ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المقاومة
الوهمية والممانعة المزيفة الدكتور
قصي غريب بين
الحين والآخر يخرج علينا أصحاب
المشروع الطائفي وأدواته
وحلفاؤه في المنطقة ليؤكدوا في
خطاب أيديولوجي مجتر ورتيب
ممزوج بالتقية من خلال شعارات
فارغة من مضمونها؛ ممجوجة من
فرط ابتذالها من ان النظام
الشمولي الاستبدادي الطائفي
الذي يحكم سورية بالقوة الغاشمة
هو نظام مقاوم وممانع لاسرائيل
وللولايات المتحدة الأميركية؛
ومن ثم فان الانتفاضة الشعبية
التي تعم أرجاء سورية منذ 15 آذار
2011 والتي خرجت تطالب بالحرية
والكرامة واسقاط النظام هي
جزءاً من مؤامرة أميركية
صهيونية تستهدف النيل من نظام
المقاومة والممانعة. ولكن
الحقيقة التي لا مراء فيها ان
النظام الحاكم سورية مدع كذاب
في كل ما يدعيه من مقاومة
وممانعة؛ فهو غارقاً في مستنقع
التنازلات منذ استيلائه على
السلطة في انقلاب 16 تشرين
الثاني 1970؛ فنظام الصمود
والتصدي في عهد حافظ الأسد كان
حارساً أميناً لأمن واستقرار
اسرائيل فجبهة الجولان الذي
سلمه للعدو الاسرائيلي من دون
قتال حرص على ان تبقى هادئة
تماماً؛ كما انه قد اعترف
ضمنياً باسرائيل من خلال
الاعتراف بالقرارين الأممين 242
و338 . وبعد
حرب 6 تشرين الأول 1973التحريكية
وبداية دبلوماسية الخطوة خطوة
التي قادها وزير الخارجية
الأميركية هنري كيسنجر دخل نظام
الصمود والتصدي في مفاوضات مع
اسرائيل انتهت بتوقيع اتفاقية
فك الاشتباك في أيار 1974 التي
تضمنت وقف اطلاق النار
والامتناع عن جميع الأعمال
العسكرية. وفي 1976
دخلت قوات نظام الصمود والتصدي
الى لبنان بموافقة أميركية
اسرائيلية لتحجيم القوة
العسكرية والسياسية للمقاومة
الفلسطينية حماية لأمن
واستقرار حدود اسرائيل، وعندما
غزت الأخيرة لبنان في 1982 وقفت
قواته متفرجة وتركت قوات
المقاومة الفلسطينية تواجه
مصيرها لوحدها أمام آلة الحرب
الاسرائيلية؛ بل انه قد أسهم في
اخراج من بقي منها من طرابلس في
1983، وكان نظام الصمود
والتصدي في مؤتمر قمة فاس 1982 قد
وافق على مبادرة القمة التي
اعترفت ضمنياً بوجود اسرائيل. وفي
حرب الخليج الثانية 1991 اشترك
نظام الصمود والتصدي بقوات
عسكرية الى جانب قوات التحالف
الغربي بقيادة الولايات
المتحدة واسهم معهم في تدمير
القوة العسكرية العراقية العمق
والقوة الاستراتيجية لسورية،
وبعد نهاية الحرب مباشرة لبى
دعوة الولايات المتحدة وحضر
مؤتمر مدريد للسلام الذي انعقد
في 30 تشرين الاول 1991 ووافق على
الانسحاب الكامل مقابل السلام
الكامل – وديعة رابين – وكان
شعار حافظ الأسد ان خيار سورية
الاستراتيجي هو السلام؛ ودخل في
مفاوضات مباشرة مع اسرائيل
برعاية اميركية، وبعد وفاته في
حزيران 2000 ووراثة ابنه بشار
الأسد السلطة بترقيع دستوري
مفضوح بمباركة أميركية رفع
النظام شعار المقاومة
والممانعة بدل شعار الصمود
والتصدي، وكانت وزيرة الخارجية
الاميركية مادلين اولبرايت قد
اجتمعت مع الوريث على انفراد ثم
خرجت لتؤكد على الملأ على وجود
بوادر مشجعة في شأن موقف النظام
الجديد من عملية السلام مع
اسرائيل، وانسجاماً مع هذا
التوجه وافق نظام المقاومة
والممانعة في قمة بيروت 2002 على
مبادرة السلام العربية التي دعت
الى اقامة علاقات مع اسرائيل
مقابل الانسحاب الكامل من
الأراضي العربية المحتلة منذ
حرب 5 حزيران 1967 وقد أكد على انها
السبيل لتحقيق الأمن
والاستقرار في المنطقة، وقد
استمر النظام وعلى رأسه بشار
الأسد يناشد رئيسي وزراء
اسرائيل اريل شارون ومن بعده
ايهود أولمرت بالعودة الى
المفاوضات التي توقفت برغبة
اسرائيلية؛ وطلب وساطة تركية
وقد استضافت الأخيرة عدة جولات
من هذه المفاوضات غير المباشرة
بين الجانبين؛ وقد أكد بشار
الأسد انه يعمل على بناء الثقة؛
والاقتناع بان اسرائيل جادة في
عملية السلام, وايجاد الارضية
المشتركة التي تسمح باجراء
مفاوضات مباشرة؛ وان ما يهمه هو
القرارالأممي 242. وفي 27
تشرين الثاني 2007 حضر نظام
المقاومة والممانعة مؤتمر انا
بوليس للسلام في الشرق الاوسط
الذي عقد في الولايات المتحدة؛
والهادف الى حث الدول العربية
على التطبيع مع اسرائيل فضلاً
عن ذلك فان بشار الأسد كلما زاره
وفد أميركي رسمي يجدد حرص نظامه
على السلام مع اسرائيل؛ وينوه
على الدور الذي قام به نظامه مع
الولايات المتحدة منذ انطلاقة
عملية السلام وحتى تبنيه
المبادرة العربية لقمة بيروت 2002
التي تثبت صدق توجه نظامه اتجاه
السلام كخيار استراتيجي، وقد
سبق له أن صرح أكثر من مرة عن
استعداد نظامه لاجراء محادثات
سلام مع اسرائيل. وعندما
اندلعت انتفاضة الشعب السوري في
15 آذار 2011 وطالب المنتفضون
باسقاط النظام واقامة دولة
القانون والمواطنة رفع سليل
نظام الصمود والتصدي والمقاومة
والممانعة المدعو رامي مخلوف
المتهم بسرقة الاقتصاد السوري
صوته عالياً مبيناً الوجه
الحقيقي للنظام عندما ربط
استقرار اسرائيل باستقرار
النظام في سورية ووجوده؛ اذ قال
لصحيفة نيويورك تايمز : " إذا
لم يكن هناك إستقرار في سورية
فمن المستحيل أن يكون هناك
استقرار في اسرائيل فلا يوجد
طريقة ولا يوجد أحد يضمن ما الذي
سيحصل بعد اذا لا سمح الله حصل
أي شيء لهذا النظام " . وانطلاقا
من هذا فان رفع شعار الصمود
والتصدي في عهد حافظ الاسد؛
وشعار المقاومة والممانعة في
عهد بشار الاسد انما يأتي من
منطلق ممارسة الغوغائية
السياسية والمزايدة الرخيصة
لشل حركة الشعب السوري من خلال
منح النظام مزيداً من الحصانة
الثورية المزيفة وتمتعه
بالعصمة السياسية
كبديل عن احترام حقوق
الانسان والتعددية السياسية
وتداول السلطة سلمياً في سورية،
ومن ثم فانهم يعطون لنظامهم
المستبد مسحة ثورية وصفة قدسية؛
وعصمة سياسية لمصادرة حق الشعب
السوري في نقده وبيان سلبياته؛
ومطالبته بحقوقه السياسية
والاجتماعية؛ ومن ثم الخروج
عليه تحت ازعومة انه نظام ثوري
مقاوم لاسرائيل؛ وممانع
للولايات المتحدة، وبما انه لا
صوت يعلو فوق صوت المعركة فهو
فوق النقد والمساءلة والمطالبة
وهو ما يجعل الشعب السوري لا
يتجرأ على نقده والمطالبة
بحقوقه المشروعة. فمن يتجرأ على
نقد نظام المقاومة وحاضنتها
ومشيد قلعة الممانعة الملائكية
المعصومة الا الجراثيم
والمدسوسون والعملاء المأجورون
في حين ان خيارهم الاستراتيجي
مع اسرائيل هو السلام؛ فحافظ
الأسد نادى بخيار السلام
الاستراتيجي مع اسرائيل؛ وقد
تخلى عن المطالبة باقامة
التوازن الاستراتيجي معها؛ وقد
كرر أكثر من مرة ان السلام مع
اسرائيل هو خيار استراتيجي،
وعلى ذات المسار سار وريثه بشار
الأسد فأكد على أهمية السلام
واعتماده خياراً استراتيجياً
وعلى استعجاله لتحقيقه. ومن
هنا فان الخطاب السياسي الرسمي
لنظام الصمود والتصدي
والمقاومة والممانعة كان وما
زال يتمسك بالسلام مع اسرائيل
باعتباره خياراً استراتيجياً؛
ولهذا فانه يستحق بجدارة ان
يطلق عليه أنه : " نظام
المقاومة الوهمية والممانعة
المزيفة ". ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |