ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
احمد
النعيمي منذ
فترة نقلت قناة الجزيرة خبراً
مفاده أن وزير الدفاع الأمريكي
"روبرت جيتس" صرح بأنه: ليس
الصين وروسيا الدولتين
الوحيدتين اللتين ترفضان إصدار
قرار بحق حكومة الأسد وإنما
إسرائيل كذلك، حيث صرح نتنياهو
بأن رحيل الأسد يمثل خطراً
استراتيجياً على أمن دولتهم،
ولم يتم التطرق لهذا الخبر
بعدها بأي من نشرات الأخبار
اللاحقة، وكأنه فص ملح وذاب،
شانه شان كثير من الأخبار التي
جرى التعتيم عليها بشكل مقصود،
كقضية محاولة اغتيال أردوغان
بداية الثورة السورية، وكفضيحة
"عوفر كيت" والتي أدت إلى
مقتل اليهودي عوفر منعاً لإثارة
ملف العلاقات التجارية
الإيرانية اليهودية، التي جرى
التغطية عليها بحرب مزعومة
أثيرت من جديد ضد المشروع
النووي الإيراني والذي ما زلنا
نتابع به هذه الحرب من سنوات
طويلة، فنسمع جعجعة ولا نرى
طحناً. إلى أن
جاءت تصريحات رئيس الهيئة
الأمنية والسياسية بوزارة
الدفاع الصهيونية الجنرال "عاموس
جلعاد" محذراً بأن سقوط الأسد
سيترتب عليه حدوث كارثة تقضي
على إسرائيل، وذلك نتيجة لظهور
إمبراطورية إسلامية في منطقة
الشرق الأوسط بقيادة الإخوان
المسلمين في مصر والأردن
وسوريا، موضحاً بأن فكر جماعة
الإخوان يهدف إلى تصفية ومحو
دولة إسرائيل، ومضيفاً في
تصريحه لإذاعة الجيش
الإسرائيلي بأن وجود نظام الأسد
مصلحة لإسرائيل. وهو
أول تصريح لمسئول صهيوني وبشكل
صريح ومدوي بأن أمن سوريا من أمن
الصهاينة، بعد أن حاول النظام
الأسدي والصهيوني إخفاء هذه
الحقيقة طويلاً، بل أن تصريحه
ترجمة حرفية لرسالة الأسد
الأخيرة التي وجهها للغرب بأن
الصراع الدائر في سوريا صراع
بين القوميين العرب والإخوان
المسلمين، وفي حال رحيله فإن
المنطقة ستتحول إلى زلزال وتخلق
عشرات الأفغانات، في تأكيد واضح
من كلا الطرفين بأن عدوهم
الوحيد هم الإسلاميون، ونسف
لأكذوبة المؤامرة التي يتشبث
بها المجرم الأسد منذ قيام
الثورة السورية. وإلا
لو كان الأمر صحيحاً وأن هناك
عداء بين دول الصمود المزعومة
وبين اليهود والغرب، لما قامت
هذه الدول جميعاً بالتحذير من
خطر الإسلاميين، وخصوصاً أن
إيران تدعي أنها دولة إسلامية،
وكان المفترض بهم الرد بكل قسوة
على أصحاب هذه المؤامرات ومن
يقف خلفها بدلاً من تحذيريهم من
خطر الجماعات الإسلامية، وأن
إسقاطهم لهذه الدول – الحارسة
لأمن الصهاينة– من شأنه أن يمثل
خطراً على أمن الصهاينة، وإلا
ما هو الرابط بين تحذير الأسد من
أنه يواجه حرباً إخوانية، وبين
تحذير جلعاد من نفس هذه الحركة؟!
إلا أن يكون عدوهم عدو واحد،
وإلا كيف يلتقي الأعداء ويتفقون
على خطر واحد؟! وخصوصاً أن تصريح
هذا الصهيوني جاء يوم الأربعاء
الماضي قبيل انعقاد الاجتماع
الطارئ لجامعة الدول العربية،
وكأنه تحذير واضح لهم بعدم
اتخاذ أي إجراء ضد الأسد
وإعطائه المزيد من الوقت لقمع
ثورة الشعب السوري، وهذا ما كان
فقد تم إعطائه مهلة جديدة،
وتراجعت تركيا عن مطلبها بشأن
فرض منطقة عازلة بينها وبين
سوريا، فهل سيكون التدخل
الصهيوني في قادم الأيام واضحاً
وبشكل أكثر حسماً لمنع سقوط هذا
الحارس الأمين ولو تطلب الأمر
فضح الأوراق جميعاً؟! الرسائل
التي وجهها الأسد ونصر الله
وإيران مفادها بأنه إذا سقط هذا
النظام فإن المنطقة ستتحول إلى
زلزال كما وصفها الأسد، والى
شعوب ستمحي اليهود وأمريكا من
الخارطة كما وصفها رئيس هيئة
أركان القوات المسلحة
الإيرانية، والى كرة متدحرجة
ستحول المنطقة إلى جحيم كما
وصفها نصر الله.. لم يترجمها إلا
الصهاينة بشكل حرفي وواضح، لأن
هذه الرسائل كانت موجهة لهم
لإثارة مخاوفهم، وتحذيرهم من
سقوط هذه الدول التي عملت كل
وجودها على حراسة حدود الصهاينة
بكل تفان وإخلاص، ففهمها الغرب
من فوره وأعلن حلف الناتو ومن
خلفه أوروبا وأمريكا بأنه لن
تكون هناك منطقة حظر طيران على
سوريا خوفاً من الزلزال التي
تحدث عنه الأسد، وفهمها اليهود
فتحدثوا عن إمبراطورية إسلامية
سيقيمها الإخوان المسلمون،
وهذا يفسر سبب تواطؤ الدول
جميعها على ثورة الشعب السوري
البطل، وإعطائهم الأسد المهلة
تلو الأخرى ليقضي على ثورة
أخرجها الله ولن تعود إلا بما
خرجت من أجله بإذن الله، وهي
الحرية التي فقدتها عقوداً من
الزمن في ظل نظام خائن وعميل. ========================= مجاهد
مأمون ديرانية -1- إني
أسمع قرع الطبول، ومن لا يسمعه؟
لقد كان منذ شهور قرعاً خافتاً
يأتي من بعيد فلا يكاد يَبين،
فاقترب اليومَ حتى علا ضجيجُه
فغطى على كل صوت، ولن نلبث إلا
قليلاً حتى نرى عياناً ما
استشرفناه بالسماع. ها قد
أمسى مساء الأربعاء ولم نسمع -بعدُ-
أيّ شيء عن نتائج الاجتماع
الوزاري الذي عُقد في الرباط
اليوم على هامش المنتدى العربي
التركي، لذلك سنبقى على ما
تتحدث عنه التوقعات: “اتفاق
متوقع بين تركيا والدول العربية
على إنشاء مناطق عازلة داخل
الأراضي السورية”. البعض
يقولون إن الجامعة ستطلب من
مجلس الأمن إصدار قرار يُجيز
التدخل لحماية المدنيين عبر
تركيا والأردن، وآخرون يتحدثون
عن توفير غطاء دولي وعربي لتدخل
تركي مباشر على الأراضي السورية
انطلاقاً من اتفاقية بين حافظ
الأسد وتركيا تمنح الجيش التركي
الحق بالدخول إلى الأراضي
السورية -بعمق كيلومترات وعلى
طول الحدود بين البلدين- في حال
ارتأت تركيا أن ثمة ما يهدد
أمنها ويستدعي هذا التدخل. أنا
لم أسمع بتلك الاتفاقية من قبل،
لكن لو كانت صحيحة فعلاً فإنها
هي نفسها خير غطاء للتدخل
التركي، لأن العمليات العسكرية
التي يقوم بها حزب العمال
الكردستاني ضد الجيش التركي
تُعتبر تهديداً للأمن التركي
بالتعريف السابق. قبل
يومين كان الأمين العام للجامعة
العربية في زيارة لتونس، ومن
هناك دعا إلى فرض حماية دولية
للمدنيين في سوريا، متعللاً بأن
الجامعة لا تملك الإمكانيات
الكافية للقيام بذلك وحدها،
وقال: “ليس من الخطأ أن نذهب إلى
مجلس الأمن الدولي، فهو المنظمة
الوحيدة القادرة على فرض مثل
تلك الإجراءات”. إذن
يبدو أننا نقترب بسرعة من بدء
الحملة على سوريا، وفي هذه
الأثناء تستمر التطورات: تركيا
تدعو المجموعة الدولية لوقف
نزيف الدم في سوريا. تركيا تعترف
بالمجلس الوطني السوري بوصفه
إطاراً سياسياً معبراً عن إرادة
الشعب السوري. رداً على الطلب
السوري لعقد قمة طارئة: الأمين
العام للجامعة: طلب سوريا عقد
قمة طارئة يتطلب موافقة 15 دولة؛
مجلس التعاون الخليجي: طلب عقد
قمة عربية غيرُ مُجدٍ حالياً.
اقتحام السفارة الأردنية في
دمشق بعد لقاء للملك عبد الله
الثاني مع القناة البريطانية
دعا فيه بشار الأسد إلى التنحي.
سفارات المغرب والإمارات وقطر
في دمشق تتعرض للاعتداء. فرنسا
تستدعي سفيرها في سوريا. الأمين
العام للجامعة العربية يدعو إلى
اتخاذ ما يلزم لوقف نزيف الدم
المستمر في سوريا. وزير
الخارجية التركي: القيادة
السورية لم تحترم الالتزامات
التي قطعتها على نفسها بعد قرار
الجامعة العربية، وسوف تدفع
ثمناً باهظاً بسبب ذلك. -2- كثيرون
بدؤوا يسألون: هل هي ليبيا ثانية
في سوريا؟ الجواب: ولماذا ليبيا
تحديداً؟ ألأنها النموذج
الأقرب في التاريخ أم لأوجه
الشبَه بين النظامين؟ ربما، لا
أحد يستطيع أن يُثبت أو أن ينفي
في هذه اللحظة، لكن دعونا نوسّع
الاحتمالات قبل التسرع بالجواب. شاهدنا
في الماضي نماذج كثيرة للتدخل
الخارجي (الغربي خاصة) في نزاعات
إقليمية ومحلية، ولم يكن اثنان
منها متماثلَين تماماً. خذوا
مثلاً التدخل الدولي في
أفغانستان بعد الغزو
السوفييتي، حيث اقتصر دور
التحالف الأميركي-الباكستاني-الخليجي
على تزويد المجاهدين بالسلاح
والمال والدعم اللوجستي
والإستخباراتي والسياسي، وقام
المجاهدون أنفسهم بالعمل
الميداني كله وصولاً إلى إلحاق
الهزيمة بالجيش الروسي وإسقاط
النظام الشيوعي بعد عشر سنوات
من الحرب. بعد
ذلك بسنتين قادت أميركا بنفسها
تحالفاً دولياً موسعاً (من أربع
وثلاثين دولة) لإخراج العراق من
الكويت، واعتمدت تلك الحملةُ
العسكرية الكبيرة على الحرب من
الجو حيث شنّت ألفان وخمسمئة
طائرة مقاتلة أكثرَ من مئة ألف
غارة على الأهداف العراقية،
وبعدها حسمت القواتُ البرية
للتحالف المعركةَ على الأرض في
مئة ساعة فقط! التدخل
الدولي في كوسوفو (1999) أخذ شكلاً
جديداً، وكأنه مزيج من
النموذجين الأفغاني والعراقي،
فقد اقتصر دور التحالف الغربي
على القصف الجوي الذي استهدف
القوات العسكرية والبنية
التحتية للدولة الصربية، وقامت
بالدور الفاعل على الأرض قواتٌ
محلية: جيش تحرير كوسوفو. كما أن
التحالف الغربي لم يحاول إسقاط
النظام الصربي، بل كان هدف
الحملة هو حماية ألبان كوسوفو
ودعم مشروع استقلال الإقليم عن
صربيا، وقد تمت المهمة بنجاح
جزئي، حيث خرج الإقليم عن سيطرة
صربيا عملياً، لكنه بقي تحت
حماية الأمم المتحدة منذ ذلك
الحين. نموذج
التدخل الدولي في ليبيا يشبه
النموذج الكوسوفي إلى حد ما،
حيث كان الهدف الأصلي المعلَن
والذي أُطلقت من أجله الحملة
الدولية هو حماية المدنيين،
ولكن إسقاط نظام القذافي كان
هدفاً خفياً مُضمَراً لم يلبث
أن اتضح لاحقاً (وتم بنجاح لحسن
الحظ). ولتحقيق الهدفين شَنّ
التحالف الغربي (الأميركي-البريطاني-الفرنسي
في البداية ثم حلف شمال الأطلسي
في المرحلة اللاحقة) شنّ حرباً
جوية باستعمال القاذفات
والصواريخ البالستية، فيما
خاضت المعركةَ على الأرض
جماعاتٌ محلية مسلّحة من
المجاهدين الليبيين المدنيين
وبقايا الجيش الليبي المنهار،
وصولاً إلى النصر النهائي
والقضاء على القذافي ونظامه
بفضل الله. -3- ما
يبدو حالياً هو أن التدخل
الخارجي في سوريا سيكون نموذجاً
معدَّلاً من خلطة تجمع بين
النموذجين الأفغاني والكوسوفي-الليبي،
مع استبعاد كامل (حتى الآن على
الأقل) للنموذج العراقي الذي لا
يبدو أن أحداً في سوريا يمكن أن
يوافق عليه، أعني دخول قوات
عسكرية غربيّة برية إلى الأرض
السورية. فيما يلي تصوري لأبرز
خصائص حرب التحرير المنتظرَة في
سوريا: (1)
يبدو أن الاعتماد الأكبر سيكون
على الجيش السوري الحر الذي
يتوسع باطراد، والذي يُتوقَّع
أن يكبر بصورة انفجارية بعد
بداية تنفيذ الخطة العسكرية، لا
سيما وأن تقارير كثيرة تحدثت عن
حالات انشقاقات “كامنة”، أي أن
أصحابها اتخذوا قراراهم
بالانشقاق لكنهم أجّلوا تنفيذه
والإعلان عنه حتى الوقت
المناسب، ومنهم عدد من أصحاب
الرتب الرفيعة. وسوف يكبر الجيش
الحر ويتوسع أكثر وأكثر عندما
يُفتح باب التطوع في مرحلة
لاحقة لاستيعاب الآلاف من
الثوار الراغبين في الجهاد. الجيش
يحتاج إلى مال وسلاح، وهنا
سيأتي الدور الأميركي والخليجي
الذي قطع -فيما يبدو- شوطاً
طويلاً في ترتيب ما يلزم
للمرحلة المقبلة. هذه الجزئية
تشبه سابقتها في أفغانستان ولا
تخلو من مشابهة للوضع في ليبيا،
لكن الحالة السورية ستنفرد
بخصوصية المنطقة الآمنة التي
سترتكز عليها عملية التحرير
ارتكازاً محورياً، لذلك سبق
الحديثُ عنها الحديثَ عن كل ما
عداه، وذاع ذكرُها حتى صارت
بحكم الأمر الواقع. (2) سوف
أناقش احتمالات هذه المنطقة في
المقالة الآتية بإذن الله. ما
يعنينا هنا الآن هو التأكيد على
محوريتها في العمل العسكري
المنتظَر، وكما تقول كل
التوقعات التي تتحدث عنها فإنها
ستكون منطقة آمنة أرضُها
وسماؤها، أي أن الحظر الجوي
سيكون تكملة لإنشائها وتحصيل
حاصل لا بد منه، مع أن التوقعات
ما تزال متضاربة بشأنه: هل سيكون
حظراً شاملاً فوق سوريا كلها،
أم سيغطي منطقتَي حظر شمالية
وجنوبية كما حصل في العراق بعد
حرب تحرير الكويت؟ الاحتمالات
كلها واردة: حظر شامل، أو حظر
على منطقة شمالية فقط، أو على
منطقتين في الشمال والجنوب. (3)
العمليات العسكرية على الأرض
ستكون محصورة -على الأغلب-
بالجيش السوري الوطني (الجيش
الحر)، على أن يتلقى ما يلزمه من
أسلحة من الجهات الداعمة عن
طريق تركيا، وربما عن طريق
الأردن أيضاً في مرحلة لاحقة.
الجيش التركي نفسه قد يشارك في
العمليات الأرضية ولكن فقط ضمن
حدود المنطقة العازلة والله
أعلم، لكنه يمكن أن يوسّع
عملياته في الشرق في مناطق
التوتر الكردية إذا استمرت
عمليات حزب العمال الكردستاني
ضد الجيش التركي. أيضاً
لا أستطيع أن أستبعد احتمال
التدخل العسكري التركي المباشر
في منطقة الساحل في حالة معينة،
لو تطورت الاعتداءات الطائفية (التي
بدأت بوادرُها خلال الأيام
القليلة الماضية) لتصل إلى درجة
المجازر الجماعية والتطهير
العرقي لا سمح الله. في هذه
الحالة لن يكون مستبعَداً أن
يحتل الجيش التركي -في عملية
عسكرية خاطفة- منطقةَ الساحل،
من يايْلاداغي على الحدود
التركية إلى العريضة على الحدود
اللبنانية، وهي منطقة تضم أكثرَ
المواقع خطورة على المدنيين في
الوقت الراهن، كما أنها أخطر
الجيوب القابلة للانفجار في
المستقبل، ولا يُستبعَد أن يكون
فصلها في إقليم علوي مستقل
واحداً من توجهات النظام
الاحتياطية لو أنه فقد السيطرة
على العاصمة، وهذا أمر لن تجازف
تركيا بقبوله لأنه يمكن أن يحرك
الأقلية العلوية على الأراضي
التركية (وقد ناقشت هذه الفكرة
في مقالة سابقة). (4)
الأمر الأخير المهم هو الضربات
الجوية. هل ستشهد سوريا ضربات
جوية كما حصل في ليبيا وكوسوفو؟
حتى الآن لم نرَ ما يشير إلى أي
استعداد لعمل من هذا النوع، لكن
من الصعب تخيل عملية حربية
كبيرة دون ضربات جوية، لا سيما
وأن ميزان القوى على الأرض مختل
كثيراً لصالح قوات النظام، كما
أن أي حظر جوي لم يطبَّق في
التاريخ العسكري المعروف دون
ضرب الدفاعات الأرضية وأنظمة
الرادار ومراكز التحكم
والسيطرة. إذن فإن التفكير
باستبعاد الضربات الجوية سيكون
أقربَ إلى السذاجة، وبما أن
الحرب على الأرض صارت أمراً
واقعاً (تقريباً) فإن الإسناد
الجوي أمر محتوم، إلا أنني أرجو
من القادة العسكريين للجيش الحر
أن يكون لهم رأي صارم في هذه
المسألة، وأن يعارضوا أي ضرب
للبنية التحتية -من مطارات
وموانئ وطرق وجسور ومصانع
ومحطات الطاقة والمياه- وأن
يقتصر الضرب على الأهداف
الإستراتيجية للنظام. لقد
سبق وأن فصلت الحديث في ذلك كله
في مقالة نشرتها قبل سبعين
يوماً بعنوان “لماذا يجب أن
نرفض الضربات الجوية؟”،
فاسمحوا لي أن أنقل منها فقرة
مهمة في هذا السياق، لو لم
أكتبها حينها لكتبتها اليوم،
حيث عارضت الضرب الجوي الشامل
الذي يؤدي إلى تدمير الجيش
والبنية التحتية للبلاد،
وأيّدت ضرب أهداف إستراتيجية
سيُضعف ضربُها النظامَ ويساعد
على إسقاطه، قلت: “يجب
أولاً تحديد الأهداف المطلوبة،
وينبغي أن تُختار على أساس
أهميتها بحيث يفقد النظام
تلقائياً -في حالة ضربها- جزءاً
من قوته الضاربة التي يواجه بها
الثورة الشعبية. قائمة الأهداف
يمكن أن تشمل قيادات ومقرّات
الحرس الجمهوري والفرقة
الرابعة في دمشق وضواحيها،
وقيادات المخابرات العامة
والمخابرات العسكرية والجوية
في كفرسوسة وغيرها، وعُقَد
الاتصالات التابعة للأركان
العامة، والقصور الرئاسية في
دمشق وبقية المدن، ويمكن تنفيذ
هذه الضربات بواسطة قوات خاصة
على الأرض أو بصواريخ موجّهة
تنطلق من الجو أو من البحر، على
أن تُضرب الأهداف بدقة عالية
لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين.
لا أريد أن يُنقَل عني ما لم
أقله، لذلك سوف أعيد التأكيد:
الذي أؤيده هو ضرب أهداف أمنية
وعسكرية “محدودة ومنتقاة
ويُتوقَّع أن تشلّ قدرة النظام
على الاستمرار” وليس ضرباً
جوياً موسَّعاً، وإنما أعيد هذا
التأكيد لكيلا يظن أحدٌ أنني
أدعو إلى ضربات جوية واسعة على
الطريقة التي نفذها الناتو في
كوسوفو”. * * * إذا
كان ما وصفته في هذه المقالة هو
فعلاً خطة العمل العسكري الذي
يتم إعداده لإسقاط النظام
وتحرير سوريا فإنه يعني إعلان
الحرب على النظام، لأن إنشاء
مناطق عازلة على الأرض السورية
في الشمال والجنوب يستلزم دخول
قوات تركية وأردنية إليها، وهذا
ما سيعتبره النظام عملاً من
أعمال الحرب، على الرغم من
الغطاء العربي الذي ستتحرك
تركيا تحته في البداية، وعلى
الرغم من الحظر الجوي الذي
يُنتظَر أن يُفرَض قريباً تحت
غطاء دولي متوقَّع. ما هي
الطريقة التي يمكن أن يردّ بها
النظام؟ ما هي احتمالات المناطق
العازلة؟ ما هو الإطار الزمني
المتوقَّع للبدء بتنفيذ خطة
الحرب؟ هذا ما سأناقشه في
المقالة الآتية بإذن الله. ====================== محمد
فاروق الإمام يعتقد
الكثيرون أن روسيا التي ورثت
الاتحاد السوفييتي بعد تفككه
وتشرذمه قد دخلت نادي
الديمقراطية من أوسع أبوابه،
حارقة المراحل الطويلة التي
فصلتها عنه لسنين طويلة وهي
أسيرة الحكم الشيوعي الشمولي
الذي دام أكثر من 70 عاماً، لكن
الحقيقة أن الذي حصل هو تفكك
البلدان التي كانت منضوية تحت
مظلتها والانعتاق من العبودية
والأسر التي عاشته في ظل قبضتها
الحديدية، وجعلتها دولاً منهكة
فاشلة وشعوب مقهورة وذليلة
وفقيرة ومتخلفة، فالاتحاد
السوفييتي التي طويت صفحته هو
حاضر اليوم في موسكو من خلال
مجموعة من الشخصيات الشيوعية
التي تتبادل حكم روسيا بالتراضي
وتتداول حكمه بالتوافق. ففي
يوم 3 تشرين الثاني من عام 1993
تحولت الأزمة الدستورية في
روسيا إلى صدام مسلح بين أنصار
مجلس الدوما (البرلمان) وقوات
الشرطة والأمن والجيش، وبذلك
وضعت روسيا على حافة الحرب
الأهلية. وانتهى
النزاع بين السلطة التنفيذية
التي كان يمثلها آنذاك الرئيس
الروسي بوريس يلتسين والسلطة
التشريعية بزعامة روسلان
حسبولاتوف مؤيداً من نائب
الرئيس الروسي روتسكي بشأن
مسيرة الإصلاحات وسبل بناء
الدولة الجديدة انتهى بتعرض مقر
البرلمان الروسي لنيران
الدبابات. وجاء المرسوم الرئاسي
القاضي بحل مجلس نواب الشعب
بحجة محاولة قلب النظام
الديمقراطي والعودة إلى
الشيوعية. في حين
كان الخلاف بين السلطة
التشريعية ويلتسين يكمن في
اختيار النموذج الاقتصادي
للانتقال من الاشتراكية إلى
الرأسمالية. وقد اختار البرلمان
النموذج الانتقالي المرن بصفته
نموذجاً أوروبياً مقبولاً.
بينما كان يلتسين يصر على
النموذج الأمريكي الذي سرعان ما
صار يتعطل، الأمر الذي تسبب في
تدهور الاقتصاد. وكانت
حركة يلتسن انقلاب فعلي على
الديمقراطية والعودة بروسيا
إلى حقبة الحكم الشمولي مجدداً
ولكن دون الجمهوريات التي تمكنت
من الانفلات من قبضة روسيا
وتأسيس جمهوريات مستقلة
ديمقراطية انضوت بعضها في
مجموعة الاتحاد الأوروبي. كان
عهد حكم يلتسين فترة مظلمة في
التاريخ الروسي الحديث لم يشهد
الروس مثلها حتى في ظل الاحتلال
النازي أثناء الحرب العالمية
الثانية - أو قبل الثورة
البلشفية - وهي فترة شهدت انتشار
الفساد، وانهيار اقتصادي هائل،
والمشاكل السياسية
والاجتماعية، وهذا دفع يلتسين
إلى البحث عمن يضمن له تقاعده في
مأمن من احتمالات الملاحقة
بتهمة الفساد وتبديد أموال
الدولة، ليجد ضالته في شخص
فلاديمير بوتين الصموت الغامض
الذي خرج من معطف لجنة أمن
الدولة (كي جي بي) ليعرض عليه
خلافته مقابل ضمان مستقبله
وأفراد عائلته إلى جانب الكثير
من الامتيازات المادية. وقبل
بوتين بالصفقة التي جرى تنفيذها
على مراحل بدأت بتوليه رئاسة
الحكومة وانتهى بإعلان الرئيس
يلتسين استقالته وتكليفه
فلاديمير بوتين للقيام بأعمال
الرئيس حتى انتخابه في عام 2000
رئيسا للدولة الروسية، وتمكن من
الفوز بولاية ثانية وبقي حتى
عام 2008، ليخلفه في الحكم صديقه
ورئيس وزرائه ديمتري ميدفيديف،
الذي عينه رئيساً للوزراء،
وبالتالي يمكننا أن نقول أن
بوتين لم يغادر الحكم بل بقي
الرجل القوي الذي يحكم روسيا
فعلياً من خلال منصبه الجديد. شغل
فلاديمير بوتين منصب رئيس
الوزراء وعينه على الرئاسة التي
استمرأ تبوأ منصبها، وهو يأمل
في العودة إلى الكرملين
واستئناف مسيرته التي بدأها مع
مطلع هذا القرن، ويبرر دستورية
ومشروعية طموحاته بتأكيده أنه
وخلفه ميدفيديف لا ينويان
القيام بأية خطوات من شأنها
انتهاك نصوص الدستور الروسي.
وعليه فإن توصل الزعيمان إلى
اتفاق نهائي على اختيار المرشح
من بينهما للانتخابات الرئاسية
في عام 2012، يشير إلى توافقهما
على لعبة تبادل المناصب
والأدوار؛ وعليه فإن روسيا لن
تشهد في الانتخابات الرئاسية
المقبلة تنافساً حقيقياً؛ لأن
توافق الثنائي الحاكم لا يسمح
بالتنافس، الأمر الذي يطرح
أسئلة كثيرة حول الديمقراطية في
روسيا، وحول تبادل السلطة
والنفوذ بين أقطاب الحزب
الحاكم، مما يضع عودة بوتين إلى
منصب الرئاسة نهاية لتمثيلية
سياسية استمرت لنحو أربعة
أعوام، فقد أخبر الرئيس الروسي
ديمتري ميدفيديف في الرابع
والعشرين من سبتمبر الفائت
مؤتمر حزب روسيا المتحدة الحاكم
بأن فلاديمير بوتين سوف يذهب
إلى الكرملين في أعقاب
الانتخابات الرئاسية المقبلة
في آذار من عام 2012، بينما أخبرهم
بوتين بأن ميدفيديف سوف يظل في
منصب رئيس الوزراء وزعيم حزب
روسيا المتحدة. وتنتقد
قوى المعارضة الروسية توجهات
بوتين ومدفيديف التي تغالي في
إشادة نظام مركزي، يُعطل
المبادرات المحلية
والاجتماعية، ويلحق الضرر
ببنية مؤسسات المجتمع المدني،
فيما يعتبر بوتين أن روسيا
بحاجة إلى فترة زمنية لإتقان
ممارسة الديمقراطية الحقة، وهو
يخفي في توجهاته حقيقة معاداته
للممارسة الديمقراطية، ولا
يختلف في هذا الخصوص عن أطروحات
وتوجهات الرئيس ميدفيديف. من هنا
نتفهم مواقف روسيا المعادية
للثورات والانتفاضات التي
تجتاح العديد من البلدان
العربية منذ نهاية عام 2010، التي
تطالب بالحرية والديمقراطية،
وتقف إلى جانب الديكتاتوريات
المستبدة الحاكمة من خلال أحزاب
شمولية تدعمها، فقد وقفت إلى
جانب القذافي حتى سقوطه، واليوم
تقف إلى جانب حاكم دمشق بشار
الأسد ونظامه الاستبدادي
الشمولي، مغمضة عينها عما
يقترفه هذا النظام بحق شعبه من
مذابح ومجازر لأكثر من ثمانية
أشهر سقط خلالها ما يزيد على
خمسة عشر ألف متظاهر سلمي بين
قتيل وجريح، واختفاء واعتقال
وسجن وتهجير عشرات الآلاف بحسب
ما جاء بتقارير منظمات حقوق
الإنسان الدولية والعربية،
ووصفها بأنها جرائم ضد
الإنسانية تستحق إحالة
مرتكبيها إلى محكمة العدل
الدولية، وتقف إلى جانبه في
المحافل الدولية وتستعمل حقها
في نقض أي قرار أو مشروع يوقف
آلة القتل الجهنمية التي يقمع
بها النظام السوري شعبه، ولا
تتوانى عن دعمه عسكرياً ومالياً
ولوجستياً بهدف تمكينه من كسر
إرادة الثائرين على حكمه
ونظامه، ولا يتردد مسؤوليها عن
كيل التهم لهذه الثورة السلمية
المباركة تماهياً مع فبركات
النظام ودعاويه الباطلة
وأكاذيبه الصريحة الفاضحة،
والتي كان آخرها قول وزير
خارجيتها لافروف من أن العملية
التي قامت بها مجموعة من الجيش
السوري الحر التي استهدفت مقر
المخابرات الجوية في الزبداني،
الذي يقوم بقتل وتعذيب النشطاء
والمعارضين السوريين حتى
الموت، يشبه حرباً أهلية حقيقية. من هنا
فإننا نتفهم الدوافع وراء تأييد
موسكو لدمشق.. كون من يقود الحكم
في موسكو لا يختلفون عمن يقود
الحكم في سورية فالشبيه بالشبيه
يتمثل!! ====================== جيل
الشبيبة وصناعة القرار بعد
صناعة الثورة .. الانقلاب على
القيادات الشبابية أخطر
الثورات المضادة نبيل
شبيب هذه
ثورات شبابية!.. ونعلم أن مصطلح
جيل الشبيبة، يعني على أرض
الواقع فترة العطاء الأكبر من
فئات الأعمار حول العشرينات،
وتمتد، على حسب الأفراد أنفسهم،
إلى ما يوصف بسن التقاعد مع
نهاية الخمسينات من العمر، دون
الإغفال أن "واجب العطاء"
لا يعرف ما تعنيه كلمة "التقاعد"
إطلاقا. هذه
ثورات شبابية.. كلمة تردّدت أكثر
من سواها منذ انطلاق البراعم
الدامية الأولى في تربة ربيع
الثورات العربية، وقد اتبع
الشبيبة -ذكورا وإناثا- أساليب
مبتكرة، وأبدعوا وسائل جديدة،
ووظفوا من التقنيات في هذه
الثورات، ما لا يستطيع الجيل
الأكبر سنا توظيفه كما ينبغي. الأهم
من ذلك، أنّ الشعوب عموما، وثقت
بالقيادات الشبابية، ولم تكن
تثق بسواها من القيادات
التقليدية من قبل، فتحرّكت معهم
رغم المخاطر المعروفة، ورغم
التضحيات المتوالية، ورغم
التثبيط من طرف والترهيب من طرف
آخر. والأهمّ
من هذا وذاك معا أنّ التحديات
الكبرى للطواغيت صدرت عن جيل
الشبيبة، والتضحيات الكبرى
قدّمها جيل الشبيبة، فهم في
المقدمة بين الشهداء، وبين
الجرحى، وبين المعتقلين، وبين
المعذبين.. بتعبير
آخر مختصر: الشعب يريد إسقاط "النظام"..
والشبيبة هم الذين أسقطوا "النظام"
فعبؤوا طاقات الشعوب وحرّكوها
وقادوها، وحققوا بذلك هدفها
الأول.. كما أرادت!.. أين
صناع الثورة.. بعد إسقاط "النظام"؟.. هل
نستطيع أن نقول عن تونس ومصر
وليبيا، حيث بدأت "المراحل
الانتقالية" بعد تحقيق الهدف
الأول للثورات الشبابية
الشعبية، إنّ جيل الشبيبة يملك
بين يديه، ما هو جدير به على
صعيد صناعة القرار لبناء
المستقبل.. أي المستقبل الذي
سيعيش هو فيه، وسيكون لأولاده
وأحفاده هو، أم أنّ السيطرة
الحقيقية على صناعة قرار
المستقبل أصبحت مجدّدا في أيدي
الجيل الذي لا يُنتظر وفق
المعايير الاعتيادية أن
يعيشأصلا ليشهد بنفسه معالم ذلك
المستقبل؟!.. أليس
هذا ما يُنتظر أن يكون في اليمن
وسورية أيضا وربما في بلدان
أخرى تلحق بالركب؟.. هل
يحمل الحكماء والعقلاء
والمناضلون الشرفاء من الجيل
الذي عايش حقبة الطغيان
والاستبداد، حتى اندلعت ثورات
الشباب، مهمّة الرعاية
والتوجيه وتقديم الخبرة
والنصيحة، أم انقلب هذا الوضع
رغم كثرة الكلام عنه، فأصبحوا
هم في موضع اتخاذ القرار الذي
يحتاج غلى النصيحة، وأصبح
الشباب ومن يمثّلهم في هذه
الأثناء يجدون -أحيانا- درجة ما
من "التكريم" بالاستماع
إليهم، وربما الأخذ ببعض ما
يرون وينصحون به، أو ما يطالبون
به بصوت مرتفع، وهم يرون بقدر
غير قليل من الغضب، أنّ صناعة
القرارات الحاسمة فيما يحدّد
معالم مستقبلهم.. متركّزة لدى
أولئك الذين "ساروا خلفهم"
من قبل، في ميادين فعاليات
الثورة، من جيل الأحزاب
والجماعات والتنظيمات السابقة؟.. بتعبير
آخر مختصر: مهما قيل عن ثورة
مضادّة من جانب بقايا هياكل
استبدادية داخلية وقوى خارجية،
يبدو أن الثورة المضادّة الأهم
هي تلك التي تعمل على وضع
القيادات الشبابية للثورة في
الصفوف الخلفية من جديد. مؤهّلون
للثورة وقيادتها.. وليس لصناعة
القرار؟! يدور
الحديث كثيرا عن المعلومات
والحنكة السياسية، وعن معطيات
التنظيم والخبرة العملية، وعن
"حكمة الشيوخ" و"طاقات
الشباب" الحماسية.. وجميع ذلك
صحيح نظريا، ومفيد واقعيا،
إنّما من الحقائق المؤكّدة في
الوقت نفسه، أنّ الحقبة السابقة
الطويلة للاستبداد وسيطرته،
والمعارضة وعجزها، شاهد على
وجود "نقص" ما في هذه
المعادلة، إذ لم يتحقق الهدف
الجوهري على مدى جيل أو جيلين:
إسقاط الاستبداد!. ولئن
كشفت ثورات الربيع العربي عن
"النقص" فقد كشفت أنّه كامن
في أن ما مضى من تصوّرات ووسائل،
ومن مناهج وأساليب، لم يكن
كافيا للتعامل بصورة تحقق الهدف
الجوهري، أي للتعامل مع معطيات
متطوّرة جديدة في واقع البلدان
العربية، وفي العالم والعصر،
وبالمقابل استطاع جيل الشبيبة
أن يتعامل مع هذه المعطيات
تعاملا يحقق الهدف الجوهري،
يحقق التغيير، رغم "افتقاره"
كما يقال عنه، لحكمة الشيوخ
وخبرة الجيل الأكبر سنا.. أم أنّ
علينا القول، إنّ تمرّد هذا
الجيل على التصورات والوسائل
والمناهج والأساليب السابقة،
وابتكار ما ابتكر عبر الثورات،
هو سرّ نجاحه في تحقيق الهدف
الذي لم يتحقق من قبل؟.. ألا
ينبغي للمعادلة المذكورة أن تجد
طريقها إلى واقع التعامل
التطبيقي مع ما أسفرت عنه
المرحلة الأولى من الثورات،
فأوصلت إلى "المراحل
الانتقالية"، أم أنّ على جيل
الشبيبة الذي صنع الثورة، أن
يصنع ثورة أخرى ليبطل مفعول "الثورة
المضادّة" التي أصبحت "تكبّله"
وتمنعه من المشاركة الحقيقية في
صناعة القرار، بعد أن كانت حقبة
الاستبداد تكبّله وتمنعه من
صناعة القرار أيضا؟.. هذا
الجيل من الشبيبة، بذكوره
وإناثه، مَن كان في تنظيماتٍ ما
من قبل.. دون أن يسمع رأيه، أو
كان خارج التنظيمات.. دون أن
يُسمع رأيه أيضا، إن كان قادرا
على صناعة ثورة لم يتصوّر سواه
قابلية أن تندلع من قلب ما
اعتبره كثيرون مواتا مهيمنا على
كل شيء في ظلّ طاغوت لا يرتدع عن
ارتكاب أي جريمة.. إن كان قادرا
على صناعة حدث تاريخي فريد من
نوعه في سجل تاريخ البشرية،
بأبعاد مستقبلية يعجز غالبية
الباحثين والدارسين من أساطنة
المراكز والمعاهد العلمية
والفكرية أن يتكهّن بها اليوم..
إن كان قادرا على هذه الثورة،
فعلام نرصد قدرا كبيرا من "عدم
الثقة" بقدرته على بناء
المجتمع الجديد والدولة
الجديدة؟.. بتعبير
آخر مختصر: لا يتحقق هدف أي ثورة
من ثورات الربيع العربي، إلاّ
إذا أخذ جيل الشبيبة صانع
الثورة، مكانه في المقدمّة، على
صعيد صناعة القرار في جميع
الميادين، لبناء المستقبل،
مجتمعا ودولة. الاستعداد
للمرحلة الانتقالية المقبلة في
اليمن وسورية لا
يعني ما سبق انتقاصا من شأن
مكانة أحد من علماء ودعاة
ومفكرين وسياسيين وتنظيمات
وجماعات قديمة، وسوى ذلك من
أصحاب المعلومات والخبرات.. ولا
يعني إغفال أدوار تاريخية لهم
أو لبعضهم، وإنجازاتٍ تحققت رغم
الاستبداد القمعي الفاسد، وكان
منها نشأة جيل قادر على صناعة
الثورات.. ولكن يعني بكل وضوح: لا
يمكن التخطيط للمستقبل، ولا
إرساء دعائمه، ولا الشروع في
بنائه، ولا ضبط مساره، ولا
تجنيد الطاقات الشبابية الكبرى
التي فجّرتها الثورات
الشبابية، دون أن يقترن ذلك بأن
يكون جيل الشبيبة أيضا مشاركا
رئيسيا في جميع هذه الجوانب،
عبر صناعة القرار، لا أن يُنتظر
منه التنفيذ.. فحسب!. ولئن
كان هذا واجبا في تونس ومصر
وليبيا، في صيغة "تصحيح"
مسار المرحلة الانتقالية،
فالأصل أن تُبذل الآن جهود
كافية مواكبة لفعاليات الثورة،
في اليمن وسورية، من أجل تأمين
المعطيات التنظيمية والعملية،
ليأخذ جيل الشبيبة، صانع
الثورة، مكانه في الميادين
السياسية وغير السياسية، على
جميع مستويات اتخاذ القرار،
خلال المرحلة الانتقالية.. بل
ينبغي التعجيل في بذل تلك
الجهود، وقد أصبح سقوط الطغيان
والاستبداد في اليمن وسورية قاب
قوسين أو أدنى، وهذا في مقدمة ما
ينبغي الاستفادة منه من دروس
مسار الثورات الثلاث الأولى،
ويمكن أن ينعكس بدوره عليها
لتحقيق الهدف ذاته. ====================== تراكم
المعرفة المهنية ودورها
باحتواء الازمات الامنية رياض
هاني بهار/ خبير بالشؤون
الامنية الخبرة
إضافة و إغناء وهي النصف الآخر
للكفاءة أو هي الوجه الآخر لها،
فلا وجود لكفاءة خام حين نعني
أنها المقدرة على تولي
المسؤوليات والإدارة بطريقة
مثلى، التجربة والخبرات
المستفادة هي ما يشكل جوهريا
عنصر(الكفاءة). وللأسف فإن لا
مسؤول يريد أن يتعلم و يتدرب في
مضمار عمله و يكتسب الخبرة و
يعكسها عمليا. أما السبب فيكمن
في أنه يرى المنصب استحقاقا
ناله لأهليته وجدارته، لقد صنّم
ذاته باعتماده عاى المحيطين به
من اقاربه وطائفته ويعض من
افراد منطقته وهو أسلوب لم يعد
يتناسب مع روح العصر ولا يقبل
إضافة شيء جديد.. وانتهى الأمر. ونسترشد
بالمقوله ( العقلية السياسية
المتخلفة هي التي تعطيك أقوالا
وأفعالا ميتة ) ان الازمات
الامنية هي نتاج وافراز من ازمة
سياسية. وما
اكثر الازمات الامنية بالعراق
والتي ولم توثق بارشيفتا ولم
نستفاد من تجاربها، علينا ان
نستفاد من اخطاونا ونضع برامج
لتثقيف رجالات الامن وان تضع
اناس اصحاء بالتعامل مع الازمات
ولو راجعنا الاحداث القريبه
للتغيير بالربيع العربي لوجدنا
بداياتها ازمات بسيطه لن يتم
احتوائها وهذا مايوشر الى سوء
الاداره الامنيه والتخلف
السياسي، ومن الضروري تحديد
تعريف لادارة الأزمة الامنية : ان
تعدد مفاهيم الأزمة وإدارة
الأزمة واختلاف وجهات النظر حول
مفهومها وهناك اختلاف وتباين من
شخص إلى آخر. فقد اختلفت
التعريفات بحكم تباين التخصصات
وتنوع والأفكار والآراء، حيث إن
هذا الموضوع يمثل أحد اهتمامات
المشتركة بين الإداريين وعلماء
النفسي والاجتماع والسياسيين
ومن الطبيعي أن يختلف وجهات
النظر ومن ثم يصعب وضع تعريف لها
يقبله الجميع. وعرفت بأنها: نظام
يستخدم للتعامل مع الأزمة تجنب
وقوعها، والتخطيط للحالات التي
يصعب تجنبها؛ بهدف التحكم في
النتائج، والحد من الآثار
السلبية. إدارة
الأزمة هي : الخطوات التي تتخذ
لتقليل مخاطر التي تبذل لمواجهة
أو الحد من الآثار السلبية
المترتبة على الأزمة، وهي علم
وفن تجنب مواجهة الحالات
الطارئة والمفاجئة بسرعة
وكفاءة وفاعلية عن طريق استخدام
الوسائل العلمية فى التنبؤ
بالأزمة قبل وقوعها، بحيث تجعله
قادرًا على التعامل مع تلك
الحالات بهدف المنع أو التخفيف
من حدة التهديدات فى حالة
حدوثها، وذلك لصالح المنظومة
المجتمعية من خلال التخطيط فى
ظل ظروف عدم التأكد المقترن مع
ضيق الوقت بحيث يصبح أكثر قدرة
على الرقابة والتحكم فى الأخطار
من خلال تنسيق عمليات
المواجهة،والسيطرة على الموقف
باستخدام كافة الوسائل
والإجراءات والأنشطة والعمل
كذلك على استخلاص الدروس
والنتائج من تجربة الأزمة لمنع
تكرارها. تتفق
على أن إدارة الأزمة هي أسلوب
للتعامل مع الأزمة باستخدام
أساليب منهجية علمية سليمة
تتمثل في: التخطيط،
التنظيم، التوجيه، والمتابعة،
وتشكيل عضوات فرق الأزمات،
والقيادة، ونظام الاتصال،
ونظام المعلومات، والتقويم. ومن
خلال ذلك الاستعراض لمفاهيم
إدارة الأزمة يمكن التوصل إلى
أن مفهوم إدارة الأزمة يمكن
التعبير عنه بأنه "أسلوب
للتعامل مع الأزمة بالعمليات
المنهجية العلمية الإدارية، من
خلال: اتخاذ الإجراءات
والتدابير الوقائية، التي تعمل
على تلافي حدوث الأزمة والتقليل
من آثارها السلبية، وتحقيق أكبر
قدر من النتائج الايجابية،
والتنسيق بين جهود أعضاء الفريق
والهيئات المساندة التي تبذل
لإدارة الأزمة، وترشيد خطوات
فريق الأزمة وتزويده
بالمعلومات اللازمة لإدارة
الأزمة، والإشراف على سير العمل
في موقف الأزمة، للتأكد من صحة
مسارات وتنفيذ خطط الطوارئ،
وتشكيل فرق لمواجهة الأزمات حسب
طبيعة ونوعية كل أزمة قادرة على
التعامل مع الأزمات، والتأثير
في فريق الأزمة لدفع نشاطهم
وحفزهم على اتخاذ القرار
المناسب، الذي يتميز بالفاعلية
والرشد والقبول لموقف الأزمة،
وتبادل المعلومات والأفكار
المتعلقة بالأزمة من خلال توفير
نظام اتصال فعال يتكون من
الأفراد والتجهيزات اللازمة،
يمكن من إدارة الأزمة بفاعلية ،
واتخاذ القرار المناسب في موقف
الأزمة، في ظل ضيق الوقت، ونقص
المعلومات، وتسارع الأحداث،
واعتبار الأزمات فرصًا للتعلم،
من خلال تقييم موقف الأزمة،
والإجراءات التي اتخذت في
التعامل مع الأزمة ومحاولة
تحسينها". ومن
ذلك تحديد الاهداف والأولويات
وتبنى سياسات للمبادرة وفق
تخطيط مسبق، والتعبئة الشاملة
وفتح قنوات للتنسيق مع مختلف
الجماعات والفاعليات، ومحاولة
استعادة النشاط الطبيعى إلى
المجتمع محل الأزمة أو الكارثة
بأقل تكلفة ممكنة، وإعداد فريق
عمل يحظى بصلاحيات، وخصائص
وسمات، وخبرة وتدريب، وروح
معنوية، وقيم كإنكار الذات
والولاء والتضحية والأسلوب
الجماعى فى العمل، وإعداد خطط
بديلة بحيث يمكن التغلب على
أوجه القصور والأزمة
الأمنية تتميز بسمات خاصة بسبب
طبيعة الأمن وخطورة المساس به
سواء على صعيد الفرد أم على صعيد
المجتمع, الأمر الذي يضاعف من
حجم الإحساس بجسامة أي محاولة
للنيل منه، و خطورة أي إجراء غير
مناسب للعمق السيكولوجى لها مما
يوجب ولذا يجب أن تلاحق الأزمة
الأمنية ومظهرها السائد في
العراق المسمى (بالفلتان الأمني)،
أول ما تلاحق في عمقها
السيكولوجي الذي يؤثر على جميع
أبعادها، كونه يؤطر للمشكلة،
ويضع لها رأسا للبروز، فتستفحل
في المجتمع وتتشعب لتشمل جميع
مناحي الحياة الأخرى، وبالتالي
تتأثر بها حركة الفرد والمجتمع
بشكل سلبي. يجب
تبني التنبؤ الوقائي كمتطلب
أساسي في عملية إدارة الأزمات
من خلال إدارة سبّاقة وهي
الإدارة المعتمدة على الفكر
التنبؤي الإنذاري لتفادي حدوث
أزمة مبكراً عن طريق صياغة
منظومة وقائية مقبولة تعتمد على
المبادأة والابتكار وتدريب
العاملين عليها. بأن طبيعة
ومستويات الجاهزية في المنظمة
تجاه الأزمات تتناسب طرديًا مع
واقع الاتجاهات الوقائية أو
العلاجية لدى العاملين في تلك
الادارة، فقد اثبتت الدراسات
التناسب الطردي بين الحل
الوقائي للأزمات والقدرة على
مواجهة الأزمات بمستوى جاهزية
عال.. 1.
إيجاد وتطوير نظام إداري
مختص يمكّن المنظمة من التعرف
على المشكلات وتحليلها ووضع
الحلول لها بالتنسيق مع
الكفاءات المختصة. 2.
العمل على جعل التخطيط
للأزمات جزءًا هامًا من التخطيط
الاستراتيجي. 3.
ضرورة عقد البرامج
التدريبية وورش العمل للموظفين
في مجال إدارة الأزمات. 4.
ضرورة التقييم والمراجعة
الدورية لخطط إدارة الأزمات
واختبارها تحت ظروف مشابهة
لحالات الأزمات وبالتالي يتعلم
الأفراد العمل تحت الضغوط. 5.
التأكيد على أهمية وجود
نظام فعّال للإنذار المبكر. هناك
نوعان من أساليب حل الأزمات
الأول معروف متداول، ويصطلح
عليه بالطرق التقليدية،
والثاني عبارة عن طرق لا تزال في
معظمها، قيد التجريب ويصطلح
عليها بالطرق غير التقليدية ،
واهم هذه الطرق: انكار
الأزمة: حيث تتم ممارسة تعتيم
اعلامي على الأزمة وانكار
حدوثها, واظهار صلابة الموقف
وان الأحوال على احسن ما يرام
وذلك لتدمير الأزمة والسيطرة
عليها. وتستخدم هذه الطريقة
غالبا في ظل الأنظمة
الدكتاتورية والتي ترفض
الاعتراف بوجود اي خلل في
كيانها الإداري. وأفضل مثال لها
انكار التعرض للوباء اواي مرض
صحي وما إلى ذلك كبت
الأزمة: وتعني تأجيل ظهور
الأزمة، وهونوع من التعامل
المباشر مع الأزمة بقصد تدميرها. اخماد
الأزمة: وهي طريقة بالغة العنف
تقوم على الصدام العلني العنيف
مع قوى التيار الازموي بغض
النظر عن المشاعر والقيم
الإنسانية وهي اساليب يستخدمها
الانظمه الاستبداديه. بخس
الأزمة: أي التقليل من شأن
الأزمة (من تأثيرها ونتائجها).
وهنا يتم الاعتراف بوجود الأزمة
ولكن باعتبارها أزمة غير هامة. تنفيس
الأزمة: وتسمى طريقة تنفيس
البركان حيث يلجأ إلى تنفيس
الضغوط داخل البركان للتخفيف من
حالة الغليان والغضب والحيلولة
دون الانفجار وهذا ماتتجه اليه
الانظمه الديمقراطيه. تفريغ
الأزمة: وحسب هذه الطريقة يتم
ايجاد مسارات بديلة ومتعددة
امام قوة الدفع الرئيسية
والفرعية المولدة لتيارالأزمة
ليتحول إلى مسارات عديدة وبديلة
تستوعب جهده وتقلل من خطورته. نحن
بحاجه الى مسوولين من طراز ممن
يؤمنون( بتنفيس الازمة)
واحتواءها ومغادرة سياسة
افتعال الأزمات وليس علاجها. ====================== تونس
الشرارة .. وتونس الريادة
والوفاء د.
عيدة المطلق قناة كما
كان الرابع عشر من يناير 2011
فاتحة الربيع العربي.. والشرارة
الأولى للحرية والديمقراطية..
فإن يوم الثالث والعشرين من
أكتوبر من ذات العام كان يوماً
تاريخياً واحتفاليا بالثورة
التونسية ، انطلقت فيه "صافرة"
التغيير .. ففي هذا اليوم انتخب
التونسيون مجلسهم التأسيسي "أول
مؤسسة ديمقراطية بعد الثورة،
وأعلى هيئة سيادية في الدولة
" ليؤدي مهمات جليلة لعل
أهمها "صياغة دستور جديد
للبلاد يحدد النظام السياسي
وشكل الدولة ومؤسساتها وعناصر
الشرعية فيها.. وإعادة بناء
الدولة ومؤسساتها وتكريس قيم
الثورة ومبادئها .. لقد كانت
الانتخابات تاريخية على غير
صعيد .. فهي أول انتخابات
ديمقراطية حرة ونزيهة وتعددية
تجري في تونس منذ الاستقلال ..
وأول انتخابات تجري في العالم
العربي دون سلطة وزارة الداخلية
.. أول
انتخابات تتميز بارتفاع معدلات
المشاركة - في جميع مراحلها -
وبنسب فاقت نظيراتها في أعرق
الديمقراطيات في العالم .. لقد
جرت هذه الانتخابات وفق نظام
القائمة النسبية ( وعلى قاعدة
التناصف بين الرجال والنساء) ..
فتقدم للتنافس على المقاعد ال
(217) للمجلس التأسيسي ( الأول بعد
الثورة ) أكثر من عشرة آلاف مرشح
على قوائم زاد عددها عن (1519)
قائمة (منها 830 قائمة حزبية و655
مستقلة و34 ائتلافية) .. وكما كان
الإقبال على الترشح مرتفعاً
كذلك جاء الإقبال على التصويت
مرتفعاً كذلك إذ زادت نسبة
الاقتراع على (90 % ) من المسجلين
في سجلات الناخبين.. كما ارتفع
معها منسوب النزاهة والشفافية
بإجماع شهادات آلاف المراقبين
الدوليين والمحليين !! وبالمحصلة
جاءت النتائج مبهرة في دلالاتها
فقد جاءت هذه الانتخابات
بتغييرات مذهلة في المشهد
السياسي التونسي كان أهمها
إعلان الطلاق البائن مع العهد
البائد.. فقد أسقط التونسيون -
دفعة واحدة - جملة من الفزاعات
لعل أهمها : 1.
فزاعتي الإسلاميين
والمعارضة: إذ أكدت اتجاهات
التصويت انحياز التونسيين
للإسلاميين.. وللهوية الحضارية
لتونس .. وكان المعيار الأهم في
هذه الانتخابات ل"الشرعية
النضالية" .. وبحسب هذا
المعيار انحاز التونسيون لقوى
المعارضة الجذرية المناضلة ضد
الاستبداد والفساد من (إسلاميين
وديمقراطيين وعلمانيين) ..
فكافأوها بحسب تاريخها النضالي
ضد نظام الإقصاء والاستبداد
والفساد.. وبحسب الضرر الذي لحق
بها من القمع المنهجي ومن أشكال
الظلم والاضطهاد والنفي ..
فمنحوا حركة النهضة (41% ) من
أصواتهم التي أهلتها لاحتلال ( 89
مقعداً) في المجلس التأسيسي ..
كما منحوا 35 % من أصواتهم بواقع
(75 مقعداً) للقوى الديمقراطية
التي لم تكن على عداوة مع الهوية
الحضارية لتونس، ولم تناصب حركة
النهضة العداء ؛ فحلت قوائم "حزب
المؤتمر من أجل الجمهورية"
ثانياً وحصدت تسعة وعشرين
مقعداً .. وهذا الحزب (علماني
ديمقراطي ) تميز بتاريخه
النضالي وفي معارضته ونقده
السافر للنظام السابق، كما وقع
عليه الظلم والاضطهاد .. كما
تميز بانفتاحه على حزب النهضة
والأحزاب الإسلامية ، فضلا عن
نزعته العروبية.. فشدّد في
برنامجه السياسي على ضرورة
التمسك بالهوية العربية
والإسلامية كحامل حضاريّ لتونس
.. و كذلك
الحال مع "تيار العريضة
الشعبية" التي تبنت خطاباً
توفيقياً إسلاميا وتقدمياً،
والاقتراب من التيار "الإسلامي
العروبي" مع التركيز في
برنامجها الانتخابي على الهوية
العربية الإسلامية فحلت ثالثاً
وحصدت ست وعشرين مقعداً وأما
بالنسبة لحزب "التّكتّل من
أجل العمل والحرّيات".. الذي
عرف بنضاله في الدفاع عن حقوق
الإنسان في تونس وموقفه الرافض
للديكتاتورية.. فهو رغم
علمانيته إلا أنه منفتح على
التيارين القومي والإسلامي ..وركز
في برنامجه على ضرورة بناء
ائتلاف وطنيّ يضمّ مختلف القوى
السّياسيّة.. فحل رابعا وحصد
عشرين مقعداً أما
باقي النتائج فقد جاءت صادمة
للأحزاب العلمانية التي ركزت في
حملتها على إقصاء الإسلاميين
والتخويف منهم .. فكانت النتيجة
ثلاث وخمسين مقعداً توزعت على
ثلاث وعشرين قائمة منها ستة عشر
مقعداً للحزب "الديمقراطي
التقدمي" ، وعشرة مقاعد للقطب
الديمقراطي الحداثي وحزب
المبادرة بواقع خمسة مقاعد لكل
منهما 2.
"فزاعة الحزبية" : لقد
أسقط التونسيون هذه الفزاعة
وبقسوة فلم تنل قوائم المستقلين
(البالغ عددها حوالي 655 قائمة )
أي وزن تصويتي يؤهلها لحصد بعض
المقاعد في المجلس التأسيسي . فزاعة
تزوير الانتخابات لدفع الناس
لمقاطعة الانتخابات : فقد سقطت
هذه الفزاعة وبشهادة وإجماع
آلاف المراقبين الدوليين
والمحليين على نزاهتها
وشفافيتها وصدقيتها.. 3.
فزاعة عدم جاهزية الشعوب
العربية للديمقراطية : لقد
أبطلت – هذه الانتخابات -
أسطورة جرى ترويجها وتعميمها
على كامل الأمة – سواء بحسن أو
بسوء نية – مفادها "أن شعوب
الأمة العربية غير مستعدة
للديمقراطية كما أنها غير معنية
بالشأن العام أو المشاركة
السياسة .. فهذه الشعوب تركت
مقاليد أمورها لحفنة من الحكام
يتسلطون على مقدراتهم كما
يشاءون".. ويدللون على هذه
الأسطورة بانكماش الحالة
الحزبية ومؤسسات المجتمع
المدني .. فجاءت
مشاركة الشعب التونسي المرتفعة
- ترشيحا وتصويتاً وشفافية
ونزاهة - مفاجئة وصادمة لمروجي
هذه الأساطير .. إذ أكدت توق شعوب
هذه الأمة للمشاركة والاختيار
وأشواقها للديمقراطية
واستعدادها للانخراط في
عملياتها على كافة الصعد
والمستويات مهما بلغت الصعوبات
والتحديات ..على أن هذه المشاركة
تظل مشروطة بتوافر مناخات
الحرية والشفافية والنزاهة ..!! لقد
استعاد التونسيون عبر صناديق
الانتخاب "هويتهم الحضارية
الإسلامية" .. وأكدوا بأن
سنوات العلمنة الإلحادية بكل
عنفها وقمعيتها وما مورس خلالها
من إقصاء واستئصال وتجفيف منابع
.. لم تفلح في إبعادهم عن دينهم
ولا في استئصال التدين من
حياتهم .. وحين أتاحت لهم ثورتهم
المجيدة الفرصة والمناخ
المناسب نهضوا ليغيروا "مجرى
التاريخ" (بحسب أوباما)..
وأوجدو المثال الذي يجب
الاقتداء به ( بحسب أندرياس غروس/
البرلماني السويسري الذي ترأس
فريق من المراقبين الأوروبيين
لمتابعة سير الانتخابات
التونسية ) .. شكّل
نجاح العمليّة الانتخابيّة في
تونس مدخلًا مشرّفا لعمليّة
التّحوّل الدّيمقراطيّ في
الوطن العربي .. إذ دشن
التونسيون – في انتخاباتهم كما
في ثورتهم الرائعة - ربيعاً
عربياً استثنائيا.. فاستحقت هذه
الانتخابات أن تكون فاتحة لائقة
للزمن العربي الجديد .. زمان
يحظر فيه الترهيب من أي حالة
فكرية وفي مقدمتها الحالة
الإسلامية .. إن
انتخابات بهذا الزهو تقتضي
التوقف عند التحدي الأكبر الذي
يواجه نواب المجلس التأسيسي
الجديد وفي مقدمتهم أعضاء "حركة
النهضة" بعد أن تحقق فيهم قول
الحق تبارك وتعالى {ونريد أن نمن
على الذين استضعفوا في الأرض
ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين
}.. هذا التحدي يكمن في قدرتهم
ومصداقيتهم في تكريس التوافق
والانفتاح بين مختلف التيارات
السياسية في الساحة التونسية ..
وإدارة مرحلة - بل معركة –
اجتثاث الفساد.. وبناء الدولة
على قواعد العدل والمساواة
والنزاهة.. دولة المواطنة
والتعددية واحترام حقوق
الإنسان.. دولة القانون
والمؤسسات والديمقراطية.. دولة
الحرية والكرامة لجميع
مواطنيها !! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |