ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 08/12/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

إسرائيل والديكتاتوريات العربية.. دفاع عن الوجود المشترك!

علي الرشيد

من حسنات ربيع الثورات العربي أنه كشف التفاهمات السرية والعلنية والتوافقات  الظاهرة والمستترة بين الأنظمة الدكتاتورية العربية وإسرائيل، والتي تتلخص في القلق المشترك من الحالة الديمقراطية التي تجتاح المنطقة حاليا والمطالبات الجماهيرية الشعبية في التغيير، والتخويف مما تمخض أو ما يتوقع أن يتمخض عنها تباعا ، ومحاولة كل منهما دعم بقاء الآخر.

لقد انكشف في هذا  الربيع زيف المقاومة والممانعة اللتين لطالما تشدقت نظم عربية ديكتاتورية بهما بامتياز كسوريا، في حين أنها أسهمت لعقود في حماية الأمن القومي لإسرائيل، كما اتضح أن إسرائيل التي صرفت وقتها طويلا ليقتنع العالم أنها الواحة الديمقراطية في المنطقة، تمارس ازدواجية في التعامل مع هذه المسألة فهي حلال عليها وحرام على الشعوب العربية التي تنشد الحرية والعدالة بما ذلك مصر، مؤثرة بقاء واستمرار الأنظمة الديكتاتورية ـ لوكان الأمر بيدها ـ  وداعية لتقديم الدعم لها لضمان عدم سقوطها، لأنها الأفضل والأضمن ـ برأيها ـ من مخرجات الاقتراع الحر والنزيه، وما يمكن أن يفرز من قوى وطنية  تتوقع صعوبة التفاهم معها، وتأمين مصالحها بوجودها، مع تركيز أكبر على "فزاعة" الإسلاميين أو القوى السلفية، وتخويف الغرب منها.

ويتضح هذا التطابق مما نلمسه من تماثل أو تقارب في تصريحات ومواقف الطرفين ( إسرائيل من جهة ، الأنظمة الديكتاتورية العربية ما سقط منها وما هو آيل للسقوط بإذن الله) ، فهذا رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتيناهو يقف ـ قبل فترة ـ أمام الكنيست، ويحتج بان الصحوة العربية تعيد العالم العربي "إلى الوراء" وتتحول إلى موجة "إسلامية، مناهضة للغرب، ومعادية لليبرالية ولاسرائيل وللديموقراطية"، ووصل الأمر بمجلة " إسرائيل اليوم" إلى القول بأن الربيع العربي يوشك أن يأتي "بالشتاء الإسلامي" . أما وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك فقال للقناة الإسرائلية الثانية قبل ايام إن ما سماه "عملية الأسلمة بالدول العربية مقلقة جدا" لدولته.

ونفس الشيء فعله كل رؤوساء الأنظمة التي تحركت شعوبها ضدها سواء من تنحى أو هرب أو قتل منهم أو من هم مازال يصارع طوفان الجماهير ضده أو مسؤولون في أنظمتهم المتهالكة ، فكلهم خوّفوا المنطقة من تبعات هذا  الحراك وما سيؤديه من فوضى داخلية وخلخلة في أمن المنطقة و"حرب طائفية" و" اقتتال أهلي"، وكلهم حذروا من التيارات الإسلامية والأصوليين االتي ستصل للحكم كثمرة من ثمار الربيع العربي.

ولعل خوف اسرائيل على أمن بلادها، وتحسبها لانفراط عقد ما يسمى باتفاقيات السلام  العلنية التي كانت موقعة مع دول مجاورة لها، أو تفاهماتها السرية مع دول أخرى لحفظ الأمن المتبادل أيضا هو سبب تشنيع الكيان الصهيوني على هذا الربيع وسبب تحذيراته من سقوط أنظمة كان تصنف على أنها معادية له كسوريا ، فهذا عاموس جلعاد رئيس القيادة الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية يحذر في تصريح لشبكة إذاعة الجيش الإسرائيلي، من نتائج سقوط نظام بشار الأسد، مشيرا إلى أن ذلك يعني قيام إمبراطورية إسلامية جديدة في المنطقة، يتزعمها الإخوان المسلمون، موضحا بأن الأيدلوجيا الواضحة والمعلنة لدى الإخوان المسلمين، هي إقامة إمبراطورية إسلامية على أرض مصر وسوريا والأردن أولا، ثم محو إسرائيل من الوجود.

وذهبت إسرائيل إلى أبعد من ذلك حينما عارضت قرار إدانة النظام السوري في الجمعية العامة في الأمم المتحدة مؤخرا ، حتى قال صحفي سوري معارض معلقا على هذا التصرف بسخرية على ذلك بإن إسرائيل قد "انضمت إلى جبهة المقاومة والمانعة".

ولا غرابة في ذلك فإسرائيل ليس من مصلحتها الإستراتيجية أنْ يتمخَّض "الحراك السياسي ـ الإستراتيجي" في سوريا عمَّا يتسبَّب، أو قد يتسبَّب، بتعريض ما تنعم به من أمن وهدوء واستقرار في الجولان منذ ثلاثة عقود على الأقل، وهي قد فهمت تماما الرسالة التحذيرية لرجل الأعمال السوري وابن خال الرئيس بشار الاسد الموجهة للغرب وإسرائيل من وجوب دعمه وعدم ترك يسقط بفعل ضربات الاحتجاجات الشعبية حينما قال منذ بديات الحراك الاحتجاجي لصحيفة أمريكية : "لن يكون هناك استقرار في اسرائيل" اذا لم يكن هناك استقرار في سوريا، ملوّحا بأن "السلفيين" هم البديل عن النظام، وقد ترجم النظام ذلك عمليا في افساحه المجال لأول مرة لفلسطنيين وسوريين غاضبين حينما اقتحموا الحدود مع إسرائيل عبر الهضبة المحتلة قبل أشهر قليلة.

خوف إسرائيل من ربيع الثورات العربية غير مستغرب لأن نتائجه ستصل إليها ، إن عاجلا أو آجلا ، ويتمثل في إعادة النظر في اتفاقيات التسوية والاتفاقيات الاقتصادية الجائرة بحق أمتنا ( ومنها :الاتفاقيات الموقعة مع مصر والأردن )  أو إلغائها وفق مشيئة ديمقراطية شعبية، وانتهاء حالة الاسترخاء التي تنعم بها بسبب التفاهمات (المعلنة أو غير المعلنة) والتي كانت سائدة بينها وبين الأنظمة الديكتاتورية العربية، والمتصلة بحفظ حدودها وأمنها بصورة مباشرة أو غير مباشرة ( معادلة بقاء واستمرار الأنظمة مقابل حفظ أمن الكيان الصهيوني )، وصولا إلى دول تتمتع فيها الشعوب بقرارها وسيادتها، والدفاع عن مصالحها القومية ، وهو ما يعتبر تغييرا جوهريا  في المعادلات القائمة حاليا وإن بصورة تدريجية  .

الجديد أن الربيع العربي كشف بصورة واضحة لا لبس فيها الدور المشبوه للأنظمة الديكتاتورية العربية ـ وبخاصة من كانت منها تدعي الممانعة والمقاومةـ  والتفاهمات التي كانت قائمة بينها وبين إسرائيل، وكان تصديق ذلك عسيرا على البعض ـ على الأقل ـ من قبل حلول هذا الربيع، حتى أن إسرائيل اضطرت للدفاع عن بقاء هذه الأنظمة وحذّرت علنا من مغبة سقوطها الوشيك.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ