ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حركة
النهضة: ولادات وإرهاصات تجارب
و استحقاقات مجتمع ما بعد
الثورة بقلم
:عبدالنبئ العوني* تعتبر
حركة النهضة التونسية، ذات
الجذور الاخوانية ،من أكثر
الحركات الإسلامية ،في العالم
العربي و الإسلامي ، تغيرا و
تحولا ،إن كان على مستوى الشكل
آو المضمون ،من ناحية الشكل،
انطلقت الحركة باسم الجماعة
الإسلامية بداية السبعينات (افريل
1972) ،ثم باسم حركة الاتجاه
الإسلامي (جوان 1981)، إلى حركة
النهضة بداية من فيفري1989، ثم
إلى حزب حركة النهضة بعد ثورة 14
جانفي 2011و ما يمكن ملاحظته هنا ،
أن هذه التغيرات فرضته عدة
عوامل، داخلية و خارجية،
العوامل الداخلية ،كان لها
التأثير الأبرز ،في التحول من
الجماعة الإسلامية إلى حركة
الاتجاه الإسلامي ، نتيجة
المخاض الذي عاشته الجماعة
،خصوصا بعد أحداث جانفي 1978 ،و
بعد خروج مجموعة اليسار
الإسلامي و تأسيسهم لخط فكري
مستقل عن الحركة الأم، على
رأسهم احميدة النفير و صلاح
الدين الجورشي .أما العوامل
الخارجية ،فهي الدافع الأبرز،
للانتقال من حركة الاتجاه
الإسلامي إلى حركة النهضة، و
ذلك لان الطبقة الحاكمة و
السياسية في تونس بعد انقلاب 7نوفمبر،
و خصوصا بعد الإمضاء على
الميثاق الوطني سنة 1988، دفعت و
ضغطت على حركة الاتجاه الإسلامي
لتغيير اسمها المعبر عن
الاستئثار بالخصوصية الإسلامية
،إلى اسم لا يحتكر هذه الصفة .و
للتعامل مع هكذا وضع، ومع
الإصرار المبالغ فيه أحيانا،
للحصول على الشرعية القانونية
بعد عقدين من السرية ،كان
الخيار الموافقة على تغيير شكلي
للاسم ،مع العض بالنواجذ على
الرؤية والمنهج ، بالرغم من بعض
التململ الذي برز عند القواعد،
و خاصة الجامعية منها، وتم
الاختيار على اسم النهضة , أما
الانتقال من حركة النهضة إلى
حزب حركة النهضة ، فظروف
الانخراط في العمل الحزبي
المشروع بعد الثورة، و للحصول
على التأشيرة ،فرض إضافة كلمة
حزب للحركة ،حتى تعطي صبغة
العمل الحزبي داخل المنظومة
الجديدة للمرحلة الانتقالية
التي تمر بها البلاد. أما
من حيث المضمون ،فالممحص يلاحظ
أن التحول الدوري الذي طرأ علي
رؤية الحركة،الفكرية و
المنهجية، للمجتمع و الدولة
والمساهمة في عملية التغيير و
البناء ، فمن 71/72 بداية التأسيس
وهو مزيج من اخوانية مشرقية مع
فروع زيتونية مالكية أشعرية مع
مسحة معرفية ذات بعد صوفي . ومن
78/81 ظهر التماهي أكثر مع
القطبية، و خصوصا ،بعد انشقاق
مجموعة اليسار الإسلامي .بعد 81
ومع الانكشافات المتتالية
للتنظيم الجديد امنيا وسياسيا
انطلقت رحلة المحن و المخاضات
وأصبحت الولادات رغم عسرها
وتربص المناوئين بها تقدم لنا
حركة ،تنشد خصوصية وهوية تونسية
ذات مرجعية إسلامية،و تبتعد
رويدا عن النماذج المشرقية و
ظهرذلك جليا بين 88و 91 . لكن حالات
الانسداد و المراقبة و
الاضطهاد، لم تترك حالة المخاض
الداخلي تختمر بشكل طبيعي ثم
تكتمل ، فالمواجهات التي خاضتها
الحركة مع أشكال السلطة و من
البدايات و حتى مع بعض الإطراف
السياسية، خصوصا في الجامعة ،
لم تترك المجال للتغيير الداخلي
لكي يأخذ مداه الحقيقي، لهذا
كانت الحركة دائما تحت ضغط من
خارجها، امني استخباراتي و
سياسي و حتى إقصائي عنفي، وصل حد
الإتلاف و الإلغاء في عهد
المخلوع ،و من نتيجته وضع أكثر
من ثلاثين ألف من أبنائها في
السجون و تهجير الكثير و منع
الآخرين حتى من لقمة العيش . ومن
داخلها،الدفع المتهور نحو
مواجهة قاتلة وغير متكافئة، مع
أجهزة نظام مستبد في بدايات
صعوده، ومع ذلك الإصرار على
الصمود و الأسطوري في بعض
الأحيان ،رغم منهجية التفتيت
والاستئصال التي اتبعتها دولة
نوفمبر ، و البحث عن آليات
لإثبات الوجود ،في واقع ينغمس
أكثر فأكثر في الرداءة. و مع
فترة المحنة و أثرها المعنوي و
المادي على مناضليها في تونس و
المهجر ، و للخروج من هذا النفق
كان البحث عن صيغ جديدة، تدفع
بالحركة للاندماج أكثر مع القوى
الحية المناضلة في البلاد، و
البحث أكثر عن المشترك، مع
الحفاظ على الخصوصية،بعد
مراجعات مؤلمة ومن كل الحساسيات
والإفاقة من فترة التخدير و
التنجيم، التي مارسها النظام
ومستشاروه على الأطراف
السياسية المعارضة. و
أصبحت الحركة تتحدث أكثر عن حزب
مدني يستلهم أفكاره و رؤاه من
المرجعية الإسلامية و قدمت
الكثير من الطرح المقبول من
اغلب تيارات المجتمع السياسي و
الفكري(ائتلاف 18اكتوبر). إلا أن
المطلوب و المطروح، أمام حركة،
شهدت كل هذه التغيرات و
الانتقالات، حتى و لو كانت
جزئية، و حافظت مع الزمن، على
شعبيتها و امتدادها داخل
المجتمع، رغم حالات القمع و
الإقصاء الممارس ضدها، هو أكثر
مما يتصوره أعضاؤها.فحركة كان
همها الوحيد أن يُخلٌى بينها و
بين الناس، لِتظهر لهم برامجها
و مشاريعها، و قدمت من اجله
الدماء و الأموال و الألم، ثم
مكنها الشعب من هذه الفرصة
،عليها أن لا تفرط فيها، و
تتقوقع داخل إطارها و خصوصيتها،
و عليها أن تنتقل مرة أخرى
للمجتمع، لا أن تنقل المجتمع
إلى مقراتها .عليها مخاطبة
المجتمع، من منطلق الحرص على،
مصالحه و أهدافه و انتظاراته،
لا الحرص على أهدافها هي و
انتظاراتها من المجتمع، وكأنها
تطلب منه ضريبة سكوته و تزكية
قطاع منه لاستئصالها. عليها
تمارس عملية التجاوز، و العمل
داخل المجتمع، و الانتقال معه
وبه، من حالات الانسداد و
الانفلات و الضياع، إلى حالة من
ارتياح معنوي و مادي في غياب أي
ضغط سياسي ،لم يعشه المجتمع
يوما ،ومنذ الاستقلال،و لم تسنح
له الفرصة، للنمو و التطور، وفق
تفاعلات داخلية طبيعية تختمر
داخله، و إنما كانت طاقاته
موضوعة تحت عسف، إما خارجي، أو
داخلي من جزء من أطرافه
السياسية، و خصوصا الممسكين
بالسلطة، و لهذا كانت ولاداتها
المتعددة منقوصة ولم تنضج بما
فيه الكفاية ،حتى تتحمل عبء ما
تطرحه على نفسها ،وما تبشر به
المجتمع من جنان. ولكي تكون
ولادة ما بعد 14 جانفي طبيعية إلى
أقصى حدود النموذجية، على حركة
النهضة، المساهمة بفعالية في
تخليص هذا المولود، من كل
التشوهات الممكنة الحدوث، و
تهيئة قطاع مجتمعي متوازن،
بعيدا، عن التوترات الداخلية و
الجانبية ، التي يدفع إليها
الخصوم وفاقدي الامتيازات
والسند، التي تجد إليها هوى، من
قصيري النظر في داخلها، لكي
تنمو تجربة الحرية و
الديمقراطية، التي ينتظرها
الجميع .و يستطيع عندها المجتمع
أن يعبر عن نفسه ،و يختار
المشروع الذي يريد،والذي
يقنعه،وبكل حرية ،ودون وصاية من
احد، لا شرقي ولا غربي، لا يسار
و لا يمين، وقتها، ووقتها فقط،
ينتج المجتمع نموذجه الذي يريد،
وليس نموذجنا الذي نريده ،أن
يكون عليه ،دون اقتناع تام منه .
وعندها ،نكون قد نجحنا في
الاستحقاق الرئيسي، ألا وهو
بناء مجتمع حر، ديمقراطي، فاعل،
و يتفاعل مع محيطه. •
تاجر وسجين سياسي سابق ========================= باستخدام
الفيتو الأمريكي اليوم لصالح
إسرائيل، العرب الخاسرين أم
أمريكا؟ محمود
أحمد الأحوازي للشعوب
محطات ومواقف وهبات ضمير، تأتي
أحيانا في لحظة لا تنتظرها
أطراف عدة، وكما يقال، الضغط
يولد انفجار والضغط هو وراء
تبلور ثورات الشعوب، وهو الذي
يأتي بولادة جديدة عند الشعوب
المقهورة، وهو الذي ينتج
التغيير غير المتوقع! السياسة
الأمريكية تجاه العرب ومع كل ما
خدموها، مازالت هي السياسة
الأمريكية المعادية للعرب،
سواء كان ذلك في موضوع الإرهاب
أو في موضوع فلسطين، أي في موضوع
العلاقة بإيران وتواطؤها
ومساوماتها المكشوفة في ملف
العراق وفي احتلال إيران للجزر
العربية الثلاث( والظاهر لا يحق
لنا ان نقول" وفي ملف الأحواز"
حيث هذا الظاهر لا يرضي القادة
العرب!!) . ومن
يحتقر ويستهزأ بقوة الشعوب
وينسى أو يتناسى احتمال خروجها
عن الطاعة الظالمة فهو مخطئ،
ومن تصور ولو للحظة واحدة ان
الأمة العربية ماتت، فهو مخطئ
ومن لم يستوعب الدروس من ثورات
الشعوب في الماضي وقوتها، عليه
ان يعرف ان ابتزازه لمشاعر
امتنا لا يمكن ان تستمر بعد
الوعي الجماهير وبعد عودة
الكرامة لأهلها وهذا الإهمال قد
ساعدت في ثورتنا الشعبية التي
دهشت أمريكا قبل غيرها، حيث لم
نكن حتى نحن العرب نتوقع ان يخرج
المارد العربي بهذه القوة
والسرعة ويقطع سلاسل اعتقاله
ويدمر زنزانته ويخرج للهواء
الطلق ليطالب ويهتف" الكرامة
أو الشهادة، بعد ما فقد كل ما
يتعلق بكرامته، ولم يبقى له إلا
ان يعانق الشهادة، وبشهادته
أعيدت الكرامة لملايين من أهله
بعد ما سطر هذا المارد في تونس
ومصر و... ملاحم فريدة، توج بها
الثورات العالمية العملاقة بل
وتجاوزها بثورته التي سجلت في
التاريخ بعنوان " ثورة لربيع
العربي"، هذا الربيع الذي
تجاوز بقوته وسرعته ثورة أكتوبر
وثورة فرنسا وثورة الشعوب في
إيران وتجاوز كل ثورات العالم
وبأقل الخسائر وبأقصر الطرق،
حيث انتصرت الثورة العربية خلال
أشهر قليلة في كل من تونس ومصر
ومازال الرجال الأشاوس
يستشهدون يوميا من اجل الكرامة
في الدول العربية وفي الأحواز
وفلسطين المحتلتين ولم
يتراجعوا، وها هم على أبواب
النصر في ليبيا وسورية واليمن
وإنشاء الله في الأحواز وفلسطين
بعد ذلك. اليوم،
وبعد ما شاهد العرب ان أمريكا
مرة أخرى تتحالف وتعمل للمجيء
بحلفاء لإيران مرة أخرى لسدة
الحكم في الدول التي خرجت من
الثورة الشعبية منتصرة، اتخذوا
هذه المرة الموقف الموحد بكل
ألوان حكامهم وحكوماتهم في وحدة
اقتربت بدون ضجة إعلامية كثيرا
لوحدة 1973، و وقفوا إلى جانب الحق
الفلسطيني وقرروا أما ان يمرروا
الطلب أو في أسوء الحالات
يفضحون الموقف الأمريكي ان أراد
ان يستعمل حق النقض ضد مشروع
القرار بعد ما أفشلت أمريكا كل
الخطوات الفلسطينية السابقة
وسارعت أمريكا للاستنجاد
بمقترحات الرباعية التي يرأسها
"بلير" العدو المعروف
للعرب، وهي تعرف جيدا الخسارة
الكبرى التي تتحملها من استعمال
الفيتو هذه المرة وهي الوحيدة
المعارضة تقريبا، وماذا يمكن ان
يهيئ هذا الفيتو لردات فعل
عربية وإسلامية في المستقبل!
وليرى الأمريكان وليعرف اوباما
الذي كان يزعم النية لإنهاء
النزاع القائم في الشرق الأوسط،
ليجربوا هل مازال ربحهم في
الاستسلام لطلب اللوبي
الإسرائيلي؟ أم بالعلاقة
الموزونة وتبادل عادلة للمصالح
مع العرب؟ واليوم
سنرى المواقف في مجلس الأمن،
وسنرى بعد ذلك ردات الفعل عليه. وللقادة
العرب نقولها، إنها فرصتكم
التاريخية، أمريكا في وضع لا
تحسد عليه وهي بحاجة لكم الآن
أكثر من حاجتها لإسرائيل
واللوبي الإسرائيلي هو مصلحة
رئاسات الجمهورية وليس مصلحة
أمريكية ولا يمكن للشعب
الأمريكي ان يترك للرؤساء ان
يستمروا بتقديم مصلحتهم على
مصلحة أمريكا، أما كرامتكم
وهيبتكم وموقف الشارع العربي
منكم بعد اليوم سيبقى مرهون
بصلابة موقفكم إلى جانب الحق
العربي للفلسطينيين في مجلس
الأمن الدولي، أي بمعنى آخر، ان
أي تخاذل وتراجع لن يكون
لصالحكم في مرحلة " الربيع
العربي"، الرابح منه سيكونان
إسرائيل وإيران التي ستلبس لباس
المحرر لفلسطين هذه المرة أكثر
مما فعلت، وإن اتخذتم المواقف
المشرفة بعد الآن فهذا لكم
ولأمتكم واحذروا الضغوط
الأمريكية حيث ان مصلحة أمريكا
ليس بالضرورة هي مصلحتكم بل هي
مصلحة إسرائيلية مثل ما كانت
دائما ونصركم لن ينقص بالفيتو
الأمريكي لكن الفيتو سيكون
خسارة أمريكا الكبرى هذه المرة
وسيكون الضربة القاضية لعلاقة
اوباما بالشعوب العربية
والإسلامية وهذا ما لا يريده
اوباما ولا تريده أمريكا التي
كلفتها حروبها على ما يسمى
بالإرهاب حتي الآن 1.75 تريليون
دولار حسب الأرقام الأمريكية
الرسمية خلال عشرة أعوام
الماضية، والفيتو سيشعل نار
الغضب مرة أخرى في الشرق الأوسط
برمته ليس على أمريكا فقط بل
وعلى حلفائها المتبقين في
المنطقة ونأمل الموقف المشرف
للعرب بوقوفهم إلى جانب الحق
الفلسطيني! ========================= اللاجئون
الفلسطينيون في العراق.. حطب
قديم لأزمة جديدة طارق
حمّود لمحة
تاريخية وقانونية: قلما
تذكر وسيلةٌ إعلاميةٌ خبراً عن
الفلسطينيين في العراق، بل
وقلما تجد دراسةً تتحدث عنهم،
ونادراً ما يتعرض السياسي
الفلسطيني ووسائل إعلامه
لمجاميع اللاجئين الفلسطينيين
في العراق، وطوال السنوات
الستين الماضية كانت طاحونة
الزمن تأكل من تاريخهم ونضالهم
الكثير، إلى أن جاء القدر
بمحنةٍ جديدةٍ وأزمةٍ اعتاد
الفلسطينيون أن لا يظهروا
للإعلام ولا يراهم أحد إلا من
خلالها. جاء
اللاجئون الفلسطينيون إلى
العراق عام 1948م حملتهم عربات
الجيش العراقي الذي شارك في جيش
الإنقاذ حينذاك، لم تكن أعدادهم
قد تجاوزت الخمسة آلاف على أكثر
التقديرات، سكنوا في معسكرات
ومقرات حكومية تحت إشراف وزارة
الدفاع العراقية التي كانت توزع
عليهم الطعام والمخصصات
اليومية كأي قطعةٍ من قطع
الجيش، وبقي هذا الحال حتى عام
1950م حيث انتقلت ولايتهم إلى
وزارة الشؤون الاجتماعية
والعمل التي أنشأت مديريةً
خاصةً بهم تحت اسم مديرية شؤون
اللاجئين الفلسطينيين في
العراق والتي قامت بدورها
بإعادة توزيع سكن اللاجئين
الفلسطينيين وفق نظام السكن
الجماعي الذي افتقر لأدنى
متطلبات الحياة الصحية، هذه
المساكن التي زارها وزير الشؤون
الاجتماعية والعمل العراقي
أحمد الحبوبي بعد حرب حزيران
عام 1967م ليُفاجأ بحجم المأساة
التي يعيشها ساكنوها من
اللاجئين الفلسطينيين فدفعته
لإصدار مذكرةٍ إلى مجلس الوزراء
العراقي يصف فيها مساكن
اللاجئين بالقبور التي يسكنها
أحياء، ويصف فيها وضع المساكن
الصحي والاجتماعي البائس
مستشهداً بقوله "ليس السامع
كمن رأى" ويختم الحبوبي
رسالته بسؤالٍ استنكاريٍ: أهكذا
يعيش العائدون؟ كانت
رسالة الحبوبي أول تحركٍ رسميٍ
بل وغير رسمي يسلط الضوء على
مأساة اللاجئين الفلسطينيين في
العراق الذين غادرتهم وكالة
الأنروا مبكراً أواخر العام 1950
وأخرجت العراق من مناطق
عملياتها بموجب اتفاقيةٍ بين
الحكومة العراقية والأنروا
يتحمل بموجبها العراق رعاية
شؤون الفلسطينيين اللاجئين
لديه من مختلف الجوانب مقابل
إعفاء العراق من أية التزامات
مالية تجاه الأمم المتحدة،
وفعلاً خصصت وزارة الشؤون
الاجتماعية والعمل العراقية
مبالغ سنوية لرعاية اللاجئين
الفلسطينيين بدأت ب "160 ألف
دينار" ولم تزدد طوال الأعوام
1955م وعام 1973م إلا بمقدار "50
ألفاً" فيما كانت أعدادا
اللاجئين تزداد بنسب عالية وصلت
إلى أربعة أضعاف، فضلاً عن
اختلاف قيمة الصرف خلال هذه
المدة، وبالعودة إلى رسالة وزير
الشؤون الاجتماعية والعمل
العراقي أحمد الحبوبي فقد اتخذت
الحكومة العراقية آنذاك قراراً
يقضي بتخصيص أراضٍ للفلسطينيين
اللاجئين مع سلفٍ مالية للبناء
إضافة إلى مساعدات نقدية، إلا
أن القرار لم يرَ النور فقد كان
انقلاب حزب البعث في تموز /
يوليو عام 1968 أسرع من التعليمات
التنفيذية للقرار، ليحل مجلس
قيادة الثورة مكان الحكومة
السابقة حيث عالج قضايا
اللاجئين الفلسطينيين وفق
قرارات أصدرها عام 1969 قضت
بإنشاء مجمعات سكنية شعبية
ينتفع بها اللاجئون
الفلسطينيون دون تملكها، ومن
دون أن يكون هناك حق للاجئ
الفلسطيني بتملك الأراضي
والعقارات. بعد
سقوط بغداد وأشياء أخرى.. بقي
واقع الفلسطيني في العراق موضع
تجاذب ويخضع للاعتبارات
السياسية أكثر من خضوعه
لتشريعات قانونية واضحة تنظم
علاقته بالدولة المضيفة حتى عام
2001م حيث صدر القرار 202 عن مجلس
قيادة الثورة والذي نص على
معاملة الفلسطيني المقيم إقامة
دائمة في العراق معاملة العراقي
في جميع الحقوق والواجبات
باستثناء الحق في الحصول على
الجنسية العراقية، إلا أن
القرار الذي انتظره
الفلسطينيون اللاجئون في
العراق أكثر من خمسين عاماً لم
يقع موقع التنفيذ بسبب تأخر
التعليمات التنفيذية له إلى أن
سقط النظام العراقي عام 2003م بعد
الحرب الأمريكية - البريطانية
على العراق، وهنا دخل اللاجئ
الفلسطيني أخطر مراحل حياته في
العراق، وهي المرحلة التي
امتزجت بالدماء والتهجير
الممنهج والمدروس، ومنذ ذلك
الوقت إلى اليوم يعيش الفلسطيني
في العراق مراحل متعددة من الشد
والجذب مع واقع العراق المجمل،
حيث استهدفته مليشيات طائفية
عاثت فساداً في مناطق سكناه
وهجّرت الآلاف إلى مخيمات
صحراوية منها ما تفكك باتجاه
بقاع مختلفة في العالم من
البرازيل وتشيلي إلى أستراليا
ونيوزيلندة إلى أوروربا فالهند
وسيرلانكا هرباً من الموت الذي
مورس ضدهم بأبشع صوره تمثيلاً
وتنكيلاً، ولا يزال حتى كتابة
هذه السطور المئات من اللاجئين
الفلسطينيين على الحدود
العراقية السورية في مخيم
الوليد منذ سنوات في أدنى مستوى
حياةٍ يمكن أن يقبل به آدمي على
وجه الأرض في القرن الحادي
والعشرين، واليوم مع بقاء بضعة
آلاف من اللاجئين الفلسطينيين
في العراق وخصوصاً بغداد في
مجمع البلديات الذي يقع في
منطقة ذات لون طائفي واحد، وبعد
أن أخذت المليشيات العراقية
شكلاً قانونياً بتحولها إلى
أجهزة أمنية تتبع وزارة
الداخلية، باتت الهجمة على
الفلسطينيين حملة مقننة باسم
مكافحة الإرهاب، وتم استهداف
رموز المجمع من الفلسطينيين
لدفع السكان إلى الهجرة خارج
المنطقة للوصول إلى مشروع
النقاء الطائفي في منطقة
الرصافة شرق القناة من العاصمة
العراقية بغداد، ولم تفلح
محاولات عديدة من التفاوض مع
المرجعيات الدينية والأجهزة
الحكومية التي اتضح في نهاية
المطاف أن المشروع لا يخرج عن
كونه مشروعاً برعاية حكومية
وطائفية لم تراعِ حرمةً لا
للقضية الفلسطينية كقضية
إسلامية وعربية، ولا لتاريخٍ من
التعايش المشترك بين
الفلسطينيين والعراقيين، ولا
لحرمة رموزٍ وشيوخٍ لم يكن
آخرهم عميد الجالية الفلسطينية
في العراق الشيخ السبعيني توفيق
عبد الخالق (أبو العبد) الذي
اختطف وعُذب ونُكل به من قبل
مختطفيه بأبشع الأنواع ليس
أقلها المثقب الكهربائي (دريل)
الذي بانت آثاره على جثته التي
وجدت بعد أيام من اختطافه من قبل
المليشيات الطائفية عام 2008م. مسؤولية
من؟ اليوم
يدرك الفلسطينيون أن لا مكان
لهم شرقي بغداد، فهي منطقة اتضح
أن مختطفي العراق قد قرروا أنها
لا تتسع إلا للون واحد، وندرك
كفلسطينيين أن قدرنا في ظل
حالةٍ فلسطينيةٍ مترديةٍ لن
يكون أكثر من حطب لأزمات العرب،
هكذا كنا في أيلول الأسود عام 1970
– 1971م، وهكذا قُدر لنا في حرب
لبنان الأهلية، وهكذا كنا في
حرب الخليج 1991م، وفي نهر البارد
في لبنان، واليوم في العراق،
ولن نجلد الآخرين كثيراً لأن
الجلود قد تبلدت، ولكن من
الجرأة أن نقف أمام واقعنا
السياسي الذي سارت به قيادة
فلسطينية من أزمة إلى أخرى، ولم
تكن لدى القيادة الفلسطينية في
يوم من الأيام مشروعاً لتجنيب
الفلسطينيين نيران الأزمات
العربية والإقليمية، بل كانت
القيادة الفلسطينية نفسها إحدى
تلك الأزمات المزمنة في تاريخ
معاناة الشعب الفلسطيني، وقد
تكون هناك أزمات كثيرة مرّت
وانتهت وإن كنا لا نزال نعيش
أثارها ونتائجها، لكننا لا نزال
نعيش أزمة الفلسطينيين في
العراق وهي تتفاقم أمام أعيننا
دون أن يكون هناك مؤشر ولو صغير
على اهتمام فلسطينيٍ أو عربيٍ
باتجاه حلحلة هذه الأزمة بأي
شكل يحفظ لمن تبقى من (العائدين)
كما أسماهم الحبوبي عليه رحمة
الله مجرد حياة لكي يعود! وفي
هذا الصدد نقول إن من تبقى في
مجمع البلديات لا يتجاوزن
الثلاثة آلاف نسمة تستطيع أية
جمعية خيرية فضلاً عن دولة
عربية أو إسلامية أو منظمة
دولية إيجاد الحل المناسب لهم
بما لا ينتقص من حقوقهم
التاريخية والسياسية
والاجتماعية، لا أظن أن لدينا
مشكلة بمغادرة شرق بغداد، فهي
ليست القدس ولا إجزم أو جبع أو
عين غزال التي ينحدر منها
اللاجئون الفلسطينيون في
العراق، ومطلوب من كل من له
علاقة بالملف الفلسطيني أن
يتحرك باتجاه تخفيف المعاناة
الحاصلة اليوم، بدءاً بمن يتحمل
المسؤولية المباشرة عن الواقع
الفلسطيني في العراق ممثلاً
بالحكومة العراقية برئاسة نوري
المالكي وليس انتهاءً بمنظمة
التحرير الفلسطينية التي تدّعي
تمثيل الفلسطينيين في كل مكان
على اعتبار أن الشهداء والجرحى
والمعتقلين والمهددين بالطرد
من اللاجئين الفلسطينيين في
العراق هم أعضاء طبيعيين
بالمنظمة، كما يجب على وكالة
الإغاثة الدولية الأنروا ومن
خلفها الأمم المتحدة أن تتحمل
مسؤولياتها في ظل النقض الواضح
والصارخ للاتفاقية التي
أبرمتها الأنروا مع الحكومة
العراقية بداية الخمسينيات من
القرن المنصرم وخرج العراق
بموجبها من مناطق العمليات،
وعلى المفوضية السامية لشؤون
اللاجئين أن تتجاوز مسألة
المهمة التقنية بعمل سجلات
وملفات معلوماتية عن اللاجئين
الفلسطينيين في العراق كون
اللاجئين في العراق تحت ولايتها
بخروجهم من ولاية الأنروا حسب
المادة 1 الفقرة D
من اتفاقية جنيف عام 1951م، بل لن
تعفى الجامعة العربية وكل من
يدعي رعايته للفلسطينيين. بقي أن
نقول: خسرنا من الفلسطينيين في
العراق الذين يشكلون أقل من 1% من
مجموع السكان المئات قتلى وجرحى
ومعتقلين ليس أمام العدو
الإسرائيلي وإنما أمام أناس
يتكلمون بلغتنا ويوحدون
بديانتنا، وخسرنا الآلاف
مشردين مهجرين في أكثر من 45 دولة
ليس بينها واحدة عربية، فإلى
أين يتجه المسار؟ وماهي مآلات
من بقي ينتظر مصيره؟ نحن أمام
مشكلة إنسانية في بعدها الطارئ
تحتاج لحلول إنسانية سريعة، أما
إشكالنا السياسي والاجتماعي في
مجتمعاتنا العربية فهو تاريخي
ومزمن ومستعصي. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |