ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 25/12/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

بروتوكول الموت

محمد فاروق الإمام

نعم إنه بروتوكول الموت بامتياز لأن هذه التسمية جاءت من رحم المعاناة التي يتعرض لها الشعب السوري على يد جلاديه بمشاركة الأشقاء في الجامعة العربية العاجزة ببعض أعضائها المعاقين، وغطاء من العالم أجمع بفضل المماحكة بين روسيا المتواطئة مع النظام والغرب الغير مكترث بهذه الأرواح التي تزهق.

فبعد مخاض عسير عبر ولادة قيصرية، راح ضحيتها ما يزيد على ألفين من الشهداء، وقّع النظام السوري على بروتوكول المبادرة العربية بعد أن تيقن أن الفريق الذي سترسله الجامعة إلى سورية قد أتقن السباحة في بحر الدم السوري النازف منذ عشرة أشهر على يد عصابة المافيا التي تحكم سورية منذ ما يزيد على أربعة عقود، لأن فن إتقان السباحة في هذا البحر شرط من شروط وزير خارجية النظام وليد المعلم حتى يقوم بالتوقيع على هذا البروتوكول، وقد تحقق له ذلك دون أي عناء أو التزام ببنود المبادرة العربية، وإذا كان غير ذلك فكيف لنا أن نبرر عدم تطبيق النظام لهذه البنود التي تشترط على النظام فيما تشترط قبل وصول فريق المراقبة إلى سورية أن تُسحب كل الآليات العسكرية والمظاهر المسلحة من شوارع المدن والبلدات والقرى، وأن يطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين الذين تجاوزت أعدادهم الستين ألفاً، وأن توقف كل عمليات القمع بحق المتظاهرين السلميين والسماح لهم بالتظاهر السلمي، وأن يسمح لوسائل الإعلام العربية والأجنبية بالدخول إلى البلاد وحرية الحركة لرصد ما يجري على الأرض السورية بشفافية ومهنية، وكل هذا لم يتحقق، ومن هنا جاءت تسمية هذا البروتوكول ببروتوكول الموت، لأن آلة القمع الجهنمية الدموية التي يستخدمها النظام بحق الشعب السوري في طول البلاد وعرضها لم تتوقف، بل زادت وتيرتها أضعاف أضعاف ما كانت عليه قبل القبول بالمبادرة والتوقيع على البروتوكول الملحق بها؟!

وحتى بعد وصول طلائع بعثة المراقبين العرب إلى دمشق كان في انتظارهم عملية رعب لتخويفهم وحرف مهمتهم التي جاؤوا من أجلها، لإشغالهم بمهمة التفتيش عن وسائل تحميهم من يد العصابات المسلحة التي يدعي النظام وجودها، والتي ستكون لهم بالمرصاد إن هم تجرؤوا وغامروا في الذهاب إلى المواقع غير الآمنة بحسب ما قاله المعلم قبل أيام من وصول اللجنة، بعيداً عن رغبة النظام السوري في تحديد المواقع المسموح للمراقبين العرب بزيارتها، وبالفعل فقد افتعلت العصابات الأسدية تفجيرين في موقعين أمنيين كانت البعثة تنوي زيارتهما، وادعت أن ذينك التفجيرين كانا على يد انتحاريين من عناصر القاعدة، مع العلم أن هذين الموقعين لا يمكن لطائر أن يحط على الجدران الخارجية لهذين الموقعين المحصنين، لكثرة العيون المراقبة والأيادي التي تقبض على الزناد على مدار الساعة، وكثرة سلاسل الحواجز والسواتر الترسانية التي تقطع أوصال الشوارع والممرات والمداخل إليها على بعد ثلاثمائة متر من هذين الموقعين، اللذين تم تفجيرهما بفبركة وتخطيط وتنفيذ من أجهزة الأمن السورية بأجساد العشرات من المعتقلين السياسيين السوريين الذين كانوا قد قضوا تحت التعذيب داخل أقبية هذه المقرات الأمنية، التي ادعت سريعاً وبعد نحو ثلاثين دقيقة، أن القاعدة هي وراء هذين التفجيرين، وقد مهد وزير الدفاع اللبناني لأجهزة أمن النظام السوري إلصاق هذه التهمة بالقاعدة عندما أعلن قبل يومين أن هناك عناصر من تنظيم القاعدة قد تسللوا إلى سورية من منطقة عرسان الحدودية اللبنانية، في الوقت الذي مضى على مقتل عماد مغنية قائد المهمات الصعبة في ميليشيا حزب الله في نفس المنطقة لنحو ثلاثة أعوام (شباط 2008) ولم تتمكن أجهزة مخابرات النظام السوري تحديد هوية مفجر السيارة التي قتلت عماد مغنية.

عمليتا التفجير فبركة ممجوجة من ترهات هذا النظام التي لا يمكن أن تنطلي على طفل معوق أو يصدقها شيخ خرف، وقد خبر القاصي والداني ألاعيب هذا النظام وخدعه وكذبه، وهذا ديدنه ومبدأه وتاريخه، وقد سقطت كل أوراق التوت التي كانت تستر عوراته لسنين طويلة كان يخدع فيها بسطاء الأمة ويشتري بالفتات من المال المنهوب ذمم ضعافها.

علينا انتظار موقف الجامعة العربية وقرارها التي ستتخذه بعد وقوع هذه المسرحية المستهجنة وكيف ستتعامل معها ومع تداعياتها، والتي نأمل أن يكون أعضاء اللجنة من الفطنة والنباهة تجاه هذه الألاعيب الشيطانية التي يبتكرها النظام، ليجعل من نفسه ضحية للإرهاب لا مبتكر له وممول ومهندس، فيكون لهم الموقف الصلب والمتشدد تجاه هذا النظام دون الالتفات إلى ألاعيبه وخدعه الرخيصة والمفضوحة، وبالسرعة التي تحول دون ما يشتهي النظام ويريد، سعياً لوقف شلال الدم النازف من أجساد أطفال وشيوخ وشباب ونساء الشعب السوري المنكوب، وكف يد النظام عن القمع الممنهج والمقنن بحق المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية والكرامة والديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة.

وختاماً أرفق البيان الساخر الذي أصدرته الثورة السورية حول مسرحية التفجيرات المفتعلة التي قامت بها أجهزة أمن النظام السوري.

======================

كلا!! لم يختطف الإسلاميون الربيع العربي!!

حسام مقلد *

hmaq_71@hotmail.com

حاول الكاتب البريطاني جون برادلي في كتابه:(كيف اختطف الإسلاميون ثورات الشرق الأوسط؟) رسم صورة كئيبة لثورات العالم العربي، ورغم رصانة الكاتب إلا أن هذه الصورة التي رسمها تعوزها الدقة في كثير من الملامح؛ فالإسلاميون في الحقيقة ليسوا هم من اختطف الثورات العربية، بل يحاول العسكر والعلمانيون وفلول وأنصار الأنظمة السابقة سرقتها واختطافها (عيني عينك) تساعدهم في ذلك قوى إقليمية وعالمية كثيرة من مصلحتها إفشال هذه الثورات، أو على الأقل تحويل مسارها وتفريغها من مضمونها.

لقد أحدث اندلاع الثورة الشعبية في تونس ومصر، ونجاح الجماهير في الإطاحة بنظاميهما القمعيين بهذه السرعة صدمة كبيرة، ومفاجأة مذهلة للساسة والخبراء وكافة المحللين، وعلى الفور جرى البحث في كيفية لجم هذه الثورات وإيقاف مدها؛ كي لا تكون تدشينًا لعهد جديد من الحرية والعدالة والديمقراطية، ويتم الآن تشويه الربيع العربي عمدا باستخدام ماكينة عملاقة من الصحف وأجهزة الإعلام والكتاب والصحفيين وأجهزة المخابرات ومراكز الأبحاث.

واعتمادا على خبرة هذا الجيش الجرار المباشرة بالأحداث، وبثقافات المنطقة العربية، وعادات شعوبها، وطبائع مجتمعاتها، يجرى بلبلة الجماهير، وتشتيت الرؤى، وإيقاع الفرقة وشق الصفوف، وزرع الخوف، وبث الرعب والهلع في النفوس، وفي هذا السياق يتم تخويف الناس من الإسلاميين والزعم بأنهم قادمون لاكتساح كل شيء، وأنهم سيشكلون أنظمة سلطوية فاشية باطشة، ستجثم على صدورهم وتقمع حرياتهم باسم الدين!!

والذي بدا مفاجئا أكثر، وأزعج الغرب وامتداداته العلمانية في عالمنا العربي أنه رغم التشويه الممنهج ضد الإسلاميين في الصحف والفضائيات التي يسيطر عليها الليبراليون، ورغم سياسة تجفيف المنابع، ورغم ترسانة الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والندوات والمؤتمرات، وسيل الكتب والمقالات والدعايات المضللة التي تهاجم الإسلاميين بشدة وتصمهم بالتطرف والإرهاب والتخلف والرجعية، رغم كل ذلك إلا أن الجماهير العريضة اختارت الإسلاميين في أول انتخابات حرة نزيهة!

وفي الحقيقة لم يكن نجاح الإسلاميين في الانتخابات راجعا وحسب لما يتمتعون به من تنظيم قوي متماسك، وقدرتهم الفائقة على التواصل مع القواعد الشعبية، إضافة إلى إخلاصهم ونزاهتهم ونظافة أيديهم، وحرصهم على مصالح أوطانهم وشعوبهم، ووضوح أهدافهم ورؤيتهم المستقبلية، ومعرفتهم بالأساليب والوسائل التي يتم بها تحقيق تلك الأهداف، ولكن جور وفساد معظم أنظمة الحكم العربية واستبدادها وفساد واستعلاء جوقتها من الليبراليين والعلمانيين كل ذلك كان من أبرز أسباب صعود الإسلاميين.

لقد مارس الدكتاتوريون العرب كل أشكال الظلم والقمع والاستبداد والقهر ضد شعوبهم وضد الإسلاميين منهم على وجه الخصوص، وكان مصيرهم الإبعاد والنفي والطرد والتشريد والتضييق والفصل التعسفي أو السجن والاعتقال، إضافة إلى إنكار وجودهم ووجود أحزابهم، وعدم الاعتراف بهم ومحاربة مؤسساتهم الخيرية وأعمالهم ومصانعهم، وتزوير الانتخابات ضدهم والمحاولات الدائبة لاجتثاث امتدادهم الشعبي المتجذر، كل ذلك جعل الجماهير العربية تتعاطف معهم باعتبارهم الضحية المغلوبة على أمرها، ورسخ في العقل الجمعي العربي أن الإسلاميين أفضل من غيرهم وأقلهم فسادا وأشدهم حرصا على تحقيق مصالح البلاد والعباد؛ لأنهم أكثر تواضعا وخشية لله تعالى وأقل غرورا وتكبرا؛ ولذلك فقد ناصرت هذه الجماهير التيار الإسلامي على اختلاف تنويعاته واختارته وتشبثت به لأنه بالنسبة إليها المنقذ والبديل لمواجهة بطش الحكام وجبروت أنظمتهم القمعية الدموية وفسادهم ونهبهم المتواصل للمال العام.

وربما كان صحيحا أن الإسلاميين لم يفجروا الثورات العربية في البداية، لكنهم سارعوا بالانضمام إليها خاصة الإخوان المسلمين الذين انضموا لركب الثورة المصرية مبكرا وبذلوا دماءهم وأرواحهم في سبيل حمايتها والدفاع عنها، وقد شهد بذلك الجميع، وبالتالي فهم شركاء في صنع الثورة وليسوا مختطفين لها!!

* كاتب مصري.

=====================

جبل الزاوية تحت النار .. وقرية كفرعويد تشيّع 250 شهيدا في يومين!

الطاهر إبراهيم

كاتب سوري

جبل الزاوية الذي كان بؤرة الأخبار على عدة شهور، خصوصا في الأسابيع الأخيرة، ما هو

إلا نقطة صغيرة على خريطة سورية. تنام مدينة أريحا على سفحه الشمالي ومعرة النعمان في جنوبه الشرقي ويشرف من علٍ على سهل الغاب الذي يجري فيه نهر العاصي، ويقترب حتى يكاد يلامس حدود تركيا في شماله الغربي. وهو إلى الهضبة أقرب منه إلى الجبل، ما أغرى الغزاة أن ينازلوا أهله على أرضه كما فعل الفرنسيون عام 1921، فكان لثوار الجبل جولات، لقنوا فيها الفرنسيين دروسا في المقاومة ما يزال من تبقى من معمري الجبل يحكيها لأحفاده. فلم يجرؤ الفرنسيون بعدها على التعرض لقرى الجبل الأشم.

ويوم أن انطلقت ثورة الكرامة السورية في 15 آذار، بادر شباب جبل الزاوية مثل إخوانهم في معظم المحافظات ليعلنوها صريحة أنه لم يعد لديهم صبر على القبول بظلم حكم آل أسد واستبداده. في البداية أعلنوا أن على هذا الحكم أن يعتدل أو يعتزل. لكن النظام كان في واد آخر، فلم يكن في وارده ترك الحكم، لأن سورية –حسب منطق الاستئصال عنده- لا تقبل القسمة على النظام والشعب معا. عندها أعلن السوريون ومنهم أهل جبل الزاوية: إن سورية لكل أبنائها بالتساوي، وأن على النظام أن يرحل. فكانت مجزرة قرية المسطومة بين إدلب وأريحا تبعتها المجازر والاعتقالات في كل قرى جبل الزاوية، ما اضطر كثيرا من الشباب لترك بيوتهم خوفا من أن يعتقلوا، وشكلوا مجموعات انضم إليها بعض من انشق عن كتائب بشار أسد بانتظار اكتمال التعبئة لليوم الموعود الذي سيشهد، بإذن الله، الانضمام الكبير إلى "الجيش الحر" من قبل الشرفاء من ضباط وأفراد الجيش، ومعظم ضباط الجيش وأفراده شرفاء إلا قلة ممن باع نفسه للنظام. ولن يطول الوقت حتى يعلن الجيش بأكثريته الساحقة أنه جيش الشعب حقيقة،لا كما يزعم نظام أسد، وأنه يرفض بعد اليوم أن يقبل بأن تمتد يد إلى الشعب السوري بسوء، سواء كانت من كتائب أسد أو أجهزة أمن النظام أو الشبيحة أو من الذين يرتدون القمصان السوداء، كوجوههم، من سفاحي حزب الله، أو من جيش القدس –كما يسمى زورا وبهتانا- القادمين من أيران.

لن أتوسع في بيان الترتيبات التي اعتمدها الشباب الثائر مع إخوانهم العساكر الذين انحازوا إليهم حتى لا تنكشف الطريقة التي يتموضع بها هؤلاء وأولئك على أرض جبل الزاوية. كل الذي أستطيع قوله أن عددا من كتائب أسد زج بها جنوب جبل الزاوية، لتقوم بالإغارة على تلك القرى الآمنة، ما دفع مئة من جنود تلك الكتائب للاستعجال بالانشقاق عنها، قبل أن يتم الاتفاق على ترتيب استيعابهم ضمن وحدات الجيش الحر، واضطروا للجوء إلى مزرعة بين قريتي "كفرواعيد" و"الموزرة"، الاثنين 19 كانون أول الجاري فباغتتهم راجمات الصواريخ ومدفعية الدبابات فقتلت منهم 72 عسكريا منشقا ونجا 28 منهم.

في اليوم التالي قامت كتائب أسد انتقاما من قرى المنطقة بالهجوم على "كفرواعيد" واعتقلت الشيوخ والأطفال وبعض النسوة وحشروهم في مسجد القرية وقيدت أيديهم وأرجلهم وأطلقت عليهم الرصاص وقتلت حوالي مئة من أهل كفرواعيد وتركوهم ليلفظوا أرواحهم دون أن يسمح لأهل القرية بإسعاف أحد منهم. وقد كانت حصيلة المجازر في يومين أكثر من 200 من الشهداء، عدا عن الجرحى الذي نسي الناس إحصاء عددهم، من هول المصيبة.

وفي تفسير أسباب الانتقام من أهل جبل الزاوية كنت كتبت مقالا في منتصف شهر تموز من هذا العام تحت عنوان "لماذا جبل الزاوية؟. ولماذا جسر الشغور؟" نشره مركز الشرق العربي ، بينت فيه بعض الأسباب، ولمن أراد يمكن الرجوع إلى المقال.

البعض يعتقد أن السبب الرئيس هو الانتقام من أهل جبل الزاوية لأنهم تجرأوا على الوقوف في وجه النظام، وهو لاشك سبب وجيه، لكن هذا السبب مشترك بين كل المناطق التي ثارت ضد النظام. على أن هناك أسبابا أخرى تتعلق بسياسة طهران التي هي شريك مضارب مع نظام بشار، وهو الانتقام من سكان جبل الزاوية الذين هم من المسلمين السنة فقط.

نذكر هنا أن التصاق جبل الزاوية بلواء اسكندرون، الذي تنازل عنه حافظ أسد طواعية إلى تركية عند ما حشد الجيش التركي قواته على حدود سورية، ليرغم حافظ أسد على ترحيل حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان من سهل البقاع.

هذا القرب من تركيا دعا السوريين يطالبون بإنشاء ممر آمن أو "ملاذات" آمنة بضمانة من الأمم المتحدة، كما حصل في البوسنة والهرسك أثناء عدوان الصرب عليها في تسعينات القرن العشرين. وبسبب ما صرح به رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو، كل ذلك جعل النظام السوري يخشى أن تبدأ المنطقة الآمنة من جبل الزاوية، وهي منطقة لا يتمتع النظام بأي تأييد له فيها، لذلك ربما يكون النظام يبيت مجازر لهذه المنطقة.

أخيرا نشير إلى أن الشعب السوري لا يهتم كثيرا بالبروتوكول الذي تم توقيعه مع نظام بشار أسد ولا يأخذه على محمل الجد. وتقليلا من البروتوكول، فقد رفع الثوار في إحدى لافتاتهم: نريد مهلة لدفن شهدائنا!

========================

صناعة الاستبداد

د.أحمد محمد كنعان

kanaan.am@hotmail.com

من أبجديات السياسة أن الحاكم المستبد لا يصنع نفسه بمقدار ما تصنعه الشعوب عندما تتخلى عن دورها وتترك مصيرها في يد الحاكم ليمارس فجوره السياسي ، ويستفرد بالحكم ويمارس سلطته المستبدة ، مستخدماً في ذلك جوقة المنافقين المصفقين المؤيدين له من سياسيين وأدباء وفنانين وإعلاميين ورجال دين ، الذين يتبارون في تمجيده وتزيين أعماله وتضخيم خصاله حتى يصلون به إلى درجة التأليه ، وذلك من أجل ضمان مراكزهم عنده والمحافظة على مصالحهم الشخصية ، ومبالغة من هؤلاء في الإعراب عن ولائهم للمستبد نراهم يتعاونون على إفساد الجماهير بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة لضمان خضوع هذه الجماهير وإضعاف روح المعارضة ، وأدهى من هذا أن تنضم إلى الجوقة زمرة من رجال الدين الذين يجتهدون في تبرير كل ما يصدر عن المستبد من أفعال مهما كانت مناقضة لمبادئ الدين والأخلاق ، ويزيدون الطين بلة بأن يزهدوا الناس بالعمل السياسي لأنه في زعمهم ليس من الدين في شيء ، ويمنوهم إن هم تجنبوا السياسة بالنجاة من عذاب الله في الآخرة ، ليشغلوهم بهذا الزهد الفارغ عن العذاب الذي يصبه المستبد على رؤوسهم صباً ، وليبعدوهم عن مناكفته والمطالبة بحقوقهم ، ويستكمل المستبد هذه الجوقة ببعض الأحزاب الانتهازية فيسمح لها بالمشاركة الشكلية في الحكومة لكي يضفي على حكمه صبغة ديمقراطية خادعة ، وعرفاناً من المستبد بفضل هذه الجوقة في دعم استبداده نراه يقرّبهم إليه ، ويغدق عليهم المناصب والأموال ، ويطلق أيديهم لتعبث بمقدرات الشعب كما تشاء ، ويقصي بالمقابل أهل الثقة والإخلاص والفضل والحكمة والخبرة ، وهكذا تكتمل الصورة البشعة للاستبداد ، وتدخل البلاد دوامة الفساد والتخلف التي قد يحتملها الشعب فترة من الزمن ، حتى إذا ضاقت به الأحوال ولم يعد يطيق الصبر انفجر غضبه دفعة واحدة ضد الاستبداد ، ولأن الشعب في هذه الحالة يكون بحالة من الضعف الشديد أمام الآلة العسكرية والأمنية الرهيبة التي في يد المستبد فقد يستنجد الشعب بالخارج طلباً للخلاص ، وهذا ما يزيد الطين بلة ، إذ ينتهز المستبد الفرصة ويعتبر الاستعانة بالخارج بمثابة صك شهادة بوطنيته هو ، مما يزيد في تعنته واستبداده وبطشه وتمسكه بمواقفه الوطنية المزعومة ، وبهذا تقع البلاد بين نارين : إما السكوت والخنوع والرضا بالاستبداد والظلم والبطش ، وإما الخضوع والارتهان للخارج .. وهما أمران أحلاهما مرُّ !

====================

دمشق في المعادلات العربية والدولية

د. ضرغام الدباغ

محنة النظام السوري تكمن أنه لا يريد أن يفهم أن العالم قد تغير، فيغمض عينيه عن رؤية حقائق مادية ملموسة، ويصم أذنيه عن سماع النصائح والمقترحات، وإن حدث أن تعامل معها، فذلك من أجل مزيد من المماطلة، واللعب على الأوراق، ولكن في الواقع أن حصيلة كل ما يفعله هو أنه يغطس أعمق فأعمق في أزمته التي لم يعد الخروج منها من الاحتمالات المنظورة، والنظام يعتقد أنه توصل بذكاء وعبقرية بربط مصيره بمعادلات محلية داخلية وعربية وعالمية.

 

ففي الداخل يطرح نفسه أنه الخيار الأوحد، فيمضى بعيداً ويستمرئ اللعب بالأوراق الطائفية، وهو يدرك أن هذه الأوراق غير مشرفة، تحرق من يدخلها في حساباته أو يلعب بها، إلا أن النظام يستعرض خطورتها، على نحو أبتزازي: أنا أو جهنم الطائفية.

 

بعض أركان النظام لا يخجل من التباهي بأن استمرار وجود النظام ضروري لضمان أمن إسرائيل، يقولها بهذه العبارة أو تلك ليلعب على أعصاب الولايات المتحدة والغرب، ويطرح نفسه مبتزاً هذه المرة أيضاً ضرورة استمرار وجوده، وبندرة لا مثيل لها في اعوجاج المنطق، يعتبر فشله في استعادة الأراضي السورية المحتلة ممانعة ... بل هو يسوق ويتاجر بمواقف على هذا الأساس، ولا يقول لنا ما هي هذه الممانعة، أيعتبر النظام امتناعه عن استعادة الأرض ممانعة ..؟ وإن كان النظام يعتقد أن ذاكرة الناس يمكن أن تنسى، إلا أن الصور والفيديو تنشط الذاكرة، فهم اجتمعوا مراراً وتكراراً سراً وعلانية حول موضوعات عديدة ابتداء من اتفاقية فض الاشتباك في جنيف، إلى مدريد، إلى الاجتماعات السرية والعلنية التي أدت لأتفاق رابين.... ولكن النظام يعتبر ذلك ممانعة باستخدام مطاطي سحري ساذج لهذه الكلمة التي سترتبط بهذا النظام.

 

النظام يدغدغ هواجس الولايات المتحدة والغرب بتوزيع التهم على المتطرفين والإسلاميين والسلفيين، ثم يبلغ ذروة مجده عندما يتهم القاعدة بإدارة عمليات في سوريا، النظام يقول للغرب، أنا أفضل من يفهمها، دخلنا لبنان بإشارة، وانسحبنا منها بنصف إشارة، ذهبنا لحفر الباطن كما شئتم، ولم يبدر منا ما يكدر الخاطر، لا تجازفوا برؤية غيرنا في سدة الحكم.

 

النظام أعتبر لأسباب عديدة، سياسية / اقتصادية / طائفية أن النظام الإيراني حليف أساسي له، عندما أدرك النظام السوري أن إيران الخمينية تعمل بهارموني سياسي مع الغرب منذ وصولهم الحكم، بل هم في حلف وثيق سري وعلني مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما أستحق لأن تقدم لهم دمشق قلعة العروبة مساعدات ثمينة في حربهم ضد جناح العروبة في العراق، ثم أن التحالف مضى يتعمق بفعل العقد والأزمات الداخلية، لدرجة أن فقدت دمشق شخصيتها حيال نظام الملالي في إيران، فلم تعد سوى جرماً يدور في فلكها وسياستها التوسعية العاملة بالتحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وذراعها في العالم العربي، وقاعدة لنشاطها التخريبي، ثم تمضي أكثر من ذلك، فتتحول إلى قاعدة للإرهاب الإيراني عندما تكتشف دول خليجية أن عناصر مخربة تلقت تدريبها في دمشق.

 

لم يسبق لدول عربية تقدمية كانت أو رجعية، ملكية أم جمهورية أن عقدت تحالفاً أستراتيجياً بهذه الدرجة من العمق مع نظام أجنبي، ولا سيما مع نظام يجعل من معاداة البلدان العربية في مقدمة أهدافه، بل لا هدف آخر له سواه، وذلك ما حدث وتجذر بعد وفاة الرئيس الأسد الأب الذي كان يقود هذه السياسة السورية بحكمة ودهاء، ولكن في عهد الأسد الابن، غدت دمشق تابعة للنظام الإيراني بشكل يدعو للأسف حقاً، في تحالف تقوده إيران دون أدني درجة من التكافؤ في العلاقة، وانغمست جراء ذلك في مشكلات عديدة في المنطقة وخارجها، ومنها دورها في لبنان، الذي أوصلها إلى المحكمة الدولية بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الحريري، المسلط كالسيف، على مواقع سيادية وعناصر مهمة في النظام.

 

النظام يقول للروس، أنا الوحيد من يفتح لكم الموانئ، وإذا سقطت فلن ترسو سفنكم في ميناء، متجاهلاً أن صفقات تدور هنا وهناك، فوق وتحت الطاولات، ووراء الكواليس تنجم عنها اتفاقات تتنازل حتى بمغادرة كريمة لرئيس النظام.

 

في ذلك لا تعاب الدبلوماسية السورية، لأن من يقود السياسة الخارجية ليس الجسم الدبلوماسي السوري، فهي سياسة محكومة بتأثيرات وتداعيات التحالف المشؤوم مع النظام الإيراني الذي يلعب بأوراقه القريبة والبعيدة لمصلحته ومنها النظام السوري، وقد أرتضى النظام السوري أن ينضوي تحت خيمة الإيرانيين بهذه الدرجة من التبعية، بدون داع جوهري وحقيقي، إلا من أجل إضافة عنصر آخر قد يمنحه المطاولة أمام شعبه.

 

هناك مئات الإفادات التي تزج بأركان النظام إلى قفص الاتهام، في محكمة محلية أو دولية، اليوم أو غداً أو بعد غد. ومن يتشبث اليوم بزورق ينجيه، قد لا يجد غداً حتى قشة واهية في خضم الأمواج العاتية، فكل من يراهن على عناصر خارجية خارج إطاره الوطني، كأوراق حاسمة، هي أوراق سياسية سيخسرها في ظروف معينة كما كسبها في ظروف معينة.

 

النظام السوري يفقد بصفة متواصلة عناصر وسمات مهمة في هويته، بعد أن خسر ثقة واحترام شعبه، فهو لم يعد نظاماً قومياً، ولا اشتراكياً، ولا ديمقراطياً .......... فما هي الصفة الأساسية لهذا النظام .....؟

 

الجواب هو: لا شيئ، فاليوم النظام لم يعد نظاماً، هو ليس سوى دبابات تطلق النار على الشعب، ويستخدم مصطلحاً عسكرياً بلا خجل بقوله: نحن من يمسك الأرض، كأنه يقاتل جيش احتلال، ويعتقد أن السحق والإبادة تطيل عمر نظام قد انتهت صلاحيته منذ عهد بعيد.. نظام يلعب في الوقت الضائع، وسيكتشف متأخراً أن لا سداً ولا درعاً يحميه امام فيضان الثورة الشعبية.

_________________

هذه المقالة جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات العربية بتاريخ 19/ ديسمبر / 2011

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ