ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بقلم:
محمد عادل فارس عندما
يقول مسلم: هناك تآمر من بعض دول
الغرب ومؤسساتها وعملائها... على
الإسلام وأهله وبلاده، يتصدى له
الآخرون ليقولوا: "إنك واهم.
إنك تؤمن بنظرية المؤامرة. وإنك
تجعل من تلك الدول والمؤسسات
مشجباً تعلق عليه ضعفك وتقاعسك". أليس
تآمر الصهاينة والصليبيين
وأمثالهم حقيقة؟ وبالمقابل:
أليس قعود المسلمين عن أخذ
أسباب اليقظة والقوة والقيم
الأخلاقية والنهوض والبحث
العلمي... حقيقة كذلك؟! إنه في
تشخيص واقع الأفراد والمجتمعات
والدول لا يجوز الاندفاع وراء
التعميم، ووراء العواطف، ووراء
المواقف المسبقة، ووراء الرؤية
القاصرة، بل لا بد من النظرة
الشاملة المتعقلة. فلننظر إلى
قضية المؤامرة من منطلقات نظرية
وعملية. 1-
القرآن الكريم يبين لنا في آيات
شتى أن أعداءنا يكيدون بنا
ويمكرون، ويبذلون كل جهد
ليردّونا عن ديننا، ويحبّون كل
ما يسبب لنا العنت والضرر،
ويظهر العداء من كلماتهم على
ألسنتهم (وما تُخفي صدورهم أكبر). من ذلك
قول الله تعالى: ﴿ودّ
كثير من أهل الكتاب لو يردّونكم
من بعد إيمانكم كفاراً﴾ سورة
البقرة: 109 ﴿ولا
يزالون يقاتلونكم حتى يردُّوكم
عن دينكم﴾ سورة البقرة: 217 ﴿يريدون
أن يطفئوا نور الله بأفواههم﴾
سورة التوبة: 32 ﴿إن
الذين كفروا ينفقون أموالهم
ليصدوا عن سبيل الله﴾ سورة
الأنفال: 36 ولا
ينقض هذه الحقيقة ولا ينقصها أن
يقال: إن هؤلاء (الصهاينة
والملاحدة...) يحارب بعضهم بعضاً
في بعض الأحيان ولا يقْصُرون
عداوتهم على المسلمين!. نعم: إن
أسباب العداوة متعددة، لكن
العداء للإسلام يشكل قاسماً
مشتركاً بين كثير من الأعداء من
مشارب شتى، حتى إنهم يتجاوزون
عن كثير من خلافاتهم ويتفقون
على حرب الإسلام. وسنذكر في
الفقرات الآتية، نماذج من ذلك. 2-
التاريخ القريب يبين لنا تآمر
الصهاينة على فلسطين منذ عقدوا
"مؤتمر بال" بسويسرا في 1897م.
وفي سنة 1915م، في أثناء الحرب
العالمية الأولى دخلت بريطانيا
في مفاوضات على العرب، وجرت
محادثات: "حسين-مكمهون"
لتشجيع العرب على الثورة ضد
الدولة العثمانية لتحريرهم!.
وفي الوقت نفسه كانت بريطانيا
تجري اتفاقيات مع فرنسا لتقسيم
البلاد العربية التي ستنفصل عن
الدولة العثمانية، وهو ما ظهر
في اتقافية (سايكس بيكو) في 16/5/1916،
بين مارك سايكس ممثل بريطانيا
وجورج بيكو ممثل فرنسا. وأعقب
ذلك وعد بلفور 2/11/1917 الذي قدّمه
آرثر بلفور وزير خارجية
بريطانيا إلى الزعيم الصهويني
روتشيلد. وما
يزال الغرب، وعلى رأسه أمريكا،
يقدم كل دعم دبلوماسي ومالي، بل
تسليحي كذلك، لإسرائيل. ألا
يدل ذلك كله على مؤامرة؟! وقبل
أن نغادر قضية المؤامرة
المستمرة على فلسطين نذكر أن
"موشي ديان" وقف عند حائط
البراق بعد أن احتلت إسرائيل
مدينة القدس في حزيران 1967، فقال:
"اليوم فتح الطريق إلى بابل
ويثرب. هذا يوم بيوم خيبر". ومثل
ذلك يقول بن غوريون أول رئيس
وزراء إسرائيلي: "نحن لا نخشى
الاشتراكية ولا القوميات ولا
الديمقراطيات في المنطقة، نحن
نخشى الإسلام، هذا المارد الذي
نام طويلاً وبدأ يتململ من جديد". ألا
يدل ذلك على نوايا الصهاينة
وكيدهم؟!. وفي
شأن آخر يقول توماس إدوارد (الباحث
البريطاني المعروف بلورنس
العرب)، والذي انضم إلى
المخابرات البريطانية عند
إعلان الحرب العالمية الأولى...
يقول في تقريره السري الذي أعده
سنة 1916 بعنوان "سياسة مكة":
"أهدافنا الرئيسة: تفتيت
الوحدة الإسلامية ودحر
الإمبراطورية العثمانية
وتدميرها. وإذا عرفنا كيف نعامل
العرب، فهم أقل وعياً،
للاستقلال عن الأتراك، فسيبقون
في دوامة الفوضى السياسية داخل
دويلات صغيرة متنافرة". ويقول
لورانس نفسه: "كنا من قبلُ
نخاف من الحظر اليهودي والحظر
البلشفي لكن تبين لنا... أن الخطر
الحقيقي كامن في الإسلام..". وفي
شؤون مشابهة نذكر "مخطط
برنارد لويس" لتفتيت العالم
الإسلامي، هذا المخطط الذي وافق
عليه الكونغرس الأمريكي سنة 1983م
في جلسة سرية!. ونذكر
مخططات نشر الانحلال الأخلاقي
التي يعبر عنها الحاخام
ريتشورون بقوله: "شعبنا محافظ
مؤمن ولكن علينا أن نشجع
الانحلال في المجتمعات غير
اليهودية، فيعم الكفر والفساد،
وتضعف الروابط المتينة التي
تعتبر أهم مقومات الشعوب فيسهل
علينا السيطرة عليها وتوجيهها
حيثما نريد". ولا
ننسى تقرير راند (مؤسسة راند RAND
Corporation
مقرها في ولاية كاليفورنيا، وهي
من أهم مؤسسات الدراسات الفكرية
المؤثرة في صناعة القرار لدى
الإدرارات الأمريكية..) هذا
التقرير الذي يحمل عنوان "بناء
شبكات إسلامية معتدلة" ويصف
المسلمين المعتدلين الذين يوصي
بالتعامل معهم بأنهم "
الليبراليون والعلمانيون الذين
لا يؤمنون بالشريعة الإسلامية"
ويحدد صفاتهم في عشر نقاط.
فالمسلم المعتدل، وفق هذا
التقرير، هو الذي يرى عدم تطبيق
الشريعة، ويؤمن بحرية المرأة في
اختيار الرفيق ( وليس الزوج
حصراً)، ويؤمن بحق الأقليات
الدينية في تولي المناصب
العليا، ويدعم التيارات
الليبرالية... ونكتفي
بهذا الحد من إيراد الأدلة على
وجود المؤامرة، بل عُمْقها
وخبثها. 3-
الواقع الحالي الذي تعيشه
الشعوب الإسلامية نرى فيه
التخويف من الإسلام باسم محاربة
"الإرهاب الإسلامي" وما
يسمونه "الإسلاموفوبيا"
ونرى فيه تشجيع الانقلاب على
حكومة نجم الدين أربكان لأنه
دعا إلى قيام اتحاد الدول
الإسلامية الثمانية، ونرى فيه
تنصيب الحكام العملاء، ونرى فيه
التخطيط لما أسموه "بالشرق
الأوسط الجديد" ونشر ما
أسموها "بالفوضى الخلاقة"
واحتلال أفغانستان والعراق
واستعمال حق الفيتو ضد أي قرار
يدين الجرائم الإسرائيلية
وسرقة أموال شعوبنا عبر عقود مع
عملائهم يشترون به ثرواتنا بثمن
بخس!... فهل نسمي هذا وأمثاله إلا
مؤامرة؟!. نعم،
إن هذا يمثل وجهاً من الحقيقة،
لكن الوجه الآخر الذي يمثل تخلف
المسلمين وتمزقهم وشيوع الفساد
والظلم فيهم... لا يمكن ردّه إلى
المؤامرة، وفي أقل تقدير فإن
دور المؤامرة فيه ضعيف. فحين
يخون المرء أخاه في ماله، وحين
يحابي الرئيس أقاربه وأصحابه،
وحين يعرقل الموظف مصالح
المواطنين حتى يقبض الرشوة،
وحين يغش المعمل منتجاته، وحين
يطفف البائع الكيل والميزان،
وحين يتقاعس الإنسان في عمله،
فيقبض أجره بغير استحقاق، أو
يتكاسل فيقعد عن العمل ثم يتسول
جيرانه وأصحابه بحجة أنه عاطل
عن العمل، وحين تفشو المحسوبيات
لاعتبارات إقليمية وعشائرية...
وحين نكذب ونُخلف المواعيد
ونخون الأمانة ونقصر في العناية
بنظافة أجسامنا ومرافقنا
وبيوتنا، وحين يقصر المعلم
والطبيب في أداء عملهما، وحين
ينافق علماء الدين والأدباء
ورجال الفكر ويتمسحون
بالطاغية، وحين يعق الولد
أبويه، وحين يهمل الوالدون
تربية أولادهم، وحين نتقبل
الفكر الوافد من غير تمحيص
ونغفل عما أكرمنا الله به من
منهج رباني كامل... حين
نفعل ذلك كله وغيره فنحن
الملومون وليس الغرب الذي يتآمر
علينا. ألم
نقرأ قول الله تعالى: ﴿وإن
تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم
شيئاً﴾ سورة آل عمران: 120 إن
نصبر على الجوع والمضايقة
والسجن والإغراء والإغواء،
ونتقي الله عز وجل في أنفسنا
وأهلينا ووطننا... لا يضرنا كيد
الكافرين. ونقرأ
قول الله تعالى: ﴿أوَ لمّا
أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها
قلتم: أنّى هذا؟! قل: هو من عند
أنفسكم. إن الله على كل شيء قدير﴾
سورة آل عمران: 165 عندما
تحل بنا مصيبة في أي جانب من
جوانب حياتنا فلنسأل أنفسنا
أولاً: هل قمنا بما يجب علينا؟
هل أطعنا الله فيما أمرنا به؟ هل
ارتكبنا من المعاصي والبعد عن
منهج الله ما جلب علينا المصائب...
نسأل أنفسنا ذلك لأن كيد عدونا
لن يؤثر فينا إذا لم نكن قد
فرطنا في جنب الله. إنهما
جانبان يكمّل أحدهما الآخر: عدو
يكيد ويتآمر، ومؤمن يغفُل ويضعف
وينحرف فيصبح أهلاً لنزول عذاب
الله فيه. ﴿وإن
تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم
الأمور﴾ سورة آل عمران: 186 ========================= مجاهد
مأمون ديرانية نُشِرَت
رسالة علماء الشام قبل خمسة
أيام فتلقفها الناس وطارت في
البُرُد وانتشرت في الصفحات
والمنتديات انتشارَ النار في
الحطب، وفرح بها كثيرون وهلّل
لها كثيرون، أما أنا فغلبَت
حسرتي بهجتي وزادتني الرسالة
ضيقاً على ضيق، ذلك لأنها بيّنت
درجةَ تعلّق الأمة بعلمائها
ومبلغَ ثقتها بهم، فظهر الفرق
الكبير بين الأمل والعمل. ينبغي
أن أقرر ابتداء أنني من الذين
يحترمون العلماء ويقدّرون لكل
ذي سابقة سابقته، ولكن الموقف
أجلّ من أن يُجامَل فيه، لذلك
فإنني أشارك الشاكرين شكرهم
فأشكر علماءنا الكرام أصحاب
الرسالة، وأشكر معهم كل من كان
له موقف من قبلُ وسيكون له موقف
من بعدُ من علماء سوريا جميعاً،
ومع شكري لهم أوجّه لهم كلمة
أرجو أن يحتملوها مني ولا تضيق
بها الصدور. وليست
كلمتي للعلماء واحدة لأنهم
ليسوا أصحاب موقف واحد، فإن
منهم من صدع بالحق من اليوم
الأول أو من أيام الثورة الأولى
وناله ما ناله من الأذى، وهو في
ميزانه إن شاء الله، ومنهم من
لحق بالركب في مرحلة لاحقة
فجزاه الله خيراً. علماء كثيرون
من سوريا جميعاً أبْلَوا في هذه
الثورة البلاء الحسن، من حوران
مهد الثورة، وحمص عاصمتها،
وإدلب وحماة والقامشلي
والجزيرة والساحل، ومن دمشق
وحلب… علماء كُثُر منهم الكبير
والصغير والمغمور والمشهور،
يعرفهم الله ولن يَتِرهم
أعمالهم ويعرفهم العارفون ولن
ينسوا أفضالهم. أشكرهم
على كل موقف رجولة وقفوه وعلى كل
كلمة حق خرجت من أفواههم، ولكني
أقول لهم: في هذه المحنة التي
نعيشها ليست الأمانةُ كلمةً
تقولونها مرة كل شهر أو شهرين،
بل هي وقوفكم مع الناس وقيامكم
على رأس الثورة تمدّونها
بالعزيمة والثبات على الدوام،
فلا يمر يوم من الأيام دون أن
يراكم الناس معهم في الميدان. إن
الله سائلكم -يا علماء الأمة- عن
عملكم في هذه المحنة، وكلما كان
لأحدكم في قلوب الناس قبول أكبر
كان سؤاله أعلى، فإذا كان فيكم
من يملك أن يحرك من الناس عشرة
فإن الله سائله عن عشرة، وإذا
كان فيكم من يملك أن يحرك ألفاً
فإن الله سائله عن ألف، فكيف إذا
كان فيكم مَن لو استنهض أهلَ
الشام لنهض معه نصفُ أهل الشام،
أيّ سؤال سيسأله الله وأي حساب
سيحاسبه إذا تخاذل اليوم عن
استنهاض أهل الشام؟ ليس ما
أتحدث عنه هو دعوة الناس إلى
الجهاد بالسلاح، بل هو دعوتهم
إلى المشاركة في الثورة الشعبية
السلمية التي لا يختلف عاقلان
في وجوبها لرفع الظلم ودفع
الأذى عن الأمة. لماذا لا تُفتون
الناس بأن الخروج إلى الثورة
والمظاهرات فريضة شرعية، وأن
المشاركة في الإضراب ومقاطعة
الدولة فريضة شرعية، وأن التبرع
للمشردين والمصابين ولأسر
المعتقلين فريضة شرعية؟ لماذا
لا تقفون على المنابر فتقولون
إن النظام الذي يحكم سوريا
اليوم هو نظام مجرم قاتل، وإنه
نظام احتلال لا ولايةَ له على
الشعب، وإن إسقاطه من أوجب
الواجبات؟ أعلمُ
أن الصادعين بالحق يدفعون الثمن
الباهظ، ولكنْ مهما تكن
التضحيات التي سيقدّمونها
فإنها أهون بكثير من تضحيات شعب
كامل يَألَمُ ويموت كل يوم مئة
مرة. إنها ضريبة العلم التي لا
بد لعلماء الأمة من دفعها لأن
الله أخذ عليهم الميثاق أن
يبيّنوه للناس ولا يكتموه، ولو
أن العالم فرّط أو جَبُن لضاعت
الأمة. الإمام أحمد لم يتراجع
ولم يستسلم ولو تراجع واستسلم
لتغير تاريخ جماعة المسلمين،
ولقد ثبت ذاتَ يوم غلامٌ في موقف
من مواقف التاريخ، فمات الغلام
وآمنت الأمة بربّ الغلام. إذا
رأيتَ النار تضطرم في بيتك ورجل
الإطفاء واقف بجانبك لا يتحرك
فلا ينفعُ أن تقول له: إنني
أحترمك وأقدّر شجاعتك لأنك
أطفأت الحريق الذي اندلع في بيت
جاري قبل شهرين. أنت تعلم وهو
يعلم أن بدلة الإطفاء التي
يرتديها والشارة التي يحملها
على صدره يحتّمان عليه أن يبادر
إلى إطفاء كل حريق، حتى لو لم
يَدْعُه إلى إطفائه أحد. هذا هو
واجبه ما دام واحداً من رجال
الإطفاء، فإذا ثَقُل عليه عمله
وهاب النارَ فما عليه إلا أن
ينزع شارته ويخلع بدلته ويقعد
في بيته، ولن يلومه عندئذ أحد. * * * يا
علماء الشام، يا علماء سوريا،
يا علماء الأمة: الناس ينتظرون
مواقفكم وبها يتأثرون. إنكم
اليوم تعلمون، وإنكم غداً
لَمسؤولون. ======================== سوريا
على طريق الخروج من نفق السلطة
الأحادية إلى رحاب التعددية
الديمقراطية حسان
القطب مدير
المركز اللبناني للأبحاث
والإستشارات منذ
نصف قرن تقريباً والشعب السوري
يرزح تحت حكم الحزب الواحد
ويخضع لسلطة غير منتخبة استلمت
السلطة بقوة السلاح وجاءت إلى
دمشق على ظهر دبابة.. والتغيير
الذي طاول شكل السلطة وأسماء
القادة والرؤساء طوال هذه
الفترة بقيت خاضعة للتجاذب ضمن
الحزب الواحد والتباين بين قوى
هذا الحزب المتصارعة، دون النظر
إلى مطالب الشعب السوري واحترام
رغباته وتطلعاته ورؤيته للسلطة
وشكلها ودورها وسلوكها. وما كان
يطلب منه طوال هذه الفترة هو
التصويت في استفتاء شكلي على
اسم مرشح رئاسي واحد ينال 99،99 %
من الأصوات وقد تقل قليلاًَ لا
أكثر.. ولذلك فلا يزال حلفاء
نظام سوريا في لبنان وإيران
وروسيا يعتبرون أن النظام
الحالي يحظى بالأكثرية
الشعبية، لأنهم هم أنفسهم ما
اعتادوا التصويت على الرئاسة
إلا بهذا هذا الشكل وهذا
الأسلوب، والخلافات السياسية
بينهم لم تكن يوماً إلا ضمن
حزبهم ومؤسساتهم الحزبية في شكل
صراعٍ على السلطة وتبادل النفوذ
وتقاسم المصالح والمكتسبات،
وليست نتيجة خلافات حول رؤى
سياسية مختلفة واستراتيجيات
اقتصادية تهدف لتطوير الحياة
الاجتماعية ومستوى دخل الفرد
والأسرة.. لذلك
جاء جواب وزير الخارجية الروسي
لافروف حين أفاد في معرض رده على
المبادرة العربية الأخيرة أنه: (متأسف
لوقف عمل بعثة المراقبين العرب
في سوريا، وأن موسكو تدرس قرار
الجامعة العربية بإرسال قوة
عربية دولية إلى سوريا، قائلا:
"إرسال قوة سلام إلى سوريا
يتطلب حلا لوقف العنف أولا".
وأوضح أيضا أن المعارضة السورية
كيانات وليست كيانا واحدا). فهو
حتماً لم يلحظ عنف السلطة ولم
يعتد على وجود معارضة متنوعة،
لذا اعتبر وجود قوى متعددة داخل
المعارضة دليلاً على ضعف وعدم
قدرة المعارضة على قيادة سوريا
نحو بر الأمان..والعكس هو الصحيح
لأن معارضة ذات لونٍ واحد ستقود
سوريا بالتأكيد نحو ديكتاتورية
جديدة يتغير اسمها ودورها بتغير
توجهاتها وارتباطاتها.. ويبقى
حينها الشعب السوري ضحية الفريق
الحاكم مهما كانت تسميته أو
تركيبته الحزبية أو الطائفية
والمذهبية..وهذه المسألة هي
خارج ثقافة لافروف وسواه. القرار
الذي اتخذته الجامعة العربية
بالأمس بطلب إرسال قوة سلام
عربية ودولية لحماية الشعب
السوري من نظام الحكم المتسلط
في دمشق، هو خطوة أولى جدية يجب
أن تتبعها خطوات، وأهمية هذا
القرار أنه في توقيته يتزامن مع
ذكرى انتفاضة الشعب اللبناني
على الوصاية السورية عقب اغتيال
الرئيس رفيق الحريري، وعقب فشل
المشروع الإيراني رغم مساعدة
نظام سوريا في احتواء الشعب
اللبناني ترهيباً وترغيباً عبر
أدواته في لبنان، وما قاله نائب
حزب الله نواف الموسوي مؤكداّ: (أننا
ندرك أن ثمة خلافات في الرأي
والموقف في لبنان، إلا أن هذا
الاختلاف يجب أن يدار في إطار «توسيع
المشترك وتقليص المختلف عليه»
والقبول بالآخر، وأننا كنا على
الدوام من دعاة الحوار الوطني
في لبنان ولا زلنا نعتقد أن
لبنان المتعدد لا يمكن أن يحكم
بأحادية سياسية.»)..هذا الكلام
يشكل بداية انهيار مشروع
الهيمنة على الكيان اللبناني
التي بدأها حزب الله عقب اغتيال
الحريري حين وقف نصرالله في 8
آذار/مارس عام 2005، ليقول شكرا
سوريا، ومؤكداً أن خروج نظام
الوصاية السورية لا يمكن أن
يشكل بداية لعهد جديد في لبنان
لأن الأدوات السورية لا زالت
موجودة في لبنان وتحظى برعاية
ودعم إيراني- سوري.. والصورة
التي نشرت حين زار نجاد سوريا
وضمته إلى جانب نصر الله وبشار
الأسد، كانت بمثابة الكتاب
المفتوح لكل من يعنيه الأمر أن
المحور الشمولي يمتد من طهران
إلى بغداد وصولاً إلى حارة حريك
عبر دمشق..وغزوة 7 أيار/مايو من
عام 2008، التي شنها حزب الله
بمساندة سورية كاملة وبدعم
إيراني واضح وعلني كانت تهدف
لإسقاط التعددية الحزبية
والتنوع الطائفي في لبنان
ولتثبيت سلطة الفريق الواحد
والحزب الواحد وتشكيل جبهة
عريضة وهمية تعطي الانطباع
بالتعدد لكن دون فعالية، على
طريقة الجبهة الوطنية التقدمية
في دمشق التي يتلطى خلفها
النظام الحاكم ليخفي سلطته
المذهبية وديكتاتوريته
الفاسدة، تماماً كما مارس هذا
الدور حزب الله في لبنان، وذلك
حين قام حينها بدعمٍ واضح وجلي
وصريح من أجهزة أمنية رسمية
لبنانية وميليشيا رئيس مجلس
النواب نبيه بري مع الأسف، الذي
ما برح إلى اليوم يحدثنا عن
تداول السلطة ونبذ المذهبية
والطائفية السياسية، بطلب
إغلاق مكاتب تيار المستقبل في
لبنان بعد السيطرة على بعضها
بقوة سلاح الميليشيات، ومكاتب
الحزب التقدمي الاشتراكي
التابع للزعيم الدرزي وليد
جنبلاط.. وغيرها من الأحزاب
والقوى الرافضة لسلطة
الميليشيات.. لتثبيت سلطة الحزب
الواحد والفريق الواحد وإلغاء
التعددية الحزبية والتنوع
السياسي في المجتمع اللبناني. ولكن
بعد فشل هذا المشروع نتيجة صمود
الشعب اللبناني وتصويته في
الانتخابات النيابية الماضية
ضد مشروع الهيمنة والتسلط
واستخدام سلاح المذهبية
والطائفية منصة للتسلط
والاستيلاء على السلطة، وبعد
انكشاف وتراجع مشروع الهيمنة
الذي يمارسه حزب الله وفريقه،
وبعد أن تأكد هذا الفريق أن
النظام السوري يترنح وأصبح أقرب
للسقوط والانهيار، جاء اعتراف
نواف الموسوي غير المفاجئ وهو
من صقور حزب الله بأهمية
التعددية واحترام التنوع.. وله
ولسواه نقول ما ينطبق على لبنان
ينطبق على سوريا، فالتعددية إذا
كان احترامها واجب في لبنان
فلماذا لم تحترم منذ البداية..؟؟
وإذا كانت التعددية والتنوع
ضرورة لاستقرار لبنان..؟؟
فلماذا لا تكون كذلك في سوريا..؟؟
أم هو منطق القوة الذي يستخدم
لحماية أنظمة ومشروع وعائلات
وتجمعات حزبية وطائفية..؟؟ ورغم
هذا الاعتراف الصريح من نواف
الموسوي، إلا أن بعض قيادات هذا
الفريق لا تزال تراهن على بقاء
هذا النظام رغم بطشه وشدة
إجرامه بحق شعبه.. وهذا ما قاله
رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»
النائب محمد رعد حين اعتبر أن :(«سوريا
بدأت مسار الخروج من أزمتها
ولعل ما نشهده من توتر وانفعال
وغضب لدى البعض في بعض المناطق
هو لأن أمانيهم لن تتحقق
فيريدون أن ينفِّسوا عن حنقهم
بهذا التوتير الذي يفتعلونه في
هذه المنطقة أو تلك»). تناقض
وارتباك واضح في تصريحات الفريق
الواحد الذي يستخلص من التمنيات
والرغبات وقائع ونتائج، والعنف
الذي يتحدث عنه لافروف وحزب
الله وإيران سببه أن استعمال
العنف في قمع المعارضة هو الذي
دفع الشعب السوري لحمل السلاح
ومواجهة قوى السلطة الحاكمة
ليكون ورقة يريد النظام
استخدامها لتبرير استمراره في
السلطة برعاية روسيا ودعم إيران
وتأييد دولة العراق وميليشيات
لبنانية محلية.. ولكن المجتمع
العربي والدولي يدرك أن صبر
الشعب السوري على ظلم حكامه
وإجرامهم قد تجاوز كل حدود لذلك
بدأت الانتفاضة الشعبية
السلمية تتحول إلى مواجهات
مسلحة شيئاً فشيئاً بعد أن شعر
جنود الجيش السوري أنهم لا يمكن
أن يكونوا أدوات قتل لصالح نظام
يخدم مشاريع إقليمية ومصالح
عائلية وتوجهات فئوية.. فكان
بروز ظاهرة الجيش السوري الحر..لحماية
الشعب من بطش حكامه وتدخل قوى
خارجية تمعن في هذا الشعب قتلاً
وإرهاباً.. ولكن الحقيقة التي
يجب أن يدركها هذا الفريق هي أن
الحرية في سوريا قادمة لا شك
نتيجة هذه التضحيات العظيمة
والدماء الغزيرة التي تسيل في
مواجهة آلة القمع والقتل، وخلاص
الشعب السوري مسألة وقت والعالم
اجمع إلى جانبه. لذلك فإن احترام
التعددية بكل تفاصيلها وتنوعها
في سوريا ضروري للخروج من نفق
الفتنة التي يسعى النظام الحاكم
الحالي لإدخال سوريا في جحيمها..وكذلك
لتشكيل وبناء سوريا الحريات
والتنوع والديمقراطية والحرية. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |