ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 27/09/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

سورية جرحا نازف، الأسد والنظام في حالة هستيرية والشعب مصر على إسقاط النظام...!!!

د.خالد ممدوح العزي*

جمعة جديدة والدم لا يزال ينزف:

23 أيلول 2011 جمعة جديدة من التظاهر ،لن الدم لم يعد يخيف الشعب السوري ولا عدد الشهداء الذي تنفذه قوات الأسد بشكل يومي ،فالشعب كسر هيبة النظام ،ويخوض معركة حقيقية وفعلية من اجل الحرية التي يغني لها الشعب في مظاهراته "رغما عنك بشار حرية للأبد"،التحرير من سلطة البعث ونظام العائلة الحاكمة والعصابات الأمنية،بالرغم من القتل اليومي الذي يمارسه نظام بشار الأسد مستخدما عصاباته الأمنية وفرق موته وكتائبه اليومية التي تمارس القتل والبطش والسلب والنهب والتشبيح ،الخ... لكن الشعب يوميا ليلا نهارا يتحدى النظام والرئيس نفسه الذي لم يعد احد يرضى ببقائه في سورية الجديدة، فالمظاهرات مستمرة وبقوة وزخم متزايد، فالحراك الشعبي يتسع ورقعة الحراك تتوسع باستمرار.

جمعة توحيد المعارضة:

من جديد خرج الشعب السوري الى الشوارع كالعادة تلبية لدعوة تنسيقيات الثورة السورية بالتظاهر والحراك بالرغم من الحملات العسكرية المستمرة ضد المدن والقرى والنواحي السوري تتعرض لمهاجمات كثيفة من قبل قوات النظام ،فالمدن السورية متقطعة الأوصال ومفصولة بعضها عن بعض النار والحل الأمني هما السلاح الوحيد للنظام ،لكن الشعب خرج رغما عن انف النظام وعصاباته ،خرجت المظاهرات تحت اسم جمعة جديدة سميت ب"جمعة توحيد المعارضة"،طبعا توحيد المعارضة السورية بات مطلبا محقا للمتظاهرين السورين الذين يطالبون المعارضة بالتوحد لقيادة الشارع الغاضب والنازف دما يوميا من إجرام النظام ،فالشعب بالرغم من كل شيء فهو مصر و مصر على إسقاط النظام ومحكماته،فالشعب الذي يطالب بإسقاط النظام ولا ويريد أن يخضع ألا لله ،ولم يعد يهتم لدعم الخارج المتؤاطو مع النظام ،أنما بقي عليه مطالبة المعارضة من التوحيد وقيادة الشارع الذي يطالب بحماية دولية ،فالمعارضة يجب أن تتواضع وتنفذ رغبات الشارع السوري الذي يطالبها بالتوحيد ،هذه الفرصة الأخيرة أمام المعارضة للتخلي عن مشاكلها الشخصية والذاتية والاهتمام بالشارع،فالطلب من المعارضة بالتوحيد هو مطلب شرعي ومحق خاصة هذا الشارع له 7 أشهر يعاني من المعاناة والعذاب يتلقه من النظام نتيجة التظاهر والاحتجاجات ولا تزال المعارضة بعيدة جدا عن تلهف حركة الشارع واستمرأها في معركة السياسية الداخلية والخارجية ،بل بقيت مهتمة في مشاكلها الخاصة هذه الدعوة الأخيرة للمعارضة من اجل توحيد صفوفها وخطابها السياسي والدبلوماسي ،أو تبدأ القطيعة بين الشارع والمعارضة الخارجية لان الداخل له قيادة وتقوده ولن يبقى ينتظر الخارج المختلف والمهتم بتوزيع المناصب والحصص الشخصية فالشعب لن يرحم نهائيا. لان الفرصة لن تسمح لهذه المعارضة مرة ثانية من حركة وتظاهر هذا الشعب بعد أن عاش 50 سنة من القمع والظلم والقهر والخوف.

الحماية الدولية :

لبد من التميز مجدا بين الحماية الدولية والتدخل العسكري ،فالشعب السوري الذي ينزف دمه يوميا ويقد عشرات الشهداء والجرحى والمفقدين والمعتقلين ويستخدم النظام أبشع الممارسات واستخدام كافة الأسلحة الروسية الفتاكة والقوية في قتل الشعب وليس العدو الصهيوني ،من حقه أن يطالب بحماية دولية من هذا البطش والإجرام الذي يمارسه نظام مهووس بالقتل والذبح ،وهذه الحماية بسبب الشعب السوري هم جزاء أساسي من هذه الأنظومة الدولية والتي يشارك فيها الشعب السوري في تكامل مع المجتمع الدولي الذي ينتسب له المواطن السوري ،من خلال كون سورية عضوا في هيئة الأمم المتحدة ومؤسستها الدولية "منظمات حقوق الإنسان والروابط التجارية والثقافية والإنسانية ،وفي جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ،ودول عدم الانحياز ،لذلك يطلب الشعب السوري من كل هذه المنظمات من ممارسة ضغوط على هذه النظام المتعنت في قمع شعبه ،فالوصائل عديدة التي يمكن ان يضغط عليها المجتمع الدولي ،سحب سفراء ،ضغط اقتصادي ودبلوماسي ،حذر جوي على مواصلة النظام استيراد الأسلحة والأموال ،إرسال مراقبين دوليين إلى سورية وصحافة عالمية مبعوثين لحقوق الإنسان لمراقبة الوضع من الداخل ،هذه هي الضغوط الدولية والمطالبة بالتدخل من اجل ممارسة صلاحيات الانتماء إلى المجتمع الدولي،

التدخل العسكري بالطبع مرفوض والمعارضة بكل ومكوناتها وبغض النظر عن اختلافاتها هي معترضة والشعب معترض على التدخل العسكري ،لكن النظام السوري منذ اليوم الأول للحراك الشعبي هو الذي طالب بالتدخل الأجنبي على لسان السيدة بثينة شعبان ووليد المعلم ملوك الدبلوماسية السياسية السورية عندما اعتبروا بان سورية تتعرض لهجمات إرهابية منظمة تقودها عصابات مسلحة فعلى المجتمع الدولي التدخل العسكري ، والنظام السوري هو من سوف يسمح للتدخل الأجنبي في سورية نتيجة إصراره على استخدام الحل العسكري والأمني واستخدام الأسلحة الثقيلة والخفيفة ضد المتظاهرين السلميين ،فالقتل المستمر والبطش والفتك والاستهتار هم سوف يدفعون العالم بالتدخل لإنقاذ الشعب السوري من ظلم وجور الأسد ونظامه وليس الشعب من يطالب العالم بالتدخل العسكري، فالقذافي هو الذي سمح بالتدخل العسكري في ليبيا وهذا هو اليوم في جحور ليبيا يختبئ ، والأسد سوف يتلقى نفس مصير زميله وصديقه بسبب تعنته وغطرسته.

الأقليات في سورية:

يكتب الصحافي فيصل القاسم مقالة في جريدة الشرق القطرية بتاريخ 23 أب أغسطس 2011 تحت عنوان "أيتها الأقليات لا تقفي في وجه الثورات العربية"والذي يرى فيها بان للتاريخ جولات وصولات والبقاء للأكثرية، الا كثرية الشعبية وليس المذهبية والطائفية التي تختار الاقلوية،لان الأقلية، جزء من الأكثرية الوطنية .

طبعا لا يزال كلام البطريرك اللبناني الماروني في مكان السجال والنقاش خاصة بعد التصريح الذي أدلى به لقناة العربية م باريس في بداية الشهر أثناء لقاءه بالرئيس الفرنسي ،والذي عبر عن خوف وقلقه اتجاه مسحي سورية ذات الأغلبية الغير مارونية بحال سقط النظام السوري الحالي واستلمت السنية السورية زمام الأمور والذي يعكس نفسه على تحالف السنة في لبنان مما يشكل خطر على مسيحيو الشرق عامة .

من حق كل مواطن أن يشعر بخطر على الأقليات ويطالب بحمايتها ،وهذا حق طبيعي للبطريرك الراعي الحس بهذا الشعور بالخوف ولكن أن يعتبر وجود الشعب أو الأقليات في حضن نظام يستخدمهم لحمايته كأكياس رمل وسواتر ترابية ،غير مقبول ومرفوض لان مسيحيو الشرق ليس أصحاب ذمة. يأتي هذا الخوف الذي يسيطر على الجميع ليس مسيحيين بل مسلمين ،بالوقت الذي غاب هذا الشعور عند رجال الدين المسلمين بنقد ما تعرضت له الأقليات في مصر والعراق ،لقد تعرضت على يد القاعدة وآخرين بالوقت الذي يعتبر عمل هذه العصابات جريمة ضد الإنسانية ،لقد سكت المثقفين السوريين والعرب أيضا عن هذه الجرائم في الدول المجاورة ...هذا لا يعني بان مصير المسحيين في سورية هو القتل والتهجير . فالوجود المسيحي في دول المشرق العربي وجود تاريخي وديني وأخلاقي وأنساني وعنصر أساسي من مكونات حياة هذه الدول الغنية بالتعددية الدينية والقومية ،فالأخوة المسيحيين لهم إسهاماتهم الفكرية والدينية والثقافية والقومية والوطنية في كل سورية والمشرق العربي ،لان وجود المسيحيين ليس وجود عددي وتكملة عدد بل انه وجود ذات إبعاد روحية وإنسانية ،يحمل في وجوده رسالة سماوية إنسانية ،وهنا نتفق مع خطاب الدكتور سمير جعجع في احتفال يوم الشهداء في 24 أيلول والذي يقول :"بان دور المسحيين في المنطقة يحتم عدم انزلاقهم للتقوقع الاقلوي".

فإسهامات المثقفين المسيحيين البالغة والمهمة في تفعيل النهوض الحضاري والثقافي والفكري في سورية والعالم العربي منذ بدأ الدول المستقلة حتى اليوم يستوقفنا الأمر بالقول بان الأقليات في الوطن العربي وتحديدا في سورية ليست درعا بيد النظام للاختباء وراءها ،ووسيلة يستعملها للتخويف من اجل الضغط على الأكثرية السنية ،فالنظام السوري البعثي الدكتاتوري هو من حجم دور المسيحيين وأقصاهم عن الحياة السياسية السورية.شعب سورية ليس لديه مشكلة مع المسيحيين فالتاريخ يشهد وفارس الخوري ترأس دورتين للوزراء وكان وزير الأوقاف، وميشال عفلق مؤسس حزب البعث طرد من سورية ،ميشال كيلو مطران الثورة السورية اعتقل وعذب لسنوات طويلة لأنه معارض سوري وليس مسيحي ،والمعارض المعتقل جورج صبرا ،بالرغم من كل القمع الذي يمارسه النظام بحق الأقليات ويضيق عليها من الالتحاق بالثورة ،لكنها تمارس دور ريادي في قيادة الثورة السورية التي تنتمي إليها وتشارك هذه الأقليات في الثورة ليس من باب كونها أقلية مذهبية أو دينية أو قومية ،بل من كونها أكثرية شعبية معارضة لنظام الأسد البائد،وبناء سورية الجديدة التي ستؤدي حتما إلى حكم ديمقراطي ،تأخذ فيه الأقلية دورها الطبيعي وحقها دون منية احد عليها،لأنها جزاء من أكثرية هذا الشعب المعذب والمضطهد لان الأكثرية هي أكثرية بالمواطنة ،فالنموذج العراقي الذي يجهد إلى فرضه لا ينسحب على النموذج السوري ،لان ربيع الثورات العربية هل.

الفلسطيني في إستراتجية النظام السوري:

لا يخفي الأمر على احد بان السياسة السورية تقوم بإمساك الورقة الفلسطينية منذ القدم وهذا هو أصل الخلاف بين الراحل عرفات والأب الراحل الأسد ،فالأسد الذي كان يسعى دائما للامساك بهذه الورقة الرابحة لاستخدامها في أي مفاوضات مستقبلية،مما أدى إلى تعميق ، الخلاف الفلسطيني الداخلي ومحاولة مصادرة القرار من يد الرئيس عرفات بالقوة العسكرية ومن خلال الحرب التي شنت عليه دائما والتي كانت لبنان ساحتها الدائمة بسبب تامين سورية ملجئ دائما للمعارضين الفلسطينيين التي كانت ومازالت سورية تستخدمهم لمصلحتها الخاصة،فسورية التي استخدمت الفلسطيني في يوم النكبة والنكسة من اجل التنفيس عن أزمتها وقبل النظار نحو الحدود والاحتلال الذي أصبح شمعة النظام السوري ، فكان الفلسطيني قربانا على مذابح القربان السوري،فالنظام السوري الذي سمح للمتظاهرين والشباب الفلسطيني بالتوجه نحو الحدود،وبطلب من النظام لم يعمل هذا النظام جهدا شكليا بتقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي ،ضد إسرائيل التي انتهكت الأمن القومي السوري وقتلة وجرحت العديد من الفلسطينيين على الأراضي السورية ،مرة جديدة تقوم القوات السورية بقصف مخيم حي الرمل للاجئين الفلسطينيين في باللاذقية،مرة جديدة السوري يقوم باتهام المواطن الأردني الفلسطيني الذي أصر التلفزيون السوري على اعتقاله وإجباره على الاعتراف بتعامله مع المخابرات الإسرائيلية وتنفيذ اغتيال الشهيد عماد مغنية الذي تم اغتياله في سورية وتم السكوت عن عملية الاختيال وغياب التحقيق الشفاف ،وفجأة خرج من العتمة الفلسطيني الأردني التهم بعملية الاغتيال ،وهذا يذكرنا بشريط أبو عدس التي الذي اتهمته المخابرات السورية واللبنانية باغتيال الشهيد رفيق الحريري ‘فالفلسطيني دوما كبش محرقة لدى النظام السوري وجسمه لبيس لكل المواضيع وهذه حقيقية تاريخية للنظام السوري الذي يبدأ من مخيم تل الزعتر إلى المتهم بعملية الاغتيال"الفلسطيني ،وليس الدفاع عن العميل لان العميل ليس له دين أو قومية أو جنسية ،وإنما دفاعا عن الشفافية وعدم التوظيف المشهر بها النظام القمعي السوري، وهنا لبد من التوقف أمام ثلاثة أمور مختلفة لكنها تخص الشعب الفلسطينيين :

1- لبد من الاعتراف بشجاعة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي استطاع إنقاذ منظمته وعدم الدخول في مشاكل الأنظمة واستخدام الورقة الفلسطينية،اتفقنا مع حركة حماس أو تعرضنا مع أطروحاتها لكن هذه حقيقة فعلية،كانت لحماس وقادتها والتي أسست بهذه العملية لبناء قرار وطني فلسطين مستقل بغض النظر عن كل المقولات التي تقول بان مشعل انصاع إلى القرار التركي ا والى حركة الإخوان المسلمين ،فان عدم الاستجابة لقرار النظام السلطة السورية بتنظيم مسيرات شعبية في سورية ومخيمات الشتات الفلسطيني مؤيدة للنظام على حساب الشعب ،فهذا يعني بان مشعل لم يتدخل في الشؤون الداخلية لسورية ،وان تحالفه مع النظام ليس على حساب الشعب الفلسطيني.

 2- على الشعب السوري الاهتمام بالورقة الفلسطينية والقضية الفلسطينية لأنها كانت وستبقى قضية عربية وسورية جزاء منها ،ولبد أن تقطع الطريق على قومجية النظام وشبيحته من استخدام القضية الفلسطينية ،والخروج بجمعة فلسطينية والتلويح بالإعلام الفلسطينية جانب العلم السوري المأسور كما هو حال العلم الفلسطيني.

3- يجب أن يحتل خطاب المعارضة السورية جزاء أساسيا من الخطاب العربي الواقعي وليس الكلاسيكي القومجي الثوري الكاذب،وإنما التعاطي مع المشكلة الفلسطينية والشعب والسلطة الرسمية الممثل للشعب دون الوصاية التي اتبعها النظام السوري والعربي.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما مصير الأحزاب الموالية للنظام السوري والمنفذة لسياسته وأماله وخططه بعد سقوط النظام الحالي ،فهل سيكون مصيرهم كما كان مصير أبو نضال "صبري البناء" في العراق الأمين العام لحركة فتح المجلس الثوري،قبل انتهاء النظام العراقي ودخول القوات الغازية لبغداد، فالموت هو مصير الجميع لكن كيف وبأي طريقة ،فالأنظمة القمعية تعمل دوما قبل انهيارها على إقفال كل ملفاتها.

الاب والابن :

حاول بشار الأسد لعب دور مزدوج مماثل في العراق ولبنان ولكنه لم يفعل ذلك بدهاء والده مما وضعه في مواجهة مع الرئيس الأمريكي جورج بوش. وأصبحت سوريا تحت حكمه عنصراً حاسماً فيما يسمى محور المقاومة الذي بنته إيران إلى جانب حزب الله وحماس. يهدف هذا التحالف إلى إحباط المصالح الأمريكية والاسرائيلية في الشرق الأوسط وبدا أنهم يفضلون العنف على مفاوضات السلام. ووضع سوريا ضد التحالف الموالي للغرب بقيادة مصر والأردن والمملكة العربية السعودية.

ولكن بدا ضعف بشار الأسد واضحاً لا سيما في سلوكه في السياسة الخارجية. كان والده على درجة عالية من الأهمية المزدوجة: تحدث إلى واشنطن وتحالف مع إيران، تفاوض مع إسرائيل وأيّد هجوم حزب الله ضد إسرائيل في لبنان، شارك في اتفاق مدريد ولكن شجّع الحملة ضد ياسر عرفات متهماً إياه بالخيانة عندما انضم إلى مفاوضات السلام مع إسرائيل. برع في الاستفادة من القيمة السورية لإسرائيل والولايات المتحدة باعتبارها ذات دور رئيسي في السياسة العربية. تحالف مع الاتحاد السوفيتي، وكان له دور رئيسي في لبنان. توفي الأسد في يونيو من ذلك العام تاركاً وراءه تركة معقدة. بنى دولة قوية في بلد كانت مليئة بالانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار، وأصبح طرفاً فاعلاً إقليمياً، تحالف مع الاتحاد السوفيتي، وكان له دور رئيسي في لبنان.

قام طبيبنا بتكميم الأفواه منعاً للنقد ، و سلط أجهزة الأمن على المواطنين ، ترهيب و اعتقال و سجن و تعذيب. و رغم كل استبداه و ظلمه للمواطنين ، و رغم فشله في تحقيق أدنى متطلبات و طموحات الشعب ، فقد أجبر الناس على السير بالشوارع رافعين لافتات “منحبك”!!

الخلاصة .. و الكلام ليس من عندنا – بل بشهادة كل التقارير الصادرة عن مؤسسات و هيئات الدولة – فإن بشار لم يجلب لشعبه سوى الفقر و لم يجلب لبلده سوى التخلف على جميع الأصعدة – في التعليم و الزراعة و الصناعة و التجارة و السياحة – و أيضاً لم تزيد حقوق الإنسان في عهده سوى انتهاكاً.

مع كل هذا نرى بشار مقتنعاً تماماً أن كل ما يفعله صحيح و هو مصراً على الاستمرار بالحكم مستنداً على أداتين رئيسيتين لتحقيق هدفه التلاعب الطائفي و مسرحية الصمود و التصدي مضافاً إليهما البطش الأمني ، و تجويع الشعب ، و اختراق المعارضة و تفتيتها قبل النضوج ، و هو ينفق ملايين الدولارات شهرياً من أجل تحقيق البند الأخير.

فإذا كان حكم الأب مغلف بالذكاء والمكر والتلاعب على التوازنات الدولية والاستقرار في المنطقة من خلال ألتمسكك بمبدأ المقاومة والسيطرة الأمنية الداخلية ،فان حكم الابن اختلف جدا بالرغم من استمراره بتنفيذ إستراتيجية والده الدائمة،لكن الفرق بين حكم الابن والأب ليس الدماء ،وانم تطور الشعب السوري نفسه بكسر حاجز الخوف وفك جليد الصمت الذي دام 48 عام من حكم الساطور والبسطار من قبل الأب والابن ،صح بان وسائل الاتصال تطورت وسمحت بنقل كل ممارسة الدكتاتور للعالم ،صح بان التوازنات الدولية تغيرت ،صح بان إجماع دول يقضي بتغير النظام السوري المزعج،لكن كل هذا لم يحصل لوما دماء السورين ونزفها الدائم في شوارع ومدن سورية كلها ،التي لا تفرق بين الابن والأب. بشار سيبقى ممسكاً بالكرسي .. و هو لن يتركها .. إلا أن يقوم الشعب بلفظه و يطرده من سورية كلها.

امام هذا الاجرام والبطش والقتل الذي يمارسه النظام السوري يوميا ،فالشعب السوري سلم نفسه لله ولم يعد يتكل على احد في مساعدته فالاستنجاد بغير الله مذله.

فالشعب السوري يطبق اغنية سميح شقير الثورية التي تقول فيها للشعب السوري،"ان عشت ،فعش حرا،او مت كالاشجار واقفا".

*كاتب صحافي وباحث إعلامي مختص بالاعلام السياسي والدعاية

Dr_izzi2007@hotmail.com

=====================

زينب الحصني حكاية مروعة.. فهل يهتز لها الضمير العالمي؟!

محمد فاروق الإمام

لم يتبادر إلى ذهني للحظة من اللحظات أن سورية الحضارة والتاريخ.. سورية التي أهدت إلى البشرية أول أبجدية عرفها الإنسان.. سورية التي احتضنت حضارات تضرب جذورها في أعماق أعماق التاريخ لأكثر من سبعة آلاف سنة، تحكي رقي الإنسان السوري ومدنيته.. سورية التي انطلقت منها جحافل الفتح الإسلامي التي وصلت حدود الصين والسند والهند وأسوار فينا وباريس، لتحرر الناس من عبادة الإنسان إلى عبادة الواحد الديان.. سورية التي كانت منارة تهدي إلى العالم الحب والسلام والأمن والاطمئنان والعلم والمعرفة، وتنبه إلى قيمة الإنسان وعلو منزلته، وتحض على احترام حريته وصون كرامته.. أقول لم يتبادر إلى ذهني في لحظة من اللحظات أن تتحول سورية الجميلة بفسيفسائها العرقي والديني والطائفي والمذهبي السندسي الجميل المتعايشة في سلم أهلي فريد، وربيعها الفواح بشذى عطر خمائلها الوارفة الظلال، إلى غابة تفوح منها رائحة الدم التي تخلفها قطعان الوحوش الكاسرة والضباع الجائعة والذئاب المتعطشة لسفك الدماء، وأشباه البهائم من الرجال آكلي لحوم البشر ترتع في جنباتها، دون رادع إنساني يرق لهم أو يشفق لحالهم وهم الأعزاء أبناء الأعزاء!!

ستة أشهر دموية تُلاك فيها لحوم السوريين والسوريات لم تشبع الضواري الهائمة في ساحات وميادين وشوارع وأزقة وزنكات وأحياء المدن والبلدات والقرى السورية شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً ووسطاً.. لم ترو هذه الأشهر الستة بأيامها المئة والثمانون ظمأ المتعطشين للدماء الذين انفلتوا من عقالهم بلا حساب أو رقيب، والعالم عرباً وعجماً لا تتحرك لديهم جارحة أو يرف لهم جفن وهم ينظرون إلى لحم الحرائر المسلوخ وعظامهم المكسورة وأطرافهم المبتورة ورؤوسهم المقطوعة وكأن قلوبهم قدت من جلمود وجوارحهم وأحاسيسهم فاقت الدب الكسلان بلادة.

ستة أشهر ودماء السوريين تتفجر أنهاراً.. ولحوم أجسادهم تلاك وتلفظ في القمامة بقاياها.. ولا نسمع من الشرق والغرب والعرب والعجم إلا كلاماً تذروه الرياح لا صدى له ولا تفعيل على الأرض، تدفع آكلي البشر في سورية إلى الإيغال في فعلهم المجنون والتمادي في سفكهم للدماء تعيد إلى الأذهان ما حدث في سرليون وساحل العاج وكمبوديا.

حكاية الفتاة الحمصية زينب الحصني ذات التاسع عشر ربيعاً تحكي بعض فصول المأساة التي يعيشها الشعب السوري في فلذات أكبادهم، وقد سلخ جلدها وبترت أعضاؤها وفصل رأسها عن جسدها وأحرق وجهها البريء.. وقد سبقها قصص وقصص وحكايات وحكايات لم ترو لنا بطون التاريخ شبيهاً لها حتى في ظلمات القرون الوسطى ومحاكم التفتيش والنازية والفاشية، ولما تجف بعد فصول مأساة تعذيب الطفل حمزة الخطيب وبتر أعضائه التناسلية وحفر أخاديد في جسده، وحكاية بلبل العاصي إبراهيم قاشوش وقد انتزعت حنجرته ولاكتها أنياب الذئاب الحاقدة ليليها قصص وحكايات لا تقل بشاعة عنها ولعل قصة زينب أبشعها، ولم يكن مصابنا في حمزة الخطيب وإبراهيم قاشوش وزينب الحصني نهاية المطاف، فهناك المئات من هذه الحالات وقد يكون الآلاف ممن سجلوا في حالات اختفاء، قد تكشف الأيام القابلة بعض خيوط نسيج بقايا أعضائهم إن لم تكن أحرقت أو ألقيت في البحر.

ولابد لنا من أن نروي حكاية الفتاة الحرة زينب الحصني التي وقعت بأيدي شبيحة الأسد ورجال أمنه عندما داهموا بيتها بحثاً عن شقيقها الشاب محمد بسبب نشاطه في المظاهرات السلمية وعمله الدؤوب في إسعاف الجرحى غير آبه بزخات الرصاص التي كانت تستهدفه وتستهدف من يسعف من رفاقه، وكان ذلك صبيحة اليوم الثاني من أيام رمضان حيث اقتحموا بيت محمد بوحشية، ولما لم يجدوه اقتادوا شقيقته العفيفة الطاهرة إلى جهة مجهولة، وبعد خمسة أيام من اختطافها، اتصلت فتاة بأهلها وقالت إن زينب هي بيد رجال الأمن وأنهم مستعدون لتسليمها مقابل استسلام شقيقها المطلوب محمد، وحددوا مكاناً ضمن أحد الأحياء الغير آمنة فساومهم الأهل على مكان آخر في قلب المدينة، ولكن المتصلة أقفلت سماعة الهاتف وبقيت الأسرة ومنذ ذلك الحين لا تعرف عن مكان ابنتها أي شيء، وفي الثالث عشر من شهر أيلول فجعت الأسرة بنبأ استشهاد ابنهم محمد على يد رجال الأمن والمخابرات أثناء العملية العسكرية على حي بابا عمرو في حمص، يوم العاشر من أيلول، فتوجهت الأسرة لاستلام جثمان ابنها الشهيد الذي كان يرقد في ثلاجة المستشفى العسكري بحمص، وأثناء تواجد الأسرة في المستشفى علموا بطريق الصدفة عن تواجد فتاة في التاسعة عشر من عمرها في ثلاجة المستشفى فسارعت الأسرة المكلومة لتقصّي الخبر، لكنهم في البداية لم يستطيعوا التعرف على ابنتهم زينب لقد بدت مقطوعة اليدين من الكتف مقطوعة الرأس وقد أحرق وجهها، وكان واضحاً على ظهرها آثار التعذيب والحروق التي غطت جسدها كله.

لم يسمح لتلك الأسرة المفجوعة أن تستلم جثمان ابنتهم التي تعرفوا عليها أخيراً إلا بعد التوقيع على إقرار بمنعهم من تصوير الجثمان وبمنعهم من إقامة جنازة يحضرها الناس، وبالفعل فقد حملت الأسرة المكلومة جثمان شهيدتهم زينب لتدفنها في مقبرة باب السباع في جمع صغير من الحاضرين أقتصر على أسرتها وبعض الأقارب، لكن وبعد مغادرة المشيعين سارع الشباب إلى نبش القبر وتصوير تلك الجريمة البشعة التي يندى لها جبين الإنسانية وتتبرأ منها كل ما يمت إلى البشر من صلة، لتضاف إلى آلاف الوثائق التي تدين هذا النظام وتعريه وتدفع برأسه مكبلاً بالأصفاد إلى قفص الاتهام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ويُنادى عليه يا قاتل الحرائر والأطفال.. فيرد (حاضر سيدي...).

ستظل زينب الحصني وحمزة الخطيب وإبراهيم القاشوش وأشباههم ممن مرت عليهم قطعان آكلي البشر في سورية، تحكي الصفحة الظلامية التي عاشتها سورية في ظل حزب البعث القائد للدولة والمجتمع.. وتروي حكاياتها جيلاً بعد جيل!!

===================

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة في إصلاح التصوف

أ.د. عبد الرحمن البر*

*أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين وعضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الحمد لله الذي اصطفى لنفسِه صفوةً من خلقِه خصَّهم بأحبِّ الأخلاقِ إليه، وأقرَبِها من الزُّلْفى لديْه، حبَّبَهم إلى الخلقِ وحبَّبَ الخلقَ إليهم فحبَّبُوا الخلقَ إليه، وصلى الله وسلم وبارك علَى مَنْ عَنْه بلَّغ وشَرَع ، وبأمره قام بالحقِّ وصَدَع، سيدِنا محمدٍ رسولِ الله، صاحبِ اللواءِ المعقودِ، والحوضِ المورودِ، والمقامِ المحمودِ، والصراطِ الممدودِ، وعلى آلِه وأصحابِه أُولِي النُّهَى، وعلى مَنْ تبِعهم بإحسانٍ إلى يومِ اللِّقا.

وبعد، فقد جاء في (سير أعلام النبلاء) للذهبي في ترجمة مالك بن دينار رحمه الله ما يلي:

قِيْلَ: دَخَلَ عَلَيْهِ لِصٌّ، فَمَا وَجَدَ مَا يَأْخُذُ، فَنَادَاهُ مَالِكٌ: لَمْ تَجِدْ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَتَرغَبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الآخِرَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: تَوَضَّأْ، وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.

فَفَعَلَ، ثُمَّ جَلَسَ، وَخَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، فَسُئِلَ: مَنْ ذَا؟ قَالَ: جَاءَ لِيَسرِقَ، فَسَرَقْنَاهُ.

تعبيرٌ مُطْرِبٌ عجيبٌ ، ومَفْهومٌ -لو تعلمون- عظيمٌ؛ أنْ يُدركَ أهلُ المعرفةِ باللهِ دورَهم في إرشادِ الغاوي وهدايةِ الضالِّ ، ومُرَاغَمةِ الشياطينِ لاستنقاذِ الخلقِ مِنْ أيديهم.

إنها الطبيعةُ التنفيذيةُ -كما أسْماها شيخُنا البهيُّ الخولي رحمه الله- لأهلِ العلمِ بالله وأهلِ المعرفةِ والتحقُّقِ بالإسلامِ الذين عرفوا أنَّ أشرفَ الأعمالِ عملُ الأنبياء! وهل كان عملُ الأنبياءِ – على حدِّ تعبير ابن الجوزي رحمه الله – إلَّا مُعاناةَ الخلق! ودعوتَهم إلى الحقِّ والسَّيْرَ بهم إلى صلاحِ الآخرةِ والأولى.

إن الإسلامَ قد أرْسى أهمَّ سببٍ للسعادةِ أهملتْه المذاهبُ الوضعيةُ، وغفلتْ عنه الفلسفاتُ الإنسانيةُ، وضيَّعه محرِّفو الأديانِ السابقةِ، وهو تحقيقُ المصالحةِ بين المادةِ والرُّوح ، باعتبارِهما جناحي الطائرِ الذي استُخْلِف في الأرض ؛ ليَعْمُرَها بالرُّوحِ الصافيةِ والقِيمِ الفاضلةِ والعقلِ الرشيدِ والقوَّةِ المنتِجةِ والعلمِ الهادي ، مؤكداً أن الفلاحَ في القيامِ بهذه المهمةِ مرهونٌ بالتزكية ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾[الشمس/9، 10].

لقد جاء هذا المنهاجُ الإسلاميُّ الحكيمُ ، فسقى بهذا الهدْيِ الكريمِ الرائقِ أمةً من المتخلفين عن رَكْبِ الحضارة المتخبِّطين في ظلماتِ الجهلِ، فإذا بها تغدو صانعةَ حضارةٍ راشدةٍ، ورائدةَ خيرٍ وهداية، تبسُط يدَها الحانيةَ – التي غلَّتْها القسوةُ مِنْ قبلُ- إلى الدنيا بِقِيَمِ الحقِّ والخيرِ والرحمةِ والسماحةِ والفضيلةِ تملأ بها المشارقَ والمغاربَ، وتقدِّمُ للبشريةِ نموذجاً عالياً للإنسانية في أسْمَى صورها ومعانيها، فتنجذبُ إليها النفوسُ ، وتهْوِي إليها الأفئِدة ، فإذا بدولةِ الحقِّ والعدلِ والقِيَمِ تمُدُّ ظلالَها الوارفةَ من بلاد الصين شرقاً حتى جنوب أوربا غربا.

وأزعمُ أن القيمَ الروحيةَ النبيلةَ التي حملها الراشدون من الدعاة عملاً وتطبيقاً وسلوكاً كانت أقوى المفاتيح التي فتحتْ أقفالَ القلوبِ ومغاليقَ النفوسِ، وكان ضوؤُها أسطعَ الأضواءِ التي أزالتْ غياباتِ الظلمِ والظلام، وكانت حرارتُها الدافئةُ هي التي فتَّتتْ كثافةَ الماديةِ الطاغية ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾[الزمر/23]

وإذا كان السائرُ إلى الله يحتاجُ إلى الخلْوةِ بربِّه ليجددَ إيمانَه بالذكرِ والقيامِ والقرآنِ والمناجاةِ ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب﴾ [الرعد/28] فإنه لا ينبغي أن تستغرقَه النفس عن السَّعْي لنفعِ الغير، أو أنْ يجعلَ العزلةَ غايةً ومنهاجاً لا إنتاجَ له خارجَ حدود الذات ، بل ينبغي أن يقدمَ زكاةَ هذا اليقينِ والعلمِ والنورِ؛ دعوةً للخلق وحركةً بالرسالة وتصحيحاً للعِوَج في القِيَمِ والمفاهيمِ والأنشطة، وأخذاً بيدِ الناس إلى الله، وجهاداً بالقرآن والسنة لضبطِ حركةِ الحياةِ ومواجهةِ الماديةِ اللاهثةِ ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان/52] كيف لا وأسعدُ الخلقِ بالحقِّ من الأنبياءِ والأولياءِ والعلماءِ والصُّلَحاء ما بلغوا عَاليَ الدرجات وسَنِيَّ المراتبِ إلا بهذا الجهادِ في سبيلِ دعوةِ الناس ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت/33] ، وأعلن النبيُّ الخاتمُ صلى الله عليه وسلم أنَّ هذا سبيلُه وسبيلُ مَنْ تَبِعه ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف/108]

وليس الرَّبَّانيُّ هو ذلك الشخصَ المستغرِقَ في الأذكارِ والأوْرادِ المشتغلَ بإصلاحِ نفسِه وسلامةِ قلبِه فحسْب، بل هو الذي يكادُ يبخَع نفسَه لما يرى من فسادِ الناسِ، والذي يغلبُه الإشفاقُ على الخلقِ، فيبذلُ نفسَه وعلمَه ووقتَه ومالَه وجهدَه في إسعادِهم وتعليمِهم ؛ لإنقاذِهم من أنفسِهم ومن شياطينِ الإنسِ والجنِّ، والذي يجاهدُ في الله حقَّ جهادِه في إصلاحِ كلِّ ميادينِ الحياةِ، وفي سبيلِ بناءِ حضارةِ الرُّشْدِ والرَّشاد، وفي تخليصِ الأمةِ من الاستعمارِ الأجنبيِّ الماديِّ والفكريِّ، وفي تحريرِ الدنيا من سيطرةِ قِيَمِ الماديَّةِ الباغيةِ ، وتطهيرِ الحياةِ الإنسانيةِ ممَّنْ أرادها صراعاً وظلماً وخراباً وتدميراً، ويحقق قولَ الله تعالى ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ [آل عمران/79] فالربَّانيُّ يتعلَّمُ ويعملُ ويُعَلِّمُ، ولذلك فهو –كما ذكر شيخ المفسرين الطبري رحمه الله- الجامعُ إلى العلمِ والفقهِ، البصرَ بالسياسةِ والتدبيرَ والقيامَ بأمورِ الرَّعِيَّة، وما يُصلِحُهم في دُنياهم ودينِهم.

وهذا هو التصوفُ الذي عرفتْه أجيالُ الهُدَى على طولِ التاريخ: تصفيةٌ وتربيةٌ، وبناءٌ وتنميةٌ، ودعوةٌ وجهادٌ ، وليس انكفاءً على الذات ، ولا رفضاً للجهاد، ولا سلبيةً وقعوداً عن مناصرةِ الحق.

وَرُبَّ مُعْتَزِلٍ لِلنَّاسِ مُعْتَكِفٍ=يَرَى أَنَّ اعْتِزَالَ النَّاسِ إِسْلَامُ

هُمْ فِي بِحَارٍ مِنَ الْأَوْرَادِ قَدْ غَرِقُوا=وَبِالمَسَابِحِ وَالتَّسْبِيحِ قَدْ هَامُوا

وَاللهِ مَا فَهِمُوا الإِسْلَامَ أَوْ عَرَفُوا=أَمْرَ الإِلَهِ وَإِنْ صَلُّوا وَإِنْ صَامُوا

الدِّينُ يَا قَوْمُ فَرْضٌ ثُمَّ نَافِلَةٌ=وَالدِّينُ يَا قَوْمُ مَيْدَانٌ وَصَمْصَامُ

وَالدِّينُ حَرْبٌ عَلَى الْأَشْرَارِ يُشْهِرُهَا=وَالمُسْلِمُ الحَقُّ سَبَّاقٌ وَمِقْدَامُ

تلك كلماتُ شاعرِ الدعوة الإسلامية الدكتور حسان حتحوت رحمه الله، الذي تربَّى في مدرسةِ الإخوانِ المسلمينَ التي عُنِيَتْ أعظمَ عنايةٍ بالتربيةِ الروحيةِ للمنتسبين إليها، والتي عرَّف دعوتَها رائدُ الحركةِ الإسلاميةِ ومجدِّدُ القرنِ الرابعِ عشر الهجريِّ الإمامُ الشهيدُ حسنُ البنا رحمه الله بأنها حقيقةٌ صوفيةٌ ، إلى جانب كونِها طريقةً سُنِّيَّةً ودعوةً سلفيَّةً، فكان مِن ثمارِ هذا الفهمِ الرائعِ كوكبةٌ من رجالاتِ الأمةِ حملتْ ولا تزالُ تحملُ رسالةَ الإسلامِ العظيمِ الصحيحةَ الوسطيَّةَ المعتدلةَ التي يُقَدِّمُها الأزهرُ المجيدُ إلى الدنيا ، فكانوا رجالَ صدقٍ وعَمَدَ إخلاصٍ ، أصلحوا أنفسَهم واجتهدوا في دعوةِ أمتِهم ، وجاهدوا بإسلامِهم وقرآنِهم، وقاتلوا الدنيا بالحبِّ كما أوصاهم الإمامُ الملهَمُ حسنُ البنا رحمه الله، فبعثوا مع العاملين المخلصين الحياةَ في الأمةِ من جديدٍ، وسَعَوْا مع كل الصادقين من أهلِ الفضلِ إلى تكوينِ جيلٍ من الرجالِ

يُحْيُونَ لَيْلَهُمْ بِطَاعَةِ رَبِّهِمْ=بِتِلَاوَةٍ وَتَضَرُّعٍ وَسُؤَالِ

فِي اللَّيْلِ رُهْبَانٌ وَعِنْدَ جِهَادِهِمْ=لِعَدُوِّهِمْ مِنْ أَشْجَعِ الأَبْطَالِ

وكان من غرسِ أولئك الشرفاءِ المخلصينَ تلك الفئةُ المباركةُ من الشبابِ التي قادت الأمةَ نحو الحريةِ في ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة .

 لهذا كانتْ سعادتي كبيرةً بالدعوةِ لحضورِ هذا المؤتمر الكريم (التصوفُ منهاجٌ أصيلٌ للإصلاح) الذي دعتْ إليه العشيرةُ المحمديةُ، والذي أرجو أن يكون مقدمةً ومدخلاً للتصوفِ الإيجابيِّ المتحركِ في المجتمعِ الحاملِ لرسالةِ التصحيحِ والإصلاحِ إن شاء الله تعالى.

وإذا كان تاريخُنا البعيدُ والقريبُ يشهدُ بأن التصوفَ الأصيلَ كان له دورٌ عظيمٌ في كل المراحلِ المهمةِ فإنه لا يكفينا أن نجترَّ هذا التاريخَ المجيدَ ونظلَّ نعلنُ اعتزازَنا بما قدَّم الأسلافُ والأجدادُ، بل لا بدَّ أن نُعيدَ سيرتَهم ، ولا أزالُ أكرِّر دائماً قولَ الأستاذِ عبدِ الرحمن الكواكبي رحمه الله : «لَقَدْ مَلَّ آبَاؤُكُمْ مِنْ إِطْرَائِهِمْ، وَقَدْ سَمِعْتُهُمْ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ: إِنَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَفْخَرُونَ بِنَا فَإِنَّنَا لَا نَفْخَرُ بِكُمْ ؛ لِأَنَّ الْعَمَالِقَةَ لَا تَلِدُ أَقْزَاما»

فأَقْبِلوا يا أبناءَ التصوف على العملِ الصحيحِ الجادِّ الخالي من البدعِ، وارْمُوا بسهمِ الحقِّ الذي يُزْهِقُ الباطلَ، فإن سَلَفَكُم كان راميا.

والحمد لله في الآخرة والأولى ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

=====================

استحقاق أيلول.....نكسة إسرائيلية ونافذة فرص فلسطينية

صالح النعامي

عندما اندلعت انتفاضة الأقصى أواخر أيلول عام 2000، كان هناك من قال إن السلطة الفلسطينية في ذلك الوقت قد شجعت اندلاع الانتفاضة من أجل تحسين مكانتها في المفاوضات، سيما بعد فشل مؤتمر " كامب ديفيد "، الذي جمع الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود براك أواخر عام 1999، وهناك من المؤشرات ما تمنح بعض الصدقية لهذا الرأي. لكن مما لا شك فيه أن ما آلت إليه الأمور خلال انتفاضة الأقصى كان مغايراً تماماً لحسابات قيادة السلطة في ذلك الوقت. والآن هناك من يتبنى الحجة القائلة إن الرئيس محمود عباس عندما توجه للأمم المتحدة لطلب العضوية الكاملة في المنظمة الدولية، إنما أقدم على ذلك من أجل تحسين موقع السلطة التفاوضي، بدليل تشديده على الالتزام بخيار المفاوضات. قد يكون هذا وارداً في خلد عباس، لكن كل المؤشرات تدلل على إن خطوته الأخيرة تحديداً ستسهم في طوي صفحة المفاوضات كخيار لحل القضية الفلسطينية، وقد تفتح أمام الفلسطينيين مجالات نضال سياسية حقيقية تترك آثاراً سلبية على المشروع الصهيوني وتعمل على إحداث مزيد من التآكل في شرعية الاحتلال، وتقلص هامش المناورة أمام ربيبتها الولايات المتحدة.

انجازات ملموسة

يمكن للمرء أن يتفق مع الرئيس عباس ويمكن أن يختلف معه، لكن مما لا شك فيه إن قراره بالتوجه للأمم المتحدة وخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قد نجح حتى الآن في تعميق المأزق الإسرائيلي الأمريكي بشكل غير مسبوق. صحيح إن الأحكام التي سنسردها لاحقاً تتوقف على الخطوات التي سيقدم عليها عباس بعد عودته لرام الله، حيث يفترض أن يجد ما جاء في الخطاب ترجمته على الواقع العملي، وعلى وجه الخصوص على صعيد العلاقات الوطنية والموقف من إسرائيل. لكن ومع ذلك يمكن القول أن ما نجح عباس في تحقيقه خلال عدة أيام من العمل لم تفلح المفاوضات في انجازه على مدى 18 عاماً. وإن كان – كاتب هذه السطور – قد انتقد عباس في كثير من المرات بسبب أدائه الوطني المثير للجدل، فإنه مما لا شك فيه إن هناك بعض الملاحظات حول الخطاب وتداعياته:

أولاً: مما لا شك فيه أن الخطاب الذي ألقاه عباس يختلف تماماً عن كل الخطابات التي ألقاها في الماضي والتي حرص فيها في الأغلب على تعمد عدم فضح إسرائيل وإبراز فظائعها، وفي المقابل عدم الاهتمام بإبراز معالم المعاناة الإنسانية للفلسطينيين تحت الاحتلال، لكن ما جاء في خطاب عباس يشكل في الواقع وثيقة إدانة قوية للاحتلال، حيث سمى الأشياء بإسمها الحقيقي دون مواربة.

ثانياً: ضمن عباس مواقف واضحة من الكثير من الثوابت الوطنية، وعلى رأسها رفض يهودية إسرائيل التي يعني الاعتراف بها التنازل عن حق العودة للاجئين، والالتزام تجاه قضية الأسرى وفلسطينيي 48، بالطبع هذه المواقف تنبع من برنامجه السياسي المنادي بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، مع التشديد على أننا نحكم على خطاب عباس من خلال برنامجه السياسي

ثالثاً: يمكن للمرء أن يلحظ حجم الانتكاسة التي منيت بها إسرائيل والولايات المتحدة في أعقاب خطاب عباس عبر موجات التصفيق الحادة التي قوبل بها الخطاب ، وهو ما لم يحظ به خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي قوبل خطابه المتواطئ مع إسرائيل ببرود واضح. ولا نريد التحدث عن الكيفية التي استقبل بها خطاب نتنياهو. وهذا إن دل على شئ، فإنما يدلل على حجم العزلة التي باتت تعيشها إسرائيل والولايات المتحدة. ومن الواضح إنه في حال واصل الطرف الفلسطيني التصدي للضغوط الأمريكية والأوروبية والعربية وأصر على طرح الطلب الفلسطيني للتصويت على مجلس الأمن، وفي حال اضطرار واشنطن لاستخدام حق النقض الفيتو ضد المشروع، فإن هذا سيفاقم عزلة أمريكا ومأزقها الدولي، وهذا انجاز ليس بالبسيط في ظل الواقع القائم.

رابعاً: تؤذن التطورات الأخيرة بوضع حد لاحتكار الولايات المتحدة ملف الوساطة والإشراف على المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، في حال تغيرت الظروف بشكل موضوعي لاستئنافها. فمن الواضح أن نقل المواجهة للأمم المتحدة بعكس رغبة أمريكا ورغم الضغوط التي مارستها، سيفتح المجال لنزع هذا الملف من بين أيدي الأمريكيين، فقد بات في حكم المؤكد أن الرؤساء الأمريكيين يوظفون ملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لتحسين حظوظهم الانتخابية عبر تملق جماعات الضغط اليهودية بإملاء مطالب إسرائيل على الجانب الفلسطيني، كما يحلو لأوباما فعله حالياً، وعلى أسوأ وجه.

خامساً: إن أكثر ما يثير احباط كل من تل أبيب وواشنطن حقيقة أن التحرك الفلسطيني يأتي في أوج ثورات التحول الديمقراطي في الوطن العربي، التي باتت ترى فيها الولايات المتحدة وإسرائيل طاقة كامنة هائلة لتهديد مصالحهما الاستراتيجية. من هنا تنبع الخشية الأمريكية الإسرائيلية من أن تؤدي تداعيات استحقاق أيلول إلى تغيير الواقع الأمني في الضفة الغربية بعكس ما يخطط له أبو مازن، سيما في أعقاب تواصل الفراغ الذي خلفه توقف المفاوضات. ومن الواضح أن هذا يفتح المجال أمام تطورات أمنية تمثل تهديداً للمصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.

قصارى القول، أن استحقاق أيلول يمكن أن يمثل نافذة فرص فلسطينية كبيرة وواعدة في حال عمل أبو مازن وفريقه على هدي الخطاب الذي ألقاه في الأمم المتحدة، وأعاد تقييم برنامجه السياسي بالكامل، والسعي لإنجاز المصالحة الوطنية وعدم السماح بمواصلة إسرائيل الاستفادة من بقاء السلطة، سيما على صعيد التعاون الأمني.

 بالطبع هذا لا يعني بالمطلق أن يتبني أبو مازن برامج الفرقاء الآخرين في الساحة الفلسطينية، بل أن يشكل استحقاق أيلول مقدمة لتوافق فلسطيني شامل على برنامج وطني مشترك.

saleh1000@hotmail.com

=======================

زينب سوريا زينب الثورة " القزم لن يغتال شعبا

ﻻفا خالد

زينب ليست بفتاة عادية، هي سورية مع سبق اﻻصرار والتوحد، هي ابنة حمص الابية ودرعا ودوما وادلب والقامشلي ووووو......

هي ابنة كل مدننا السورية الثائرة لانتزاع حريتها من هذه العائلة المتوحشة التي التهمت الوطن

هي متوحدة مع الذات المطلقة، وحقول القمح، والحجر الوطني، والصوت النقي رغم وحدتها حين قتلها من قبل عصابة الاسد بكل بهيمية وسادية زينب تجمعنا رغم شظايا جسدها العالق بحراب الفاشست في سوريا.

زينب، هل تسمعين نحيبي الكوردي

 وفيك زينب كربلاء..نامي، نامي، بجوار الملائكة في السماوات نامي.نامي لن يوقظك بكاء الفقراء في بلادي ﻻن الفقراء حين الثورة يتركوا مهنة العبيد ضعف العشاق، زيني، زينب الثورة، فقراء سورية وانتِ كُلها، تركوا مملكة العيون التي فيها حور وانتقلوا لمملكة الحنجرة والكف … ألف حنجرة وحنجرة، ألف كف و كف يغنون في كل لحظة لزينب ويرفعون اسمها حيث الفردوس.

زينب، جميلة الثورة بل مليكة جمالها رغم حرق جسدك الذي سيحرق النظام في الف محرقة، زينب، هل مثَّلوا بجسدك الطري، وهل خاف الجبناء منك حينما قلت لهم (بدات اﻻصوات تنطلق من حناجرها في معلقة شعرنا الجماهيري ، بدأ الطواف في ساحات مدننا التي ستسقط النظام، بدأ السوري ينظم سجلات التاريخ بوزن جمال السوريات وانت اجملنا.

ﻻن زينب واخواتها اكبر من الفعل الناقص لهذه العصابة الدموية البربرية

ﻻن زينب واخوتها امضى من النظام حرفاً للعلة المعلولة وزائدة تاريخية لعائلة بحاجة الى اﻻستئصال الثوري، وﻻن زينب شرفنا وكرامة اﻻنسان حاولوا ان يغتالوها وهل سمعتم بان قزماً تمكن من اغتيال شعب؟

زينب هي الثورة والشعب وحقول القمح وقصيدة نكملها سوية.

زينب الوطن " زينب سوريا " مليكة الثورة وعروسة الشهداء " نعتذر منك يا شهيدة أخت الشهداء

نعتذر لان صرخاتك التي مزقت عنان السماء لم تصل للاشقاء وللعالم لذا ينامون على وجعك

يا ويح من يختلف ويساوم و يصمت بعد الآن على جرائم هذه العصابة الهمجية البربرية الدموية بحق الشعب السوري المظلوم الجريح على مذبح الحرية

 

مد يدك يارفيقي...مدي يدك يارفيقتي، فزينب تنتظر أن نجمع اشلائها وبقايا جسدها مازال عالقا بحراب الفاشست في سوريا

مد يدك أيها الإنسان اينما كنت فسوريا كل لحظة مضرجة بالدماء

الى متى ستبقون صامتين

=======================

من حمص ... قصة تضامن ... ووطن ... وجسد واحد

اكتب لك اليوم وانا اقرب الى العافية بعد ان تم رمي قنبلة مسمارية علينا بمظاهرة بحي الانشاءات بحمص من سيارة امنية وذهبت باتجاه عناصر الامن والشبيحة لتنعم بالرضى للعبودية. وساروي لك بعض مما عشته عل رسالتي هذه تسقي وفائكم لوطننا ولاهلنا.

بعد ان رميت القنبلة مساء اخر ايام العيد وصوتها جعلني اقف مثل البسمار لبضع ثواني لان العقل البشري غير قادر على فهم هكذا لامعقول ورميت القنبلة من الجانب الايسر للمضاهرة اي ان الاغلب اصيب من جهة القلب ,وبدات الحواس تعود لي واذ باكثر من خمسين شاب مرميون على الارض والامن بدأ باطلاق النار بشكل عشوائي واعمدة الشوارع مطفئة وكان كل من لم يصب يهم بانقاذ مصاب بجانبه , قدمي اليسرى لم استطع ان اشعر بها فأتاني شاب اتكئ عليه وبدأنا بالمسير باتجاه المنازل لاننا كنا على

تقاطع شوارع. وعند وصولنا للبناية الثانية لان الاولى كانت تستقبل المصابين , خرج شاب وحملني دون اي سؤال لداخل بيته وكنت انزف لدرجة ان حذائي اصبح غارق بالدم. دخلت لاجد امرأة تحمل ضمير امي , ولهفة بداخلها ,قالت لي لاتخف يا بني انت في بيتك ومع اهلك ,ربطت لي فخذي الايمن لانه مصاب من الخلف بشضية عميقة ,وربطت ساعدي الايسر , وانا لاشعر بشيء سوى بهول ما سمعت من انفجار .وعندما فتحو ازرار قميصي وجدو شضايا بخاصرتي اليسرى. هنا بدا الجميع بالدعاء لي والدعاء على هذا النظام, وبعد 15 دقيقة اصبحت قادرا على تمييز انني غرقت الغرفة بالدم والمجلس الذي جلست عليه ,شعرت بالخجل فاعتذرت ,واذ بالمراة تقول لي يا خالة والله شرفتنا,اتى رجل البيت وتعرف علي وقال لي هيا يا ابني علينا الذهاب الى المشفى واعتذر على اسم المشفى وحملوني وخرجنا.

لم افرح بيوم من الايام كما فرحت باستقبال الشباب لي على باب البناية اشخاص لااعرف اسمائهم , مجرد اننا نعرف بعضنا اثناء التضاهر, كانت الطريق طويلة كنت اقيسها بتكات عقارب الالم ,ونسمات باردة , وصلنا المشفى وكانما هناك مهرجان, اغلب اهالي الحي يتجمعون بمحيط المشفى لحماية المشفى من الاقتحام ,دخلت لاجد اكثر من 10 مصابين يعالجون بباب المشفى .والمشفى ارضه لايخلو شبر من الدماء, وهنا شاهدت اصدقائي يركضون يصرخون يقولون لي لاتخف سنفديك بارواحنا. اتى الطبيب , وياله من رجل نبيل ,ابتسم وقال لي لاتخف اعدك بان تعافى وتخرج لتقود المضاهرات ,بكيت فقال لي لاتبك ,فقلت له لم يعد لدي دم لانزفه ولا اشعر بجسدي ,كان الطبيب يحاورني وانا لااشعر بانني قد خُدرت وان ثلاثة ممرضين يقومون بانتزاع شضايا خارجية ,وهنا فقدت الوعي لاجد نفسي انقل من قبل الهلال الاحمر ,ومعي صديق فقلت له كم الساعة واين نحن فقال لاتخف ننقلك لمشفى اخر لان الامن يقوم الان باقتحام المشفى الذي كنت به قلت له اين وجهتنا ,فقال المشفى كذا اصبت بهلع وادركت ان حالتي خطيرة لان الوصول الى ذلك المشفى انتحار فقلت له لااريد , ف تكلم رجل الهلال الاحمر قال لي: قالو لي انك شجاع, انا فلان اخو الشهيد فلان , فقلت له نيالك , فقال لي لا بل نيالك ,وابتسم مع ان منظري لايجعل مخلوق على وجه الارض يبتسم .

كانت اصوات الرصاص لاتتوقف طوال الطريق وبرفقتي صديقي الشاب الطبيب الذي لم يتخرج بعد ,وصلنا المشفى والى غرفة التصوير فورا على اصوات الرصاص اللئيم ,وهنا فوجئت بوجود شضية استقرت بضلع بقرب قلبي ,وباثنتين لايشكلان خطورة على القلب , وبشضية بمفصل قدمي ,وبشضيتين بخاصرتي اليسرى بجانب الكلية وثالثة طفيفة ,وعشرا الشضايا التي لاتشكل خطرا باستثناء انها تعيق حركة اقدامي لانها تؤثر على الاعصاب. وبدأنا بعملية استخراج الشضايا حتى الساعة الثالثة والنصف صباحا وهنا ازداد صوت الرصاص ووصلنا خبر بان قوات الغدر قادمة لاقتحام المشفى فهب رجال الهلال وحملوني لاارقد ببيت احد اقاربي ليليلة لن استطع وصفها ,ولكي اهرب من ان اخبر اهلي ,خوفا على صحة امي. وكان يوم جمعة وعصابات الأمن تملى الحي الذي انا نائم به وهو ملاصق لحيي ومازالت شضية بقدمي مستقرة لم تشل.

مر يوم الجمعة كان دوائي الوحيد صوت رفاقي يصلني الى حيث ارقد خفف عني الكثير كم كان مفعما بالثوار هذا اليوم كم شعرت بان كل من خرج اليوم خرج لاجلي واجل رفاقي المصابين.

واجريت اخر عملياتي يوم السبت واقولها بكل فخركل من قابلتهم لم يرضو ان ياخذو اجرا وتم صرف دواء لي اكثر من مرة مجانا لانهم يعرفون ان هذا الدواء لحالات تشبه حالتي. هاهي سورية ,هاهم السوريون , فعن اي خلافات تتكلمون وعن اي مخاوف تتوجسون. كونو ثقة يا اخوتي ان كل ما يصيبنا من بلاء هو منشط لوطنيتنا الدؤبة ,هو اكسير وطنيتنا والغد قادم محمل بفجر حر. ورحم الله حكم دراق السباعي الذي جعلني انال شرف انه حملني مرتين واستشهد بعد اصابتي باسبوع وهو يسعف شخصا مثلي وعافى الله مصابين وطني ووطني من شر ظلام السلطة وعود على بدء.

=======================

طبيعة الدور الإيراني في الشرق الأوسط

بقلم: د. سنية الحسيني

يستحوز الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط على اهتمام كبير من قبل الكثيرين، إذ يقر الجميع بدور إيراني إقليمي فاعل في هذه المنطقة، ولا ينحصر هذه الدور فقط في التأثير السياسي، وإنما يشمل أبعاداً جيوبوليتية واستراتيجية بالاضافة إلى الأبعاد الثقافية والدينية. ويعتبر الدور الإيراني وتأثيره في الشرق الأوسط نتاج طبيعي لسياسة إيران الخارجية التي يقر العديد من المحللين والمهتمين والمتابعين بغموضها وصعوبة فهمها.

 

 تنطلق سياسة إيران الخارجية في رؤيتها للعلاقات الدولية من منطلق مصالحها الحيوية، ويبدو أن الصراع بين الإصلاحيين والمحافظين ليس له انعكاس ظاهر على جوهر السياسة الخارجية الإيرانية وأهدافها وإنما على آليات واستراتيجيات تحقيقها، لأن قضية المصالح الوطنية الإيرانية تبقى محل إجماع وطني. وقد لا يكون الدور الذي تلعبه إيران اليوم في المنطقة فقط وليداً لسياستها الخارجية الراهنة، وإنما يعود لوجود عوامل أخرى ساعدت على بلورة وانضاج وتصاعد هذا الدور. فإيران لم تخرج في سعيها لتحقيق أهدافها الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط عن أهدافها وسياساتها طوال سنوات الحرب الباردة وقبل استيلاء الثورة الإسلامية الخمينية على الحكم.

 

 لعبت إيران خلال فترة حكم الشاه الدور الإقليمي الأقوى في منطقة الشرق الأوسط وكانت حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة، الأمر الذي سهل عليها تحقيق نفوذ ملموس خصوصاً بعد جلاء القوات البريطانية عن شبه الجزيرة العربية. وتوجه الاهتمام المركزي لسياسة إيران الخارجية منذ ستينات القرن الماضي نحو غرب آسيا في الخليج جنوباً والبلدان العربية غرباً، وأفغانستان وباكستان والمحيط الهندي في الشرق والجنوب الشرقي. وكانت إيران تبرر سياستها الخارجية آنذاك بحماية مصالح الأمن القومي الخاصة بها، وحماية استقرار تلك البلدان متحججة بضمان أمن خطوط نقل النفط عبر الخليج.

 

سلكت إيران سياسة نشطة تجسدت بتدخل مباشر وآخر غير مباشر عن طريق الدعم المادي والعسكري، فقد دعمت إيران القوات الكردية بالسلاح في شمال العراق للبدء بحرب ضد الحكم المركزي في بغداد، وتدخلت في اليمن الشمالي خلال الحرب الأهلية ما بين عامي 1962 و 1970 لدعم الملكيين ضد النظام الجمهوري وقوات الجيش المصري المؤيد للجمهوريين، كما ساندت سلطنة عمان عام 1971 وحاربت معها ما بين عامي 1973 و 1976 جبهة التحرير في إقليم ظفار الجنوبي من السلطنة.

ولم تتورع إيران عن شن اعتداءات أو سلوك مواقف مزدوجة تحقيقاً لأهدافها، فقد شاركت عام 1973 في ضرب رجال العصابات في إقليم بلوخستان الباكستاني المتاخم لحدودها، وأوقفت دعمها للأكراد بعد اتفاق إيراني عراقي، كما بقيت تلعب دوراً هاماً في عمان رغم انتهاء القتال محتفظة بعدد من قواعدها الجوية والبحرية.

 

 وبعد قيام الثورة الإسلامية طرأ تحول على علاقات إيران الدولية والإقليمية في المنطقة، خاصة بعد تبدل سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران واعتبارها عدواً بعد أن كانت حليفاً، واصطدام مبادئ الثورة الإسلامية بجدار الاختلاف السياسي مع العديد من الأقطار الإسلامية والعربية والاختلاف المذهبي مع الحركات الإسلامية السنية. ولكن طموحات الجمهورية الإسلامية وأهدافها السياسية بقيت ثابتة ولم تتغير رغم الحصار الأمريكي والعزلة العربية الإسلامية، إلا أن إستراتيجية إيران في تحقيق سياستها الخارجية هي التي اختلفت.

 

فإيران لم تخف رغبتها وسعيها للهيمنة في منطقة الشرق الأوسط لتصبح القوة الاقليمية العظمى. إلا أن افتقاد إيران للقوة العسكرية الكافية الضروريه للعب هذا الدور يعتبر المعضلة الحقيقية التي تواجه إيران اليوم في تحقيق أهداف سياستها الخارجية في المنطقة، والتي امتلكتها إبان حكم الشاه وتحالفها مع الولايات المتحدة.

 

ولأن إيران لا تمتلك شريكاً إستراتيجياً مميزاً تستطيع الاعتماد عليه لدعم مكانتها وسياستها الإقليمية وضمان أمنها وتطور اقتصادها، لجأت إلى عقد شراكات بديلة وتحقيق التوازنات. وعلى الرغم من نجاح إيران في تحقيق الشراكة مع بعض دول أوروبا، لم توفر هذه الشراكة لها بديلاً عن الولايات المتحدة، وظلت أوروبا محكومة بموقف الولايات المتحدة وإسرائيل من إيران إلى حد كبير وخاصة فيما يتعلق بقدرة إيران النووية ودورها في منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل عام.

 

وعلى الرغم من القلق الروسي الصيني من تصاعد إيران مسلحة نووياً، خلقت المصالح المتبادلة بين إيران من جهة وكل من الصين وروسيا الإتحادية " كل على حده" من جهة أخرى علاقات شراكة وتحالفات متنوعة ومتوازنة، إما لمواجهة سياسات الولايات المتحدة في المنطقة وأما من منطلق تبادل المنفعة. ولا تعتبر إيران شراكتها مع هذين البلدين بديلاً مؤقتاً إلى أن تستعيد علاقاتها مع الولايات المتحدة وتنتهي العقوبات، وإنما تعكس هذه الشراكات قراراً إستراتيجياً يهدف إلى تعزيز الاستقلال في مواجهة الغرب.

 

 لقد تعدت أهداف السياسة الخارجية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط حدود الاهتمام بالأمن القومي والإقليمي إلى مرحلة الهيمنة وبسط النفوذ في مناطق عديدة عربية وإسلامية مجاورة للجمهورية الإسلامية وبعيدة عنها. ويؤكد قادة إيران أن بلادهم تسعى لتحقيق أهدافها الخارجية من خلال نمطين من القوة: القوة الخشنة كآلية دفاعية لحماية مصالح وطنية حيوية، وكقوة ردع تدعم مكانتها ومركزها الإقليمي بين دول المنطقة والعالم، والقوة الناعمة لتحقيق تنامي الدور والمصالح والهيمنة والتغلغل في المنطقة.

 

وتقوم القوة الخشنة على امتلاك القدرة العسكرية الكبيرة والفعالة لضمان تحقيق أهداف إيران الخارجية في المنطقة بضمان مكانة إقليمية مميزة وقدرة لبسط النفوذ. وتستخدم إيران قوتها لتحقيق سياستها الخشنة في منطقة الشرق الأوسط سواء من خلال حروبها المباشرة كحربها مع العراق أو امتلاك السلاح النووي. ذلك السلاح الذي سيمنحها قوة ردع جبارة في منطقة لا تمتلك أكثر دولها ذلك السلاح، إذ أن امتلاكه يجعل إيران نداً نووياً لأقوى دول المنطقة وأكثرها نفوذاً وعلى رأسها إسرائيل، كما سيغير بالتاكيد من معادلة التوازن العسكري في المنطقة بأسرها، الأمر الذي يفسر مساعي إسرائيل والولايات المتحدة المتواصلة وتجنيد الحلفاء من أجل ردع إيران عن المضي قدماً لامتلاك السلاح النووي. ولم تختلف سياسة إيران اليوم باملاك القوة الخشنة لتحقيق أهداف سياستها الخارجية عن سياسة إيران في الماض، فقد سعت إيران أن تكون قوة عسكرية مميزة في منطقة الشرق الأوسط منذ عهد الشاه بل وسعت إلى امتلاك ترسانة نووية عسكرية ووضعت أسسها بدعم ومساعدة من الولايات المتحدة حليفتها الأقوى في ذلك الوقت.

 

واستخدمت إيران الإسلامية القوة الناعمة أيضاً في سبيل تحقيق أهداف سياستها الخارجية، فلم تخفِ إيران نواياتها ببسط نفوذها بوسائل مختلفة منها "تصدير الثورة" ودعم حلفاء لها سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً، ناهيك عن دعم القوى الشيعية في المنطقة. ومنذ أن أطلق المرشد الروحي للثورة الإسلامية الامام "الخميني" مشروع "تصدير الثورة" قبل ثلاثة عقود، لم تتراجع إيران رسمياً عنه حتى يومنا هذا. فاعلان إيران رفضها لوجود إسرائيل في المنطقة، ودعمها حركات المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي، أكسبها تعاطفاً لدى بعض شعوب المنطقة، ومنحها قدرة على التغلغل داخل منطقة الشرق الأوسط. إلا أن سياسة إيران في "تصدير الثورة" عقدت العلاقات بينها وبين العديد من دول المنطقة وعلى رأسها العراق، فاندلعت الحرب العراقية - الإيرانية عام 1988، وتوترت العلاقات الإيرانية الخليجية خصوصاً وأن إيران لم تنسحب من الجزر العربية التي احتلتها إبان حقبة الشاه ولا تزال تحتلها حتى اللآن، كما عانت العلاقات الإيرانية المصرية من أزمات متتالية.

 

وتدعم إيران حلفاءها في المنطقة وعلى رأسهم سوريا الحليف العربي الأكبر، كما تدعم حكومة البشير في السودان بالمال والسلاح لتضمن لها مكاناً ونفوذاً في إفريقيا. ونجحت إيران في دعم حركات شيعية وإسلامية في بلاد عربية أخرى لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها حزب الله في لبنان، تلك الحركة الشيعية التي باتت اليوم ركناً أساسياً في التشكيلة السياسية اللبنانية، وذراعاً شيعياً قوياً في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك حركتي حماس والجهاد الإسلامي التي تدعمتها إيران دعماً سياسياً ومالياً ولوجستياً كبيراً، بالاضافة بالطبع إلى دعمها للحوثيين في اليمن، وكذلك بعض الحركات الشيعية والاسلامية في مناطق عربية أخرى مما أدى إلى تغلغل إيران في صميم القضايا الداخلية لدول المنطقة.

 

ولا يخفى الدور الذي تلعبه إيران في العراق على أحد بعد دعمها لحرب الولايات المتحدة لضرب نظام صدام حسين في العراق، وزعمها بدعم المقاومة ضد الإحتلال الأمريكي للعراق بينما تهادن المرجعية الشيعية الموالية لها هذا الاحتلال. وترفض إيران وجود سلطة عراقية قوية تحكم بمعزل عن سلطتها ونفوذها، ولا تحف داعمها ومساندتها للشيعة على حساب السنة، الأمر الذي فتح جبهة جديدة للصراع بين إيران والدول العربية الداعمة لدور ومكانة سنة العراق في حكم البلاد. وقد مارست إيران ذات الدور في أفغانستان بعد سقوط حركة طالبان السنية بمساعدة إيرانية معلنة للولايات المتحدة، ودعم إيراني للشيعة على حساب الأغلبية السنية. ولم تستطع إيران أن تخفى ازدواجية مواقفها في ظل الثورات العربية الحالية، فعلى الرغم من دعمها الصارخ للثورة المصرية وانتقادها الشديد لقمع حكومة البحرين المظاهرات الاحتجاجية فيها، نجدها تقف ضد الحركة الشعبية المطالبة بالديمقراطية في سوريا وتدعم نظام الأسد مؤكدة أنها لن تسمح بسقوطه وتغض الطرف عن سياساته القمعية.

 

 جاءت الحرب الأمريكية على أفغانستان وما تلاها من حرب على العراق، لتخدم مصالح إيران في المنطقة بعد أن حيدت إثنين من أكبر جيران إيران عداءً، فسقوط نظام صدام حسين أفسح المجال لحلفاء إيران الشيعة للإستيلاء على الحكم. كما ساعدت التحديات التي واجهتها الولايات المتحدة كقوة احتلال في العراق وأفغانستان وغرقها في معضلات لا زالت تبحث عن حلول ومخارج منها، إلى تصاعد مكانة إيران الإقليمية ودورها الإستراتيجي في المنطقة. كما كان لمحاولات الولايات المتحدة فرض العزلة والعداء للسلطة في سوريا وحزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين إعطاء المزيد من الزخم لإيران الداعمة لهذه القوى العربية. ساعدت هذه العوامل مجتمعه في دعم المكانة الإقليمية لإيران اليوم في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في ظل فشل سياسة العقوبات الأمريكية والضغط الدولي على إيران في حل مشكلة الملف النووي الايراني .

 من الصعب انكار الدور والمكانة الإقليمية التي تحتلها إيران اليوم خاصة إذا ما نجحت في تحقيق حلمها النووي، وتعزيز نفوذها السياسي والديني داخل بلدان عديده في منطقة الشرق الأوسط، وبالمقابل لا يمكن تجاهل أثر تفاعلات الوضع الداخلي الإيراني الراهن والمستقبلي في ضوء المتغيرات التي تجري في المنطقة على قوة إيران ودورها. كما أن التحول الديمقراطي الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط قد يغير موازين القوة بين دول المنطقة وتحالفاتها، مما يعيد صياغة أدوار هذه الدول ونفوذها في معادلة التوازن الاقليمي، فقد يؤدي انهيار نظام بشار الأسد في سوريا إلى احداث انقلاب في التحالفات وموازين القوى في المنطقة.

=========================

كلمة في طلب الحماية الدولية من جانب الهيئة العامة للثورة السورية .. خطوة بالغة الأهمية على طريق نقلة حاسمة في مسار الثورة

نبيل شبيب

أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية، كبرى التشكيلات القيادية للثورة ميدانيا وإعلاميا، عن مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 27/9/2011م في واشنطون تمهيدا للتقدم بطلب لمجلس الأمن الدولي بحماية المدنيين. ودون استباق ما سيتم إعلانه في البيان الصحفي، وما هي فحوى الطلب الموجه لمجلس الأمن الدولي، ومع الإشارة إلى ما نشر من تعليقات في مواقع شبكية مختلفة بما في ذلك موقع الهيئة، ينبغي تأكيد عدد من المعلومات والحقائق المبدئية:

1- من يطلع على واقع الهيئة، وإنجازاتها داخل سورية، ومواقفها الصادرة عنها حتى الآن، وتواصلها مع مختلف الأطراف في نطاق الثورة الشعبية في سورية ومن يسعى لدعمها والسعي لتحقيق أهدافها، يعلم أنّها تنطلق من إن إسقاط النظام الاستبدادي المتهالك في سورية، هو الهدف الأول الذي لا مساومة عليه، وأنه هدف لا يتحقق إلا عن طريق شعب سورية الثائر، وجميع الجهود الأخرى تصبّ في دعم هذا الهدف، إيجابيا ما دامت تنطلق من أرضية مشروعية الثورة، وسلبيا في حالة التنازع على ذلك بغض النظر عن النوايا والتوجهات.

2- سبق أن أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية، أنّ مطلب "الحماية المدنية" الذي انطلق من الجماهير الشعبية الثائرة ردّا على بلوغ درجة الإجرام القمعي من الهمجية حدّا غير مسبوق في سورية ولا سواها، هو مطلب لا يعني التخلّي عن رفض التدخل العسكري الأجنبي، إنّما ينطوي على ضرورة حصار بقايا النظام وسدّ المنافذ التي تعتمد عليها، إقليميا ودوليا، في استمرار الحفاظ على قدرتها لممارسة القمع الهمجي وتصعيده.

3- رصدت الهيئة كسواها أن ما وصلت إليه الثورة الشعبية في ليبيا رغم ملابسات التدخل العسكري جوا دون إنزال قوات برية، تدفع قطاعات شعبية ثائرة في سورية للدعوة إلى حظر جوي مشروط، لا سيما وأن ازدياد انضمام العسكريين الشرفاء، من ضباط وجنود، إلى الثورة، يضاعف احتمال اعتماد النظام القمعي على الطائرات العسكرية، وقد بدأ فعلا في استخدام المروحيات المقاتلة، وفي خرق جدار الصوت بالمقاتلات الحربية، بينما لم يعد مستبعدا أن تنهار البنية الهيكلية للقمع داخليا، نتيجة الدور الذي تقوم به أو يمكن أن تقوم به مجموعات الضباط والجنود الشرفاء أداء لواجب الدفاع عن الشعب، وهو الواجب الأصلي للجيش الوطني السوري.

4- لا يخفى وجود توافق كبير بين فعاليات ثورية سورية، ومعارضة سياسية تقليدية، على مطلب تحويل مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في سورية للمحكمة الجنائية الدولية، رغم الشبهات المرتبطة بها، ومحورها تمكين مجلس الأمن الدولي، وبالتالي الدول الدائمة العضوية فيه، أن تستخدم المحكمة تجاه مرتكبي مثل تلك الجرائم، خارج نطاق الدول الخمس الدائمة العضوية تحديدا، وهو ما لا يزال يمثل إساءة لسمعة المحكمة الجنائية الدولية، لن يزول إلا بإصلاح حقيقي للمنظومة الدولية للأمم المتحدة نفسها.

5- الأصل في مقاضاة المسؤولين المجرمين أن تكون داخل سورية بعد إسقاط النظام القمعي الاستبدادي، ويثبّت ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، أنّ لذلك الأولوية، فإن لم يتحقق تأتي الخطوة التالية وهي أن يوكل الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية.

6- إن التحرك الذي تقدم عليه الهيئة العامة للثورة السورية، لا يكتمل إلا بالخطوات التالية المنتظرة منها، لتثبيت الرؤية السياسية المنبثقة عن المشروعية الثورية، والتي تعتبر هي الأرضية التي لا بد أن ينطلق منها أي مشروع سياسي لمستقبل سورية.

. . .

لا ريب أنّ هذه الخطوة من جانب الهيئة العامة، لا تظهر أهميتها الكبيرة للعيان إلا من خلال وضعها في الإطار الأشمل للمرحلة الراهنة في مسار الثورة الشعبية في سورية، وفي هذا الإطار ورد لكاتب هذه السطور سؤال عن العوامل التي تلعب دورها في التأثير على هذا المسار حاليا، وكانت إجابته على ذلك من خلال النقاط التالية:

العامل الأول: الشعب الذي صنع الثورة، ولا يبدو أنه سيتراجع قبل إسقاط النظام، فلن يقبل بأنصاف الحلول أو ما يسمى حلول وسطية، والسؤال هو: كم يبلغ حجم التضحيات.

العامل الثاني: القيادات الميدانية، وهي مستهدفة أكثر من سواها، ولا يزال الثوار قادرين على التعويض عن الخسارة بأعداد مضاعفة، والسؤال: ما هي قدرة هذه القيادات على التواصل والتنسيق رغم الظروف المعيقة القاهرة، وما هي قدرتها على بلورة الرؤى السياسية للشعب الثائر في صياغات تفرض نفسها محليا وإقليميا ودوليا فلا يمكن تجاوزها.

العامل الثالث: المعارضة السياسية التقليدية، وضرورة ارتفاعها إلى مستوى الثورة، والآن فقط بدأت تظهر مؤشرات في هذا الاتجاه، وهو ما يشهد عليه تأسيس المجلس الوطني السوري، وازدياد مؤشرات اكتماله والإعلان عن تأييده من جانب أطراف عديدة في الساحة السورية، والسؤال: كم سيستغرق وصول المعارضة إلى توحيد كلمتها على الكليات الكبرى التي تمثل قواسم مشتركة، وتأجيل الاختلافات إلى مرحلة التنافس المشروع بعد إسقاط النظام وإرساء دعائم الدولة الجديدة، مع ضرورة تلاحمها مع الثورة على أساس المشروعية الثورية، وتجنبها الحلول الوسطية مع قوى أجنبية لها مآربها الذاتية.

العامل الرابع: القوى الإقليمية والدولية، ومتى تنتقل من مرحلة التخلي عن النظام كلاميا الى مرحلة استكمال حصاره بمقاطعة اقتصادية وتجارية ومالية وعسكرية (توريد السلاح) وديبلوماسية، ومن شأن ذلك أن يضاعف سرعة الانهيار الداخلي لبنية النظام الهيكلية (الأمنية القمعية والمالية والعسكرية).

العامل الخامس: احتمالات التدخل العسكري الأجنبي، والسؤال هل يقع.. وكيف.. ومن يشارك فيه، وإن وقع -وهذا ما يحمل النظام القمعي وحده.. المسؤولية عنه- فسيكون مرتبطا بمآرب من يشارك فيه، مما يؤثر على توجهات الثورة، ولا يمكن مسبقا التنبؤ بما يعنيه ذلك على ارض الواقع وإلى أين ينتهي، مع استمرار الاعتقاد بأن الثورة لن تتوقف زمنيا إلا بعد الوصول إلى كامل أهدافها.. ولو بعد حين.

جميع العوامل السابقة ترتبط ببعضها بعضا، وجميعها رؤية ذاتية.. تتكامل من خلال الاطلاع على رؤى أخرى من جانب المخلصين لثورة سورية.

========================

عن الحياة والموت في شرط الاستبداد

* محمد حيان السمان

فجأة يكتشف قسم كبير من السوريين المقهورين والمهمّشين والمترَعين خوفاً وذلاً, أن الحياة التي كانوا يمرّرونها يوماً بيوم وسنة بعد سنة, ليست إلا شكلاً آخر من أشكال الموت, بل هي الموت بحد ذاته وفي أكثر حالاته قسوة وجذرية.

لقد تحدث أوكتافيو باث, الشاعر المكسيكي العظيم, في واحدة من أروع قصائد القرن العشرين على الإطلاق - حجر الشمس – عن الموتى المُمعنين في موتهم, والذين لا يستطيعون الموت بموت آخر..! . لقد بدا أخيراً أن السوريين قرروا رفض الإمعان في موتهم السري البطيء, ولو اقتضى الأمر أن يستبدلوا به موتاً علنياً مروّعاً, ترصده كاميرات المحمول وترسله بسرعة البرق حياً بالدم وبالأشلاء لتبثه بعدُ الفضائيات ومواقع التواصل على الإنترنت.

الموت ولا المذلة !! يقول السوريون في الساحات والشوارع. وهم يعرفون تماماً أن الموت غدا احتمالاً وارداً بقوة, كل مرة يخرجون فيها لمواجهة الاستبداد والقتلة. أي إنهم مدركون تماماً وبوضوح كامل لمعنى الشعار وتبعاته. إنهم يرفضون بتصميم ووعي كاملين الموتَ بالذل, ولو اقتضى ذلك مواجهة الرصاص بصدورهم العارية وأجسادهم المكشوفة. لقد اختاروا موتاً آخر, لأنهم يرون فيه طريقاً إلى الحياة الحقيقية.

ثمة هنا ما يشبه إعادة اكتشاف وتعريف للمعنى الحقيقي للموت والحياة. كلاهما, الموت والحياة, وجميع الأسماء والمعاني المستباحة في عهود الاستبداد, تبحث الآن عن انبعاث حقيقي وصيرورة جديدة, حيث لا تخون الكلمات معانيها, ولا الأسماء أشياءها: الحياة تعني الحياة واستحقاقاتها التي بدونها ليست حياة: الحرية... العدالة... الكرامة... انتفاء الخوف والارتجاف المستمر للقلب عند كل شأن بسيط من شؤون العيش العادي.

كذلك الموت يتحدد وتعود له صفاته الحقيقية التي يُعرف بها وتدل عليه : الذل.. الظلم.. النفي المستمر للطمأنينة الاجتماعية بما هي تكامل بين الحق والواجب, تهشيم لا يرحم للاستقلالية والاختيار الحر, الإقصاء ومحاصرة الكيانات الفردية والمجموع العام بأسوار بادية للعيان أو مخفية لكنها حاضرة دوماً وفي كل لحظة وكل يوم. وأخيراً هذه الحركة الثابتة المستمرة من فرض الانصياع والرضوخ اللذين يشوهان معنى الإنسان ومعنى الوجود الإنساني.

اكتُشف المعنى الحقيقي للحياة إذاً... وبالتالي للموت. وبدا أن ما كان يُعاش على أنه الحياة, ليس أكثر من موت مموه خدّاع. وأن ما كان يجري التخويف به ومنه – الموت – ليس إلا شكلاً من أشكال السير نحو الحياة الحقيقية المنحّاة جانباً طوال عقود. إنه مَعْبرٌ لابد منه فيما يبدو إلى الحرية واستحقاقاتها الإنسانية والسياسية والاجتماعية.

يترتب على هذا الاكتشاف, كما يتجلى فعلاً في مواقف المنتفضين السوريين منذ أشهر, عدم الاكتراث كثيراً بالموت الذي يضخّه قتلة النظام من كل الجهات وبكل الوسائل - قولوا الله وعلوا الصوت نحنا ما منهاب الموت - !. إن رفض الموت المموه = الحياة في السياق الاستبدادي, الذي خضع له السوريون طوال عقود, يدفعهم بقوة نحو الحياة الحقيقية = الحرية, التي اكتشفوا أخيراً معناها ومقتضاها, ولو عبر موتهم الجديد الذي صار شكلاً من أشكال النداء الفتان نحو أفق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وهذا ما يفسر الشجاعة العظيمة التي يواجه بها شباب سوريا جلادي الشعب وقتلته, حتى ما عادت تنفع معهم كل أساليب القتل والترويع التي يستخدمها الأمن والشبيحة بحقهم, بكل لؤم وخسة ووحشية. لقد عاشوا اللحظة الجديدة بكل كيانهم المتعطش للحياة والمنبعث من رماد موت مموه بقناع حياة الذل والخوف. ما عاد ممكناً القبول بأن يعودوا إلى موتهم بعد أن ذاقوا معنى الحياة الحقيقية ولو في تفتحاتها الأولى, ومذاقها المفاجئ الطارئ.

من مقتضيات هذا الاكتشاف أيضاً الانصراف المؤقت عن ممارسة ما هو متاح ومعروض من أشكال الحياة السابقة = الموت المموه بالحياة. وذلك بما يشبه إضراباً عن الحياة في شرط الذل والاستبداد.. رفضاً نهائياً لخدع الموت التي كانت تجري باسم الحياة. التعليم مثلاً... لقد رفض المنتفضون أن يتلقى الأبناء التعليم في صروح استُخدمت للتعذيب والاعتقال الظالم بحق الآباء: كيف يجلس الأطفال على المقاعد نفسها التي تلقى آباؤهم عليها الصفع و الإهانة والتنكيل ؟؟ وكيف يدخلون الصفوف التي كانت بالأمس القريب فضاءات رعب وإذلال لآبائهم ؟؟. لكن الأمر يتعدى ذلك في الحقيقة, وتم التعبير عنه: إنهم يرفضون التعلم في السياق الاستبدادي, لأنه ليس أكثر من شكل مموه من أشكال موت العقل والمعرفة. إنه اغتيال للعقل والروح يجري باسم حياتهما بالذات: التعليم !

كان المصريون قد عبّروا في ميدان التحرير عن تأجيل ممارسة الحياة في السياق الاستبدادي, لأنها ممارسة للموت المموه لا أكثر ولا أقل. وفي شعاراتهم ما يشير إلى أنه لا يمكن ممارسة الحياة إلا بعد سقوط الطاغية وانتفاء الاستبداد. وجميعنا يذكر تلك الكلمات التي رفعها شاب مصري جميل الروح والهيئة, تقول: ارحل مراتي وحشتني ..متزوج من 20 يوم!! . وعلى لا فتة أخرى نقرأ: ارحل ..الولية عاوزة تولد والولد مش عايز يشوفك.

يؤجلون الحياة وأفراحها الصغيرة التي يشترطها المعنى الحقيقي للحياة, ريثما يُسقطون الطاغية ومعه ذلك الموت المموه الذي هو الحياة في ظل الاستبداد.

*كاتب وباحث من سوريا .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ