ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 21/09/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ماضون حتى النصر بإذن الله تعالى

د/ محمد ياسر المسدي

في صباح كل يوم ينشق يسألني أصحابي سواء في العمل ، أو في المسجد ، أو في الحيِّ فيقولون ما أخبار أهلك ، و أقاربك في سوريا ؟ َطمْئِنا عنهم ، إنْ شاء الله لم ينلهم أذى الجزارين و المجرمين من الشبيحة و الأمن في سوريا ، فأقول لهم :كلُّ الشهداء ، و كلُّ الجرحى ، و كلُّ المعتقلين ، و كُلُّ الثوار الذين خرجو يهتفون للحرية و الكرامة متحدين آلات القمع و البطش و التنكيل هم أهلي و أقاربي ، و بعضي ، وآمل أن يقبلوا نسبتي إليهم لأن نقطة الدم التي تسيل من أحدهم لا تعادل مداد الأقلام التي نكتب بها ، ولا الخُطب التي نلقيها ، ولا الأموال التي نقدمها ، و لكن عزاؤنا و نحن نسمع أخبارهم ، و نُكِْبر صمودهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لإخوانه الذين كانوا معه في إحدى الغزوات ( إن أقواماً خلفنا بالمدينة ماسلكنا شِعباً ولا وادياً إلا وهم معنا حبسهم العذر) وفي رواية ( إلا شركوكم في الأجر ) ، نعم – والله – حبسنا العذر عنكم ، حال الظالمون و الطغاة المجرمون دون الوصول إليكم ، و لكن ثقوا و تأكدوا يا إخواني و يا أخواتي ، و يا أبنائي و بناتي ، أنَّا لا نغفل عنكم لحظة واحدة ، إننا نعيش معكم بكلِّ مشاعرنا ، و بكلِّ أحاسيسنا ، و بكلِّ جوارحنا ، و ما هذه الشعارات التي ترفعونها في كلِّ يوم جمعة إلا من بشائر النصر بإذن لله تعالى ، و التي كان آخرها " ماضون حتى إسقاط النظام " ما أروعه من شعار يُعَبِّرُ عن الصمود و الثبات ، رغم أن الثمن باهظ ، و المعركة شرسة ، والعدو فاق في وحشيته وحوش الغابات ، و تجاوز في تعامله مع الأسرى و الجرحى و الشهداء كلَّ القيم الإنسانية ، وكلَّ محظورات الأعراف الدولية في الحروب ، و إن القصص المروعة التي يمارسها وحوش – مايسمى - النظام السوري أكثر من أن تحصى ومن ذلك : سحب الجرحى من المستشفى والإجهاز عليهم ووضعهم في أكياس الموتى كما حصل في مستشفى جمعية البر في حمص ، بالإضافة إلى ضرب الأطباء واعتقال بعضهم ، و لاننسى حادثة الطفل البريء حمزة الخطيب في درعا ، ثم ابراهيم القاشوش في حماة ( بلبل الثورة ) الذي َمثَّلوا به و اقتلعوا حنجرته ، و أخيراً الشابة البرئية زينب الحصني في حمص الباسلة التي اختطفوها من الشارع في 2 رمضان 1432ه ثم قتلوها و قطعوها ثلاث قطع وشوهوا جسدها بالنار ثم وضعوها في المستشفى العسكري بحي الوعر وأعطوها لأهلها بهذه الحالة في 19 شوال 1432ه فأيُّ إنسانية هذه ؟ و أي أمن هذا ؟ وأيُّ نظام هذا ؟ وأيُّ إصلاحات هذه ؟!! فعلاً إنهم سبقوا كلَّ وحشية قرأنا أو سمعنا عنها ، حتى تمثل فيهم قول الشاعر :

أنست مظالمهم مظالم من خلوا *** حتى ترحمنا على نيرون

و إذا ظن هؤلاء المجرمون أنهم سيخمدون الثورة بهذه الأعمال ، فإنهم خابوا و خسروا و إنَّ هذه المحن لن تزيد الثائرين والمناصرين إلا ثباتاً و تصميماً حتى النصر بإذن الله تعالى ، لأن نيل الشهادة في سبيل الله هي غاية ما يتمناه المؤمن ، وعزاؤه في ذلك أن قتلانا في الجنة و قتلاهم في النار ، و ما أجمل قول السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها عندما قال لها ابنها عبد الله بن الزبير يا أماه إنَّ القوم خذلوني فقالت له : إن كنت تعلم أنك على الحق فامض له ، فقد ُقتِلَ عليه أصحابك ، فقال : إني أخاف أن يمثِّلوا بي فقالت : يا بني إن الشاةَ لا تتألم بالسلخ بعد الذبح ، فامض على بصيرتك و استعن بالله ، يا لها من أمثلة رائعة في الصبر والثبات والتضحية قال تعالى : { يأيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلكم تفلحون } والله معكم ولن يتركم أعمالكم ، وهو مولاكم ، والظالمون لامولى لهم إلا المجرمون من أمثالهم ( ألا إن نصر الله قريب ) .

اللهم أرحم شهداءنا وأعلِ منزلتهم ، واشفِ جرحانا ، وفُكَ أسرانا ، وأحسن خلاصهم ، وأقرَّ عيوننا بفجر جديد ونصر عاجل يُعَزُّ فيه الإيمان ، ويذلُّ فيه أهل الظلم والضلال ، إنك أكرم مسؤول ونعم مجيب .

=======================

لماذا يجب أن نرفض التدخل العسكري الأجنبي المباشر؟

مجاهد مأمون ديرانية

بعدما استثنينا التدخل العسكري الشامل على الطريقة العراقية لأنه احتلال عسكري كما قلنا، وهو خيار يستبعده الجميع بحمد الله، وبعدما استبعدنا الضربات الجوية المركّزة على الطريقة الكوسوفية لأنها تؤدي إلى تدمير البلاد دون أن تؤثر تأثيراً حقيقياً على النظام، وبعدما وجدنا أن الحظر الجوي عملية معقدة ومكلفة وغير مجدية ولا يمكن أن تؤدي وحدها إلى سقوط النظام، بعد ذلك نصل إلى خيار العملية العسكرية الجوية الشاملة مع دعم التحرك العسكري الوطني على الأرض وصولاً إلى إسقاط النظام، أو باختصار: النموذج الليبي.

قرأت مرة حكمة تقول إن أفضل طريقة لتجنب الحروب هي منع البدء بأي حرب جديدة قبل نشر كل الكتب عن الحرب السابقة. أرجو أن يعرف شعبنا السوري الثائر المصابر كم دفع إخوانه في ليبيا في سبيل النصر العسكري قبل أن يفكر في نسخ التجربة ونقلها إلى سوريا، فهل اطلعتم أولاً على التقدير المبدئي الذي صدر قبل أيام والذي يقول إن الضحايا قد يصلون إلى خمسين ألفاً؟ هذا في ليبيا الصغيرة ذات الستة ملايين إنسان، وبما أن سكان سوريا أربعة أضعاف سكان ليبيا فمن المنطق تماماً أن نتوقع مئتَي ألف ضحية في سوريا. والمدن؟ هل شاهدتم صور مصراتة والزاوية وأجدابيا والزنتان وغيرها؟ لقد تحول أكثرها إلى ركام. والمعاناة الإنسانية؟ ألا تعلمون أن عشرات الآلاف سيكملون حياتهم مع عاهات دائمة؟ ألم يأتكم نبأ العدوان على الأعراض؟ ألف حالة سُجِّلت في مصراتة وحدها؟ فكم عرضاً انتُهك في ليبيا كلها قبل الوصول إلى طرابلس وإسقاط نظام القذافي؟

ما سبق هو الجزء البشري والمادي من خسائر الحرب، وهو ليس كل شيء، بل إنه ليس أسوأ شيء. الأسوأ هو ارتهان القرار السياسي لبلدنا ونقله من يدنا إلى يد الدول الغربية، والولايات المتحدة تحديداً. مَن يجرؤ على أن يقول إن الولايات المتحدة صديق لنا أو أنها تحب لنا الخير؟ هل سنخرج بعد كل تلك التضحيات من تحت الدلف إلى تحت المزراب (كما يقول العامة في أمثالهم)؟

رغم ذلك الثمن الباهظ ما زال يوجد من يدعو إلى الحرب، ويقولون: إذا كانت الحرب ستوصلنا إلى إسقاط النظام بعد سنتين بربع مليون شهيد فهي أفضل من الموت البطيء بلا نتيجة حتى الآن. ربما كان لهذا الرأي وجاهة لو كانت الحرب هي الطريق الوحيد لإسقاط النظام، ولكنها ليست كذلك. لأثبت أنها ليست كذلك كتبت هذه السلسلة من المقالات ورتبتها ترتيباً مقصوداً؛ بدءاً بإثبات أن الثورة حققت الكثير حتى الآن، ثم بتأكيد أن ضغط الثورة السلمية يمكن أن يسقط النظام، ثم رسمت أكثر من طريق يمكن للثورة السلمية أن تسلكه وصولاً إلى النصر. أمام ذلك كله سأكرر طرح السؤال: لماذا يريد قومٌ أن يضحوا بسوريا وأهل سوريا وجيش سوريا واستقلال سوريا في سبيل التخلص من النظام الأسدي الحالي إذا كانوا يستطيعون سلوك طريق آخر للوصول إلى النتيجة نفسها؟ نعم، هو طريق صعب محفوف بالآلام والتضحيات، ولكن ألا ترون أن الطريق الآخر الذي تختارونه أكثر آلاماً وأحفل بالمآسي والتضحيات؟

لقد ثبت أن التدخل الغربي العسكري بالصورة التي جرى بها في ليبيا مكلف بشرياً ومادياً وسياسياً، والأسوأ من هذه الكلفة كلها أنه سيعيدنا إلى نقطة الصفر لأنه سيوقف الثورة الشعبية السلمية فوراً. ألم تفكروا في هذه النقطة تحديداً؟

في اللحظة التي يبدأ فيها تدخل من ذلك النوع سوف تتحول المواجهة التي يقف الشعب الأعزل في أحد طرفَيها والنظام المجرم في طرفها الآخر، سوف تتحول إلى حرب بين دول، بين سوريا والقوات الغربية المتحالفة. في حرب كهذه سيصبح الشعب في موقف حرج، فإما أن يهدأ تماماً ويتوقف عن ثورته السلمية، أو يستمر فيها فيصبح هدفاً مشروعاً للنظام ليتعامل معه معاملة المحاربين. لو حصل ذلك فقد تستطيع قوات التحالف المهاجمة أن توفر بعض الحماية للمدن عن طريق قصف القطع العسكرية، ولكن هذه الحماية ستكون محدودة جداً وبطيئة جداً، وإلى أن تصل إلى إدلب ستكون حمص قد أبيدت، وأثناء انشغالها بالدفاع عن حماة ستحترق درعا. أمَا رأيتم كم صرف التحالف الغربي من الوقت في قصف وتدمير القوة القتالية للقذافي؟ هل خطر ببالكم أن تعقدوا مقارنة بين الجيشين الليبي والسوري؟ سأوفر عليكم الوقت: الجيش السوري يملك 4950 دبابة و5940 عربة مدرعة وحاملة جند، أي 10890 قطعة قتالية برية. بالمقابل كان للجيش الليبي قبل الحرب 1514 دبابة و1740عربة مدرعة، أي 3254 قطعة قتالية برية. التحالف الغربي أنفق خمسة أشهر لتعطيل القدرة التدميرية للجيش الليبي، فإذا اشتغل بالمعدل نفسه فسوف يستغرق خمسة عشر شهراً في سوريا!

إذن فإن الثمن الأسوأ للتدخل العسكري الغربي -حتى لو اقتصر على التدخل الجوي- هو توقف الثورة الشعبية. الثمن الثاني هو استرجاع النظام لجزء كبير من قوته التي فقدها في مواجهته مع الشعب، فسوف تلتفّ حوله أطراف كثيرة ضعف ولاؤها له خلال الفترة الماضية، وسوف يحسم كثير من المترددين الذين كانوا يقتربون من الثورة، سيحسمون موقفهم للاصطفاف مع النظام في مواجهته للعدوان “الهمجي” الخارجي كما سيروج إعلامه المنافق.

أسوأ من ذلك كله هو أن القصف من الجو لن يحسم المعركة. لم يحصل قط في التاريخ العسكري كله أن حُسمت معركةٌ في السماء، المعارك لا تُحسَم إلا على الأرض. ليبيا لم تكن استثناء، القصف الجوي خفف الضغط عن المقاتلين على الأرض، لكن أولئك المقاتلين هم الذين حسموا المعركة. إذن فإن التدخل العسكري الغربي سوف يجرّ الثورة إلى الحرب لا محالة، أو أنه سوف يوقفها لا محالة، احتمالان لا أرى لهما ثالثاً، ومن كان عنده ثالث فليتحفنا به وله الشكر.

* * *

أنا مقتنع بأن القوى الدولية، والغربية منها خاصة (الولايات المتحدة وحلفاءها) جادّة في إسقاط النظام، فلماذا نمنحهم الفرصة لابتزازنا وتدمير جيشنا؟ سوف ندفع ثمن هذه العملية مرتين، مرة ثمن التدمير ومرة ثمن إعادة البناء، وفي الحالتين ستذهب أموالنا إلى أميركا وحلفائها من دول الناتو، وسوف نرهن جزءاً لا بأس به من قرارنا المستقل، وسوف تولد سوريا الجديدة ناقصةَ الحرية كما حصل في ليبيا للأسف الشديد.

لسنا مضطرين إلى ذلك كله، بل يمكننا أن نصبر ونثبت ونمارس الضغط ونقول للجميع: إننا ماضون في ثورتنا اعتماداً على أنفسنا، نريد منكم فقط أمرين: (1) الحماية ومنع النظام من ارتكاب مذابح، ولو أنكم أرسلتم مراقبين مستقلين فسوف يقتصد النظام في القتل والإجرام، ولو استطعتم أن تفرضوا على النظام دخول الصحافة الحرة فسوف يَرعوي أكثر ويوفر على الشعب المزيد من المعاناة. (2) الأمر الثاني هو دعم الوحدات العسكرية المنشقّة، وذلك بتوفير العتاد والذخائر بما يمكّنها من الاستمرار في حرب العصابات التي تنفذها الآن وتساعدها على حماية المدنيين. إذا لم يبلغ الجنون بالنظام درجة دكّ المدن بالطيران الحربي وبالصواريخ فلا نريد منكم إلا ما سبق، أما لو فعل فسوف تتغير كل قواعد اللعبة، وعندئذ لكل حادث حديث.

=========================

يوميات فيسبوكي

بقلم :: مواطن تعرض لجرعة زائدة من القمع وما زال يعاني شيئا من الجبن.

(الحلقة الأولى)

بدأت الثورة وكانت السلطة قد استبقتها برفع الحظر عن الفيسبوك وكانت التحليلات والتخمينات عديدة فمن قائل إن السلطة فتحته لتكشف المعارضين ولتجعلهم تحت مراقبتها، وآخر يحلل فيقول فتح لتترك المجال للمنحبكجية لمساعدتها في حربها الإلكترونية أو أنها حركة دعائية إعلامية حتى لا تُتهم السلطة بذلك الحظر وتلام عليه وخصوصا أنها تعلم أن أغلب السوريين يستعملون كاسر البروكسي......!

أما أنا فمواطن مهذب ومؤدب أدخل الشبكة العنكبوتية ولا أستعمل كاسر البروكسي وأكتفي بما تجود به علي السلطة من مواقع مسموحة، صحيح أني أتجرأ أحيانا (وهذا سر بيني وبينكم ونعوذ بالله من الزلل فالمعصوم من عصمه الله!)وأدخل خلسة على النسخ المخبأة على الغوغل التي تتيح قراءة بعض المقالات والمعلومات المحظورة الموجودة في مواقع محظورة، لكن ذلك وللأسف لم يدم طويلا إذ سرعان ما طال الحظر النسخ المخبأة أيضا، لكن! عندما فتحت السلطة الفيسبوك ترددت كثيرا قبل أن أحسم أمري وأنشئ حسابا فيه باسم مستعار، حيث قلت في نفسي أنا مواطن مهذب ومؤدب فما الضير في دخولي على الفيسبوك طالما أنه ليس محظورا وسأكون حذرا وحريصا على أن لا أتجاوز خصلتي التهذيب والأدب في أي نشاط أقوم به، إنه مجرد حساب يمكنني من معرفة هذا الفيسبوك (قاهر الحكام والمستبدين) الذي أطاح بمستبدين اثنين حينها ويهم بإطاحة الباقين، مجرد حساب حرصت فيه أن لا أضغط فيه على "أعجبني" ولا موافقة على طلب صداقة ولا كتابة "بوست" أو تعليق مهما كان الخبر مستفزا, ولا أذيع سرا كم كانت أناملي "تأكلني" وقلمي يستصرخني كي أعلق على أحد الأخبار, ولكن دون جدوى حيث بقيت صابرا صامدا مهذبا مؤدبا أمام كل الاستفزازات والمغريات, إلى أن قامت السلطة بعدوانها الفاجر على قرية البيضا في مدينة بانياس. يتبع

----------------------

(الحلقة الثانية)

عندما قامت السلطة باقتحام بلدة البيضا في مدينة بانياس، وظهر فيديو من ساحة في قرية البيضا يبين مجموعة من الأوباش المسلحين يشتمون ويعتدون على المواطنين المقيدين ويدوسون عليهم إمعانا في التعذيب والإذلال, ثم يفاجئنا المحللون الإستراتيجيون وخبراء التزوير والفبركة على قناة الدنيا أن هذه المشاهد حقيقية فعلا! إلا أنها ليست في سورية وأكد الجهبز الاستراتيجي أنها من شمال العراق وأن هؤلاء الأوباش المسلحين هم من البشمركة من كردستان العراق! وأكد أحد المتصلين وبلهجة تكاد تقطر (صدقا!!!؟) أنه من قرية البيضا ولا يوجد فيها مثل هذه الساحة أصلا، فتهلل وجه المذيع الفلتة قائلا "وشهد شاهد من أهلها". ثم ظهر فيديو آخر يظهر البشمركة المزعومين في نفس الساحة لكن دون المواطنين وهم يهللون بالنصر ويهتفون للقائد الفذ،(يا سبحان الله! يبدو أن له شعبية عند البشمركة أيضا!!! ) لكن سرعان ما جاءت الطامة الكبرى حيث ظهر فيديو لنفس الساحة لكنها خالية تماما إلا من أحد المواطنين الذي ظهر بوضوح في المشهد الأول وكان له النصيب الوافر من التعذيب والإهانة وقف ليقول مبرزا هويته الشخصية "أنا أحمد البياسي وهذه الساحة في قريتي البيضة في مدينة بانياس وتكلم كيف عاث الأمن والشبيحة في قريتهم فسادا وتنكيلا واعتقالا، " . فأسقط في يد قناة الدنيا الكاذبة إلا أن ذلك طبعا لم يثنيها عن متابعة الكذب وتشويه الحقائق وكأن شيئا لم يكن، وبعد عدة أيام تناقلت القنوات الإخبارية (التحريضية والمغرضة والمتآمرة على النظام السوري) أن الشاب أحمد البياسي رهن الاعتقال ويحتمل أنه قد قتل في أقبية المخابرات تحت التعذيب على أيدي الأمن السوري. هنا سارعت السلطة وعلى القناة الفضائية السورية لتظهر تسجيلا يبدو فيه أحمد البياسي بصحة جيدة نافيا خبر اعتقاله فضلا عن موته تحت التعذيب. الحقيقة إن السلطة أثبتت للعالم أن تلك القنوات الإخبارية الآنفة الذكر تنقل أخبارا قد تكون كاذبة، إلا أنها أثبتت في نفس الوقت أن قنواتها لا تنقل أخبارا قد تكون كاذبة فحسب بل إنها مصدر للأخبار الكاذبة والمفبركة!!. إن المتأمل للمشهد إذا وجد عذرا للقنوات الإخبارية مثل الجزيرة والعربية وفرانس 24 وغيرهم لإذاعة أخبار على ذمة مصدرها والتي لا يمكن التأكد من صحتها حيث إنهم ممنوعون من العمل في بؤرة الأحداث وتغطيتها بشكل مباشر، فناقل الكفر ليس بكافر وخصوصا أنها قنوات إخبارية تعيش على الخبر؛ لكن ما هو عذر السلطة بنقل أخبار كاذبة وهي في قلب الحدث بل هي طرف فيه ولديها الحقيقة التي لا شك فيها؟ ماذا تريد السلطة أن تخفيه عن العالم؟ وهل ما تخفيه يدينها أم يدين المعارضة؟ هل تريد السلطة أن تتستر على المجموعات الإرهابية المسلحة التي تعيث فسادا على كامل التراب السوري والتي يقول معارضوها أنهم من الأمن والشبيحة؟ أم تريد أن تخفي وجود مظاهرات سلمية تطالب بالحرية والكرامة؟. يتبع

----------------------

(الحلقة الثالثة)

عندما رأيت الشاب أحمد البياسي يبين الحقيقة ويفند مزاعم السلطة بكل جرأة متحديا لها ومعرضا نفسه لغضبها وانتقامها، أكبرته واحترمته كثيرا وفي نفس الوقت استصغرت نفسي وخجلت من جبني وتقاعسي بل من تخاذلي واستكانتي للذل والهوان, ولكن عندما تناقلت وكالات الأنباء والقنوات الإخبارية نبأ اعتقاله واحتمال استشهاده تحت التعذيب، شعرت باستفزاز قاتل وأحسست أن في صدري مرجلا يريد أن يتفجر من الغيظ والغضب, رأيتني وبلا تفكير وبحركة لا إرادية أدخل على الإنترنت وأضغط على "أعجبني" في صفحة كلنا أحمد بياسي وبالمناسبة كانت هذه أول "أعجبني" أتجرأ عليها! ثم رأيت قلمي يجري أوتوماتيكيا بكتابة التعليق التالي:" أنا أريد أن أنصح السلطة رغم أن ذلك خيانة للثورة السورية أن تحافظ على حياة أحمد البياسي أو تطلق سراحه فورا لأنه إذا كان محمد البوعزيزي هو شرارة الثورة التونسية فإن أحمد البياسي هو وقود لا ينضب للثورة السورية مادام مفقودا". بعد أن ضغطت زر الإدخال دون تردد, انتبهت فجأة لما حدث وما فعلت بنفسي وتذكرت المثل العربي المشهور "يداك أوكتا وفوك نفخ" ولهذا المثل عندي ذكرى أليمة سأحدثكم عنها لا حقا. وباعتبار أن هذا أول تعليق أتهور وأقدم عليه لم أكن أعلم أنني أستطيع حذفه فورا ومن ثم تلافي هذا الزلة العظيمة والخروج من هذه الورطة! ثم لما أنهيت عملي توجهت تلقاء بيتي خائفا متوجسا أراقب وجوه الناس لأرى في كل شخص أقابله مخبرا أو رجل أمن يتربص بي, أخيرا وصلت منزلي ودخلت بسلام وأنا أخاطب نفسي وأطمئنها "يا لك من رعديد جبان هل من المعقول أن الأمن يراقب خمسا وعشرين مليونا على الشبكة العنكبوتية ثم يعتقلون كل من يتجاوز حدود التهذيب والأدب بهذه السرعة الخارقة ". تناولت طعام الغذاء بلا شهية وفجأة رن جرس البيت وسمعت زوجتي تقول رجلان غريبان بالباب يسألان عنك!!!!!!!!!! يتبع

----------------------

(الحلقة الرابعة)

عدت من عملي مرهقا مكتئبا، وتناولت طعام الغذاء بلا شهية وفجأة رن جرس البيت وسمعت زوجتي تقول رجلان غريبان بالباب يسألان عنك، هرعت مسرعا وأن أضرب أخماسا في أسداس:من هذان الغريبان الذن يطلباني في هذه الساعة؟

أطللت من باب منزلي على رجلين في الثلاثينات من العمر بملامح هادئة ويتأبط كل منهما مفكرة يومية، بادرني أحدهما بأدب جم: عفوا استاذ على الإزعاج! نريد منك خمس دقائق فقط, عندما سمعت كلمة خمس حقائق دخلت لثوان في شبه غيبوبة استعرضت فيها شريطا لحوادث من حياتي جرت منذ أكثر من ربع قرن حيث جاءني يومها غريبان مماثلان في الشكل والأدب وأبلغاني ضرورة مراجعة فرع التحقيق السمكري فلما سألت عن السبب أكدا لي بكل لطف! أن الأمر هين مجرد خمس دقائق مع المعلّم. راجعت بعدها الفرع المذكور لأكتشف في البداية أن هذه الخمس دقائق قد تطول أياما بل أسابيع! ثم مالبث تلك الخمس تتطاول حتى اعتقدت أنها ستستغرق أعواما إن لم تستغرق العمر كله؛ لأتفاجأ بانتهائها بعد حوالي ثمان سنوات بعفو شملني من الرئيس جينتاو الأب! وكان لزاما علي أن ألهج بالشكر والامتنان والهتاف له بالحكم المديد والعمر السعيد (والخلف البليد!)على تفضله بإخراجي من مكان أشبه بفندق سبعة نجوم أو أكثر، طبعا مع استبدال كل نجمة بجمجمة متربعة على عظمتين متصالبتين، ذلك الفندق كان بإدارة كائنات يمكن وصفها تجاوزا بالبشرية من حيث الشكل فقط, وإذا أردت أن أمتدحهم وأثني عليهم فإني أصفهم بأنهم مجرمون أو قذرون أو حاقدون أو.....، أعتقد أن قلمي ومعه كل قواميس الشتائم في العالم وبكل اللغات الحية والميتة, أعجز من أن تأتي بوصف مناسب! استفقت من غيبوبتي بحالة من الذهول والخدر ينتاب كل جزء من جسمي على قول أحدهما مكررا اعتذاره عن الإزعاج في هذا الوقت وبدون موعد، فهوّنت عليهما ورحّبت بهما وأدخلتهما غرفة الضيوف, وهرعت داخل المنزل لألقي شيئا على عاتقي، وأنا أقول أبهذه السرعة؟ ماهذه القدرة الهائلة على المراقبة؟ أم هي من قبيل الصدفة؟ أم كما يقولون"اللي بيخاف من العفريت بيطلعلو " ؟ المهم وأنا في طريق العودة وقبل أن أفتح باب غرفة الضيوف وددت لو يبقى مغلقا للأبد، انتابتني غيبوبة أخرى خاطبت فيها نفسي : ماذا فعلت بنفسك؟ هل الضغط على زر "أعجبني" سينقذ أحمد البياسي؟ أم أن تعليقك العتيد سيكلل الثورة بالنجاح؟ كيف أقدمت على هذا العمل المتهور وإنك لأنت الحليم الرشيد؟ تفضل وواجه مصيرك المحتوم والمشؤوم! فعلا كما قال لي المحقق موبخا عندما كنت فيما وراء الشمس: "يداك أوكتا وفوك نفخخخ! يداك أوكتا وفوك نفخخخخخ! يداك أوكتا وفوك نفخخخخخخخخخ! ....... " وأخذ يكررها علي مرارا وتكرارا حتى أصبحت كقرع الجرس يدوّي في رأسي لا يفارقني بكرة وعشيا، وحتى الآن أنتفض من هذا المثل المرعب كلما خطر ببالي أو ذكر عرضا أمامي. يتبع

---------------------

(الحلقة الخامسة والأخيرة)

بعد أن استفقت من غيبوبتي الثانية فتحت باب غرفة الضيوف وجلست محاولا إخفاء قلقي وتوجسي من هذه الزيارة وقد فعلت ما فعلت ولا سبيل لإنكار ما اقترفته يداي بحق الوطن من تآمر وخيانة وترويج لشائعات كاذبة والنيل من هيبة الدولة ومحاولاتي المشبوهة في إضعاف الحس والشعورالقومي وتوهين عزيمة الأمة (يا إلهي ما هذه الأمة التي يوهنها نقرة على "أعجبني" في الفيسبوك،أو صرخة من أجل الحرية! ماهذه الهشاشة التي وصلت إليها الأمة وما السبب يا ترى؟؟)وتخريب الاقتصاد و الاعتداء على الثوابت القومية والوطنية والتشكيك بالدور المقاوم والممانع والمتصدي للسلطة في مواجهة القوى الاستعمارية والصهيونية العالمية والإمبريالية والإرهاب العالمي ......... إلى آخر هذه القائمة من التهم التي تنتظرني حالا وحتما، بادرني أحدهما قائلا مهدئا من روعي وكأنه لاحظ اضطرابا في كلامي أو اصفرارا في وجهي :

لن نطيل عليك كثيرا فقط بضعة أسئلة!

أجبته محاولا المحافظة على رباطة جأشي وتوازني ولكن هيهات هيهات!: تفضل ما الأمر؟

قال: هل تعرف فلان؟ قلت في نفسي يا إلهي! إنه جاري وماذا يريدون منه هل هو الآخر ناشط خطيرعلى الفيسبوك مثلي, وقرروا اعتقالنا سوية؟ ثم تتابعت الأسئلة عن عمله وأفراد أسرته وأصدقائه وأخلاقه وهل له مشاكل و.......ثم طلبا مني ألا أخبره بهذه المقابلة, ثم اعتذرا مني ثانية وودعاني وانطلقا. وتركاني وأنا بحالة من الذهول أتصبب عرقا باردا! للوهلة الأولى شعرت بشيء من الاطمئنان وأنها مجرد دراسة روتينية عن جاري يقومان بها, إلا أني لم أطمئن تماما حتى أخبرت جارى فورا رغم تأكيدهما أن أكتم الخبر عنه، فأجابني لا تقلق أنا أعمل في مركز حساس وهذه الدراسة يجرونها بشأني عدة مرات في السنة!!!!!

يا إلهي!! هل يمكن أن يودي الجبن والخوف بالانسان لهذه الدرجة من البؤس وشلل التفكير؟ لدرجة الاعتقاد أن رجل الأمن على كل شيء قدير وأنه بكل شيء عليم!!أستغفر الله وأتوب إليه، سبحانك ربي إن الجبن لذنب عظيم.

أخيرا لا أريد أن أتمثل بالنعامة وأقلل من قوة الأمن وهيمنته وسيطرته، حيث مارس وما يزال أبشع وأقذر وسائل البطش والإرهاب ضد معارضيه, لكن فرق كبير بين الخوف والحذر والأخذ بأسباب الحيطة, وبين الجبن والاستسلام لمخاوف وهمية نصنعها بأيدينا ثم تأتي الظروف ووسائل القمع لتعمقها وتضخمها, لتجعلنا أناسا مسلوبي الإرادة مسيرين للآخرين عاجزين عن أي فعل حر كريم.

كما أريد أنوه أيضا إلى أن هذا الكم الهائل من التشويه المتعمد لشخصية المواطن العربي, والذي استمر سنين عديدة نتيجة القمع والتنكيل, قد زال فجأة خلال أيام من بداية ثورة الشباب, حيث واجهوا الرصاص الحي بصدورهم العارية بشجاعة لا تصدق، أذهلت العالم وأخجلت الجبناء والمترددين, ونفضت عن الأمة غبار الجبن والذل والهوان, فالشكر كل الشكر لهم بعد الشكر لله.

ويحضرني في هذا المقام قول الصحابي الجليل خالد بن الوليد سيف الله المسلول وهو على فراش الموت: " لقد شهدت كذا وكذا مشهدًا وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، أو رمية سهم، وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت العير، لا نامت أعين الجبناء". انتهى

=================

هل ستنهار مشاريع السلام بين العرب وإسرائيل ؟

د. صالح بكر الطيار

 الملاحظ من خلال تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ان اسرائيل تمر بأزمة كبيرة قد تنعكس سلباً ليس فقط على معاهدات السلام التي سبق ووقعتها مع بعض الدول العربية مثل مصر والأردن بل ايضاً على مشاريع السلام مع الفلسطينيين ، وعلى مفاوضات السلام مع سورية التي كانت تتم برعاية تركية . والتطورات السلبية لهذا الواقع ستشكل احراجاً كبيراً للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين . فإسرائيل بزعامة نتانياهو وحلفائه من اليمين المتشدد قد اجروا قراءة خاطئة لما يشهده العالم العربي والإسلامي من تحركات ، وظنوا انهم يمسكون بدفة الأوضاع ويديرونها وفق ما تقتضي مصالحهم ، ولكن الوقائع اثبتت غياب الرؤية الإستراتيجية الصحيحة لدى قادة تل ابيب ، فكان من نتيجة ذلك غرق اسرائيل في بحر من الأزمات من غير الواضح كيف ستخرج منه . فالقراءة الإسرائيلية للثورات العربية كانت ترى ان نتائجها ستكون لمصلحة اسرائيل ، وقد افصح عن ذلك بوضوح العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بقوله : "عندما كنت في الولايات المتحدة تحدث معي أحد المثقفين الإسرائيليين وقال إن ما يجري في الدول العربية اليوم سيصب في مصلحة إسرائيل، وأجبته بأنني أرى العكس، فوضعكم اليوم أصعب من ذي قبل ". وصدقت توقعات العاهل الأردني إذ بدأت مصر تشهد تباشير تحول في الموقف من اسرائيل بعد نجاح الثورة وعزل نظام حسني مبارك حيث تجلت الخطوة الأولى بالحدث الذي ادى الى وصول بعض شباب ثورة مصر الى سطح سفارة اسرائيل في القاهرة ونزع العلم الإسرائيلي ووضع علم مصر مكانه ، ومن ثم كانت الحركة الثانية التي أدت بعد ذلك بأسابيع قليلة الى دخول ثوار مصر الى داخل السفارة وترديد هتافات تطالب بإلغائها ، وبوقف كل اشكال التعامل مع اسرائيل . ولعل هذا ما دفع لاحقاً برئيس وزراء مصر عصام شرف الى القول ان اتفاقية كمب ديفيد ليست نصاً مقدساً وأن بالإمكان تعديله . ولكن هل التعديل سيقنع شباب مصر اليوم ويتقبلوا استمرار عمل سفارة تل ابيب وسط القاهرة ؟ وهل ستستطيع مصر اليوم لعب دور الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين كما كان يفعل حسني مبارك ؟ أم ان مصر عادت لتلعب دور الطرف في مواجهة اسرائيل ؟. والقراءة الإسرائيلية لحجم ردود الفعل التركية على ما ارتكبه الجيش الإسرائيلي بحق نشطاء اسطول الحرية كان مخطئاً ايضاً إذ ظن القادة الأسرائيليون ان الزمن كفيل بتيريد الحماس التركي لمجرد ان يصدر تقرير محرَف عن التحقيق في الجريمة ، ولكن جاءت الوقائع مخالفة حيث اصرت انقرة على تلقي اعتذار من تل ابيب . ولما تمنعت هذه الأخيرة كانت النتيجة طرد السفير الإسرائيلي ووقف كل اشكال التعاون بين البلدين بما فيها الإقتصادية والعسكرية . وبذلك خسرت اسرائيل حليفاً اقليمياً كان يشكل لها جسر عبور بإتجاه العالمين العربي والإسلامي ، ناهيك عن المردود الإقتصادي والإستراتيجي .وكانت قراءة اسرائيل خاطئة ايضاً بشأن الأردن إذ تارة تعاطت معه على انه الوطن البديل وتارة بعدم الإعتراف بحق ملايين اللاجئين الذين يعيشون على ارضه بالعودة الأمر الذي انفجر غضباً في الشارع وأدى الى المطالبة الشعبية بإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان . وإضافة الى ما تقدم كانت السياسة الإسرائيلية الخاطئة والقائمة على عمليات التسويف الدائمة لكل مساعي السلام مع الفلسطينيين ، ومواصلة احتلال اراضي 1967 وبناء المستوطنات عليها ، وقضم القدس الشرقية الى ان وصلت الأمور عربياً وفلسطينياً الى تبني مشروع اعلان دولة فلسطينية مستقلة عبر الأمم المتحدة مما يعني في القوانين الدولية تحول الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية الى وجود محتل . وحول هذه المسألة الأخيرة تمارس الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية الكثير من الضغوطات على العرب وعلى السلطة الوطنية الفلسطينية من اجل عدم الذهاب الى الأمم المتحدة لقاء ان يعاد تفعيل مفاوضات السلام . ولكن هذه الضغوطات لم تثمر بعد عن أية نتائج ايجابية للأسباب التالية :

- انه لم يعد امام الفلسطينيين من حلول أخرى لتأسيس دولة مستقلة سوى الأمم المتحدة لطالما ان كل مفاوضات السلام لم تكن سوى مضيعة للوقت .

- ان العودة مجدداً لطاولة المفاوضات يعني العودة الى سياسة المماطلة حيث لم تقدم لا واشنطن ولا بروكسل اي ضمانات للفلسطينيين .

- تلويح العرب باللجوء الى الأمم المتحدة قد عرّى اميركا والأوروبيين الذين كانوا دائماً يعدون بقرب اعلان دولة فلسطينية مستقلة ، وكشف عن عدم رغبة حقيقية بإيجاد حل نهائي لأزمات الشرق الأوسط ، وبإنحياز هذه الأطراف الى مصلحة اسرائبل فقط . ثم هناك المتغيرات التي حصلت في تونس والتي لم تعد تسمح ان يعتبر هذا البلد نفسه غير معني بالصراع العربي الإسرائيلي كما كان عليه الحال مع نظام زين العابدين بن علي . وضيعت اسرائيل فرصة التوصل الى سلام مع سورية لأن أي نظام سيأتي لن يقبل بأقل ما كان يطالب به النظام الحالي. يضاف الى ذلك وضع لبنان وإصرار اسرائيل على الإحتفاظ بأرضه في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وتتزامن الإخفاقات السياسية مع اشتداد الحركات المطالبة داخل اسرائيل بتحسين الأوضاع الإجتماعية والسياسية والتي نظمت حتى الأن عدة تظاهرات مليونية . كل هذه المؤشرات تفيد ان اسرائيل تمر بأزمة كبيرة ومن الممكن ان يستغلها العرب لمصلحتهم فيما لو اولوا هذه المسألة الأهمية التي تستحقها حتى وإن كان لديهم الكثير من التباينات بشأن ملفات أخرى .

رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي

====================

إلى بشار وإخوانه : زمن الذل ولّى

عصام بن صالح العويد

حين وصف داهية العرب عمرو بن العاص رضي الله عنه الروم كما في صحيح مسلم وقد عد أربعاً من مناقبهم ثم قال : "وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ ، وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ" ، وهذه الخصلة الجميلة هي التي أثنى الله على عباده المؤمنين بها في قوله تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) الشورى .

 

إن ما يفعله أبطال سوريا من الوقوف في وجه الظلم وعدم الرضوخ للذل ورفض الخنوع والركوع (لن نركع) هو جزء من حقهم الذي كفله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم وبل وكفلته كل الدساتير الأرضية العادلة (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [الإسراء : 70] ، وفي صحيح مسلم "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : (فلا تعطه مالك) قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : (قاتله) ، قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : (فأنت شهيد) ، قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : (هو في النار) .

 

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد"

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن سُئل عن أفضل الجهاد فقال : "قال كلمة حق عند ذي سلطان جائر".

 

وثبت في المحلى من طرق أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أرسل إلى عامل له أن يأخذ "الوهط" أرض لعبدالله بن عمرو ، فبلغ ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فلبس سلاحه هو ومواليه وغلمته , وقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من قتل دون ماله مظلوما فهو شهيد".

 

نعم لن يرضى هؤلاء الطغاة الطغام بذلك ، وسيحركون جيوشهم التي غذوها من أموال الشعوب عشرات السنوات لينحروهم بها ، من أجل إسكات كلمة الحق ولجم المطالبين بالعدل ، ومهما كانت المطالب سلمية فسيحصل بسببها مآسي وتسيل دماء ، ولكنها سنة الله في الأرض (ولَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) [البقرة : 251] ، ويجب تقليل الخسائر بأكبر قدر ممكن فالروح عند خالقها غالية.

 

لقد استغرقت الثورة الفرنسية عشر سنوات من سنة 1789 وانتهت سنة 1799 ، قتل فيها أكثر من 30 ألف شخص ، ونجحت وفشلت ، وخانت مبادئها مراراً ، وحصلت كوارث نسأل الله السلامة منها ، لكنها في آخر المطاف كانت درساً حياً قلب موازين العالم .

 

والتنبيه هنا بالنسبة لنا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ على مسألة النية وعظم أثرها (فإنما لكل امرئ ما نوى) ، فليس من شارك لتكون كلمة الله هي العليا ، كمن شارك لأجل مطعم أو مشرب أو حرية ، فهذه الثانية خير في الدنيا لا يتجاوزه ، وأما الآخرة فليس له فيها نصيب (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [البقرة : 200 - 202].

 

فمن حسنت نيته فليبشر ، فهل خير من عيش الكرامة ؟ أو نيل الشهادة التي تمناها صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ؟

 

لقد أرسل الله برحمته هذه العدسة لتكون أقوى أثرا من الرصاصة ، ولتكشف من أي أنواع الكائنات هذه المخلوقات القذرة ، لقد فعلت التغطية الفردية للأحداث فعلتها فحركت أمماً و دولاً بأكملها وصدق الله إذ يقول (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) [الفتح : 7]

 

وتشتد الحاجة في مثل هذا الظرف لتفعيل مبدأ الجسد الواحد ، فما يجري في أي بلد له تأثيره الفعال على كل بلاد الإسلام ، فالدعم والمؤازرة لهذه المطالب المشروعة بكل ما أوتينا من قوة ضرورة ، وفي الحديث الصحيح "مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَءًا مُسْلِمًا ، عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ ، إِلاَّ خَذَلَهُ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَءًا مُسْلِمًا ، فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ ، إِلاَّ نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ" .

 

وقد كان لخطاب خادم الحرمين أثرا ملحوظاً على الناس في الداخل والخارج ، ويبقى تفعيل ذلك على كل المستويات خصوصا الشعبية ، ومن وسائل ذلك :

 

-كثرة الدعاء : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : 60] ، فلم يفصل الله بين الطلب والإجابة بأدنى فاصل (ادعوني) (استجب) ، وفي صحيح مسلم قال الفاروق : فما زال صلى الله عليه وسلم يستغيث ربه ويدعوه، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه، فردَّاه، ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك .

أتهزأ بالدعاء وتزدريه *** وما تدري بما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطي ولكن *** لها أمد وللأمد انقضاء

وذكر ابن الجوزي في (صفة الصفوة 2/136) أنه كان مع قتيبة بن مسلم في معركته الإمام محمد بن واسع، وقد كان قتيبة بن مسلم صاحب خراسان وكانت الترك قد خرجت إليهم فبعث قتيبة إلى المسجد لينظر من فيه، فقيل له: ليس فيه إلا محمد بن واسع رافعا إصبعه، فقال قتيبة: تلك الإصبع أحب إلي من مئة ألف سيف شهير وشاب طرير".

 

-الدعم بالمال .. الرهان في إسقاط هذا النظام الفاشي يدور حول (إفلاسه) ، وهمجيته وغباؤه أفقداه كثير من الأصدقاء ولم يبق له إلا دولة المجوس وأذيالها ، ومهما تنوع الدعم فإن نفقات الانتفاضة باهضة جدا ، وحاشية النظام بدأت في التفكك بسبب داء الرعب .

ونقل موقع "كلنا شركاء" الالكتروني، الذي تعتبره أطراف عدّة محسوباً بشكل غير مباشر على النظام السوري ، أن بعض الدول العربية بدأت من الآن، برفض العملة السورية المطبوعة عليها صورة حافظ الأسد ، وأن البنوك اللبنانية، لم تعد تصرف فئة «الألف» ليرة سورية، وهي أعلى فئة من العملة السورية، نتيجة التخوفات من ملامح سقوط النظام السوري، ما يعني أوتوماتيكياً سقوط جميع العملات التي عليها رموز من النظام السابق.

كما يذكر أن الصرافين في السوق السوداء في لبنان رفضوا تصريف هذه الفئة «الألف» قبل أكثر من شهر. أي قبل أن تبدأ البنوك اللبنانية بهذا العمل .

وأفادت وكالات الأنباء العالمية أن النمسا علّقت عقداً مع دمشق لتسليمها أوراقا مالية من الليرة السورية يطبعها احد فروع البنك المركزي .

وهذا هو التحدي الأكثر خطورة ، ولذا كان لزاما دعم الثورة بما نستطيع من المال حتى لا تنهار قبل انهيار النظام ، وهذا الدعم ليس له قنوات رسمية وإنما يجتهد الواحد بقدر طاقته وبحسب معارفه فيبعث من زكاته هناك ما يصبر بها إخوانه ، وحتى لا ينهار عامة الناس فإن الجوع كافر ، وقد يصبر الرجل بنفسه لكنه ينهار حينما يرى صغاره يتضاغون تحت قدميه ، وأيضاً قد قتل عدو الله بشار بشرا كثيرا من الآباء وأرباب الأسر ، فالناس بحاجة إلى إخوانهم يمدون يد العون لهم ، ومن سأل لن يُعدم الطريق .

 

يا ساسة الخليج .. سقوط أبطال سوريا يعني سقوطكم

 

إن الهلال الصفوي الإيراني يصارع من أجل ألا ينكسر ، وأبطال سوريا عازمون على كسره ، فلو قُدر – بعون الله - انتصار شباب سوريا فهذا أوان إنعتاقها من الخطر المجوسي ، وفي حال هزيمتهم – لا قدر الله - فقل على بلاد الشام سياسياً السلام ، وابشروا بالكيد الذي لا ينقضي شره .

 

أما شعبيا فنحن على يقين بأن قناع (المقاومة) الذي خدع به (خامئني) و(نصر اللات) فئاماً كثيرة من أبطال الشام وغيرهم قد انداس الآن تحت أقدامهم ، وظهر جلياً أن سكين المقاومة المزعومة عند الحقيقة التي لم تشوها أصباغ الزيف وعدسات المكر ؛ لا تعرف إلا نحرا واحدا لا ثاني له !! ، وهذا الفضح لهؤلاء القرامطة لو عملنا عليه عشرات السنوات وسخرنا له ميزانية دول لما أثمر ولو عُشر ما في قلوب الناس عليهم بعد هذه الأحداث ، وهذه واحدة من أعظم حسنات هذه الثورة المباركة ثبت الله أقدامها وبارك مسعاها وسدد دروبها .

وعند الله تجتمع الخصوم ،،

الرياض

=========================

لماذا الإسلام فوبيا يا شركاء الوطن ؟

محمد فاروق الإمام

قد لا يعرف البعض أن معنى مصطلح (الإسلام فوبيا) يعنى الخوف الشديد والهلع من الإسلام والريبة من كل من ينتسب إليه, وقد تجلى ذلك الخوف من الإسلام والمسلمين بأوربا وأمريكا في أعقاب أحداث عام 2001 والتي تسببت في انهيار برجي التجارة العالمي بأمريكا، والتي غيرت نظرة الغرب للإسلام وطريقة تعامله مع المسلمين, فأصبح كل شخص يقيم بأمريكا أو بأوروبا ينظر إليه بأن الأصل فيه الشك والريبة مادام يحمل اسماً إسلامياً أو ملامح عربية بغض النظر عن لونه وعرقه وهويته، وهذا لا ينسحب على جميع الأمريكيين أو الأوروبيين فهناك الكثيرون ممن يفصلون بين الإرهاب والإسلام.

وقد نلتمس بعض العذر لبعض الأمريكيين والأوروبيين لمن يخوفون من الإسلام ويتخوفون من المسلمين على ضوء هذه الأحداث التي لا يقرها الإسلام ولا يسعى إليها المسلمون، ولكن ما يحز بالنفس أن نسمع من بعض شركائنا في الوطن مثل هذا التخوف، فقد استمعت إلى بعض رموز المعارضة في الداخل في المؤتمر الأخير الذي عقد في غوطة دمشق وهو يلقي كلمته العصماء محذراً من (الإسلام فوبيا)، وكأن ما يحدث في سورية من مجازر وحشية يرتكبها النظام بحق الشعب السوري هي أقل أهمية عند هذا الرجل من التخويف من الإسلام والمسلمين، الذين بزعمه هم من سيكونون البديل بعد سقوط النظام ورحيل بشار الأسد، وهذا ترديداً لادعاء النظام وبعض أصدقائه والتخويف منه، وقد فعل ذلك نظام زين العابدين بن علي في تونس ونظام حسني مبارك في مصر ونظام معمر القذافي في ليبيا، ولم يلمس العالم من الإسلاميين في تلك البلدان الثلاث بعد نجاح الثورة أي مطامع أو طموحات للإسلاميين في تصدر المشهد أو السعي للإمساك بمقاليد الأمور أو التفكير حتى بالترشح إلى مناصب الدولة العليا في هذه البلدان، وأعلنوا عن ذلك صراحة وفي وضح النهار ليتيحوا الفرصة للآخرين كي يصلوا إلى هذه المراكز زهداً بها رغم معرفة الجميع من أن الإسلام وشعاراته كان حديث الثوار في هذه البلدان وهم يقارعون هذه الأنظمة المستبدة وأن الشباب المسلم هم من كانوا في مقدمة ضحايا هذه الأنظمة ولعقود مضت، وكانوا في مقدمة من تجرعوا عذاباته وجراحه وآلامه من قتل وسجن واعتقال وتشريد وقمع ونفي لعقود زادت على خمسين سنة.

لقد رحبت بكل مؤتمرات المعارضة التي عقدت في خارج سورية وفي داخلها إيماناً مني بأن هذه المؤتمرات وهذه اللقاءات قد تعيد إلى العقل السوري الخضرة والنضج بعد تصحر فكري لأكثر من نصف قرن أغلق على فكر سادي بني على إطفاء سُرج العقول والإقصاء وعدم القبول بالآخر ووصم المخالفين بالخيانة والعمالة والرجعية، في إطار علماني ممسوخ أراده النظام أسلوباً فريداً لم يسبقه إليه أحد في كل أنظمة الحكم في العالم لحكم سورية.

وحتى المؤتمر الذي عقده الإخوة العلمانيين في باريس رحبت به وباركته لاعتقادي أن هذا من حقهم أن ليكون لهم هيئة موحدة تنطق باسمهم ويسهل التعامل والحديث معها للانخراط في مجلس وطني موحد يجمع كل أطياف المعارضة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بأسرع وقت ممكن، وهذا ما يلح عليه الثوار في الشارع الذين يقدمون أرواحهم ودماءهم ومعاناتهم اليومية من قمع نظام سادي لا يعرف إلا لغة القتل والذبح والتنكيل والتدمير والتخريب وحصار المدن وتقطيع أوصالها وحرمان أهلها من الماء والغذاء والدواء والكهرباء والاتصالات.

وكلمة أخيرة أقولها لشركائنا في الوطن أن يتجنبوا كل ما يفرق ويسعون إلى كل ما يجمع ويوحد، فكل هذه المهاترات وهذه الدعاوي التي يقوم بها البعض – عن قصد أو غير قصد – تصب في مصلحة النظام وتخدم أجندته وأهدافه ومراميه وتطيل عمره، ويزيد في عدد الضحايا وتراكم المعاناة للثائرين في سورية.

ولطالما أن هدف الجميع هو إسقاط النظام والسير في طريق انتزاع الحرية والفوز بالديمقراطية والسعي لإقامة دولة مدنية تقوم على التعددية والتداول السلمي للسلطة وهوية المواطنة، بغض النظر عن العرق والدين والمذهب والطائفة والاعتقاد دون إقصاء أو تمييز أو مفاضلة أو معايير لكثرة أو قلة أو ضعف وقوة، فإنني لا أجد أي مسوغ ليخوف بعضنا البعض من فوبيا علمانية أو فوبيا ليبرالية أو فوبيا قومية أو فوبيا إسلامية، طالما أن الجميع سيحتكمون (في اللعبة الديمقراطية) إلى صناديق الاقتراع وكلمة الشعب هي الحكم الفصل الأخيرة التي سيقبل بها الجميع.

===================

إشكالية الحوارمع الآخر

رقية القضاة

يعتبر الحوار البناء الهادف ، المليء بالتفهم للآخر، والاحترام لآداب التداول المعرفي ، والتناول الموضوعي للمواضيع المطروحة، يعتبرمقياسا لرقي المتحاورين ، وحرصهم الصادق على الوصول إلى الحقيقة المجردة عن الغموض والزيف ، وعليه فإن سمات المتحاورين، وطريقة تفكيرهم ،تبدوا اكثر جلاء ووضوحا عند إحتدام النقاش و وصول الطرفين إلى نقطة الخلاف التي يدور الحوار حولها ، وهنا تتبلور الشخصيات المتحاورة ،مابين محاور واثق من رأيه ،واضح الفكرة ،بليغ العبارة حريص على إيصال الفكرة الى الآخر، ومابين داخل الى حلبة صراع، يحسب ان آراءه لابد لها من صوت هادر ،وكلمة نابية ،وارِغاء وازباد وشتم واحتقار للآراء [ المعادية] حتى تصل إلى الاسماع وتملأ الاذهان .

ومابين متبنّ لأفكار ليست له ، مناد على بضاعة غيره ،يتخذ من النفاق والتزيين الخادع والمظهر البراق للكلمات، مدخلا للحوار الاجوف ،الذي لا يشعره هو نفسه بصدق فكرته ولا بنبل هدفه ، وما بين محب لفكرة سامية مشفق على مصيرها ،ساع لإيصالها لغيره ،حريص على إظهارها ،ولكنه غير متمكن من أدوات الحوار، ولا من إبداعات البيان المؤثرفي الآخر، وهكذا تجد الحوار وقد دخل في أزمة الفوضى، وإشكالية الأنا ، والجمود والتشنج ،وانعدام التفهم ، فيفقد الهدف الذي قام من أجله ، والمصداقية اللازمة لإنجاحه .

ولأن الإنسان هو الناطق الوحيد بين باقي الكائنات ،فإن اللغة هي الوسيلة الامثل لديه في التعبير والبيان ، وبما أن اللغة مليئة بالمفردات المصنفة مابين لغة راقية إنسانية اللهجة ، ندية التعابير، سهلة الاستيعاب ،ومابين لغة سوقية المفردات ،همجية المعاني ،إستبدادية الإقناع ، تقول للآخر مااريك إلا ما أرى وإلا فأنت مخطيء مرفوض الرأي منبوذ الفكر

وهكذا يفقد الحوار نكهة الرقي ، وإمكانية الإستمرار، وبالتالي تظل المعسكرات الحوارية المتحاربة على شفا الإصطدام المدمر لآخر خيط من خيوط التفاهم والتواصل ، وتلاقي الأفكار المبدعة ، وتآخي النقاط الجامعة لكل الأطراف على هدف واحد ، وهو الوصول إلى الحقيقة.

لقد ذكر القرآن الكريم لنا الكثير من الحوارات التي دارت بين متحاورين مختلفي الأفكار والمعتقدات ، والأهداف والغايات ، وحمل كل حوار روحا خاصة به ، فيها معانيه ومنطقيته عند هذا الطرف او ذاك ، ابتداء من تلك المحاورة بين الخالق العظيم وملائكته الأبرار [اذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الارض خليفة] ، لقد جاءت الفكرة واضحة كل الوضوح ، والغاية منها لا لبس فيها ولا حتمالات ،وجاء السؤال المستفسرعن وجه الحكمة وليس المستنكر للفكرة[اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ] ؟ويأتي الرد المقرون بالدليل على صلاحية الفكرة ، وحكمة الخالق واستحقاق الإنسان للخلافة وقدرته عليها، وتوج الحوار بالاستسلام التام لامر الله .

وقد يقول قائل هذا امر الله ، والملائكة معصومون عن الخطأ، وبديهي ان يستسلموا لامر الله ويصدقوه سبحانه ، فنقول إن الملائكة لم تعص الله تعالى بسؤالها ، ولم تفكر اصلا بالمعصية، ولكن الله تعالى يضرب الامثال للناس ،ويعلمهم وهذا الحوار يعلمنا ان الامور فيها تحاور، وان الاراء قابلة للاستفسار، فاذا كان الله سبحانه قد قدم الدليل للمتسائل وطالبنا بالبحث عن ادلة وجوده وحكمته سبحانه ، وهو العلي العظيم الحكيم ،الذي امره كن فيكون ، فنحن البشر الضعاف القابلين للخطا والصواب ، والضعف والتغير، والجور وقصور الادراك ،حري بنا ان نتحاور ونقدم الادلة ، ونرتقي باسلوب الطرح ،ويعذر بعضنا بعضا في الإختلاف ،وناخذ باسباب نجاح الحوار ، ونقبل حجة غيرنا ان كانت اصح ،ونرفض بقوة مقنعة وصريحة وواضحة الادلة كل مافيه مساس بثوابتنا العقائدية ، ونوسع صدورنا للاراء التي تحتمل اوجه عدة .

ولقد فصل لنا القرآن الكريم الكثير من المحاورات ،التي تواجه فيها الفكر السليم والحجة والبرهان الجلي والعلم الغزير والمنطق السديد ،مع الجهل والتحايل والتشنج والعدوانية الفكرية والنظرة المتعالية ، لكل مخالف ، والاسلوب المتهم لغير المؤيد، كحوار موسى عليه السلام مع فرعون، ولا تزال الارض ملأى بالفراعنة،وأهل الحجة والبرهان، وحوار رجلي سورة الكهف المؤمن والملحد ، ولا تزال الدنيا تخجل بالملاحدة وتزهو بالمؤمنين ،ومابين الظالم والمظلوم، كابني آدم الشهيد والقاتل ،وما تزال الأرض مخضرة بدماء الشهداء ، ضائقة بالقتلة ، ومابين المجادلة عن حقها ، وولي الأمر القادر على إنصافها ، ولا تزال الأرض تنعم برحمة السميع العليم، وعدل شرع الرسول الرحيم ،وجراة المطالبين بحقوقهم دون ان يخشوا على انفسهم حيفا من الله ورسوله ، والأمثلة كثيرة من القران والسنة والسير والمآثر، التي نفتقدها في ايامنا هذه بين المتحاورين حتى من حملة الفكر الواحد وذوي الغاية السامية نفسها .

إن ما اود قوله لكل من يؤمن بالحوار كوسيلة لاثراء التجربة لانسانية ،وكرافد حضاري لمسيرة الأمة الواعدة وكمغيّر إيجابي لوجه البشرية الحزين ، وكشراكة إنسانية مخلصة ، تسعى لإيصال فكرة طيبة إلى الآخر، أيها المتحاورون الفكرة الواضحة تحتاج الى دليل، والدليل يحتاج الى منطق ، والمنطق يحتاج الى ايمان صادق باحقيته ،وتاج هذا كله ، الادب المنبثق من انسانيتنا، والإحترام المتولد عن شعورنا بكرامتنا، والمحبة للإنسان كمخلوق نحرص على ن يلقى الله على الحق والنور، فالاخر لديه راي ،ولديه تصور، وعنده مبررات مثلك تماما ، فاذا اردت إقناعه برايك فكن مقتنعا انت بما تقول وتعتنق، واحترم فكرك وقدمه باجمل حله ،و ابسط مقولة وادق تعبير، وليشعر الاخر أنك حقا تحب له ما تحب لنفسك ، وتعطيه من الإصغاء والإنصاف ماتتمنى ان يعطيك ،وتحترم شخصه حتى لو لم تعجبك آراؤه وفي ديننا منهج للحوار راق وبناء ومقنع، ومحرر لادمية الانسان ، ولنرجع الى قراننا ونرى اشراقة الحرية ، وانطلاقة الراي وتعايش الافكار، ومساحة التداول والتبادل الثقافي المنسجم مع الشرع الالهي ، ولهفة النداء المشفق في الحوار، والذي كثيرا ماانتهى بالرافضين للحق ،الى اعتناقه بكل رضى وقناعة واعتزاز

[والله يقول الحق وهو يهدي السبيل]

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ