواقع على الأرض يثبت عكس ذلك ، فقد آلى هذا النظام الدكتاتوري المستبد على تدمير البلاد وتخريب العباد ، وإبادة جميع الشرفاء والأحرار وأنصارهم في سبيل بقائه متسنما على ذلك ( الخازوق ) ، ليبقى متسلطا على رقاب البشر في وطنه يعاملهم كالعبيد في مزرعته ، التي ورثها بدون كد عن أبيه المستبد الأكبر .

لقد تمرد هذا النظام على جميع النداءات والصرخات والنصائح التي وجهت له من داخل الوطن أو من خارجيه ، من ناشطين وسياسيين ومفكرين وأحزاب وتيارات وجماعات ومنظمات ومؤسسات ودول وأحلاف وامبراطوريات وقارات .... فضرب بكل ذلك عرض الحائط ، وركب رأسه يقامر بمصيره ومستقبله ومستقبل وطنه ، معولا على الحل الأمني ، مدعوما من عصابات إجرامية وميليشيات إرهابية وتحوت منحطة من سفلة البشر جمعها من مجرمي السجون وأرباب السوابق ...

لقد طرد هذا النظام المحطات الإعلامية وأغلق مكاتبها ، واعتقل الصحفيين الأحرار، ومنع منظمات حقوق الانسان والصليب الاحمر من التحقيق ودخول سورية ، ورفض المبادرة العربية ... والنداءات العالمية ، وشعبه الأعزل داخل سورية يستغيث من بطشه وعسفه وإجرامه .

لقد قتل الأطفال واستهدف العجائز من النساء ، واغتصب الحرائر ونزع الحناجر واقتلع الأظافر، وقنص الأحرار وقصف البيوت ودك المدن والقري بنيران مدافعه ، ونهب المحلات وأحرق البيوت والمحاصيل وقتل الماشية والسوائم العجماء ، ولم تسلم من إجرام عصاباته حتى الحمير لينتقم منها ويصب عليها جام حقده وإجرامه ، وقصف المآدن ودنس المساجد ومنع الصلاة فيها واعتدى على العلماء المخلصين بداخلها ، ومزق بداخلها المصاحف وكتب شبيحته على جدرانها عبارات الطائفية والكفر ... وقدسه أزلامه من عبيد الشبيحة وألهوه ... وركعوا له من دون الله وسجدوا لصوره القبيحة ، وقام شبيحته وعناصر القمعية بإجبار الشباب الحر المؤمن الطاهر على السجود لصور صنمهم المعتوه ، ولم يرتو بعد من دماء الأحرار بل إن سعاره وإيغاله في دماء أحرار الوطن وشرفائه يزداد يوما بعد يوم ، واعتبر كل من لا يقف معه عدوا مرصودا مهدور الدم .

 والسؤال الملحّ : إلى متى سيبقى هذا الأسد المتوحش يفترس شعبه ، يوغل في القتل ويلغ في دماء أبنائه من الشرفاء والأحرار وقد سالت أنهارا ؟

إلى متى ستيقى أحهزة القمع الأسدية ألة قتل وسفك غاشمة ضد أبناء الشعب المطالبين بحريتهم والإنفكاك من أغلال الذل والعبودبة ؟

إلى متى سيبقى الجيش السوري ( حماة الديار ) عدوا لهذا الشعوب يصوبون إلى صدوره فوهات بنادقهم ونيران رشاشاتهم وقذائف مدافعهم ودباباتهم بدلا من العدو المحتل ، بدلا من أن ينحازوا إلى هذا الشعب ضد قاتليه من طغمة الدكتاتورية والاستبداد ؟

إلى متى سيبقى المجتمع الدولي يتفرج على جرائم هذا النظام القمعي ومذابحه الفظيعة تحت نظر وسمع العالم ؟

ألم يأن الأوان لوقف نزيف الدم ووقف مسلسلات القمع وإنهاء القتل والاعتقال والإذلال والتنكيل اليومي ؟

كم حجم الدماء التي رصد لها هذا النظام المجرم من أبناء شعبه ؟ أم أنه فوّض أجهزته القمعية بصك مفتوح ليس له سقف ، ولو أفنى جميع الشرفاء والأحرار من خيرة أبناء الوطن وشبابه .

هل ينتظر الجيش السوري والأشقاء العرب ممثلة بالجامعىة العربية ، والعالم المتمدن ومنظمات حقوق الانسان هذا النظام السفيه المجرم حتي يقضي على جميع أبناء شعبه ؟

ألم يأن الأوان للحجر عليه ، ولجم آله قمعه ، لإجباره على التوقف عن قتل المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ والعجائز .

متى سيستجيب الجيش الوطني ! والمجتمع العربي أو الدولي لحماية المدنيين وحقن دمائهم في سورية من هذا النظام المتمرد وعصابات المجرمين القتلة ؟ ! .

===========================

الكوابيس أحلام الطغاة

عقاب يحيى

في زمن القتل المفتوح، والحقد الجنوح..وهو يُخرج صديداً من بحيرات الاستنقاع التي ربض فيها طويلاً، واحتمى عبرها بالبعبع صناعة وتصديراً، واستحضاراً، وتجييشاً.. نجح الموت في قتل المعارضة، وفي إخراس الشعب، وإدخاله مرغماً عقود الصمت، والجزع، والريبة، واليأس، فكبرت أشداق وحش الطاغية وهو يطوّل أنيابه الأمنية لنهش الحياة قِطعاً من أكبادنا، وأمانينا وحرمة وحضارة بلدنا العتيق، الأصيل .. فتأبّد.. والمبوّقين كثروا، ومعهم جموع المخبرين، والمرتزقة، والنهابين، والمكلوبين الذين إن عضّك احدهم لا تنفعك تمائم الأرض تطهيراً.. إلا الصمت، أو الهروب.. أو (الركوع)، وبات الركوع كأس السلطان ونخب الأنخاب الذي يشربه قهقهة.. وهو يمنحه لولده العجيب.. في وقت غريب ..

 لم يسأل الشعب أي وريث وتوريث في وطن كان اسمه جمهورية، وصار مزرعة مملوكة باسم العائلة، ولا توقف عند قدراته.. وإن كان مظهره مجال تعليقات ونكت تسري تحت طبقات الخوف، وتتسلل إلى أوقات الضجر.. متوقفة عند فصاحة اللثغة، وعقدة الأستاذ الفاشل، وعرض العضلات الفهلوية في اللغة والمصطلحات، ومطّ الرقبة حتى معانقة السقوف .. فصدّق الوريث أنه المحبوب، والمرغوب، والمطلوب وقد تلاقح الانفصام فولّد مجون الزيف، والزيف كالخريف يتساقط فيتعرّى.. لكن (مولانا) لا يعترف بسنن الحياة، ووقائع الطبيعة، وحقائق الأشياء.. وحين انفجر خزين العقود : انتفاضة متصاعدة.. داخ الحقد المجبول بالغرور واستكبار الاحتقار..ففتح الدفاتر.. وبالذهن إعادة التاريخ إلى الذي كان؟؟ وصورة الوالد، والمجازر تكوبس أحلاماً(الكوابيس أحلام الطغاة)... فهات يا قتل، وهات يا كذب، وهات يا اعتقال..

 في الاعتقال والربيب إيران ينصح كي يبقى النظام وينجح في القضاء على الشعب.. وإذ بالمداهمات جزء من خطة الخنق المعمم على طريقة الباب الدوار : اعتقال بالآلاف، وتعذيب وحشي .. وإطلاق للبعض مشبع بآثار التشوّه والتعذيب، وبالذهن أن يزرع هؤلاء المُفرج عنهم خوفهم، وما عانوه.. فيجفل البقية ويمتنعون عن فتح أفواههم.. و"يعقلون"..

 هكذا آلاف مؤلفة من الشباب يدخلون يومياً مسالخ التعذيب الجهنمي على يد كلاب مسعورة، مكلوبة أتقنت فنون محاولات شلع الآدمية، وهي تتلذذ فاخرة، فاجرة بما تنزله من أعطاب، وآلام بأجساد اسيرة.. فتنهش، وتدعس، وترفش وتلبط، وتهبر اللحم الحي، وتمثل بالمعتقلين احياء، وتقضم الحنجرة، وأعضاء الذكورة، ومواطن الإباء في المناضلات من النساء.. وتستخدم كل وسائلها(التاريخية) التي اشتهرت بها، والجديدة المستوردة..والنتيجة ؟؟؟؟..

 النتيجة أن الولد الوريث ضيّع المفتاح الساقط في نقيع الحقد الكحلي، وعندما جهد بحثاً عنه غرق بالدماء السابقة واللاحقة، فاصطبغ بالدماء، وبرز الغلّ سيف القطع، وكاشف الزيف.. فترنّح، وما درى أن الدنيا تغيّرت، وأن هذا الشعب، ممثلاً بشبابه البهي ركل الخوف والمذلة والسجن والتعذيب، والموت فداء.. وقرر الثورة.. وأن الاعتقالات.. مهما كان حجمها، ومستوى التعذيب الذي يُمارس على شبابنا وأبطالنا ورموزنا .. لم تعد نافعة لأن زمن الخوف ولى.. ولأن الشباب المدمّى يفتخر الآن بجراحه وعذاباته : أوسمة الحرية الغالية التي يجب أن تدفع لقبر نظام يستحيل أن يستمر ..

 نعم.. شيء خارق ما يفعله شبابنا وهو يبتسم وقت طلوع روح الشهيد، وهم يغنون كالقاشوش وغياث مطر لحظة ينزعون حنجرتهما، وهم يشدو ن بشعار إسقاط النظام في فم الطفل حمزة الخطيب، وفتيان، وأبطال الثورة السورية المجيدة، وهم يخرجون ويهتفون وما زالت آثار الدماء اليابسة واضحة حول أفواههم، وأجسادهم.. وكثيرهم لا ينتطر استحماماً لآن الواجب يدعوه للمشاركة في عرس الحرية المفتوح.. فتراهم فتياننا، نساؤنا، شاباتنا وشبابنا.. يتقاطرون غيثاً على الميادين، وقد تفلّذوا، وتصلبوا..وازدادوا تصميماً..

 فماذا بيد القاتل أن يفعل وقد جرّب كل وسائله الإجرامية : الوريثة منها والجديدة التي نُصح بها؟؟.. واي شيء سيكون بعد اعتقال عشرات الآلاف وذبح العديد في مشارح التعذيب ؟؟..

 ماذا بقي غير السقوط المدوّي.. وإن غداً لناظره قريب

.. لهم المجد رايتنا في المعتقلات.. وللقاتل الفناء.. نهاية حتمية ..

======================

المعلّم وسياسة نسيان الخرائط

د / نور الدين صلاح

وليد محي الدين المعلم دمشقي أصيل من أهل المزة من أسرة عربية معروفة بالتدين والأخلاق، تدرج في وظيفته بوزارة الخارجية إلى أن أصبح وزيراً للخارجية السورية جاء في ترجمته في موسوعة (ويكيبيديا) ما نصه حرفياً ( عيّن وزبراً للخارجية بتاريخ 11 شباط 2006وقد خطت الدبلوماسية السورية خطوات واسعة أثناء وزارته وحققت سورية اختراقاً لمحاولة عزلها, وتمت على يدي المعلم إقامة أوثق العلاقات مع تركية والمملكة العربية السعودية , وتم الاختراق السياسي الكبير في فرنسا ودول غرب أوربا , مع علاقة قوية مع روسيا الاتحادية ) وهناك مآثر أخرى له في نفس الموسوعة لمن أراد الاستزادة، وأنا أقول كان المعلم موضع إعجاب الكثيرين لهدوئه وتركيزه وقلة كلامه وحسن اختياره لتعبيراته وألفاظه مما أكسبه احتراماً في الوسطين الدبلوماسيين العربي والدولي، ولقد أكسبته قضايا عادلة كقضية غزة مزيداً من الشعبية في الوسط الجماهيري

لكنه خرج عن سيرته المعهودة وعن وقاره وحصافته ليطالبنا بنسيان أوربا مؤقتاً ولحذفها من الخريطة السياسية حالياً، ولماذا يا سعادة الوزير ؟؟ بالطبع لأنه سيقول إنهم يتآمرون علينا، ولأنهم يقودون قاطرة التأليب على النظام السوري، وبدؤوا يفرضون العقوبات من قبيل منع السفر والتحفظ على الأموال ثم مؤخراً العقوبات الاقتصادية التي وصلت إلى قطاع النفط والطاقة، وأنا أقول يا سعادة الوزير حين بدأت أنت بهذه التصريحات كان الأوربيون أعطوا نظامك فرصة مائة يوم ليقضي على الثورة وأطلقوا يديه على دماء السوريين ولم نسمع إلا تصريحات خجولة وحالات استنكار هزيلة ونصائح بالإصلاح واتخاذ خطوات حقيقية وواقعية في طريقه، والآن بدأت العقوبات الفعلية والتصريحات القوية من أعلى المستويات في أوربا والعالم وبدأت المطالبات الصريحة بالتنحي والحديث الواضح عن فقد المشروعية وعدم الثقة بل فوات الأوان أمام النظام، وأنا أقول لسعادة الوزير ألم يفوت النظام فرصاً كثيرة يلبي بها طموحات الشعب في الداخل ويقلل عليه ضغط الخارج، وأقول يا سعادة الوزير أردت منا أن نمسح من ذاكرة الجغرافيا أوربا من الخريطة وكم بذلت أنت من جهود لتعيد نظامك إلى الخريطة السياسية في أطلس الأوربيين، وماذا ستقول لنا اليوم وقد وصل الأوربيون إلى أبعد مدى في تصريحاتهم ضد نظامك، هل ننسى أوربا أيضاً من التاريخ ومن الاقتصاد والتجارة والبنوك ومن الواقع كما أردت أن ننساهم من الجغرافيا السياسية

واليوم هل تريد منا أن ننسى الوطن العربي بكل مؤسساته وعلى رأسها الجامعة العربية والبرلمان العربي الشعبي !!! وهل تريد منا أن نمحو الشعوب العربية في أرجاء الوطن العربي من الخارطة والذاكرة، وأن نمحو دول الخليج العربي حكومات وشعوبا وعلى رأسها السعودية بثقلها العربي والإسلامي والدولي !!!!

وهل تنصحنا بأن نمحو العالم الإسلامي من مشرق الأرض إلى مغربها على اختلاف المستويات حكومات ومنظمات وهيئات وشعوب، وعلى رأس هذه الدول تركيا الجارة الذي يربطنا بها التاريخ والجغرافيا والحضارة والثقافة والأصول البشرية !!!!

وهل تشير علينا بأن نتجاهل المعلم الأكبر (أمريكا) بكل أفلاكها السياسية والعسكرية وأذرعها الممتدة مشرقا ومغربا !!!!

وهل ترى أن نمسح المنظمات الدولية من الخارطة السياسية العالمية، فمجلس الأمن ومنظمات حقوق الإنسان المنتشرة في أصقاع الأرض ومحاكم جرائم الحرب ومحاكم جرائم الإنسانية والإبادة البشرية والمنظمات الإقليمية والدولية !!!

وهذا يذكرنا بعبارة (الطز) التي كان يتغنى بها العقيد العتيد القذافي وأبناؤه الأشاوس، وقد وصلت إليه (الطز) وصلت إلى كتائبه ومخازن أسلحته وسرير نومه ودفاتر مذكراته وألبومات صوره بل أخص خصوصياته، لقد قال هذه العبارة (معلم سوريا) بطريقة مهذبة وهذا عنوان الفشل الذريع

واليوم قام الشعب السوري ضد نظامه وأخذ ينادي برحيله وسقوطه ومحاكمته بل وبإعدام قائده، فهل سيدعونا (المعلم) إلى نسيان سوريا من الخريطة أو مسح الشعب السوري حضارة وتاريخاً وثقافة من الجغرافيا السياسية !!!

إذن ماذا سيتبقى في الخريطة التي سيرسمها لنا (المعلم) ؟؟؟

سيبقى فيها خريطة باهتة لسوريا ملونة باللون الأحمر تشير إلى مراكز القمع والاجتياح لهذا النظام القاتل، وسيبقى فيها بقع سوداء تمثل إيران بحقدها الأسود على الشعب السوري ونقط سوداء في لبنان الذين يحملون نفس المشاعر، وسنرى في خريطة المعلم دولاً رمادية تلون الصحراء السياسية ذات الرمال المتحركة التي تغيرها المصالح ولا تعبأ بالدماء ولا الشعوب ومن أبرزها دولة روسيا الاتحادية التي سيسقطها (المعلم) عما قريب من الخريطة على ما أظن

هذه خريطة المعلم التي يسعى إليها وزير خارجية عتيد يعد انتصاراً أن يقيم علاقات دبلوماسية مع دولة تعيش على هامش الأحداث ولا تأثير لها في الخارطة السياسية، ويعد أي تواصل مع أي شعب تحت أي إجراء ولو كان إلغاء تأشيرة دخول نصراً وإنجازاً دبلوماسياً كبيرا وهذا منطق السياسة الحصيف وأبرز مهام السياسة الخارجية بمؤسساتها التي على رأسها وزارات الخارجية، واليوم نرى النظام السوري بخارجيته المبدعة يعيش عزلة لم يعشها نظام في سوريا منذ عهد الاستقلال إلى يومنا هذا

يا سعادة الوزير كل ما بنيته في سنين هدمه النظام بأيام وما زال رأيي فيك كما هو، بأنك محام بارع لقضية ظالمة خاسرة، النظام وضعك في هذا الموضع البائس، والله لقد كنت مشفقاً عليك في مؤتمرك الصحفي السيء الذكر والصيت وكنت أقول في نفسي ماذا سيقول؟؟ وكيف سيبرر قتل شعبه وكتم أنفاسه ؟؟ وكنت أرى كيف تقضي على مستقبلك السياسي بل والإنساني وأنت ابن سوريا وابن دمشق الأصيل

يا سعادة الوزير إن الشعوب لا تقاوم، ومن يقف في مواجهتها يقف في المكان (الخطأ) ويختار الرهان الخاسر، وشعبنا بلغ من الرشد السياسي بحيث لا يستطيع أحد أن يشعبذ عليه سياسياً، ولا أن يمارس عليه طقوسا وتمتمات غير مفهومة، الآن يا سيادة الوزير جاءت ساعة الحقيقة والآن ترسم المواقف وتقرر المصائر، فاختر موقف الشرف لك ولشعبك العظيم، اقفز من السفينة الغارقة واركب سفينة نوح التي تكفل الله بنجاتها وعلى متنها الصالحون والثائرون على الظالمين، ولن تجد جبلاً يعصمك من الماء وستجد أمامك (جودي) الثورة ترسو عليه سفينة الحق والعدالة والتي عنوانها محكمة الشعب العادلة ومن ورائها محكمة التاريخ الصادقة

مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية

==========================

امْلأْ فُؤادَكَ بِالْحَبيب

صقر أبوعيدة

يَـومَ  الـسّؤالِ وحـينَ نَرجُو iiالمغْفِرَهْ
قُـولوا  لِـمنْ َتَـرَكَ الإنـابَةَ iiمُـدْبرَهْ
كـيفَ الـسّبيلُ إلـى شَـفاعَةِ iiأَحْـمدٍ
عِـندَ  الـنّدامَةِ يـومَ تَـبكِي iiالْحَنْجَرَهْ
وَنَـقـولُ يَـالـيتَ الْـحياةَ iiتَـعَطَّلَتْ
فـي  دَربِـها وَنـعودُ نَرْوي iiالتّبصِرَهْ
لِـمَـحَبَّةٍ  غَـرَسَ الـرّسولُ iiفَـسيلَها
بـينَ  الْـقُرَى فَـتَرَى النُّفوسَ iiمُعَطَّرَهْ
يـا  أَيّـها الْـمأْخوذُ فـي بَحرِ iiالْهَوَى
ارْكـبْ  سَـفينَكَ تِـلكَ دُنـيَا iiمُـقْفِرَهْ
يـا مَـنْ تُـناجي وَهْـمَ ضَوءٍ لَمْ iiيَلُحْ
هُـوَ  مَـنْ نَـناجِي حينَ تَغْفُو iiالْمَعْذِرَهْ
إنّ  الـطّـريقَ لِـمنْ يَـؤوبُ iiمُـعَبّدٌ
وَدُروبُ مَـنْ شَـرِبَ الـذّنوبَ مُبَعْثَرَهْ
سُـنَـنُ  الْـهِدايةِ أُنْـزِلَتْ فَـتَحَرّرَتْ
أُمَـمٌ  نَـمَتْ بـينَ الْـجوَى iiمُسْتَعْمَرَهْ
فَـانْهلْ  بِـما قـالَ الْـحَديثُ iiمُـغَرّدَا
وَافْـخَرْ بِـأنّكَ قـدْ هُـدِيتَ iiلِـتَشْكُرَهْ
فَـرِسـالةُ  الْـمَولَى تَـنَجَّمَ iiعِـطْرُها
تَـحتَ  الـسّماءِ وَلـم يَـكنْ قدْ iiأَخَّرَهْ
تَـجلُو عـنِ الـعَينِ الـغَشَاوةَ iiوالقَذَى
وَتُـرِي  الـنّفوسَ شُـموعَها iiمُسْتَبْشِرَهْ
فَـاظْفَرْ بِـما غَـرَسَتْ يَداهُ منَ iiالهدَى
واصْرِفْ حِصَانَكَ في الحقُولِ الْمَخْضَرَهْ
مـنْ لَـم يُـبَايِعْ قَـلبُهُ كَـفَّ الْـحَبي
بِ  فَـكيفَ يَـرقَى مـعْ وُجُوهٍ iiمُسْفِرَهْ
سَـتَرَونَ وَجْـهَ اللهِ عَـيناً فـي iiالسَّما
ذاكَ الـرِّضَـا قـالَ الـقَديرُ iiوَبَـشَّرَهْ
نَـكَصَ  الّـذينَ مَـضَوا على iiأهْوائِهمْ
فـاَلْـزَمْ  سَـبيلَ مُـحَمّدٍ يَـوماً iiتَـرَهْ
بُـشْرى  لِـمْن شَـغَلَ الـفُؤادَ iiبِـحُبّهِ
وَتَـعَـطّـرَتْ  أَنْـفـاسُهُ iiلِـلْـمَقْبَرَهْ
وَحَـذارِ  مِـنْ غَسَقِ الْقُلوبِ إِذا iiهَوَتْ
أَنْ  لا تَـرَى بَـابَ الإِيـابِ iiفَـتُنْكِرَهْ
فَـمَنِ  ارْتـدَى جَرسَ العمَى iiوَتَجَوّلَتْ
أَنـفـاسُهُ  بـيـنَ الْـغَوَايةِ iiوَالـشّرَهْ
يَـخْشَى الـخروجَ عنِ السّبيلِ iiوَضَوئِهِ
وَتَـراهُ يَـغرقُ فـي هـموم iiمُـوغِرَهْ
وَلَـبِـئْسَ مَـثوَى الـظّالِمينَ إذا iiرَأَوا
نَـجْمَ  الـرّشَادِ وَقَـد دُعـوا iiلِـتَدَبّرَهْ
شَـمسُ  الـصّحابَةِ لَـم تَـزلْ iiوَهّاجَةً
فَـاصْدَعْ  بِـها بِـدَعاً تَـراءَتْ iiمُبْهِرَهْ
والْـبَسْ قَـميصَ شَـفيعِنا تَـلْقَ iiالسّنا
وامْـشِ  الْـهُوَينا في الدّرُوبِ iiالْمُعْسِرَهْ
مَـنْ  غَـيرُهُ شَـرُفَتْ لـهُ كـلُّ الرِّقا
بِ  وَهـابَـهُ أَنْـفُ الْـمُلوكِ iiوَقَـدّرَهْ
وَتَـرنَّـمَتْ  لِـخُـيُولهِ أرْضٌ iiعَـتَتْ
عــنْ  أَمْــرهِ وَتَـقَرّبَتْ بـالمعَذِرَهْ
فَـالأرْضُ  كـانتْ تَـشْتكي منْ iiهُونِها
وَالْـعَبدُ  لـم يَـرَ وَالـياً كَـي iiيَخْفُرَهْ
أَوَلَـمْ  تَـرَوا لـلْجِذْعِ كـيفَ iiحَـنينُهُ
أَنْـدَى الـرّمُوشَ خُـوارُهُ iiوالـجمْهَرَهْ
وَالـذِئـبُ يَـشْهدُ لـلرّسُولِ iiبِـيَثرِبٍ
والْـمـاءُ بـيـنَ يَـدَيهِ نَـبْعٌ فَـجَّرَهْ
فَـامْـلأْ  فُــؤادَكَ بِـالْخَليلِ وَهَـدْيِهِ
طُـرُقُ الـشّقاوَةِ لـنْ تَـراها iiمُـقْمِرَهْ
هُـوَ  حِـبُّنَا ، صَـلّوا عَـليهِ iiوسَلّمُوا
تـرْوُوا بِـهِ شُـغُفَ الـقُلوبِ iiالمدْبِرَهْ

=======================

أيُّها الثوار .. يا فخر نا في الوطن وفي الديار .. نرفع لكم القبعة .. ونقبل وجوهكم جبهة جبهة

بقلم: الليث السوري

ما افتخرتُ في حياتي .. بطفولتي وشبابي .. وسوريتي وعروبتي .. وأمويتي وعباسيتي .. بحريتي وكرامتي .. وحبي وهيامي .. لمآذن الشام .. و لياسمينة تتدلى من الجدران .. وعناقيد الحصرم ثريات تزين الحدائق والليوان ..

كما أنا الآن .. أفخر بكم أيها الأحبة في كل المدن والصيبان .. بأصالة الأمويين في الميدان .. وبسالة الثوار .. وشهامة الأحرار .. وانطلاقكم كموج في البحار .. كالصخرة تتكسر على قشرتها الشبيحة الأنذال .. في الليل والنهار .. لا يصمد في وجهها إعصار.. ماضون حتى النصر في إسقاط نظام الأسد المنهار .. ثابتون كالجبال .. وبأس الرجال .. التي فاقت أحلام اليقظة والخيال .

سلميتكُم سَطرت ملحمة جديدة في الثورات .. وبسالتكم وصبركم .. أكسبكم احترام العالم في البلدان والقارات .. شيباً وشابات .. رجالاً ونساءً وتنسيقيات .. و رأت الشاشات والفضائيات .. شجاعة نادرة .. وصدوراً عارية ما عرفها التاريخ في مواجهة الدبابات والمدرعات .. والبوارج والطائرات .

جيلٌ مؤمنٌ سمعوا حرية حرية .. قدمت من بوعزيزي صاحب الشعلة في تونس والثورات العربية .. عبقت رائحتها وكأنها من زمن موسى بن نصير ... وطارق بن زياد .. وامتدت نسائمها عبر مصر العربية .. إلى الديار السورية .. فانتشرت مثل رائحة الياسمين الدمشقية .. تطير من مدينة إلى بادية .. واجتمعت الجماهير البشرية .. تنادي وتهتف حرية حرية .. سورية بدها حرية .. ويا محلاها الحرية .. ويا وطنا ويا غالي .. سورية بدها حرية .. ولن أشبع من ترديد كلمة الحرية .. ولو قلناها مليون مرة .

و من العدل يا أحبة .. أن نبدأَ بدرعا الأبية .. في ربوعها انطلقت الثورة .. و بأظافر أطفالها اشتعلت .. وثارت أهل الشهامة والنخوة .. وانطلقت جميعها وجموعها .. تعم حوران بشبابها وأطفالها .. رجالها ونساءها .. و رفعت شعار الموت ولا المذلة .. فأرخصت الدماء .. وبذلت الشهداء .. وكبر الشيوخ .. وزغردت النساء .. واقتدت بسيد الشهداء .. حمزة عم النبي العربي " ص " رمز القوة والعطاء .

وفي دمشق وريفها .. هاهم أبناء بني أمية .. و فتيان اليرموك الأبية .. ورثة البطولات في حطين .. يعيدون أمجاد صلاح الدين ... وفتوحات الأمويين .. ويثورون ضد الظلم والعبودية .. ويهتفون للحرية والعدالة .. فرسانٌ للشجاعة والندى .. متطلعونَ لنيل الحرية .. وكأنهم فتية من فِتيان أهل الجنة .

وفي حمص العدية .. نرى أحفاد خالد بن الوليد في ميادين البطولة ... ضاءت بهم مشاعل الثورة .. وارتقت بهم إلى نجوم السماء .. واشتعلت المناطق والأحياء كالشهب في الأجواء .. وأصبحت حمص كالصخرة الصماء ... نواة هذه الثورة .. تتكسر عليها أزلام النظام الخونة .. وتذل أنف الطاغية .. هي حمص الشجية .. الزكية الفواحة .. بنت العاصي الندية .. عاصمة الثورة السورية .. لبت شامخةً نداء الحرية والكرامة .

و حماة .. أهل الفداء والبطولات .. قد ملأتم الساحات .. و ارتعدت من تظاهراتكم الدبابات والمدرعات .. وغرد بلبل الثورة في الشوارع والنوادي .. وانتشر عبق الشهداء في أفياء الوادي .. وراحت النواعير تزغرد على ضفاف العاصي .. وتبشر بقرب النصر في القرى و البوادي .. يا أحفاد أبي الفداء .. والله إنكم أرخصتم الدماء .. و رفعتم راية النصر والكبرياء .

وهاهي اللاذقية و جسر الشغور .. هاجت كموج البحر بين الصخور .. وراحت تنادي في الجبال وفي الثغور .. الشعب يريد إسقاط النظام .. نسور الثورة وأبطال الحرية .. وهم أول من خبرالأمن ونذالة الشبيحة .. من عهد حافظ وإخوته وأولاده .. زعماء المافيا والعصابات .. الذين فظعوا وتجبروا على أهل اللاذقية وارتكبوا كل المحرمات .. لم تنج منهم العائلات والمنازل والمحلات .. وحان الوقت كي يحاكموا في القضاء والساحات .

وفي جبلة وبانياس .. يا أحفاد عز الدين القسام .. أبطالٌ رجالٌ ذوي بأس .. أرهبتم الشبيحة بشجاعتكم وجرأتكم وتصديكم للمدرعات والدبابات .. بصدوركم العارية في الساحات .. وثباتكم رغم الظلم والقهر أمام الشاشات .. وفي الشوارع والطرقات .. إنكم جديرون بالحرية والنصر .. وأنتم روادها في كل عصر .

وفي إدلب وجبل الزاوية .. طاقاتٌ انفجرت وشبابٌ طامحة .. وللحرية والعدالة طالبة .. وللظلم والقهر رافضة .. تظاهرت في كل ركن وزاوية .. شامخة عالية .. فقامت في كل قرية وناحية .. تشدو بمعاني العدالة والإنسانية .. وتغني للحرية والكرامة .. لا يوقفهم مدفع أو دبابة .

وهاهي معرة النعمان .. مدينة أبي العلاء الفاضلة ... تنهل من رسالة الغفران .. وتنادي لحرية الإنسان .. والعدل في الأوطان .. ترفض الذل والهوان .. وتثور من أجل كرامة فُقدت في عهد الأسد الجبان .

و في دير الزور .. أبطال كالنسور .. لاتهاب الموت و الأشباح .. والشبيحة والسلاح .. وإلى جانبها البوكمال والقامشلي والرقة ... يستذكرون انتصارات هارون الرشيد وازدهاره .. وانتشار رقعة حكمه .. وقولته المشهورة لما رأى غمامة ممطرة .. أيتها الغمامة أمطري حيث شئت .. فإن خراجك عائد لبيتي .. يرفعون الصوت عالياً .. نريد حرية وعدالة .. ولن نرجع لعهد الذل والمهانة .

و حلب الشهباء .. تبكي بكاء الفارس .. وكأنها أبو فراس الحمداني .. في سجن الروم يقول: أقول وقد ناحت بقربي حمامة ..... أيا جارتا هل تشعرين بحالي ..

نعم يا حلب .. أنتم مُحاصرون وغداً ستنتفضون .. وهاهي بعض أحياءكم كالصاخور .. و سيف الدولة .. وحي الشهباء الجديدة .. تصدح و تنادي للحرية .. شبابها تصول وتجول .. وتتظاهر بين التلال و الحقول .

والآن أيها الثوار .. الأحرار الأبرار .. ربما نسيت مدينة أو قرية .. بادية أو ناحية .. فاعذروني كلكم والله أبطال الثورة السورية .. وتستحقون الأوسمة .. أثلجتم قلوبنا .. وأرجعتم كرامتنا .. ورفعتم راية العدل والحرية .. تَفتحَ الياسمين في القلوب .. وأزهرت الأغصان في الحقول وفاح عطر الهيل في البيوت .. والنصر على الأبواب .. إن شاء الله

لذا بكل فخر نرفع لكم القبعة . . . ونقبل جباهكم جبهة جبهة

============================

الأسرى جرحٌ نازف وتعذيبٌ مستمر

د. مصطفى يوسف اللداوي

التعذيب والإهانة والإساءة والقتل والغدر هي سماتٌ يهودية قديمة، امتازوا بها أكثر من غيرهم، واشتهروا بها عن سواهم، نشأوا عليها واعتادوا على ممارستها قديماً وحديثاً، وهي الترجمة المباشرة للكره والحقد والضغينة، إذ لا يحمل اليهود حباً للآخر، ولا يثقون في غيرهم، ولا يحبون الخير إلا لأنفسهم، فكان تعذيب الآخر في مفاهيمهم هو الوسيلة الفطرية للتعبير عن حقدهم وحسدهم وغيرتهم، وهو الوسيلة الأنجع لحرمان الآخرين من حقوقهم، وإجبارهم على التنازل عنها، أو الاعتراف ببعض الأسرار التي يحتفظون بها، خاصةً أن اليهود قد اشتهروا بحب المال، والتعامل بالربا، وهم يسعون لاكتسابه وجمعه بكل الطرق والوسائل، وهي صفةٌ في اليهود يذكرها الغرب في كتبهم، ويؤكدون عليها في رواياتهم، فكان التعذيب والابتزاز أحد أهم وسائلهم في تجريد الآخرين من أموالهم ومقتنياتهم وحقوقهم، حتى ولو أدى التعذيب إلى القتل.

أما الحركة الصهيونية فقد اعتمدت التعذيب منذ بدايات تشكيل المشروع الصهيوني، ومارست مع الآخر سياسة الترغيب والترهيب، أما الترغيب فكانت من نصيب القوى الاستعمارية الكبرى، وأصحاب القرار الدولي الذين ساعدوا في هجرة اليهود إلى فلسطين، أما الترهيب والتعذيب والقتل فكان من نصيب أصحاب الأرض، وسكان المنطقة، وإن كان التعذيب قد أخذ شكلاً واحداً وهو الحرمان من الحقوق، والإحساس بفقدان الأمن والاستقرار، لدفع السكان على الهروب والهجرة والرحيل، وترك الأرض والممتلكات خوفاً من القتل والذبح الذي اشتهرت به العصابات الصهيونية.

تعذيب الأسرى والمعتقلين في المفهوم الإسرائيلي عقيدة دينية، وفلسفة أمنية، وسلوكٌ اجتماعي، وسمتٌ عامٌ يصبغ حياة اليهود عموماً قديماً وحديثاً، وهو ممارسة عسكرية ومدنية على السواء، وهو سلوكٌ لا يمكن فصله أو عزله عن الشخصية الإسرائيلية، ويمكن ملاحظته بسهولة حقداً في العيون، وأمارات غضبٍ وكره على الوجوه، وردات فعلٍ طوعية وتلقائية قاسية وعنيفة، وهو أبلغ وأوضح وسيلة للتعبير عن نزعة العدوانية والكراهية لدى الإسرائيليين، وهو ثقافة وفكر، وعادة وتقاليد، بدليل أن الذين يمارسونه في السجون والمعتقلات ضد الأسرى والمعتقلين، ليسوا جميعاً محققين أو حراس، بل إن جميع من يتعامل مع الأسرى والمعتقلين من المحققين والجنود والحراس والإداريين وعمال النظافة والأطباء والممرضين والسائقين وغيرهم، كلهم يمارسون التعذيب ويتفننون به، ويساهمون جميعاً في تعذيب الأسرى والمعتقلين والإساءة إليهم، ويرون أن من لا يقوم بدوره في تعذيب المعتقلين فإنه لا يكون مخلصاً لدولة إسرائيل، ولا يعمل من أجل شعب إسرائيل.

وقد بدأت إسرائيل بعد تأسيسها مباشرة بممارسة واستخدام التعذيب بأشكاله المختلفة، الجسدية والنفسية بحق الأسرى الفلسطينيين، ولم يكن التعذيب في أي يوم من الأيام في السجون الإسرائيلية حالة نادرة أو شاذة أو استثنائية، بل كل المعلومات والمعطيات تشير إلى أنه سياسة ونهج ثابت، فصحيح أن من يقوم به ويمارسه، هم رجال المخابرات من محققين وغيرهم، ولكن هذا النهج والسلوك مغطى من المستوى السياسي والجهاز القضائي، حتى أن أطباء وممرضي المعتقلات والذين يفترض أن يكونوا مهنيين ولهم دورهم الإنساني، كثيراً ما يكون دورهم مشارك ومكمل ومتستر على ما يمارس بحق الأسرى من تعذيب وتنكيل، ولهذا حول الإسرائيليون أسرة المستشفيات إلى أسرة تعذيب، وغرفها إلى زنازين، وجعلوا من الحراسة فرصة للتعذيب، ومن الترحيل حلقة من حلقات التعذيب، وأخذوا يتعلمون من بعضهم، ويضيفون إلى خبراتهم تجارب جديدة في فن التعذيب والإساءة، ويشارك في التعذيب غيرهم من العاملين في الجهاز الإداري والخدمات العامة، حتى عمال النظافة يجدون الفرصة للمساهمة في تعذيب المعتقلين، وتوجيه الإهانات لهم، رغم أن ذلك ليس من مهامهم، وقد لا يطلب منهم القيام به، ولكن الطبيعة الإسرائيلية بصفةٍ عامة مجبولة على حب التعذيب والإساءة إلى الآخر، فيتعاملون جميعاً مع الأسير على أنه عدو، وأنه مصدر خطر على كيانهم ومواطنيهم، ولذا يجب الانتقام منه، وقد عبر مدير أحد السجون الإسرائيلية عن السياسة التي يتبعها مع الأسرى بقوله "إننا نعطيهم الحد الأعلى من المضايقات، والحد الأدنى من شروط الحياة، هذه هي الأوامر، وأنا عسكري أنفذ الأوامر".

والتعذيب في المفهوم الإسرائيلي عبادة ودليل إخلاصٍ وولاء، فمن لا يمارسه ضد أعداء دولة إسرائيل لا يكون مخلصاً لها، ولا يعمل من أجل تحقيق الحلم اليهودي في أرض الميعاد، ويكون خائناً للأجيال اليهودية، وينبغي على الآخرين مقاطعته ومعاقبته، أما إن كان يبدي مشاعر الرحمة والشفقة تجاه الآخر، فيكون من غيره منبوذاً ومكروهاً، يمارس أعمالاً شاذة، ويأتي بتصرفاتٍ مكروهة، ولا مكان له بين اليهود الطيبين والإسرائيليين المخلصين، فيما أن الذي يقوم بدوره في التعذيب والإهانة والإساءة، فإنه يعود إلى بيته مطمئناً هانئاً راضياً عن نفسه، فخوراً في أسرته وبين أهله، فقد أدى جزءاً من الواجب الملقى على عاتقه، وساهم بما يستطيع في إكراه وتعذيب أعداء شعب إسرائيل.

والتعذيب في المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أمرٌ ثابتٌ وسلوكٌ معتمدٌ، وتعاليم وإرشادات لا تتغير ولا تتبدل، فلا مكان في تعاليم المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية لمعاني الرحمة والرأفة والشفقة، ولا وجود للتمييز في صف الأعداء بن رجلٍ وامرأة، وكبيرٍ وصغير، وقويٍ وضعيف، فهم جميعاً أعداء، ويجب التعامل معهم من منطلق نظرة العداء، وينبغي ألا يكون في التعامل معهم مكانٌ لحسن النية، أو سلامة القصد، فهم جميعاً أعداء، يستحقون العقاب، ويجب أن ينالهم قسطٌ من التعذيب، ولهذا تتعمد المخابرات الإسرائيلية تطعيم عناصرها المشرفة على التحقيق أو التعذيب بعناصر جديدة قليلة الخبرة، ولم يسبق لها أن مارست التعذيب أو الإساءة بصورة واسعة، وذلك لتتمكن من اكتساب الخبرة والتجربة، والأهم من ذلك أن تقوي وتشجع عندهم نزعة القيام الطوعي بالتعذيب، وعدم التأثر بالبكاء أو الاستجداء، أو مظاهر الألم أو منظر الدم النازف.

والتعذيب في المفهوم الإسرائيلي مادةٌ للتسلية والتسرية عن النفس، وتمرير الوقت والتخلص من الوحدة والفراغ، وهو فرصة لتبديد الهموم والأحزان، ووسيلة للتعبير عما تخفيه النفوس وتكنه القلوب، وهو فرصة لتفريج الكروب والهروب من الخلافات الزوجية، وتجاوز المشاكل الاجتماعية، والتخفيف من هموم الديون والضائقة المالية، كما أنه مضمارٌ للسباق والتنافس والرهان، ومجالٌ رحبٌ لتفجير الطاقات وخلق الأفكار وابتداع الوسائل الجديدة في التعذيب وطرق الحصول على المعلومات، وهو فرصة لأخذ الصور التذكارية، وتخليد اللحظات النادرة، وهو مجال للتدريب والتأهيل وصقل الخبرات، ووسيلة لتقوية القلوب وإظهار قسوتها على الأعداء والخصوم، إذ أضحى الجنود وعناصر المخابرات الإسرائيلية يمارسون وسائل التعذيب ضد الأسرى والمعتقلين بصورة طوعية اعتيادية، ولا يشعرون بأدنى ندم أو تأنيب ضمير، بل يعودون إلى بيوتهم فرحين، ويلتفون حول أفراد أسرهم وأطفالهم مبتهجين، يلعبون معهم ويتناولون معهم الطعام والشراب، وكأنهم لم يتركوا وراءهم في الزنازين والمعتقلات بشراً يعذبون ويعانون، ويضربون ويهانون.

moustafa.leddawi@gmail.com

========================

الحادي عشر من سبتمبر .. قراءة في الحصاد

د. عيدة المطلق قناة

عقد على ذلك اليوم الذي هز أمريكا وغير العالم ، وشكل نقطة تحول في تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي والعربي؛ ووضع العرب والمسلمين على مفترق طرق .. يوم اتخذت الولايات المتحدة من أحداثه منطلقاً لأولى حروب القرن .. فشنت حربها المركبة المفتوحة عدواناً واحتلالاً وإعلاماً وتحريضا وأفكاراً ضد الإسلام والمسلمين، وجعلت "الإسلام عنواناً رئيساً للإرهاب... ونصبت الولايات المتحدة من نفسها "هبل العصر".. وباتت امبراطورية حصرية للشر .

 

عقد تكالبت فيه الأمم علينا .. شهدت المنطقة أشكالا متعددة من الضغوط والحصارات والابتزازات والملاحقات للأنفس والأموال بذريعة ملاحقة الإرهاب وتجفيف ينابيعه الاقتصادية والمالية .. وتم الاستيلاء على مقدرات الأمة وإهانة كبريائها واستباحة دمائها وانتهاك كل مقدساتها وقمعت حرياتها .. وقتلت الآلاف.. وفتحت السجون السرية والعلنية ..والسجون الطائرة والثابتة .. وزج بعشرات الآلاف من المسلمين في هذه السجون الرهيبة ظلماً وبهتاناً..

 

عقد تعرض فيه العرب والمسلمين لمختلف ألوان التمييز والتضييق والتشويه .. حتى أصبح الانتماء إلى العروبة شبهة، وأصبح الإسلام مادة لحملات التشهير والإساءة.. !

 

حرب على الإرهاب شنتها أمريكا دون أن تحدد ماهية هذا العدو.. بل أخذت تتخبط في توسيع مفهوم الإرهاب .. وراحت تفرض رواياتها على العالم .. بل تجاوزت على القانون الدولي .. حين جعلت الإرهاب صنواً للمقاومة .. مما أدى إلى تجريم المقاومة العربية والإسلامية ، وتم إدراج جل منظمات المقاومة في لائحة الإرهاب – أي في بنك الأهداف – لهذه الحرب المفتوحة .. كما خيم صمت مطبق على ملاحقتها واضطهادها بل والحرب المفتوحة عليها ..

 

على ضفاف هذه الحرب نشأ حلف غير مقدس بين الأنظمة الحاكمة وقوى الاحتلال.. وتحت يافطة هذا التحالف .. شهدت جميع الدول العربية تضخماً غير طبيعي في أجهزة الأمن والقمع وشهدت الساحة العربية والإسلامية حالة غير مسبوقة من التنسيق الأمني المباشر مع قوى الاحتلال والعدوان .. وصل حد التعاون الأمني والاستخباراتي والعملياتي.. صودرت الحريات .. وتراجعت الحقوق وارتكبت انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان .. وعم الفساد المالي والسياسي والإداري .. وتم تهميش الشعوب وإقصائها عن المشاركة في الحياة العامة ..

 

عقد من المعاناة على غير صعيد .. تحالفت فيه كل قوى الشر العالمية ضد المسلمين ورمتهم عن قوس واحدة.. عبر موجة عارمة من هجوم سياسي وعسكري عنيف على المنطقة العربية ... فانقلبت موازين القوى .. وفرضت القوة المهيمنة روايتها وعولمتها وقيمها وخطابها .. وحين أخفق العرب والمسلمون في "صياغة تعريف خاص بهم للإرهاب" انصاعوا للأملاءات وانجروا وراء المفاهيم والتعريفات المتحولة .. كانت النتيجة أن وقعت الأمة بالمزيد من التبعية العربية للغرب، وخصوصاً في الجانب الاقتصادي ، لعل من أبرز دلالاتها صفقات خيالية للسلاح لا مبرر لها سوى إنعاش صناعات الأسلحة والاقتصادات الغربية.. وتحويل أوطاننا إلى مكبات لنفايات الأسلحة .. وساحاتنا وشعوبنا مختبرات لتجريبها..

 

على الصعيد الفلسطيني تم إطلاق يد إسرائيل للتنكيل بالفلسطينيين وخاصة في غزة والقدس.. والتمدد للتنكيل بالعرب والمسلمين ..

وفي سياق الحرب على الإرهاب تم احتلال العراق وأفغانستان .. وتمت مصادرة القرار العربي .. وانتشرت في أراضينا ومياهنا القواعد العسكرية والأساطيل..

 

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل برزت لدينا نخبة من المنافقين من بني جلدتنا ، باتت متخصصة بصياغة واختراع المسوغات لكل ما يجري من تشويه واعتداء على مجمل منظومة القيم.. بل ومطالبة الشعوب بالرضوخ للغطرسة والاستعلاء والتسلِّط والتجاوز على هذه القيم ... فتنبى بعض من نخبنا الرواية الأمريكية/ الصهيونية للعلاقة الوثيقة بين الإرهاب والإسلام.. وراحوا يروجون لخرافة اخترقها الإعلام مفادها أن "كراهية أمريكا لدى العرب والمسلمين إنما هي ثمرة للتعاليم والنصوص الدينية والبرامج الدراسية".. في تجاهل متعمد للسياسات الأمريكية العدوانية تجاه العرب والمسلمين .. وما تم تحت مظلتها من حروب إبادية واحتلالية للمسلمين وأوطانهم .. ناهيك عن الانحياز الأعمى للكيان الصهيوني والتغطية على كل جرائمه بحق الإنسانية .. !!

 

وفي كل عام - مع حلول ذكرى الحادي عشر من سبتمبر - يتصاعد النفاق بالحديث عن "النجاح الأمريكي في الحرب على الإرهاب" .. رغم أن معظم المحللين الأمريكيين لا يعترفون بهذا النجاح .. بل إن العديد منهم يقر بإخفاق الولايات المتحدة في هذه الحرب .. ويرون بأن العالم ما بعد هذه الحرب أصبح أكثر خطورة من عالم ما قبلها .. بدلالة ارتفاع عدد العمليات الإرهابية .. وانتشارها على الخارطة الكونية .. وارتفاع أعداد ضحاياها .. وارتفاع منسوب التوتر في العالم..

 

إن ما حدث في نيويورك وواشنطن في العام 2001 هو عمل إرهابي كبير – لا شك في ذلك- ولكن ما تلاه من أحداث هو – بكل المقاييس – أخطر وأعنف وأشد إرهاباً وتدميراً على العالم بأسره .. فقد برزت "الإمبراطورية الأمريكيَّة" كدولة عسكرية إرهابية تعيش حالة استنفار حَربي دائمة...دولة تحللت من حقوق الإنسان، دولة تجاوزت على القانون الدولي .. دولة تسعى للهيمنة وتصدير "النموذج الأمريكي" قَسرا .. وتطويع القانون الدولي لِخِدمة مصالحها، وتجريد المنظَّمات الدولية من الشرعية التي تتمتَّع بها.. وما زالت الإملاءات الأمريكية متواصلة لا تنتهي.. !!

 

إلا أن من الأمور التي لم يحسب لها أي حساب، هو أن هذا التهاون والتغاضي بل والتواطؤ العالمي - الذي وصل حد شرعنة الانتهاكات الفظيعة لمجمل منظومة الحقوق الإنسانية للعرب والمسلمين أفراداً وجماعات وأوطانا- استثار فيضاً من الغضب في الشارع العربي .. وتحول إلى بركان من الثورة اجتاح ويجتاح الوطن العربي .. هذا البركان الثوري كسر عن الأمة حاجز الخوف الوهمي الذي لازمها لعدة عقود .. وعندها وقف العالم مبهوراً أمام قدرة شعوب هذه الأمة على الثورة والتغيير والانتصار.. وعلى صياغة النظام الدولي الجديد على أسس أكثر عدلاً وإنسانية !!

eidehqanah@yahoo.com

==========================

بين طلب مراقبين دوليين وطلب الحظر الجوي

مجاهد مأمون ديرانية

لقد اقتنعنا الآن بأن استمرار الثورة في سوريا يزعج ويُقلق أطرافاً كثيرة، وأن خروج الأمور عن السيطرة وسقوط سوريا في الفوضى هو آخر ما تتمناه القوى الإقليمية والدولية، وما دام الحال كذلك فلا راحةَ ولا اطمئنان لتلك القوى إلا بتوقف الثورة وعودة الحياة الطبيعية إلى سوريا.

الخيار الأصلي الذي اختاروه كلهم هو توقف الثورة مع بقاء النظام، وبما أنهم أدركوا أن الشعب لن يسكت بلا مقابل فقد حاولوا أن يقدموا له نصراً مُرْضياً عبر إقناع النظام بإجراء إصلاحات محدودة، لكن النظام أبى، فضغطوا عليه ضغطاً حقيقياً لأنهم علموا أنه لا مخرج من الأزمة إلا بإصلاح، لكن النظام استمر في الإباء والعناد. ثم نظروا إلى الجهة الأخرى فوجدوا أن الشعب مارد خرج من قمقم وأنه لا سبيل له إلى العودة إلى حيث كان، فثَمّ علموا أن النظام ساقطٌ لا محالة، إن لم يكن في شهر ففي سنة، والطريق إلى سقوطه محفوف بالمخاطر وباحتمال انحدار سوريا إلى الفوضى أو إلى الحرب الأهلية، فما هو الحل الأفضل برأيكم؟ نعم، هو ما خطر ببالكم ولا حل غيره، سوف يساعدون الشعب على إسقاط النظام.

هذا العرض المبسط يبدو أقرب إلى حكايات المكتبة الخضراء التي كنا نقرؤها ونحن أطفال، ولكنه حقيقي في جوهره، إلا أن التفصيلات أكثر تعقيداً وتداخلاً مما عرضته هنا، وإنما أردت الإيجاز، فمن أحب التوسع فليقرأ التفاسير والشروح في المقالات السابقة التي نشرتها في سلسلة رسائل الثورة خلال الشهور الماضية.

الحقيقة البسيطة التي يمكن استخراجها مما سبق هي أن القوى الدولية (الغربية والإقليمية بالتحديد) صارت حريصة على إسقاط النظام السوري، وهذا يعني أنها سوف “تتدخل” بطريقة أو بأخرى لتحقيق ذلك الهدف. نحن أيضاً بحاجة إلى تدخل خارجي من نوع ما لأننا نواجه حرباً شرسة من نظام مجرم لا حدود لإجرامه، وهكذا اجتمعت رغبة الطرفين بما يكفي لفتح الطريق أمام تدخل غربي لإسقاط النظام. ولكن ما هو شكل التدخل المناسب؟ وما هو موقفنا من هذا التدخل؟ هنا مربط الفرس كما يقولون.

لن أتوقف عند شرعية الاستعانة بالقوى الدولية لإسقاط النظام السوري المجرم، فقد كُتب الكثير في هذا الباب، وليس عسيراً تأصيل الاستعانة المطلوبة اعتماداً على النصوص الشرعية والممارسة النبوية. أنا أقتصر هنا على بحث المسألة من الناحية المصلحية البحتة، وهو رأي ارتأيته لا أدّعي له الصواب المطلق، ففكروا فيه ثم قرروا الأصلح.

حتى الآن حصلت الثورة على أشكال من الدعم الدولي غير العسكري، تشمل: (أ) التوقف عن دعم النظام. سميت هذا العمل دعماً مع أنه “عدم دعم”، أي أنه مجرد التوقف عن دعم الطرف المعتدي الذي هو النظام، وهذا بحد ذاته مكسب للثورة لأن النظام السوري حصل على جزء كبير من قوته في الماضي من خلال سكوت بعض القوى الدولية وتعاطف بعضها الآخر، فإذا انفضّت عنه وتوقفت عن دعمه فإنه يفقد جزءاً من قوته بالضرورة. (ب) رفع الغطاء القانوني عن النظام واعتباره نظاماً غير شرعي، وبالتالي تصبح الثورة ضده مشروعة دولياً وتستحق مساندة المجتمع الدولي. (ج) المطالبة بتحويل مجرمي النظام الكبار إلى المحكمة الجنائية الدولية. (د) المقاطعة الاقتصادية لشركات وأفراد النظام الكبار. (ه) حظر استيراد النفط السوري.

بقي دعم سياسي مطلوب ومتوقع، وهو تكملة للفقرة (ب)، فبعد إسقاط شرعية النظام لا بد من الاعتراف بممثل جديد للشعب السوري، وهو ما سيأتي من خلال الاعتراف بالمجلس الوطني الممثل للشعب السوري (الذي ما يزال تحت التشكيل ولم يُعلَن حتى الآن للأسف الشديد، وأرجو أن يكون قد ظهر إلى الوجود حينما تُنشر هذه المقالة ويقرؤها الناس) والمقاطعة السياسية للنظام وطرد سفرائه. ولكننا لن نتوقع أن تبادر دول العالم كلها إلى الاعتراف بالمجلس على الفور، بل الأغلب أن تعترف به أولاً دولٌ قليلة قد لا تتجاوز الخمس، ولكنها كافية لتشكيل رأس جسر للتواصل وتنفيذ أي مخطط دولي.

لكن الدعم السياسي والضغط الاقتصادي لا يكفي لإسقاط النظام. النظام العراقي البائد عاش عشر سنين مع العقوبات الاقتصادية والمقاطعة السياسية، وكان يمكن أن يعيش عشراً وعشرين أخرى تحت هاتيك الظروف. الأنظمة تضعف وتعاني من الضغط السياسي والاقتصادي، ولكنها تجيّر -غالباً- معاناتها إلى شعوبها. التحالف الذي حارب القذافي مؤخراً حرم ليبيا من النفط ومشتقات النفط، فهل تتوقعون أن العقيد المخبول صار يتنقل بالدراجة الهوائية أو أن أفراد عصابته الكبار استعملوا حافلات النقل العام؟ بالطبع استولى هو وعصابته على كل النفط المتوفر أو أكثره وترك لأهل طرابلس قطرات يحصلون عليها من محطات الوقود بعد ساعات من الانتظار في الطوابير!

لا أقصد أن الضغط السياسي والاقتصادي غير مفيد، بل لا بد أن يُضعف النظام بالضرورة، فحتى عندما يجيّر النظامُ المعاناةَ إلى الشعب فإنه يدفع شرائحَ موالية منه إلى الخروج عن ولائها لأنها ستربط معاناتها ببقاء النظام، ولا يُستبعَد أن تنحاز إلى الثورة على أمل التخلص العاجل من الضغط والمعاناة. الذي أقصده أن الضغط السياسي والاقتصادي لا يُسقط نظاماً حاكماً مهما اشتدّ في الدرجة وامتدّ في الزمن. التأثير الحقيقي على النظام يأتي من خلال دعم الثورة بوسائل مادية حقيقية، وهذا يقودنا إلى ما يسمّى تدخلاً خارجياً. حالياً نسمع ثلاثة أنواع من الأصوات المطالبة بالتدخل الخارجي: النوع الأول يطالب بدخول مراقبين دوليين وإعلام حر إلى سوريا، النوع الثاني يقتصر على طلب الغطاء الجوي، أما النوع الثالث فيطالب صراحة بالتدخل العسكري المباشر. سأناقش المطالب الثلاثة بالتفصيل.

(1) الذين يطالبون بدخول مراقبين دوليين إلى سوريا وبإعلام خارجي حرّ ونزيه هم الأصوب رأياً، فإن هذا الطلب البسيط لن يصطدم بعقبة الفيتو التي ستعطل أي قرار لتدخل عسكري مباشر، ولن يحمّل الشعب السوري أي التزامات مادية أو سياسية، ولأنه لا يمكن أن يتطور إلى شكل أسوأ من أشكال المواجهة، ولأنه سيُلجم النظام المجرم ويقيد حريته في القتل والعدوان واستباحة المدن. إذن فأنا أعتبره توجهاً حكيماً وأشد على كل يد تطالب به، وأقترح أن يجتمع على المطالبة به طرفا الثورة في الداخل والخارج، فيحمل المتظاهرون في مظاهراتهم اللافتات التي تؤكد هذا الطلب بعشر لغات أو عشرين، وينشط أنصار الثورة في الخارج في نشر الفكرة وترويج المقاطع المصوّرة للمظاهرات المطالبة بها في الإعلام العالمي، وفي توصيل الرسالة إلى الحكومات الغربية والمنظمات الدولية.

(2) النوع الثاني من الأصوات المطالبة بالتدخل يقتصر على طلب الغطاء الجوي, وهذا المطلب أقل ضرراً من طلب التدخل العسكري بالتأكيد، ولكن أوانه لم يَئِنْ بعد لأن النظام لم يستعمل الطيران الحربي ضد المدن، وغالباً لن يستعمله في المدى المنظور.

حاولت أن أتتبع الكتابات التي تطالب بفرض حظر طيران لأفهم الهدف من مثل هذا الحظر، لكني فشلت، وأيضاً لم أنجح في معرفة الجواب على سؤال: هل يعرفون ما معنى حظر جوي فوق سوريا؟ لقد كتبت ذات مرة عن الجيش السوري ووصفته بأنه غير مهيأ للحرب رغم حجمه الضخم، لكن يجب عليّ أن أعترف بأن سلاح الصواريخ السوري تحديداً يُعتبر سلاحاً قوياً لا يمكن التهاون بشأنه. حينما قامت الحرب الأخيرة بين سوريا وإسرائيل (عام 1973) كنت في أول المرحلة الثانوية، شاباً ممتلئاً بالحماسة والأمل، وتابعت أحداث الحرب باهتمام شديد ثم قرأت بعدها كل ما نُشر عنها بالعربية وبعض ما نُشر بالإنكليزية، واشتريت بعض منشورات المعهد العالمي للدراسات الإستراتيجية، اضطررت إلى طلبها بالبريد لأنها لم تكن متوفرة في الأسواق المحلية، ومن ذلك كله تكونت عندي صورة واضحة عن الجيش السوري، أو بالأحرى عن القوات المسلحة السورية (التي تضم الجيش والطيران والبحرية وسلاح الصواريخ). لقد كان سلاح المدرعات -في تلك الحرب- متوسط القدرات على ضخامته، وكان سلاح الطيران دون المستوى مقارنة بالطائرات الأميركية التي امتلكها اليهود، أما سلاح الصواريخ فكان متفوقاً بامتياز.

أعترف بأني ابتعدت عن ذلك العالم وفقدت الاهتمام بالثقافة العسكرية منذ سنوات طويلة، لكني وجدت ببحث سريع أن سلاح الصواريخ السوري ما يزال قوياً جداً ويملك نحو ألف منصة صواريخ أرض جو. صحيح أن نصفها من طراز سام 2 وسام 3 التي اختفت من أكثر جيوش العالم (عمرها نحو نصف قرن) إلا أنها هي والمنصّات الأحدث سواءٌ في أنها يجب أن تدمَّر قبل تطبيق أي حظر جوي فاعل. إذا عرفنا هذا العدد الكبير من المنصات وعرفنا أن عدد الصواريخ التي يملكها سلاح الدفاع الجوي السوري هو 4707 صورايخ، بالإضافة إلى أن الجيش البري يملك نحو أربعة آلاف قاذفة صواريخ محمولة من نوع سام 7، إذا عرفنا ذلك كله فسوف ندرك أن تطبيق أي حظر للطيران لا بد أن تسبقه عدة أشهر من الغارات المكثفة على الدفاعات الجوية ومواقع الرادارات والتحكم والسيطرة، أي أن تطبيق الحظر الجوي ليس نزهة صغيرة كما يظن البعض، وهو عملية باهظة التكاليف ولا بد أن يدفع الشعب السوري ثمنها جزءاً من حريته واستقلاله لصالح الدول التي ستنفذ العملية، وهي الولايات المتحدة وحلف الأطلسي بالضرورة.

ويبقى بعد ذلك كله الأمر الأهم الذي يجب أن نفكر على ضوئه في خيار الحظر الجوي: هل يمكن أن ينجح هذا الحظر في حماية الشعب من بطش النظام المجرم؟ لو تأملتم فسوف ترون أن الأذى الأكبر تتسبب به القطع البرية -من دبابات وعربات عسكرية ومدفعية- حينما تحاصر وتقتحم المدن أو تقصفها أحياناً، أما الطيران فلم يشكل إلى الآن أي تهديد يذكر في الحرب على المدن، وكما قلت قبل قليل: لم يُستخدَم الطيران ضد المدن ولا يبدو محتمَلاً أن يُستخدَم في المدى المنظور.

إنكم تلاحظون أن الضرر الأكبر والأذى الشديد يصيب المدن بسبب الحصار والاقتحام، أي بسبب القطع العسكرية التي تتحرك على الأرض، فإذا كان ولا بدّ من طلب حظر فلماذا تطلبون الحظر الجوي (no-fly-zone) ولا تطلبون الحظر البري (no-drive-zone) الذي يحرّم على القطع البرية المقاتلة التحرك على الأرض؟ الحظر البري هو الذي يمكن أن يحمي المدن من الاعتداء العسكري الذي تعاني منه حالياً. وعلى أية حال فإن التفكير في الحظر البري ينقلنا على الفور إلى التدخل العسكري الشامل لأنه لا يمكن تطبيقه إلا بضرب القطع العسكرية ضرباً واسعاً يشل قدرتها على الحركة، وهو ما سيتطور إلى حرب كاملة بالضرورة وسيستغرق شهوراً طويلة نظراً للحجم الهائل للجيش السوري.

(3) والآن نصل إلى الفريق الثالث الذي يطالب بالتدخل العسكري الغربي الكامل. لحسن الحظ هؤلاء ما يزالون قلّة وأدعو الله أن يبقوا قلّة، لأن خسائر التدخل الغربي العسكري أكبر من المكاسب بكثير، بشرياً ومادياً وسياسياً، وسوف أناقشها في المقالة الآتية بإذن الله.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ