ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 23/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

لماذا لا نكملُ الطريقَ وحدَنا؟

مجاهد مأمون ديرانية

لقد قطعت الثورة إلى اليوم عشرةَ أشهر ليس معها أحد، وحققت انتصارات كثيرة بلا أي عون من أحد، وأرجو أنه لم يبقَ أمامها الكثير حتى الوصول إلى النصر الكبير. لا تسألوني كم بقي، فإني قد تفاءلت من أول الثورة وتوقعت أن يسقط النظام في العدد القليل من الشهور، ثم أثبتت الأيام خطئي وسوء تقديري. لقد ظهر أني في السياسة فاشل جاهل، فلطالما توقعت أموراً ولم تحصل وقدّرت أزماناً ولم تتحقق، فلا تأخذوا مني تلك التفصيلات بعد اليوم.

لا أعلم كم بقي من الزمن قبل أن يسقط النظام ويتحقق للثورة نصرُها العظيم بأمر الله، وليس هذا مهماً لان أحداً من الناس لا يعرف، المهم كم مضى وماذا حصل فيما مضى. لقد مضت عشرة أشهر وقفَت فيها الثورةُ وحدَها في وجه النظام السفاح، ولم تنكسر لها رايةٌ حتى اليوم مع أنها لم تقف معها دولة ولا قوة من قُوى الأرض، ما وقفت معها غير قوة السماء، حتى عجز النظام الذي يملك القوة الجبارة أن يواجهها منفرداً واضطَرّه عجزُه إلى الاستعانة بحلفائه الذين أمدوه بالدعم السياسي وبالسلاح والمال والرجال.

نعم، سقط كثيرون منا بين شهيد وجريح وأسير وتهدمت لنا بيوت وتَلِفَت ممتلكات، ولكن ألسنا نخوض حرباً مع النظام؟ متى وقعت في التاريخ حربٌ لم يسقط فيها ضحايا وتتهدم فيها بيوت وتتلف ممتلكات؟ إذا استثنينا تلك الخسائر (التي لا تكون حرب إلا بمثلها) فإن الثورة هي المنتصرة والنظام هو الخاسر، خسر من أول الثورة وما يزال يخسر المزيد كل يوم، وقد قلت من قبل وأكرر هذه الحقيقة المهمة الآن: من يوم الجمعة الثامن عشر من آذار لم يسيطر نظام الأسد المحتل على كامل التراب السوري ولا ساعة واحدة، ففي كل لحظة مضت منذ ذلك اليوم كانت بقاعٌ كثيرة خارجةً عن سيطرته كلياً أو جزئياً، وهو أمر لم يعهده النظام في سوريا خلال ثمانية وأربعين عاماً من أعوام احتلاله للبلاد.

حينما كنت صغيراً لم يكونوا قد اخترعوا بعدُ تلك الأواني الزجاجيةَ التي تحتمل حرارة النار، وكانت الأواني القديمة إذا وُضعت على النار زمناً فلا بد أن تنشقّ وتنكسر إلى أجزاء، ذلك المصير كان حتمياً، إلا أن أحداً لم يعرف قط الجواب على سؤالين: كم من الزمن تحتمل الآنية قبل أن تنكسر، وما هو شكل الكسر. هذا المثال ينطبق على النظام اليوم؛ إنه يتلظى على نار الثورة الموقَدة وإنه سيتصدع ويتكسر لا محالة، سوف يسقط النظام بأمر الله، لا نعلم شكلَ الانهيار ولا زمانَه ولكن نعلم أنه أمرٌ آتٍ وأن الثورة منصورة بإذن الله ولو بعد حين.

*  *  *

عشرة أشهر مشيناها وحدنا وانتصرنا فيها انتصارات كثيرة كبيرة بلا مساعدة من أحد إلا من الله، فلماذا لا نكمل الطريق وحدنا؟ لماذا نستجدي الأمم ونضع أملنا في القوى الدولية، في تركيا مرة وأميركا وفرنسا مرة، وفي الجامعة العربية حيناً ومجلس الأمن حيناً آخر؟ لماذا لا نكمل وحدنا معتمدين على الله الذي اعتمدنا عليه وحده من أول يوم إلى اليوم؟

أدعوكم إلى التوجه إلى الله توجهاً صادقاً والاعتماد عليه وحده، ثم الصبر على الثورة حتى النصر. تقولون: إننا معتمدون على الله من يوم بدأنا. وهذا حق، ولكنه اعتماد شابته شوائب، فإن بعض الشعارات والهتافات وتسميات بعض الجُمع أوحت بأن الآمال معقودة على حلف الناتو ودول الغرب أو على تركيا أو جامعة العرب أكثر مما هي معقودة على الله رب العالمين.

لقد خرج الناس إلى الثورة أولَ ما خرجوا وما في بال أحد منهم أن يطلب عوناً من أحد من الخلق، ما اعتمدوا إلا على الله وعلى أنفسهم لا وثقوا إلا بالله وبأنفسهم، ثم اشتدت عليهم المحنة وأوغل النظام في الإجرام، فضاق الصدر وقلّ الصبر، فثَمّ مدّ بعض الناس أبصارهم إلى الخارج وراحوا يَسْتَجْدون النجدة من دول العرب ودول الغرب ولا من مُجيب، وحين تحركت الجامعة العربية أخيراً قلنا ليتها لم تتحرك. لقد فقد الناس ثقتهم في العرب وفي جامعة العرب لحسن الحظ، ولكنهم ما تزال طائفة منهم تعلّق آمالها بالغرب، فهل تظنون أن الغرب أشد شفقة وأكثر رحمة بنا من العرب؟ وهل يتحرك العرب -في دولهم وجامعتهم- اليومَ أو هل تحركوا من قبل أبداً إلا بأمر الغرب وتوجيه الغرب ورعاية الغرب؟ وهل كان الحكام الذين عانت منهم شعوبنا إلا صنائع الغرب وربائب الغرب؟ وهل أحبّنا الغرب من قبل قط حتى يحبنا اليوم، أو أراد لنا الخير أبداً حتى يريده لنا الآن؟

لا يا أيها السادة الكرام، ما أصبتم يوم صرفتم الأنظار تلقاء الغرب ولا أصبتم حين ظننتم الخير بدول العرب وجامعة العرب، وأصبتم الصواب كله حينما توجهتم إلى رب العالَم العربي ورب العالم الغربي ورب العالمين، فارجعوا إلى الله واتكلوا على الله، واثبتوا على الثقة بالله وداوموا على طلب النصر من الله، وأطلقوا “حملة يا الله”، ليس اسماً ليوم جمعة ولا عنواناً لمظاهرة، بل عنوان حملة لا تتوقف حتى النصر الكامل إن شاء الله.

أعلمُ أنه ليس كل من شارك في الثورة متديناً غاية التدين بالضرورة، لكن حتى أنصاف المتدينين يؤمنون بالله. وأعلم أنه ليس كل من شارك في الثورة مسلماً قطعاً، لكن حتى المسيحي يعرف الله ويعبد الله، وحتى الذي لا يؤمن بدين من الأديان يدرك أن للكون رباً خالقاً عظيماً مدبّراً ولو لم يَهْدِه قلبُه إلى الدين، فالتجئوا إلى الله جميعاً يا أيها الناس واطلبوا منه النجدة والنصر. أما القلّة الذين لا يؤمنون بالله أصلاً فأرجو أن يسايرونا وأن يجرّبوا التوجه بقلوبهم إلى أعظم قوة في الوجود. لا بد أن القُوى تتفاوت في أقدارها، فأنتم ترون أن أميركا أقوى من النظام فتعقدون عليها بعض الأمل، لكن أميركا ليست أقوى قوى الوجود، لو ضربها إعصار هائل أو زلزال عظيم لدمّرها، إن القوى الكامنة في الأرض أقوى منها. والأرض ليست أقوى قوى الوجود، لو صدمها نيزك بحجم القمر لفتّتَها، والنيزك تحرقه الشمس، والشمس لو مرت قرب ثقب أسود لبلعها وصارت خبراً بعد أثر… في تسلسل القوى تجدون قوياً وأقوى وأقوى، حتى تصلوا إلى القوة الأقوى والأعظم في الوجود، هذه القوة العظمى هي الله ولو لم تعرفوا اسمه، فتوجهوا إليها واطلبوا منها العون، فإنكم سوف تطلبونه إذن من الله.

*  *  *

لنتفق جميعاً على التوجه إلى الله، المتدين فينا وغير المتدين، المسلم وغير المسلم، المؤمن وغير المؤمن، ودعونا من التوسل إلى الغرباء واستجداء التدخل والنجدة من هذا الطرف وذاك، ولا تقولوا: كيف ينصرنا الله؟ هذا عمله، فأنتم لم تُمْلوا على الناتو خطة لينقذكم بها بل طالبتموه ووكلتموه.

تأملوا هذا المثال وسوف تدركون كيف تعمل أقدار الله إذا شاء الله أن ينصر عباده: لقد صار الجيش الحر واحداً من أهم مكونات الثورة وهو -كما دعوتُه في مقالة سابقة- “بوابة الأمل” وحارس الثورة الأمين، فمِن أين جاء هذا الجيش؟ مَن خطط له ومن سعى إلى تشكيله؟

بعد انفجار الثورة بأربعين يوماً اقتحم النظام المجرم درعا بالدبابات، وكانت تلك هي الحلقة الأولى من مسلسل طويل من استخدام الجيش في المعركة مع الشعب الثائر، فارتاع الناس وحبسوا أنفاسهم وقد غشيهم الخوف والقلق وراحوا يتساءلون: هل هي القاضية؟ لقد بلغ بالنظام اليأسُ وخوفُه من الثورة أن يحرك الجيش النظامي لقمعها، فهل سيُنهي الجيشُ الثورةَ ويقضي عليها وهي ما تزال مولوداً ضعيفاً ونبتة صغيرة طريّة العود؟

مَن خطر بباله يومئذ أن الأمل سوف يولَد من رحم اليأس، وأن تلك الحملة هي البداية ليست النهاية، وأن إخراج الجيش من ثكناته سحرٌ لن يلبث أن ينقلب على الساحر؟ لقد صنع ذلك العملُ الأهوجُ ما لم تصنعه عقول الثورة الكبار، فهو السبب في بداية تشقق الجيش وهو السبب في نشأة الجيش الحر. هل يزعم أحدٌ أنه توقع ذلك، فضلاً عن أن يكون قد خطط له وسعى في تدبيره؟ أنا متابع دقيق لأحداث الثورة وأقول لكم: ليست الحقيقة أن أحداً لم يخطط لهذه النتيجة فقط، بل إن أحداً لم يتوقع أصلاً أن ينشقّ عن الجيش جندي واحد، وكان كل ما يقوله الناس حتى الشهر الثالث من شهور الثورة: إنه جيش عقائدي شديد الولاء ولا يمكن أن يتمرد فيه ضابط واحد.

ما صنع الجيشَ الحر أحدٌ من البشر ولا خطط له أحد، إنه صُنع الله؛ ذلك فضل الله على الثورة، وفضل الله لا حدّ لأوله ولا حدّ لآخره، وإنّ من حق الله أن يُشكَر وأن لا يُدعى ولا يُرجى سواه. فتوكلوا على الله وارجوا نصره واتركوا له التدبير والتقدير؛ على أن لا تقعدوا قعود الكسالى المتواكلين، وأعلمُ أنكم لا تفعلون، فإن التوكل يقتضي إحكام التخطيط وبذل غاية الجهد ثم ترك الأمور بين يدي الله القويّ القدير الحكيم العليم.

إن الاتكال على الله لا ينفي الاستعانة بالوسائل والأدوات المادية، بل إن الأخذ بالأسباب مطلوب شرعاً ويؤاخَذ تاركُه، وقد يكون طلب الحظر الجوي من هذا الباب لو اتفق عليه أهل الرأي من العسكريين، ومنه السعي إلى توفير السلاح للجيش الحر، على أن لا يبلغ الأمل بتلك الوسائل أن يُظَنّ أن النصر منها، تماماً كما لا يبلغ الأمل بالطبيب أن يُظَنّ أن الشفاء بسببه، فكم من مريض عالجه الأطباء ولم يبرأ وكم من مريض برئ ولم يعالجوه، ذلك ليعلم الناس أن الأطباء يعالجون ويداوون وأن الشافي على التحقيق هو الله.

فإذا بلغ اليقين في قلوبنا هذا المبلغ فسوف ندعو الله دعاء الموقن بأنه هو الناصر، ونطرق كل باب من أبواب الدنيا ونطلب العون من البشر ونحن نعلم أنهم وسائل يسخّرها الله لنا إن شاء، فلا نيأس إن أُغلقت في وجهنا الأبواب لأننا نعلم أن باب الله لا يُغلَق، ولا نسمح لأحد أن يبتزّنا ويفرض علينا التضحية بشيء من كرامتنا وحريتنا في سبيل نجدتنا لأننا نعلم أن الله سيفتح لنا باباً خيراً منه طالما اعتصَمْنا به ورجوناه واتكلنا عليه حق التوكل.

*  *  *

أكرر في الختام السؤالَ الذي افتتحت به المقال: لماذا لا نكمل الطريق وحدنا؟ لقد بدأت هذه الثورة وحدها وبقيت وحدها إلى اليوم، إلا أنها قد وُلد لها من رحمها كيانان مهمان بفضل الله وبتوفيقه، كيان عسكري هو الجيش الحر وكيان سياسي هو المجلس الوطني، فصارت الثورة جسماً ذا جناحين، أو أنها صارت مكونة من ثلاثة كيانات يكمل بعضها بعضاً. هذه الكيانات الثلاثة تصنع معاً “ثلاثية النصر”، والحديث عنها في المقالة الآتية إن شاء الله.

=============================

الإعلام السوري كاذب

بدرالدين حسن قربي

يؤكد النظام السوري وإعلامه قدرة نوعية جامدة في الفبركة تأخذ بالعقول، فهو دون تردد يدفع بالكذبة الكبيرة بالغاً مابلغت دون ذرةٍ من حياء، أو وَجَل من يوتوب أو حساب لانترنت، أو خوف من فيس بوك أو تويتر، ومن دون أن يرفّ له جفن أو يرجف له قلب، أو يتلكلك له لسان، والأبلغ أنه يناطح بهذا الكذب ويواقح به بعينٍ قوية، ويريد من الناس أن تعتمده بمثابة كلام طابو ينفي رواية الآخر أياً كانت والعياذ بالله، وتنتفي بوجودها حسب معتقداته الحاجة حتى للإعلام الآخر من أفّاكي وكالات الأنباء ومراسلي الفضائيات المتآمرين والمرتبطين والكذّابين.

نضع هذه المقدمة بمناسبة تصريح الإعلام الرسمي أن مشاركةً في 11 كانون الثاني/يناير، فاجأت المتظاهرين وكل المراقبين، أطلّ فيها بشار الأسد على الجماهير المحتشدة من مؤيديه في ساحة الأمويين الدمشقية بينما كان عابر طريق فيها مع زوجته وولديه، فتوقف متحدثا إلى الناس ومؤكدا على مسيرة الإصلاح ومحاربة الإرهاب. وهو تصريح يمكن تفهمه وبلعه وإن تطلّب كاساً كبيراً من ماء بيريه الفوار تحديداً لو أن مَشاهد الساحة الدمشقية وفيها الزائر العرضي والمتحدث تمّ عرضها بتزويق مقبول وتزوير مبلوع، ولكن الذي تمّ عرضه هو إظهار الساحة في يوم دافيء جميل وممتلئة بشكل مليوني، ومكتظة في حال من الهرج والمرج مع الهتافات المؤيدة إلى حد لايمكن أن يضاف إليها ولو متظاهر منحبكجي واحد، في حين أن ذاك اليوم كان شتوياً بارداً، أُحضِر فيه بشار الأسد إلى المسرح المعدّ والمرتب مسبقاً، وأرسل منه رسائله إلى السوريين ارتجالاً من دون تحضير إكمالاً للعبة العَرَضية والصدفة، فتوعد بالضرب من حديد وتَهدّد على طريقة الراحل القذّافي، ليسأل الناسُ من بعدها: إذاً بماذا كان النظام يضرب فيما سبق وقد بلغ عدد ضحاياه من القتلى الموثّقين أكثر من ستة آلاف، ومن المعتقلين عشرات الآلاف.

اعتقاد بعض شبيحة الإعلام والاستخبارات فيما يبدو، بأن الارتياح الذي أظهره بشار في خطابه ومعه التهديد، لايليق معه أن تظهر الساحة مليئةً بالمئات كما هو في الحقيقة، ممّا دفع بدجّالي الإعلام إلى إرفاق المفاجأة والخطاب التلفزيوني والساحة بما يُفترض بها، فملؤوها بمئات الألوف تزويراً وفبركة لتمام عملية الإخراج وجعلها مظاهرة مليونية ليغيظوا بها الأعداء، ويكيدوا بها العواذل المنادين بسقوط الرئيس ورحيله بل وإعدامه، وهو ماعملوه ونشروووه ليس في الأقنية الرسمية فقط، بل وفي الفضائيات الموالية. وإنما ياكذبة ماكملت فقد ظهر يوتوب على الشبكة العنكبوتيه فاضحاً المفبركين والأفاكين، وكاشفاً الطابقَ الذي أراد له كَذَبَةُ الإعلام أن يبقى مستوراً وخفياً على ملايين المشاهدين السوريين والعرب. وهو اختراق لمطاحن الكذب لايمكن لأصحابها تمريره والسكوت عليه البتة إلا بالوصول إلى هذا الموظف الصدوق الذي تسبب بتسريب هذا اليوتوب للانتقام منه أو التخليص عليه، وهو ماأوصلهم فيما يبدو إلى اعتقال مهندس تلفزة في التلفزيون السوري بتهمة فضيحة مليونية بشار الأسد في ساحة الأمويين ودخوله عالم المفقودات الأمنية للنظام السوري، بما يمكن أن يصل به إلى تهمة الخيانة والتآمر على الأمة وتوهين نفسيتها وإضعاف هيبتها.

لاشك أن مايميّز النظام السوري حقيقة على مدار الساعة غير القمع وسفك الدماء، هو طواحين كذبٍ تعمل، وماكنات فبركةٍ تُصنّع، وشبيحة في الإعلام تُسوّق، وتلفزيونات تبث دون خجل، فهم قد أوتوا من علوم الكذب وصناعته مالم يؤته أحد مثلهم من العالمين، وبلغت قدرتهم فيه أن يظهروا الساحات الفارغة والوسيعة مليئةً مزدحمة ولو كانت مثل ساحة الأمويين.

المظاهرة المليونية بكل مافيها فضيحة ولكن عند من يكترث للفضائح، وتأكيد متجدّد للسوريين وللعالم أن مايقوله السورييون في تظاهراتهم: مكتوب على أَعلامنا، الله يلعن إِعلامنا، والإعلام السوري كاذب، كاذب كاذب كاذب، هو أمر مؤكّد وأكيد.

يوتوب المتظاهرين الحقيقي المسرّب

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=QyYVoGBwd0o

اليوتوب المفبرك الذي عرضه التلفزيون الرسمي

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=oLUpQ46bkrQ

يوتوب المنار الموازي للمفبرك الرسمي

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=r7XxT5u08Ng

اليوتوب المقارن بين الحقيقة والفبركة

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=peQyTWCAgQk

======================

سلامات، يا مشروعنا الوطني

د. فايز أبو شمالة

هل سمعت أيها العربي عن المشروع الوطني؟ وهل تعلم أن القضية الفلسطينية قد صارت مشروعاً، نعم؛ هكذا، وبكل وعي وإدراك لخطورة التسمية، يصر بعض المسئولين الفلسطينيين على وصف ضياع فلسطين بأنه مشروع، ولكنهم أضفوا عليه بريقاً لفظياً، حين ألحقوا بالمشروع لفظة "وطني" فصار اغتصاب أرض فلسطين، وتشريد الملايين لاجئين، وصارت القضية الفلسطينية المقدسة: تندرج تحت مسمى "المشروع الوطني"

مشروع! يا للعجب، يتفاخر المسئولون الفلسطينيون بأنهم أصحاب مشروع، وأنهم يعملون لإنجاح المشروع، وأنه يتفاوضون من أجل ضمان سلامة المشروع، حتى صارت دماء ألاف الشهداء، وعذابات عشرات آلاف الأسرى والجرحى؛ صار كل ذلك زيتاً لتشحيم عجلات المشروع، ليقف القائد الفلسطيني الملهم يقول: سحقاً للمقاومة المسلحة لأنها ضد مشروعنا، وبقاء الانقسام يضعف مشروعنا، والتعنت الإسرائيلي أضر بمشروعنا، والربيع العربي لا يخدم مشروعنا، وسقوط حزب "كايدما" في الانتخابات الإسرائيلية لم يكن في صالح مشروعنا!.

مشروع! لم يعد الحديث السياسي الفلسطيني يدور عن تحرير فلسطين، ولا عن تدمير دولة الغاصبين، ولا عن استرداد الأرض المحتلة، واختصر السياسيون الفلسطينيون طموحات شعب وتضحياته في لفظة "المشروع" الذي قد يكتب له النجاح، وقد يتبعثر هباء منثوراً.

لا تنسى أيها الفلسطيني أن لكل مشروع مستثمر، ومجلس إدارة، ورئيس، ولكل مشروع مقاول؛ يقوم بالعمل وفق حسابات الربح والخسارة، ولكل مشروع فنيين ومهندسين وعمال تنفيذيين، ومثلما لكل مشروع بداية، فإن له نهاية، سيتم بموجبها تسليم المشروع إلى الجهة الممولة والمانحة، ليبدأ طاقم العمل في البحث عن مشروع آخر، أكان وطنياً أو ربحياً.

سارع أيها الفلسطيني إلى تأسيس مشروعك الوطني، فهو أكثر المشاريع إدراراً للمال، واحرص يا صاح على أن يظل مشروعك الوطني قائماً، ولا ينتهي، كي تضمن تواصل تدفق المال إلى رصيدك، وأكثر من الشعارات البراقة الخلابة، وتجمد عن فعل أي شيء، واترك حسابك يتوسع في البنوك بمقدار توسع المستوطنات الإسرائيلية، ولا تنس أن تلقي قصيدة مديح وافتخار للأسرى خلف القضبان، كي تضمن حرية التنقل على الحواجز الإسرائيلية، وانتبه إلى أهمية الدمعة، وحاول جاهداً أن تذرفها على روح الشهيد، كي تضمن المزيد من التصفيق والتأييد، وفي النهاية، تعلم فن الاستثمار في صناعة الشعار.

إليك أيها الفلسطيني فقرة من مقال الوزير السابق الدكتور سفيان أبو زايدة، المنشور في يناير 2012، تحت عنوان "استعداد فتح للانتخابات واختبار دحلان" يقول: "لو تم فحص حسابات البعض من قيادات السلطة، والوصول إلى ما لديهم من أموال وعقار ربما سيحدث اهتزاز في سعر الدولار؟

فمن أين لهم كل هذا؟ وكيف جمعوه؟ وأي مشروع استثماري أو احتكاري أو استعماري يمكن أن يصب مالاً في جيوب المسئولين مثل المشروع الوطني؟ ويا ألف سلامة على الدولار الأمريكي من الاهتزاز، ليته يبقى قوياً كي يهنأ أصحاب المشروع، طالما اختار البعض من الشعب الفلسطيني طريق الصمت حتى فضلة الراتب في آخر الشهر.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ