ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 28/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

بشائر النصر

بقلم: د.محمد درويش

تتوالى الأحداث وتمر على شعبنا السوري وهو يعيش في محنته وصراعه مع القوة الغاشمة والمتغطرسة والمتجاوزة لكل حدود الإنسانية والقيم الأخلاقية التي يعرفها البشر، ويوما بعد يوم يسطر الشعب السوري ملامح بطولية وشجاعة في مقاومة الظلم ورفضه بقاء الطغمة الفاسدة التي عاثت في سوريا قتلا وتخريبا وفسادا، ودمرت بنية الدولة السورية. فما كان من أبطال الشام ورجال سوريا الأحرار إلا أن يثوروا ضد هذا الطغيان والظلم وان طال صمتهم لكن كان لا بد ان يخرجوا بصدورهم العارية اطفالا وشبابا ورجالا ونساء وبايمانهم الراسخ بتحقيق النصر ضد هذا النظام، وتحقيق العدل ضد الظلم، ونيل الحرية والكرامة بعد ان سلبت منهم لاعوام مديدة. خرجوا لاعادة الامن بعد ان فقدوه في ظل الحكم الاسدي والاستبدادي لمرتزقة النظام ، ولتحقيق كل ما هو جميل بعد أن فقدوه في ظل الحكم الفاسد.وبعد مرور عشرة اشهر على هذه الثورة المباركة تتجلى بشائر النصر ومعالمه بعدة عوامل :

 

البشرى الأولى: هي الزخم الكبير واصرار الشعب المجاهد البطل على المضي والاستمرار في ثورته ، حتى تحقيق النصر، والصبر والاستمرار هو اهم العوامل بعد التوكل على الله في تحقيق مرادهم والانتصار الكبير.

 

والبشرى الثانية التي ظهرت هو التكاتف والتلاحم القوي بين أبناء الشعب السوري ، بكافة مدنه وقراه ، وهذا باذن الله هو احد عوامل النصر الرئيسية في تحقيق النصر.

 

والبشرى الثالثة: هو ظهور هذه الثلة المباركة من ابناء الجيش السوري الحر، الذي رفض ان يكون اداة لقمع الشعب السوري وقتله، فكان موقفه البطولي ، وانحيازه الى الحق والى الشعب المقهور ضد القتلة والموتورين. ان هؤلاء الابطال هم الذين سيسطرون ملاحم النصر ويرسمون الوجه الجميل والناصع لسوريا الحبيبة ، وهم الحجر الاساس في المرحلة القادمة لبناء الدولة الجديدة مع كافة ابناء سوريا على اساس الحرية والعدل والمساواة.

 

والبشرى الرابعة: التي بدأت بالتحقق على الارض و ظهور بودار النصر الاولى،هي ادراك الثوار للحسم، وهو ما ما ظهر في مدن وبلدات ريف دمشق، واعادة البهجة الى ربوعها ، وهذا ما ظهر جليا وواضحا في فرحة الناس بهذا النصر التكتيكي والضروي لرفع معنويات الثوار والشعب ولايصال صوتهم قويا وعاليا الى الجميع معلنا انه قد شارف على تحقيق النصر الكبير من قلب دمشق وريفها ، وإن دمشق ستبقى هي قلب سوريا وقلب كل العرب النابض والمشتاق لنيل الحرية ، وهنا ندرك اهمية هذه الخطوة في مسار المعركة وثورة الشعب السوري.

 

هكذا يتأمل السوريون ان تتوالى بشائر النصر ليعم ربوع سوريا كلها من شماله الى جنوبها ومن شرقها الى غربها ويخرج الجميع بفرحة عارمة في كل شوارع سوريا وهم حاملين ابطالهم الحقيقيين فوق الرؤوس وبين القلوب متذكرين الارواح الزكية التي قدمت لكي تنهي هذه الحقبة السوداء من تاريخ سوريا لتشرق على غد جميل.

=======================

البحثُ عن السّراب لن يكون ردّ الثّورة على الإنهاك...

د. سماح هدايا

 منذ اللحظة التي فاجأت فيها الثّورات العربية العالم، وأربكت الأنظمة العربية الاستبدادية وأنظمة الغرب الاستعماريّة، بدأت مطابخ السياسة الاستعماريّة والاستبداديّة تعدّ وجبة جدية من التآمر، لاحتواء هذه الثورات، وبدأت، بمقتضاها تنفّذ خطة عريضة، إطارها الإنهاك والاستنزاف.

 وبدأ، الشعب السوري، بفعل هذه الخطة الماكرة، يدفع ثمناً باهظاً من دمه، وهو يناضل ليتحرّر من جهنم الظلم. يدفع الثّمن بمزيد من آلاف الجرحى والمنكوبين والنّازحين، وآلاف الشّهداء الذين قرّروا النضال حتى أخر قطرة من دمهم، فهجروا بيوتهم وأهلهم واختاروا الرّحيل أبطالا على طريق الشهادة والفداء، في مواجهة سيف الظالم. ثم بمزيد من آلاف الضحايا الأبرياء، الذين ماتوا بالقصف والرّصاص، وببطش أزلام الأمن والشّبيحة. ثمّ بألاف المعتقلنين المضطهدين المعذبين، المرميّة أشلاؤهم في سراديب مأساة المعتقل. ومازال الشعب السوري يقاوم ويكافح من أجل الحريّة والسّيادة. لكنّ معركة التّحرّر لم تحصد النصر بعد، ولم تنجز مهمتها؛ فإجرام النّظام الظّالم، يعيث في الأرض فسادا ويشتد طغيانا، وفي المقابل تزيد معاناة الشعب وتتفاقم الخسائر. وهنا يأتي الجواب واضحا عن سؤال لماذا يتأخر النصر، ولماذا تطول المعركة؟؟: إنّها خطةّ الإنهاك والاستنزاف. وعلى الثورة التيّقّط والانتباه.

 نحن، في ثورتنا العظيمة، نتوجّه، أحيانا، في أثناء دفاعنا عن شرعيّة الثورة وقديستها، إلى أن نخوض معارك جانبيّة، ليست في صالح الثورة، فعلى سبيل المثال: لماذا نقبل بحلول ترقيعيّة، فنوافق على تدخل الأنظمة العربية؟ لماذا نطلب من جامعة الحكام العرب الدعم والمساعدة.؟ ألسنا نعرف من هم حكام العرب؟ ولماذا نجهد أنفسنا في تبرير ثورتنا أمام العالم كلّه، وكأنّتا في قفص اتهام؟ ولماذا نسعى بخطى حثيثة، لكي نبرهن على براءة نياتنا وأهدافنا؟ ولماذا نستمرّ في خوض خضم المناظرات والحوارات، لكي نبرّىء أنفسننا من الطائفية وانشقاق الصف، ولكي نؤكّد سلميّة الثورة ووحدة صفها، ونحاجج عبر وسائل الإعلام أزلام النظام وأعوانه وشبيحته السياسيين والإعلاميين؟ هذا كله عبث مرير، وهدر هائل لطاقاتنا الكثيرة وإضاعة متواصلة لوقتنا، وإرهاق طويل لجهودنا.

 إنّ العالم، كلّه، لا يفهم إلا لغة القوّة ومنطق القتال، وفكر المعركة؛ ففي معارك الشعوب من أجل الحرية، هناك، منظومة أخلاقيّة مبدئيّة لمشروع التحرّر، يحميها شقّان أساسيان لكسب معركة الحرية: الشّق السّياسي. والشقّ العسكري. ونحن يجب أن نكسب الشّرطين لتحقيق النصر وفوز المعركة. لذلك لا نريد أن نضيع جهد الشعب السوري، ونكسر عزيمته، وهو الذي خرج، باسلا بطلا، لكي يبرهن على الشجاعة والقوة ردا على عصور إذلاله، بأن نقول له، نعدك بالنصر القريب، لكنّنا ننتظر المساعدات الدولية، وننتظر التدخل الدولي، وننتظر تقارير المراقبين العرب وحوار الجامعة مع نظام بشار. وننتظر رحمة العالم، ورعاية الأمم، وننتظر مجيء الجيش العربي. فهل يعقل أن تأتي حماية للشعب السوري ولم تسبقه، من قبل، إلى غزة المستغيثة حملة حماية؟؟ وماذا قدّمت الأنظمة العربية لفلسطين السّليبة ولقضيتها؟ وهل أرجعت حوارات السلام ومؤتمراته حقّاً للشعب الفلسطيني، وهل أعادت إليه شرعيّة مغتصبة؟

نظام الغرب الاستعماري وأنظمة العروش العربية صورة واضحة، لا غبار عليها؛ هي صورة الاحتيال والإجرام والبلطجة والخداع والتّآمر.

 إنّ السّراب، بعينه، أن ينتظر الشّعب السوري الدّعم الخارجي؛ فعملية انتظار التّدخّل الأممي والحماية الدولية والمبادرات الناجحة، عبث يخدم النظام، وهو إعطاء النظام مزيداً من الوقت. هذا كلّه إضاعة لجهد الثورة ووقتها. مسلسل المبادرات والمراقبين، ماطل به النظام والمعارضة، ولعب النظام بشباكه، لكي يكسب معركة الوقت والمراوغة والتّضليل. أيّ حلّ عربي أو أجنبي هو عبارة عن انعكاس للمصالح التي تدعمه، وأغلب الأنظمة العربية أنظمة مستبدة قامعة لشعوبها، تخاف من ثورات التّحرّر؛ فكيف يمكن أن تقدّم شيئاً لإحقاق الحق. ومن هنا فإنّ موضوع إرسال جيش عربي وقوّات عربيّة لحماية المدنيين في سوريا؛ هو، سيكون، في الأغلب، في صفّ الشبيحة، وفي صف قوات الأمن الأسديّة. الحل، فقط، هو دعم الجيش السّوري الحر وتسليحه؛ فعوضا عن إرسال جيش عربي ومراقبين ولجان؛ فليسلّحوا الجيش الحر، إن كانوا شرفاء أو صادقين.

 الشّعب السوري الثائر السائر في درب الحرية الدامي، لن يكون مطيّة لأحد، ولن يكون تابعاً لأحد، ولن يكون ساذجا، بعد كل هذه التجارب الخطيرة التي خاضها؛ ولذلك لن تأتيه الحماية، فللحماية شروطها الإذلاليّة والتضليليّة. فلندع، بعيدا، سراب المساعدات والحوارات والمبادرات والمراقبين والمحادثات، لكي يخدع بريقه الساذجين والواهمين والمتقاعسن وأصحاب النظر القصير. ولنعتمد على سواعد ثوارنا وجيشنا؛ فعندما يقرر الشعب الاعتماد على المقاومة، وعلى سواعده وأبطاله وجنود الوطن الأحرار، تأتيه إبداعات تفوق الخيال، يتخطى فيها العجز والضغف، ويستطيع أن يغيّر، كما يريد، قواعد اللعبة في المنطقة، ويجبر العالم على الانصياع لإرادته.

الشعب السوري اختار الحرية، ولا أحد يرغب له بالحرية إلا هو والشعوب المتعاطفة معه. لا أحد غير ذلك يريد له الحرية. ومثلما بدأت الثورة بالتدريج وتدحرجت، سيتستمر تطوّرها، ونحن على يقين بالنصر. وإنّ من يريد المساعدة ؛ فليدعم الجيش الحر.

 سيكسب الشّعب السوري؛ لأنّ معركته من أجل الحرية، وقد كسبها سياسيا وأخلاقيا. بقي الجانب المادي العسكري، والنّظام الأسدي. خاسر أخلاقيّا وسياسيّا، لكنه يمسك بزمام القوة العسكرية، التي يجب تفتيتها بقوة الجيش الحر الذي يجب أن يتعاظم بسرعة. إنّ السّعي السوري إلى المحافل العربيّة والدّولية هو تضييع للوقت وتفتيت للجهد. الحلّ في القوّة العسكرية للجيش السوري الحر. من يريد المساعدة. فليدعم تسليح الجيش الحر، ثم فليدعم ْالجيش الحرّ، لكي يكون قوة الثورة وسيف الحق.

==================

درس بليغ من لقمان الحكيم(2)

الدكتور عثمان قدري مكانسي

العاقل من وعى دروس الحياة وخبِرَها وعلّم الناس وأرشدهم فكان أستاذاً بحق ، بدأ بنفسه ثم أهله ثم الأقرب فالأقرب . وكان لقمان الحكيم من هؤلاء المربين الناجحين الذين ذكرهم القرآن الكريم وأعلى شأنهم. فتراه ينصح ولده متحبباً فيناديه بكلمة التحبب ( يا بُنَيّ) ثلاث مرات :

1-        الأولى يعظه فيها بعبادة الله تعالى وحده ، وعدم الإشراك به سبحانه." يا بُنَيّ ؛ لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم"

2-        الثانية: بيان عظمة الله القادر على كل شيء العالم بكل شيء." يابُنَيّ إنها إن تك مثقال حبة من خردل ، فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأتِ بها الله ، إن الله لطيف خبير"

3-        نصائح لا بد منها أمراً ونهياً ترفع شأن صاحبها وتجعله في بؤرة الرضا." يابُنَيّ أقم الصلاة وامر بالمعروف وانه عن المنكر، واصبر على ما أصابك ، إن ذلك من عزم الأمور، ولا تُصعّر خدّك للناس ولا تمشِ في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختار فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك ، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير".

فالعظة الأولى وهي عماد الحياة توحيد الله تعالى ، فالشرك ظلم عظيم. والظلم نوعان ،

1-        أما أحدهما فظلم الإنسان نفسَه في الشرك يؤدي به إلى غضب الله عليه ومعاقبته بالنار والعذاب الشديد الدائم والعياذ بالله من غضبه وعذابه.

2-        وثانيهما أن يظلم الإنسانُ حقَّ ربه في إفراده بالعبادة وحده. وقد يتساءل أحدهم معترضاً : إن الظلم يكون من القوي على الضعيف ، فكيف يظلم الإنسان ربه حقَّه؟! والجواب أن اللغة العربية واسعة المعنى متسعة الافكار ، ولهذا نزل القرآن بها لأنها تتسع له وهي قادرة على توليد المعاني ، والدليل على ذلك حديثُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه :" إن الله عز وجل يقول ، يوم القيامة : يا ابن آدم ! مرضت فلم تعدني . قال : يا رب ! كيف أعودك ؟ وأنت رب العالمين . قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده . أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟ يا ابن آدم ! استطعمتك فلم تطعمني . قال : يا رب ! وكيف أطعمك ؟ وأنت رب العالمين . قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟ يا ابن آدم ! استسقيتك فلم تسقني . قال : يا رب ! كيف أسقيك ؟ وأنت رب العالمين . قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه . أما أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي " فالمولى تعالى خالقُ المرض والطعام والماء والزمان والمكان . وهو المُحْدِثُ لكل هذا( الذي خلق الحَدَثَ) لا يتأثر بالحَدَث ومع هذا نجد الحديث الشريف يذكر الله تعالى موجوداً عند المريض – وهو الذي لا يحدّه مكان-ويستطعم ويستسقي – وهو المنزّه عن النقصان - ليقرب المعنى إلى عبده ، فيفهم العبدُ المطلوبَ ويعمل به,

والملفت للنظر بل الجميل في المعنى والمبنى – أيضاً- أن بين الموعظة الأولى والموعظة الثانية آيتين لهما علاقة بالبر بالوالدين ذكرهما القرآن الكريم للتأكيد على الإحسان إليهما ، فالآباء هم الذين يربون أبناءهم على الإيمان بالله ويدلونهم على طريقه . ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "يولد الإنسان على الفطرة ، فأبواه يهوّدانه أو ينَصّرانه أو يُمَجّسانه" فكما أنّ علينا واجبَ الشكر لله فمن واجبنا أن نشكر آباءنامع شكرنا لله تعالى " أن اشكر لي ولوالديك " فالله تعالى سبب الخلق والأباء السبب المباشر لوجودنا. والشكر للطرفين واجب على أن لا يتعارض شكر الوالدين بشكر الله تعالى فشكره – سبحانه- المقدّم. ويوجه القرآن الأبناء إلى معاملة آبائهم المعاملةالطيبة ولو كان الآباء مشركين فحسابهم الاعتقاديّ على الله .

والعظة الثانية تعليل لوجوب عبادة الله وتوحيده ، فهو سبحانه العالم بكل شيء المتصرف بكل شيء والقادر عليه . والقرآن يعلمنا قاعدة مهمة في الحياة : (التعليل ) فمتى اقتنع الإنسان بأمر فعله والتزمه وثابر على أدائه.

والعظة الثالثة أوامر ونواهٍ .وهكذا الحياة بقوانينها وأنظمتها كما أن الأوامر عادة ما تكون أكثر من النواهي . فالنواهي هنا أربع ( لا تشرك بالله ، لا تطعهما ، لا تصعّر ، لا تمشِ) والأوامر أكثر فهي تسعٌ( اشكر، صاحبهما، اتّبِعْ، أقم الصلاة، وامر بالمعروف، انهَ ،اصبرْ، اقصِد، اغضضْ) وهي وإن كانت على شكل نصائح فهي قواعد لا بد من التزامها فالحياة تقوم عليها ، وهي عصارة تجارب المرء المجرب العاقل الذي خبر الحياة نظراً وتأملاً وعملاً

كما أن لقمان يذيّل بعض نصائحه بحكمة مناسبة فبعد قوله: "اصبر على ما أصابك "ذيّلها بقوله:" إن ذلك لمن عزم الأمور" وحين نهاه عن التكبر والتعالي على الناس ذيلها بقوله" إن الله لا يحب كل مختال فخور " وحين نهاه عن رفع الصوت برره قائلاً " إن أنكر الأصوات لصوتُ الحمير " ومن يكره نتائج الصبر ولا يخاف الله ومن يحب أن يقرن صوته العالي بصوت الحمار؟

إنها وصايا عقَدية وأدبية وخُلقية واجتماعية إذا التزمَتْها أمةٌ ارتقت وتصدرت ركب الحضارة .

فهل نشمر عن ساعد الجد لنكون خير أمة أخرجت للناس.

====================

سوريا وروسيا .. تشارك في الحروف والمصالح .!

جعفر الوردي

لم يكن من المصادفة أن تشترك كلمتا (سوريا – روسيا) بالأحرف ذاتها حيث يسميه علماء البلاغة جناسا ناقصا، لكن بينهما في المصالح جناسا تاما..!

منذ أن سقط الاتحاد السوفيتي سنة 1991 واستولت أمريكا على اسم الدولة العظمى في العالم، -وهناك بغض دفين من السوفيتيين تجاه أمريكا، لأنها سحبت هذا اللقب منهم واستفردت بالعالم ومصالحه.

كما هي الفكرة السائدة قديما على تقاسم المصالح والشعوب الضعيفة من قبل الدول العظمى في العالم، بقيت كذلك إلى يومنا هذا، فالشرق الأوسط –كما يسمى- هو محل نزاع الدول الكبرى، ومحل قسمتها في الرضا والسخط..

تتسابق الدول الغربية إلى تناهش خيرات العالم العربي، وتقدم كل دولة ما تملك لكي تكسب حليفا من هذه الدول تشرب منه الخيرات وتبيعه ما تشاء وتجعل منه سوقا ومستوردا..

وهكذا كانت روسيا التي هي معقل الاتحاد السوفييتي، حيث أرادت منافسة أمريكا في العالم العربي فبنت مع سورية أوطد علاقة وأغرته وقدمت له القرابين والدعم في سبيل ذلك..

فالاتحاد السوفييتي في أوجه كان يدعم سورية بالسلاح والمال والمشاريع ويقرضه بسخاء، واستمرت كذلك العلاقة إلى هذا اليوم.

وحتى صعود حافظ الأسد على منصة الرئاسة سنة 1970 كان ذلك بدعم من الروس، كما ذكر ذلك رئيس الحكومة يوسف زعين الذي انقلب عليهم حافظ الأسد وأودعهم السجون هو والأتاسي وجديد.

فكانت بداية حكم حافظ الأسد بمباركة ودعم قوي من الروس لكي تكون لهم يد قوية في العالم العربي، ويظهر ذلك جليا في العدائية العلنية من نظام حافظ الأسد لأمريكا ومخططاتها.

وإذا كان لأمريكا صلة حميمة وقواعد عسكرية في الخليج العربي، فإن لروسيا أكبر قاعدة أيضا في ميناء سورية في طرطوس على المتوسط.

يظهر من هذا التقاسم شدة المنافسة بين تلك الدول على فريسة الوطن العربي..!

استمرت روسيا بدعمها القوي والمتباسل لسورية وحكومتها وأقرضت سورية قروضا عديدة وباعتها العديد من الأسلحة من بينها دبابات عسكرية سوفييتية من طراز ت 72 اشترتها دمشق في عهد الرئيس السوفيتي ليونيد بريجنيف وتستخدمها حالياً في قمع الاحتجاجات الشعبية. وأخذت العديد من المشاريع والخدمات في سورية، على مستويات شتى شملت التعليم والسياسة والاقتصاد والجيش والسلاح وغيرها..

ولم تزل روسيا تدعم النظام السوري إلى أن استلم بشار السلطة وراثة من أبيه في ظروف غامضة أشبه ما تكون بمسرحية على مجلس الشعب السوري، وضمنت له الحضن الدافئ والدعم اللوجستي والمادي.

مما يعضد تسمك روسيا في الإخلاص للنظام السوري ما وصف به الرئيسُ الروسي بوتين، الرئيسَ الأسد في برقية عزاء بعث بها إلى القيادة السورية بأنه "كان صديقا لروسيا عمل الكثير لمصلحة علاقات التعاون الروسية السورية وكان واحدا من ألمع زعماء العصر".

وفي وجه المرآة الآخر كان النظام السوري يظهر العداء والنقمة على أمريكا والغرب، ويستهزئ بهم على الملأ؛ لأنهم يستندون إلى دعم الروس بقوة، هذا ما جعل وزير الخارجية السورية المعلم في وسط الأزمة الحالية يقول: ليس الغرب هو العالم كله، لدينا بدائل كثيرة..

وهذا الدعم ذاته هو الذي يسند يد النظام السوري في البطش والفتك بالشعب، حيث لا تزال روسيا تدعمهم حتى بالسلاح، وتلوّح بحق النقض فيتو إن توجه مجلس الأمن لإدانة سورية، مما يرسم عند الشعب السوري تلطخا كبيرا لأيدي روسيا بدماء الشعب السوري البريء الذي قُتل منه ما يقرب من عشرة آلاف مواطن مدني في أقل من سنة واحدة فقط..!

وروسيا في فعلها هذا أقرب إلى الغباء وفشل السياسة، ليس مثل أمريكا التي تدور مع مصالحها، حيث روسيا تتشبث بالأشخاص والمؤسسات التي توفر لها الدعم حتى وإن غدت ضعيفة، أما أمريكا فليس لها صديق حميم ولا شخص مقرب دائما، بل صداقتها حيث حلت مصلحتها وكان هدفها، فهي تلعب دورا سياسيا نشيطا في العالم بسبب هذه المرونة.

أما عقلية الدب الروسي فهي صلبة كما يظهر، وتسوق نفسها إلى شرفات هي غنية عنها، فإن اقتربت من الهاوية تراجعت، فتخسر من الوقت والسمعة الشيء الكثير، وهذا ما فعلته مع العقيد الليبي حيث تشبثت به إلى آخر لحظة، وعندما أيقنت لا محالة بهلاكه عزفت عنه..

وهي تفعل الأمر نفسه مع الأسد في سورية وتمنحه الرضا والطمأنينة فإذا ما هو قارب الهاوية ستفلته وتتخلى عنه، مع يقينها بزواله واستحالة بقائه في السلطة..!

فتكشف روسيا غباء جليا في سياستها العشوائية التي تدور رحاها حول الأشخاص لا المصالح كما أمريكا والغرب..!

وهي أيضا مع غياب الحكم الواحد للشخص والحزب الواحد ستخسر حلفائها العرب ولن يتبقى لها صديق يودها؛ لأنهم لن ينسوا خيانتها لهم حيث الحاكم سيكون الشعب، فعصر الاستبداد والانفراد ولى إلى غير رجعة.

وهذه بدت بوضوح في المسيرات المناهضة لبشار الأسد، حيث قام المتظاهرون بإحراق علم روسيا والتنديد بها وشتمها على الملأ..

والأعجب من ذلك كله ما تقدم به اتحاد كتاب روسيا بجائزته لبشار الأسد حيث عبر عن وقوفه بوجه الهيمنة العالمية، وكأن روسيا تغيظ العالم بهذه الأفعال وتسخر منه..

فهي تعرف يقينا أنه لم يعد هناك شعبية لبشار الأسد في العالم كله، حيث سقط من أعين الحكام والشعوب لما بدا منه من السفك والقتل والإبادة الجماعية لشعبهن ومع ذلك تمنح جائزة لوقوفه بوجه الهيمنة.

فروسيا تحارب العالم وتسخر منه بعصا سورية، فهي لا تكترث للشعب ولا للنظام بقدر ما تريد أن تغيظ وترسل رسائل لمنافسيها وأعدائها بهذه الأفعال التي تقوم بها..!

وستسقط هذه العقلية الروسية لا محالة، حيث الربيع العربي بدأ يتفشى في الغرب، وما هو عن الدب الروسي ببعيد..

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ