ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 01/10/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

زينب الحصني!

بقلم الكاتبة الفلسطينية لمى خاطر

كنت أهمّ بالكتابة حول الوهم الفلسطيني الجديد الذي يراد لنا أن نتجرعه ونغني له رغماً عن أنوفنا، والمسمى دولة مؤجلة، لولا أن حكاية الشهيدة السورية (زينب الحصني) قد أحدثت لديّ صدمة مقيمة في الوعي، ليس لأنني فوجئت بفصل جديد من إجرام النظام السوري في إطار (نضاله المستميت) ضد الثورة الشعبية، بل لأن القصة أثبتت فعلاً أن هذا النظام قد أتقن الإجرام حتى الثمالة، وبرع في الكذب بشكل لم يسبق له مثيل، ولا حتى في عرف مدرسة (جوزيف غوبلز) وزير الدعاية السياسية في عهد ألمانيا النازية، وصاحب نظرية (اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس).

 

فقد تآلف النظام السوري مع أكاذيبه، وما عاد يشكّ بأن الأرواح البريئة التي يحصدها يومياً هي فيالق عصابات مسلحة تستهدف وحدة سوريا وقيادتها، وموجهة من قوى خارجية اشتركت في حبك فصول (المؤامرة) على سوريا. ولذلك فقد سوّغت عناصر الأمن لنفسها ارتكاب جريمة خطف واغتصاب وقتل وحرق كتلك التي جرت بحقّ الفتاة السورية (زينب الحصني) من مدينة حمص الباسلة، وهي حالة من عدة حالات جرت مع فتيات أخريات تم اختطافهن لإجبار أقاربهن من الشباب على تسليم أنفسهم لشبيحة النظام!

 

(زينب الحصني) هي شقيقة الشاب (محمد ديب الحصني) الذي كان ناشطاً في التظاهرات التي جرت في مدينة حمص، ولما كانت أجهزة الأمن السورية تحكم بالإعدام مسبقاً على كل متظاهر وخصوصاً من يقودونها ويشتهرون بالهتاف ضد النظام، فقد سعت لاختطاف الشاب محمد الحصني، ولما لم تجده اختطفت شقيقته زينب، وظل مصيرها مجهولاً لأكثر من شهر، إلى أن تم الاتصال بذويها لاستلام جثمانها، فوجودها مقطعة الأوصال ومحروقة، واستلموا معها جثة شقيقها محمد، أي أن الحاجة لاستمرار احتجاز زينب لم تعد قائمة بعد الظفر بشقيقها وقتله، لكنهم لم يفرجوا عنها حيّة بل أشلاء ممزقة، لأن رسالة الرعب البعثية يجب أن تصل إلى أذهان كل (المارقين) والمشتركين في التآمر على سوريا من خلال حناجرهم!

 

زينب هي وجه جديد لمأساة مقيمة في سوريا سبق أن جسّدها جسد الطفل (حمزة الخطيب) وحنجرة (إبراهيم قاشوش)، بلبل العاصي الذي ذبح عقاباً له على إحيائه إحدى مسائيات الثورة في حماة بصوته! وزينب هي واحدة من عشرات الفتيات ما زال مصيرهنّ مجهولا، ولا يتوقع أن يكون أفضل حالاً من مصيرها!

 

كثيرون ما زالوا يستغربون كيف أن الجيش السوري ورجال الأمن يمكن أن يفعلوا كل هذا بشعبهم، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، فما هو المتوقع يا ترى من عناصر نظام ينصّ قانون الطوارئ لديه على عدم السماح بمساءلة أفراد الأجهزة الأمنية على ما يرتكبونه من جرائم خلال تأدية مهامهم الأمنية؟ النتيجة باختصار أن تتحول هذه العناصر إلى قطعان من العصابات، لأن الإنسان بلا وازع ديني أو رادع قانوني كفيل بأن يتحول إلى وحش بشري، وهذا تماماً ما يجري مع شبيحة سوريا!

 

بقدر الفجيعة التي نستشعر مرارتها يومياً ونحن نتابع المشهد السوري الدامي، بقدر ما يغمرنا الفخر ونحن نرى الأكف النازفة ما زالت تناطح مخرز القمع والاستبداد، وما زالت حناجرها صادحة برفض الظلم وإعلان التمرد على عهد الانكسار. ولقد صدق من قال إن الثورة السورية هي أمّ الثورات العربية، لأن مواجهة هذا الطراز من الوحشية الخيالية لا يمكن أن يصدر إلا عن عزائم فذّة ونفوس استثنائية لا تبالي بالموت، ولا بما هو أصعب منه وهو ذلك الإجرام في التعذيب والفتك والتفنن في استباحة أجساد البشر، وهو تقليد لم نعد نراه في غير سوريا!

 

ما عاد لدى المؤمنين بحتمية انتصار المظلومين على جلاديهم أدنى شك بأن بزوغ فجر حريتهم مسألة وقت لا أكثر، لكنها، وفي حال نجاح ثورة سوريا تحديدا، ستكون اللحظة الفاصلة التي تضع حدّاً نهائياً لخوف وانكسار الضمير العربي، وستسدل ستاراً أبديّاً على زمن التردد والبلادة والاستبداد!

=====================

كلمات وجهها عالمٌ من علماء دمشق لتلميذه في الغربة بعد شكوى الحال

وشوشات في آذان العاملين (1) : تفضل عليك فنسب إليك

مجريات الأمور تفضح سرائرنا ، وتُخرج كوامننا ، فترى منا من يتيه على إخوانه لأنه فعل أمراً قبل غيره ، ويغفل أن كثيرين قد سبقوه ، وفلان كان له فضل في إنشاء عمل معين وينسى أن الله قد تفضل عليه فنسب إليه ، وآخر يجمع فضائله فيراها باقة ورود فواحة ولا يتذكر أغلاطه التي تشبه غابة متوحشة يتيه فيها الناس.

قال شاب مغرور لأصحابه: أنا من صنع وأنشأ هذا العمل، فأجابه أحد الحكماء: ومن صنعك أنت؟

قليل من التواضع يجعل أعمالنا محفوفة بكثير من التوفيق والبركة والتأييد من الله ، وإلا فلن نهتدي إلى الصواب! قال تعالى: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ... ) .. ولمن لا يزال يرى لنفسه فضلاً على إخوانه! نذكره بفاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد تفجر الدم من جرحه ، فيأتي ابنه عبد الله رضي الله عنه يريد أن يضع رأس عمر على فخذه ، فيأبى عمر وهو يحتضر، ويقول لابنه: ضع رأسي على الأرض! فلعل الله ينظر إليَّ في مثل هذا الموطن فيرحمني.

هل فعلت يا أخي ما فعل عمر للأمة؟ وهل تمتلك شيئاً من افتقاره وتواضعه؟ أرجوك: حباً بك وحرصاً على عملك ، انس نفسك قليلاً وسيتضح لك الطريق.

وشوشات في آذان العاملين (2) : صنّاع الانتصار

العامل للحق يبحث عمن يصلح للعمل فيقدمه على نفسه، والعامل لنفسه يشغب على كل عامل، ويظن أن الحق لا يقوم إلا به، فتقع الخصومة، وترتفع الرحمة، ويحصل التنازع (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) ..

حب الرئاسة والتزعم توهماً لاستحقاقها آفة خطيرة في كل عمل، وقد قال المربون: آخر شهوة تخرج من قلوب الصديقين حب الرئاسة، لذا فإن الانضباط لمصلحة عليا شيء يحتاج إلى مجاهدة عميقة. وعندما استبدل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد بأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم جميعا، لم يتغير في وجه خالدٍ ولا قلبه شيء وقال: والله لو ولىَّ عليَّ عمرُ امرأة لسمعت وأطعت.

ومما ينبغي للعاملين الصادقين تأمله طويلاً قصة قائد جيش مغوار، قل حوله الرجال فاستدعى من بقي وقال لهم: لم يبق من رؤوساء الجند إلا القليل ولا بد أن يتقدم من بقي عوضَ من مضى، وأريد من كل واحد منكم أن يذكر ما يطيقه من العمل! فصار كل منهم يقول: أنا أصلح أن أكون رئيس مائة! والآخر قال: أنا أقود ألفاً! إلا رجلاً واحدا قال: أنا أدير اصطبل الخيول! وأعلفها وأرفع روثها! فقال القائد: لله درُّك ... أنت أنت الرجل! فما قيمة جيش تتعب خيوله!

فياأيها العامل لله والمحب لأمتك: ربما في رفع روث الخيول من النفع والأجر واستدعاء النصر ما لايدركه ولا يقدمه القادة الكبار ..

 

وشوشات في آذان العاملين (3) : إياك والغرور

هل تعجبك نفسك؟ هل أنت مغرور لا سمح الله أم من المتكبرين؟ ربما لم تفكر في الأمر من قبل! ولا تدري خطورته!

استشار الفاروق رضي الله عنه مَن حوله، من أجل قائد لأحد الجيوش، فنصحه أحدهم برجل ظنه أهلا! فلم يرضه عمر وقال: إن به كِبراً وأخشى أن يحتقر عدوه فيهلِك.

إذا احتقرت عدوك هلكت يامسكين لأن تقديرك الأمور يصبح سراباً! فما بالك إذا احتقرت أخاك، وكيف إذا ركبك غرور لم تعد ترى معه رفيق دربك في طريق الخير!

ربما تظن الدواء يمر بدورات تأهيلية للعاملين! وهذا وهم شديد، ويكفيك في دفعه قصة سالك سمع عن مرب فاضل فذهب إليه طالباً رعايته ونصحه، واستقبله المربي دون إعطائه حظوة خاصة كان يتوقعها، وبعد أيام سئم الرجل وقال للمربي: كيف لا تهتم بي وقد قطعت إليك مسافة بعيدة!! فأجابه: ليس الأمر بقطع المسافات! فارق نفسك خطوة واحدة تعرف المطلوب.

فيامن تعمل لله : فارق نفسك تلك الخطوة وسترى كم يبعدك الله عن الآفات .. وكم سيتدفق الخير على يديك ألواناً.

========================

المدارس ومعركة الاستقلال

د / نور الدين صلاح*

لست مجانباً للصواب إذا قلت إن الشعب السوري يخوض معركة استقلال ثانية بل يستكملون معركة الاستقلال الأولى التي تحققت في العقد الخامس من القرن الماضي وسطا عليها حزب شمولي واحد احتكر السلطة والنظام، ثم اختزل هذا النظام في طائفة ثم في أسرة واحدة وبإمكاني أن أقول في فرد واحد حيث يؤله اليوم صراحة قولاً وفعلا، بل ويتصرف في البلد كأنه إله يفعل ما يشاء ويتصرف كما يريد، والاستقلال يعني الحرية ويدرك الشعب السوري أن الحرية في سوريا مصادرة بحيث صار الشعب في سوريا أشبه بركاب طائرة مخطوفة، فهذا الحزب الشمولي صادر كل فكر مخالف وكل حراك فكري أو ثقافي معارض، وفرض سيطرته على مناحي الحياة الفكرية والثقافية بدءاً من مؤسسات التعليم مروراً بالمنتديات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بموجب المادة الثامنة من الدستور التي نصت على قيادة الحزب للدولة والمجتمع، حتى المدارس القرآنية في المساجد صار اسمها مدارس الأسد، مستغلا كل موارد الدولة في هذا الاتجاه فقد تماهت الدولة في الحزب وتماهى الحزب في الدولة فصارا وجهين لعملة واحدة، فالدولة هي الحزب والحزب هو الدولة

فرضت طلائع البعث على المرحلة الابتدائية وشبيبة الثورة في المرحلتين الإعدادية والثانوية واتحاد الطلبة في المراحل الجامعية، وسخرت مواد كالثقافة القومية الاشتراكية، حتى مادة التربية الوطنية اختزلت في الحزب والقائد، ومادة الفتوة التي كانت تدرس في المرحلة الثانوية كانت تعكس العقيدة العسكرية الحزبية الشمولية، والتدريب الجامعي كذلك والأنشطة المصاحبة من معسكرات صيفية إجبارية كمعسكرات الفتوة ومعسكرات التدريب الجامعي، فضلاً عن المعسكرات الحزبية الطلائعية والشبيبية، فالتعليم عقائدي والجيش عقائدي والإعلام في خدمة الحزب حتى الدين في مصلحة القائد والجميع يذكر عند قرب الاستفتاءات الرئاسية ولا أقول انتخابات لأنه ليس في سوريا انتخابات، بل هناك مرشح واحد هو مرشح الحزب القائد ومرشح الجبهة الوطنية التقدمية (المعارضة) تصوروا مرشح النظام والمعارضة واحد !!!!!! نذكر جميعاً التعليمات التي كانت تصدر للأئمة والخطباء في المساجد بحض المواطنين على الاستفتاء لصالح الرئيس وتعداد مناقبه ومنجزاته الثورية

وكلنا درسنا في المدارس والجامعات السورية ودرسنا هذه المقررات في مراحل التعليم المختلفة ونعلم هذه الأحادية حتى في القراءة التاريخية المزورة لأحداث سوريا ما بعد الاستقلال فقد زوروا التاريخ، وقُرأ هذا التاريخ من منظور واحد خاص جداً وهو منظور الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد، حتى رفقاء الدرب زُور تاريخهم وشوهت صورتهم في أذهان الناشئة والطلاب

واليوم انطلقت الثورة فكان وقودها هؤلاء الشباب فهم حملة مشاعلها ومبدعوها ومنظروها، وبدأ النظام برشوة هؤلاء في الجامعات والمدارس وذلك بإقامة دورات استثنائية تكميلية وتخفيض شروط النجاح بحيث يحق للطالب مثلاً الترفع مع حمله ست مواد في الجامعات وزيادة فرص الدراسة في الجامعات، ونحن لسنا ضد مساعدة الطلاب ومراعاة ظروفهم، لكن نحن ضد مصادرة حرياتهم وقمعهم كما حصل في كلية العلوم وغيرها في جامعة دمشق وكما حصل في السكن الجامعي في جامعة حلب من قمع واعتقال وفصل للطلاب من الدراسة، واتخاذ القرارات الجائرة في هذا السكن بحيث منعت شريحة كبيرة من الطلاب من السكن فيه بحجة قرب قراهم من حلب، واليوم طالت أيدي الغدر مدرسي هذه الجامعات ممن لهم رأي موال للمعارضة والمظاهرات فاغتيل بعض هؤلاء على يد الشبيحة وعملاء النظام، لقد حول النظام المدارس إلى معتقلات ومراكز للتحقيق والتعذيب، وبعض المدارس صارت مأوى للشبيحة يقيمون ويرتعون فيها، واستخدمت أسطح المدارس وشرفاتها مراكز ثابتة للقناصة، هذه المدارس التي من المفترض أن تكون مصدر إشعاع وتنوير وتربية وتعليم صارت في حس الناس مراكز للأمن والقمع والشبيحة والخوف

بدأ العام الدراسي واجتمع الطلاب بعد صيف ساخن رأى الطلاب فيه النظام على حقيقته، واكتشف الطلاب مدى الزيف والتضليل الذين كانا يمارسان عليهم، ما زالت الشعارات الحزبية مرفوعة في جنبات المدرسة تشكل تحدياً صارخاً وإهانة مدوية لمشاعر التلاميذ وهم يصطفون لتحية العلم، وصور الرئيس إلى جانب العلم، نظر الطلاب إلى قاتل النساء والأطفال والمسنين ومستبيح الأموال والأعراض والدماء، وطُلب منهم أن يهتفوا للقائد والحزب والوطن، فهتفوا للوطن وسخروا من شعارات الحزب وهتافاته وحولوها بفطرية إلى شعارات مضحكة أو مؤيدة للثورة، وبدأت حركة التعبير الفطرية بتمزيق صور الرئيس وتمزيق المقررات الحزبية كمنهاج الثقافة القومية، وبعضهم عمد إلى طمس اسم المدرسة التي تمثل رمزاً حزبياً أو تحمل اسم شخص يمثل هذا النظام وحوّل الطلاب بحركة إبداعية فطرية أسماء هذه المدارس إلى أسماء شهداء الثورة، ولما قمعوا من بعض المدراء والمدرسين الحزبيين تحولت هذه المظاهر الاحتجاجية إلى مظاهرات تنادي بشعارات واحدة (لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس) بهذه البساطة والعفوية بدأت هذه المظاهرات لكن النظام الذي قتل حمزة الخطيب وهاجر الخطيب وقتل على يديه من شهداء أطفال الثورة ما يربو على مائتين وعشرين حتى اليوم، لم يتورع عن فتح النار عن بعض هذه التظاهرات فقتل ثمانية طلاب وجرح العشرات في مدرسة واحدة، وحوصرت بعض المدارس واقتحم بعضها وبدأت حملات التنكيل والاعتقالات في صفوف أبناء هذه المدارس مما حمل الكثير من الأهالي على الإحجام عن إرسال أبنائهم إليها، ثم بدأت ظاهرة خطف الفتيات وطالبات المدارس من قبل الشبيحة فقد سجلت سبع حالات في حمص وحدها مما اضطر الأهالي أيضاً إلى منع بناتهم من الذهاب إلى المدارس، إن الحقيقة التي أريد أن أشير إليها تتمثل في أمور :

الأول : كما سقطت التماثيل بمعاول الثوار ومزقت صور الرئيس ورموز نظامه بأيديهم سقطت شعارات الحزب وإيديولوجياته من نفوس طلابنا وأبنائنا وعقولهم ومشاعرهم، وهذه نتيجة طبيعية فسقوط الأصنام على الأيدي نتيجة طبيعية لسقوطها من النفوس والقلوب، وأصبحت شعارات الحزب العقائدية والسياسية والاجتماعية مثار ضحك وسخرية وتندر، إن هذه الحالة أعلنت بجلاء شهادة وفاة حقيقية لهذا الحزب المتسلط المتخشب

الثاني : عادت الروح التي كنا نعرفها ونسمع عنها إلى المدارس، فقد كانت المدارس مراكز انطلاق الثورات والاحتجاجات على المستعمر الفرنسي ومن جاء بعده من الطغاة والمستبدين، وكانت المدارس الأماكن الساخنة للحوارات الفكرية والثقافية، ولقد استطاعت أداة القمع عبر عقود من السنين أن تنزع هذا الدور منها وأن تبث الرعب والخوف بين أبنائها، واليوم عادت لتأخذ مكانها الطبيعي والرائد

الثالث : لكن بالمقابل سوف تضم المدارس في ثناياها من رأى القتل في الشوارع وكان شاهداً على الهمجية واقتحام البيوت والحرمات وبعضهم دخل المعتقلات ورأى إهانة الكرامة والتعذيب بصنوفه وأشكاله وهذا ما سيترك ندبة نفسية، وسينقل هذه الصور البشعة إلى محيطه ودائرة تأثيره وسوف تتعرض الهوية الوطنية إلى اختبار عسير وهزة عنيفة، هل يعقل أن ابن الوطن يفعل بمواطنه مثل هذا !!!!

هذا الانفصام النفسي سوف يترك أثره وسوف يولد ندبة لن تمحى بسرعة وسوف يمر وقت طويل وطيف هذه الذكريات المؤلمة لا يفارق مخيلة أبناء هذا الجيل، فضلاً عن الاستقطاب الكبير الذي حدث في المجتمع وسالت فيه الدماء وانتهكت فيه الحرمات، لقد رأى أبناء الجيل وطلاب المدارس جيشهم العربي السوري بأبشع صورة وأسوأ ما يمكن للخيال أن يتصوره، لقد رأى الدبابة السورية تقتحم الشوارع وتندس بين البنايات وتنشر الرعب والخوف، ورأى أفراد الجيش يقتحمون البيوت ويضربون ويشتمون ويقتلون ويسحلون، ورأى الرصاصة السورية تستقر في صدور الأطفال والأمهات ، فأي صورة للوطنية سوف تبقى في الوجدان !!!!

إن هذا الجيل يحتاج إلى إعادة تأهيل وطني من جديد نتيجة هذه الهزات النفسية العنيفة، والذي سيساعد في ذلك نجاح الثورة وسلميتها وتعاملها الحضاري والقانوني مع المخالف، وتصحيح المؤسسات القمعية لصورتها وعلى رأس ذلك الجيش الذي ينبغي أن ينحاز إلى الشعب ويعدّل الصورة المشوهة التي رسمها لنفسه، ويقف الموقف الصحيح في المعركة التي زج بها

أيها الضابط سيراك ولدك التلميذ وأنت تعتقل زملاءه وتقتحم مدرسته وتعتدي على حرمتها وتقتل هذه الطفولة البريئة ورجال الغد وأمل المستقبل، تذكر أيها الضابط أنك أب قبل أن تكون ضابطاً وتذكر أن ولدك معرضٌ لما تعرّض له أبناء وطنك، ولن تغني التبريرات ولا الذرائع التي يسوّقها النظام لجرائمه، وإن النار التي أشعلها النظام سيكتوي بها وليس أحد بمعزل عنها، وسيكتب التاريخ عن طاغية النظام قاتل الأطفال وستكون الرواية بليغة صادقة لأن من سيكتبها هم طلاب المدارس شهود الثورة الحقيقيون

*مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية

===========================

المشروع الإسلامي .. لماذا؟

أ.د. عبد الرحمن البر*

جاء في البروتوكول الأول من بروتوكولات حكماء صهيون: «إن السياسة لا تتفق مع الأخلاق في شيء، والحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع، وهو لذلك غير راسخ على عرشه».

هذه العبارة هي خلاصة ما كتبه مكيافيللي في كتابه (الأمير) الذى اجتهد أن يعطي فيه الشرعية للوسائل الخسيسة التى يستخدمها الحكام ورجال السياسة من كذب وغش وخديعة وقتل وسفك دماء، وجعل القاعدة الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة» عنوانا للعمل السياسي. وقد عملت كل الهيئات والتجمعات والأحزاب الرافضة للدين ولتنظيم الحياة على أساس من أخلاقه وقيمه السامية على غرس هذا المفهوم اللاأخلاقي للسياسة في نفوس الناس، ولقي ذلك قبولا ورواجا في أوربا بعد أن ذاقت الأمرين من تحالف رجال الكنيسة المنحرفين مع أباطرة السلطة الزمنية المستبدين، وقامت الثورة الأوربية تدعو إلى شنق آخر ملك بأمعاء آخر قسيس، ثم حشرت أوربا الدين في زاوية شخصية ضيقة، معتبرة أن قيمه ومبادئه هي مجرد وصايا أخلاقية نبيلة تصلح للرهبان في الأديرة وينبغي تقديسها عن معترك الحياة؛ حتى لا تتلوث بالغش والدنس الذي تصطبغ به مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع الإنساني، وشاعت مقولة «أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، وحصرت ما لله في داخل النفس ودور العبادة، ومنحت قيصر الأرض وما عليها.

وفي ظل الانبهار والانهزام الحضاري أمام التقدم المادي الغربي نقل بعض المثقفين العرب هذه المفاهيم إلى بلادنا منزوعة من سياقها الجغرافي والتاريخي ومنطلقها الفلسفي، فرأينا من يقول: إن الدين شئ سام نبيل، ولكن محله القلب، ولا ينبغى خلطه بالسياسة، لأن السياسة دنسة، ولا يجوز تلويث الدين بدنس السياسة.

ولما ضاق صدر الأستاذ الإمام محمد عبده من ألاعيب بعض السياسيين ومكرهم قال مقالته الشهيرة: «لعن الله ساس ويسوس وسياسة، وما دخلت السياسة في شيء إلا أفسدته» وتلقفها أصحاب الهوى ليجعلوها دليلا على ضرورة ابتعاد علماء الدين وإبعاد الدين نفسه عن السياسة.

ولم يزل هذا النظر الذي يستوحي أفكاره ورؤاه من التجربة الغربية أساسا يسعى لتقليص دور الدين في الواقع والحياة، حتى ليتساءل بعضهم مستنكرا: ما للدين والسياسة؟ وما للدين والاقتصاد؟ وما للدين وقضايا المجتمع؟ وتعالت الأصوات بالدعوة إلى كف من أسموهم (رجال الدين) عن التدخل فى السياسة والاقتصاد والاجتماع، والاكتفاء بما أسموه (المهمة السامية) للدين المنحصرة فى تهذيب المشاعر وتنبيه الضمائر وترقيق الوجدان، ثم ترتيب أمور الموتى من الغسل والتكفين والدفن وتلاوة القرآن في السرادقات على أرواح الموتى، وتسامح بعضهم فتصدَّق علينا بأنه لا بأس بأن تتوافق قوانين الأحوال الشخصية مع الدين، فيما تشدد آخرون فقرروا أن الحياة الشخصية -ومنها العلاقة بين الذكر والأنثى- ينبغي أن تكون حرة لا تخضع لضوابط الدين والأخلاق!.

وفي مقابل هذا النظر المفتون بالتجربة الغربية كان من الطبيعي أن تنهض الحركة الإسلامية بتقديم رؤيتها المؤسسة على رعاية المبادئ قبل المصالح ، والمستهدفة لتقديم النموذج الأخلاقي السياسي، والمستمدة من الفهم الوسطي الصحيح للإسلام ولدور الدين في المجتمع، باعتبار الأمر في بلادنا الإسلامية مختلفا تماما عن الحالة الأوربية من جهات متعددة:

1 – فليس عندنا في الإسلام رهبنة ولا سلطة روحية ولا (رجال دين) يحلون ويحرمون برأيهم أو يتكلمون باسم الله أو بالحق الإلهي، بل عندنا علماء بالدين غير معصومين، ينحصر دورهم في فهم النصوص وتوضيح الأحكام وفق قواعد منضبطة لا حسب الهوى والرغبة، وليس لهم أي ميزة سوى أنهم علماء متخصصون.

2 – وأمتنا لم تعان على الإطلاق من تواطؤ علماء الدين مع السلطة الزمنية المستبدة من خلال تحريف نصوص الشريعة، بل أكثر ما عانت منه الأمة هو تعرض الحكومات المستبدة للدعاة والعلماء بالإيذاء والتعذيب والتضييق، ومتى وُجد بعض المشتغلين بالعلم الشرعي المتملقين للسلطة المتأولين لتصرفاتها الخاطئة برز في مواجهتهم العلماء المخلصون الصادقون الذين يقولون الحق ولا يخافون في الله لومة لائم.

3 – والتدين الصحيح المبني على تنمية القيم الروحية والأخلاقية أساسا متمكن من نفوس أمتنا ومتجذر في أعماقها، ومهما حاول البعض حرفها عن احترام تعاليم الدين أو تحريضها على التمرد على قيمه وأحكامه فإنه يفشل فشلا ذريعا، ولا يمنعها البطش الشديد من الاحتفاظ بهذا التدين في أعماق قلوبها ليظهر في أقرب فرصة تتاح لظهوره، ولذلك فالأمة تستجيب بحب وقبول وسلاسة لمن يخاطب فطرتها، وفي ذات الوقت تنفر تلقائيا ممن يصادم عقيدتها أو يريد أن يميل بها عن شريعتها، وترفض بوضوح وحزم من يسعى لهدم أصولها أو يتحدى مصدري دينها ورسالتها (القرآن والسنة).

4 – وإن نصوص الشريعة الواضحة القاطعة ناطقة بأنه دين شامل ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. فالإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا، فهو دولة ووطن، أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة، سواء بسواء. ولهذا فالأمة لا تقبل مطلقا فكرة الفصل بين الدين وبين سائر شؤون الحياة، وترى ذلك أخذا لبعض الكتاب وتركا لبعضه، وقد كثر التحذير من ذلك في القرآن والسنة الصحيحة.

5 – وإن نصوص الشريعة قاطعة باحترام العلم والعلماء وتقدير البحث والباحثين في كل المجالات النافعة للإنسان الذي جعل الله رسالته استعمار الأرض بالحق ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ ومهما اكتشف الناس من حقائق علمية ازدادوا بالعلم قربا إلى الله ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾. بل يجعل الإسلام مداد العلماء أرجح من دماء الشهداء.

ولهذا فمشروع الإسلام ليس مجرد مشروع روحي، بل هو مشروع حضاري بامتياز، حتى إنه ليجعل الرجوع إلى أهل الاختصاص أيا كان دينهم في كل مجال واجبا شرعيا ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، ويحذر من دخول الإنسان فيما لا علم له به ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾.

6 – وفرقت الشريعة بين الأحكام القطعية التي لا تحتمل تأويلا ولا تغييرا، وغالب ذلك في العقائد والعبادات والأخلاق وأحكام الأسرة والعلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية والحدود الشرعية، وبين الأحكام المرتبطة بعلل أو بمصالح العباد، فتدور مع العلل والمصالح، وغالب هذا النوع في المعاملات الاقتصادية والأحكام السياسية والعلاقات الدولية، وفي هذا الإطار كانت هناك ضوابط عامة وقواعد كلية ومرونة كبيرة في التعامل مع التفاصيل الجزئية، بما يحقق مصالح العباد.

وإضافة لذلك سكتت الشريعة عن مسائل كثيرة وبخاصة في شؤون الحياة اليومية العملية المتجددة المتطورة كأمور الطب والصناعة والزراعة والعمارة والإدارة ونحوها من مجالات الإبداع الإنساني والتنافس الحضاري التي تشمل القسم الأكبر من حياة الناس، وقد تركت الشريعة للناس أن ينظموا هذه الشؤون حسب ما يحقق مصالحهم ويسهل حياتهم «أنتم أعلم بشؤون دنياكم»، بل اعتبرت الإبداع في هذه المجالات قربة إلى الله متى اقترن بقصد صالح من نفع الناس وإفادة البشرية ودفع الشر والأذى عن الخلق ونحو ذلك من البواعث النبيلة.

7 - وإن التجربة التاريخية للتطبيق الصحيح لهذا الدين الشامل في الواقع أثبتت نجاحا منقطع النظير وأنتجت حضارة راشدة عاقلة في كل المجالات، وأثبتت القراءة التاريخية المتجردة أن حالات الصعود والهبوط في الأمة كانت مرتبطة بشكل واضح بمدى تمسكها أو إهمالها لدينها وشريعة ربها عز وجل، وأن الأخطاء التي حدثت كانت من انحراف الناس أو من سوء التطبيق لا من خلل في ذات المنهج وقواعده الكلية.

*أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين وعضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

albarr63@yahoo.com

===========================

الأخطار التي تهدد اللغة العربية وسبل مواجهتها

فراس حج محمد

 أسعى في هذا المقال لرصد بعض الظواهر السلبية التي تعاني منها اللغة العربية في مجتمعاتنا، إذ أصبحت تنوشها معاول الهدم وتنتقص من وجودها المشخص في الواقع اللغوي المتداول بين الناطقين بها، ولعل أكثر ما يحزن في هذا الجانب هو عدم اعتماد اللغة العربية الفصيحة لغة تدريس مقررة في مدارسنا في فلسطين على سبيل المثال، إذ ألاحظ خلال زياراتي للمدارس ومشاهدة المعلمين في تقديمهم للمادة العلمية كثيرا ما يلجؤون إلى العامية، ولا يلتفتون إلى الفصيحة، وهذه العدوى بالطبع شاملة لكل التخصصات بما فيها حصص اللغة العربية في تلك المدارس.

وفيما يلي عرض لبعض الإشكاليات والمخاطر التي تعاني منها اللغة العربية في واقعها المستخدم بين أبنائها، ليس على مستوى المدارس فحسب، محاولا وضع تصور عملي فاعل للتقليل من حجم تلك الأخطار التي تهدد لغتنا، التي هي عنوان وجودنا وحضارتنا ومنبع فكرنا وأداة تفكيرنا:

1. انتشار اللغات العامية:

تنتشر العامية انتشارا صارخا بين أبناء اللغة العربية، وتتنوع هذه العاميات، لتهدد اللغة الفصيحة الأم، والتي تجعل اللغة الفصيحة في مستوى ثان من التجسيد اللغوي، وتمنحها مكانة أقل في التعبير الحياتي بين أبناء اللغة، وفيما يلي بعض المقترحات لمكافحة آفة العامية، وأرى أن يتم ذلك من خلال:

• اهتمام المدارس والجامعات بالواقع اللغوي، والتركيز على ممارسة اللغة في قاعات الدرس، وابتعاد المعلمين والمحاضرين عن استخدام اللهجات العامية، وضرورة التركيز على ذلك عند اعتماد المعلمين والمحاضرين الجدد، وتأهيل ومتابعة القائمين على رأس عملهم من أجل التخلص من العامية.

• اعتماد الجامعات مساقات متعددة في اللغة العربية، ليكون مطلبا إجباريا لكل الدارسين، ويراعى فيها أن تكون خادمة للمهارات الأساسية والحياتية للغة الفصيحة، ودعمها بأنشطة عملية، من مثل تقييم الطلبة على الحديث الشفوي أو الكتابة الإبداعية بلغة رفيعة المستوى، تحقيقا لهذه المساقات، مع التركيز على أن ينجح الطالب في تلك المساقات إذا أتقن توظيف اللغة الفصيحة محادثة وكتابة والتشديد في ذلك. • تخصيص مسابقة للعاملين في حقول التدريس الجامعي والمدرسي لتطوير آليات اعتماد اللغة الفصيحة كلغة خطاب يومي.

• مكافحة القنوات الإعلامية التي تعتمد العامية لغة في التخاطب وإعداد البرامج لتأهيل العاملين من أجل التخلص من هذه الآفة المدمرة.

• إعلاء وزارات الثقافة في العالم العربي من شأن اللغة الفصيحة، والعمل على نشر الإبداعات بعيدا عن العامية.

• التخطيط لعمل شعبوي ونخبوي على مستوى الدولة الواحدة من أجل تعزيز مكانة العربية، وتعميق فهم المخاطر التي تحيق باللغة العربية لدى عامة الناس، من أجل أن يتبنوا قرارات ذاتية لرفع سويتهم في الحديث بلغة سليمة.

• تشجيع عادة القراءة لدى الشعوب، وخاصة الناشئة، ومراقبة برامج الأطفال التي تعتمد اللغة العامية، ومنعها كلية.

• ربط الناشئة بالقرآن الكريم، كونه هو المانعة الوحيدة العقدية التي تجعل الناس يقبلون على قراءة القران، وتمثل لغته في الحديث، وضرب الأمثلة من واقع الكتّاب حتى من غير المسلمين الذين أقبلوا على قراءة القرآن الكريم لتحسين أداء العربية في كتاباتهم وأحاديثهم.

2. السعي إلى تحويل اللهجات المحلية من المستوى الشفوي إلى الكتابي:

ويرتبط بالخطر الأول خطر داهم، له شواهد كثيرة في بعض البلدان العربية، ألا وهو تحويل اللهجات العامية من المستوى الشفوي إلى المستوى الكتابي، وما يفرضه هذا التوجه من سيطرة العامية على اللغة ببعدها النخبوي الخاص، وهو مقدمة طبيعية لتجسيد لغة ثانية تبتعد بالكلية عن اللغة الفصيحة، إذ من المعلوم أن اعتماد الكتابة لأي لغة يحتم إقرار قواعد كتابية وإملائية وصرفية ما، فلا يعقل أن يترك الأمر هكذا نهبا لكل كاتب يقول ويكتب دون أن تتم مواضعات لتلك اللغة، وهنا تصبح اللهجات المحلية لغات معترف بها تحل محل الفصيحة، ما يعني أننا سنؤسس لقوميات لغوية على غرار القومية العربية، وهكذا حتى تفتت الأمة أكثر مما هي عليه من تفتت وتشرذم. وعليه لا بد من:

• اتخاذ قرارات بمنع نشر المؤلفات التي تعالج مثل هذه الموضوعات، والرد على أصحاب هذه الدعوة من واقع سياسي ووجداني يخص الوحدة الوجدانية للشعوب كافة.

• إبراز جماليات اللغة الفصيحة ومقدرتها في التعبير عن حاجات العصر الحاضر، تفنيدا لبعض الادعاءات التي تتهم الفصيحة بالقصور.

• تكليف اتحاد المجامع العربية بوضع مؤلفات تؤسس فيها لنحو وصرف مهذب، بعيدا عن الاختلافات النحوية والصرفية المعقدة، حتى لا يُعطى أصحاب الدعوات الهدامة فرصة للطعن على اللغة، وبأن نحوها معقد وخلافي وعقيم.

• ضرب الأمثلة الحية والواقعية على أن تقعيد العامية يفقد العامية أبسط أسسها وهي التخلص من القواعد ذاتها، وأنها عملية معقدة أصلا، وإن تمت فإنها ستخلق في نهاية الأمر لغة عامية واحدة تكون بمثابة لغة بديلة عن الفصيحة، فواقع العامية أنها عاميات، تختلف فيما بينها في القطر الواحد، فما ظنكم في العاميات العربية، فإنها تكاد لا تحصى عددا، وعملية تقعيدها أصلا متعذرة.

3. آثار العولمة في اللغة العربية:

لعل أهم أثر من آثار العولمة هو ذلك المتفق عليه بين أغلب المفكرين والمنظرين السياسيين والتربويين، بأن العولمة تفرض سياقا ثقافيا واحدا، وتحارب التعددية الثقافية، ومنها اللغوية بطبيعة الحال، ومحاربة العولمة للتعدد الثقافي- اللغوي هو حتمي، إذ إن القوة السياسية والاقتصادية تفرض بالمؤكد واقعا ثقافيا ولغويا تابعا ومجسدا، شئنا أم أبينا، فنحن عندما نكون الأضعف سنكون حتما تابعين، مستهلكين غير منتجين، وهذا يفترض بالضرورة التعامل مع المنجزات الثقافية والسياسية والتكنولوجيا بما يريده لها أصحابها، وإن حافظت العولمة على بعض التنوع الثقافي اللغوي فهو لا يتعدى أن يكون هامشيا ومحصورا لا ينافس اللغة والمنتج والثقافة التي يسوقها أصحاب العولمة ومصدروها، وعلى الحكومات القائمة في العالم العربي أن تستشعر هذا الخطر، ويكون عليها أقل الواجب أن تقوم ب:

• مراقبة السلع والبضائع كافة والمنتجات الصناعية والزراعية، وخاصة المصنعة في العالم العربي وأن تكون نشراتها ومسمياتها عربية، وتجنب كتابة أسماء تلك المنتجات الأجنبية بالحرف العربي بكيفية نطقها في اللغة الأجنبية.

• مكافحة الدولة لكل مظاهر عبرنة أو نجلزة أو فرنسة اليافطات المكتوبة كواجهات للمحلات التجارية والمصانع والشركات، وعدم منح التراخيص اللازمة إلا بعد تعريبها بالكامل.

• اعتماد الدولة اللغة العربية في مراسلاتها الخارجية والداخلية، وإلزام سفرائها والمتحدثين باسمها اللغة الفصيحة في اللقاءات الدولية والمؤتمرات الصحفية أو التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات التجارية.

• إشراك المثقفين والمفكرين كافة والعلماء في شتى العلوم بوضع ميثاق شرف يتبنى الدفاع عن اللغة العربية في المجالات كافة، والاهتمام بالنشر الإلكتروني وتعريب المواقع الإلكترونية ولغة البرمجة الحاسوبية، ليكون بالإمكان التعامل مع المواقع الإلكترونية باللغة الفصيحة بدءا بكتابة العنوان الإلكتروني وانتهاء بمحركات البحث الإلكترونية، وتخصيص جائزة مجزية لتوفير محرك بحث عربي يعتمد اللغة العربية لغة أساسية على غرار المحركات الأجنبية.

• مراقبة المواقع والمنتديات الإلكترونية، وعمل التوعية الضرورية لاستخدام اللغة السليمة، وليكن هناك نوع من الرقابة الذاتية، لرفض استخدام التعليق على الموضوعات إلا باللغة الفصيحة، وتجنب الحديث بالعامية أو اللغات الأجنبية.

• ربط الناشئة بمصادر معرفية غير تقليدية، تتوافر فيها التقنية الجيدة والإخراج الفني عالي المستوى، ليكون جاذبا وبديلا عن القنوات الأجنبية، وخاصة فيما يتصل بعالم الترفيه والألعاب الإلكترونية والأفلام التعليمية الهادفة، والتي تحمل مضمونا ولغة عربية حتى نصنع في الناشئة إحساسا متناسقا حول حقيقة كونه ينتمي إلى حضارة وارفة لها جذورها التراثية وامتداداتها المعاصرة كذلك.

• تقديم الكتب التراثية بلغة مبسطة وبالاعتماد على التقنيات الحديثة.

• الاهتمام بالأطفال اهتمام من يحرص على المستقبل، فتتكون خطة عمل طموحة وجريئة، تستهدفهم بمجموعة أنشطة، معدة جيدا، وليكن ذلك مثلا خلال العطل الصفية من خلال المخيمات الصيفية، وليكن للغة العربية مكان في تلك الأنشطة، تهدف رفع مكانتها في نفس الطفل وتجعله مقبلا عليها وبكل أريحية، وتوظيف حب الأطفال للموسيقى والغناء والنشيد من أجل تحقيق هذا الغرض.

4. استبعاد اللغة العربية في العملية التعليمية في التدريس الجامعي والتدريس في المدارس الخاصة:

وأخيرا أقف عند مشكلة أخرى يعاني منها التعليم في البلاد العربية، وخاصة المدارس الخاصة غير الحكومية، والجامعات، وأحببت أن أفرد لهذا الخطر بندا خاصا لما له من عميق الأثر والخطر، وقد تحدثت سابقا عن بعض المشاكل التي تهدد التعليم بالعامية، وذلك في البند الأول، والآن أحاول أن أوضح خطر استخدام اللغات الأجنبية على التعليم، فقد شكلت اللغات الأخرى التي يتعلمها الطفل وخاصة في المراحل العمرية الأولى من الصف الأول الأساسي وحتى الصف الرابع الأساسي خطرا حقيقيا على تعلم اللغة الأم وإتقانها، والطالب بهذا التلقي لغة جديدة، وتداخل نظامين لغويين في عقله وتفكيره، وما يفرضه ذلك من اختلاف في التعامل الكتابي لكل لغة وخاصة فيما يتصل باللغة العربية واللغة الإنجليزية على سبيل المثال، سيجعل الطالب متأثرا سلبيا في إتقان اللغتين معا، ما يولد جيلا ضعيفا لغويا في المهارات الأربع التي تطمح كل لغة أن توجدها عند المتعاملين فيها (القراءة والكتابة والمحادثة والاستماع)، ويزداد هذا الخطر كلما تقدم الطالب في مراحله التعليمية، لتحل اللغات الأجنبية محل اللغة العربية في التعليم الجامعي، فتنبت الصلة بين المتعلم ولغته القومية، ويصبح تابعا ثقافيا وحضاريا لغيره، وعليه لا بد من عمل ما يأتي:

• منع وزارات التربية والتعليم تعلم لغة ثانية في مدارسها إلا بعد المرحلة التمكينية للمهارات اللغوية للغة الأم، وهذا عادة كما يقرر بعض التربويين يكون ممكنا ومسموحا به من الصف الخامس الأساسي وما بعده.

• تشديد وزارات التربية والتعليم على المدارس الخاصة بأن يكون للغة العربية وضعها المحترم، وأن تكون لتلك الوزارات صلاحية الإشراف المباشر على ذلك، مع توفير كادر تعليمي قادر على فرض واقع لغوي عربي في تلك المدارس، محصنا من الانجراف وراء سياسة تلك المدارس، ووضع قيود على تلك المدارس إن لم تستجب لتلك الإجراءات.

• تعريب التعليم الجامعي في التخصصات كافة، والاستفادة من التجارب الناجحة، ووضع خطة على مستوى العالم العربي لاتخاذ إجراءات عملية وبخطة واضحة الإطار الزمني للانتقال من التدريس الجامعي باللغات الأجنبية إلى اللغة العربية.

• إحياء حركة تعريب وترجمة شاملة لكل العلوم والمعارف والمؤلفات الجديدة المفيدة لتكون عونا وبديلا عن المراجع الأجنبية، ورصد الإمكانيات المادية والبشرية لذلك، من خلال خطة واضحة المعالم تسير حسب أهداف واضحة بعيدا عن الارتجالية والتخبط، إذا لا يكفي ما هو قائم الآن لسد هذه الثغرة، على أهمية ما تقوم به تلك المراكز والمؤسسات.

• تفعيل دور مكتب تنسيق التعريب، ومنع إصدار أي مؤلف إذا لم يكن خاضعا لمراجعة متخصصين تابعين للمكتب، لنتجنب فوضى المصطلحات، وسد باب الذريعة للتفلت من الفصيحة والارتماء في أحضان اللغات الأجنبية.

• توفر الإرادة السياسية الفاعلة في القرارات السياسية والخطط الحكومية، من أجل تحويل التمنيات والطموحات إلى وقائع ملموسة، والاستعداد لطول النفس والصبر في ذلك، وأن يصاحب ذلك حملات توعية ومؤازرة شعبية تدعم وتناصر وتدافع عن تلك السياسات.

==============================

يسعد صباحكم

درويش محمى*

أحبائي الشباب في حمص الابية, في حماة ودرعا ودمشق والدير والقامشلي وكل شبر من ارجاء سورية, يسعد صباحكم.

احبتي, بفضلكم كل صباح, اتذوق طعم الكرامة والشعور بالمواطنة, ومعكم كل صباح, احس بنشوة الانتصار على الخوف وكل مجاميع "الشبيحة" والمخابرات, وفي صباح كل يوم جمعة ويوم سبت واحد واثنين, اعاني معكم الجراح, اشاطركم احبتي جولات الوغى وصوت ازيز الرصاص, اشارككم لحظات الالم بكل تفاصيلها, قساوة هراواتهم وظلمات غرف الاعتقال ورائحة احذيتهم العسكرية الكريهة, اعاني معكم من الدم المنتشر في كل مكان وفقدان الاخ والصديق والجار وكل الاحبة.

معكم احبتي, استمتع بمعانقة اولى نسمات الحرية المعتقة برياح الياسمين, اتقاسم معكم الحلم الكبير, رغم تجاهل العالم والجيران والعرب لعدالة قضيتكم, ورغم تقاعس اهل المعارضة في الخارج والداخل من اللحاق بثورتكم, ورغم تعنت الطاغية وتمسكه بالورثة والجاه والسلطان, فانتم احبتي الثورة بعينها, وانتم الشمس التي لاترضى للغير الا ان يدور في فلكه.

احبتي, كلي يقين ان جهودكم لن تذهب ادراج الرياح, وان النصر قريب وقادم لا محالة, ليس لان السيد اردوغان توقع سقوط بشار الاسد قبل ايام, وليس بسبب ما يسمى دورة التاريخ, بل لانكم جيل المعجزات, ليس لاحد في هذا الكون الا ان يقول طوبى لكم, طوبى لكم يا شباب سورية, فأنتم تملكون مفاتيح الحياة, ونحن لسنا الا صدى لصرخاتكم الحرة, ولسنا الا ظلالا باهتة لقاماتكم الشامخة في ساحات الحرية والكرامة.

احبتي, كل صباح استمع إلى فيروز التي تخلت عن صوتها منذ فترة, ولا اخاف كما تخاف سيدة الصباح "من الايام الجاية", فالمقبل احلى, وصباحكم احلى, ويسعد صباحكم مرة اخرى.

*كاتب سوري

d.mehma@hotmail.com

=======================

أين يمكن أن يذهب كيان مثل "اسرائيل" بنفاياته النووية؟ .. تشوه الاجنة والسرطانات.. زواج أقارب أم مخلفات نووية

محمود أبو الهنود - غزة

أين تدفن إسرائيل نفاياتها النووية؟ وما حقيقة ما جاءت به تقارير حقوقية تتحدث عن تخلص إسرائيل من نفاياتها النووية أو جزء منها بالقرب من حدود غزة؟ هي أسئلة لم تجد لها اجابة منذ عشرات السنين من دون ايجاد اجابة شافية عليها.

في حال تم التأكد من ان وقوع دفن للنفايات في غزة فان ما يعنيه ذلك ان القطاع ليس وحده المتضرر، وليس وحده الذي سيعاني. هناك مصر.

ومنذ بدء الحديث عن الموضوع بقي التداول في معلومات هذا الملف مقتصراً على الجانب النظري من دون إجراء فحوصات وإثباتات علمية دقيقة.

وبإستثناء بعض الفحوصات التي أجرتها مؤسسات فلسطينية، إلا أن مسألة توفر الأجهزة المطلوبة للقيام بتلك المهمة بقيت عائقاً أمام جهود تلك المؤسسات، خصوصاً وأن الامر يحتاج إلى جهات دولية تمتلك أجهزة باستطاعتها الوصول لنتائج ملموسة لتلك القضية.

وخضع قطاع غزة للاحتلال الاسرائيلي بعد حرب عام 1967 بعد أن كان خاضعا لسلطة مصر، ومنذ اتفاقية أوسلو وتطبيق الحكم الذاتي الفلسطيني في غزة وأريحا سيطرت السلطة الفلسطينية على مدن ومخيمات القطاع، في حين بقيت المستوطنات تعزز من بقاء الاحتلال الاسرائيلي وسيطرته على القطاع.

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك ارئيل شارون قد طرح في 2 فبراير 2004 خطة للانفصال عن قطاع غزة، تشمل إخلاء المستوطنات الإسرائيلية فيها.

وبالفعل تم ذلك بعد عام تقريبا، ففي 16/فبراير 2005 أقر الكنيست الإسرائيلي "خطة الانفصال" فانتهى الوجود الاستيطاني الإسرائيلي في قطاع غزة في 12/سبتمبر /2005م.

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية في حينه إنهاء الحكم العسكري في قطاع غزة وتعاملت مع الخط الفاصل بينها وبين القطاع كخط حدود دولي، رغم أن الجيش الإسرائيلي لا يزال يراقب أجواء القطاع وشواطئه، ويقوم بعمليات عسكرية برية داخل القطاع من حين لآخر. كذلك ما تزال إسرائيل تسيطر بشكل كامل على معابر القطاع مع إسرائيل، أما المعبر بين القطاع ومصر فيخضع لسيطرة فلسطينية مصرية مشتركة، فيما ما زالت إسرائيل المزودة لغزة بمياه الشرب، والوقود والكهرباء حتى بعد انسحابها من القطاع.

بالقرب من الحدود الفاصلة بين قطاع غزة ودولة الاحتلال، وتحديداً شرق خان يونس حيث قرية "خُزاعة" التي تبعد 10 كيلو مترات عن الحدود المصرية، وقفت أم نائل يحذوها الأمل بغدٍ أفضل تشير بيدها إلى مكان ليس بعيدا عن منزلها.

الصهاينة قتلوا لأم نائل أثنين من أبنائها قبل أن تراهما عينيها. هكذا تقول وهي تشرح كيف كان يولد بعض اطفالها اجنة مشوهين ليموتوا سريعا.

تقول حتى الاجنة في بطون امهاتهم لم يسلموا من اسلحة الاحتلال القذرة.

العشرات من حالات تشوه وموت أجنة في منطقة خزاعة يجري الكشف عنها دوريا كان من بينهم ابني "أم نائل".

وهو ما دفع مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان الاشارة الى هذه الظاهرة بقلق. فقالت في تقرير صدر عنها بتاريخ 28/10/2008 هناك تداعيات بيئة وصحية قاتلة تخلفها ممارسات سلطات الإحتلال في المناطق الحدودية، وذلك جراء خطر ارتفاع نسب الإشعاع النووي المنبعثة من المفاعلات النووية الصهيونية جراء دفن المخلفات النووية الناتجة عن بعض المصانع الصهيونية على طول الحدود مع قطاع غزة.

وبحسب المركز فإن إسرائيل دفنت نفايات مستنفدة من مفاعل ديمونة بالقرب من قطاع غزة، مستنداً في تقريره إلى العثور على 29 برميلا لنفايات خطرة في منطقة خزاعة بخان يونس.

وهو ما أكده التلفزيون الإسرائيلي من أن سلطات الاحتلال تدفن نفاياتها النووية في منطقة "حالوتسا" بجوار قطاع غزة منذ عقود، وأن هناك نحو 52% من النفايات غير محدد مكان دفنها. ورجح التقرير أن تكون إسرائيل قد دفنت تلك النفايات في القطاع خلال فترة احتلالها له.

"كلمل قديح" من سكان منطقة خزاعة في خانيونس يعمل في الزراعة وتربية المواشي قال هو الآخر أنه تفاجأ قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة وتحديداً في أكتوبر 2008 " فوجئ بإحدى " نعجاته في مزرعته تلد خروفاً من دون رأس.

واضاف أن النعجة الام كانت طبيعية ولم يسبق أن حصل معها ذلك من قبل، مشيرا الى أن سكان المنطقة يستنشقون بشكل مستمر روائح كريهة جداً تزداد حدتها خلال الليل. يقول قديح: "الروائح قادمة من جهة الحدود".

هذا ما تعرضت له أيضا المواطنة (أ.ق) من القرية نفسها حيث فقدت جنينين بعد أن ولدوا بحالات تشوه. تقول: أنها ونساء المنطقة أصبحن يفكرن في الفترة الأخيرة بالتوقف عن الإنجاب خوفاً على أبنائهم من خطر التشوه الناتج باعتقادهم من الشكوك حول دفن النفايات النووية الإسرائيلية في مناطق قريبة من القطاع على طول الحدود. فهل هذا ما تريده اسرائيل؟

أما المواطنة (س.ي) فأنجبت بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعدة أشهر مولوداً مشوه الرأس، توفي بعد انجابه على الفور.

وهي تقول أنها وزوجها كانا ينتظران مولودهما الثاني بشغف وحب كبيرين، خصوصاً بعد فترة تأخر عن الحمل، إلا أن الاحتلال الذي اعتاد على قتل ومحاربة الإنسان الفلسطيني بكل الوسائل لا يريد للشعب الفلسطيني ان يتكاثر.

ويقول كمال النجار رئيس بلدية خزاعة " أن البلدية تتابع معلومات ازدياد حالات السرطان في القرية وحالات وفاة وتشوه أجنة إضافة الى حالات إجهاض بين النساء، خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة.

واشار إلى أنه من الوارد وجود مجمع نفايات قريب من القرية، ولكن لا يمكن الجزم بذلك ويحتاج الامر إلى إجراء فحوصات علمية دقيقة لاثبات مدى صحة ذلك، مشيرا الى رصد (15) حالة سرطان في القرية، و5 حالات تشوه في البهائم والدجاج.

واوضح وجود روائح كريهة في المنطقة، لكنه أشار إلى أن منطقة خزاعة منطقة زراعية يتم فيها إتلاف أشجار وتجميع أكوام من الخضار المتعفنة والاسمدة فقد تكون الروائح ناتجة عن هذه العوامل أو أسباب أخرى تحتاج لاجراء فحوصات علمية دقيقة.

وبحسب دراسة إسرائيلية صدرت يوم 18/5/ 2005 عن معهد الشؤون العامة لمحاربة الانتهاكات في المناطق الفلسطينية بعنوان "نفايات في المناطق الفلسطينية فإن السلطات الإسرائيلية دفنت نحو ثمانين طنا من النفايات النووية والكيماوية شديدة الخطورة في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، وخاصة قرب المدن الكبرى مثل نابلس والخليل وغزة.

أكدت الدراسة التي وضعها عدد من كبار خبراء البيئة الإسرائيليين ان التجارب النووية التي أجرتها اسرائيل تحت الارض في صحراء النقب قبل عدة سنوات ربما تكون وراء الزلازل التي ضربت الأراضي المصرية وشمال المملكة العربية السعودية في السنوات الماضية.

وأنذرت دراسات برنامج الأمم المتحدة للبيئة من تفاقم الكارثة البيئية والصحية الناجمة عن مخلفات النشاطات العسكرية والحروب في فلسطين والعراق ومناطق أخرى.

وذهبت الدراسات الى ان هذه المخاطر تتجاوز البلدان التي تقع العمليات الحربية على أرضها وفي أجوائها ومياهها إلى مجتمعات وأراضي ومياه وأجواء البلدان المجاورة، وبلدان بعيدة كذلك أحيانا.

وأكدت هذه الدراسات انه لم يتم اتخاذ اجراءات جدية من قبل حكومات الشرق الاوسط للتصدي لآثار هذا التلوث البيئي الخطر.

زواج اقارب؟

وزارة صحة المقالة بغزة كانت قد شكلت بتاريخ 22/10/2008 لجنة متابعة، وخصصت يوماً طبياً مجانياً لفحص جميع السيدات الحوامل في منطقة خزاعة يوم الأحد 26/10/2008 فكانت نتائج الفحص بعدم وجود حالات تشوه للأجنة ضمن السيدات اللواتي تم فحصهن في منطقة خزاعة عدا عن بعض الحالات التي تم اكتشافهم سابقاً. ورجحت الوزارة أن يكون التشوه في الأجنة ناتج عن زواج الأقارب او سوء التغذية أو فقر الدم".

كما شكلت وزارة الصحة وسلطة جودة البيئة وسلطة الطاقة في قطاع غزة لجنة خاصة لمتابعة الوضع. ونقل المهندس عوني نعيم من سلطة الطاقة لمؤسسة الضمير ان اللجنة أجرت بتاريخ 22/10/2008 ولعدة أيام مسحاً ميدانياً لعشرات النقاط في المنطقة وذلك وفق الإمكانات المتاحة لسلطة الطاقة من معدات واجهزة فنية وكانت النتيجة سلبية بعدم وجود أية اشعاعات نووية في الهواء.

لكن نعيم اكد في المقابل أنه لا يستطيع أن ينفي امكانية دفن اسرائيل للنفايات الخطرة وغير المعروفة على حدود قطاع غزة، الامر الذي من شأنه أن يؤثر على المياهو التربة ويسبب الضرر الصحي والبيئي، داعياً لمتابعة الفحوصات والدراسات لكل من التربة والهواء بعد النتيجة السلبية بعدم وجود اشعاع نووي التي توصلت لها سلطة الطاقة في غزة، وضرورة متابعة البحث بإمكانيات ومعدات فنية متطورة اكثر تكشف اذا ما كان هنالك تلوثاً في الماء او التربة، وجلب فرق دولية لتتابع الأمور و الفحص".

وقالت ذكرى عجور منسقة برنامج الحق في بيئة سليمة ومستدامة في مركز الضمير لحقوق الانسان " هناك شكوك مدعومة بمعطيات تتعلق بقيام حكومة الاحتلال بدفن مخلفات نووية في الأراضي الفلسطينية، مشيرا الى الزيادة غير الطبيعية في حالات الإصابة بالسرطانات في قطاع غزة، وأمراض غريبة لدرجة أنه يصعب تشخيصها في كثير من الأحيان، والارتفاعات في نسبة الإجهاض لدى السيدات الحوامل.

وقالت: نطالب بتحقيق دولي للتأكد من صحة هذه الادعاءات، خاصة وأن قطاع غزة يعيش تحت حصار، وأن إمكانيات مؤسساته متواضعة وغير قادرة على كشف حقيقة وجود إشعاعات تضر بصحة المواطنين والسكان والبيئة من عدمه.

من جهته قال الخبير البيئي د. عاطف أبو جيش " إن المشاكل البيئية تتطلب دراسة تفصيلية متأنية للتربة وللمياه الجوفية وللهواء وللاشعاع في تلك المنطقة باستخدام اجهزة متطورة من اجل الحصول على نتائج موثوقة.

واقترح أبو جيش بقيام مراكز البحث في جامعات قطاع غزة بما تمتلك من قدرات علمية وفنية لا يستهان بها بتلك المهمة، حيث يساعد في ذلك الدور المحوري لسلطة جودة البيئة، التي كان الهدف الرئيسي لانشائها هو الحفاظ على البيئة الفلسطينية.

وطالب السلطة بدور رقابي لنوعية التربة والماء والهواء وغيرها من عناصر البيئة، مشيراً إلى أن المشاكل البيئية المذكورة في التقرير لا يحلها الحديث حولها من قبل غير المختصين وانما بالتثبت من مصادر ومسببات هذه المشاكل بالأسلوب العلمي المعتمد على الفحوص المخبرية والدراسات المتعمقة.

======================

شبابيح أصحاب الشهادات ..

عقاب يحيى

 قد لا نعتب على شبيح قتال لا يعرف القراءة والكتابة، وقد دفعته ربما ظروفه المعيشية للعمل في هذه المهنة القذرة.. لأن وعيه بسيط بحدود النفخ والضخ والتعبئة التي بها يلقنون ..

 وقد نفهم عرض عضلات شبيحة المليشيات المصبوغة باسم الحزب والشبيبة والمنتفعين والمأجورين.. الذين فتّحوا أعينهم على ثقافة الزيف فشربوها وارتوا حتى التقيّئ ..

 وقد نقدّر حجم التعبئات الفئوية التي تقوم بها جهات مختصة في النظام لغسل الأمخاخ وحشوها بالحقد ضد الآخر، واستجلاب التاريخ بطريقة انتقائية وإبراز حوادث تبعث الكراهية ضد الآخر وتثير الخوف من ذالك الحاضر أبداً من قرون ...

 وقد نستطيع استيعاب فعل بعض الأفراد المؤمنين بالنظام وحزبه، ودعايته، وحكاويه عن الفتنة، والمؤامرة.. والنظام الممانع الذي يقف في وجه الدنيا.. والكثير من "بروباغندا" الحشو والتهييج ..

لكن ماذا يمكن القول بهؤلاء المحسوبين على النخب، حملة الشهادات العليا، والمواقع الحساسة في الجامعة والإعلام، ومراكز البحث وغيرها من الأسماء الطنانة الرنانة ؟؟.. الذين يمارسون تشبيحاً من النوع الرديء، لكنه شديد الخطورة لما يتضمنه من حقد لم يستطع أصحابه منع أنفسهم من إخراجه رغم مساحيق التجميل، والكلمات، فكانت أوصافهم للشعب الثائر بالحثالة، والرعاع، والإرهابيين، والدعوة العلنية للسحق والمحق والشنق والسحل والحرق تعبيراً عن مستوى التعبئة، والتعليمات التي تعطى لهم، والتي لم تستطع شهاداتهم، ومناصبهم في الجامعة وغيرها من تغطية جوهرهم .

 ******

 الكل يعرف أن أعداداً مؤلفة من هؤلاء الشبابيح الصغار تمّ إرسالهم لتحصيل شهادات عليا في الخارج عموماً، والبلدان الاشتراكية السابقة خصوصاً ليس على أساس تفوقهم أو تحصيلهم العلمي أو قدراتهم الذاتية وإنما من خلال الفئوية التي تمثل الوجه البارز لنظام الطغمة، وبهدف أن يحتل هؤلاء المناصب العلمية في الجامعات والإعلام ومراكز البحث، وفي عموم المفاصل المهمة التدريسية وغيرها، كجزء من مخطط النظام لإحكام قبضته على كل مناحي الحياة، وغسل الأدمغة، وتخريج شباب مشوّه الذاكرة، لا يعرف غير التمجيد والتسبيح بحمد السلطان : الأب والقائد، والأوحد، والأبدي، وتسطيح الثقافة بإخضاعها لهذه المنظومة المدعّمة بالتخويف، وباستخدام سيف الأجهزة الأمنية التي اخترقت الحرمة الجامعية من فوق لتحت .

 معظم هؤلاء لم يتم اختيارهم من قبل المؤسسات والوزارة المختصة، بل من خلال أجهزة الأمن التي كانت تتولى انتقاءهم، وإعداداهم، وتهيئتهم ليكونوا عيونها وأداتها، وكتبة تقارير على الآخر، فخضعوا لها هي التي تولت الإشراف عليهم سنوات تحصيلهم الدراسي(المعروف)، ثم تشغيلهم في الجامعات وغيرها تحت الرقابة المباشرة.. لتكوين " كتيبة" النظام القذرة في التضليل، ونشر الأكاذيب وفق برمجة دقيقة، بينما لا يخفى وجود العديد منهم في مواقع أمنية مباشرة وبرتب مختلفة، أو بمستوى مخبر، وأداة، وكاتب تقارير من النوع الرفيع ..

 وحين انفجر الاحتقان الشعبي : انتفاضة شبابية فاجأت حتى أركان النظام وأجهزته الأمنية الدعية بادرت بسرعة إلى تكثيف برمجتها لعدد من "المبرزين" من هؤلاء ليكونوا رأس حربتها الهجومية في الصفوف الأولى يتبع لهم، أو يليهم لفيف آخر يساندهم بما يحتاجون، وفي عمليات التناوب، والرفد.. فعرف الشعب السوري فئة خاصة، بنكهة خاصة يضجّ الحقد والديماغوجيا والزيف فيها، تماماً كما هي القنوات الإعلامية وبقية الوسائل الإعلامية للنظام النهمة للكذب الفائض.. حتى صاروا محط سخرية وتهكم، واضطر بعضهم للتواري، بينما ما يزال قسم من هؤلاء : مدمني العهر السياسي لا يخجلون من فضائح زيفهم، وصراخ تناقضاتهم ..ومن دعواتهم العلنية للقتل وفعل الإبادة الجماعي.. إلى درجة أنهم اليوم ماركة خاصة بالنظام الطغمة لا شبيه لهم في بقية نظم الاستبداد.. وقد بزوا الجميع دجلاً، ودموية، وتشبيحاً .

شبيحة الشهادات هؤلاء أكثر خطورة من الشبابيح العاديين الذين يستخدمون سلاح القتل والاعتداء والقنض والضرب.. لأن سلاحهم أعمّ وأكثر تأثيراً وبروزاً، وهو موجّه لقطاع واسع من البشر الذين يشاهدون ويسمعون تدخلات وصراخ ونعوت هؤلاء البثور، ومشاركتهم المباشرة في ضخ العنف، والدعوة للقتل والإبادة، وفي محاولات تلطيخ وجه الثورة الناصع بما في دواخلهم من أمراض ودمامل متقيحة..

 لكن، ومن جهة أخرى، ولشدة مستوى الدجل غير المحبوك بإتقان، وانكشاف هؤلاء المبرمجين، ومواقع بعضهم في الأجهزة الأمنية.. وهزال خطاب التكرار الذي لا يستقيم مع الحقائق ومع ما يجري على الأرض.. باتوا عبئاً على من وظفهم وبرمجهم، وانقلب سحرهم على ساحرهم.. حتى يمكن القول أن الاستماع إلى شبيح من مستوى هؤلاء صار نوعاً من المتعة عند الشعب، ولم يعودوا قادرين على إثارة أعصاب المواطنين.. بل فإن الكثير من الشباب يصفونهم بالمساكين، والمساكين في تعبيرنا تحمل كثير الدلالات..

 فعلاً مساكين هؤلاء الشبابيح، خونة الشهادات العلمية الكبيرة التي يتزينون بها، والتي لا تليق بهم بالتأكيد.. لأنهم لا يختلفون كثيراً عن بقية الشبابيح الأميين، المعبّأين بالقيح .

=========================

حوار الثورة والثقافة

صالح مجيد

تُصاحب الثوراتِ السياسية عادة ثوراتٌ ثقافية تسعى إلى إزالة إيديولوجيا النظام السياسي السابق ، وإعادة بناء الوعي الإنساني وفق إيديولوجيا الثورة أو النظام السياسي الجديد. وسأتحدث هنا عن العلاقة بين السياسي والثقافي بوصفها المؤثر الفاعل على بنية الإنسان الفكرية ، وعلاقته بالمجتمع ، وصولا إلى نتاجه العلمي والأدبي. فالإيديولوجيا تلقي بظلالها على الواقع الثقافي ، في حين يؤثر هذا الواقع بدوره على تدفق المعلومات إلى العقل الجمعي وتوجيهه في نهاية الأمر.

وقد يُعترضُ على هذا التقديم بالقول إنّ من الغموض تحديدُ أيّهما يُولّد الآخر: هل الموقف السياسي يُولّد الموقف الثقافيّ أم العكس؟

ولكي أتجنّب الخوض في جدل البيضة والدجاجة ، وحتّى لا ينحرف الموضوع عن غايته ، أقول إن الثقافة أصلُ السياسة ، ولكنّ المقصود بالموقف السياسي ، في سياق هذا المقال ، هو موقف السلطة الحكومية تحديدا. أمّا الموقف الثقافي فالمقصود به موقف المثقف والمؤسسة الثقافية وما ينتج عن ذلك من مواقف فكرية وحملات إعلامية ومنتج أدبيّ وفنيّ وبحوث ومناهج علمية.

إنّ ملامحَ التغيير الثقافي الذي يرافق الثورة السياسية منذ شرارتها وفورانها ووصولها إلى الذروة ، حتى لحظة إسقاط النظام السياسي - إذا سقط - ودخولا في مرحلة ما بعد هذا النظام .. هذه الملامح تتجلّى بالدرجة الأولى في صراع المسمّيات على الأسماء بين ثقافة السلطة وثقافة الثورة. فالحدث المتعلّق بالاحتجاجات ضد النظام السياسيّ في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا ، في نظر الثوار هو "ثورة". أمّا في نظر السلطة السياسية القامعة فهو "فوضى" و "تخريب" و "إرهاب". والمشارك في هذا الحدث ، في نظر الثوار هو "ثائر" و "وطني" أما في نظر السلطة فهو "مخرب" و "إرهابي". وهكذا تتصارع الأسماء ؛ فمن سُمّي "الرئيس المناضل" أو "القائد المجاهد" أو "الزعيم الأوحد" بالأمس أصبح اليوم "دكتاتورا" و "طاغيةً" و "متّهما بارتكاب الجرائم".

وسيكون من قبيل المفارقة أيضا أنّ "الطغاة" الذي فارقوا الحياة - دون أن تنجح الثورات السابقة في الإطاحة بهم - وسُجّلوا في تاريخهم الوطنيّ أبطالا خالدين ، ربما ستقوم الثورات اللاحقة بإعادة النظر في ألقابهم وتسمياتهم ، وتمنحهم تسمياتٍ أخرى تليق بهم. فقيمة الأسماء لا تختلف عن قيمة القصور والأموال والممتلكات التي استعادتها الشعوب من الطغاة بعد سقوطهم.

وتتسع دائرة الصراع بين الأسماء لتمتد إلى عملية التغيير الثقافي برمّتها - في حال نجاح الثورة – وتصل إلى مستويات عالية من الفهم والرؤية ؛ حيث يتخذ هذا التغيير طابع التخريب الثقافي بقصد إعادة البناء من جهة ، وطابع الترميم بقصد معالجة ما لا يمكن أو يصح تخريبه من جهة أخرى. ومثالا على التخريب الثقافي ، تحطيم تماثيل صدام حسين وإزالة صوره في منطقة كردستان العراق ، عام 1991 وتكرار الفعل بتشابه كبير في بغداد عام 2003. ومثال آخر قيام الثوار الأكراد بإلغاء مقرّات حزب البعث والمقرات الأمنية وتغيير عناوينها ومهماتها واستخدامها كمكاتب تابعة للأحزاب الكردية. أمّا فيما يتعلق بالترميم الثقافي فالمثال عليه قيام الحكومة العراقية الجديدة عام 2003 بتغيير أسماء المناطق والمؤسسات التي حملت اسم الرئيس المخلوع إلى أسماء أخرى ؛ فمستشفى صدام أصبح يعرف ب "مستشفى الحرية" ، و "حي صدام" أصبح يعرف بحي الحرية...إلخ.

وقد سُقت هذه الأمثلة لأن العراق – كما أرى – هو أولُ بلد شرقُ أوسطيّ سقط نظامه السياسي الشموليّ مهما اختلفت ظروف هذا السقوط ، ولأن الصراع الثقافي بين نظاميه الدكتاتوري والديمقراطيّ ما زال قائما بعد أكثر من سبع سنوات من الإطاحة برئيسه.

فالتخريب الثقافي يُمثّل "القتل" ، و "الاجتثاث" و "الإلغاء". أمّا الترميم الثقافي فيمثل "الإصلاح" ، و "التقويم" ، و "الأحياء".

وهكذا الحال مع تغيير الأسماء والرموز في الدول التي جرت فيها الثورات حديثا وانتهت بإسقاط أنظمتها السياسية ، وحتى التي لم يتم فيها إسقاط تلك الأنظمة حتى لحظة كتابة هذا المقال. فثوار مصر غيّروا اسم محطة مترو من "مبارك" إلى "شهداء 25 يناير" ، كما غيّر الليبيونَ علمهم الذي كان يرمز إلى نظام القذافي إلى علم الاستقلال. وهكذا الحال مع تغيير الأسماء في دول الثورات الأخرى.

صراع الأسماء إذن هو بوّابة التغيير الثقافي التي تنفتح على آفاق أخرى من التغييرات. وهذا الامتداد لا يخلو من صراع عنيف ودمويّ بين قادة الدكتاتورية ، وبين قادة الثورة الجدد ، وايضا بين أنصار النظام السابق وأنصار النظام اللاحق. ورغم أن الطغاة يسقطون في وقت قصير نسبياً ، إلا أن أنظمتهم تحاول عادة البقاء والمقاومة ضد الثورة والثوار وضد النظام السياسي الجديد. وهذا الفعل قد يعيش فترة طويلة تتناسب مع عمر الدكتاتورية في ذلك البلد ، ويتخذ طابع الحملات الاعلامية المضادة من جهة ، وطابع الانتقام الدمويّ من جهة أخرى.

والإشكالية التي تنشأ من هذا الفعل هي أن النظام السياسي القائم على الثورة الحقيقية يتأسس على مبادئ وقيم الديمقراطية ، ويحاول الالتزام بالمعايير الدولية وحقوق الإنسان كمبدأ المصالحة والتسامح وطيّ صفحة الماضي ، في حين يحاول أنصار النظام السابق استغلال هذه القيم والمبادئ لفتح فجوة في النظام السياسي الجديد من خلال الدفاع عن النظام السابق - باسم الديمقراطية وحرية الرأي - ومن ثم اختراق هذا النظام ، ومحاولة تشويه الأهداف الثقافية الجديدة التي تروج لها الحكومة الجديدة ، ومحاولة إشاعة أو استعادة ثقافة العصر الدكتاتوري ، وبالتالي ضرب العملية السياسية بأكملها. والمثال على ذلك ، ظهور تكتلات سياسية وثقافية في العراق بعد 2003 مهمتها الدفاع المباشر أو غير المباشر عن صدام حسين ونظامه ، ونجاح هذه التكتلات في التشويش الثقافي (الإعلامي خصوصا) ، وإشاعة الفوضى والتأثير سلبا على العملية السياسية في العراق. وكذا الحال مع ثورة مصر ، وظهور تكتلات سياسيّة – اجتماعية (كتجمّع أبناء مبارك) للدفاع عن الرئيس المصري السابق ، باسم الديمقراطية التي جاء بها أحرار ثورة 25 يناير.

وفي هذا السياق ، ربما فات الكثير - حتى قادة الثورات أنفسهم – أن يستصدروا قوانين خاصة تُحرِّم على أيٍّ كان الدفاع عن النظام الدكتاتوري بحجة حرية التعبير ، كما حدث في ألمانيا ما بعد هتلر حيث صدرت قوانين تمنع المواطنين الألمان والأجانب على السّواء من الدّفاع عن النازية أو الترويج لها ، كفرض عقوبات صارمة – مثلا - على من يستخدم التحية النازية حتى لو كانت على سبيل المزاح.

إنّ المشكلة الشائكة في الصّراع بين النظام السياسي السابق والجديد هي بقاء الموالين للنظام السابق في مناصب رسمية تلعب أدوارا فاعلة في التأثير على طبيعة المهمات التي تقوم بها تلك المؤسسات ، وأيضا على الثوار العاملين فيها واحياناً على الرأي العام. مثال على ذلك ، قرار مدير إحدى المكتبات في الاسكندرية في مصر بطرد شاعر يعمل موظفاً في تلك المكتبة بحجة تقصيره وعدم التزامه بالعمل ، في حين كان السبب الحقيقي وراء القرار أنّ المدير من أولئك الموالين لنظام مبارك في حين أن الموظف المستبعد هو أحد الثوار والمثقفين المناهضين لهذا النظام.

غيرَ أنّ العقدة الكبرى التي تواجه التغيير الثقافيّ تتجلى في ضرورة الثورة على المناهج التعليمية والبحوث الأكاديمية في عموم الدول الثائرة ؛ إذ تحتاج هذه العملية إلى دراسات معمّقة الغاية منها وضع مناهج دراسية مختلفة عن تلك التي كانت تتبناها المؤسسة التعليمية في السابق. وتكبر هذه العقدة في ما يخص الظواهر السياسية التي أفرزتها ثورات العالم العربي الحديثة ، وخصوصا في ما يتعلق بوجهات النظر حول "الصراع العربي - الغربي". ففكرة مناهضة السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة والغرب قد تلاشت ، إلى حد ما ، وحلّت محلّها فكرة مناهضة النظام السياسي للدولة وضرورة إسقاطه ، إذ كانت المناهج الدراسية تعجُّ بأفكار المواجهة مع أميركا. علاوة على ذلك ، تلاشت فكرة العداء مع الولايات المتحدة لتحل محل فكرة الصداقة معها لأنها غيرت من ستراتيجيتها في عصر الرئيس أوباما ، واقتربت كثيرا من الطموحات الشعبية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

إنّ التحوّل الديمقراطي في الدّول الثائرة يُحتّم إعادة التفكير في الجرعة الدينية الممنوحة للنتاج الثقافي الذي ينبغي أن يدعمه النظام الثوري مع ضرورة إدراك مدى الإرباك الذي يمكن أن يطرأ نتيجة تنافر ثقافة الديمقراطية مع الثقافة الدينية ، وميل إحداهما إلى إزاحة الأخرى، وبالتالي تأثير كل ذلك على إنتاج الرأي السياسي – الثقافي الجديد.

وبالمجمل تؤدّي هذه الظواهر الثقافية الجديدة إلى بناء النظام الديمقراطي الذي يلقي بظلاله على الدولة والمجتمع ، حيث يتّخذ النشاط الاجتماعي أشكالا تتناسب مع القوانين المفروضة في تلك الدولة.

فالشعب هو الماء ، والدولة هي الوعاء.

==============================

مثلث برمودا (في آفة المعارضة السورية)

مرح البقاعي

تأسيساً على انخراطي في الشأن السياسي السوري، من بابه الحقوقي الإنساني، منذ أن خَطَتْ على الورق قصيدتي الأولى، إلى ساعة كتابة هذه السطور؛ واستتباعاً لعشرات من الدراسات والمقالات والمحاضرات التي كتبتها في الشأن السياسي الشرق أوسطي بعامة، والسوري بخاصة، وعلاقتهما الجدلية مع الغرب الحرّ ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية؛ ويقيناً راسخاً من طرفي أن الثورات العربية المتلاحقة، وفي مقدمتها الثورة السورية الماجدة  الثورة الأكثر عنفاً في اتجاهه الأحادي المسلّط من جحافل قوى النظام الأسدي الاستبدادي على رقبة شعب أعزل لكن لا يستسلم  إنما هي ثورات ذات اتجاه واحد في مسيرة التاريخ، بمعنى أن لا رجعة لأي منها ولا تراجع إلى ما قبل تاريخ اندلاعها.

فالثورة السورية التي انطلقت في الخامس عشر من شهر آذار الفائت، لم تنتظر مؤتمراً للمعارضة في الخارج أو مشاورات حزبية لمعارضة الداخل ولا "مجلساً وطنياً" يدفعها للخروج طلباً للحرية والكرامة، بل ارتفعت راياتها مع ارتفاع شهقات أطفال زجوّا في السجون واقتلعت أظافرهم لأنهم تجرأوا على تهجئة كلمة "حرية" على جدران مدارسهم في مدينة درعا الشهيدة.

ولأنَّ هذه الثورة وليدة حدث استثنائي في التاريخ الإنساني، فقد جاءت هي في حلّة استثنائية أيضاً، فلا الرصاص، ولا التعذيب الوحشي في المعتقلات، ولا التمثيل بجثث الشهداء، ولا إرهاب الدولة المتّصل، تمكّنوا من ليّ عزيمة الثوار ودفعهم إلى العودة إلى غرفهم المظلمة قبل أن تقتحمها أنوار الحرية.

هكذا تجوهرت الثورة السورية وارتفعت من خضاب دم شهدائها وسنديان إراداتهم، في حين بقي الأداء المعارض متأخّراً عن مسيرة الثوار أشواطاّ تنوء بالخلافات الإيديولوجية المقيتة بين أطرافها المتباعدة أصلاً في جغرافيتها الذهنية والنفسية؛ وتفاوت هذا الأداء المجدور بين أشكال مريضة من التداول السياسي الذي يحتكم إلى المنفعة الشخصية والأنا المتضخمة على فراغ، مروراً يالبهلوانية السياسية وركوب موجة الثورة من أجل الظهور الفطري الإعلامي هنا وهناك، وصولاً إلى الانتهازية الحزبية والاستقطاب السياسي الفئوي المستتشري في أوصال معظم المشتغلين في دوائر المعارضة العتيدة.

 لعبت الدول الإقليمية، ذات المصالح الخاصة، دوراً مفصلياً في تأصيل هذا الاستقطاب، وجعلت من منتجعاتها الساحلية مظلة راعية له، وفتحت خزائنها وبواباتها لترسيخه بين أطياف المعارضة التي وجدت ضالتها في السعي بين "صفا" استنبول و"مروة" الدوحة، وما بين المدينتين القطبين تتموضع طهران بثقلها العقائدي والقومي لتتمّم أضلاع مثلث برمودا ( تركيا  إيران  قطر) الذي ستغيب فيه المعارضة كفعل سياسي مستقل وتحضر كأداة للتجاذبات الإقليمية الدامغة.

آفة المعارضة السورية، ولا سيما جناحها الخارجي، تكمن في غياب الرؤيا والرؤية السياسيتين عند معظم ناشطيها، واعتمادهم على النقل الأعمى والحرفي لتجارب إقليمية موازية، قد تشترك معها في الظرف لكنها حتماً لا تشترك في الأدوات والنتائج، ولاسيما في مقاربة تجربة المعارضة الليبية. لم تأخذ المعارضة السورية عن النموذج الثوري الليبي إلا "بدعة" تشكيل المجالس التي سرعان ما تحوّلت إلى عدوى محمومة تسري في أوصال أطيافها كافة، ودونما استثناء؛ أخذت هذه المجالس تتوالد على شاشات الفضائيات بصورة موتورة، وتُنافس بعضها بعضاً في قدرة كل منها على جمع أكبر عدد من "نجوم المعارضة" في قوائمها العصماء! غفلت المعارضات السورية العتيدة عن حقيقة أساس، تكمن في لبّ المسألة، ومفادها أن المجلس الوطني الانتقالي الليبي كان قد ائتلف أصلاً في الداخل اليبي بعد أن كان الثوار قد سيطروا على معظم أرجاء ليبيا، وتحت مظلة دعم دولي كامل للثورة الليبية، لوجستياً وسياسياً وعسكرياً، وبغطاء من النيتو ما زال قائما بفاعلية حتى الآن، مساهماٌ في إسقاط النظام وداعماٌ لحركة الثوار على الأرض.

إنه من نافل القول أن نشير هنا إلى أن اللحظة السياسية السورية تفترق بشدة عمّا كان عليه الظرف الليبي حين الإعلان عن المجلس الوطني هناك، فلا المجالس السورية المعلنة منها، أو تلك التي في طريقها إلى الإعلان، تشكّلت في الداخل السوري، وباختيار وتأييد من أصحاب الحق الأول في تحديد مسار الثورة وهيئاتها وهم الثوار؛ ولا تحرير المدن السورية الثكلى من أزيز عجلات دبابات ومجنزرات القتل والتدمير الأسدية كان قد أنجز قبيل تشكيلها، ولا انضوت دول العالم في وقفة واحدة لتأمين الحماية الدولية للشعب السوري لتهيئته لمرحلة انتقالية تتطلب حاملاً سياسياً موازياً، حتى لو جاءت هذه الحماية بهيكلتها الإنسانية، حصراً، كإرسال لجان التقصي والمراقبة، وفتح الطريق لمنظمات الإغاثة، والضغط من أجل دخول وسائل الإعلام الدولية المستقلة لنقل أحداث الثورة السورية ووقائعها تماماَ كما تجري على الأرض، وبعيداَ عن تزوير وتأويل الإعلام السوري المتفاني في ظلاميته.

هكذا ابتعدت بنا حُمّانا عن تشخيص الداء الحقيقي والهدف الرئيس لكل عمل معارض وهو تحقيق المطلب السقف للثورة: إسقاط النظام! واستوت تركيا على عرشها راعيةَ لصنوف من المعارضات تقلّبت بين مظهرها السياحي حيناً، والمكوكي أحياناً، وذلك بهدف تفريخ "المجالس" التي وصل عددها حتى اليوم إلى الأربعة، أُطلقت من مدن تركية مختلفة، بينما تفرّدت الدوحة برعاية مشاورات بين جهات معارضة تدعو إلى إسقاط النظام "الاستبدادي" وليس إسقاط "النظام" هذه المرة!

هكذا تخلّف الحراك المعارض السوري  ولا سيما الخارجي منه دونما تبريء لساحته في الداخل  بشكل مقلق عن مسيرة الثورة السورية العارمة، وأصبح عبئاً عليها ومعوّقاَ لفعلها ووسيلة للتشويش على نضارة أدائها.

فصل المقال يكمن في قدرتنا أن نعود مجتمعين إلى حالة الرشد الوطني التي تتطلب في هذه المرحلة الابتعاد ما أمكن عن التجاذبات والشخصانية والنزوع العقائدي، والاحتكام إلى العمل الجماعي والأداء المسؤول والشفيف الذي يقوم على تقديم الكفاءات على الانتماءات الجهوية، الأداء الذي أسّه وبوصلته الدم السوري الغالي الذي صُرف من أجل هدف أوحد، لارجعة عنه ولا تراجع، ألا وهو إسقاط هذا النظام الجائر، بمكوناته كافة، ابتداء بالرأس ووصولاً إلى قاعدة الهرم.

=======================

زينب

بقلم : الشقلوف - بلاد الغربة

زينب ..

وما أدراك ما زينب ؟ ..

زينب

ظبية

من أرض سورية

الأبية

تملك الفرحة والإحساس

بل تملك أصالة

وهوية

***

زينب

طفلة

جدّ بريئة

ما أتت يوما بذنب أو

خطيئة

***

عايشت في وطني ذلا

وعارا

فأتت نقشا على بعض

الجدارا

تطلب العيش بأمن

وكرامة

فأراد الجند ...

ترتيب الغرامة

***

سبيت زينب في هدأة

ليل

عذبت زينب كي تأتي

الدليل

قطّعت زينب

والقطع قليل

***

بترت أطراف زينب

مزقت أوصال زينب

***

قلعت منها

الأظافر

كان جند الرب يأتون

المشاعر

***

ذبحوا رقبة زينب

كسّرت أسنان زينب

سلخت زينب

حيّة

لا كما سلخ

الأرانب

***

وسّدوا جثمان زينب

كيس أسود

للقمامة

وأعادوها لأهل

علّهم يأتوا

الندامة

***

شوّه الجسم ولكن

بقيت منه

الوسامة

والكرامة

والشهامة

***

ما الذي قالته زينب

كي تثير

غضبة الحاكم كي يأتي

بجيش ونفير ؟

يسكت العقل

ويغتال الضمير...

***

طلبت حرية ؟

طلبت مقعد درس ؟

طلبت ملبسا ؟

طلبت حقلا وفأس ؟

هزّت العرش لربّ الجند

والفطنة بحدث ؟

***

ما الذي تملك زينب

غير صوت أنثوي

وأنين أبدي

وشقاء سرمدي ؟

***

إنها غرسة ورد

في الوهاد

زيّنت أرض بلادي

وأنا .. من ألمي

أعلن حدادي

***

إنّ زينب

تلبس الأبيض لا تلبس

أسود أو رمادي

وغلاة القوم

ترسم بالسواد

تكتب بالسواد

تأكل بالسواد

تشرب بالسواد

تقتل بالسواد

ثم تهرب بالسوادي

بعد أن تعطي صكوك الذل

للأعداء

دوما بالسواد

***

ما الذي حرّك هذا الحقد في

قلب الجنود

فتخطّت كلّ هاتيك

القيود

وأتت بالثأر من بعض

الجدود

وأراقت دم زينب ؟ ؟ ؟ ...

***

ألها ظفر ومخلب ؟

أم لها مكر لثعلب ؟

أم لها لدغة عقرب ؟

أم تقود الجند ضد البغي في

يوم مكهرب ؟

****

يا رئيسا لست من أهل

البلاد

قد أضعت العقل

بل ضاع الرشاد

***

يا زعيم الجند في يوم

التناد

إن قتلت اليوم زينب

واحدة

تلد النسوة حالا

ألف زينب

***

إن قلعت الآن ظفرا

واحدا

ستجد مليون ناب

وتجد مليون مخلب

***

استدر وانظر لوجهك

هل تجد في الأفق

مهرب ؟

***

يا زعيم الجند أمعن

لا تبالي

خطط الفجر

ونفّذ

في الليالي

***

أن حبل الله رهن بالوصال

وإذا رمت المعالي

إن كيد الله

أقرب

إن أخذ الله أصوب

إن يوم الله آت

ليس لك منه

مهرب

***

با لئيم

قبل طلعتك البهية ...

قبل ليلكم البهيم

قد أتى المأفون حافظ

ما أتيت

عاث ذبحا بالرعية

ودم الأحرار أهرق ...

بالهوية

***

ما دريت ؟

ما رأيت ؟

***

اتّعظ من درس غيرك

يا غبي

اتّعظ حالا ولا تتبع

غوي

***

اتعظ حالا وأفسح

بالمجال

حين نأتيك لجحرك

سوف تصفع

بالنعال

***

هل لكم عقل لتفقه

قولنا

أم سليل الغدر دوما

لا يبالي ؟

***

اسمعوا يا مبلسين

عرس زينب

ليس في القبر دفين

فهو ماض

رغم أنف القاتلين

رغم أنف الكاذبين

رغم أنف الحاقدين

***

إنّ زينب

لحننا الماضي أبيا

إنه الناي الحزين

فاسمعوا الصوت جليّا

***

أن زينب

قصفة الورد التي منها

سنطرب

قطرة الماء التي منها

سنشرب

أفق الكون الذي

شمسكم فيه ستغرب

***

بعد ذلك يا شقي

لا تسل من هي

زينب

***

هي جرح

سوف ينزف بضع آلاف

سنين

وهي صوت سوف يحبيه

إله العالمين

وهي غار فوق هام

الثائرين

وهي صوت المعدمين

وهي عار سوف يلصق بجباه

الخانعين

الخائفين

الساكتين

***

زينب سوط سيجلد

من أبى الحزن

الدفين

وهي في الخلد كنوز

ولجين

وهي عطر في ربيع

العاشقين

وهي جرح ينزف الدمّ غزيرا

في ضمير الغائبين

التائهين

***

هل عرفت الآن يا أفّاك

عصرك

ما هي قصة زينب ؟

***

ولكم همسة صدق من

فطين

حشدكم هذا

سيغلب

ثم يغلب

ثم يغلب

فالتمس جحرا ومركب

التمس جحرا ومركب

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ