ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
محمد
فاروق الإمام مدرسة
آل الأسد خرّجت في سورية على مدى
أربعة عقود جيشاً من المتزلفين
المليئة أرواحهم بالرياء
والنفاق والخبث والفساد
والضلال والكذب، ولعل كبير
هؤلاء وزير خارجية النظام وليد
المعلم الذي يجيد تطويع الكلمات
وليّ أعناق الجمل وصياغتها
بأسلوب ساخر ومضحك، ولا أدل على
ذلك مما قاله في مؤتمره الصحفي
الأخير الذي ضم لفيفاً من
إعلاميّ النظام في غياب مطلق
لوجود إعلام عربي أو أجنبي أو
إعلام مخالف أو حتى محايد أو
مستقل، واكتشاف ذلك ليس أحجية
فكل ما طرح على المعلم من أسئلة
كلها تصب في خدمة النظام
والتشهير بالآخرين دون استثناء
عرب وأجانب ومعارضة، فكل هؤلاء
متآمرون كونيون جاؤوا من عالم
آخر يريدون القضاء على النظام
المقاوم والممانع الذي يحتضن
المقاومة الفلسطينية
واللبنانية، والذي يقف في وجه
الأجندة الإمبريالية
والصهيونية ويُفشل مخططاتها. ومما
قاله المعلم في مؤتمره الصحفي
حول توقيع النظام على
البروتوكول الملحق بالمبادرة
العربية والذي ينظم دخول بعثة
عربية لترصد ما يجري من
انتهاكات لحقوق الإنسان في
سورية وتتثبت من تطبيق النظام
السوري لبنود المبادرة العربية
التي وافق عليها النظام بلا أي
تحفظ على أي بند من بنودها،
والتي من أهمها وقف القمع وسحب
المظاهر المسلحة والآليات
العسكرية من المدن والبلدات
والقرى، وإطلاق سراح كافة
المعتقلين السياسيين، والسماح
للتظاهر السلمي دون أية معوقات
أو تدخل من رجال الأمن
والشبيحة، والسماح بدخول وسائل
إعلام عربية وأجنبية مستقلة
ومحايدة لترصد الوقائع على
الأرض بكل شفافية ومهنية.. قال
المعلم أن سورية لم توقع على
البروتوكول إلا بعد الاستجابة
لطلباتها وشروطها، وأنه - أي
المعلم – لن يتحدث عن التفاصيل
– لأنه كما قال وبأسلوب ساخر –
"إن كنا سنغرق البعثة
بالتفاصيل عليهم أن يتعلموا
السباحة"، ودوت القاعة
بتصفيق الإعلاميين الذين تخرجو
من نفس المدرسة لأكثر من أربع
مرات للمعلم خلال حديثه الساخر
من الجامعة العربية وقادة دولها. وجاء
رد الأمين العام لجامعة الدول
العربية نبيل العربي سريعاً
بتكذيب إدعاءات المعلم حول
تعديل البروتوكول، مؤكداً في
مؤتمر صحفي أننا "لم نعدل
البروتوكول". في هذه
الأثناء أنهى المجلس الوطني
السوري المعارض جلساته التي
عقدها في تونس برعاية الرئيس
التونسي المنصف المرزوقي على
رغم انتظار رئيسه برهان غليون
أكثر من ساعتين حتى يفرغ المعلم
من كلامه علّه يكون هناك في حديث
المعلم شيئاً جديداً.. ولكن لا
جديد. فقد
اعتبر غليون في أعقاب سماعه
المعلم يعلن توقيع النظام على
بروتوكول الجامعة العربية
بأسلوبه الساخر، أنه استنتج "أن
التوقيع جزء من سيناريو
المراوغة التي يعتمدها النظام
في سورية حيال المبادرة العربية"،
أي النظام يعمل على كسب الوقت
ومنع الجامعة من تحويل الملف
السوري إلى مجلس الأمن وعلى
تقويض أسس المبادرة العربية،
وهذا ما ذهبت إليه معظم وسائل
الإعلام العربية والأجنبية
وقاله المحللون السياسيون
والمهتمون بالقضية السورية،
وبالفعل فقد استغل النظام هذه
الفرصة في تنفيذ هجمة بربرية
ووحشية، ولمّا يجف حبر توقيعه
على البروتوكول بعد، شنتها
كتائب الأسد ورجال أمنه وشبيحته
على المتظاهرين السلميين وقصف
المدن والبلدات والقرى السورية
بكافة الأسلحة الثقيلة البرية
والجوية والبحرية راح ضحيتها في
يومين ما يزيد على استشهاد مئتي
مواطن سوري بينهم العديد من
الأطفال والنساء. لم يكن
المعلم الوحيد من جيش المتزلفين
الذين تخرجوا من مدرسة آل
الأسد، فهذا الإعلامي شريف
شحادة يتفوق على المعلم في
برنامج الاتجاه المعاكس الذي بث
يوم أمس الثلاثاء 20 كانون الأول
الحالي عند وضع برواز زجاجي
يحمل صورة سيده بشار الأسد على
طاولة الحوار وينبه محاوره
اللبناني صالح مشنوق، الذي
أفحمه بما أدلى من حجج وأدلة،
وعرض من صور ووثائق تدين النظام
السوري وما اقترف ويقترف من
جرائم بحق السوريين
والفلسطينيين واللبنانيين
وعمالته وتخاذله وكذبه
وافتراءاته، نبهه قائلا: "حتى
عندما تشرق الشمس من المغرب
وتغرب من المشرق فلن يسقط نظام
بشار الأسد". وقائمة
أسماء جيش المتزلفين الذين
تخرجوا من مدرسة آل الأسد أطول
من أن يحاط بها في هذه العجالة،
ولعل الملايين من السوريين
والعرب قد زكمت أنوفهم رائحتهم
النتنة، وأصابهم الغثيان
والقرف حديثهم الممجوج
والمكرر، الذي نسمعه مكرهين
منهم في بعض الفضائيات بحجة
السماع للرأي والرأي الآخر،
ولابد من أخذ حظهم في مساحة
برامجها الحوارية والفكرية،
وعزاؤنا أن هذه الجماهير التي
تستمع وتشاهد هذه الأبواق من
متزلفي النظام كان مكسباً
للثورة السورية وتصب في
انتكاسات النظام وسقوط أوراق
التوت عن عوراته، وانفضاض الناس
من حوله، وابتعاد المخدوعين
بزيف شعاراته عنه. ========================= د.
محمد عبد الرحمن المرسي عضو
مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان
المسلمين احترام
إرادة الأمة : إن
احترام إرادة الأمة هو احد
الأركان والدعائم الكبرى التى
يقوم عليها نظام الحكم الإسلامى
كما أشار بذلك الإمام الشهيد
وهى : أ.
مسئولية الحاكم . ب.وحدة
الأمة . ج.
واحترام إرادتها. كما
أشار فضيلته إلى وجوب تمثيل
الأمة واشتراكها فى الحكم
اشتراكاً صحيحاً، وأن الإخوان
يرون أن النظام الدستورى
المتعارف عليه فى الدنيا الآن
هو أقرب النظم لمبادئ الحكم
الإسلامى ونظامه القويم، مع
الأخذ بكل نافع مفيد لا يتعارض
مع أحكام الإسلام فى هذا المجال(1). ويقول
الإمام أيضاً: " إن مبادئ
الحكم الدستورى التى تتلخص فى
المحافظة على الحرية الشخصية
بكل أنواعها وعلى الشورى
واستمداد السلطة من الأمة، وعلى
مسئولية الحكام أمام الشعب
ومحاسبتهم على ما يعملون من
أعمال، وبيان حدود كل سلطة من
السلطات، هذه الأصول كلها تنطبق
كل الانطباق على تعاليم الإسلام
ونظمه وقواعده فى شكل الحكم"(2). والإخوان
فى رؤيتها تضع لهذا الركن،
اعتباره الهام وتحرص عليه،
وتسعى للبناء الصحيح لهذه
الإرادة الحرة، لتكون على بصيرة
ووفق رسالتها التى تحملها، وذلك
بالإقناع وتربية الشعب وتعليمه
وترفض أن يحتكر أحد هذه الإرادة
أو يحجر عليها أو يهملها أو
يزيفها ويغيرها ويدعى أنه
القائم عليها ، فإرادة الأمة
الحقيقية المعتبرة دستورياً
وشرعياً هى الإرادة الحرة دون
خداع أو إكراه أو تزييف،وهذا
الاهتمام والتقدير لإرادة
الأمة عند الإخوان، موجود سواء
قبل إصلاح الحكم واستكمال قيام
الدولة الإسلامية، أو بعد تحقيق
ذلك ويعتبر الإخوان أن تقوية
إرادة الأمة، وقوة تفاعلها مع
الأحداث، وأن تصل إلى مستوى
عالى من الفهم والوعى، ضرورة
لازمة لإحداث التغيير والإصلاح
المنشود، وضرورة أن يسبق ذلك
قيام الحكم الإسلامى ويستمر
بعده، وبغير ذلك لن تكون هناك
ضمانة على استقامة الحكم
والتزامه بواجباته تجاه الأمة
وتجاه دينها ورسالتها. إن
جماعة الإخوان تستهدف أن تتحقق
فى الأمة – عبر وسائل الإقناع
والتربية – هذه الأمور
الأساسية: 1.
المعرفة والوعى برسالتها
ومبادئها، بما يحقق البصيرة
الصحيحة والتقدير المناسب
لذلك، وبما يعصمها من الخطأ فيه
والانحراف عنه والمساواة عليه
أو الخديعة بغيره .. معرفة
تجعلها تميز بين المصلحين
المخلصين من أبنائها، وبين
أصحاب الشعارات والمخادعين. 2.
أن تتحقق لديها إرادة قوية
لا يتطرق إليها ضعف. 3.
ووفاء ثابت لا يعدو عليه
تلون ولا غدر. 4.
وقدرة على التضحية إذا تطلب
الأمر،لا يحول دونها طمع ولا
بخل،وإيثار للمصلحة العامة على
المصلحة الفردية (3). 5.
توفر المنهج التربوى العملى
للأمة، وتكوين القيادة
الحقيقية لها، لتتحقق دعائم تلك
النهضة الإصلاحية. 6.
أن يكون الأساس الذى تعتمد
عليه نهضتها هو: توحيد مظاهر
الحياة العملية فى الأمة على
أساس الإسلام وقواعده(4). 7.
الحرص على وحدتها ومقدراتها
وثرواتها واستقلالها. 8.
استيعاب جميع تياراتها
وأفرادها وكياناتها دون إقصاء
لأحد او إلغاء لفكر. 9.
أن تعرف حقوقها وكيف تطالب
بها وكيف تحافظ عليها. 10.
الاهتمام بأجيال الشباب (
المرأة والرجل) وحسن تربية
النشء، فإصلاح الفرد هو أساس
الإصلاح فى المجتمع. يقول
الإمام الشهيد فى ذلك : "
ولكنها مهمة هذا النشء الجديد،
فأحسنوا دعوته، وجدّوا فى
تكوينه وعلموه استقلال النفس
والقلب، واستقلال الفكر
والعقل، واستقلال الجهاد
والعمل، واملأوا روحه الوثابة
بجلال الإسلام وروعة القرآن،
وجندوه تحت لواء محمد صلى الله عليه وسلم
ورايته، وسترون منه فى القريب:
الحاكم المسلم الذى يجاهد نفسه
ويسعد غيره"(5). ويقول
أيضاً: " يجب أن تكون دعامة
تلك النهضة : "التربية" ،
فتربى الأمة أولاً، وتفهم
حقوقها تماماً،وتتعلم الوسائل
التى تنال بها هذه الحقوق،
وتربى على الإيمان بها، ويبثّ
فى نفسها هذا الإيمان بقوة، أو
بعبارة أخرى تدرس منهاج نهضتها
درساً نظرياً وعملياً وروحياً،
وذلك يستدعى وقتاً طويلاً لأنه
منهج دراسة يُدرس لأمة، فلابد
أن تتذرع الأمة بالصبر والأناة
والكفاح الطويل ... ومن
أجل ذلك يجب أن يُنظم أمران، هما:
المنهج والزعامة، فأما المنهج:
فيجب أن تكون مواده قليلة بقدر
الإمكان، عملية بحتة، ملموسة
النتائج مهما قلّت . وأما
الزعامة:فيجب أن تُختار
وتُنتقد،حتى إذا وصلت إلى درجة
الثقة، أُطيعت وأوزرت، ويجب أن
يكون الزعيم زعيماً، تربى ليكون
كذلك لا زعيماً خلقته الضرورة،
وزعمته الحوادث فحسب،أو زعيماً
حيث لا زعيم "(6) أ.ه. وإذا
حدث اختلاف بين إرادة الأمة،
وبين رؤية الإخوان سواء قبل
إقامة الحكم الإسلامى أم بعده،
فنوضح هنا أن الأصل فى المجتمع
هو إرادة الأمة، وليس إرادة
فصيل منها مهما بلغ شأنه، وأن
هناك مرجعية عليا تنبع من
رسالتها ودينها هى ثوابت الدين
ومبادئه الأساسية،دون إعطاء أى
أحد قداسة أو ادعاء بحق
مزعوم،فهذه الأصول المتفق
عليها تحسم مبدأ الشرعية
والجواز، ويكون معها بعد ذلك
النزول على رأى الأمة واحترامه. وتعامل
الإخوان مع إرادة الأمة ورأيها
يشمل هذه الدرجات: 1.
درجة الرضى والقبول وهو
يشمل حالتين: أ-
فى حالة التوافق والاتساق
مع مبادئ الإسلام، ويترتب عليها
الدعم والمساندة والرضى القلبى
والتسليم الفكرى والممارسة
العملية التنفيذية . ب-
وكذلك فى حالة الاختلاف عن
رأى الإخوان، بشرط ألا يخرج عن
الثوابت والأصول فى الدين، وعلى
الإخوان أن تنزل وتلتزم بما
ذهبت إليه الأمة ما دام فى دائرة
الجائز شرعاً الداخل فى نطاق
الاجتهاد البشرى حتى ولو كان
عكس مصلحة الإخوان ورأيها. 2.
درجة الاحترام والنزول
عليها: وهذا
يكون فى حالة اختلاف رأى الأمة
عن رأى الإخوان، لكن يعتقد
الإخوان أن فيه مخالفة واضحة
لشرع الله ومعصية له مؤكدة،
وهنا فى هذه الحالة لا يكون عند
الإخوان الرضى والقبول أو تغيير
رأيها ومعتقدها، ولكن تحترم ما
ذهبت إليه الأمة ، وتعرف أن
عليها واجب دعوى هو إرشادها
وإيضاح الأمر لها، بما يستلزمه
الدرجة التالية من التعامل، وهى: 3.
درجة النصح والإرشاد
والتغيير السلمى للخلل
والانحراف: ويكون هذا فى حالة
خروج الأمة على مقتضى ثوابت
الدين وأصوله، وليس فى الفرعيات
والاختيارات الفقهية الداخلة
فى مساحة الاجتهاد البشرى فهذا
حق لها. وهنا
يلجأ الإخوان مع النزول العملى،
وفقاً للواقع، على رأى الأمة،
إلى النصح والإرشاد واتخاذ
الإجراءات القانونية والوسائل
السلمية لتعديل هذا الموقف
بالإقناع والتفهيم. وإذا
كان الأمر بشأن قانون يفرض
تنفيذ معصية لله ومخالفة واضحة
أجمع عليها العلماء ، فإنه
يمتنع على الإخوان بل على كل فرد
مسلم تنفيذ ذلك لأنه لا طاعة
لمخلوق فى معصية الخالق، وفى
الغالب فإن حدوث مثل هذه الحالة
شيء نادر جداً نظراً لقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم
" لن تجتمع أمتى على ضلالة"
وأن الأمة عند حسن الظن بها. حرية
الفكر والرأي داخل الأمة : والأمة،
لا تعنى أنها فرداً واحداً،
وبالتالى لكى تظهر إرادتها
وتتفق غالبيتها، ويتبلور رأيها
العام، فإنه لابد لكل فرد
الحرية أن يفكر وأن يعلن رأيه
وأن يختار ما يشاء، وأن نستمع له
، وفى النهاية تتبلور إرادة
الأمة من خلال المؤسسات التى
تقيمها الدولة والآليات التى
تتفق عليها. ينبع
هذا الأمر من القاعدة، من داخل
قناعة الشعب، وليس من أعلى بفرض
عليها، ويصبح تكوين الجمعيات
والأحزاب والكيانات ووسائل
التعبير الفردية والجماعية
كلها تصب فى هذا المجال. والإسلام
لا يفترض المنع أو الرقابة
المسبقة، ولكن يتيح الحرية لكل
فرد ثم المسئولية بعد ذلك أمام
القانون، ويحرص أن يكون المناخ
العام صحيحاً وسليماً،
وبالتالى يتمكن من استيعاب
وتقويم أى انحراف فكرى، والردّ
عليه دون حتى اللجوء للقانون. وليس
فى الإسلام وصاية على أى فرد أو
تيار أو فصيل، وله الحرية أن
يفكر ويعتقد ما شاء ، وكذلك فى
تكوين الأحزاب والجمعيات
والهيئات بشتى أنواعها
ومناهجها، فذلك الحق وتلك
الحرية فريضة أساسية فى المجتمع
المسلم وفى نفس الوقت لكل مجتمع
ثوابت وأصول يُجمع عليها
المجتمع ويعتبر الخروج عليها هو
خروج وشذوذ على هذا المجتمع
وثوابته، ولا يعطيه الشرعية
الاعتبارية ، وكذلك بالمثل فى
دولة الإسلام أصول وثوابت خاصة
بدينها ورسالتها، وهى الثوابت
الأساسية التى أجمع عليها
الفقهاء واعتبروا من رفضها قد
خرج عن الإسلام وكفر به، ومع أن
هذا المعتقد المخالف للأصول
موجود حيث يشتمل المجتمع على
غير المسلمين يشاركون ويعملون
ويتحركون وفق معتقدهم الشخصى
ولهم نفس حق المواطنة. لكن أن
يخرج بها من ينتمى للإسلام
يعلنها وينشرها بين المسلمين،
فهذا هو الخروج على الشرعية،
وفى حالة إعلان هذا الفرد لهذا
الخروج بطريقة واضحة وهذا الطعن
فى الثوابت والأصول فإنه يتم
الاستماع إليه أولاً ومناقشته
ونصحه وإرشاده وفى حالة إصراره
واستمراره فى الإعلان به، يحال
إلى المحكمة والقانون الذى
يناقشه ويمهله الفترة المناسبة
للمراجعة أو الكف عن ذلك
الإعلان، وذلك قبل توقيع
العقوبة عليه إذا ثبت ذلك
قانونياً . ونشير أنه فى الإسلام
ليس من حق أحد أن يفتش على الناس
وآرائهم وأن يسألهم ويختبرهم
ليرى ماذا يعتقدون. وقد
شدد العلماء والفقهاء الضوابط
التى تحكم على أحد بالكفر
والردّة عن الإسلام،وجعلوا
الدفع بالشبهة والتأويل،ومن
شدة الإجراءات ما يمنع التوسع
والانفلات فى هذا المجال
وأوكلوا هذا للقضاء ولولى الأمر
فقط وليس لعموم الناس. منعوا
أن يتنابز بها المسلمون إذا حدث
بينهم اختلاف. لقد نقل لنا
التاريخ الإسلامى كثيراً من
الكتب والأفكار والآراء لأشخاص
تكلموا وكتبوا ما يعتبر مخالفاً
لكثير من المبادئ الإسلامية
وحتى الثوابت، وقام العلماء
بالردّ عليها، ولم تحدث مواجهة
عنيفة لبعضهم إلا عندما رفعوا
السيف كما حدث من الخوارج، وفى
غير ذلك كان النقاش والحوار هو
الأصل، ألا يدل ذلك على مدى حرية
المجتمع المسلم وقدرته على
احتواء تلك التيارات، لم يحدث
أن صدر قرار بحرق تلك الكتب أو
إعدام أصحابها ( إلا نفراً
قليلاً جداً انطبقت عليهم تلك
الضوابط الشديدة) أو نفيهم خارج
المجتمع أو عدم تمكينهم من
الاجتماع وإعلان رأيهم. وكذلك
لا يظن أحد فى المقابل أن المناخ
الموجود بالمجتمع المسلم هو
مناخ ليس له هدف، أو أنه متفلت
عن شرع الله، بل العكس كان
كذلك،وفى ظل هذا كان الاستيعاب
والاحتواء لكل خروج وشذوذ فكرى،
وكان احترام حرية العقل والفكر
قائمة فى المجتمع يحرسها
القانون. حول
مبدأ تداول السلطة : إن
تداول السلطة من الأمور
الأساسية المترتبة على مبدأ
احترام إرادة الأمة حيث لها
المرجعية فى اختيار حاكمها وفق
إرادتها الحرة ووفق الآلية التى
تختارها. وكان
هذا المبدأ موجوداً فى فترة
الخلافة الراشدة، وتوقف هذا
المبدأ عندما أصبح نظام الحكم
ملكياً، واستمر هذا التوقف
فعلياً حتى رأيناه كذلك فى عصر
الديكتاتوريات العسكرية،
واستبداد بعض حكام العالم
الثالث بالسلطة ، مع رفع
الشعارات المزيفة التى تخفى عكس
ذلك. والاجتهاد
الفقهى يسمح بوجود آلية التجديد
كل فترة لمن يتولى السلطة، أو
حتى بوضع حد أقصى لهذه المدة،
حيث أن ذلك الاجتهاد يتمشى مع
روح النظام السياسى الإسلامى
ومع مبدأ مراقبة الأمة لحكامها. والإخوان
المسلمون يؤمنون بهذا المبدأ
دعوة وتطبيقاً والتزاماً ، ولا
يشترطون عند قيام الحكم
الإسلامى أن يتولاه الإخوان
المسلمون دون غيرهم، وإنما هم
يتركون لإرادة الشعب المسلم أن
تختار حاكمها وفق المنهج
والرسالة التى آمنت بها،
والإخوان فصيل من هذا الشعب
ينزلون على إرادته ويحترمون
رغبته وإن افتراض أن يتولى
السلطة بعد بناء المجتمع
المسلم، حزبٌ يعلن المخالفة
لأصول وثوابت الدين أو يعارض
رسالتها التى آمنت بها باختيار
حرٍ من الأمة ، هو افتراض نظرى
لأن عملية قيام ا لحكم الإسلامى
لا تكون فقط بالوصول للسلطة أو
تغيير الحاكم، وإنما لابد أن
تتم عبر تربية الأمة واقتناعها
بإرادتها بالمنهج الإسلامى
وبالأهداف والرسالة التى تعمل
لها ، وليس بأسلوب الفورة
والنزوة أو الثورة أو العنف
والإرغام. لهذا
فإن الإرادة الغالبة للأمة
ستبقى محافظة على صبغتها
الإسلامية وأهدافها ورسالتها
وبالتالى ستختار الحاكم وفق
الشروط والصفات التى تحقق لها
ذلك، ولا يشترط أن يكون هذا
الحاكم من الإخوان المسلمين أو
من غيرهم. وإذا
حدث هذا الافتراض النظرى بأن
انحرفت الأمة بعد ذلك، وتركت
صبغتها ورسالتها واختارت
حاكماً ومنهجاً مخالفاً لثوابت
دينها، فإن هذا يعنى أنها أصبحت
بحاجة إلى التربية والإقناع،
وهذا يكون عبر الدعوة وانتشارها
فى المجتمع لكن هذا لا يلغى حقها
فى أن تولى من تريد، وينزل
الإخوان ويحترمون هذه الإرادة. أما
قبل التمكين وإتمام بناء
المجتمع الإسلامى ونظام الحكم
الإسلامى، فإن الجماعة تطالب أن
يمارس الشعب حقه فى ذلك،وألا
يزوّر أحد إرادته،وأن تُحترم
هذه الإرادة حتى ولو اختارت
حاكماً لا يتفق مع ما تدعوا إليه
الجماعة أو حتى مع المنهج
الإسلامى، لأن إصلاح هذا الأمر
لا يكون بمنع حق الأمة والشعب
وإنما يكون بالدعوة والإقناع
وترسيخ ا لإيمان. إن رأى
الإخوان واضح فى الالتزام برأى
الأمة وإرادتها الحرة، لقد ذهب
الفقهاء إلى النزول والتسليم
للحاكم المتغلب الظالم،لكن دون
إعطائه الرضى القلبى
والمشروعية الإسلامية، مع وجوب
النصح له وإصلاح الخلل بالوسائل
السلمية،وذلك حفاظاً على وحدة
الأمة وعدم إثارة الفتن فيها. وكذلك
أيضاً فإن احترام إرادة الأمة
حتى ولو أخطأت فيمن يتولى
السلطة فيها أمر لازم، وينزل
عليه جميع الأفراد والتيارات
ويكون أمامهم فقط المزيد من
توعية الشعب، والنصح والتوجيه
لهذا الحاكم، والإصلاح العملى
بالوسائل السلمية لجوانب الخلل
التى تترتب على ذلك فى المجتمع. والإخوان
فى رؤيتهم المستقبلية ،
وتسليمهم بهذا الأمر – أى تداول
السلطة – وحرصهم على احترام
إرادة الأمة، لأن ذلك من أصول
الحكم فى الإسلام ، إلا أنهم
مطمئنون إلى عوامل النضج
والصواب عند الأمة، وذلك يتمثل
فى تلك الأمور: 1)
الرصيد التربوى والوعى
الصحيح الذى قطعته التربية
والإيقاظ والنهضة مع غالبية
الشعب مما يجعله بإرادته لا
يخرج على ثوابت الدين ومبادئه
الأساسية . 2)
رصيد العاطفة الإسلامية
الكامنة والمتحركة فى القلوب ،
وصعوبة اجتماع الأمة على خلل
كبير فى المنهج والرسالة أو
ضلالة شديدة. 3)
أثر الخطاب الدعوى الذى
يتسق مع رسالتها ودورها فى
الحياة والموجه إليها كأمة
صاحبة رسالة فى توضيح الرأى
وإقناع الجماهير به. وأخيراً
لعل هذه السطور تجيب على بعض
التساؤلات التى توجه للجماعة فى
هذا الشأن. _____________ (1)
راجع رسالة الإسلام ونظام الحكم
صـ318 . (2)
رسالة المؤتمر الخامس صـ 138 . (3)
راجع رسالة إلى أى شيء ندعو
الناس . (4)
رسالة دعوتنا فى طور جديد . (5)
رسالة الإخوان تحت راية القرآن . (6)
راجع مذكرات الدعوة والداعية صـ158
، صـ159. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |